! ! ! ! ! الشركات املختلطة بني الحالل والحرام! الشيخ دبيان محمد الدبيان! ُ ً حالال ،مثل :الشركات أصل نشاطها وغالبُه املباحة التي يكون أس ُهم الشركات َ اتفق على إطال ِق مصطلح األس ُهم املختلطة على ْ الصناعية والتجارية ،وشركات الخدمات ،ولكن لها معامالت ُمحرَّمة ،كاالقتراض ،أو اإلقراض بالرِّبا ،وفي هذا النَّ ْوع وقع خالف ٌ بني العلماء املعاصرين في ُحكم االكتتاب في أسهمها وفي ُحكم تداولها!. ! ! ِ تأسيس ِمثل هذه الشركات التي ينصُّ نظا ُمها على تعامل محرَّم في أنشطتها ،أو بع َد اتِّفاقهم على تحريم ِ االشتراك في أغراضها ،وبعد اتفاقهم على أنَّ َمن يباشر هذه العقو َد املحرَّمة في الشركة كأعضاء مجلس اإلدارة والراضني بذلك أنَّ عملهم ُمحرَّم ،وبعد اتِّفاقهم ً أيضا :على أنَّ املساهم ال يجوز له بأيِّ حال من األحوال أن ينتفعَ بالكسب املحرَّم ِ ِمن السهم ،بل يجب عليه إخراجه والتخلُّص منه ،وبعد اتِّفاقهم ً أيضا على أنَّ املساهمة في الشركات التي يغ ُلب عليها املتاجرةُ باألنشطة املحرَّمة ُمحرَّم!. ُ ! ! ! ِ واملتاجرة في أسهمها إذا كان املحرَّم الواقع بني العلماء هو في ُحكم االكتتاب في ِمثل هذه الشركات املختلطة، وإنَّما الخالف َ ُ ِ ِ ْ َ َ بمناقشة القائلني بالجواز ،وأكتفي بذلك لضيق شيئ ًا يسيرا ،وقد اختلفوا فيها إلى ثالثة أقوال ،وسوف أهتمُّ في هذا املقال ُ ً املساحة؛ وألنَّ األدلَّة على تحريم ِ الرِّبا معلو ٌم من الدين بالضَّرورة!. ! ! ! ٍ وجوب التخل ِ ِ ُّص من بشروط وضوابط ،مع فهناك ِمن أهل العلم َمن يرى جواز االكتتاب في األسهم املختلطة ،وجواز تداولها الكسب الحرام ،وممَّن ذهب إلى هذا القول الهيئ ُة الشرعية لشركة الراجحي ،والهيئة الشرعية للبنك اإلسالمي األردني ،وندوة البركة السادسة ،واختاره فضيلة الشيخ عب ُداهلل بن منيع ،والشيخ يوسف القرضاوي ،والشيخ تقيُّ العثماني ،والشيخ نزيه حماد، ِ لشيخنا ابن عثيمني -رحمه اهلل!. والشيخ علي محي الدين القره داغي ،والشيخ يوسف الشبيلي ،وهو أح ُد القولني ! ! ! ط وشروطًا للقول بالجواز ،إذا اختلَّ ضاب ٌ ضعوا ضواب َ والقائلون بالجوا ِز َو َ رجع القول إلى التحريم ،فيُستحسن قبل أن ط منها َ ند ُ نعرف هذه الضوابط ،ومدى وجاهتها!: خ َل في ِذ ْكر أدلتهم ،أن َ ! ! ! ِ تحديد نسبة االقتراض الرِّبوي من حجم املوجودات!. ففي ! ! ! حدَّد القائلون بالجواز فيما يتعلَّق باالقتراض الرِّبوي َّ أال تزيد القروض عن % 30من إجمالي موجودات الشركة!. ! ! ! Page 1 of 16 ِ الناتج ِمن عنصر محرم % 5 وفي تحديد ِنسبة اإليرادات املحرَّمة ِمن اإليرادات ،حدَّد القائلون بالجواز أال يتجاوزَ مقدار اإليراد ِ ممارسة نشاط محرَّم ،أم عن تملُّك ناتجا عن االستثمار بفائدة ِربوية ،أم عن من إجمالي إيرادات الشركة ،سواء كان هذا اإليراد ً كسب محرَّم ،بينما الثاني ملحرَّم ،أم عن غير ذلك ،ويبدو من التفري ِق بني اإلقراض بفائدة ،واالقتراض بفائدة أنَّ األول ينتج عنه ٌ تصرُّف محرَّم؛ لذا كان األول ،% 5والثاني!.% 30 : ! ! ! وفي تحديد حجم العنصر املحرَّم من حجم املوجودات نصَّ قرار الراجحي رقم 485على َّ أال يتجاوز حج ُم العنصر املحرَّم، استثمارا كان ،أو تملُّ ًكا ملحرَّم نسبة % 15من إجمالي موجودات الشركة ،ثم وجهت الهيئة الشرعية في مصرف الراجحي من ً خالل ِ ِ وأخذت هيئة املعايير املحاسبية في البحرين َّ أال يتجاوز املبلغ خطابها املبلغ ِمن رئيسها إلى عدم ِ اعتبار هذا الضابط، ْ ِ قرار األهلي لهذا املو َدع بالربا % 30من القيمة السوقية ملجموع أس ُهم الشركة ،ولم يعتبر )الداو جونز( هذا الضابط ،ولم يُشر ُ الضابط ً أيضا!. ! ! ! ِ حددت هذه النسبة بـ % 5من إجمالي املصروفات ،وهذا تحديد نسبة املصروفات املحرَّمة لجميعِ مصروفات الشركة، وفي ْ ُ أخيرا ،وسوف تطبِّقه على قوائم ِ الشركات في العام امليالدي الجديد!. الضابط توجَّهَتْ إليه الهيئات ً ! ! مناقشة هذه الضوابط!: ! ! ِّسب اجتهادية في تقدي ِر اليسير ،ولم َي ِرد في القرارات ما يوضِّح املستن َد الشرعي لهذه النسب ،غير أنّه ورد في قرار هذه الن َ َ دالئل في بعض النصوص الشرعية ،وإلى املعقول ،أن تعتمد الراجحي )" :(310رأت الهيئة بنظر اجتهادي منها ،واستنا ًدا إلى ٍ تحديد للنِّسب في هذا القرار مبني على الثُّ ُلث ح ّدًا بني القلَّة والكثرة" ،وفي القرار رقم " :485والهيئة توضِّح أنَّ ما ورد من ِ ٌ قابل حسب االقتضاء"!. إلعادة النظر االجتهاد ،وهو َ ! ! والسؤال الفقهي املشروع!: ! َمن قال ِمن أهل العلم ِمن املتقدِّمني بأنَّ الربا يُفرَّق بني قليله وبني كثيره في َقبوله والتعامل به؟!! ! ! ! ٍ ً ! قائما على دليل شرعي ،وإذا ثبت أنَّ هناك فر ًقا بني القليل والكثير ،لم يكن هذا التفريقُ فإذا لم يثبت أنَّ هناك فرقا في التحريم ْ ً فمن قال باعتبار الثُّ ُلث ح ّدًا بني القلة والكثرة؟! في التحريم ْ بني القليل والكثير َ ! ! وللجواب على ذلك نقول :ال أعلم أنَّ أح ًدا من أهل العلم من املتقدمني قال :بأنَّ قليل الربا حالل؛ قال -تعالى َ ﴿ :-وأ َ َحلَّ اهللَُّ ا ْلبَيْعَ بني قليل الرِّبا وبني كثيره!. فرق في التحريم ْ َو َحرَّ َم الرِّبَا ﴾ ]البقرة ،[275 :فاآلية مط َلقة ،ال ْ ! ! ! Page 2 of 16 ! ! وقال -تعالى ﴿ :-يَا أَيُّ َها ال َِّذي َن آ َمنُوا اتَّ ُقوا اهللََّ َوذ َُروا َما بَ ِقيَ ِم َن الرِّبَا إِ ْن ُكنْت ُ ْم ُمؤ ِْم ِن َني * فَ ِإ ْن َل ْم تَفْ َع ُلوا فَأْذَنُوا ِب َح ْر ٍ ب ِم َن اهللَِّ وس أ َ ْم َوالِ ُك ْم َال تَظْلِ ُمو َن َو َال تُظْ َل ُمو َن ﴾ ]البقرة!.