تمويل المشروعات حديثا وفي ظل الاسلام

‫تمويل المشروعات‬
‫حديثا وفي ظل‬
‫االسالم‬
‫د‪ .‬علي مكي‬
‫‪1‬‬
‫الباب االول‬
‫اشكال المشروعات وتمويلها حديثا‬
‫الفصل االول‬
‫المشروعات واشكالها وادارتها المالية حديثا‬
‫سوف يتم استعراض المشلروعات واشكالها وادارتها المالية حديثا‪،‬ففي العصر الحديث وبعد الثورة‬
‫الصناعية في القرن الثامن عشر وبعد التطبيقات التي اعقبت تلك الثورة قامت عدة مشروعات‬
‫وتشكلت بعدة اشكال ‪،‬ولقد تطورت تلك االشكال في ظل هذه الثورة ‪،‬وبعد قرنين من الزمان وبعد‬
‫التطورات التي حدثت وخاصة في دول اوروبا الغربية والواليات المتحدةوبعد االستعمار والكشوف‬
‫الجغرافية ‪،‬وفي النصف الثاني من القرن العشرين تقريبا استقرت تلك االشكال واصبحت لها‬
‫صورتها المعاصرة‪.‬‬
‫وفى المبحث االول من هذا الفصل سوف أقوم ببحث تلك االشكال التى أصبحت كثيرة ومتعددة‪ ،‬ثم‬
‫انتقل الى تناول كيفية ادارة تلك المشروعات المالية فى ظل العصر الحديث‪ ،‬وذلك فى المبحث‬
‫الثانى‪.‬‬
‫والشك أن اى مشروع مهما كان حجمه وشكله يتوقف نجاحه على مدى قدرة ادارة المشروع على‬
‫ادارته وتوجيهه‪ .‬وبصفة خاصة ادارته المالية‪ ،‬وعلى ذلك يتوقف نجاح المشروع وتقدمه ونموهن‬
‫وتوسعه‪.‬‬
‫المبحث االول‬
‫اشكال المشروعات الحديثة‬
‫انشئت المشروعات اوال بحيث تفى بحاجة الذين انشأوها وبخاصة االفراد‪ ..‬وكانت مشروعات فردية‬
‫صغيرة‪ ،‬وكانت تقوم على االكتفاء الذاتى ألفرادها‪ ..‬ثم تطورت هذه المشروعات فاتسع نطاقها‬
‫باتساع حاجيات المجتمع‪ ..‬وكبرت المشروعات لتكون لديها القدرة على سد حاجات اآلخرين من‬
‫غير أصحابها‪.‬‬
‫وجاءت الثورة الصناعية وحملت معها رياح التغيير فى كافة مجاالت الحياة فقد انتهى عهد االقطاع‬
‫فى اوروبا وتم القضاء عليه بصفة نهائية‪ ،‬ونشأت طبقة البرجوازية الصناعية‪ ،‬وبدأت المدن تكتظ‬
‫بالفارين من الريف ليجدوا عمال فى ظل النظام الوليد‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫واحتاجت المشروعات الجديدة فى تلك الفترة الى وقت حتى ترسخ اقدامها وواجه بعضها النجاح‬
‫وواجه البعض اآلخر الفشل‪ ،‬ولعل ذلك ادى الى ان تكون هناك انواع متعددة من المشروعات يهدف‬
‫كل نوع منها الوفاء بأغراض واحتياجات معينة‪.‬‬
‫ولقد أعقب الثورة الصناعية ظهور النظام الرأسمالى نسبة الى ان رأس المال هو المحرك األساسى‬
‫لهذا النظاام وهو هدف الطبقة الجديدة التى نشأت فى ظل هذا النظام‪.‬‬
‫وفى ظل هذاالنظام نشأت أشكال عدة للمشروعات‪ ،‬وفى القرن التاسع عشر بدأت تظهر لهذا النظام‬
‫بعض المساوىء‪ ،‬باإلضافة الى ظهور األفكار االشتراكية التى بدأت تنادى بحقوق العمال والعدالة‬
‫االجتماعية‪ ،‬واعادة توزيع الدخول ‪ .....‬الخ من االفكار المناوئة للنظام الرأسمالى‪.‬‬
‫وقد تدخلت حكومات دول أوروبا الصالح مساوىء هذا النظام فقامت بإنشاء المشروعات التى‬
‫تعمل على تشغيل العاطلين والتى تقدم الخدمات المختلفة وكذا المشروعات التى يحجم االفراد عن‬
‫القيام بها‪ ،‬ولقد أطلق على هذا التدخل من جانب الدول اسم االقتصاد الموجه‪ ،‬ولقد كان هذا التدخل‬
‫بهدف حماية النظام الرأسمالى نفسه‪.‬‬
‫وجاءت الثورة الشيوعية فى االتحاد السوفيتى فى القرن العشرين وقامت هناك التجربة االشتراكية‪.‬‬
‫وبعد الحرب العالمية الثانية(‪)1945-1939‬قامت االشتراكيات الديمقراطية فى اوروبا الشرقية‪،‬‬
‫وأدى ذلك الى ظهور االقتصاد االشتراكى وملكية الشعب ألدوات االنتاج‪ ،‬وظهور المشروعات‬
‫العامة التى أصبحت األساس بدال من الشروعات الخاصة فى النظام الرأسمالى‪ ،‬وأصبح للقطاع‬
‫الخاص فى ظل االقتصاد االشتراكى دور محدود‪ ،‬وان بدأ فى العودة اآلن بصورة أو بأخرى‬
‫الحتياج اقتصاديات الدول االشتراكية الى القطاع الخاص بجانب حاجتها الى رأس المال األجنبى‬
‫والشركات الخاصة األجنبية لمساعدتها فى التنمية‪.‬‬
‫ومما هو جدير بالذكر أنه بعد قيام االقتصاديات االشتراكية بدأت بعض الدول فى اتباع سياسة‬
‫االقتصاد الموجه‪ ،‬وخاصة الدول المتحررة حديثا والنامية‪ ،‬مع جعل القطاع العام‪ ،‬سواء المؤمم او‬
‫المملوك ملكية عامة‪ ،‬هو القاعدة العامة والقطاع الخاص عامال مساعدا بعكس االقتصاديات الموجهة‬
‫فى أوروبا الغربية التى تعتبر القطاع الخاص هو القاعدة األساسية والقطاع العام هو المساعد‪ ،‬ولعل‬
‫هذا التضارب والتداخل فى النظم االقتصادية أعطانا العديد من أشكال المشروعات‪ ،‬ولهذا اتسع نطاق‬
‫المشروعات ليشمل أنواعا متعددة وتقسيمات كثيرة‪ ،‬وهذه التقسيمات سأذكرها بإيجاز وهى‪-:‬‬
‫أوال – من حيث طبيعة‬
‫عملياتها(‪)25‬‬
‫‪-1‬صناعية‪:‬‬
‫(أ) على أساس المراحل الصناعية‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫تضم المشروعات االستخراجية‪ ،‬والتحليلية والتركيبية والتجميعية والتحويلية‪.‬‬
‫(ب)على أساس نوع السلع التى تنتجها‪:‬‬
‫مشروعات السلع االنتاجية والسلع االستهالكية‪.‬‬
‫(ج)على أساس مدى أهمية الصناعة للمجتمع ‪:‬‬
‫توجد صناعات أساسية وثانوية ويطلق عليها الصناعات المكملة‪.‬‬
‫‪ -2‬تجارية‪:‬‬
‫وهى مشروعات تتضمن تجارة السلع‪ ،‬وتقوم ايضا بدور الوسيط بين الصناعات المختلفة‪.‬‬
‫ثانيا – من حيث‬
‫حجمها(‪)25‬‬
‫وهى تنقسم الى مشروعات صغيرة ومتوسطة وكبيرة او ضخمة‪.‬‬
‫ثالثا – من حيث الشكل القانونى‪:‬‬
‫والشكل القانونى الى مشروع له عالقة وطيدة بالنواحى المالية له مثل رأس المال ‪ ،‬مسئولية‬
‫الشركاء‪ ،‬مدة المشروع‪ ...‬الخ وايضا بنواحى غير مالية مثل التكوين‪ ،‬نوع النشاط‪ ،‬درجة التدخل‬
‫ورقابة الحكومة‪)26( .‬‬
‫كما يتحكم فى الشكل القانونى ألى مشروع قوانين الدولة ونظامها االقتصادى وظروف‬
‫السوق‪ ،‬الى غير ذلك من العوامل التى تتحكم فى المشروع من هذا يمكن القول‪:‬‬
‫"بأن الشكل القانونى ألى مشروع يتحدد طبقا لرأس المال ومسئولية الشركات ومدة‬
‫المشروع‪ ،‬كما يتتحدد طبقا لنظام الدولة االقتصادى وقوانينها باالضافة الى نوع النشاط الذى‬
‫يمارسه المشروع باالضافة الى الظروف األخرى التى تحيط بأى مشروع"‬
‫والشكل القانونى للمشروع هام ألنه يحدد اسم المشروع ورأس ماله ومدى الثقة التى يتيحها‬
‫لعمالئه والممولين والدائنين‪ ،‬ولهذا تعددت أشكال المشروعات طبقا لتعدد النظم االقتصادية‬
‫السائدة فى العصر الحديث‪ ،‬لذلك سوف أتناول المشروعات من خالل النظم االقتصادية‬
‫المتعارف عليها اآلن وهى‪-:‬‬
‫اوال‪ -‬النظام الرأسمالى‪:‬‬
‫مع بداية االكتشافات الجغرافية بدأت الرأسمالية بقيادة الطبقة البرجوازية تأخذ مكانها ‪ ،‬وتبدأ‬
‫بالطريق فى محاولة الوثوب مكان االقطاع الذى استفحلت مساوئه‪ ،‬وبدأت البرجوازية‬
‫تتوسع فى عصر التجاريين بعد أن خاضت معارك الحياة خالل عدة احقاب مع اإلقطاع‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫واستطاعت أن تثب مكانه‪ ،‬ولكن النظام الرأسمالى الوليد لم يستطع أن يقضى تماما على‬
‫اإلقطاع وأن يرسخ أقدامه إال بعد قيام االنقالب الصناعى الكبير الذى قلب موازين القوى من‬
‫ناحية‪ ،‬وحقق للنظام الرأسمالى أكبر انتصار فى معاركه من أجل أخذ الصدارة فى المجتمع‬
‫من ناحية أخرى‪.‬‬
‫وكان هذا االنقالب‪ ،‬أو هذه الثورة إيذانا بإنتهاء عصر هو عصر اإلقطاع‪ ،‬والى االبد‪،‬‬
‫وبداية عصر جديد هو عصر الرأسمالية‪.‬‬
‫وبدأت هجرة الفالحين والمزارعين من الريف‪ ،‬وأيضا هجرة رؤوس األموال الى المدن‬
‫والتكالب على اإلنتاج الصناعى الجديد ‪ .....‬كل هذا رسخ أقدام النظام االقتصادى الجديد‪،‬‬
‫وتوسع وكبر وسرعان ما احتل المكانة المرموقة التى كان يصبو إليها فى معظم المجتمعات‬
‫األوروبية‪ ،‬ولقد حقق هذا النظام فى الدول التى قام فيها تقدما كبيرا‪ ،‬ونموا مطردا‪ ،‬وقفزات‬
‫واسعة وخاصة فى دول أوروبا‪ .‬ومما ال شك فيه أنه بعدما كانت المشروعات تأخذ الشكل‬
‫الفردى البسيط أخذت فى التوسع لآللية ولزيادة رؤوس األموال فى محاولة لتحقيق األرباح‬
‫الكبيرة عن طريق زيادة اإلنتاج‪.‬‬
‫وبهذا تعددت أشكال المشروعات‪ ،‬وأخذت هذه االشكال تتمايز حتى أصبحت األشكال التى‬
‫نعرفها اآلن فى معظم المجتمعات الرأسمالية وهى‪:‬‬
‫‪ -1‬المشروع الفردى‬
‫‪ -2‬شركة التضامن‬
‫‪ -3‬شركة التوصية البسيطة‬
‫‪ -4‬شركة التوصية باألسهم‬
‫‪ -5‬شركة المحاصة‬
‫‪ -6‬الشركات ذات المسئولية المحدودة‬
‫‪ -7‬شركات المساهمة‬
‫وسأتناول من تلك المشروعات ما يلى‪-:‬‬
‫‪ -1‬المشروع الفردى‪:‬‬
‫هو المشروع الذى يمتلكه فرد واحد‪ ،‬يقوم بإدارته وملكيته‪ ،‬ويعتبر أبسط أشكال‬
‫المشروعات‪ ،‬وهو ما كان سائدا قبل أو بعد نشوء النظام الرأسمالى‪ ،‬وله أهمية كبيرة نظرا‬
‫لما يمثله من أهمية وحيوية بالنسبة للمواطنين القريبين منه والذين يستسهلون التعامل معه‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫وذلك ما جعل هذا الشكل من المشروعات مستمرا حتى اليوم نظرا ألنه سهل التنظيم‬
‫والرقابة والتكوين والتصفية‪ ،‬ويتمتع ببعض المزايا الضريبية ووجود الحافز الشخصى لدى‬
‫صاحب المشروع‪.‬‬
‫كل هذا ساعد وسهل انتشار وبقاء هذا الشكل من أشكال المشروعات‪.‬‬
‫‪ -2‬شركة التضامن‪:‬‬
‫هى عبارة عن عقد بين اثنين أو أكثر بقصد االتجار على وجه الشركة وأساس هذا النوع من‬
‫الشركات هو العالقة الشخصية بين الشركاء وثقتهم فى بعضهم البعض‪ ،‬ولهذا فإنه فى هذا‬
‫النوع من الشركات يتوافر الحافز الشخصى الذى يدفع الشركاء على العمل لمزيد من الربح‬
‫باإلضافة الى ذلك فالشركاء حريصون على الحد من المصروفات لزيادة االرباح‪ ،‬كما أنهم‬
‫يتعاونون فى ادارة المشروع ويكمل بعضهم البعض‪ ،‬وان كان فى ذلك ضرر على الشركة‬
‫وهو أنه اذا وزعت السلطة واالدارة بين الشركاء قد ينفرد أحدهم بعمل من أعمال المخاطرة‬
‫مما يسبب للمشروع أضرارا بالغة واذا كانت االدارة المشتركة قد تؤدى فى بعض االحيان‬
‫الى عدم اتخاذ القرارت بسرعة ألخذ الرأى باإلجماع‪.‬‬
‫بجانب هذا فالشركات من هذا النوع يغلب على أفرادها الحرص والحذر فيما يتخذونه من‬
‫قرارات بسبب المسئولية التضامنية‪ ،‬كما أن الشركاء يستطيعون توفير مقادير أكبر من‬
‫األموال (أكبر مما يتوافر للمشروع الفردى) بسبب أن لكل شريك القدرة على توفير قدر من‬
‫المال باإلضافة الى قدرة بقية الشركاء‪.‬‬
‫واجراءات تأسيس هذا النوع من الشركات سهل ميسر‪ ،‬اال أن هذه الشركات ال تستطيع‬
‫اإلقدام على تنفيذ المشروعات االقتصادية الضخمة واالعمال الكبيرة بسبب أن أمكانياتها‬
‫المالية محدودة‪.‬‬
‫ودوام هذا النوع من الشركات يتوقف على رغبة الشركاء األمر الذى يهدد الشركة من وقت‬
‫آلخر‪ ،‬فإذا حدث خالف مثال بين الشركاء فإنهم يتفقون على إنهاء المشروع‪ ،‬كما أنه إذا‬
‫توفى أحدهم فإن المشروع ينتهى بقوة القانون‪ ،‬اإال إذا لم ينص فى عقد الشركة على خالف‬
‫ذلك‪ ،‬كما وتنتهى الشركة إذا أفلس أحد الشركاء‪.‬‬
‫‪ -3‬شركة التوصية البسيطة والتوصية باالسهم‪:‬‬
‫ان السبب في حمع هذين النوعين من الشركات تحت عنوان واحد يرجع الي انهما متشابهان الي‬
‫حد بعيد‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫وهذان النوعان من الشركات عبارة عن عقد بين شريك أو اكثر متضامن ومسئول مسئولية غير‬
‫محددوة‪،‬وتتوافر فيه الكفاءة والخبرة الالزمة نوقد ال يكون لديه المال الالزم وشريك أو أكثر موصي‬
‫لديه المال الالزم ولكن محرم علية االتجار بسبب طبيعة عمله‪،‬او عدم جرأته ومسئوليته محدودة‪.‬‬
‫والفرق بين النوعين ان المال في االولي يدفعه الشريك الموصي وهو حصة يتفق عليها بين الشركاء‬
‫وهومسئول مسئولية محددة بهذه الحصة‪،‬اما المال في الثانية الذي يدفعة الشريك الموصي فهو سهم‬
‫او اسهم‪،‬الن راس المال مقسم الي اسهم مج\حددة لكل شريك الحق في شراء اي عدد من االسهم‪،‬وال‬
‫يشترط الثقة بين الشركاء فللشريك الموصي التنازل عن اسهمه للغير‪.‬‬
‫واسهم شركة التوصية باالسهم يجوز تداولها‪،‬بعكس شركة التوصية البسيطة التي يجب ان‬
‫تتوافر الثقة بين شركائها‪،‬كما ان حصص المال فيها غير متداولة الختالفها‪،‬وليس للشريك‬
‫الموصي التنازل عن حصته للغير االبعد موافقة بقية الشركاء‪.‬‬
‫ويشترك هذان النوعان من المشروعات في تهيئة الفرصة واتاحتها لتجميع قدر اكبر من‬
‫رؤوس االموال‪،‬كما ان اجراءتها سهلة وغير معقدة‪،‬كما ان الحكومة ال تتدخل في‬
‫رقابتها‪،‬هذا باالضافة الي انها تيسر علي بعض من ال يستطيعون العمل او االشتغال بالتجارة‬
‫بسبب طبيعة عملهم او اي ظروف اخري ان يساهموا باموالهم في تلك المشروعات ‪،‬وييسر‬
‫هذا النوع من المشروعات للذين لديهم اختراعات او افكار ينقصها المال للتنفيذ ان ينشئوا‬
‫هذا النوع من المشروعات‪.‬‬
‫وشركة التوصية البسيطة تنتهي بوفاة احد الشركاء او الحجز عليه او اعساره او افالسه او‬
‫فقدانه لسمعته‪،‬بعكس شركة التوصية باالسهم التي ال تنتهي بوفاة احد الشركاء ‪،‬ولكن قد‬
‫تنتهي بوفاة الشريك الذي يشرف علي االدارة اال اذا نص علي غير ذلك في عقد الشركة‪.‬‬
‫وهذا النوع من الشركات يعجز عن اقتحام وارتياد الميادين االقتصادية الضخمة بسبب عجزه‬
‫عن جمع رؤوس االموال الالزمة لدخول تلك الميادين‪.‬‬
‫وهذه االنواع من المشروعات تتمتع ببعض الكفاءات االدارية نظرا لقدرتها علي توفير هذه‬
‫الكفاءات التي تقوم بدور كبير في انجاح هذه المشروعات‪،‬واختيار الوقت المناسب والبدائل‬
‫المناسبة التي تعود بالفائدة علي المشروع‪.‬‬
‫‪ -4‬شركات المساهمة‪:‬‬
‫هذا النوع من الشركات يطلق عليه شركات االموال نظرا لقدرتها الفائقة في تجميع‬
‫رؤوس االموال الضخمة التي تجعلها تقف علي ارض صلبة في اقتحامها للميادين‬
‫االقتصادية الكبيرة والهامة‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫وهذا النوع من الشركات بدأ في ظل القطاع الخاص ‪،‬اي المشروع الفردي الذي يملكه‬
‫عدة افراد‪،‬وعندما توسعت وتغيرت الظروف االقتصادية توسعت هذه المشلروعات‬
‫بحيث اصبح يمكال المشروع عدد كبير من االفراد ينتخبون مجموعة منهم الدارة‬
‫المشروع‪،‬باالضافة الي ذلك فان هذا النوع من المشروعات يصلح للقطاع العام ايضا‪.‬‬
‫ورأس مال هذ الشركات مقسم الي اجزاء متساوية يطلق عليكل جزء اسم سهم‪،‬والسهم‬
‫غيرقابل للتجزئة ‪،‬ومسئولية صاحب السهم محددوة بقيمة ما دفعة مساهمة منه في‬
‫الشركة‪،‬وتعرض االسهم لالكتتاب العام اذا لم يكتف مؤسسوا الشركة باالموال التي‬
‫لديهم‪،‬والمساهمون في هذا النوع من الشركات بمجرد اكتتابهم في اسهم الشركة يصبحوا‬
‫من المالك للشركة ‪،‬ويترتب علي هذه الملكية‪ -‬بطبيعة الحال – التمتع بحقوقها‪،‬وللشركة‬
‫جمعية عمومية من مجموع المساهمين في رأسمالها ‪،‬ويقوم هؤالء المساهمين بانتخاب‬
‫مجلس ادارة ينوب عنهم في ادارة الشركة‪،‬وهذا المجلس مسئول امام الجمعية العمومية‬
‫عن كافة التصرفات المالية والغير مالية ‪،‬كما ان للمساهمين الحق في مساءلة هذا‬
‫المجلس اذا عن لهم ذلك‪.‬‬
‫وهذا لنوع من المشروعات مؤهل للدخول الي حلبة الحياة االقتصادية الضجمة التي‬
‫تتطلب رؤوس اموال كبيرة‪.‬‬
‫فهو من ناحية يجمع مدخرات االفراد الذين يعجزون عن ان يستثمروها لقلة رؤوس‬
‫االموال لديهم ‪ ،‬او ان امكانياتهم المالية والفنية واالدارية المحدودة التي تعجز عن القيام‬
‫بأي نشاط‪.‬‬
‫ومن ناحية اخري تكون هذه الشركات رؤوس اموال ضخمة نتيجة تجميع المدخرات‪،‬‬
‫وتخوض وترتاد الميادين االقتصادية التي يعجز االفراد بامكانياتهم المحدودة عن ارتياده‬
‫مثل صناعة الحديد والصلب والطائرات الصناعات االلكترونية وغيرهامن تلك‬
‫الصناعات والمشروعات التي تحتاج المكانيات مالية وفنية وادارية تستطيع الشركات‬
‫المساهمة توفيرها دون غيرها‪.‬‬
‫لذلك يجب ان يقترن تأسيس هذا النوع من المشروعات بالحكمة والحذر واتخاذ كافة‬
‫الضمانات التي تكفل عدم العبث بأموال المواطنين‪،‬وهذا ماتحاول كل الدول العنل علي‬
‫تحقيقه نظرا الن العبث بأموال المواطنين يؤدي الي ضيلعها باالضافة لالثار السيئة‬
‫عليهم وعلي االقتصاد القومي باالضافة الي انعدام الثقة‪،‬ان نجاح هذا النوع من‬
‫المشروعات يساهم في دعم االقتصاد القومي وارتفاع مستوي المعيشة‪.‬‬
‫ولهذا فان تأسيس هذا النوع من المشروعات يتطلب بعض االجراءات المعقدة‪،‬وذلك‬
‫لحماية رؤوس االموال المسثمرة من التالعب ‪،‬وهذا النوع من الشركات يختلف عن‬
‫باقي الشركات السابق ذكرها ‪،‬اذ ان المساهم بمجرد اكتتابه يصبح من المالك للشركة له‬
‫‪8‬‬
‫كافة حقوق الملكية وال يشترط توافر الثقة او حتي المعرفة لالفراد بعكس شركات‬
‫التضامن والتوصية‪.‬‬
‫ومجلس االدارة المنتخب في هذا النوع من المشروعات يقوم بادارة المشروع نيابة عن‬
‫المساهمين ويقوم بتوزيع العمل علي اعضلئه‪.‬‬
‫وهذا النوع من الشركات اكثر استمرارا ودوما حيث انه ال يرتبط بوفاة احد المساهمين‬
‫او اعساره‪ ،‬وانما بالهدف الذي يسعي الي تحقيقه‪،‬كما ان هذا النوع من المشروعات‬
‫يعتبر وعاء لتجميع واستثمار مدخرات المواطنين‪.‬‬
‫وتستطيع هذه المشروعات بما لها من امكانيات مادية ضخمة ان تقوم بتوظيف ذوي‬
‫الخبرة من المتخصصين‪،‬وتطبيق االصول العلمية في االدارة لكي تستطيع تحقيق أهدافها‬
‫بأقل التكاليف الممكنة‪،‬وباالضافة الي ذلك فان االدارة في حالة استقرار بعكس االنواع‬
‫السابق ذكرها من المشروعات‪،‬كما ان الشركات المساهمة تتمتع بثقة البيوت المالية‬
‫والموردين ويتيح لها ذلك امكانيات ائتمانية كبيرة‪،‬وهذا النوع من المشروعات يتيح‬
‫للمستخدمين به الكثير من الخدمات االجتماعية والصحية نظرا المكانيانها الكبيرة‪.‬‬
‫وهذه الشركات بما لها من قدرات علي تجميع االموال قد تتوسع في زيادة اموالها وقد‬
‫يكون ذلك ازيد من احتياجاتها االمر الذي يؤدي الي تعطيل جزء من اموالها فتتضاءل‬
‫انصبة االسهم من االرباح النهائية‪،‬وهذه الشركات اصعب في ادارتها‪،‬كما انها اصبحت‬
‫االن تتعرض لرقابة حكومية اشد حرصا علي اموال المستثمرين وهذا قد يعطل عملها‬
‫في بعض االحيان‪،‬وقد تتخذ بعض الشركات جهازا اداريا ضخما مما قد يكلفها امواال‬
‫كثيرة وقد يعيق هذا سرعة سير العمل بها‪.‬‬
‫والشركات المساهمة من المشروعات الضخمة التي تساعد االقتصاد القومي – في حال‬
‫نجاحها – علي التقدم والنمو االزدهار‪،‬كما انها تجعل االقتصاد القومي يقفز قفزات‬
‫كبيرة في اتجاه التقدم‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬النظام االقتصادي الموجه‪:‬‬
‫بعد ما استتب االمر للنظام الرأسمالي واصبحت له اقدام ثابتة‪،‬بدأ في التوسع واالنتشار‬
‫ونتج عن هذا النظام مباشرة االستعمار والحروب التوسعية من اجل السيطرة علي‬
‫االسواق بالضافة الي مساوئ النظام نفسه داخل اوطانه التي ترعرع وازدهر‬
‫فيها‪،‬باالضافة الي ذلك صادف هذا النظام نفسه ازمات سياسية واقتصادية طاحنة وعاني‬
‫النظام الرأسمالي من االقالس وخاصة بعد ازمة الكساد العظيم (‪)1933 -1929‬‬
‫وازمات التضخم النالي التي اجتاحت العالم الرأسمالي واصبحت سمة من سماته‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫واالقتصاد الرأسمالي يقوم علي التسليم بأن المصلحة العامة تتحقق تلقائيا عبر آليات‬
‫السوق‪،‬ومن خالل سعي كل فرد لتحقيق مصلحته الخاصة(‪،)26‬وهو في ذلك يعتمد علي‬
‫المنافسة الحرة‪،‬ولقد اثبتت التجارب ان هذا الهيكل االقتصادي ادي الي مساوئ عديدة‬
‫اظهرت النظام نفسه بهيئة غير التي رمي اليها دعاة النظام(‪)27‬‬
‫ومن خالل هذه المواقف التي اثبتت عجز النظام الرأسمالي من تحقيق امال‬
‫الشعوب‪،‬قامت الرأسمالية كمحاول منها النقاذ النظام الرأسمالي من االنهيار بالتدخل‬
‫وتوجيه االقتصاد مع بقاء الملكية الخاصة هي االساس‪،‬وتدخل الدولة وملكيتها لبعض‬
‫الشمروعات هو االستثناء‪.‬‬
‫وسوف يقوم الباحث باستعراض المشروعات القائمة في االقتصايات الموجهة وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬المشروعات المؤممة‪:‬‬
‫في هذه الحالة تتدخل الدولة عن طريق شراء المشروعات المفلسة او تساهم فيها او تشارك فيها‪،‬فاذا‬
‫ما ازدهرت قامت باعادتها الي الفطاع الخاص مرة اخري‪.‬‬
‫ونري في هذا المجال وبتدخل الدولة يظهر القطاع العام واهميته ولكنه محدود بحدود االزمات‬
‫االقتصادية والسياسية القاسية التي يمر بها النظام الرأسمالي‪،‬فاذا ما انتهت تلك االزمات عادت‬
‫المشروعات الخاصة الي قوتها ‪،‬ولذلك كان القطاع العام محدود ومرتبط بالضرورة بالمشروعات‬
‫التي ال تدر عائدا ضخما أو التي تحتاج الي استثمارات ضخمة ال تغل عائدا كبيرا‪.‬‬
‫والمشروعات المؤممة في الدول الرأسمالية تختار لها الدولة مجلس ادارتها من االحتكاريين‬
‫الرأسماليين‪،‬وحتي ممثليها يكونوا من هؤالء الرأسماليين حتي تصبح لهذه المشروعات الصفة‬
‫االحتكارية ايضا‪.‬‬
‫وفي الدول االشتراكية عندما يؤمم مشروع خاص تقوم الدولة بدفع تعويضات الصحابه او جزء منها‬
‫‪،‬او عندما تجد ان المشروع كان مستغال ال تدفع الصحابه شيئا اكتفاء منها بما حققوه من ارباح‬
‫استغاللية قبل التأميم‪،‬وهي تقوم بتعيين مجلس ادارة ممن تري انهم مناسبين لهذه المهمة‪،‬وبحيث‬
‫يستطيعوا تحقيق أهداف المشروع التي تحقق اهداف المجتمع‬
‫‪ -2‬فى االقتصاديات الموجهة أصبحت الدولة تتدخل فى النشاط االقتصادى عن طريق السياسة المالية‬
‫والنقدية‪ ،‬كما تتدخل الدولة عن طريق إنشاء مشروعات الخدمات‪ ،‬أو المشروعات التى ال يقدر عليها‬
‫األفراد‪ ،‬أو التى ال ينتظر أن تدر ربحا سريعا‪ ،‬أو قد تشترك مع القطاع الخاص فى بعض األنشطة‬
