ورقة محور التشريعات والافتاء والقانون

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬
‫جمهورية السودان‬
‫ديــــوان الــــــزكاة‬
‫ورقـــــــــــة‬
‫حمور‪ :‬التشريعات واإلفتاء والقانون‬
‫إعــــداد اللجنة المكونة من‪:‬‬
‫‪ .1‬أ‪.‬د‪ .‬عبداهلل الزبير عبد الرحمن‪.‬‬
‫رئيسا‬
‫‪ .3‬موالنا‪ /‬محمد ابراهيم محمد ‪.‬‬
‫عضوا‬
‫‪ .2‬موالنا‪ /‬أحمد محمد عبدالمجيد‪.‬‬
‫‪ .4‬أ‪.‬د‪ .‬ابراهيم نورين إبراهيم‪.‬‬
‫‪ .5‬أ‪.‬د‪ .‬الخضر على ادريس‪.‬‬
‫عضوا‬
‫عضوا‬
‫عضوا‬
‫‪ .6‬أ‪.‬د‪ .‬عبداإلله محمد أحمد نمر‪.‬‬
‫عضوا‬
‫‪ .7‬د‪ .‬آدم إبراهيم الشين‬
‫مقر ار‬
‫الخرطوم — قاعة الصداقة‬
‫الثالثاء‪-‬األربعاء ‪ 11-11‬جمادي األول‪1311/‬هـ‬
‫الموافق ‪ 3-1‬مارس‪1112/‬م‬
‫‪1‬‬

1
‫المحتـــــويات‬
‫المحتـــــوي‬
‫متسلسل‬
‫رقم الصفحة‬
‫‪.1‬‬
‫دراسة التشريعات المالية للزكاة في السودان‬
‫‪4‬‬
‫‪.2‬‬
‫البعد السلطاني للزكاة (والية الدولة على الزكاة)‬
‫‪11‬‬
‫‪.3‬‬
‫القواعد الشرعية الحاكمة لفقه الزكاة في السودان‬
‫‪22‬‬
‫‪.4‬‬
‫الخيار الفقهي واإلفتائي‬
‫‪62‬‬
‫‪.5‬‬
‫التدقيق والرقابة الشرعية للمعامالت الزكوية‬
‫‪77‬‬
‫‪.6‬‬
‫النتائج والتوصيات‬
‫‪22‬‬
‫‪1‬‬
‫أوال‬
‫دراسة التشريعات احلالية للزكاة يف السودان‬
‫إعـــــداد‬
‫موالنا‪ /‬أحمد محمد عبدالمجيد‬
‫عضو المحكمة العليا وعضو المجلس األعلى ألمناء الزكاة‬
‫و‬
‫موالنا‪ /‬محمد ابراهيم محمد‬
‫عضو المحكمة العليا وأمين أمانة الزكاة السابق‬
‫‪3‬‬
‫تاريخ السودان هو تاريخ ميراث لدول ذات أديان متعددة لكن الدول اإلسالمية هي ذات‬
‫األثر العميق‪ :‬السلطنة الزرقاء‪ ،‬وسلطنة دارفور‪ ،‬والعهد التركي‪ ،‬ثم الثورة المهدية ذات‬
‫األثر العميق‪ ،‬ثم االستعمار الصليبي ثم كانت الحركات الوطنية‪.‬‬
‫إن التاريخ الحديث يشير إلى أن فرض الزكاة لم يكن وجود فقد أنعدم التشريع‬
‫أبان عهد اإلستعمار وغاب أبان العهد الوطني‪.‬‬
‫بدأ تاريخ تقنين الزكاة في أول محاولة عام‪3791‬م هي قانون تشريع الزكاة لعام‬
‫‪3791‬م وكانت هناك مذكرة تفسيرية بهذا المشروع إال أن هذه المحاولة لم يكتب لها‬
‫النجاح ولظروف سياسية أخرت وغاب هذا المشروع‪.‬‬
‫ثم صدر أول قانون للزكاة عام ‪3011‬هـ الموافق‪3791‬م فبدأت المسيرة المباركة‪ ،‬وتدرج‬
‫هذا التقنين في خمس مراحل‪:‬‬
‫المرحلة األولى‪ :‬مرحلة صندوق الزكاة‪:‬‬
‫صدر قانون صندوق الزكاة في جمادى اآلخرة‪3011‬هـ الموافق له أبريل‪3791‬م‪.‬‬
‫وأهم سمات هذا القانون انه أول خطوة في تقنين الزكاة في العهد الحديث وبأسلوب‬
‫عصري لتبدأ المسيرة السلطانية للزكاة القاصدة إلى اهلل تعالى‪ ،‬ومن خصائص هذا‬
‫القانون وسماته العامة‪:‬‬
‫[‪ ]3‬أن األمر كله يقوم على الطوع واإلختيار‪.‬‬
‫[‪ ]2‬أنه ركز على الدعوة الزكاة والحث على إخراجها طوعا‪.‬‬
‫[‪ ]1‬أن هذا الصندوق شخصية إعتبارية‪.‬‬
‫[‪ ]0‬أن البعد األهلي والشعبي فيه ظاهر؛ حيث يدار هذا الصندوق بواسطة مجلس أمناء‬
‫ال بواسطة إدارة رسمية‪.‬‬
‫[‪ ]5‬علنية الحسابات وأن أموال هذا الصندوق في حكم األموال العامة‪.‬‬
‫[‪ ]6‬النص على جواز إستثمار أموال الزكاة‪.‬‬
‫التحليل‪ :‬أهم اإليجابيات أنه البداية والتركيز على الدعوة والطوع مقدمة جيدة للمسيرة‪،‬‬
‫وأنه صار آذانا لفريضة الزكاة‪ ،‬أما سلبياته‪ :‬كون أن أمر الزكاة يقوم على الطوع‬
‫واإلختيار‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫[‪ ]3‬يتناقض مع وضع الزكاة في الشريعة اإلسالمية ألنها تقوم على والية الدولة ومبدأ‬
‫السلطانية‪.‬‬
‫[‪ ]2‬أنه ألغى مصرف المؤلفة قلوبهم بجعل المصارف سبعة بدال عن ثمانية‪.‬‬
‫[‪ ]1‬أن الزكاة فريضة تصطدم مع شح النفس لهذا كانت فريضة تخضع للسلطان‬
‫باإلضافة إلى الرغبة البد من الرهبة‪.‬‬
‫لهذاكانت حصيلة الزكاة في سنوات التطوع‬
‫واالختيار(‪ ) 3010/3011/3012/3013/3011‬هـ هو مبلغ ‪ 193،036،3‬جنيها‪.‬‬
‫وعندما نقارن هذا المبلغ بسنوات اإللزام الخمسة بعد هذه السنوات الخمسة‬
‫نجده‪216،961‬جنيها‪)3017-3019-3019-3016-3015( .‬هـ‪.‬‬
‫المرحلة الثانية‪ :‬قانون الزكاة والضرائب لسنة‪1274-1422‬م‪.‬‬
‫صدر هذا القانون عام ‪3010‬هـ على أن يعمل به من األول من شهر محرم ‪3015‬هـ‬
‫‪/26‬سبتمبر‪3790‬م‪.‬‬
‫صدر هذا القانون كجزء من توجه الدولة لتطبيق الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫ومن أهم سمات هذا القانون‪:‬‬
‫[‪ ]3‬والية الدولة على الزكاة ‪ ،‬حيث صار أمر الزكاة أم ار سلطانيا رسميا ملزما‪.‬‬
‫[‪ ]2‬إلغاء عدد من قوانين الضرائب بلغت عشرين قانونا ‪.‬‬
‫[‪ ]1‬أطلق على إدارة الزكاة إسم ديوان‪.‬‬
‫[‪ ]0‬فرض ضريبة تكافل على غير المسلمين‪.‬‬
‫فصل تفصيال وافيا لهذا الديوان حيث حددت إداراته وموارده المالية والشروط الواجبة‬
‫[‪ّ ]5‬‬
‫ألخذ الزكاة والضرائب وأشار إلى وجوب زكاة الفطر‪ ،‬وحدد العقوبات المخولة لهذا‬
‫الديوان ونص على مصارف الزكاة‪.‬‬
‫[‪ ]6‬ألحق بالقانون الئحة تنفيذية وقد فصلت هذه الالئحة لتفسير مواد هذا القانون‪.‬‬
‫التحليل‪:‬‬
‫أهم إيجابيات هذا القانون أنه أرجع الزكاة للوصفها واطالق إسم الديوان على‬
‫مؤسسسة الزكاة هو األنسب ألم هذا اإلسم وأن لم يكن عربياص خالصاص إال أنه قبل‬
‫‪1‬‬
‫في الحضارة اإلسالمية منذ عهد سيدنا عمر بن الخطاب – رضي اهلل عنه ـ واستمر‬
‫عبر تاريخ الدولة اإلسالمية‪.‬‬
‫ومن اإليجابيات‪ :‬هذا النص الوافي إلدارات الزكاة‪ .‬ثم وردت الالئحة التي كانت أكثر‬
‫تفصيال‪.‬‬
‫أما السلبيات فهي واضحة في‪:‬‬
‫[‪ ]3‬خلط الزكاة مع الضرائب في إدارة رسمية واحدة من اآلثار السيئة عن المسلمين‬
‫عامة ينفرون من لفظ الضريبة لما فيها من ظالل غير حسنة‪ ،‬مما ابعد القناعة بالزكاة‬
‫مع هذا الخلط اإلداري؛ خاصة وأن الموظفين في إدارة الضريبة ال علم لهم وال حماس‬
‫ألمر الزكاة مما واجه إشكاالت كبيرة وعميقة في التطبيق‪.‬‬
‫لم يقتصر النفور على العامة بل رفعت مذكرات كثيرة من كبار المسئولين في الدولة‬
‫وذكروا فيها اآلثار العميقة والواسعة بل الخطيرة ألبعاد إقتصادية وسياسية واجتماعية لهذا‬
‫اإللغاء ألنه لم يتصور في أذهان أؤلئك أن تقوم دولة حديثة بكل واجباتها على ميزانية‬
‫ليست فيها ضرائب‪.‬‬
‫كذلك امتعضت مؤسسات مالية عالمية وصناديق إقليمية وعربية على هذا اإلجراء ‪ ،‬وفي‬
‫رأيي أنه لم يكن هناك داعيا لهذا اإللغاء للفرق الواضح في الزكاة والضريبة من حيث‬
‫األخذ والصرف ٍ‬
‫فلكل وجهة في واجباته اإلقتصادية المالية واإلجتماعية والتنموية فالعالقة‬
‫بينهما هي عالقة تكامل ال تصادم‪.‬‬
‫(‪ )2‬النص على ضريبة التكافل التي أعتبتها القوى المعادية أنها جزية وغضهاد لغير‬
‫المسلمين فالعامل الديني هو معقود عنه غير المسلمين‪.‬‬
‫(‪ )1‬كذلك اإلشارة إلى زكاة الفطر هو مزيد من صفوية تطبيقها رسميا فليس للسلطان‬
‫ونما هي للمجتمع والفرد يمكن أن تنظم إجتماعيا دون إلزام‪.‬‬
‫المرحلة الثالثة‪ :‬قانون الزكاة ‪1426‬هـ ‪1276 -‬م‬
‫صدر هذا القانون بعد انتهاء فترة الحكم المايوي في عهد المجلس العسكري االنتقالي‬
‫بقيادة المشير سوار الذهب‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫االيجابيات‪:‬‬
‫(‪ )3‬انه فصل الزكاة عن الضرائب وصار لها قانون مستقل يحمل اسمهما‪.‬‬
‫(‪ )2‬أكد على والية الدولة على الزكاة بقوة القانون وحددت العقوبات الجنائية واإلدارية‪.‬‬
‫(‪ )1‬ركز السلطة التنفيذية لدى األمين العام للديوان‪.‬‬
‫(‪ )0‬خضوع الديوان لفتاوى مجلس اإلفتاء الشرعي والزامية فتواه للديوان‪.‬‬
‫(‪ )5‬حدد لجنة مركزية للمنظمات ولجان فرعية‪.‬‬
‫(‪ )6‬أجاز استثمار أموال الزكاة بموافقة مجلس اإلفتاء الشرعي‪.‬‬
‫(‪ )9‬توسع في إيجاب الزكاة حيث اوجب الزكاة على كل مستثمر داخل السودان‬
‫سودانيا كان أو غير سودانيا بالصفة الشرعية‪.‬‬
‫(‪ )9‬اوجب زكاة الفطر لكنه لم يحدد كيفية جمعها‪.‬‬
‫(‪ )7‬ترك زكاة األموال غير الظاهرة ألصحابها لكنه لم يحدد ولم يعرف هذه األموال‪.‬‬
‫(‪ )31‬أكد سلطانية الزكاة والزاميتها‪.‬‬
‫(‪ )33‬نص على خصم الزكاة من الضريبة‪.‬‬
‫(‪ )32‬جعل مجلس الوزراء هو الذي يصدر اللوائح‪.‬‬
‫(‪ )31‬من أهم مميزاته انه ابعد ديوان الزكاة عن و ازرة المالية وجعله تابعا لو ازرة الرعاية‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫(‪ )30‬قيام أجهزة رقابية للديوان المجلس األعلى لديوان الزكاة ومجالس أمناء الواليات‪.‬‬
‫(‪ )35‬التوسع في مفهوم المال العام فاوجب الزكاة على كل ما يطلق عليه اسم المال‬
‫بشروطه الشرعية‪.‬‬
‫(‪ )36‬ربط منح المستندات بأداء الزكاة‪.‬‬
‫(‪ )39‬جواز استثمار أموال الزكاة‪.‬‬
‫(‪ )39‬البعد الخارجي حيث ألزم السودانيين العاملين خارج السودان بتأدية الزكاة للديوان‬
‫بشروط شرعية‪.‬‬
‫االيجابيات واضحة في هذا القانون من حيث استقالل ديوان الزكاة وخضوعه لفتاوى‬
‫مجلس اإلفتاء الشرعي‪ .‬وانشاء لجان المنظمات وتوسيع ايجاب الزكاة ونص على خصم‬
‫الزكاة من الضريبة‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫وهنالك بعض السلبيات مثل موضوع اجازة استثمار اموال الزكاة وعدم تحديد كيفية جمع‬
‫زكاة الفطر‪ ،‬لم يعرف ماهي االموال غير الظاهره التي تركها للمزكي وجعل مجلس‬
‫الوزراء هو الذي يصدر اللوائح فيه‪ .‬كما أنه حد من حرية الديوان وبعده االهلي‪.‬‬
‫وموضوع زكاة ‪ ...‬فيه غبن واحيانا تجاوز‪.‬‬
‫والخالصة ان هذا القانون حقق كثي ار من االيجابيات وبقت قليل من السلبيات عولجت‬
‫في القوانين الالحقة‪.‬‬
‫المرحلة الرابعة ‪ :‬قانون الزكاة ‪1412‬هـ ‪1222 -‬م‬
‫صدر هذا القانون في حكومة االنقاذ يناير ‪ 3771‬من مجلس قيادة الثورة‪ .‬هذا القانون‬
‫هو استكمال للقوانين السابقة وتجويد لها فقد‪:‬‬
‫‪ .1‬أوجب الزكاة على كل مال بشروطه الشرعية‪.‬‬
‫‪ .2‬اعتماد االقامة والمواطنة معيا ار لوجوب الزكاة‪ ،‬جمع هذا القانون بين نظريتي‬
‫االقليمية والشخصية في التطبيق فاوجب الزكاة على كل سوداني مسلم بشروطها‬
‫الشرعية وعلى كل مسلم داخل السودان مع الشروط واالستثناءات‪.‬‬
‫‪ .3‬جعل المؤسسات الرقابية اربع مستويات في القمة المجلس االعلى المناء الزكاة‬
‫ومجلس امناء الواليات ولجنة االفتاء واللجنة العليا للمنظمات‪.‬‬
‫‪ .4‬أقر تخصيص جزء من حصة الزكاة لمالك المال ليوزعها بنفسه وهي نسبة ‪.%21‬‬
‫‪ .5‬أقر جواز استثمار الفائض من الزكاة‪.‬‬
‫‪ .6‬المرونة في تحديد أولويات الصرف‪.‬‬
‫‪ .7‬منح الديوان سلطة قانونية وادارية الحجز والعقوبة‪.‬‬
‫‪ .7‬اعتبار استقاللية الديوان إداريا‪.‬‬
‫‪ .2‬وسع في البعد الشعبي حيث اعتمد على قاعدة عريضة من اللجان الشعبية‪.‬‬
‫‪ .12‬حدد البعد المكاني لصرف الزكاة مع استثناءات‪.‬‬
‫‪ .11‬تحديد سلطة االمين العام في الصرف‪.‬‬
‫‪ .12‬أكد أهداف الديوان بتحديد النص عليها‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫التحليل‪:‬‬
‫هدف هذا القانون ان يستوعبه النظام الفدرالي‪ .‬وان يحقق االنسجام بين المركزية‬
‫والالمركزية‪ .‬وأن تكون النظرة للمال بصورة تكاملية لكل مال الدولة والتنسيق مع‬
‫المصالح التي تعنى في اطار التكافل‪.‬‬
‫الحكومة االتحادية هي المسئولة عن كل ما يدار من المركز فهنالك موارد مركزية‬
‫وهنالك مصارف مركزية مع التاكيد على موارد ومصارف الوالية ودعمها مركزيا خاصة‬
‫في حاالت العجز والكوارث وتحقيق االمن‪.‬‬
‫المرحلة الخامسة‪ :‬قانون الزكاة ‪1422‬هـ ‪2221 -‬م‬
‫هذا هو نهاية التدرج حتى االن وقد يكون منصه النطالقة سادسة وال بد من ذلك‬
‫وكانت الدواعي لبلوغ هذه المرحلة هي مرور اكثر من عشر سنوات مع ظهور‬
‫مستجدات في االوعية الزكوية واستيعاب االف ارزات التي تنتج من التصنيف العملي‪.‬‬
‫أهم خصائص هذا القانون‪:‬‬
‫‪ .1‬إحكام الصياغة‪.‬‬
‫‪ .2‬معالجة المشكالت التي ظهرت في التطبيق‪.‬‬
‫‪ .3‬خصم النفقات والديون الزراعية وقد شكلت هذه المسالة مصاعب واجريت حولها‬
‫بحوث وشكلت لجان حتى توصل الى الخصم‪.‬‬
‫‪ .4‬ادخال أي مال ترى لجنة الفتوى انه يصلح لوعاء الزكاة ولم ينص عليه القانون‪.‬‬
‫‪ .5‬منع التصرف في نصيب الفقراء والمساكين‪.‬‬
‫‪ .6‬اسقاط نسبة ال ‪ %21‬التي كانت تترك للمزكي بعد ظهور اشكاالت في التصنيف‬
‫خاصة بالنسبة للترضيات االعتبارية‪.‬‬
‫‪ .7‬عدم االخذ بمبدأ استثمار أموال الزكاة حسما للخالف‪.‬‬
‫‪ .7‬أعطى االمين العام سلطة تعيين امناء الواليات ونقلهم بالتشاور مع الوزير وهذه‬
‫الجزئية ال زالت تشكل اشكاال في بعض المواقف‪.‬‬
‫‪ .2‬لم ينص على لجان الزكاة الشعبية‪.‬‬
‫‪ .12‬سميت عقوبة السجن وتركت للمحاكم وهذا هو األوجه والمالئم‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫ثانيـــــا‬
‫ّ‬
‫البعد السلطاني للــزكاة‬
‫(والية الدولة على الزكاة)‬
‫إعــــداد‪:‬‬
‫أ‪.‬د‪ .‬إبراهيم نورين إبراهيم‬
‫مدير جامعة القرآن الكريم والعلوم اإلسالمية‬
‫‪11‬‬
‫تدل النصوص الشرعية واآلثار المروية عن الصحابة رضي اهلل عنهم وأقوال‬
‫الفقهاء على أن الشريعة اإلسالمية أعطت الحق في والية الزكاة للسلطان‪.‬‬
‫( )‬
‫فعلى اإلمام أن يتولى بنفسه أو من ينوب عنه أمر تنظيم والية الزكاة بجبايتها‬
‫من األموال الظاهرة والباطنة وغيرها من األموال المستحدثة‪ ،‬وصرفها في مصارفها‬
‫ويلزم المكلفين بإخراجها إليه أو إلى من ينوب عنه‪،‬ومن يمتنع عن ذلك ُيلزمه‬
‫الشرعية‪ُ ،‬‬
‫بإخراجها ولو قه ار بموجب أصل الوالية‪ ،‬إال على قول الحنابلة‪ :‬بأنه ال يجب على أرباب‬
‫األموال دفع زكاتهم إلى السلطان ويستحب لهم أن يفرقوها على المستحقين بأنفسهم وذلك‬
‫أفضل من دفعها إلى اإلمام‪ ،‬ولكن إذا امتنع من عليه الزكاة من إخراجها فعلى اإلمام أن‬
‫يلزمه بإخراجها‪ ،‬ولكن ليس له أن يلزمه بأن يدفعها إليه‪.‬‬
‫( )‬
‫وعلى المكلفي ن أن يدفعوا زكاة أموالهم إلى السلطان أو من ينوب عنه إذا طالبهم‬
‫بها حتى ولو كان هذا السلطان جائ ار وتب أر ذممهم بدفعها إليه سواء صرفها في مصارفها‬
‫أو لم يصرفها‪ ،‬هذا على الراجح من أقوال العلماء‪.‬‬
‫وقد فرق بعض الفقهاء بين األموال الظاهرة والباطنة وقالوا للسلطان الحق في‬
‫إلزام المكلفين بدفع زكاة أموالهم الظاهرة كالثروة الزراعية والحيوانية وما يلحق بهما‪.‬‬
‫أما األموال الباطنة كالذهب والفضة والنقود الورقية وعروض التجارة فليس‬
‫للسلطان إلزام الناس بدفعها إليه‪ ،‬ومن يأتي بزكاته اختيا ار قبلت منه وصرفت في‬
‫مصارفها الشرعية‪.‬‬
‫ولكن لو ثبت للسلطان أن أحد المكلفين ال يخرج زكاة أمواله الباطنة‪ ،‬جاز له أن‬
‫يلزمه بإخراجها‪ ،‬وما قاله الحنفية وغيرهم من أن عثمان رضي اهلل عنه ترك أخذ زكاة‬
‫األموال الباطنة‪ ،‬وفوض في إخراجها إلى أربابها‪ ،‬أو تنازل عن حق اإلمام في أخذها‬
‫(‪ )1‬املدونة الكربى لإلمام مالك (‪ )333/1‬حاشية الدسوقي (‪ )303/1‬بدائع الصنائع (‪ )33/2‬شرح‬
‫فتح القدير على اهلداية (‪ )223/2‬هناية احملتاج (‪.)133/3‬‬
‫(‪ )2‬كشاف القناع (‪.)232/2‬‬
‫‪11‬‬
‫مستندين في ذلك إلى قوله رضي اهلل عنه‪ " :‬هذا شهر زكاتكم‪ ،‬فمن كان عليه دين‬
‫فليقضيه‪ ،‬وليزك ما بقي "‪.‬‬
‫( )‬
‫ما قالوه لم يثبت ٍ‬
‫بسند معتبر‪ ،‬وال باستنباط سليم‪.‬‬
‫( )‬
‫األدلة على سلطانية الزكاة باختصار من القرآن الكريم قوله تعالى‪ُ ":‬خ ْذ ِم ْن أَ ْم َوالِ ِه ْم‬
‫ص َدقَةً تُطَهِّ ُرهُ ْم َوتُ َز ِّكي ِهم بِهَا " سورة التوبة اآلية (‪.)311‬‬
‫َ‬
‫ففي اآلية أمر للنبي صلى اهلل عليه وسلم بأخذ الزكاة من األموال التي تجب فيها‪ ،‬ولم‬
‫تفرق اآلية بين األموال الظاهرة والباطنة‪.‬‬
‫( )‬
‫وخطاب النبي صلى اهلل عليه وسلم خطاب لوالة األمر في كل زمان ومكان‪.‬‬
‫ومن السنة‪:‬‬
‫نص كتاب النبي صلى اهلل عليه وسلم لمعاذ رضي اهلل عنه حيث بعثه إلى اليمن‬
‫واليا وفيه " وخذ من المسلمين زكاة أموالهم صدقة من كل خمس أواق ربع العشر‪ ،‬وال‬
‫يؤخذ من أقل من خمس أواق شيئا (كذا) حتى تبلغ خمسا‪ .‬فما زاد من الذهب فعلى قدر‬
‫ذلك "‪.‬‬
‫( )‬
‫وعن هاشم بن عروة عن أبيه عن أبي حميد الساعدي قال‪ " :‬استعمل النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم رجال يقال له ابن اللتيبية على صدقات بني سليم‪ ،‬فلما قدم قال‪:‬‬
‫هذا لكم وهذا أهدي إلي‪ ،‬قال‪ :‬فقام النبي صلى اهلل عليه وسلم على المنبر فحمد اهلل‬
‫وأثنى عليه‪ ،‬ثم قال‪ :‬ما بال عامل أبعثه فيقول هذا لكم وهذا أهدي لي أفال قعد في بيت‬
‫أبيه وبيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم ال ؟ والذي نفسى بيده ال يأخذ منها شيئا إال‬
‫(‪ )3‬بدائع الصنائع (‪ )7/2‬كنز العمال (‪ )330/3‬موطأ مالك (‪.)1223/1‬‬
‫(‪ )4‬اإللزام بالزكاة يف الظاهر والباطن من األموال د‪ .‬حممد سليمان األشقر ضمن كتاب أحباث فقهية يف‬
‫قضايا الزكاة املعاصرة (‪)132/1‬‬
‫(‪ )5‬جامع البيان يف تفسري القرآن للطربي (‪ )12/7‬وتفسري لنب كثري (‪ )372/2‬وأحكام القرآن البن‬
‫العريب (‪.)1003/2‬‬
‫(‪ )6‬الوثائق السياسية حملمد محيد اهلل (ص‪.)212‬‬
‫(‪ )7‬كتاب اخلراج للقاضي أيب يوسف يعقوب بن إبراهيم‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته‪ ،‬إما بعير له رغاء أو بقرة لها خوار‪ ،‬أو شاة تيعر‪،‬‬
‫ثم رفع يديه حتى رئي بياض إبطيه‪ ،‬فقال اللهم هل بلغت"‪.‬‬
‫( )‬
‫ومن آثار الصحابة رضي اهلل عنهم ما أخرجه البخاري بسنده عن أنس رضي اهلل‬
‫عنه أن أبابكر رضي اهلل عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين‪ : :‬بسم اهلل‬
‫الرحمن الرحيم ‪ .‬هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم على‬
‫المسلمين‪ ،‬والتي أمر بها رسوله‪ ،‬فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها‪ ،‬ومن‬
‫سئل فوقها فال يعط‪ .‬فذكر زكاة اإلبل‪ ،‬ثم ذكر زكاة الغنم‪ ،‬ثم قال‪ " :‬وفي الرقة ربع‬
‫العشر‪ ،‬فإن لم تكن إال تسعين ومائة فليس فيها شيء إال أن يشاء ربها"‪.‬‬
‫( )‬
‫وقد قاتل أبو بكر رضي اهلل عنه مانعي الزكاة الذين رفضوا إعطاء الزكاة‬
‫للعاملين عليها‪ ،‬وقال‪ " :‬واهلل ألقاتلن من فرق بين الصالة والزكاة فإن الزكاة حق المال‪،‬‬
‫واهلل لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول اهلل لقاتلتهم على ذلك"‪.‬‬
‫( )‬
‫وقد أخرج أبو عبيد في كتاب (األموال) بسنده عن أنس رضي اهلل عنه قال‪" :‬‬
‫والني عمر بن الخطاب الصدقات وأمرني أن آخذ من كل عشرين دينا ار نصف دينار‬
‫‪ ........‬وأن آخذ من كل مائتي درهم خمسة دراهم"‪.‬‬
‫( )‬
‫وعن المغيرة بن شعبة رضي اهلل عنه أنه قال لمولى له ‪ -‬وهو على أمواله‬
‫بالطائف‪ ":‬كيف تصنع في صدقة مالي ؟ قال‪ :‬منها ما أتصدق به‪ ،‬ومنها‬
‫ما أدفع إلى السلطان‪ ،‬فقال‪ :‬إنهم يشترون بها األرض ويتزوجون بها النساء !! فقال‬
‫ادفعها إليهم فإن رسول اهلل صلى اله عليه وسلم أمرنا أن ندفعها إليهم"‪.‬‬
‫(‪ )8‬صحيح البخاري باب زكاة الغنم مع فتح الباري (‪.)312/3‬‬
‫(‪ )9‬املغين البن قدامة‪.‬‬
‫(‪ )11‬األموال أليب عبيد (ص‪ )227‬وكنز العمال (‪.)323/3‬‬
‫(‪ )11‬رواه البيهقي يف السنن الكربى‪.‬‬
‫(‪ )12‬رواه اإلمام سعيد بن منصور يف مسنده‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫( )‬
‫وعن سهل بن أبي صالح عن أبيه قال‪ " :‬اجتمع عندي نفقة منها صدقة – يعني‬
‫بلغت نصاب الزكاة – فسألت سعد بن أبي وقاص‪ ،‬وابن عمر‪ ،‬وأبا هريرة‪ ،‬وأبا سعيد‬
‫الخدري أن أقسمها أو أدفعها إلى السلطان ؟ فأمروني جميعا أن أدفعها إلى السلطان‪ ،‬ما‬
‫اختلف منهم أحد"‪.‬‬
‫( )‬
‫قال الدكتور يوسف القرضاوي‪ " :‬هذه األحاديث الصريحة عن رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪ ،‬وهذه الفتاوى الحاسمة عن صحابته الكرام‪ ،‬تجعلنا ندرك بل نوقن أن‬
‫األصل في شريعة اإلسالم أن تتولى الحكومة المسلمة أمر الزكاة فتجبيها من أربابها‬
‫وتصرفها على مستحقيها‪.".....‬‬
‫( )‬
‫وجعل والية الزكاة إلى السلطان يحقق كثي ار من المصالح لألمة منها‪:‬‬
‫أن ذلك يضمن أخذ الزكاة من الممتنعين عن أدائها عن طريق السلطان‪ ،‬فتطهر‬
‫نفوسهم‪ ،‬ويكونوا من المشاركين بأموالهم في سد خلة الفقراء والمساكين‪.‬‬
‫وتولى السلطان للزكاة يضمن توزيعها على جميع مصارفها‪.‬‬
‫وأنه يوفر ألرباب األموال الجهد الكبير في البحث والتحقق من المستحقين للزكاة‪.‬‬
‫‪ ‬التجربة السودانية‪.‬‬
‫قد هيأ اهلل تعالى ألهل السودان ويسر لهم أمر تعظيم شعيرة الزكاة فاعتمدت‬
‫الدول ة مبدأ سلطانية الزكاة بموجب قانون خاص ينظم شؤون الزكاة‪ ،‬نص فيه على " أن‬
‫الوالية على الزكاة هي شأن سلطاني يعطي الجهاز المكلف بها حق االستيفاء للفرائض‬
‫الواجبة على األموال بقوة القانون ويعاقب من يمتنع عن ذلك‪ ،"....‬كما كلف إدارة الزكاة‬
‫(ديوان الزكاة) في المادة (‪ )1/5‬بالعمل على تأكيد سلطان الدولة المسلمة في جمع‬
‫وادارة الزكاة والصدقات وتوزيعها على مستحقيها‪.‬‬
‫وأعطت الدولة ديوان الزكاة الحق الكامل في تنظيم أمر الزكاة وفق القانون وما‬
‫يصدر بموجبه من لوائح‪.‬‬
‫وديوان الزكاة في السودان يعمل وفق نظام (فدرالي) للزكاة‪ ،‬يوزع السلطان بين‬
‫األمانة العامة (االتحادية) واألمانات الوالئية‪.‬‬
‫(‪ )13‬فقه الزكاة د‪ .‬يوسف القرضاوي (ص‪.)733‬‬
‫‪12‬‬
‫عمل ديوان الزكاة على توسيع مصادره الفقهية‪ ،‬ولم يلتزم بمذهب معين‪ ،‬واستهدف‬
‫من ذلك استيعاب كل اآلراء الفقهية‪ ،‬فوسع وعاء الزكاة بإيجابها على جميع األموال‪.‬‬
‫كما أخذ برأي الجمهور في عدم التسوية بين المصارف الثمانية‪.‬‬
‫وفي اطار التجربة العملية التي تجاوزت العقدين من الزمان ظهرت بعض القضايا‬
‫التي تحتاج إلى تجديد النظر واالجتهاد الفقهي في كثير من مسائل الزكاة‪ :‬في التشريع‬
‫واإلدارة والجباية وفي خطاب الزكاة وفي المصارف وغيرها‪.‬‬
‫( )‬
‫وبذلت في سبيل ذلك جهود علمية كبيرة ممثلة في البحوث التي يقوم بها الباحثون‬
‫ُ‬
‫في معهد علوم الزكاة وغيرهم من الباحثين والعلماء من داخل السودان وخارجه في‬
‫المستوى الفردي والجماعي‪.‬‬
‫وهذه من ثمرات التجربة السودانية في شأن الزكاة التي يدعمها البعد السلطاني‪.‬‬
‫‪ ‬الخطاب الدعوي ودوره في ترسيخ البعد السلطاني الزكاة‪:‬‬
‫إن الدعوة إلى اهلل تعالى من أشرف األعمال وأفضلها‪ ،‬وقد رفع اهلل شأنها وشأن‬
‫القائمين بها‪ ،‬فهي المهمة التي بعث اهلل تعالى صفوة خلقه– األنبياء والمرسلين –‬
‫صلوات اهلل وسالمه عليهم للقيام بها‪.‬‬
‫ُول أَ ِن ا ْعبُ ُدوا َّ‬
‫قال تعالى‪َ " :‬ولَقَ ْد بَ َع ْثنَا فِي ُك ِّل أُ َّم ٍة َّرس ً‬
‫ين‬
‫َّللاَ َواجْ تَنِبُوا الطَّا ُغوتَ ۖ ‪ْ ......‬ال ُم َك ِّذبِ َ‬
‫"‪.‬‬
‫سورة النحل اآلية (‪) 3‬‬
‫ويكفي في بيان فضل الدعوة أن اهلل تعالى بعث خليله وحبيبه محمدا صلى اهلل عليه‬
