بسم اهلل الرمحن الرحيم جمهورية السودان ديــــوان الــــــزكاة ورقـــــــــــة حمور :التشريعات واإلفتاء والقانون إعــــداد اللجنة المكونة من: .1أ.د .عبداهلل الزبير عبد الرحمن. رئيسا .3موالنا /محمد ابراهيم محمد . عضوا .2موالنا /أحمد محمد عبدالمجيد. .4أ.د .ابراهيم نورين إبراهيم. .5أ.د .الخضر على ادريس. عضوا عضوا عضوا .6أ.د .عبداإلله محمد أحمد نمر. عضوا .7د .آدم إبراهيم الشين مقر ار الخرطوم — قاعة الصداقة الثالثاء-األربعاء 11-11جمادي األول1311/هـ الموافق 3-1مارس1112/م 1 1 المحتـــــويات المحتـــــوي متسلسل رقم الصفحة .1 دراسة التشريعات المالية للزكاة في السودان 4 .2 البعد السلطاني للزكاة (والية الدولة على الزكاة) 11 .3 القواعد الشرعية الحاكمة لفقه الزكاة في السودان 22 .4 الخيار الفقهي واإلفتائي 62 .5 التدقيق والرقابة الشرعية للمعامالت الزكوية 77 .6 النتائج والتوصيات 22 1 أوال دراسة التشريعات احلالية للزكاة يف السودان إعـــــداد موالنا /أحمد محمد عبدالمجيد عضو المحكمة العليا وعضو المجلس األعلى ألمناء الزكاة و موالنا /محمد ابراهيم محمد عضو المحكمة العليا وأمين أمانة الزكاة السابق 3 تاريخ السودان هو تاريخ ميراث لدول ذات أديان متعددة لكن الدول اإلسالمية هي ذات األثر العميق :السلطنة الزرقاء ،وسلطنة دارفور ،والعهد التركي ،ثم الثورة المهدية ذات األثر العميق ،ثم االستعمار الصليبي ثم كانت الحركات الوطنية. إن التاريخ الحديث يشير إلى أن فرض الزكاة لم يكن وجود فقد أنعدم التشريع أبان عهد اإلستعمار وغاب أبان العهد الوطني. بدأ تاريخ تقنين الزكاة في أول محاولة عام3791م هي قانون تشريع الزكاة لعام 3791م وكانت هناك مذكرة تفسيرية بهذا المشروع إال أن هذه المحاولة لم يكتب لها النجاح ولظروف سياسية أخرت وغاب هذا المشروع. ثم صدر أول قانون للزكاة عام 3011هـ الموافق3791م فبدأت المسيرة المباركة ،وتدرج هذا التقنين في خمس مراحل: المرحلة األولى :مرحلة صندوق الزكاة: صدر قانون صندوق الزكاة في جمادى اآلخرة3011هـ الموافق له أبريل3791م. وأهم سمات هذا القانون انه أول خطوة في تقنين الزكاة في العهد الحديث وبأسلوب عصري لتبدأ المسيرة السلطانية للزكاة القاصدة إلى اهلل تعالى ،ومن خصائص هذا القانون وسماته العامة: [ ]3أن األمر كله يقوم على الطوع واإلختيار. [ ]2أنه ركز على الدعوة الزكاة والحث على إخراجها طوعا. [ ]1أن هذا الصندوق شخصية إعتبارية. [ ]0أن البعد األهلي والشعبي فيه ظاهر؛ حيث يدار هذا الصندوق بواسطة مجلس أمناء ال بواسطة إدارة رسمية. [ ]5علنية الحسابات وأن أموال هذا الصندوق في حكم األموال العامة. [ ]6النص على جواز إستثمار أموال الزكاة. التحليل :أهم اإليجابيات أنه البداية والتركيز على الدعوة والطوع مقدمة جيدة للمسيرة، وأنه صار آذانا لفريضة الزكاة ،أما سلبياته :كون أن أمر الزكاة يقوم على الطوع واإلختيار: 2 [ ]3يتناقض مع وضع الزكاة في الشريعة اإلسالمية ألنها تقوم على والية الدولة ومبدأ السلطانية. [ ]2أنه ألغى مصرف المؤلفة قلوبهم بجعل المصارف سبعة بدال عن ثمانية. [ ]1أن الزكاة فريضة تصطدم مع شح النفس لهذا كانت فريضة تخضع للسلطان باإلضافة إلى الرغبة البد من الرهبة. لهذاكانت حصيلة الزكاة في سنوات التطوع واالختيار( ) 3010/3011/3012/3013/3011هـ هو مبلغ 193،036،3جنيها. وعندما نقارن هذا المبلغ بسنوات اإللزام الخمسة بعد هذه السنوات الخمسة نجده216،961جنيها)3017-3019-3019-3016-3015( .هـ. المرحلة الثانية :قانون الزكاة والضرائب لسنة1274-1422م. صدر هذا القانون عام 3010هـ على أن يعمل به من األول من شهر محرم 3015هـ /26سبتمبر3790م. صدر هذا القانون كجزء من توجه الدولة لتطبيق الشريعة اإلسالمية. ومن أهم سمات هذا القانون: [ ]3والية الدولة على الزكاة ،حيث صار أمر الزكاة أم ار سلطانيا رسميا ملزما. [ ]2إلغاء عدد من قوانين الضرائب بلغت عشرين قانونا . [ ]1أطلق على إدارة الزكاة إسم ديوان. [ ]0فرض ضريبة تكافل على غير المسلمين. فصل تفصيال وافيا لهذا الديوان حيث حددت إداراته وموارده المالية والشروط الواجبة [ّ ]5 ألخذ الزكاة والضرائب وأشار إلى وجوب زكاة الفطر ،وحدد العقوبات المخولة لهذا الديوان ونص على مصارف الزكاة. [ ]6ألحق بالقانون الئحة تنفيذية وقد فصلت هذه الالئحة لتفسير مواد هذا القانون. التحليل: أهم إيجابيات هذا القانون أنه أرجع الزكاة للوصفها واطالق إسم الديوان على مؤسسسة الزكاة هو األنسب ألم هذا اإلسم وأن لم يكن عربياص خالصاص إال أنه قبل 1 في الحضارة اإلسالمية منذ عهد سيدنا عمر بن الخطاب – رضي اهلل عنه ـ واستمر عبر تاريخ الدولة اإلسالمية. ومن اإليجابيات :هذا النص الوافي إلدارات الزكاة .ثم وردت الالئحة التي كانت أكثر تفصيال. أما السلبيات فهي واضحة في: [ ]3خلط الزكاة مع الضرائب في إدارة رسمية واحدة من اآلثار السيئة عن المسلمين عامة ينفرون من لفظ الضريبة لما فيها من ظالل غير حسنة ،مما ابعد القناعة بالزكاة مع هذا الخلط اإلداري؛ خاصة وأن الموظفين في إدارة الضريبة ال علم لهم وال حماس ألمر الزكاة مما واجه إشكاالت كبيرة وعميقة في التطبيق. لم يقتصر النفور على العامة بل رفعت مذكرات كثيرة من كبار المسئولين في الدولة وذكروا فيها اآلثار العميقة والواسعة بل الخطيرة ألبعاد إقتصادية وسياسية واجتماعية لهذا اإللغاء ألنه لم يتصور في أذهان أؤلئك أن تقوم دولة حديثة بكل واجباتها على ميزانية ليست فيها ضرائب. كذلك امتعضت مؤسسات مالية عالمية وصناديق إقليمية وعربية على هذا اإلجراء ،وفي رأيي أنه لم يكن هناك داعيا لهذا اإللغاء للفرق الواضح في الزكاة والضريبة من حيث األخذ والصرف ٍ فلكل وجهة في واجباته اإلقتصادية المالية واإلجتماعية والتنموية فالعالقة بينهما هي عالقة تكامل ال تصادم. ( )2النص على ضريبة التكافل التي أعتبتها القوى المعادية أنها جزية وغضهاد لغير المسلمين فالعامل الديني هو معقود عنه غير المسلمين. ( )1كذلك اإلشارة إلى زكاة الفطر هو مزيد من صفوية تطبيقها رسميا فليس للسلطان ونما هي للمجتمع والفرد يمكن أن تنظم إجتماعيا دون إلزام. المرحلة الثالثة :قانون الزكاة 1426هـ 1276 -م صدر هذا القانون بعد انتهاء فترة الحكم المايوي في عهد المجلس العسكري االنتقالي بقيادة المشير سوار الذهب. 7 االيجابيات: ( )3انه فصل الزكاة عن الضرائب وصار لها قانون مستقل يحمل اسمهما. ( )2أكد على والية الدولة على الزكاة بقوة القانون وحددت العقوبات الجنائية واإلدارية. ( )1ركز السلطة التنفيذية لدى األمين العام للديوان. ( )0خضوع الديوان لفتاوى مجلس اإلفتاء الشرعي والزامية فتواه للديوان. ( )5حدد لجنة مركزية للمنظمات ولجان فرعية. ( )6أجاز استثمار أموال الزكاة بموافقة مجلس اإلفتاء الشرعي. ( )9توسع في إيجاب الزكاة حيث اوجب الزكاة على كل مستثمر داخل السودان سودانيا كان أو غير سودانيا بالصفة الشرعية. ( )9اوجب زكاة الفطر لكنه لم يحدد كيفية جمعها. ( )7ترك زكاة األموال غير الظاهرة ألصحابها لكنه لم يحدد ولم يعرف هذه األموال. ( )31أكد سلطانية الزكاة والزاميتها. ( )33نص على خصم الزكاة من الضريبة. ( )32جعل مجلس الوزراء هو الذي يصدر اللوائح. ( )31من أهم مميزاته انه ابعد ديوان الزكاة عن و ازرة المالية وجعله تابعا لو ازرة الرعاية االجتماعية. ( )30قيام أجهزة رقابية للديوان المجلس األعلى لديوان الزكاة ومجالس أمناء الواليات. ( )35التوسع في مفهوم المال العام فاوجب الزكاة على كل ما يطلق عليه اسم المال بشروطه الشرعية. ( )36ربط منح المستندات بأداء الزكاة. ( )39جواز استثمار أموال الزكاة. ( )39البعد الخارجي حيث ألزم السودانيين العاملين خارج السودان بتأدية الزكاة للديوان بشروط شرعية. االيجابيات واضحة في هذا القانون من حيث استقالل ديوان الزكاة وخضوعه لفتاوى مجلس اإلفتاء الشرعي .وانشاء لجان المنظمات وتوسيع ايجاب الزكاة ونص على خصم الزكاة من الضريبة. 8 وهنالك بعض السلبيات مثل موضوع اجازة استثمار اموال الزكاة وعدم تحديد كيفية جمع زكاة الفطر ،لم يعرف ماهي االموال غير الظاهره التي تركها للمزكي وجعل مجلس الوزراء هو الذي يصدر اللوائح فيه .كما أنه حد من حرية الديوان وبعده االهلي. وموضوع زكاة ...فيه غبن واحيانا تجاوز. والخالصة ان هذا القانون حقق كثي ار من االيجابيات وبقت قليل من السلبيات عولجت في القوانين الالحقة. المرحلة الرابعة :قانون الزكاة 1412هـ 1222 -م صدر هذا القانون في حكومة االنقاذ يناير 3771من مجلس قيادة الثورة .هذا القانون هو استكمال للقوانين السابقة وتجويد لها فقد: .1أوجب الزكاة على كل مال بشروطه الشرعية. .2اعتماد االقامة والمواطنة معيا ار لوجوب الزكاة ،جمع هذا القانون بين نظريتي االقليمية والشخصية في التطبيق فاوجب الزكاة على كل سوداني مسلم بشروطها الشرعية وعلى كل مسلم داخل السودان مع الشروط واالستثناءات. .3جعل المؤسسات الرقابية اربع مستويات في القمة المجلس االعلى المناء الزكاة ومجلس امناء الواليات ولجنة االفتاء واللجنة العليا للمنظمات. .4أقر تخصيص جزء من حصة الزكاة لمالك المال ليوزعها بنفسه وهي نسبة .%21 .5أقر جواز استثمار الفائض من الزكاة. .6المرونة في تحديد أولويات الصرف. .7منح الديوان سلطة قانونية وادارية الحجز والعقوبة. .7اعتبار استقاللية الديوان إداريا. .2وسع في البعد الشعبي حيث اعتمد على قاعدة عريضة من اللجان الشعبية. .12حدد البعد المكاني لصرف الزكاة مع استثناءات. .11تحديد سلطة االمين العام في الصرف. .12أكد أهداف الديوان بتحديد النص عليها. 9 التحليل: هدف هذا القانون ان يستوعبه النظام الفدرالي .وان يحقق االنسجام بين المركزية والالمركزية .وأن تكون النظرة للمال بصورة تكاملية لكل مال الدولة والتنسيق مع المصالح التي تعنى في اطار التكافل. الحكومة االتحادية هي المسئولة عن كل ما يدار من المركز فهنالك موارد مركزية وهنالك مصارف مركزية مع التاكيد على موارد ومصارف الوالية ودعمها مركزيا خاصة في حاالت العجز والكوارث وتحقيق االمن. المرحلة الخامسة :قانون الزكاة 1422هـ 2221 -م هذا هو نهاية التدرج حتى االن وقد يكون منصه النطالقة سادسة وال بد من ذلك وكانت الدواعي لبلوغ هذه المرحلة هي مرور اكثر من عشر سنوات مع ظهور مستجدات في االوعية الزكوية واستيعاب االف ارزات التي تنتج من التصنيف العملي. أهم خصائص هذا القانون: .1إحكام الصياغة. .2معالجة المشكالت التي ظهرت في التطبيق. .3خصم النفقات والديون الزراعية وقد شكلت هذه المسالة مصاعب واجريت حولها بحوث وشكلت لجان حتى توصل الى الخصم. .4ادخال أي مال ترى لجنة الفتوى انه يصلح لوعاء الزكاة ولم ينص عليه القانون. .5منع التصرف في نصيب الفقراء والمساكين. .6اسقاط نسبة ال %21التي كانت تترك للمزكي بعد ظهور اشكاالت في التصنيف خاصة بالنسبة للترضيات االعتبارية. .7عدم االخذ بمبدأ استثمار أموال الزكاة حسما للخالف. .7أعطى االمين العام سلطة تعيين امناء الواليات ونقلهم بالتشاور مع الوزير وهذه الجزئية ال زالت تشكل اشكاال في بعض المواقف. .2لم ينص على لجان الزكاة الشعبية. .12سميت عقوبة السجن وتركت للمحاكم وهذا هو األوجه والمالئم. 11 ثانيـــــا ّ البعد السلطاني للــزكاة (والية الدولة على الزكاة) إعــــداد: أ.د .إبراهيم نورين إبراهيم مدير جامعة القرآن الكريم والعلوم اإلسالمية 11 تدل النصوص الشرعية واآلثار المروية عن الصحابة رضي اهلل عنهم وأقوال الفقهاء على أن الشريعة اإلسالمية أعطت الحق في والية الزكاة للسلطان. ( ) فعلى اإلمام أن يتولى بنفسه أو من ينوب عنه أمر تنظيم والية الزكاة بجبايتها من األموال الظاهرة والباطنة وغيرها من األموال المستحدثة ،وصرفها في مصارفها ويلزم المكلفين بإخراجها إليه أو إلى من ينوب عنه،ومن يمتنع عن ذلك ُيلزمه الشرعيةُ ، بإخراجها ولو قه ار بموجب أصل الوالية ،إال على قول الحنابلة :بأنه ال يجب على أرباب األموال دفع زكاتهم إلى السلطان ويستحب لهم أن يفرقوها على المستحقين بأنفسهم وذلك أفضل من دفعها إلى اإلمام ،ولكن إذا امتنع من عليه الزكاة من إخراجها فعلى اإلمام أن يلزمه بإخراجها ،ولكن ليس له أن يلزمه بأن يدفعها إليه. ( ) وعلى المكلفي ن أن يدفعوا زكاة أموالهم إلى السلطان أو من ينوب عنه إذا طالبهم بها حتى ولو كان هذا السلطان جائ ار وتب أر ذممهم بدفعها إليه سواء صرفها في مصارفها أو لم يصرفها ،هذا على الراجح من أقوال العلماء. وقد فرق بعض الفقهاء بين األموال الظاهرة والباطنة وقالوا للسلطان الحق في إلزام المكلفين بدفع زكاة أموالهم الظاهرة كالثروة الزراعية والحيوانية وما يلحق بهما. أما األموال الباطنة كالذهب والفضة والنقود الورقية وعروض التجارة فليس للسلطان إلزام الناس بدفعها إليه ،ومن يأتي بزكاته اختيا ار قبلت منه وصرفت في مصارفها الشرعية. ولكن لو ثبت للسلطان أن أحد المكلفين ال يخرج زكاة أمواله الباطنة ،جاز له أن يلزمه بإخراجها ،وما قاله الحنفية وغيرهم من أن عثمان رضي اهلل عنه ترك أخذ زكاة األموال الباطنة ،وفوض في إخراجها إلى أربابها ،أو تنازل عن حق اإلمام في أخذها ( )1املدونة الكربى لإلمام مالك ( )333/1حاشية الدسوقي ( )303/1بدائع الصنائع ( )33/2شرح فتح القدير على اهلداية ( )223/2هناية احملتاج (.)133/3 ( )2كشاف القناع (.)232/2 11 مستندين في ذلك إلى قوله رضي اهلل عنه " :هذا شهر زكاتكم ،فمن كان عليه دين فليقضيه ،وليزك ما بقي ". ( ) ما قالوه لم يثبت ٍ بسند معتبر ،وال باستنباط سليم. ( ) األدلة على سلطانية الزكاة باختصار من القرآن الكريم قوله تعالىُ ":خ ْذ ِم ْن أَ ْم َوالِ ِه ْم ص َدقَةً تُطَهِّ ُرهُ ْم َوتُ َز ِّكي ِهم بِهَا " سورة التوبة اآلية (.)311 َ ففي اآلية أمر للنبي صلى اهلل عليه وسلم بأخذ الزكاة من األموال التي تجب فيها ،ولم تفرق اآلية بين األموال الظاهرة والباطنة. ( ) وخطاب النبي صلى اهلل عليه وسلم خطاب لوالة األمر في كل زمان ومكان. ومن السنة: نص كتاب النبي صلى اهلل عليه وسلم لمعاذ رضي اهلل عنه حيث بعثه إلى اليمن واليا وفيه " وخذ من المسلمين زكاة أموالهم صدقة من كل خمس أواق ربع العشر ،وال يؤخذ من أقل من خمس أواق شيئا (كذا) حتى تبلغ خمسا .فما زاد من الذهب فعلى قدر ذلك ". ( ) وعن هاشم بن عروة عن أبيه عن أبي حميد الساعدي قال " :استعمل النبي صلى اهلل عليه وسلم رجال يقال له ابن اللتيبية على صدقات بني سليم ،فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي ،قال :فقام النبي صلى اهلل عليه وسلم على المنبر فحمد اهلل وأثنى عليه ،ثم قال :ما بال عامل أبعثه فيقول هذا لكم وهذا أهدي لي أفال قعد في بيت أبيه وبيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم ال ؟ والذي نفسى بيده ال يأخذ منها شيئا إال ( )3بدائع الصنائع ( )7/2كنز العمال ( )330/3موطأ مالك (.)1223/1 ( )4اإللزام بالزكاة يف الظاهر والباطن من األموال د .حممد سليمان األشقر ضمن كتاب أحباث فقهية يف قضايا الزكاة املعاصرة ()132/1 ( )5جامع البيان يف تفسري القرآن للطربي ( )12/7وتفسري لنب كثري ( )372/2وأحكام القرآن البن العريب (.)1003/2 ( )6الوثائق السياسية حملمد محيد اهلل (ص.)212 ( )7كتاب اخلراج للقاضي أيب يوسف يعقوب بن إبراهيم. 11 جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته ،إما بعير له رغاء أو بقرة لها خوار ،أو شاة تيعر، ثم رفع يديه حتى رئي بياض إبطيه ،فقال اللهم هل بلغت". ( ) ومن آثار الصحابة رضي اهلل عنهم ما أخرجه البخاري بسنده عن أنس رضي اهلل عنه أن أبابكر رضي اهلل عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين : :بسم اهلل الرحمن الرحيم .هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم على المسلمين ،والتي أمر بها رسوله ،فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها ،ومن سئل فوقها فال يعط .فذكر زكاة اإلبل ،ثم ذكر زكاة الغنم ،ثم قال " :وفي الرقة ربع العشر ،فإن لم تكن إال تسعين ومائة فليس فيها شيء إال أن يشاء ربها". ( ) وقد قاتل أبو بكر رضي اهلل عنه مانعي الزكاة الذين رفضوا إعطاء الزكاة للعاملين عليها ،وقال " :واهلل ألقاتلن من فرق بين الصالة والزكاة فإن الزكاة حق المال، واهلل لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول اهلل لقاتلتهم على ذلك". ( ) وقد أخرج أبو عبيد في كتاب (األموال) بسنده عن أنس رضي اهلل عنه قال" : والني عمر بن الخطاب الصدقات وأمرني أن آخذ من كل عشرين دينا ار نصف دينار ........وأن آخذ من كل مائتي درهم خمسة دراهم". ( ) وعن المغيرة بن شعبة رضي اهلل عنه أنه قال لمولى له -وهو على أمواله بالطائف ":كيف تصنع في صدقة مالي ؟ قال :منها ما أتصدق به ،ومنها ما أدفع إلى السلطان ،فقال :إنهم يشترون بها األرض ويتزوجون بها النساء !! فقال ادفعها إليهم فإن رسول اهلل صلى اله عليه وسلم أمرنا أن ندفعها إليهم". ( )8صحيح البخاري باب زكاة الغنم مع فتح الباري (.)312/3 ( )9املغين البن قدامة. ( )11األموال أليب عبيد (ص )227وكنز العمال (.)323/3 ( )11رواه البيهقي يف السنن الكربى. ( )12رواه اإلمام سعيد بن منصور يف مسنده. 13 ( ) وعن سهل بن أبي صالح عن أبيه قال " :اجتمع عندي نفقة منها صدقة – يعني بلغت نصاب الزكاة – فسألت سعد بن أبي وقاص ،وابن عمر ،وأبا هريرة ،وأبا سعيد الخدري أن أقسمها أو أدفعها إلى السلطان ؟ فأمروني جميعا أن أدفعها إلى السلطان ،ما اختلف منهم أحد". ( ) قال الدكتور يوسف القرضاوي " :هذه األحاديث الصريحة عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ،وهذه الفتاوى الحاسمة عن صحابته الكرام ،تجعلنا ندرك بل نوقن أن األصل في شريعة اإلسالم أن تتولى الحكومة المسلمة أمر الزكاة فتجبيها من أربابها وتصرفها على مستحقيها."..... ( ) وجعل والية الزكاة إلى السلطان يحقق كثي ار من المصالح لألمة منها: أن ذلك يضمن أخذ الزكاة من الممتنعين عن أدائها عن طريق السلطان ،فتطهر نفوسهم ،ويكونوا من المشاركين بأموالهم في سد خلة الفقراء والمساكين. وتولى السلطان للزكاة يضمن توزيعها على جميع مصارفها. وأنه يوفر ألرباب األموال الجهد الكبير في البحث والتحقق من المستحقين للزكاة. التجربة السودانية. قد هيأ اهلل تعالى ألهل السودان ويسر لهم أمر تعظيم شعيرة الزكاة فاعتمدت الدول ة مبدأ سلطانية الزكاة بموجب قانون خاص ينظم شؤون الزكاة ،نص فيه على " أن الوالية على الزكاة هي شأن سلطاني يعطي الجهاز المكلف بها حق االستيفاء للفرائض الواجبة على األموال بقوة القانون ويعاقب من يمتنع عن ذلك ،"....كما كلف إدارة الزكاة (ديوان الزكاة) في المادة ( )1/5بالعمل على تأكيد سلطان الدولة المسلمة في جمع وادارة الزكاة والصدقات وتوزيعها على مستحقيها. وأعطت الدولة ديوان الزكاة الحق الكامل في تنظيم أمر الزكاة وفق القانون وما يصدر بموجبه من لوائح. وديوان الزكاة في السودان يعمل وفق نظام (فدرالي) للزكاة ،يوزع السلطان بين األمانة العامة (االتحادية) واألمانات الوالئية. ( )13فقه الزكاة د .يوسف القرضاوي (ص.)733 12 عمل ديوان الزكاة على توسيع مصادره الفقهية ،ولم يلتزم بمذهب معين ،واستهدف من ذلك استيعاب كل اآلراء الفقهية ،فوسع وعاء الزكاة بإيجابها على جميع األموال. كما أخذ برأي الجمهور في عدم التسوية بين المصارف الثمانية. وفي اطار التجربة العملية التي تجاوزت العقدين من الزمان ظهرت بعض القضايا التي تحتاج إلى تجديد النظر واالجتهاد الفقهي في كثير من مسائل الزكاة :في التشريع واإلدارة والجباية وفي خطاب الزكاة وفي المصارف وغيرها. ( ) وبذلت في سبيل ذلك جهود علمية كبيرة ممثلة في البحوث التي يقوم بها الباحثون ُ في معهد علوم الزكاة وغيرهم من الباحثين والعلماء من داخل السودان وخارجه في المستوى الفردي والجماعي. وهذه من ثمرات التجربة السودانية في شأن الزكاة التي يدعمها البعد السلطاني. الخطاب الدعوي ودوره في ترسيخ البعد السلطاني الزكاة: إن الدعوة إلى اهلل تعالى من أشرف األعمال وأفضلها ،وقد رفع اهلل شأنها وشأن القائمين بها ،فهي المهمة التي بعث اهلل تعالى صفوة خلقه– األنبياء والمرسلين – صلوات اهلل وسالمه عليهم للقيام بها. ُول أَ ِن ا ْعبُ ُدوا َّ قال تعالىَ " :ولَقَ ْد بَ َع ْثنَا فِي ُك ِّل أُ َّم ٍة َّرس ً ين َّللاَ َواجْ تَنِبُوا الطَّا ُغوتَ ۖ ْ ......