‫لتنمية بعض الجوانب االقتصادية‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫وعندما تساهم الدولة فى بعض المشروعات فإنها تساهم بنسب متفاوتة تقدرها هى حسب مقضيات‬
‫التنمية ومتطلبات المجتمع بحيث تكفل هذه النسب للدولة أن تتدخل ويصبح لها وزن مؤثر فى اتخاذ‬
‫القرارات المؤثرة والرقابة أيضا‪.‬‬
‫ونرى انه فى االقتصاديات الموجهة تتزايد نسبة القطاع العام ‪ ،‬كما نرى عدة دالالت توجد فى تلك‬
‫االقتصاديات تجعلها تتدخل لتعالج مساوىء النظام الرأسمالى مثل زيادة نسبة األجور الى الدخل القومى‬
‫‪ ،‬زيادة تدخل الدولة فى االقتصاد القومى ‪ ،‬تقوية الرقابة على المشروعات االقتصادية‪ ،‬زيادة نسبة‬
‫الميزانية العامة للدولة الى الدخل القومى ‪ ،‬زيادة نسبة رأس المال العام‪ ،‬تضاؤل نسبى لمعدل الربح‬
‫نتيجة لألعباء الضريبية‪ ،‬تحديد األسعار ‪ ،‬تواجد التشريعات الخاصة بتنطيم العمل فى المصانع والتأمين‬
‫االجتماعى‪.‬‬
‫ومايزال المنظم (حافز الربح) هو المحرك الرئيسى لكون السوق والفيصل فى النظام الرأسمالى هو‬
‫المستهلك باعتباره رشيدا‪ ،‬وتفرض الدولة احيانا قيودا على المضروعات الخاصة كحقها فى مراجعت‬
‫الدفاتر‪ ،‬كما تضع القوانين والتشريعات التى تنظم تلك المشروعات‪.‬‬
‫نرى أن الدولة فى النظام الرأسمالى تستخدم سالحى المشروعات المؤممة والمشروعات المختلطة ‪ ،‬من‬
‫أجل تنظيم الميادين اال قتصادية من ناحية ومن أجل عالج المساوىء للنظام الرأسمالى من ناحية‬
‫اخرى‪.‬‬
‫كما نرى ان هذين النوعين من المشروعات يوجدان أيضا فى االقتصاديات التى توجد بها مالمح‬
‫اشتراكية (خاصة الدول النامية)‪ ،‬فإنها تساعد الدولة على النمو والنهوض وقطع شوط كبير فى التنمية‪.‬‬
‫‪-.3‬الجمعيات التعاونية‪:‬‬
‫قامت الحركة التعاونية أصال فى النظام الرأسمالى‪ ،‬والجمعيات التعاونية ظهورها أشد ارتباطا بالنظام‬
‫الرأسمالى‪ ،‬ولكن تنوعها وتعددها وانتشارها يرتبط أكثر باالقتصاديات الموجهة واالقتصاديات‬
‫االشتراكية‪ ،‬فهى تساعد تلك االقتصاديات على تحقيق بعض جوانب الخطة فى التنمية‪ ،‬ورفع مستوى‬
‫المعيشة‪ ،‬ولقد كانت نشأة الجمعيات التعاونية فى النظام الرأسمالى فى محاولة لالستغناء عن الرأسمالية‬
‫أو بعبارة أخرى فى محاولة لكى يتراجع الرأسماليون عن استغاللهم‪.‬‬
‫وانقسمت الجمعيات التعاونية الى قسمين هما‪:‬‬
‫القسم األول – قسم استهالكى‪:‬‬
‫لالستغناء عن تاجر التجزئة ونصف الجملة‪ ،‬ولقد نجحت الحركة التعاونية فى ذلك ألنها تحارب أضعف‬
‫حلقات الرأسمالية‪ ،‬وهو التاجر الصغير‪.‬‬
‫القسم الثانى – القسم االنتاجى‪:‬‬
‫‪11‬‬
‫ولقد فشل هذا القسم بسبب عدم وجود رأس المال الالزم لدى العمال‪ ،‬ولعدم وجود االئتمان المطلوب‬
‫(النشاءشركات ومشروعات انتاجية) لدى البنوك‪ ،‬وتحولت جمعيات هذا القسم فى النهاية الى‬
‫مشروعات رأسمالية‪.‬‬
‫وال شك أن القطاع التعاونى يحتل مكانة كبيرة وهامة فى االقتصاديات الموجهة( وهو يحتل مكانة‬
‫كبيرة وهامة فى االقتصاديات الرأسمالية دورا ال بأس به) لما له من قدرة على النزول الى القاعدة‬
‫الجماهيرية العريضة‪.‬‬
‫ولعل الحركة التعاونية نشأت أول ما نشأت فى المملكة المتحدة بجمعية رواد"روتشيل" عام ‪،1944‬‬
‫وبعدها انتشر هذا النوع من الجمعيات بدأ ينتشر فى بقية أنحاء أوربا وهذه الجمعيات قامت على عدة‬
‫مبادىء بعد تطويرها هى مبادىء الحركة التعاونية حتى اآلن‪ ,‬وهذه المبادىء هى‪:‬‬
‫‪-1‬الباب المفتوح للعضوية‬
‫‪-2‬ديمقراطية االدارة‬
‫‪-3‬العائد على المعامالت‬
‫‪-4‬تحديد سعر الفائدة على ر أس المال (وهذا المبدأ دخيل على الحركة التعاونية من أجل‬
‫جذب رؤوس األموال)‬
‫‪-5‬التعامل بالنقد‬
‫‪-6‬الحياد السياسى والدينى‬
‫‪-7‬التعليم التعاونى‬
‫ولعل الجمعيات التعاونية تتمتع بمزايا عديدة منها التشريعات التى تصدرها الدولة لصالح‬
‫الحركة التعاونية‪ ،‬وتشجيعها للحركة‪ ،‬ومساعدة نفسها‪ ،‬والجمعيات التعاونية الجيدة التنظيم‬
‫واالدارة تقدم مستوى عال من الخدمة‪ ،‬وقلة السعر وجودة السلعةألعضائها‪ ،‬كما يحصل‬
‫األعضاء على تخفيض كبير يتمثل فى العائد على معامالتهم فى الجمعية‪ ،‬واشتراك‬
‫األعضاء فى الجمعية فى إدارتها يعطيهم الحافز على العمل واالنتاج‪ ،‬والجمعيات التعاونية‬
‫بصفة خاصة ترفع مستوى المجتمع الذى توجد فيه عن طريق الخدمات التى تقدمها‬
‫لألعطاء ولغير األعضاء كما انها تحارب اال ستغالل وافتعال األزمات من جانب تجار‬
‫القطاع الخاص‪.‬‬
‫وان كانت تواجه هذه الجمعيات بعض المشاكل مثل صعوبة التمويل‪ ،‬وضعف الحافر‬
‫الشخصى‪ ،‬ومشاكل التسويق‪ ،‬وهذه المشاكل التى تواجه الحركة التعاونية ال تضعف من‬
‫‪12‬‬
‫شأنها ولكنها تساعدها بان تدفع الحركة الى مزيد من العمل والجهد للتوصل الى حلول لهذه‬
‫المشكالت‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬النظام االشتراكى‬
‫ظهرت مساوىء الرأسمالية واضحة فى أعقاب الثورة الصناعية ووضحت اثارها‪،‬‬
‫وظهرت فى القرن التاسع عشر ومن قبله االفكار االشتراكية وتوجها ظهور كتاب رأس‬
‫المال لكارك ماركس فى ذلك القرن‪ ..‬وهو يعبر عن أفكار اشتراكية متطرفة‪ ،‬ولقد امنت‬
‫جماعات كثيرة وخاصة فى أوروبا وبصفةخاصة الطبقات الكادحة والطحونة بهذه االفكار‬
‫ولقد استفحل األمر بعد الوصول بالرأسمالية الى مرحلة االستعمار إشعالها حربين عالميتين‬
‫كبيرتين وعشرات الحروب األخرى‪ ،‬ولم يجد تدخل الدولة فى النظام االقتصادى لحل‬
‫المشاكل التى تواجه هذا النظام‪ ،‬وقامت الثورات االشتراكية فى أعقاب الحرب العالمية‬
‫الثانية فى كل أوروبا الشرقية ومن قبلها وأثناء الحرب العالمية األولى قامت الثورة البلشفية‬
‫فى االتحاد السوفيتى‪ ،‬ولقد شجع هذه الثورات االشتراكية نجاح التجربة االشتراكية فى‬
‫االتحاد السوفيتى نفسه الذى كانت تجربته معزولة عن العالم وأراد‬
‫لها االنتشار لما اكتملت له أسباب القوة والتقدم‪ .‬وفى النظم االشتراكية التى قامت فى هذه‬
‫الدول تعاظم تدخل الدولة فى الميدان االقتصادى‪ ،‬حيث أن النظام االشتراكى يقوم على‬
‫ملكية عوامل االنتاج الرئيسية فيه وإدارتها وفى وفى تخطيط مرسوم يمتنع معه التبديد‪،‬‬
‫ويحقق إنتاجا أوفر لصالح الجماعة مما يؤدى الى توسيع قاعدة الدخل القومى للدولة‪،‬‬
‫وكفالة التوزيع العادل للدخل بين أفراد المجتمع فى ظل الديمقراطية بمعناها السائد فى تلك‬
‫الدول‪ ،‬ويتبع هذا أن ملكية عوامل اإلنتاج الرئيسية وإدارتها وتوجيهها تكون للدولة ومن ثم‬
‫عظم دور القطاع العام فى ظل النظام االشتراكى‪ ،‬وأصبح له الدور القيادى والسيادة فى‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫وبانتشار النظم االشتراكية خارج نطاق أوروبا الشرقية سواء فى أفريقيا وأسيا وأمريكا‬
‫الالتينية‪ ،‬تعددت أساليب تطبيق األفكار االشتراكية‪ ..‬وفى مجال المشروعات العامة اختلف‬
‫نطاقها او بمعنى أخر اختلف نطاق القطاع العام‪ ،‬ففى الدول الموجودة شرق أوروبا‬
‫واالتحاد السوفيتى والصين انسحب دور القطاع العام الى االرض وتأميمها والشركات‬
‫الخاصة بكافة أنواعها وكافة المجاالت االقتصادية‪ ..‬وفى دول أخرى انسحب التأميم ونطاق‬
‫القطاع العام إلى الشركات ذات الوزن االقتصادى المؤثر والبنوك والتجارة الخارجية (مثل‬
‫جمهورية مصر العربية)‪....‬وفى دول أخرى كان نطاق القطاع العام عن طريق‬
‫المشروعات العامة التى تنشئها الدولة مثل (الهند) وبهذا نرى اختالف نطاق القطاع العام‬
‫والمشروعات العامة باختالف التطبيق‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫وألن االقتصاد االشتراكى يؤكد أن التخطيط المركزى هو األسلوب األمثل لتحسين‬
‫المصلحة العامة ‪ ..‬وألن خصائص النظام االشتراكى هى‪-:‬‬
‫‪-1‬الملكية العامة لوسائل االنتاج‬
‫‪-2‬التخطيط االقتصادى الشامل‬
‫‪-3‬اعتبار العمل االنسانى كقاعدة أساسية للتوزيع‬
‫‪-4‬تمركز القوى السياسية واالقتصادية فى أيدى الشعب العامل‬
‫أصبح لزاما ان تكون المشروعات العامة فى الدولة التى تطبق النظام االشتراكى هى‬
‫الرائدة وهى المالكة لزمام االنتاج والعملية اإلنتاجية‪ ،‬وهى القاعدة االقتصادية األساسية فى‬
‫أى مجتمع اشتراكى‪ ،‬والمشروعات العامة بجوار انها تساعد على تحقيق األهداف العامة‬
‫للدولة‪ ،‬وهى تنمية االقتصاد القومى ورفع مستوى المعيشة‪ ،‬وتقريب الفوارق بين الطبقات‪،‬‬
‫ومنع االحتكار واالستغالل وسيطرة رأس المال باالضافة إلى ذلك فإن للمشروعات العامة‬
‫اهدافا تريد تحقيقها‪ ،‬وهى تختلف باختالف القطاعات االقتصادية فمثال هناك بعض‬
‫المشروعات ذات األهمية الحيوية والتى ال ترمى لدولة الى الربح منها با احيانا تحقق‬
‫خسارة‪ ،‬إذ أن هدفها االساسى هو توفير الخدمات للشعب كالسكك الحديدية ومؤسسات‬
‫النقل العام ‪ ،‬واإلذاعة والتليفزيون ‪ ....‬الخ‪ ،‬وفى بعض ا الحيان يكون القصد من االلتجاء‬
‫الى المشروع العام هو التحرر من الروتين الحكومى‪،‬وفى احيان أخرى ترمى المشروعات‬
‫العامة إلى الحد من الروح االستغاللية لدى القطاع الخاص وترى أنه فى كثير من الحاالت‬
‫تهدف المشروعات العامة إلى خلق فرص عمل جديدة المتصاص القدر الزائد من العمال‬
‫الزراعيين وغيرهم وتحويلهم إلى القطاع الصناعى‪ ،‬وفى أحيان اخرى تستهدف‬
‫المشروعات العامة الدخول فى ميادين يحجم عنها القطاع الخاص(وذلك فى الدول ذات‬
‫االقتصاد الموجه أو الدول التى تطبق النظم االشتراكية والقطاع الخاص قائم بها أيضا مثل‬
‫مصر والهند وغيرهما من الدول) إما لحداثتها أو ألنها ال تحقق ربحا سريعا أو تجاوز‬
‫إمكانيات القطاع الخاص نفسه مثل الصناعات الثقيلة والخدمات والصناعات التعدينية‪.......‬‬
‫الخ‬
‫والمشروعات العامة تخضع لرقابة ملزمة من الدول تتمشى فى مراجعة حساباتها‬
‫وأعمالها عن طريق أجهزة الدولة المتخصصة‪ ،‬ولهذه المراقبة أثر كبير فى دقة وانتظام‬
‫سير أعمال المشروعات العامة‪ ..‬وكل مشروع من هذه المشروعات له حساباته المستقلة‬
‫وميزانياته أيضا المستقلة‪ ،‬ويعتبر وحدة مستقلة يدير شئونه حسبما يتراءى إلدارته‪،‬‬
‫وحسبما تقتضى الظروف والتطورات داخل الدولة‪ .‬ويجب ان يتوافر فى القائمين على‬
‫تلك المشروعات صفات معينة حتى ال يؤدى عدم توافر تلك الصفات الى خسائر يتحملها‬
‫الشعب‪ ،‬ويحمل االقتصاد القومى أعباء كبيرة تعيق تنفيذ خطط التنمية الموضوعة‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫وتوجد هناك بعض المشروعات العامة تحتفظ لنفسها بجهاز إدارى ضخم معقد مما يكلفها‬
‫ماال كثيرا ونفقات إدارية باهظة‪ ،‬وبالتالى تؤدى الى ظهور طبقة جديدة فى المجتمع وهى‬
‫طبقة اإلداريين وهى التى تعانى منها معظم الدول المتخلفة كما ينقص المشروعات العامة‬
‫الدافع الذاتى لدى العاملين فى تلك المشروعات وهى ميزة كبيرة ‪ ،‬ولعل حل هذا هو فى‬
‫اشراك العاملين فى إدارة هذه المشروعات‪.‬‬
‫ولعل المشروعات العامة تؤدى دورا بارزا فى تحقيق أهداف المجتمع‪ ،‬وتحقيق أهداف‬
‫التنمي أيضا من رفع مستوى المعيشة‪ ،‬وتنمية االقتصاد القومى‪ ،‬باإلضافة الى ذلك فهى‬
‫تشارك فى تحقيق التنمية للمجتمع إذا أديرت بنجاح‪ ،‬وتخلصت من البيروقراطية‪ ،‬وانطلقت‬
‫مع متطلبات العمل االقتصادى ومرونته‪.‬‬
‫إذا تحقق لها ذلك استطاعت أن تنطلق باالقتصاد القومى الى األمام وهذا ما نراه حادثا فى‬
‫التجارب االشتراكية فى دول شرق أوروبا واالتحاد السوفيتى والصين‪.‬‬
‫ولعله توجد قطاعات تؤدى أيضا دورا مساعدا بجانب المشروعات العامة فى االقتصاديات‬
‫االشتراكية أو ذات الصبغة‪ ،‬االشتراكية ومن هذه القطاعات القطاع التعاونى‪ ،‬فانه فى تلك‬
‫النظم االقتصادية توجد التعاونيات بمختلف أنواعها وأشكالها ‪ ..‬ولعل التعاونيات فى النظم‬
‫االشتراكية تختلف عن التعاونيات فى النظم الرأسمالية والموجهة‪ ...‬فالتعاونيات فى النظام‬
‫االشتراكى تعنى أنه القطاع الذى يتميز بالملكية المشتركة لوسائل اإلنتاج كلها أو معظمها‬
‫وبتوزيع العائد على أساس كمية العمل الذى قام به العضو‪.‬‬
‫ومن ذلك نرى أن الدولة(فى النظم االشتراكية) تساهم فى إقامة التعاونيات المختلفة‪ ،‬وبجانب‬
‫مساهمة المواطنين الذين يصبحون مساهمين ومشتركين فى تلك الجمعيات التعاونية‪،‬‬
‫وتكون الملكية مشتركة بينهم ويوزع العائد على األعضاء بحسب عمل كل عضو‪.‬‬
‫من هذا نخلص إلى أن الجمعيات التعاونية بمختلف أشكالها تقوم بدور هام ومساعد فى‬
‫النظم االشتراكية‪ ،‬كما أنها تقوم بدور مكمل لنشاط المشروعات العامة فى تنمية االقتصاد‬
‫القومى للدولة‪ ،‬ورفع مستوى معيشة مختلف الطبقات وإحداث الرفاهة المرغوب فيها‬
‫للمجتمع‪.‬‬
‫لعلى بعد استعراض أشكال المشروعات فى النظم االقتصادية المعاصرة سواء كانت‬
‫رأسمالية أو موجهة أاشتراكية قد أتيت إلى نهاية هذا المبحث‪ .‬ولعله من المنطق أن أتكلم‬
‫فى المبحث الثانى عن دور اإلدارة المالية وأهميتها وأهدافها ووظائفها‪ ،‬وكيفية إداراتها‬
‫للمشروعات فى النظم االقتصادية المختلفة ‪ ..‬وحتى تستطيع أن تحقق المشروعات المختلفة‬
‫أهدافها‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫المبحث الثانى‬
‫اإلدارة المالية للمشروعات‬
‫إن المشروعات تعتمد فى نموها واستمرارها على المال‪ ،‬ورؤوس األموال قد يكون‬
‫توفيرها سهال فى بعض االحيان‪ ،‬وفى أحيان أخرى يكون توفيرها صعبا‪ ،‬وأيا كانت‬
‫السهولة أو الصعوبة فى توفير رؤوس األموال‪ ،‬فإن إدارة هذه األموال هو أهم ما يشغل بال‬
‫القائمين على إدارة المشروع ولما كانت اإلدارة السيئة ألموال المشروع تعود بالضرر على‬
‫المشروع ‪ ،‬وأصحابه با وعلى االقتصاد القومى بآثار سيئة ‪،‬فإن اإلدارة الجيدة ألموال‬
‫المشروع تعود بالنفع على المشروع وأصحابه بل واالقتصاد القومى ‪،‬األمر الذى يدفعه الى‬
‫األمام والى التقدم ‪ ،‬فإن التمويل اإلدارى على هذا األساس يعتبر ذا وضع خطير وهام لذا‬
‫احتلت اإلدارة المالية للمشروعات المعاصرة مكانة هامة وخطيرة فى الدراسات االقتصادية‬
‫المعاصرة ‪،‬وعلى هذا جذبت اإلدارة المالية أو التمويل اإلدارى اهتماما واسعا من الكتاب‬
‫المهتمين باإلدارة فى الفترة األخيرة‪ .....‬وجعلتهم يتحدثون عن مفهوم اإلدارة المالية‬
‫وأهدافها ووظائفها وكيفية استثمار األموال فى المشروعات فى جميع اآلجال (القصيرة –‬
‫المتوسطة – الطويلة) ‪،‬لهذا كان على أن أتناول تعريف اإلدارة المالية ومفهومها فى هذا‬
‫المبحث ثم أهدافها ووظائفها ‪ ..‬وبعدها لتناول كيفية إدارة التمويل فى الشركات الخاصة‬
‫والمشروعات العامة‪ ..‬ولهذا كان تناولى لموضوع اإلدارة المالية على الشكل التالى‪\-:‬‬
‫ تعريف اإلدارة المالية‬‫ أهداف اإلدارة المالية‬‫ وظائف اإلدارة المالية‬‫ اإلدارة المالية فى المشروعات المختلفة‬‫أوال – تعريف اإلدارة المالية‬
‫وردت تعريفات عديدة متنوعة عن اإلدارة المالية فى كتابات المختصين والمهتمين بالكتابة‬
‫عن إدارة المال‪ .....‬وسوف أورد بعض هذه التعريفات وأستخلص فى النهاية ما أجمعت‬
‫عليه التعريفات‪.‬‬
‫فاألستاذ الدكتور حسن توفيق يعرف اإلدارة المالية بأنها ‪:‬‬
‫"أوجه النشاط اإلدارى بالمشروعات المتعلقة بتنظيم حركة األموال الالزمة لتحقيق أهداف‬
‫المشروع بكفاية إنتاجية عالية‪ ،‬والوفاء بااللتزامات المستحقة عليه فى مواعيدها"‬
‫‪16‬‬
‫واألستاذ الدكتور محمد عبد العزيز عبد الكريم يعرف اإلدارة المالية أيضا بأنها‪-:‬‬
‫"مجموع النشاط الموجه نحو تخطيط األعمال المالية السليمة المناسبة‪ ،‬واألموال المستثمرة‬
‫المناسبة أى أختيار المزيج المناسب من األعمال والموارد للوصول إلى األهداف بأكبر‬
‫كفاية‪ ،‬والرقابة عليها لتحديد االنحرافات وأستقصائها لمعالجة أسبابها الحقيقية حتى ال‬
‫تتكرر هذه األنحرافات‪ ،‬وبذلك يتم التنسيق فى األعمال المالية والمال المثمر فى المشروع‬
‫وهو الهدف من إدارة أموال المشروع"‪.‬‬
‫والتنسيق ال يعنى إصالح األخطاء بقدر ما يعنى عدم تكرار الخطأ لنفس السبب‪ ،‬وال يمكن‬
‫الوصول إلى التنسيق اإل بواسطة التخطيط السليم والرقابة على تنفيذها‪.‬‬
‫والدكتور شوقى حسين يعرف األدارة المالية بأنها‪-:‬‬
‫"السياسة المالية هى االستخدام االقتصادى لألموال ‪ ،‬وأن العملية األساسية هى المقارنة بين‬
‫مزايا األستخدامات المحتملة‪ ،‬وبين تكلفة المصادر البديلة المحتملة ‪ ،‬بقصد تحقيق األهداف‬
‫المالية العامة التى يحددها المشروع لنفسه"‪.‬‬
‫وباألضافة إلى قيام الكتاب العرب بتعريف اإلدارة المالية ووضع التعاريف المتعددة عن‬
‫كيفية إدارة األموال‪ ...‬فإن الكتاب العالميين الذين اهتموا بإدارة المال وضعو تعريفات‬
‫اإلدارة المالية ومن هؤالء األستاذ هارلى الذى يعرف اإلدارة المالية بأنها‪:‬‬
‫‪“The administration of the financial breaks down into the name‬‬
‫‪managerial activities: planning, organizing, staffing, directing and‬‬
‫“ ‪controlling‬‬
‫هنا يقرر "االستاذ هارلى" أن اإلدارة المالية أو إدارة الوظيفة المالية تتضمن نفس األنشطة‬
‫اإلدارية المضادة وهى ‪-:‬‬
‫التخطيط‪ ،‬التنظيم ‪ ،‬تنمية الهيئة اإلدارية‪ ،‬التوجيه ‪ ،‬الرقابة‪.‬‬
‫ونلحظ أن التعريفات السابقة أجمعت على عدة أشياء هامة وهى من أهم ما تعمل اإلدارة‬
‫المالية على تحقيقها وهى ‪:‬‬
‫‪ -1‬االستخدام االقتصادى لألموال لتحقيق أهداف المشروع‪.‬‬
‫‪ -2‬االستخدام االقتصادى لألصول والخصوم للمشروع‪.‬‬
‫‪ -3‬التخطيط ‪ ،‬التنظيم‪ ،‬الرقابة‪ ،‬التنسيق من أجل االستخدام الجيد ألموال المشروع‪.‬‬
‫وانطالقا من هذا انتقل الى شرح مفهوم اإلدارة المالية‪ .‬ويتضح هذا المفهوم فى اإلدارة المالية‬
‫هى التى تختص بإمداد المشروع باألموال الالزمة له ‪ ،‬واستثمارها فى األصول المختلفة‬
‫بشكل يمكن المشروع من تحقيق أهدافه بأكبر كفاية ممكنة‪ ،‬وباإلضافة الى ذلك يكون مفهوم‬
‫‪17‬‬
‫اإلدارة المالية بالمعنى الواسع أن تختص أيضا بحسن إستخدام األموال فى األعمال التى‬
‫تؤدى إلى تحقيق أهداف المشروع‪.‬‬
‫ولهذا كانت اإلدارة المالية العلمية تشهد بتنظيم وإدارة األعمال واألنشطة الفنية للوظيفة المالية‬
‫بما يحقق أكبر كفاية‪ ،‬ويعنى هذا انجاز هذه األعمال بأقل جهد فى أقل وقت وبأقل تكلفة مع‬
‫الحصول على أكبر عائد ممكن‪.‬‬
‫لهذا أصبح االتجاه الحديث فى اإلدارة المالية يتضمن اهتماما بناحيتى التخطيط والرقابة ‪ ،‬بعد‬
‫أن كان االتجاه هو التركيز على تدبير األموال وإدارة رأس المال العامل‪.‬‬
‫لهذا كان نطاق اإلدارة المالية يشمل القرارات الخاصة باستخدام األموال والحصول عليها‪.‬‬
‫ويجب أن يكون الموضوع الرئيسى عن الطريقة التى يمكن لالدارة المالية استخدام تلك‬
‫األموال والتقرير عما إذا كان على المشروع اإلبقاء على استثماره كما هو أو زيادته أو‬
‫إنقاصه‪ ،‬وذلك بالنسبة لجميع أنواع األصول التى تستخدم فيها أمواله‪.‬‬
‫ولهذا كانت اإلدارة المالية تتضمن عدة عناصر باالضافة الى ما سبق ذكره وهى‪-:‬‬
‫تحديد هدف واضح تتجه إليه اإلدارة المالية‪.‬‬
‫‪-1‬‬
‫‪-2‬‬
‫‬‫‬‫‪-3‬‬
‫ايجاد أساس نظامى سليم لتوجيه األموال إلى المشروع واستخدامها فيه لتحقيق األهداف‬
‫طويلة األجل وهذا يتضمن‪-:‬‬
‫هيكل تنظيمى يمكن عن طريقه جمع كل المعلومات الالزمة عن طريق االستثمار‬
‫والتمويل المتاحة‪.‬‬
‫تحليل مزود بالمقاييس واألهداف العملية التى تساعد على تحقيق الهدف العام ‪ ،‬أو‬
‫األهداف العامة للمشروع بأفضل طريقة ممكنة‪.‬‬
‫إيجاد حل لمشكلة تحقيق هيكل أمثل لرأس المال يأخذ فى الحصبان تكلفة األموال من‬
‫المصادر المختلفة ‪ ،‬وأثر التمويل عن طريق مصدر معين على تكلفة التمويل من‬
‫المصادر األخرى‪ ،‬والتغييرات المتوقعة فى هذه التكاليف والعالقات القائمة فيما بينها‪.‬‬
‫نخلص مما سبق ذكرة سواء فى التعريفات أو العرض لمفهوم اإلدارة المالية أن اإلدارة‬
‫المالية تسهم بشكل كبير وفعال فى تحقيق أهداف المشروع باإلضافة إلى أنها تقوم بدور‬
‫بالغ األهمية فى األنشطة األخرى المالية والغير مالية للمشروع‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬اهداف االدارة المالية‪:‬‬
‫ان لكل مشروع من المشروعات اهدافا محددة تماما‪،‬قد تتسع في المستقبل وتتغيير‪،‬ولكن‬
‫يظل للمشروع اهدافل محددة مهما تغيرت هذه االهداف‪،‬ولكي تنفذ هذه االهداف وتتحقق ال‬
‫بد من وسائل لتحقيقها وتنفيذها بحيث يصل المشروع الي تحقيق اهدافه من اقصر الطرق‬
‫واقل التكاليف الممكنة في ظل ظروف مناسبة‪،‬لذلك يقع علي عاتق ادارة المشروع تنفيذ تلك‬
‫االهداف‪،‬وتكون البد المنفذة لتلك االهداف وعلي عاتقها تقع المهمة الكبري والصعبة لتنفيذ‬
‫‪18‬‬
‫وتحقيق هذه االهداف هي االدارة المالية‪،‬فبال شك فهي االدارة التي تشرف علي ادارة المال‬
‫في المشروع الذي هو عصب حياة المشروع‪،‬ويقع علي االدارة المالية تحقيق االهداف سواء‬
‫التي تتعلق بالنواحي المالية او بالنواحي غير المالية‪،‬وعلي هذا يمكننا القول بان االدارة‬
‫المالية اهدافا محددة ايضا تماما بحيث انه من خالل تحقيق تلك االهداف لتتحقق اهداف‬
‫المشروع‪.‬‬
‫ومن منطلق هدف او اهداف المشروع يمكننا القول بالتالي انها هدف او اهداف االدارة‬
‫المالية‪،‬وبالتالي تكون االدارة المالية هي اتخاذ القراراتوالتصرفات التي من شأنها تحقيق‬
‫هدف المنشأة‪،‬وعلي ذلك فاالدارة المالية ليست وظيفة مستقلة عن الوظائف االخري في‬
‫المشروع وليست جزءا منفصال عن عملية االدارة ذاتهاولكنها في الواقع جزء ال يتجزأ من‬
‫ادارة المشلروع ككل‪.‬‬