‫وسلم للقيام بها‪.‬‬
‫ك ‪َ ..........‬ونَ ِذي ًرا ‪َ ،‬و َدا ِعيًا إِلَى َّ‬
‫َّللاِ بِإ ِ ْذنِ ِه ُّمنِيرًا"‪.‬‬
‫قال تعالى‪ " :‬يَا أَيُّهَا النَّبِ ُّي إِنَّا أَرْ َس ْلنَا َ‬
‫األحزاب اآليتان (‪، 3‬‬
‫سورة‬
‫)‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن كثير – رحمه اهلل –" وداعيا إلى اهلل بإذنه" أي داعيا للخلق إلى عبادة‬
‫ربهم عن أمره لك بذلك"‪.‬‬
‫( )‬
‫ومما يدل على فضل الدعوة أن اهلل تعالى رفع شأن الدعاة وأبلغ الثناء عليهم‪ ،‬قال‬
‫ِين "‪.‬‬
‫َّللا َو‪...............‬م َِن ْالمُسْ ِلم َ‬
‫تعالى‪َ " :‬و َمنْ أَحْ َسنُ َق ْو اًل ِّممَّن َد َعا إِلَى َّ ِ‬
‫سورة فصلت اآلية (‬
‫)‪.‬‬
‫(‪ )14‬دراسة يف فقه واقتصاديات الزكاة أ‪.‬د‪ .‬أمحد جمذوب أمحد (ص‪ )32‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )15‬تفسري القرآن العظيم (‪.)327/3‬‬
‫‪11‬‬
‫وقد روى عبد الرزاق عن معمر عن الحسن البصري أنه تال هذه اآلية‪،‬‬
‫فقال‪ " :‬هذا حبيب اهلل‪ ،‬هذا ولي اهلل‪ ،‬هذا صفوة اهلل‪ ،‬أجاب اهلل دعوته‪ ،‬ودعا الناس إلى‬
‫ما أجاب فيه من دعوته‪ ،‬وعمل صالحا في إجابته‪ ،‬وقال إنني من المسلمين‪ ،‬هذا خليفة‬
‫اهلل "‪.‬‬
‫( )‬
‫والدعوة إلى اهلل هي‪ " :‬قيام المسلم بتبليغ اإلسالم‪ ،‬وتعليمه للناس‪ ،‬وحثهم على‬
‫التزامه عقيدة وشريعة وأخالقا‪ ،‬والعمل على تطبيقه في واقع الحياة "‪.‬‬
‫( )‬
‫وبهذا التعريف الشامل يتضح دور الدعوة والدعاة في إبالغ فريضة الزكاة فقها‬
‫وتطبيقا‪ ،‬وحثا للناس في كل مجتمعاتهم حتى يكون إخراج الزكاة سلوكا جميعا يوجهه‬
‫الشعور الذاتي‪ ،‬مما يوسع دائرة الجباية‪ ،‬ويقلل الكلفة اإلدارية وذلك وفق مناهج ووسائل‬
‫وأساليب متنوعة تناسب أحوال المخاطبين بها‪.‬‬
‫ولهذا أنشأت األمانة العامة لديوان الزكاة إدارة للخطاب الدعوي تحت إدارة خطاب‬
‫الزكاة‪ ،‬من أهدافه‪-:‬‬
‫‪ -3‬تعزيز مفهوم والية الدولة على الزكاة‪.‬‬
‫‪ -2‬تعميق قيمة الزكاة في النفوس بلوغا لتحقيق الرضا والقناعة ألصحاب الشأن‬
‫المعنيين بالخطاب الزكوي‪.‬‬
‫‪ -1‬تعظيم شعيرة الزكاة‪ ،‬وتحقيق مقاصد أصحاب الشأن وقناعاتهم ؛ لتصبح‬
‫همومهم وأقصى أولوياتهم‪.‬‬
‫( )‬
‫‪ ‬أساليب ووسائل الخطاب الدعوي للزكاة‪.‬‬
‫ أوال‪ :‬األساليب‪-:‬‬‫‪-1‬أسلوب االقناع الفكري‪.‬‬
‫‪ -2‬المجادلة بالتي هي أحسن‪.‬‬
‫‪ -3‬أسلوب عرض المنجزات والتبشير بها‪.‬‬
‫(‪ )16‬تفسري القرآن لإلمام عبد الرزاق (‪ )187/2‬وانظر مفتاح دار السعادة البن القيم (‪-131/1‬‬
‫‪.)133‬‬
‫(‪ )17‬فقه الدعوة إىل اهلل أ‪.‬د‪ .‬إبراهيم نورين إبراهيم‪.‬‬
‫(‪ )18‬دليل ومرشد خطاب الزكاة واإلعالم‪ ،‬املعهد العايل لعلوم الزكاة‪ ،‬أمانة البحوث والنشر (ص‪.)3،7‬‬
‫‪17‬‬
‫‪ -4‬أسلوب الخطاب الفني المشروع‪.‬‬
‫‪ -5‬الحديث الوعظي المباشر وغير المباشر‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬الوسائل‪-:‬‬
‫‪-1‬خطب الجمعة وأحاديث المسجد‪.‬‬
‫‪ -2‬الكتب والبحوث والنشرات‪.‬‬
‫‪-3‬المحاضرات والندوات‪.‬‬
‫‪ -4‬الدروس المباشرة بالمساجد وغيرها (كرسي الزكاة)‪.‬‬
‫‪ -5‬اللقاءات الفردية والفئوية العامة‪.‬‬
‫‪ -6‬القوافل والمخيمات الدعوية‪.‬‬
‫‪ -7‬االحتفاالت في المناسبات التي يبين فيها الديوان برامج الصرف‪.‬‬
‫‪ -7‬االجتماعات مع المسئولين وقيادات المجتمع المختلفة‪.‬‬
‫‪ -2‬البرامج الموجهة في اإلذاعة والتلفاز‪.‬‬
‫‪ -12‬اإلعالنات بوسائل االعالم المختلفة‪.‬‬
‫‪ -11‬المواقع بالشبكة العالمية (اإلنترنت)‪.‬‬
‫‪ -12‬األعمال الفنية الهادفة‪.‬‬
‫‪ -13‬المسابقات‪.‬‬
‫‪ -14‬برنامج الداعية الظاعن‪.‬‬
‫‪‬‬
‫أثر الخطاب الدعوي‪.‬‬
‫حقق الخطاب الدعوي للزكاة إنجازات كبيرة على المستوى الداخلي والخارجي‪.‬‬
‫وقد أسهم بصورة واضحة في رفع الوعي وتمكين شعيرة الزكاة‪ ،‬ومن مظاهر ذلك‪-:‬‬
‫‪ -1‬ترسيخ مفهوم سلطانية الزكاة‪ :‬كان االقناع بسلطانية الزكاة يمثل هاجسا شديدا‪،‬‬
‫وتحديا كبي ار‪ ،‬وهدفا مباش ار للخطاب الدعوي للزكاة‪ ،‬فكان في مقدمة أولوياته‪.‬‬
‫وقد ظهر األثر ايجابيا بمرور الزمن إذ أخذت القناعات تتمدد في أوساط‬
‫أمها‬
‫المزكين شيئا فشيئا‪ ،‬خاصة بعد أن عقدت المؤتمرات والندوات العلمية التي َّ‬
‫كبار العلماء من داخل السودان وخارجه‪ ،‬وتحدثت بصورة جلية عن هذا األمر‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫وكذلك الجهود الدعوية األخرى ومنها الداعية الظاعن الذي عمل على اقناع الرعاة‬
‫في بواديهم بهذا األمر‪.‬‬
‫يظهر هذا األثر في الزيادة المطردة للجباية عاما بعد عام‪ ،‬إذ كانت في عام‬
‫‪3771‬م ال تزيد عن مئتين وسبعين مليونا من الجنيهات‪ ،‬بلغت في العام ‪2110‬م‬
‫أكثر من مئتين وأربعين مليا ار من الجنيهات‪.‬‬
‫( )‬
‫‪ -2‬حدود سلطانية الدولة‪ :‬أعطت الشريعة السلطان الحق في أخذ الزكاة وصرفها‬
‫وادارة شؤونها‪ ،‬وهذا الحق مقيد ومحدد بحدود الشرع‪ ،‬قال الماوردي في األحكام‬
‫السلطانية في حديثه عن واجب الدولة في جمع األموال‪ " :‬جباية الفيء‬
‫والصدقات على ما أوجبه الشرع نصا واجتهادا من غير خوف وال عسف "‪.‬‬
‫( )‬
‫وأثبتت التجربة االلتزام بهذا الحق في حدوده المشروعة‪ ،‬ولكن هناك من يتحدث عن‬
‫تجاوز هذه الحدود في بعض األحيان فيوجه بصرف بعض أموال ال زكاة في غير‬
‫الوجوه المقررة‪.‬‬
‫وهذا األمر حتى ولو كان نادر الوقوع إال أنه يستوجب الوقوف عنده‪ ،‬والتنبيه‬
‫على خطورته تصحيحا لألخطاء ودفعا للشبهات التي يثيرها أعداء التجربة السودانية‪.‬‬
‫‪-3‬‬
‫ترجيح رأي السلطان أو الحاكم وأثره في توسيع وعاء الزكاة بجبايتها من جميع‬
‫األموال‪ .‬وعدم التسوية في الصرف بين المصارف الثمانية‪ ،‬وغير ذلك من‬
‫األحكام التي رجحت‪ ،‬والتدابير التي اتخذت في كثير من قضايا وسائل الزكاة‪.‬‬
‫‪ -4‬وقف الحمالت المعادية والمقاالت السالبة‪ :‬فقد خلت غالبا وسائل االعالم من‬
‫الحمالت المعادية والشكاوي حول التعامل مع ديوان الزكاة‪.‬‬
‫‪-2‬‬
‫تجربة ديوان الزكاة في أبعادها المختلفةجديرة بأن تقدم لألمة اإلسالمية‬
‫ليستعين بها المسلمون في شتى أقطارهم‪ ،‬خاصة وأن العلماء وغيرهم ممن وقف‬
‫على التجربة السودانية أشاد بها وأخذ يبشر بها‪.‬‬
‫(‪ )19‬خطاب الزكاة تطور مسرية العمل الدعوي واالعالمي للزكاة – املعهد العايل لعلوم الزكاة‬
‫(ص‪.)123‬‬
‫)‪(2‬األحكام السلطانية (ص‪.)23‬‬
‫‪19‬‬
‫ثالثا‬
‫القواعد الشرعية احلاكمة لفقه الزكاة‬
‫إعـــــداد‪:‬‬
‫أ‪.‬د‪ .‬عبد اهلل الزبير عبد الرحمن‬
‫األمين العام لمجمع الفقه اإلسالمي بالسودان‬
‫‪11‬‬
‫‪‬‬
‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على رسول اهلل األمين‪ ،‬وعلى آله وصحبه‬
‫أجمعين‪ ،‬ومن واالهم واتبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫خاص بالقواعد الشرعية‬
‫فهذا البحث يمثّل فقرة من فقرات محور التشريع والفقه‪ ،‬وهو‬
‫ٌّ‬
‫الحاكمة لفقه الزكاة بالسودان‪ ،‬في قانونه ولوائحه واختياراته الفقهية والتشريعية وغير‬
‫ذلك‪.‬‬
‫غير أن البحث في القواعد الفقهية واألصولية المتعلقة بالزكاة ال يستوعبه مثل هذه‬
‫الورقات وال يسعها مؤتمر أو حلقة كالذي نكتب البحث من أجله؛ لذلك سيرّكز‬
‫البحث في القواعد الشرعية الحاكمة لمسيرة الزكاة في السودان مع اإليجاز‬
‫واالختصار ما أمكن‪.‬‬
‫أفرق بين القاعدة والضابط‪ ،‬بل كل ما هو حاكم لفقه الزكاة على‬
‫وفي هذا البحث ال ّ‬
‫خصوصه أو وسع معه غيره من أبواب الفقه اعتب ُرهُ قاعدة‪ .‬وأحيانا أعبر عن قاعدة‬
‫إن وجدتها صالحة ألن تكون قاعدة وا ْن لم أجدها عند أهل الفقه أو األصول‪،‬‬
‫ما ْ‬
‫مع التذكير بأن القواعد في الصحيح أغلبية وليست كلية‪ .‬وقد ُرتِّب البحث على‬
‫أربعة أقسام‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬في القواعد الحاكمة لتشريعات الزكاة‪.‬‬
‫والقسم الثاني‪ :‬في القواعد الحاكمة ألوعية الزكاة‪.‬‬
‫والقسم الثالث‪ :‬في القواعد الحاكمة للجباية وأخذ الزكاة‪.‬‬
‫والقسم الرابع‪ :‬في القواعد الحاكمة لمصارف الزكاة ‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫القسم األول‬
‫فـي‬
‫القواعد الحاكمة لتشريعات الزكاة‬
‫التشريع في أعمال الزكاة في السودان حكمتْه بعض القواعد المهمة‪ ،‬ومن أهمها‪:‬‬
‫القاعدة األولى‪ :‬اختيار ولي األمر يرفع الخالف‪:‬‬
‫ولها صيغ وعبارات‪ ،‬منها‪ :‬حكم الحاكم يرفع الخالف‪ ،‬اإلمام يرفع الخالف‪ ،‬حكم الحاكم‬
‫في المجتهدات نافذ باإلجماع‪ ..‬الحاكم إذا قضى في المجتهد فيه بشيء فليس لمن بعده‬
‫أن يبطله‪.)3( ..‬‬
‫والمقصود بالحاكم هنا القاضي‪ ،‬واذا كان القاضي يرفع الخالف فمن باب أولى أن يرفع‬
‫حكم اإلمام ولي األمر للخالف‪ ،‬إذا اإلمام أعلى رتبة وأوجب طاعة من القاضي‪..‬‬
‫وصحة هذه القاعدة تظهر من وجوه‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫سو َل َوأُولِي أاأل أَم ِر‬
‫يعوا َّ‬
‫ُّها الَّ ِذ َ‬
‫‪3‬ـ قوله تعالى ﴿ َيآ أَي َ‬
‫الر ُ‬
‫يعوا اللَّ َه َوأَط ُ‬
‫ءآمنُوا أَط ُ‬
‫ين َ‬
‫ِم أن ُك أم﴾[النساء ‪ .]57 :‬وفيه وجوب الطاعة لولي األمر‪ ،‬فلو صدر األمر ممن تجب‬
‫يقدم على أمر من ال تجب طاعته‪.‬‬
‫طاعته فيه‪ ،‬فال ريب أنه ّ‬
‫أن األحكام ال يمكن أن تستقر لو جاز أن تنقض من كل أحد‪ ،‬ولو كان النقض من‬
‫‪2‬ـ ّ‬
‫فساد عريض بالشرع والدين‪ ،‬ويعسر إنزال األحكام على واقع الناس‬
‫المساوين‪ ،‬ففي ذلك ٌ‬
‫ٍ‬
‫كقاض مع‬
‫في عباداتهم ومعامالتهم‪ .‬وا ْن كان األمر كذلك مع من يساويه في الرتبة‬
‫ٍ‬
‫قاض؛ فمن باب أولى مع من دونه في الرتبة‪ ،‬وكل الرعية بما فيهم الوالة واألمراء‬
‫والقضاة والعلماء دون ولي األمر إمام المسلمين ‪ ،‬فدلّت صحة القاعدة واعتبارها‪.‬‬
‫ذكر القرافي رحمه اهلل في حكمة هذه القاعدة وجهين‪ ،‬قال‪ « :‬أحدهما‪ :‬أنه لوال ذلك لما‬
‫استقرت للحكام قاعدة‪ ،‬ولبقيت الخصومات على حالها بعد الحكم‪ ،‬وذلك يوجب دوام‬
‫( ) يراجع األشباه والنظائر للسيوطي ص ‪ 0 - 0‬تحت قاعدة اًلجتهااد ًل يان ب باًلجتهااد‪ ،‬موساوعة ال واعاد ال هياة‬
‫للبورنو‪ ،‬ج ص ‪ 2‬ومابعدها‪ .‬ال روق لل رافي في ال رق السابع والسبعون‪ ،‬ج ص ‪ 0‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫التشاجر والتنازع وانتشار الفساد ودوام العناد وهو مناف للحكمة التي ألجلها نصب‬
‫الحكام‪ .‬وثانيهما‪ :‬وهو أجلهما أن اهلل تعالى جعل للحاكم أن ينشئ الحكم في مواضع‬
‫االجتهاد بحسب ما يقتضيه الدليل عنده أو عند إمامه الذي قلده‪ ،‬فهو منشئ لحكم اإللزام‬
‫فيما يلزم واإلباحة فيما يباح ‪،‬كالقضاء بأن الموات الذي ذهب إحياؤه صار مباحا مطلقا‬
‫كما كان قبل اإلحياء واإلنشاء‪ ..‬والحاكم مع اهلل تعالى كنائب الحاكم معه يحكم بغير ما‬
‫تقدم الحكم فيه من جهة مستنيبه بل ينشئ بحسب ما يقتضيه رأيه‪..‬‬
‫مخبر عن اهلل تعالى‬
‫إذا كان معنى حكم الحاكم في مسائل االجتهاد إنشاء الحكم فهو‬
‫ٌ‬
‫بذلك الحكم‪ ،‬واهلل تعالى قد جعل له أن ما حكم به فهو حكمه‪ ،‬وهو كالنص الوارد من‬
‫قبل اهلل تعالى في خصوص تلك الواقعة‪ ،‬فيصير الحال إلى تعارض الخاص والعام فيقدم‬
‫الخاص على العام على القاعدة في أصول الفقه‪ » ..‬اهـ ما أردنا نقله(‪.)3‬‬
‫نص‪ ،‬أو‬
‫صح فيه ٌّ‬
‫أن ال يكون رأي اإلمام بخالف ما ّ‬
‫وشرط صحة إعمال هذه القاعدة ‪ْ :‬‬
‫نص أو إجماع مستيقن؛ فال اعتبار لحكم إمام أو‬
‫فإن ُوجد للمسألة ٌّ‬
‫ثبت فيه إجماعٌ‪ْ ،‬‬
‫النص أو اإلجماع‪ ،‬بل يجب نقضه بمقتضى الدليل‪ ،‬ألنه ال‬
‫حاكم أو قاض بخالف‬
‫ّ‬
‫أي‪1‬‬
‫النص واإلجماع‬
‫يثبت مع‬
‫ٌ‬
‫خالف وال ر ٌ‬
‫ّ‬
‫الجلي‪ ،‬قال السبكي رحمه‬
‫بل ذهب بعضهم إلى نقضه حتى إذا خالف الظاهر أو القياس‬
‫ّ‬
‫فإن خالف الحكم نصا أو ظاه ار جليا ولو قياسا وهو القياس الجلي نقض لمخالفته‬
‫اهلل‪ْ « :‬‬
‫للدليل المذكور »(‪.)2‬‬
‫وبموجب هذه القاعدة‪:‬‬
‫المشرع فيه ملزما للعاملين والمكلفين بأداء الزكاة‪ ،‬ال‬
‫‪ُ ‬جعل قانون الزكاة واختيارات‬
‫ّ‬
‫يجوز ٍ‬
‫ألحد مخالفته وال نقضه‪ ،‬باعتباره اختيارات اإلمام ولي األمر‪.‬‬
‫‪ُ ‬جعلت اللوائح الصادرة من الديوان ملزمة للعاملين والمكلفين بإيتاء الزكاة‪ ،‬ألن اإلمام‬
‫قد أقام الديوان مقامه في والية الحكم واالستيفاء في قضايا الزكاة وأحكامها‪.‬‬
‫أن الفقهاء‬
‫‪ ‬سلطانية الزكاة جباية وصرفا في سائر األموال ظاهرة كانت أو باطنة‪ ،‬مع ّ‬
‫أن األموال الظاهرة يتولى اإلمام السلطان جبايتها وصرفها في‬
‫بعد أن اتفقوا على ّ‬
‫‪ .‬ط دار السالم‪.‬‬
‫( ) ال روق لل رافي ‪ ،‬ال رق السابع والسبعون‪ ،‬ج ص‬
‫( ) حاشية العطار على شرح الجالل المحلي على جمع الجوامع‪ ،‬ج ص ‪. 00‬‬
‫‪11‬‬
‫مستحقيها؛ إال أنهم اختلفوا في األموال الباطنة من نقود وعروض تجارة ونحوها‪ ،‬هل‬
‫يجب على ولي األمر جبايتها وصرفها؟‪.‬‬
‫أن والية األموال الباطنة إلى أربابها‪..‬‬
‫فذهب الحنفية والشافعية إلى ّ‬
‫وذهب الحنابلة إلى أنه ال يجب دفعها إلى اإلمام وا ْن كان له أخذها‪..‬‬
‫أن والية األموال الباطنة كاألموال الظاهرة لإلمام ويجب‬
‫وذهب المالكية إلى ّ‬
‫على أربابها دفعها لولي األمر‪.‬‬
‫وقد اختار اإلمام مذهب المالكية فجعل والية األموال الباطنة والظاهرة له‪ ،‬يلزم‬
‫بأداء زكاتها جميعا إلى السلطان‪ ،‬ويتولى هو أمر جبايتها وصرفها‪.‬‬
‫‪ ‬زكاة الفطر مع أنها كانت في عهد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم سلطانية تُجمع‬
‫أن‪:‬‬
‫عنده ويقوم هو بصرفها وتوزيعها؛ على ّ‬
‫‪ o‬لفظ الزكاة في موارده يشمل النوعين معا زكاة األموال وزكاة األبدان التي هي‬
‫زكاة الفطر‪ ،‬وتفسير قتادة وعطاء وأبي العالية لقوله تعالى ﴿قَ أد أَ أفلَ َح َم أن تََزَّكى‪.‬‬
‫ِ‬
‫صلَّى ﴾ [األعلى ‪ ]35 ، 30 :‬أنها نزلت في زكاة الفطر‪ ،‬وقال‬
‫َوَذ َك َر أ‬
‫اس َم َرِّبه فَ َ‬
‫عنها ابن عباس‪ " :‬هي للزكاة كلها ‪ ،‬والصدقات كلها"‪ ..‬وقول ابن عمر وأبي‬
‫سعيد الخدري رضي اهلل عنهم‪ :‬إن ذلك في صدقة الفطر(‪.)3‬‬
‫‪ o‬أن سنة النبي صلى اهلل عليه وسلم جعلت أمر زكاة الفطر سلطانية كزكاة المال‬
‫في الجباية والجمع والتقسيم والصرف‪ ،‬وما أد ّل من خبر أبي هريرة رضي اهلل‬
‫عنه الذي كان تجمع عنده صدقة الفطر وقصته مع الشيطان الذي كان يحثو‬
‫منها وقال النبي صلى اهلل عليه وسلم عنه ‪( :‬أما إنه قد صدقك وهو كذوب‪)..‬‬
‫الخبر(‪ ..)2‬وا ألخبار أنه صلى اهلل عليه وسلم كان يقسم الفطرة قبل أن يغدو إلى‬
‫المصلى يوم الفطر"(‪.)1‬‬
‫‪ o‬وحال الصحابة أ ّكد تولّي اإلمام أمر زكاة الفطر في عهدهم رضوان اهلل عليهم‪،‬‬
‫وقد ورد الخبر عن ابن عمر رضي اهلل عنهما "أنه كان يبعث بزكاة الفطر إلى‬
‫( ) راجع‪ :‬ت سير فتح ال دير للشوكاني ج ص ‪ ، 5 ، 3‬ت سير ال رطبي الجامع ألحكام ال ارنن‪ ،‬م‪ 0‬ج ‪ 0‬ص ‪، 0‬‬
‫ت سير ابن كثير ج ص ‪ ، 0‬أحكام ال رنن ًلبن العربي ج ص‪. 2 0‬‬
‫‪ ،‬وبرقم ‪. 0 0‬‬
‫( ) البخاري في صحيحه برقم‬
‫( ) فتح ال دير للشوكاني ج ص ‪. 5‬‬
‫‪13‬‬
‫الذي تُجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثالثة"(‪ .)3‬وغير ذلك مما يؤ ّكد أن زكاة‬
‫الفطر كزكاة األموال شأنها عند السلطان جباية وصرفا!!‪..‬‬
‫مع ذلك؛ جاء اختيار اإلمام ولي األمر أن تكون ألربابها يقومون بصرفها بأنفسهم وال‬
‫يتدخل السلطان وال الديوان في شيء منها‪.‬‬
‫وهكذا كل اختيارات ولي األمر فيما اختلف فيه الفقهاء من مسائل الزكاة‪.‬‬
‫القاعدة الثانية‪ :‬الحاكم يقوم مقام الممتنع بواليته‪:‬‬
‫وعبِّر عنها بعبارة أخرى هي‪ " :‬من حرم عليه االمتناع من بذل شيء ُسئلهُ فامتنعه فهل‬
‫ُ‬
‫(‪)2‬‬
‫يسقط إذنه بالكلية أو يعتبره ويجبره الحاكم؟" وهي القاعدة السادسة والتسعون من قواعد‬
‫ابن رجب رحمه اهلل التي تقول‪ " :‬من وجب عليه أداء عين مال فأداه عنه غيره بغير‬
‫المؤدي؟"(‪.)1‬‬
‫إذنه هل تقع موقعه وينتفي الضمان عن‬
‫ّ‬
‫وتخريجا على هذه القاعدة‪ ،‬عاقب قانون الزكاة في مادتيه [‪02‬ـ ‪ ]01‬كل من تحايل أو‬
‫تهرب أو امتنع عن دفع الزكاة الواجبة عليه للديوان بغرامات ال تزيد عن مقدار الزكاة‬
‫ّ‬
‫الواجبة عليه في تلك األموال‪ ،‬ومن امتنع عن تقديم أي إقرار أو مستند أو بيان يطلبه‬
‫وجوز‬
‫الديوان منه يعاقبه القانون بغرامة تساوي ‪ %31‬من مقدار الزكاة الواجبة عليه‪ّ ،‬‬
‫القانون للديوان الحجز على أموال الممتنعين والمتحايلين والهاربين من دفع الزكاة لدى‬
‫المصارف عن طريق المحاكم‪.‬‬
‫مع أن الحنفية في المعتمد من مذهبهم قالوا‪ :‬ال تؤخذ الزكاة من الممتنع جب ار لكونها بال‬
‫أن الحبس نوع إكراه ال‬
‫جوزوا لولي أمر الزكاة حبس الممتنع على ّ‬
‫اختيار‪ ،‬مع أنهم ّ‬
‫يسلب االختيار(‪.)0‬‬
‫يجوز ذلك‪ ،‬قال ابن رجب رحمه اهلل تفريعا لقاعدته السادسة والتسعين‪:‬‬
‫ولكنه قو ٌل للفقهاء ّ‬
‫" لو امتنع من أداء الزكاة فأخذها اإلمام منه قه ار فإنه يجزيء عنه ظاه ار وباطنا في‬
‫(‬
‫(‬
‫(‬
‫(‬
‫) أخرجه مالك في الموطأ ج ص ‪. 5‬‬
‫) موسوعة ال واعد ال هية ‪ ،‬للبورنو‪ ،‬ج ص ‪.2‬‬
‫‪.‬‬
‫) قواعد ال ه اإلسالمي ًلبن رجب ‪ ،‬ص‬
‫) انظر‪ :‬غمز عيون البصائر شرح األشباه والنظائر للحموي ج ص‬
‫‪12‬‬
‫‪.‬‬
‫ألن لإلمام والية على الممتنع‪ ،‬وهذا‬
‫ّ‬
‫أصح الوجهين‪ ،‬وهو ظاهر كالم أحمد والخرقي‪ّ ،‬‬
‫حق تدخله النيابة فوقع موقعه"اهـ(‪.)3‬‬
‫ّ‬
‫شرع ـ ولي األمر ـ فجعل للمتنع عن أداء الزكاة عقوبة‪ ،‬وأخذ منه الزكاة‬
‫وبهذا أخذ الم ّ‬
‫جب ار‪.‬‬
‫القاعدة الثالثة‪ :‬قاعدة تفويض المجتهد‪:‬‬
‫وهذه قاعدة أصولية أكثر من أن تكون فقهية‪ ،‬تحدث عنها األصوليون في كتبهم في‬
‫مباحث االجتهاد والتقليد‪..‬‬
‫والتفويض إنابة ومشاركة ونقل ٍّ‬
‫حق للغير‪ ،‬وفي القاموس المحيط‪ :‬فوض إليه األمر رده‬
‫فوض إليه األمر‪ :‬صيره إليه وجعله الحاكم فيه(‪ ..)2‬وفي القرآن‬
‫إليه‪ .‬وفي لسان العرب ‪ّ :‬‬
‫َّ ِ ِ َّ ِ‬
‫ِ‬
‫ير ِبا أل ِع َب ِاد ﴾ [غافر ‪.]00 :‬‬
‫﴿ َوأُفَ ِّو ُ‬
‫ض أ أَم ِري إلَى الله إ َّن الل َه َبص ٌ‬
‫والتفويض من الضرورات اإلدارية خاصة في زماننا الذي تشعبت فيه أمور الحياة‬
‫وتعقدت مشكالتها وصار من المحال أو هو أقرب تدبير شؤون أية مؤسسة بال إعانة‬
‫تنبه إلى ذلك علماء السياسة الشرعية فنسمع اإلمام‬
‫ومشاركة وانابة وتفويض‪ .‬بل ّ‬
‫الماوردي يقول‪ " :‬ما و ّكل إلى اإلمام من تدبير األمة ال يقدر على مباشرة جميعه إال‬
‫باستنابة"(‪ .)1‬ونسمع ابن خلدون في مقدمته يقول‪ " :‬اعلم أن السلطان ضعيف يحمل أم ار‬
‫بد له من االستعانة ببني جنسه‪ ،‬واذا كان يستعين بهم في ضرورة معاشه‬
‫ثقيال‪ ،‬فال ّ‬
‫وسائر مهنه؛ فما ظنك بسياسة نوعه‪ ،‬ومن استرعاه اهلل في خلقه وعباده"(‪.)0‬‬
‫فوض نبي اهلل موسى عليه السالم أخاه هارون في أمر النبوة من أجل ميقات ربه‪،‬‬
‫وقد ّ‬
‫اخلُ أف ِني ِفي قَو ِمي وأ ِ‬
‫ين ﴾[األعراف‪.]302 :‬‬
‫وقال له ﴿ أ‬
‫س ِبي َل ا أل ُم أف ِس ِد َ‬
‫َ أ‬
‫أ‬
‫َصل أح َوَال تَتَِّب أع َ‬
‫فاشترط عليه فقط‪ :‬اإلصالح وعدم اإلفساد‪ .‬وهذا شرط التفويض‪.‬‬
‫قال الماوردي‪ " :‬فإذا جاز ذلك في النبوة كان في اإلمامة أجوز"(‪.)5‬‬
‫(‬
‫(‬
‫(‬
‫(‬
‫(‬
‫‪ ،‬موسوعة ال واعد ال هية‪ ،‬للبورنو‪ ،‬ج ص ‪.2‬‬
‫) انظر‪ :‬قواعد ابن رجب‪ ،‬ص‬
‫) ال اموس المحيط لل يروزابادي ص ‪ ،5 2‬لسان العرب ًلبن منظور‪ ،‬ج‪ 2‬ص ‪. 0‬‬
‫) األحكام السلطانية للماوردي‪ ،‬ص ‪.‬‬
‫) م دمة ابن خلدون‪ ،‬ج ص ‪ ،30‬عن الت ويب اإلداري بين الشريعة وال انون‪ ،‬يوسف الثلب‪ ،‬ص‬
‫) األحكام السلطانية‪ ،‬ص ‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫‪.‬‬
‫يفوض إليه تدبير‬
‫ومن هنا جاءت فكرة و ازرة التفويض‪ ،‬ومرادها‪" :‬استوزار اإلمام من ّ‬
‫األمور برأيه وامضاءها على اجتهاده ونظره"(‪.)3‬‬
‫تحدث أهل األصول في القاعدة‪ ،‬وقد كانوا على ثالثة مذاهب (‪:)2‬‬
‫ومن هذا الباب ّ‬
‫المذهب األول‪ :‬مذهب موسى بن عمران من المعتزلة‪ ،‬وقد قطع بوقوع التفويض للنبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم وللعلماء لالجتهاد في الحكم الشرعي‪.‬‬
‫والمذهب الثاني‪ :‬مذهب جمهور المعتزلة متفقين على امتناعه‪.‬‬
‫والمذهب الثالث‪ :‬مذهب الجمهور اإلمام الشافعي ومن وافقه وهو التوقف في امتناع ذلك‬
‫وجوازه‪.‬‬
‫ارد على‪ :‬هل يجوز أن يقول اهلل تعالى للنبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫وكأن هذا الخالف و ٌ‬
‫أو للعالم‪ :‬احكم فإنك ال تحكم إال بالصواب" وهي العبارة المشهورة لدى األصوليين والذي‬
‫أقام عليه الرازي والشوكاني وغيرهما خالف األصوليين فيه‪.‬‬
‫أما التفويض الذي يقوم على النظر واالجتهاد وتقدير المصالح لجلبها والمفاسد لدرئها‬
‫ودفعها؛ فال ُيظ َّن فيه وقوع خالف ُيذكر‪.‬‬
‫وعليه‪:‬‬
‫‪ُ ‬يقبل تفويض اإلمام ولي األمر مجلس أمناء الزكاة بسلطته ليكون السلطة العليا التي‬
‫تشرف على تحقيق أهداف الديوان‪ ،‬ويمارس المجلس حق ولي المر في النظر في‬
‫كل أمر وفق األولويات والضوابط الشرعية حسب المادة [‪ -9‬ج ] من قانون الزكاة‬
‫لسنة ‪2113‬م‪ .‬على أساس قاعدة تفويض المجتهد‪.‬‬
‫قرر المجلس في أمر زكوي كأخذ الزكاة من مال ما‪ ،‬فهل يحق‬
‫‪‬‬
‫ويتخرج عليها ما إذا ّ‬
‫ّ‬
‫لولي األمر (رئيس الدولة) أو من يمثله وينوب عنه أن يقرر بخالف ما قرره المجلس‬
‫األعلى ألمناء الزكاة؟‪.‬‬
‫والجواب‪ :‬بحسب ما قررناه من صحة القاعدة‪ ،‬ليس له وال من ينيبه كوزير المالية أو‬
‫فإن نقضه فيكون‬
‫مفوض منه‪ْ ،‬‬
‫وزير الرعاية االجتماعية نقض ما قرره المجلس‪ ،‬ألنه ّ‬
‫( ) انظر‪ :‬األحكام السلطانية للماوردي ص‬
‫( ) راجع‪ :‬إرشاد ال حول للشوكاني ‪ ،‬ص‬
‫ز‬
‫ـ‬
‫‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا‪ ،‬وبهذا ال يستقر حكم وال قرار‪ ،‬وفي هذا المآل‬
‫المفاسد الكبيرة والمضار العظيمة والعواقب الوخيمة بالزكاة وأمرها‪.‬‬
‫لنص شرعي صريح‪ ،‬أو إجماع منعقد ‪ ،‬أو قياس‬
‫اللهم إال أن يكون قرار المجلس مخالفا ّ‬
‫للمفوض ـ بالكسر ـ أن ينقض قرار من‬
‫جلي ظاهر واضح في المسألة‪ ،‬فهنا وحده جاز ِّ‬
‫فوضه ـ بالفتح‪..‬‬
‫َّ‬
‫ويتخرج على قاعدة التفويض جعل قرار مجمع الفقه اإلسالمي وفتياه ملزما للديوان‬
‫‪‬‬
‫ّ‬
‫إذا طلب أمينه العام الفتوى من المجمع أو طلب إليه القرار في أمر زكوي ما‪ ،‬وذلك‬
‫أن المجمع يأخذ بذلك صفتين ال يتنقض بهما ق ارره وال يرد فتياه‪:‬‬
‫ّ‬
‫أن المجمع رأيه في األصل يمثّل رأي اإلمام ولي األمر‪ ،‬ورأي اإلمام‬
‫‪ ‬الصفة األولى‪ّ :‬‬
‫ملزم يرفع الخالف‪ ،‬فال يجوز بعده اعتراض أو مخالفة‪.‬‬
‫ٌ‬
‫‪ ‬الصفة الثانية‪ :‬أنه بطلب الديوان ق ارره أو فتياه يكون مح ّكما‪ ،‬وقرار التحكيم ال ينقض‬
