تحليل

‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫الشركات املختلطة بني الحالل والحرام!‬
‫الشيخ دبيان محمد الدبيان!‬
‫ُ‬
‫ً‬
‫حالال‪ ،‬مثل‪ :‬الشركات‬
‫أصل نشاطها وغالبُه‬
‫املباحة التي يكون‬
‫أس ُهم الشركات‬
‫َ‬
‫اتفق على إطال ِق مصطلح األس ُهم املختلطة على ْ‬
‫الصناعية والتجارية‪ ،‬وشركات الخدمات‪ ،‬ولكن لها معامالت ُمحرَّمة‪ ،‬كاالقتراض‪ ،‬أو اإلقراض بالرِّبا‪ ،‬وفي هذا النَّ ْوع وقع‬
‫خالف‬
‫ٌ‬
‫بني العلماء املعاصرين في ُحكم االكتتاب في أسهمها وفي ُحكم تداولها‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫ِ‬
‫تأسيس ِمثل هذه الشركات التي ينصُّ نظا ُمها على تعامل محرَّم في أنشطتها‪ ،‬أو‬
‫بع َد اتِّفاقهم على تحريم ِ االشتراك في‬
‫أغراضها‪ ،‬وبعد اتفاقهم على أنَّ َمن يباشر هذه العقو َد املحرَّمة في الشركة كأعضاء مجلس اإلدارة والراضني بذلك أنَّ عملهم‬
‫ُمحرَّم‪ ،‬وبعد اتِّفاقهم ً‬
‫أيضا‪ :‬على أنَّ املساهم ال يجوز له بأيِّ حال من األحوال أن ينتفعَ بالكسب املحرَّم ِ ِمن السهم‪ ،‬بل يجب عليه‬
‫إخراجه والتخلُّص منه‪ ،‬وبعد اتِّفاقهم ً‬
‫أيضا على أنَّ املساهمة في الشركات التي يغ ُلب عليها املتاجرةُ باألنشطة املحرَّمة ُمحرَّم‪!.‬‬
‫ُ‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ِ‬
‫واملتاجرة في أسهمها إذا كان املحرَّم‬
‫الواقع بني العلماء هو في ُحكم االكتتاب في ِمثل هذه الشركات املختلطة‪،‬‬
‫وإنَّما‬
‫الخالف‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫بمناقشة القائلني بالجواز‪ ،‬وأكتفي بذلك لضيق‬
‫شيئ ًا‬
‫يسيرا‪ ،‬وقد اختلفوا فيها إلى ثالثة أقوال‪ ،‬وسوف أهتمُّ في هذا املقال ُ‬
‫ً‬
‫املساحة؛ وألنَّ األدلَّة على تحريم ِ الرِّبا معلو ٌم من الدين بالضَّرورة‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ٍ‬
‫وجوب التخل ِ‬
‫ِ‬
‫ُّص من‬
‫بشروط وضوابط‪ ،‬مع‬
‫فهناك ِمن أهل العلم َمن يرى جواز االكتتاب في األسهم املختلطة‪ ،‬وجواز تداولها‬
‫الكسب الحرام‪ ،‬وممَّن ذهب إلى هذا القول الهيئ ُة الشرعية لشركة الراجحي‪ ،‬والهيئة الشرعية للبنك اإلسالمي األردني‪ ،‬وندوة‬
‫البركة السادسة‪ ،‬واختاره فضيلة الشيخ عب ُداهلل بن منيع‪ ،‬والشيخ يوسف القرضاوي‪ ،‬والشيخ تقيُّ العثماني‪ ،‬والشيخ نزيه حماد‪،‬‬
‫ِ‬
‫لشيخنا ابن عثيمني ‪ -‬رحمه اهلل‪!.‬‬
‫والشيخ علي محي الدين القره داغي‪ ،‬والشيخ يوسف الشبيلي‪ ،‬وهو أح ُد القولني‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ط وشروطًا للقول بالجواز‪ ،‬إذا اختلَّ ضاب ٌ‬
‫ضعوا ضواب َ‬
‫والقائلون بالجوا ِز َو َ‬
‫رجع القول إلى التحريم‪ ،‬فيُستحسن قبل أن‬
‫ط منها َ‬
‫ند ُ‬
‫نعرف هذه الضوابط‪ ،‬ومدى وجاهتها‪!:‬‬
‫خ َل في ِذ ْكر أدلتهم‪ ،‬أن‬
‫َ‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ِ‬
‫تحديد نسبة االقتراض الرِّبوي من حجم املوجودات‪!.‬‬
‫ففي‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫حدَّد القائلون بالجواز فيما يتعلَّق باالقتراض الرِّبوي َّ‬
‫أال تزيد القروض عن ‪ % 30‬من إجمالي موجودات الشركة‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫‪Page 1 of 16‬‬
‫ِ‬
‫الناتج ِمن عنصر محرم ‪% 5‬‬
‫وفي تحديد ِنسبة اإليرادات املحرَّمة ِمن اإليرادات‪ ،‬حدَّد القائلون بالجواز أال يتجاوزَ مقدار اإليراد‬
‫ِ‬
‫ممارسة نشاط محرَّم‪ ،‬أم عن تملُّك‬
‫ناتجا عن االستثمار بفائدة ِربوية‪ ،‬أم عن‬
‫من إجمالي إيرادات الشركة‪ ،‬سواء كان هذا اإليراد‬
‫ً‬
‫كسب محرَّم‪ ،‬بينما الثاني‬
‫ملحرَّم‪ ،‬أم عن غير ذلك‪ ،‬ويبدو من التفري ِق بني اإلقراض بفائدة‪ ،‬واالقتراض بفائدة أنَّ األول ينتج عنه‬
‫ٌ‬
‫تصرُّف محرَّم؛ لذا كان األول ‪ ،% 5‬والثاني‪!.% 30 :‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫وفي تحديد حجم العنصر املحرَّم من حجم املوجودات نصَّ قرار الراجحي رقم ‪ 485‬على َّ‬
‫أال يتجاوز حج ُم العنصر املحرَّم‪،‬‬
‫استثمارا كان‪ ،‬أو تملُّ ًكا ملحرَّم نسبة ‪ % 15‬من إجمالي موجودات الشركة‪ ،‬ثم وجهت الهيئة الشرعية في مصرف الراجحي من‬
‫ً‬
‫خالل ِ‬
‫ِ‬
‫وأخذت هيئة املعايير املحاسبية في البحرين َّ‬
‫أال يتجاوز املبلغ‬
‫خطابها املبلغ ِمن رئيسها إلى عدم ِ اعتبار هذا الضابط‪،‬‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫قرار األهلي لهذا‬
‫املو َدع بالربا ‪ % 30‬من القيمة السوقية ملجموع أس ُهم الشركة‪ ،‬ولم يعتبر )الداو جونز( هذا الضابط‪ ،‬ولم يُشر‬
‫ُ‬
‫الضابط ً‬
‫أيضا‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ِ‬
‫حددت هذه النسبة بـ ‪ % 5‬من إجمالي املصروفات‪ ،‬وهذا‬
‫تحديد نسبة املصروفات املحرَّمة لجميعِ مصروفات الشركة‪،‬‬
‫وفي‬
‫ْ‬
‫ُ‬
‫أخيرا‪ ،‬وسوف تطبِّقه على قوائم ِ الشركات في العام امليالدي الجديد‪!.‬‬
‫الضابط توجَّهَتْ إليه الهيئات‬
‫ً‬
‫!‬
‫!‬
‫مناقشة هذه الضوابط‪!:‬‬
‫!‬
‫!‬
‫ِّسب اجتهادية في تقدي ِر اليسير‪ ،‬ولم َي ِرد في القرارات ما يوضِّح املستن َد الشرعي لهذه النسب‪ ،‬غير أنّه ورد في قرار‬
‫هذه الن َ‬
‫َ‬
‫دالئل في بعض النصوص الشرعية‪ ،‬وإلى املعقول‪ ،‬أن تعتمد‬
‫الراجحي )‪" :(310‬رأت الهيئة بنظر اجتهادي منها‪ ،‬واستنا ًدا إلى‬
‫ٍ‬
‫تحديد للنِّسب في هذا القرار مبني على‬
‫الثُّ ُلث ح ّدًا بني القلَّة والكثرة"‪ ،‬وفي القرار رقم ‪" :485‬والهيئة توضِّح أنَّ ما ورد من‬
‫ِ‬
‫ٌ‬
‫قابل‬
‫حسب االقتضاء"‪!.‬‬
‫إلعادة النظر‬
‫االجتهاد‪ ،‬وهو‬
‫َ‬
‫!‬
‫!‬
‫والسؤال الفقهي املشروع‪!:‬‬
‫!‬
‫َمن قال ِمن أهل العلم ِمن املتقدِّمني بأنَّ الربا يُفرَّق بني قليله وبني كثيره في َقبوله والتعامل به؟!!‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ٍ‬
‫ً‬
‫!‬
‫قائما على دليل شرعي‪ ،‬وإذا ثبت أنَّ هناك فر ًقا‬
‫بني القليل والكثير‪ ،‬لم يكن هذا التفريقُ‬
‫فإذا لم يثبت أنَّ هناك فرقا في التحريم ْ‬
‫ً‬
‫فمن قال باعتبار الثُّ ُلث ح ّدًا بني القلة والكثرة؟!‬
‫في التحريم ْ‬
‫بني القليل والكثير َ‬
‫!‬
‫!‬
‫وللجواب على ذلك نقول‪ :‬ال أعلم أنَّ أح ًدا من أهل العلم من املتقدمني قال‪ :‬بأنَّ قليل الربا حالل؛ قال ‪ -‬تعالى ‪َ ﴿ :-‬وأ َ َحلَّ اهللَُّ ا ْلبَيْعَ‬
‫بني قليل الرِّبا وبني كثيره‪!.‬‬
‫فرق في التحريم ْ‬
‫َو َحرَّ َم الرِّبَا ﴾ ]البقرة‪ ،[275 :‬فاآلية مط َلقة‪ ،‬ال ْ‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫‪Page 2 of 16‬‬
‫!‬
‫!‬
‫وقال ‪ -‬تعالى ‪ ﴿ :-‬يَا أَيُّ َها ال َِّذي َن آ َمنُوا اتَّ ُقوا اهللََّ َوذ َُروا َما بَ ِقيَ ِم َن الرِّبَا إِ ْن ُكنْت ُ ْم ُمؤ ِْم ِن َني * فَ ِإ ْن َل ْم تَفْ َع ُلوا فَأْذَنُوا ِب َح ْر ٍ‬
‫ب ِم َن اهللَِّ‬
‫وس أ َ ْم َوالِ ُك ْم َال تَظْلِ ُمو َن َو َال تُظْ َل ُمو َن ﴾ ]البقرة‪!.[279 - 278 :‬‬
‫َو َر ُ‬
‫سولِ ِه َو إِ ْن تُبْت ُ ْم فَ َل ُك ْم ُر ُء ُ‬
‫!‬
‫ٍ‬
‫مناف للتقوى‪ ،‬وأنَّ أي زيادة يأخذها املرابي على ِ‬