ال ُم َك ِّذبِ َ ". سورة النحل اآلية () 3 ويكفي في بيان فضل الدعوة أن اهلل تعالى بعث خليله وحبيبه محمدا صلى اهلل عليه وسلم للقيام بها. ك َ ..........ونَ ِذي ًرا َ ،و َدا ِعيًا إِلَى َّ َّللاِ بِإ ِ ْذنِ ِه ُّمنِيرًا". قال تعالى " :يَا أَيُّهَا النَّبِ ُّي إِنَّا أَرْ َس ْلنَا َ األحزاب اآليتان (، 3 سورة ). قال الحافظ ابن كثير – رحمه اهلل –" وداعيا إلى اهلل بإذنه" أي داعيا للخلق إلى عبادة ربهم عن أمره لك بذلك". ( ) ومما يدل على فضل الدعوة أن اهلل تعالى رفع شأن الدعاة وأبلغ الثناء عليهم ،قال ِين ". َّللا َو...............م َِن ْالمُسْ ِلم َ تعالىَ " :و َمنْ أَحْ َسنُ َق ْو اًل ِّممَّن َد َعا إِلَى َّ ِ سورة فصلت اآلية ( ). ( )14دراسة يف فقه واقتصاديات الزكاة أ.د .أمحد جمذوب أمحد (ص )32وما بعدها. ( )15تفسري القرآن العظيم (.)327/3 11 وقد روى عبد الرزاق عن معمر عن الحسن البصري أنه تال هذه اآلية، فقال " :هذا حبيب اهلل ،هذا ولي اهلل ،هذا صفوة اهلل ،أجاب اهلل دعوته ،ودعا الناس إلى ما أجاب فيه من دعوته ،وعمل صالحا في إجابته ،وقال إنني من المسلمين ،هذا خليفة اهلل ". ( ) والدعوة إلى اهلل هي " :قيام المسلم بتبليغ اإلسالم ،وتعليمه للناس ،وحثهم على التزامه عقيدة وشريعة وأخالقا ،والعمل على تطبيقه في واقع الحياة ". ( ) وبهذا التعريف الشامل يتضح دور الدعوة والدعاة في إبالغ فريضة الزكاة فقها وتطبيقا ،وحثا للناس في كل مجتمعاتهم حتى يكون إخراج الزكاة سلوكا جميعا يوجهه الشعور الذاتي ،مما يوسع دائرة الجباية ،ويقلل الكلفة اإلدارية وذلك وفق مناهج ووسائل وأساليب متنوعة تناسب أحوال المخاطبين بها. ولهذا أنشأت األمانة العامة لديوان الزكاة إدارة للخطاب الدعوي تحت إدارة خطاب الزكاة ،من أهدافه-: -3تعزيز مفهوم والية الدولة على الزكاة. -2تعميق قيمة الزكاة في النفوس بلوغا لتحقيق الرضا والقناعة ألصحاب الشأن المعنيين بالخطاب الزكوي. -1تعظيم شعيرة الزكاة ،وتحقيق مقاصد أصحاب الشأن وقناعاتهم ؛ لتصبح همومهم وأقصى أولوياتهم. ( ) أساليب ووسائل الخطاب الدعوي للزكاة. أوال :األساليب-:-1أسلوب االقناع الفكري. -2المجادلة بالتي هي أحسن. -3أسلوب عرض المنجزات والتبشير بها. ( )16تفسري القرآن لإلمام عبد الرزاق ( )187/2وانظر مفتاح دار السعادة البن القيم (-131/1 .)133 ( )17فقه الدعوة إىل اهلل أ.د .إبراهيم نورين إبراهيم. ( )18دليل ومرشد خطاب الزكاة واإلعالم ،املعهد العايل لعلوم الزكاة ،أمانة البحوث والنشر (ص.)3،7 17 -4أسلوب الخطاب الفني المشروع. -5الحديث الوعظي المباشر وغير المباشر. -ثانيا :الوسائل-: -1خطب الجمعة وأحاديث المسجد. -2الكتب والبحوث والنشرات. -3المحاضرات والندوات. -4الدروس المباشرة بالمساجد وغيرها (كرسي الزكاة). -5اللقاءات الفردية والفئوية العامة. -6القوافل والمخيمات الدعوية. -7االحتفاالت في المناسبات التي يبين فيها الديوان برامج الصرف. -7االجتماعات مع المسئولين وقيادات المجتمع المختلفة. -2البرامج الموجهة في اإلذاعة والتلفاز. -12اإلعالنات بوسائل االعالم المختلفة. -11المواقع بالشبكة العالمية (اإلنترنت). -12األعمال الفنية الهادفة. -13المسابقات. -14برنامج الداعية الظاعن. أثر الخطاب الدعوي. حقق الخطاب الدعوي للزكاة إنجازات كبيرة على المستوى الداخلي والخارجي. وقد أسهم بصورة واضحة في رفع الوعي وتمكين شعيرة الزكاة ،ومن مظاهر ذلك-: -1ترسيخ مفهوم سلطانية الزكاة :كان االقناع بسلطانية الزكاة يمثل هاجسا شديدا، وتحديا كبي ار ،وهدفا مباش ار للخطاب الدعوي للزكاة ،فكان في مقدمة أولوياته. وقد ظهر األثر ايجابيا بمرور الزمن إذ أخذت القناعات تتمدد في أوساط أمها المزكين شيئا فشيئا ،خاصة بعد أن عقدت المؤتمرات والندوات العلمية التي َّ كبار العلماء من داخل السودان وخارجه ،وتحدثت بصورة جلية عن هذا األمر. 18 وكذلك الجهود الدعوية األخرى ومنها الداعية الظاعن الذي عمل على اقناع الرعاة في بواديهم بهذا األمر. يظهر هذا األثر في الزيادة المطردة للجباية عاما بعد عام ،إذ كانت في عام 3771م ال تزيد عن مئتين وسبعين مليونا من الجنيهات ،بلغت في العام 2110م أكثر من مئتين وأربعين مليا ار من الجنيهات. ( ) -2حدود سلطانية الدولة :أعطت الشريعة السلطان الحق في أخذ الزكاة وصرفها وادارة شؤونها ،وهذا الحق مقيد ومحدد بحدود الشرع ،قال الماوردي في األحكام السلطانية في حديثه عن واجب الدولة في جمع األموال " :جباية الفيء والصدقات على ما أوجبه الشرع نصا واجتهادا من غير خوف وال عسف ". ( ) وأثبتت التجربة االلتزام بهذا الحق في حدوده المشروعة ،ولكن هناك من يتحدث عن تجاوز هذه الحدود في بعض األحيان فيوجه بصرف بعض أموال ال زكاة في غير الوجوه المقررة. وهذا األمر حتى ولو كان نادر الوقوع إال أنه يستوجب الوقوف عنده ،والتنبيه على خطورته تصحيحا لألخطاء ودفعا للشبهات التي يثيرها أعداء التجربة السودانية. -3 ترجيح رأي السلطان أو الحاكم وأثره في توسيع وعاء الزكاة بجبايتها من جميع األموال .وعدم التسوية في الصرف بين المصارف الثمانية ،وغير ذلك من األحكام التي رجحت ،والتدابير التي اتخذت في كثير من قضايا وسائل الزكاة. -4وقف الحمالت المعادية والمقاالت السالبة :فقد خلت غالبا وسائل االعالم من الحمالت المعادية والشكاوي حول التعامل مع ديوان الزكاة. -2 تجربة ديوان الزكاة في أبعادها المختلفةجديرة بأن تقدم لألمة اإلسالمية ليستعين بها المسلمون في شتى أقطارهم ،خاصة وأن العلماء وغيرهم ممن وقف على التجربة السودانية أشاد بها وأخذ يبشر بها. ( )19خطاب الزكاة تطور مسرية العمل الدعوي واالعالمي للزكاة – املعهد العايل لعلوم الزكاة (ص.)123 )(2األحكام السلطانية (ص.)23 19 ثالثا القواعد الشرعية احلاكمة لفقه الزكاة إعـــــداد: أ.د .عبد اهلل الزبير عبد الرحمن األمين العام لمجمع الفقه اإلسالمي بالسودان 11 الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على رسول اهلل األمين ،وعلى آله وصحبه أجمعين ،ومن واالهم واتبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: خاص بالقواعد الشرعية فهذا البحث يمثّل فقرة من فقرات محور التشريع والفقه ،وهو ٌّ الحاكمة لفقه الزكاة بالسودان ،في قانونه ولوائحه واختياراته الفقهية والتشريعية وغير ذلك. غير أن البحث في القواعد الفقهية واألصولية المتعلقة بالزكاة ال يستوعبه مثل هذه الورقات وال يسعها مؤتمر أو حلقة كالذي نكتب البحث من أجله؛ لذلك سيرّكز البحث في القواعد الشرعية الحاكمة لمسيرة الزكاة في السودان مع اإليجاز واالختصار ما أمكن. أفرق بين القاعدة والضابط ،بل كل ما هو حاكم لفقه الزكاة على وفي هذا البحث ال ّ خصوصه أو وسع معه غيره من أبواب الفقه اعتب ُرهُ قاعدة .وأحيانا أعبر عن قاعدة إن وجدتها صالحة ألن تكون قاعدة وا ْن لم أجدها عند أهل الفقه أو األصول، ما ْ مع التذكير بأن القواعد في الصحيح أغلبية وليست كلية .وقد ُرتِّب البحث على أربعة أقسام: القسم األول :في القواعد الحاكمة لتشريعات الزكاة. والقسم الثاني :في القواعد الحاكمة ألوعية الزكاة. والقسم الثالث :في القواعد الحاكمة للجباية وأخذ الزكاة. والقسم الرابع :في القواعد الحاكمة لمصارف الزكاة . 11 القسم األول فـي القواعد الحاكمة لتشريعات الزكاة التشريع في أعمال الزكاة في السودان حكمتْه بعض القواعد المهمة ،ومن أهمها: القاعدة األولى :اختيار ولي األمر يرفع الخالف: ولها صيغ وعبارات ،منها :حكم الحاكم يرفع الخالف ،اإلمام يرفع الخالف ،حكم الحاكم في المجتهدات نافذ باإلجماع ..الحاكم إذا قضى في المجتهد فيه بشيء فليس لمن بعده أن يبطله.)3( .. والمقصود بالحاكم هنا القاضي ،واذا كان القاضي يرفع الخالف فمن باب أولى أن يرفع حكم اإلمام ولي األمر للخالف ،إذا اإلمام أعلى رتبة وأوجب طاعة من القاضي.. وصحة هذه القاعدة تظهر من وجوه ،منها: ِ ِ سو َل َوأُولِي أاأل أَم ِر يعوا َّ ُّها الَّ ِذ َ 3ـ قوله تعالى ﴿ َيآ أَي َ الر ُ يعوا اللَّ َه َوأَط ُ ءآمنُوا أَط ُ ين َ ِم أن ُك أم﴾[النساء .]57 :وفيه وجوب الطاعة لولي األمر ،فلو صدر األمر ممن تجب يقدم على أمر من ال تجب طاعته. طاعته فيه ،فال ريب أنه ّ أن األحكام ال يمكن أن تستقر لو جاز أن تنقض من كل أحد ،ولو كان النقض من 2ـ ّ فساد عريض بالشرع والدين ،ويعسر إنزال األحكام على واقع الناس المساوين ،ففي ذلك ٌ ٍ كقاض مع في عباداتهم ومعامالتهم .وا ْن كان األمر كذلك مع من يساويه في الرتبة ٍ قاض؛ فمن باب أولى مع من دونه في الرتبة ،وكل الرعية بما فيهم الوالة واألمراء والقضاة والعلماء دون ولي األمر إمام المسلمين ،فدلّت صحة القاعدة واعتبارها. ذكر القرافي رحمه اهلل في حكمة هذه القاعدة وجهين ،قال « :أحدهما :أنه لوال ذلك لما استقرت للحكام قاعدة ،ولبقيت الخصومات على حالها بعد الحكم ،وذلك يوجب دوام ( ) يراجع األشباه والنظائر للسيوطي ص 0 - 0تحت قاعدة اًلجتهااد ًل يان ب باًلجتهااد ،موساوعة ال واعاد ال هياة للبورنو ،ج ص 2ومابعدها .ال روق لل رافي في ال رق السابع والسبعون ،ج ص 0وما بعدها. 11 التشاجر والتنازع وانتشار الفساد ودوام العناد وهو مناف للحكمة التي ألجلها نصب الحكام .وثانيهما :وهو أجلهما أن اهلل تعالى جعل للحاكم أن ينشئ الحكم في مواضع االجتهاد بحسب ما يقتضيه الدليل عنده أو عند إمامه الذي قلده ،فهو منشئ لحكم اإللزام فيما يلزم واإلباحة فيما يباح ،كالقضاء بأن الموات الذي ذهب إحياؤه صار مباحا مطلقا كما كان قبل اإلحياء واإلنشاء ..والحاكم مع اهلل تعالى كنائب الحاكم معه يحكم بغير ما تقدم الحكم فيه من جهة مستنيبه بل ينشئ بحسب ما يقتضيه رأيه.. مخبر عن اهلل تعالى إذا كان معنى حكم الحاكم في مسائل االجتهاد إنشاء الحكم فهو ٌ بذلك الحكم ،واهلل تعالى قد جعل له أن ما حكم به فهو حكمه ،وهو كالنص الوارد من قبل اهلل تعالى في خصوص تلك الواقعة ،فيصير الحال إلى تعارض الخاص والعام فيقدم الخاص على العام على القاعدة في أصول الفقه » ..اهـ ما أردنا نقله(.)3 نص ،أو صح فيه ٌّ أن ال يكون رأي اإلمام بخالف ما ّ وشرط صحة إعمال هذه القاعدة ْ : نص أو إجماع مستيقن؛ فال اعتبار لحكم إمام أو فإن ُوجد للمسألة ٌّ ثبت فيه إجماعٌْ ، النص أو اإلجماع ،بل يجب نقضه بمقتضى الدليل ،ألنه ال حاكم أو قاض بخالف ّ أي1 النص واإلجماع يثبت مع ٌ خالف وال ر ٌ ّ الجلي ،قال السبكي رحمه بل ذهب بعضهم إلى نقضه حتى إذا خالف الظاهر أو القياس ّ فإن خالف الحكم نصا أو ظاه ار جليا ولو قياسا وهو القياس الجلي نقض لمخالفته اهللْ « : للدليل المذكور »(.)2 وبموجب هذه القاعدة: المشرع فيه ملزما للعاملين والمكلفين بأداء الزكاة ،ال ُ جعل قانون الزكاة واختيارات ّ يجوز ٍ ألحد مخالفته وال نقضه ،باعتباره اختيارات اإلمام ولي األمر. ُ جعلت اللوائح الصادرة من الديوان ملزمة للعاملين والمكلفين بإيتاء الزكاة ،ألن اإلمام قد أقام الديوان مقامه في والية الحكم واالستيفاء في قضايا الزكاة وأحكامها. أن الفقهاء سلطانية الزكاة جباية وصرفا في سائر األموال ظاهرة كانت أو باطنة ،مع ّ أن األموال الظاهرة يتولى اإلمام السلطان جبايتها وصرفها في بعد أن اتفقوا على ّ .ط دار السالم. ( ) ال روق لل رافي ،ال رق السابع والسبعون ،ج ص ( ) حاشية العطار على شرح الجالل المحلي على جمع الجوامع ،ج ص . 00 11 مستحقيها؛ إال أنهم اختلفوا في األموال الباطنة من نقود وعروض تجارة ونحوها ،هل يجب على ولي األمر جبايتها وصرفها؟. أن والية األموال الباطنة إلى أربابها.. فذهب الحنفية والشافعية إلى ّ وذهب الحنابلة إلى أنه ال يجب دفعها إلى اإلمام وا ْن كان له أخذها.. أن والية األموال الباطنة كاألموال الظاهرة لإلمام ويجب وذهب المالكية إلى ّ على أربابها دفعها لولي األمر. وقد اختار اإلمام مذهب المالكية فجعل والية األموال الباطنة والظاهرة له ،يلزم بأداء زكاتها جميعا إلى السلطان ،ويتولى هو أمر جبايتها وصرفها. زكاة الفطر مع أنها كانت في عهد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم سلطانية تُجمع أن: عنده ويقوم هو بصرفها وتوزيعها؛ على ّ oلفظ الزكاة في موارده يشمل النوعين معا زكاة األموال وزكاة األبدان التي هي زكاة الفطر ،وتفسير قتادة وعطاء وأبي العالية لقوله تعالى ﴿قَ أد أَ أفلَ َح َم أن تََزَّكى. ِ صلَّى ﴾ [األعلى ]35 ، 30 :أنها نزلت في زكاة الفطر ،وقال َوَذ َك َر أ اس َم َرِّبه فَ َ عنها ابن عباس " :هي للزكاة كلها ،والصدقات كلها" ..وقول ابن عمر وأبي سعيد الخدري رضي اهلل عنهم :إن ذلك في صدقة الفطر(.)3 oأن سنة النبي صلى اهلل عليه وسلم جعلت أمر زكاة الفطر سلطانية كزكاة المال في الجباية والجمع والتقسيم والصرف ،وما أد ّل من خبر أبي هريرة رضي اهلل عنه الذي كان تجمع عنده صدقة الفطر وقصته مع الشيطان الذي كان يحثو منها وقال النبي صلى اهلل عليه وسلم عنه ( :أما إنه قد صدقك وهو كذوب).. الخبر( ..)2وا ألخبار أنه صلى اهلل عليه وسلم كان يقسم الفطرة قبل أن يغدو إلى المصلى يوم الفطر"(.)1 oوحال الصحابة أ ّكد تولّي اإلمام أمر زكاة الفطر في عهدهم رضوان اهلل عليهم، وقد ورد الخبر عن ابن عمر رضي اهلل عنهما "أنه كان يبعث بزكاة الفطر إلى ( ) راجع :ت سير فتح ال دير للشوكاني ج ص ، 5 ، 3ت سير ال رطبي الجامع ألحكام ال ارنن ،م 0ج 0ص ، 0 ت سير ابن كثير ج ص ، 0أحكام ال رنن ًلبن العربي ج ص. 2 0 ،وبرقم . 0 0 ( ) البخاري في صحيحه برقم ( ) فتح ال دير للشوكاني ج ص . 5 13 الذي تُجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثالثة"( .)3وغير ذلك مما يؤ ّكد أن زكاة الفطر كزكاة األموال شأنها عند السلطان جباية وصرفا!!.. مع ذلك؛ جاء اختيار اإلمام ولي األمر أن تكون ألربابها يقومون بصرفها بأنفسهم وال يتدخل السلطان وال الديوان في شيء منها. وهكذا كل اختيارات ولي األمر فيما اختلف فيه الفقهاء من مسائل الزكاة. القاعدة الثانية :الحاكم يقوم مقام الممتنع بواليته: وعبِّر عنها بعبارة أخرى هي " :من حرم عليه االمتناع من بذل شيء ُسئلهُ فامتنعه فهل ُ ()2 يسقط إذنه بالكلية أو يعتبره ويجبره الحاكم؟" وهي القاعدة السادسة والتسعون من قواعد ابن رجب رحمه اهلل التي تقول " :من وجب عليه أداء عين مال فأداه عنه غيره بغير المؤدي؟"(.)1 إذنه هل تقع موقعه وينتفي الضمان عن ّ وتخريجا على هذه القاعدة ،عاقب قانون الزكاة في مادتيه [02ـ ]01كل من تحايل أو تهرب أو امتنع عن دفع الزكاة الواجبة عليه للديوان بغرامات ال تزيد عن مقدار الزكاة ّ الواجبة عليه في تلك األموال ،ومن امتنع عن تقديم أي إقرار أو مستند أو بيان يطلبه وجوز الديوان منه يعاقبه القانون بغرامة تساوي %31من مقدار الزكاة الواجبة عليهّ ، القانون للديوان الحجز على أموال الممتنعين والمتحايلين والهاربين من دفع الزكاة لدى المصارف عن طريق المحاكم. مع أن الحنفية في المعتمد من مذهبهم قالوا :ال تؤخذ الزكاة من الممتنع جب ار لكونها بال أن الحبس نوع إكراه ال جوزوا لولي أمر الزكاة حبس الممتنع على ّ اختيار ،مع أنهم ّ يسلب االختيار(.)0 يجوز ذلك ،قال ابن رجب رحمه اهلل تفريعا لقاعدته السادسة والتسعين: ولكنه قو ٌل للفقهاء ّ " لو امتنع من أداء الزكاة فأخذها اإلمام منه قه ار فإنه يجزيء عنه ظاه ار وباطنا في ( ( ( ( ) أخرجه مالك في الموطأ ج ص . 5 ) موسوعة ال واعد ال هية ،للبورنو ،ج ص .2 . ) قواعد ال ه اإلسالمي ًلبن رجب ،ص ) انظر :غمز عيون البصائر شرح األشباه والنظائر للحموي ج ص 12 . ألن لإلمام والية على الممتنع ،وهذا ّ أصح الوجهين ،وهو ظاهر كالم أحمد والخرقيّ ، حق تدخله النيابة فوقع موقعه"اهـ(.)3 ّ شرع ـ ولي األمر ـ فجعل للمتنع عن أداء الزكاة عقوبة ،وأخذ منه الزكاة وبهذا أخذ الم ّ جب ار. القاعدة الثالثة :قاعدة تفويض المجتهد: وهذه قاعدة أصولية أكثر من أن تكون فقهية ،تحدث عنها األصوليون في كتبهم في مباحث االجتهاد والتقليد.. والتفويض إنابة ومشاركة ونقل ٍّ حق للغير ،وفي القاموس المحيط :فوض إليه األمر رده فوض إليه األمر :صيره إليه وجعله الحاكم فيه( ..)2وفي القرآن إليه .وفي لسان العرب ّ : َّ ِ ِ َّ ِ ِ ير ِبا أل ِع َب ِاد ﴾ [غافر .]00 : ﴿ َوأُفَ ِّو ُ ض أ أَم ِري إلَى الله إ َّن الل َه َبص ٌ والتفويض من الضرورات اإلدارية خاصة في زماننا الذي تشعبت فيه أمور الحياة وتعقدت مشكالتها وصار من المحال أو هو أقرب تدبير شؤون أية مؤسسة بال إعانة تنبه إلى ذلك علماء السياسة الشرعية فنسمع اإلمام ومشاركة وانابة وتفويض .بل ّ الماوردي يقول " :ما و ّكل إلى اإلمام من تدبير األمة ال يقدر على مباشرة جميعه إال باستنابة"( .)1ونسمع ابن خلدون في مقدمته يقول " :اعلم أن السلطان ضعيف يحمل أم ار بد له من االستعانة ببني جنسه ،واذا كان يستعين بهم في ضرورة معاشه ثقيال ،فال ّ وسائر مهنه؛ فما ظنك بسياسة نوعه ،ومن استرعاه اهلل في خلقه وعباده"(.)0 فوض نبي اهلل موسى عليه السالم أخاه هارون في أمر النبوة من أجل ميقات ربه، وقد ّ اخلُ أف ِني ِفي قَو ِمي وأ ِ ين ﴾[األعراف.]302 : وقال له ﴿ أ س ِبي َل ا أل ُم أف ِس ِد َ َ أ أ َصل أح َوَال تَتَِّب أع َ فاشترط عليه فقط :اإلصالح وعدم اإلفساد .وهذا شرط التفويض. قال الماوردي " :فإذا جاز ذلك في النبوة كان في اإلمامة أجوز"(.)5 ( ( ( ( ( ،موسوعة ال واعد ال هية ،للبورنو ،ج ص .2 ) انظر :قواعد ابن رجب ،ص ) ال اموس المحيط لل يروزابادي ص ،5 2لسان العرب ًلبن منظور ،ج 2ص . 0 ) األحكام السلطانية للماوردي ،ص . ) م دمة ابن خلدون ،ج ص ،30عن الت ويب اإلداري بين الشريعة وال انون ،يوسف الثلب ،ص ) األحكام السلطانية ،ص . 11 . يفوض إليه تدبير ومن هنا جاءت فكرة و ازرة التفويض ،ومرادها" :استوزار اإلمام من ّ األمور برأيه وامضاءها على اجتهاده ونظره"(.)3 تحدث أهل األصول في القاعدة ،وقد كانوا على ثالثة مذاهب (:)2 ومن هذا الباب ّ المذهب األول :مذهب موسى بن عمران من المعتزلة ،وقد قطع بوقوع التفويض للنبي صلى اهلل عليه وسلم وللعلماء لالجتهاد في الحكم الشرعي. والمذهب الثاني :مذهب جمهور المعتزلة متفقين على امتناعه. والمذهب الثالث :مذهب الجمهور اإلمام الشافعي ومن وافقه وهو التوقف في امتناع ذلك وجوازه. ارد على :هل يجوز أن يقول اهلل تعالى للنبي صلى اهلل عليه وسلم وكأن هذا الخالف و ٌ أو للعالم :احكم فإنك ال تحكم إال بالصواب" وهي العبارة المشهورة لدى األصوليين والذي أقام عليه الرازي والشوكاني وغيرهما خالف األصوليين فيه. أما التفويض الذي يقوم على النظر واالجتهاد وتقدير المصالح لجلبها والمفاسد لدرئها ودفعها؛ فال ُيظ َّن فيه وقوع خالف ُيذكر. وعليه: ُ يقبل تفويض اإلمام ولي األمر مجلس أمناء الزكاة بسلطته ليكون السلطة العليا التي تشرف على تحقيق أهداف الديوان ،ويمارس المجلس حق ولي المر في النظر في كل أمر وفق األولويات والضوابط الشرعية حسب المادة [ -9ج ] من قانون الزكاة لسنة 2113م .على أساس قاعدة تفويض المجتهد. قرر المجلس في أمر زكوي كأخذ الزكاة من مال ما ،فهل يحق ويتخرج عليها ما إذا ّ ّ لولي األمر (رئيس الدولة) أو من يمثله وينوب عنه أن يقرر بخالف ما قرره المجلس األعلى ألمناء الزكاة؟. والجواب :بحسب ما قررناه من صحة القاعدة ،ليس له وال من ينيبه كوزير المالية أو فإن نقضه فيكون مفوض منهْ ، وزير الرعاية االجتماعية نقض ما قرره المجلس ،ألنه ّ ( ) انظر :األحكام السلطانية للماوردي ص ( ) راجع :إرشاد ال حول للشوكاني ،ص ز ـ . 