‫في الراجح الصحيح‪ ،‬ألنه من باب الحكم والقضاء‪.‬‬
‫إن‬
‫وبهذا‪ :‬يكون قرار المجمع أو فتياه فيما يطلب منه الديوان حاسما ملزما رافعا للخالف ْ‬
‫كان واقعا‪.‬‬
‫يتم الواجب إال به فهو واجب‪:‬‬
‫القاعدة الرابعة‪ :‬ماال ّ‬
‫أن الواجب إذا توقف تحصيله على ٍ‬
‫أمر؛ ُحكم على هذا‬
‫وهذه فقهية أصولية‪ ،‬ومعناها‪ّ :‬‬
‫األمر الذي توقّف عليه الواجب بالوجوب أيضا‪ .‬وقد تكلم األصوليون عنها في باب‬
‫الواجب(‪.)3‬‬
‫وقد أخذ الديوان بهذه القاعدة وأعملها في مسألة الصرف اإلداري للديوان‪.‬‬
‫وفي الواقع اقتضت ضرورات العصر تكاليف إدارية لم تكن ضرورية في القرون األولى‪،‬‬
‫إذ كان الجابي إنما يذهب بالوسائل البسيطة ثم يجبي ويقسم في بلد المال غالبا‪ .‬اما‬
‫اليوم فقد ظهرت حاجات وضرورات إدارية من جمع الزكاة وحصرها ثم صرفها حسب‬
‫( ) يراجع بت صيل‪ :‬اإلحكام في أصول األحكام‪ ،‬لآلمدي‪ ،‬ج ص ‪ ،22‬روضة النااظر ًلبان قداماة بشارح نزهاة الخااطر‪،‬‬
‫‪ ،‬ال واعد وال وائاد األصاولية ًلبان اللحاام‪ ،‬ص ‪2‬‬
‫ج ص ‪ ، 02‬مختصر التحرير شرح الكوكب المنير‪ ،‬ص‬
‫وما بعدها‪ ،‬مذكرة في أصول ال ه‪ ،‬محمد األمين الشن يطي‪ ،‬ص ‪، 5- 3‬‬
‫‪18‬‬
‫األولويات واإلحصاءات والتصنيفات‪ ،‬فظهرت تكاليف إدارية في الجباية وفي المصارف‬
‫وفي خطاب الزكاة وفي التشريع وفي اإلدارة الداخلية (‪..)3‬‬
‫بد‬
‫والتقرير الفقهي أنه‪ :‬طالما كانت هذه األمور اإلدارية ضرورية إلدارة شأن الزكاة؛ فال ّ‬
‫من الصرف عليها‪ ،‬ألنه بالفعل مما ال يتم واجب تسيير أمر الزكاة إال به‪ ،‬وما ال يتم‬
‫الواجب إال به فهو واجب‪.‬‬
‫ولكن السؤال‪ :‬من أين ُيصرف على هذه األعمال؟ ومن أين تغطَّى هذه التكاليف اإلدارية‬
‫العالية؟‪.‬‬
‫الخيارات المتاحة للصرف اإلداري‪:‬‬
‫أ ـ خزينة الدولة العامة‪..‬‬
‫ب ـ رسوم إضافية تفرض على األغنياء والمكلفين بأداء الزكاة‪..‬‬
‫ج ـ الصدقات والهبات التي ترد للديوان من المحسنين‪..‬‬
‫د ـ مال المصارف‪.‬‬
‫والترجيح عندي أن يكون مورد الصرف اإلداري على الترتيب اآلتي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬خزينة الدولة العام‪ ،‬حيث تقيم الدولة من مواردها العامة المكاتب والمباني والمخازن‬
‫واألثاثات‪ ،‬وتوفّر وسائل النقل والترحيل‪ ،‬وغير ذلك كأية مؤسسة من مؤسسات الدولة‪.‬‬
‫إن عجزت الدولة عن ذلك‪ ،‬أن ُيلجأ إلى الصدقات والهبات وطلب التبرعات من‬
‫ثانيا‪ْ :‬‬
‫ذوي المالءة المالية من أهل اإلحسان من غير مال الزكوات الواجبة‪..‬‬
‫أن هذا الخيار ال ضمان في ديمومته واستم ارره‪ ،‬فالغالب عليه االنقطاع والجفاف‪،‬‬
‫غير ّ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ؟‪.‬‬
‫فإلى أين يتجه الديون‬
‫ولهذا‪ُ :‬يلجأ للخيار الرابع الذي هو‪ :‬الصرف على اإلدارة من مال المصارف‪.‬‬
‫هذا الخيار ُيضطَّ ُر إليه في حال تع ّذر قيام الدولة بالصرف على الديوان‪ ،‬وهو الذي لجأ‬
‫خصص الديوان نسبة ‪ %0‬تقريبا من جملة حصيلة‬
‫إليه الديوان في السودان‪ ،‬حيث‬
‫ّ‬
‫الزكاة سنويا للصرف على الضرورات اإلدارية‪..‬‬
‫وحكم ذلك الجواز بناء على قاعدة‪ :‬ما اليتم الواجب إال به فهو واجب‪.‬‬
‫( ) راجع‪ :‬بحث الشيخ ال اضي محمد إباراهيم محماد‪ ،‬األماين العاام األسابق لاديوان الزكااة‪ ،‬مةسساة الزكااة‪ ،‬ضامن بحاوث‬
‫وأعمال المةتمر العلمي العالمي الثاني‪ ،‬س ‪. 5‬‬
‫‪19‬‬
‫ولكن يجب أن ينتبه أهل الديوان ووالة أمر الزكاة إلى أنه وا ْن جاز الصرف على اإلدارة‬
‫من مال المصارف‪ ،‬مع أنه حق المصارف الثمانية أصالة؛ فإنه ال يجوز لهم أن يتوسعوا‬
‫في الصرف اإلداري إال في حدود الضروريات والحاجيات‪ ،‬فال يجوز لهم التو ّسع‬
‫بالصرف من مال المصارف في التحسينيات اإلدارية‪ ،‬كتزيين السيارات‪ ،‬والمكاتب‪،‬‬
‫والتأثيث التزييني‪ ،‬والتجميل الزائد للمباني‪ ،‬والصرف غير الحاجي وال الضروري على‬
‫المؤتمرات والحلقات العلمية‪ ،‬والتوسع الزائد في السفريات وغير ذلك مما ال ينبغي في‬
‫حق‬
‫ألن هذا المال الذي أُخذ للصرف اإلداري أُخذ ضرورة‪ ،‬ألنه من ّ‬
‫الصرف عليه‪ّ ،‬‬
‫المصارف الثمانية‪ ،‬وما أُخذ ضرورة يجب أن ال يتجاوز الضرورة في صرفه‪.‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪11‬‬
‫القسم الثاني‬
‫فـي‬
‫القواعد الحاكمة ألوعية الزكاة‬
‫األوعية جمع وعاء‪ ،‬وهو في أصل اللغة من وعى يعي وعيا ووعاء واعاء‪ ،‬بمعنى‬
‫الحفظ والجمع واإلمساك والظرف والمصدر(‪ .)3‬وقد استعمل مصطلحا معاص ار لألموال‬
‫التي تجب فيها الزكاة‪ ،‬مستفادا من معنيي الظرف والمصدر في أصله اللغوي‪.‬‬
‫فأوعية الزكاة مصادرها وما تخرج منها الزكاة من األموال‪.‬‬
‫ننبه‬
‫والقواعد الشرعية الحاكمة التي احتكم إليها الديوان في أوعية الزكاة قواعد جامعة ّ‬
‫إلى أهمها وأظهرها‪:‬‬
‫القاعدة األولى‪ :‬قاعدة توسيع اإليجاب‪:‬‬
‫التوسيع في أوعية الزكاة واألموال التي تجب فيها ؛ هو الظاهر من موقف‬
‫الجمهور من فقهاء المذاهب األربعة‪ ،‬والذي يؤيده موقف السلف من التابعين وغيرهم‪:‬‬
‫‪ ‬فالحنفية يرون إيجاب الزكاة في كل ما يخرج من األرض مما يقصد بزراعته‬
‫النماء‪.‬‬
‫خبز أو عصيدة ففيه‬
‫‪ ‬ومما نقله ابن حزم من عبارات الشافعية‪ " :‬كل ما عمل منه ٌ‬
‫الزكاة"‪.‬‬
‫‪ ‬وعند داود وجمهور الظاهرية ـ بخالف ابن حزمة‪ :‬تجب الزكاة في كل ما أنبتت‬
‫األرض وفي كل ثمرة وفي الحشيش وغير ذلك ال تحاش شيئا‪.‬‬
‫‪ ‬وهو الظاهر من مذاهب جماهير السلف من الصحابة والتابعين رحمهم اهلل تعالى‬
‫ورضي عنهم(‪.)2‬‬
‫( ) راجع‪ :‬لسان العرب‪ً ،‬لبن منظور‪ ،‬ج ص ‪ ، 22 – 23‬ال اموس المحيط لل يروزابادي‪ ،‬ص ‪. 2‬‬
‫( ) راجع‪ :‬بدائع الصنائع‪ ،‬ج ص ‪ 2‬ـ ‪ ،3‬المحلى ًلبن حزم‪ ،‬ج ص ـ ‪ ، 0‬ال وانين ال هية ًلبان جازي‪ ،‬ص ‪،2‬‬
‫ـ ‪ ، 2‬عوامال النجااح‬
‫ال ه اإلسالمي وأدلته‪ ،‬وهبة الزحيلي‪ ،‬ج ص ‪ ،50‬ف ه الزكااة لل رضااوي‪ ،‬ج ص‬
‫في مةسسة الزكاة لل رضاوي ص ‪. 0‬‬
‫‪11‬‬
‫واألصول الشرعية تدعم اتجاه الجمهور في توسيع قاعدة اإليجاب‪،‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ص َدقَة تُطَ ِّه ُرُه أم َوتَُزِّكي ِه أم ِب َها ﴾ [التوبة‪ ]311:‬واألمر‬
‫‪3‬ـ كقوله تعالى ﴿ ُخ أذ م أن أ أَم َوال ِه أم َ‬
‫موجهٌ إلى عموم المال‪ ،‬و"من" هنا للتبعيض في قدر المال ال في جنس المال‪.‬‬
‫في اآلية ّ‬
‫‪2‬ـ وأمر النبي صلى اهلل عليه وسلم معاذا بن جبل رضي اهلل عنه‪ ( :‬أعلمهم أن اهلل‬
‫افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم )‬
‫(‪)3‬‬
‫وهو كذلك‬
‫متوجهٌ إلى عموم المال‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ 1‬ـ وكتصريح الشارع الحكيم بأن كل مال تجب فيه الزكاة‪ ،‬كما في حديث أبي هريرة‬
‫رضي اهلل عنه مرفوعا‪ ( :‬من آتاه اهلل ماال فلم يؤد زكاته مثّل له يوم القيامة شجاعا أقرع‬
‫يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بهلزمتيه ـ يعني شدقيه ـ ثم يقول‪ :‬أنا مالك‪ ،‬أنا‬
‫له زبيبتان ِّ‬
‫كنزك)(‪.)2‬‬
‫تخرج وترتّب على هذه القاعدة‪:‬‬
‫وقد ّ‬
‫‪ ‬حمل األحاديث المانعة للزكاة في بعض األموال على المتفق في منعه ‪ ،‬كحديث‬
‫الصحيحين‪ (:‬ليس على المسلم صدقة في عبده وال في فرسه) (‪ ،)1‬وقد أوجب‬
‫الجمهور الزكاة في الخيل المتخذة للتجارة‪ ،‬بل نقل الكاساني اإلجماع على‬
‫وجوب الزكاة فيها‪ ،‬وأخذ عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه من كل ٍ‬
‫فرس دينا ار‪،‬‬
‫وأصدق عثمان رضي اهلل عنه الخيل‪ ،‬وجعل الحنفية في الخيل السائمة زكاة(‪.)0‬‬
‫فيؤَّول الحديث بالخيل المتخذة للركوب والقنية ال غير‪.‬‬
‫ُّها‬
‫‪ْ ‬‬
‫جعل كل خارج من األرض ماال للزكاة‪ ،‬أخذا برأي الحنفية لقوله تعالى ﴿ َيا أَي َ‬
‫ِ‬
‫ِ ِ‬
‫َخ َر أج َنا لَ ُك أم ِم َن أاأل أَر ِ‬
‫ض﴾[البقرة ‪:‬‬
‫س أبتُ أم َو ِم َّما أ أ‬
‫الَّ ِذ َ‬
‫آمنُوا أَ أنفقُوا م أن طَ ِّي َبات َما َك َ‬
‫ين َ‬
‫‪ .]269‬وهو َّ‬
‫مؤدى القانون في المادة [‪.)5(]3-20‬‬
‫(‬
‫(‬
‫(‬
‫(‬
‫(‬
‫) أخرجه البخاري برقم ‪. 2‬‬
‫) أخرجه البخاري برقم ‪. 02‬‬
‫) البخار برقم ‪ ، 3‬ومسلم برقم ‪.25‬‬
‫) راجع‪ :‬المحلى باآلثار ًلبن حزم‪ ،‬ج ص ‪ ،‬بدائع الصنائع ج ص ‪ .‬الشارح الصارير للادردير‪ ،‬ج ص ‪،3 2‬‬
‫وحاشية الصاوي على الشرح الصرير ج ص ‪ ، 52‬المجموع للنووي‪ ،‬ج ص ‪. 0‬‬
‫) يراجع‪ :‬دليل الزكاة ال هي والتعري ي ‪ ،‬ص ‪ ،‬إعداد إدارة خطاب الزكاة باألمانة العامة لديوان الزكاة‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫‪ ‬جعل كل ما يصلح لالتجار من العروض مال ٍ‬
‫زكاة‪ ،‬بما في ذلك الديون المرجوة‬
‫نصت عليه المادة [‪ ]3-37‬من قانون الزكاة‪..‬‬
‫التحصيل كما ّ‬
‫‪ ‬إيجاب الزكاة في األنعام في النسل الذي يتوافق مع النماء في غيرها‪ ،‬ولم ُيستثن‬
‫منها إال األنعام العاملة في حرث األرض كمـا جاء بذلك القانون في مادـته‬
‫[‪..]3-29‬‬
‫‪ ‬جعل الزكاة في المعادن بجميع أنواعها جامدة وسائلة عند استخراجها عمال بما‬
‫نصت عليه المادة [‪39‬ـ‪ ]3‬من قانون‬
‫ذهب إليه الحنابلة رحمهم اهلل‪ ،‬وهو الذي ّ‬
‫الزكاة‪..‬‬
‫‪ ‬جعل الزكاة في سائر النقود بما فيها النقود المعدنية والورقية وأوراق النقد والودائع‬
‫نص‬
‫واألوراق المالية ذات القيمة النقدية واألوراق التي تقوم مقام النقد كما في ّ‬
‫المادة [ ‪ ]3-23‬من القانون‪.‬‬
‫‪ ‬إيجاب الزكاة في المرتبات واألجور والمكافآت والمعاشات ودخول أرباب المهن‬
‫نص المادة [‪15‬ـ ‪ ،3‬أ‪ .‬ب] من قانون‬
‫الحرة وأصحاب الحرف‪ ،‬كما جاء في ّ‬
‫الزكاة لسنة ‪2113‬م‪.‬‬
‫وعليه‪ :‬فالقاعدة في المال الذي يكون وعاء للزكاة‪ ،‬توسيع قاعدة اإليجاب‪ ،‬وهو الصحيح‬
‫المحقق لمقاصد الزكاة‪ ،‬فيكون ما يجب فيه الزكاة‪:‬‬
‫[ كل ٍ‬
‫مال يصلح للنماء فهو وعاءٌ للزكاة]‪.‬‬
‫القاعدة الثانية‪ :‬الزكاة حق المال‪:‬‬
‫نص خير الصحابة رضي اهلل عنهم أبي بكر الصديق مفس ار حديث‬
‫والقاعدة نقلت من ّ‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ( :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ال إله إال اهلل فمن قالها‬
‫فقد عصم مني ماله ونفسه إال بحقه وحسابه على اهلل) فقال أبو بكر رضي اهلل عنه‪:‬‬
‫"واهلل ألقاتلن من فرق بين الصالة والزكاة فإن الزكاة حق المال واهلل لو منعوني عناقا‬
‫كانوا يؤدونها إلى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم لقاتلتهم على منعها" (‪.)3‬‬
‫‪ ،‬وبرقم ‪ ، 22‬وبرقم‬
‫( ) أخرجه البخاري برقم‬
‫و ‪ ،‬و ‪ ،‬وغيرهما والل ظ للبخاري‪.‬‬
‫‪ ،‬وبارقم ‪ ، 2 2‬وبارقم‬
‫‪11‬‬
‫‪ ،3‬ومسالم بارقم ‪ ، 2‬وبارقم ‪، 0‬‬
‫أن وجوب الزكاة متعلق بالمال ال برب المال‪:‬‬
‫ومعنى القاعدة ومدلولها ّ‬
‫وهي قاعدة صحيحة تدعمها األدلة والنصوص‪ ،‬ويدعمها الفقه واألصول‪..‬‬
‫فالقرآن إنما علّق خطاب التكليف في إيجاب الزكاة على الناس بالمال في قوله تعالى‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ط ِّه ُرُه أم َوتَُزِّكي ِه أم ِب َها ﴾ [التوبة‪.]311:‬‬
‫ص َدقَة تُ َ‬
‫﴿ ُخ أذ م أن أ أَم َوال ِه أم َ‬
‫وفي السنة أحاديث كثيرة منها‪ :‬قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪ ( :‬فيما سقت السماء والعيون‬
‫العشر‪)..‬‬
‫أو كان عثريا ُ‬
‫(‪)2‬‬
‫صدقة)‬
‫(‪)3‬‬
‫وقوله صلى اهلل عليه وسلم‪ (:‬ليس فيما دون خمسة أوس ٍ‬
‫ق‬
‫وقوله صلى اهلل عليه وسلم‪(:‬ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة)(‪.)1‬‬
‫أن وجوب الزكاة متعلّق بالمال ال برب المال‪.‬‬
‫وكلها متوجِّهة إلى المال‪ ،‬فد ّل ّ‬
‫ويستفاد من هذه القاعدة في أمور زكوية منها‪:‬‬
‫‪ ‬إيجاب الزكاة في مال الصبي والمجنون‪ ،‬وهو الذي عليه مذهب مالك والشافعي‬
‫وأحمد وجماعة من الصحابة والتابعين‪ ،‬وقال بوجوب الزكاة في زرعهما وثمرهما أبو‬
‫حنيفة النعمان‪ ،‬وزاد الحسن البصري وابن شبرمة إيجاب الزكاة في مالهما إذا كان زرعا‬
‫ينمى من مالهما ماال أو زرعا أو‬
‫ووسع مجاهد فيما َّ‬
‫أو ضرعا (أي الزروع واألنعام)‪ّ ..‬‬
‫بق ار أو غنما ‪..‬‬
‫علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه يزّكي أموال بني أبي رافع وهم أيتام(‪.)0‬‬
‫وقد كان ّ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ص َدقَة‪ ﴾..‬عامة في كل كبير وصغير وعاقل‬
‫وآية إيجاب الزكاة ﴿ ُخ أذ م أن أ أَم َوال ِه أم َ‬
‫ومجنون‪ ،‬كما قال ابن حزم رحمه اهلل‪.‬‬
‫ويؤيد ذلك حديث النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ( :‬اتجروا في أموال اليتامى ال تأكلها‬
‫الزكاة)(‪..)5‬‬
‫وروي عن عمر بن الخطاب وعائشة وابن مسعود وابن عمر رضي اهلل عنهم أنهم كانوا‬
‫يقولون‪( :‬اتجروا في أموال اليتامى ال تأكلها الزكاة) وكانوا يضاربون بأموال اليتامى"(‪.)3‬‬
‫(‬
‫(‬
‫(‬
‫(‬
‫(‬
‫) أخرجه البخاري برقم ‪. 55‬‬
‫‪ ،‬والشافعي في مسانده بارقم ‪ ، 0‬وعباد الارزاق‬
‫) أخرجه مسلم في الصحيح برقم ‪ ، 3‬ومالك في الموطأ برقم‬
‫في المصنف برقم ‪.2 2‬‬
‫‪ ،‬والشااافعي فااي المسااند باارقم ‪ ، 2‬وعبااد الاارزاق فااي‬
‫‪ ،‬ومالااك فااي الموطااأ باارقم‬
‫) أخرجااه البخاااري باارقم ‪2‬‬
‫المصنف برقم ‪.2 2‬‬
‫) المدونة الكبرى لإلمام مالك‪ ،‬ج ص ‪. 05‬‬
‫) أخرجه الطبراني في المعجم األوسط برقم ‪ ، 0‬وورد الحديث بأل اظ مت اربة مثل‪ :‬ابتروا في أموال اليتامى ًل تأكلها‬
‫الزكااة" وغياره ـ‪ ،‬ويراجاع‪ :‬سانن الترماذي بارقم ‪ ،2‬ومصانف عباد الارزاق ج ص ‪ ،32‬وسانن البيه اي ج ص‬
‫‪. 02‬‬
‫‪13‬‬
‫‪ ‬إيجاب الزكاة في المال وان لم يكن صاحب المال موجودا‪ ،‬كما في نص‬
‫المادة[‪]3-16‬من قانون الزكاة لسنة ‪2113‬م‪..‬‬
‫‪ ‬إيجاب الزكاة في المال في حالة وفاة صاحبه فتؤخذ الزكاة من التركة قبل توزيعها‬
‫كما نصت المادة [‪]1-16‬من قانون ‪2113‬م‪.‬‬
‫‪ ‬إيجاب الزكاة في مال الدولة العام إذا كان َّ‬
‫معدا لالستثمار‪ ،‬بالنظر إلى المال‬
‫وصالحه للنماء ال لصاحب المال‪ ،‬وألنه بذلك يكون قد خرج عن مقابلة الخدمات إلى‬
‫قيد المال العام المانع من الزكاة أن ال‬
‫التجارات وعن مقابلة التنمية إلى النماء‪ ،‬ولذلك ّ‬
‫يكون َّ‬
‫معدا لالستثمار كما في نص المادة [‪ _ 19‬أ ] من قانون ‪2113‬م ‪.‬‬
‫القاعدة الثالثة‪ :‬ال تؤاكل الصدقة من الصدقة‪:‬‬
‫احفظُوا ا ْليتامى فى أ ْمواله ْم‬
‫استُ ْ‬
‫قيت هذه القاعدة من حديث النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ْ « :‬‬
‫ال ت ْأ ُكلُها َّ‬
‫الزكاةُ »‪ ..‬وقوله صلى اهلل عليه وسلم ‪ « :‬اتجروا في أموال اليتامى ‪ ،‬ال تأكلها‬
‫الزكاة »‪ ..‬وقول عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه ‪ « :‬ابتغوا في أموال اليتامى قبل أن‬
‫تأكلها الزكاة»‪.‬‬
‫والمعنى‪ :‬اتجروا واستثمروا أموالهم وال تؤاكلوها الزكاة‪ ،‬حيث إنها تنقص وتق ّل كلما أُخذ‬
‫شيء‪.‬‬
‫منها الزكاة واستخرجت منها الصدقات حتى ال يبقى لهم منها‬
‫ٌ‬
‫أن يحرصوا على أالّ يؤاكلوا مال الزكاة بالزكاة‪،‬‬
‫وقياسا عليها يجب على والة أمر الزكاة ْ‬
‫وال يكون ذلك إال بالعمل في المستبقى بعد صرفه الناجز استثما ار وتنمية‪.‬‬
‫فإن كثي ار من أهل الفقه والمؤسسات الفقهية في عصرنا ذهبوا‬
‫وتخريجا على هذه القاعدة‪ّ :‬‬
‫الدارة بالربح ذي‬
‫إلى جواز االستثمار في أموال الزكاة بتنميتها واعمالها في المشروعات ّ‬
‫العوائد‪.‬‬
‫نص مجلس مجمع الفقه اإلسالمي الدولي في دورة مؤتمره الثالث بعمان أنه‪« :‬‬
‫‪ّ ‬‬
‫يجوز من حيث المبدأ توظيف أموال الزكاة في مشاريع استثمارية تنتهي بتمليك‬
‫أصحاب االستحقاق للزكاة‪ ،‬أو تكون تابعة للجهة الشرعية المسؤولة عن جمع‬
‫الزكاة وتوزيعها‪ ،‬على أن يكون بعد تلبية الحاجة الماسة الفورية للمستحقين‬
‫( ) اًلستذكار ًلبن عبد البر ‪ ،‬ج‬
‫ص‬
‫‪ ،‬برقم‬
‫‪. 02‬‬
‫‪12‬‬
‫وتوافر الضمانات الكافية للبعد عن الخسائر»(‪.)3‬‬
‫‪ ‬وأصدرت هيئة الفتوى والرقابة الشرعية لبيت التمويل الكويتي فتواها رقم (‪)139‬‬
‫بجواز استثمار مال الزكاة قائلة‪ « :‬إن مصلحة الفقير والظروف المالية تقضي‬
‫بذل الجهد بأن تستثمر هذه األموال في وجه مضمون غالبا أما إذا وقع ضرر أو‬
‫خسارة فال يتحملها أحد ولكن بعد بذل الجهد الكافي لتحاشي الخسارة‪ ،‬ولكن إذا‬
‫وجد ضامن فهو أحوط» ‪..‬‬
‫‪ ‬وفتوى أخرى بالرقم (‪ )139‬قالت‪ « :‬األصل في زكاة المال أن تصرف فور‬
‫إخراجها عند حوالن الحول‪ ،‬لكن إذا كان للمزكي جدو ٌل لصرفها على المحتاجين‬
‫وال سيما من قرابته غير الواجب أنفاقه عليهم‪ ،‬وكان يؤخر ذلك إلى المواعيد‬
‫المناسبة لمصلحتهم؛ فيجوز وضع ذلك في حساب جار أو في حساب توفير‬
‫استثماري‪ ،‬على أن يضع الربع إلى مال الزكاة إلنفاقها في مصارفها‪ ،‬واذا وقعت‬
‫خسارة فال حرج عليه إن كان قد بذل جهده في اختيار مجال االستثمار المشروع‬
‫المعتاد لمثل ذلك المآل»(‪.)2‬‬
‫‪ ‬وهو الذي خرجت به الندوة الثالثة لقضايا الزكاة المعاصرة‪ ،‬والهيئة الشرعية لبيت‬
‫الزكاة في الكويت(‪.)1‬‬
‫ويمكن تخريج القول بجواز استثمار مال الزكاة على قاعد الحنفية ‪ " :‬تعلق حق اهلل‬
‫تعالى ال يزيل ملك المالك عنه" فأجازوا بذلك بيع مال الزكاة قياسا على بيع األضحية‬
‫بعد إيجابها مع الكراهة‪.‬‬
‫ولما قال أبو يوسف رحمه اهلل‪" :‬ال يجوز لتعلق حق اهلل تعالى بعينها" ‪ ،‬أجابوا أخذا بقول‬
‫أبي حنيفة ومحمد رحمهما اهلل تعالى‪ " :‬تعلق حق اهلل تعالى بها ال يزيل ملكه عنها ‪ ،‬وال‬
‫يعجزه عن تسليمها‪ ،‬وجواز البيع باعتبار الملك والقدرة على التسليم أال ترى أنا نجوز بيع‬
‫مال الزكاة لهذا"‪.‬‬
‫( ‪ ) /‬ص ‪.2‬‬
‫( ) قرارات وتوصيات مجمع ال ه اإلسالمي الدولي‪ ،‬قرار رقم‬
‫( ) ال تاوى الشرعية في المسائل اًلقتصادية بيت التمويل الكويتي‪ ،‬ص ‪. 0 – 02‬‬
‫‪ ،‬أحكام وفتاوى الزكاة والصادقات فتااوى الهيئاة‬
‫( ) راجع‪ :‬أبحاث وأعمال الندوة الثالثة ل ضايا الزكاة المعاصرة ص‬
‫الشارعية لبيات الزكااة ص ‪ ، 3‬التوجياه اًلساتثماري للزكااة د‪ .‬عباد ال تااح محماد فارح ص ‪ 0‬وماا بعادها‪ ،‬نااوازل‬
‫الزكاااة‪ ،‬د‪ .‬عباادَّللا الر يلااي ‪ 22 ،‬ومااا بعاادها‪ .‬حكاام اسااتثمار مااال الزكاااة أو إقراضااه لل اارا والمساااكين‪ ،‬د‪ .‬أزهااري‬
‫عثمان إبراهيم‪ ،‬ورقة بحثية قدمت لهيئة علما وًلية ال ضارف‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫أن النبي صلى اهلل عليه وسلم دفع دينا ار إلى حكيم بن‬
‫واألصل فيه ـ عندهم ـ ما روي ّ‬
‫حزام رضي اهلل عنه ليشتري له شاة لألضحية فاشترى شاة‪ ،‬ثم باعها بدينارين‪ ،‬ثم اشترى‬
‫شاة بدينار وجاء بالشاة والدينار إلى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فأخبره بذلك‪ .‬فقال‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ (:‬بارك اهلل في صفقتك أما الشاة فضح بها وأما الدينار فتصدق‬
‫به)(‪.)3‬‬
‫اضح في تجويز االستثمار من وجهين‪:‬‬
‫فهذا و ٌ‬
‫جوزوا بيع مال الزكاة‪ ،‬وهو عين االستثمار إذ ال معنى لالستثمار إال أن‬
‫أولهما‪ :‬أنهم ّ‬
‫يباع مال الزكاة لتثميره وتدويره حتى ينمو ويربو ويزيد‪.‬‬
‫أقر إقرار استحباب لحكيم بن حزام رضي‬
‫الوجه الثاني‪ّ :‬‬
‫أن النبي صلى اهلل عليه وسلم ّ‬
‫اهلل عنه ـ كما أوردوه ـ في بيعه أضحية النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وداللة ذلك اجتماع‬
‫شاة األضحية ومال الزكاة في كونهما حقّا هلل تعالى‪ ،‬فكما جاز االستثمار والتجارة في‬
‫شاة األضحية بعد تعينها لألضحية؛ جاز االستثمار والتجارة في مال الزكاة بعد تعينه‬
‫للزكاة‪.‬‬
‫‪ ‬وأجاز الشافعية تأخير الزكاة عن مستحقيها‪ ،‬كما جاء عن اإلمام الرملي رحمه اهلل‪" :‬‬
‫وله تأخيرها النتظار أحوج أو أصلح أو قريب أو جار ألنه تأخير لغرض ظاهر‪ ،‬وهو‬
‫حيازة الفضيلة ‪ ،‬وكذا ليتروى حيث تردد في استحقاق الحاضرين ويضمن إن تلف المال‬
‫في مدة التأخير لحصول اإلمكان ‪ ،‬وانما أخر لغرض نفسه فيتقيد جوازه بشرط سالمة‬
‫العاقبة‪ ،‬ولو تضرر الحاضر بالجوع حرم التأخير مطلقا إذ دفع ضرره فرض فال يجوز‬
‫تركه لحيازة فضيلة"(‪.)2‬‬
‫أخر لطلب األفضل فإن وجد أهل السهمان‬
‫وجاء ابن حجر الهيتمي في فتاويه‪ " :‬ولو ّ‬
‫أخر ليدفع إلى اإلمام أو النتظار قريب أو أحوج جاز‪ ،‬لكن لو تلف ضمن‪ ،‬فلو تضرر‬
‫وّ‬
‫الحاضرون بالجوع لم يجز له انتظار قريب ونحوه"اهـ(‪.)1‬‬
‫ص ‪. 5‬‬
‫( ) ينظر‪ :‬المبسوط للسرخسي‪،‬‬
‫‪.‬‬
‫( ) نهاية المحتاج بحاشية الشبراملسي‪ ،‬ج‪ 2‬ص‬
‫( ) ال تاوى ال هية الكبرى‪ً ،‬لبن حجر الهيتمي‪ ،‬ج ص‬
‫‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫النصين تجويز تأخير الزكاة ألسباب كثير منها من باب الفضائل ال‬
‫ففي هذين‬
‫ّ‬
‫الضرورات وال الواجبات و الحاجات‪ ،‬بل لحيازة فضيلة‪ ،‬فلو كان التأخير لتنمية مال‬
‫الزكاة وتثميره بما يفي بحاجات فقراء أكثر ومساكين أكثر؛ لكان أولى وأحرى‪.‬‬
‫ووجه ثالث للفقهاء الحنفية‪ ،‬هو أن كثي ار منهم يرى أن أداء الزكاة ليس على الفور بل‬
‫على التراخي‪ ،‬وهو ما قاله الجصاص‪ ،‬وأبو عبد اهلل الثلجي وعزاه إلى مشايخ الحنفية‬
‫أنهم قالوا ‪ :‬إنها على سبيل التراخي‪..‬‬
‫فعند الحنفية لو أخر الزكاة ولم يؤدها حتى مضى حوالن فقد أساء وأثم‪ ،‬والمفهوم أنه لو‬
‫أخرها حوال واحدا لم يأثم ولم يسء‪ .‬فإذا أخرها ألجل تنميتها وتثميرها وتكثيرها ال يكون‬
‫قد أساء أو أثم بل يكون قد أحسن ـ على مدلول قاعدتهم هذه ـ (‪.)3‬‬
‫نصت بعض القوانين السابقة للزكاة له على جواز استثمار‬
‫أخذا بهذه االعتبارات الفقهية ّ‬
‫أموال الزكاة الفائضة عن الحاجات العاجلة الحقيقية ألهل السهمان والمصارف‪ ،‬كما في‬
‫المادة [ ‪15‬ـ ‪ ]2‬من قانون الزكاة لسنة ‪3016‬ه ـ ـ ‪3796‬م التي تقول‪ " :‬يجوز لألمين‬
‫العام بعد التشاور مع مجلس اإلفتاء الشرعي استثمار الفائض من أموال الزكاة استثما ار‬
‫مشروعا ومضمونا على الوجه الذي تحدده اللوائح"‪.‬‬
‫نص على‪" :‬استثمار الفائض من أموال‬
‫وفي قانون الزكاة لسنة ‪3771‬م في المادة[‪ّ ]11‬‬
‫الزكاة على الوجه الذي يخدم أغراض الزكاة"‪.‬‬
‫وبناء على ذلك أنشأ الديوان وشارك وأسهم في كثير من المشروعات االستثمارية‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪3‬ـ المشاغل الجماعية التي تطورت لتصبح مصانع للملبوسات مثل مصنع كسال بمدينة‬
‫كسال‪ ،‬ومصنع قصر الشباب بمدينة أمدرمان‪ ،‬ومصنع عطبرة للملبوسات الجاهزة‪..‬‬
‫‪2‬ـ مزارع الدواجن الجماعية‪..‬‬
‫‪1‬ـ قنوات الري التي تسقي المشروعات الزراعية‪ ،‬مثل‪ :‬مشروع ترعة مكلي بكسال باالتفاق‬
‫مع هيئة تعمير القاش شرق السودان‪ ..‬ومشروع دلتا اإلنقاذ لتوطين العرب الرحل بمنطقة‬