‫بتر ِك ما بقي من الربا ً‬
‫رأس املال فهي ِمن‬
‫كثيرا‪ ،‬وأنَّ أخذه‬
‫قليال كان أو‬
‫ً‬
‫فأ َمر ْ‬
‫ِ‬
‫ٌ‬
‫َ‬
‫ْ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫الربا املحرَّم‪ ،‬كما دلَّ قوله ‪ -‬تعالى ‪ ﴿ :-‬ال تظل ُمو َن َوال تظل ُمو َن ﴾ ]البقرة‪ ،[279 :‬وأنَّ كلَّ زيادة على رأس املال فهي داخلة في‬
‫ِ‬
‫الظُّلم‪ ،‬قليل ًة‬
‫كانت الزيادة أم كثيرة‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ‪ -‬صلَّى اهلل عليه وسلَّم ‪)) :-‬الذهب‬
‫ومن السنة ما رواه مسل ٌم عن أبي سعيد الخدري ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال‬
‫ِ‬
‫والفضَّة ِ‬
‫بالذهب‪ِ ،‬‬
‫أربَى‪ ،‬اآلخذ واملعطي سواء((‪!.‬‬
‫بالفضَّة‪ ...‬مث ْ ًال بمثل‪ ،‬يَ ًدا بيد‪َ ،‬من زاد أو استزاد‪ ،‬فقد ْ‬
‫!‬
‫!‬
‫ِ‬
‫أربَى(( نصٌّ في شمول التحريم للقليل والكثير من الرِّبا‪!.‬‬
‫فقوله‪َ )) :‬من زاد أو استزاد فقد ْ‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫بني القليل والكثير‪!.‬‬
‫التفريق‬
‫في‬
‫قال‪:‬‬
‫ي‬
‫ما‬
‫ط‬
‫ق‬
‫س‬
‫ه‬
‫ر‬
‫وكثي‬
‫الربا‬
‫التحريم‬
‫ت‬
‫ب‬
‫ث‬
‫فإذا‬
‫ل‬
‫لقلي‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫ْ‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫فمن قال ِمن أهل العلم ِمن املتقدِّمني باعتبار الثُّ ُلث ح ّدًا بني القلة والكثرة؟!‬
‫وإذا تجاوزْنا موضو َ‬
‫ع الربا‪َ ،‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ً‬
‫!‬
‫وح َدهم‪ ،‬فهم َمن ج َعل الثلث فرقا بني القليل والكثير‪ ،‬إال أنَّ اعتبار هذا التقدير‬
‫وللجواب على ذلك يقال‪ :‬ال يُعرف هذا إال للمالكية ْ‬
‫عندهم مشروط بشرطني‪!:‬‬
‫!‬
‫األول‪َّ :‬‬
‫كمه املنصوص عليه لم يُفرَّق بني القليل والكثير؛ انظر القواعد‬
‫أال يكون لألقلِّ ُحكمه املنصوص عليه‪ ،‬فإذا كان لألقلِّ ُح ُ‬
‫والضوابط الفقهية القرافية )‪!.(351 - 1/350‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫ناقضتان للوضوء‪ ،‬فالقليل له ُحك ُم الكثير هنا‪،‬‬
‫ناقضا للوضوء‪ ،‬فالنُّقطة والنقطتان‬
‫مثال القليل الذي نصَّ عليه‪ :‬كون يسير الب ْول‬
‫ث صحيح‪!.‬‬
‫كثيره‪ ،‬فقلي ُله حرام((؛ رواه أحمد وغيره‪ ،‬وهو حدي ٌ‬
‫الخمر فإنَّه حرا ٌم ككثي ِره؛ للحديث‪)) :‬ما أسكر‬
‫ومثله يسير‬
‫ْ‬
‫ُ‬
‫!‬
‫ٍ‬
‫غير صحيح‪ ،‬وال‬
‫مقيسا على‬
‫ومثله لو كان األقلُّ‬
‫ترك اإلنسان بُقع ًة في ْ‬
‫ً‬
‫غسل يده في الوضوء‪ ،‬فإنَّ وضو َءه ُ‬
‫منصوص عليه‪ :‬كما لو َ‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫قياسا على قوله ‪ -‬صلَّى اهلل عليه وسلَّم ‪)) :-‬ويل لألعقاب من النار((‪!.‬‬
‫يُقال‪ :‬هذا قليل بالنِّسبة ألعضاء الوضوء‬
‫ً‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫‪Page 3 of 16‬‬
‫!‬
‫!‬
‫الشر َ‬
‫فيسير الربا لم ي ُق ْل أح ٌد‪ :‬إنَّه لم ينصَّ على تحريمه‪ ،‬ولم يَدَّع ِ أح ٌد أنه حالل‪ ،‬فقد أجمع‬
‫ط على يسير الرِّبا‪،‬‬
‫فإذا طبَّ ْقنا هذا‬
‫ُ‬
‫ْ‬
‫أربَى((؛ رواه مسلم‪!.‬‬
‫العلما ُء على تحريم ربا النسيئة قليله وكثيره؛ قال ‪ -‬صلَّى اهلل عليه وسلَّم ‪َ )) :-‬من زاد أ ِو استزاد فقد ْ‬
‫!‬
‫وبالتالي ال يصحُّ االحتجا ُج بقول املالكية في األ ْ‬
‫بني القليل والكثير؛ ألنَّهم ال يقولون بهذا؛ ألنَّ القليل ما دام قد‬
‫خذ بالثُّ ُلث فر ًقا ْ‬
‫ْ‬
‫ُ‬
‫ْ‬
‫ٌ‬
‫ً‬
‫مجال للتفريق بني القليل والكثير‪ ،‬وإذا لم يقل به املالكية لم يقل به أيضا أح ٌد من األئمة األربعة‪!.‬‬
‫نصَّ على تحريمه لم يكن هناك‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ِ‬
‫والخالصة‪ :‬أنَّ قول الهيئات الشرعية بالثُّ ُلث هو ٌ‬
‫بإحداث قول جديد‪!.‬‬
‫س َلف‪ ،‬وال يسوغ االجتها ُد فيه‬
‫قول لم يكن لهم فيه َ‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫الشرط الثاني‪!:‬‬
‫!‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫ً‬
‫إنَّ املالكية ج َعلوا الثُّلث فرقا بني القليل والكثير في مسائل معدودة‪ ،‬ولم يُعمِّموه في كلِّ أبواب الفقه؛ جاء في "الذخيرة"‪" :‬الثلث‬
‫في حدِّ القلَّة في ستِّ مسائل‪ :‬الوصية‪ِ ،‬‬
‫وهبة املرأة ذات الزَّ ْوج إذا لم تُ ِرد الضرر‪ ،‬واستثناء ثلث الصُّبْرة إذا ِبيعت‪ ،‬وكذلك ثُ ُلث‬
‫الثمار والكباش‪ ،‬والسَّيْف إذا كان حليته الثلث يجوز بيعه بجِنس الحلية"‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ويستدلُّ املالكي ُة بحديث سعد بن أبي وقَّاص ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬الذي رواه البخاريُّ عنه‪ ،‬قال‪ :‬كان النبيُّ ‪ -‬صلَّى اهلل عليه وسلَّم ‪-‬‬
‫مريض بمكة‪ ،‬فقلت‪ :‬لي ٌ‬
‫ٌ‬
‫مال‪ ،‬أوصي بمالي كلِّه؟ قال‪)) :‬ال((‪ ،‬قلت‪ :‬فالشطر؟ قال‪)) :‬ال((‪ ،‬قلت‪ :‬فالثلث؟ قال‪)) :‬الثلث‪،‬‬
‫يعودني وأنا‬
‫والثلث كثير‪ ...‬الحديث((‪ ،‬والحديث متفق عليه‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ِ‬
‫هذا هو ُ‬
‫أخذت هذا التحدي َد من قول املالكية‪ ،‬فال أراه متواف ًقا مع‬
‫قول املالكية‪ ،‬وهذا هو دلي ُلهم‪ ،‬فإ ْن كانت هذه الهيئات‬
‫مذهب‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫اإلمام مالك‪ ،‬وإ ْن كان هذا القول قد قالوه ابتدا ًء من عندهم‪ ،‬فال أرى أنَّه يسوغ لهم ابتدا ُعه‪ ،‬وعلى التنزُّل أن يكون هذا‬
‫القول‬
‫قول املالكية‪ ،‬فإ ّنه ال بدَّ ِمن النظر في دليله‪ ،‬فالرسول ‪ -‬صلَّى اهلل عليه وسلَّم ‪ -‬لو قال‪ :‬الثُّ ُلث والثلث كثير في أمورٍ‬
‫متس ًقا مع ِ‬
‫محرَّمة‪ ،‬ألمكن األخذُ بعموم ِ اللفظ‪ ،‬أما والحديث وار ٌد في باب الوصية‪ ،‬وهو ٌ‬
‫الحكم على كلِّ شيء في‬
‫ب هذا ُ‬
‫عمل مشروع‪َ ،‬‬
‫فس ْح ُ‬
‫ُّف ال‬
‫أبواب الفقه‪ ،‬في العبادات واملعاوضات‪ ،‬بل حتى في املحرَّمات‪ ،‬فيجعل ما نقص عن الثلث‬
‫يسيرا في كلِّ شيء فيه تكل ٌ‬
‫ً‬
‫يخفى‪ ،‬وفيه قياس أمور على أخرى دون أن يكو َن هناك ِعلَّة جامعة‪ ،‬فال أعرف مسو ًغا شرع ّيًا لقياس الرِّبا الذي حرَّمه الشارع‬
‫ٍ‬
‫بنصوص قطعية‪ ،‬حتى ج َع َله من املوبقات‪ ،‬وقرنه بالش ِّْرك باهلل‪ ،‬والسِّحر‪ ،‬وقتل النفس التي حرَّم اهلل‪ ،‬والزنا‪ ،‬أن ُيقاس مثل هذا‬
‫على الوصية التي ن َدب إليها الشارع‪ ،‬وأقرَّها‪ ،‬وقدَّمها على امليراث في توزيعِ التَّ ِركات‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫فكيف يُقاس الخبيث على الطيِّب؟! ما لكم كيف تحكمون؟! أما تحديد بـ ‪ِ % 5‬من اإليراد املحرَّم ح ّدًا لليسير‪ ،‬فيُقال في الجواب‬
‫عليه‪!:‬‬
‫!‬
‫القول فيها إلى توقيف‪ ،‬وذلك مثل تقدير ِ‬
‫ُ‬
‫ً‬
‫أوال‪ :‬جميع املقادير في الشريعة يحتا ُج‬
‫للمقيم‬
‫خيار التصرية بثالثة أيام‪ ،‬وتقدير ْ‬
‫املسح ُ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫التوقيف في تقدير مثل ذلك‪ ،‬خاصَّة أنَّ ذلك يَقلب الحرام إلى حالل‪ ،‬والحظْ َر إلى إباحة‪!.‬‬
‫يو ًما وليلة‪ ،‬وللمسافر بثالثة أيَّام‪ ،‬فأين‬