‫وعلي هذا يجب ومن المهم ان تلحظ ان وظيفة االدارة المالية هي االساس لكل المشروعات‬
‫واالعمال‪.‬‬
‫وعلي ذلك تكون القرارات والتصرفات التي من شأنها تحقيق هدف المنشأة تشكل قرار االستثمار‬
‫طويل المدي ‪،‬وقرار التمويل بعيد المدي‪،‬وقرارات التمويل قصير االجل‪،‬وكأساس للقرارات السابقة‬
‫لتصبح عملية التحليل المالي ‪:‬ضرورية واساسية‪.‬‬
‫وعلي ذلك وبجانب هذا توجد اهداف اخري لالدارة المالية وهذه االهداف هي‪:‬‬
‫‪ -1‬التنسيق في االعمال البشرية بحسن التنظيم وحسن االدارة علي اسس علمية(اي اعمال‬
‫االدارة المالية العلمية من احصاءات ووسائل علمية حديثة في المحاسبة الخ) لتتم بتكامل تام‬
‫كما لو قام بها فرد واحد حكيم في اقل وقت ممكن وبأقل جهد‪،‬واتخاذ القرارات المناسبة‬
‫الالزمة لذلك‪،‬بحيث تكون القرارات المناسبة في الوقت المناسب لكي تكون قرارات سليمة‬
‫وتحقق الغرض منها‪.‬‬
‫‪ -2‬التنسيق في االموال لتعمل باكبر كفاءة‪،‬واتخاذ القرارات الالزمة ‪،‬ان اختيار المزيج المناسب‬
‫من الموارد البشرية (العمل)والموارد المالية للوصول الي هذا التناسق الموصل الي اهداف‬
‫المشروع عن طريق االدارة المالية بكفاية قصوي‪،‬بحيث يحقق اهداف المشروع في اقل‬
‫وقت وبأقل جهد وتكلفة‪،‬لكي يجني المشروع من ورائها الفائدة التي تعود عليه بالنفع‬
‫والتوسع ‪،‬وعلي االفراد والمجتمع ايضا‪.‬‬
‫ثالثا‪:‬وظائف االدارةالمالية‪:‬‬
‫لتحقيق االهداف ال بد ان توجد الوسائل او الوظائف التي تساعد علي تحقيق تلك االهداف ‪،‬والتي‬
‫تمهد الطريق لتحقيقها‪،‬ولما كانت االدارة المالية تضع امامها اهدافا محددة‪،‬لذلك كان الزما ان توجد‬
‫لها الوظائف التي تساعدها علي تحقيق اهدافها‪،‬ولعل اهم وظائف االدراة المالية هو الحصول علي‬
‫االموال الالزمة للمشروع بشروط مناسبة تتفق مع اهدافه‪،‬غير ان مجال االدارة المالية يتعدي ذلك‬
‫ليشمل ادارة هذه االموال واستخدامها بكفاءة ولذلك اصبحت وظائف االدارة المالية هي‪:‬‬
‫‪ -1‬ما فبل التنفيذ‪ :‬وهو ما يطلق عليه التخطيط‬
‫‪ -2‬اثناء التنفيذ‪:‬وهو ما يطلق عليه المتابعة واالشراف والتوجيه‬
‫‪19‬‬
‫‪ -3‬ما بعد التنفيذ‪:‬وهو ما يطلق عليه الرقابة المالية‬
‫‪ -4‬االختصاصات الفتية لالدارة المالية‬
‫‪ -5‬اتخاذ القرارات والتصرفات‬
‫‪ -1‬التخطيط المالي‪:‬‬
‫يعتبر التخطيط المالي من اهم وظائف االدارة المالية اذ يساعد علي الحصول علي مايحتاجه‬
‫المشروع من اموال في الوقت المناسب ‪،‬مع االخذ في االعتبار تكلفة رأس المال والشروط التي‬
‫يمكن بمقتضاها الحصول علي هذه االموال واالستخدام االقتصادي لها بواسطة المشروع‪،‬ويجب ان‬
‫تكون نظرة االدارة عامة وشاملة بالنسبة الوجه النشاط المتعددة نظرا للدور الرئيسي للتخطيط المالي‬
‫في تحديد اهداف المشروع في االجل الطويل‪.‬‬
‫ويشمل التخطيط المالي‪:‬‬
‫أ‪ -‬االهداف المالية‬
‫ب‪ -‬السياسات المالية‬
‫ت‪ -‬االجراءات المالية‬
‫ث‪ -‬الميزانيات التقديرية المالية‬
‫ويلجأ في هذا التخطيط الي االدوات العلمية الميسرة ‪،‬ويتضمن التخطيط والتنبؤ العلمي السليم علي‬
‫اساس من القوانين االحصائية وكما يقول د‪ .‬محمد عبد العزيز عبد الكريم‬
‫"ال بد ان يخطط المشروع قبل انشائه تخطيطا طويل االجل يشمل فترتي االنشاء والنمو علي‬
‫االقل‪،‬ويكون ذلك في شكل بياني بالنقطة الحدية‪،‬وتخطيط سنوي لمصروفات وايرادات المشروع‪،‬وال‬
‫شك ان التخطيط السنةي ايسر بكثير من التخطيط لبطويل والمتوسط االجل‪،‬فالتنبؤ بالمستقبل البعيد‬
‫اصعب من التنبؤ بالمستقبل القريب خاصة وان التنبؤ السنةي ال يشمل في معظمه اال االصول‬
‫المتداولة‪،‬وقليل من االصول الثانتة ان وجدت‪،‬فاذا كان المشروع قائما علي اساس من التخطيط‬
‫متوسط وطويل االجل كان التنبؤ السنوي اكثر يسرا"‪.‬‬
‫والشك ان التنبؤ التام باالحداث االقتصادية امر صعب المنال والتحقق نظرا للتقلبات السريعة‬
‫‪،‬والتعديالت الهامة التي تدخل علي االدوات والمعدات واالالت والطرق العلمية ‪،‬ولكن هذا ال يعني‬
‫عدم االهتمام بالتخطيط المالي‪،‬فالتخطيط المالي هو اساس انطالق المشروع ‪،‬كما هو السلم الموصل‬
‫الي تحقيق االهداف التي يرسمها المشروع لنفسه علي االجل الطويل‪.‬‬
‫ولقد تعرض كثير من الكتاب لتعريف التخطيط المالي فيعرفه االستاذ\برادلي‪:‬‬
‫" بأنه االهداف وكذا تحديد االعمال الالزمة لنحقيق هذه االهداف"‬
‫ويقول وليم نيومان" ان التخطيط هو تقرير ما يجب فعله في المستقبل ‪،‬كما ان التخطيط هو وضع‬
‫خطة لما يجب فعله"‬
‫ويعرفه د‪.‬محمد عبد العزيز عبد الكريم "انه عبارة عن تحديد االهداف ووضع السياسات التنفيذية‬
‫واالجراءات الالزمة للوصول الي هذه االهداف"‬
‫ويعرفه د‪ .‬حسن توفيق ‪،‬د‪.‬هلي عبد المجيد انه" يدور بصفة رئيسية حول اختيار طريقة من بين عدد‬
‫من الطرق البديلة بالنسبة الهداف المشروع وسياساته واجراءات العمل فيه وبرامجه‪،‬وباالضافة الي‬
‫ذلك يتضمن التخطيط المالي اختيار مصادر التمويل المناسبة"‬
‫‪20‬‬
‫واذا كان غرض التخطيط هو طريق لما يجب فعله ‪،‬علي هذا فان وظيفة التخطيط تشتمل علي االتي‪:‬‬
‫ وضع وتوضيح موارد المشروع‬‫ تصميم سياسات المشروع‬‫ وضع نظام اداري للمشروع والذي يجب ان تؤسس عليه سياسات المشروع‬‫‬‫والتخطيط المالي يرتبط بالوظيفة المالية وتشتمل علي تدبير موارد المشروع المالية‪،‬والسياسات‬
‫المالية‪،‬واالجراءات المالية‪..‬‬
‫واالحتياج واضح للتخطيط المالي ‪،‬فالتخطيط المالي يساعد االدارة علي تفادي الضياع بواسطة‬
‫تزويدها بالسياسات ‪،‬واالجراءات التي تجعل من المكان ايجاد ربط بين الوظائف المختلفة بالنسبة‬
‫العمال المشروع‪.‬‬
‫نستخلص مما سبق ان للتخطيط المالي نطاق معين في المشروعات وهذا النطاق يشمل اآلتي‪:‬‬
‫ حساب احتياجات المشروع المستقبلية من االموال‪،‬اي تقدير جميع القيم المادية الالزمة‬‫لتحقيق اهداف المشروع سواء في ذلك االصول الثابتة والمتداولة‬
‫ حسبان االموال النقدية الالزمة القتناء هذه القيم ومواجهة حاجات المشروع بصفة‬‫مستمرة وحساب الربحية التي تحققها االموال المستثمرة‬
‫ تدبير هذه االموال من انسب مصادر التمويل بأنسب الشروط‬‫وعلي هذا يتضح مدي اهمية التخطيط المالي للمشروع‪.‬‬
‫‪ -2‬المتابعة واالشراف والتوجيه‪:‬‬
‫الهدف من التخطيط هو اضاءة الطريق أمام االدارة خالل التنفيذ‪ ،‬وعندما تنتهى مرحلة التخطيط ويبدأ‬
‫التنفيذ‪ ،‬تجىء الوظيفة الثانية لالدارة المالية والمتابعة واالشراف والتوجيه وهى تعتبر إحدى الحلقات‬
‫الهامة فى الدورة االدارية‪ ،‬وفيها تبدأ الرقابة فعال على مستوى االدارة المنفذة أو مستوى االشرا‬
‫المباشر حيث يمكن إصالح االخطاء إذا اتضحت أسبابها مباشرة دون توان إذ أن إصالح أسباب‬
‫الخطأ م أهم عناصر نجاح المراقبة‪ ،‬إال أن الخطأ أو االنحراف قد ال يتضح أسبابه لوقوعه فى‬
‫مجموعة غير المجموعة التابعة للمشرف المباشر‪ ،‬ولذلك ينقل االنحراف إلى مستوى أعلى وهكذا‬
‫حتى يمكن اكتشاف مكان الخطأ واصالحه‪.‬‬
‫واالشراف والمتابعة تحتاج إلى تنظيم مالى‪ ،‬وعلى هذا فالوظيفة التنظيمية تشتمل على‪-:‬‬
‫ تعميم الوظائف التى يجب أن يؤديها التنظيم إذا أراد أن ينفذ هدفه بكفاءة وبطريقة‬‫اقتصادية‪.‬‬
‫ إسناد هذه الوظائف إلى أعضاء مختلفين فى التنظيم‪.‬‬‫ ضمان األداء الكفء لكل فرد لترشيد األداء للتنظيم ككل‪.‬‬‫وتوجد خطوتان هامتان فى تنطيم الوظيفة المالية وهما‪-:‬‬
‫‪21‬‬
‫ وضع جميع األنشطة على هيئة مجموعات‪.‬‬‫ وضع جميع األنشطة المالية على هيئة مجموعات‪.‬‬‫ وضع السلطة لشخص مسئول فى كل مجموعة لتكون له القدرة على التنفيذ بكفاءة‬‫وفاعلية‪.‬‬
‫ويجب على الموظف المالى أن يضع فى اعتباره دائما أن يقدم النصيحة وأن ينتبه إلى تجنب‬
‫التورط‪ ،‬ويجب أن يتوافر فى تلك النصيحة عناصر الحياد وقد يفيد التوجيه من جانب اإلدارة المالية‬
‫فى تنمية شعور كل فرد من العاملين بالمشروع بمسئوليته عن كل شىء يخص المشروع‪ ،‬ويزداد‬
‫نجاح التوجيه إذا أمكن أن يالزم الموظف هذا الشعور أثناء مباشرته لعمله أو قيامه بطلب مواد‬
‫الستعمالها أو رقابته للعاملين معه‪ ،‬وبذلك يستطاع القول أن التوجيه من جانب اإلدارة المالية يؤثر‬
‫تأثيرا أكبر إذا أمكن إقناع العاملين بأن المسئولية ليست مقصورة على الموظفين الماليين فقط‪ ،‬بل‬
‫أنها تخص جميع العاملين بالمشروع وبذلك يسهل على اإلدارة تحقيق التوازن من جانب اإلدارة‬
‫المالية وجانب الرقابة‪.‬‬
‫‪ -3‬الرقابة المالية‪-:‬‬
‫عند إعداد الخطط المالية تبدأ الرقابة المالية لمقارنة النتائج الفعلية بالخطط الموضوعة إلصالح ما‬
‫يمكن إصالحه خالل التنفيذ ‪ ،‬وتحديد االنحراف وأسبابه‪ ،‬ووضع األساليب المناسبة الصالح‬
‫االنحراف والتأكد من أن العالج وجه لالنحراف الحقيقى‪ ،‬وأنه العالج السليم حتى ال يتكرر وقوع‬
‫الخطأ بنفس األسباب‪ ,‬وتتمثل الرقابة فى مجموعة من العمليات المنتظمة يمكن أن تقوم بها أكثر من‬
‫جهة‪ ،‬بشرط التنسيق بين جهات الرقابة المختلفة‪.‬‬
‫والرقابة هى الوظيفة اإلدارية األخيرة التى يجب أن تستخدم بواسطة المسئول المنفذ إذا أريد أن ينجز‬
‫المشروع أهدافه الموضوعة بالخطة‪.‬‬
‫ووظيفة الرقابة تشتمل على أربعة وجوه محدودة هى‪:‬‬
‫(أ) تصميم تقنينى للعمليات‬
‫(ب) تقييم تقدم المشروع بالمقارنة بالتصميمات المقننة الموضوع مسبقا‬
‫(ت) البحث عن أسلوب تصحيح أى إنحراف قد يحدث‬
‫(ث) متابعة األسلوب التصحيحى بواسطة المسئول التنفيذى لتحديد ما إذا كان هذا‬
‫األسلوب مناسب وفعال أو ليس كذلك‪.‬‬
‫‪ -1‬المقصود بالرقابة المالية ومفهومها‪:‬‬
‫تعنى الرقابة المالية مراجعة العمليات المالية التى تمت فى الماضى والحاضر أوال بأول‪ ،‬وأن‬
‫االنحرافات قد عولجت أسبابها أوال بأول فى الوقت المناسب حتى يسير المشروع بنجاح من الناحية‬
‫المالية دون إعسار وأن يحسن استثمار المال للوصول إلى أكبر كفاية‪ ،‬أن المراقبة هى العمل‬
‫‪22‬‬
‫األساسى الثالث لالدارة‪ ..‬فالرقابة البد أن تزاول بفاعلية تامة إذا أريد الوصول إلى األهداف التى‬
‫وضعت بالخطط من أجل الوصول إليها بكفاية وعملية الرقابة لها أربعة أوجه هى‪-:‬‬
‫( أ ) وضع مقاييس أو نماذج أو أنمطة أو ميزانيات تقديرية لمختلف األعمال أى وضع تخطيط‬
‫رقمى قياسى واضح ما أمكن‪.‬‬
‫(ب) تقييم اإلنجاز بالنسبة للنماذج او المقاييس‪ ...‬الخ الموضوعة نتيجة للرقابة وتتبع تنفيذ الخطة‬
‫خالل األعمال إلبراز االنحرافات واستقصائها للتعرف على أسبابها‪.‬‬
‫(ت) اتخاذ القرارات واإلجراءات الالزمة إلصالح األوضاع فى حالة وجود انحرافات بعد‬
‫التعرف على أسبابها والعمل على إزالتها حتى ال تتكرر‪.‬‬
‫(ث) تتبع اإلدارة للتحقق من تنفيذ هذه االجراءات والتعرف على مدى فاعليتها فى إزالة‬
‫االنحرافات‪.‬‬
‫وأول خطوة فى سبيل الرقابة السلمية هى ضرورة تحديد السلطات والمسئوليات بدقة‪ ،‬وال بد‬
‫من اختيار مراكز الرقابة بعناية حتى يمكن إصالح االنحرافات الخطيرة فى الوقت المناسب‪.‬‬
‫وثانى خطوة فى سبيل الرقابة السلمية ضرورة وضع نظام فعال للتقارير التى تبين‬
‫االنحرافات وتوجه للمسئولين ولرؤسائهم فى المستويات اإلدارية األعلى‪.‬‬
‫وأخيرا البد أن يتم إصالح االنحراف فى أقصر وقت وبأقل التكاليف وفى الوقت المناسب‪.‬‬
‫"وبعد فالرقابة المالية تبدأ مع المال عند تكوينه‪ ،‬ثم تستمر مع كل حركة لهذا المال‪ ،‬ويجب‬
‫أال يقتصر دور الرقابة المالية على مرحلة معينة دون أى تأخير مع تجنب إتمامها فى غير‬
‫موضعها حتى يمكن تحقيق الهدف المنشود واتخاذ القرارات الالزمة لمنع الخروج عن‬
‫الهدف وتخفيض حدة االنحراف عنه"‪.‬‬
‫‪ -2‬أهداف الرقابة المالية‪:‬‬
‫يشمل نشاط الرقابة‪:‬‬
‫قياس اإلنجاز بالخطط الموضوعة‬
‫(أ)‬
‫(ب) تقويم االنجاز بمقارنة نتائج العمليات بالمقاييس الموضوعة‪.‬‬
‫(ت) تعديل السياسات والبرامج واإلجراءات لغرض تحسين اإلنجاز إذا وجدت انحرافات ترجع‬
‫إلى الخطة نفسها‪.‬‬
‫ونلمح أن لالدارة المالية غرضان هما نفس غرضى التخطيط المالى وهما المحافظة على السيولة‪،‬‬
‫وزيادة الربحية للمشروع‪ ،‬والبد أن يراقب تدفق األموال فى المشروع بشكل يمكن تدبير المال الالزم‬
‫باستمرار‪ ،‬وفى الوقت المناسب لمقابلة المطلوبات المستحقة عندما يحل موعد دفعها‪ ،‬كما تدبر‬
‫وسائل االستثمار ألى فائض من النقدية‪ ،‬وبذلك ال تتعطل األموال ولو حتى وقتيا‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫ومن خالل ذلك النشاط وهذه األغراض تكون أهداف الرقابة هى‪:‬‬
‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬
‫تحقيق النتائج المرجوة بأفضل أسلوب‬
‫إبراز النتائج المرغوب فيها بدقة ووضوح‬
‫التعرف على االتجاهات الرئيسية والتنبؤ على أساسها‬
‫تحديد متطلبات التغيير‬
‫كشف مشاكل االنجاز فى الوقت المناسب‬
‫إتخاذ الخطوات الالزمة إلصالح األوضاع فى الوقت المناسب قبل أن يستفحل أمر‬
‫االنحرافات‬
‫تهيئة الوسائل التى تساعد تحسين اآلداء بصفة مستمرة‬
‫‪ -3‬االختصاصات الفنية للوظيفة المالية‪:‬‬
‫الوظيفة المالية من الوظائف الهامة التى تقوم بها اإلدارة المالية للمشروع ولما لهذه من أهمية فسوف‬
‫أقوم بشرح األعمال الفنية لها بإيجاز إليضاح مدى أهميتها بالنسبة للمشروع‪.‬‬
‫واإلدارة المالية تتضمن ثالثة أنواع من األنشطة كما يرى االستاذ مارشال وهى‪-:‬‬
‫‪-1‬تقديم النصيحة المالية التى يستعين بها أعضاء الجهاز اإلدارى ولهذا يجب أن تكون هذه النصيحة‬
‫خالصة غير متحيزة‪.‬‬
‫‪-2‬اإلمداد بالمعلومات لجميع المستويات اإلدارية بالشكل المناسب لكل مستوى وأن تكون المعلومات‬
‫كافية‪ ،‬كما ينبغى مراعاة عامل سرعة الوقت الالزم إلعداد مثل هذه المعلومات‪.‬‬
‫‪-3‬كفالة الرقابة الروتينية وهى تكفل تخليص اإلدارة من أى شائبة‪ ،‬وإلمكان تحقيق ذلك يجب التأكد‬
‫من أن جميع المسئوليات واضحة تماما‪ ،‬وأن الواجبات المالية موزعة توزيعا سليما‪ ،‬وأن االنفاق يتم‬
‫بطريقة قانونية‪ ،‬وأن جمع األموال يتم بدقة وأمانة‪ ،‬وأن حماية الممتلكات والمصالح المالية وحفظ‬
‫األوراق بالمشروع يتم دون أدنى إهمال‪.‬‬
‫أهم اختصاصات الوظيفة المالية‪:‬‬
‫(أ) التحصيل‬
‫يترتب على اتباع نظام سليم للتحصيل بالوحدة المحافظة على توفير قدر مناسب من األموال‬
‫الالزمة للوحدة فى إطار البرنامج الزمنى الموضوع‪.‬‬
‫(ب) حفظ األموال والمحافظة عليها‪:‬‬
‫يتعين اختيار الموظفين األمناء الحريصين الذين تتوافر فيهم نفس الصفات التى تتوافر فى‬
‫المحصلين ويجب وضع نظام كامل للمحافظة على األموال فى يد أمينة‪ ،‬ووضع نظام مستندى‬
‫دقيق‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫(ح)إنفاق األموال‬
‫إن الموظفين باالدارة المالية ملزمون باإلنفاق فى حدود الميزانيات الموزعة‪ ،‬ووفق القواعد واللوائح‬
‫بعد التأكد من صدور أمر الصرف ممن يملك حق الترخيص بذلك‪ ،‬والتأكد من شخصية من يتم‬
‫الصرف إليه‪.‬‬
‫(د)المحاسبة‬
‫تشمل العمليات الخاصة بتسجيل وتحليل وتفسير نتائج األنشطة اليومية المتعلقة بعمليات المشروع‪.‬‬
‫وتتناول السجالت المحاسبية العمليات المتعلقة بشراء وبيع السلع وشراء واستهالك وبيع األصول‬
‫الثابتة‪ ....‬الخ من تلك العمليات المحاسبية المتعددة‪.‬‬
‫والمحاسبة تلعب دورا هاما فى المشروعات المعاصرة‪ ،‬إذ أنها توضح موقف المشروع بدقة وتساعد‬
‫على كشف االنحرافات المالية إذا ما اكتملت لها األدوات الحسابية الجيدة والسجالت المحاسبية‬
‫المتكاملة‬
‫(ه) المراجعة الداخلية‪:‬‬
‫تهدف بصفة عامة إلى تحقيق الدخل والمصرف ويتضمن ذلك التحقق الفعلى من التحصيل واالنفاق‬
‫والعهد والمخازن وسالمة الحسابات ‪ ،‬ويختلف مجال المراجعة من وحدة إلى أخرى تبعا لحجم‬
‫الوحدة واألنشطة التى تقوم بها ‪ ،‬ويجب أن يكون للمراجعة الداخلية االستقالل ‪ ،‬وأن تمنح السلطات‬
‫التى تمكنها من أداء واجباتها ‪ ...‬ولذلك يجب الفصل بين أعمال المراجعة والمحاسبة‪ ،‬بحيث تكون‬
‫المراجعة مستقلة وقائمة بذاتها‪.‬‬
‫(و) اختصاصات أخرى‪:‬‬
‫وهناك اختصاصات أخرى ال تصل إلى القدر أو الحجم الذى يسمح بتخصيص قسم خاص لكل منها‬
‫‪ ..‬وقد تكون بعض تلك االختصاصات ليست مالية ولكن يفضل إسنادها إلى االدارة المالية‪ ،‬ويبرر‬
‫ذلك بأن االدارة المالية أقدر من غيرها على القيام بتلك االختصاصات مثل إدارة الديون‪ ،‬عقد‬
‫وترتيب التأمينات‪ ،‬إدارة المعاشات‪ ،‬أعمال الحفظ والتسجيل إدارة البريد‪ ،‬وأعمال اآلالت الكاتبة‪،‬‬
‫إدارة اآلالت الحاسبة‪.‬‬
‫والوظيفة المالية باالضافة إلى هذه االختصاصات فانه توجد عدة عوامل تؤثر فى تنظيمها‪ ،‬إحدى‬
‫هذه العوامل الهامة‪ ،‬واألكثر أهمية هو حجم تنظيم الوظيفة المالية‪.‬‬
‫ففى الشركات الصغيرةة حيث المساهمون مترابطون ومعروفون لبعضهم البعض تكون الوظيفة‬
‫المالية بسيطة‪ ،‬ولكن عندما يكبر حجم الشركة فأن الوظيفة المالية بالتالى تصبح أكثر تعقيدا‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫إن حجم الخبرة‪ ،‬واهتمام الموظف المالى يؤثران فى عدد وطبيعة الوظائف التى تؤدى ‪.‬‬
‫كما أن تحديد طبيعة العمل بدقة تؤثر فى الهيكل البنائى للقطاع المالى‪.‬‬
‫‪ -4‬اتخاذ القرارات والتصرفات‪:‬‬
‫تعتبر إحدى الوظائف الهامةوالتى على جانب كبير من األهمية‪ ،‬ألنها إحدى الطرق التى تؤدى الى‬
‫تحقيق أهداف المشروع‪ ،‬وعلى إدارةالمشروع المالية اتخاذ عدة قرارات وتصرفات‪ ،‬وتلك القرارات‬
‫المالية يجب أن تتخذ على أساس الفهم الواضح لمفهوم الدخل كما هو مستخدم فى قاعدة الحسابات‬
‫الجارية‪.‬‬
‫وهذه القرارات والتصرفات هى‪:‬‬
‫(أ) قرار االستثمار طويل المدى‪:‬‬
‫وهو قرار يتعلق بنوع الغرض االستثمارى الذى تتصدى له المنشأة وحجم الطاقة اإلنتاجية ونوع‬
‫العدد واآلالت‪ ......‬الخ‬
‫وواضح من ذلك أن قرار االستثمار طويل المدى له آثار هامة وخطيرة ألنه يتضمن عدة بنود‬
‫الستثمار أموال كبيرة الرتباطات بعيدة المدى‪.‬‬
‫(ب)قرار التمويل طويل المدى‬
‫إذا ما تقرر استثمار ما فإن القرار التالى هو اختيار مصدر التمويل طويل المدى (أسهم عادية‪ ،‬أسهم‬
‫ممتازة‪ ،‬سندات ‪ ...‬الخ) وهذ القرار يتوقف على اختيار هيكل تمويل سليم "أو تركيب األموال‬
‫المملوكة والمفترضة‪ ،‬هيكل يحقق حدا أدنى من المخاطر او حد أعلى من الربحية على حساب هدف‬
‫المنشأة كما يتوقف فى نفس الوقت على تكلفة األموال وأثرها‪.‬‬
‫(ج)فإذا ما تقرر واتخذ قرار االستثمار طويل المدى وقرار التمويل طويل المدى وكالهما قراران‬
‫خطيران فإن إدارة العمليات الجارية من أجل تحقيق هدف المنشأة (ربحية‪ -‬سيولة) يصبح ضروريا‪،‬‬
‫من أجل ذلك فإن ادارة رأس المال العامل بمكوناته النقدية وأوراق قبض والمدينين والمخزون‬
‫السلعى تصبح من المسئوليات األساسية للمدير المالى‪.‬‬
‫(د)ويستتبع إدارة رأس المال العامل – بحيث يحقق هدف المنشأة اتخاذ قرارات التمويل قصيب‬
‫ومتوسط المدى سواء من حيث كمية األموال الالزمة أو مصادرها (تجارى‪ ،‬تمويل مصرفى)‪.‬‬
‫(ه)وكأساس لكل تلك القرارات فإن عملية التحليل عملية ضرورية وتصبح عملية التحليل المالى‬
‫واستخدام األدوات المختلفة جزء سابق التخاذ القرارات للتقييم والرقابة والمتابعة‪ ،‬وفى حاالت‬
‫خاصة فإن قرارات اإلدماج أو إعادة التنظيم تصبح ضرورية كجزء ضرورى لتحقيق هدف المنشأة‬
‫أو إعادة تجديده‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫رابعا – االدارة المالية فى المشروعات المختلفة‪:‬‬
‫وبعد استعراض تعريف مفهوم اإلدارة المالية باإلضافة إلى أهداف ووظائف االدارة المالية‪ ..‬نجد أن‬
‫هناك بعض االختالفات بين كيفية اإلدارة المالية فى المشروعات سواء فى النظام الرأسمالى أو‬
‫النظام االشتراكى‪....‬ومما الشك فيه أن األسس والقواعد بالنسبة لالدارة المالية تكون واحدة داخل‬
‫النظام الواحد (الرأسمالى أو االشتراكى) ولسوف أتناول هذه األسس فى الشركات الخاصة على‬
‫اعتبار أنها تمثل النظام الرأسمالى‪ ،‬ومن جهة أخرى الشركات العامة باعتبارها تمثل النظام‬
‫االشتراكى‪.‬‬
‫‪ -1‬أن هدف االدارة المالية فى تلك الشركات هو االستخدام الكفء الفعال لألموال التى تكون فى‬
‫يد المشروع‪.‬‬
‫بعد ذلك يكون الهدف من إدارة هذه األموال – بعد االستخدام األمثل لألموال هو تعظيم قيمة‬
‫المنشأة ‪ ....‬وهذا التنظيم سوف ينعكس على القيمة السوقية للمنشأة وبالتالى يكون هذا‬
‫التعظيم للقيمة السوقية مرتبطا أو معتمدا أساسا على األسهم المطروحة بالسوق‪.‬‬
‫بعد ذلك نرى أن هدف المنشأة هو تعظيم أرباحها ‪ ...‬وهنا اختالف بين األرباح التى تحقق‬
‫عن طريق كمية المبيعات والمدفوع فعال للمنتجات المباعة‪.‬‬
‫وتكبير أو تعظيم أرباح المنشأة يعتمد على وظيفة اإلنتاج كأداة نافعة‪ ،‬وبالتالى فهى تعتمد من‬
‫ناحية على العمل المعرو ض بالسوق (القوى العاملة) وبالتالى ترتبط باألجر الحقيقى‪ ،‬ومن‬
‫ناحية أخرى يعتمد على التدفق اإلنتاجى الذى يرتبط مباشرة بمستوى أداء الخدمات العامة‪.‬‬
‫هذه هى اإلدارة المالية فى الشركات الخاصة التى تمثل النظام الرأسمالى‪ ...‬أنتقل بعد ذلك‬
‫إلى النقطة التالية وهى‪:‬‬
‫‪ -2‬اإلدارة المالية فى الشركات العامة‪:‬‬
‫سوف اتحدث عن اإلدارة المالية فى الشركات العامة باعتبار أنها تمثل النظام االشتراكى‬
‫وهى عماد القطاع العام وهو أساس النظام االشتراكى‪.‬‬
‫إن النظام المالى – فى النظام االشتراكى – يكون منظما على أساس التخطيط الموحد‬
‫وتجميع المصادر المالية وتقديمها كلها إلى المؤسسات المالية تستخدمها ‪ ،‬كما أن النظام‬