‫نهر عطبرة شمالي السودان‪ ..‬ومشروع ترعة ود الكريل بوالية الجزيرة وسط السودان ‪..‬‬
‫ومشروع تأهيل الخزانات والسدود بوالية شمال دارفور غرب السودان‪ ..‬ومشروع بناء سد‬
‫منطقتي سودري والكواهلة بوالية شمال كردفان لحفظ مياه األمطار‪..‬‬
‫( ) راجع كل هذا من كالم الحن ية في‪ :‬بدائع الصنائع للكاساني‪ ،‬ج ص ‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫‪0‬ـ مشروع الحرث الجماعي عن طريق الج اررات الزراعية ‪.)3(..‬‬
‫نص في أية مادة‬
‫وبعد مضي ذلك طويال؛ فإن قانون الزكاة لسنة ‪2113‬م لم يورد أي ّ‬
‫المشرع‬
‫فكأن‬
‫عن استثمار مال الزكاة‪ ،‬ولم ندر هل سقط‬
‫النص أم أُسقط‪ ،‬وعلى الثاني؛ ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫قد تراجع عن القول باالستثمار في أموال الزكاة‪ ،‬فلو كان تراجعه عما كان عليه الديوان‬
‫أوال لما ظهر من واقع الممارسة والتطبيق‪ ،‬فهو مظهر إحسان وتجويد يشكرون عليه‪،‬‬
‫األولى واألفضل فذلك لهم أيضا‪ .‬وال إشكال في كال الحالين‬
‫وا ْن كان لغير ذلك بتقدير ْ‬
‫فقهيا‪ ،‬إذ القول بجواز االستثمار قول فقهاء معتبرين‪ ،‬والقول بعدم جواز االستثمار قول‬
‫فقهاء معتبرين‪.‬‬
‫إن أخذوا بخيار الجواز ـ أن يلتزموا وبصرامة بالضوابط الشرعية الكفيلة بمنع‬
‫فقط رجاؤنا ـ ْ‬
‫وقوع الخسارات وتكرارها‪ ،‬إذ الغرض إكثار مال الزكاة ومضاعفتها ال تقليلها واضاعتها‪.‬‬
‫ومن أهم الشروط الواجبة الستثمار أموال الزكاة‪:‬‬
‫‪3‬ـ أن تقوم باستثمار أموال الزكاة ٍ‬
‫أيد أمينة ذو خبرة رصينة وقدرة إدارية تجارية تحفظ‬
‫المال وتزيده‪.‬‬
‫‪2‬ـ أن تكون أموال الزكاة فاضت عن الحاجات الفورية‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ أن ال توجد وجوه صرف عاجلة‪ ،‬كأن تكون الحاجة قائمة للمستحقين من الفقراء‬
‫والمساكين‪ ،‬فإن كانت قائمة فيجب صرفها لهم‪.‬‬
‫‪0‬ـ أن يستثمر فيما يجوز ويصح شرعا‪..‬‬
‫وبتخير المجاالت قليلة المخاطر‬
‫أن يحتاط لهذه األموال من الضياع بالضمانات‬
‫ّ‬
‫‪5‬ـ ْ‬
‫واختيار األكفياء األمناء إلدارتها‪ ،‬ونحو ذلك مما يجب مراعاته‪..‬‬
‫( ) راجع‪ :‬دراسات فاي ف اه واقتصااديات الزكااة‪ ،‬أ‪.‬د‪ .‬أحماد مجاذوب أحماد أماين عاام دياوان الزكااة األسابق‪ ،‬ص‬
‫‪. 3‬‬
‫‪19‬‬
‫–‬
‫القسم الثالث‬
‫فـي‬
‫القواعد الحاكمة لجباية الزكاة‬
‫ومن أظهر القواعد الحاكمة لفقه الزكاة في السودان في إعمال الجباية وأخذ الزكاة‬
‫من أربابها وفي أموالهم‪ ،‬ما يلي‪:‬‬
‫القاعدة األولى‪ :‬الفقراء لصاحب المال كالشركاء‪:‬‬
‫نص عليها فقهاء المالكية‪ ،‬ومقصودها‪ :‬أن الفقراء ـ والمراد بهم أصحاب مصرف الزكاة ـ‬
‫ّ‬
‫يعتبرون كالشركاء لصاحب المال في حالة تلف المال‪ ،‬بعد الحول وقبل إمكان األداء‪،‬‬
‫وعلى هذا تجب الزكاة فيما بقي من ماله بعد التلف‪.‬‬
‫وقال صاحب المنهج‪:‬‬
‫وهل فقير كشر ٍ‬
‫يك في التلف‬
‫ٌ‬
‫وفلس البائع منه قد ُعرف(‪.)3‬‬
‫ُ‬
‫وجاء في قواعد الحنابلة بلفظ‪ " :‬تعلق الزكاة بالنصاب تعلق شركة أو ارتهان أو‬
‫استيفاء؟"(‪.)2‬‬
‫واعتبرها الشافعية في زكاة الفطر فقالوا‪ " :‬حق ٍ‬
‫مال وجب عليه وتمكن من أدائه فال‬
‫يسقط عنه بفوت الوقت"(‪.)1‬‬
‫( ) راجع‪ :‬إعداد المها لالسات ادة مان المانه مان قواعاد ال اه الماالكي‪ ،‬أحماد الجكناي الشان يطي‪ ،‬ص ‪ ،3‬ال واعدال هياة‬
‫المستنبطة من المدونة الكبرى‪ ،‬د‪ .‬أحسن زقور‪ ،‬ج ص ‪ ، 3 _ 30‬ال اعدة رقم ‪ ،2‬إيضاح المساالك إلاى قواعاد‬
‫اإلمااام مالااك‪ ،‬الونشريسااي‪ ،‬ص ‪ 53‬ال اعاادة رقاام ‪ ،‬تطبي ااات قواعااد ال ااه عنااد المالكيااة‪ ،‬د‪ .‬الصااادق الرريااانين ص‬
‫ال اعدة رقم ‪. 2‬‬
‫( ) قواعد ال ه اإلسالمي ًلبن رجب‪ ،‬ص ‪. 52‬‬
‫( ) المهذب للشيرازي بشرح المجموع ‪ ،‬ج‪ 3‬ص ‪ 0‬ـ ‪. 0‬‬
‫‪31‬‬
‫ويتخرج عليها‪:‬‬
‫‪1‬ـ مسألة إحالة الزكاة على المشتري‪:‬‬
‫وصورتها‪ :‬من باع ماال قد وجبت الزكاة فيه‪ ،‬فأفلس‪ ،‬أو لم يجد الساعي نصابا ألخذ‬
‫ُخذت الزكاة من المشتري‪ ،‬ثم يرجع‬
‫الزكاة منه‪ ،‬ثم وجد عين المال المبيع عند المشتري؛ أ ْ‬
‫المشتري على البائع‪ ،‬على قاعدة الفقراء كالشركاء‪.‬‬
‫ومثاله ما ورد في المدونة ‪ « :‬قلت‪ :‬أرأيت لو أن رجال أخرجت أرضه طعاما كثي ار تجب‬
‫فيه الزكاة فباعه‪ ،‬ثم أتى المصدق أله أن يأخذ من المشتري شيئا أم ال؟ فقال‪ :‬ال‪ ،‬وال‬
‫سبيل له على المشتري‪ ،‬ولكن يأخذ من البائع العشر أو نصف العشر طعاما‪ .‬قال ابن‬
‫القاسم‪ :‬فإن لم يجد المصدق عند البائع شيئا ووجد المصدق الطعام بعينه عند المشتري‪،‬‬
‫أخذ المصدق منه الصدقة ورجع المشتري على البائع بقدر ذلك من الثمن‪ .‬قال سحنون‪:‬‬
‫وقد قال بعض كبار أصحاب مالك‪ :‬ليس على المشتري شيء ألن البائع كان البيع له‬
‫جائ از وهو عندي أحسن »(‪.)3‬‬
‫إن ضاع عين‬
‫فاألصل في الزكاة أن تؤخذ من البائع ما دام عنده ما تؤخذ منه‪ ،‬أما ْ‬
‫المال الذي تجب فيه الزكاة؛ ووجد عند المشتري أُخذ من المشتري ورجع هو على البائع‪.‬‬
‫وفي مسألة أخرى في المدونة في باب ‪ :‬الرجل يجد نخله أو يحصد زرعه قبل أن يأتيه‬
‫المصدق ثم يتلف‪ « :‬قلت‪ :‬أرأيت النخل يجد الرجل منها خمسة أوسق فصاعدا‪ ،‬أو‬
‫ّ‬
‫األرض يرفع منها‪ ،‬خمسة أوسق من الحب فصاعدا‪ ،‬فضاع نصف ذلك أو جميعه قبل‬
‫أن يأتي المصدق؟ قال‪ :‬سألت مالكا عنها‪ ،‬فقال‪ :‬ذلك في ضمانه حتى يؤديه وا ْن تلف‪،‬‬
‫وال يضع عنه التلف شيئا مما وجب عليه إذا كان قد َّ‬
‫جده وأدلخله منزله أو حصده‬
‫فأدخله منزله » (‪.)2‬‬
‫وهذا الذي أخذت به الئحة الزكاة لسنة ‪2110‬م في مادتها [ ‪ ،1-26‬أ ]‪ " :‬يجوز‬
‫لألمين العام أو من ينوب عنه أو من يفوضه ‪ :‬إلزام كل شخص يؤول أو ينقل إليه أي‬
‫( ) المدونة الكبرى لمالك‪ ،‬ج ص ‪ 3‬في زكاة الزرع‪.‬‬
‫( ) المدونة الكبرى ج ص ‪. 30‬‬
‫‪31‬‬
‫ٍ‬
‫مال أن يدفع الزكاة المستحقة عن ذلك المال إذا لم يتم تسديدها بواسطة البائع ‪ ،‬إذا نص‬
‫على ذلك في عقد البيع أو جرى به العرف"‪.‬‬
‫وهو المنصوص عليه في قانون الزكاة لسنة ‪2113‬م في المادة [ ‪ " :]2-26‬تحصل‬
‫الزكاة من المشتري أو الموهوب له أو الوارث إذا وقع البيع أو الهبة أو الموت ‪."..‬‬
‫‪2‬ـ مسألة‪ :‬االحتياط لحق الفقراء في مال األغنياء‪:‬‬
‫واألولى دائما بذل الوسع والجهد في مراعاة الحقوق‪ ،‬فيعطى كل ذي ٍّ‬
‫حق حقّه‪ ،‬ومال‬
‫الزكاة متعلق بحقين‪ :‬حق صاحب المال‪ ،‬وحق مستحقه من الفقراء والمساكين وأصحاب‬
‫الصدقات‪.‬‬
‫بد من االحتياط لحقهم في شركة المال‪،‬‬
‫أن الفقراء لرب المال كالشركاء‪ ،‬فال ّ‬
‫وعلى ّ‬
‫وحقهم متعلق بمقدار الزكاة في ماله‪ ،‬وهذا المقدار قليل إلى نسبة مال صاحبه‪ ،‬والضرر‬
‫الذي يحلق بأموال أرباب األموال بسبب أخذ الزكاة منها ضعيف‪ ،‬بينما الضرر الذي‬
‫حق الفقير‬
‫يلحق بالفقراء في عدم االحتياط لحقهم ّبي ٌن‪ ،‬وعلى هذا يجب تغليب رعاية ّ‬
‫والمسكين على رعاية حق رب المال عند التعارض‪ ،‬وألنه فوق ذلك يجمع بين حق اهلل‬
‫تعالى وحق العبد‪ ،‬فكان ْأولى‪.‬‬
‫وعليه‪:‬‬
‫‪ ‬ال تسقط الزكاة بدعوى الدين إال إذا استغرق المال كله‪ ،‬أو النصاب كله‪ ،‬ولم يكن‬
‫له ما يقابل به الدين ولو ماال غير زكوي كعروض القنية‪.‬‬
‫‪ ‬وال ت سقط الزكاة بسبب الدين المرجو التحصيل‪ ،‬وقاعدة المالكية‪ " :‬إنما الزكاة في‬
‫أن رجال كانت له مائة دينار في‬
‫الديون المرتجاة"‪ .‬وفي المدونة‪ ،‬قال مالك‪ " :‬لو ّ‬
‫لناضة التي‬
‫أيت أن يزكي المائة ا ّ‬
‫يديه وعليه دين مائة دينار وله مائة دينار دينا ر ُ‬
‫أيت ما عليه من الدين في الدين الذي له إن كان دينا يرتجيه وهو‬
‫في يديه ور ُ‬
‫على مليء"(‪.)3‬‬
‫( ) المدونة الكبرى‪ ،‬ج ص ‪ ، 5‬وراجع‪ :‬ال واعد المستنبطة من المدونة‪ ،‬ج ص ‪ . 2‬ال اعدة رقم ‪.25‬‬
‫‪31‬‬
‫ووجدت‬
‫ويخرج على هذا‪ :‬مطالبة الشركات والبنوك التي أخطأت في وعاء الزكاة‬
‫‪‬‬
‫ْ‬
‫ّ‬
‫لديها مطالبات زكوية لسنوات‪ ،‬فال يجوز إسقاطها بل يجب عليهم أداؤها كاملة‪ ،‬ويجب‬
‫على الديوان تحصيلها دون تساهل‪.‬‬
‫نص عليه المالكية من أن‪ :‬؟إمكان األداء شرطٌ في الوجوب‪ ،‬لذلك‬
‫والقاعدة في ذلك ما ّ‬
‫إذا تعذر األداء بسبب ولو كان سببه الضياع‪ ،‬تعلقت الزكاة بالذمة وال تسقط‪ )3(،‬ومن‬
‫باب أولى إذا كان العذر الخطأ في تحديد الوعاء وحسابه‪ ،‬وهو الواقع في زكاة الشركات‬
‫والبنوك‪.‬‬
‫نص عليه الحنابلة أن تعلق الزكاة بالمال تعلّق استيفاء‪ ،‬يثبت‬
‫والقاعدة في ذلك أيضا‪ :‬ما ّ‬
‫وحسنه ابن‬
‫في ذمة المال كتعلق الدين بالتركة‪ ،‬وهو اختيار ابن تيمية رحمه اهلل تعالى‪ّ ،‬‬
‫رجب رحمه اهلل في قواعده(‪.)2‬‬
‫القاعدة الثانية‪ :‬األصل في الجباية تصديق رب المال ‪:‬‬
‫أن الذي عليه المبادرة بأدائه واعطائه من‬
‫األصل في الزكاة أنها تجب على المسلم‪ ،‬و ّ‬
‫تلقاء نفسه‪ ،‬والزكاة في األصل محمولة ال مجلوبة‪ ،‬بمعنى أن ال ينتظر من وجبت عليه‬
‫زكاة في ماله مجيء المصدق أو الجابي‪ ،‬بل يبادر ما استطاع فيخرج ما عليه‪ ،‬ألنه‬
‫حق اهلل‪ ،‬وحق اهلل‬
‫حق للغير من اآلدميين‪ ،‬وحقوق اآلدميين على المشاحة‪ ،‬وألنه كذلك ّ‬
‫واجب األداء على ما هو عليه في الحقيقة‪ ،‬واهلل عالم مطلع على حقيقة ما أخرج هل هو‬
‫غش فيه؟‪.‬‬
‫الذي عليه أم ّ‬
‫ولذلك فإن غالب أرباب المال من المسلمين يحرصون على أداء ما يجب عليهم من‬
‫يتهرب أو يتحايل‪.‬‬
‫الزكاة‪ ،‬وق ّل منهم من ّ‬
‫وحق الزكاة في المال متعلق بنوعين منه‪ ،‬مال ظاهر ال يخفى في الغالب‪ ،‬ومال باطن‬
‫أن التدقيق والتحري إنما يحتاجه الجابي في المال الباطن‬
‫ال يظهر في الغالب‪ ،‬وبما ّ‬
‫( ) تطبي ات قواعد ال ه عند المالكية‪ ،‬الررياني‪ ،‬ص‬
‫( ) قواعد ابن رجب الحنبلي‪ ،‬ص ‪. 52‬‬
‫ـ‬
‫‪31‬‬
‫‪.‬‬
‫غالبا‪ ،‬والمال الباطن كثير من الفقهاء ذهبوا إلى أنه مما يلي أمره أرباب المال؛ ومعنى‬
‫ذلك‪ :‬حتى لو ترك الديوان الجباية فيه لجاز لهم ذلك‪.‬‬
‫ولهذا يؤخذ بهذه القاعدة الحكيمة في التعامل مع أرباب المال الباطن في جباية الزكاة‪.‬‬
‫وتظهر الحاجة إلى هذا األصل اليوم في زكاة المغتربين‪ ،‬وكثي ار ما تتغير أحوالهم من‬
‫المالءة إلى الحاجة ومن القدرة على أداء الزكاة إلى العجز والفقر والعوز‪ ،‬ولذلك يجب‬
‫أن َّ‬
‫يصدقوا مالم تظهر عليهم قرائن التهرب أو التحايل‪.‬‬
‫ومن مفاسد الغفلة عن هذا األصل‪ :‬المبالغة في تدخل الجباة لمعرفة التفاصيل الدقيقة‬
‫لمكاسب وأموال أصحاب المال ومقاديرها وطرق كسبها وأماكن إيداعها ومجاالت‬
‫استثمارها‪ ،‬مما يدعو أرباب المال المكلفين بالزكاة يتهربون ويتحايلون إلخفاء كثير من‬
‫هذه المطلوبات‪ ،‬فتضعف فيهم نية األداء بصدق وتهبط فيهم همة التصدق بصدق وتدنو‬
‫منهم رغبة المبادرة بإيفاء حق الزكاة للديوان‪ ،‬وربما تسبب ذلك في اإلكثار من أحوال‬
‫التهرب والتحايل لالمتناع من الزكاة‪.‬‬
‫وهذه مفسدة عظيمة يجب على أهل الديوان التنبه لها أخذا بهذه القاعدة(‪.)3‬‬
‫القاعدة الثالثة‪ :‬الحاجة توجب االنتقال إلى البدل عند تع ّذر األصل‪:‬‬
‫يتخير بين أخذ الزكاة من أصل المال ‪ ،‬وبين أخذها من بدل أو‬
‫والعامل على الزكاة إنما ّ‬
‫أخذها قيمة ‪ ،‬ولكن ال اعتباطا ‪ ،‬وال محاباة لصاحب المال ‪ ،‬وال تضييقا عليه في ماله ‪،‬‬
‫مهم هو ‪ :‬أن يكون في ذلك‬
‫وانما يكون‬
‫ّ‬
‫التخير بين األصل والبدل أو القيمة بمعيار ّ‬
‫اضح ّبين من تصرف‬
‫تحقيق التيسير على رب المال وانتفاع المستحقين ‪ ،‬وذلك و ٌ‬
‫الصحابي الفقيه معاذ بن جبل رضي اهلل عنه حين قال ألهل اليمن‪ " :‬إيتوني بخميس أو‬
‫لبيس آخذه منكم من الصدقة مكان الذرة والشعير ‪ ،‬فإنه أيسر عليكم وأنفع للمهاجرين‬
‫بالمدينة "(‪.)2‬‬
‫( ) راجع‪ :‬بحثنا ‪ :‬اًلجتهاد الزكوي مشروعيته وقواعده ومةسساته‪ ،‬ص‬
‫( ) سنن البيه ي الكبرى ج ص‬
‫–‪. 3‬‬
‫باب من أجاز أخذ ال يم في الزكوات ‪ ،‬برقم ‪. 2 3‬‬
‫‪33‬‬
‫يقول ابن مفلح رحمه اهلل موجها حكم معاذ رضي اهلل عنه ‪ " :‬ألن المقصود دفع حاجة‬
‫الفقراء‪ ،‬وال يختلف ذلك باختالف صور األموال إذا حصلت القيمة " (‪.)3‬‬
‫ويتخرج على هذه القاعدة‪:‬‬
‫‪3‬ـ اعتماد الخرص في الزكاة عند تعذر الكيل‪..‬‬
‫‪ 2‬ـ اللجوء إلى أخذ القيمة في الزروع التي ال تكال وال توزن‪ ،‬فيؤخذ ما قيمته خمسة أوسق‬
‫من أواسط ما يكال أو يوزن‪ .‬حسب المادة [‪ 20‬ـ ‪.]2‬‬
‫‪ 1‬ـ أخذ القيمة في زكاة المنتجات الغابية عند قطعها إذا تغير المنتج إلى كتل خشبية أو‬
‫صار فحما بمعاملته معاملة عروض التجارة ‪ ،‬كما في المادة [‪ 29‬ـ ‪.]2‬‬
‫أن القيمة في الزكاة ال تؤخذ إال في أربعة مواضع‪:‬‬
‫ويرى الشافعية ّ‬
‫أحدها‪ :‬زكاة التجارة‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬الجبران‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬إذا وجد في مائتين من اإلبل‪ :‬الحقاق وبنات اللبون‪ ،‬فاعتقد الساعي أن األغبط‪:‬‬
‫الحقاق فأخذها ولم يقصر وال دلس المالك وقع الموقع وجبر التفاوت بالنقد‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬إذا عجل اإلمام ولم يقع الموقع وأخذ القيمة فله صرفها بال إذن جديد(‪.)2‬‬
‫القاعدة الرابعة‪ :‬ال ثنى في الصدقة‪:‬‬
‫نص نبوي أورده ابن سالم في كتاب األموال بسنده إلى فاطمة‬
‫هذه القاعدة في األصل ٌّ‬
‫أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪( :‬ال ثنى في‬
‫بنت حسين رضي اهلل عنها ّ‬
‫الصدقة)(‪ ..)1‬وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه باأللف الممدودة‪( :‬ال ثنا في‬
‫الصدقة)(‪.)0‬‬
‫( ) المبدع ًلبن م لح ‪ ،‬ج ص‬
‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫( ) األشباه والنظائر للسيوطي‪ ،‬ص‬
‫‪ ،‬حديث رقم ‪.25‬‬
‫( ) األموال ًلبن سالم‪ ،‬ج ص‬
‫( ) ابن أبي شيبة في المصنف باآلثار‪ ،‬برقم ‪ ، 05 2‬ج ص ‪5‬‬
‫‪32‬‬
‫‪.‬‬
‫والقاعدة معمول بها عند الحنفية‪ ،‬وقد نقلوا عن اإلمام أبي حنيفة قوله‪ " :‬الثنى حرام في‬
‫باب الزكاة‪ ،‬لقوله عليه الصالة والسالم‪ ( :‬ال ثنى في الصدقة )"(‪.)3‬‬
‫ومعناه عندهم‪ :‬أخذ الصدقة مرتين في العام من مال واحد‪ ،‬إال في حال اختالف المالك‬
‫والحول والمال(‪.)2‬‬
‫فتم الحول على‬
‫ومثال الثنى عندهم‪ّ :‬‬
‫أن رجال له خمس من اإلبل السائمة ومائتا درهم‪ّ ،‬‬
‫ضم الثمن إلى الدراهم التي عنده‪،‬‬
‫تم حو ُل الدراهم‪ُ ،‬ي ّ‬
‫السائمة وزكاها‪ ،‬ثم باعها بدراهم‪ ،‬ثم ّ‬
‫ف لها حو ٌل على حدة"(‪.)1‬‬
‫ويزكي الكل عندهما‪ ،‬وعند أبي حنيفة يستأن ُ‬
‫فيظهر أن الحنفية توسعوا في تطبيق هذه القاعدة‪.‬‬
‫ونرى الشافعية قد أخذوا بهذه القاعدة ومنعوا الثنى في الصدقة‪ ،‬ولكنهم استثنوها في ثالث‬
‫جوزوا فيهن اجتماع زكاتين في المال‪:‬‬
‫مسائل‪ّ ،‬‬
‫األولى‪ :‬عبد التجارة‪ ،‬ففيه زكاتها وزكاة الفطر‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬نخل التجارة‪ ،‬تخرج زكاة الثمرة وزكاة الجذع ونحوه بالقيمة‪..‬‬
‫والثالثة‪ :‬من اقترض نصابا فأقام عنده حوال‪ ،‬عليه زكاته وعلى مالكيه‪ ،‬ومثله اللقطة إذا‬
‫تملكها حوال (‪.)0‬‬
‫أن الثنى ال يكون وال يتحقق إال بشروط‪:‬‬
‫والواضح ّ‬
‫األول‪ :‬أن يؤخذ الزكاة من مال واحد‪ ،‬وهذا يعني أن المال إذا تغير أو اختلف لم يكن‬
‫هناك ثنى‪.‬‬
‫فإن كان هناك حوالن فال ثنى أيضا‪..‬‬
‫الثاني‪ :‬أن يكون هناك حو ٌل واحد‪ْ ،‬‬
‫الثالث‪ :‬أن يكون المالك واحدا‪ ،‬فإن تعدد المالك جاز األخذ من ٍّ‬
‫كل‪.‬‬
‫(‬
‫(‬
‫(‬
‫(‬
‫) تح ة ال ها للسمرقندي‪ ،‬ج ص ‪. 25‬‬
‫) راجع‪ :‬بدائع الصنائع‪ ،‬ج ص ‪ ،‬حاشية ابن عابدين‪ ،‬ج ص ‪.2‬‬
‫) تح ة ال ها ن سه ص ‪. 22‬‬
‫‪.‬‬
‫) األشباه والنظائر للسيوطي‪ ،‬ص‬
‫‪31‬‬
‫تعدد السبب انتفى الثنى(‪.)3‬‬
‫الرابع‪ :‬أن يكون سبب وجوب الزكاة واحدا‪ ،‬فإذا ّ‬
‫ونص قانون الزكاة على اعتبارها‪،‬‬
‫وفقه الزكاة في السودان أخذ بهذه القاعدة وأعملها‪،‬‬
‫ّ‬
‫قيدت المادة في البند أخذ الزكاة بعبارة‪ " :‬مع‬
‫وذلك في المادة [ ‪36‬ـ أ ‪ ،‬وب ] حيث ّ‬
‫مراعاة عدم االزدواج في دفع الزكاة"‪ ..‬وفي البند ب نصت على أخذ الزكاة من كل‬
‫ٍ‬
‫شخص‪" :‬غير سوداني مسلم يعمل في السودان أو يقيم فيه ويملك ماال في السودان‬
‫تجب فيه الزكاة مالم يكن ملزما بموجب قانون بلده بدفع الزكاة ودفعها فعال‪ .‬أو كان‬
‫إعفاؤه قد تم بموجب اتفاقية لمنع االزدواج في دفع الزكاة"‪.‬‬
‫والمقصود باالزدواج في دفع الزكاة حتى ال يكون ثنى في الصدقة‪.‬‬
‫وقد أصدرت لجنة الفتوى بالديوان فتواها بأخذ الزكاة من قصب السكر وأخذها مما نتاج‬
‫قصب السكر‪ ،‬ولكن تؤخذ الزكاة من قصب السكر ألنه من الزروع‪ ،‬وتؤخذ من السكر‬
‫المصنع من القصب باعتباره عروض تجارة‪.‬‬
‫وهنا اختلف الوعاء والمال وسبب الوجوب‪ ،‬فالمال في األول قصب‪ ،‬وفي الثاني سكر‪،‬‬
‫والسبب في األول كونه زكاة زروع ‪ ،‬وفي الثاني كونه عروض تجارة‪.‬‬
‫ولذلك قالت الفتوى رقم (‪3021/3‬هـ ‪ )2112‬بتاريخ ‪ 7‬صفر ‪3021‬هـ ‪ 23‬أبريل‬
‫‪2112‬م ‪ ":‬وليس في هذا ثنى ( ازدواجية ) في أخذ الزكاة‪ ،‬ألن الثنى الممنوع هو أخذ‬
‫الزكاة في السنة مرتين لسبب واحد" (‪.)2‬‬
‫وا ْن كنت لم أفهم المقصود مما ورد في آخر الفتوى وهو قولهم‪ " :‬وليس فيه غبن على‬
‫الشركة‪ ،‬ألن المبلغ الذي تؤخذ زكاة عن قصب السكر سيحسب من مصروفات الشركة"‪.‬‬
‫القاعدة الخامسة‪ :‬ما تكامل فيه النماء ال يعتبر فيه الحول‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫أن الحول‬
‫هذه القاعدة ذكرها ابن دقيق العيد رحمه اهلل في إحكام األحكام ‪ ،‬ووجهها‪ّ :‬‬
‫مدة مضروبة لتحصيل النماء‪ ،‬فإذا حصل النماء من غير الحاجة إلى تلك المدة ؛ فقد‬
‫( ) استنبطت هذه الشروط األربعة من كالم ال ها ومن تطبي ااتهم‪ ،‬يراجاع‪ :‬بادائع الصانائع ج ص ‪ ،‬وقاد قاال‪ :‬إًل أن‬
‫األخذ حال اختالف المالك والحول‪...‬قال‪ :‬وههنا لم يوجد اختالف المال والحول وًل شك فيه اهـ ‪ ،‬والشك عندهم عامل‬
‫مهم في اعتبار الثِناى وي سار للثناى‪.‬وينظار‪ :‬تح اة ال هاا ج ص ‪ ، 25‬وتبياين الح اائق شارح كناز الادقائق ج ص‬
‫‪ ،‬وحاشية ابن عابدين ج ص ‪.2‬‬
‫‪ ، 2‬وج ص‬
‫‪ ،‬سلسلة إصدارات الزكاة رقم ‪. 2‬‬
‫( ) راجع ال توى في فتاوى ديوان الزكاة‪ ،‬ص‬
‫( ) إحكام األحكام شرح عمدة األحكام‪ ،‬ابن دقيق العيد‪ ،‬ج ص ‪. 50‬‬
‫‪37‬‬
‫ٍ‬
‫عندئذ في اعتبار الحول‪ ،‬والحول ليس أم ار مقصودا‬
‫حصل ما يوجب الزكاة‪ ،‬فال معنى‬
‫لذاته‪ ،‬بل هو مما قُصد لغيره‪ ،‬فهو إنما ُجعل لتمكين المال من أسباب النماء‪.‬‬
‫وعلى هذه القاعدة خرجت‪:‬‬
‫‪3‬ـ زكاة الركاز‪ ،‬ألن الركاز يحصل جملة من غير ٍّ‬
‫كد وال تعب‪ .‬والنماء فيه متكامل‬
‫وبذلك جاءت المادة [‪ ]21‬من قانون الزكاة لسنة ‪2113‬م‪ ،‬ونصها‪ " :‬تجب الزكاة في‬
‫الركاز ويكون مقدارها الخمس‪ ،‬وتخرج عند الحصول عليه"‪..‬‬
‫‪2‬ـ زكاة ما استفيد من غنيمة‪..‬‬
‫‪1‬ـ زكاة المعشرات‪..‬‬
‫وهذه الثالثة‪ ،‬تحصل جملة واحدة ال شيئا فشيئا‪ .‬وهو مذهب الشافعية‪ ،‬بل نفى ابن دقيق‬
‫(‪)3‬‬
‫العيد الخالف فيها عند الشافعي‬
‫‪.‬‬
‫‪0‬ـ فيقاس عليها‪ ،‬بجامع استفادتها جملة ال شيئا فشيئا‪ :‬سائر أنواع المال المستفاد‪،‬‬
‫كالرواتب‪ ،‬واألجور‪ ،‬والمكافآت‪ ،‬والمعاشات‪ ،‬وأرباح أصحاب المهن الحرة والحرف‪،‬‬
‫حسب المادة [‪3/15‬ـ أ‪ ،‬ب ]‪.‬‬
‫نص القانون على زكاة أرباح المهن والحرف فور قبضها ولك في المادة [‪3/15‬ـ ب]‬
‫وقد ّ‬
‫تجب الزكاة‪ " :‬في أرباح أصحاب المهن الحرة والحرف وذلك عند قبضها إذا بلغت‬
‫النصاب وكانت زائدة عن الحاجة األصلية لهم‪.".‬‬
‫ونصت الئحة الزكاة لسنة ‪3771‬م على عدم اشتراط الحول في المرتبات واألجور‬
‫والمكافآت والمعاشات‪ ،‬في المادة [ ‪33‬ـ‪ ]0‬فقالت‪ " :‬ال يشترط حوالن الحول بالنسبة لزكاة‬
‫المرتبات‪ ،‬وتضم دفعات الدخل خالل العام‪ ،‬فإذا بلغت النصاب خضعت للزكاة"‪.‬‬
‫واألولى من ذلك؛ ما تحقق فيه النماء في مدة الحول وقبل حوالنه‪ ،‬فال يعتبر في ذلك‬
‫الحول‪ ،‬بل يزّكى مع أصله الذي نما فيه أو منه‪ ،‬ألنه بتحقق النماء فال يحتاج إلى سببه‬
‫حتى ُينتظر به الحول‪ ،‬إذ الحول إنما اعتُبر ليحصل بانتظاره النماء‪ ،‬فلما حصل النماء‬
‫بدونه سقط اعتباره‪.‬‬
‫( ) إحكام األحكام ن سه‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫ومن قواعد المالكية في ذات المعنى‪ « :‬المترقَّبات إذا وقعت هل َّ‬
‫يقدر حصولها يوم‬
‫وجودها‪ ،‬وكأنها فيما قب ُل كالعدم‪ ،‬أو َّ‬
‫يقدر أنها لم تزل حاصلة من حين حصلت أسبابها‬
‫التي أثمرت أحكامها واستند الحكم إليها » (‪.)3‬‬
‫وفي إعداد المهج شارحا للقاعدة التي نظمها صاحب المنهج في قواعد الفقه المالكي‪:‬‬
‫ٍ‬
‫يومئذ أو قهقرى إذا رجـ ْع‬
‫ب وق ـ ْع‬
‫وهل ُيراعى مترقَّ ٌ‬
‫اعلمن‬
‫ربح أو أمضى لبيع‬
‫لسبـب الحكم كمعتق ومـن‬
‫ْ‬
‫قال‪" :‬أي هل يعتبر في األحكام يوم وقوعها ال قبل الوقوع لكونه كان معدوما حسا فكذلك‬
‫ٍ‬
‫حكما؟‪ ..‬أم يرجع وقوع األحكام إلى وقوع سبب الحكم‪َّ ،‬‬
‫حينئذ‬
‫ابتداء وقوعه من‬
‫فيقدر‬
‫ُ‬
‫مراعاة للسبب؟(‪.)2‬‬
‫ومن تطبيقاتهم على القاعدة‪:‬‬
‫يقدر يوم الشراء بالنسبة إلى‬
‫يقدر الربح مع أصله في الحول؟ أو ّ‬
‫من ربح شيئا هل ّ‬
‫الزكاة؟‪.‬‬
‫قال في المدونة‪ « :‬قلت‪ :‬أرأيت لو أن رجال له ثالثون من الغنم توالدت قبل أن يأتيه‬
‫المصدق بيوم‪ ،‬فصارت أربعين أترى أن يزكيها عليه الساعي أم ال؟‬
‫فقال" أي مالك"‪ :‬يزكيها عليه‪ ،‬ألنها قد صارت أربعين حين أتاه‪.‬‬
‫قلت " أي ابن القاسم"‪ :‬ولم! وقد كان أصلها غير نصاب؟‪.‬‬
‫بد من الزكاة‪ ،‬وان كانت غير‬
‫فقال "مالك"‪ :‬ألنها توالدت‪ ،‬فإذا توالدت؛ فأوالدها منها‪ ،‬فال ّ‬
‫نصاب‪ ،‬ألنها لما زادت باألوالد؛ كانت كالنصاب‪ .‬وهو قول مالك» (‪.)1‬‬
‫يعد المولودات مع األمهات فيجعل منهن جميعا نصابا‬
‫فنرى مالكا رحمه اهلل تعالى ّ‬
‫ويوجب الزكاة فيها دون اعتبار للحول‪ ،‬إذ هي لم تحل عليها الحول‪.‬‬
‫هذا في زكاة الغنم‪.‬‬
‫وكذلك قال في الدنانير‪.‬‬
‫قال في المدونة‪ « :‬قلت‪ :‬أرأيت الدنانير تكون عند الرجل عشرة دنانير‪ ،‬فيتجر فيها‪،‬‬
‫فتصير عشرين دينا ار بربحها قبل الحول بيومين‪ ،‬أيزكيها إذا حال الحول؟ قال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫( ) إيضاح المسالك إلى قواعد اإلمام مالك‪ ،‬الونشريسي‪ ،‬ص ‪ 22‬قاعدة رقم ‪.‬‬
‫( ) إعداد المه لالست ادة من المنه في قواعد ال ه المالكي‪ ،‬للشن يطي‪ ،‬ص ‪ 22‬بتصرف يسير‪.‬‬
‫( ) المدونة الكبرى لمالك‪ ،‬ج ص ‪. 2‬‬
‫‪39‬‬
‫قلت‪ :‬ولم وليس أصل الدنانير نصابا؟ قال‪ :‬ألن ربح الدنانير ههنا من المال بمنزلة غذاء‬