‫ُ‬
‫!‬
‫‪Page 4 of 16‬‬
‫!‬
‫!‬
‫ثانيًا‪ :‬إ ْن كان املرجع في تقدير مثل ذلك إلى ال ُع ْرف‪ ،‬فهذا عمل لم يكن موفَّ ًقا؛ ألنَّه ال يمكن األخذُ بال ُع ْرف فيما ورد فيه ن ٌّ‬
‫ص‬
‫حتما إلى تعطي ِل النص الشرعي‪!.‬‬
‫شرعي؛ ألنَّ ذلك يؤدِّي‬
‫ً‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫تأسيس الشركات التي ينصُّ ِنظامها على تعا ُمل محرَّم في‬
‫االشتراك في‬
‫الضابط أو الشرط الثاني‪ :‬نصُّهم على أنَّه ال يجوز‬
‫أنشطتها‪ ،‬أو أغراضها‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫االعتراض على ذلك‪،‬‬
‫بإمكان أحد من املساهمني‬
‫وجه اعتبار هذا الشرط‪ :‬أنَّه إذا نصَّ على ذلك في ِنظام الشركة لم يكن‬
‫بخالف‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫كون املحرَّمات‬
‫حالة عدم النص‪ ،‬أو ألنَّ الدُّخول في الشركة مع‬
‫األمر في‬
‫منصوصا عليها في ِنظامها األساسي يجعل املساه َم‬
‫ً‬
‫بمنزلة الراضي بذلك‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫مناقشة هذا الشرط‪!:‬‬
‫!‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫الدخول في املساهمة معلَّ ًقا على‬
‫االعتراض على ِنظام الشركة لم يكن‬
‫األمر معلَّ ًقا على ُقدرة املساهم على‬
‫أوال‪ :‬إذا كان‬
‫تحديد‬
‫ُ‬
‫الحكم معل ًقا على ال ُقدرة على االعتراض على نظام الشركة وتغييره‪ ،‬سواء كان الحرا ُم ً‬
‫كثيرا‪،‬‬
‫قليال أم‬
‫نسبة املحرَّم‪ ،‬بل يكون ُ‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫الحكم به‪ ،‬ويُقال بالجواز بالنسبة َملن يَ ْقدر على تغيير هذا املنكر‪ ،‬واملنع ملن ال يقدر‪!.‬‬
‫فليعلق ُ‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ِ‬
‫كانت املساهمة تَحرَّم في الشركات املختلطة إذا كان نظا ُمها التأسيسي ينصُّ على تعامل محرَّم في أنشطتها‪ ،‬ف َينبغي‬
‫ثانيًا‪ :‬إذا‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ٌ‬
‫ً‬
‫أن تُحرَّم املساهمة إذا كانت الشركة تمارس املحرِّم فعال؛ ألنَّ كتابة النظام إنما هو وسيلة إلى فعل الحرام‪ ،‬وليس هو ارتكابًا‬
‫للحرام‪ ،‬فما بالك بارتكاب الحرام ذاته‪ ،‬أتكون الوسيل ُة أولى بالتحريم من املمارسة الفعلية؟!!‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬كتابة املمارسات املحرَّمة في ِنظام الشركة ليس لها ِمن األهمية‪ ،‬خاصَّة إذا علمنا أنَّ الجمعي َة العامة غير العادية لها الح ُّ‬
‫ق‬
‫في تعدي ِل نظام الشركة سلبًا أو إيجابًا‪ ،‬فيجب أن يُعلَّقَ األمر على املمارسة‪ ،‬وليس على مجرَّد نصٍّ في نظام شركة قابل للتغيير‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫بني املكتتبني‪ ،‬وبني نظام الشركة‪ ،‬فإنَّ الذي يتولَّى التصديق على نظام الشركة‪ :‬هي الجمعي ُة‬
‫راب ًعا‪ :‬ال يمكن فكُّ االرتباط ْ‬
‫ِ‬
‫صدور قرار الوزير بإعالن تأسيس الشركة إال بعد اجتماع الجمعية التأسيسيَّة‪ ،‬والتي يدعو فيها‬
‫التأسيسية‪ ،‬وال يمكن‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫فصل نظا ُم‬
‫املؤسِّسون جميعَ املكتتبني إلى االجتماع الستكمال إجراءات التأسيس‪ ،‬ومن ذلك التصديق على نظام ِ الشركة‪ ،‬فكيف يُ َ‬
‫الشركة ‪ -‬وهو معلَّق بموافَقة املكتتبني‪ ،‬أو أغلبهم ‪ -‬عن االكتتاب؟!!‬
‫!‬
‫!‬
‫ط وضواب ُ‬
‫هذه هي شرو ُ‬
‫ط القول بالجواز‪ ،‬وأما أدلَّتهم على الجواز فهي كالتالي‪!:‬‬
‫!‬
‫‪Page 5 of 16‬‬
‫القول ما ير ِ‬
‫ِ‬
‫جع إلى الخالف في تكييف شركة املساهمة‪ ،‬والخالف في تكييف السَّ ْهم‪ ،‬فالقائلون بجواز‬
‫الدليل األول من أدلَّة هذا‬
‫ير ْون أنَّ السهم حص ٌة في الشركة باعتبارها شخصي ًة معنوية‪ ،‬وليس السه ُم حصَّ ًة في‬
‫املساهمة في الشركات املختلطة َ‬
‫وبني ملكية األصول‬
‫موجوداتها‪ ،‬وأنَّ القانون التجاري بما يمنحه للشركة املساهمة من شخصية اعتبارية‪ ،‬يميِّز بني ملكية السَّ ْهم‪ْ ،‬‬
‫واألعيان التي يتضمَّنها السهم‪ ،‬فالسه ُم يُم َلك على ِ‬
‫وجه االستقالل عن ملكية األصول واألعيان التي تملكها الشركة‪ ،‬بحيث إنَّ‬
‫ِ‬
‫الحصص املقدمة للمساهمة في الش ََّركة تنتقل على سبي ِل التمليك إلى ملكية الشركة‪ ،‬ويفقد الشركاء املستثمرون كلَّ حق عيني‬
‫عليها‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫فالشخصي ُة االعتباريَّة للش ََّركة قد ج َع َلها تَملِك وتتصرَّف كاألفراد الطبيعيِّني‪ ،‬وتجب لها الحقوق‪ ،‬وتلزمها الواجبات‪ ،‬والشخصي ُة‬
‫أصل في ِ‬
‫ِ‬
‫ٌ‬
‫أصول وموجودات‪،‬‬
‫الفقه اإلسالمي كالدولة‪ ،‬وبيت املال‪ ،‬وملكية الو ْقف‪ ،‬فهذه الجِهات ليستْ عبارة عن‬
‫االعتبارية لها‬
‫ً‬
‫أصوال‪ ،‬وديونًا‪ ،‬ومنافع‪ ،‬فالسهم إذًا حصَّة في الشركة‪ ،‬وليس حصَّة في مفردات أصولها؛ ألنَّ‬
‫وإ ْن كان الوقف وبيت املال يملكان‬
‫ِ‬
‫ُّف في أعيان الشركة‪ ،‬أو منافع أعيانها‪ ،‬ال بالبيع‪،‬‬
‫األصول مملوك ٌة للشركة‪ ،‬وليس َ‬
‫لح َملة األسهم‪ ،‬بدليل أنَّ املساهم ال يملك التصر َ‬
‫ِ‬
‫وال بالرهن‪ ،‬وال باالنتفاع‪ ،‬وال بغيرها‪ ،‬فالشرك ُة لها شخصيتها االعتبارية‪ ،‬وذمَّتها املالية تجعلها ً‬
‫أهال لإللزام وااللتزام‪ ،‬وهي بهذا‬
‫تستقلُّ تما ًما عن شخصيات ِ‬
‫وذمم الشُّركاء املكوِّنني لها‪ ،‬والسَّ ْه ُم بهذا الشكل جز ٌء من الشخصية االعتبارية للشركة‪ ،‬ويرغب‬
‫بقصد االسترباح‪ ،‬وليس وعا ًء ملا يُمثِّله من موجودات الشركة‪!.‬‬
‫ُ‬
‫الناس في بيعه وشرائه ْ‬
‫!‬
‫!‬
‫التكييف للشركة‪ ،‬وبنا ًء عليه نقول‪!:‬‬
‫هو‬
‫هذا‬
‫ُ‬
‫!‬
‫َ‬
‫ُّف مجلس اإلدارة في أموال الشركة ليس مبن ّيًا على الوكالة‪ ،‬حتى يكو َن املساهمون مسؤولني عن هذا التصرُّف‪!.‬‬
‫ر‬
‫ص‬
‫ت‬
‫ُ‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫فغير مباشر‪ ،‬فال يكون مؤاخذًا‪،‬‬
‫مجلس اإلدارة؛ ألنَّهم هم املباشرون للعقود الرِّبوية‪ ،‬وأما املساهم املستثمر‬
‫ال تتعدَّى تبعة الربا‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫خل على عائداتِ‬
‫ومع هذا فإنَّه ال يَ ِ‬
‫حلُّ له أخذ الربح الناتج عن الربا‪ ،‬أو العنصر املحرَّم‪ ،‬بل يجب عليه أن يتحرَّى مقدار ما د َ‬
‫أسهمه من اإليرادات املحرَّمة فيتخلَّص منها‪!.‬‬
‫!‬
‫املوقف من اعتبار الشخصية االعتبارية للشركة‪ :‬يَنبغي أن ألفتَ االنتباه َ‬
‫قبل الجواب على القول بالشخصية االعتبارية بأنَّه "لم‬
‫ِ‬
‫بغرض دراسته‪ ،‬واتِّخاذ املوقف‬
‫تتوف َّْر حتى اآلن على هذا املفهوم ِ املستحدث بأبعاده القانونية ‪-‬‬
‫ٌ‬
‫ندوات أو مؤتمرات فقهية َ‬
‫اإلسالمي املناسب تُجاهَه‪ ،‬وإن لم َي ْ‬
‫والحكم له أو‬
‫خ ُل املوضوع من دراسة منفردة هنا‪ ،‬أو هناك في محاولة الستكشاف جوانبه‪،‬‬
‫ُ‬
‫عليه"‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫انظر املعايير الشرعية ِ‬
‫إثبات هذه الشخصية االعتبارية للشركة مطل ًقا‪ ،‬ويرى‬
‫لصيَغ التمويل املصرفي الال ربوي‪ ،‬فهناك َمن يُنكر‬
‫َ‬