[279 - 278 : َو َر ُ سولِ ِه َو إِ ْن تُبْت ُ ْم فَ َل ُك ْم ُر ُء ُ ! ٍ مناف للتقوى ،وأنَّ أي زيادة يأخذها املرابي على ِ بتر ِك ما بقي من الربا ً رأس املال فهي ِمن كثيرا ،وأنَّ أخذه قليال كان أو ً فأ َمر ْ ِ ٌ َ ْ ْ َ َ ُ َ الربا املحرَّم ،كما دلَّ قوله -تعالى ﴿ :-ال تظل ُمو َن َوال تظل ُمو َن ﴾ ]البقرة ،[279 :وأنَّ كلَّ زيادة على رأس املال فهي داخلة في ِ الظُّلم ،قليل ًة كانت الزيادة أم كثيرة!. ! ! ! ُ رسول اهلل -صلَّى اهلل عليه وسلَّم )) :-الذهب ومن السنة ما رواه مسل ٌم عن أبي سعيد الخدري -رضي اهلل عنه -قال :قال ِ والفضَّة ِ بالذهبِ ، أربَى ،اآلخذ واملعطي سواء((!. بالفضَّة ...مث ْ ًال بمثل ،يَ ًدا بيدَ ،من زاد أو استزاد ،فقد ْ ! ! ِ أربَى(( نصٌّ في شمول التحريم للقليل والكثير من الرِّبا!. فقولهَ )) :من زاد أو استزاد فقد ْ ! ! ! ِ ِ َ بني القليل والكثير!. التفريق في قال: ي ما ط ق س ه ر وكثي الربا التحريم ت ب ث فإذا ل لقلي ُ َ ْ ! ! ! فمن قال ِمن أهل العلم ِمن املتقدِّمني باعتبار الثُّ ُلث ح ّدًا بني القلة والكثرة؟! وإذا تجاوزْنا موضو َ ع الرباَ ، ! ! ! ً ! وح َدهم ،فهم َمن ج َعل الثلث فرقا بني القليل والكثير ،إال أنَّ اعتبار هذا التقدير وللجواب على ذلك يقال :ال يُعرف هذا إال للمالكية ْ عندهم مشروط بشرطني!: ! األولَّ : كمه املنصوص عليه لم يُفرَّق بني القليل والكثير؛ انظر القواعد أال يكون لألقلِّ ُحكمه املنصوص عليه ،فإذا كان لألقلِّ ُح ُ والضوابط الفقهية القرافية )!.(351 - 1/350 ! ! ! ! ! ِ ً ناقضتان للوضوء ،فالقليل له ُحك ُم الكثير هنا، ناقضا للوضوء ،فالنُّقطة والنقطتان مثال القليل الذي نصَّ عليه :كون يسير الب ْول ث صحيح!. كثيره ،فقلي ُله حرام((؛ رواه أحمد وغيره ،وهو حدي ٌ الخمر فإنَّه حرا ٌم ككثي ِره؛ للحديث)) :ما أسكر ومثله يسير ْ ُ ! ٍ غير صحيح ،وال مقيسا على ومثله لو كان األقلُّ ترك اإلنسان بُقع ًة في ْ ً غسل يده في الوضوء ،فإنَّ وضو َءه ُ منصوص عليه :كما لو َ ٌ ِ قياسا على قوله -صلَّى اهلل عليه وسلَّم )) :-ويل لألعقاب من النار((!. يُقال :هذا قليل بالنِّسبة ألعضاء الوضوء ً ! ! ! Page 3 of 16 ! ! الشر َ فيسير الربا لم ي ُق ْل أح ٌد :إنَّه لم ينصَّ على تحريمه ،ولم يَدَّع ِ أح ٌد أنه حالل ،فقد أجمع ط على يسير الرِّبا، فإذا طبَّ ْقنا هذا ُ ْ أربَى((؛ رواه مسلم!. العلما ُء على تحريم ربا النسيئة قليله وكثيره؛ قال -صلَّى اهلل عليه وسلَّم َ )) :-من زاد أ ِو استزاد فقد ْ ! وبالتالي ال يصحُّ االحتجا ُج بقول املالكية في األ ْ بني القليل والكثير؛ ألنَّهم ال يقولون بهذا؛ ألنَّ القليل ما دام قد خذ بالثُّ ُلث فر ًقا ْ ْ ُ ْ ٌ ً مجال للتفريق بني القليل والكثير ،وإذا لم يقل به املالكية لم يقل به أيضا أح ٌد من األئمة األربعة!. نصَّ على تحريمه لم يكن هناك ! ! ! ِ والخالصة :أنَّ قول الهيئات الشرعية بالثُّ ُلث هو ٌ بإحداث قول جديد!. س َلف ،وال يسوغ االجتها ُد فيه قول لم يكن لهم فيه َ ! ! ! الشرط الثاني!: ! َ ُ ً إنَّ املالكية ج َعلوا الثُّلث فرقا بني القليل والكثير في مسائل معدودة ،ولم يُعمِّموه في كلِّ أبواب الفقه؛ جاء في "الذخيرة"" :الثلث في حدِّ القلَّة في ستِّ مسائل :الوصيةِ ، وهبة املرأة ذات الزَّ ْوج إذا لم تُ ِرد الضرر ،واستثناء ثلث الصُّبْرة إذا ِبيعت ،وكذلك ثُ ُلث الثمار والكباش ،والسَّيْف إذا كان حليته الثلث يجوز بيعه بجِنس الحلية"!. ! ! ! ويستدلُّ املالكي ُة بحديث سعد بن أبي وقَّاص -رضي اهلل عنه -الذي رواه البخاريُّ عنه ،قال :كان النبيُّ -صلَّى اهلل عليه وسلَّم - مريض بمكة ،فقلت :لي ٌ ٌ مال ،أوصي بمالي كلِّه؟ قال)) :ال(( ،قلت :فالشطر؟ قال)) :ال(( ،قلت :فالثلث؟ قال)) :الثلث، يعودني وأنا والثلث كثير ...الحديث(( ،والحديث متفق عليه!. ! ! ! ِ هذا هو ُ أخذت هذا التحدي َد من قول املالكية ،فال أراه متواف ًقا مع قول املالكية ،وهذا هو دلي ُلهم ،فإ ْن كانت هذه الهيئات مذهب ْ ِ ُ اإلمام مالك ،وإ ْن كان هذا القول قد قالوه ابتدا ًء من عندهم ،فال أرى أنَّه يسوغ لهم ابتدا ُعه ،وعلى التنزُّل أن يكون هذا القول قول املالكية ،فإ ّنه ال بدَّ ِمن النظر في دليله ،فالرسول -صلَّى اهلل عليه وسلَّم -لو قال :الثُّ ُلث والثلث كثير في أمورٍ متس ًقا مع ِ محرَّمة ،ألمكن األخذُ بعموم ِ اللفظ ،أما والحديث وار ٌد في باب الوصية ،وهو ٌ الحكم على كلِّ شيء في ب هذا ُ عمل مشروعَ ، فس ْح ُ ُّف ال أبواب الفقه ،في العبادات واملعاوضات ،بل حتى في املحرَّمات ،فيجعل ما نقص عن الثلث يسيرا في كلِّ شيء فيه تكل ٌ ً يخفى ،وفيه قياس أمور على أخرى دون أن يكو َن هناك ِعلَّة جامعة ،فال أعرف مسو ًغا شرع ّيًا لقياس الرِّبا الذي حرَّمه الشارع ٍ بنصوص قطعية ،حتى ج َع َله من املوبقات ،وقرنه بالش ِّْرك باهلل ،والسِّحر ،وقتل النفس التي حرَّم اهلل ،والزنا ،أن ُيقاس مثل هذا على الوصية التي ن َدب إليها الشارع ،وأقرَّها ،وقدَّمها على امليراث في توزيعِ التَّ ِركات!. ! ! ! فكيف يُقاس الخبيث على الطيِّب؟! ما لكم كيف تحكمون؟! أما تحديد بـ ِ % 5من اإليراد املحرَّم ح ّدًا لليسير ،فيُقال في الجواب عليه!: ! القول فيها إلى توقيف ،وذلك مثل تقدير ِ ُ ً أوال :جميع املقادير في الشريعة يحتا ُج للمقيم خيار التصرية بثالثة أيام ،وتقدير ْ املسح ُ ِ ِ ِ التوقيف في تقدير مثل ذلك ،خاصَّة أنَّ ذلك يَقلب الحرام إلى حالل ،والحظْ َر إلى إباحة!. يو ًما