17 كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ،وبهذا ال يستقر حكم وال قرار ،وفي هذا المآل المفاسد الكبيرة والمضار العظيمة والعواقب الوخيمة بالزكاة وأمرها. لنص شرعي صريح ،أو إجماع منعقد ،أو قياس اللهم إال أن يكون قرار المجلس مخالفا ّ للمفوض ـ بالكسر ـ أن ينقض قرار من جلي ظاهر واضح في المسألة ،فهنا وحده جاز ِّ فوضه ـ بالفتح.. َّ ويتخرج على قاعدة التفويض جعل قرار مجمع الفقه اإلسالمي وفتياه ملزما للديوان ّ إذا طلب أمينه العام الفتوى من المجمع أو طلب إليه القرار في أمر زكوي ما ،وذلك أن المجمع يأخذ بذلك صفتين ال يتنقض بهما ق ارره وال يرد فتياه: ّ أن المجمع رأيه في األصل يمثّل رأي اإلمام ولي األمر ،ورأي اإلمام الصفة األولىّ : ملزم يرفع الخالف ،فال يجوز بعده اعتراض أو مخالفة. ٌ الصفة الثانية :أنه بطلب الديوان ق ارره أو فتياه يكون مح ّكما ،وقرار التحكيم ال ينقض في الراجح الصحيح ،ألنه من باب الحكم والقضاء. إن وبهذا :يكون قرار المجمع أو فتياه فيما يطلب منه الديوان حاسما ملزما رافعا للخالف ْ كان واقعا. يتم الواجب إال به فهو واجب: القاعدة الرابعة :ماال ّ أن الواجب إذا توقف تحصيله على ٍ أمر؛ ُحكم على هذا وهذه فقهية أصولية ،ومعناهاّ : األمر الذي توقّف عليه الواجب بالوجوب أيضا .وقد تكلم األصوليون عنها في باب الواجب(.)3 وقد أخذ الديوان بهذه القاعدة وأعملها في مسألة الصرف اإلداري للديوان. وفي الواقع اقتضت ضرورات العصر تكاليف إدارية لم تكن ضرورية في القرون األولى، إذ كان الجابي إنما يذهب بالوسائل البسيطة ثم يجبي ويقسم في بلد المال غالبا .اما اليوم فقد ظهرت حاجات وضرورات إدارية من جمع الزكاة وحصرها ثم صرفها حسب ( ) يراجع بت صيل :اإلحكام في أصول األحكام ،لآلمدي ،ج ص ،22روضة النااظر ًلبان قداماة بشارح نزهاة الخااطر، ،ال واعد وال وائاد األصاولية ًلبان اللحاام ،ص 2 ج ص ، 02مختصر التحرير شرح الكوكب المنير ،ص وما بعدها ،مذكرة في أصول ال ه ،محمد األمين الشن يطي ،ص ، 5- 3 18 األولويات واإلحصاءات والتصنيفات ،فظهرت تكاليف إدارية في الجباية وفي المصارف وفي خطاب الزكاة وفي التشريع وفي اإلدارة الداخلية (..)3 بد والتقرير الفقهي أنه :طالما كانت هذه األمور اإلدارية ضرورية إلدارة شأن الزكاة؛ فال ّ من الصرف عليها ،ألنه بالفعل مما ال يتم واجب تسيير أمر الزكاة إال به ،وما ال يتم الواجب إال به فهو واجب. ولكن السؤال :من أين ُيصرف على هذه األعمال؟ ومن أين تغطَّى هذه التكاليف اإلدارية العالية؟. الخيارات المتاحة للصرف اإلداري: أ ـ خزينة الدولة العامة.. ب ـ رسوم إضافية تفرض على األغنياء والمكلفين بأداء الزكاة.. ج ـ الصدقات والهبات التي ترد للديوان من المحسنين.. د ـ مال المصارف. والترجيح عندي أن يكون مورد الصرف اإلداري على الترتيب اآلتي: أوال :خزينة الدولة العام ،حيث تقيم الدولة من مواردها العامة المكاتب والمباني والمخازن واألثاثات ،وتوفّر وسائل النقل والترحيل ،وغير ذلك كأية مؤسسة من مؤسسات الدولة. إن عجزت الدولة عن ذلك ،أن ُيلجأ إلى الصدقات والهبات وطلب التبرعات من ثانياْ : ذوي المالءة المالية من أهل اإلحسان من غير مال الزكوات الواجبة.. أن هذا الخيار ال ضمان في ديمومته واستم ارره ،فالغالب عليه االنقطاع والجفاف، غير ّ ٍ حينئذ؟. فإلى أين يتجه الديون ولهذاُ :يلجأ للخيار الرابع الذي هو :الصرف على اإلدارة من مال المصارف. هذا الخيار ُيضطَّ ُر إليه في حال تع ّذر قيام الدولة بالصرف على الديوان ،وهو الذي لجأ خصص الديوان نسبة %0تقريبا من جملة حصيلة إليه الديوان في السودان ،حيث ّ الزكاة سنويا للصرف على الضرورات اإلدارية.. وحكم ذلك الجواز بناء على قاعدة :ما اليتم الواجب إال به فهو واجب. ( ) راجع :بحث الشيخ ال اضي محمد إباراهيم محماد ،األماين العاام األسابق لاديوان الزكااة ،مةسساة الزكااة ،ضامن بحاوث وأعمال المةتمر العلمي العالمي الثاني ،س . 5 19 ولكن يجب أن ينتبه أهل الديوان ووالة أمر الزكاة إلى أنه وا ْن جاز الصرف على اإلدارة من مال المصارف ،مع أنه حق المصارف الثمانية أصالة؛ فإنه ال يجوز لهم أن يتوسعوا في الصرف اإلداري إال في حدود الضروريات والحاجيات ،فال يجوز لهم التو ّسع بالصرف من مال المصارف في التحسينيات اإلدارية ،كتزيين السيارات ،والمكاتب، والتأثيث التزييني ،والتجميل الزائد للمباني ،والصرف غير الحاجي وال الضروري على المؤتمرات والحلقات العلمية ،والتوسع الزائد في السفريات وغير ذلك مما ال ينبغي في حق ألن هذا المال الذي أُخذ للصرف اإلداري أُخذ ضرورة ،ألنه من ّ الصرف عليهّ ، المصارف الثمانية ،وما أُخذ ضرورة يجب أن ال يتجاوز الضرورة في صرفه. 11 القسم الثاني فـي القواعد الحاكمة ألوعية الزكاة األوعية جمع وعاء ،وهو في أصل اللغة من وعى يعي وعيا ووعاء واعاء ،بمعنى الحفظ والجمع واإلمساك والظرف والمصدر( .)3وقد استعمل مصطلحا معاص ار لألموال التي تجب فيها الزكاة ،مستفادا من معنيي الظرف والمصدر في أصله اللغوي. فأوعية الزكاة مصادرها وما تخرج منها الزكاة من األموال. ننبه والقواعد الشرعية الحاكمة التي احتكم إليها الديوان في أوعية الزكاة قواعد جامعة ّ إلى أهمها وأظهرها: القاعدة األولى :قاعدة توسيع اإليجاب: التوسيع في أوعية الزكاة واألموال التي تجب فيها ؛ هو الظاهر من موقف الجمهور من فقهاء المذاهب األربعة ،والذي يؤيده موقف السلف من التابعين وغيرهم: فالحنفية يرون إيجاب الزكاة في كل ما يخرج من األرض مما يقصد بزراعته النماء. خبز أو عصيدة ففيه ومما نقله ابن حزم من عبارات الشافعية " :كل ما عمل منه ٌ الزكاة". وعند داود وجمهور الظاهرية ـ بخالف ابن حزمة :تجب الزكاة في كل ما أنبتت األرض وفي كل ثمرة وفي الحشيش وغير ذلك ال تحاش شيئا. وهو الظاهر من مذاهب جماهير السلف من الصحابة والتابعين رحمهم اهلل تعالى ورضي عنهم(.)2 ( ) راجع :لسان العربً ،لبن منظور ،ج ص ، 22 – 23ال اموس المحيط لل يروزابادي ،ص . 2 ( ) راجع :بدائع الصنائع ،ج ص 2ـ ،3المحلى ًلبن حزم ،ج ص ـ ، 0ال وانين ال هية ًلبان جازي ،ص ،2 ـ ، 2عوامال النجااح ال ه اإلسالمي وأدلته ،وهبة الزحيلي ،ج ص ،50ف ه الزكااة لل رضااوي ،ج ص في مةسسة الزكاة لل رضاوي ص . 0 11 واألصول الشرعية تدعم اتجاه الجمهور في توسيع قاعدة اإليجاب، ِ ِ ص َدقَة تُطَ ِّه ُرُه أم َوتَُزِّكي ِه أم ِب َها ﴾ [التوبة ]311:واألمر 3ـ كقوله تعالى ﴿ ُخ أذ م أن أ أَم َوال ِه أم َ موجهٌ إلى عموم المال ،و"من" هنا للتبعيض في قدر المال ال في جنس المال. في اآلية ّ 2ـ وأمر النبي صلى اهلل عليه وسلم معاذا بن جبل رضي اهلل عنه ( :أعلمهم أن اهلل افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم ) ()3 وهو كذلك متوجهٌ إلى عموم المال. ّ 1ـ وكتصريح الشارع الحكيم بأن كل مال تجب فيه الزكاة ،كما في حديث أبي هريرة رضي اهلل عنه مرفوعا ( :من آتاه اهلل ماال فلم يؤد زكاته مثّل له يوم القيامة شجاعا أقرع يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بهلزمتيه ـ يعني شدقيه ـ ثم يقول :أنا مالك ،أنا له زبيبتان ِّ كنزك)(.)2 تخرج وترتّب على هذه القاعدة: وقد ّ حمل األحاديث المانعة للزكاة في بعض األموال على المتفق في منعه ،كحديث الصحيحين (:ليس على المسلم صدقة في عبده وال في فرسه) ( ،)1وقد أوجب الجمهور الزكاة في الخيل المتخذة للتجارة ،بل نقل الكاساني اإلجماع على وجوب الزكاة فيها ،وأخذ عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه من كل ٍ فرس دينا ار، وأصدق عثمان رضي اهلل عنه الخيل ،وجعل الحنفية في الخيل السائمة زكاة(.)0 فيؤَّول الحديث بالخيل المتخذة للركوب والقنية ال غير. ُّها ْ جعل كل خارج من األرض ماال للزكاة ،أخذا برأي الحنفية لقوله تعالى ﴿ َيا أَي َ ِ ِ ِ َخ َر أج َنا لَ ُك أم ِم َن أاأل أَر ِ ض﴾[البقرة : س أبتُ أم َو ِم َّما أ أ الَّ ِذ َ آمنُوا أَ أنفقُوا م أن طَ ِّي َبات َما َك َ ين َ .]269وهو َّ مؤدى القانون في المادة [.)5(]3-20 ( ( ( ( ( ) أخرجه البخاري برقم . 2 ) أخرجه البخاري برقم . 02 ) البخار برقم ، 3ومسلم برقم .25 ) راجع :المحلى باآلثار ًلبن حزم ،ج ص ،بدائع الصنائع ج ص .الشارح الصارير للادردير ،ج ص ،3 2 وحاشية الصاوي على الشرح الصرير ج ص ، 52المجموع للنووي ،ج ص . 0 ) يراجع :دليل الزكاة ال هي والتعري ي ،ص ،إعداد إدارة خطاب الزكاة باألمانة العامة لديوان الزكاة. 11 جعل كل ما يصلح لالتجار من العروض مال ٍ زكاة ،بما في ذلك الديون المرجوة نصت عليه المادة [ ]3-37من قانون الزكاة.. التحصيل كما ّ إيجاب الزكاة في األنعام في النسل الذي يتوافق مع النماء في غيرها ،ولم ُيستثن منها إال األنعام العاملة في حرث األرض كمـا جاء بذلك القانون في مادـته [..]3-29 جعل الزكاة في المعادن بجميع أنواعها جامدة وسائلة عند استخراجها عمال بما نصت عليه المادة [39ـ ]3من قانون ذهب إليه الحنابلة رحمهم اهلل ،وهو الذي ّ الزكاة.. جعل الزكاة في سائر النقود بما فيها النقود المعدنية والورقية وأوراق النقد والودائع نص واألوراق المالية ذات القيمة النقدية واألوراق التي تقوم مقام النقد كما في ّ المادة [ ]3-23من القانون. إيجاب الزكاة في المرتبات واألجور والمكافآت والمعاشات ودخول أرباب المهن نص المادة [15ـ ،3أ .ب] من قانون الحرة وأصحاب الحرف ،كما جاء في ّ الزكاة لسنة 2113م. وعليه :فالقاعدة في المال الذي يكون وعاء للزكاة ،توسيع قاعدة اإليجاب ،وهو الصحيح المحقق لمقاصد الزكاة ،فيكون ما يجب فيه الزكاة: [ كل ٍ مال يصلح للنماء فهو وعاءٌ للزكاة]. القاعدة الثانية :الزكاة حق المال: نص خير الصحابة رضي اهلل عنهم أبي بكر الصديق مفس ار حديث والقاعدة نقلت من ّ النبي صلى اهلل عليه وسلم ( :أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ال إله إال اهلل فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إال بحقه وحسابه على اهلل) فقال أبو بكر رضي اهلل عنه: "واهلل ألقاتلن من فرق بين الصالة والزكاة فإن الزكاة حق المال واهلل لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم لقاتلتهم على منعها" (.)3 ،وبرقم ، 22وبرقم ( ) أخرجه البخاري برقم و ،و ،وغيرهما والل ظ للبخاري. ،وبارقم ، 2 2وبارقم 11 ،3ومسالم بارقم ، 2وبارقم ، 0 أن وجوب الزكاة متعلق بالمال ال برب المال: ومعنى القاعدة ومدلولها ّ وهي قاعدة صحيحة تدعمها األدلة والنصوص ،ويدعمها الفقه واألصول.. فالقرآن إنما علّق خطاب التكليف في إيجاب الزكاة على الناس بالمال في قوله تعالى ِ ِ ط ِّه ُرُه أم َوتَُزِّكي ِه أم ِب َها ﴾ [التوبة.]311: ص َدقَة تُ َ ﴿ ُخ أذ م أن أ أَم َوال ِه أم َ وفي السنة أحاديث كثيرة منها :قوله صلى اهلل عليه وسلم ( :فيما سقت السماء والعيون العشر).. أو كان عثريا ُ ()2 صدقة) ()3 وقوله صلى اهلل عليه وسلم (:ليس فيما دون خمسة أوس ٍ ق وقوله صلى اهلل عليه وسلم(:ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة)(.)1 أن وجوب الزكاة متعلّق بالمال ال برب المال. وكلها متوجِّهة إلى المال ،فد ّل ّ ويستفاد من هذه القاعدة في أمور زكوية منها: إيجاب الزكاة في مال الصبي والمجنون ،وهو الذي عليه مذهب مالك والشافعي وأحمد وجماعة من الصحابة والتابعين ،وقال بوجوب الزكاة في زرعهما وثمرهما أبو حنيفة النعمان ،وزاد الحسن البصري وابن شبرمة إيجاب الزكاة في مالهما إذا كان زرعا ينمى من مالهما ماال أو زرعا أو ووسع مجاهد فيما َّ أو ضرعا (أي الزروع واألنعام)ّ .. بق ار أو غنما .. علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه يزّكي أموال بني أبي رافع وهم أيتام(.)0 وقد كان ّ ِ ِ ص َدقَة ﴾..عامة في كل كبير وصغير وعاقل وآية إيجاب الزكاة ﴿ ُخ أذ م أن أ أَم َوال ِه أم َ ومجنون ،كما قال ابن حزم رحمه اهلل. ويؤيد ذلك حديث النبي صلى اهلل عليه وسلم ( :اتجروا في أموال اليتامى ال تأكلها الزكاة)(..)5 وروي عن عمر بن الخطاب وعائشة وابن مسعود وابن عمر رضي اهلل عنهم أنهم كانوا يقولون( :اتجروا في أموال اليتامى ال تأكلها الزكاة) وكانوا يضاربون بأموال اليتامى"(.)3 ( ( ( ( ( ) أخرجه البخاري برقم . 55 ،والشافعي في مسانده بارقم ، 0وعباد الارزاق ) أخرجه مسلم في الصحيح برقم ، 3ومالك في الموطأ برقم في المصنف برقم .2 2 ،والشااافعي فااي المسااند باارقم ، 2وعبااد الاارزاق فااي ،ومالااك فااي الموطااأ باارقم ) أخرجااه البخاااري باارقم 2 المصنف برقم .2 2 ) المدونة الكبرى لإلمام مالك ،ج ص . 05 ) أخرجه الطبراني في المعجم األوسط برقم ، 0وورد الحديث بأل اظ مت اربة مثل :ابتروا في أموال اليتامى ًل تأكلها الزكااة" وغياره ـ ،ويراجاع :سانن الترماذي بارقم ،2ومصانف عباد الارزاق ج ص ،32وسانن البيه اي ج ص . 02 13 إيجاب الزكاة في المال وان لم يكن صاحب المال موجودا ،كما في نص المادة[]3-16من قانون الزكاة لسنة 2113م.. إيجاب الزكاة في المال في حالة وفاة صاحبه فتؤخذ الزكاة من التركة قبل توزيعها كما نصت المادة []1-16من قانون 2113م. إيجاب الزكاة في مال الدولة العام إذا كان َّ معدا لالستثمار ،بالنظر إلى المال وصالحه للنماء ال لصاحب المال ،وألنه بذلك يكون قد خرج عن مقابلة الخدمات إلى قيد المال العام المانع من الزكاة أن ال التجارات وعن مقابلة التنمية إلى النماء ،ولذلك ّ يكون َّ معدا لالستثمار كما في نص المادة [ _ 19أ ] من قانون 2113م . القاعدة الثالثة :ال تؤاكل الصدقة من الصدقة: احفظُوا ا ْليتامى فى أ ْمواله ْم استُ ْ قيت هذه القاعدة من حديث النبي صلى اهلل عليه وسلمْ « : ال ت ْأ ُكلُها َّ الزكاةُ » ..وقوله صلى اهلل عليه وسلم « :اتجروا في أموال اليتامى ،ال تأكلها الزكاة » ..وقول عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه « :ابتغوا في أموال اليتامى قبل أن تأكلها الزكاة». والمعنى :اتجروا واستثمروا أموالهم وال تؤاكلوها الزكاة ،حيث إنها تنقص وتق ّل كلما أُخذ شيء. منها الزكاة واستخرجت منها الصدقات حتى ال يبقى لهم منها ٌ أن يحرصوا على أالّ يؤاكلوا مال الزكاة بالزكاة، وقياسا عليها يجب على والة أمر الزكاة ْ وال يكون ذلك إال بالعمل في المستبقى بعد صرفه الناجز استثما ار وتنمية. فإن كثي ار من أهل الفقه والمؤسسات الفقهية في عصرنا ذهبوا وتخريجا على هذه القاعدةّ : الدارة بالربح ذي إلى جواز االستثمار في أموال الزكاة بتنميتها واعمالها في المشروعات ّ العوائد. نص مجلس مجمع الفقه اإلسالمي الدولي في دورة مؤتمره الثالث بعمان أنه« : ّ يجوز من حيث المبدأ توظيف أموال الزكاة في مشاريع استثمارية تنتهي بتمليك أصحاب االستحقاق للزكاة ،أو تكون تابعة للجهة الشرعية المسؤولة عن جمع الزكاة وتوزيعها ،على أن يكون بعد تلبية الحاجة الماسة الفورية للمستحقين ( ) اًلستذكار ًلبن عبد البر ،ج ص ،برقم . 02 12 وتوافر الضمانات الكافية للبعد عن الخسائر»(.)3 وأصدرت هيئة الفتوى والرقابة الشرعية لبيت التمويل الكويتي فتواها رقم ()139 بجواز استثمار مال الزكاة قائلة « :إن مصلحة الفقير والظروف المالية تقضي بذل الجهد بأن تستثمر هذه األموال في وجه مضمون غالبا أما إذا وقع ضرر أو خسارة فال يتحملها أحد ولكن بعد بذل الجهد الكافي لتحاشي الخسارة ،ولكن إذا وجد ضامن فهو أحوط» .. وفتوى أخرى بالرقم ( )139قالت « :األصل في زكاة المال أن تصرف فور إخراجها عند حوالن الحول ،لكن إذا كان للمزكي جدو ٌل لصرفها على المحتاجين وال سيما من قرابته غير الواجب أنفاقه عليهم ،وكان يؤخر ذلك إلى المواعيد المناسبة لمصلحتهم؛ فيجوز وضع ذلك في حساب جار أو في حساب توفير استثماري ،على أن يضع الربع إلى مال الزكاة إلنفاقها في مصارفها ،واذا وقعت خسارة فال حرج عليه إن كان قد بذل جهده في اختيار مجال االستثمار المشروع المعتاد لمثل ذلك المآل»(.)2 وهو الذي خرجت به الندوة الثالثة لقضايا الزكاة المعاصرة ،والهيئة الشرعية لبيت الزكاة في الكويت(.)1 ويمكن تخريج القول بجواز استثمار مال الزكاة على قاعد الحنفية " :تعلق حق اهلل تعالى ال يزيل ملك المالك عنه" فأجازوا بذلك بيع مال الزكاة قياسا على بيع األضحية بعد إيجابها مع الكراهة. ولما قال أبو يوسف رحمه اهلل" :ال يجوز لتعلق حق اهلل تعالى بعينها" ،أجابوا أخذا بقول أبي حنيفة ومحمد رحمهما اهلل تعالى " :تعلق حق اهلل تعالى بها ال يزيل ملكه عنها ،وال يعجزه عن تسليمها ،وجواز البيع باعتبار الملك والقدرة على التسليم أال ترى أنا نجوز بيع مال الزكاة لهذا". ( ) /ص .2 ( ) قرارات وتوصيات مجمع ال ه اإلسالمي الدولي ،قرار رقم ( ) ال تاوى الشرعية في المسائل اًلقتصادية بيت التمويل الكويتي ،ص . 0 – 02 ،أحكام وفتاوى الزكاة والصادقات فتااوى الهيئاة ( ) راجع :أبحاث وأعمال الندوة الثالثة ل ضايا الزكاة المعاصرة ص الشارعية لبيات الزكااة ص ، 3التوجياه اًلساتثماري للزكااة د .عباد ال تااح محماد فارح ص 0وماا بعادها ،نااوازل الزكاااة ،د .عباادَّللا الر يلااي 22 ،ومااا بعاادها .حكاام اسااتثمار مااال الزكاااة أو إقراضااه لل اارا والمساااكين ،د .أزهااري عثمان إبراهيم ،ورقة بحثية قدمت لهيئة علما وًلية ال ضارف. 11 أن النبي صلى اهلل عليه وسلم دفع دينا ار إلى حكيم بن واألصل فيه ـ عندهم ـ ما روي ّ حزام رضي اهلل عنه ليشتري له شاة لألضحية فاشترى شاة ،ثم باعها بدينارين ،ثم اشترى شاة بدينار وجاء بالشاة والدينار إلى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فأخبره بذلك .فقال صلى اهلل عليه وسلم (:بارك اهلل في صفقتك أما الشاة فضح بها وأما الدينار فتصدق به)(.)3 اضح في تجويز االستثمار من وجهين: فهذا و ٌ جوزوا بيع مال الزكاة ،وهو عين االستثمار إذ ال معنى لالستثمار إال أن أولهما :أنهم ّ يباع مال الزكاة لتثميره وتدويره حتى ينمو ويربو ويزيد. أقر إقرار استحباب لحكيم بن حزام رضي الوجه الثانيّ : أن النبي صلى اهلل عليه وسلم ّ اهلل عنه ـ كما أوردوه ـ في بيعه أضحية النبي صلى اهلل عليه وسلم ،وداللة ذلك اجتماع شاة األضحية ومال الزكاة في كونهما حقّا هلل تعالى ،فكما جاز االستثمار والتجارة في شاة األضحية بعد تعينها لألضحية؛ جاز االستثمار والتجارة في مال الزكاة بعد تعينه للزكاة. وأجاز الشافعية تأخير الزكاة عن مستحقيها ،كما جاء عن اإلمام الرملي رحمه اهلل" : وله تأخيرها النتظار أحوج أو أصلح أو قريب أو جار ألنه تأخير لغرض ظاهر ،وهو حيازة الفضيلة ،وكذا ليتروى حيث تردد في استحقاق الحاضرين ويضمن إن تلف المال في مدة التأخير لحصول اإلمكان ،وانما أخر لغرض نفسه فيتقيد جوازه بشرط سالمة العاقبة ،ولو تضرر الحاضر بالجوع حرم التأخير مطلقا إذ دفع ضرره فرض فال يجوز تركه لحيازة فضيلة"(.)2 أخر لطلب األفضل فإن وجد أهل السهمان وجاء ابن حجر الهيتمي في فتاويه " :ولو ّ أخر ليدفع إلى اإلمام أو النتظار قريب أو أحوج جاز ،لكن لو تلف ضمن ،فلو تضرر وّ الحاضرون بالجوع لم يجز له انتظار قريب ونحوه"اهـ(.)1 ص . 5 ( ) ينظر :المبسوط للسرخسي، . ( ) نهاية المحتاج بحاشية الشبراملسي ،ج 2ص ( ) ال تاوى ال هية الكبرىً ،لبن حجر الهيتمي ،ج ص . 17 النصين تجويز تأخير الزكاة ألسباب كثير منها من باب الفضائل ال ففي هذين ّ الضرورات وال الواجبات و الحاجات ،بل لحيازة فضيلة ،فلو كان التأخير لتنمية مال الزكاة وتثميره بما يفي بحاجات فقراء أكثر ومساكين أكثر؛ لكان أولى وأحرى. ووجه ثالث للفقهاء الحنفية ،هو أن كثي ار منهم يرى أن أداء الزكاة ليس على الفور بل على التراخي ،وهو ما قاله الجصاص ،وأبو عبد اهلل الثلجي وعزاه إلى مشايخ الحنفية أنهم قالوا :إنها على سبيل التراخي.. فعند الحنفية لو أخر الزكاة ولم يؤدها حتى مضى حوالن فقد أساء وأثم ،والمفهوم أنه لو أخرها حوال واحدا لم يأثم ولم يسء .فإذا أخرها ألجل تنميتها وتثميرها وتكثيرها ال يكون قد أساء أو أثم بل يكون قد أحسن ـ على مدلول قاعدتهم هذه ـ (.)3 نصت بعض القوانين السابقة للزكاة له على جواز استثمار أخذا بهذه االعتبارات الفقهية ّ أموال الزكاة الفائضة عن الحاجات العاجلة الحقيقية ألهل السهمان والمصارف ،كما في المادة [ 15ـ ]2من قانون الزكاة لسنة 3016ه ـ ـ 3796م التي تقول " :يجوز لألمين العام بعد التشاور مع مجلس اإلفتاء الشرعي استثمار الفائض من أموال الزكاة استثما ار مشروعا ومضمونا على الوجه الذي تحدده اللوائح". نص على" :استثمار الفائض من أموال وفي قانون الزكاة لسنة 3771م في المادة[ّ ]11 الزكاة على الوجه الذي يخدم أغراض الزكاة". وبناء على ذلك أنشأ الديوان وشارك وأسهم في كثير من المشروعات االستثمارية ،منها: 3ـ المشاغل الجماعية التي تطورت لتصبح مصانع للملبوسات مثل مصنع كسال بمدينة كسال ،ومصنع قصر الشباب بمدينة أمدرمان ،ومصنع عطبرة للملبوسات الجاهزة.. 2ـ مزارع الدواجن الجماعية.. 