‫الغنم منها التي ولدتها‪ ،‬ولم يكن أصلها نصابا‪ ،‬فوجبت فيها الزكاة بالوالدة‪ ،‬فكذلك هذه‬
‫الدنانير تجب فيها الزكاة بالربح فيها » اهـ (‪.)3‬‬
‫يقدر‬
‫فإنه ّ‬
‫إذن ما تكامل وتحقق فيه النماء فال يعتبر فيه الحول‪ ،‬والمترقبات إذا وقعت؛ ّ‬
‫وجودها من حيث وجدت أسبابها التي أثمرت أحكامها(‪ .)2‬والمعنى واحد‪.‬‬
‫وعد اإلمام السيوطي رحمه اهلل ما ال يعتبر في زكاته الحول فجعلها سبعة أشياء‪ ،‬هي‪:‬‬
‫ّ‬
‫« زكاة الزروع والثمار‪ ،‬والمعدن‪ ،‬والركاز‪ ،‬والفطر‪ ،‬وزيادة الربح في التجارة‪ ،‬والسخال‪،‬‬
‫إذا ماتت أمهاتها أو كملت النصاب» (‪.)1‬‬
‫أن الحول الموجود في حق األصل‪ ،‬كالموجود في حق التبع‪ُّ ،‬‬
‫فكل‬
‫واألصل عند الحنفية‪ّ :‬‬
‫ٍ‬
‫مستفاد هو تبعٌ لألصل‪ ،‬تجب فيه الزكاة"‪.‬‬
‫التفرع واالسترباح‪ ،‬فيضم‬
‫وشرطه‪ :‬إذا كان من جنس األصل‪ ،‬وكان حاصال بسبب ّ‬
‫باإلجماع‪،‬كاألوالد واألرباح‪ ،‬ألنه تابع لألصول حقيقة‪.‬‬
‫أن األصل يتكثّر به ويزداد‪ ،‬والزيادة‬
‫ووجه ذلك عندهم كما يقول السمرقندي رحمه اهلل‪ّ « :‬‬
‫تبعٌ للمزيد عليه‪ ،‬فاعتبرنا جهة التبعية في حق الحول‪ ،‬احتياطا لوجوب الزكاة»(‪.)0‬‬
‫ومع ذلك ال يضم عندهم المستفاد إلى األصل إال إذا كان األصل نصابا (‪.)5‬‬
‫‪  ‬‬
‫(‬
‫(‬
‫(‬
‫(‬
‫(‬
‫) المدونة الكبرى كتاب الزكاة األول ي زكاة الذهب والورق‪ ،‬ج ص ‪. 5‬‬
‫) راجع‪ :‬ال واعد ال هية المستنبطة مان المدوناة الكبارى‪ ،‬ج ص ‪ ، 2 – 35‬إعاداد المها ‪ ،‬ص ‪ ،3 – 3‬إيضااح‬
‫المسالك‪ ،‬ص ‪.50 – 22‬‬
‫‪.‬‬
‫) األشباه والنظائر‪ ،‬للسيوطي‪ ،‬ص‬
‫) تح ة ال ها ‪ ،‬للسمرقندي‪ ،‬ج ص ‪. 25‬‬
‫) المصدر السابق ن سه‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫القســــم الرابــــع‬
‫فـــي‬
‫القواعد الحاكمة لمصارف الزكاة‬
‫والقواعد الشرعية الحاكمة لفقه الزكاة في باب المصارف كثيرة‪ ،‬أظهرها في التي‬
‫تحكم مسيرة فقه المصارف في ديوان الزكاة في السودان ما يلي‪:‬‬
‫القاعدة األولى‪ :‬تصرف والي الزكاة منوط بالمصلحة‪:‬‬
‫هذه القاعدة ال يختلف معناها عن القاعدة المشهورة‪ ":‬تصرف اإلمام على الرعية منوط‬
‫(‪)3‬‬
‫بالمصلحة"‬
‫إالّ أنها خاصة بتصرف من واله اإلمام على الزكاة في صرفها على‬
‫المستحقين‪ .‬وكلها مأخوذة من خبر البراء رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال لى عمر بن الخطاب‬
‫رضي اهلل عنه ‪ « :‬إنى أنزلت نفسي من مال اهلل بمنزلة والي اليتيم »(‪.)2‬‬
‫ياد لما بعث أبا بردة ب أبي موسى رحمهم اهلل تعالى على بعض الصدقات‬
‫وأخذ بذلك ز ٌ‬
‫ان َغ ِنيًّا‬
‫قال له‪ « :‬إني أنزلك نفسي من هذا المال بمنزلة والي اليتيم ‪َ ﴿ ،‬و َم أن َك َ‬
‫ير َف ألي أ ُك أل ِبا ألمعر ِ‬
‫ف وم أن َك َ ِ‬
‫َف ألي ِ‬
‫وف ﴾[النساء ‪ ،]6 :‬وال تأتين على شغار إال‬
‫ان فَق ا َ‬
‫َأ‬
‫َ أُ‬
‫ستَ أعف أ َ َ‬
‫رددته ‪ ،‬وال امرأة عضلها وليها فتبرح زائلة العطن حتى تزوجها في األكفاء من قومه»(‪.)1‬‬
‫الرعَّية بم ْنزلة ا ْلول ِّي م ْن‬
‫نص اإلمام الشافعي للقاعدة بعبارة‪ « :‬وم ْنزلةُ ا ْلوالي م ْن َّ‬
‫وقد جاء ّ‬
‫مال ا ْليتيم »(‪.)0‬‬
‫ولذلك يجب أن « يتصرف الوالة ونوابهم‪ ..‬من التصرفات بما هو األصلح للمولى عليه‬
‫درءا للضرر والفساد‪ ،‬وجلبا للنفع والرشاد‪ ،‬وال يقتصر أحدهم على الصالح مع القدرة‬
‫على األصلح إال أن يؤدي إلى مشقة شديدة‪ ،‬وال يتخيرون في التصرف حسب تخيرهم‬
‫في حقوق أنفسهم مثل أن يبيعوا درهما بدرهم‪ ،‬أو مكيلة زبيب بمثلها لقول اهلل تعالى﴿ َوَال‬
‫س ُن﴾[األنعام ‪ ، ]352 :‬وان كان هذا في حقوق‬
‫تَ أق َرُبوا َما َل ا أل َي ِت ِيم إَِّال ِبالَّ ِتي ِه َي أ أ‬
‫َح َ‬
‫(‬
‫(‬
‫(‬
‫(‬
‫‪ .‬أشباه ابن نجيم بشرح غمز عيون البصائر للحموي‪ ،‬ج ص ‪. 32‬‬
‫) األشباه والنظائر للسيوطي‪ ،‬ص‬
‫‪،‬‬
‫‪ ،‬وفي معرفة السنن واآلثار برقم ‪ 23‬ج ص‬
‫) أخرجه البيهه ي في السنن الكبرى‪ ،‬ج‪ 3‬ص‬
‫) أخرجه سعيد بن منصور في سننه ج ص ‪ ، 03‬برقم ‪. 30‬‬
‫‪..‬‬
‫) أسنى المطالب في شرح روب الطالب األنصاري‪ ،‬ج ص ‪ ، 52‬وانظر‪ :‬أشباه السيوطي ص‬
‫‪21‬‬
‫اليتامى فأولى أن يثبت في حقوق عامة المسلمين فيما يتصرف فيه األئمة من األموال‬
‫العامة؛ ألن اعتناء الشرع بالمصالح العامة أوفر وأكثر من اعتنائه بالمصالح الخاصة‪،‬‬
‫وكل تصرف جر فسادا أو دفع صالحا فهو منهي عنه»(‪.)3‬‬
‫ويقول اإلمام القرافي رحمه اهلل‪ « :‬اعلم أن كل من ولي والية الخالفة فما دونها‪ ..‬ال‬
‫ال‬
‫يحل له أن يتصرف إال بجلب مصلحة أو درء مفسدة لقوله تعالى ﴿ َوَال تَ أق َرُبوا َم َ‬
‫س ُن﴾[األنعام‪ ]352:‬ولقوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ( :‬من ولي من‬
‫ا أل َي ِت ِيم إَِّال ِبالَّ ِتي ِه َي أ أ‬
‫َح َ‬
‫أمور أمتي شيئا ثم لم يجتهد لهم ولم ينصح فالجنة عليه حرام)(‪.)1(»)2‬‬
‫وبهذا يكون تصرف والي الزكاة بما يحقق مصلحة أهل الزكاة من أرباب المال ومن أهل‬
‫السهمان المستحقين‪ ،‬يراعي معا مصلحة الدافعين المعطين للزكاة‪ ،‬ومصلحة اآلخذين‬
‫للزكاة‪ ،‬وكذلك مصلحة الزكاة شعيرة وعبادة تعظيما لشأنها وترتيبا ألمرها وتورعا في‬
‫مالها‪ .‬وهذا مقتضى العدل واالستقامة‪.‬‬
‫ فال يتساهل في الجباية واألخذ وتتبع أموال الزكاة من مصادرها وأوعيتها‬‫وأصحابها‪ ،‬فال يجوز له أن يعفو أحدا من زكاة وجبت عليه‪ ،‬وال التقليل والخصم‬
‫مما وجب من مال الزكاة ونحو ذلك‪ ،‬فذلك مفسدة في مال الزكاة واضاعة لحق‬
‫اهلل تعالى وحقوق أهل المصارف‪..‬‬
‫يعسر على أرباب المال واألغنياء ويشق عليهم بالمبالغة في التقدير باألكثر‬
‫ وال ّ‬‫التوسع في كشف أسرارهم التجارية وغير ذلك‪ ،‬فذلك يحمل الكثيرين‬
‫واتهامهم و ّ‬
‫منهم ال سيما أصحاب القلوب الضعيفة من المؤمنين في بغض الطاعة أو‬
‫التحايل لمنع الزكاة والتهرب من دفعها‪.‬‬
‫ وال يتساهل في تمكين أهل السهمان المستحقين للزكاة ما استطاع إلى ذلك‬‫سبيال‪ ،‬وال يؤخر ما وجب لهم من الزكاة إال لمصلحة أعلى وأعظم‪..‬‬
‫‪.‬‬
‫( ) العز بن عبد السالم في قواعد األحكام في مصالح األنام‪ ،‬ج ص‬
‫( ) هذا الحديث وجدت ل ظه « أيما وال ولي شيئا ا من أمر المسلمين ‪ ،‬فلم ينصح لهم ‪ ،‬ولم يجهد لهم نصاحه وجهاده‬
‫لن سه ك َّبه َّللا على وجهه يوم ال يامة في النار » عند الطبراني في المعجم الصرير برقم ‪ ، 33‬وبل ظ « ما مان أميار‬
‫يلي المسلمين ثم ًل يجهد لهم ‪ ،‬وًل ينصح لهم إًل لم يدخل معهم الجنة » في مستخرج أبي عوانة برقم ‪ ، 320‬وبل ظ‬
‫«ما من امير استرعى رعية لم يحتط لهم ولم ينصح لهم اًل لم يادخل معهام الجناة » عناد البيه اي فاي السانن الكبارى‬
‫ج‪ 5‬ص ‪ . 30‬وأصله في الصحيحين‪ ،‬في البخاري برقم ‪ 33 5‬بل ظ «ما من وال يلي رعياة مان المسالمين فيماوت‬
‫وهو غاش لهم إًل حرم َّللا عليه الجنة»‪ ،‬وفي صحيح مسلم برقم ‪ 0‬بل ظ «مَا مِانْ َعبْا يد َيسْ ا َترْ عِي ِه َّ‬
‫َّللا ُ رَ ِعي اَّاة َيم ُ‬
‫ُاوت‬
‫ُوت َوه َُو غَاشٌّ لِرَ ِع َّيتِ ِه إِ ًَّل حَ رَّ َم َّ‬
‫ي َْو َم َيم ُ‬
‫َّللا ُ َعلَ ْي ِه ا ْلجَ َّن َة»‪.‬‬
‫( ) ال روق لإلمام ال رافي‪ ،‬ج ص ‪ 3‬ال رق الثالث والعشرون والمائتان‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫ ويحرم عليه إذا قسم الزكاة على األصناف التفضيل بينهم‪ ،‬إذا تساوت‬‫الحاجات(‪.)3‬‬
‫ووالي الزكاة هو كل من أمين عام الزكاة والمجلس األعلى ألمناء الزكاة‪ ،‬وأمناء الزكاة‬
‫بالواليات‪.‬‬
‫نص القانون على حدود صالحياتهم في المواد [‪6‬ـ ‪،31‬‬
‫وحتى يناط تصرفهم بالمصلحة؛ ّ‬
‫فصلت اللوائح ما لهم وما عليهم من‬
‫و‪30‬ـ‪ ]35‬من قانون الزكاة لسنة ‪2113‬م‪ ،‬كما ّ‬
‫تصرفات حتى ال تجنح اجتهاداتهم وتقديراتهم للمصالح والمفاسد‪..‬‬
‫القاعدة الثانية‪ :‬استحقاق الزكاة هل سببه الحاجة أم الحق؟‪:‬‬
‫وعبارة القاعدة تنبيء بالخالف بين الفقهاء في سبب استحقاق الزكاة‪ ،‬وما تنبني عليه‬
‫المصارف‪ ،‬فمنهم من يرى أنه الحق‪ ،‬ومنهم من يرى أنه الحاجة‪.‬‬
‫واالتجاه الغالب للفقهاء أن سبب استحقاق الزكاة هو الحاجة‪ ،‬وهو اتجاه جماهير الحنفية‬
‫والمالكية والحنابلة وجمع كبير من الشافعية‪..‬‬
‫ فقد نص الحنفية على ذلك فقال الكاساني‪ « :‬سبب االستحقاق في الكل الحاجة‬‫إال العاملين عليها فإنهم مع غناهم يستحقون» (‪.)2‬‬
‫ونص اإلمام مالك على لك فقال في الموطأ‪ « :‬فأي األصناف كانت فيه الحاجة‬
‫‬‫ّ‬
‫والعدد أوثر ذلك الصنف بقدر ما يرى الوالي‪ ،‬وعسى أن ينتقل ذلك إلى الصنف‬
‫اآلخر بعد عام أو عامين أو أعوام فيؤثر أهل الحاجة والعدد حيثما كان ذلك‪،‬‬
‫وعلى هذا أدركت من أرضى من أهل العلم»(‪.)1‬‬
‫ والحنابلة ذكروا في أكثر من موضع أن سبب االستحقاق هو الحاجة‪ ،‬مفسرين‬‫ُّها َّ‬
‫اء إِلَى اللَّ ِه َواللَّ ُه ُه َو‬
‫الفقر به مستدلين بقوله تعالى ﴿ َيآأَي َ‬
‫اس أَ أنتُ ُم ا ألفُقَ َر ُ‬
‫الن ُ‬
‫الغني إذا‬
‫يد﴾ [فاطر‪ .]35:‬أي المحتاجون إليه‪ ،‬حتى ذهبوا إلى أن‬
‫ا أل َغ ِن ُّي ا أل َح ِم ُ‬
‫ّ‬
‫سد خلة‬
‫كان محتاجا حلت له الصدقة‪ .‬ويرى ابن تيمية منهم أن السبب هو ّ‬
‫المسلمين‪ ،‬ويرى ابن القيم أنه الحاجة أو منفعة المسلمين(‪.)0‬‬
‫‪ .‬وسيأتي ت صيل ذلك في ال اعدة التالية‪.‬‬
‫( ) أشباه السيوطي‪ ،‬ص‬
‫( ) بدائع الصنائع‪ ،‬ج ص ‪.‬‬
‫‪ ،‬اًلستذكار ًلبن عبد البر ج‪ 2‬ص ‪. 0 – 0‬‬
‫( ) الموطأ لمالك‪ ،‬بشرح الزرقاني‪ ،‬ج ص‬
‫‪ ،‬كشااف ال نااع‪ ،‬ج ص ‪ 20‬وماا بعادها‪ .‬مجماوع ال تااوى ‪ ،‬ج‬
‫( ) المرني ًلبان قداماة ج ص ‪- 0‬‬
‫زاد المعاد ًلبن ال يم ج ص ‪.5‬‬
‫‪21‬‬
‫ص‪، 0‬‬
‫‪ -‬واإلمام الشافعي ينص على ذلك في كتاب األم حيث يقول‪ « :‬فأهل السهمان‬
‫يجمعهم أنهم أهل حاجة إلى مالهم منها كلهم وأسباب حاجاتهم مختلفة وكذلك‬
‫أسباب استحقاقهم بمعان مختلفة يجمعها الحاجة ويفرق بينها صفاتها»(‪.)3‬‬
‫واالتجاه الثاني لإلمام ابن حزم الظاهري رحمه اهلل ‪ .‬التسوية بين المصارف ألن الزكاة‬
‫حق لكل واحد منهم‪ .‬وهو قول للشافعية رحمهم اهلل(‪.)2‬‬
‫ّ‬
‫ويمكن الجمع بين االتجاهين والقولين‪ ،‬ليقال‪ :‬إذا تساووا في الحاجة وجبت التسوية بينهم‬
‫وال يجوز المفاضلة بينهم بحال‪ ،‬أخذا بكون االستحقاق سببه الحق‪ ،‬واذا تفاوتت الحاجات‬
‫ويسد الخلة‪.‬‬
‫بين مصرف ومصرف فالصرف حيث قامت الحاجة بما يدفعها‬
‫ّ‬
‫وهذا قول السيوطي وابن نجيم رحمهما اهلل في أشباههما‪« :‬إذا قسم اإلمام الزكاة على‬
‫األصناف يحرم عليه التفضيل مع تساوي الحاجات»‪.‬‬
‫فجاء في غمز عيون البصائر‪ « :‬والرأي لإلمام من تفضيل وتسوية من غير أن يميل‬
‫في ذلك إلى هوى» (‪.)1‬‬
‫يوزع‬
‫ومع ذلك أعطت الئحة الزكاة لسنة ‪2110‬م في مادتها [‪ ]1-29‬الخيار للديوان أن ّ‬
‫األموال على المصارف بين التسوية والمفاضلة‪ ،‬فنصت‪ « :‬توزع األموال على المصارف‬
‫وفقا لما يحدده المجلس وذلك بأحد الخيارين اآلتيين‪:‬‬
‫أ ـ نسب مئوية وهي ‪ %3225‬للمصرف الواحد‪.‬‬
‫ب ـ المفاضلة إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك وفقا للحاجة وأولويات الصرف مع عدم‬
‫المساس بحقوق الفقراء والمساكين»‪ .‬وهذا القيد للتوافق مع نص القانون لسنة ‪2113‬م‬
‫في مادته [‪ « :] 2 -19‬ال يجوز المساس بنصيب الفقراء والمساكين وتحويله إلى‬
‫مصرف آخر ‪.» ..‬‬
‫القاعدة الثالثة‪ :‬األصل في اإلعطاء اإلغناء‪:‬‬
‫أن األصل الذي ُيبدأُ به‪ ،‬والغالب الذي ينبغي أن يكون عليه‬
‫والمراد بهذه القاعدة ّ‬
‫الصرف لمال الزكاة على المستحقين وأهل السهمان؛ تحقيق الكفاية والغنى للمستحقين‬
‫( ) كتاب األم للشافعي‪ ،‬ج ص ‪ ،.5‬وراجع‪ :‬فتح الباري للحافظ ابن حجر‪ ،‬ج ص ‪. 00‬‬
‫( ) راجع‪ :‬المحلى باآلثار ًلبن حزم‪ ،‬ج ص ‪ ، 5‬المجموع شرح المهذب ج‪ 3‬ص ‪ 2‬ـ‬
‫‪ ،‬وابن نجيم برمز عيون البصائر ج ص ‪. 2 – 20‬‬
‫( ) راجع‪ :‬أشباه السيوطي ص‬
‫‪23‬‬
‫بما يعطون من الزكاة‪ ،‬إلخراجهم من دائرة الفقر والمسكنة والحاجة والعوز ما استُطيع‬
‫إلى ذلك‪.‬‬
‫واإلغناء باإلعطاء من الزكاة هو المعيار الذي رآه الجمهور من الفقهاء‪ :‬مالك‪،‬‬
‫والشافعي‪ ،‬وأحمد وأبو ثور‪ ،‬وغيرهم(‪.)3‬‬
‫ وهو قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه وفعله‪ ..‬فقد قال‪( :‬إذا‬‫أعطيتم فأغنوا)(‪ .)2‬وروي عنه أنه إذا جمع صدقات المواشي من البقر والغنم؛‬
‫نظر منها ما كان منيحة اللبن فيعطيها ألهل بيت واحد على قدر ما يكفيهم‪ ،‬وأنه‬
‫خير من عطية ال‬
‫كان يعطي منها العشرة للبيت الواحد‪ ،‬ثم يقول‪ ( :‬عطيةٌ تكفي ٌ‬
‫تكفي)(‪.)1‬‬
‫ وهو فعل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه ‪ ،‬فإنه رضي اهلل عنه‬‫أُتي بصدقة فبعثها إلى أهل بيت واحد(‪.)0‬‬
‫وا ْن اختلف الفقهاء في تحديد الكفاية والغنى ومتى يتحقق اإلغناء على ثالثة أقوال‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬إن الكفاية المعتبرة والغنى المقصود هو كفاية اليوم والليلة وهو رأي‬
‫الحنفية‪ ،‬مستدلين بحديث سهل بن الحنظلية أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪:‬‬
‫(من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من جمر جهنم ) قالوا‪ :‬يا رسول اهلل! وما يغنيه؟‬
‫ِّ‬
‫قال‪ ( :‬قدر ما ِّ‬
‫ويعشيه )(‪.)5‬‬
‫يغديه‬
‫القول الثاني‪ :‬إن الكفاية المقصودة والغنى المراد هو كفاية السنة كلها‪ ،‬وهو رأي المالكية‬
‫إذ الفقير عندهم هو من ال يملك قوت عامه أو من يملك شيئا ال يكفيه عامه(‪.)6‬‬
‫وهو أيضا قول بعض الشافعية كالبغوي والغزالي وأبي العباس بن القاص (‪ .)9‬مستدلين‬
‫بالقياس على حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما في زكاة الفطر مرفوعا‪ ( :‬أغنوهم عن‬
‫( ) راجع‪ :‬المهذب مع المجموع‪ ،‬ج‪ 3‬ص ‪ ، 5 ، 23‬المرناي ًلبان قداماة ‪ ،‬ج ص ‪ 2‬ف ارة ‪ ، 22‬المنت اى بشارح‬
‫ن االا‬
‫‪ ،‬الشرح الصرير للدردير‪ ،‬ج ص ‪ ،33‬ف ه الزكااة لل رضااوي‪ ،‬ج ص‬
‫الموطأ‪ ،‬للباجي‪ ،‬ج ص‬
‫عن معالم السنن ج ص ‪. 2‬‬
‫برقم ‪. 25‬‬
‫( ) األموال ألبي عبيد‪ ،‬ص‬
‫( ) بدائع الصنائع للكاساني‪ ،‬ج ص ‪. 3‬‬
‫( ) المصدر ن سه‪.‬‬
‫( ) أخرجه أبو داود في سننه برقم ‪. 3 2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر الشرح الصرير مع حاشية الصاوي ج ص ‪3 2‬ـ ‪ ،3 5‬حاشية الدسوقي ج ص ‪ ، 2‬مشروع ال ه الماالكي‬
‫‪.‬‬
‫بالدليل باب الزكاة من كتاب الشرح الصرير د‪ .‬بدوي عبد الصمد ونخرون‪ ،‬سلسلة الدراسات ال هية [‪ ]3‬ص‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬المجموع شرح المهب ج‪ 3‬ص ‪. 5‬‬
‫‪22‬‬
‫(‪)3‬‬
‫الطواف في هذا اليوم)‬
‫فقالوا‪« :‬األمر للوجوب‪ ،‬ومتى قدمها بالزمان الكثير لم يحصل‬
‫إغناءهم بها يوم العيد‪ .‬وسبب وجوبها الفطر بدليل إضافتها إليه‪ ،‬وزكاة المال سببها ملك‬
‫النصاب‪ ،‬والمقصود إغناء الفقير بها في الحول كله فجاز إخراجها في جميعه‪ ،‬وهذه‬
‫المقصود منها في وقت مخصوص فلم يجز تقديمها قبل الوقت» (‪.)2‬‬
‫القول الثالث‪ :‬إن الغنى والكفاية المعتبرة هي ما يدفع حاجته بالكلية‪ ،‬وهو رأي جمهور‬
‫الشافعية‪ ،‬جاء في المهذب للشيرازي‪ « :‬الفقير هو الذي ال يجد ما يقع موقعا من كفايته‪،‬‬
‫فيدفع إليه ما تزول به حاجته من أداة يعمل بها إن كان فيه قوة‪ ،‬أو بضاعة يتجر فيها‬
‫ُ‬
‫حتى لو احتاج إلى مال كثير للبضاعة التي تصلح له ويحسن التجارة فيه وجب أن ُيدفع‬
‫إليه»(‪.)1‬‬
‫قدر‬
‫وفقه الزكاة في السودان قام على رعاية الفقراء والمساكين باألمرين معا‪ ،‬اإلغناء ما ّ‬
‫إن لم يطمئنوا إلى خروج الفقير بإغنائه عن دائرة الفقر‬
‫والة أمر الزكاة ذلك‪ ،‬أو اإلعانة ْ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ إلعطائه ما يغنيه حينا وال يخرجه‬
‫إال فترة قليلة‪ ،‬ثم يعود طالبا للزكاة‪ ،‬فال معنى‬
‫عن الفقر والمقصود باإلغناء إخراجه من الفقر ليكون معطيا للزكاة ال آخذا لها‪.‬‬
‫نص قانون الزكاة لسنة ‪3771‬م في المادة [‪ – 11‬ي‪ ،‬ك ]ولسنة ‪2113‬م في المادة‬
‫وقد ّ‬
‫[‪6‬ـ ك ]‪ « :‬ال عمل على تمليك الفقراء والمساكين وسائل للتكسب ما أمكن حتى يستغنوا‬
‫عن الزكاة‪ .».‬وفي المادة [‪11‬ـ ك ]لقانون الزكاة لسنة ‪3771‬م‪« :‬وضع خطة طويلة‬
‫األمد للقضاء على الفقر ‪.»...‬‬
‫ومع ذلك يعمل الديوان على الدوام في صرف ما يعين الفقراء في تخفيف وطأة الفقر وما‬
‫يدفع حاجات هم اليومية أو الشهرية أو العالجية أو غير ذلك إعانة ال إغناء‪ ،‬إلى جانب‬
‫إقامة المشروعات اإلنتاجية وتمليكها للفقراء‪ ،‬وتمليكهم وسائل التكسب واإلنتاج المختلفة‬
‫إغناء لهم ليخرجوا عن دائرة طالبي الزكاة إلى دائرة دافعي الزكاة‪ ،‬حيث خصص الديوان‬
‫‪ %3925‬من الحصيلة في ميزانية ‪3777‬م لتمليك وسائل اإلنتاج‪ ..‬كما أقام الديوان‬
‫مشروعات اإلنتاج الجماعية كمشغل المالبس الجاهزة بمدينة عطبرة الذي يعمل به‬
‫( ) أخرجااه البيه ااي فااي الساانن الكباارى ج ص ‪ ، 2‬والاادارقطني فااي الساانن باارقم ‪2‬‬
‫زنجويه برقم ‪. 23‬‬
‫( ) راجع‪ :‬مرعاة الم اتيح شرح مشكاة المصابيح المبارك وري‪ ،‬ج‪ 3‬ص ‪. 02‬‬
‫( ) المهذب للشيرازي مع المجموع للنووي‪ ،‬ج‪ 3‬ص ‪. 23‬‬
‫‪21‬‬
‫ج ص ‪ ، 2‬األمااوال ًلباان‬
‫(‪ )211‬أسرة فقيرة حولهم من أسرة متلقية للزكاة إلى أسرة عاملة مولّدة للدخل تعتمد على‬
‫ذاتها ببركة اهلل ومشيئته(‪.)3‬‬
‫نص عليه اإلمام الشيرازي في المهذب من تمليك أدوات العمل‬
‫وقد عمل الديوان بما ّ‬
‫وسلع التجارة ونحو ذلك مما نقلناه في األسطر السابقة القريبة من هذه الفقرة وهو قوله‬
‫« ُيدفع إليه ما تزول به حاجته من أداة يعمل بها إن كان فيه قوة‪ ،‬أو بضاعة يتجر‬
‫فيها»‪.‬‬
‫‪ ..‬والحمد هلل رب العالمين‪..‬‬
‫‪  ‬‬
‫( ) انظر‪ :‬دراسات في ف ه واقتصاديات الزكاة‪ ،‬أ‪.‬د‪ .‬أحمد مجاذوب أحماد األماين العاام األسابق لاديوان الزكااة فاي الساودان‬
‫‪.‬‬
‫‪،‬‬
‫ص‪،‬‬
‫‪27‬‬
‫أهم المصادر والمراجع‬
‫‪ .3‬االجتهاد الزكوي مشروعيته وقواعده ومؤسساته‪ ،‬د‪ .‬عبد اهلل الزبير عبد الرحمن ‪،‬‬
‫سلسلة بحوث الزكاة رقم ‪.5‬‬
‫‪ .2‬إحكام األحكام شرح عمدة األحكام‪ ،‬الحافظ تقي الدين ابن دقيق العيد‪ ،‬تحقيق أحمد‬
‫محمد شاكر‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬بيروت‪ ،‬طبعة ثانية ‪3019‬هـ ‪3799‬م‪.‬‬
‫‪ .1‬األحكام السلطانية والواليات الدينية‪ ،‬اإلمام أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب‬
‫الماوردي‪ ،‬دار الكتب العليمة ‪ ،‬طبعة أولى ‪3015‬هـ ـ ‪3795‬م‪.‬‬
‫‪ .0‬إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم األصول‪ ،‬اإلمام محمد بن علي الشوكاني‪،‬‬
‫تحقيق أبي مصعب البدري‪ ،‬مؤسسة الكتب الثقافية بيروت‪ ،‬طبعة أولى ‪3032‬هـ ‪3772‬م‪.‬‬
‫‪ .5‬االستذكار الجامع لمذاهب فقهاء األمصار وعلماء األقطار فيما تضمنه الموطأ من‬
‫معاني الرأي واآلثار ‪ ،‬لإلمام الحافظ ابن عبدالبر‪ ،‬تحقيق وتخريج د‪ .‬عبد المعطي أمين‬
‫قلعجي‪ ،‬مؤسسة الرسالة بيروت‪ ،‬ودار قتيبة دمشق وبيروتن ودار الواعي حلب والقاهرة‪،‬‬
‫طبعة أولى ‪3030‬هـ ‪3771‬م‪.‬‬
‫‪ .6‬األشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية‪ ،‬لإلمام جالل الدين عبد الرحمن‬
‫السيوطي‪ ،‬دار الكتب العلمية بيروت‪ ،‬طبعة أولى ‪3177‬هـ ـ ـ ‪3797‬م‪.‬‬
‫‪ .9‬أصول الفتيا في الفقه على مذهب اإلمام مالك‪ ،‬محمد بن حارث الخشني‪ ،‬تحقيق‬
‫الشيخ محمد المجذوب وآخرون‪ ،‬الدار العربية لللكتاب‪ ،‬والمؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬طبعة‬
‫‪3795‬م‪.‬‬
‫‪ .9‬إعداد المهج لالستفادة من المنهج في قواعد الفقه المالكي‪ ،‬الشيخ أحمد بن أحمد‬
‫المختار الجكني الشنقيطي‪ ،‬مراجعة عبد اهلل إبراهيم األنصاري‪ ،‬منشورات إدارة إحياء‬
‫التراث اإلسالمي‪ ،‬قطر ‪3011‬هـ ‪3791‬م‪.‬‬
‫‪ .7‬األموال لإلمام الحافظ أبي عبيد القاسم بن سالم‪ ،‬دار الحداثة بيروت‪ ،‬طبعة أولى‬
‫‪3799‬م‪.‬‬
‫‪ .31‬إيضاح المسالك إلى قواعد اإلمام أبي عبداهلل مالك‪ ،‬أحمد بن يحيى الونشريسي‪،‬‬
‫تحقيق الصادق الغرياني‪ ،‬منشورات كلية الدعوة اإلسالمية‪ ،‬ولجنة الحفاظ على التراث‬
‫اإلسالمي‪ ،‬طرابلس ليبيا‪ ،‬السلسلة التراثية رقم ‪ ،3‬طبعة أولى ‪3013‬ـ ‪3773‬م‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫‪ .33‬بحوث وأعمال المؤتمر العلمي العالمي الثاني للزكاة شعبان ‪3022‬هـ نوفمبر ‪2113‬م‪،‬‬
‫سلسلة بحوث الزكاة رقم ‪.39‬‬
‫‪ .32‬بحوث وأعمال المؤتمر العلمي العالمي الثاني للزكاة محور الجباية‪ .‬سلسلة بحوث‬
‫الزكاة رقم ‪.37‬‬
‫‪ .31‬بحوث وأعمال المؤتمر العلمي العالمي الثاني للزكاة محور المصارف سلسلة بحوث‬
‫الزكاة رقم ‪.21‬‬
‫‪ .30‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪ ،‬لإلمام عالء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية بيروت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪3016‬هـ ‪3796‬م‪.‬‬
‫‪ .35‬تخريج الفروع على األصول ‪ ،‬لإلمام شهاب الدين محمود بن أحمد الزنجاني‪ ،‬تحقيق‬
‫د‪ .‬محمد أديب الصالح‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ ،‬طبعة أولى ‪3021‬هـ ‪3777‬م‪.‬‬
‫‪ .36‬تصرف اإلمام على الرعية منوط بالمصلحة‪ ،‬الوليد محمدين أونور علي‪ ،‬بحث تكميلي‬
‫لنيل درجة الماجستير بالجامعة اليمنية ‪ ،‬مطبوع على الكمبيوتر‪.‬‬
‫‪ .39‬تطبيقات قواعد الفقه عند المالكية من خالل كتاب إيضاح المسالك للونشريسي وشرح‬
‫المنهج المنتخب للمنجور‪ ،‬أ‪.‬د‪ .‬الصادق بن عبد الرحمن الغرياني‪ ،‬دار البحوث للدراسات‬
‫اإلسالمية واحياء التراث دبي‪ ،‬سلسلة الدراسات األصولية رقم ‪ .9‬طبعة أولى ‪3021‬هـ‬
‫‪2112‬م‪.‬‬
‫‪ .39‬التطور التشريعي لمسيرة الزكاة في السودان الفترة من ‪2110 – 3791‬م‪ ،.‬د‪ .‬صديق‬
‫أحمد عبد الرحيم‪ ،‬سلسلة إصدارات الزكاة رقم ‪.35‬‬
‫‪ .37‬التفويض اإلداري بين الشريعة والقانون‪ ،‬د‪ .‬يوسف الثلب‪ ،‬منشورات كلية الدعوة‬
‫اإلسالمي‪ ،‬ولجنة الحفاظ على التراث اإلسالمي‪ ،‬طرابلس ليبيا‪ ،‬السلسلة التراثية رقم‬
‫‪.6‬طبعة أولى ‪3772‬م‪.‬‬
‫‪ .21‬التوجيه االستثماري للزكاة‪ ،‬دراسة اقتصادية فقهية تحليلية مقارنة‪ ،‬د‪ .‬عبد الفتاح محمد‬
‫فرح‪ ،‬طبعة أولى ‪3779‬م‪.‬‬
‫‪ .23‬حكم استثمار مال الزكاة أو إقراضه للفقراء والمساكين جمع وترتيب د‪ .‬أزهري عثمان‬
‫إبراهيم‪ ،‬ورقة مقدمة لهيئة علماء القضارف‪.‬‬
‫‪ .22‬دراسات في فقه واقتصاديات الزكاة دراسة مقارنة مع التركيز على التجربة السودانية‪،‬‬
‫أ‪.‬د‪ .‬أحمد مجذوب أحمد‪ ،‬إصدارات هيئة األعمال الفكرية‪ ،‬طبعة أولى ‪2117‬م‪.‬‬
‫‪ .21‬دليل الزكاة الفقهي والتعريفي‪ ،‬األمانة العامة لديوان الزكاة‪ ،‬سلسلة بحوث الزكاة رقم ‪.1‬‬