وليلة ،وللمسافر بثالثة أيَّام ،فأين ُ ! Page 4 of 16 ! ! ثانيًا :إ ْن كان املرجع في تقدير مثل ذلك إلى ال ُع ْرف ،فهذا عمل لم يكن موفَّ ًقا؛ ألنَّه ال يمكن األخذُ بال ُع ْرف فيما ورد فيه ن ٌّ ص حتما إلى تعطي ِل النص الشرعي!. شرعي؛ ألنَّ ذلك يؤدِّي ً ! ! ! ِ ُ تأسيس الشركات التي ينصُّ ِنظامها على تعا ُمل محرَّم في االشتراك في الضابط أو الشرط الثاني :نصُّهم على أنَّه ال يجوز أنشطتها ،أو أغراضها!. ! ! ! ِ ِ ُ االعتراض على ذلك، بإمكان أحد من املساهمني وجه اعتبار هذا الشرط :أنَّه إذا نصَّ على ذلك في ِنظام الشركة لم يكن بخالف ِ ِ كون املحرَّمات حالة عدم النص ،أو ألنَّ الدُّخول في الشركة مع األمر في منصوصا عليها في ِنظامها األساسي يجعل املساه َم ً بمنزلة الراضي بذلك!. ! ! ! مناقشة هذا الشرط!: ! ً ِ ِ ُ الدخول في املساهمة معلَّ ًقا على االعتراض على ِنظام الشركة لم يكن األمر معلَّ ًقا على ُقدرة املساهم على أوال :إذا كان تحديد ُ الحكم معل ًقا على ال ُقدرة على االعتراض على نظام الشركة وتغييره ،سواء كان الحرا ُم ً كثيرا، قليال أم نسبة املحرَّم ،بل يكون ُ ً ِ الحكم به ،ويُقال بالجواز بالنسبة َملن يَ ْقدر على تغيير هذا املنكر ،واملنع ملن ال يقدر!. فليعلق ُ ! ! ! ِ كانت املساهمة تَحرَّم في الشركات املختلطة إذا كان نظا ُمها التأسيسي ينصُّ على تعامل محرَّم في أنشطتها ،ف َينبغي ثانيًا :إذا ِ ِ ٌ ً أن تُحرَّم املساهمة إذا كانت الشركة تمارس املحرِّم فعال؛ ألنَّ كتابة النظام إنما هو وسيلة إلى فعل الحرام ،وليس هو ارتكابًا للحرام ،فما بالك بارتكاب الحرام ذاته ،أتكون الوسيل ُة أولى بالتحريم من املمارسة الفعلية؟!! ! ! ! ً ثالثا :كتابة املمارسات املحرَّمة في ِنظام الشركة ليس لها ِمن األهمية ،خاصَّة إذا علمنا أنَّ الجمعي َة العامة غير العادية لها الح ُّ ق في تعدي ِل نظام الشركة سلبًا أو إيجابًا ،فيجب أن يُعلَّقَ األمر على املمارسة ،وليس على مجرَّد نصٍّ في نظام شركة قابل للتغيير!. ! ! ! بني املكتتبني ،وبني نظام الشركة ،فإنَّ الذي يتولَّى التصديق على نظام الشركة :هي الجمعي ُة راب ًعا :ال يمكن فكُّ االرتباط ْ ِ صدور قرار الوزير بإعالن تأسيس الشركة إال بعد اجتماع الجمعية التأسيسيَّة ،والتي يدعو فيها التأسيسية ،وال يمكن ُ ِ ِ فصل نظا ُم املؤسِّسون جميعَ املكتتبني إلى االجتماع الستكمال إجراءات التأسيس ،ومن ذلك التصديق على نظام ِ الشركة ،فكيف يُ َ الشركة -وهو معلَّق بموافَقة املكتتبني ،أو أغلبهم -عن االكتتاب؟!! ! ! ط وضواب ُ هذه هي شرو ُ ط القول بالجواز ،وأما أدلَّتهم على الجواز فهي كالتالي!: ! Page 5 of 16 القول ما ير ِ ِ جع إلى الخالف في تكييف شركة املساهمة ،والخالف في تكييف السَّ ْهم ،فالقائلون بجواز الدليل األول من أدلَّة هذا ير ْون أنَّ السهم حص ٌة في الشركة باعتبارها شخصي ًة معنوية ،وليس السه ُم حصَّ ًة في املساهمة في الشركات املختلطة َ وبني ملكية األصول موجوداتها ،وأنَّ القانون التجاري بما يمنحه للشركة املساهمة من شخصية اعتبارية ،يميِّز بني ملكية السَّ ْهمْ ، واألعيان التي يتضمَّنها السهم ،فالسه ُم يُم َلك على ِ وجه االستقالل عن ملكية األصول واألعيان التي تملكها الشركة ،بحيث إنَّ ِ الحصص املقدمة للمساهمة في الش ََّركة تنتقل على سبي ِل التمليك إلى ملكية الشركة ،ويفقد الشركاء املستثمرون كلَّ حق عيني عليها!. ! ! ! فالشخصي ُة االعتباريَّة للش ََّركة قد ج َع َلها تَملِك وتتصرَّف كاألفراد الطبيعيِّني ،وتجب لها الحقوق ،وتلزمها الواجبات ،والشخصي ُة أصل في ِ ِ ٌ أصول وموجودات، الفقه اإلسالمي كالدولة ،وبيت املال ،وملكية الو ْقف ،فهذه الجِهات ليستْ عبارة عن االعتبارية لها ً أصوال ،وديونًا ،ومنافع ،فالسهم إذًا حصَّة في الشركة ،وليس حصَّة في مفردات أصولها؛ ألنَّ وإ ْن كان الوقف وبيت املال يملكان ِ ُّف في أعيان الشركة ،أو منافع أعيانها ،ال بالبيع، األصول مملوك ٌة للشركة ،وليس َ لح َملة األسهم ،بدليل أنَّ املساهم ال يملك التصر َ ِ وال بالرهن ،وال باالنتفاع ،وال بغيرها ،فالشرك ُة لها شخصيتها االعتبارية ،وذمَّتها املالية تجعلها ً أهال لإللزام وااللتزام ،وهي بهذا تستقلُّ تما ًما عن شخصيات ِ وذمم الشُّركاء املكوِّنني لها ،والسَّ ْه ُم بهذا الشكل جز ٌء من الشخصية االعتبارية للشركة ،ويرغب بقصد االسترباح ،وليس وعا ًء ملا يُمثِّله من موجودات الشركة!. ُ الناس في بيعه وشرائه ْ ! ! التكييف للشركة ،وبنا ًء عليه نقول!: هو هذا ُ ! َ ُّف مجلس اإلدارة في أموال الشركة ليس مبن ّيًا على الوكالة ،حتى يكو َن املساهمون مسؤولني عن هذا التصرُّف!. ر ص ت ُ ! ! ! ِ ُ ! ! ! فغير مباشر ،فال يكون مؤاخذًا، مجلس اإلدارة؛ ألنَّهم هم املباشرون للعقود الرِّبوية ،وأما املساهم املستثمر ال تتعدَّى تبعة الربا َ ُ خل على عائداتِ ومع هذا فإنَّه ال يَ ِ حلُّ له أخذ الربح الناتج عن الربا ،أو العنصر املحرَّم ،بل يجب عليه أن يتحرَّى مقدار ما د َ أسهمه من اإليرادات املحرَّمة فيتخلَّص منها!. ! املوقف من اعتبار الشخصية االعتبارية للشركة :يَنبغي أن ألفتَ االنتباه َ قبل الجواب على القول بالشخصية االعتبارية بأنَّه "لم ِ بغرض دراسته ،واتِّخاذ املوقف تتوف َّْر حتى اآلن على هذا املفهوم ِ املستحدث بأبعاده القانونية - ٌ ندوات أو مؤتمرات فقهية َ اإلسالمي املناسب تُجاهَه ،وإن لم َي ْ والحكم له أو خ ُل املوضوع من دراسة منفردة هنا ،أو هناك في محاولة الستكشاف جوانبه، ُ عليه"!. ! ! ! انظر