1ـ قنوات الري التي تسقي المشروعات الزراعية ،مثل :مشروع ترعة مكلي بكسال باالتفاق مع هيئة تعمير القاش شرق السودان ..ومشروع دلتا اإلنقاذ لتوطين العرب الرحل بمنطقة نهر عطبرة شمالي السودان ..ومشروع ترعة ود الكريل بوالية الجزيرة وسط السودان .. ومشروع تأهيل الخزانات والسدود بوالية شمال دارفور غرب السودان ..ومشروع بناء سد منطقتي سودري والكواهلة بوالية شمال كردفان لحفظ مياه األمطار.. ( ) راجع كل هذا من كالم الحن ية في :بدائع الصنائع للكاساني ،ج ص . 18 0ـ مشروع الحرث الجماعي عن طريق الج اررات الزراعية .)3(.. نص في أية مادة وبعد مضي ذلك طويال؛ فإن قانون الزكاة لسنة 2113م لم يورد أي ّ المشرع فكأن عن استثمار مال الزكاة ،ولم ندر هل سقط النص أم أُسقط ،وعلى الثاني؛ ّ ّ ّ قد تراجع عن القول باالستثمار في أموال الزكاة ،فلو كان تراجعه عما كان عليه الديوان أوال لما ظهر من واقع الممارسة والتطبيق ،فهو مظهر إحسان وتجويد يشكرون عليه، األولى واألفضل فذلك لهم أيضا .وال إشكال في كال الحالين وا ْن كان لغير ذلك بتقدير ْ فقهيا ،إذ القول بجواز االستثمار قول فقهاء معتبرين ،والقول بعدم جواز االستثمار قول فقهاء معتبرين. إن أخذوا بخيار الجواز ـ أن يلتزموا وبصرامة بالضوابط الشرعية الكفيلة بمنع فقط رجاؤنا ـ ْ وقوع الخسارات وتكرارها ،إذ الغرض إكثار مال الزكاة ومضاعفتها ال تقليلها واضاعتها. ومن أهم الشروط الواجبة الستثمار أموال الزكاة: 3ـ أن تقوم باستثمار أموال الزكاة ٍ أيد أمينة ذو خبرة رصينة وقدرة إدارية تجارية تحفظ المال وتزيده. 2ـ أن تكون أموال الزكاة فاضت عن الحاجات الفورية. 1ـ أن ال توجد وجوه صرف عاجلة ،كأن تكون الحاجة قائمة للمستحقين من الفقراء والمساكين ،فإن كانت قائمة فيجب صرفها لهم. 0ـ أن يستثمر فيما يجوز ويصح شرعا.. وبتخير المجاالت قليلة المخاطر أن يحتاط لهذه األموال من الضياع بالضمانات ّ 5ـ ْ واختيار األكفياء األمناء إلدارتها ،ونحو ذلك مما يجب مراعاته.. ( ) راجع :دراسات فاي ف اه واقتصااديات الزكااة ،أ.د .أحماد مجاذوب أحماد أماين عاام دياوان الزكااة األسابق ،ص . 3 19 – القسم الثالث فـي القواعد الحاكمة لجباية الزكاة ومن أظهر القواعد الحاكمة لفقه الزكاة في السودان في إعمال الجباية وأخذ الزكاة من أربابها وفي أموالهم ،ما يلي: القاعدة األولى :الفقراء لصاحب المال كالشركاء: نص عليها فقهاء المالكية ،ومقصودها :أن الفقراء ـ والمراد بهم أصحاب مصرف الزكاة ـ ّ يعتبرون كالشركاء لصاحب المال في حالة تلف المال ،بعد الحول وقبل إمكان األداء، وعلى هذا تجب الزكاة فيما بقي من ماله بعد التلف. وقال صاحب المنهج: وهل فقير كشر ٍ يك في التلف ٌ وفلس البائع منه قد ُعرف(.)3 ُ وجاء في قواعد الحنابلة بلفظ " :تعلق الزكاة بالنصاب تعلق شركة أو ارتهان أو استيفاء؟"(.)2 واعتبرها الشافعية في زكاة الفطر فقالوا " :حق ٍ مال وجب عليه وتمكن من أدائه فال يسقط عنه بفوت الوقت"(.)1 ( ) راجع :إعداد المها لالسات ادة مان المانه مان قواعاد ال اه الماالكي ،أحماد الجكناي الشان يطي ،ص ،3ال واعدال هياة المستنبطة من المدونة الكبرى ،د .أحسن زقور ،ج ص ، 3 _ 30ال اعدة رقم ،2إيضاح المساالك إلاى قواعاد اإلمااام مالااك ،الونشريسااي ،ص 53ال اعاادة رقاام ،تطبي ااات قواعااد ال ااه عنااد المالكيااة ،د .الصااادق الرريااانين ص ال اعدة رقم . 2 ( ) قواعد ال ه اإلسالمي ًلبن رجب ،ص . 52 ( ) المهذب للشيرازي بشرح المجموع ،ج 3ص 0ـ . 0 31 ويتخرج عليها: 1ـ مسألة إحالة الزكاة على المشتري: وصورتها :من باع ماال قد وجبت الزكاة فيه ،فأفلس ،أو لم يجد الساعي نصابا ألخذ ُخذت الزكاة من المشتري ،ثم يرجع الزكاة منه ،ثم وجد عين المال المبيع عند المشتري؛ أ ْ المشتري على البائع ،على قاعدة الفقراء كالشركاء. ومثاله ما ورد في المدونة « :قلت :أرأيت لو أن رجال أخرجت أرضه طعاما كثي ار تجب فيه الزكاة فباعه ،ثم أتى المصدق أله أن يأخذ من المشتري شيئا أم ال؟ فقال :ال ،وال سبيل له على المشتري ،ولكن يأخذ من البائع العشر أو نصف العشر طعاما .قال ابن القاسم :فإن لم يجد المصدق عند البائع شيئا ووجد المصدق الطعام بعينه عند المشتري، أخذ المصدق منه الصدقة ورجع المشتري على البائع بقدر ذلك من الثمن .قال سحنون: وقد قال بعض كبار أصحاب مالك :ليس على المشتري شيء ألن البائع كان البيع له جائ از وهو عندي أحسن »(.)3 إن ضاع عين فاألصل في الزكاة أن تؤخذ من البائع ما دام عنده ما تؤخذ منه ،أما ْ المال الذي تجب فيه الزكاة؛ ووجد عند المشتري أُخذ من المشتري ورجع هو على البائع. وفي مسألة أخرى في المدونة في باب :الرجل يجد نخله أو يحصد زرعه قبل أن يأتيه المصدق ثم يتلف « :قلت :أرأيت النخل يجد الرجل منها خمسة أوسق فصاعدا ،أو ّ األرض يرفع منها ،خمسة أوسق من الحب فصاعدا ،فضاع نصف ذلك أو جميعه قبل أن يأتي المصدق؟ قال :سألت مالكا عنها ،فقال :ذلك في ضمانه حتى يؤديه وا ْن تلف، وال يضع عنه التلف شيئا مما وجب عليه إذا كان قد َّ جده وأدلخله منزله أو حصده فأدخله منزله » (.)2 وهذا الذي أخذت به الئحة الزكاة لسنة 2110م في مادتها [ ،1-26أ ] " :يجوز لألمين العام أو من ينوب عنه أو من يفوضه :إلزام كل شخص يؤول أو ينقل إليه أي ( ) المدونة الكبرى لمالك ،ج ص 3في زكاة الزرع. ( ) المدونة الكبرى ج ص . 30 31 ٍ مال أن يدفع الزكاة المستحقة عن ذلك المال إذا لم يتم تسديدها بواسطة البائع ،إذا نص على ذلك في عقد البيع أو جرى به العرف". وهو المنصوص عليه في قانون الزكاة لسنة 2113م في المادة [ " :]2-26تحصل الزكاة من المشتري أو الموهوب له أو الوارث إذا وقع البيع أو الهبة أو الموت .".. 2ـ مسألة :االحتياط لحق الفقراء في مال األغنياء: واألولى دائما بذل الوسع والجهد في مراعاة الحقوق ،فيعطى كل ذي ٍّ حق حقّه ،ومال الزكاة متعلق بحقين :حق صاحب المال ،وحق مستحقه من الفقراء والمساكين وأصحاب الصدقات. بد من االحتياط لحقهم في شركة المال، أن الفقراء لرب المال كالشركاء ،فال ّ وعلى ّ وحقهم متعلق بمقدار الزكاة في ماله ،وهذا المقدار قليل إلى نسبة مال صاحبه ،والضرر الذي يحلق بأموال أرباب األموال بسبب أخذ الزكاة منها ضعيف ،بينما الضرر الذي حق الفقير يلحق بالفقراء في عدم االحتياط لحقهم ّبي ٌن ،وعلى هذا يجب تغليب رعاية ّ والمسكين على رعاية حق رب المال عند التعارض ،وألنه فوق ذلك يجمع بين حق اهلل تعالى وحق العبد ،فكان ْأولى. وعليه: ال تسقط الزكاة بدعوى الدين إال إذا استغرق المال كله ،أو النصاب كله ،ولم يكن له ما يقابل به الدين ولو ماال غير زكوي كعروض القنية. وال ت سقط الزكاة بسبب الدين المرجو التحصيل ،وقاعدة المالكية " :إنما الزكاة في أن رجال كانت له مائة دينار في الديون المرتجاة" .وفي المدونة ،قال مالك " :لو ّ لناضة التي أيت أن يزكي المائة ا ّ يديه وعليه دين مائة دينار وله مائة دينار دينا ر ُ أيت ما عليه من الدين في الدين الذي له إن كان دينا يرتجيه وهو في يديه ور ُ على مليء"(.)3 ( ) المدونة الكبرى ،ج ص ، 5وراجع :ال واعد المستنبطة من المدونة ،ج ص . 2ال اعدة رقم .25 31 ووجدت ويخرج على هذا :مطالبة الشركات والبنوك التي أخطأت في وعاء الزكاة ْ ّ لديها مطالبات زكوية لسنوات ،فال يجوز إسقاطها بل يجب عليهم أداؤها كاملة ،ويجب على الديوان تحصيلها دون تساهل. نص عليه المالكية من أن :؟إمكان األداء شرطٌ في الوجوب ،لذلك والقاعدة في ذلك ما ّ إذا تعذر األداء بسبب ولو كان سببه الضياع ،تعلقت الزكاة بالذمة وال تسقط )3(،ومن باب أولى إذا كان العذر الخطأ في تحديد الوعاء وحسابه ،وهو الواقع في زكاة الشركات والبنوك. نص عليه الحنابلة أن تعلق الزكاة بالمال تعلّق استيفاء ،يثبت والقاعدة في ذلك أيضا :ما ّ وحسنه ابن في ذمة المال كتعلق الدين بالتركة ،وهو اختيار ابن تيمية رحمه اهلل تعالىّ ، رجب رحمه اهلل في قواعده(.)2 القاعدة الثانية :األصل في الجباية تصديق رب المال : أن الذي عليه المبادرة بأدائه واعطائه من األصل في الزكاة أنها تجب على المسلم ،و ّ تلقاء نفسه ،والزكاة في األصل محمولة ال مجلوبة ،بمعنى أن ال ينتظر من وجبت عليه زكاة في ماله مجيء المصدق أو الجابي ،بل يبادر ما استطاع فيخرج ما عليه ،ألنه حق اهلل ،وحق اهلل حق للغير من اآلدميين ،وحقوق اآلدميين على المشاحة ،وألنه كذلك ّ واجب األداء على ما هو عليه في الحقيقة ،واهلل عالم مطلع على حقيقة ما أخرج هل هو غش فيه؟. الذي عليه أم ّ ولذلك فإن غالب أرباب المال من المسلمين يحرصون على أداء ما يجب عليهم من يتهرب أو يتحايل. الزكاة ،وق ّل منهم من ّ وحق الزكاة في المال متعلق بنوعين منه ،مال ظاهر ال يخفى في الغالب ،ومال باطن أن التدقيق والتحري إنما يحتاجه الجابي في المال الباطن ال يظهر في الغالب ،وبما ّ ( ) تطبي ات قواعد ال ه عند المالكية ،الررياني ،ص ( ) قواعد ابن رجب الحنبلي ،ص . 52 ـ 31 . غالبا ،والمال الباطن كثير من الفقهاء ذهبوا إلى أنه مما يلي أمره أرباب المال؛ ومعنى ذلك :حتى لو ترك الديوان الجباية فيه لجاز لهم ذلك. ولهذا يؤخذ بهذه القاعدة الحكيمة في التعامل مع أرباب المال الباطن في جباية الزكاة. وتظهر الحاجة إلى هذا األصل اليوم في زكاة المغتربين ،وكثي ار ما تتغير أحوالهم من المالءة إلى الحاجة ومن القدرة على أداء الزكاة إلى العجز والفقر والعوز ،ولذلك يجب أن َّ يصدقوا مالم تظهر عليهم قرائن التهرب أو التحايل. ومن مفاسد الغفلة عن هذا األصل :المبالغة في تدخل الجباة لمعرفة التفاصيل الدقيقة لمكاسب وأموال أصحاب المال ومقاديرها وطرق كسبها وأماكن إيداعها ومجاالت استثمارها ،مما يدعو أرباب المال المكلفين بالزكاة يتهربون ويتحايلون إلخفاء كثير من هذه المطلوبات ،فتضعف فيهم نية األداء بصدق وتهبط فيهم همة التصدق بصدق وتدنو منهم رغبة المبادرة بإيفاء حق الزكاة للديوان ،وربما تسبب ذلك في اإلكثار من أحوال التهرب والتحايل لالمتناع من الزكاة. وهذه مفسدة عظيمة يجب على أهل الديوان التنبه لها أخذا بهذه القاعدة(.)3 القاعدة الثالثة :الحاجة توجب االنتقال إلى البدل عند تع ّذر األصل: يتخير بين أخذ الزكاة من أصل المال ،وبين أخذها من بدل أو والعامل على الزكاة إنما ّ أخذها قيمة ،ولكن ال اعتباطا ،وال محاباة لصاحب المال ،وال تضييقا عليه في ماله ، مهم هو :أن يكون في ذلك وانما يكون ّ التخير بين األصل والبدل أو القيمة بمعيار ّ اضح ّبين من تصرف تحقيق التيسير على رب المال وانتفاع المستحقين ،وذلك و ٌ الصحابي الفقيه معاذ بن جبل رضي اهلل عنه حين قال ألهل اليمن " :إيتوني بخميس أو لبيس آخذه منكم من الصدقة مكان الذرة والشعير ،فإنه أيسر عليكم وأنفع للمهاجرين بالمدينة "(.)2 ( ) راجع :بحثنا :اًلجتهاد الزكوي مشروعيته وقواعده ومةسساته ،ص ( ) سنن البيه ي الكبرى ج ص –. 3 باب من أجاز أخذ ال يم في الزكوات ،برقم . 2 3 33 يقول ابن مفلح رحمه اهلل موجها حكم معاذ رضي اهلل عنه " :ألن المقصود دفع حاجة الفقراء ،وال يختلف ذلك باختالف صور األموال إذا حصلت القيمة " (.)3 ويتخرج على هذه القاعدة: 3ـ اعتماد الخرص في الزكاة عند تعذر الكيل.. 2ـ اللجوء إلى أخذ القيمة في الزروع التي ال تكال وال توزن ،فيؤخذ ما قيمته خمسة أوسق من أواسط ما يكال أو يوزن .حسب المادة [ 20ـ .]2 1ـ أخذ القيمة في زكاة المنتجات الغابية عند قطعها إذا تغير المنتج إلى كتل خشبية أو صار فحما بمعاملته معاملة عروض التجارة ،كما في المادة [ 29ـ .]2 أن القيمة في الزكاة ال تؤخذ إال في أربعة مواضع: ويرى الشافعية ّ أحدها :زكاة التجارة. والثاني :الجبران. والثالث :إذا وجد في مائتين من اإلبل :الحقاق وبنات اللبون ،فاعتقد الساعي أن األغبط: الحقاق فأخذها ولم يقصر وال دلس المالك وقع الموقع وجبر التفاوت بالنقد. الرابع :إذا عجل اإلمام ولم يقع الموقع وأخذ القيمة فله صرفها بال إذن جديد(.)2 القاعدة الرابعة :ال ثنى في الصدقة: نص نبوي أورده ابن سالم في كتاب األموال بسنده إلى فاطمة هذه القاعدة في األصل ٌّ أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال( :ال ثنى في بنت حسين رضي اهلل عنها ّ الصدقة)( ..)1وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه باأللف الممدودة( :ال ثنا في الصدقة)(.)0 ( ) المبدع ًلبن م لح ،ج ص . . ( ) األشباه والنظائر للسيوطي ،ص ،حديث رقم .25 ( ) األموال ًلبن سالم ،ج ص ( ) ابن أبي شيبة في المصنف باآلثار ،برقم ، 05 2ج ص 5 32 . والقاعدة معمول بها عند الحنفية ،وقد نقلوا عن اإلمام أبي حنيفة قوله " :الثنى حرام في باب الزكاة ،لقوله عليه الصالة والسالم ( :ال ثنى في الصدقة )"(.)3 ومعناه عندهم :أخذ الصدقة مرتين في العام من مال واحد ،إال في حال اختالف المالك والحول والمال(.)2 فتم الحول على ومثال الثنى عندهمّ : أن رجال له خمس من اإلبل السائمة ومائتا درهمّ ، ضم الثمن إلى الدراهم التي عنده، تم حو ُل الدراهمُ ،ي ّ السائمة وزكاها ،ثم باعها بدراهم ،ثم ّ ف لها حو ٌل على حدة"(.)1 ويزكي الكل عندهما ،وعند أبي حنيفة يستأن ُ فيظهر أن الحنفية توسعوا في تطبيق هذه القاعدة. ونرى الشافعية قد أخذوا بهذه القاعدة ومنعوا الثنى في الصدقة ،ولكنهم استثنوها في ثالث جوزوا فيهن اجتماع زكاتين في المال: مسائلّ ، األولى :عبد التجارة ،ففيه زكاتها وزكاة الفطر. الثانية :نخل التجارة ،تخرج زكاة الثمرة وزكاة الجذع ونحوه بالقيمة.. والثالثة :من اقترض نصابا فأقام عنده حوال ،عليه زكاته وعلى مالكيه ،ومثله اللقطة إذا تملكها حوال (.)0 أن الثنى ال يكون وال يتحقق إال بشروط: والواضح ّ األول :أن يؤخذ الزكاة من مال واحد ،وهذا يعني أن المال إذا تغير أو اختلف لم يكن هناك ثنى. فإن كان هناك حوالن فال ثنى أيضا.. الثاني :أن يكون هناك حو ٌل واحدْ ، الثالث :أن يكون المالك واحدا ،فإن تعدد المالك جاز األخذ من ٍّ كل. ( ( ( ( ) تح ة ال ها للسمرقندي ،ج ص . 25 ) راجع :بدائع الصنائع ،ج ص ،حاشية ابن عابدين ،ج ص .2 ) تح ة ال ها ن سه ص . 22 . ) األشباه والنظائر للسيوطي ،ص 31 تعدد السبب انتفى الثنى(.)3 الرابع :أن يكون سبب وجوب الزكاة واحدا ،فإذا ّ ونص قانون الزكاة على اعتبارها، وفقه الزكاة في السودان أخذ بهذه القاعدة وأعملها، ّ قيدت المادة في البند أخذ الزكاة بعبارة " :مع وذلك في المادة [ 36ـ أ ،وب ] حيث ّ مراعاة عدم االزدواج في دفع الزكاة" ..وفي البند ب نصت على أخذ الزكاة من كل ٍ شخص" :غير سوداني مسلم يعمل في السودان أو يقيم فيه ويملك ماال في السودان تجب فيه الزكاة مالم يكن ملزما بموجب قانون بلده بدفع الزكاة ودفعها فعال .أو كان إعفاؤه قد تم بموجب اتفاقية لمنع االزدواج في دفع الزكاة". والمقصود باالزدواج في دفع الزكاة حتى ال يكون ثنى في الصدقة. وقد أصدرت لجنة الفتوى بالديوان فتواها بأخذ الزكاة من قصب السكر وأخذها مما نتاج قصب السكر ،ولكن تؤخذ الزكاة من قصب السكر ألنه من الزروع ،وتؤخذ من السكر المصنع من القصب باعتباره عروض تجارة. وهنا اختلف الوعاء والمال وسبب الوجوب ،فالمال في األول قصب ،وفي الثاني سكر، والسبب في األول كونه زكاة زروع ،وفي الثاني كونه عروض تجارة. ولذلك قالت الفتوى رقم (3021/3هـ )2112بتاريخ 7صفر 3021هـ 23أبريل 2112م ":وليس في هذا ثنى ( ازدواجية ) في أخذ الزكاة ،ألن الثنى الممنوع هو أخذ الزكاة في السنة مرتين لسبب واحد" (.)2 وا ْن كنت لم أفهم المقصود مما ورد في آخر الفتوى وهو قولهم " :وليس فيه غبن على الشركة ،ألن المبلغ الذي تؤخذ زكاة عن قصب السكر سيحسب من مصروفات الشركة". القاعدة الخامسة :ما تكامل فيه النماء ال يعتبر فيه الحول: ()1 أن الحول هذه القاعدة ذكرها ابن دقيق العيد رحمه اهلل في إحكام األحكام ،ووجههاّ : مدة مضروبة لتحصيل النماء ،فإذا حصل النماء من غير الحاجة إلى تلك المدة ؛ فقد ( ) استنبطت هذه الشروط األربعة من كالم ال ها ومن تطبي ااتهم ،يراجاع :بادائع الصانائع ج ص ،وقاد قاال :إًل أن األخذ حال اختالف المالك والحول...قال :وههنا لم يوجد اختالف المال والحول وًل شك فيه اهـ ،والشك عندهم عامل مهم في اعتبار الثِناى وي سار للثناى.وينظار :تح اة ال هاا ج ص ، 25وتبياين الح اائق شارح كناز الادقائق ج ص ،وحاشية ابن عابدين ج ص .2 ، 2وج ص ،سلسلة إصدارات الزكاة رقم . 2 ( ) راجع ال توى في فتاوى ديوان الزكاة ،ص ( ) إحكام األحكام شرح عمدة األحكام ،ابن دقيق العيد ،ج ص . 50 37 ٍ عندئذ في اعتبار الحول ،والحول ليس أم ار مقصودا حصل ما يوجب الزكاة ،فال معنى لذاته ،بل هو مما قُصد لغيره ،فهو إنما ُجعل لتمكين المال من أسباب النماء. وعلى هذه القاعدة خرجت: 3ـ زكاة الركاز ،ألن الركاز يحصل جملة من غير ٍّ كد وال تعب .والنماء فيه متكامل وبذلك جاءت المادة [ ]21من قانون الزكاة لسنة 2113م ،ونصها " :تجب الزكاة في الركاز ويكون مقدارها الخمس ،وتخرج عند الحصول عليه".. 2ـ زكاة ما استفيد من غنيمة.. 1ـ زكاة المعشرات.. وهذه الثالثة ،تحصل جملة واحدة ال شيئا فشيئا .وهو مذهب الشافعية ،بل نفى ابن دقيق ()3 العيد الخالف فيها عند الشافعي . 0ـ فيقاس عليها ،بجامع استفادتها جملة ال شيئا فشيئا :سائر أنواع المال المستفاد، كالرواتب ،واألجور ،والمكافآت ،والمعاشات ،وأرباح أصحاب المهن الحرة والحرف، حسب المادة [3/15ـ أ ،ب ]. نص القانون على زكاة أرباح المهن والحرف فور قبضها ولك في المادة [3/15ـ ب] وقد ّ تجب الزكاة " :في أرباح أصحاب المهن الحرة والحرف وذلك عند قبضها إذا بلغت النصاب وكانت زائدة عن الحاجة األصلية لهم.". ونصت الئحة الزكاة لسنة 3771م على عدم اشتراط الحول في المرتبات واألجور والمكافآت والمعاشات ،في المادة [ 33ـ ]0فقالت " :ال يشترط حوالن الحول بالنسبة لزكاة المرتبات ،وتضم دفعات الدخل خالل العام ،فإذا بلغت النصاب خضعت للزكاة". واألولى من ذلك؛ ما تحقق فيه النماء في مدة الحول وقبل حوالنه ،فال يعتبر في ذلك الحول ،بل يزّكى مع أصله الذي نما فيه أو منه ،ألنه بتحقق النماء فال يحتاج إلى سببه حتى ُينتظر به الحول ،إذ الحول إنما اعتُبر ليحصل بانتظاره النماء ،فلما حصل النماء بدونه سقط اعتباره. ( ) إحكام األحكام ن سه. 38 ومن قواعد المالكية في ذات المعنى « :المترقَّبات إذا وقعت هل َّ يقدر حصولها يوم وجودها ،وكأنها فيما قب ُل كالعدم ،أو َّ يقدر أنها لم تزل حاصلة من حين حصلت أسبابها التي أثمرت أحكامها واستند الحكم إليها » (.)3 وفي إعداد المهج شارحا للقاعدة التي نظمها صاحب المنهج في قواعد الفقه المالكي: ٍ يومئذ أو قهقرى إذا رجـ ْع ب وق ـ ْع وهل ُيراعى مترقَّ ٌ اعلمن ربح أو أمضى لبيع لسبـب الحكم كمعتق ومـن ْ قال" :أي هل يعتبر في األحكام يوم وقوعها ال قبل الوقوع لكونه كان معدوما حسا فكذلك ٍ حكما؟ ..أم يرجع وقوع األحكام إلى وقوع سبب الحكمَّ ، حينئذ ابتداء وقوعه من فيقدر ُ مراعاة للسبب؟(.)2 ومن تطبيقاتهم على القاعدة: يقدر يوم الشراء بالنسبة إلى يقدر الربح مع أصله في الحول؟ أو ّ من ربح شيئا هل ّ الزكاة؟. قال في المدونة « :قلت :أرأيت لو أن رجال له ثالثون من الغنم توالدت قبل أن يأتيه المصدق بيوم ،فصارت أربعين أترى أن يزكيها عليه الساعي أم ال؟ فقال" أي مالك" :يزكيها عليه ،ألنها قد صارت أربعين حين أتاه. قلت " أي ابن القاسم" :ولم! وقد كان أصلها غير نصاب؟. بد من الزكاة ،وان كانت غير فقال "مالك" :ألنها توالدت ،فإذا توالدت؛ فأوالدها منها ،فال ّ نصاب ،ألنها لما زادت باألوالد؛ كانت كالنصاب .وهو قول مالك» (.)1 يعد المولودات مع األمهات فيجعل منهن جميعا نصابا فنرى مالكا رحمه اهلل تعالى ّ ويوجب الزكاة فيها دون اعتبار للحول ،إذ هي لم تحل عليها الحول. هذا في زكاة الغنم. وكذلك قال في الدنانير. قال في المدونة « :قلت :أرأيت الدنانير تكون عند الرجل عشرة دنانير ،فيتجر فيها، فتصير عشرين دينا ار بربحها قبل الحول بيومين ،أيزكيها إذا حال الحول؟ قال :نعم. ( ) إيضاح المسالك إلى قواعد اإلمام مالك ،الونشريسي ،ص 22قاعدة رقم . ( ) إعداد المه لالست ادة من المنه في قواعد ال ه المالكي ،للشن يطي ،ص 22بتصرف يسير. ( ) المدونة الكبرى لمالك ،ج ص . 2 39 قلت :ولم وليس أصل الدنانير نصابا؟ قال :ألن ربح الدنانير ههنا من المال بمنزلة غذاء الغنم منها التي ولدتها ،ولم يكن أصلها نصابا ،فوجبت فيها الزكاة بالوالدة ،فكذلك هذه الدنانير تجب فيها الزكاة بالربح فيها » اهـ (.)3 يقدر فإنه ّ إذن ما تكامل وتحقق فيه النماء فال يعتبر فيه الحول ،والمترقبات إذا وقعت؛ ّ وجودها من حيث وجدت أسبابها التي أثمرت أحكامها( .)2والمعنى واحد. وعد اإلمام السيوطي رحمه اهلل ما ال يعتبر في زكاته الحول فجعلها سبعة أشياء ،هي: ّ « زكاة الزروع والثمار ،والمعدن ،والركاز ،والفطر ،وزيادة الربح في التجارة ،والسخال، إذا ماتت أمهاتها أو كملت النصاب» (.)1 أن الحول الموجود في حق األصل ،كالموجود في حق التبعُّ ، فكل واألصل عند الحنفيةّ : ٍ مستفاد هو تبعٌ لألصل ،تجب فيه الزكاة". التفرع واالسترباح ،فيضم وشرطه :إذا كان من جنس األصل ،وكان حاصال بسبب ّ باإلجماع،كاألوالد واألرباح ،ألنه تابع لألصول حقيقة. أن األصل يتكثّر به ويزداد ،والزيادة ووجه ذلك عندهم كما يقول السمرقندي رحمه اهللّ « : تبعٌ للمزيد عليه ،فاعتبرنا جهة التبعية في حق الحول ،احتياطا لوجوب الزكاة»(.)0 ومع ذلك ال يضم عندهم المستفاد إلى األصل إال إذا كان األصل نصابا (.)5 ( ( ( ( ( ) المدونة الكبرى كتاب الزكاة األول ي زكاة الذهب والورق ،ج ص . 5 ) راجع :ال واعد ال هية المستنبطة مان المدوناة الكبارى ،ج ص ، 2 – 35إعاداد المها ،ص ،3 – 3إيضااح المسالك ،ص .50 – 22 . ) األشباه والنظائر ،للسيوطي ،ص ) تح ة ال ها ،للسمرقندي ،ج ص . 25 ) المصدر السابق ن سه. 21 القســــم الرابــــع فـــي القواعد الحاكمة لمصارف الزكاة والقواعد الشرعية الحاكمة لفقه الزكاة في باب المصارف كثيرة ،أظهرها في التي تحكم مسيرة فقه المصارف في ديوان الزكاة في السودان ما يلي: القاعدة األولى :تصرف والي الزكاة منوط بالمصلحة: هذه القاعدة ال يختلف معناها عن القاعدة المشهورة ":تصرف اإلمام على الرعية منوط ()3 بالمصلحة" إالّ أنها خاصة بتصرف من واله اإلمام على الزكاة في صرفها على المستحقين .وكلها مأخوذة من خبر البراء رضي اهلل عنه قال :قال لى عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه « :إنى أنزلت نفسي من مال اهلل بمنزلة والي اليتيم »(.)2 ياد لما بعث أبا بردة ب أبي موسى رحمهم اهلل تعالى على بعض الصدقات وأخذ بذلك ز ٌ ان َغ ِنيًّا قال له « :إني أنزلك نفسي من هذا المال بمنزلة والي اليتيم َ ﴿ ،و َم أن َك َ ير َف ألي أ ُك أل ِبا ألمعر ِ ف وم أن َك َ ِ َف ألي ِ وف ﴾[النساء ،]6 :وال تأتين على شغار إال ان فَق ا َ َأ َ أُ ستَ أعف أ َ َ رددته ،وال امرأة عضلها وليها فتبرح زائلة العطن حتى تزوجها في األكفاء من قومه»(.)1 الرعَّية بم ْنزلة ا ْلول ِّي م ْن نص اإلمام الشافعي للقاعدة بعبارة « :وم ْنزلةُ ا ْلوالي م ْن َّ وقد جاء ّ مال ا ْليتيم »(.)0 ولذلك يجب أن « يتصرف الوالة ونوابهم ..من التصرفات بما هو األصلح للمولى عليه درءا للضرر والفساد ،وجلبا للنفع والرشاد ،وال يقتصر أحدهم على الصالح مع القدرة على األصلح إال أن يؤدي إلى مشقة شديدة ،وال يتخيرون في التصرف حسب تخيرهم في حقوق أنفسهم مثل أن يبيعوا درهما بدرهم ،أو مكيلة زبيب بمثلها لقول اهلل تعالى﴿ َوَال س ُن﴾[األنعام ، ]352 :وان كان هذا في حقوق تَ أق َرُبوا َما َل ا أل َي ِت ِيم إَِّال ِبالَّ ِتي ِه َي أ أ َح َ ( ( ( ( .أشباه ابن نجيم بشرح غمز عيون البصائر للحموي ،ج ص . 32 ) األشباه والنظائر للسيوطي ،ص ، ،وفي معرفة السنن واآلثار برقم 23ج ص ) أخرجه البيهه ي في السنن الكبرى ،ج 3ص ) أخرجه سعيد بن منصور في سننه ج ص ، 03برقم . 30 .. ) أسنى المطالب في شرح روب الطالب األنصاري ،ج ص ، 52وانظر :أشباه السيوطي ص 21 اليتامى فأولى أن يثبت في حقوق عامة المسلمين فيما يتصرف فيه األئمة من األموال العامة؛ ألن اعتناء الشرع بالمصالح العامة أوفر وأكثر من اعتنائه بالمصالح الخاصة، وكل تصرف جر فسادا أو دفع صالحا فهو منهي عنه»(.)3 ويقول اإلمام القرافي رحمه اهلل « :اعلم أن كل من ولي والية الخالفة فما دونها ..ال ال يحل له أن يتصرف إال بجلب مصلحة أو درء مفسدة لقوله تعالى ﴿ َوَال تَ أق َرُبوا َم َ س ُن﴾[األنعام ]352:ولقوله صلى اهلل عليه وسلم ( :من ولي من ا أل َي ِت ِيم إَِّال ِبالَّ ِتي ِه َي أ أ َح َ أمور أمتي شيئا ثم لم يجتهد لهم ولم ينصح فالجنة عليه حرام)(.)1(»)2 وبهذا يكون تصرف والي الزكاة بما يحقق مصلحة أهل الزكاة من أرباب المال ومن أهل السهمان المستحقين ،يراعي معا مصلحة الدافعين المعطين للزكاة ،ومصلحة اآلخذين للزكاة ،وكذلك مصلحة الزكاة شعيرة وعبادة تعظيما لشأنها وترتيبا ألمرها وتورعا في مالها .وهذا مقتضى العدل واالستقامة. فال يتساهل في الجباية واألخذ وتتبع أموال الزكاة من مصادرها وأوعيتهاوأصحابها ،فال يجوز له أن يعفو أحدا من زكاة وجبت عليه ،وال التقليل والخصم مما وجب من مال الزكاة ونحو ذلك ،فذلك مفسدة في مال الزكاة واضاعة لحق اهلل تعالى وحقوق أهل المصارف.. يعسر على أرباب المال واألغنياء ويشق عليهم بالمبالغة في التقدير باألكثر وال ّالتوسع في كشف أسرارهم التجارية وغير ذلك ،فذلك يحمل الكثيرين واتهامهم و ّ منهم ال سيما أصحاب القلوب الضعيفة من المؤمنين في بغض الطاعة أو التحايل لمنع الزكاة والتهرب من دفعها. وال يتساهل في تمكين أهل السهمان المستحقين للزكاة ما استطاع إلى ذلكسبيال ،وال يؤخر ما وجب لهم من الزكاة إال لمصلحة أعلى وأعظم.. . ( ) العز بن عبد السالم في قواعد األحكام في مصالح األنام ،ج ص ( ) هذا الحديث وجدت ل ظه « أيما وال ولي شيئا ا من أمر المسلمين ،فلم ينصح لهم ،ولم يجهد لهم نصاحه وجهاده لن سه ك َّبه َّللا على وجهه يوم ال يامة في النار » عند الطبراني في المعجم الصرير برقم ، 33وبل ظ « ما مان أميار يلي المسلمين ثم ًل يجهد لهم ،وًل ينصح لهم إًل لم يدخل معهم الجنة » في مستخرج أبي عوانة برقم ، 320وبل ظ «ما من امير استرعى رعية لم يحتط لهم ولم ينصح لهم اًل لم يادخل معهام الجناة » عناد البيه اي فاي السانن الكبارى ج 5ص . 30وأصله في الصحيحين ،في البخاري برقم 33 5بل ظ «ما من وال يلي رعياة مان المسالمين فيماوت وهو غاش لهم إًل حرم َّللا عليه الجنة» ،وفي صحيح مسلم برقم 0بل ظ «مَا مِانْ َعبْا يد َيسْ ا َترْ عِي ِه َّ َّللا ُ رَ ِعي اَّاة َيم ُ ُاوت ُوت َوه َُو غَاشٌّ لِرَ ِع َّيتِ ِه إِ ًَّل حَ رَّ َم َّ ي َْو َم َيم ُ َّللا ُ َعلَ ْي ِه ا ْلجَ َّن َة». ( ) ال روق لإلمام ال رافي ،ج ص 3ال رق الثالث والعشرون والمائتان. 21 ويحرم عليه إذا قسم الزكاة على األصناف التفضيل بينهم ،إذا تساوتالحاجات(.)3 ووالي الزكاة هو كل من أمين عام الزكاة والمجلس األعلى ألمناء الزكاة ،وأمناء الزكاة بالواليات. نص القانون على حدود صالحياتهم في المواد [6ـ ،31 وحتى يناط تصرفهم بالمصلحة؛ ّ فصلت اللوائح ما لهم وما عليهم من و30ـ ]35من قانون الزكاة لسنة 2113م ،كما ّ تصرفات حتى ال تجنح اجتهاداتهم وتقديراتهم للمصالح والمفاسد.. القاعدة الثانية :استحقاق الزكاة هل سببه الحاجة أم الحق؟: وعبارة القاعدة تنبيء بالخالف بين الفقهاء في سبب استحقاق الزكاة ،وما تنبني عليه المصارف ،فمنهم من يرى أنه الحق ،ومنهم من يرى أنه الحاجة. واالتجاه الغالب للفقهاء أن سبب استحقاق الزكاة هو الحاجة ،وهو اتجاه جماهير الحنفية والمالكية والحنابلة وجمع كبير من الشافعية.. فقد نص الحنفية على ذلك فقال الكاساني « :سبب االستحقاق في الكل الحاجةإال العاملين عليها فإنهم مع غناهم يستحقون» (.)2 ونص اإلمام مالك على لك فقال في الموطأ « :فأي األصناف كانت فيه الحاجة ّ والعدد أوثر ذلك الصنف بقدر ما يرى الوالي ،وعسى أن ينتقل ذلك إلى الصنف اآلخر بعد عام أو عامين أو أعوام فيؤثر أهل الحاجة والعدد حيثما كان ذلك، وعلى هذا أدركت من أرضى من أهل العلم»(.)1 والحنابلة ذكروا في أكثر من موضع أن سبب االستحقاق هو الحاجة ،مفسرينُّها َّ اء إِلَى اللَّ ِه َواللَّ ُه ُه َو الفقر به مستدلين بقوله تعالى ﴿ َيآأَي َ اس أَ أنتُ ُم ا ألفُقَ َر ُ الن ُ الغني إذا يد﴾ [فاطر .]35:أي المحتاجون إليه ،حتى ذهبوا إلى أن ا أل َغ ِن ُّي ا أل َح ِم ُ ّ سد خلة كان محتاجا حلت له الصدقة .ويرى ابن تيمية منهم أن السبب هو ّ المسلمين ،ويرى ابن القيم أنه الحاجة أو منفعة المسلمين(.)0 .وسيأتي ت صيل ذلك في ال اعدة التالية. ( ) أشباه السيوطي ،ص ( ) بدائع الصنائع ،ج ص . ،اًلستذكار ًلبن عبد البر ج 2ص . 0 – 0 ( ) الموطأ لمالك ،بشرح الزرقاني ،ج ص ،كشااف ال نااع ،ج ص 20وماا بعادها .مجماوع ال تااوى ،ج ( ) المرني ًلبان قداماة ج ص - 0 زاد المعاد ًلبن ال يم ج ص .5 21 ص، 0 -واإلمام الشافعي ينص على ذلك في كتاب األم حيث يقول « :فأهل السهمان يجمعهم أنهم أهل حاجة إلى مالهم منها كلهم وأسباب حاجاتهم مختلفة وكذلك أسباب استحقاقهم بمعان مختلفة يجمعها الحاجة ويفرق بينها صفاتها»(.)3 واالتجاه الثاني لإلمام ابن حزم الظاهري رحمه اهلل .التسوية بين المصارف ألن الزكاة حق لكل واحد منهم .وهو قول للشافعية رحمهم اهلل(.)2 ّ ويمكن الجمع بين االتجاهين والقولين ،ليقال :إذا تساووا في الحاجة وجبت التسوية بينهم وال يجوز المفاضلة بينهم بحال ،أخذا بكون االستحقاق سببه الحق ،واذا تفاوتت الحاجات ويسد الخلة. بين مصرف ومصرف فالصرف حيث قامت الحاجة بما يدفعها ّ وهذا قول السيوطي وابن نجيم رحمهما اهلل في أشباههما« :إذا قسم اإلمام الزكاة على األصناف يحرم عليه التفضيل مع تساوي الحاجات». فجاء في غمز عيون البصائر « :والرأي لإلمام من تفضيل وتسوية من غير أن يميل في ذلك إلى هوى» (.)1 يوزع ومع ذلك أعطت الئحة الزكاة لسنة 2110م في مادتها [ ]1-29الخيار للديوان أن ّ األموال على المصارف بين التسوية والمفاضلة ،فنصت « :توزع األموال على المصارف وفقا لما يحدده المجلس وذلك بأحد الخيارين اآلتيين: أ ـ نسب مئوية وهي %3225للمصرف الواحد. ب ـ المفاضلة إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك وفقا للحاجة وأولويات الصرف مع عدم المساس بحقوق الفقراء والمساكين» .وهذا القيد للتوافق مع نص القانون لسنة 2113م في مادته [ « :] 2 -19ال يجوز المساس بنصيب الفقراء والمساكين وتحويله إلى مصرف آخر .» .. القاعدة الثالثة :األصل في اإلعطاء اإلغناء: أن األصل الذي ُيبدأُ به ،والغالب الذي ينبغي أن يكون عليه والمراد بهذه القاعدة ّ الصرف لمال الزكاة على المستحقين وأهل السهمان؛ تحقيق الكفاية والغنى للمستحقين ( ) كتاب األم للشافعي ،ج ص ،.5وراجع :فتح الباري للحافظ ابن حجر ،ج ص . 00 ( ) راجع :المحلى باآلثار ًلبن حزم ،ج ص ، 5المجموع شرح المهذب ج 3ص 2ـ ،وابن نجيم برمز عيون البصائر ج ص . 2 – 20 ( ) راجع :أشباه السيوطي ص 23 بما يعطون من الزكاة ،إلخراجهم من دائرة الفقر والمسكنة والحاجة والعوز ما استُطيع إلى ذلك. واإلغناء باإلعطاء من الزكاة هو المعيار الذي رآه الجمهور من الفقهاء :مالك، والشافعي ،وأحمد وأبو ثور ،وغيرهم(.)3 وهو قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه وفعله ..فقد قال( :إذاأعطيتم فأغنوا)( .)2وروي عنه أنه إذا جمع صدقات المواشي من البقر والغنم؛ نظر منها ما كان منيحة اللبن فيعطيها ألهل بيت واحد على قدر ما يكفيهم ،وأنه خير من عطية ال كان يعطي منها العشرة للبيت الواحد ،ثم يقول ( :عطيةٌ تكفي ٌ تكفي)(.)1 وهو فعل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه ،فإنه رضي اهلل عنهأُتي بصدقة فبعثها إلى أهل بيت واحد(.)0 وا ْن اختلف الفقهاء في تحديد الكفاية والغنى ومتى يتحقق اإلغناء على ثالثة أقوال: القول األول :إن الكفاية المعتبرة والغنى المقصود هو كفاية اليوم والليلة وهو رأي الحنفية ،مستدلين بحديث سهل بن الحنظلية أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال: (من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من جمر جهنم ) قالوا :يا رسول اهلل! وما يغنيه؟ ِّ قال ( :قدر ما ِّ ويعشيه )(.)5 يغديه القول الثاني :إن الكفاية المقصودة والغنى المراد هو كفاية السنة كلها ،وهو رأي المالكية إذ الفقير عندهم هو من ال يملك قوت عامه أو من يملك شيئا ال يكفيه عامه(.)6 وهو أيضا قول بعض الشافعية كالبغوي والغزالي وأبي العباس بن القاص ( .)9مستدلين بالقياس على حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما في زكاة الفطر مرفوعا ( :أغنوهم عن ( ) راجع :المهذب مع المجموع ،ج 3ص ، 5 ، 23المرناي ًلبان قداماة ،ج ص 2ف ارة ، 22المنت اى بشارح ن االا ،الشرح الصرير للدردير ،ج ص ،33ف ه الزكااة لل رضااوي ،ج ص الموطأ ،للباجي ،ج ص عن معالم السنن ج ص . 2 برقم . 25 ( ) األموال ألبي عبيد ،ص ( ) بدائع الصنائع للكاساني ،ج ص . 3 ( ) المصدر ن سه. ( ) أخرجه أبو داود في سننه برقم . 3 2 ( )3ينظر الشرح الصرير مع حاشية الصاوي ج ص 3 2ـ ،3 5حاشية الدسوقي ج ص ، 2مشروع ال ه الماالكي . بالدليل باب الزكاة من كتاب الشرح الصرير د .بدوي عبد الصمد ونخرون ،سلسلة الدراسات ال هية [ ]3ص ( )2انظر :المجموع شرح المهب ج 3ص . 5 22 ()3 الطواف في هذا اليوم) فقالوا« :األمر للوجوب ،ومتى قدمها بالزمان الكثير لم يحصل إغناءهم بها يوم العيد .وسبب وجوبها الفطر بدليل إضافتها إليه ،وزكاة المال سببها ملك النصاب ،والمقصود إغناء الفقير بها في الحول كله فجاز إخراجها في جميعه ،وهذه المقصود منها في وقت مخصوص فلم يجز تقديمها قبل الوقت» (.)2 القول الثالث :إن الغنى والكفاية المعتبرة هي ما يدفع حاجته بالكلية ،وهو رأي جمهور الشافعية ،جاء في المهذب للشيرازي « :الفقير هو الذي ال يجد ما يقع موقعا من كفايته، فيدفع إليه ما تزول به حاجته من أداة يعمل بها إن كان فيه قوة ،أو بضاعة يتجر فيها ُ حتى لو احتاج إلى مال كثير للبضاعة التي تصلح له ويحسن التجارة فيه وجب أن ُيدفع إليه»(.)1 قدر وفقه الزكاة في السودان قام على رعاية الفقراء والمساكين باألمرين معا ،اإلغناء ما ّ إن لم يطمئنوا إلى خروج الفقير بإغنائه عن دائرة الفقر والة أمر الزكاة ذلك ،أو اإلعانة ْ ٍ حينئذ إلعطائه ما يغنيه حينا وال يخرجه إال فترة قليلة ،ثم يعود طالبا للزكاة ،فال معنى عن الفقر والمقصود باإلغناء إخراجه من الفقر ليكون معطيا للزكاة ال آخذا لها. نص قانون الزكاة لسنة 3771م في المادة [ – 11ي ،ك ]ولسنة 2113م في المادة وقد ّ [6ـ ك ] « :ال عمل على تمليك الفقراء والمساكين وسائل للتكسب ما أمكن حتى يستغنوا عن الزكاة .».وفي المادة [11ـ ك ]لقانون الزكاة لسنة 3771م« :وضع خطة طويلة األمد للقضاء على الفقر .»... ومع ذلك يعمل الديوان على الدوام في صرف ما يعين الفقراء في تخفيف وطأة الفقر وما يدفع حاجات هم اليومية أو الشهرية أو العالجية أو غير ذلك إعانة ال إغناء ،إلى جانب إقامة المشروعات اإلنتاجية وتمليكها للفقراء ،وتمليكهم وسائل التكسب واإلنتاج المختلفة إغناء لهم ليخرجوا عن دائرة طالبي الزكاة إلى دائرة دافعي الزكاة ،حيث خصص الديوان %3925من الحصيلة في ميزانية 3777م لتمليك وسائل اإلنتاج ..كما أقام الديوان مشروعات اإلنتاج الجماعية كمشغل المالبس الجاهزة بمدينة عطبرة الذي يعمل به ( ) أخرجااه البيه ااي فااي الساانن الكباارى ج ص ، 2والاادارقطني فااي الساانن باارقم 2 زنجويه برقم . 23 ( ) راجع :مرعاة الم اتيح شرح مشكاة المصابيح المبارك وري ،ج 3ص . 02 ( ) المهذب للشيرازي مع المجموع للنووي ،ج 3ص . 23 21 ج ص ، 2األمااوال ًلباان ( )211أسرة فقيرة حولهم من أسرة متلقية للزكاة إلى أسرة عاملة مولّدة للدخل تعتمد على ذاتها ببركة اهلل ومشيئته(.)3 نص عليه اإلمام الشيرازي في المهذب من تمليك أدوات العمل وقد عمل الديوان بما ّ وسلع التجارة ونحو ذلك مما نقلناه في األسطر السابقة القريبة من هذه الفقرة وهو قوله « ُيدفع إليه ما تزول به حاجته من أداة يعمل بها إن كان فيه قوة ،أو بضاعة يتجر فيها». ..والحمد هلل رب العالمين.. ( ) انظر :دراسات في ف ه واقتصاديات الزكاة ،أ.د .أحمد مجاذوب أحماد األماين العاام األسابق لاديوان الزكااة فاي الساودان . ، ص، 27 أهم المصادر والمراجع .3االجتهاد الزكوي مشروعيته وقواعده ومؤسساته ،د .عبد اهلل الزبير عبد الرحمن ، سلسلة بحوث الزكاة رقم .5 .2إحكام األحكام شرح عمدة األحكام ،الحافظ تقي الدين ابن دقيق العيد ،تحقيق أحمد محمد شاكر ،عالم الكتب ،بيروت ،طبعة ثانية 3019هـ 3799م. .1األحكام السلطانية والواليات الدينية ،اإلمام أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي ،دار الكتب العليمة ،طبعة أولى 3015هـ ـ 3795م. .0إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم األصول ،اإلمام محمد بن علي الشوكاني، تحقيق أبي مصعب البدري ،مؤسسة الكتب الثقافية بيروت ،طبعة أولى 3032هـ 3772م. .5االستذكار الجامع لمذاهب فقهاء األمصار وعلماء األقطار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي واآلثار ،لإلمام الحافظ ابن عبدالبر ،تحقيق وتخريج د .عبد المعطي أمين قلعجي ،مؤسسة الرسالة بيروت ،ودار قتيبة دمشق وبيروتن ودار الواعي حلب والقاهرة، طبعة أولى 3030هـ 3771م. .6األشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية ،لإلمام جالل الدين عبد الرحمن السيوطي ،دار الكتب العلمية بيروت ،طبعة أولى 3177هـ ـ ـ 3797م. .9أصول الفتيا في الفقه على مذهب اإلمام مالك ،محمد بن حارث الخشني ،تحقيق الشيخ محمد المجذوب وآخرون ،الدار العربية لللكتاب ،والمؤسسة الوطنية للكتاب ،طبعة 3795م. .9إعداد المهج لالستفادة من المنهج في قواعد الفقه المالكي ،الشيخ أحمد بن أحمد المختار الجكني الشنقيطي ،مراجعة عبد اهلل إبراهيم األنصاري ،منشورات إدارة إحياء التراث اإلسالمي ،قطر 3011هـ 3791م. .7األموال لإلمام الحافظ أبي عبيد القاسم بن سالم ،دار الحداثة بيروت ،طبعة أولى 3799م. .31إيضاح المسالك إلى قواعد اإلمام أبي عبداهلل مالك ،أحمد بن يحيى الونشريسي، تحقيق الصادق الغرياني ،منشورات كلية الدعوة اإلسالمية ،ولجنة الحفاظ على التراث اإلسالمي ،طرابلس ليبيا ،السلسلة التراثية رقم ،3طبعة أولى 3013ـ 3773م. 28 .33بحوث وأعمال المؤتمر العلمي العالمي الثاني للزكاة شعبان 3022هـ نوفمبر 2113م، سلسلة بحوث الزكاة رقم .39 .32بحوث وأعمال المؤتمر العلمي العالمي الثاني للزكاة محور الجباية .سلسلة بحوث الزكاة رقم .37 .31بحوث وأعمال المؤتمر العلمي العالمي الثاني للزكاة محور المصارف سلسلة بحوث الزكاة رقم .21 .30بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ،لإلمام عالء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني، دار الكتب العلمية بيروت ،الطبعة الثانية 3016هـ 3796م. .35تخريج الفروع على األصول ،لإلمام شهاب الدين محمود بن أحمد الزنجاني ،تحقيق د .محمد أديب الصالح ،مكتبة العبيكان ،طبعة أولى 3021هـ 3777م. .36تصرف اإلمام على الرعية منوط بالمصلحة ،الوليد محمدين أونور علي ،بحث تكميلي لنيل درجة الماجستير بالجامعة اليمنية ،مطبوع على الكمبيوتر. .39تطبيقات قواعد الفقه عند المالكية من خالل كتاب إيضاح المسالك للونشريسي وشرح المنهج المنتخب للمنجور ،أ.د .الصادق بن عبد الرحمن الغرياني ،دار البحوث للدراسات اإلسالمية واحياء التراث دبي ،سلسلة الدراسات األصولية رقم .9طبعة أولى 3021هـ 2112م. .39التطور التشريعي لمسيرة الزكاة في السودان الفترة من 2110 – 3791م ،.د .صديق أحمد عبد الرحيم ،سلسلة إصدارات الزكاة رقم .35 .37التفويض اإلداري بين الشريعة والقانون ،د .يوسف الثلب ،منشورات كلية الدعوة اإلسالمي ،ولجنة الحفاظ على التراث اإلسالمي ،طرابلس ليبيا ،السلسلة التراثية رقم .6طبعة أولى 3772م. .21التوجيه االستثماري للزكاة ،دراسة اقتصادية فقهية تحليلية مقارنة ،د .عبد الفتاح محمد فرح ،طبعة أولى 3779م. .23حكم استثمار مال الزكاة أو إقراضه للفقراء والمساكين جمع وترتيب د .أزهري عثمان إبراهيم ،ورقة مقدمة لهيئة علماء القضارف. .22دراسات في فقه واقتصاديات الزكاة دراسة مقارنة مع التركيز على التجربة السودانية، أ.د .أحمد مجذوب أحمد ،إصدارات هيئة األعمال الفكرية ،طبعة أولى 2117م. .21دليل الزكاة الفقهي والتعريفي ،األمانة العامة لديوان الزكاة ،سلسلة بحوث الزكاة رقم .1 29 .20زكاة المال المستفاد تجربة السودان ،د .