‫َّف على اعتبار الشركة ذات شخصية اعتبارية‪ ،‬بل يمكن أن تقو َم شركة املساهمة بكلِّ ما هو ُمقرَّر‬
‫أنَّ قيام شركة املساهمة ال يتوق ُ‬
‫التكييف ضروريًّا لم‬
‫وصف بالشخصية االعتبارية‪ ،‬وإذا لم يكن هذا‬
‫لها من أحكام‪ ،‬وخاصَّة فيما يتعلَّق بتداول األسهم‪ ،‬دون أن تُ َ‬
‫ُ‬
‫يك ْن الز ًما‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫‪Page 6 of 16‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ِ‬
‫القول بوجود هذه الشخصية االعتبارية للشركة‪ ،‬بال َق ْدر الذي يساعد على تسهي ِل معامالت الشركة‪،‬‬
‫وهناك فريقٌ آخر يذهب إلى‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫لروح ِ الفقه اإلسالمي‬
‫و َيعت ِرف لها بحق التقاضي‪ ،‬لكنَّه يرفض‬
‫بعض هذه اآلثار القانونية املترتبة عنها‪ ،‬ويرى أنَّها مصادمة ُ‬
‫ِ‬
‫وعدالته‪ ،‬فاآلثار التي ُرتِّبت على القول بالشخصيَّة االعتباريَّة ليستْ مبنيَّ ًة على لواز َم فقهيَّة‪ ،‬وإنَّما مبني ٌة على أحكام قانونية‪ ،‬وهي‬
‫ال تلزم الفقيه‪!.‬‬
‫!‬
‫ُ‬
‫القول بالشخصية االعتبارية للشركة‪ ،‬وال يعني هذا األخذَ بتلك اللوازم القانونية‪ ،‬فال نجعل ِذمَّة الشركة مستقلَّة‬
‫وبناء عليه‪ ،‬فيُمكن‬
‫ِ‬
‫ٍ‬
‫َ‬
‫عن ِذمَّة الشركاء من كلِّ وجه‪ ،‬بل نأخذ به بالق ْدر الذي يساعد على تنظيم ِ أعمال الشَّركة‪ ،‬والقيام بنشاطها دون تدخُّل مباشر من‬
‫أمرا جوهريًّا تتغيَّر به الحقيق ُة املقرَّرة‪ ،‬وهي ملكية املساهمني للشركة‪،‬‬
‫املساهمني؛ ألنَّ وجود الشخصية االعتبارية ليس ً‬
‫وموجوداتها‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ولو سل َّْمنا بأ ّن وصف القانون التجاري ُحجَّة ‪ -‬وهذا نقوله ِمن باب املناظرة ‪ -‬فإنَّ كتب القانون ليستْ ُمتَّفقة على ذلك‪ ،‬فقد ذكر‬
‫الدكتور عبدالعزيز خيَّاط في كتابه "الشركات في الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي"‪" :‬ثالثة مذاهب لهم فيها‪ِ ،‬‬
‫فمنهم َمن‬
‫ِ‬
‫بأشخاص مساهميها‪ ،‬ومنهم َمن يعتبرها مجازًا قانونيًّا‪ ،‬ومنهم َمن يعتبرها حقيق ًة قانونية‪ ،‬فإذا كان‬
‫ينفيها‪ ،‬وال يَعتبر الشركة إال‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫القول الفقهي إذا لم يتَّفق عليه ال يُعتبر ُحجَّة بمجرَّده‪ ،‬فما بالك بآراء أهل القانون الوضعي‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ِ‬
‫طبيعة شركة العقود‪ ،‬حتى ولو لم تلحقْ بأيِّ نوع من أنواع الشركات املعروفة ل َدى الفقهاء؛ ذلك أ َّ‬
‫ن‬
‫وشركة املساهمة ال َتختلف عن‬
‫ِ‬
‫ٍ‬
‫عدد كبير من الشركاء على أن يدفعَ كلُّ واحد منهما ً‬
‫أنفسهم‪ ،‬أو‬
‫ماال َملن يتصرَّف فيه‪ ،‬سواء كان ِمن الشركاء‬
‫جوهرها‪ :‬هو اتِّفاق‬
‫َ‬
‫يحصل بها االشتراك‪،‬‬
‫اختالف الطريقة التي‬
‫أما‬
‫العقود‪،‬‬
‫شركات‬
‫ن‬
‫ُ‬
‫مضمو‬
‫هو‬
‫وهذا‬
‫ح‪،‬‬
‫ب‬
‫ر‬
‫ِّ‬
‫ال‬
‫على‬
‫الحصول‬
‫د‬
‫بقص‬
‫غيرهم؛‬
‫من‬
‫ُ‬
‫ْ‬
‫ْ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫أمور تنظيميَّة ال تتعارض مع طبيعة شركة العقد‪!.‬‬
‫أموال الشركة‪ ،‬فهذه‬
‫ويُجمع بها املال‪ ،‬أو الطريقة التي تُدار بها‬
‫ٌ‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫وإذا كان الشأن كذلك‪ ،‬فكلُّ ما يُقال عن أحكام ٍ للشركات املساهمة تخالف فيه أحكا َم الشركات في الفقه اإلسالمي‪ ،‬فهو ِمن‬
‫سنَّة‪ ،‬أو إجماع‪ ،‬وإذا تقرَّر بأنَّ اعتبار الشخصية االعتبارية للشركة ال‬
‫قبي ِل الدعوى‪ ،‬والتي تفتقر فيه إلى بُرهان ِمن كتاب‪ ،‬أو ُ‬
‫يَعني األخذَ بتلك اللوازم القانونية‪ ،‬لم يلز ْم ِمن القول بإثبات الشخصية االعتبارية للشركة في جواز املساهمة في األس ُهم‬
‫املختلطة‪ ،‬وذلك ألمور منها‪!:‬‬
‫!‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫ُّف منهم ملصلحتهم‪ ،‬أو ملصلحة املساهمني‪ ،‬أو ملصلحتهما‬
‫أوال‪ :‬أنَّ تصرُّفات‬
‫مجلس اإلدارة في أموال الشَّ ِركة‪ :‬إما أن يكون التصر ُ‬
‫م ًعا‪ ،‬وال يوجد قسم ٌة غير هذا‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ِ‬
‫القرض‪ ،‬ويجب عليهم أن يَردُّوا مثله‪ ،‬فإن ردُّوا‬
‫فإ ْن كانتْ تصرُّفاتُهم في أموال الشركة ملصلحتهم‪ ،‬فما أخذوه من املساهمني بمنزلة ْ‬
‫القرض الذي جر نف ًعا‪!.‬‬
‫َ‬
‫أكثر منه كان ذلك من الرِّبا املحرَّم؛ ألنَّه من قبيل ْ‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫‪Page 7 of 16‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫وقول غير هذا‬
‫أموال املساهمني ِمن قبيل الوكالة‪،‬‬
‫ملصلحة املساهمني‪ ،‬أو ملصلحتهما م ًعا‪ ،‬فإنَّ تصرفهم في‬
‫وإ ْن كان تصرُّفهم‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫ٌ‬
‫دليل عليه ال من الواقع‪ ،‬وال من الش َّْرع‪ ،‬وإذا كان تصرُّفُهم من قبي ِل الوكالة كانت التصرفات املحرَّمة من‬
‫قول ال برها َن عليه‪ ،‬وال‬
‫مجلس اإلدارة منسوب ًة إلى جميع املساهمني‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫حصَّتي في الشركة هي ِ‬
‫ثانيًا‪ :‬إذا كانتْ ِ‬
‫حصَّ َة م ْلك‪ ،‬وليست حصَّ َة اشتراك‪ ،‬فإذا تصرَّف أح ٌد في حصَّتي‪ ،‬فإمَّا أن يتصرَّف‬
‫ً‬
‫باطال؛ ألنَّه تصرَّف فيما ال َيملِك‪ ،‬أو يتصرَّف بتفويض‪ ،‬فيكون نائبًا عني‪ ،‬وهذا هو التوكيل‪،‬‬
‫بدون تفويض مني‪ ،‬فيعتبر تصرُّفه‬
‫ٌ‬
‫نائب عنِّي‪!.‬‬
‫مسؤول عنها؛ ألنَّه‬
‫فكل تصرُّفاته املحرَّمة أنا‬
‫ٌ‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ً‬
‫عني مجلس اإلدارة‪ ،‬وفو َ‬
‫فمجلس اإلدارة إما أن يكون قد عيَّنه‬
‫َّض إليها التصرف‪ ،‬هو املسؤول عن تصرُّفاتها‪،‬‬
‫ثالثا‪ :‬أنَّ الذي َّ‬
‫ُ‬
‫األعضا ُء املؤسِّسون‪ ،‬وأقرَّتْه الجمعية التأسيسية للشركة ممثل ًة في املكتتبني كلِّهم‪ ،‬أو غالبهم‪ ،‬أو عيَّنتْه ابتدا ًء الجمعي ُة التأسيسية‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫تصرف مجلس اإلدارة ال يُعتبر تصرُّفًا للمساهمني‪ ،‬وأنهم يُمثِّلون أنفسهم‪ ،‬وال يمثِّلون من عينهم‪ ،‬وأنَّ اإلثم عليهم‬
‫فكيف يقال‪ :‬إنَّ‬
‫َ‬
‫ٌ‬
‫مسؤول عن نظام الشركة ً‬
‫أيضا؛ ألنَّه ال بد أن ُيصدِّق عليه‬
‫وح َدهم دون َمن كلفهم؟! هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فإنَّ املكتتب‬
‫الستكمال إجراءات التأسيس‪ِ ،‬‬
‫ِ‬
‫في الجمعية التأسيسية‪ ،‬والتي يدعو فيها املؤسِّسون جميعَ املكتتبني إلى االجتماع ِ‬
‫ومن ذلك‬
‫التصديق على نظام الشركة‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫قبل أن َت ِ‬
‫وكلُّ هذه اإلجراءات َ‬
‫صدور القرار من وزير‬
‫سمى بالشخصية االعتبارية؛ ألنَّ هذه اإلجراءات تس ِبقُ‬
‫ب الشركة ما يُ ّ‬
‫كتس َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫تكتسب الشركة شخصيتَها القانونية واملعنوية إال بع َد صدور قرار وزير التجارة‬
‫بإعالن تأسيس الشركة‪ ،‬وال يُمكن أن‬
‫التجارة‬
‫َ‬
‫بإعالن التأسيس‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫فتبني بهذا مسؤولية املكتتب في الشركة من ناحيتني‪ :‬مسؤوليته ِعن تصر ِ‬