املعايير الشرعية ِ إثبات هذه الشخصية االعتبارية للشركة مطل ًقا ،ويرى لصيَغ التمويل املصرفي الال ربوي ،فهناك َمن يُنكر َ َّف على اعتبار الشركة ذات شخصية اعتبارية ،بل يمكن أن تقو َم شركة املساهمة بكلِّ ما هو ُمقرَّر أنَّ قيام شركة املساهمة ال يتوق ُ التكييف ضروريًّا لم وصف بالشخصية االعتبارية ،وإذا لم يكن هذا لها من أحكام ،وخاصَّة فيما يتعلَّق بتداول األسهم ،دون أن تُ َ ُ يك ْن الز ًما!. ! ! Page 6 of 16 ! ! ! ِ القول بوجود هذه الشخصية االعتبارية للشركة ،بال َق ْدر الذي يساعد على تسهي ِل معامالت الشركة، وهناك فريقٌ آخر يذهب إلى ِ َ لروح ِ الفقه اإلسالمي و َيعت ِرف لها بحق التقاضي ،لكنَّه يرفض بعض هذه اآلثار القانونية املترتبة عنها ،ويرى أنَّها مصادمة ُ ِ وعدالته ،فاآلثار التي ُرتِّبت على القول بالشخصيَّة االعتباريَّة ليستْ مبنيَّ ًة على لواز َم فقهيَّة ،وإنَّما مبني ٌة على أحكام قانونية ،وهي ال تلزم الفقيه!. ! ُ القول بالشخصية االعتبارية للشركة ،وال يعني هذا األخذَ بتلك اللوازم القانونية ،فال نجعل ِذمَّة الشركة مستقلَّة وبناء عليه ،فيُمكن ِ ٍ َ عن ِذمَّة الشركاء من كلِّ وجه ،بل نأخذ به بالق ْدر الذي يساعد على تنظيم ِ أعمال الشَّركة ،والقيام بنشاطها دون تدخُّل مباشر من أمرا جوهريًّا تتغيَّر به الحقيق ُة املقرَّرة ،وهي ملكية املساهمني للشركة، املساهمني؛ ألنَّ وجود الشخصية االعتبارية ليس ً وموجوداتها!. ! ! ! ولو سل َّْمنا بأ ّن وصف القانون التجاري ُحجَّة -وهذا نقوله ِمن باب املناظرة -فإنَّ كتب القانون ليستْ ُمتَّفقة على ذلك ،فقد ذكر الدكتور عبدالعزيز خيَّاط في كتابه "الشركات في الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي"" :ثالثة مذاهب لهم فيهاِ ، فمنهم َمن ِ بأشخاص مساهميها ،ومنهم َمن يعتبرها مجازًا قانونيًّا ،ومنهم َمن يعتبرها حقيق ًة قانونية ،فإذا كان ينفيها ،وال يَعتبر الشركة إال ِ ُ القول الفقهي إذا لم يتَّفق عليه ال يُعتبر ُحجَّة بمجرَّده ،فما بالك بآراء أهل القانون الوضعي!. ! ! ! ِ طبيعة شركة العقود ،حتى ولو لم تلحقْ بأيِّ نوع من أنواع الشركات املعروفة ل َدى الفقهاء؛ ذلك أ َّ ن وشركة املساهمة ال َتختلف عن ِ ٍ عدد كبير من الشركاء على أن يدفعَ كلُّ واحد منهما ً أنفسهم ،أو ماال َملن يتصرَّف فيه ،سواء كان ِمن الشركاء جوهرها :هو اتِّفاق َ يحصل بها االشتراك، اختالف الطريقة التي أما العقود، شركات ن ُ مضمو هو وهذا ح، ب ر ِّ ال على الحصول د بقص غيرهم؛ من ُ ْ ْ ُ ُ أمور تنظيميَّة ال تتعارض مع طبيعة شركة العقد!. أموال الشركة ،فهذه ويُجمع بها املال ،أو الطريقة التي تُدار بها ٌ ! ! ! وإذا كان الشأن كذلك ،فكلُّ ما يُقال عن أحكام ٍ للشركات املساهمة تخالف فيه أحكا َم الشركات في الفقه اإلسالمي ،فهو ِمن سنَّة ،أو إجماع ،وإذا تقرَّر بأنَّ اعتبار الشخصية االعتبارية للشركة ال قبي ِل الدعوى ،والتي تفتقر فيه إلى بُرهان ِمن كتاب ،أو ُ يَعني األخذَ بتلك اللوازم القانونية ،لم يلز ْم ِمن القول بإثبات الشخصية االعتبارية للشركة في جواز املساهمة في األس ُهم املختلطة ،وذلك ألمور منها!: ! ِ ً ُّف منهم ملصلحتهم ،أو ملصلحة املساهمني ،أو ملصلحتهما أوال :أنَّ تصرُّفات مجلس اإلدارة في أموال الشَّ ِركة :إما أن يكون التصر ُ م ًعا ،وال يوجد قسم ٌة غير هذا!. ! ! ! ِ القرض ،ويجب عليهم أن يَردُّوا مثله ،فإن ردُّوا فإ ْن كانتْ تصرُّفاتُهم في أموال الشركة ملصلحتهم ،فما أخذوه من املساهمني بمنزلة ْ القرض الذي جر نف ًعا!. َ أكثر منه كان ذلك من الرِّبا املحرَّم؛ ألنَّه من قبيل ْ ! ! ! Page 7 of 16 ِ ِ ُ وقول غير هذا أموال املساهمني ِمن قبيل الوكالة، ملصلحة املساهمني ،أو ملصلحتهما م ًعا ،فإنَّ تصرفهم في وإ ْن كان تصرُّفهم ِ ِ ِ َ ٌ دليل عليه ال من الواقع ،وال من الش َّْرع ،وإذا كان تصرُّفُهم من قبي ِل الوكالة كانت التصرفات املحرَّمة من قول ال برها َن عليه ،وال مجلس اإلدارة منسوب ًة إلى جميع املساهمني!. ! ! ! حصَّتي في الشركة هي ِ ثانيًا :إذا كانتْ ِ حصَّ َة م ْلك ،وليست حصَّ َة اشتراك ،فإذا تصرَّف أح ٌد في حصَّتي ،فإمَّا أن يتصرَّف ً باطال؛ ألنَّه تصرَّف فيما ال َيملِك ،أو يتصرَّف بتفويض ،فيكون نائبًا عني ،وهذا هو التوكيل، بدون تفويض مني ،فيعتبر تصرُّفه ٌ نائب عنِّي!. مسؤول عنها؛ ألنَّه فكل تصرُّفاته املحرَّمة أنا ٌ ! ! ! ً عني مجلس اإلدارة ،وفو َ فمجلس اإلدارة إما أن يكون قد عيَّنه َّض إليها التصرف ،هو املسؤول عن تصرُّفاتها، ثالثا :أنَّ الذي َّ ُ األعضا ُء املؤسِّسون ،وأقرَّتْه الجمعية التأسيسية للشركة ممثل ًة في املكتتبني كلِّهم ،أو غالبهم ،أو عيَّنتْه ابتدا ًء الجمعي ُة التأسيسية!. ! ! ! تصرف مجلس اإلدارة ال يُعتبر تصرُّفًا للمساهمني ،وأنهم يُمثِّلون أنفسهم ،وال يمثِّلون من عينهم ،وأنَّ اإلثم عليهم فكيف يقال :إنَّ َ ٌ مسؤول عن نظام الشركة ً أيضا؛ ألنَّه ال بد أن ُيصدِّق عليه وح َدهم دون َمن كلفهم؟! هذا من جهة ،ومن جهة أخرى فإنَّ املكتتب الستكمال إجراءات التأسيسِ ، ِ في الجمعية التأسيسية ،والتي يدعو فيها املؤسِّسون جميعَ املكتتبني إلى االجتماع ِ ومن ذلك التصديق على نظام الشركة!. ! ! ! قبل أن َت ِ وكلُّ هذه اإلجراءات َ صدور القرار من وزير سمى بالشخصية االعتبارية؛ ألنَّ هذه اإلجراءات تس ِبقُ ب الشركة ما يُ ّ كتس َ َ ِ تكتسب الشركة شخصيتَها القانونية واملعنوية إال بع َد صدور قرار وزير التجارة بإعالن تأسيس الشركة ،وال يُمكن أن