صديق أحمد عبد الرحيم ،نشر المعهد العالي لعلوم الزكاة ،أمانة البحوث والتوثيق والنشر ،أغسطس 2110م. .25غمز عيون البصائر شرح كتاب األشباه والنظائر ،أحمد بن محمد الحموي ،دار الكتب العلمية ،طبعة أولى 3015هـ 3795م. .26الفتاوى الشرعية في المسائل االقتصادية3797 – 3797 ،م ،بيت التموسل الكويتي. بدون. .29الفتاوى الكبرى الفقهية ،البن حجر الهيتمي ،وبهامشه فتاوى العالمة شمس الدين الرملي ،دار الكتب العلمية بيروت3011 ،هـ 3791م. .29فتاوى ديوان الزكاة ،سلسلة إصدارات الزكاة رقم .27 .27الفرائد البهية في القواعد والفوائد الفقهية ،محمود حمزة ،دار الفكر ،طبعة أولى 3016هـ 3796م. .11الفروق ( أنوار البروق في أنواء الفروق) شهاب الدين أبو العباس أحمد بن إدريس القرافي ،دار السالم تحقيق مركز الدراسات الفقهية واالقتصادية ،طبعة أولى 3023هـ 2113م. .13فقه الزكاة د .يوسف القرضاوي ،دار المعرفة الدار البيضاء ،بدون. .12القاموس المحيط ،مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزابادي ،مؤسسة الرسالة بيروت، طبعة أولى 3016هـ ـ 3796م. .11قانون الزكاة لسنة 2113م ،سلسلة بحوث الزكاة ،رقم .35 .10ق اررات وتوصيات مجمع الفقه اإلسالمي المنبثق من منظمة المؤتمر اإلسالمي ،طبع و ازرة األوقاف والشؤون اإلسالمية ،قطر ،طبعة رابعة 3021هـ 2111م. .15قواعد األحكام في مصالح األنام ،عز الدين عبد العزيز بن عبد السالم ،مؤسسة الريان بيروت ،طبعة 3031ه ـ ـ ـ 3771م. .16القواعد الفقهية المستنبطة من المدونة الكبرى ،د .أحسن زقُّور ،دار ابن حزم ،دار التراث الجزائر،طبعة أولى 3026هـ 2115م. .19القواعد في الفقه اإلسالمين للحافظ أبي الفرج عبد الرحمن بن رجب الحنبلي ،دار الكتب العلميةن طبعة أولى 3031هـ 3772م. .19قواعد لضبط االجتهاد في فقه الزكاة ،د .عالء الدين األمين الزاكي ،سلسلة بحوث الزكاة ،رقم .2 11 .17لسان العرب ،البن منظور األفريقي ،مكتبة الرشد الرياض ،دار صادر بيروت ،طبعة ثالثة 3030هـ ـ 3770م. .01المجموع شرح المهذب لإلمام النووي ،تحقيق د .محمود مطرجي ،دار الفكر ،طبعة أولى 3039هـ 3776م. .03مجموع فتاوى ابن تيمية ،جمع وترتيب عبد الرحمن بن قاسم العاصمي النجدي ،طبعة 3039هـ ـ ـ 3779م. .02المدونة الكبرى ،إلمام دار الهجرة مالك بن أنس األصبحي ،رواية سحنون بن سعيد التنوخي عن اإلمام عبد الرحمن بن القاسم ،تحقيق عامر الجزار وعبد اهلل المنشاوي ،دار الحديث القاهرة ،طبعة 3026هـ 2115م. .01مقاصد الشريعة اإلسالمية محمد الطاهر بن عاشور ،المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر ،الشركة التونسية للتوزيع تونس ،بدون. .00موسوعة فتاوى اإلمام ابن تيمية في المعامالت وأحكام المال ،إعداد مركز الدراسات الفقهية االقتصادية بالقاهرة ،دار السالم ،طبعة أولى 3025هـ 2115م. .05نوازل الزكاة ،دراسة فقهية تأصيلية لمستجدات الزكاة ،د .عبد اهلل بن منصور الغفيلي، منشورات بنك البالد ،سلسلة مطبوعات المجموعة الشرعية رقم ،3دار الميمان ،طبعة أولى 3027هـ 2119م. .06الوسيط في فقه الزكاة وما عليه العمل في السودان ،د .صديق أحمد عبد الرحيم ،نشر المعهد العالي لعلوم الزكاة ،ديسمبر 2119م. 11 رابعا اخليار الفقهي واإلفتائي لديوان الزكاة وأثره يف العمل الزكوي إعــــــــداد أ.د .الخضر علي إدريس نائب مدير جامعة أمدرمان اإلسالمية 11 الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على خاتم األنبياء والمرسلين محمد بن عبد َّللا وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد فإن مسيرة الزكاة في السودان منذ بداياتها األولى سارت على منهج راشد في ضبط وتأصيل العمل الزكوي سواء كان ذلك على مستوى االجتهاد العام أم على مستوى الفتاوى التي تصدر لمعالجة وقائع ومشكالت بعينها وهذا الربط المحكم بين االجتهاد العام واالفتاء أدى بدوره إلى إحكام العمل المؤسسي وعدم التخبط حين التطبيق العملي وقلل من وقوع األخطاء والمخالفات. توطئة:أهم مالمح المنهج االجتهادي واالفتائي للديوان: .3إتباع منهج البحث العلمي في الوصول إلى أفضل الخيارات الفقهية قبل الشروع في التطبيق العملي. وهذا ميزة امتاز بها الديوان منذ إنشائه ثم تطور هذا المنهج فحدثت فيه نقلة نوعية بإنشاء معهد متخصص في البحوث والدراسات الزكوية في شتى مجاالتها (الفقهية واالقتصادية والمالية والمحاسبية...إلخ). .2اتباع منهج الجمع بين أصحاب التخصصات الشرعية وأهل الخبرة في المجاالت والمعارف ذات الصلة. .1إتباع منهج االجتهاد الجماعي في دراسة النوازل والمستجدات بعقد المؤتمرات والندوات وحلقات النقاش حولها وتوثيق مخرجاتها في كتب وبحوث مطبوعة. .0التوسع في الخيارات الفقهية وعدم االلتزام بمذهب فقهي معين باالعتماد على منهج المقارنة والموازنة بين المذاهب للوصول إلى ارجح األقوال وأقربها لتحقيق مقاصد الشرع. .5الزامية فتاوى اللجنة المتخصصة (لجنة الفتوى) للديوان والمكلفين منح اللجنة ثقة في نفسها وفق في ق ارراتها وفتاويها. .6المرونة في االلتزام بالخيارات الفقهية وذلك بالمراجعة المستمرة لها واعادة النظر فيها متى ما ظهر ما هو أصح أو أفضل منها. 11 أوال :الخيارات الفقهية الملزمة بنص القانون: هناك خيارات فقهية حسمتها قوانين الزكاة المتعاقبة ولوائحها فصارت واجبة العمل والتطبيق على مؤسسة الزكاة. وهذه الخيارات المحسومة انها بال شك قامت على اجتهادات معتبرة سابقة العتمادها في القانون وهنا تتعرض بالدراسة الموجزة ألهم هذه الخيارات. أ .والية الدولة على الزكاة: حسمت القوانين واللوائح التابعة لها هذا الموضوع ابتداء من قانون الزكاة والضرائب لسنة 3790م وحتى القانون الحالي لسنة 2113م. وهذا الخيار الذي اختاره القانون واعتمده يعتبر نقلة نوعية ألمر الزكاة في العالم اإلسالمي حيث نقل الزكاة جباية وصرفا وتنظيما من المؤسسات التطوعية والخيرية إلى الدولة. كما أنه جعل دفع الزكاة للمؤسسة إلزاما وليس اختيا ار كما هو الشأن في بعض البالد التي اعتبرت الزكاة شانا سلطانيا ولكنها تركت دفعها للمؤسسة بالخيار للمكلف. ب .استقاللية مؤسسة الزكاة: نصت جميع القوانين المتعاقبة لتنظيم عمل الزكاة منذ قانون صندوق الزكاة لسنة 3791م وحتى القانون الحالي 2113م على استقاللية مؤسسة الزكاة حيث نصت جميعها على تبعية مؤسسة الزكاة لمجلس أمناء هو السلطة األعلى التي يخضع لها الديوان. وهذا يقتضي عدم خضوع الديوان للنظم واللوائح اإلدارية والمالية ،وبالتالي عدم تبعيته للو ازرات والهيئات والمؤسسات الحكومية وانما يخضع لقانونه الخاص وما يصدر عنه من لوائح ونظم تحت إشراف ومراجعة مجلس أمنائه (.)3 ج .اعتماد ترجيحات ولي األمر: التزم الديوان بترجيحات ولي األمر سواء كانت منصوصا عليها في قانونه أم ما تعتمده األجهزة المختصة المخول لها ذلك ،ابتداء من المجلس األعلى ألمناء قالزكاة ولجنة الفتوى ومرو ار بمجالس األمناء الوالئية. .أنظر دراسات في ف ه واقتصاديات الزكاة ص. 0 13 د .عدم االلتزام بالتسوية بين المصارف: اعتمد الديوان مذهب المالكية ومن وافقهم في هذا الخيار ()3 وترك المر للمجلس األعلى .حيث درج المجلس على تخصيص أعلى نسبة من الزكاة لمصرف الفقراء والمساكين تجاوزت أخي ار نسبة %61من جملة ما هو مخصص للمصارف من الجباية.2 ه .وجوب الزكاة في المال العام المعد لالستثمار: استثنى قانون الزكاة لسنة 2113م المال العام المستثمر من سائر األموال العامة فاوجب فيه الزكاة مرجحا لهذا الخيار على مذهب جمهور العلماء الذي يوجب الزكاة في المال العام بشقيه المستثمر وغير المستثمر وهذا الموضوع مازال موضع بحث وجدال ونزاع بين الباحثين والمهتمين بشأن الزكاة ولعل القانون رجح هذا الخيار تمشيا مع منهج مسيرة الزكاة في التوسع في األوعية ميال لتحقيق مصلحة الفقراء والمساكين ودفعا للحاجة عنهم ولعل هذا من إنفرادات مسيرة الزكاة في السودان. و .عدم اشتراط حوالن الحول في المال المستفاد: رجح القانون عدم اشتراط حوالن الحول في المال المستفاد بشتى أنواعه بعد عرفه بأنه ( ...منفقه جديدة تبلغ قيمتها النصاب ،تجب فيه الزكاة حيث االستفادة ويزكي ثمنه من قبضه مالم تكن المنفعة لحاجة أصلية.)1()... وبهذا التعريف الواسع أوجب القانون لزكاة في عدد من األحوال واألنشطة منها على سبيل المثال: أ .أثمان المبيعات المتنوعة (العقارات ،األراضي ،أجرة الدور ،السيارات...ألخ)(.)0 ب .رواتب وأجور العاملين بالقطاعين العام والخاص والمختلط اذا بلقت نصابا في السنة بعد خصم حوائجهم األصلية. وعون المعيود. 2 .أنظر المرني ًلبن قدامه / .أنظر بحث اإلشكاًلت والمستجدات ص. 2 .المادة ( ) ت سير. .أنظر دراسة في ف ه واقتصاديات الزكاة ص . 12 ج .أرباح أصحاب العمل والمهن الحرة والحرف من أطباء وصيادلة ومهندسين.)3(... هذه األنواع من األموال اشترط حوالن الحول فيها جمهور العلماء من الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب وذهب بعض العلماء من الصحابة إلى عدم اشتراط الحول والذين نسب إليهم هذا القول منهم :عبد اهلل بن عباس ()2 وعبد اهلل بن مسعود ومعاوية رضي اهلل عنهم أجمعين .وممن نسب إليه من التابعين عمر بن قعبد العزيز والحسن البصري والزهري( )1ومعلوم أن جمهور الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب المتنوعة على خالف ذلك (.)0 ولع ل القانون رجح هذا المذهب مع مخالفيه لما ذهب إليه الجمهور لطبيعة هذه األموال في زماننا من ضخامة ما يستفيده أرباب هذه األموال من ثروات هائلة تفيض عن حوائجهم األصلية تتعلق حاجة المستحقين للزكاة بها في الحال وقد ال يظفرون بها إذا تركت حتى يحول عليه الحول ألن الغالب في مثل هذه األموال عند غالب الناس أنها تنفق قبل حوالن الحول في كماليات يسرفون في اقتنائها ،وأنهم يتوسعون في المأكل ()5 والمشارب والمالبس والمساكين فيبعثرون هذه األموال ذات اليمين وذات الشمال ولعل هذا هو السبب الذي جعل سيدنا معاوية رضي اهلل عنه يأخذ الزكاة من األعطيات حين قبضها دون حوالن الحول عليها وهو أول من فعل هذا من الخلفاء كما صرح بذلك اإلمام مالك.6 وقد رجح هذا القول عدد من العلماء المعاصرين منهم الشيخ الدكتور /يوسف ()9 القرضاوي (.)9 والشيخ المرحوم محمد الغزالي .أنظر المادة ( .) / .أنظر المحلي ًلبن حزم ص 5و .5واألمول ًلبي عبيد 03ومصنف ابن ابي شيبة 2/ .أنظر الموطأ مع شرحه أوجز المسالك . 0/ .أنظر األموال ص . 22 .أنظر ف ه الزكاة لل رضاوي 05/وزكاة المال المست اد ص. 22 - 25 : 3انظر الموطأ مع شرحه أوجز المسالك . 0/ .2أنظر الموطأ مع شرحه أوجز المسالك . 0/ .5أنظر ف ه الزكاة 0م. 11 . وقد نص القانون على أن هذا النوع من األموال يعامل معاملة الذهب والفضة وتؤخذ الزكاة من ربع عشره(.)3 ز .زكاة الشخصية االعتبارية: زكاة الشخصية االعتبارية من الموضوعات التي احتدم حولها بين الباحثين المعاصرين فمنهم من أوجب الزكاة عليها ومنهم من منع ذلك ألن الزكاة كما هو معلوم يشترط في المكلف بها أن تتوافر فيه شروط التكليف وهي غير متوفرة في الشخص االعتباري. ولقد رجح قانون الزكاة وجوب الزكاة عليها فجاء في المادة ( )1تفسير من قانون عام 2113م في تفسير عبارة شخص (يقصد به الشخص الطبيعي والشخص اإلعتباري). وبناء على هذا أوجب القانون للزكاة على الشركات والبنوك وغيرها. ومما يجدر ذكره هنا أن الذين لم يوجبوا الزكاة على الشخصية االعتبارية من المعاصرين لم يذهبوا ،بناء على هذا ،إلى عدم وجوب الزكاة على الشركات والمؤسسات التجارية واالستثمارية ونحوها وانما خالفهم حول تكييف كونها شخصية اعتبارية أم العتبار خلط األموال اتباعا لمذهب من يرى وجوب زكاة المال المختلط بين الشركاء مطلقا سواء اكانت خلطة مواشي أوغيرها ،كما ذهب إلى ذلك جمهور الشافعية والحاصل أن الخالف هنا أشبه بالخالف اللفظي ألنه يدور حول أصل وجود الشخصية االعتبارية ال على وجوب الزكاة على الشركات ونحوها. وهذا الموضوع ما يزال موضع بحث ودراسة لدى المراكز والهيئات المعنية بفقه وقضايا الزكاة المعاصرة. ثانيا :الخيارات الملزمة بترجيح جهات االختصاص: المقصود بجهات االختصاص هنا الجهات المخول لها الترجيح كالمجلس األعلى ألمناء الزكاة ولجنة الفتوى واألجهزة العليا في مجال اختصاصها كاألمين العام وأمناء الواليات...الخ. .أنظر المادة ( ) من قانون الزكاة لسنة 00م. 17 /1حساب مصروفات الجباية: نقل الزكاة وخصوصا العينية من أماكن وجوبها إلى مستحقيها وتعبئتها وتجهيزها وحفظها يترتب عليه بال شك أعباء مالية وقل مثل ذلك في تسيير العمل اإلداري بالمؤسسة الزكوية ،وشراء واعداد األصول الرأسمالية فكان ال بد من اجتهادات تعالج مثل هذا الصرف وعلى أي بند يحسب. أ .نفقات جباية الزكوات العينية: تتمثل هذه النفقات في التبعية والتصفية والغربلة ونحوها في زكاة الزروع ،وكذلك العلف والترحيل والسقاية والرعي والسالمة الصحية بالنسبة لألنعام. هذه وأمثالها تحتاج بال شك إلى دراسات تبين ما يجب من العمل حيالها. والعمل الجاري في الديوان أن هذه النفقات تضمن في سعر الزكوات العينية ألنها ال تنفك عنها فاألوعية التي تعبأ فيها الحبوب لها قيمة وكذلك تخزينها وترحيلها وقل مثل ذلك في األنعام من حيث أعالفها ،وترحيلها وسقيها ورعيها فكل هذه النفقات تضم إلى قيمة العين ومن هنا يظهر الفرق بين قيمة الزكاة في الحرث أو في المرعى وبين تجميعها في أماكن التسليم .وحينئذ ال يكون هناك صرف المعنى الحقيقي على الجباية، وال خصمه من المصروفات اإلدارية وال من بند العاملين عليها بل هو أصل موجود وممثل في القيمة اإلضافية للزكاة العينية وهذه القيمة اإلضافية هي التي تخصم منها قيمة الخيش والعتالة والسقي والرعي...ألخ وال يكون هناك فرق أو خصم من العين(.)3 ب .مصروفات التسيير واإلدارة: تشمل هذه المصروفات األدوات المكتبية والهاتف والبريد والوقود والصيانة واإليجارات والعمل اإلعالني وأقساط التأمين ...ألخ .فمن أين يصرف على كل هذا؟ كان المعمول به في السابق الخصم من جملة الجباية الكلية ثم يوزع صافي اإليرادات على المصارف حسب السياسة التي يحددها المجلس األعلى ألمناء الزكاة ،والمعمول به (.)2 اآلن أنها توضع ضمن بنود الصرف الكلي قبل القسمة على المصارف .أنظر بحث حساب مصروفات الجباية لألستاذ/أحمد علي الساعوري ضمن كتاب محور المصارف بحوث وأعمال المةتمر العلمي العالمي للزكاة 2- 2وبحث حساب مصروفات الجباية لألستاذ/إبراهيم أحمد الشيخ الضرير ضمن المحور المذكور ص 5- 3وكتاب دراسات في ف ه واقتصاديات الزكاة ص . 3- .أنظر ف ه واقتصاديات الزكاة ص. 3 18 ج .مصروفات األصول الرأسمالية: مما ال شك فيه أن أية مؤسسة تنشأ ألغراض مالية أو إدارية أو خدمية أو غيرها ال بد لها لتحقيق أهدافها من معينات تعينها على أداء رسالتها من مبان ومخازن وأدوات وأجهزة ومعدات ووسائل مواصالت واتصاالت...إلخ. وطبيعة كل مؤسسة هي التي تحدد حجم هذه االحتياجات ونوعيتها ومؤسسة الزكاة ليست بعيدا من هذا وأن كان المطلوب فيها التوسط من غير شطط وال وكس. والسؤال من أين ينفق على هذه المعينات؟ الذي عليه العمل بالديوان أن المجلس األعلى ألمناء الزكاة هو الذي يحدد الحاجة لهذه المعينات وحجمها ولعل السائد والمتبع أنها تكون من جملة الجباية وذلك إعماال لقاعدة ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب ()3 د .الصرف األفقي والصرف الرأسمالي للزكاة: المقصود بالصرف الفقهي :المال المباشر الذي يعطى إلى مستحق الزكاة سواء اكان عينيا أم نقديا . والمقصود بالصرف الرأسي :ما يقدم لمستحق الزكاة في شكل وسائل إنتاج أو خدمات أو مشاريع إستثمارية(.)2 وقد رجح الديوان جوار العمل بهذا الخيار باإلضافة إلى خيار الصرف األفقي وذلك بتجديد نسبة %15له و 65للصرف األفقي من جملة ما يصرف على الفقراء والمساكين. وهذا الخيار الذي رجحه الديوان ذهب إليه عدد من العلماء والباحثين المعاصرين منهم ()1 الدكتور القرضاوي والدكتور وهبة الزحيلي والشيخ /مصطفى الزرقا وغيرهم وهذا الصرف الرأسي يمكن تقسيمه من خالل تجربة ديوان الزكاة إلى قسمين: أ -إنشاء مؤسسات خدمية يستفيد منها الفقراء والمساكين ومن ذلك على سبيل المثال: و .أنظر بحث مةسسة الزكاة موًلنا/محمد إبراهيم محمد ص المةتمر الثاني للزكاة وكتاب ف ه واقتصاديات الزكاة. .أنظر بحث الصرف األف ي والرأسي للزكاة لألستاذ/محمد بشير عبد ال ادر ص ( 0ضمن محور المصارف). ، 3ضمن محور المصارفأنظر بحث مشروعية استثمار الزكاة للدكتور عبدال تاح محمد فرح ،ص 19 ضمن محور مةسسة الزكاة من أعمال بحوث وأعمال المؤسسات الصحية والعالجية كالمستشفيات والمستوصفات والمراكز العالجية وانشاء الصيدليات وما شاكل ذلك. مشاريع مياه الشرب والزراعة كما في دلتا عطبرة وبعض الحفائر والدوانكي بكردفان ودارفور... المساهمة في مجال الخدمات التعليمية من مدارس وخالوي وجامعات. في مجال الزراعة من استصالح لألراضي وتوفير البذور. مشاريع تشييد المساكن لأليتام. تمليك وسائل اإلنتاج ومشاريع اإلعاشة للفقراء والمساكين ()3 ب -إنشاء مؤسسات استثمارية ومن ذلك على سبيل المثال: مشاغل المالبس الجاهزة بكامل أجهزتها ومعداتها اختير لها عدد من األسر الفقيرة إلخراجها من دائرة الفقر. مشاريع مياه الري الزراعي. مزارع الدواجن إلنتاج الدجاج البايض والالحم. ()2 زراعة عدد من مشاريع النخيل واألشجار المثمرة. /3خصم تكاليف اإلنتاج الزراعي: المقصود بالتكاليف الزراعية كل ما انفقه المزارع على زرعه سواء كانت متعلقة بإعداد األرض للزراعة أو متعلقة بالعملية الزراعية أو الحفاظ على المزروع أو الحصاد...الخ وهذه التكاليف منها ما هو من مال المزارع الخاص ومنها ما هو قد استدانه من غيره. أما ما يتعلق بالديون فقد حسمته المادة ((3 -39د) من القانون لسنة 2113م حيث أشترطت في الزرع الذي تجب الزكاة فيه( :أن ال يكون الشخص مدينا بدين يستغرق كل ماله أو يفقده النصاب ويستثني من ذلك زكاة الزروع والثمار بحيث يخصم الدين المتصل بالزرع وثمرته على أن تحدد اللوائح نوعية الديون التي تخصم من الزكاة. انظر ف ه واقتصاديات الزكاة من 5 - 0 انظر المصدر السابق ،صـ - / 71 هذا وقد طرحت هذه القضية للبحث والدراسة في المؤتمر العلمي العالمي الثاني من خالل أربعة بحوث كلها تحت عنوان (تكاليف اإلنتاج الزراعي وأثرها على الزكاة). فكان الرأي األغلب خصم الديون التي اتفقت على الزرع فقط حسب ما ورد في التوصيات الخاصة بهذا المحور حيث جاءت التوصية كالتالي( :تخصم الديون التي أنفقها للمزارع على زرعه فقط على مذهب اإلمام أحمد رحمه اهلل وعلى قول ابن عباس رضى اهلل عنه وهو الذي مال إليه ثالثة من مقدمي أوراق تكاليف اإلنتاج الزراعي ()3 ووصى به جمهور المناقشين . أما النفقات من غير الديون فقد حسمتها لجنة شكلت لهذا الغرض توصلت إلى اآلتي: أ -احتساب الزكاة على المحصول بكامل انتاجه بعد خصم الديون حسب المادة ( )30من الئحة الزكاة لسنة 2116م دون خصم التكاليف والنفقات من غير الديون. ب -بعد أن يصرف مقدار الزكاة يترك للمزارع في حدود الخمس ليصرفه بنفسه على قراباته. ج -أن يكون ترك الخمس للمزارعين األفراد وليس الشركات والمؤسسات (الشخصية االعتبارية) األفضل . /4إحالة الزكاة على المشتري: المقصود بإحالة الزكاة على المشتري :هو أن تؤخذ الزكاة من المشتري والذي آل إليه المال الزكوي قبل تزكيته من قبل البائع ويلحق بالمشتري كل شخص آل إليه مال زكوي وجبت ا لزكاة فيه ولم يخرج المكلف زكاته ويكثر هذا في زكاة الزروع والثمار ()2 واألموال المستفادة ،واألنعام . هـ الموافق 222/ /م حيث قررت ان هذا اإلجرا ليس له سند هـ بتاريخ0/ / 2 انظر فتوى رقم 5لسنة 0 من ال ه وًل من قانون الزكاة وًل يجوز العمل به سوا كان التسجيل عند البيع أو بعده بمدة انظر ص 20 -22من كتاب ال تاوي. 3وف ه واقتصاديات الزكاة ،صـ 3 -3انظر عن احالة الزكاة على المشتري للدكتور /احمد مجذوب ،صـ 71 قانونية اإلحالة: هذه اإلحالة لم يرد بشأنها نص شرعي وال مادة صريحة في قوانين الزكاة المتعاقبة ولوائحا ولم تصدر بشأنها فتوى من لجنة الفتوى أو غيرها بل صدرت فتوى تمنع هذا التصرف وتوجب الزكاة على البائع إال إذا كان هناك توكيل أو اشتراط في ()3 العقد بهذه اإلحالة إال أن هذا اإلجراء ما زال معموال به في نقل ملكية العقارات والمبيعات بأنواعها كما أنه معمول به في أسواق بيع المحاصيل ومواقع مراقبة الطرق. ولعل سبب هذا اإلجراء هو السعي لتطبيق نص المادة ( )07من قانون الزكاة لسنة 2113م التي تنص على اآلتي(:على الرغم من أي حكم وارد في أي قانون آخر ال يجوز للسلطات المختصة منح أي مستندات أو تسهيالت تحول حقوقا وامتيازات مالية إال بعد إبراز صاحب الطلب شهادة بأدائه للزكاة صادرة من األمين العام أو األمين حسبما يكون الحال). وبما أن تطبيق المادة المذكورة يتعذر في بعض الحاالت لعدم وجود البائع ولعدم وجود مستند يدل على أنه قام بتزكية المال موضوع النزاع قبل بيعه وأيضا لعدم وجود توكيل بيد المشتري من قبل البائع فقد درج الديوان على اإلحالة المذكورة اتباعا للعرف السائد في األسواق في مثل هذه المعامالت التي يحال فيها العبء على المشتري من ضرائب أو زكاة أو ورسوم أخرى. ويؤكد من يرى هذا الرأي أن المتعاملين في األسواق يسمونه البيع باألوراق وبغيرها والمقصود باألوراق المستندات الخاصة بدفع ما على البائع من مطلوبات ولذلك فإنهم يضيف ون ما يقابل هذه المطلوبات إلى سعر المبيع إذا لم يكن صاحبه قد سدد هذا االلتزامات وفق مستندات يملكها البائع للمشتري فهل يا ترى يقوم هذا التصرف العرفي مقام التوكيل(.)2 هذا ما ذهب إليه أحد الباحثين حيث أنزل هذا العرف منزلة الوكالة وبناء على ذلك جاءت التوصية مؤيدة لهذا الرأي من قبل المشاركين في المؤتمر العلمي العالمي الثاني .