‫يدار على أساس ارتباط التخطيط المركزى – كدليل – مع التخطيط المحلى (االقليمى)‪.‬‬
‫إن التخطيط المالى يحتل مكانة هامة من نظام التخطيط االقتصادى القومى‪ ،‬ويحتل الجزء‬
‫األكبر منه‪ ،‬أو النشاط المالى للمشروعات والمؤسسات الخ يعتبر هو الجزء األساسى‬
‫المباشر للتخطيط المالى‪ .‬إن التخطيط المالى يقدم قياسات إجمالية ألشكال واستخدامات‬
‫الدخول المالية للدولة‪ .‬كما أن التخطيط المالى يمثل انعكاسا للكيف والكم الموضح فى خطة‬
‫االقتصاد القومى‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫إن الغرض الرئيسى من التخطيط المالى هو التعيين للتدفق واالحتياجات المالية لالقتصاد‬
‫على المدى الطويل‪ ،‬ولتحديد المصادر والفترات لتغطية تلك االحتياجات‪.‬‬
‫إن التخطيط المالى فى المشروعات والمؤسسات يوضع على أساس الموازنة بين الدخل‬
‫المستهلك‪ ،‬والخطط المالية يمكن تقسيمها إلى مجموعتين طبقا لنوعيتها وأهميتها‪:‬‬
‫‪ -1‬المركزى ‪ :‬ميزانية الوالية‪ ،‬ميزانية الوالية أو األقليم للتأمين االجتماعى‪ ،‬الخطة المالية‬
‫لألقليم والتأمين على الحياة‪.‬‬
‫‪ -2‬غير مركزى‪ :‬ميزانية الدخل – المستهلك للمشروعات اإلقليمية والمؤسسات الخطط‬
‫المالية للمزارع الجماعية والتعاونيات‪ ،‬الميزانية التقديرية المالية للمؤسسات‪ ،‬والخطط‬
‫المالية لتجارة الجمهوريات والمؤسسات الكبرى‪.‬‬
‫إن الخطط المالية للمشروعات والمؤسسات االشتراكية تمثل المكانة األولى والهامة فى‬
‫النظام المالى‪ ،‬إن التخطيط المالى واإلنتاجى يبدأ من المشروعات والوحداتت اإلنتاجية‬
‫األولى‪.‬‬
‫إن ميزانية الدخل – االستهالك هى جزء من خطة اإلنتاج‪ -‬المال – الوسائل الفنية‬
‫(‪ )TPF‬للمشروع‪ ...‬إن التخطيط المالى هو الذى يساعد على إنارة الطريق للتعرف على‬
‫المخرجات والزيادة المتوقعة فى االستهالك‪.‬‬
‫إن التخطيط المالى االشتراكى يعتمد على التخطيط الطويل األجل والمتوسط األجل‬
‫ولذلك يعتبر التخطيط القصير األجل (السنوى) هام وضرورى باإلضافى إلى أنه سهل‬
‫فى ضوء التخطيط الطويل والمتوسط‪.‬‬
‫إن المصدر الرئيسى للدخول المالية للمشروع من المال الذى يجىء عن طريق البيع‬
‫لمنتجات المشروع‪ ...‬وباإلضافة إلى هذا المصدر الرئيسى فإنه توجد عدة مصادر‬
‫أخرى مثل تأجير األصول ‪ ،‬الخدمات التى يؤديها المشروع‪ .......‬الخ‬
‫وعلى هذا تكون الخطة المالية للمشروع مؤسسة على كمية المنتج‪ ،‬كمية المبيع‪ ،‬حجم‬
‫االستثمار‪ ،‬تقدير تكاليف اإلنتاج‪ ...‬وبهذا يحتل التخطيط المالى الجانب األكبر من‬
‫النشاط االقتصادى والمالى للمشروعات والمؤسسات والتخطيط المالى يحتوى – فى‬
‫جانب النقدية – المستهلكات والدخول للمشروع من اإلنتاج وبيع اإلنتاج ‪ ،‬والدخل‬
‫الصافى‪ ،‬حجم ومصادر االستثمارات المالية واحتياج المشروع للمصادر المفتوحة‬
‫(المستمرة) ‪ ....‬الخ‬
‫إن ميزان الدخل – المستهلك للمشروع باختصار يتكون من ‪:‬‬
‫‪-1‬الدخول ومصادرها‬
‫‪28‬‬
‫‪-2‬االستهالك‬
‫‪-3‬العالقات االئتمانية بين المشروع والبنوك‬
‫‪-4‬العالقات مع الميزانية‬
‫إن المبدأ األساسى للتخطيط ليس التغيير المفاجىء ولكن استخدام الوسائل من أجل‬
‫التنمية االشتراكية الحديثة‪ .‬إن الهدف الرئيسى من التخطيط فى المجتمع اإلشتراكى هو‬
‫االستخدام األمثل للقوانين فى إدارة التنمية‪ ،‬والتنظيم البشرى‪ ،‬والخدمات والمصادر‬
‫المالية لبناء المجتمع االشتراكى‪ ....‬إن المبادىء األساسية العامة فى المجتمع االشتراكى‬
‫نابعة من طبيعة وشخصية اإلنتاج االشتراكى وم البناء السياسى‪.‬‬
‫إن المبادىء للتخطيط العلمى فى المجتمع االشتراكى هى ‪:‬‬
‫‪-1‬المركزية الديمقراطية‬
‫‪-2‬نظام أو نظم التحليل‬
‫‪-3‬سرعة التنمية االقتصادية‬
‫‪-4‬االرتباط بن اإلدارة والخطط أو الطرق االقتصادية‪.‬‬
‫‪-5‬الكفاية والفاعلية‪.‬‬
‫وفى االقتصاد االشتراكى السوفيتى على سبيل المثال توجد ثالثة أنواع من الخطط –‬
‫كما سبق األشارة ‪ ....‬وهى التخطيط طويل األجل – متوسط األجل‪ -‬التخطيط السنوى‪.‬‬
‫إن التخطيط طويل األجل ضرورى بسبب وصول المجتمع االشتراكى إلى أعلى‬‫مستوى نمو اقتصادى‪ ،‬وألنه يستخدم الوسائل الحديثة فى حل المشاكل بطريقة علمية‪.‬‬
‫والتخطيط متوسط األجل يوضح االحتياجات الجديدة التى تظهر‪ ،‬والطاقات العاطلة‬‫الغير مكتشفة‪ ،‬وسوق التجارة الخارجية التى يمكن أن توجد‪.‬‬
‫والتخطيط السنوى يوضح فيه تعظيم المخرجات بأقل قدر من المدخالت‪ ،‬والتخطيط‬‫االقتصادى األمثل يحافظ دائما على أعلى معدالت للنمو اإلنتاجى واالستهالكى‪.‬‬
‫ومنذ‪ 1‬أن وضعت المشروعات فى اهتمامها تحقيق أرباح وتقليل التكاليف‪ ،‬فهى تحاول‬
‫أن تقلل من معدالت االستهالك (العادم) لديها‪ .‬مع االرتفاع إلى أقصى حد بالطاقة‬
‫اإلنتاجية‪.‬‬
‫ننتقل بعد ذلك إلى الرقابة وهى تعتبر إحدى وسائل المجتمع االشتراكى ‪ ،‬فى تنفيذ‬
‫خططه‪.‬‬
‫فى المجتمع االشتراكى توجد رقابة على اإلنتاج وتوزيع اإلنتاج االشتراكى االستخدام‬
‫للخامات‪ ،‬القوى ‪ ،‬والمصادر المالية التى تعتبر وسائل ضرورية فى عملية التخطيط فى‬
‫اال قتصاد‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫إن الرقابة المالية محددة طبقا للعملية المالية ومرتبط بتوزيع الوظيفة المالية‪ ،‬والرقابة‬
‫المالية تمثل طبيعة الديمقراطية الحقيقية والتى تمارس بواسطة الشعب‪.‬‬
‫وتوجد عدة هيئات تمارس الرقابة وهى ‪:‬‬
‫‪ -1‬الهيئة العليا للجمهوريات السوفيتية‪ :‬وهى تراقب الوظائف والعمليات والميزانيات‪.‬‬
‫‪ -2‬لجنة الرقابة الشعبية‪ :‬وتتكون من المحليات‪ ،‬ووزارة المال السوفيتية‪ ،‬البنك‬
‫المركزى السوفيتى‪ ،‬وبنك التعمير السوفيتى ومكاتبه المحلية‪ .‬وهو يراقب اإلنتاج‬
‫وتوزيع ثروة الخامات والمصادر المالية‪.‬‬
‫‪ -3‬لجان الحزب‪:‬وهى تتم عن طريق لجان الحزب فى المؤسسات والحكومة‪ .‬ووكاالت‬
‫الرقابة المالية تعتبر هامة عن طريق قياس إدارة الطرق االقتصادية للمشروعات‬
‫وميزانية المؤسسات‪ .‬والوجه الرئيسى لعمل الوكاالت المالية هو اكتشاف الطرق‬
‫لرفع كفاءة اإلنتاج االشتراكى ولزيادة وتوسيع اإلنتاج‪.‬‬
‫إن عمل وكاال ت الرقابة المالية ليست فقط اكتشاف الفاقد والثغرات واألخطاء ولكن‬
‫عملها الرئيسى هو منع الفاقد والمساعدة على رفع كفاءة المؤسسات والهيئات‪.‬‬
‫إن الرقابة المالية لها أهمية خاصة فى رفع كفاءة نشاط الهيئة اإلدارية واإلدارة‬
‫االقتصادية‪.‬‬
‫األنواع الرئيسية للرقابة المالية هى‪:‬‬
‫‪-1‬الرقابة قبل التنفيذ‬
‫‪-2‬الرقابة خالل التنفيذ‬
‫‪-3‬الرقابة بعد التنفيذ‬
‫إن الرقابة الجيدة فى النظام االشتراكى تعتمد على قدرة وكفاءة الجهاز الرقابى‬
‫بالوكاالت المالية‪.‬‬
‫واإلدارة المالية فى مشروعات الدول االشتراكية تعمل طبقا لمبدأ حسابات‬
‫التكاليف‪ ..‬وتلعب المحاسبة دورا هاما فى الرقابة على الوحدات االقتصادية‪ ،‬وتعتمد‬
‫أسلوب التخطيط على المحاسبة وتعد مصدرا للبيانات التى على ضوئها يتم اتخاذ‬
‫القرارات‪ ،‬كما أنها توفر المعلومات لمراقبة أداء الوحدات اإلقتصادية‪ ،‬ومراقبة أداء‬
‫المشروع‪ ..‬وتوجد رقابة داخلية وخارجية على المشروع من أجهزة متعددة‪ ،‬وهذه‬
‫األجهزة تتكامل فى نشاطها بحيث تمنع االزدواج‪،‬وبحيث يؤدى كل منهما عمل‬
‫محددا‪.‬‬
‫‪30‬‬
‫بعد هذا العرض لالدارة المالية‪ :‬تعريفها‪ ،‬مفهومها‪ ،‬أهدافها‪ ،‬وظائفها‪ ،‬دورها فى‬
‫النظم اإلقتصادية المختلفة‪ ...‬أنتقل إلى الفصل الثانى وهو يوضح أدوات التمويل‬
‫(بنوك – شركات تأمين – بورصات) ومصادر تمويل (داخلية – خارجية)‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫الفصل الثانى‬
‫تمويل المشروعات حديثا‬
‫كانت المشروعات فى بداية نشأتها فردية صغيرة تقوم على مبدأ التمويل الذاتى‪ ،‬وبعد أن تطورت‬
‫تلك المشروعات‪ ،‬وأصبحت قائمة على اإلنتاج الكبير الذى يكفى حاجة المجتمع الموجودة فيه‬
‫والمجتمعات األخرى‪ ،‬فقد كبر حجمها بصفة خاصة بعد عصر الثورة الصناعية ودخول عصر‬
‫البخار ثم عصر الكهرباء والتطور الصناعى واإلنجازات اإلنتاجية الهائلة التى حدثت فى القرنين‬
‫األخيرين‪ ،‬ومما ال شك فيه أن المشروعات احتاجت فى بداية نشأتها إلى رؤوس أموال صغيرة لذا‬
‫كان تمويلها ذاتيا(أى من داخل المشروع)‪ ،‬ولكن بعد توسعها وكبر حجمها انتقلت من مرحلة‬
‫اعتمادها على رؤوس أموال ضخمة تتناسب مع إنتاجها الضخم الكبير اآللى‪ ،‬ولذا أصبح المال جزءا‬
‫وعنصر هاما ورئيسيا فى أى مشروع يراد له النمو والتقدم‪.‬‬
‫ومن هنا قامت حاجة المشروعات المختلفة إلى المال باعتباره عنصرا رئيسيا فى تحقيق أهداف تلك‬
‫المشروعات ونموها‪ ،‬وأصبح التمويل من الموضوعات الهامة سواء فى علم االقتصاد أو فى اإلدارة‬
‫المالية‪ ،‬وأصبحت الدراسات فى مجال التمويل من الموضوعات التى احتلت مكانة هامة سواء من‬
‫ناحية أدوات التمويل والتى تتمثل فى البنوك وشركات التأمين والبورصات بجانب صناديق التوفير‬
‫وبنوك االدخار‪ ،‬وإن كانب األدوات الثالثة األولى هى الرئيسية فى التمويل الخارجى ألى مشروع‪،‬‬
‫أو من ناحية مصادر التمويل المتمثلة فى األسهم والسندات والقروض والودائع واالحتياطيات‪..‬الخ‬
‫والشك أن الدراسات المالية احتلت مكانة هامة نظرا التساع المشروعات وكبر حجمها وتأثيرها‬
‫الواضح الكبير على االقتصاد القومى المعاصر‪ ...‬والشك أن المشروعات بمختلف أنواعها‪ :‬وخاصة‬
‫شركات األموال أصبحت تشكل عنصرا رئيسيا فى تنمية االقتصاد القومى‪ ،‬ورفع مستوى المعيشة‬
‫بجانب إتاحتها لفرص العمل المتعددة‪ ،‬كل هذه العوامل أدت إلى أهمية دراسة التمويل الحديث فى‬
‫المشروعات المعاصرة‪ ،‬واحتل التمويل اإلدارى أهمية خاصة فى الدراسات االقتصادية‪ ،‬بل إلى أن‬
‫خصص فرعا خاصا‪.‬‬
‫ولسوف يكون البحث فى هذا الفصل عن تمويل المشروعات حديثا‪ ،‬وسوف يشتمل على مبحثين‪،‬‬
‫وسيكون المبحث األول عن أدوات التمويل الرئيسية وهى البنوك‪ ،‬وشركات التأمين‪ ،‬والبورصات‪.‬‬
‫وسيكون المبحث الثانى عن مصادر التمويل المعاصر سواء كانت مصادر داخلية وهى التى تكفل‬
‫رأس المال للمشروع سواء عن طريق المساهمين أو االحتياطيات ‪ ...‬الخ أم مصادر خارجية وهى‬
‫مصادر من خارج المشروع سواء عن طريق السندات والقروض والودائع إلى غير ذلك من‬
‫المصادر‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫المبحث األول‬
‫أدوات التمويل المعاصر‬
‫احتلت دراسات التمويل مكانة رئيسية فى االقتصاد الحديث كما سبق أن ذكرت‪ ...‬وبعد تنوع‬
‫المشروعات وتعددها أصبحت تحتاج للتمويل وأصبحت هناك أدوات متعددة تمد المشروع بالمال‬
‫الالزم لتسيير المشروع والحفاظ عليه‪ ،‬ومساعدته على النمو والتقدم‪ ...‬ولقد تعددت هذه األدوات‬
‫ومنها البنوك بكافة أنواعها‪ ،‬وشركات التأمين‪ ،‬والبورصات‪ ،‬وصناديق التوفير‪ ،‬وبنوك االدخار‪،‬‬
‫والضرائب‪ ...‬الخ ولسوف أتناول هذه األدوات بالمناقشة وهى‪:‬‬
‫‪-1‬المصارف‬
‫‪-2‬شركات التأمين‬
‫‪-3‬البورصات (األسواق)‬
‫أوال ‪ :‬المصارف‬
‫مما الشك فيه أن النقود والبنوك بنظامها المعاصر احتلت مكانة هامة وخطيرة فى االقتصاديات‬
‫المعاصرة‪ ،‬بحيث أصبحت إحدى ركائز االقتصاد الحديث فى تمويل المشروعات‪ ،‬وأحد األعمدة‬
‫التى يرتكز عليها االقتصاد القومى فى تجميع المدخرات‪ ،‬وفى تنمية االقتصاد القومى ‪ ،‬ورفع‬
‫مستوى المعيشة‪ ....‬ولهذا سيكون تناول البنوك من عدة جوانب وهى‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬وظائف المصارف‬
‫ثانيا – النشاط المصرفى فى النظم االقتصادية المختلفة‬
‫ثالثا – أنواع المصارف المتعددة‬
‫أوال ‪ :‬وظائف المصارف‬
‫استتبع قيام البنوك وتطورها حتى أصبحت فى شكلها الراهن وجود وظائف تقوم بها‪ ،‬وتعددت هذه‬
‫الوظائف بتعدد حاجات المجتمع‪ ،‬وبوجود حاجات جديدة نشأت بتطور المجتمعات المختلفة‪ ،‬لهذا‬
‫أصبحت البنوك تقوم بعدة وظائف وهذه الوظائف هى ‪ :‬قبول الودائع النقدية‪ ،‬اإلقراض ‪،‬تحويل‬
‫‪33‬‬
‫العمالت‪ ،‬تحويل النقود من قطر لقطر بالحواالت والشيكات المصرفية حفظ الودائع الثمينة‪ ،‬إعتماد‬
‫الشيكات السياحية‪ ،‬بيع أسهم الشركات تسهيل أداء الديون‪ ،‬تمويل الديون ‪ ،‬تمويل التجارة الخارجية‪،‬‬
‫خلق االئتمان‪ ،‬تمويل المشروعات‪ ...‬كما تقوم البنوك المركزية باصدار أوراق النقد والبنوك فى‬
‫تأديتها لهذه الوظائف تتقاضى عمولة أو فائدة معينة عن هذة العمليات‪ .‬ولسوف يكون التركيز على‬
‫العمليات الحيوية التى تهمنا فى هذا البحث والتى تؤثر بالتالى فى التمويل تأثيرا مباشرا وهذه‬
‫الوظائف هى‪:‬‬
‫‪ -1‬االستثمار‬
‫استثمار األموال هو تشغيلها فى إنشاء المشروعات من بدايتها‪ ....‬والمستثمرون يتحملون من‬
‫المخاظر أكثر ممن سبقهم‪ ،‬ويقابل ذلك أنهم يحصلون على احتماالت وفيرة من الربح وهم‬
‫الذين يقترضون من الممولين بضمانات مختلفة أو يشركون معهم من يرغب فى توظيف‬
‫أمواله والمستثمرون يتحملون من المخاظر أكثر ممن سبقهم‪ ،‬ويقابل ذلك أنهم يحصلون على‬
‫احتماالت وفيرة من الربح وهم الذين يقترضون من الممولين بضمانات مختلفة أو يشركون‬
‫معهم من يرغب فى توظيف أمواله إذا كان مشروعهم متخذا شككل شركات المساهمة‪ ،‬وذلك‬
‫فى حالة رغبتهم فى تنمية المشروع بصفة دائمة أو فى التخلص من حصتهم (بعد ارتفاع‬
‫قيمتها أو ليواجهوا أموالهم إلى مشروعات جديدة) والمؤسسون فى شركات المساهمة‬
‫يعتبرون (مستثمرين) ألموالهم فى مشروعهم الجديد‪ ،‬وهم مسئولون بأموالهم الشخصية عن‬
‫التزامات شركتهم أمام الغير حتى تتخذ الشركة الشكل القانونى الذى يخولها بعدئذ عرض‬
‫أسسهها لالكتتاب‪.‬‬
‫والمستثمر الفرد البد أن يتوافر لديه الثقة بجانب المعلومات الكافية لكى يتخذ قراره‬
‫باالستثمار‪ ،‬فالمستثمر الفرد سواء سيودع نقوده فى بنك أو يقدم مع غيره من المستثمرين‬
‫على استثمار أمواله فى أى مشروع ال بد أن يتوافر له الشرطان السابقان‪ .‬والبنك الموثوق‬
‫به ذا المكانة يوفر هذين الشرطين‪ ،‬هذا يوفر المناخ المناسب لكى يتخذ المستثمر قراره فى‬
‫ظل ظروف نفسية مناسبة وحتى ال يكون لديه أدنى شك من صحة قراره بجانب أنه سيجعله‬
‫يقدم فى المستقبل على استثمار أمواله ويزيد من نشاطه االستثمارى تحت عامل الثقة التى‬
‫لها جذور سابقة‪.‬‬
‫مما سبق يتضح أن البنك يقوم بعمليتين فى غاية الخطورة فى االقتصاديات المعاصرة‬
‫( االستثمار‪ ،‬التمويل ) فاذا لم يتوافر الحذر والدقة والتخطيط السليم والرقابة المحكمة‪،‬‬
‫ضاعت أموال المدخرين والمودعين هباء ودون نظير وأصيب االقتصاد القومى بهزات‬
‫عنيفة‪.‬‬
‫وظيفة االئتمان وأهميتها‪:‬‬
‫المقصود باالئتمان‪ :‬هو إمداد العناصر العاملة فى ميادين النشاط االقتصادى باألموال‬
‫الحاضرة أو ما يقوم مقامها لتيسير المبادالت‪ ..‬كخصم الكمبياالت‪ ،‬وتقديم القروض‪ ،‬وإمداد‬
‫أصحاب المشروعات الجديدة وأصحاب المشروعات القديمة الراغبة فى التوسع بأموال‬
‫‪34‬‬
‫حاضرة تمكنهم من تمويل الخطط التى فرغوا من دراستها إلى حقائق ملموسة‪ .‬ومن‬
‫االئتمان ما يدخل فى تنشيط المبادالت داخل االقليم‪،‬ومنه ما يتصل بتحركات رؤوس االموال‬
‫بين الدول إلقامة وحدات اإلنتاج أو لتسخير بعض الموارد الطبيعية فى المشروعات الكبيرة‬
‫كاستنباط المواد الخام‪.‬‬
‫إن أهمية االئتمان تظهر فى تسهيل عمليات اإلنتاج واستهالك والنشاط االقتصادى عموما‪.‬‬
‫وهكذا يتضح أن االئتمان يمثل وظيفة هامة‪ ،‬وإن كان معناه قصورا على تقديم المال فى‬
‫صور منوعة ممن يملكه إلى من يحسن استخدامه أو يحتاج إلى قدر منه‪ ،‬ويترك لغيره مهمة‬
‫اإلمداد بالمال الحاضر وتوظيفه حتى يكسب مع الوقت خبرة كافية تعينه على استخدام‬
‫موارده وتحقق إضافات رأسمالية تزيد من رفاهيته مستقبال كما هو الحال فى البالد المختلفة‪.‬‬
‫وكان لزاما فى عصر التخصص أن يكون لوظيفة االئتمان منشآت تجمع المدخرات فى‬
‫صورة مال حاضر وتتوافر على دراسة الفرص المتاحة لتوظيفها ومن أهم هذه المنشأت‬
‫المصارف المتخصصة‪ ،‬بيوت االدخار واالستثمار ‪ ،‬وشركات التأمين ومن جملة هذه‬
‫المنشآت يتآلف الجانب األكبر من سوق رأس المال‪.‬‬
‫والمصارف كما رأينا فى االستثمار‪ ،‬تقوم بعمليات استثمارية واسعة‪ ،‬وكما رأينا هنا فهى‬
‫تقوم بعمليات االئتمان ومن ضمن عمليات االئتمان التمويل‪ ، ....‬والتمويل بمعناه الدارج هو‬
‫تجميع األموال المدخرة لتوجيهها لغرض معين كما فى حالة االكتتابات لتأسيس شركات‬
‫المساهمة أو إنشاء مشروع تجارى أو صناعى بمعرفة عدة شركاء‪ ...‬ولكننا ال نقصد هنا‬
‫هذا المعنى الدارج وإنما المقصود بالتمويل هو توجيه المدخرألمواله – اإلقراض أو التسليف‬
‫_ سواء بمعرفته مباشرة بأن يقرض شخصا آخريحتاج إليه من أموال وبواسطة‬
‫غيره(البنوك مثال) لتقوم بتشغيلها فى عملياتها المصرفية وهى اإلقراض عموما‪.‬‬
‫ولئن كان االئتمان ال يسهم فى اإلنتاج بطريقة مباشرة‪ ،‬بمعنى أنه ال يتحمل‬
‫مخاطر الصناعة والتجارة‪ ،‬بل يتركها ألصحاب المشروعات‪ .‬إال أنه مع ذلك‬
‫وثيق الصلة بتنشيط االقتصاد أو اعاقته إذ يترتب على كفاية االئتمان أن تجد‬
‫المشروعات الجديدة ماهى بحاجة إليه من مدخرات حاضرة‪ ،‬كما نجد المبادالت‬
‫ما يلزمها من النقود‪ ،‬وابدالها لزيادة مقدارها وسرعتها‪ ،‬وفى انتظام هذه الوظيفة‬
‫أيضا ما يساعد على تحقيق االستقرار واألمن والروح‪ .‬ولألئتمان أدوات متعددة‬
‫منها النقود‪ ،‬شيكات مصرفيه‪ ،‬أوراق تجارية كالكمبياالت‪ ،‬وتصدر البنوك أدوات‬
‫مالية أخرى فى صور حسابات الودائع( النقود االئتمانية) وفى صورة أسهم رأس‬
‫المال‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫واالئتمان عبارة عن وعد بدفع النقود للمقترض فى وقت ما فى المستقبل‪ ،‬لذا نرى أن‬
‫االئتمان واالقتراض تقريبا يعتبر نفس الشىء إذا نظرنا إليهما من نقتطتين مختلفين‪،‬‬
‫بسبب أن أصولهما االقتصادية واحدة وهى تبادل المال‪.‬‬
‫واالئتمان تبعا للنظرية الكينزية ليس هاما فقط فى إيجاد المال ولكنه أيضا فى إيجاد‬
‫الوسيلة لكى يجد هذا المال طريقة إلى أيدى المنفقين (ألن كل من وصل إليه المال يعتبر‬
‫منفقا تبعا للنظرية النقدية)‪ ,‬وتبعا للنظرية الكينزية فان وسيلة نقل القرض من مالك المال‬
‫إلى المقترض الذى يريد إنفاقه هامة جدا وضرورية‪ ،‬والوسائل فى النظرية الكينزية‬
‫متعددة مثل االستثمار فى األصول الثابتة وشراء األسهم والتسهيالت االئتمانية للعمالء‬
‫التى تقدمها البنوك مباشرة عن طريق رفع معدالت الفائدة أو تغيرها‪ ،‬ومدى تأثيرها‬
‫على المقترضين والمقرضين‪ ،‬باإلضافة إلى دور األسواق المالية‪.‬‬
‫واالئتمان وسيلة غير عادية ونافعة فى النظام االقتصادى‪ ،‬وهو احد الوسائل الهامة فى‬
‫استخدام النقود وفى استخدامها فى اإلنتاج فى النظام الرأسمالى وفى توسيع قاعدة‬
‫االئتمان ما يوفر المرونة لالقتصاد‪.‬‬
‫كل هذه دالالت تؤكد مدى أهمية االئتمان والدور الذى تلعبه فى النظم االقتصادية‬
‫المعاصرة‪.‬‬
‫وبما أن االئتمان أدوات فإن له أيضا أنواع متعددة منها‪:‬‬
‫‪ -1‬ائتمان إنتاج أو استهالك‪:‬‬
‫ويقصد باألول زيادة اإلنتاج والنشاط االقتصادى‪ ،‬وتكوين ثروات جديدة‪ ،‬إذ تستخدم‬
‫األموال التى تتجمع لدى جهة االئتمان فى تمويل المشروعات التجارية والصناعية‪،‬‬
‫ويزداد بها رأس المال المستثمر‪ ،‬ويعتبر هذا النوع من أهم األنواع التى يرتكز عليها‬
‫االقتصاد فى العصر الحديث‪ ،‬أما الثانى فهو ما يستخدم فى أغراض غير إنتاجية من‬
‫الوجهة االقتصادية فال تزيد به قوة إنتاج رؤوس األموال‪ ،‬كأن يقترض رب أسرة بعض‬
‫المال لشراء ما يحتاج إليه من مأكل وملبس أو أن يقترض أحد األفراد ليتمكن من القيام‬
‫برحلة يروح بها عن نفسه‪.‬‬
‫‪-2‬ائتمان شخصى أو عينى‪:‬‬
‫ويرجع ذلك إلى الضمان الذى يعطى‪ ،‬فاذا لم يعين له حق خاص على جزء من‬
‫مال المدين اعتمادا على يسره ونزاهته‪ ،‬كان االئتمان شخصيا وإذا عين للدائن‬
‫‪36‬‬
‫حق خاص من أموال مدينة كرهن منقول أو عقار كان االئتمان عينيا‪ ،‬ولهذا النوع‬
‫األخير المكان األول فى العمليات الطويلة األجل‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬النشاط المصرفى فى النظم االقتصادية المختلفة‪:‬‬
‫‪ -1‬النشاط المصرفى فى المجتمع الرأسمالى‪:‬‬
‫يقوم االقتصاد فى المجتمع الرأسمالى على قانون العرض والطلب‪ ،‬وجهاز الثمن‪،‬‬
‫ويؤثر األفراد طبقا لقانون أو مبدأ الحرية على مستوى األسعار نشاط اإلنتاج عن‬
‫طريق زيادة أو قلة إنفاقهم فتتغير تبعا لذلك قيمة النقود‪.‬‬
‫ومن ذلك نستنتج مدى حرية األفراد الذين يملكون وسائل اإلنتاج والذين يحوزون‬
‫مقادير من النقود واألصول الرأسمالية فى تحديد األسعار ومدى تحكمهم فى‬
‫السوق أو الذى بمقتضاه نجد النشاط المصرفى يتحدد طبقا لقوانين السوق‪.‬‬
‫والبنوك فى المجتمعات ذات النظم الرأسمالية يكون رأس مالها لشركة أو فرد أو‬
‫جمعية تعاونية‪ ،‬ويتولى األعضاء إدارة المؤسسة وعليهم تقع مسئوليتها‪.‬‬
‫أن التنظيم الحديث للبنوك ال يتأثر فقط بسياسة الحكومة وولكن أيضا بطبيعة عمل‬
‫البنوك – وفى الدول الرأسمالية نلحظ وجود تغييرات ذات أهمية من بنك آلخر‬
‫وفى طريقى عمل كل بنك ‪ ...‬وهناك أهمية وفائدة كبيرة إذا فرقنا بين عمل البنك‬
‫والتجارة‪ ....‬والحيرة اآلن هو أنه ال يوجد أحد يستطيع تحديد هذا الخط‪ ،‬وهذا‬
‫االتجاه ظهر حديثا فى الدول الرأسمالية‪.‬‬
‫وهيكل رأس مال البنك يختلف حسب طبيعة عمل البنك وحسب المساهمين فى‬
‫رأسماله وحسب المجال والمحيط الذى يعمل فيه البنك‪ ......‬وكل هذه العوامل‬