التجارة َ بإعالن التأسيس!. ! ! ! فتبني بهذا مسؤولية املكتتب في الشركة من ناحيتني :مسؤوليته ِعن تصر ِ ُّف مجلس اإلدارة؛ ألنَّها نائب ٌة عنه ،ومسؤوليته في إقرا ِر َّ نظام الشركة!. ! ! ! ِ املطلوب منه َّ أال يُمنح أسهما كثيرةً تُمكنه من تغيير كلِّ نظام يخالف الشرع ،فهذا هو املطلوب ،وإال كان املساهم يملك فإ ْن كان ً ُ ُ التفويض ملجلس اإلدارة ابتدا ًء ،وذلك بعدم ِ الدُّخول في الشركة ،واملساهَمة فيها!. ! ! ! راب ًعاِ :من املعلوم أنَّ هذه األموال هي ٌ ملك للمساهمني قبل أن يكتتبوا في أسهم الشركة ،وهي باقي ٌة على ملكهم بعد االكتتاب ،إذ لم يوج ْد ما ُيخ ِرجها عن م ْلكهم!. ! ! ! Page 8 of 16 ! ! خامسا :إذا جاز لكم أن تقولوا :إنَّ السهم ال يُمثِّل حصَّ ًة شائعة في موجودات الشركة بنا ًء على أنَّ قيمته ال تُعبِّر عن قيمة تلك ً املوجودات ،جاز لنا أن نقول :إنَّ السهم ً أيضا ال يُمثِّل حصَّة في الشخص االعتباري الذي هو الشركة ،بناء على أنَّ قيمته ال ِ نفسها ،بل بال َع ْرض والطلب ،فما جاز لكم أن تُجيبوا به جاز لنا أن نُجيب بمثله!. ترتبط بالشركة ! سادسا :أنَّ فصل السهم عمَّا يُمثِّله يؤدِّي إلى جواز املساهمة في البنوك الرِّبويَّة ،وشركات القمار ،والخمور ،وسائ ِر الشركات ً املحرَّمة؛ ألنَّ السهم سلع ٌة بذاته ،مفصول عن موجودات الشركة ،وما تُمثِّله ،وهذا لم ْ يقل به أحد!. ! ! ! ساب ًعا :كون املساهمني ال يتصرَّفون في تلك األموال ِطيل َة مدة الشركة ال يعني أنَّها قد خرجتْ عن ملكهم ،بل مرد ذلك إلى ال ُع ْرف نظير في الشرع ،وهو املال املرتهن حيث يب َقى على م ْلك الراهن ،وال يخرج عن الذي هو كالشرط ،واملسلمون على شروطهم ،وله ٌ ِ َّف فيه بالبيع ُمدَّةَ الرهن على القول الصحيح ،هو ُ قول جماهير أهل العلم ،فامتناع التصرُّف من أجل حقِّ ملكه ،وليس له أن يتصر َ ثبوت امللك ألصحابها ،واهلل أعلم!. الغير ال يمنع َ ! ! الدليل الثاني!: ! ً استدلوا بقاعدة) :يجوز تب ًعا ما ال يجوز استقالال( ،وجه االستدالل بهذه القاعدة!: ! ٌ ! ً ملا كان بيْع السهم واق ًعا على موجوداته املباحة صحَّ فيها ،وإ ْن كان فيها نسبة من الحرام؛ ألنَّ الحرام فيها جاء تب ًعا ،وليس أصال مقصو ًدا بالتصرُّف والتملك!. ! ! ! َ ٌ مسائل ت في و ُيجاب عن ذلك :بأنَّ استعمال هذه القاعدة في هذا الباب ور َد ْ استعمال في غير موضعه ،وذلك أنَّ هذه القاعدة َ ٍ ً استقالال ،وجوزها الشارع تب ًعا ،بخالف الرِّبا ،فإنَّه حتى لو حكم عليه أنه تبَع ،فإنَّه محرَّم باالتفاق ،ولهذا منصوص على ُح ْرمتها ِ ً استقالال؟! نعم يصحُّ االستدالل لو كنتم تَ َر ْون ُّص من نسبة الربا ،فيكف يقال :يجوز تب ًعا ما ال يجوز أوجبتم على املساهم التخل َ ُ استعمال القاعدة في موضعه!. التخلص منه؛ ألنَّه تابع ،لو قيل ذلك لقيل إباح َة الربا اليسير ،وأنَّ املساهم ال يجب عليه ُ ! ! ِ يتَّضح ذلك من خالل األمثلة!: ! ً ! بيْع َح ْمل الدابة استقالال محرَّم إجما ًعا ،وبيْع الدابة مع حملها يجوز تب ًعا ،فتحوَّل بيعُ الحمل من كون بيعه حرا ًما على ِ وجه يسيرا فإنَّه االستقالل إلى مباح؛ لكونه تاب ًعا ،أما الشركات املختلطة فال أح َد ِمن العلماء قال :إنَّ الربا املوجو َد فيها إذا كان ً ٌ ً دليل أصال مقصو ًدا ،أو غير مقصود ،فال يصحُّ أن يُقال :إنَّ هذه القاعدة حالل؛ ألنَّه تابع ،فهو محرَّم مطل ًقا ،سواء كان تب ًعا ،أم على مسألتنا ،مع أنَّ الرِّبا في هذه الشركات ليس تا ِب ًعا؛ ألنَّ عقوده ُمستقلَّة عن عقود إقامة الشركة ،وإذا كان عق ُد الربا عق ًدا قائما بذاته لم يصحَّ أن ُيقال :إنه تابع!. ً ! ! ! الدليل الثالث!: Page 9 of 16 ! ! ! ! استدلُّوا بالقاعدة التي تقول) :اليسير التا ِبع مغتفر(!. ِ ٌ استعمال في غير محلِّه؛ وذلك أنَّه ليس كلُّ موضع الشركات املختلطة ويُناقش بأن :هذه القاعدة صحيحة ،ولكن استعمالها في ِ يسير الخمر وإن لم يُسكر ،لنصِّ الشارع بأنَّ ما مغتفرا ،بل يشترط أال يكون اليسير قد نُصَّ على تحريمه؛ ولذلك يُحرَّم يسير ُ ً مغتفرا؟!! يسير البول ينقض الوضوء ككثيره ،فإذا كان اليسير قد نُصَّ على تحريمه ،فكيف يكون كثيره فقلي ُله حرام ،ومثله أسكر ُ ً ُ ! ! ! ً حالال ،وأنتم ال مغتفرا أ ْن يكون ومثله يسير الربا قد نُصَّ على تحريمه ،هذا ِمن جهة ،ومن جهة أخرى فإنَّ معنى كون اليسير ً تقولون :إنَّ يسير الربا حالل!. ! ! ! الدليل الرابع!: ! االستدالل بالقاعدة التي تقول :اختال ُ ً ط جزء محرَّم بالكثير املباح ال يجعله حرا ًما؛ قال السمرقندي من الحنفية" :ولو أنَّ رجال ِ ِ َ غالب ماله من حرام ،فال يَنبغي له أن أموال الناس ،أو أضافه ،فإ ْن كان أهدى إليه إنسا ٌن يكتسب من ِربًا ،أو رجل ظالم يأخذ ُ ً حالال ،فال استقرضه ،أو نحو ذلك ،فإذا كان غالب ماله يخبره أنَّ ذلك املال أص ُله حالل؛ َو ِرثه ،أو يَ ْقبَل ،وال يأكل ِمن طعامه ،ما لم َ ْ يتبني عنده أنَّه ِمن حرام" ،وإذا ُعلِم ذلك ،فإنَّ املساهَمة في الشركات املختلطة بالحرام ال بأس بأ ْن يَقبل هديتَه ،ويأكل منه ،ما لم َّ تكون حرا ًما ،إال أن يكون الحرا ُم فيها هو الغالب ،وهذا هو ما نقوله ونعتقده!. ! ! ويناقش من وجوه!: ! ! ٍ معاملة مباحة ،كما لو اشتريت الوجه األول :أنَّ هذه املسألة ليستْ في محلِّ النِّزاع ،فيجب أن يُفرَّق بني التعامل مع املرابي في وبني مشاركته في الرِّبا ،فمعاملة َمن اختلط في ماله الحالل والحرام تَ ْعني :الشراء منه ،وكذلك االستئجار، منه سيَّارةْ ، واالقتراض الحسن منه ،واأل ْكل عنده ،و َقبول