‫ُّف مجلس اإلدارة؛ ألنَّها نائب ٌة عنه‪ ،‬ومسؤوليته في إقرا ِر‬
‫َّ‬
‫نظام الشركة‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ِ‬
‫املطلوب منه َّ‬
‫أال يُمنح‬
‫أسهما كثيرةً تُمكنه من تغيير كلِّ نظام يخالف الشرع‪ ،‬فهذا هو املطلوب‪ ،‬وإال كان‬
‫املساهم يملك‬
‫فإ ْن كان‬
‫ً‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫التفويض ملجلس اإلدارة ابتدا ًء‪ ،‬وذلك بعدم ِ الدُّخول في الشركة‪ ،‬واملساهَمة فيها‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫راب ًعا‪ِ :‬من املعلوم أنَّ هذه األموال هي ٌ‬
‫ملك للمساهمني قبل أن يكتتبوا في أسهم الشركة‪ ،‬وهي باقي ٌة على ملكهم بعد االكتتاب‪ ،‬إذ‬
‫لم يوج ْد ما ُيخ ِرجها عن م ْلكهم‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫‪Page 8 of 16‬‬
‫!‬
‫!‬
‫خامسا‪ :‬إذا جاز لكم أن تقولوا‪ :‬إنَّ السهم ال يُمثِّل حصَّ ًة شائعة في موجودات الشركة بنا ًء على أنَّ قيمته ال تُعبِّر عن قيمة تلك‬
‫ً‬
‫املوجودات‪ ،‬جاز لنا أن نقول‪ :‬إنَّ السهم ً‬
‫أيضا ال يُمثِّل حصَّة في الشخص االعتباري الذي هو الشركة‪ ،‬بناء على أنَّ قيمته ال‬
‫ِ‬
‫نفسها‪ ،‬بل بال َع ْرض والطلب‪ ،‬فما جاز لكم أن تُجيبوا به جاز لنا أن نُجيب بمثله‪!.‬‬
‫ترتبط بالشركة‬
‫!‬
‫سادسا‪ :‬أنَّ فصل السهم عمَّا يُمثِّله يؤدِّي إلى جواز املساهمة في البنوك الرِّبويَّة‪ ،‬وشركات القمار‪ ،‬والخمور‪ ،‬وسائ ِر الشركات‬
‫ً‬
‫املحرَّمة؛ ألنَّ السهم سلع ٌة بذاته‪ ،‬مفصول عن موجودات الشركة‪ ،‬وما تُمثِّله‪ ،‬وهذا لم ْ‬
‫يقل به أحد‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ساب ًعا‪ :‬كون املساهمني ال يتصرَّفون في تلك األموال ِطيل َة مدة الشركة ال يعني أنَّها قد خرجتْ عن ملكهم‪ ،‬بل مرد ذلك إلى ال ُع ْرف‬
‫نظير في الشرع‪ ،‬وهو املال املرتهن حيث يب َقى على م ْلك الراهن‪ ،‬وال يخرج عن‬
‫الذي هو كالشرط‪ ،‬واملسلمون على شروطهم‪ ،‬وله‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫َّف فيه بالبيع ُمدَّةَ الرهن على القول الصحيح‪ ،‬هو ُ‬
‫قول جماهير أهل العلم‪ ،‬فامتناع التصرُّف من أجل حقِّ‬
‫ملكه‪ ،‬وليس له أن يتصر َ‬
‫ثبوت امللك ألصحابها‪ ،‬واهلل أعلم‪!.‬‬
‫الغير ال يمنع‬
‫َ‬
‫!‬
‫!‬
‫الدليل الثاني‪!:‬‬
‫!‬
‫ً‬
‫استدلوا بقاعدة‪) :‬يجوز تب ًعا ما ال يجوز استقالال(‪ ،‬وجه االستدالل بهذه القاعدة‪!:‬‬
‫!‬
‫ٌ‬
‫!‬
‫ً‬
‫ملا كان بيْع السهم واق ًعا على موجوداته املباحة صحَّ فيها‪ ،‬وإ ْن كان فيها نسبة من الحرام؛ ألنَّ الحرام فيها جاء تب ًعا‪ ،‬وليس‬
‫أصال‬
‫مقصو ًدا بالتصرُّف والتملك‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫َ‬
‫ٌ‬
‫مسائل‬
‫ت في‬
‫و ُيجاب عن ذلك‪ :‬بأنَّ استعمال هذه القاعدة في هذا الباب‬
‫ور َد ْ‬
‫استعمال في غير موضعه‪ ،‬وذلك أنَّ هذه القاعدة َ‬
‫ٍ‬
‫ً‬
‫استقالال‪ ،‬وجوزها الشارع تب ًعا‪ ،‬بخالف الرِّبا‪ ،‬فإنَّه حتى لو حكم عليه أنه تبَع‪ ،‬فإنَّه محرَّم باالتفاق‪ ،‬ولهذا‬
‫منصوص على ُح ْرمتها‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫استقالال؟! نعم يصحُّ االستدالل لو كنتم تَ َر ْون‬
‫ُّص من نسبة الربا‪ ،‬فيكف يقال‪ :‬يجوز تب ًعا ما ال يجوز‬
‫أوجبتم على املساهم التخل َ‬
‫ُ‬
‫استعمال القاعدة في موضعه‪!.‬‬
‫التخلص منه؛ ألنَّه تابع‪ ،‬لو قيل ذلك لقيل‬
‫إباح َة الربا اليسير‪ ،‬وأنَّ املساهم ال يجب عليه‬
‫ُ‬
‫!‬
‫!‬
‫ِ‬
‫يتَّضح ذلك من خالل األمثلة‪!:‬‬
‫!‬
‫ً‬
‫!‬
‫بيْع َح ْمل الدابة استقالال محرَّم إجما ًعا‪ ،‬وبيْع الدابة مع حملها يجوز تب ًعا‪ ،‬فتحوَّل بيعُ الحمل من كون بيعه حرا ًما على ِ‬
‫وجه‬
‫يسيرا فإنَّه‬
‫االستقالل إلى مباح؛ لكونه تاب ًعا‪ ،‬أما الشركات املختلطة فال أح َد ِمن العلماء قال‪ :‬إنَّ الربا املوجو َد فيها إذا كان‬
‫ً‬
‫ٌ‬
‫ً‬
‫دليل‬
‫أصال مقصو ًدا‪ ،‬أو غير مقصود‪ ،‬فال يصحُّ أن يُقال‪ :‬إنَّ هذه القاعدة‬
‫حالل؛ ألنَّه تابع‪ ،‬فهو محرَّم مطل ًقا‪ ،‬سواء كان تب ًعا‪ ،‬أم‬
‫على مسألتنا‪ ،‬مع أنَّ الرِّبا في هذه الشركات ليس تا ِب ًعا؛ ألنَّ عقوده ُمستقلَّة عن عقود إقامة الشركة‪ ،‬وإذا كان عق ُد الربا عق ًدا‬
‫قائما بذاته لم يصحَّ أن ُيقال‪ :‬إنه تابع‪!.‬‬
‫ً‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫الدليل الثالث‪!:‬‬
‫‪Page 9 of 16‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫استدلُّوا بالقاعدة التي تقول‪) :‬اليسير التا ِبع مغتفر(‪!.‬‬
‫ِ‬
‫ٌ‬
‫استعمال في غير محلِّه؛ وذلك أنَّه ليس كلُّ‬
‫موضع الشركات املختلطة‬
‫ويُناقش بأن‪ :‬هذه القاعدة صحيحة‪ ،‬ولكن استعمالها في‬
‫ِ‬
‫يسير الخمر وإن لم يُسكر‪ ،‬لنصِّ الشارع بأنَّ ما‬
‫مغتفرا‪ ،‬بل يشترط أال يكون اليسير قد نُصَّ على تحريمه؛ ولذلك يُحرَّم‬
‫يسير‬
‫ُ‬
‫ً‬
‫مغتفرا؟!!‬
‫يسير البول ينقض الوضوء ككثيره‪ ،‬فإذا كان اليسير قد نُصَّ على تحريمه‪ ،‬فكيف يكون‬
‫كثيره فقلي ُله حرام‪ ،‬ومثله‬
‫أسكر‬
‫ُ‬
‫ً‬
‫ُ‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ً‬
‫حالال‪ ،‬وأنتم ال‬
‫مغتفرا أ ْن يكون‬
‫ومثله يسير الربا قد نُصَّ على تحريمه‪ ،‬هذا ِمن جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فإنَّ معنى كون اليسير‬
‫ً‬
‫تقولون‪ :‬إنَّ يسير الربا حالل‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫الدليل الرابع‪!:‬‬
‫!‬
‫االستدالل بالقاعدة التي تقول‪ :‬اختال ُ‬
‫ً‬
‫ط جزء محرَّم بالكثير املباح ال يجعله حرا ًما؛ قال السمرقندي من الحنفية‪" :‬ولو أنَّ‬
‫رجال‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫غالب ماله من حرام‪ ،‬فال يَنبغي له أن‬
‫أموال الناس‪ ،‬أو أضافه‪ ،‬فإ ْن كان‬
‫أهدى إليه إنسا ٌن يكتسب من ِربًا‪ ،‬أو رجل ظالم يأخذ‬
‫ُ‬
‫ً‬
‫حالال‪ ،‬فال‬
‫استقرضه‪ ،‬أو نحو ذلك‪ ،‬فإذا كان غالب ماله‬
‫يخبره أنَّ ذلك املال أص ُله حالل؛ َو ِرثه‪ ،‬أو‬
‫يَ ْقبَل‪ ،‬وال يأكل ِمن طعامه‪ ،‬ما لم‬
‫َ‬
‫ْ‬
‫يتبني عنده أنَّه ِمن حرام"‪ ،‬وإذا ُعلِم ذلك‪ ،‬فإنَّ املساهَمة في الشركات املختلطة بالحرام ال‬
‫بأس بأ ْن يَقبل هديتَه‪ ،‬ويأكل منه‪ ،‬ما لم َّ‬
‫تكون حرا ًما‪ ،‬إال أن يكون الحرا ُم فيها هو الغالب‪ ،‬وهذا هو ما نقوله ونعتقده‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫ويناقش من وجوه‪!:‬‬
‫!‬
‫!‬
‫ٍ‬
‫معاملة مباحة‪ ،‬كما لو اشتريت‬
‫الوجه األول‪ :‬أنَّ هذه املسألة ليستْ في محلِّ النِّزاع‪ ،‬فيجب أن يُفرَّق بني التعامل مع املرابي في‬
‫وبني مشاركته في الرِّبا‪ ،‬فمعاملة َمن اختلط في ماله الحالل والحرام تَ ْعني‪ :‬الشراء منه‪ ،‬وكذلك االستئجار‪،‬‬
‫منه سيَّارة‪ْ ،‬‬
‫واالقتراض الحسن منه‪ ،‬واأل ْكل عنده‪ ،‬و َقبول هديته‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬فهذا كلُّه جائزٌ ما لم يعلم أنَّ الشيء املقدَّم في املعاملة حرا ٌم‬