ونصها ( :تعتمد إحالة الزكاة على المشتري على الوكالة باعتبار أن المشتري انظر ف ه واقتصاديات الزكاة من 5 - 0 انظر بحث احالة الزكاة على المشتري ،ص - 71 وكيل عن البائع في إخراج الزكاة – يعتمد للعرف المعتبر شرعا في إحالة الزكاة على المشتري) (.)3 ثالثا :الخيارات التي رجحها لجنة الفتوى: مر معنا نماذج من الخيارات الفقهية التي اعتمدها قانون الزكاة وأصبحت ملزمة لمؤسسة الزكاة كما مر معنا الخيارات التي أعتمدتها الجهات ذات الصلة المنوط بها أمر الترجيح. وفي هذا الجزء تتناول أهم الخيارات التي تبنتها لجنة الفتوى في ذوراتها المختلفة. /1زكاة السودانيين العاملين بالخارج فتوى رقم (1415 )2هـ بتاريخ 1415/6/22هــ 1224/11/23 -م ردا على مذكرة وردت من الجالية السودانية بسلطنة عمان حول هذه الزكاة وايجابها على المغتربين من دون حوالن الحول على المال ومن غير نظر إلى دخول الناس الحقيقة أجابت اللجنة بالفتوى اآلتية: (تؤخذ الزكاة من السوداني المسلم العامل بالخارج إذا ملك ماال تجب فيه الزكاة سواء أكان من الرواتب أو المدخرات أو غيرها بعد خصم الحاجة األصلية وذلك بعد إقرار بمأله المغترب بنفسه. هذا وقد استندت اللجنة على المادة (/21ب) من قانون الزكاة لسنة 3031هـ- 3771م وعلى المادة 3/31من الئحة الزكاة لسنة 3771م. كما استندت أيضا على الخيار الذي رجحه القانون في زكاة المال المستفاد من حيث عدم حوالن الحول ،وزكاته وقت استفادته يعد خصم الحوائج األصلية. /2زكاة الصندوق القومي للتأمين االجتماعي: فتوى رقم ( )5لسنة 1415هـ بتاريخ 1415/12/14هـ 1225/3/15 -م. اطلعت اللجنة على مذكرة من زكاة الشركات االتحادية مصحوبة بدعوى من الصندوق بأن أمواله معفاة من الزكاة فأصدرت اللجنة الفتوى اآلتية (يعامل الصندوق القومي للتأمين االجتماعي معاملة شركات التأمين التعاوني اإلسالمي فتجب الزكاة في أمواله إذا بلغت نصابا وحال عليها الحول. انظر توصيات محور الجباية واًلشكاًلت والمستجدات ،صـ. 35 71 تكليف أخر: ويالحظ أن اللجنة أوجبت الزكاة في أموال الصندوق قياسا على أموال شركات التأمين التعاوني اإلسالمي إال أن هذا التكييف تطور عندما عرضت نفس هذه القضية استئنافا من الصندوق في عام 2112م مدعين أن أمواله أموال عامة ال تجب فيها الزكاة بحكم القانون. وبعد أن رجعت اللجنة إلى آراء الخبراء أهل االختصاص أكدت على فتواها السابقة بوجوب الزكاة على الصندوق لكنها عللت هذا الوجوب بأن :أموال الصندوق تعتبر أمواال عامة معدة لالستثمار فتجب فيها الزكاة وال يشملها اإلعفاء الوارد في المادة (/19أ) من قانون الزكاة ويالحظ أن اللجنة استندت إلى خيار القانون بأن المال العام المستثمر تجب فيه الزكاة بحسب المادة (/19أ). /3زكاة أموال الهيئة العامة لإلمدادات الطبية: فتوى رقم 1422/3هـ -بتاريخ /14رمضان1422/هـ 2222/11/17 -م. ورد اعتراض للديوان من الهيئة على أخذ الزكاة منها بحسبان أن مالها مال عام فردت اللجنة بفتوى مشابهة للسابقة فأوجبت الزكاة فيها بحسبان مالها ماال عاما مقعدا لالستثمار طالما أن هناك جزءا مستثم ار منه وال يشمله اإلعفاء للوارد في المادة /19أ من القانون. /4مشروعية خرص الفواكه. فتوى رقم 7لسنة 1416هـ -بتاريخ 1416/4/17هـ1226/2/12 -م. وردت للجنة مذكرة علمية ضافية من اإلدارة العامة لخطاب الزكاة بشأن هذا الموضوع رجحت فيه خيار الخرص قياسا على خرص التمر والعنب لوجود علة الخرص في الفواكه تبعا لرأي بعض العلماء وتحقيقا لمصلحة الفقير. بناء على ذلك أفتت اللجنة بما يلي( :يجوز الخرص بشروطه الشرعية في جناين الفواكه والمقاثي قياسا على ما نص عليه في خرص التمر والعنت). 73 /5زكاة المنتجات الغابية: فتوى رقم ( )12لعام 1416هـ -بتاريخ 3شوال1416/هـ/2 -مارس1226/م. بناء على مذكرة أعدتها إدارة الدعوة بالديوان كيفيت المنتجات الغابية بكونها زروعا ألنها مما تنبته األرض حيث أوجب القانون الزكاة في كل ما تنبته األرض مما ينتفع به اإلنسان ،وألن الغابات تحتل مساحة شاسعة من أراضي السودان تديرها مصالح حكومية وأحيانا و ازرات وهي بهذه الصفة منتفع بها فتجب فيها الزكاة. بناء على ما تقدم واستنادا للمادة ( )3/32من القانون لسنة 3771م والئحته لعام 3771م المادة ( )3/7افتت اللجنة باآلتي: (تجب الزكاة في الغابات إذا كانت اشجارها معدة للقطع وتؤخذ الزكاة عند قطعها). /6نصاب الزروع والثمار التي ال تكال وال توزن: فتوى رقم ( )14لسنة 1416هـ -بتاريخ /7ذوالقعدة1416/هـ /27 -مارس1262/م. استنادا إلى المواد ( )35 -30 -31 -32من قانون الزكاة لسنة 3771م والئحته لسنة 3771م المادة ( )7/5والفقرة (/7ب) وبعد المداولة أصدرت اللجنة الفتوى اآلتية ( يحدد نصاب الزروع والثمار التي ال تكال وال توزن بما تساوي قيمته خمسة أوسق وهي تعادل مائة ربع في المكيل أو ستمائة وثالثة كيلو جرام في الموزون من أوسط ما يكال ويوزن). مالحظة :يالحظ أن هذه الفتوى عامة يمكن أن يعالج بها سائر الزروع والثمار التي ال تكال وال توزن ومن ذلك ما تقدم من المنتجات الغابية وغيرها. /7زكاة القطن بمشروع الجزيرة: فتوى رقم ( )35لسنة 3036ه ـ -بتاريخ /37شعبان3036/هـ3776/3/31 -م. ردا على استفتاء من ديوان الزكاة بوالية الجزيرة بشأن خصم التكاليف الزراعية من محصول اللفظي وتزكية ما بقي وبناء على تقرير لجنة موسعة شكلت لهذا الغرض 72 وعلى فتوى سابقة صادرة من مجلس اإلفتاء الشرعي عام 3015هـ 3795 -م وبعد المداولة افتت اللجنة باآلتي: (بعامل محصول القطن في الزكاة معاملة المحاصيل األخرى بالنسبة لخصم المصروفات الزراعية بمقتضى التقرير الصادر من اللجنة الفقهية الموسعة المكلفة بدراسة التكاليف الزراعية). مالحظة :عالقة الفتوى بخصم التكاليف الزراعية: من المعلوم أن اللجنة المذكورة أعالها كانت قد أوصلت بأن تخصم من النفقات الديون التي انفقها المزارع على الزرع وثمرته وال تحسب النفقات من غير الديون. وهذا الموضوع -كما مر معنا -في الخيارات االجتهادية السابقة عقدت حوله مؤتمرات وورش عمل وبحوث وندوات كلها رجحت خيار خصم الديون التي انفقها المزارع على الزرع. /7زكاة قصب السكر بعد تصنيعه كعروض التجارة: فتوى رقم ( )3لسنة 2112م بتاريخ /7صفر3022/هـ/23 -أبريل3776/م: ورد استفت اء للجنة بشأن زكاة مصنع سكر كنانة الذي يزرع القصب ثم يصنعه، هل يزكي زكاة الزروع فقط أم زكاة للعروض فقط أم تزكي الزروع حين حصادها ثم يزكي القصب مع مال الشركة حسب حول الشركة كعروض تجارة. نظرت اللجنة في بحوث ودراسات بهذا الخصم كما استمعت إلى المسؤولين في الشركة ثم افتت بما خالصته: أوال :تؤخذ الزكاة من القصب عند حصاده باعتباره زروعا للنص في القانون على وجوب الزكاة في جميع الزروع بأنواعها حسب نص المادة ()3/50واتباعا لمذهب الحنفية الذي يوجب الزكاة في قصب السكر ،وبما أنه ال مصلحة للفقير في القصب فتدفع له قيمة الزكاة كما أن المصنع مصلحة في دفع القيمة ألنه في حاجة إلى القصب لتصنيعه. ثانيا :تؤخذ الزكاة مما تصنعه الشركة من سكر كعروض تجارة مع تأكيد اللجنة بأنه ال ثني (ازدواجية) في أخذ الزكاتين معا الختالف سبب كل من الزكاتين والغيين على الشركة ألن ما أخذ مقابل زكاة القصب يحسم كمصروفات عند حساب الزكاة. 71 وهذا الخيار الذي أختارته اللجنة باإلضافة إلى الخيارات المذكورة آنفا (عروض التجارة فقط ،الزروع فقط) يقابله خيار آخر هو أن الزكاة يمكن أن تؤخذ من القصب زكاة زروع كما مر ثم بعد ذلك عند تصنيع السكر تخرج للشركة زكاتها بعد خصم ما يقابل وعاء الزروع بكامله ويزكي صافي مال الشركة مخصوما من وعاء الزروع ألن هذا الوعاء قد زكى في نفس الحول. وهذا في رأيي هو األرجح. /2زكاة المعادن: فتوى بتاريخ /36شوال3012/هـ/1 -سبتمر2132/م. بعد اطالع اللجنة على الدراسة التي أعدها المعهد العالي لعلوم الزكاة وغيرها من الدراسات بهذا الخصوص خلصت إلى اآلتي: .1المعادن هي كل ما استخرج من األرض مما ُخلق فيها من غير جنسها جامدا أم مائعا. .2تجب الزكاة في كل ما استخرج من األرض من معادن حسب نص المادة /39أ من قانون الزكاة لسنة 2113م. .3الواجب في المعدن ربع العشر ويزكي يوم استخراجه إذا بلغ نصابا. .4إذا كان للمشقة والنفقات المبذولة في الخارج كبيرة وكان الخارج كثي ار ففيه الخمس واذا كان قليال فربع العشر. .5إذا كانت الشركات المستخرجة شركات عامة تجب عليها الزكاة كذلك إعماال للمادة /19أ من القانون لسنة 2113م والمادة ( )33/21من الئحته لسنة 2110م ويؤخذ منها الزكاة بواقع .%225 .6المعادن غير محددة القيمة عند استخراجها يرجع في أمر تقصيرها قبل التصفية حسب السوق. .7تجب الزكاة في المعادن بعد تصفيتها من الشوائب إذا كان المستخرج هو المتولي للتصفية أما إذا كان عبر متول لها .فتكون الزكاة من قيمة المستخرج فتكون الزكاة من قيمة المستخرج. 77 خامسا التدقيق والرقابة الشرعية للمعامالت الزكوية إعـــــداد د .عبـد اإلله محمد أحمد عبد اهلل نمر مدير إدارة البحوث والتوثيق والمعلومات معهد علوم الزكاة 78 المقدمـــــة: إن الحمدهلل نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ،من يهده اهلل فهو المهتد ومن ُيضلل فلن تجد له وليا مرشدا .وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله ،عليه أفضل الصالة والسالم وعلى آله وصحبه أجمعين. إن مؤسسة الزكاة -رغم قصر عمرها الزمني -فقد حققت نجاحا مقد ار استطاعت به خالل السنوات الماضية من تحقيق معَّدالت من التحصيل في جملتها ساهمت كثي ار في اثبات سلطانية الزكاة وكسر قيود االكتناز ،وفتح أعين المسلمين على ركن دينهم الذي ال يتم الدين إال به ،وأعانتهم على التوبة والرجوع إلى اهلل .كما أن مردود ذلك كله كان مساهمة جيدة في سد حاجات كثير من أهل االستحقاق. ولضمان التزام مؤسسة الزكاة بأحكام الشريعة في األخذ والصرف الزكوي والعطاء ،يجب أن تكون هناك آلية منظّمة للتحقق من شرعية الجباية والمحاسبة والصرف الزكوي وتتابع أعمال هذه المؤسسة من هذا الباب ،وللتأكد من تطابق الفتاوي الصادرة ،ولتقويم األخطاء المحتملة في أثناء عمليات الجباية أو الصرف أو المحاسبة الزكوية .وحتى يطمئن المكلفون الباذلون ألموالهم أنها تجري على المبدأ الذي وجبت له هذه األموال .مع وجود لجنة الفتوى التي تقوم بوظيفة الفتوى والفصل في مستجدات الزكاة وال سيما في تحديد األوعية من جهة تحقيق مناط كل وعاء استحدث أو نشاط اقتصادي استجد. وكذلك وضع الضوابط الالزمة ألوجه الصرف الزكوي الذي يحقق مقصود الشارع من حيث سد الحاجات واختيار أفضل الوسائل التي تحقق ذلك ،دورانا مع الزمان والمكان والتزاما بثوابت الشارع في قبض الزكاة وصرفها .ولالجابة عن التساؤالت التي ترد من المكلفين والعاملين ،خاصة وأن بعض النوازل يتنازعها أصالن ،فينسبها َّ المكلف إلى أصل والساعي إلى أصل ،لهذا كان البد من الرجوع إلى أهل الذكر في ذلك لدفع هذا االضطراب الذي كان له مردود سلبي على التحصيل وعلى قاعدة الثقة. 79 وهذا بحث في الرقابة الشرعية على المؤسسة الزكوية بالسودان (ديوان الزكاة) قسمته إلى تمهيد ،ومطالب تشمل: .3واقع التدقيق والرقابة الشرعية في ديوان الزكاة وعالقة لجنة الفتوى بذلك. .2أهمية الرقابة والتدقيق الشرعي والدواعي والمشكالت التي تستوجب قيام جهة مختصة للقيام بالمراقبة والتدقيق الشرعي. .1ما هو المطلوب لتحقيق التدقيق والرقابة الشرعية بديوان الزكاة. المطلب األول :واقع التدقيق والرقابة الشرعية في ديوان الزكاة وعالقة لجنة الفتوى بذلك. ينص قانون الزكاة لسنة 3771م المادة ( )16منه ،على إنشاء لجنة لإلفتاء وتشكل بقرار يصدره الوزير بناء على توصية مجلس األمناء ممن ُعرفوا بالفقه واالهتمام بقضايا االسالم والمسلمين وتحدد اللوائح اختصاصاتها وكيفية أعمالها .والمادة ( )33من قانون الزكاة لسنة 2113م. وقد تم تكوين اللجنة بالقرار الوزاري رقم ( )11لسنة 3770م – وظلت تتخذ عضويتها لكل دورة مدتها عامان -ولعدد ( )5دورات ،واآلن تمارس أعمالها في الدورة الخامسة. وبعد الوقوف على أنشطة هذه اللجنة الموقرة ،وجدنا أن عملها ينحصر في طبيعتها وتحديد مهامها الئحيا وهو إصدار الفتاوى مباشرة أو بالمشاركة عبر عضويتها من خالل بحوث ودراسات تصدر عنها فتاوى بعد أن تعاد صياغتها وتصدر بتوقيع اللجنة .ولم تتطرق اللوائح من قريب أو بعيد لعملية الرقابة أو التدقيق ،لذلك ظهرت فجوة كبيرة جدا في متابعة ومراقبة تنفيذ الفتاوى والتدقيق في سالمة اإلجراءات التطبيقية للفتاوى واألحكام الشرعية. 81 المطلب الثاني :أهمية الرقابة والتدقيق الشرعي والدواعي والمشكالت التي تستوجب قيام جهة مختصة للقيام بالمراقبة والتدقيق الشرعي. مفهوم الرقابة الشرعية: أوال :الرقابة لغة :قال ابن فارس" :انتصاب لمراعاة شئ". وقد استخدم لفظ رقب في اللغة على معان متعددة منها االنتظار ،والحفظ والحراسة واإلشراف ،والعلو واألمانة. فالمراقب بهذا المفهوم كأنه يقف على مكان ٍ عال ومشرف ينتظر ليقوم بدوره وبأمانة ليحفظ بذلك المؤسسة الزكوية عن كل ما هو ممنوع شرعا. والرقابة بالمفهوم التقليدي ال تُحقق ذلك المقصود باعتبار أن هذه مؤسسة نشاطها كله في دائرة الحكم الشرعي ،وليس هي مجرد أداة للتحقق من مدى سالمة التصرفات المالية التي تقوم بها الوحدات التابعة للزكاة الئحيا واجرائيا ،بل المقصود مدى شرعية هذه التصرفات ومدى مطابقتها لقانون الزكاة واللوائح المنظمة لها واألدلة والمراشد الموجهة للعمل كما أن المراد بالشرعية هنا :مطابقة األداء الزكوي للفتاوي الصادرة واألحكام المقررة واالختيارات المعتمدة. تعريف التدقيق الشرعي وتكوين مكتبه: هو نشاط ينشأ وفق الئحة خاصة ضمن القانون الذي تصدر به هيئة الفتوى والرقابة والتدقيق الشرعي ،تنظم عملها في مراقبة أعمال مؤسسة الزكاة من الناحية الشرعية ،وتعتمد تقارير هذا القسم من قبل مجلس األمناء أو رئيسه. تكوين :ويتكون مكتب التدقيق من مختصين في فقه الزكاة والمعامالت الشرعية، وخصوصا فقه الشركات ،ومختصين في األوعية الزكوية ويتكون من شرعيين ومحاسبين وق انونيين لهم خبرة في هذا المجال ،وتصدر الئحته من مجلس األمناء بتحديد المؤهالت والشروط المطلوبة. 81 أما الدواعي والمشكالت التي تستوجب قيام جهة للرقابة والتدقيق الشرعي وهي كثيرة نذكر منها على سبيل المثال: ( )1مشكالت متعلقة بتحديد وقياس مفردات الوعاء الزكوي. ( )2مشكالت متعلقة لتحديد وقياس الديون وملحقاتها. ( )3مشكالت متعلقة بتحديد وقياس النقود وملحقاتها. ( )4مشكالت متعلقة بتحديد أعيان المستحقين وقياس الحاجة. مشكالت متعلقة بتحديد وقياس مفردات الوعاء الزكوي. مثال: إن عملية الجباية تمر بعدد من اإلجراءات المتبعة لتحقيق المقصود منها على الوجه المشروع ومن بين هذه اإلجراءات مرحلتي التشريع واإلفتاء ومرحلة التنفيذ ،وهذه األخيرة تتم عبر سعاة منتشرين بالواليات. وتظهر ضرورة الرقابة والتدقيق في تحديد الوعاء الزكوي بالنظر إلى مفرداته – وفي حساب وتقويم هذه المفردات وكما هو معلوم: .3فإن الفقهاء متفقون على عدم ايجاب الزكاة في عروض القنية مطلقا وعروض التجارة في الفكر المحاسبي تشمل :المخزون السلعي (البضاعة) واالستثمارات المتداولة -وفي الفكر المحاسبي اإلسالمي هو المباع :أي الشيء المعد للبيع أصال أو تبعا (كالمواد األولية) والمعتبر في المخزون السلعي الداخل ضمن الوعاء الزكوي إلعداد البيع .ولهذا رأى جمهور الفقهاء عدم دخول األواني واألقفاص والموازين التي توضع فيها السلع للتجارة .وفي لغة المحاسبة تظهر مفردات المخزون السلعي كالبضائع والسلع الملموسة أو مجا از كالمنافع والخدمات فإن محل االختبار بالنسبة للساعي المحاسبي يكمن في كيفية تحديد كون اء كانت منافع أو أعيان كونها أوعية معتبرة الموجودات التي عند المكلف :سو ٌ يجوز ضمها في الوعاء الزكوي. 81 ( )5التأكد وااللتزام بشرعية وكفاية أدلة وقرائن المراجعة إلبداء رأي صحيح وواضح عن البيانات التي تحويها القوائم المالية الخاضعة للزكا ،فال يوضع في صف األصول المتداولة إال ما قام عليه دليل قاطع. ( )6االشكاالت الواردة عند عمليات التقدير ومدى صحة إجراءات التقدير من الوجهة الشرعية. ( )7التأكد من تحقق الغش أو اإلدالء بمعلومات غير موثوقة مما أحدث إجراءات تقدير اضافية لم تكن محل رضا من المكلفين. ( )7التدقيق في آليات التحصيل ومدى شرعية التطبيق مثل التحصيل في نقاط العبور وفي أسواق المحاصيل والوحدات التي ليس لها نظم محاسبية. ( )2النظرة للقروض طويلة االجل وجلها وجعلها في مقابل األصول الثابتة في ميزانية المدين ال تتفق مع نظرة فقه الزكاة فإن بعض المؤسسات والشركات تحاول اعتماده وخصمه فالتدقيق يتأكد من ذلك. ( )12إن القول بجواز الصرف على المشروعات اإلنتاجية مشروط بشروط وقيود يجب مراعاتها إال بطل الفعل فإن التدقيق الشرعي يتأكد من استيفاء تلك الشروط من عدمها. هذه المشكالت ظهرت عند التطبيق مع مالحظة مدى اعتماد األسس الفقهية المحاسبية الزكوية. وظهرت أيضا في السالمة الشرعية لنشاط الوحدة المحاسبية المقصودة بالزكاة عند تطبيق مفهوم الملكية التامة للمال دون اعتبار لكونها مجتمعة مندمجة أو منفصلة متميزة ،وسواء استمرت في شركة خاصة أو عامة. كما ترد أيضا اشكاالت في التطبيق أو ما يسمى بتحقيق المناط على المشروعات الخدمية التي أجيزت استثناءا وقص ار على الفقراء بتمليكهم الخدمة مجانا لسد حاجتهم في ذلك النوع من الخدمة سواء كانت صحية أو تعليمية. 81 المطلب الثالث :ما هو المطلوب لتحقيق التدقيق والرقابة الشرعية بديوان الزكاة. أوال :جهاز للتدقيق الشرعي: إن من بين أكثر المخاطر الزكوية الماثلة؛ اهتزاز الثقة لدي المكلفين ولتحقيق أفضل قدر من الثقة والطمأنينة يجب اتباع وسيلة تؤكد أن جميع عمليات الجباية والصرف والمحاسبة تتماشى مع الفتاوي الصادر وأحكام الزكاة وقواعدها الخاصة وأحكام الفقه عامة. واذا لم يتم الوفاء بهذا المطلب فإن وجود لجنة الفتوى سيكون بال مغزى ،وهناك ثالثة بدائل ينظر فيها لهذا الغرض-: أحد هذه البدائل أن تقوم السلطات اإلشرافية التقليدية نفسها بالتدقيق الشرعي أثناء زياراتها االعتيادية بغرض فحص عمليات الزكاة المخلتفة. وبما أن المعايير المحاسبية الموضوعة لحساب زكاة الشركات محدودة ،فإن الديوان ،مطالب بتطوير مجلس المعيار الشرعي لمحاسبة الزكاة في الشركات وبقية ٍ طفيف األوعية .ويمكن لهذا المجلس حتى يتسارع مع الحاجة الملِّحة ،أن يقوم بتحوير للمعايير الموجودة ليناسب ظروف الزكاة الخاصة بها .وذلك ألن معايير المراجعة والمحاسبة الشرعية من أهم أدوات الرقابة والتدقيق والمراجعة المستخدمة للحكم على المؤسسة. والبديل الثاني :هو قيام منشآت أعمال خاصة مستقلة للتدقيق الشرعي ،وسيتعين على هذه أن تستأجر ما يكفي من المهنيين وتدريبيهم على فحص عمليات الزكاة بغرض تحديد ما إذا كانت هذه العمليات متماشية مع الشريعة .