هديته ،ونحو ذلك ،فهذا كلُّه جائزٌ ما لم يعلم أنَّ الشيء املقدَّم في املعاملة حرا ٌم ُ االشتراك معه في أعمال الرِّبا!. بعينه ،بل وتجوز مشاركتُه في معاملة مباحة خالِصة ،لكن ال يجوز ! ! ! ! ! وليس تحري ُم املساهمة في الشركات املختلطة؛ ألنَّه من ِ باب اإلعانة على اإلثم ،واملساعدة على املعصية كما يُصوِّره إبراهيم ِ ِ ِ موضع النِّزاع ،بل ألنَّ املساهمة مشارك ٌة في الف ْعل املحرَّم ،فاملساهم الجواب عنه ،وهو ليس في السكران؛ ولذلك أطال في ِ ٍ مباحة قد يستعني بها املرابي بع َد تملكها كشريك في هذه الشركة يُعتبر مرابيًا ،وليس من باب التعا ُمل مع املرابي في معاملة َ التمل َُّك الشرعي في ف ْعل محرَّم!. ! ُ الرجل نفسه بخ ْلط املال الحالل بمال حرام، وبني أن يقوم الوجه الثاني :أنَّ هناك فر ًقا بني رجل اختلط ما ُله الحالل بالحرامْ ، فاملساهم في الشركات املختلطة الذي ساهم ،وهو يعلم أنَّ الشركة تتعاطَى بالرِّبا شأنه في ذلك شأ ُن َمن يقوم بخلط املال الحرام يحرم عليهما أن يخلطَا ما كسباه ِمن باملال الحالل بفعله املقصود ،وخلط املال الحرام باملال الحالل محرَّم ،كالغاصب واملرابي ُ Page 10 of 16 ! ! مال حرام أن يخلطاه باملال الحالل ،وهذا ال يُنازع فيه أحد ،فاملساهم الذي يساهم في الشركات املختلطة ُح ْك ُمه ُحك ُم َمن يخلط ُّص من املال قصد ،حتى يكون التخل ُ كمه ُحك َم َمن اختلط ماله الحالل بمال حرام ِمن غير ْ املال الحرام باملال الحالل ،وليس ُح ُ مخلصا له ،فالرِّبا فعله حرام ،وثمرته حرام ً أيضا!. الحرام ً ! وهب أنَّك أخرجت ثمرتَه الخبيثة ،فإنَّ فعل املوبقات ،واإلقدام عليها ،وتَ ْكرار الفعل ،و َقبول تلك العقود كلها ِمن أكب ِر الكبائر ،وال ْ ِ بالبقاء في الشركة ،وتَ ْكرار األفعال املحرَّمة!. يخرج منها املر ُء إال بالتوبة النصوح ،ال ! ! ! الدليل الخامس!: ! ِ للحاجة األخذ بقاعدة )الحاجة العامَّة تُنزَّل منزلة الضرورة الخاصَّة( ،وهي قاعدة شرعيَّة لها أمثلة كثيرة ،منها :جواز ب ْيع العرايا العامَّة ،مع أنَّ العرايا بيعُ مال ِربوي بجنسه من غي ِر تحقيق التماثل؛ قال ابن تيمية" :يجوز للحاجة ما ال يجوز بدونها ،كما جاز بَيعُ العرايا بالت َّْمر"!. ! ! مناقشة هذا الدليل!: ! عنصرا اقتصاديًّا مه ّمًا في حياتنا املعاصرة ،فال ِغنًى وجه االستدالل بهذه القاعدة :بأنَّ الشركات املساهمة في عصرنا تُشكِّل ً لكلِّ أمَّة ،ولكلِّ دولة عن قيام ِ هذه الشركات؛ ملا تحتاجه تلك ُ األمم ،وتلك الدول ِمن مشاريع ،فهي اليوم تُشكِّل حاج ًة ملحَّة في حياة األمم والدول!. ! ! ! ! ! ونظرا إلى أنَّ الحاجة العامَّة -سواء كانت للمجتمع ،أو للدولة -تُنزَّل منزل َة الضرورة لألفراد ،فإنَّ حاجة املجتمع إلى تداول أس ُهم ً ِ توجيه الثروات هذه الشركات بي ًعا وشرا ًء وتملُّ ًكا ،حاج ٌة ملحَّة ظاهرة ،ال يُنكرها ذو نظ ٍر عادل وبعيد ،كما أنَّ حاجة الدولة إلى الشعبية لإلسهام في توفي ِر ِ الخ ْدمات العامَّة ألفرادها حاج ٌة تفرضها عليها مسؤولياتها!. ! بمنْع بيع وشراء أس ُهم هذه الشركات ،ألدَّى ذلك إلى إيقاع ِ الناس في َحرج ِ أنفسهم عاجزين عن وضيق عندما يَجِدون َ ولو قلنا َ َ خرات ،وقد َي ِ َ كثير منهم تب ًعا لذلك إلى اإليداع في البنوك الرِّبويَّة ،كما أنَّ الدولة قد ت َقع نتيج ًة ع ندف د َّ م من بأيديهم ما استثما ِر ُ ٌ الشركات بالتقدُّم للبنوك الرِّبويَّة لتموي ِل مشروعاتها حرج شديد يضطرها إلى سدِّ الحاجة فيما كانتْ تقوم به هذه ُ لذلك في َ العامَّة؛ لذلك كله نستطيع القول بجواز تداول أس ُهم ِ هذه الشركات!. ! ! ونوقش هذا ِمن وجوه!: ! ِ ! ! ً دليال لهذا القول؛ ألنَّ هذه القاعدةَ إنما يصحُّ االستدالل بها لو الوجه األول :هذه القاعدة )الحاجة تُنزَّل منزلة الضرورة( ال تص ُلح ير ْون جوازَ تعاطي مجلس اإلدارة للرِّبا من أج ِل الحاجة ،وهم ال يقولون بذلك ،فلم يصحَّ االستدالل!. كانوا َ ! Page 11 of 16 ! الوجه الثاني :أنَّ املقصود بالحاجة هنا هي الضرورة ،والفقهاء ُيعبِّرون بالحاجة تارةً ويقصدون بها الضرورة ،وذلك أنَّ مجرد الحاجة ال تُبيح املحرَّم ،خاصَّة إذا كان محرَّ ًما لذاته ك ِربا النسيئة ،وإنما الذي تُبيح املحرم الضرورة!. ! ! قال الشافعي -رحمه اهلل " :-وليس يحلُّ بالحاجة محرَّ ٌم إال في الضرورات"!. ! ! ! ُ َ ! الوجه الثالث :على ف ْرض أن تكون الحاجة على وجهها ،فإنَّ املقصود بالحاجة ،هي الحاجة العامَّة ،وليس املشاركة في املساهمات ِمن الحاجات العامة ،جاء في "املوسوعة الكويتية" :ومعنى كون الحاجة عامَّة :أنَّ الناس جمي ًعا يحتاجون إليها فيما وحكم صالح ،ومعنى كون الحاجة خاصَّة :أن يحتاج إليها يمسُّ مصالحهم العامَّة ،من ِتجارة ،وزراعة ،وصناعة ،وسياسة عادلةُ ، َ كأرباب ِ ِ ح ْرفة معيَّنة"!. فر ٌد أو أفراد محصورون أو طائف ٌة خاصَّة ! ! ! ! ! املحظور وتُجيز َ ترك الواجب وغير ذلك ،ممَّا يُستثنَى من القواعد واملراد بتنزيلها منزل َة الضرورة :أنها تُؤثِّر في األحكام فتُبيح َ األصلية"!. ! الوجه الرابع :أنَّ الذي ورد أنَّ الحاجة تُبيحه هو ربا الفضل ،كالعرايا ً مثال ،أمَّا مسألة املساهمة في الشركات املختلطة ،فهو في ربا النسيئة!. ! ! ! خالف فيه بني الفقهاء ،ولم يُستث َن منه شيء ،وأما ِربا الفضل جمعٌ على تحريمه ،ال فرق بينهما من حيث :إنَّ ربا النسيئة ُم َ َ وهناك ْ خالف في تحريمه ،واستُثني منه العرايا!. ففيه ٌ ! ! ِ ُ ُ وال يُقاس ما أ ْجمع على تحريمه على ما اختلف فيه!. ! ! ! ! ورد فيه نصٌّ يُجوِّزه ،أو تعامل ،أو لم يَ ِر ْد فيه شيء يقول الشيخ أحمد الزرقا" :والظاهر أنَّ ما يجوز للحاجة إنَّما يجوز فيما َ ِ منهما ،ولكن لم يرد فيه نصٌّ يمنعه بخصوصه ...