‫ُ‬
‫االشتراك معه في أعمال الرِّبا‪!.‬‬
‫بعينه‪ ،‬بل وتجوز مشاركتُه في معاملة مباحة خالِصة‪ ،‬لكن ال يجوز‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫وليس تحري ُم املساهمة في الشركات املختلطة؛ ألنَّه من ِ‬
‫باب اإلعانة على اإلثم‪ ،‬واملساعدة على املعصية كما يُصوِّره إبراهيم‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫موضع النِّزاع‪ ،‬بل ألنَّ املساهمة مشارك ٌة في الف ْعل املحرَّم‪ ،‬فاملساهم‬
‫الجواب عنه‪ ،‬وهو ليس في‬
‫السكران؛ ولذلك أطال في‬
‫ِ‬
‫ٍ‬
‫مباحة قد يستعني بها املرابي بع َد تملكها‬
‫كشريك في هذه الشركة يُعتبر مرابيًا‪ ،‬وليس من باب التعا ُمل مع املرابي في معاملة‬
‫َ‬
‫التمل َُّك الشرعي في ف ْعل محرَّم‪!.‬‬
‫!‬
‫ُ‬
‫الرجل نفسه بخ ْلط املال الحالل بمال حرام‪،‬‬
‫وبني أن يقوم‬
‫الوجه الثاني‪ :‬أنَّ هناك فر ًقا بني رجل اختلط ما ُله الحالل بالحرام‪ْ ،‬‬
‫فاملساهم في الشركات املختلطة الذي ساهم‪ ،‬وهو يعلم أنَّ الشركة تتعاطَى بالرِّبا شأنه في ذلك شأ ُن َمن يقوم بخلط املال الحرام‬
‫يحرم عليهما أن يخلطَا ما كسباه ِمن‬
‫باملال الحالل بفعله املقصود‪ ،‬وخلط املال الحرام باملال الحالل محرَّم‪ ،‬كالغاصب واملرابي‬
‫ُ‬
‫‪Page 10 of 16‬‬
‫!‬
‫!‬
‫مال حرام أن يخلطاه باملال الحالل‪ ،‬وهذا ال يُنازع فيه أحد‪ ،‬فاملساهم الذي يساهم في الشركات املختلطة ُح ْك ُمه ُحك ُم َمن يخلط‬
‫ُّص من املال‬
‫قصد‪ ،‬حتى يكون التخل ُ‬
‫كمه ُحك َم َمن اختلط ماله الحالل بمال حرام ِمن غير ْ‬
‫املال الحرام باملال الحالل‪ ،‬وليس ُح ُ‬
‫مخلصا له‪ ،‬فالرِّبا فعله حرام‪ ،‬وثمرته حرام ً‬
‫أيضا‪!.‬‬
‫الحرام‬
‫ً‬
‫!‬
‫وهب أنَّك أخرجت ثمرتَه الخبيثة‪ ،‬فإنَّ فعل املوبقات‪ ،‬واإلقدام عليها‪ ،‬وتَ ْكرار الفعل‪ ،‬و َقبول تلك العقود كلها ِمن أكب ِر الكبائر‪ ،‬وال‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫بالبقاء في الشركة‪ ،‬وتَ ْكرار األفعال املحرَّمة‪!.‬‬
‫يخرج منها املر ُء إال بالتوبة النصوح‪ ،‬ال‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫الدليل الخامس‪!:‬‬
‫!‬
‫ِ‬
‫للحاجة‬
‫األخذ بقاعدة )الحاجة العامَّة تُنزَّل منزلة الضرورة الخاصَّة(‪ ،‬وهي قاعدة شرعيَّة لها أمثلة كثيرة‪ ،‬منها‪ :‬جواز ب ْيع العرايا‬
‫العامَّة‪ ،‬مع أنَّ العرايا بيعُ مال ِربوي بجنسه من غي ِر تحقيق التماثل؛ قال ابن تيمية‪" :‬يجوز للحاجة ما ال يجوز بدونها‪ ،‬كما جاز‬
‫بَيعُ العرايا بالت َّْمر"‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫مناقشة هذا الدليل‪!:‬‬
‫!‬
‫عنصرا اقتصاديًّا مه ّمًا في حياتنا املعاصرة‪ ،‬فال ِغنًى‬
‫وجه االستدالل بهذه القاعدة‪ :‬بأنَّ الشركات املساهمة في عصرنا تُشكِّل‬
‫ً‬
‫لكلِّ أمَّة‪ ،‬ولكلِّ دولة عن قيام ِ هذه الشركات؛ ملا تحتاجه تلك ُ‬
‫األمم‪ ،‬وتلك الدول ِمن مشاريع‪ ،‬فهي اليوم تُشكِّل حاج ًة ملحَّة في حياة‬
‫األمم والدول‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ونظرا إلى أنَّ الحاجة العامَّة ‪ -‬سواء كانت للمجتمع‪ ،‬أو للدولة ‪ -‬تُنزَّل منزل َة الضرورة لألفراد‪ ،‬فإنَّ حاجة املجتمع إلى تداول أس ُهم‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫توجيه الثروات‬
‫هذه الشركات بي ًعا وشرا ًء وتملُّ ًكا‪ ،‬حاج ٌة ملحَّة ظاهرة‪ ،‬ال يُنكرها ذو نظ ٍر عادل وبعيد‪ ،‬كما أنَّ حاجة الدولة إلى‬
‫الشعبية لإلسهام في توفي ِر ِ‬
‫الخ ْدمات العامَّة ألفرادها حاج ٌة تفرضها عليها مسؤولياتها‪!.‬‬
‫!‬
‫بمنْع بيع وشراء أس ُهم هذه الشركات‪ ،‬ألدَّى ذلك إلى إيقاع ِ الناس في َحرج ِ‬
‫أنفسهم عاجزين عن‬
‫وضيق عندما يَجِدون‬
‫َ‬
‫ولو قلنا َ‬
‫َ‬
‫خرات‪ ،‬وقد َي ِ‬
‫َ‬
‫كثير منهم تب ًعا لذلك إلى اإليداع في البنوك الرِّبويَّة‪ ،‬كما أنَّ الدولة قد ت َقع نتيج ًة‬
‫ع‬
‫ندف‬
‫د‬
‫َّ‬
‫م‬
‫من‬
‫بأيديهم‬
‫ما‬
‫استثما ِر‬
‫ُ‬
‫ٌ‬
‫الشركات بالتقدُّم للبنوك الرِّبويَّة لتموي ِل مشروعاتها‬
‫حرج شديد يضطرها إلى سدِّ الحاجة فيما كانتْ تقوم به هذه‬
‫ُ‬
‫لذلك في َ‬
‫العامَّة؛ لذلك كله نستطيع القول بجواز تداول أس ُهم ِ هذه الشركات‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫ونوقش هذا ِمن وجوه‪!:‬‬
‫!‬
‫ِ‬
‫!‬
‫!‬
‫ً‬
‫دليال لهذا القول؛ ألنَّ هذه القاعدةَ إنما يصحُّ االستدالل بها لو‬
‫الوجه األول‪ :‬هذه القاعدة )الحاجة تُنزَّل منزلة الضرورة( ال تص ُلح‬
‫ير ْون جوازَ تعاطي مجلس اإلدارة للرِّبا من أج ِل الحاجة‪ ،‬وهم ال يقولون بذلك‪ ،‬فلم يصحَّ االستدالل‪!.‬‬
‫كانوا َ‬
‫!‬
‫‪Page 11 of 16‬‬
‫!‬
‫الوجه الثاني‪ :‬أنَّ املقصود بالحاجة هنا هي الضرورة‪ ،‬والفقهاء ُيعبِّرون بالحاجة تارةً ويقصدون بها الضرورة‪ ،‬وذلك أنَّ مجرد‬
‫الحاجة ال تُبيح املحرَّم‪ ،‬خاصَّة إذا كان محرَّ ًما لذاته ك ِربا النسيئة‪ ،‬وإنما الذي تُبيح املحرم الضرورة‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫قال الشافعي ‪ -‬رحمه اهلل ‪" :-‬وليس يحلُّ بالحاجة محرَّ ٌم إال في الضرورات"‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫!‬
‫الوجه الثالث‪ :‬على ف ْرض أن تكون الحاجة على وجهها‪ ،‬فإنَّ املقصود بالحاجة‪ ،‬هي الحاجة العامَّة‪ ،‬وليس املشاركة في‬
‫املساهمات ِمن الحاجات العامة‪ ،‬جاء في "املوسوعة الكويتية"‪ :‬ومعنى كون الحاجة عامَّة‪ :‬أنَّ الناس جمي ًعا يحتاجون إليها فيما‬
‫وحكم صالح‪ ،‬ومعنى كون الحاجة خاصَّة‪ :‬أن يحتاج إليها‬
‫يمسُّ‬
‫مصالحهم العامَّة‪ ،‬من ِتجارة‪ ،‬وزراعة‪ ،‬وصناعة‪ ،‬وسياسة عادلة‪ُ ،‬‬
‫َ‬
‫كأرباب ِ‬
‫ِ‬
‫ح ْرفة معيَّنة"‪!.‬‬
‫فر ٌد أو أفراد محصورون أو طائف ٌة خاصَّة‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫املحظور وتُجيز َ‬
‫ترك الواجب وغير ذلك‪ ،‬ممَّا يُستثنَى من القواعد‬
‫واملراد بتنزيلها منزل َة الضرورة‪ :‬أنها تُؤثِّر في األحكام فتُبيح‬
‫َ‬
‫األصلية"‪!.‬‬
‫!‬
‫الوجه الرابع‪ :‬أنَّ الذي ورد أنَّ الحاجة تُبيحه هو ربا الفضل‪ ،‬كالعرايا ً‬
‫مثال‪ ،‬أمَّا مسألة املساهمة في الشركات املختلطة‪ ،‬فهو في‬
‫ربا النسيئة‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫خالف فيه بني الفقهاء‪ ،‬ولم يُستث َن منه شيء‪ ،‬وأما ِربا الفضل‬
‫جمعٌ على تحريمه‪ ،‬ال‬
‫فرق بينهما من حيث‪ :‬إنَّ ربا النسيئة ُم َ‬
‫َ‬
‫وهناك ْ‬
‫خالف في تحريمه‪ ،‬واستُثني منه العرايا‪!.‬‬
‫ففيه‬
‫ٌ‬
‫!‬
‫!‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫وال يُقاس ما أ ْجمع على تحريمه على ما اختلف فيه‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ورد فيه نصٌّ يُجوِّزه‪ ،‬أو تعامل‪ ،‬أو لم يَ ِر ْد فيه شيء‬
‫يقول الشيخ أحمد الزرقا‪" :‬والظاهر أنَّ ما يجوز للحاجة إنَّما يجوز فيما َ‬
‫ِ‬
‫منهما‪ ،‬ولكن لم يرد فيه نصٌّ يمنعه بخصوصه‪ ...‬وأمَّا ما ورد فيه نصٌّ يمنعه بخصوصه‪ ،‬ف َع َد ُم الجواز فيه واضح‪ ،‬ولو ظُنَّت فيه‬