‫تحدد هيكل رأس مال البنك‪.‬‬
‫‪ -2‬النشاط المصرفى فى االقتصاد الموجه‪:‬‬
‫االقتصاد الموجه هو الذى يقوم به القطاع الذى تملكه الدولة بجانب القطاع‬
‫الخاص ‪ ...‬وتختلف درجات الدولة بحيث يصبح أحيانا دور القطاع الخاص هو‬
‫المسيطر والقطاع العام يقوم بدور مساعد‪ ،‬وأحيانا أخرى عكس هذا الوضع‪،‬‬
‫وأحيانا يكون دور كل من القطاع العام والخاص متوازنا‪ ،‬وهذه األشكال تتم طبقا‬
‫‪37‬‬
‫لسياسة الدولة والمجتمع‪ ....‬ولهذا يختلف النشاط المصرفى طبقا لدور كل من‬
‫القطاعين‪ ،‬فاذا كان النشاط المصرفى ملكا للقطاع الخاص تحكمت فيه قوى‬
‫السوق الرأسمالية وقوانينها‪ ،‬وإذا كان النشاط المصرفى ملكا للدولة تحكمت فيه‬
‫القوانين االشتراكية‪ ،‬وتوجد أيضا البنوك المختلطة وهى التى تشترك الدولة فى‬
‫رأسمالها ليكون لها حق االشتراك فى إدارتها واالشراف على أعمالها وهذا‬
‫األسلوب وسط بين ترك النظام المصرفى فى يد القطاع الخاص‪ ،‬وبين تركه كلية‬
‫إلى القطاع العام‪.‬‬
‫والدولة تستخدم نفوذها فى التدخل فى النشاط المصرفى عن طريق بنك الدولة أو‬
‫البنك المركزى وذلك عن طريق وسائل البنك المركزى التقليدية وهى عمليات‬
‫السوق المفتوحة وسعر البنك‪.‬‬
‫وعمليات السوق المفتوحة هى عبارة عن قيام البنك المركزى بعمليات بيع وشراء‬
‫األوراق المالية فى سوق النقد والمال‪ .‬فعندما يرغب البنك المركزى فى زيادة‬
‫االحتياطى النقدى للبنوك كى يمكنها من التوسع فى االئتمان وبالتالى زيادة النقود‬
‫المصرفية للمساهمين فى تنشيط الحالة االقتصادية يدخل السوق مشتريا لألوراق‬
‫المالية‪ ،‬وهو فى نهاية المطاف يهدف إلى زيادة االحتياطيات النقدية للبنوك لديه‬
‫ومن ثم يزيد من مقدرتها على التوسع فى تقديم االئتمان وخلق الودائع‪.‬‬
‫وسعر البنك أو سعر إعادة الخصم هو سعر الفائدة الذى يتقاضاه البنك المركزى‬
‫على إعادة خصم األوراق التجارية واألذون الحكومية للبنوك‪ ،‬أيضا سعر الفائدة‬
‫على القروض والسلفيات التى يقدمها للبنوك‪ ...‬وإذا أراد البنك المركزى تقليل‬
‫االئتمان يلجأ الى رفع سعر البنك حتى يرفع من تكلفة األئتمان الذى تقدمه البنوك‬
‫للمتعاملين‪ ،‬وإذا أراد زيادة االئتمان لجأ إلى العكس وتوجد وسائل حديثة للبنوك‬
‫المركزية مثل أسعار الفائدة وزيادة نسبة اإلحتياطى لدى البنك المركزى(والذى‬
‫تحتفظ به البنوك لدى البنك المركزى) فى حالة إذا ما أراد البنك المركزى تقليل‬
‫نسبة اإلحتياطى لديه فى حالة زيادة االئتمان‪.‬‬
‫والبنك المركزى له وظائف مؤثرة فى االقتصاديات الحديثة‪ ،‬منها أنه يعتبر وسيط‬
‫للبنوك إلنجاز عملياتها مع الجهات األخرى كما أنه هو المنفذ لسياسة الدولة‬
‫المالية‪ ،‬كما أن عمله الرئيسى اإلسراع يجعل االقتصاد أكثر مرونة وديناميكية‬
‫وبالوسائل السابقة فهو يؤثر على حجم اإلئتمان والسيولة وباالضافة إلى ذلك فهو‬
‫يساعد البنوك على أداء خدماتها للعمالء بتقديم الخدمات‪ ،‬والتسهيالت إليها ‪.....‬‬
‫كما يساعد على تنفيذ سياسة الحكومة‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫والبنك المركزى له أهمية كبرى فهو أحد وسائل للدولة فى اإلشراف على االقتصاد‬
‫القومى وفى تحقيق المرونة لالقتصاد لالنطالق نحو النمو‪ ،‬كما أنه بجانب ذلك يحقق‬
‫التوازن بين البنوك وبعضها البعض من ناحية‪ ،‬والبنوك والمتعاملين معها من جهة‬
‫أخرى‪.‬‬
‫‪ -3‬النشاط المصرفى فى النظام االشتراكى‪:‬‬
‫فى النظام االقتصادى االشتراكى يكون الجهاز المصرفى ملك للدولة فالدولة تقوم بتقديم‬
‫ما يلزم البنوك من رأس المال‪ ،‬ومباشرة إداراتها وتعيين موظفين فيها وتحمل مسئولية‬
‫أعمالها‪.‬‬
‫والبنوك فى النظام االشتراكى هى أداة الدولة لتنفيذ الخطة الموضوعة وهى فى ذلك‬
‫تتبع هذه الخطة الموضوعة بواسطة جهاز مركزى أو هيئة مشرفة على التخطيط تحدد‬
‫كميات وأسعار السلع المنتجة‪ ،‬وعلى هذا تتغير طبيعة النشاط فى الجهاز المصرفى فى‬
‫المجتمع االشتراكى عنها فى المجتمع الرأسمالى‪.‬‬
‫والجهاز المصرفى فى اإلتحاد السوفيتى يتألف من وحدات مصرفية كل منها يقوم بدور‬
‫معين‪ ،‬وهذه الوحدات هى بنك الدولة وهو مما يقابل فى النظام الرأسمالى البنك‬
‫المركزى وهو بجانب ذلك أيضا فهو البنك التجارى الوحيد‪ ،‬وهذا يعكس مركزية‬
‫الجهاز المصرفى السوفيتى التى تتوائم مع مركزية اإلدارة والتخطيط فى االقتصاد‪ ،‬كما‬
‫أن هذه "المركزية" تيسر رقابة بنك الدولة على النشاط التجارى للمشروعات‬
‫اإلنتاجية‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى بنك الدولة يوجد بنك تمويل االستثمارات الرأسماليمة وهو يتولى تمويل‬
‫االستثمارات فى جميع قطاعات االقتصاد السوفيتى باستثناء استثمارات القطاع‬
‫الزراعى" التى يتوالها بنك الدولة" وبنك التجارة الخارجية وهو يتولى تمويل عمليات‬
‫التجارة الخارجية وتسوية المعامالت المترتبة عليها‪.‬‬
‫وبنوك اإلدخار ويوجد عدد كبير منها وتتولى مهمة تجميع مدخرات األفراد وبعض‬
‫الهيئات‪.‬‬
‫والجهاز المصرفى اليوغسالفى يتكون من وحدات مصرفية‪:‬‬
‫‪39‬‬
‫البنك األهلى التحاد جمهوريات يوجوسالفيا الشعبية‪ :‬وهو يقوم بوظائف البنك‬‫المركزى التى تتالئم والتطبيق االشتراكى اليوجوسالفى‪.‬‬
‫بنك االستثماراليوجوسالفى‪ :‬وتنحصر مهامه فى تمويل االستثمارات المدرجة فى‬‫الخطة االقتصادية العامة ويتولى مراقبة تنفيذها‪.‬‬
‫بنك يوجوسالفيا للتجارة الخارجية ‪ :‬ويعد المسئول عن تمويل عمليات التجارة‬‫الخارجية وتسوية المعامالت مع البنوك األجنبية‪.‬‬
‫البنك الزراعى اليوجوسالفى‪ :‬وهو يقوم بإقراض المؤسسات والمزا رع الجماعية (‬‫القطاع الزراعى العام) باإلضافة إلى بنوك األدخار التعاونية وهى تقوم بتمويل‬
‫المزارعون القرويون‪.‬‬
‫بنوك الكميونات‪ :‬عصب الجهاز اليوجوسالفى وهى الواسطة بين البنك المركزى‬‫والبنوك المتخصصة‪ ،‬وهى منتشرة فى جميع أرجاء الدولة‪ ،‬وهى لهذا من اصلح‬
‫األجهزة لمراقبة المشروعات االقتصادية عن طريق تقديم االئتمان المصرفى‪.‬‬
‫وقد قدمت النظام المصرفى فى كال من االتحاد السوفيتى ويوجوسالفيا باعتبارهما من‬
‫الدول االشتراكية المتقدمة‪ ،‬وباإلضافة إلى أن يوجوسالفيا من كتلة عدم االنحياز‪.‬‬
‫النشاط المصرفى فى االتحاد السوفيتى ‪:‬‬
‫أن العرض السابق كان لتكوين الجهاز المصرفى فى دولتين اشتراكيتين‪ ،‬ولكن لننتقل‬
‫اآلن إلى شرح النظام المصرفى ذاته داخل إحدى الدولتين وليكن االتحاد السوفيتى‪....‬‬
‫إن أهم أعمال البنك أو النظام المصرفى تتركز فى االستثمار واالئتمان وهما‬
‫أكبرعملين يقوم بهما النظام المصرفى باإلضافة الى الخدمات األخرى‪ ...‬واآلن سأقوم‬
‫بعرض لهاتين العمليتين‪.‬‬
‫ وأعرض أوال‪ :‬لالستثمار‪ ..‬أن أتجاه وحجم االستثمارات فى االتحاد السوفيتى يتحددان‬‫طبقا للحاجة إلى التوسع فى إعادة إنتاج األصول الثابتة‪ ،‬ومالحظة النسب الصحيحة‬
‫لنمو القطاعات المختلفة‪ ،‬ومدى التطبيق العلمى والفنى‪ ،‬والطرق األنتاجية الحديثة‪....‬‬
‫الخ‬
‫‪40‬‬
‫ان الحجم الكلى لالستثمارات يأتى من مصادر مختلفة وهذه المصادر ثابتة عندما تكون‬
‫ميزانية الدولة السوفيتية والخطط المالية للقطاعات المختلفة لالقتصاد مقدمة وموضوعة‬
‫بعناية ودقة‪ .‬إن حجم االستثمار المالى لكل قطاع يحدد على أساس الخطة المالية‬
‫السنوية‪ ،‬معتمدة على االستثمارات الكلية المثبتة فى الخطة القومية‪.‬‬
‫إن بنك االستثمارات السوفيتى هو الوكالة الرئيسية لالستثمارات المالية فى االقتصاد‪،‬‬
‫وهو العمل النهائى للجمهورية والمكاتب القطاعية‪ ،‬والفروع التى لبنك الدولة الدولة‬
‫السوفيتى‪ ،‬وبنك االستثمارات تزود القطاعات نقدا من خالل بنك الدولة‪.‬‬
‫والنقطة التالية هى االئتمان‪ ...‬وفى االقتصاد االشتراكى العالقات االئتمانية مرتبة‬‫بمساعدة البنوك‪ ،‬وهذه العالقات تكون بنك االئتمان ‪ ...‬أن بنك الدولة وبنك االستثمار‬
‫يتقاضى منهما بنك االئتمان فائدة عد معدالت ثابتة‪ ،‬وتوجد عدة آجال لالئتمان وهى‬
‫االئتمان قصير األجل وطويل األجل‪ ،‬وتوجد عدة آجال لالئتمان وهى االئتمان قصير‬
‫األجل‪ ،‬وطويل األجل‪ ...‬وتوجد عدة أنواع من االئتمان طويل األجل التى تختلف من‬
‫حيث غرضها ومدتها‪ ،‬واالئتمان طويل األجل مدته تتحدد من عام إلى أعوام معتمدا‬
‫على مدى االستفادة ومدى احتياجات المشروع‪.‬‬
‫وعلى هذا فأن بنك االئتمان يلعب دورا اقتصاديا هاما فى الرقابة على نمو اإلنتاج‬
‫االشتراكى‪ ،‬والتوزيع ودورة اإلنتاج ‪ ،‬وكمالحظ لالقتصاديات‪ ،‬وكمساعد فى زيادة‬
‫الكفاح اإلنتاجية بفضل توجيه االئتمان فى الوقت والمكان المناسبين‪.‬‬
‫وفى ظل الظروف الحالية لالقتصاد السوفيتى فى مرحلة تنفيذ اإلصالح االقتصادى‪،‬‬
‫فالبنك االئتمانى يصبح مصدر القوة االقتصادية‪.‬‬
‫والبنوك السوفيتية ليست فقط قائمة من أجل عمل القروض‪ ،‬ولكنها أيضا من أجل‬
‫الرقابة ومالحظة النظام وتقديرات تصميم الخطط وكيفية تنفيذها من خالل الخطط‬
‫المالية االستثمارية‪.‬‬
‫وعلى هذا استخلص مما سبق أن طبيعة الجهاز المصرفى االشتراكى هى‪:‬‬
‫‪ -1‬وحدات الجهاز المصرفى متخصصة‪ ،‬وغير متنافسة‪ ،‬وأنها أحد أجهزة الخطة وهى ال‬
‫تعمل منفردة أو مستقلة‪ ،‬كما أنها ال تتمتع بحرية تمويل المشروعات‪ ،‬والفائدة محدودة‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫‪ -2‬يتم تعامل المشروعات بين بعضها‪ ،‬وبينها وبين الحكومة عن طريق البنوك‬
‫المتخصصة‪ ،‬والتى تخص القطاع التابع له المشروع‪.‬‬
‫‪ -3‬الجهاز المصرفى هو المصدر الوحيد لالئتمان فى الدولة‪ ،‬وعلى ذلك فأن االئتمان‬
‫التجارى غير موجودة أو مسموح به على االطالق‪ ،‬ودور االئتمان فى االقتصاد‬
‫االشتراكى هو تسهيل عملية المدفوعات والتغلب على الفقرة الزمنية بين أداء‬
‫المدفوعات والحصول على االيرادات‪.‬‬
‫‪ -4‬يباشر الجهاز المصرفى دور الصراف العام‪.‬‬
‫‪ -5‬القروض المقدمة للقطاع الخاص‪ ،‬فأنه يتم تخطيطها فى ضوء خطة المصروفات‬
‫وإيرادات السكان عموما‪ ...‬وهذه القروض من أجل الشراء بالتقسيط‪ ،‬وللمزارع‬
‫الخاصة‪ ،‬وللمشروعات األخرى كالصناعات الصغيرة والحرفيين‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬أنواع البنوك‬
‫تضخم النشاط االقتصادى واتسع وتنوع‪ ،‬وظهر النظام المصرفى‪ ،‬وقام هذاالجهاز‬
‫وكبر واتسع نشاطه وشمل ميادين متعددة وكثيرة‪ ،‬ولقد أصبح بمثابة القلب بالنسبة‬
‫للنشاط أو األشكال (البنوك) نجد‪-:‬‬
‫‪ -1‬البنوك الشعبية‪:‬‬
‫وتطلب من أعضائها قبول نظام "االدخارالمنتظم" وهو ادخار يتصف بالدورية‬
‫واالجبارية‪.‬‬
‫‪-2‬بنوك االدخارالمحلية‪:‬‬
‫(أ)تستمد بنوك االدخار فى الدول فى الدول الرأسمالية وجودها ونشاطها وقوتها من‬
‫ظاهرتين أساسيين‪:‬‬
‫‪-1‬وجود سوق رأسمالية فعال ونشط‪.‬‬
‫‪-2‬وجود استثمارات فردية ودوافع استثمار قوية تحقق بنوك االدخار من ورائها أرباحا‬
‫طائلة‪ ،‬وبالتالى تعمل على تدعيمها‪ ،‬ويعتبر سعر الفائدة من أقوى األسلحة التى تعتمد‬
‫عليها بنوك اإلدخار فى النظم الرأسمالية فى مزاولة نشاطها فى طلب أو عرض رأس‬
‫المال‪ .‬وتحليل نشاط هذه البنوك نالحظ حقيقتين‪:‬‬
‫‪42‬‬
‫‪-1‬المدخرات الصغيرة من مجموع الشعب تستخدم فى تدعيم فئة المستثمرين‬
‫والمضاربين واألفراد والشركات‪.‬‬
‫‪-2‬توظيف المدخرات بواسطة بنوك اإلدخار غير مرتبطة بخطة موجهة من الدولة‬
‫وإنما يحركه أساسا سعر الفائدة‪.‬‬
‫ب‪-‬فى الدول االشتراكية‪:‬‬
‫تعتمد بنوك االدخار فى هذة الدول على‪:‬‬
‫‪-1‬اإلعانات والتدعيم المادى من الدولة والتى تنظر إلى بنوك اإلدخار على أنها أجهزة‬
‫تعمل على إقناع األفراد بإيداع فائض قوتهم الشرائية لحين االحتياج إليها لرفع مستوى‬
‫معيشتهم‪.‬‬
‫‪-2‬كونها أجهزة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالخطة العامة للدولة فهى تؤدى بعض المهام‬
‫التنفيذية فى مجال االستثمار نيابة عن الدولة‪.‬‬
‫فبنوك اإلدخار فى النظام االشتراكى ال تعد كونها أجهزة تسهل على المواطنين مهمة‬
‫إيداع فائض قوتهم الشرائية ومن أجل تشجيع األفراد على تكوين رصيد نقدى يلجأ إليه‬
‫الفرد القتناء سلع معمرة ترفع من مستوى معيشته أو من أجل المتعة‪.‬‬
‫‪-3‬البنوك المتخصصة‪:‬‬
‫(أ)البنوك الصناعية‪:‬‬
‫وهى التى تمد المشروعات الصناعية الضخمة بالقروض سواء القصيرة أو المتوسطة‬
‫األجل‪،‬ولقد نشأت هذه البنوك أصال إلمداد المشروعات الصناعية بالقروض طويلة‬
‫األجل وخاصة المشروعات الضخمة‪.‬‬
‫(ب)البنوك الزراعية‪:‬‬
‫تقوم بإعداد المزارعين وأصحاب األراضى باألموال لمساعدتهم على شراء مستلزمات‬
‫االنتاج واآلالت الالزمة إلتمام الزراعة‪.‬‬
‫(ج)البنوك العقارية‪:‬‬
‫وتقوم بإقراض راغبى إنشاء العقارات والعمارات السكنية وغيرها من الوحدات‬
‫السكنية‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫وبعد فهذا عرض ألوجه النشاظ المصرفى الذى يعتبر أحد وسائل االقتصاد الحديث‬
‫لتحقيق أهدافه مهما اختلف النشاط االقتصادى‪ ..‬وهذا النشاط (المصرفى) يعتبر أحد‬
‫أدوات تمويل المشروعات الحديثة‪ ..‬وننتقل إلى أداة أخرى من أدوات تمويل‬
‫المشروعات المعاصرة وهى شركات التأمين‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬شركات التأمين‬
‫تعتبر شركات التأمين من أهم المنشآت التى تشجع األفراد على اإلدخار‪ ،‬كذلك تشجع‬
‫مختلف أنواع المشروعات على التأمين على ممتلكاتها وعمالها وموظفيها حتى تدرأ‬
‫عنها مخاطر وما قد يجمله المستقبل بين طياته من الحوادث والمفاجآت وبذلك يتجمع‬
‫لدى هذه الشركات جزء هام من المدخرات القومية يمكنها من المساهمة فى تمويل‬
‫نهضة البالد االقتصادية‪ ،‬وبذلك تعتبر شركات التأمين عامال مساعدا فى خدمة التمويل‪.‬‬
‫ولهذا كان لزاما أن يكون التناول لهذا النوع من الشركات على النحو التالى‪:‬‬
‫اوال‪ -‬تعريف التأمين‬
‫ثانيا‪ -‬عقود التأمين‬
‫ثالثا‪ -‬أنواع التأمين‬
‫رابعا‪-‬اآلثار االقتصادية واالجتماعية للتأمين‬
‫ولسوف أتناول كال من هذه العناصر بالتفصيل‪.‬‬
‫أوال‪ -‬تعريف التأمين‪:‬‬
‫توجد تعريفات عديدة وكثيرة ومن هذه التعريفات " بأنه تحويل اآلثار المالية لألخطار‬
‫التى يتعرض لها األفراد أو المنشآت إلى جهات متخصصة فى تحمل هذه األخطار نظير‬
‫دفع مقابل"‪.‬‬
‫ويوجد تعريف آخر وهو‪:‬‬
‫"التأمين عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدى إلى المؤمن له‪ ،‬أو إلى المستفيد الذى‬
‫اشترط التأمين لصالحه‪ ،‬مبلغا من المال أو إيرادا مرتبا أو أى عوض مالى آخر فى حالة‬
‫وقوع الحادث أو تحقق الخطر المبين بالعقد‪ ،‬وذلك نظير قسط أو أية دفعة مالية أخرى‬
‫يؤديها المؤمن له للمؤمن "‬
‫ويتبين من ذلك أن المبادىء األساسية للتأمين والتى يجب أن تتوافر هى‪:‬‬
‫‪44‬‬
‫‪-1‬مبدأ حسن النية‪:‬‬
‫يجب أن يتوافر بين طرفى عقد التأمين‪ ،‬أى يجب أن تكون البيانات التى يعطيها كل‬
‫طرف لآلخر صحيحة ودقيقة كما انه وال يخف أى طرف حقائق أو بيانات‬
‫جوهرية(مثل اإلصابة بمرض خطير قديما) وإال أعتبر العقد باطال أو قابال للبطالن‬
‫حسب األحوال‪.‬‬
‫‪-2‬مبدأ المصلحة التأمينية‪:‬‬
‫ينبغى أن يكون لطالب التأمين مصلحة تأمينية‪ ،‬فى الشىء المؤمن عليه حتى يكون عقد‬
‫التأمين صحيحا‪ ،‬ويكون للمؤمن له مصلحة تأمينية‪ ،‬إذا كان وقوع الخطر الذى يؤمن‬
‫من وقوعه يؤدى إلى خسارة إقتصادية له‪ ،‬وفى عدم وقوعه منفعة مالية له‪ ،‬فالفرد الذى‬
‫يمتلك عقارا أو بضائع ويؤمن عليها من الحريق له مصلحة تأمينية منها إذ أن هالكها‬
‫أو تلفها نتيجة للحريق ينتج عنه خسارة ماليه له‪.‬‬
‫‪-3‬مبدأ التعويض‪:‬‬
‫يجب أن يعوض المستأمن تعويضا كامال عن قيمة الخسارة بشرط اال تزيد قيمة‬
‫التعويض عن قيمة التأمين ‪ ،‬ولكن يجب أال يحقق المستأمن أى ربح بحصوله على‬
‫التعويض فى حالة الخطر المؤمن منه‪ ،‬إذ يجب أن يوضع المستأمن فى حالة وقوع‬
‫الخطر المؤمن منه فى نفس المركز تماما الذى كان عليه قبل وقوع الخسارة‪ ،‬وطبيعى‬
‫أن المستأمن ال يحصل على تعويض معادل للخسارة إذا كان قد أمن على ممتلكاته‬
‫بمبلغ يقل عن قيمة الخسارة‪.‬‬
‫‪-4‬مبدأ المشاركة فى التأمين‪:‬‬
‫يقضى هذا المبدأ بأن المؤمن له إذا أمن على نفس الشىء موضوع التأمين لدى عدة‬
‫مؤمنين فإنهم جميعا يشتركون فى دفع قيمة التعويض بنفس نسبة المبالغ المؤمن بها‬
‫لديهم‪ ،‬وطبيعى أن المؤمن له ال يحصل على أكثر من قيمة الخسارة التى لحقته تطبيقا‬
‫لمبدأ التعويض‪.‬‬
‫‪-5‬مبدأ الحلول فى الحقوق‪:‬‬
‫يقصد به أن المؤمن يحل محل المؤمن به فى جميع حقوقه قبل الغير بعد دفعه‬
‫التعويض‪ ،‬أى أن المؤمن يوضع فى نفس مركز المؤمن له تماما بحيث تنتقل إلى عقود‬
‫التأمين‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫ثانيا‪ -‬عقود التأمين‪:‬‬
‫فى العصر الحاضر وبعد تعدد المخاطر لجأ الناس والشركات والمصانع والتجار‬
‫للتأمين على سلعهم وأموالهم ليأمنو الكوارث المالية الفادحة‪ ،‬نظير ما يدفعون للشركات‬
‫من مال‪ ،‬وشركات التأمين تجمع مبالغ طائلة من أقساط التأمين المختلفة وتربح من‬
‫عمليات التأمين بعد دفع ما قد يقع من خسائر‪.‬‬
‫وعمليات التأمين أصبحت تقوم على دراسات وخبرات مضبوطة انتهت إلى حقائق‬
‫مسلم بها‪ ،‬ولسبر غور التأمين البد أن نتطرق إلى عدة نقاط هامة وهى‪:‬‬
‫‪-1‬عناصر التأمين‬
‫‪-2‬خصائص عقد التأمين‬
‫‪-3‬آثار عقد التأمين‬
‫‪-4‬انتهاء عقد التأمين‬
‫‪-1‬عناصر التأمين‪:‬‬
‫ولعمليات التأمين عناصر ثالث هى‪:‬‬
‫(أ)الخطر المؤمن منه‬
‫(ب)قسط التأمين‬
‫(ج)مبلغ التأمين‬
‫(أ)الخطر المؤمن منه‪:‬‬
‫البد من توافر ثالث صفات فى الخطر المؤمن منه وهى‪:‬‬
‫‪-1‬أن يكون الخطر متفرقا فال يتجمع وقوعه فى وقت واحدج بل يتفرق على أوقات‬
‫متباعدة‪ ،‬ومن ثم يكون من العسير التأمين من الزالزل والحروب‪..‬الخ‬
‫‪-2‬أن يكون الخطر متماثال فيتجانس فى طبيعته(حريق‪-‬حوادث) وقيمته ومدته‬
‫ومحله(مبان‪-‬منقوالت)‬
‫‪46‬‬
‫‪-3‬أن يكون الخطر منتظم الوقوع إلى درجة مألوفة‪ ،‬فال يكون وقوعه من الندرة بحيث‬
‫يتعذر عمل إحصاء عنه‪ ،‬وال من الكثرة بحيث يكلف التأمين منه ثمنا غاليا ويصبح‬
‫التأمين غير مجد من الناحية االقتصادية‪.‬‬
‫ومن الناحية القانونية يعتبر الخطر هو المحل الرئيسى فى عقد التأمين ويشترط فى‬
‫الخطر ثالثة شروط وهى‪:‬‬
‫‪-1‬أن يكون غير محقق الوقوع‪ ،‬ويكون هذا على صورتين‪:‬‬
‫(أ)فقد يكون وقوعه غير محتم مثل الحريق أو السرقة‪.‬‬
‫(ب)وقد يكون وقوع الخطر محققا ولكن وقت وقوعه غير معروف‪ .‬وعلى ذلك إذا كان‬
‫الخطر مستحيل الوقوع كان محل التأمين مستحيال‪.‬‬
‫‪-2‬أن ال يكون متعلقا بمحض إرادة المؤمن أو المؤمن منه‪....‬فهنا يصبح تحققه واقعا‬
‫طبقا لمشيئته‪،‬‬
‫تحت مشيئة أحد طرفى العقد ومن مصلحة كل طرف أن يحقق الغر‬
‫وعند ذلك ال يعد هناك معنى للتأمين‪.‬‬
‫‪-3‬أن يكون مشروعا أى غير مخالف للنظام العام‪.‬‬
‫(ب)قسط التأمين‪:‬‬
‫هو المقابل المالى الذى يدفعه المؤمن لتغطية الخطر المؤمن منه‪ ،‬ويحسب قسط التأمين‬
‫طبقا لمبدأ نسبة القسط إلى الخطر‪ ،‬ويراعى فى احتساب القسط قاعدتين هما‪:‬‬
‫(أ)‪-‬قاعدة الكثرة‪:‬‬
‫ذلك أن الدقة فى احتساب األقساط التى يلتزم بها المؤمن لهم تتوافر بقدر ما يكون عدد‬
‫الذين التزم المؤمن قبلهم من المعرضين للخطر المؤمن منه كبيرا‪ ،‬إذ بذلك يبدأ الخطر‬
‫ينتفى ويقترب التقدير كثيرا الى الدقة‪ ،‬ولذلك يسعى المؤمن دائما إلى توسيع قاعدة‬
‫المتعاقدين معه للتأمين من األخطار‪.‬‬
‫(ب)قاعدة االرتكاز على االحصاءات الدقيقة‪:‬‬
‫تقدر احتماالت تحقق الخطر بالنسبة إلى جميع المؤمن لهم طبقا لقوانين االحصاء‪ ،‬أى‬
‫إحصاء عدد مرات تحقق الخطر المؤمن منه التى وقعت فى الماضى ومبلغ أهمية كل‬
‫خطر منها‪ ،‬ومدى احتمال تحقق مثل ذلك أو ما يقرب منه فى المستقبل‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫(ج)مبلغ التأمين‪:‬‬
‫هو المبلغ الذى يدفعه المؤمن له‪ ،‬أو المستفيد عند تحقق الخطر‪.‬‬
‫‪-2‬خصائص عقد التأمين‪:‬‬
‫عقد التأمين رضائى‪:‬‬
‫فهو يقوم على رضا الطرفين وينعقد لمجرد توافق اإليجاب والقبول وهو ال يثبت عادة‬
‫إال بوثيقة يوقع عليها المؤمن‪ ...‬وهذا المبدأ ال يتعارض مع مبدأ أن عقد التأمين عقد‬
‫إذعان‪ ،‬ألن المؤمن هو الجانب األقوى وهو الذى يملى شروطه‪ ،‬وال يملك المؤمن له‬
‫إال أن ينزل عن شروط المؤمن‪ ،‬ولذلك تدخل المشرع فى معظم الدول لحماية المؤمن‬
‫لهم‪.‬‬
‫عقد ملزم للجانبين‪:‬‬
‫بمجرد توقيع الوثيقة يصبح على المؤمن دفع مبلغ التأمين إذا وقع الضرر‪ ،‬وعلى‬
‫المؤمن له دفع أقساط التأمين‪.‬‬
‫عقد من عقود المعاوضة‪:‬‬
‫إذ أن كل من المتعاقدين يأخذ مقابال لم أعطى‪.‬‬
‫عقد من العقود الزمنية‪:‬‬
‫يعقد لزمن معين‪ ،‬والزمن عنصر جوهرى فيه‪ ،‬ألنه يتوقف عليه مقدار األقساط التى‬
‫تدفع ومقدار مبلغ التأمين‪.‬‬
‫عقد من العقود االحتمالية‪:‬‬
‫بمعنى أن المؤمن له ال يعرف مقدار ما يدفعه وال مقدار ما يأخذ‪ ،‬وكذلك المؤمن‪....‬‬
‫وهذا متوقف على وقوع الضرر من عدمه‪.‬‬
‫‪-3‬آثار عقد التأمين‪:‬‬
‫(أ)التزام المؤمن له‪:‬‬
‫‪48‬‬
‫‪-1‬تقديم البيانات الالزمة وتقرير ما يستجد من ظروف(مبدأ منتهى حسن النية)‬
‫‪-2‬االلتزام بدفع مقابل التأمين‪.‬‬
‫‪-3‬إخطار المؤمن بوقوع الحادث إذا تحقق الخطر المؤمن منه‪.‬‬
‫(ب)التزام المؤمن‪:‬‬
‫يلتزم المؤمن بدفع مبلغ التأمين‪ ،‬ويحل هذا االلتزام ويصبح واجب األداء متى تحقق‬