‫‪29‬‬
‫‪ .20‬زكاة المال المستفاد تجربة السودان‪ ،‬د‪ .‬صديق أحمد عبد الرحيم‪ ،‬نشر المعهد العالي‬
‫لعلوم الزكاة‪ ،‬أمانة البحوث والتوثيق والنشر ‪ ،‬أغسطس ‪2110‬م‪.‬‬
‫‪ .25‬غمز عيون البصائر شرح كتاب األشباه والنظائر‪ ،‬أحمد بن محمد الحموي‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬طبعة أولى ‪3015‬هـ ‪3795‬م‪.‬‬
‫‪ .26‬الفتاوى الشرعية في المسائل االقتصادية‪3797 – 3797 ،‬م‪ ،‬بيت التموسل الكويتي‪.‬‬
‫بدون‪.‬‬
‫‪ .29‬الفتاوى الكبرى الفقهية ‪ ،‬البن حجر الهيتمي‪ ،‬وبهامشه فتاوى العالمة شمس الدين‬
‫الرملي‪ ،‬دار الكتب العلمية بيروت‪3011 ،‬هـ ‪3791‬م‪.‬‬
‫‪ .29‬فتاوى ديوان الزكاة‪ ،‬سلسلة إصدارات الزكاة رقم ‪.27‬‬
‫‪ .27‬الفرائد البهية في القواعد والفوائد الفقهية‪ ،‬محمود حمزة ‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬طبعة أولى‬
‫‪3016‬هـ ‪3796‬م‪.‬‬
‫‪ .11‬الفروق ( أنوار البروق في أنواء الفروق) شهاب الدين أبو العباس أحمد بن إدريس‬
‫القرافي‪ ،‬دار السالم تحقيق مركز الدراسات الفقهية واالقتصادية ‪ ،‬طبعة أولى ‪3023‬هـ‬
‫‪2113‬م‪.‬‬
‫‪ .13‬فقه الزكاة د‪ .‬يوسف القرضاوي‪ ،‬دار المعرفة الدار البيضاء‪ ،‬بدون‪.‬‬
‫‪ .12‬القاموس المحيط‪ ،‬مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزابادي‪ ،‬مؤسسة الرسالة بيروت‪،‬‬
‫طبعة أولى ‪3016‬هـ ـ ‪3796‬م‪.‬‬
‫‪ .11‬قانون الزكاة لسنة ‪2113‬م ‪ ،‬سلسلة بحوث الزكاة‪ ،‬رقم ‪.35‬‬
‫‪ .10‬ق اررات وتوصيات مجمع الفقه اإلسالمي المنبثق من منظمة المؤتمر اإلسالمي‪ ،‬طبع‬
‫و ازرة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬قطر‪ ،‬طبعة رابعة ‪3021‬هـ ‪2111‬م‪.‬‬
‫‪ .15‬قواعد األحكام في مصالح األنام‪ ،‬عز الدين عبد العزيز بن عبد السالم‪ ،‬مؤسسة الريان‬
‫بيروت‪ ،‬طبعة ‪3031‬ه ـ ـ ـ ‪3771‬م‪.‬‬
‫‪ .16‬القواعد الفقهية المستنبطة من المدونة الكبرى ‪ ،‬د‪ .‬أحسن زقُّور‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬دار‬
‫التراث الجزائر‪،‬طبعة أولى ‪3026‬هـ ‪2115‬م‪.‬‬
‫‪ .19‬القواعد في الفقه اإلسالمين للحافظ أبي الفرج عبد الرحمن بن رجب الحنبلي‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلميةن طبعة أولى ‪3031‬هـ ‪3772‬م‪.‬‬
‫‪ .19‬قواعد لضبط االجتهاد في فقه الزكاة‪ ،‬د‪ .‬عالء الدين األمين الزاكي‪ ،‬سلسلة بحوث‬
‫الزكاة‪ ،‬رقم ‪.2‬‬
‫‪11‬‬
‫‪ .17‬لسان العرب‪ ،‬البن منظور األفريقي‪ ،‬مكتبة الرشد الرياض‪ ،‬دار صادر بيروت‪ ،‬طبعة‬
‫ثالثة ‪3030‬هـ ـ ‪3770‬م‪.‬‬
‫‪ .01‬المجموع شرح المهذب لإلمام النووي‪ ،‬تحقيق د‪ .‬محمود مطرجي‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬طبعة‬
‫أولى ‪3039‬هـ ‪3776‬م‪.‬‬
‫‪ .03‬مجموع فتاوى ابن تيمية‪ ،‬جمع وترتيب عبد الرحمن بن قاسم العاصمي النجدي‪ ،‬طبعة‬
‫‪3039‬هـ ـ ـ ‪3779‬م‪.‬‬
‫‪ .02‬المدونة الكبرى ‪ ،‬إلمام دار الهجرة مالك بن أنس األصبحي‪ ،‬رواية سحنون بن سعيد‬
‫التنوخي عن اإلمام عبد الرحمن بن القاسم‪ ،‬تحقيق عامر الجزار وعبد اهلل المنشاوي‪ ،‬دار‬
‫الحديث القاهرة‪ ،‬طبعة ‪3026‬هـ ‪2115‬م‪.‬‬
‫‪ .01‬مقاصد الشريعة اإلسالمية محمد الطاهر بن عاشور‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‬
‫الجزائر‪ ،‬الشركة التونسية للتوزيع تونس‪ ،‬بدون‪.‬‬
‫‪ .00‬موسوعة فتاوى اإلمام ابن تيمية في المعامالت وأحكام المال‪ ،‬إعداد مركز الدراسات‬
‫الفقهية االقتصادية بالقاهرة‪ ،‬دار السالم ‪ ،‬طبعة أولى ‪3025‬هـ ‪2115‬م‪.‬‬
‫‪ .05‬نوازل الزكاة‪ ،‬دراسة فقهية تأصيلية لمستجدات الزكاة‪ ،‬د‪ .‬عبد اهلل بن منصور الغفيلي‪،‬‬
‫منشورات بنك البالد‪ ،‬سلسلة مطبوعات المجموعة الشرعية رقم ‪ ،3‬دار الميمان ‪ ،‬طبعة‬
‫أولى ‪3027‬هـ ‪2119‬م‪.‬‬
‫‪ .06‬الوسيط في فقه الزكاة وما عليه العمل في السودان‪ ،‬د‪ .‬صديق أحمد عبد الرحيم‪ ،‬نشر‬
‫المعهد العالي لعلوم الزكاة‪ ،‬ديسمبر ‪2119‬م‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫رابعا‬
‫اخليار الفقهي واإلفتائي لديوان الزكاة وأثره يف‬
‫العمل الزكوي‬
‫إعــــــــداد‬
‫أ‪.‬د‪ .‬الخضر علي إدريس‬
‫نائب مدير جامعة أمدرمان اإلسالمية‬
‫‪11‬‬
‫الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على خاتم األنبياء والمرسلين محمد بن عبد َّللا‬
‫وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫وبعد فإن مسيرة الزكاة في السودان منذ بداياتها األولى سارت على منهج راشد‬
‫في ضبط وتأصيل العمل الزكوي سواء كان ذلك على مستوى االجتهاد العام أم على‬
‫مستوى الفتاوى التي تصدر لمعالجة وقائع ومشكالت بعينها وهذا الربط المحكم بين‬
‫االجتهاد العام واالفتاء أدى بدوره إلى إحكام العمل المؤسسي وعدم التخبط حين التطبيق‬
‫العملي وقلل من وقوع األخطاء والمخالفات‪.‬‬
‫توطئة‪:‬أهم مالمح المنهج االجتهادي واالفتائي للديوان‪:‬‬
‫‪ .3‬إتباع منهج البحث العلمي في الوصول إلى أفضل الخيارات الفقهية قبل الشروع‬
‫في التطبيق العملي‪.‬‬
‫وهذا ميزة امتاز بها الديوان منذ إنشائه ثم تطور هذا المنهج فحدثت فيه نقلة نوعية‬
‫بإنشاء معهد متخصص في البحوث والدراسات الزكوية في شتى مجاالتها (الفقهية‬
‫واالقتصادية والمالية والمحاسبية‪...‬إلخ)‪.‬‬
‫‪ .2‬اتباع منهج الجمع بين أصحاب التخصصات الشرعية وأهل الخبرة في المجاالت‬
‫والمعارف ذات الصلة‪.‬‬
‫‪ .1‬إتباع منهج االجتهاد الجماعي في دراسة النوازل والمستجدات بعقد المؤتمرات‬
‫والندوات وحلقات النقاش حولها وتوثيق مخرجاتها في كتب وبحوث مطبوعة‪.‬‬
‫‪ .0‬التوسع في الخيارات الفقهية وعدم االلتزام بمذهب فقهي معين باالعتماد على‬
‫منهج المقارنة والموازنة بين المذاهب للوصول إلى ارجح األقوال وأقربها لتحقيق‬
‫مقاصد الشرع‪.‬‬
‫‪ .5‬الزامية فتاوى اللجنة المتخصصة (لجنة الفتوى) للديوان والمكلفين منح اللجنة ثقة‬
‫في نفسها وفق في ق ارراتها وفتاويها‪.‬‬
‫‪ .6‬المرونة في االلتزام بالخيارات الفقهية وذلك بالمراجعة المستمرة لها واعادة النظر‬
‫فيها متى ما ظهر ما هو أصح أو أفضل منها‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫أوال‪ :‬الخيارات الفقهية الملزمة بنص القانون‪:‬‬
‫هناك خيارات فقهية حسمتها قوانين الزكاة المتعاقبة ولوائحها فصارت واجبة العمل‬
‫والتطبيق على مؤسسة الزكاة‪.‬‬
‫وهذه الخيارات المحسومة انها بال شك قامت على اجتهادات معتبرة سابقة العتمادها‬
‫في القانون وهنا تتعرض بالدراسة الموجزة ألهم هذه الخيارات‪.‬‬
‫أ‪ .‬والية الدولة على الزكاة‪:‬‬
‫حسمت القوانين واللوائح التابعة لها هذا الموضوع ابتداء من قانون الزكاة والضرائب‬
‫لسنة ‪3790‬م وحتى القانون الحالي لسنة ‪2113‬م‪.‬‬
‫وهذا الخيار الذي اختاره القانون واعتمده يعتبر نقلة نوعية ألمر الزكاة في العالم‬
‫اإلسالمي حيث نقل الزكاة جباية وصرفا وتنظيما من المؤسسات التطوعية والخيرية إلى‬
‫الدولة‪.‬‬
‫كما أنه جعل دفع الزكاة للمؤسسة إلزاما وليس اختيا ار كما هو الشأن في بعض البالد‬
‫التي اعتبرت الزكاة شانا سلطانيا ولكنها تركت دفعها للمؤسسة بالخيار للمكلف‪.‬‬
‫ب‪ .‬استقاللية مؤسسة الزكاة‪:‬‬
‫نصت جميع القوانين المتعاقبة لتنظيم عمل الزكاة منذ قانون صندوق الزكاة لسنة‬
‫‪3791‬م وحتى القانون الحالي ‪2113‬م على استقاللية مؤسسة الزكاة حيث نصت‬
‫جميعها على تبعية مؤسسة الزكاة لمجلس أمناء هو السلطة األعلى التي يخضع لها‬
‫الديوان‪.‬‬
‫وهذا يقتضي عدم خضوع الديوان للنظم واللوائح اإلدارية والمالية‪ ،‬وبالتالي عدم تبعيته‬
‫للو ازرات والهيئات والمؤسسات الحكومية وانما يخضع لقانونه الخاص وما يصدر عنه‬
‫من لوائح ونظم تحت إشراف ومراجعة مجلس أمنائه (‪.)3‬‬
‫ج‪ .‬اعتماد ترجيحات ولي األمر‪:‬‬
‫التزم الديوان بترجيحات ولي األمر سواء كانت منصوصا عليها في قانونه أم ما‬
‫تعتمده األجهزة المختصة المخول لها ذلك‪ ،‬ابتداء من المجلس األعلى ألمناء قالزكاة‬
‫ولجنة الفتوى ومرو ار بمجالس األمناء الوالئية‪.‬‬
‫‪ .‬أنظر دراسات في ف ه واقتصاديات الزكاة ص‪. 0‬‬
‫‪13‬‬
‫د‪ .‬عدم االلتزام بالتسوية بين المصارف‪:‬‬
‫اعتمد الديوان مذهب المالكية ومن وافقهم في هذا الخيار‬
‫(‪)3‬‬
‫وترك المر للمجلس‬
‫األعلى‪ .‬حيث درج المجلس على تخصيص أعلى نسبة من الزكاة لمصرف الفقراء‬
‫والمساكين تجاوزت أخي ار نسبة ‪ %61‬من جملة ما هو مخصص للمصارف من‬
‫الجباية‪.2‬‬
‫ه‪ .‬وجوب الزكاة في المال العام المعد لالستثمار‪:‬‬
‫استثنى قانون الزكاة لسنة ‪2113‬م المال العام المستثمر من سائر األموال العامة‬
‫فاوجب فيه الزكاة مرجحا لهذا الخيار على مذهب جمهور العلماء الذي يوجب الزكاة في‬
‫المال العام بشقيه المستثمر وغير المستثمر وهذا الموضوع مازال موضع بحث وجدال‬
‫ونزاع بين الباحثين والمهتمين بشأن الزكاة ولعل القانون رجح هذا الخيار تمشيا مع منهج‬
‫مسيرة الزكاة في التوسع في األوعية ميال لتحقيق مصلحة الفقراء والمساكين ودفعا‬
‫للحاجة عنهم ولعل هذا من إنفرادات مسيرة الزكاة في السودان‪.‬‬
‫و‪ .‬عدم اشتراط حوالن الحول في المال المستفاد‪:‬‬
‫رجح القانون عدم اشتراط حوالن الحول في المال المستفاد بشتى أنواعه بعد عرفه‬
‫بأنه (‪ ...‬منفقه جديدة تبلغ قيمتها النصاب‪ ،‬تجب فيه الزكاة حيث االستفادة ويزكي ثمنه‬
‫من قبضه مالم تكن المنفعة لحاجة أصلية‪.)1()...‬‬
‫وبهذا التعريف الواسع أوجب القانون لزكاة في عدد من األحوال واألنشطة منها على‬
‫سبيل المثال‪:‬‬
‫أ‪ .‬أثمان المبيعات المتنوعة (العقارات‪ ،‬األراضي‪ ،‬أجرة الدور‪ ،‬السيارات‪...‬ألخ)(‪.)0‬‬
‫ب‪ .‬رواتب وأجور العاملين بالقطاعين العام والخاص والمختلط اذا بلقت نصابا في‬
‫السنة بعد خصم حوائجهم األصلية‪.‬‬
‫وعون المعيود‪. 2‬‬
‫‪ .‬أنظر المرني ًلبن قدامه ‪/‬‬
‫‪ .‬أنظر بحث اإلشكاًلت والمستجدات ص‪. 2‬‬
‫‪ .‬المادة ( ) ت سير‪.‬‬
‫‪ .‬أنظر دراسة في ف ه واقتصاديات الزكاة ص ‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫ج‪ .‬أرباح أصحاب العمل والمهن الحرة والحرف من أطباء وصيادلة‬
‫ومهندسين‪.)3(...‬‬
‫هذه األنواع من األموال اشترط حوالن الحول فيها جمهور العلماء من الصحابة‬
‫والتابعين وأئمة المذاهب وذهب بعض العلماء من الصحابة إلى عدم اشتراط الحول‬
‫والذين نسب إليهم هذا القول منهم‪ :‬عبد اهلل بن عباس‬
‫(‪)2‬‬
‫وعبد اهلل بن مسعود ومعاوية‬
‫رضي اهلل عنهم أجمعين‪ .‬وممن نسب إليه من التابعين عمر بن قعبد العزيز والحسن‬
‫البصري والزهري(‪ )1‬ومعلوم أن جمهور الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب المتنوعة على‬
‫خالف ذلك‬
‫(‪.)0‬‬
‫ولع ل القانون رجح هذا المذهب مع مخالفيه لما ذهب إليه الجمهور لطبيعة هذه‬
‫األموال في زماننا من ضخامة ما يستفيده أرباب هذه األموال من ثروات هائلة تفيض‬
‫عن حوائجهم األصلية تتعلق حاجة المستحقين للزكاة بها في الحال وقد ال يظفرون بها‬
‫إذا تركت حتى يحول عليه الحول ألن الغالب في مثل هذه األموال عند غالب الناس‬
‫أنها تنفق قبل حوالن الحول في كماليات يسرفون في اقتنائها‪ ،‬وأنهم يتوسعون في المأكل‬
‫(‪)5‬‬
‫والمشارب والمالبس والمساكين فيبعثرون هذه األموال ذات اليمين وذات الشمال‬
‫ولعل‬
‫هذا هو السبب الذي جعل سيدنا معاوية رضي اهلل عنه يأخذ الزكاة من األعطيات حين‬
‫قبضها دون حوالن الحول عليها وهو أول من فعل هذا من الخلفاء كما صرح بذلك‬
‫اإلمام مالك‪.6‬‬
‫وقد رجح هذا القول عدد من العلماء المعاصرين منهم الشيخ الدكتور‪ /‬يوسف‬
‫(‪)9‬‬
‫القرضاوي‬
‫(‪.)9‬‬
‫والشيخ المرحوم محمد الغزالي‬
‫‪ .‬أنظر المادة ( ‪.) /‬‬
‫‪ .‬أنظر المحلي ًلبن حزم ص‪ 5‬و ‪ .5‬واألمول ًلبي عبيد ‪ 03‬ومصنف ابن ابي شيبة ‪2/‬‬
‫‪ .‬أنظر الموطأ مع شرحه أوجز المسالك ‪. 0/‬‬
‫‪ .‬أنظر األموال ص ‪. 22‬‬
‫‪ .‬أنظر ف ه الزكاة لل رضاوي ‪ 05/‬وزكاة المال المست اد ص‪. 22 - 25 :‬‬
‫‪ 3‬انظر الموطأ مع شرحه أوجز المسالك ‪. 0/‬‬
‫‪ .2‬أنظر الموطأ مع شرحه أوجز المسالك ‪. 0/‬‬
‫‪ .5‬أنظر ف ه الزكاة ‪ 0‬م‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫‪.‬‬
‫وقد نص القانون على أن هذا النوع من األموال يعامل معاملة الذهب والفضة وتؤخذ‬
‫الزكاة من ربع عشره(‪.)3‬‬
‫ز‪ .‬زكاة الشخصية االعتبارية‪:‬‬
‫زكاة الشخصية االعتبارية من الموضوعات التي احتدم حولها بين الباحثين‬
‫المعاصرين فمنهم من أوجب الزكاة عليها ومنهم من منع ذلك ألن الزكاة كما هو معلوم‬
‫يشترط في المكلف بها أن تتوافر فيه شروط التكليف وهي غير متوفرة في الشخص‬
‫االعتباري‪.‬‬
‫ولقد رجح قانون الزكاة وجوب الزكاة عليها فجاء في المادة (‪ )1‬تفسير من قانون عام‬
‫‪2113‬م في تفسير عبارة شخص (يقصد به الشخص الطبيعي والشخص اإلعتباري)‪.‬‬
‫وبناء على هذا أوجب القانون للزكاة على الشركات والبنوك وغيرها‪.‬‬
‫ومما يجدر ذكره هنا أن الذين لم يوجبوا الزكاة على الشخصية االعتبارية من‬
‫المعاصرين لم يذهبوا ‪ ،‬بناء على هذا ‪ ،‬إلى عدم وجوب الزكاة على الشركات‬
‫والمؤسسات التجارية واالستثمارية ونحوها وانما خالفهم حول تكييف كونها شخصية‬
‫اعتبارية أم العتبار خلط األموال اتباعا لمذهب من يرى وجوب زكاة المال المختلط بين‬
‫الشركاء مطلقا سواء اكانت خلطة مواشي أوغيرها‪ ،‬كما ذهب إلى ذلك جمهور الشافعية‬
‫والحاصل أن الخالف هنا أشبه بالخالف اللفظي ألنه يدور حول أصل وجود الشخصية‬
‫االعتبارية ال على وجوب الزكاة على الشركات ونحوها‪.‬‬
‫وهذا الموضوع ما يزال موضع بحث ودراسة لدى المراكز والهيئات المعنية بفقه‬
‫وقضايا الزكاة المعاصرة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الخيارات الملزمة بترجيح جهات االختصاص‪:‬‬
‫المقصود بجهات االختصاص هنا الجهات المخول لها الترجيح كالمجلس األعلى‬
‫ألمناء الزكاة ولجنة الفتوى واألجهزة العليا في مجال اختصاصها كاألمين العام وأمناء‬
‫الواليات‪...‬الخ‪.‬‬
‫‪ .‬أنظر المادة (‬
‫) من قانون الزكاة لسنة ‪ 00‬م‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫‪ /1‬حساب مصروفات الجباية‪:‬‬
‫نقل الزكاة وخصوصا العينية من أماكن وجوبها إلى مستحقيها وتعبئتها وتجهيزها‬
‫وحفظها يترتب عليه بال شك أعباء مالية وقل مثل ذلك في تسيير العمل اإلداري‬
‫بالمؤسسة الزكوية‪ ،‬وشراء واعداد األصول الرأسمالية فكان ال بد من اجتهادات تعالج مثل‬
‫هذا الصرف وعلى أي بند يحسب‪.‬‬
‫أ‪ .‬نفقات جباية الزكوات العينية‪:‬‬
‫تتمثل هذه النفقات في التبعية والتصفية والغربلة ونحوها في زكاة الزروع‪ ،‬وكذلك العلف‬
‫والترحيل والسقاية والرعي والسالمة الصحية بالنسبة لألنعام‪.‬‬
‫هذه وأمثالها تحتاج بال شك إلى دراسات تبين ما يجب من العمل حيالها‪.‬‬
‫والعمل الجاري في الديوان أن هذه النفقات تضمن في سعر الزكوات العينية ألنها ال‬
‫تنفك عنها فاألوعية التي تعبأ فيها الحبوب لها قيمة وكذلك تخزينها وترحيلها وقل مثل‬
‫ذلك في األنعام من حيث أعالفها‪ ،‬وترحيلها وسقيها ورعيها فكل هذه النفقات تضم إلى‬
‫قيمة العين ومن هنا يظهر الفرق بين قيمة الزكاة في الحرث أو في المرعى وبين‬
‫تجميعها في أماكن التسليم‪ .‬وحينئذ ال يكون هناك صرف المعنى الحقيقي على الجباية‪،‬‬
‫وال خصمه من المصروفات اإلدارية وال من بند العاملين عليها بل هو أصل موجود‬
‫وممثل في القيمة اإلضافية للزكاة العينية وهذه القيمة اإلضافية هي التي تخصم منها‬
‫قيمة الخيش والعتالة والسقي والرعي‪...‬ألخ وال يكون هناك فرق أو خصم من العين(‪.)3‬‬
‫ب‪ .‬مصروفات التسيير واإلدارة‪:‬‬
‫تشمل هذه المصروفات األدوات المكتبية والهاتف والبريد والوقود والصيانة واإليجارات‬
‫والعمل اإلعالني وأقساط التأمين ‪...‬ألخ‪ .‬فمن أين يصرف على كل هذا؟‬
‫كان المعمول به في السابق الخصم من جملة الجباية الكلية ثم يوزع صافي اإليرادات‬
‫على المصارف حسب السياسة التي يحددها المجلس األعلى ألمناء الزكاة‪ ،‬والمعمول به‬
‫(‪.)2‬‬
‫اآلن أنها توضع ضمن بنود الصرف الكلي قبل القسمة على المصارف‬
‫‪ .‬أنظر بحث حساب مصروفات الجباية لألستاذ‪/‬أحمد علي الساعوري ضمن كتاب محور المصارف بحوث وأعمال المةتمر‬
‫العلمي العالمي للزكاة ‪ 2- 2‬وبحث حساب مصروفات الجباية لألستاذ‪/‬إبراهيم أحمد الشيخ الضرير ضمن المحور‬
‫المذكور ص ‪ 5- 3‬وكتاب دراسات في ف ه واقتصاديات الزكاة ص ‪. 3-‬‬
‫‪ .‬أنظر ف ه واقتصاديات الزكاة ص‪. 3‬‬
‫‪18‬‬
‫ج‪ .‬مصروفات األصول الرأسمالية‪:‬‬
‫مما ال شك فيه أن أية مؤسسة تنشأ ألغراض مالية أو إدارية أو خدمية أو غيرها ال‬
‫بد لها لتحقيق أهدافها من معينات تعينها على أداء رسالتها من مبان ومخازن وأدوات‬
‫وأجهزة ومعدات ووسائل مواصالت واتصاالت‪...‬إلخ‪.‬‬
‫وطبيعة كل مؤسسة هي التي تحدد حجم هذه االحتياجات ونوعيتها ومؤسسة الزكاة‬
‫ليست بعيدا من هذا وأن كان المطلوب فيها التوسط من غير شطط وال وكس‪.‬‬
‫والسؤال من أين ينفق على هذه المعينات؟‬
‫الذي عليه العمل بالديوان أن المجلس األعلى ألمناء الزكاة هو الذي يحدد الحاجة‬
‫لهذه المعينات وحجمها ولعل السائد والمتبع أنها تكون من جملة الجباية وذلك إعماال‬
‫لقاعدة ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب‬
‫(‪)3‬‬
‫د‪ .‬الصرف األفقي والصرف الرأسمالي للزكاة‪:‬‬
‫‪ ‬المقصود بالصرف الفقهي‪ :‬المال المباشر الذي يعطى إلى مستحق الزكاة سواء‬
‫اكان عينيا أم نقديا‬
‫‪.‬‬
‫‪ ‬والمقصود بالصرف الرأسي‪ :‬ما يقدم لمستحق الزكاة في شكل وسائل إنتاج أو‬
‫خدمات أو مشاريع إستثمارية(‪.)2‬‬
‫وقد رجح الديوان جوار العمل بهذا الخيار باإلضافة إلى خيار الصرف األفقي‬
‫وذلك بتجديد نسبة ‪ %15‬له و‪ 65‬للصرف األفقي من جملة ما يصرف على الفقراء‬
‫والمساكين‪.‬‬
‫وهذا الخيار الذي رجحه الديوان ذهب إليه عدد من العلماء والباحثين المعاصرين منهم‬
‫(‪)1‬‬
‫الدكتور القرضاوي والدكتور وهبة الزحيلي والشيخ‪ /‬مصطفى الزرقا وغيرهم‬
‫وهذا الصرف الرأسي يمكن تقسيمه من خالل تجربة ديوان الزكاة إلى قسمين‪:‬‬
‫أ‪ -‬إنشاء مؤسسات خدمية يستفيد منها الفقراء والمساكين ومن ذلك على سبيل‬
‫المثال‪:‬‬
‫و‬
‫‪ .‬أنظر بحث مةسسة الزكاة موًلنا‪/‬محمد إبراهيم محمد ص‬
‫المةتمر الثاني للزكاة وكتاب ف ه واقتصاديات الزكاة‪.‬‬
‫‪ .‬أنظر بحث الصرف األف ي والرأسي للزكاة لألستاذ‪/‬محمد بشير عبد ال ادر ص ‪( 0‬ضمن محور المصارف)‪.‬‬
‫‪ ، 3‬ضمن محور المصارف‬‫أنظر بحث مشروعية استثمار الزكاة للدكتور عبدال تاح محمد فرح‪ ،‬ص‬
‫‪19‬‬
‫ضمن محور مةسسة الزكاة من أعمال بحوث وأعمال‬
‫‪ ‬المؤسسات الصحية والعالجية كالمستشفيات والمستوصفات والمراكز العالجية‬
‫وانشاء الصيدليات وما شاكل ذلك‪.‬‬
‫‪ ‬مشاريع مياه الشرب والزراعة كما في دلتا عطبرة وبعض الحفائر والدوانكي‬
‫بكردفان ودارفور‪...‬‬
‫‪ ‬المساهمة في مجال الخدمات التعليمية من مدارس وخالوي وجامعات‪.‬‬
‫‪ ‬في مجال الزراعة من استصالح لألراضي وتوفير البذور‪.‬‬
‫‪ ‬مشاريع تشييد المساكن لأليتام‪.‬‬
‫‪ ‬تمليك وسائل اإلنتاج ومشاريع اإلعاشة للفقراء والمساكين‬
‫(‪)3‬‬
‫ب‪ -‬إنشاء مؤسسات استثمارية ومن ذلك على سبيل المثال‪:‬‬
‫‪ ‬مشاغل المالبس الجاهزة بكامل أجهزتها ومعداتها اختير لها عدد من األسر‬
‫الفقيرة إلخراجها من دائرة الفقر‪.‬‬
‫‪ ‬مشاريع مياه الري الزراعي‪.‬‬
‫‪ ‬مزارع الدواجن إلنتاج الدجاج البايض والالحم‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ‬زراعة عدد من مشاريع النخيل واألشجار المثمرة‪.‬‬
‫‪ /3‬خصم تكاليف اإلنتاج الزراعي‪:‬‬
‫المقصود بالتكاليف الزراعية كل ما انفقه المزارع على زرعه سواء كانت متعلقة‬
‫بإعداد األرض للزراعة أو متعلقة بالعملية الزراعية أو الحفاظ على المزروع أو‬
‫الحصاد‪...‬الخ‬
‫وهذه التكاليف منها ما هو من مال المزارع الخاص ومنها ما هو قد استدانه من‬
‫غيره‪.‬‬
‫أما ما يتعلق بالديون فقد حسمته المادة (‪(3 -39‬د) من القانون لسنة ‪2113‬م‬
‫حيث أشترطت في الزرع الذي تجب الزكاة فيه‪( :‬أن ال يكون الشخص مدينا بدين‬
‫يستغرق كل ماله أو يفقده النصاب ويستثني من ذلك زكاة الزروع والثمار بحيث يخصم‬
‫الدين المتصل بالزرع وثمرته على أن تحدد اللوائح نوعية الديون التي تخصم من الزكاة‪.‬‬
‫انظر ف ه واقتصاديات الزكاة من ‪5 - 0‬‬
‫انظر المصدر السابق‪ ،‬صـ ‪- /‬‬
‫‪71‬‬
‫هذا وقد طرحت هذه القضية للبحث والدراسة في المؤتمر العلمي العالمي الثاني‬
‫من خالل أربعة بحوث كلها تحت عنوان (تكاليف اإلنتاج الزراعي وأثرها على الزكاة)‪.‬‬
‫فكان الرأي األغلب خصم الديون التي اتفقت على الزرع فقط حسب ما ورد في‬
‫التوصيات الخاصة بهذا المحور حيث جاءت التوصية كالتالي‪( :‬تخصم الديون التي‬
‫أنفقها للمزارع على زرعه فقط على مذهب اإلمام أحمد رحمه اهلل وعلى قول ابن عباس‬
‫رضى اهلل عنه وهو الذي مال إليه ثالثة من مقدمي أوراق تكاليف اإلنتاج الزراعي‬
‫(‪)3‬‬
‫ووصى به جمهور المناقشين‬
‫‪.‬‬
‫أما النفقات من غير الديون فقد حسمتها لجنة شكلت لهذا الغرض توصلت إلى اآلتي‪:‬‬
‫أ‪ -‬احتساب الزكاة على المحصول بكامل انتاجه بعد خصم الديون حسب المادة‬
‫(‪ )30‬من الئحة الزكاة لسنة ‪2116‬م دون خصم التكاليف والنفقات من غير‬
‫الديون‪.‬‬
‫ب‪ -‬بعد أن يصرف مقدار الزكاة يترك للمزارع في حدود الخمس ليصرفه بنفسه على‬
‫قراباته‪.‬‬
‫ج‪ -‬أن يكون ترك الخمس للمزارعين األفراد وليس الشركات والمؤسسات (الشخصية‬
‫االعتبارية) األفضل ‪.‬‬
‫‪ /4‬إحالة الزكاة على المشتري‪:‬‬
‫المقصود بإحالة الزكاة على المشتري‪ :‬هو أن تؤخذ الزكاة من المشتري والذي آل‬
‫إليه المال الزكوي قبل تزكيته من قبل البائع ويلحق بالمشتري كل شخص آل إليه مال‬
‫زكوي وجبت ا لزكاة فيه ولم يخرج المكلف زكاته ويكثر هذا في زكاة الزروع والثمار‬
‫(‪)2‬‬
‫واألموال المستفادة‪ ،‬واألنعام‬
‫‪.‬‬
‫هـ الموافق ‪ 222/ /‬م حيث قررت ان هذا اإلجرا ليس له سند‬
‫هـ بتاريخ‪0/ / 2‬‬
‫انظر فتوى رقم ‪ 5‬لسنة ‪0‬‬
‫من ال ه وًل من قانون الزكاة وًل يجوز العمل به سوا كان التسجيل عند البيع أو بعده بمدة انظر ص‪ 20 -22‬من كتاب‬
‫ال تاوي‪.‬‬
‫‪ 3‬وف ه واقتصاديات الزكاة‪ ،‬صـ ‪3 -3‬‬‫انظر عن احالة الزكاة على المشتري للدكتور‪ /‬احمد مجذوب‪ ،‬صـ‬
‫‪71‬‬
‫قانونية اإلحالة‪:‬‬
‫هذه اإلحالة لم يرد بشأنها نص شرعي وال مادة صريحة في قوانين الزكاة‬
‫المتعاقبة ولوائحا ولم تصدر بشأنها فتوى من لجنة الفتوى أو غيرها بل صدرت فتوى‬
‫تمنع هذا التصرف وتوجب الزكاة على البائع إال إذا كان هناك توكيل أو اشتراط في‬
‫(‪)3‬‬
‫العقد بهذه اإلحالة‬
‫إال أن هذا اإلجراء ما زال معموال به في نقل ملكية العقارات‬
‫والمبيعات بأنواعها كما أنه معمول به في أسواق بيع المحاصيل ومواقع مراقبة الطرق‪.‬‬