غير أن هذا البديل يتخلله تعقيدات كثيرة واستيعاب لعدد من موظفي الزكاة أثناء عملية المراجعة والتدقيق. والبديل الثالث :واألكثر أفضلية هو أن تنشأ إدارة رقابة وتدقيق شرعي داخل مؤسسة الزكاة مع استقاللية موضوعية تمكنها من القيام بمهمة المراجعة والتدقيق الشرعي 83 بموجب القوانين الصادرة واللوائح وفتاوي الهيئة الشرعية وفقه الزكاة العام ومستجداته مع االلتزام بالخيارات المعتمدة. مما يعني أن تأهيل المدققين سيشمل التدريب الضروري في الجوانب المالية الشرعية ،واألموال الزكوية وكيفية حسابها. ثانيا :أهداف الرقابة والتدقيق الشرعي: .3إن الغرض من وجود لجنة للرقابة والتدقيق الشرعي هو غرض مالي محاسبي من حيث الجباية وادارة مواردها وحسابها واستخداماتها فيما شرعت له ،وعن طريق التأكد من اتباع الوسائل واالجراءات والقواعد الشرعية في الجباية واإلدارة والحساب والصرف ألن الوسائل تأخذ حكم الغايات. .2هي رقابة على األداء ورقابة على الكفاية من وجه شرعي .بمقارنة الكفاية الفعلية مع األهداف المقاصدية للخطط والسياسات التي قُررت والمقاصد التي من أجلها ُشرعت الزكاة والمعايير المحاسبية التي تصدر والتي بها ُيرفع اإلشكال التطبيقي. .1وكذلك تهدف هذه اللجنة للتحقق من أن موارد الزكاة التحصيلية (الجباية) قد حصلت وفقا للقوانين واللوائح والمراشد واألدلة الصادرة ،ووفقا للقواعد الكلية للفقه وقواعد الزكاة خاصة ،والكشف عن مواضع الخلل والزلل لتالفيها فنيا أو إصدار الفتاوى بموجبها ،أو التوصية بعمل الدراسات والبحوث بما يتعلق ببيان قضاياها. .0كذلك التأكد من أن حساب الزكاة مع المكلفين بمختلف أوعيتهم قد تم وفق ما هو مقرر له في المحاسبة الزكوية والكيفية التحصيلية وأن أوجه الصرف اإلداري (التسيير) على ذلك كله يكون بقدر ما يحقق غرض التحصيل والتوزيع ،دونما إسراف أو انحراف عن المعروف. .5وكذلك التأكد من سالمة ومطابقة المعايير أو المعدالت القياسية العالمية الصادرة مسبقا مع مراعاة المواءمة للنظر الشرعي كأساس للرقابة والتدقيق الشرعيان. .6التحقق من هذا كله عبر فرع الرقابة والتدقيق الشرعي .إليجاد البدائل والوسائل المشروعة في التحصيل والصرف. 82 ثالثا :أساس الرقابة والتدقيق الشرعي: إن األساس الشرعي التي تقوم عليه هذه اللجنة هو: أوال :النصوص الشرعية اآلمرة بالمعروف والناهية عن المنكر ،قوله تعالىَ (:و ْل َت ُكن مِّن ُك ْم ُون)(.)3 ك ُه ُم ْال ُم ْ لِح َ ن ْالمُن َك ِر َوأُو َٰ َل ِئ َ ُون إِلَى ا ْل َخي ِْر َو َيأْ ُمر َ أُم ٌَّة َي ْدع َ ُون ِب ْال َمعْ رُوفِ َو َي ْن َه ْو َن َع ِ ون َو ْالم ُْة ِم َن ُ ُون ِب ْال َمعْ رُوفِ َو َي ْن َه ْو َن ات َبعْ ُ ض ُه ْم أَ ْو ِل َيا ُ َبعْ ي ب َيأْ ُمر َ قوله تعالىَ ( :و ْالم ُْة ِم ُن َ ك َس َيرْ َح ُم ُه ُم َّ ون َّ ُون ال َّ َّللا َو َرسُولَ ُه أُو َٰلَ ِئ َ الز َكا َة َويُطِ يع َ ص َال َة َوي ُْة ُت َ َع ِن ْالمُن َك ِر َو ُي ِيم َ َّللاُ ُون َّ َ ()2 َّللا َع ِزي ٌز َحكِي ٌم ) إِنَّ َّ َ وقوله عليه الصالة والسالمَ " :منْ َر َأى م ِْن ُك ْم م ُْن َكرا َف ْلي َُريّرْ هُ ب ِ َي ِد ِه َ .فإِنْ َل ْم َيسْ َتطِ عْ َفبِلِ َسا ِن ِه . ()1 َفإِنْ َل ْم َيسْ َتطِ عْ َفب ِ َ ْلب ِ ِه َ .و َذلِ َك َأضْ َعفُ اإلِي َمان " فالنصوص السابقة تحض على األمر بالمعروف ،فإن وجود فئة من العلماء تقوم بإصالح ما يحتاج الصالح شرعي أو تكييف فقهي ،هو من المعروف ،وكذلك العمل على توجيه العاملين بااللتزام بالضوابط الشرعية للمعامالت الزكوية واألنشطة الملحقة بها ،هو من إنكار المنكر وتصويبه .واآلثار الحديثة التي تدل على ممارسة النبي صلى اهلل عليه وسلم وأصحابه كثيرة في ذلك. القواعد األصولية التي يعمل بها المدقق: () 3 قاعدة" :ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب" أو بمعنى آخر" :ما ال يتم المقصود إال به فهو مقصود". وبيان ذلك :أن معرفة أحكام الشريعة في تصرفات العاملين المالية واجب شرعي ،ولضمان تحقيق ذلك فالبد من وجود هيئة رقابة شرعية تعنى بهذا األمر ،فصار قيام هذه الهيئة واجبا شرعيا ،يحقق مقصود الشريعة في إبراء ذمة المكلف ووصول حق المستحق له براءة لذمة ولي األمر أو من يوكله مما ِّ ولي عليه -بالتسديد والمقاربة وبذل الوسع قدر اإلمكان. وكل فيه أو ِّ سورة نل عمران نية 0 التوبة اآلية 2 البخاري :الجمعة ( ، )2 3ومسلم :اإليمان (49) ,والترمذي :ال تن ( 2 ) ،وابن ماجه :إقامة الصالة والسنة فيها... وأبو داود :الصالة (0 81 ) ،والنسائي :اإليمان وشرائعه (، ) 002 والرقابة الشرعية هي امتداد لوظيفة الحسبة التي قام بها األنبياء عليهم الصالة والسالم ،وقام بها أصحاب النبي صلى اهلل عليه وسلم وتابعيهم. ومن المعقول أيضا :وبيانه: () 3 أن عدم وجود جهة علمية شرعية فنية مخو ٌل لها تنظيم أداء مؤسسة الزكاة ومراقبة التنفيذ شرعيا ،يوقع ذلك في خلل كبير (يحصل في أموال المكلفين عند الزامهم بها ،أو أموال المستحقين عند توزيعها عليهم. () 2 إن اعطاء الصبغة الشرعية في تصرفات المؤسسة وتوفر االرتياح واالطمئنان لدي المكلفين والمستحقين ،وكذلك العاملين. () 1 عدم االحاطة الكاملة الدقيقة بأحكام الشريعة في التصرفات المالية من قبل بعض العاملين ،ال سيما في ظل تطور النشاط االقتصادي المالي المتجدد والمتسارع ،وتطور أدوات ووسائل التحصيل ،وتطور وتجدد الحاجات االنسانية للمستحقين وتفاوتها من حيث الضرورة والحاجة ،يعني ضرورة صعوبة النظر والبحث فيها ،والوقوف على الحلول الشرعية المناسبة والبدائل الصالحة للعمل بها من قبل هؤالء العاملين. () 0 إن وجود لجنة شرعية يتطلبه تطوير الرقابة الشرعية من خالل وضع أنظمة للرقابة الشرعية والتدقيق في مؤسسة الزكاة ووضع أسس واجراءات تضمن السالمة المهنية للتدقيق والرقابة الشرعية. رابعا :مكونات لجنة الرقابة والتدقيق الشرعي: إن تتبع المهام المناطة بالجهاز الرقابي الشرعي ،يظهر أن هذا الجهاز ال يمكن القيام بمهامه وأداء دوره بشكل صحيح ما لم يتكون من أقسام يكمل كل منها اآلخر. /3لجنة الرقابة الشرعية :والتي يقع على عاتقها مسئولية الرقابة الفعلية على كافة ما ذكر من خالل ما يلي: أوال :الرقابة الوقائية( :وتسمى في علم اإلدارة بالرقابة السابقة) وهذه أهم المراحل ألنها تعني بإبداء الرأي الفقهي والنظر الشرعي فيما يعرض عليها من أوعية زكوية مستجدة، 87 ووسائل لتحصيلها أو وسائل وطرق جديدة فرضتها ظروف جديدة (النظر في سياسات الجباية والصرف) وهذا يتم من خالل تحقيق المحاور اآلتية: أ -مدى اعتبار األموال واألنشطة أو األوعية التي يراد ادخالها في الوعاء الزكوي. ب -ما هي أمثل الطرق الشرعية في التحصيل والصرف ومراجعة القوانين واللوائح والمراشد حسب النوازل ومقتضيات الحاجة. ثانيا :الرقابة العالجية( :أثناء التنفيذ): وتعد هذه المرحلة من مراحل الرقابة لضبط وتصحيح خط سير المؤسسة الزكوية، وتقويم االعوجاج باتجاه المسار الشرعي الوارد في الفتاوي والمعايير الشرعية المحاسبية وهي رقابة مستمرة خالل العام ،وتقاريرها حسب دورة اجتماع لجنة الرقابة. ثالثا :أما الرقابة الشرعية: فهي عمل مجموعة العلماء المختصين في الفقه اإلسالمي واالقتصاد وبخاصة فقه الزكاة والمحاسبة الزكوية ،ال يقل عددهم عن ثالثة ممن تحقق فيهم األهلية العلمية والدراية بالواقع العملي ،تقوم بأعمال المراجعة للتأكد من أن جميع األنشطة والتصرفات الزكوية -جباية ومحاسبة وصرفا -متوافقة مع أحكام ومبادئ وقواعد الشريعة اإلسالمية، وتقدم تقري ار بذلك لرئيس مجلس أمناء الزكاة وتكون ق ارراتها ملزمة ويعينها في عملها، المدقق الشرعي الذي هو جزء من مكوناتها. أيهما أسبق ،التدقيق الشرعي أم المحاسبي؟ ولبيان ذلك البد من ذكر اآلتي: يتألف التخطيط اإلداري من المراحل التالية: .1تحديد الهدف. .2تحديد الوسائل الممكنة للوصول إلى الهدف. .3تكلفة التمويل. .4التنظيم (بالشكل األمثل). .5التوجيه (السابق وأثناء التنفيذ) 88 وعليه فإن التخطيط اإلداري يسبق التخطيط المحاسبي تاركا له المجال إلجراء التنسيق الالزم .لذلك فإن التخطيط الشرعي يسبق التخطيط المحاسبي ويأتي بعد التخطيط اإلداري تاركا له المجال إلجراء التنسيق الالزم. ما مدى االرتباط بين التدقيق الشرعي والمحاسبي: إن اشتراط معيار المراجعة للمؤسسات المالية االسالمية رقم /0فحص المراجع الخارجي -االلتزام بأحكام ومبادئ الشريعة اإلسالمية بالفقرة /0يقول: "يجب على المراجع الحصول على أدلة اثبات في المراجعة الكافية ومالئمة بحيث توفر له تأكدا معقوال بأن المؤسسة قد التزمت بأحكام الشريعة اإلسالمية .وقد عرف معيار المراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية رقم /3التأكد المعقول بأنه :مفهوم يرتبط بتجميع أدلة اإلثبات في المراجعة الضرورية التي يتمكن بها المراجع من استنتاج عدم وجود خلل ذي أهمية نسبية في القوائم المالية في الجملة كما يرتبط التأكد المعقول بعملية المراجعة في الجملة(.)3 وهناك من يرى بأن إلزام المحاسب القانوني بمراجعة اإللتزام الشرعي في معايير المحاسبة ( )AAOIFIغير صحيح مهنيا .وأنه خطأ يؤدي إلى إزدواجية العمل عن التزام شرعي خارجي ،كما أنه يستحيل في الوضع الحالي تقديم مراجعة االلتزام الشرعي من المحاسب القانوني ألنه ليس من شأنه إبداء الرأي الشرعي فإن قام بذلك فالبد له من رفع نتائج المراجعة الشرعية للهيئة الشرعية ألنها الجهة الوحيدة التي لها هذه الصالحية، وهذا إخالل بالعالقات الوظيفية. إال أن ما ذهبت إليه هيئة معايير المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية هو األصح ،ألن التدقيق المحاسبي هو األقدر على تمييز الخطأ من الصواب ،فالمحاسبة هي ميزان األعمال -وهذا ينطبق تماما على العمل الزكوي ،ألنها معايير المحاسبة والمراجعة للمةسسات المالية اإلسالمية. 89 مؤسسة مالية بكل المعنى ،كما أنها تقوم بنشاط مالي زائد وهو الصرف على المستحقين"( )3ويصنف أنه نشاط مالي اجتماعي. إذن يمكن القول :بأن المراقب الشرعي أو الداخلي أو الخارجي أو المحاسب له القدرة على اكتشاف األخطاء والقصور ويعتبر الكل مكم ٌل لبعضه البعض. وهذا يؤكد ما ذهب إليه النويري ()2 والحريري ()1 ()0 والقلقشندي وكذلك هيئة المعايير المحاسبية والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية ،فالمحاسب المسلم متقن لفقهه ومهنته قادر على التدقيق الشرعي ومؤهل لمساعدة المدقق الخارجي أيضا. التفريق بين الفتوى والرقابة والتدقيق الشرعي: أما الفتوى فهي -كما في الموسوعة الفقهية "بيان للحكم الشرعي عن دليل لمن سأل عنه" أو هي كما في قرار مجمع الفقه اإلسالمي الدولي -بيان الحكم الشرعي عند السؤال عنه ،وقد يكون بغير سؤال فهو بيان حكم النازلة لتصحيح أوضاع الناس . وتصرفاتهم" آلية عمل الرقابة والتدقيق الشرعي: أوال :تعتمد لجنة الرقابة والتدقيق الشرعي على تقرير قسم التدقيق الشرعي الذي يحتوي على اآلتي: أ -الفتاوي الصادرة خالل العام مبوبة مصنفة بتواريخها. ب -ذكر الجهات المسئولة عن إجراء وانفاذ هذه الفتاوي ،ومراحل إنفاذها. ج -القواعد الفقهية أو الزكوية المرجعية لتلك الفتاوي (تجميعا لها). د -ذكر المخالفات الشرعية -إن وجدت -سواء في فهم أو تنفيذ الفتاوي ،أو في تنفيذ العمليات التحصيلية أو المحاسبية أو في الصرف على المستحقين ،ويقترح التخلص من تلك المخالفات في شكل جدول إن أمكن. هيئة المراجعة والمحاسبة المالية اإلسالمية النويري ،نهاية األدب في فنون اآلداب ،ح 2 /5 الحريري ،م امات الحريري 250 ،م -صـ53 ال ل شندي ،صبح األعشي ،ح 2/ 91 ه -تاريخ الزيارات التدقيقية. و -توقيع المدقق ،ومسؤول المكتب. ز -يرفع التقرير إلى هيئة الفتوى والرقابة والتدقيق الشرعي ليضم إلى تقرير الهيئة العام والذي يرفع بدوره إلى مجلس األمناء أو رئيسه. وسائل تنفيذ أعمال المراقبة والتدقيق: () 1 التدريب المكثف لما ذكر أعاله. () 2 دليل إجراءات الرقابة والتدقيق الشرعي على الجباية. () 3 دليل إجراءات الرقابة والتدقيق الشرعي على الصرف اإلداري الزكوي. () 4 () 5 دليل إجراءات الرقابة والتدقيق الشرعي على المحاسبة الزكوية. دليل إجراءات الرقابة والتدقيق الشرعي على المصارف الزكوية. المعارف المطلوبة في عضوية لجنة الرقابة والتدقيق الشرعي الزكوي: () 1 () 2 () 3 () 4 () 5 () 6 () 7 ملكة فقهية في أحكام الزكاة خاصة وقواعدها المؤثرة فيها. بصيرة بالمحاسبة الزكوية. بصيرة بالقوانين واللوائح المالية الزكوية. بصيرة بقوانين وفقه المعامالت المالية لمعرفة الصحيح من المفاسد منها. بصيرة بقانون الشركات. بصيرة بالمعايير المحاسبية الصادرة من الهيئات اإلسالمية. اإللمام باألدلة والمراشد الصادرة من ديوان الزكاة. 91 النتائج والتوصيات /1النتائج: أوال :حقق الخطاب الدعوي للزكاة إنجازات كبيرة على المستوى الداخلي والخارجي وأسهم في رفع الوعي بشعيرة الزكاة وفرضيتها. ثانيا :ديوان الزكاة هو الجهة أو السلطة (منزلة ولي األمر ) الوحيدة المخول لها أمر الزكاة ،جباية وصرفا وافتاء وترجيحا منه (أو من الجهات التي يوكل إليها أمر الترجيح)، وتحديدا ألوعيته توسيعا وتضيقا. ثالثا :رأي اإلمام أو من ينيبه يرفع الخالف إذا وقع في مسألة من مسائل الزكاة. رابعا :في مسألة األموال الباطنة رجح اإلمام رأي الماليكة فجعل واليتها له يلزم بأداء زكاتها جميعا إلى السلطان. خامسا :المجلس األعلى ألمناء الزكاة هو أعلى سلطة في الديوان .إذا قرر هذا المجلس ق ار ار اليحق لولي األمر (رئيس الدولة) أن يقرر قر ار خالفا لما أقره المجلس ،إال إذا خالف قرار المجلس نصا شرعيا سادسا :ال يجوز ألهل الديون التوسع في أمر الصرف اإلداري إال في حدود الضرورات والحاجيات. سابعا :إن القاعدة في توسيع المال الذي يكون وعاء للزكاة هو الصحيح المحقق وعاء للزكاة. لمقاصد الزكاة حيث يكون كل مال يصلح للنماء فهو ٌ ثامنا :إيجاب الزكاة في مال الدولة العام المعد لالستثمار ألن الزكاة هي حق المال، ونظ ار إلى المال وصالحه للنماء ال لصاحب المال. تاسعا :أخذ ديوان الزكاة بخيار جواز استثمار أموال الزكاة يلزم منه الصرامة في االلتزام بالضوابط الشرعية الكفيلة بمنع الخسارة فيها. 91 عاش ار :الغفلة عن األخذ باألصل القائل :بأنه األصل في الجباية تصديق رب المال أدى إلى مفاسد كثيرة كالتدخل في معرفة التفاصيل الدقيقة لمكاسب أرباب األموال وأماكن إيداعها،جعل أرباب المال يتهربون ويتحايلون إلخفاء كثير من المطلوبات. /2التوصيات: أوال :أن يظل ديوان الزكاة اتحاديا يحكم بقانون اتحادي مع إعطاء الواليات حرية واسعة دون فك االرتباط بالمركز فالقانون يجب أن بكون اتحاديا .ومبررات ذلك: .1والية الدولة على الزكاة هي لولي أمر المسلمين كما كان في عهد النبي صلى اهلل عليه وسلم والخلفاء من بعده وهو اآلن رئيس الجمهورية. .2التفاوت في اإليرادات (الجبايات) أمر بين يقتضي مركزية الزكاة وقوميتها لتتولى توزيع الزكاة العادل بين الواليات وتأخذ الضعيفة حقها. .3بعض االيرادت ذات طبيعة قومية مثل زكاة الشركات ،زكاة المغتربين ،والصدقات والهبات وغيرها ،وهذا يقتضي وجود جهاز مركزي يقوم مجملها وتوزيعها على الواليات. .4بعض مصارف الزكاة ذات طبيعة قومية؛ مثل مصرف في سبيل اهلل والمؤلفة قلوبهم. .5التخطيط للديوان وتدريب العاملين عليها وسائر شؤونهم يقتضي وجود جهاز مركزي موحد لتسهيل اإلدارة وتخفيض الكلفة المالية. .6حدوث كوارث مثل السيول واألمطار والقحط وغير هذا يتطلب قومية الزكاة ومركزيتيها لمساعدة الواليات المصابة. .7التداخل بين الواليات في الحدود ال سيما في األنعام وعروض التجارة يقتضي قومية الزكاة لتقوم بالتنظيم والتحصيل. .7وجود لجنة قومية الفتوى لتوحيد النظرة الفقهية للزكاة على المستوى القومية لما يستجد في مجال الجباية والمصارف. 91 .2لفض المنازعات التي تحصل يبين الوزالية في مجال الجباية والمصارف. .12االستفادة من القوى العاملة ووسائل الحركية بين الواليات وعمل الموازنة بينها في زيادتها أو تخفيضها مما يؤدي الكلفة المالية. هذه بعض مبررات قومية الزكاة ولذلك نرى عند صدور الدستور الدائم للبالد أن تلغى النصوص التي ترمى إلى والئية الزكاة وأن يكون هناك نص صريح وواضح على قوميتها ومركزيتها. ثانيا :تأكيد وجود المجلس األعلى ألمناء الزكاة مع توسعة العضوية وتأكيد البعد األهلي ألن مال الزكاة ليس ملكا للدولة انما لها الوالية فقط ومن ثم ارى ان يكون هذا المجلس مجلسا اهليا وان يكون رئيسه ليس من المسؤولين في الدولة مع اشراك الواليات ودافعي الزكاة ومن لهم خبرة في مجال الزكاة فقها وعمال مثل امناء الزكاة السابقين كذلك اشراك العاملين واجهزة الدولة الضرورية. ثالثا :توسيع سلطات المجلس بحيث يكون هو الذي يرشح االمين العام ويتم تعيينه بواسطة رئيس الجمهورة. رابعا :مجلس أمناء الواليات هو الذي يختار رئيسه ال الوزير وال الوالي. خامسا :أمين الوالية يعينه االمين العام بالتنسيق مع الوالي. سادسا :نؤكد على أخذ الزكاة من كل مسلم داخل السودان سواء كان سودانيا أو غير سوداني سواء أكان مقيما أو ليس مقيما ما دام ماله في السودان بشروطه الشرعية. سابعا :المادة ( )29زكاة األنعام المادة تنص على أخذ الزكاة من السائمة فقط. ثامنا :في التعريفات تعريف الفقير والمسكين والفرق بينهما وأيهما أشد حاجة مختلف فيه اختالفا كبي ار بين الفقهاء والمفسرين والصفة المشتركة هي الحاجة .أرى أن يعاد التعريف ليعرف :هو من يفقد ما ييحتاج اليه االنسان ومن يعوله بحسب ما يكفيه في بيئته ومحيطه االجتماعي مع استصحاب االولويات والزمان والمكان والحال خالل العام. 93 تاسعا :تعريف الرقاب يعاد فيه النظر ويضاف إلى مصرف في سبيل اهلل كما هو معمول به في الواقع حتى ال يتناقض التعريف مع التطبيق. عاش ار :تضاف في مصرف الفقراء والمساكين ،ال يجوز المساس بنصيبيهما ما لم تقتض الضرورة غير ذلك. حادي عشر :المادة ( )0يضاف عرض الموازنة السنوية اوال على مجلس امناء الواليات ثم تعرض ععلى المجلس االعلى ثم الوزير لرفعها الى مجلس الوزراء .هل تدخل ميزانية الديوان في الميزانية العامة؟. ثاني عشر :المادة ( )51موضوع الفتوى وطلبها بحضور الطلب من االمين العام يجب أن يوسع لتشمل اي شخص طبيعي أو اعتباري وأن تتحول هذه اللجنة لرقابة لكل الديوان. ثالث عشر :إضافة مادة جديدة بانشاء اللجان القاعدية التي كانت موجودة في قانون 3771م وتم حذفها في قانون 2113م(منصوص عليها). ثالث عشر :أن يسارع المكلفون بإخراج زكاتهم وتسليمها للسلطان أو من ينوب عنه، حتى ولو كان السلطان جائ ار فإن ذمتهم ال تب أر إذا طالبهم إال بذلك. رابع عشر :الزكاة وظيفة سلطانية يجب أن تؤدى إليه ،وال تب أر ذمة المكلف إال أن يؤديها إليه إذا طلبها. خامس عشر :يجب علي العلماء والدعاة القيام بإبالغ الناس بفريضة الزكاة فقها وتطبيقا وحثهم على أدائها حتى يكون إخراج الزكاة سلوكا لهم ،وأن يستخدموا كافة الوسائل في إيصال الخطاب إلى المكلفين. سادس عشر :ـ أال يتساهل في الجباية واألخذ وتتبع أموال الزكاة من مصادرها وأوعيتها وأصحابها ،فال يجوز له أن يعفو أحدا من زكاة وجبت عليه ،وال التقليل والخصم مما وجب من مال الزكاة ونحو ذلك ،فذلك مفسدة في مال الزكاة واضاعة لحق اهلل تعالى وحقوق أهل المصارف.. 92 يعسر على أرباب المال واألغنياء ويشق عليهم بالمبالغة في التقدير سابع عشر :أال ّ التوسع في كشف أسرارهم التجارية وغير ذلك ،فذلك يحمل الكثيرين باألكثر واتهامهم و ّ منهم ال سيما أصحاب القلوب الضعيفة من المؤمنين في بغض الطاعة أو التحايل لمنع الزكاة والتهرب من دفعها. ثامن عشر :أال يتس اهل في تمكين أهل السهمان المستحقين للزكاة ما استطاع إلى ذلك سبيال ،وال يؤخر ما وجب لهم من الزكاة إال لمصلحة أعلى وأعظم.. تاسع عشر :ويحرم عليه إذا قسم الزكاة على األصناف التفضيل بينهم ،إذا تساوت الحاجات. العشرون :أن تكون هيئة الرقابة الشرعية من ذوي الخبرات النوعية والمختصين في مجال المعامالت المالية والكفاية الشرعية. الحادي والعشرون :أن يكون هناك تدريب مستمر ألعضاء لجنة الرقابة الشرعية والتدقيق الشرعي. *** 91
© Copyright 2024 Paperzz