‫الخطر المؤمن منه‪ ،‬وفى حالة التأمين على الحياة متى حل أجل العقد‪.‬‬
‫‪-4‬انتهاء عقد التأمين‪:‬‬
‫(أ)انتهاء أو إنقضاء المدة‬
‫(ب)فسخ العقد‬
‫‪-1‬إذا ما استجدت ظروف تؤدى إلى زيادة الخطر‬
‫‪-2‬االخالل بالتزام المؤمن بدفع القسط‬
‫‪-3‬هالك الشىء المؤمن عليه (انفساخ العقد)‬
‫‪-4‬انتقال ملكية الشىء المؤمن عليه‬
‫‪-5‬إفالس المؤمن‬
‫ثالثا ‪ :‬أنواع التأمين‪:‬‬
‫نأتى إلى جزء هام من البحث فى التأمين وهو أنواع التأمين‪ ،‬وهى كاآلتى‪-:‬‬
‫‪-1‬بعد أن تفرغت وتعددت األنشطة االقتصادية وتعددت تبعا لذلك أنواع التأمين‬
‫وهى كاآلتى‪:‬‬
‫التأمين من الحريق‪:‬‬‫وفيها يعوض المؤمن له عن تلف أو هالك الممتلكات موضوع التأمين فى حدود‬
‫مبلغ التأمين‪.‬‬
‫التأمين من خيانة األمانة‪:‬‬‫وهو تعويض المؤمن له من الخسائر التى يتعرض لها نتيجة الختالس موظفيه أو‬
‫تبديدهم ألمواله وممتلكاته‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫تأمين المسئولية المدنية‪:‬‬‫وهو تعويض المؤمن له عن المبالغ التى يلتزم بدفعها للغير نتيجة لالهمال‪.‬‬
‫التأمين من حوادث واصابات العمل‪:‬‬‫ويعوض المؤمن له عن المبالغ التى يلتزم بدفعها قانونا لعماله ومستخدميه فى حالة‬
‫إصابتهم أثناء العمل‪.‬‬
‫التأمين من السرقة‪:‬‬‫ويعوض المؤمن له عن الخسارة التى تتعرض لها ممتلكاته نتيجة للسرقة‪.‬‬
‫التأمين البحرى‪:‬‬‫ويشمل التأمين على السفن‪ ،‬وعلى البضائع المنقولة بحرا‪ ،‬كما يغطى جميع الخسائر‬
‫واألضرار التى تلحق بوحدات النقل البحرى والنهرى المختلفة‪.‬‬
‫‪-2‬وكما للتأمين أنواع متعددة فقد نشأت نتيجة للحاجات المتعددة أقسام للتأمين أيضا‬
‫وهى‪-:‬‬
‫(أ)التأمين االجتماعى‪:‬‬
‫هو تأمين للعمال‪ ،‬يؤمنهم من إصابات العمل والمرض والعجز والشيخوخة ويساهم‬
‫فيه إلى جانب العمال أصحاب العمل والدولة ذاتها‪.‬‬
‫(ب)التأمين الخاص‪:‬‬
‫هو تأمين تقوم به شركات التأمين أو جمعيات التأمين التبادلى‪ ،‬وهو إما أن يكون‬
‫تأمينا بحريا ‪ ،‬أو على البضائع أو على السفن‪ ،‬أو تأمينا بريا‪ .‬والتأمين البرى قد‬
‫يكون على األشخاص أو من األضرار‪ .‬والتأمين على األشخاص يتعلق بشخص‬
‫المؤمن فيؤمن نفسه من األخطار التى تهدد حياته أو سالمة جسمه أو صحته أو‬
‫قدرته على العمل‪ ،‬وعلى ذلك فهو تأمين ليست له صفة تعويضية ومن ثم ال يخضع‬
‫لمبدأ التعويض‪.‬‬
‫أما التأمين من األضرار فهو تأمين ال يتعلق بشخص المؤمن له بل بماله‪ ،‬وهو أما‬
‫تأمين على األشياء أو من المسئولية‪.‬‬
‫‪50‬‬
‫رابعا‪ :‬اآلثار االقتصادية واالجتماعية للتأمين‪:‬‬
‫نشأ عن وجود التأمين ومؤسساته وتوسعها فى التأمين آثارا اقتصادية واجتماعية‬
‫خطيرة‪ ....‬ترتب عليها أن أصبح للتأمين مكانة هامة وقوية فى االقتصاديات القومية‬
‫المعاصرة‪ ..‬واصبحت إحدى القوى المؤثرة فى االقتصاديات الحديثة‪ ..‬كما أصبحت‬
‫شركات التأمين أحد ركائز التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫وتساعد شركات التأمين على تجميع المدخرات‪ ،‬ونتيجة لتجميع هذه المدخرات‬
‫تتراكم لديها أموال طائلة تساعد على ازدهار الصناعة والتجارة والخدمات فالتأمين‬
‫يساعد األفراد والهيئات على اقتحام الميادين االقتصادية المختلفة ألنه بواسطة‬
‫التأمين يؤمن األفراد والهيئات على أموالهم وعلى ضياع أجزاء منها عند تحقق أى‬
‫خطر أو ضرر‪.‬‬
‫كما أن التأمين يساهم فى اإلقالل من الحوادث والحرائق وغيرهما بإرشادات‬
‫المنشآت‪ ،‬وبرامج التوعية‪ ،‬وهذا يعود على االقتصاد القومى بصفة عامة بفوائد‬
‫كثيرة‪.‬‬
‫والتأمين على أساس هام لالئتمان‪ ،‬إذ أن المنشآت التجارية قد ترغب فى التصريح‬
‫باالئتمان ولكنها تخشى وفاة الفرد فتشترط التأمين على حياته‪ ،‬مما يجعل حصولها‬
‫على دينها أكثر ضمانا‪.‬‬
‫والتأمين يساعد على استمرار المنشآت المالية فى عملها وعدم توقفها إذا أصيبت‬
‫بأضرار أو خسائر جسيمة نتيجة ألى ضرر‪.‬‬
‫وشركات التأمين فى سبيل أداء رسالتها التأمينية تقوم بتجميع المدخرات‪ ،‬وبذلك‬
‫تتجمع لديها أموال كثيرة‪ ،‬كل هذة االموال يجب أال تترك معطلة‪ ،‬لهذا كان على‬
‫شركات التأمين استثمار هذى األموال فى أوجه النشاط االقتصادى المختلفة‪ ...‬ولقد‬
‫أصبحت شركات التأمين بما لديها من أموال ضخمة قابلة لالستثمار‪ ،‬مصدرا هاما‬
‫من مصادر تمويل الجهات الحكومية والشركات واألفراد‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫وتقوم شركات التامين على الحياة باستثمار أموالها فى السندات الحكومية مثال أن‬
‫القروض برهن أو استثمارأموالها بعدل فائدة يساوى أو يزيد عن معدل الفائدة الذى‬
‫احتسبت على أساسه أسعار التأمين‪ ،‬وفى شركات التأمين على الممتلكات والحوادث‬
‫يكون االستثمار بصفة خاصة فى األوراق المالية للشركات التجارية والصناعية‪.‬‬
‫وهذا يدل على كمية األموال الضخمة التى تتجمع لدى شركات التأمين ومدى‬
‫تأثيرها على االقتصاد القومى‪ ،‬ومدى قدرة شركات التأمين على استثمار أموالها‪،‬‬
‫وتعتبر مصدرا هاما وخطيرا واساسيامن مصادر التأمين‪.‬‬
‫واذا نظرنا إلى المركز االجمالى لشركات التأمين لعدة سنوات فسوف نجد أن‬
‫القروض واستثمار األموال يحتل مركزا هام فى المراكز المالية لهذه الشركات‪.‬‬
‫ومعظم األموال فى شركات التأمين تستخدم فى القروض طويلة األجل‪ ،‬واألسهم‬
‫والسندات‪ ،‬والسندات الحكومية‪ ،‬وهى تعتبر أحد األدوات المالية باإلضافى إلى أنها‬
‫إحدى أدوات االئتمان واالستثمار‪.‬‬
‫والتأمين فى الدول التى تتبع النظام االشتراكى بها بعض االختالفات وإن كانت فى‬
‫األسس والقواعد واحدة‪ ...‬ولقد اخترت النموذج السوفيتى فى التأمين كممثل للدول التى‬
‫تتبع النظام االشتراكى‪.‬‬
‫ورأس المال يتكون كنتيجة لعملية النظام التأمينى‪ ،‬يستخدم كمصدر لالئتمان‪....‬‬
‫والتأمين فى االتحاد السوفيتى يختلف كما أشرت عما هوفى النظام الرأسمالى‪ ،‬فينما‬
‫نرى فى الدول الرأسمالية أن الحصول على الفائدة باإلضافة إلى حماية الممتلكات‬
‫الخاصة‪ ،‬فيؤمن على الحياة واألعمال فقط بسبب أنها تأتى بأكبر فوائد‪ ...‬بينما نرى أن‬
‫التأمين فى االتحاج السوفيتى يعمل مستندا على أساس حماية األفراد والممتلكات‬
‫باإلضافة إلى نشر مظلة األمن على الجميع‪.‬‬
‫وفى األتحاد السوفيتى تحتكر الدولة التأمين‪ ،‬وبهذه الطريقة يمكن أن يكون التأمين عنه‬
‫أقل تكلفة‪.‬‬
‫ويوجد نوعين من التأمين فى االتحاد السوفيتى وهو التأمين اإلجبارى والتأمين‬
‫االختيارى‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫ووزارة المالية السوفيتية يوجد بها الهئية المركزية للتأمين فى االتحاد السوفيتى وتسمى‬
‫جوس تراك ‪ ،Gosstrakh‬التى تعمل على أساس التكاليف الحسابية‪ ،‬والقطاعات فى‬
‫االتحاد السوفيتى يوجد لديها هيئات للتأمين أو مكاتب للتأمين‪ ،‬وهذه الهيئات والمكاتب‬
‫تحت رقابة الوكاالت المالية‪.‬‬
‫والهيئة المركزية للتأمين فى االتحاد السوفيتى والهيئات التأمينية فى الجمهوريات تضع‬
‫بعض االحتياطيات المالية للتأمين على المزارع الجماعية وهذه االحتياطيات المالية‬
‫تكون ذات فائدة فى السنوات التى تتعرض فيها هذه المزارع لخسائر أو كوارث نتيجة‬
‫لألحداث الطبيعية والمناخية‪ ،‬وعلى هذا نرى أن التأمين فى االتحاد السوفيتى يختلف عن‬
‫نظام التأمين فى النظام الرأسمالى الذى يعتمد على التأمين الذى يملكه األفراد‪ ...‬أى أن‬
‫تكون شركات التأمين ملكا لألفراد الذين يرغبون فى تحقيق أكبر ربح ممكن‪ ،‬فهم من‬
‫جهة يبحثون عن األهداف التأمينية التى تحقق لهم هذا الربح‪ ،‬ومن جهة أخرى يبعدون‬
‫عن التأمينات االجتماعية أو نشر مظلة األمان على جميع افراد المجتمع‪ ،‬ألنها ال تحقق‬
‫العائد المجزى أو الربح الذى يطمح إليه أصحاب هذه الشركات‪.‬‬
‫وبعد فهذاا عرض للنظام التأمينى بصفة عامة‪ ،‬ومدى ما تتمتع به شركات التأمين من‬
‫قدرة على التمويل‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬االسواق‬
‫األداة الثالثة من أدوات التمويل هى البورصات‪ ،‬والبورصة هى سوق ذات طابع خاص‬
‫غير طابع األسواق المتعارف عليها من قديم األزمان‪ ،‬أنها تختلف عن األسواق‬
‫المعروفة من عدة وجوه منها‪:‬‬
‫أنها مخصصة لنوع أو أنواع ممعينة من السلع على حين تكون األسواق مفتوحة لكل‬
‫سلعة‪ ،‬ومنها أن المتعاقدين فيها أشخاص تتوافر فيهم شروط معينة على حين ال ترد‬
‫األسواق العامة أحدا‪ ...‬ومنها أن التعامل يجرى والسلع المتعامل عليها غير موجودة‬
‫على خالف التعامل فى األسواق العامة‪.‬‬
‫والشك أن اسم "البورصة" ليس عربيا‪ ،‬وال معربا‪ ،‬بل إنه ينطق هكذا فى معظم اللغات‬
‫األجنبية محتفظا باألصل الذى نشأ عنه‪.‬‬
‫‪53‬‬
‫وتعتبر البورصات سوقا مستمرة‪ ،‬إذ يجتمع فيها المشترون والبائعون الذين يرغبون فى‬
‫التعامل بشراء وبيع سندات الحكومة‪ ،‬وأسهم الشركات المقبولة بتسعيرة البورصة‪ ،‬وتتم‬
‫جميع الصفقات عن طريق السماسرة المعتمدين‪.‬‬
‫ونظرا ألن البورصة تعتبر سوقا يتحدد فيها السعر نتيجة لقانون العرض والطلب‪،‬‬
‫ونظرا ألنها مستمرة‪ ،‬يتصل فيها المشترين بالبائعين فيجد فيها البائع سوقا لبيع أوراقه‬
‫وبضائعه‪ ،‬كما يجد فيها المشترى سوقا لشراء ما يريد‪ ،‬لذلك نراها تقوم بدور مساعد فى‬
‫خدمة التمويل‪ ،‬إذ أن كثيرا من المستثمرين يدخلون فى االعتبار عند االكتتاب فى اسهم‬
‫الشركات أو فى سندات الحكومةإمكان بيعها إذا ألجأتهم الحاجة‪ ،‬أو إذا ارتفعت األسعار‬
‫عن السعر الذى اكتتبوا فيه‪ ،‬فيبيعون ما يمتلكون‪ ،‬أو بعض ما يمتلكون‪ ،‬ويربحون فروق‬
‫األسعار‪ ،‬أى اليسر الذى يجده حائز األوراق المالية فى بيعها فى البورصة يساعد على‬
‫االكتتاب فى مزيد من األسهم أو السندات وبذلك تعتبر البورصات عامال مساعدا فى‬
‫خدمة التمويل‪.‬‬
‫وفى بورصات العقود يتم نفس الشىء‪ ،‬فالبائع يجد من يشترى‪ ،‬والمشترى يجد البضائع‬
‫التى يريدها وبعد هذا االستعراض السريع للبورصة يكون واجبا ذكر بعض األمور‬
‫المتعلقة بتلك البورصات ووهى‪:‬‬
‫‪-1‬بورصة األوراق المالية وبورصة العقود‬
‫‪-2‬وظائف وعمليات البورصات‬
‫‪-3‬أثر البورصات فى الحالة االقتصادية‬
‫وسوف أشرح كل ما سبق فيما بعد‪...‬‬
‫‪-1‬سوق األوراق المالية وسوق العقود‪:‬‬
‫الشك أن البورصة كما ذكرت من قبل تتعامل فى األوراق المالية الخاصة بالشركات‪،‬‬
‫كما تتعامل فى الحاصالت الزراعية‪ ،‬وتتعامل فى األسهم والسندات‪ ...‬الخ‪ ،‬من األوراق‬
‫المالية‪.‬‬
‫وبورصة األوراق المالية يجرى التعامل فيها على أسهم وسندات الشركات وسندات‬
‫الحكومة بعمليات عاجلة(نقدية)‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫ربح األسهم وفائدة السندات تدفعها الشركات أو الحكومات بمقتضى الكوبونات‪ ،‬وتتولى‬
‫المصارف والسماسرة تحصيل قيمة تلك الكوبونات مقابل عمولة ضئيلة‪.‬‬
‫وبورصة العقود هى التى تتعامل فى البضائع سواء كانت زراعية مثل القطن والبصل‬
‫(فى مصر) أو صناعية‪ ،‬ويعمل السماسرة فى بورصة العقود أيضا‪.‬‬
‫‪-2‬وظائف وعمليات البورصات‪:‬‬
‫تؤدى "البورصة" فى ميدان الحياة االقتصادية دورا خطيرا‪ ،‬إذ تدور فيها أكبر الصفقات‬
‫التجارية التى تمثل الجزء األكبر من ثروة البالد‪.‬‬
‫ذلك أن أهم موارد البالد تتجه دائما إلى البورصة لتكون سوقا لها‪ ،‬وعن طريقها يتم‬
‫تصريف هذه الموارد‪ ،‬فإذا لم تكن أعمال البورصة خاضعة لنظم محكمة ورقابة يقظة‪،‬‬
‫أمكن أن تكون مسرحا للعبث بثروة البالد‪ ،‬ومجاال فسيحا للكسب الحرام عن طريق‬
‫الزيف والخداع‪.‬‬
‫وبعد ذلك العرض السريع ألعمال البورصة ‪ ،‬البد من االنتقال إلى وظائف وعمليات‬
‫البورصة‪ ،‬والشك أن البورصات تعتبر مسرحا للعديد من الوظائف وما يتبعها من‬
‫عمليات كثيرة متعددة‪.‬‬
‫(أ) وظائف البورصة‪:‬‬
‫‪-1‬البورصة سوق مستمرة‬
‫وألجل أن تكون السوق مستمرة يجب أن يتوافر شرطان هما‪:‬‬
‫(أ)أن يكون فى البورصة فى أوقات العمل عدد كاف من البائعين والمشترين على‬
‫استعداد للبيع والشراء‪.‬‬
‫(ب)يجب أن يسمح قانون البورصة بالتعامل على المكشوف حتى إذا طلب مشتر‬
‫السلعة‪ ،‬ولم تكن فى حيازة البائع وقت البيع‪ ،‬فإن هذا األخير يبرم الصفقة اعتمادا على‬
‫استطاعته الحصول عليها فيما بعد بفضل السوق المستمرة ليسلمها إلى المشترى‪،‬‬
‫فالمضاربة والتعامل على المكشوف هما الشرطان األساسيان لوجود سوق مستمرة‪،‬‬
‫‪55‬‬
‫والسوق المستمرة شرط أساسى لقيام البورصات بوظائفها االقتصادية‪ ،‬وتتحقق عدة‬
‫فوائد من اعتبار البورصة سوقا مستمرة وهذه الفوائد هى‪:‬‬
‫‪ -1‬استطاعة حائز األوراق المالية أن يعرف ثمنها من يوم آلخر من االطالع على‬
‫تسعيرة البورصة‪ ،‬كما أنه فى بورصة العقود يستطيع المشترى أن يعرف أسعار‬
‫البضائع من يوم آلخر من االطالع على تسعيرة البورصة أيضا‪.‬‬
‫‪ -2‬استطاعة تحويل األوراق المالية إلى نقود أو العكس فى أى وقت‪ ،‬وهذا يتم أيضا فى‬
‫بورصة العقود‪.‬‬
‫‪-3‬سهولة قبول الدائنين لألسهم والسندات كضمان لقروضهم‪.‬‬
‫‪-4‬إمكان عقد عملية الموازنة بين بورصتين مختلفتين‪ ،‬والموازنة هذه عملية مزدوجة‬
‫تشتمل على صفقتين(بيع وشراء) يعقدهما المضارب فى وقت واحد‪ ،‬فعند حدوث فروق‬
‫فى األسعار بين بورصتين مختلفتين ينتهز المضارب الفرصة‪ ،‬فيشترى حيث تكون‬
‫األسعار منخفضة‪ ،‬ويبيع حيث تكون األسعار مرتفعة ليستفيد الفرق‪.‬‬
‫‪ -2‬تسجيل أسعار رسمية‪:‬‬
‫إن تسجيل األسعار ونشرها له أهمية عظمى للسلعة المتعامل بها‪ ،‬وبالنسبة لكافة‬
‫المشتغلين فيها‪ ،‬فجميع األسعار التى تتم بموجبها صفقات تعلق على لوحات ظاهرة‬
‫معلقة فى مكان بندوة البورصة بحيث يمكن لجميع المتعاملين رؤيتها‪ ،‬ثم تسجيل فى‬
‫سجالت وتطبع فى نشرات صحيفية أو خاصة توزع لمن يطلبها ممن لهم عالقة بأعمال‬
‫البورصة كالتجار والمصارف‪.‬‬
‫‪-3‬موازنة األسعار بالنسبة للزمان والمكان‪:‬‬
‫وذلك ان المختصين فى شئون البورصات يقفون أوال بأول على حالة السلعة موضع‬
‫التعامل بناء على مراحل تدل فى كثيرعلى حقائق تطورات هذه السلعة‪ ،‬مما يسمح لهم‬
‫بتكوين فكرة قريبة من الصحة إذا لم تكن صحيحة فعال‪ ،‬ويقدرون بناء عليها مستقبل‬
‫السلعة من حيث سد الحاجات االقتصادية‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫‪-4‬البورصة أداة التأمين التجارى‪:‬‬
‫يستفيد من البورصة التاجر والصانع والزارع حيث يتمكن كل منهم من التأمين على‬
‫مركزه ضد التقلبات األسعار بفضل عمليات التحويط فى بورصة العقود‪ .‬وعمليات‬
‫التغطية هى عمليات حقيقية أبعد ما تكون عن المضاربة‪.‬‬
‫‪-5‬المضاربة‪:‬‬
‫المضاربة بمعناها العام هى االنذار والتحضير للمستقبل‪ ،‬أما بلغة االقتصاد فهى‬
‫العمليات التى يقوم بها بعض األشخاص بناء على معلومات فنية وتقديرات معقولة‬
‫لالنتفاع من فروق األسعار فى الزمان والمكان‪.‬‬
‫والمعامالت اآلجلة فى البورصات تقوم كلها على المضاربة (التعامل على المكشوف)‪،‬‬
‫وليس هناك تسليم أو تسلم‪ ،‬فالمشترى ال ينوى تسلم ما اشتراه والبائع ال ينوى تسليم ما‬
‫باعه‪ ،‬والمسألة كلها تنحصر فى قبض أو دفع فروق األسعار‪ ،‬والمضاربة الزمة جدا‬
‫الستمرار العمل فى البورصة‪ ،‬وكل محاولة عملت بمعرفة الحكومات ألبطالها كان‬
‫نصيبها الفشل‪.‬‬
‫ولكن المضاربة قد تخرج أحيانا عن وظيفتها وتتخذ شكل المغامرة فهى قد تتطور بفعل‬
‫المصالح الفردية البحتة وبوسائل ممقوتة وغير مشروعة التأثير على األسعار‪ ،‬وهذا‬
‫الشكل يؤدى إلى اإلخالل بموازين األسعار‪ ،‬ويجعل البورصة أقرب إلى ناد للميسر‬
‫يؤمه المقامرون‪.‬‬
‫تلك هى وظائف البورصة‪ ...‬ولعل من الطبيعى أن أنتقل إلى نقطة أخرى مرتبطة بتلك‬
‫الوظائف وهى‪:‬‬
‫(ب)عمليات البورصة‪:‬‬
‫والعمليات على نوعين‪-:‬‬
‫‪-1‬عمليات عاجلة أو نقدية‬
‫‪-2‬عمليات آجلة‬
‫‪57‬‬
‫فالعمليات العاجلة هى التى تسوى فورا او فى ظرف ‪ 48‬ساعة على األكثر‪ ،‬فيدفع‬‫المشترى الثمن ويسلم البائع األوراق أو البضائع‪ ،‬والغرض األساسى من هذا النوع من‬
‫العمليات هو استثمار المال أى االنتفاع واألرباح وقلما يكون القصد منها المضاربة‪.‬‬
‫أما العمليات اآلجلة فهى التى تسوى بعد أجل معين يتفق عليه عند عقد العملية‪..‬‬‫وتصفى عادة فى أيام التصفية التى تقررها لجنة البورصة‪ ،‬وتحدد مواعيدها مقدما عن‬
‫سنة‪.‬‬
‫ويقصد من هذه العملية المضاربة؛ أى االنتفاع من تقلبات األسعار هبوطا وارتفاعا‪.‬‬
‫‪ -3‬أثر البورصة فى الحالة االقتصادية‪:‬‬
‫تلعب البورصا ت دورا هاما فى الحياة االقتصادية لكونها المكان المعين‪ ،‬حيث يتقابل‬
‫العرض والطلب للسلع المتعامل عليها‪ ،‬وحيث تتوافر المنافسة الحرة بين البائعين‬
‫والمشترين حسب قانون العرض والطلب‪ ،‬مما يحقق للسلعة سوقا مثالية مستمرة‬
‫تكفل تحديد سعر عادل لها يعلق لجميع المتعاملين‪.‬‬
‫وتعتبر البورصة"بارومتر" الحالة االقتصادية ألنها تبين لنا دائما اتجاه األسعار‬
‫ارتفاعا وهبوطا‪ .‬فهى فى الواقع أداة لتسجيل أسعار السلع التى يتعامل بها فيها‪.‬‬
‫وتأثير أسعار البورصات على أسواق األوراق المالية كبيرا‪ ،‬فهى بسبب أن التجارة‬
‫والصناعة فى مختلف نواحيها تقوم بها شركات مساهمة تتداول أول أسهمها فى‬
‫بورصات األوراق المالية‪ ،‬وظاهر أن كل تأثيرفى السلع التى لها مساس بهذه‬
‫الشركات أو غيرها يحدث رد فعل فى اسعار األسهم‪.‬‬
‫وتتأثر البورصات بعوامل العرض والطلب كنشاط األعمال التجارية والمقدرة‬
‫االستهالكية التى تتأثر بعوامل عديدة‪.‬‬
‫ومن ذلك نخلص أن مقدرة البورصات على التمويل قوية وفعالة فى كافة الميادين‬
‫االقتصادية(تجارية‪-‬صناعية‪-‬زراعية‪ ...‬الخ)‪.‬‬
‫‪58‬‬
‫ومن الناحية األخرى فالبورصات تلعب دورا هاما ومؤثرا فى المجتمعات ذات‬
‫االقتصاد الرأسمالى‪ ،‬وتعتبر إحدى ركائز االقتصاديات الرأسمالية المعاصرة‪ ،‬فإذا‬
‫اتجهنا إلى االقتصاديات الموجهة نجد أن بعض الدول التى يميل فيها القطاع الخاص‬
‫أن يكون هو المسيطر‪،‬نجد أن تلك الدول قد أبقت على البورصات ووضعت لها‬
‫القوانين واللوائح المنظمة‪ ،‬مثل بعض دول أوربا الغربية‪ ،‬أما إذا كان دور القطاع‬
‫العام هو المسيطر نجد أن البورصات تصبح ضعيفة وليس لها نشاط قوى مؤثر‪.‬‬
‫أما فى االقتصاديات االشتراكية فنجد أن البورصات بكافة أنواعها ال وجود لها حيث‬
‫أن النشاط الحر أو الرأسمالى (الخاص) ال وجود له تقريبا أو على نطاق محدود‬
‫وبسيط‪ ،‬وكل أدوات اإلنتاج الرئيسية ملك للدولة وواقعة عحت سيطرة السلطة‬
‫الحاكمة‪ ،‬ولذلك فالبورصات فى الدول ذات االقتصاديات االشتراكية (دول شرق‬
‫أوربا والدول التى تأخذ بالنظام الشيوعى أو االشتراكى المتطرف) صدر فيها‬
‫قرارات بالغائها لعدم وجود نشاط خاص مؤثر بتلك الدول‪.‬‬
‫هذا أستعراض لدول البورصات فى االقتصاديات والنظم االقتصادية المعاصرة‪....‬‬
‫ولعل هذا االستعراض فى هذا المبحث ألدوات التمويل المعاصرة الرئيسية‬
‫والمتعارف عليها فى االقتصاديات الحديثة وهى البنوك وشركات التأمين‬
‫والبورصات يدل على مدى أهمية هذه األدوات فى التمويل ومدى تأثيرها فى المقدرة‬
‫على النمو فى المشروعات المختلفة لما لها من قدرة على تجميع األموال الضخمة‪،‬‬
‫أو تحكمها فى المشروعات والطلب بالنسبة للسلع واألسهم والسندات وتوفيرها‬
‫المناخ المناسب إذا أديرت بكفاءة لنمو االقتصاد القومى‪.‬‬
‫ولعل األدوات التمويلية هذه يوجد بالمقابل لها بالنسبة للمشروعات االقتصادية‪،‬‬
‫مصادر وتعتمد عليها تلك المشروعات فى التمويل‪ ،‬وهذه المصادر أما أن تكون‬
‫مصادر داخلية (ذاتية) من داخل المشروع أو بتعبير أدق من رأس مال مساهميه‪،‬‬
‫وباإلضافة إلى تلك المصادر الداخلية (الذاتية) توجد مصادر خارجية وهذه المصادر‬
‫الخارجية تعتبر المعين أو العنصر المساعد لتقوية وشد أزر المصادر الداخلية‬
‫للمشروع من أجل أن يحقق أهدافه النمائية والتوسعية‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫ولعل هذه العجالة تقدمة للمبحث الثانى الذى سيتناول مصادر التمويل بالنسبة‬
‫للمشروعات بالشرح الوافى الذى يوضح أهمية تلك المصادر بالنسبة للمشروعات‪.‬‬
‫المبحث الثانى‬
‫مصادر تمويل المشروعات المعاصرة‬
‫أن التمويل فى العصر الحالى يعتبر بمثابة الدم للجسم‪ ،‬والتمويل بالتالى يعتبر بمثابة‬
‫الدم للمشروع‪ ،‬لهذا احتلت دراسات التمويل مكانة هامة‪ ،‬والتمويل يعتمد أوال على‬
‫مقدرة أصحاب المشروع الذاتية‪ ،‬أى أن المشروع يعتمد على مصادره األولية فى‬
‫أولى مراحله‪ ،‬وهذه يطلق عليها المصادر الذاتية أو الداخلية‪ ،‬ثم يأتى دور المصادر‬
‫الخارجية بعد ذلك‪ ،‬لهذا سوف يشتمل هذا المبحث على شرح للمصادر الخارجية‬
‫بالتفصيل‪..‬‬
‫وللمشروع عادة فى أى مكان مصدران للتمويل وهما المصدر الداخلى (الذاتى)‪ ،‬ثم‬
‫بعد ذلك المصدر الخارجى وهو يعتبر مصدرا مساعدا‪ ،‬وتكمن أهميته فى أنه‬
‫المصدر السريع إلمداد المشروع باألموال سواء النقدية أو الفنية أو اآللية أو‬
‫الرأسمالية‪.‬‬
‫ويعبر عن ذلك توماس س‪.‬كوميت بقوله‪:‬‬
‫"بداية أقول أنه يوجد مصدرين لألموال فقط بالنسبة للمشروع‪ ،‬هذان المصدران هما‬
‫الداخلى والخارجى ولقد أقر مفتشو الحسابات والمديرون الماليون من مصدر‬
‫األموال الداخلى ما يكون بطريقة مباشرة منه الديون المعادة من الغير‪ ،‬وبطريقة‬
‫غير مباشرة منه هبوط األسعار‪ ،‬والمسحوبات والديون‪ .‬إال أنه يوجد دليل قاطع بأن‬
‫األموال أو المصادر الداخلية سواء المباشرة أو غير المباشرة تأتى من تيع منتجات‬
‫الشركة‪ ،‬وبدون هذه المبيعات ال يوجد مال يقف بجدارة ويغطى االستثمارات‪،‬‬