‫ولعل سبب هذا اإلجراء هو السعي لتطبيق نص المادة (‪ )07‬من قانون الزكاة‬
‫لسنة ‪2113‬م التي تنص على اآلتي‪(:‬على الرغم من أي حكم وارد في أي قانون آخر ال‬
‫يجوز للسلطات المختصة منح أي مستندات أو تسهيالت تحول حقوقا وامتيازات مالية‬
‫إال بعد إبراز صاحب الطلب شهادة بأدائه للزكاة صادرة من األمين العام أو األمين‬
‫حسبما يكون الحال)‪.‬‬
‫وبما أن تطبيق المادة المذكورة يتعذر في بعض الحاالت لعدم وجود البائع ولعدم‬
‫وجود مستند يدل على أنه قام بتزكية المال موضوع النزاع قبل بيعه وأيضا لعدم وجود‬
‫توكيل بيد المشتري من قبل البائع فقد درج الديوان على اإلحالة المذكورة اتباعا للعرف‬
‫السائد في األسواق في مثل هذه المعامالت التي يحال فيها العبء على المشتري من‬
‫ضرائب أو زكاة أو ورسوم أخرى‪.‬‬
‫ويؤكد من يرى هذا الرأي أن المتعاملين في األسواق يسمونه البيع باألوراق‬
‫وبغيرها والمقصود باألوراق المستندات الخاصة بدفع ما على البائع من مطلوبات ولذلك‬
‫فإنهم يضيف ون ما يقابل هذه المطلوبات إلى سعر المبيع إذا لم يكن صاحبه قد سدد هذا‬
‫االلتزامات وفق مستندات يملكها البائع للمشتري فهل يا ترى يقوم هذا التصرف العرفي‬
‫مقام التوكيل(‪.)2‬‬
‫هذا ما ذهب إليه أحد الباحثين حيث أنزل هذا العرف منزلة الوكالة وبناء على‬
‫ذلك جاءت التوصية مؤيدة لهذا الرأي من قبل المشاركين في المؤتمر العلمي العالمي‬
‫الثاني‪ .‬ونصها‪ ( :‬تعتمد إحالة الزكاة على المشتري على الوكالة باعتبار أن المشتري‬
‫انظر ف ه واقتصاديات الزكاة من ‪5 - 0‬‬
‫انظر بحث احالة الزكاة على المشتري‪ ،‬ص‬
‫‪-‬‬
‫‪71‬‬
‫وكيل عن البائع في إخراج الزكاة – يعتمد للعرف المعتبر شرعا في إحالة الزكاة على‬
‫المشتري)‬
‫(‪.)3‬‬
‫ثالثا‪ :‬الخيارات التي رجحها لجنة الفتوى‪:‬‬
‫مر معنا نماذج من الخيارات الفقهية التي اعتمدها قانون الزكاة وأصبحت ملزمة‬
‫لمؤسسة الزكاة كما مر معنا الخيارات التي أعتمدتها الجهات ذات الصلة المنوط بها أمر‬
‫الترجيح‪.‬‬
‫وفي هذا الجزء تتناول أهم الخيارات التي تبنتها لجنة الفتوى في ذوراتها المختلفة‪.‬‬
‫‪ /1‬زكاة السودانيين العاملين بالخارج‬
‫فتوى رقم (‪1415 )2‬هـ بتاريخ ‪1415/6/22‬هــ ‪1224/11/23 -‬م‬
‫ردا على مذكرة وردت من الجالية السودانية بسلطنة عمان حول هذه الزكاة وايجابها على‬
‫المغتربين من دون حوالن الحول على المال ومن غير نظر إلى دخول الناس الحقيقة‬
‫أجابت اللجنة بالفتوى اآلتية‪:‬‬
‫(تؤخذ الزكاة من السوداني المسلم العامل بالخارج إذا ملك ماال تجب فيه الزكاة سواء‬
‫أكان من الرواتب أو المدخرات أو غيرها بعد خصم الحاجة األصلية وذلك بعد إقرار‬
‫بمأله المغترب بنفسه‪.‬‬
‫‪ ‬هذا وقد استندت اللجنة على المادة (‪/21‬ب) من قانون الزكاة لسنة ‪3031‬هـ‪-‬‬
‫‪3771‬م وعلى المادة ‪ 3/31‬من الئحة الزكاة لسنة ‪3771‬م‪.‬‬
‫‪ ‬كما استندت أيضا على الخيار الذي رجحه القانون في زكاة المال المستفاد من‬
‫حيث عدم حوالن الحول‪ ،‬وزكاته وقت استفادته يعد خصم الحوائج األصلية‪.‬‬
‫‪ /2‬زكاة الصندوق القومي للتأمين االجتماعي‪:‬‬
‫فتوى رقم (‪ )5‬لسنة ‪1415‬هـ بتاريخ ‪1415/12/14‬هـ ‪1225/3/15 -‬م‪.‬‬
‫اطلعت اللجنة على مذكرة من زكاة الشركات االتحادية مصحوبة بدعوى من‬
‫الصندوق بأن أمواله معفاة من الزكاة فأصدرت اللجنة الفتوى اآلتية (يعامل الصندوق‬
‫القومي للتأمين االجتماعي معاملة شركات التأمين التعاوني اإلسالمي فتجب الزكاة في‬
‫أمواله إذا بلغت نصابا وحال عليها الحول‪.‬‬
‫انظر توصيات محور الجباية واًلشكاًلت والمستجدات‪ ،‬صـ‪. 35‬‬
‫‪71‬‬
‫تكليف أخر‪:‬‬
‫ويالحظ أن اللجنة أوجبت الزكاة في أموال الصندوق قياسا على أموال شركات‬
‫التأمين التعاوني اإلسالمي إال أن هذا التكييف تطور عندما عرضت نفس هذه القضية‬
‫استئنافا من الصندوق في عام ‪2112‬م مدعين أن أمواله أموال عامة ال تجب فيها الزكاة‬
‫بحكم القانون‪.‬‬
‫وبعد أن رجعت اللجنة إلى آراء الخبراء أهل االختصاص أكدت على فتواها‬
‫السابقة بوجوب الزكاة على الصندوق لكنها عللت هذا الوجوب بأن‪ :‬أموال الصندوق‬
‫تعتبر أمواال عامة معدة لالستثمار فتجب فيها الزكاة وال يشملها اإلعفاء الوارد في المادة‬
‫(‪/19‬أ) من قانون الزكاة ويالحظ أن اللجنة استندت إلى خيار القانون بأن المال العام‬
‫المستثمر تجب فيه الزكاة بحسب المادة (‪/19‬أ)‪.‬‬
‫‪ /3‬زكاة أموال الهيئة العامة لإلمدادات الطبية‪:‬‬
‫فتوى رقم ‪1422/3‬هـ ‪ -‬بتاريخ ‪/14‬رمضان‪1422/‬هـ ‪2222/11/17 -‬م‪.‬‬
‫ورد اعتراض للديوان من الهيئة على أخذ الزكاة منها بحسبان أن مالها مال عام‬
‫فردت اللجنة بفتوى مشابهة للسابقة فأوجبت الزكاة فيها بحسبان مالها ماال عاما مقعدا‬
‫لالستثمار طالما أن هناك جزءا مستثم ار منه وال يشمله اإلعفاء للوارد في المادة ‪/19‬أ‬
‫من القانون‪.‬‬
‫‪ /4‬مشروعية خرص الفواكه‪.‬‬
‫فتوى رقم ‪ 7‬لسنة ‪1416‬هـ ‪ -‬بتاريخ ‪1416/4/17‬هـ‪1226/2/12 -‬م‪.‬‬
‫وردت للجنة مذكرة علمية ضافية من اإلدارة العامة لخطاب الزكاة بشأن هذا‬
‫الموضوع رجحت فيه خيار الخرص قياسا على خرص التمر والعنب لوجود علة الخرص‬
‫في الفواكه تبعا لرأي بعض العلماء وتحقيقا لمصلحة الفقير‪.‬‬
‫بناء على ذلك أفتت اللجنة بما يلي‪( :‬يجوز الخرص بشروطه الشرعية في جناين‬
‫الفواكه والمقاثي قياسا على ما نص عليه في خرص التمر والعنت)‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫‪ /5‬زكاة المنتجات الغابية‪:‬‬
‫فتوى رقم (‪ )12‬لعام ‪1416‬هـ‪ -‬بتاريخ ‪3‬شوال‪1416/‬هـ‪/2 -‬مارس‪1226/‬م‪.‬‬
‫بناء على مذكرة أعدتها إدارة الدعوة بالديوان كيفيت المنتجات الغابية بكونها‬
‫زروعا ألنها مما تنبته األرض حيث أوجب القانون الزكاة في كل ما تنبته األرض مما‬
‫ينتفع به اإلنسان‪ ،‬وألن الغابات تحتل مساحة شاسعة من أراضي السودان تديرها مصالح‬
‫حكومية وأحيانا و ازرات وهي بهذه الصفة منتفع بها فتجب فيها الزكاة‪.‬‬
‫بناء على ما تقدم واستنادا للمادة (‪ )3/32‬من القانون لسنة ‪3771‬م والئحته لعام‬
‫‪3771‬م المادة (‪ )3/7‬افتت اللجنة باآلتي‪:‬‬
‫(تجب الزكاة في الغابات إذا كانت اشجارها معدة للقطع وتؤخذ الزكاة عند قطعها)‪.‬‬
‫‪ /6‬نصاب الزروع والثمار التي ال تكال وال توزن‪:‬‬
‫فتوى رقم (‪ )14‬لسنة ‪1416‬هـ‪ -‬بتاريخ ‪/7‬ذوالقعدة‪1416/‬هـ ‪/27 -‬مارس‪1262/‬م‪.‬‬
‫استنادا إلى المواد (‪ )35 -30 -31 -32‬من قانون الزكاة لسنة ‪3771‬م‬
‫والئحته لسنة ‪3771‬م المادة (‪ )7/5‬والفقرة (‪/7‬ب) وبعد المداولة أصدرت اللجنة الفتوى‬
‫اآلتية ( يحدد نصاب الزروع والثمار التي ال تكال وال توزن بما تساوي قيمته خمسة أوسق‬
‫وهي تعادل مائة ربع في المكيل أو ستمائة وثالثة كيلو جرام في الموزون من أوسط ما‬
‫يكال ويوزن)‪.‬‬
‫مالحظة‪ :‬يالحظ أن هذه الفتوى عامة يمكن أن يعالج بها سائر الزروع والثمار التي ال‬
‫تكال وال توزن ومن ذلك ما تقدم من المنتجات الغابية وغيرها‪.‬‬
‫‪ /7‬زكاة القطن بمشروع الجزيرة‪:‬‬
‫فتوى رقم (‪ )35‬لسنة ‪3036‬ه ـ‪ -‬بتاريخ ‪/37‬شعبان‪3036/‬هـ‪3776/3/31 -‬م‪.‬‬
‫ردا على استفتاء من ديوان الزكاة بوالية الجزيرة بشأن خصم التكاليف الزراعية‬
‫من محصول اللفظي وتزكية ما بقي وبناء على تقرير لجنة موسعة شكلت لهذا الغرض‬
‫‪72‬‬
‫وعلى فتوى سابقة صادرة من مجلس اإلفتاء الشرعي عام ‪3015‬هـ ‪3795 -‬م وبعد‬
‫المداولة افتت اللجنة باآلتي‪:‬‬
‫(بعامل محصول القطن في الزكاة معاملة المحاصيل األخرى بالنسبة لخصم المصروفات‬
‫الزراعية بمقتضى التقرير الصادر من اللجنة الفقهية الموسعة المكلفة بدراسة التكاليف‬
‫الزراعية)‪.‬‬
‫مالحظة‪ :‬عالقة الفتوى بخصم التكاليف الزراعية‪:‬‬
‫من المعلوم أن اللجنة المذكورة أعالها كانت قد أوصلت بأن تخصم من النفقات‬
‫الديون التي انفقها المزارع على الزرع وثمرته وال تحسب النفقات من غير الديون‪.‬‬
‫وهذا الموضوع‪ -‬كما مر معنا‪ -‬في الخيارات االجتهادية السابقة عقدت حوله‬
‫مؤتمرات وورش عمل وبحوث وندوات كلها رجحت خيار خصم الديون التي انفقها‬
‫المزارع على الزرع‪.‬‬
‫‪ /7‬زكاة قصب السكر بعد تصنيعه كعروض التجارة‪:‬‬
‫فتوى رقم (‪ )3‬لسنة ‪2112‬م بتاريخ ‪/7‬صفر‪3022/‬هـ‪/23 -‬أبريل‪3776/‬م‪:‬‬
‫ورد استفت اء للجنة بشأن زكاة مصنع سكر كنانة الذي يزرع القصب ثم يصنعه‪،‬‬
‫هل يزكي زكاة الزروع فقط أم زكاة للعروض فقط أم تزكي الزروع حين حصادها ثم‬
‫يزكي القصب مع مال الشركة حسب حول الشركة كعروض تجارة‪.‬‬
‫نظرت اللجنة في بحوث ودراسات بهذا الخصم كما استمعت إلى المسؤولين في‬
‫الشركة ثم افتت بما خالصته‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تؤخذ الزكاة من القصب عند حصاده باعتباره زروعا للنص في القانون على وجوب‬
‫الزكاة في جميع الزروع بأنواعها حسب نص المادة (‪)3/50‬واتباعا لمذهب الحنفية الذي‬
‫يوجب الزكاة في قصب السكر‪ ،‬وبما أنه ال مصلحة للفقير في القصب فتدفع له قيمة‬
‫الزكاة كما أن المصنع مصلحة في دفع القيمة ألنه في حاجة إلى القصب لتصنيعه‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تؤخذ الزكاة مما تصنعه الشركة من سكر كعروض تجارة مع تأكيد اللجنة بأنه ال‬
‫ثني (ازدواجية) في أخذ الزكاتين معا الختالف سبب كل من الزكاتين والغيين على‬
‫الشركة ألن ما أخذ مقابل زكاة القصب يحسم كمصروفات عند حساب الزكاة‪.‬‬
‫‪71‬‬
‫وهذا الخيار الذي أختارته اللجنة باإلضافة إلى الخيارات المذكورة آنفا (عروض‬
‫التجارة فقط‪ ،‬الزروع فقط) يقابله خيار آخر هو أن الزكاة يمكن أن تؤخذ من القصب‬
‫زكاة زروع كما مر ثم بعد ذلك عند تصنيع السكر تخرج للشركة زكاتها بعد خصم ما‬
‫يقابل وعاء الزروع بكامله ويزكي صافي مال الشركة مخصوما من وعاء الزروع ألن هذا‬
‫الوعاء قد زكى في نفس الحول‪.‬‬
‫وهذا في رأيي هو األرجح‪.‬‬
‫‪ /2‬زكاة المعادن‪:‬‬
‫فتوى بتاريخ ‪/36‬شوال‪3012/‬هـ‪/1 -‬سبتمر‪2132/‬م‪.‬‬
‫بعد اطالع اللجنة على الدراسة التي أعدها المعهد العالي لعلوم الزكاة وغيرها من‬
‫الدراسات بهذا الخصوص خلصت إلى اآلتي‪:‬‬
‫‪ .1‬المعادن هي كل ما استخرج من األرض مما ُخلق فيها من غير جنسها جامدا أم‬
‫مائعا‪.‬‬
‫‪ .2‬تجب الزكاة في كل ما استخرج من األرض من معادن حسب نص المادة ‪/39‬أ‬
‫من قانون الزكاة لسنة ‪2113‬م‪.‬‬
‫‪ .3‬الواجب في المعدن ربع العشر ويزكي يوم استخراجه إذا بلغ نصابا‪.‬‬
‫‪ .4‬إذا كان للمشقة والنفقات المبذولة في الخارج كبيرة وكان الخارج كثي ار ففيه الخمس‬
‫واذا كان قليال فربع العشر‪.‬‬
‫‪ .5‬إذا كانت الشركات المستخرجة شركات عامة تجب عليها الزكاة كذلك إعماال‬
‫للمادة ‪/19‬أ من القانون لسنة ‪2113‬م والمادة (‪ )33/21‬من الئحته لسنة‬
‫‪2110‬م ويؤخذ منها الزكاة بواقع ‪.%225‬‬
‫‪ .6‬المعادن غير محددة القيمة عند استخراجها يرجع في أمر تقصيرها قبل التصفية‬
‫حسب السوق‪.‬‬
‫‪ .7‬تجب الزكاة في المعادن بعد تصفيتها من الشوائب إذا كان المستخرج هو المتولي‬
‫للتصفية أما إذا كان عبر متول لها‪ .‬فتكون الزكاة من قيمة المستخرج‬
‫فتكون الزكاة من قيمة المستخرج‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫خامسا‬
‫التدقيق والرقابة الشرعية للمعامالت الزكوية‬
‫إعـــــداد‬
‫د‪ .‬عبـد اإلله محمد أحمد عبد اهلل نمر‬
‫مدير إدارة البحوث والتوثيق والمعلومات‬
‫معهد علوم الزكاة‬
‫‪78‬‬
‫المقدمـــــة‪:‬‬
‫إن الحمدهلل نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا‬
‫وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده اهلل فهو المهتد ومن ُيضلل فلن تجد له وليا مرشدا‪ .‬وأشهد أن‬
‫ال إله إال اهلل وحده ال شريك له وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله‪ ،‬عليه أفضل‬
‫الصالة والسالم وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫إن مؤسسة الزكاة‪ -‬رغم قصر عمرها الزمني‪ -‬فقد حققت نجاحا مقد ار استطاعت‬
‫به خالل السنوات الماضية من تحقيق معَّدالت من التحصيل في جملتها ساهمت كثي ار‬
‫في اثبات سلطانية الزكاة وكسر قيود االكتناز‪ ،‬وفتح أعين المسلمين على ركن دينهم‬
‫الذي ال يتم الدين إال به‪ ،‬وأعانتهم على التوبة والرجوع إلى اهلل‪ .‬كما أن مردود ذلك كله‬
‫كان مساهمة جيدة في سد حاجات كثير من أهل االستحقاق‪.‬‬
‫ولضمان التزام مؤسسة الزكاة بأحكام الشريعة في األخذ والصرف الزكوي‬
‫والعطاء‪ ،‬يجب أن تكون هناك آلية منظّمة للتحقق من شرعية الجباية والمحاسبة‬
‫والصرف الزكوي وتتابع أعمال هذه المؤسسة من هذا الباب‪ ،‬وللتأكد من تطابق الفتاوي‬
‫الصادرة‪ ،‬ولتقويم األخطاء المحتملة في أثناء عمليات الجباية أو الصرف أو المحاسبة‬
‫الزكوية‪ .‬وحتى يطمئن المكلفون الباذلون ألموالهم أنها تجري على المبدأ الذي وجبت له‬
‫هذه األموال‪ .‬مع وجود لجنة الفتوى التي تقوم بوظيفة الفتوى والفصل في مستجدات‬
‫الزكاة وال سيما في تحديد األوعية من جهة تحقيق مناط كل وعاء استحدث أو نشاط‬
‫اقتصادي استجد‪.‬‬
‫وكذلك وضع الضوابط الالزمة ألوجه الصرف الزكوي الذي يحقق مقصود الشارع من‬
‫حيث سد الحاجات واختيار أفضل الوسائل التي تحقق ذلك‪ ،‬دورانا مع الزمان والمكان‬
‫والتزاما بثوابت الشارع في قبض الزكاة وصرفها‪ .‬ولالجابة عن التساؤالت التي ترد من‬
‫المكلفين والعاملين‪ ،‬خاصة وأن بعض النوازل يتنازعها أصالن‪ ،‬فينسبها َّ‬
‫المكلف إلى‬
‫أصل والساعي إلى أصل‪ ،‬لهذا كان البد من الرجوع إلى أهل الذكر في ذلك لدفع هذا‬
‫االضطراب الذي كان له مردود سلبي على التحصيل وعلى قاعدة الثقة‪.‬‬
‫‪79‬‬
‫وهذا بحث في الرقابة الشرعية على المؤسسة الزكوية بالسودان (ديوان الزكاة)‬
‫قسمته إلى تمهيد‪ ،‬ومطالب تشمل‪:‬‬
‫‪ .3‬واقع التدقيق والرقابة الشرعية في ديوان الزكاة وعالقة لجنة الفتوى بذلك‪.‬‬
‫‪ .2‬أهمية الرقابة والتدقيق الشرعي والدواعي والمشكالت التي تستوجب قيام جهة‬
‫مختصة للقيام بالمراقبة والتدقيق الشرعي‪.‬‬
‫‪ .1‬ما هو المطلوب لتحقيق التدقيق والرقابة الشرعية بديوان الزكاة‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬واقع التدقيق والرقابة الشرعية في ديوان الزكاة وعالقة لجنة الفتوى‬
‫بذلك‪.‬‬
‫ينص قانون الزكاة لسنة ‪3771‬م المادة (‪ )16‬منه‪ ،‬على إنشاء لجنة لإلفتاء‬
‫وتشكل بقرار يصدره الوزير بناء على توصية مجلس األمناء ممن ُعرفوا بالفقه واالهتمام‬
‫بقضايا االسالم والمسلمين وتحدد اللوائح اختصاصاتها وكيفية أعمالها‪ .‬والمادة (‪ )33‬من‬
‫قانون الزكاة لسنة ‪2113‬م‪.‬‬
‫وقد تم تكوين اللجنة بالقرار الوزاري رقم (‪ )11‬لسنة ‪3770‬م – وظلت تتخذ‬
‫عضويتها لكل دورة مدتها عامان‪ -‬ولعدد (‪ )5‬دورات‪ ،‬واآلن تمارس أعمالها في الدورة‬
‫الخامسة‪.‬‬
‫وبعد الوقوف على أنشطة هذه اللجنة الموقرة‪ ،‬وجدنا أن عملها ينحصر في‬
‫طبيعتها وتحديد مهامها الئحيا وهو إصدار الفتاوى مباشرة أو بالمشاركة عبر عضويتها‬
‫من خالل بحوث ودراسات تصدر عنها فتاوى بعد أن تعاد صياغتها وتصدر بتوقيع‬
‫اللجنة‪ .‬ولم تتطرق اللوائح من قريب أو بعيد لعملية الرقابة أو التدقيق‪ ،‬لذلك ظهرت فجوة‬
‫كبيرة جدا في متابعة ومراقبة تنفيذ الفتاوى والتدقيق في سالمة اإلجراءات التطبيقية‬
‫للفتاوى واألحكام الشرعية‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أهمية الرقابة والتدقيق الشرعي والدواعي والمشكالت التي تستوجب‬
‫قيام جهة مختصة للقيام بالمراقبة والتدقيق الشرعي‪.‬‬
‫مفهوم الرقابة الشرعية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الرقابة لغة‪ :‬قال ابن فارس‪" :‬انتصاب لمراعاة شئ"‪.‬‬
‫وقد استخدم لفظ رقب في اللغة على معان متعددة منها االنتظار‪ ،‬والحفظ‬
‫والحراسة واإلشراف‪ ،‬والعلو واألمانة‪.‬‬
‫فالمراقب بهذا المفهوم كأنه يقف على مكان ٍ‬
‫عال ومشرف ينتظر ليقوم بدوره‬
‫وبأمانة ليحفظ بذلك المؤسسة الزكوية عن كل ما هو ممنوع شرعا‪.‬‬
‫والرقابة بالمفهوم التقليدي ال تُحقق ذلك المقصود باعتبار أن هذه مؤسسة نشاطها‬
‫كله في دائرة الحكم الشرعي‪ ،‬وليس هي مجرد أداة للتحقق من مدى سالمة التصرفات‬
‫المالية التي تقوم بها الوحدات التابعة للزكاة الئحيا واجرائيا‪ ،‬بل المقصود مدى شرعية‬
‫هذه التصرفات ومدى مطابقتها لقانون الزكاة واللوائح المنظمة لها واألدلة والمراشد‬
‫الموجهة للعمل كما أن المراد بالشرعية هنا‪ :‬مطابقة األداء الزكوي للفتاوي الصادرة‬
‫واألحكام المقررة واالختيارات المعتمدة‪.‬‬
‫تعريف التدقيق الشرعي وتكوين مكتبه‪:‬‬
‫هو نشاط ينشأ وفق الئحة خاصة ضمن القانون الذي تصدر به هيئة الفتوى‬
‫والرقابة والتدقيق الشرعي‪ ،‬تنظم عملها في مراقبة أعمال مؤسسة الزكاة من الناحية‬
‫الشرعية‪ ،‬وتعتمد تقارير هذا القسم من قبل مجلس األمناء أو رئيسه‪.‬‬
‫تكوين‪ :‬ويتكون مكتب التدقيق من مختصين في فقه الزكاة والمعامالت الشرعية‪،‬‬
‫وخصوصا فقه الشركات‪ ،‬ومختصين في األوعية الزكوية ويتكون من شرعيين ومحاسبين‬
‫وق انونيين لهم خبرة في هذا المجال‪ ،‬وتصدر الئحته من مجلس األمناء بتحديد المؤهالت‬
‫والشروط المطلوبة‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫أما الدواعي والمشكالت التي تستوجب قيام جهة للرقابة والتدقيق الشرعي وهي كثيرة‬
‫نذكر منها على سبيل المثال‪:‬‬
‫(‪ )1‬مشكالت متعلقة بتحديد وقياس مفردات الوعاء الزكوي‪.‬‬
‫(‪ )2‬مشكالت متعلقة لتحديد وقياس الديون وملحقاتها‪.‬‬
‫(‪ )3‬مشكالت متعلقة بتحديد وقياس النقود وملحقاتها‪.‬‬
‫(‪ )4‬مشكالت متعلقة بتحديد أعيان المستحقين وقياس الحاجة‪.‬‬
‫مشكالت متعلقة بتحديد وقياس مفردات الوعاء الزكوي‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫إن عملية الجباية تمر بعدد من اإلجراءات المتبعة لتحقيق المقصود منها على‬
‫الوجه المشروع ومن بين هذه اإلجراءات مرحلتي التشريع واإلفتاء ومرحلة التنفيذ‪ ،‬وهذه‬
‫األخيرة تتم عبر سعاة منتشرين بالواليات‪.‬‬
‫وتظهر ضرورة الرقابة والتدقيق في تحديد الوعاء الزكوي بالنظر إلى مفرداته –‬
‫وفي حساب وتقويم هذه المفردات وكما هو معلوم‪:‬‬
‫‪ .3‬فإن الفقهاء متفقون على عدم ايجاب الزكاة في عروض القنية مطلقا وعروض‬
‫التجارة في الفكر المحاسبي تشمل‪ :‬المخزون السلعي (البضاعة) واالستثمارات‬
‫المتداولة‪ -‬وفي الفكر المحاسبي اإلسالمي هو المباع‪ :‬أي الشيء المعد للبيع‬
‫أصال أو تبعا (كالمواد األولية) والمعتبر في المخزون السلعي الداخل ضمن‬
‫الوعاء الزكوي إلعداد البيع‪ .‬ولهذا رأى جمهور الفقهاء عدم دخول األواني‬
‫واألقفاص والموازين التي توضع فيها السلع للتجارة‪ .‬وفي لغة المحاسبة تظهر‬
‫مفردات المخزون السلعي كالبضائع والسلع الملموسة أو مجا از كالمنافع والخدمات‬
‫فإن محل االختبار بالنسبة للساعي المحاسبي يكمن في كيفية تحديد كون‬
‫اء كانت منافع أو أعيان كونها أوعية معتبرة‬
‫الموجودات التي عند المكلف‪ :‬سو ٌ‬
‫يجوز ضمها في الوعاء الزكوي‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫(‪ )5‬التأكد وااللتزام بشرعية وكفاية أدلة وقرائن المراجعة إلبداء رأي صحيح وواضح‬
‫عن البيانات التي تحويها القوائم المالية الخاضعة للزكا‪ ،‬فال يوضع في صف‬
‫األصول المتداولة إال ما قام عليه دليل قاطع‪.‬‬
‫(‪ )6‬االشكاالت الواردة عند عمليات التقدير ومدى صحة إجراءات التقدير من الوجهة‬
‫الشرعية‪.‬‬
‫(‪ )7‬التأكد من تحقق الغش أو اإلدالء بمعلومات غير موثوقة مما أحدث إجراءات‬
‫تقدير اضافية لم تكن محل رضا من المكلفين‪.‬‬
‫(‪ )7‬التدقيق في آليات التحصيل ومدى شرعية التطبيق مثل التحصيل في نقاط‬
‫العبور وفي أسواق المحاصيل والوحدات التي ليس لها نظم محاسبية‪.‬‬
‫(‪ )2‬النظرة للقروض طويلة االجل وجلها وجعلها في مقابل األصول الثابتة في‬
‫ميزانية المدين ال تتفق مع نظرة فقه الزكاة فإن بعض المؤسسات والشركات‬
‫تحاول اعتماده وخصمه فالتدقيق يتأكد من ذلك‪.‬‬
‫(‪ )12‬إن القول بجواز الصرف على المشروعات اإلنتاجية مشروط بشروط وقيود‬
‫يجب مراعاتها إال بطل الفعل فإن التدقيق الشرعي يتأكد من استيفاء تلك‬
‫الشروط من عدمها‪.‬‬
‫هذه المشكالت ظهرت عند التطبيق مع مالحظة مدى اعتماد األسس الفقهية‬
‫المحاسبية الزكوية‪.‬‬
‫وظهرت أيضا في السالمة الشرعية لنشاط الوحدة المحاسبية المقصودة بالزكاة عند‬
‫تطبيق مفهوم الملكية التامة للمال دون اعتبار لكونها مجتمعة مندمجة أو منفصلة‬
‫متميزة‪ ،‬وسواء استمرت في شركة خاصة أو عامة‪.‬‬
‫كما ترد أيضا اشكاالت في التطبيق أو ما يسمى بتحقيق المناط على المشروعات‬
‫الخدمية التي أجيزت استثناءا وقص ار على الفقراء بتمليكهم الخدمة مجانا لسد حاجتهم في‬
‫ذلك النوع من الخدمة سواء كانت صحية أو تعليمية‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬ما هو المطلوب لتحقيق التدقيق والرقابة الشرعية بديوان الزكاة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬جهاز للتدقيق الشرعي‪:‬‬
‫إن من بين أكثر المخاطر الزكوية الماثلة؛ اهتزاز الثقة لدي المكلفين ولتحقيق‬
‫أفضل قدر من الثقة والطمأنينة يجب اتباع وسيلة تؤكد أن جميع عمليات الجباية‬
‫والصرف والمحاسبة تتماشى مع الفتاوي الصادر وأحكام الزكاة وقواعدها الخاصة وأحكام‬
‫الفقه عامة‪.‬‬
‫واذا لم يتم الوفاء بهذا المطلب فإن وجود لجنة الفتوى سيكون بال مغزى‪ ،‬وهناك‬
‫ثالثة بدائل ينظر فيها لهذا الغرض‪-:‬‬
‫أحد هذه البدائل أن تقوم السلطات اإلشرافية التقليدية نفسها بالتدقيق الشرعي أثناء‬
‫زياراتها االعتيادية بغرض فحص عمليات الزكاة المخلتفة‪.‬‬
‫وبما أن المعايير المحاسبية الموضوعة لحساب زكاة الشركات محدودة‪ ،‬فإن‬
‫الديوان‪ ،‬مطالب بتطوير مجلس المعيار الشرعي لمحاسبة الزكاة في الشركات وبقية‬
‫ٍ‬
‫طفيف‬
‫األوعية‪ .‬ويمكن لهذا المجلس حتى يتسارع مع الحاجة الملِّحة‪ ،‬أن يقوم بتحوير‬
‫للمعايير الموجودة ليناسب ظروف الزكاة الخاصة بها‪ .‬وذلك ألن معايير المراجعة‬
‫والمحاسبة الشرعية من أهم أدوات الرقابة والتدقيق والمراجعة المستخدمة للحكم على‬
‫المؤسسة‪.‬‬
‫والبديل الثاني‪ :‬هو قيام منشآت أعمال خاصة مستقلة للتدقيق الشرعي‪ ،‬وسيتعين على‬
‫هذه أن تستأجر ما يكفي من المهنيين وتدريبيهم على فحص عمليات الزكاة بغرض‬
‫تحديد ما إذا كانت هذه العمليات متماشية مع الشريعة‪ .‬غير أن هذا البديل يتخلله‬
‫تعقيدات كثيرة واستيعاب لعدد من موظفي الزكاة أثناء عملية المراجعة والتدقيق‪.‬‬
‫والبديل الثالث‪ :‬واألكثر أفضلية هو أن تنشأ إدارة رقابة وتدقيق شرعي داخل مؤسسة‬
‫الزكاة مع استقاللية موضوعية تمكنها من القيام بمهمة المراجعة والتدقيق الشرعي‬
‫‪83‬‬
‫بموجب القوانين الصادرة واللوائح وفتاوي الهيئة الشرعية وفقه الزكاة العام ومستجداته مع‬