وأمَّا ما ورد فيه نصٌّ يمنعه بخصوصه ،ف َع َد ُم الجواز فيه واضح ،ولو ظُنَّت فيه ٍ حينئذ َو ْه ٌم"!. مصلحة؛ ألنَّها ! ! ! مخالف للنص الشرعي، الوجه الخامس :أنَّ العرايا قد نصَّ على أنَّه ال يُقاس عليها ،وأنَّه لم يرخِّص في غيرها ،فتعمي ُم الرخصة ٌ فقد روى البخاري ومسلم من طريق سالم بن عبداهلل بن عمر ،عن ِ عبداهلل بن عمر ،عن ِ زيد بن ثابت -رضي اهلل عنه :-أنَّ رسول Page 12 of 16 اهلل -صلَّى اهلل عليه وسلَّم -رخَّص بع َد ذلك -أي :بعد نهيه عن بيْع الرُّطَب بالت َّْمر -في بيع العرية بالرُّطَب ،أو بالتمر ،ولم يرخِّص في غيره!. ! ! ! ٌ صر الرخصة في العرايا نهيُه -صلَّى فقوله" :ولم يرخِّص في غيره" صر الرخصة على العرايا خاصَّة ،ومما يدلُّ على َق ْ دليل على َق ْ سوَّغ الشارع املساواة اهلل عليه وسلَّم -عن املحا َقلة ،واملزابنة ،مع العلم أنَّ الشار َ ع لم يأذ ْن بالفاضل املتيقَّن في العرايا ،وإنما َ قدر النِّصاب خمسة أوسق فما دون ،وال َ خ ْرص من أهل الخبرة بال َ بال َ معيار خ ْرص ٌ خ ْرص في مقدا ٍر قليل تدعو إليه الحاجة ،وهو ُ يقني الرِّبا ،وليس احتمال الوقوع في الربا ،وفي ِربا النسيئة شرعي للتقدير في أمو ٍر كثيرة منها الزكاة ،بينما أنتُم تُبيحون َ ُ بني املسألتني!. امل ْج َمع على تحريمه ،وليس في ِربا الفضل ،فشتَّا َن ْ ! ! ! ! ! الكسب املشروع الحالل تُغني عنها ،كاملساهمات تتعني طري ًقا للكسب ،إذًا يوجد طرقٌ أخرى من الوجه السادس :أنها لم َّ ْ العقارية ،والبيع والشراء!. ! الوجه السابع :أنَّ ِمن شروط استباحة املحظور أن ُيقطَع بارتفاع الضرر به ،ولذلك ال ُيباح التداوي بالحرام؛ ألنَّ الدواء ليس طري ًقا مؤكَّ ًدا للشِّفاء ،فقد َيتعاطَى الدواء ،وال ُيشفَى ،وكذلك املساهمة في الشركات املختلطة ،فقد نرتكب مفسدةَ الرِّبا باملساهمة، ِ ٍ حينئذ قد ارتكبْنا مفسدة الربا دون مصلحة تُذ َكر!. تندفعُ الحاجة ،ونكون نخسر فقد ال نربح ،فال ونخسر ،فتزدا ُد الحاجة ،وإذا لم ْ ! ! ! الوجه الثامن :إذا أُبيحت الشركات املساهمة املختلطة لقيام ِ الحاجة ،فهل هي حاج ٌة لألفراد ،أو حاج ٌة لألمة ،أو حاج ٌة للشركة ،وال يوجد قس ٌم رابع؟! ! ! ! فإن قيل :هي حاجة لألفراد ،فالجواب :أنَّها ال تكون كذلك إال إذا لم يوج ْد طرق أخرى للكسب املشروع تُغني عنها ،و َمن ادَّعى أنَّ الحرام عمَّ األرض بحيث ال يوجد طريقٌ للكسب املشروع ُيغني عن املشبوه فعليه الدليل!. ! ! ! ِ تندفعُ حاجته سلِّم أنَّ الفُ َرص املشروعة ال تكفي ،ومنها الشركات النقية ،فهل إذا ساهم الفر ُد في هذه الشركات املختلطة ولو ُ ِ أمر متوقَّع مع ارتفاع نسبة الخطورة ،فكيف نُبيح يقينًا؟ فالجواب :ال ،فقد تندفع ،وقد تزدا ُد حاجته كما لو َو َقع في خسائر ،وهو ٌ الربا الصريح ،واملفسدة املتحقِّقة ملصلحة محتملة؟! ! ! وإن قيل :هي حاج ٌة لألمة ،فالجواب!: ! ِ َ ! )أ( لو سل َّْمنا حاجة البالد إلى بعض الشركات املساهمة ،والتي تقوم بمصالحَ حيوية للمجتمع ،فهل ال يمكن لها أن تقو َم بهذا الدور الحيوي إال إذا كانتْ تتعامل بالرباَ ، أال يمكن لها أن تقو َم بهذا الدور ،وهي نقيَّة ِمن املعامالت املحرَّمة ،ملاذا ،وهي تستفي ُد ِمن هذا املجتمع املسلم َّ أال تراعي أحكام املجتمع الذي قامتْ فيه ،فتُجبَر على انضباط معامالتها؟! Page 13 of 16 ! ! ! ِ ِ بعض الشركات املختلطة ،فإنَّه ال يمكن التسلي ُم بها في كثي ٍر من الشركات التي يمكن بحاجة البالد والعباد إلى )ب( لو سل َّْمنا ٍ االستغنا ُء عنها ،إما لعدم الحاجة إليها باملعنى املشار إليه ،وإمَّا إلمكان االستغناء عنها بشركات غير مساهمة ،وهذا يعني أنَّ ِ إلباحة جميع الشركات التي يحتاج إليها ،والتي ال الدليل أخصُّ من املدلول؛ إذ إنَّ أصحاب هذا القول يستدلُّون بدليل الحاجة يحتاج إليها!. ! ! ! ! ! حر ٌج شديد ،ومشقَّة غير محتملة إذا منعوا ِمن املساهمة في الشركات املختلطة؟ أو أنَّ )ج( هل يُمكن الجز ُم بأنَّ الناس يلحقهم َ ِ ِ ِ املشقة التي تَلح ُقهم هي املشقَّة املعتادة التي يش ُعر بها َمن َمنَع من أي فرصة استثمارية لزيادة د ْ خله ،أو حتى لتلبية حاجاته ٍ بحا عاليًا مسكن وغيره ،ومثل تلك الحاجة ال يُباح بها الحرام ،وإال ألبيح الضرورية من كثير من االستثمارات املحرَّمة التي تدرُّ ِر ً ٌ كاإليداع في البنوك الرِّبويَّة ،ونحوها!. ! وإن قيل :هي حاج ُة للشركة ،بحيث ال تجد الش ِركة بُ ّدًا من إتمام عملياتها إال عن طريق االقتراض بالرِّبا ،فالجواب :قد يكون هذا ٍ ِ فترة َ ً فاألمر عكس ذلك ،فن َ ْح َمد وكانت البنوك اإلسالمية لم ت ُق ْم على ساقيها ،أمَّا في هذه املرحلة فشا فيها الربا، مقبوال في القول ُ انتشرت هذه البنوك اإلسالمية في أنحاء األرض ،وهي مستعدَّة أن تُموِّل الشركات بالطرق املباحة!: اهلل -عزَّ وجلَّ -أن ْ ! ! ! ! ُ املتعني لألسباب التالية!: الراجح :أرى أنَّ القول بالتحريم هو القول ِّ ! ُ ِ جاءت الشريعة بإباحته!. كاملرابحة ،وعقود االستصناع ،والسَّ َلم ،وغير ذلك مما ! ! األول :ال يجوز االستدالل بالقواعد العامَّة فيما ورد فيه نصٌّ خاص؛ وذلك ألنَّ النصَّ العام ال ُيقدَّم على النصِّ الخاصِّ ،مع العلم أنَّ َداللة العام على أفراده أقوى ِمن داللة القاعدة العامَّة على ُجزئياتها؛ وذلك ألنَّ النص العام ت َلقيناه ِمن ِقبل الشارع بخالف منصوصا عليها؛ ولذلك تجد