‫واستمرار حياة الشركة‪ ،‬وتكون هناك عمليات هبوط وارتفاع األسعار والمسحوبات‬
‫أو حركة الديون أو حركة األموال بالشركة"‪.‬‬
‫‪60‬‬
‫وعلى هذا األساس أرى أن مصدرى التمويل هما المصادر الداخلية والخارجية‪،‬‬
‫وسيأتى شرح لكل منهما على حدة‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬المصادر الداخلية‬
‫إن المصادر الداخلية أو الذاتية تختلف باختالف حجم المشروع‪ ،‬فالمشروع الصغير‬
‫مصادره الداخلية تعتمد على صاحب أو أصحاب المشروع‪ ،‬والمشروع الكبير فى‬
‫نطاق القطاع الخاص يعتمد على المساهمين واالحتياطيات‪ ...‬الخ والمشروع العام‬
‫يعتمد على األرباح المحجوزة ومساهمة الدولة‪ ،‬والمشروع التعاونى يعتمد على‬
‫مساهمة أعضائه‪.‬‬
‫هذه المشروعات التى استعرضتها سابقا نرى أن مصادرها الداخلية تختلف من نوع‬
‫إلى نوع ‪ ،‬وعلى هذا سوف أقوم باستعراض مصادر كل نوع على حده على الوجه‬
‫التالى‪:‬‬
‫‪-1‬المشروع الفردى‪ :‬وهو بصفته يمثل المشروعات التى تعتمد على أصحابها وعلى‬
‫جهودهم‪ ،‬وإذا توفى أحدهم انتهى المشروع‪ ،‬وهو أيضا ممثل للمشروعات الشخصية‬
‫مثل شركة التضامن والتوصية البسيطة‪ ...‬وعلى هذا سوف اكتفى بذكر مصادر‬
‫المشروع الفردى الداخلية فقط لالعتبارات السابقة‪..‬‬
‫‪-2‬شركات المساهمة‪ :‬وسوف تكون هذه ممثلة لشركات األموال مثل شركة التوصية‬
‫باألسهم وذات المسئولية المحدودة‪ ،‬من جهة أخرى تعتبر ممثلة للمشروعات التى ال‬
‫تعتمد على الفرد‪ ،‬بل على مجموع المساهمين فى المشروع‪.‬‬
‫‪-3‬المشروعات العامة‪ :‬باعتبارها الممثل للقطاع العام وللشركات المؤممة والشركات‬
‫ا لمختلطة فى ظل النظام االقتصادى االشتراكى والنظم التى تأخذ بنظام القطاع العام‬
‫والتى لها اتجاهات اشتراكية‪.‬‬
‫‪-4‬الجمعيات التعاونية‪ :‬باعتبارها ممثلة للقطاع التعاونى بدرجاته وتفريعاته المختلفة‪.‬‬
‫‪61‬‬
‫واآلن نأتى إلى كل مشروع على حده‪:‬‬
‫‪-1‬المشروع الفردى‪:‬‬
‫إن المشروع ككل المشروعات الشخصية وهى التى تعتمد على شخصية صاحب‬
‫المشروع‪ ،‬فهى بالتالى تعتمد على ما لدى صاحب المشروع من أموال حاضرة لديه‬
‫سواء كانت أموال خاصة بالمشروع أو خاصة بصاحب المشروع –أى ليست داخله‬
‫فى رأس مال المشروع‪ -‬ألنه فى حالة الربح يعم الخير‪ ..‬فى حالة الخسارة أو‬
‫اإلفالس فهذا ينسحب بالتالى على كل أموال صاحب المشروع‪ ،‬فالمسئولية المالية‬
‫هنا ليست خاصة بأموال المشروع فقط‪ ،‬ولكنها تمتد إلى أموال صاحب المشروع‬
‫الشخصية‪.‬‬
‫وهذا هو المصدر الداخلى الوحيد للمشروعات الشخصية‪ ،‬حيث ال يمتلك صاحب‬
‫المشروع وأصحاب المشروع الشخصى سوى أموالهم الشخصية فقط‪.‬‬
‫‪-2‬شركات المساهمة‪:‬‬
‫تحتل شركات األموال وبصفة خاصة شركات المساهمة مكانة هامة فى االقتصاديات‬
‫المعاصرة‪ ،‬لما لها من قدرة على إيجاد دفعات قوية لالقتصاد القومى ننتيجة قدرتها‬
‫على اقتحام الميادين االقتصادية الكبيرة‪ ،‬وقدرتها على إتاحة فرص عمل كثيرة إلى‬
‫غير ذلك من األسباب التى جعلت شركات المساهمة تحتل مكانة فريدة فى‬
‫االقتصاديات المعاصرة‪ ،‬ويمتاز هذا النوع من المشروعات بقدرته على الحكصول‬
‫على األموال من بعض المصادر التى تعجز المشروعات الشخصية أو الصغيرة أو‬
‫المتوسطة عن الحصول على أموال منها‪ ،‬وهذا النوع من المشروعات لما لها من‬
‫مقدرة على جمع األموال والثقة بها وبمركزها يكون حجمها الكبير باعثا على الثقة‬
‫بها على قدرتها‪ ،‬وبسبب مقدرتها هذه يكون لها جهاز مالى وإدارى متخصص على‬
‫جانب كبير من الكفاءة يحقق لها اهدافها‪ ،‬ويحقق لها االقتصاد فى النفقات‪.‬‬
‫وتعتمد هذه المشروعات فى تمويلها على اكتتاب أكبر عدد ممكن من الجمهور‬
‫الراغب فى استثمار أمواله‪ ،‬لذلك نراها فى هذا المجال تقسيم رأس مالها إلى أنواع‬
‫مختلفة من األسهم‪ ،‬وهى تراعى فى هذا التقسيم العمل على تلبية احتياجات مختلف‬
‫طبقات المستثمرين‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫وأساسا التمويل فى شركات المساهمة يعتمد أوال وقبل كل شىء على‬
‫األسهم(العادية)‪ ،‬وهى تعطى ألصحابها حق غير محدود فى أرباح الشركة‬
‫وأصولها‪ ،‬كما أن لحاملها الحق فى التصويت ومراقبة أعمال الشركة والمطالبة‬
‫بمحاسبة المسئولين عن إدارة الشركة إذا رأى خطأ‪.‬‬
‫واألسهم عبارة عن صكوك تصدرها الشركات‪ ،‬وهى صكوك متساوية‪ ،‬ويحدد‬
‫ويمكن للشركات زيادة رأس المال إذا رأت ذلك‪ ،‬ويتم ذلك بقرار من الجمعية‬
‫العمومية للمساهمين‪.‬‬
‫والشركة ال تصدر أسهم رأس المال المصرح به بأكمله مرة واحدة‪ ،‬وقد ترى‬
‫الشركة بعد ما تصد أسهمها شراء عدد من هذه األسهم(ويسمى ما تمتلكه الشركة من‬
‫أسهمها باألسهم المستردة) وتشترى الشركات هذه األسهم لكى تستغل انخفاض‬
‫سعرها فى بورصة األوراق المالية لالستفادة من فروق األسعار‪ ،‬وعند ارتفاع‬
‫أسعار هذه األسهم فيما بعد‪ ،‬واألسهم تتداول فى البورصات المالية وتخضع لعمليات‬
‫وقانون العرض والطلب‪ ،‬وتباع فى هذه البورصات بقيمة غير قيمتها اإلسمية‬
‫وتسمى القيمة السوقية‪.‬‬
‫االحتياطيات‪:‬‬
‫إن األسهم تعتبر المصدر األول واألساسى سواء فى بناء الشركة أو فى استمرارها‪،‬‬
‫والتى تعتمد عليها الشركة فى بداية حياتها‪ ،‬وتعتبر حجر الزاوية فيها‪ ،‬ولكن اثناء‬
‫حياة الشركة قد تحتاج ألموال سريعة وتحت يدها لكى تنفق منها سواء على‬
‫التوسعات أو لمواجهة حركة السوق‪ ،‬لهذا تتجه الشركة لتكوين االحتياطيات لمواجهة‬
‫متطلبات االستمرار والنمو‪ ،‬وهذه االحتياطيات نوعان هما‪:‬‬
‫(أ)االحتياطيات القانونية‪ :‬تنص القوانين فى معظم الدول على أنه يجب على شركات‬
‫الماهمة أن يكون لها احتياطيات‪ ،‬وهذه االحتياطيات تتكون طبقا للقانون ‪ ،‬وهذه‬
‫االحتياطيات تكون بنسبة من األرباح التى تحققها الشركة‪ ،‬وينص عقد تأسيس‬
‫الشركة والقانون النظامى على نسبة معينة تقتطع من األرباح وحسب ما تقدره‬
‫الجمعية العمومية للشركة لتكوين االحتياطيات هدفها ووظيفتها تقوية مركز الشركة‬
‫المالى ومواجهة الخسائر والنفقات‪.‬‬
‫‪63‬‬
‫(ب)االحتياطيات التخصيصية‪ :‬وتسمى االحتياطيات التحصيلية‪ ..‬وهى التى تستقطع‬
‫من األرباح لمقابلة النقص فى قيمة األصول‪ ،‬ولمقابلة استهالك األصول الثابتة مثل‬
‫اآلالت واألثاث ‪ ...‬الخ ‪ ،‬كما أن هذه االحتياطيات يخص بعضها لمقابلة خسائر‬
‫متوقعة‪ ،‬أو لتغطية ديون معدومة‪.‬‬
‫ويالحظ كما سبق أن ذكرت ومن خالل هذا العرض أن هذه األموال تستخدم كرأس‬
‫مال للشركة‪ ،‬كما أنها تعمل محل رأس المال من حيث إمكان استغاللها فى‬
‫المشروع‪.‬‬
‫األرباح المحتجزة‪ :‬والتى يطلق عليها أيضا األرباح غير الموزعة‪ ،‬وهى عبارة عن‬
‫األرباح التى تدفع للمساهمين‪ ،‬ولكن الشركة ترى وبناء على مقتضيات التوسع‬
‫والنمو أن تقتطع جزء من هذه األرباح بأمل زيادة األرباح مستقبال‪ ،‬على أن يصرف‬
‫هذا الجزء من األرباح إال بعد موافقة الجمعية العمومية للشركة على ذلك‪.‬‬
‫واألرباح المحتجزة تعتبر مصدرا رئيسيا هاما لتمويل التوسعات فى المشروع‪،‬‬
‫وبالرغم من أن التوسع مرغوب‪ ،‬فإن توزيع األرباح معناه أرباح محتجزة أقل أو‬
‫عدم احتجاز أربا ح‪ ،‬وبالتالى معدل نمو أقل أو أبطأ للمشروع وأرباح أقل مستقبال‪،‬‬
‫وهذا يؤثر فى القيمة السوقية لألسهم‪ ،‬وانخفاض معدل توزيع األرباح معناه أرباح‬
‫محتجزة أكثر ‪ ،‬وبالتالى معدل نمو أسرع للمشروع ‪ ،‬وارباح أكبر مستقبال ‪ ،‬وهذا‬
‫بالتالى يؤثر فى القيمة السوقية لألسهم بعكس الطريقة السابقة‪.‬‬
‫وعلى هذا قامت دراسات متعددة إلمكان تقديم الحل المناسب‪ ،‬والكيفية الصحيحة‬
‫لسياسة األرباح المحتجزة‪.‬‬
‫هذه المصادر الداخلية لشركات المساهمة التى تعتبر ممثال لشركات األموال بصفة‬
‫خاصة‪.‬‬
‫‪-3‬المشروعات العامة‪:‬‬
‫ظهرت عيوب متعددة للنظام الرأسمالى سواء فى تأثيرها على األفراد أو على‬
‫المجتمع نفسه‪ ،‬ولتالفى عيوب هذا النظام وبدال من اعتماده كلية على المنافسة‬
‫الحرة‪ ،‬أصبحت الدولة تتدخل فى النشاط االقتصادى وذلك عن طريق انشاء‬
‫مشروعات الخدمات‪ ،‬أو المشروعات اإلنتاجية‪ ،‬أو المشروعات التى ال يمكن أن‬
‫‪64‬‬
‫يقوم بها األفراد‪ ،‬أو المشروعات التى ال يتنظر أن تدر ربحا سريعا‪ .‬ومن ناحية‬
‫أخرى قد تشترك الدولة مع القطاع الخاص فى بعض األنشطة لتنمية بعض الجوانب‬
‫االقتصادية‪ ،‬وهى فى ذلك تقوم بإنشاء الشركات العامة‪ ،‬وهذا يحدث فى‬
‫االقتصاديات الموجهة‪ ،‬ولكن إذا نظرنا إلى االقتصاديات االشتراكية أو ذات االتجاه‬
‫االشتراكى نجد أن األمر يختلف تماما‪ ،‬ففى اإلقتصاد الموجه اليزال المنظم هو‬
‫المحرك الرئيسى القوى‪ ،‬كما أن الدولة يكون تدخلها طفيف‪ ،‬والقطاع الخاص يقوم‬
‫بالجانب األكبر من النشاط االقتصادى‪ ،‬والدولة من ناحية أخرى ال تشرف إال على‬
‫قطاع معين من النشاط االقتصادى‪.‬‬
‫أما فى االقتصاد االشتراكى فالتخطيط المركزى هو األسلوب األمثل لتحقيق‬
‫المصلحة العامة‪ ،‬والدولة‪ ،‬هى التى تملك وسائل وأدوات اإلنتاج‪ ،‬كما أن القوى‬
‫السياسية واالقتصادية فى أيدى الشعب العامل‪ ،‬ولهذا أصبحت الشركات فى االقتصاد‬
‫االشتراكى شركات عامة ويعنى هذا ملكيتها للدولة‪ ،‬وأصبح تمويل الشركات العامة‬
‫يتخذ شكال آخر‪ ،‬وهو اعتماده على الدولة‪.‬‬
‫إذن ليس هناك مبرر لتداول حق الملكية فى البورصات‪ ،‬والمستثمر الكبير هو‬
‫الدولة‪ ،‬وليس هناك إذن حاجة لبيع أسهم للجمهور‪ ،‬وتبعا لذلك تصبح كلمة أسهم فى‬
‫الشركات العامة اسم ال معنى له‪ ،‬ألن ملكية الدولة الممول األكبر فى المساهمة فى‬
‫تمويل تلك المشروعات ويعتمد تمويل المشروعات العامة على التمويل الذاتى وهو‬
‫ينقسم إلى‪:‬‬
‫‪-1‬مخصصات اإلهالك(بعد خصم العجز الجارى غير المعان أن كان هناك)‬
‫‪-2‬االحتياطيات‬
‫‪-3‬تكلفة أصول مباعة‪.‬‬
‫وهذا يحدث فى الدول التى تكون اقتصادياتها ذات اتجاهات اشتراكية أما فى‬
‫االقتصاديات االشتراكية فأن تمويل المشروعات يعتمد على‪:‬‬
‫‪-‬مخصصات االستهالك‪ :‬يستخدم فى تجديد األصول الثابتة‬
‫‪65‬‬
‫التصرف فى األصول‪ :‬يستطيع المشروع أن يؤجر المبانى والمنشآت غير‬‫المستخدمة مؤقتا‪ ،‬باإلضافة إلى اآلالت ووسائل النقل غير المستخدمة‪.‬‬
‫احتياطى رأس المال‬‫صندوق االحتياطى‬‫صندوق االستهالك الجماعى‬‫‪-‬صندوق المشروع‬
‫ويوجد موردا آخر سواء لتمويل نفس المشروع أو لتمويل مشروعات أخرى أال وهو‬
‫(ص افى فائض المشروعات األنتاجية العامة‪ ،‬أى ذلك الفائض من االيرادات الذى‬
‫تحصل عليه مؤسسات القطاع العام اإلنتاجية بعد استبعاد المخصصات‬
‫واالحتياطيات المختلفة التى جرى العرف فى هذه المؤسسات بقصد التوسع أو‬
‫لمواجهة أية ظروف طارئة‪ ،‬هذا الفائض الصافى الذى يعد فى طليعة الموارد التى‬
‫ترتكز عليها خطة التنمية االقتصادية فى البالد االشتراكية لتمويل المشروعات‬
‫اإلنتاجية الجديدة)‪.‬‬
‫وبعد إذا لم تكف المصادر السابقة‪ ،‬فأن الحكومة تتدخل وتساهم وتمول المشروع‬
‫مرة أخرى‪ .‬وال يستخدم هذا المصدر اإل بعد أن يصبح هو المصدر الوحيد الممكن‪.‬‬
‫هذا ويتحدد التمويل الذاتى المستخدم فى تمويل االستثمارات وفقا لألولويات المتقدمة‪.‬‬
‫بعد ذلك يكون هناك مصدرا آخر للتمويل هو األرباح المحتجزة فى الشركات العامة‪،‬‬
‫وهى نسبة تحدد حسب ظروف كل شركة‪ ،‬وتبعا للقانون المنظم للشركات العامة فى‬
‫كل دولة‪ .‬وهذه األرباح المحتجزة هى جزء مقتطع من األرباح التى توزع على‬
‫العاملين بالشركة حسب قانون الشركة والدولة‪.‬‬
‫‪-4‬الجمعيات التعاونية‪:‬‬
‫تقوم الجمعيات التعاونية بدور مساعد فى النظم االقتصادية وهو بال شك دور هام‬
‫يعكس أهمية الجمعيات التعاونية‪ ،‬ولكن تمويل الجمعيات التعاونية يختلف عن تمويل‬
‫‪66‬‬
‫شركات المساهمة والشركات العامة وبالطبع المشروع الفردى‪ .‬وتمويل الجمعيات‬
‫التعاونية أسسه العامة واحدة تقريبا فى النظم االقتصادية المختلفة مع بعض‬
‫االختالفات غير الجوهرية‪.‬‬
‫وتمويل الجمعيات التعاونية من المصادر الداخلية يعتمد على‪:‬‬
‫‪ -1‬رأس مال الجمعية التعاونية والذى يتكون أساسا من أسهم غير محدودة العد‬
‫يساعد على حصولها على األموال التى تحتاجها‪ ،‬وتطبيق مبدأ الباب المفتوح‬
‫للعضوية يسمح لك من تتوافر فيه شروط العضوية أن ينضم إلى الجمعية‪ ،‬كما‬
‫يسمح للعضو أيضا باالنسحاب منها فى أى وقت يشاء‪ ،‬وهذ ميزة تتمتع بها‬
‫الجمعيات التعاونية فى تمويلها دون سائر المشروعات األخرى‪.‬‬
‫‪ -2‬التتأثر القيمة السوقية ألسهم الجمعية بما تحققه من أرباح‪ ،‬بل تظل ثابتة مادامت‬
‫الجميعة مستمرة فى عملها‪ ،‬وهذا يدفع المحيطين بالجمعيات التعاونية إلى‬
‫المساهمة فيها مادام يتوافر فيها عنصر األمان‪ ،‬كما يدفع األعضاء من جهة‬
‫أخرى إلى زيادة قيمة مساهمتهم فى رأس مالها‪.‬‬
‫‪ -3‬إعفاء الجمعيات التعاونية من الضرائب‪ ،‬وتخفيف األعباء المالية عنها‪ ،‬يغرى‬
‫األعضاء على المساهمة فى تمويلها‪.‬‬
‫‪ -4‬تحديد فائدة ثابتة على أسهم رأس المال الجمعيات التعاونية‪ ،‬عالوة على توزيع‬
‫عائد على األعضاء بنسبة معامالتهم(وذلك يكون من صافى عائد معامالت‬
‫الجمعية الذى يجوز توزيعه‪ ،‬هذا يغرى األعضاء من ناحية لكى يزيدوا قيمة‬
‫مساهمتهم‪ ،‬ومن ناحية أخرى يغرى غير المساهمين إلى اإلسراع باالكتتاب فى‬
‫أسهم الجمعيات التعاونية‪.‬‬
‫هذا عن المصدر األول واألساسى الذى يتكون منه رأس مال الجمعية التعاونية‪،‬‬
‫و يعتبر هو حجر الزاوية فى هذه الجمعيات‪ ،‬وهو األساس الذى تبدأ منه وعليه‬
‫وبواسطته الجمعيات التعاونية حياتها‪ .‬ولكن الجمعيات التعاونية تواجه مصاعب‬
‫المستقبل‪ ،‬ومواجهة الخسائر والنفقات‪ ،‬وليس لها من مصدر آخر تعتمد عليه فى‬
‫تقوية مركزها المالى‪ ،‬ومواجهة التزاماتها وهى فى ذلك تتجه إلى أن يكون لها‬
‫احتياطيات‪.‬‬
‫‪67‬‬
‫االحتياطيات‪:‬‬‫ويمكن بصفة عامة أن نعرف اإلحتياطيات بأنها جانب من أموال الجمعية‬
‫التعاونية يخصص لمواجهة بعض التبعات أو المسئوليات التى تجد فى المستقبل‬
‫هذا من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى لتقوية مركز الجمعية المالى ولزيادة قدرتها‬
‫على التوسع والنمو ألن االحتياطيات تقوم مقام رأس المال وتعمل عمله فى‬
‫إمكان استغاللها‪ .‬وهى تنقسم إلى نوعين‪:‬‬
‫‪-1‬االحتياطيات التحميلية‪:‬ويطلق عليها االحتياطيات التخصصية‪ ،‬وهى تخصص‬
‫لمواجهة النقص أو الخسارة فى قيمة بعض األصول‪ ،‬أو تحمل مسئولية ثبت‬
‫وجودها عند تحضير حسابات الجمعية الختامية‪ ،‬أو ديون معدومة أو ما شابه‬
‫ذلك‪.‬‬
‫‪-2‬االحتياطيات القانونية‪ :‬وهى تتكون حسب القانون المنظم للجمعيات التعاونية‬
‫الذى يشترط نسبة معينة كحد أدنى أو أعلى‪ ،‬والقانون النظامى للجمعية يحدده‬
‫ويكون عادة صغيرا طبقا لحجم األرباح بالجمعية‪ ،‬واالحتياطى القانونى هو إبقاء‬
‫جزء من فائض األرباح ليستخدم فى دعم مركز الجمعية التعاونية المالى‪ ،‬ومن‬
‫جهة أخرى مساعداتها على مواجهة مسئولياتها المالية بسهولة‪ ،‬دون أن تشعر‬
‫من وقت آلخر بالحاجة إلى األقتراض‪ ،‬ألن الجمعيات التعاونية تعتمد غالبا عند‬
‫بدء تكوينها على رأس مالها فحسب‪ ،‬وهو قابل للزيادة والنقصان تبعا لحركة‬
‫العضوية‪.‬‬
‫ونسبة االحتياطى المقتطعة من األرباح عالية‪ ،‬وأكبر من نسبة االحتياطى‬
‫المقتطع فى حالة شركات المساهمة مثر‪ ،‬وذلك لتأثر رأس المال بحركة العضوية‬
‫كما سبق أن ذكرت‪ ،‬ويضاف إلى اإلحتياطى‪:‬‬
‫‪-1‬ما قد يفرض من رسوم العضوية‬
‫‪-2‬الهبات الوصايا‬
‫‪-3‬ما يسقط الحق فى المطالبة به من العائد وفوائد األسهم وقيمتها‪.‬‬
‫‪68‬‬
‫من هذا العرض السابق لكل أنواع المشروعات التى ذكرتها‪ ،‬يتبينأن هدف‬
‫التمويل الذاتى هو دفع المشروع إلى العمل والنمو‪ ،‬وأن هدف التمويل أيضا هو‬
‫تقوية المركز المالى للمشروع وجعله قادرا على مواجهة التزاماته وكافة‬
‫المسئوليات المقاة عليه‪ .‬ولكن هذا المصدر الداخلى قد ال يكفى‪ .‬لذلك ننتقل إلى‬
‫المصدر التالى‪....‬‬
‫ثانيا‪ :‬المصادر الخارجية‬
‫تبين لنا من استعراض المصادر الداخلية مدى مساهمة المال بالنسبة للمشروعات‬
‫سواء صغرت أم كبرت‪ ،‬وسواء كانت مملوكة لالفراد أو للدولة‪ .‬فالتمويل يشك‬
‫نقطة بدء‪ ،‬ونقطة استمرار بالنسبة لكافة المشروعات‪ ،‬ولكن المصادر الداخلية‬
‫للتمويل قد ال تكفى‪ ،‬وقد تحتاج المشروعات لمزيد من األموال لكى تستمر فى‬
‫مزاولة نشاطها ولمقابلة احتياجات التوسع والنمو‪ ،‬ولذلك تلجأ المشروعات إلى‬
‫المصادر الخارجية التى تعتبر مصادر مساعدة ومكملة فى التمويل بالنسبة‬
‫للمشروعات‪ ...‬وفى تناولى للمصادر الخارجية سوف أسير على نفس النهج الذى‬
‫سرت به فى شرح المصادر الداخلية بالنسبة للمشروعات‪ .‬فسوف أذكر المصادر‬
‫الخارجية‪-:‬‬
‫‪-1‬المشروع الفردى‬
‫‪-2‬شركات المساهمة‬
‫‪-3‬المشروعات العامة‬
‫‪-4‬الجمعيات التعاونية‬
‫فى هذا سوف أقوم بشرح كل مصدر لكل مشروع على حده كما اتبعت من قبل‪..‬‬
‫‪-1‬المشروع الفردى‪:‬‬
‫المشروع الفردى يواجه صاحبه شيئان إذا استنفذ أمواله الخاصة فى التمويل‪،‬‬
‫وهذان الشيئان هما أن يشرك معه آخر لديه المال‪ ،‬ولكن المشروع الفردى هنا‬
‫‪69‬‬
‫يصبح شركة تضامن أو توصية بسيطة‪ ،‬ولكن صاحب المشروع الفردى عندما‬
‫يريد أن يظل مستقال فهو يلجأ إلى اإلقتراض‪ ،‬ولكن اإلقتراض من الغير سواء‬
‫أفراد أو بنوك أو مؤسسات أو بيوت مالية يحتاج إلى الثقة فى قدرة صاحب‬
‫المشروع المالية على الوفاء بالقرض‪ ...‬وعلى هذا نرى أن اإلقتراض بالنسبة‬
‫للمشروعات الشخصية يعتمد غالبا على اإلقتراض من أفراد وهؤالء األفراد‬
‫يقرضون بفوائد عالية على تلك القروض وأصحاب المشروعات مضطرون إلى‬
‫قبولها رغم ما فى ذلك من مشقة‪ ،‬والبنوك والبيوت المالية ال تقوم على إقراض‬
‫هذه المشروعات إال فى حالة تأكدها تماما من قدرة المشروع على الوفاء‪ ،‬وبعد‬
‫أخذ الضمانات الكافية المتعددة‪ ،‬لهذا كان المصدر الوحيد للمشروع الفردى هو‬
‫اإلقتراض بفوائد سواء من الغير أو من البيوت المالية‪.‬‬
‫‪-2‬شركات المساهمة‪:‬‬
‫إن شركات المساهمة باعتبارها هى القادرة على تجميع أكبر قدر من األموال‪،‬‬
‫تعتبر دعامة االقتصاديات المعاصرة‪ ،‬وهى القادرة على اقتحام ميادين األعمال‬
‫الضخمة وكافة ميادين األنشطة االقتصادية لما يتجمع لديها من رؤوس أموال‬
‫ضخمة‪ ،‬وفى مجال الحديث عن مصادر التمويل الداخلية لهذه الشركات يتضح‬
‫أن لهذا النوع من الشركات مصادرة المتعددة‪ ،‬لما لها من قدرة غير محدودة على‬
‫تجميع األموال‪ ،‬ولكن قد تحتاج هذه الشركات ألموال حاضرة كثيرة‪ ،‬لهذا تلجأ‬
‫إلى المصادر الخارجية وهى‪:‬‬
‫‪-1‬األسهم الممتازة‪:‬‬
‫تصدر شركات المساهمة هذا النوع من األسهم عند إحتياجها إلى أموال سريعة‬
‫وكبيرة‪ ،‬ويرجع اعتبار األسهم الممتازة من المصادر الخارجية لتمويل‬
‫ال مشروع‪ ،‬ألنها باإلضافة إلى تمتعها بكافة الحقوق التى لألسهم العادية فإن لها‬
‫مميزات أخرى لنوعها وهى‪:‬‬
‫‪-1‬أسهم ممتازة مشتركة فى األرباح أى تشترك بعد استيفاء نسبتها المحددة‪ .‬مع‬
‫األسهم العادية فى أرباح الشركة‪ ،‬وأسهم ممتازة غير مشتركة مع األسهم العادية‪.‬‬
‫بمعنى أنها تحصل على نسبة معينة من األرباح محددة من قبل‪.‬‬
‫‪70‬‬
‫‪-2‬أسهم ممتازة مجمعة األرباح‪ ،‬وهى األسهم التى لها حق الحصول على كامل‬
‫أرباحها من السنين التالية عندما تتوافر األرباح إذا لم تكن األرباح فى سنة من‬
‫السنين كافية لدفع النسبة المحددة لها‪ ،‬وأسهم ممتازة غير مجمعة األرباح‪ ،‬وهى‬
‫األسهم إذا لم تحصل على النسبة المتفق عليها من األرباح فى سنة من السنين فال‬
‫يجوز المطالبة بما تقبضه فى أى سنة تالية‪.‬‬
‫‪-3‬يكون لألسهم الممتازة الحق فى اقتسام موجودات الشركة فى حالة تصفيتها‬
‫قبل أصحاب األسهم العادية‪.‬‬
‫‪-4‬توجد أسهم ممتازة قابلة للتحويل إلى أوراق مالية من نوع آخر‪ ،‬مثل التحويل‬
‫إلى أسهم عادية فى المستقبل إذا تحسنت أحوال الشركة المصدرة‪ ،‬وهذا النوع‬
‫يعطى األمان واالطمئنان للمساهم‪ ،‬وبالنسبة للشركة يعطيها مرونة فى األعياء‪.‬‬
‫ومن ذلك نالحظ أن معاملة األسهم الممتازة معاملمة القروض يرجع إلى األسباب‬
‫المذكورة آنفا‪ ،‬ويرجع إلى اعتبارها من القروض ألنها تحمل الشركة عبئا محددا‬
‫تلتزم به قبل حملة هذا النوع من األسهم‪.‬‬
‫وتلجأ الشركات غالبا إلى إصدار مثل هذا النوع من األسهم رغبة منها فى إغراء‬
‫جمهور المستثمرين على االقبال فى االكتتاب فى أسهمها‪ ،‬أو نزوال على‬
‫رغبةةقدامى المساهمين والذين يرغبون فى أن تخصص لهم الشركة نسبة معينة‪،‬‬
‫وأن ال يزاحمهم مساهمون جدد فى األرباح‪.‬‬
‫‪-2‬المستندات‪:‬‬
‫هى قروض طويلة األجل(من عشرة سنوات إلى عشرين سنة)‪ ،‬وتتعهد الشركات‬
‫المقترضة بموجبها بدفع قيمتها وفوائدها فى تواريخ محددة‪.‬‬
‫والسند جزء من قرض بعقد بطريق االكتتاب ويثبت فى صك قابل للتداول يسلم‬
‫للمقرض ويتعهد فيه المقترض بدفع فوائده السنوية ويرد فى ميعاد ال يتجاوز مدة‬
‫بقائه‪.‬‬
‫وحامل السند يعتبر دائنا للشركة بقيمة السند وله بهذه الصفة حق ضمان عام‬
‫على جميع موجودات الشركة‪ ،‬كما أنه يعتبر دائنا أيضا بقيمة الفوائد المستحقة له‬
‫وذلك بصرف النظر عما إذا كانت أعمال الشركة خسائر أو أرباح‪ ،‬وليس‬
‫‪71‬‬
‫ألصحاب السندات صوت أو حق التدخل فى إدارة أعمال الشركة مثل‬
‫المساهمين‪.‬‬
‫وليس ألصحاب السندات أى حق فى االشتراك فى أرباح الشركة فلهم دخل ثابت‬