‫ٍ‬
‫حينئذ َو ْه ٌم"‪!.‬‬
‫مصلحة؛ ألنَّها‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫مخالف للنص الشرعي‪،‬‬
‫الوجه الخامس‪ :‬أنَّ العرايا قد نصَّ على أنَّه ال يُقاس عليها‪ ،‬وأنَّه لم يرخِّص في غيرها‪ ،‬فتعمي ُم الرخصة‬
‫ٌ‬
‫فقد روى البخاري ومسلم من طريق سالم بن عبداهلل بن عمر‪ ،‬عن ِ‬
‫عبداهلل بن عمر‪ ،‬عن ِ‬
‫زيد بن ثابت ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ :-‬أنَّ رسول‬
‫‪Page 12 of 16‬‬
‫اهلل ‪ -‬صلَّى اهلل عليه وسلَّم ‪ -‬رخَّص بع َد ذلك ‪ -‬أي‪ :‬بعد نهيه عن بيْع الرُّطَب بالت َّْمر ‪ -‬في بيع العرية بالرُّطَب‪ ،‬أو بالتمر‪ ،‬ولم يرخِّص‬
‫في غيره‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ٌ‬
‫صر الرخصة في العرايا نهيُه ‪ -‬صلَّى‬
‫فقوله‪" :‬ولم يرخِّص في غيره"‬
‫صر الرخصة على العرايا خاصَّة‪ ،‬ومما يدلُّ على َق ْ‬
‫دليل على َق ْ‬
‫سوَّغ الشارع املساواة‬
‫اهلل عليه وسلَّم ‪ -‬عن املحا َقلة‪ ،‬واملزابنة‪ ،‬مع العلم أنَّ الشار َ‬
‫ع لم يأذ ْن بالفاضل املتيقَّن في العرايا‪ ،‬وإنما َ‬
‫قدر النِّصاب خمسة أوسق فما دون‪ ،‬وال َ‬
‫خ ْرص من أهل الخبرة بال َ‬
‫بال َ‬
‫معيار‬
‫خ ْرص‬
‫ٌ‬
‫خ ْرص في مقدا ٍر قليل تدعو إليه الحاجة‪ ،‬وهو ُ‬
‫يقني الرِّبا‪ ،‬وليس احتمال الوقوع في الربا‪ ،‬وفي ِربا النسيئة‬
‫شرعي للتقدير في أمو ٍر كثيرة منها الزكاة‪ ،‬بينما أنتُم تُبيحون َ‬
‫ُ‬
‫بني املسألتني‪!.‬‬
‫امل ْج َمع على تحريمه‪ ،‬وليس في ِربا الفضل‪ ،‬فشتَّا َن ْ‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫الكسب املشروع الحالل تُغني عنها‪ ،‬كاملساهمات‬
‫تتعني طري ًقا للكسب‪ ،‬إذًا يوجد طرقٌ أخرى من‬
‫الوجه السادس‪ :‬أنها لم‬
‫َّ‬
‫ْ‬
‫العقارية‪ ،‬والبيع والشراء‪!.‬‬
‫!‬
‫الوجه السابع‪ :‬أنَّ ِمن شروط استباحة املحظور أن ُيقطَع بارتفاع الضرر به‪ ،‬ولذلك ال ُيباح التداوي بالحرام؛ ألنَّ الدواء ليس‬
‫طري ًقا مؤكَّ ًدا للشِّفاء‪ ،‬فقد َيتعاطَى الدواء‪ ،‬وال ُيشفَى‪ ،‬وكذلك املساهمة في الشركات املختلطة‪ ،‬فقد نرتكب مفسدةَ الرِّبا باملساهمة‪،‬‬
‫ِ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ قد ارتكبْنا مفسدة الربا دون مصلحة تُذ َكر‪!.‬‬
‫تندفعُ الحاجة‪ ،‬ونكون‬
‫نخسر فقد ال نربح‪ ،‬فال‬
‫ونخسر‪ ،‬فتزدا ُد الحاجة‪ ،‬وإذا لم‬
‫ْ‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫الوجه الثامن‪ :‬إذا أُبيحت الشركات املساهمة املختلطة لقيام ِ الحاجة‪ ،‬فهل هي حاج ٌة لألفراد‪ ،‬أو حاج ٌة لألمة‪ ،‬أو حاج ٌة للشركة‪ ،‬وال‬
‫يوجد قس ٌم رابع؟!‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫فإن قيل‪ :‬هي حاجة لألفراد‪ ،‬فالجواب‪ :‬أنَّها ال تكون كذلك إال إذا لم يوج ْد طرق أخرى للكسب املشروع تُغني عنها‪ ،‬و َمن ادَّعى أنَّ‬
‫الحرام عمَّ األرض بحيث ال يوجد طريقٌ للكسب املشروع ُيغني عن املشبوه فعليه الدليل‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ِ‬
‫تندفعُ حاجته‬
‫سلِّم أنَّ الفُ َرص املشروعة ال تكفي‪ ،‬ومنها الشركات النقية‪ ،‬فهل إذا ساهم الفر ُد في هذه الشركات املختلطة‬
‫ولو ُ‬
‫ِ‬
‫أمر متوقَّع مع ارتفاع نسبة الخطورة‪ ،‬فكيف نُبيح‬
‫يقينًا؟ فالجواب‪ :‬ال‪ ،‬فقد تندفع‪ ،‬وقد تزدا ُد حاجته كما لو َو َقع في خسائر‪ ،‬وهو ٌ‬
‫الربا الصريح‪ ،‬واملفسدة املتحقِّقة ملصلحة محتملة؟!‬
‫!‬
‫!‬
‫وإن قيل‪ :‬هي حاج ٌة لألمة‪ ،‬فالجواب‪!:‬‬
‫!‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫!‬
‫)أ( لو سل َّْمنا حاجة البالد إلى بعض الشركات املساهمة‪ ،‬والتي تقوم بمصالحَ حيوية للمجتمع‪ ،‬فهل ال يمكن لها أن تقو َم بهذا‬
‫الدور الحيوي إال إذا كانتْ تتعامل بالربا‪َ ،‬‬
‫أال يمكن لها أن تقو َم بهذا الدور‪ ،‬وهي نقيَّة ِمن املعامالت املحرَّمة‪ ،‬ملاذا‪ ،‬وهي تستفي ُد‬
‫ِمن هذا املجتمع املسلم َّ‬
‫أال تراعي أحكام املجتمع الذي قامتْ فيه‪ ،‬فتُجبَر على انضباط معامالتها؟!‬
‫‪Page 13 of 16‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫بعض الشركات املختلطة‪ ،‬فإنَّه ال يمكن التسلي ُم بها في كثي ٍر من الشركات التي يمكن‬
‫بحاجة البالد والعباد إلى‬
‫)ب( لو سل َّْمنا‬
‫ٍ‬
‫االستغنا ُء عنها‪ ،‬إما لعدم الحاجة إليها باملعنى املشار إليه‪ ،‬وإمَّا إلمكان االستغناء عنها بشركات غير مساهمة‪ ،‬وهذا يعني أنَّ‬
‫ِ‬
‫إلباحة جميع الشركات التي يحتاج إليها‪ ،‬والتي ال‬
‫الدليل أخصُّ من املدلول؛ إذ إنَّ أصحاب هذا القول يستدلُّون بدليل الحاجة‬
‫يحتاج إليها‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫حر ٌج شديد‪ ،‬ومشقَّة غير محتملة إذا منعوا ِمن املساهمة في الشركات املختلطة؟ أو أنَّ‬
‫)ج( هل يُمكن الجز ُم بأنَّ الناس يلحقهم َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫املشقة التي تَلح ُقهم هي املشقَّة املعتادة التي يش ُعر بها َمن َمنَع من أي فرصة استثمارية لزيادة د ْ‬
‫خله‪ ،‬أو حتى لتلبية حاجاته‬
‫ٍ‬
‫بحا عاليًا‬
‫مسكن وغيره‪ ،‬ومثل تلك الحاجة ال يُباح بها الحرام‪ ،‬وإال ألبيح‬
‫الضرورية من‬
‫كثير من االستثمارات املحرَّمة التي تدرُّ ِر ً‬
‫ٌ‬
‫كاإليداع في البنوك الرِّبويَّة‪ ،‬ونحوها‪!.‬‬
‫!‬
‫وإن قيل‪ :‬هي حاج ُة للشركة‪ ،‬بحيث ال تجد الش ِركة بُ ّدًا من إتمام عملياتها إال عن طريق االقتراض بالرِّبا‪ ،‬فالجواب‪ :‬قد يكون هذا‬
‫ٍ‬
‫ِ‬
‫فترة َ‬
‫ً‬
‫فاألمر عكس ذلك‪ ،‬فن َ ْح َمد‬
‫وكانت البنوك اإلسالمية لم ت ُق ْم على ساقيها‪ ،‬أمَّا في هذه املرحلة‬
‫فشا فيها الربا‪،‬‬
‫مقبوال في‬
‫القول‬
‫ُ‬
‫انتشرت هذه البنوك اإلسالمية في أنحاء األرض‪ ،‬وهي مستعدَّة أن تُموِّل الشركات بالطرق املباحة‪!:‬‬
‫اهلل ‪ -‬عزَّ وجلَّ ‪ -‬أن‬
‫ْ‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ُ‬
‫املتعني لألسباب التالية‪!:‬‬
‫الراجح‪ :‬أرى أنَّ القول بالتحريم هو‬
‫القول‬
‫ِّ‬
‫!‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫جاءت الشريعة بإباحته‪!.‬‬
‫كاملرابحة‪ ،‬وعقود االستصناع‪ ،‬والسَّ َلم‪ ،‬وغير ذلك مما‬
‫!‬
‫!‬
‫األول‪ :‬ال يجوز االستدالل بالقواعد العامَّة فيما ورد فيه نصٌّ خاص؛ وذلك ألنَّ النصَّ العام ال ُيقدَّم على النصِّ الخاصِّ‪ ،‬مع العلم‬
‫أنَّ َداللة العام على أفراده أقوى ِمن داللة القاعدة العامَّة على ُجزئياتها؛ وذلك ألنَّ النص العام ت َلقيناه ِمن ِقبل الشارع بخالف‬
‫منصوصا عليها؛ ولذلك تجد كلَّ مذهب من املذاهب األربعة قد يستقلُّ ببعض القواعدِ‬
‫القواعد العامَّة‪ ،‬فهي قواعد ُمستنبطة وليس‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫التي ال يحتجُّ بها بقي ُة‬
‫املذاهب األخرى‪!.‬‬
‫!‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫االستدالل بها يؤدِّي إلى تعطي ِل نصٍّ قطعي خاص‪ ،‬امتنع االحتجا ُج بها‪،‬‬
‫القواعد أغلبي ٌة وليست ُكليَّة‪ ،‬فإذا كان‬