كلَّ مذهب من املذاهب األربعة قد يستقلُّ ببعض القواعدِ القواعد العامَّة ،فهي قواعد ُمستنبطة وليس ً ِ التي ال يحتجُّ بها بقي ُة املذاهب األخرى!. ! ِ ُ االستدالل بها يؤدِّي إلى تعطي ِل نصٍّ قطعي خاص ،امتنع االحتجا ُج بها، القواعد أغلبي ٌة وليست ُكليَّة ،فإذا كان كما أنَّ ِ ِ ِ فالنصوص الخاصَّة بتحريم يسير الربا ال يُنازع فيها أح ٌد بما فيهم املخالف ،فتجاوز تلك النصوص إلى القواعد العامَّة ليس باملنهج السليم!. ! ! ! ثانيًا :أنَّ القول بالجواز ليس منضبطًا ً أيضا ِمن الناحية الفقهية!: ! ِ َ اليسير ال ُيغتَفر لم يكن يسيرا ،ثم يقولون :ال ُيغتفر اليسير ،بل يجب التخلُّص منه ،فإن كان فهم َيشترطون للجواز أن يكون الربا ُ ً بني القليل والكثير بجامعِ التحريم في كلٍّ منهما!. فرق ْ هناك ْ ! Page 14 of 16 ! ! كثيرا ،فإ ْن كان التخلص ِمن الحرام مخلصا إذا كان الرِّبا التخلص ِمن الربا لجوا ِز املساهمة ،ثم ال يَ َر ْون التخلص ويَشت ِرطون َ ً ً بني الكثير والقليل؟ فإذا كان التخلُّص ِمن الحرام لم ينفعْ في الكثير فلن ينفعَ في القليل ً أيضا، هو شرط الجواز ،فلماذا التفريقُ ْ وهذا يدلُّك على عدم انضباط الفتوى!. ! ! ! وأ ْو َجبوا بيعَ السهم والتخلص منه إذا تغيَّر ْ زادت نسبة الحرام عن وضعُ الشركة بحيث لم ي ُع ْد تنطبق عليها تلك الضوابط ،كما لو ْ املقدار الجائ ِز عندهم ،مع تحريمهم شرا َءه في مثل هذه الحالة ،والسؤال :إذا كان السهم حرا ًما فكيف يجوز بي ُعه ،واالنتفاع بثمنه؟ فإنَّ اهلل إذا حرَّم شيئ ًا حرَّم ثمنَه ،أتتخلَّص ِمن الحرام بإيقاع أخيك فيه ،أليس مقتضى األثر والنظر أن يُقال :بعدم جواز ِ شرائه؟!! بيعه في هذه الحالة ،كما قلتم بتحريم ِ ! ! ِ ً ة محسوب كسبَه ِمن جرَّاء ذلك!! ما املساهم على َّموا ر ح ذلك ومع املساهمني، على اإلدارة مجلس أعضاء ن َّ إ وقالوا: تصرفات ليستْ َ ! ! ! ِ ً ! ! ! يسيرا ،فلوال كما حرَّموا على املساهم أن يُساهم في الشركة إذا كان تصرُّف أعضاء مجلس اإلدارة قد تعدَّى نسبة معينة يرونه ً ِ تصرفات الشركة محسوب ٌة على املساهمني لم تَ ْجعلوا هذه الضواب َ ط في تصرُّفات الشركة!. أنَّ ! ِ حديث أبي بني اآلخذ واملعطي ،وهما في ُحكم الشرع واحد ،كما قال -صلَّى اهلل عليه وسلَّم -في ثالثًا :إذا كان الرِّبا عق ًدا ْ ِ ِ اآلخذُ ))اآلخذُ واملعطي فيه سواء((؛ رواه مسلم ،فالتخلُّص ال يُخلِّص املعطي ،وإنما يُخلِّص اآلخذ على قولكم ،فإذا كان سعيد: ِ ً ُ السبب في وقوعه في الرِّبا ،وإن تخلَّص َّه ن أل اإلثم؛ في للمعطي ا ك شري كان الربا، في ع ْ يق لم ولواله املعطي، با ر في سببًا ذ اآلخ ُ اآلخذُ ممَّا أ َ خذ لم يستطعْ أن يتخلَّص ِمن كونه سببًا في ربا الطرف الثاني!. ! ! ! ُّص ِمن الربا أحبَّ إلى اهلل ِمن قطع الربا وعدم اإلقدام عليه؛ ولذلك قال -تعالى ﴿ :-فَ َم ْن َجا َءهُ َم ْو ِعظَ ٌة ِم ْن َرب ِِّه راب ًعا :ليس التخل ُ ِ ِ ِ يوجب عليه الت َ اب النَّا ِر ُه ْم في َها ف َوأ َ ْم ُرهُ إ َلى اهللَِّ ﴾ ]البقرة ،[275 :ولم خلُّص ،ثم قالَ ﴿ :و َم ْن َعا َد فَأُو َلئ َك أ َ ْ فَانْت َ َهى فَ َل ُه َما َ ص َح ُ ْ س َل َ ِ َ خالِ ُدو َن ﴾ ]البقرة ،[275 :واملساهم في الشركات املختلطة يعود إلى ع ْقد الربا في كلِّ صفقة تعقدها الشركة مع البنوك الرِّبويَّة، ِ ِ ُ ْ أخطر من كون املرء أ َ خذ هذا املال أو لم يأخذْه؛ ولذلك وهي عقو ٌد متجدِّدة ومستمرَّة ،فاملوافقة على ف ْعل الربا ونشره واإلقدام عليه ُ ِ كانت اللعنة للكاتب والشاهد ،وهما لم يأخذَا شيئ ًا!. ! ! ! ِ ِ حالة االقتراض بفائدة، حالة اإلقراض بفائدة ،فإنَّه ال يُمكن معرف ُة مقداره في خامسا :إذا كان التخلُّص يمكن معرف ُة مقداره في ً ِ ِ فإنَّ هذا من التصرُّف ُ املحرَّم الذي ال يُمكن حسابُه!. ! ! ! Page 15 of 16 سادسا :األرباح املحرَّمة ليستْ كلها تُوزَّع على املساهمني حتى يمكن القول بأنَّ التخلُّص منها يجعل السهم نقيًّا ،فاألرباح ً ِ االحتياطية جز ٌء منها محرَّم ،والسهم يمثِّل حص ًة شائعة في الشركة ،وفيما تملكه الشرك ُة من أرباح احتياطيَّة ،وهذا ال يمكن إخراجه والتخلُّص منه!. ُ ! ! ! والقول بالتحريم قول عامَّة أهل العلم في عص ِرنا ،وإليه ذهب َ امل ْج َمعان :مجمع الفقه اإلسالمي التابع ملنظمة املؤتمر اإلسالمي، ومجمع الفقه اإلسالمي التابع لرابطة العا َلم اإلسالمي ،واللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء بالبالد السعودية ،والهيئة الشرعية لبنك دبي اإلسالمي ،وهيئة الفتوى والرقابة الشرعية لبَ ْيت التمويل الكويتي ،وهيئة الرقابة الشرعية بالبنك اإلسالمي السُّوداني، ِ املجتمعون للفتوى والرقابة الشرعية للبنوك اإلسالميَّة بالقاهرة ،عام 1403هـ!. وأجمع عليه ! ! ! ومن العلماء املعاصرين :سماحة الشيخ ابن باز -رحمه اهلل -والشيخ عبداهلل بن جبرين ،والشيخ عبدالرزاق عفيفي ،والشيخ علي السالوس ،وعد ٌد كثير من الباحثني ،منهم الشيخ صالح املرزوقي ،واألستاذ أحمد محيي الدين ،والشيخ عبداهلل السعيدي، والشيخ أحمد الخليل ،وغيرهم كثير ،ولوال ِ أكثر وجاه ًة ِمن القائلني بالجواز، ألوردت أدلَّة القائلني بالتحريم ،فهي ضيقُ املساحة ُ ُ و َمن شاء االطالع على األدلَّة كاملة غير مختصرة ،فلينظرها في كتابي" :موسوعة عقود املعاوضات املالية" يسَّر اهلل طباعتَه بمنِّه وكرمه ،واهلل وليُّ التوفيق!. ! ! ! ! !http://halal-vietnam.vn/vi/giao-luat-shariah/2152-2014-04-14-08-43-38.html ! ! Page 16 of 16
© Copyright 2024 Paperzz