‫االلتزام بالخيارات المعتمدة‪.‬‬
‫مما يعني أن تأهيل المدققين سيشمل التدريب الضروري في الجوانب المالية‬
‫الشرعية‪ ،‬واألموال الزكوية وكيفية حسابها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهداف الرقابة والتدقيق الشرعي‪:‬‬
‫‪ .3‬إن الغرض من وجود لجنة للرقابة والتدقيق الشرعي هو غرض مالي محاسبي من‬
‫حيث الجباية وادارة مواردها وحسابها واستخداماتها فيما شرعت له‪ ،‬وعن طريق‬
‫التأكد من اتباع الوسائل واالجراءات والقواعد الشرعية في الجباية واإلدارة‬
‫والحساب والصرف ألن الوسائل تأخذ حكم الغايات‪.‬‬
‫‪ .2‬هي رقابة على األداء ورقابة على الكفاية من وجه شرعي‪ .‬بمقارنة الكفاية الفعلية‬
‫مع األهداف المقاصدية للخطط والسياسات التي قُررت والمقاصد التي من أجلها‬
‫ُشرعت الزكاة والمعايير المحاسبية التي تصدر والتي بها ُيرفع اإلشكال التطبيقي‪.‬‬
‫‪ .1‬وكذلك تهدف هذه اللجنة للتحقق من أن موارد الزكاة التحصيلية (الجباية) قد‬
‫حصلت وفقا للقوانين واللوائح والمراشد واألدلة الصادرة‪ ،‬ووفقا للقواعد الكلية للفقه‬
‫وقواعد الزكاة خاصة‪ ،‬والكشف عن مواضع الخلل والزلل لتالفيها فنيا أو إصدار‬
‫الفتاوى بموجبها‪ ،‬أو التوصية بعمل الدراسات والبحوث بما يتعلق ببيان قضاياها‪.‬‬
‫‪ .0‬كذلك التأكد من أن حساب الزكاة مع المكلفين بمختلف أوعيتهم قد تم وفق ما هو‬
‫مقرر له في المحاسبة الزكوية والكيفية التحصيلية وأن أوجه الصرف اإلداري‬
‫(التسيير) على ذلك كله يكون بقدر ما يحقق غرض التحصيل والتوزيع‪ ،‬دونما‬
‫إسراف أو انحراف عن المعروف‪.‬‬
‫‪ .5‬وكذلك التأكد من سالمة ومطابقة المعايير أو المعدالت القياسية العالمية الصادرة‬
‫مسبقا مع مراعاة المواءمة للنظر الشرعي كأساس للرقابة والتدقيق الشرعيان‪.‬‬
‫‪ .6‬التحقق من هذا كله عبر فرع الرقابة والتدقيق الشرعي‪ .‬إليجاد البدائل والوسائل‬
‫المشروعة في التحصيل والصرف‪.‬‬
‫‪82‬‬
‫ثالثا‪ :‬أساس الرقابة والتدقيق الشرعي‪:‬‬
‫إن األساس الشرعي التي تقوم عليه هذه اللجنة هو‪:‬‬
‫أوال‪ :‬النصوص الشرعية اآلمرة بالمعروف والناهية عن المنكر‪ ،‬قوله تعالى‪َ (:‬و ْل َت ُكن مِّن ُك ْم‬
‫ُون)(‪.)3‬‬
‫ك ُه ُم ْال ُم ْ لِح َ‬
‫ن ْالمُن َك ِر َوأُو َٰ َل ِئ َ‬
‫ُون إِلَى ا ْل َخي ِْر َو َيأْ ُمر َ‬
‫أُم ٌَّة َي ْدع َ‬
‫ُون ِب ْال َمعْ رُوفِ َو َي ْن َه ْو َن َع ِ‬
‫ون َو ْالم ُْة ِم َن ُ‬
‫ُون ِب ْال َمعْ رُوفِ َو َي ْن َه ْو َن‬
‫ات َبعْ ُ‬
‫ض ُه ْم أَ ْو ِل َيا ُ َبعْ ي‬
‫ب َيأْ ُمر َ‬
‫قوله تعالى‪َ ( :‬و ْالم ُْة ِم ُن َ‬
‫ك َس َيرْ َح ُم ُه ُم َّ‬
‫ون َّ‬
‫ُون ال َّ‬
‫َّللا َو َرسُولَ ُه أُو َٰلَ ِئ َ‬
‫الز َكا َة َويُطِ يع َ‬
‫ص َال َة َوي ُْة ُت َ‬
‫َع ِن ْالمُن َك ِر َو ُي ِيم َ‬
‫َّللاُ‬
‫ُون َّ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫َّللا َع ِزي ٌز َحكِي ٌم )‬
‫إِنَّ َّ َ‬
‫وقوله عليه الصالة والسالم‪َ " :‬منْ َر َأى م ِْن ُك ْم م ُْن َكرا َف ْلي َُريّرْ هُ ب ِ َي ِد ِه ‪َ .‬فإِنْ َل ْم َيسْ َتطِ عْ َفبِلِ َسا ِن ِه ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫َفإِنْ َل ْم َيسْ َتطِ عْ َفب ِ َ ْلب ِ ِه ‪َ .‬و َذلِ َك َأضْ َعفُ اإلِي َمان "‬
‫فالنصوص السابقة تحض على األمر بالمعروف‪ ،‬فإن وجود فئة من العلماء تقوم‬
‫بإصالح ما يحتاج الصالح شرعي أو تكييف فقهي‪ ،‬هو من المعروف‪ ،‬وكذلك العمل‬
‫على توجيه العاملين بااللتزام بالضوابط الشرعية للمعامالت الزكوية واألنشطة الملحقة‬
‫بها‪ ،‬هو من إنكار المنكر وتصويبه‪ .‬واآلثار الحديثة التي تدل على ممارسة النبي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم وأصحابه كثيرة في ذلك‪.‬‬
‫القواعد األصولية التي يعمل بها المدقق‪:‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫قاعدة‪" :‬ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب" أو بمعنى آخر‪" :‬ما ال يتم المقصود‬
‫إال به فهو مقصود"‪.‬‬
‫وبيان ذلك‪ :‬أن معرفة أحكام الشريعة في تصرفات العاملين المالية واجب‬
‫شرعي‪ ،‬ولضمان تحقيق ذلك فالبد من وجود هيئة رقابة شرعية تعنى بهذا‬
‫األمر‪ ،‬فصار قيام هذه الهيئة واجبا شرعيا‪ ،‬يحقق مقصود الشريعة في إبراء‬
‫ذمة المكلف ووصول حق المستحق له براءة لذمة ولي األمر أو من يوكله‬
‫مما ِّ‬
‫ولي عليه‪ -‬بالتسديد والمقاربة وبذل الوسع قدر اإلمكان‪.‬‬
‫وكل فيه أو ِّ‬
‫سورة نل عمران نية ‪0‬‬
‫التوبة اآلية ‪2‬‬
‫البخاري ‪ :‬الجمعة (‪ ، )2 3‬ومسلم ‪ :‬اإليمان ‪(49) ,‬والترمذي ‪ :‬ال تن ( ‪2‬‬
‫) ‪ ،‬وابن ماجه ‪ :‬إقامة الصالة والسنة فيها‪...‬‬
‫وأبو داود ‪ :‬الصالة (‪0‬‬
‫‪81‬‬
‫) ‪ ،‬والنسائي ‪ :‬اإليمان وشرائعه (‪، ) 002‬‬
‫والرقابة الشرعية هي امتداد لوظيفة الحسبة التي قام بها األنبياء عليهم الصالة‬
‫والسالم‪ ،‬وقام بها أصحاب النبي صلى اهلل عليه وسلم وتابعيهم‪.‬‬
‫ومن المعقول أيضا‪ :‬وبيانه‪:‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫أن عدم وجود جهة علمية شرعية فنية مخو ٌل لها تنظيم أداء مؤسسة الزكاة‬
‫ومراقبة التنفيذ شرعيا‪ ،‬يوقع ذلك في خلل كبير (يحصل في أموال المكلفين‬
‫عند الزامهم بها‪ ،‬أو أموال المستحقين عند توزيعها عليهم‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫إن اعطاء الصبغة الشرعية في تصرفات المؤسسة وتوفر االرتياح واالطمئنان‬
‫لدي المكلفين والمستحقين‪ ،‬وكذلك العاملين‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫عدم االحاطة الكاملة الدقيقة بأحكام الشريعة في التصرفات المالية من قبل‬
‫بعض العاملين‪ ،‬ال سيما في ظل تطور النشاط االقتصادي المالي المتجدد‬
‫والمتسارع‪ ،‬وتطور أدوات ووسائل التحصيل‪ ،‬وتطور وتجدد الحاجات‬
‫االنسانية للمستحقين وتفاوتها من حيث الضرورة والحاجة‪ ،‬يعني ضرورة‬
‫صعوبة النظر والبحث فيها‪ ،‬والوقوف على الحلول الشرعية المناسبة والبدائل‬
‫الصالحة للعمل بها من قبل هؤالء العاملين‪.‬‬
‫(‪) 0‬‬
‫إن وجود لجنة شرعية يتطلبه تطوير الرقابة الشرعية من خالل وضع أنظمة‬
‫للرقابة الشرعية والتدقيق في مؤسسة الزكاة ووضع أسس واجراءات تضمن‬
‫السالمة المهنية للتدقيق والرقابة الشرعية‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬مكونات لجنة الرقابة والتدقيق الشرعي‪:‬‬
‫إن تتبع المهام المناطة بالجهاز الرقابي الشرعي‪ ،‬يظهر أن هذا الجهاز ال يمكن‬
‫القيام بمهامه وأداء دوره بشكل صحيح ما لم يتكون من أقسام يكمل كل منها اآلخر‪.‬‬
‫‪ /3‬لجنة الرقابة الشرعية‪ :‬والتي يقع على عاتقها مسئولية الرقابة الفعلية على كافة ما‬
‫ذكر من خالل ما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الرقابة الوقائية‪( :‬وتسمى في علم اإلدارة بالرقابة السابقة) وهذه أهم المراحل ألنها‬
‫تعني بإبداء الرأي الفقهي والنظر الشرعي فيما يعرض عليها من أوعية زكوية مستجدة‪،‬‬
‫‪87‬‬
‫ووسائل لتحصيلها أو وسائل وطرق جديدة فرضتها ظروف جديدة (النظر في سياسات‬
‫الجباية والصرف) وهذا يتم من خالل تحقيق المحاور اآلتية‪:‬‬
‫أ‪ -‬مدى اعتبار األموال واألنشطة أو األوعية التي يراد ادخالها في الوعاء‬
‫الزكوي‪.‬‬
‫ب‪ -‬ما هي أمثل الطرق الشرعية في التحصيل والصرف ومراجعة القوانين‬
‫واللوائح والمراشد حسب النوازل ومقتضيات الحاجة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الرقابة العالجية‪( :‬أثناء التنفيذ)‪:‬‬
‫وتعد هذه المرحلة من مراحل الرقابة لضبط وتصحيح خط سير المؤسسة الزكوية‪،‬‬
‫وتقويم االعوجاج باتجاه المسار الشرعي الوارد في الفتاوي والمعايير الشرعية المحاسبية‬
‫وهي رقابة مستمرة خالل العام‪ ،‬وتقاريرها حسب دورة اجتماع لجنة الرقابة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أما الرقابة الشرعية‪:‬‬
‫فهي عمل مجموعة العلماء المختصين في الفقه اإلسالمي واالقتصاد وبخاصة‬
‫فقه الزكاة والمحاسبة الزكوية‪ ،‬ال يقل عددهم عن ثالثة ممن تحقق فيهم األهلية العلمية‬
‫والدراية بالواقع العملي‪ ،‬تقوم بأعمال المراجعة للتأكد من أن جميع األنشطة والتصرفات‬
‫الزكوية‪ -‬جباية ومحاسبة وصرفا‪ -‬متوافقة مع أحكام ومبادئ وقواعد الشريعة اإلسالمية‪،‬‬
‫وتقدم تقري ار بذلك لرئيس مجلس أمناء الزكاة وتكون ق ارراتها ملزمة ويعينها في عملها‪،‬‬
‫المدقق الشرعي الذي هو جزء من مكوناتها‪.‬‬
‫أيهما أسبق‪ ،‬التدقيق الشرعي أم المحاسبي؟‬
‫ولبيان ذلك البد من ذكر اآلتي‪:‬‬
‫يتألف التخطيط اإلداري من المراحل التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬تحديد الهدف‪.‬‬
‫‪ .2‬تحديد الوسائل الممكنة للوصول إلى الهدف‪.‬‬
‫‪ .3‬تكلفة التمويل‪.‬‬
‫‪ .4‬التنظيم (بالشكل األمثل)‪.‬‬
‫‪ .5‬التوجيه (السابق وأثناء التنفيذ)‬
‫‪88‬‬
‫وعليه فإن التخطيط اإلداري يسبق التخطيط المحاسبي تاركا له المجال إلجراء‬
‫التنسيق الالزم‪ .‬لذلك فإن التخطيط الشرعي يسبق التخطيط المحاسبي ويأتي بعد‬
‫التخطيط اإلداري تاركا له المجال إلجراء التنسيق الالزم‪.‬‬
‫ما مدى االرتباط بين التدقيق الشرعي والمحاسبي‪:‬‬
‫إن اشتراط معيار المراجعة للمؤسسات المالية االسالمية رقم ‪ /0‬فحص المراجع‬
‫الخارجي‪ -‬االلتزام بأحكام ومبادئ الشريعة اإلسالمية بالفقرة ‪ /0‬يقول‪:‬‬
‫"يجب على المراجع الحصول على أدلة اثبات في المراجعة الكافية ومالئمة‬
‫بحيث توفر له تأكدا معقوال بأن المؤسسة قد التزمت بأحكام الشريعة اإلسالمية‪ .‬وقد‬
‫عرف معيار المراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية رقم ‪ /3‬التأكد المعقول بأنه‪ :‬مفهوم‬
‫يرتبط بتجميع أدلة اإلثبات في المراجعة الضرورية التي يتمكن بها المراجع من استنتاج‬
‫عدم وجود خلل ذي أهمية نسبية في القوائم المالية في الجملة كما يرتبط التأكد المعقول‬
‫بعملية المراجعة في الجملة(‪.)3‬‬
‫وهناك من يرى بأن إلزام المحاسب القانوني بمراجعة اإللتزام الشرعي في معايير‬
‫المحاسبة ( ‪ )AAOIFI‬غير صحيح مهنيا‪ .‬وأنه خطأ يؤدي إلى إزدواجية العمل عن‬
‫التزام شرعي خارجي‪ ،‬كما أنه يستحيل في الوضع الحالي تقديم مراجعة االلتزام الشرعي‬
‫من المحاسب القانوني ألنه ليس من شأنه إبداء الرأي الشرعي فإن قام بذلك فالبد له من‬
‫رفع نتائج المراجعة الشرعية للهيئة الشرعية ألنها الجهة الوحيدة التي لها هذه الصالحية‪،‬‬
‫وهذا إخالل بالعالقات الوظيفية‪.‬‬
‫إال أن ما ذهبت إليه هيئة معايير المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية‬
‫اإلسالمية هو األصح‪ ،‬ألن التدقيق المحاسبي هو األقدر على تمييز الخطأ من‬
‫الصواب‪ ،‬فالمحاسبة هي ميزان األعمال‪ -‬وهذا ينطبق تماما على العمل الزكوي‪ ،‬ألنها‬
‫معايير المحاسبة والمراجعة للمةسسات المالية اإلسالمية‪.‬‬
‫‪89‬‬
‫مؤسسة مالية بكل المعنى‪ ،‬كما أنها تقوم بنشاط مالي زائد وهو الصرف على‬
‫المستحقين"(‪ )3‬ويصنف أنه نشاط مالي اجتماعي‪.‬‬
‫إذن يمكن القول‪ :‬بأن المراقب الشرعي أو الداخلي أو الخارجي أو المحاسب له‬
‫القدرة على اكتشاف األخطاء والقصور ويعتبر الكل مكم ٌل لبعضه البعض‪.‬‬
‫وهذا يؤكد ما ذهب إليه النويري‬
‫(‪)2‬‬
‫والحريري‬
‫(‪)1‬‬
‫(‪)0‬‬
‫والقلقشندي‬
‫وكذلك هيئة‬
‫المعايير المحاسبية والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية‪ ،‬فالمحاسب المسلم متقن‬
‫لفقهه ومهنته قادر على التدقيق الشرعي ومؤهل لمساعدة المدقق الخارجي أيضا‪.‬‬
‫التفريق بين الفتوى والرقابة والتدقيق الشرعي‪:‬‬
‫أما الفتوى فهي‪ -‬كما في الموسوعة الفقهية "بيان للحكم الشرعي عن دليل لمن‬
‫سأل عنه" أو هي كما في قرار مجمع الفقه اإلسالمي الدولي‪ -‬بيان الحكم الشرعي عند‬
‫السؤال عنه‪ ،‬وقد يكون بغير سؤال فهو بيان حكم النازلة لتصحيح أوضاع الناس‬
‫‪.‬‬
‫وتصرفاتهم"‬
‫آلية عمل الرقابة والتدقيق الشرعي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تعتمد لجنة الرقابة والتدقيق الشرعي على تقرير قسم التدقيق الشرعي الذي‬
‫يحتوي على اآلتي‪:‬‬
‫أ‪ -‬الفتاوي الصادرة خالل العام مبوبة مصنفة بتواريخها‪.‬‬
‫ب‪ -‬ذكر الجهات المسئولة عن إجراء وانفاذ هذه الفتاوي‪ ،‬ومراحل إنفاذها‪.‬‬
‫ج‪ -‬القواعد الفقهية أو الزكوية المرجعية لتلك الفتاوي (تجميعا لها)‪.‬‬
‫د‪ -‬ذكر المخالفات الشرعية‪ -‬إن وجدت‪ -‬سواء في فهم أو تنفيذ الفتاوي‪ ،‬أو في تنفيذ‬
‫العمليات التحصيلية أو المحاسبية أو في الصرف على المستحقين‪ ،‬ويقترح‬
‫التخلص من تلك المخالفات في شكل جدول إن أمكن‪.‬‬
‫هيئة المراجعة والمحاسبة المالية اإلسالمية‬
‫النويري‪ ،‬نهاية األدب في فنون اآلداب‪ ،‬ح ‪2 /5‬‬
‫الحريري‪ ،‬م امات الحريري‪ 250 ،‬م‪ -‬صـ‪53‬‬
‫ال ل شندي‪ ،‬صبح األعشي‪ ،‬ح ‪2/‬‬
‫‪91‬‬
‫ه‪ -‬تاريخ الزيارات التدقيقية‪.‬‬
‫و‪ -‬توقيع المدقق‪ ،‬ومسؤول المكتب‪.‬‬
‫ز‪ -‬يرفع التقرير إلى هيئة الفتوى والرقابة والتدقيق الشرعي ليضم إلى تقرير الهيئة‬
‫العام والذي يرفع بدوره إلى مجلس األمناء أو رئيسه‪.‬‬
‫وسائل تنفيذ أعمال المراقبة والتدقيق‪:‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫التدريب المكثف لما ذكر أعاله‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫دليل إجراءات الرقابة والتدقيق الشرعي على الجباية‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫دليل إجراءات الرقابة والتدقيق الشرعي على الصرف اإلداري الزكوي‪.‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫دليل إجراءات الرقابة والتدقيق الشرعي على المحاسبة الزكوية‪.‬‬
‫دليل إجراءات الرقابة والتدقيق الشرعي على المصارف الزكوية‪.‬‬
‫المعارف المطلوبة في عضوية لجنة الرقابة والتدقيق الشرعي الزكوي‪:‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫(‪) 6‬‬
‫(‪) 7‬‬
‫ملكة فقهية في أحكام الزكاة خاصة وقواعدها المؤثرة فيها‪.‬‬
‫بصيرة بالمحاسبة الزكوية‪.‬‬
‫بصيرة بالقوانين واللوائح المالية الزكوية‪.‬‬
‫بصيرة بقوانين وفقه المعامالت المالية لمعرفة الصحيح من المفاسد منها‪.‬‬
‫بصيرة بقانون الشركات‪.‬‬
‫بصيرة بالمعايير المحاسبية الصادرة من الهيئات اإلسالمية‪.‬‬
‫اإللمام باألدلة والمراشد الصادرة من ديوان الزكاة‪.‬‬
‫‪91‬‬
‫النتائج والتوصيات‬
‫‪ /1‬النتائج‪:‬‬
‫أوال‪ :‬حقق الخطاب الدعوي للزكاة إنجازات كبيرة على المستوى الداخلي والخارجي وأسهم‬
‫في رفع الوعي بشعيرة الزكاة وفرضيتها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬ديوان الزكاة هو الجهة أو السلطة (منزلة ولي األمر ) الوحيدة المخول لها أمر‬
‫الزكاة‪ ،‬جباية وصرفا وافتاء وترجيحا منه (أو من الجهات التي يوكل إليها أمر الترجيح)‪،‬‬
‫وتحديدا ألوعيته توسيعا وتضيقا‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬رأي اإلمام أو من ينيبه يرفع الخالف إذا وقع في مسألة من مسائل الزكاة‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬في مسألة األموال الباطنة رجح اإلمام رأي الماليكة فجعل واليتها له يلزم بأداء‬
‫زكاتها جميعا إلى السلطان‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬المجلس األعلى ألمناء الزكاة هو أعلى سلطة في الديوان‪ .‬إذا قرر هذا المجلس‬
‫ق ار ار اليحق لولي األمر (رئيس الدولة) أن يقرر قر ار خالفا لما أقره المجلس‪ ،‬إال إذا‬
‫خالف قرار المجلس نصا شرعيا‬
‫سادسا‪ :‬ال يجوز ألهل الديون التوسع في أمر الصرف اإلداري إال في حدود الضرورات‬
‫والحاجيات‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬إن القاعدة في توسيع المال الذي يكون وعاء للزكاة هو الصحيح المحقق‬
‫وعاء للزكاة‪.‬‬
‫لمقاصد الزكاة حيث يكون كل مال يصلح للنماء فهو‬
‫ٌ‬
‫ثامنا‪ :‬إيجاب الزكاة في مال الدولة العام المعد لالستثمار ألن الزكاة هي حق المال‪،‬‬
‫ونظ ار إلى المال وصالحه للنماء ال لصاحب المال‪.‬‬
‫تاسعا‪ :‬أخذ ديوان الزكاة بخيار جواز استثمار أموال الزكاة يلزم منه الصرامة في االلتزام‬
‫بالضوابط الشرعية الكفيلة بمنع الخسارة فيها‪.‬‬
‫‪91‬‬
‫عاش ار‪ :‬الغفلة عن األخذ باألصل القائل‪ :‬بأنه األصل في الجباية تصديق رب المال أدى‬
‫إلى مفاسد كثيرة كالتدخل في معرفة التفاصيل الدقيقة لمكاسب أرباب األموال وأماكن‬
‫إيداعها‪،‬جعل أرباب المال يتهربون ويتحايلون إلخفاء كثير من المطلوبات‪.‬‬
‫‪ /2‬التوصيات‪:‬‬
‫أوال‪ :‬أن يظل ديوان الزكاة اتحاديا يحكم بقانون اتحادي مع إعطاء الواليات حرية واسعة‬
‫دون فك االرتباط بالمركز فالقانون يجب أن بكون اتحاديا‪ .‬ومبررات ذلك‪:‬‬
‫‪ .1‬والية الدولة على الزكاة هي لولي أمر المسلمين كما كان في عهد النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم والخلفاء من بعده وهو اآلن رئيس الجمهورية‪.‬‬
‫‪ .2‬التفاوت في اإليرادات (الجبايات) أمر بين يقتضي مركزية الزكاة وقوميتها لتتولى‬
‫توزيع الزكاة العادل بين الواليات وتأخذ الضعيفة حقها‪.‬‬
‫‪ .3‬بعض االيرادت ذات طبيعة قومية مثل زكاة الشركات‪ ،‬زكاة المغتربين‪ ،‬والصدقات‬
‫والهبات وغيرها‪ ،‬وهذا يقتضي وجود جهاز مركزي يقوم مجملها وتوزيعها على‬
‫الواليات‪.‬‬
‫‪ .4‬بعض مصارف الزكاة ذات طبيعة قومية؛ مثل مصرف في سبيل اهلل والمؤلفة‬
‫قلوبهم‪.‬‬
‫‪ .5‬التخطيط للديوان وتدريب العاملين عليها وسائر شؤونهم يقتضي وجود جهاز‬
‫مركزي موحد لتسهيل اإلدارة وتخفيض الكلفة المالية‪.‬‬
‫‪ .6‬حدوث كوارث مثل السيول واألمطار والقحط وغير هذا يتطلب قومية الزكاة‬
‫ومركزيتيها لمساعدة الواليات المصابة‪.‬‬
‫‪ .7‬التداخل بين الواليات في الحدود ال سيما في األنعام وعروض التجارة يقتضي‬
‫قومية الزكاة لتقوم بالتنظيم والتحصيل‪.‬‬
‫‪ .7‬وجود لجنة قومية الفتوى لتوحيد النظرة الفقهية للزكاة على المستوى القومية لما‬
‫يستجد في مجال الجباية والمصارف‪.‬‬
‫‪91‬‬
‫‪ .2‬لفض المنازعات التي تحصل يبين الوزالية في مجال الجباية والمصارف‪.‬‬
‫‪ .12‬االستفادة من القوى العاملة ووسائل الحركية بين الواليات وعمل الموازنة بينها في‬
‫زيادتها أو تخفيضها مما يؤدي الكلفة المالية‪.‬‬
‫هذه بعض مبررات قومية الزكاة ولذلك نرى عند صدور الدستور الدائم للبالد أن تلغى‬
‫النصوص التي ترمى إلى والئية الزكاة وأن يكون هناك نص صريح وواضح على قوميتها‬
‫ومركزيتها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تأكيد وجود المجلس األعلى ألمناء الزكاة مع توسعة العضوية وتأكيد البعد األهلي‬
‫ألن مال الزكاة ليس ملكا للدولة انما لها الوالية فقط ومن ثم ارى ان يكون هذا المجلس‬
‫مجلسا اهليا وان يكون رئيسه ليس من المسؤولين في الدولة مع اشراك الواليات ودافعي‬
‫الزكاة ومن لهم خبرة في مجال الزكاة فقها وعمال مثل امناء الزكاة السابقين كذلك اشراك‬
‫العاملين واجهزة الدولة الضرورية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬توسيع سلطات المجلس بحيث يكون هو الذي يرشح االمين العام ويتم تعيينه‬
‫بواسطة رئيس الجمهورة‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬مجلس أمناء الواليات هو الذي يختار رئيسه ال الوزير وال الوالي‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬أمين الوالية يعينه االمين العام بالتنسيق مع الوالي‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬نؤكد على أخذ الزكاة من كل مسلم داخل السودان سواء كان سودانيا أو غير‬
‫سوداني سواء أكان مقيما أو ليس مقيما ما دام ماله في السودان بشروطه الشرعية‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬المادة (‪ )29‬زكاة األنعام المادة تنص على أخذ الزكاة من السائمة فقط‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬في التعريفات تعريف الفقير والمسكين والفرق بينهما وأيهما أشد حاجة مختلف فيه‬
‫اختالفا كبي ار بين الفقهاء والمفسرين والصفة المشتركة هي الحاجة‪ .‬أرى أن يعاد التعريف‬
‫ليعرف‪ :‬هو من يفقد ما ييحتاج اليه االنسان ومن يعوله بحسب ما يكفيه في بيئته‬
‫ومحيطه االجتماعي مع استصحاب االولويات والزمان والمكان والحال خالل العام‪.‬‬
‫‪93‬‬
‫تاسعا‪ :‬تعريف الرقاب يعاد فيه النظر ويضاف إلى مصرف في سبيل اهلل كما هو‬
‫معمول به في الواقع حتى ال يتناقض التعريف مع التطبيق‪.‬‬
‫عاش ار‪ :‬تضاف في مصرف الفقراء والمساكين‪ ،‬ال يجوز المساس بنصيبيهما ما لم تقتض‬
‫الضرورة غير ذلك‪.‬‬
‫حادي عشر‪ :‬المادة (‪ )0‬يضاف عرض الموازنة السنوية اوال على مجلس امناء الواليات‬
‫ثم تعرض ععلى المجلس االعلى ثم الوزير لرفعها الى مجلس الوزراء‪ .‬هل تدخل ميزانية‬
‫الديوان في الميزانية العامة؟‪.‬‬
‫ثاني عشر‪ :‬المادة (‪ )51‬موضوع الفتوى وطلبها بحضور الطلب من االمين العام يجب‬
‫أن يوسع لتشمل اي شخص طبيعي أو اعتباري وأن تتحول هذه اللجنة لرقابة لكل‬
‫الديوان‪.‬‬
‫ثالث عشر‪ :‬إضافة مادة جديدة بانشاء اللجان القاعدية التي كانت موجودة في قانون‬
‫‪3771‬م وتم حذفها في قانون ‪2113‬م(منصوص عليها)‪.‬‬
‫ثالث عشر‪ :‬أن يسارع المكلفون بإخراج زكاتهم وتسليمها للسلطان أو من ينوب عنه‪،‬‬
‫حتى ولو كان السلطان جائ ار فإن ذمتهم ال تب أر إذا طالبهم إال بذلك‪.‬‬
‫رابع عشر‪ :‬الزكاة وظيفة سلطانية يجب أن تؤدى إليه‪ ،‬وال تب أر ذمة المكلف إال أن يؤديها‬
‫إليه إذا طلبها‪.‬‬
‫خامس عشر‪ :‬يجب علي العلماء والدعاة القيام بإبالغ الناس بفريضة الزكاة فقها وتطبيقا‬
‫وحثهم على أدائها حتى يكون إخراج الزكاة سلوكا لهم‪ ،‬وأن يستخدموا كافة الوسائل في‬
‫إيصال الخطاب إلى المكلفين‪.‬‬
‫سادس عشر‪ :‬ـ أال يتساهل في الجباية واألخذ وتتبع أموال الزكاة من مصادرها وأوعيتها‬
‫وأصحابها‪ ،‬فال يجوز له أن يعفو أحدا من زكاة وجبت عليه‪ ،‬وال التقليل والخصم مما‬
‫وجب من مال الزكاة ونحو ذلك‪ ،‬فذلك مفسدة في مال الزكاة واضاعة لحق اهلل تعالى‬
‫وحقوق أهل المصارف‪..‬‬
‫‪92‬‬
‫يعسر على أرباب المال واألغنياء ويشق عليهم بالمبالغة في التقدير‬
‫سابع عشر‪ :‬أال ّ‬
‫التوسع في كشف أسرارهم التجارية وغير ذلك‪ ،‬فذلك يحمل الكثيرين‬
‫باألكثر واتهامهم و ّ‬
‫منهم ال سيما أصحاب القلوب الضعيفة من المؤمنين في بغض الطاعة أو التحايل لمنع‬
‫الزكاة والتهرب من دفعها‪.‬‬
‫ثامن عشر‪ :‬أال يتس اهل في تمكين أهل السهمان المستحقين للزكاة ما استطاع إلى ذلك‬
‫سبيال‪ ،‬وال يؤخر ما وجب لهم من الزكاة إال لمصلحة أعلى وأعظم‪..‬‬
‫تاسع عشر‪ :‬ويحرم عليه إذا قسم الزكاة على األصناف التفضيل بينهم‪ ،‬إذا تساوت‬
‫الحاجات‪.‬‬
‫العشرون‪ :‬أن تكون هيئة الرقابة الشرعية من ذوي الخبرات النوعية والمختصين في‬
‫مجال المعامالت المالية والكفاية الشرعية‪.‬‬
‫الحادي والعشرون‪ :‬أن يكون هناك تدريب مستمر ألعضاء لجنة الرقابة الشرعية‬
‫والتدقيق الشرعي‪.‬‬
‫***‬
‫‪91‬‬