‫كما أنَّ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫فالنصوص الخاصَّة بتحريم يسير الربا ال يُنازع فيها أح ٌد بما فيهم املخالف‪ ،‬فتجاوز تلك النصوص إلى القواعد العامَّة ليس‬
‫باملنهج السليم‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ثانيًا‪ :‬أنَّ القول بالجواز ليس منضبطًا ً‬
‫أيضا ِمن الناحية الفقهية‪!:‬‬
‫!‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫اليسير ال ُيغتَفر لم يكن‬
‫يسيرا‪ ،‬ثم يقولون‪ :‬ال ُيغتفر اليسير‪ ،‬بل يجب التخلُّص منه‪ ،‬فإن كان‬
‫فهم َيشترطون للجواز أن يكون الربا‬
‫ُ‬
‫ً‬
‫بني القليل والكثير بجامعِ التحريم في كلٍّ منهما‪!.‬‬
‫فرق ْ‬
‫هناك ْ‬
‫!‬
‫‪Page 14 of 16‬‬
‫!‬
‫!‬
‫كثيرا‪ ،‬فإ ْن كان التخلص ِمن الحرام‬
‫مخلصا إذا كان الرِّبا‬
‫التخلص ِمن الربا لجوا ِز املساهمة‪ ،‬ثم ال يَ َر ْون التخلص‬
‫ويَشت ِرطون‬
‫َ‬
‫ً‬
‫ً‬
‫بني الكثير والقليل؟ فإذا كان التخلُّص ِمن الحرام لم ينفعْ في الكثير فلن ينفعَ في القليل ً‬
‫أيضا‪،‬‬
‫هو شرط الجواز‪ ،‬فلماذا التفريقُ ْ‬
‫وهذا يدلُّك على عدم انضباط الفتوى‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫وأ ْو َجبوا بيعَ السهم والتخلص منه إذا تغيَّر ْ‬
‫زادت نسبة الحرام عن‬
‫وضعُ الشركة بحيث لم ي ُع ْد تنطبق عليها تلك الضوابط‪ ،‬كما لو‬
‫ْ‬
‫املقدار الجائ ِز عندهم‪ ،‬مع تحريمهم شرا َءه في مثل هذه الحالة‪ ،‬والسؤال‪ :‬إذا كان السهم حرا ًما فكيف يجوز بي ُعه‪ ،‬واالنتفاع‬
‫بثمنه؟ فإنَّ اهلل إذا حرَّم شيئ ًا حرَّم ثمنَه‪ ،‬أتتخلَّص ِمن الحرام بإيقاع أخيك فيه‪ ،‬أليس مقتضى األثر والنظر أن يُقال‪ :‬بعدم جواز‬
‫ِ‬
‫شرائه؟!!‬
‫بيعه في هذه الحالة‪ ،‬كما قلتم بتحريم ِ‬
‫!‬
‫!‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫ة‬
‫محسوب‬
‫كسبَه ِمن جرَّاء ذلك!!‬
‫ما‬
‫املساهم‬
‫على‬
‫َّموا‬
‫ر‬
‫ح‬
‫ذلك‬
‫ومع‬
‫املساهمني‪،‬‬
‫على‬
‫اإلدارة‬
‫مجلس‬
‫أعضاء‬
‫ن‬
‫َّ‬
‫إ‬
‫وقالوا‪:‬‬
‫تصرفات‬
‫ليستْ‬
‫َ‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ِ ً‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫يسيرا‪ ،‬فلوال‬
‫كما حرَّموا على املساهم أن يُساهم في الشركة إذا كان تصرُّف أعضاء مجلس اإلدارة قد تعدَّى نسبة معينة يرونه‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫تصرفات الشركة محسوب ٌة على املساهمني لم تَ ْجعلوا هذه الضواب َ‬
‫ط في تصرُّفات الشركة‪!.‬‬
‫أنَّ‬
‫!‬
‫ِ‬
‫حديث أبي‬
‫بني اآلخذ واملعطي‪ ،‬وهما في ُحكم الشرع واحد‪ ،‬كما قال ‪ -‬صلَّى اهلل عليه وسلَّم ‪ -‬في‬
‫ثالثًا‪ :‬إذا كان الرِّبا عق ًدا ْ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫اآلخذُ‬
‫))اآلخذُ واملعطي فيه سواء((؛ رواه مسلم‪ ،‬فالتخلُّص ال يُخلِّص املعطي‪ ،‬وإنما يُخلِّص اآلخذ على قولكم‪ ،‬فإذا كان‬
‫سعيد‪:‬‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫ُ‬
‫السبب في وقوعه في الرِّبا‪ ،‬وإن تخلَّص‬
‫َّه‬
‫ن‬
‫أل‬
‫اإلثم؛‬
‫في‬
‫للمعطي‬
‫ا‬
‫ك‬
‫شري‬
‫كان‬
‫الربا‪،‬‬
‫في‬
‫ع‬
‫ْ‬
‫يق‬
‫لم‬
‫ولواله‬
‫املعطي‪،‬‬
‫با‬
‫ر‬
‫في‬
‫سببًا‬
‫ذ‬
‫اآلخ‬
‫ُ‬
‫اآلخذُ ممَّا أ َ‬
‫خذ لم يستطعْ أن يتخلَّص ِمن كونه سببًا في ربا الطرف الثاني‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ُّص ِمن الربا أحبَّ إلى اهلل ِمن قطع الربا وعدم اإلقدام عليه؛ ولذلك قال ‪ -‬تعالى ‪ ﴿ :-‬فَ َم ْن َجا َءهُ َم ْو ِعظَ ٌة ِم ْن َرب ِِّه‬
‫راب ًعا‪ :‬ليس التخل ُ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫يوجب عليه الت َ‬
‫اب النَّا ِر ُه ْم في َها‬
‫ف َوأ َ ْم ُرهُ إ َلى اهللَِّ ﴾ ]البقرة‪ ،[275 :‬ولم‬
‫خلُّص‪ ،‬ثم قال‪َ ﴿ :‬و َم ْن َعا َد فَأُو َلئ َك أ َ ْ‬
‫فَانْت َ َهى فَ َل ُه َما َ‬
‫ص َح ُ‬
‫ْ‬
‫س َل َ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫خالِ ُدو َن ﴾ ]البقرة‪ ،[275 :‬واملساهم في الشركات املختلطة يعود إلى ع ْقد الربا في كلِّ صفقة تعقدها الشركة مع البنوك الرِّبويَّة‪،‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫ْ‬
‫أخطر من كون املرء أ َ‬
‫خذ هذا املال أو لم يأخذْه؛ ولذلك‬
‫وهي عقو ٌد متجدِّدة ومستمرَّة‪ ،‬فاملوافقة على ف ْعل الربا ونشره واإلقدام عليه‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫كانت اللعنة للكاتب والشاهد‪ ،‬وهما لم يأخذَا شيئ ًا‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫حالة االقتراض بفائدة‪،‬‬
‫حالة اإلقراض بفائدة‪ ،‬فإنَّه ال يُمكن معرف ُة مقداره في‬
‫خامسا‪ :‬إذا كان التخلُّص يمكن معرف ُة مقداره في‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫فإنَّ هذا من التصرُّف ُ‬
‫املحرَّم الذي ال يُمكن حسابُه‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫‪Page 15 of 16‬‬
‫سادسا‪ :‬األرباح املحرَّمة ليستْ كلها تُوزَّع على املساهمني حتى يمكن القول بأنَّ التخلُّص منها يجعل السهم نقيًّا‪ ،‬فاألرباح‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫االحتياطية جز ٌء منها محرَّم‪ ،‬والسهم يمثِّل حص ًة شائعة في الشركة‪ ،‬وفيما تملكه الشرك ُة من أرباح احتياطيَّة‪ ،‬وهذا ال يمكن‬
‫إخراجه والتخلُّص منه‪!.‬‬
‫ُ‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫والقول بالتحريم قول عامَّة أهل العلم في عص ِرنا‪ ،‬وإليه ذهب َ‬
‫امل ْج َمعان‪ :‬مجمع الفقه اإلسالمي التابع ملنظمة املؤتمر اإلسالمي‪،‬‬
‫ومجمع الفقه اإلسالمي التابع لرابطة العا َلم اإلسالمي‪ ،‬واللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء بالبالد السعودية‪ ،‬والهيئة الشرعية‬
‫لبنك دبي اإلسالمي‪ ،‬وهيئة الفتوى والرقابة الشرعية لبَ ْيت التمويل الكويتي‪ ،‬وهيئة الرقابة الشرعية بالبنك اإلسالمي السُّوداني‪،‬‬
‫ِ‬
‫املجتمعون للفتوى والرقابة الشرعية للبنوك اإلسالميَّة بالقاهرة‪ ،‬عام ‪1403‬هـ‪!.‬‬
‫وأجمع عليه‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫ومن العلماء املعاصرين‪ :‬سماحة الشيخ ابن باز ‪ -‬رحمه اهلل ‪ -‬والشيخ عبداهلل بن جبرين‪ ،‬والشيخ عبدالرزاق عفيفي‪ ،‬والشيخ علي‬
‫السالوس‪ ،‬وعد ٌد كثير من الباحثني‪ ،‬منهم الشيخ صالح املرزوقي‪ ،‬واألستاذ أحمد محيي الدين‪ ،‬والشيخ عبداهلل السعيدي‪،‬‬
‫والشيخ أحمد الخليل‪ ،‬وغيرهم كثير‪ ،‬ولوال ِ‬
‫أكثر وجاه ًة ِمن القائلني بالجواز‪،‬‬
‫ألوردت أدلَّة القائلني بالتحريم‪ ،‬فهي‬
‫ضيقُ املساحة‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫و َمن شاء االطالع على األدلَّة كاملة غير مختصرة‪ ،‬فلينظرها في كتابي‪" :‬موسوعة عقود املعاوضات املالية" يسَّر اهلل طباعتَه بمنِّه‬
‫وكرمه‪ ،‬واهلل وليُّ التوفيق‪!.‬‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫!‬
‫‪!http://halal-vietnam.vn/vi/giao-luat-shariah/2152-2014-04-14-08-43-38.html‬‬
‫!‬
‫!‬
‫‪Page 16 of 16‬‬