‫أو فوائد محددة على قيمة سنداتهم‪.‬‬
‫وكذلك فإنه فى الوقت الذى ال يوجد تاريخ استحقاق للسهم العادى أو الممتازة‪،‬‬
‫فإن للسند تاريخ استحقاق وفى التصفية فإن االولوية هى لصاحب القرض قبل‬
‫حملة األسهم (العادية‪،‬الممتازة)‪ ،‬على أنه باختالف القرض قد تختلف األولوية فى‬
‫استيفائه‪.‬‬
‫أنواع السندات‪:‬‬
‫‪-1‬سندات غير مضمونة برهن أصول معينة‬
‫‪-2‬سندات غير مضمونة برهن أصول معينة فى الدرجة الثانية‬
‫‪-3‬سندات مضمونة برهن أصول معينة (بأية رهونات أو أصول ثابتة أو أوراق‬
‫مالية لشركات أخرى)‪.‬‬
‫‪-4‬سندات مقرونة أو مضمونة بربح الشركة‪ ...‬وهى فى ذلك تعتمد على قوة‬
‫الشركة وقدرتها على دفع فوائد السندات من األرباح التى تحققها الشركة‪.‬‬
‫‪-5‬السندات ذات النصيب‪ :‬وهى سندات ينص وقت إصدارها على أنها ستستهلك‬
‫بطريقة القرعة‪ ،‬ويدفع وقت استهالك السند قيمة أكبر من قيمته اإلسمية‪.‬‬
‫‪ -6‬سندات قابلة للتحويل‪ :‬بمعنى أنها تكون قابلة للتحويل إلى أسهم عادية‪ ،‬ويكون‬
‫ألصحاب السندات الحالية حق االختيار فى قبول تحويل سنداتهم إلى أوراق مالية‬
‫أخرى أو عدم قبول ذلك‪ ،‬وهذه إحدى طرق استهالك السندات بجانب طريقة‬
‫أخرى الستهالك السندات‪ ،‬وذلك بدفع قيمة السند نقدا لصاحبه مقابل استراداد‬
‫منه‪.‬‬
‫هذا ويختلف السند عن السهم‪ ،‬فى أن السهم يتعرض للمخاطر أو الخسارة‪ ،‬كما‬
‫أنه يحقق ربحا ومقدار الربح يختلف من عام إلى آخر حسب نتيجة أعمال‬
‫‪72‬‬
‫المشروع‪ ،‬والسهم يتحمل مخاطر تقلبات األسعار والسوق أيضا‪ ،‬بينما السند ال‬
‫يتعرض للمخاطرة أو الخسارة‪ ،‬وال أهمية لدى صاحب السند فى أن يحقق‬
‫المشروع ربح أوال يحقق‪ ،‬فللسند فائدة معينة يحددها المشروع عند اصداره‬
‫للسند‪ ،‬وعلى هذا فالسند يتقاضى فائدة عكس السهم الذى يتقاضى ربحا فى حالة‬
‫الربحية‪ ،‬ويتحمل الخسارة فى حالة عدم تحقيق أرباح‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى الطريقين السابق ذكرهما وهما األسهم الممتازة والسندات فأن‬
‫الشركة فى حالة زيادة حاجتها إلى األموال تلجأ إلى طريق ثالث وهو‪:‬‬
‫االقتراض‪:‬‬
‫تتمتع شركات األموال بدرجة ائتمان أكبر مما تتمتع به أى منشأة أو مشروع آخر‬
‫لدى البنوك المالية‪ ،‬ويدخل فى هذا المجال جميع التسهيالت االئتمانية التى تقدمها‬
‫البنوك وبيوت المال إلى هذه الشركات‪ ،‬أى أن المصدر يتضمن االعتمادات التى‬
‫تحصل عليها هذه الشركات من البنوك‪ ،‬وحق السحب على المكشوف‪.‬‬
‫والقروض كما يشير أليها أحد الكتاب األمريكيين عدة أنواع وهى‪:‬‬
‫"يوجد مصدران لالقراض الخارجى أو المصادر الخارجية للتمويل‪ ،‬وهذان‬
‫المصدران هما الرهن أو اإلقتراض"‪.‬‬
‫وفى حالة االقتراض فإن الشركة ربما تكون قادرة على أن تأخذ األموال‬
‫المحتاجة إليها اذا وجدت من له الرغبة فى إمدادها بهذه األموال‪.‬‬
‫إن مصطلح االقتراض يشمل معانى واسعة مختلفة‪ ،‬ومن هذه المعانى‪:‬‬
‫‪-1‬االقتراض يشمل معانى واسعة مختلفة‪ ،‬ومن هذه المعانى‪.‬‬
‫‪-2‬االقتراض متوسط األجل‪ ،‬ومدته من عام إلى خمسة أعوام أو من عام إلى‬
‫عشرة أعوام‪.‬‬
‫‪-3‬االقتراض طويل األجل‪ ،‬ومدته تكون أكثر من عشر سنوات‪.‬‬
‫والقروض هذه من ناحية الضمان إما أن تكون‪:‬‬
‫‪73‬‬
‫‪-1‬قروض مضمونة برهن عقارى على أراضى ومبانى المنشأة‪.‬‬
‫‪-2‬قروض مضمونة برهن شامل على جميع أموال المنشأة‪.‬‬
‫‪-3‬قروض غير مضمونة أو عادية‪.‬‬
‫القروض قصيرة اآلجال‪:‬‬
‫وهذ ا النوع من القروض له طابع خاص وهو أنه من ناحية يستمر لمدة عام‪،‬‬
‫والبنوك عادة تقبل على هذا النوع من القروض ألنه يرتبط بعمل موسمى معين‬
‫لدى المشروعات‪ ،‬وتعتبره البنوك كإمداد مالى ”‪“bridge financing‬‬
‫والقروض قصيرة األجل مرتبط بطريقة توظيفه ومقدار دورانه وتأثيره المباشر‬
‫على المشروع‪ ،‬وتستخدمه كثير من المشروعات لقدرته التأثيرية المباشرة فى‬
‫موقف معين‪.‬‬
‫ويوجد نوعان من القروض القصيرة األجل هما‪:‬‬
‫(أ)االئتمان التجارى‪:‬‬
‫وهذا النوع من االقتراض يقدم كمصدر لالقراض بالنسبة للشركات غير المالية‪،‬‬
‫وهذا النوع من االقرا ض يعتبر كمصدر طبيعى لألعمال‪.‬‬
‫وهو نشأ عندما تبيع شركة منتجاتها ألخرى"على الحساب" والشركة البائعة تقوم‬
‫بقيد رقم البيع فى حساباتها كأنها استلمت القيمة‪ ،‬ومن الناحية األخرى تقوم‬
‫الشركة المشترية بقيد رقم الشراء فى حساباتها كأنها دفعت القيمة‪.‬‬
‫واالئتمان التجارى يعتبر مصدرا هاما وكبيرا لالقراض‪ ،‬ومصدر لتكوين‬
‫األموال‪ ،‬ألن الشركة البائعة تصرف منتجاتها أوال بأول وهذا يعود عليها بالنفع‬
‫ألنها تنتج أكثر وتدور عجلة اإلنتاج لديها‪ ،‬وتنتظر حتى موعد استحقاق الدفع‪،‬‬
‫والشركة المشترية غير ملزمة بالدفع عند االستالم ولديها فترة حتى ميعاد‬
‫‪74‬‬
‫االستحقاق وتكون لديها الفرص لتصريف ما اشترته دون إرباك لها‪ ،‬وهذا النوع‬
‫من االئتمان قائم على الثقة ومركز كال من العميلين‪.‬‬
‫وهناك نوعان لهذا االئتمان وهما ‪ :‬الحساب المفتوح وهو أن يقوم البائع بشحن‬
‫البضاعة ورفقها الفاتورة التى توضح نوع وقيمة البضاعة وشروط الدفع‪ ،‬أو‬
‫أوراق الدفع ويكون فى صورة أوراق(كمبيالة مثال)‪.‬‬
‫(ب)االئتمان المصرفى‪:‬‬
‫وهذا المصدر هو المصدر الثانى إلقراض الشركات‪ ،‬والقروض تمثل نسبة مئوية من‬
‫القدرة الكلية للبنك‪ ،‬فى هذه الحالة يقوم البنك بإقراض المشروع أو الشركة حسب‬
‫المركز المالى والسمعة ولمدة قصيرة‪ ،‬وهو فى هذه الحالة يحل مشكلة السيولة لدى‬
‫المشروع‪ ،‬وهذا المصدر يعتبر أحد المصادر لزيادة رأس مال الشركة‪ ،‬ولقد ازداد‬
‫االعتماد على هذا النوع من االئتمان حتى أصبح أحد مصادر تمويل الشركات‬
‫والمشروعات‪ ،‬وخاصة قصيرة األجل‪ ،‬والتى تساهم فى تسيير أعمال الشركات بيسر‬
‫وسهولة‪ ،‬فى االعتماد على الجهاز المصرفى فى هذه الحالة‪ ،‬فائدة كبيرة إذ أنه بهذه‬
‫الطريقة تستطيع المشروعات أن تعتمد على المصارف فى تسيير األعمال القصيرة‬
‫األجل دون تعقيدات‪ .‬ولالئتمان المصرفى عدة أشكال وهى‪ :‬االعتماد المفتوح‪ ،‬قرض‬
‫متجدد‪ ،‬قرض لغرض معين وسعر الفائدة يتحدد على أساس التفاوض بين المقرض‬
‫والمقترضين‪.‬‬
‫هذه هى القروض قصيرة األجل وأنواعها‪ .....‬وأنتقل اآلن إلى نوع آخر من القروض‬
‫وهى ‪:‬‬
‫القروض متوسطة األجل‪:‬‬
‫واآلن يجب أن نناقش القروض متوسطة األجل‪ ،‬ومصادر القروض تشتمل على ‪:‬‬
‫‪-1‬البنوك التجارية‬
‫‪-2‬شركات التأمين على الحياة‬
‫‪75‬‬
‫‪-3‬شركات األعمال الصغيرة‬
‫‪-4‬شركات تسليف األموال‬
‫”‪“Consumer Finance Equipment Companies‬‬
‫‪-5‬بنوك التسليف الصناعية‬
‫والتمويل متوسط األجل يعتمد على قدرة المنشأة أو المشروع على الوفاء وعلى سمعته‬
‫ومركزه المالى‪ ،‬وذلك بسبب أنها قروض تمتد لمدة تزيد على سنة وتستخدم فى أغراض‬
‫غير األغراض التى تستخدم فيها القروض قصيرة األجل‪ ...‬ولهذا نرى من فحص‬
‫مصادر التمويل متوسط األجل‪ ،‬أن البنوك التجارية تحتل مكانة ليست بالكبيرة بين‬
‫مصادر التمويل متوسط األجل األخرى‪ ،‬وذلك بسبب أن البنوك التجارية فى عدم إقدامها‬
‫على التمويل متوسط األجل أنها تريد توظيف أموالها فى آجال قصيرة بغرض سرعة‬
‫دوران رأس المال لديها والسيولة‪.‬‬
‫أنتقل اآلن إلى مصدر حيوى وهام من مصادر التمويل وهو‪-:‬‬
‫القروض طويلة األجل‬
‫فى القروض طويلة األجل ال يوجد خط فاصل بين رأس المال الذى يمتلكه المشروع‬
‫ورأس المال المقترض حيث يختلط اإلثنان لفترة طويلة‪ ،‬ورأس المال المقترض من‬
‫الصعب وضع خطوط فاصلة بينه وبين رأس مال المشروع عمليا‪ ،‬واإلدارة المالية فى‬
‫المشروع تريد مرونة كبيرة فى التعامل مع رأس المال الذى تحت يدها‪ ،‬ولذلك تستخدم‬
‫القروض قصيرة األجل من أجل تحقيق األغراض طويلة األجل ‪ ،‬بتجديدها‪ ،‬والعكس‬
‫بالعكس‪ ،‬أن استخدام قرض طويل األجل فى تحقيق األغراض القصيرة األجل‪ ،‬ولذلك‬
‫ال نرى خطا واضحا أيضا بين االقتراض الطويل األجل والمتوسط األجل بسبب‬
‫اختالطهما معا‪.‬‬
‫والبنوك المتخصصة أنشئت لهذا الغرض وهو التمويل طويل األجل‪ ،‬وهذه البنوك (مثل‬
‫البنك الزراعى‪-‬العقارى‪-‬الصناعى‪.....‬الخ) وهى تختص بتمويل المشروعات الكبيرة‬
‫لألغراض طويلة األجل‪ ،‬وذلك بسبب عدم إقبال البنوك التجارية والبيوت المالية‬
‫‪76‬‬
‫والمؤسسات المالية األخرى على هذا النوع من األقراض بسبب طول المدة‪ ،‬وعدم‬
‫دوران رأس المال بسرعة مثل القروض قصيرة األجل‪ ،‬وبعض أنواع القروض‬
‫متوسطة األجل‪.‬‬
‫هذا هو االستعراض للمصادر الخارجية لتمويل شركات المساهمة‪ ،‬وأردت بهذا العرض‬
‫أن أوضح أن لشركات المساهمة القدرة على جمع األموال سواء من مصادرها الداخلية‬
‫أو الخارجية‪ ،‬وهذا يوضح مدى قدرة هذا النوع من المشروعات ومكانته فى‬
‫االقتصاديات القومية المعاصرة‪ ،‬ومدى تأثيره فى رفع مستوى المعيشة‪ ،‬ورفع مستوى‬
‫االنتاج‪.....‬الخ‬
‫‪-3‬المشروعات العامة‪:‬‬
‫إن إقامة الدولة فى ظل االقتصاد الموجه أو االقتصاديات االشتراكية للمشروعات العامة‬
‫إما يهدف إلى زيادة معدل التقدم االقتصادى‪ ،‬أو لتقريب التفاوت بين الطبقات‪ .‬أو لتحقيق‬
‫وفورات اقت صادية نتيجة لتطبيق مبدأ الحجم األمثل‪ ،‬ولتدعيم مصلحة المستهلك من‬
‫ناحية كمية المعروض أو أسعار السلع والخدمات‪ ،‬أو لحماية الموارد القومية‪ ،‬أوإلنشاء‬
‫معايير لقياس كفاءة وفاعلية القطاع الخاص‪ -‬فى االقتصاديات الموجهة فقط‪ ،‬ومراقبة‬
‫عدالة التسعير‪ ،‬أو بعض هذه االعتبارات أو كلها‪.‬‬
‫إن المشروعات العامة فى سبيل تمويلها تستعين أوال بالمصادر الداخلية‪ ،‬التى أشرت‬
‫إليها من قبل‪ ،‬ولكن قد ال تكفى هذه المصادر فى تمويلها فتلجأ إلى المصادر الخارجية‪،‬‬
‫وبطبيعة الحال فالمصادر الخارجية فى الشركات التعامة تختلف عن المصادر الخارجية‬
‫فى شركات المساهمة‪ ،‬بسبب أن الشركات العامة ال تعتمد على مساهمة الجمهور‪،‬‬
‫ولذلك فهى ال تصدر أسهما أن أسهما ممتازة‪ ،‬وبما أن هذه الشركات تعتمد على تمويل‬
‫الدولة وال تعتمد على أموال المساهمين فهى ال تصدر سندات كمصدر للتمويل‬
‫الخارجى‪ ،‬لذلك كان طريق االقتراض هو المصدر الخارجى الوحيد تقريبا والكبير‬
‫بالنسبة لهذه الشركات‪ ،‬ولكن مصادر االقتراض تختلف‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫ولالقتراض عدة آجال‪ ،‬بمعنى أن التمويل قصير األجل يختلف من حيث طريقته‬
‫ومصدره واستخدامه عن المتوسط األجل الذى يختلف بالتالى عن الطويل‬
‫األجل‪...‬ولسوف أقوم بتناول كل نوع من أنواع االقتراض‪.‬‬
‫أن البنوك التجارية أصبحت تلعب دورا كبيرا فى التمويل متوسط األجل‪ ،‬فبعد أن كانت‬‫فلسفة معظم البنوك التجارية‪ ،‬هو اقتصارها على التمويل قصير األجل‪ ،‬العتبارات‬
‫السيولة التقليدية للبنوك التجارية‪ ،‬ظهرت فلسفة جديدة تدعو إلى ضرورة اشتراك البنوك‬
‫التجارية فى التمويل متوسط األجل بجانب قصير األجل‪ ،‬ومن أهم ما يميز القرض‬
‫المصرفى متوسط األجل هو أنه يستحق بعد أكثر من سنة‪ ،‬وغالبا ما تكون طريقة سداده‬
‫فى شكل أقساط تحدد مواعيد استحقاقها‪ ،‬وربما تكون كل األقساط متساوية بما فيها‬
‫القسط األخير‪ ،‬ولكنه غالبا ما يكون القسط األخير كبيرا جدا‪ ،‬وإن مدة هذا القرض غالبا‬
‫ما تكون أربع أو خمس سنوات‪.‬‬
‫ونقطة أخرى مميزة هو أن سعر الفائدة للقروض متوسطة األجل‪ ،‬غالبا ما تكون أعلى‬
‫من سعر الفائدة للقروض قصيرة األجل‪ ،‬وبالطبع فإنه يصبح من الضرورى هنا حساب‬
‫سعر الفائدة (الحقيقى)الناتج من طريقة دفع الفائدة ومن االلتزام برصيد فى البنك كحد‬
‫أدنى‪.‬‬
‫هذا ويعتبر القرض المتجدد مثاال للقرض المتوسط األجل‪ ،‬بل إن معظم القروض‬
‫قصيرة األجل إذا ما تم تجديدها تصبح فى الواقع قروضا متوسطة األجل‪.‬‬
‫هذا عن مصدر التمويل متوسط األجل‪ ،‬ولكن األموال الالزمة لالستثمار فى األصول‬‫الثابتة واأل صول المتداولة عند إنشاء المشروع من قبيل االستثمارات الدائمة التى تظل‬
‫فى المشروع طوال حياته والتى ال يجوز أن تقل قيمتها فى أى وقت من األوقات‪ ،‬وإال‬
‫أدى ذلك إلى نقص القدرة اإلنتاجية للمشروع‪ ،‬على هذا األساس فيجب الحصول على‬
‫هذه األموال من مصادرالتمويل الطويل المدى‪ ،‬فمثال ال يجوز الحصول على األموال‬
‫الالزمة لالستثمارات الدائمة من البنوك التجارية حيث أن هذه البنوك ال تزيد مدة‬
‫القروض التى تقدمها عن مدة القروض متوسطة األجل‪ ،‬ولهذا كان االلتجاء إلى المنشآت‬
‫المالية المتخصصة للتمويل الطويل األجل مثل البنوك الصناعية‪ ،‬والبنوك العقارية‬
‫‪78‬‬
‫والزراعية‪ ...‬الخ‪ ،‬باإلضافة إلى شركات التأمين التى تقوم بدور هام فى التمويل طويل‬
‫األجل‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى هذه المصادر الفعالة للتمويل طويل األجل‪ ،‬توجد القروض التى تقدمها‬
‫بعض صناديق التوفير أو بنوك اإلدخار‪.‬‬
‫القروض األجنبية‪:‬‬‫يوجد مصدر حيوى وهام لالقتراض الطويل األجل‪ ...‬وهو القروض األجنبية‪ ،‬أن‬
‫المشروعات الجديدة يحتاج تمويلها لتساعد فى التنمية االقتصادية إلى قدر كبير من‬
‫األموال التى تعجز مصادر التمويل المحلية عن الوفاء‪ -‬خاصة فى الدول المتخلفة‪-‬‬
‫وليس من شك أن اشتراك مصادر التمويل األجنبية فى تمويل تلك المشروعات‪ ،‬وبالتالى‬
‫تمويل عملية التنمية االقتصادية أمر مفيد طالما كان فى ظل حدود وشروط معينة‪.‬‬
‫وتقوم الحكومات المختلفة بالتعاقد سواء مع الحكومات األخرى أو مع المنشآت المالية‬
‫األجنبية المختلفة‪ ،‬بتمويل المشروعات سواء بتقديم اآلالت أو المعونات الفنية أو‬
‫األموال‪ ،‬وكل هذه تعتبر من المصادر الحيوية فى تمويل المشروعات‪.‬‬
‫تمويل المشروعات العامة فى االتحاد السوفيتى‪:‬‬‫هذا هو الوضع بالنسبة للمشروعات العامة بصفة عامة سواء االقتصاديات ذات‬
‫االتجاهات االشتراكية‪ ،‬ولكن لنتناول طريقة تمويل المشروعات العامة فى إحدى الدول‬
‫االشتراكية وليكن االتحاد السوفيتى ألنه أصدق مثال لما يجرى سواء داخل الكتلة‬
‫االشتراكية أو الدول التى تنحو فى نفس االتجاه‪.‬‬
‫ أن الجهاز المصرفى فى الدول االشتراكية هو المسئول عن التمويل وقد تم تأمينه‬‫وأصبح ملكا للدولة‪ ،‬ولقد أعطى للجهاز المصرفى تخصص قطاعى‪ ،‬فبدال من المنافسة‬
‫أصبح كل بنك يختص بتمويل جزء من أنشطة الخطة‪ ،‬أو عدد من المشروعات العامة‬
‫حسب الخطة‪ ،‬ومن ناحية التمويل قصير األجل فإن البنك المركزى يقوم بامداد‬
‫المشروعات بائتمان قصيراألجل‪ ،‬والبنك يصدر دائما لتحقيق األهداف التى حددتها‬
‫الخطة وبنفس مقاديرها‪ ،‬فاذا حققت الخطة أكثر من أهدافها فان للمشروع أن يطالب‬
‫البنك بإصدار مزيد من االئتمان لتلبية االحتياجات لتحقيق األهداف اإلضافية‪ ،‬وإذا‬
‫‪79‬‬
‫عجزت خطة المشروع عن تحقيق أهدافها‪ ،‬فأن االئتمان يتم تخفيضه وسعر الفائدة الذى‬
‫تتحمله المشروعات العامة نظير القروض قصيرة األجل يكون فى العادة ‪ %2‬وفى‬
‫بعض األحيان أقل‪ ،‬أو ‪ %3‬إذا لم تسترد البنوك قروضها فى األوقات المستحقة‪.‬‬
‫أن نظام االئتمان فى االتحاد السوفيتى يعتبر إحدى جوانب النظام المالى‪ ،‬وهو مكون‬
‫للعالقات المالية(النقدية)‪ ،‬والذى تقوم فيه الدولة بدور المدين‪ creditor ،‬والمشروعات‬
‫بدور الدائن ‪ ،debter‬هذه العالقات ترتفع لتعبر عن النظرية النقدية المركزية فى الدول‬
‫االشتراكية‪ ،‬ولكن بطريقة إعادة الدفع (إعادة ما اقترض) مرة أخرى إلى المصادر التى‬
‫قامت باإلقراض‪.‬‬
‫أن المصادر االئتمان عالقات وثيقة مع مصادر الدولة المالية‪ ،‬وأن نظام اإلئتمان فى‬
‫الدولة يتحكم فى ا ألموال الحرة للمشروعات بصفة دائمة‪ ،‬وهذا يتيح تخطيط أفضل‬
‫لحركة األموال وللميزانيات (الدخل‪ -‬المستهلك) بالنسبة للمشروعات‪.‬‬
‫أن نظام ائتمان الدولة يقوم بدور هام فى بناء المجتمع االشتراكى فى األتحاد السوفيتى‪،‬‬
‫وأن المدخرات تعتبر قروضا من الشعب للدولة وتؤدى دورا هام فى مالية االقتصاد‬
‫القومى‪ ،‬وأن زيادة الودائع فى بنوك اإلدخار كلما زادت مصادر الدولة لالقراض‪،‬‬
‫وزادت قدرة بنك الدولة فى اإلتحاد السوفيتى على تقديم القروض‪.‬‬
‫وبالنسبة للقروض المتوسطة األجل أو طويلة األجل‪ ،‬فأن البنوك المتخصصة أو بنوك‬
‫التعمير هى التى تقدمها‪ ،‬فهى تقدم هذه القروض للمزارع الجماعية والتعاونيات‪،‬‬
‫وأغراض اإلسكان الصناعى‪ ،‬كما تقدم هذه القروض للحصول على المبانى واآلالت‬
‫الالزمة‪ ،‬وتقوم البنوك أيضا برقابة حركة استثمار هذة القروض‪ ،‬وهذا جزء من الرقابة‬
‫–فى سبيل الخطة‪ -‬التى تفرضها الدولة على مشروعاتها المتعددة فى سبيل تحقيق‬
‫االقتصادية‪.‬‬
‫ويشرف على الرقابة المصرفية ووضع الخطة القومية لالئتمان على مستوى االقتصاد‬
‫القومى بأكمله بنك الدولة(البنك المركزى) لتحقيق أكبر قدر من ترشيد االستثمار‬
‫واألقراض ولتحقيق الرقابة الفعالة‪.‬‬
‫والقروض فى اإلتحاد السوفيتى تلعب دورا كبيرا فى بناء مالية الدولة اإلشتراكية‪ ،‬وهى‬
‫تعتبر أدوات هامة ومصادر فعالة لتغطية احتياجات المشروعات‪.‬‬
‫‪80‬‬
‫وباإلضافة إلى ذلك فهى تعتمد على النظامية‪ ،‬بمعنى أن للقروض طبيعيتين أوالهما أنها‬
‫جزء يستخدم فى المشروعات ‪ ،‬وثانيهما أنها جزء تستخدمه المؤسسات االشتراكية فى‬
‫استثماره فى مشروعاتها‪.‬‬
‫هذا استعراض للمصادر الخارجية للتمويل بالنسبة للمشروعات العامة‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫استعراض للقروض بالنسبة للمشروعات العامة فى االتحاد السوفيتى وباعتبار أن هذه‬
‫القروض فى الدولة السوفيتية هى التى تلعب الدور الهام والرئيسى‪ ،‬وتعتبر المصدر‬
‫الوحيد تقريبا لتمويل المشروعات(المصادر الخارجية) وهذا االستعراض للمصادر‬
‫الخارجية شمل كل أنواعها سواء القصيرة أو المتوسطة أو الطويلة األجل‪..‬‬
‫‪-4‬الجمعيات التعاونية‪:‬‬
‫إن الجمعيات التعاونية كما سبق أن ذكرت (فى المصادر الداخلية)‪ ،‬يتكون رأس مالها‬
‫أساسا من األسهم‪ ،‬وبما أن هذه المشروعات تطبق مبدأ باب العضوية المفتوح‪ ،‬فأن‬
‫رأس مالها قابل للزيادة والنقصان طبقا لحركة العضوية فى هذه الجمعيات‪ ،‬وباإلضافة‬
‫إلى رأس المال توجد االحتياطيات واألرباح التى لم توزع‪ ،‬ولكن هذه المصادر قد ال‬
‫تكفى ه ذه الجمعيات لكى تستمر فى عملها‪ ،‬ولكى تزدهر وتنمو‪ ،‬ولمواجهة ما يطرأ‬
‫عليها من ظروف أخرى ولحاجتها إلى أموال‪ ،‬لذلك فهى تلجأ لالقتراض بحيث تسدد‬
‫القروض فى خالل مدة معينة متفق عليها ‪ ،‬أو فى نهايتها‪ ،‬وتدفع لقاء ذلك فائدة محددة‪،‬‬
‫ثم أن الجهة المقرضة تطلب دائما ضمانات تؤكد لها الحصول على أموالها‪ ،‬وعلى‬
‫الفوائد المستحقة لها فى مواعيدها المقررة وهذه الضمانات التى تطلبها هذه الجهات‬
‫تكون على عدة أشكال وهى‪:‬‬
‫‪-1‬الرهون العينية العقارية على األراضى والمبانى‬
‫‪-2‬الرهون على األموال المنقولة‬
‫‪-3‬األوراق المالية أو التجارية‬
‫وكثيرا ما تطلب الهيئة المقرضة عالوة على ما سبق ذكره‪ ،‬أن تقدم الجمعية التى ترغب‬
‫فى االقتراض ميزانيتها لعدة سنوات متعاقبة لفحصها بقصد التأكد من سالمة مركزها‬
‫المالى‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫والجمعيات فى مجال االقراض تلجأ إلى البنوك العادية‪ ،‬ولكن عندما اتضح للدول أهمية‬
‫التعاون‪ ،‬ومدى ومقدار مساعدته لالقتصاد القومى‪ ،‬فقد سعت هذه الدول إلى إنشاء بنوك‬
‫تعاونية متخصصة تساهم الدولة فيها ومعها األجهزة التعاونية‪ ،‬أو تساعد األجهزة‬
‫التعاونية على إنشاء البنوك التعاونية الخاصة بها‪ ،‬أو تقوم بإنشاء بنوك تعاونية بنفسها‪،‬‬
‫ولقد حدث ذلك فى الواليات المتحدة‪ ،‬وبريطانيا‪ ،‬وجمهورية مصر العربية‪ ،‬حيث أنشأت‬
‫مصر بنكا للتعاون هو بنك التنمية واالئتمان الزراعى ليكون بنك الحركة التعاونية‪،‬‬
‫والمصدر الذى تعتمد عليه الحركة فى النهوض واالستمرار‪.‬‬
‫والبنك فى سبيل ذلك يقوم بإقراض الجمعيات التعاونية بفائدة معينة وبضمان من‬
‫الحكومة‪ ،‬وهذه القروض هى‪:‬‬
‫‪-1‬قروض قصيرة األجل ال تتجاوز مدتها ‪ 12‬شهر‬
‫‪-2‬قروض متوسطة األجل ال تتجاوز مدتها ‪ 10‬سنوات‬
‫‪-3‬قروض طويلة األجل ال تتجاوز مدتها ‪ 20‬سنة‬
‫وبجانب ضمان الحكومة لهذه القروض فأن الجمعيات التعاونية تقدم ضمانات معينة‬
‫يطلبها البنك‪ ،‬من أجل استعادة هذه القروض حرصا منه على استمراره فى أداء واجبه‬
‫تجاه الحركة التعاونية‪.‬‬
‫من ذلك يتضح مدى الدور الذى يمكن أن تقوم به البنوك التعاونية كمصدر خارجى‬
‫للتمويل بالنسبة للمشروعات التعاونية‪.‬‬
‫الودائع‪:‬‬‫هناك مصدر ال يقل أهمية عن المصدر السابق أال وهو الودائع على اختالف أنواعها‬
‫سواء من أعضاء الجمعية أو غير األعضاء‪ ،‬وهذا المصدر هام وحيوى ألنه يجدب‬
‫رؤوس أموال كثيرة‪ .‬الستثمارها فى الجمعية على أن ترد عند الطلب وأن ترد غير‬
‫منقوصة عن التصفية‪ ،‬ولقد سار القانون التعاونى فى مصر على هذا النهج فسمح‬
‫للجمعيات التعاونية على اختالف انواعها‪:‬‬
‫‪82‬‬
‫"حق قبول الودائع وفقا لقواعد ينص عليها فى نظامها الداخلى‪ ،‬وال يجوز لهذه‬
‫الجمعيات التصرف فى هذا الودائع‪ ،‬إذا كانت تحت الطلب أو كانب ألجل ال يتعدى‬
‫شهرا‪ ،‬أما ما عدا ذلك من الودائع قلها أن توظفها فى الحدود التى تبينها الالئحة التنفيذية‬
‫من حيث مراعاة قدرتها على إجابة طلبات سحب الودائع"‪.‬‬
‫وتعتبر الودائع مصدرا هاما من مصادر التمويل للجمعيات‪ ،‬وهى إلى جانب ذلك تعتبر‬
‫بالنسبة لألعضاء وسيلة من وسائل ارتباطهم بجمعيتهم‪ ،‬وارتباطهم هذا يزيد مساهمتهم‬
‫مما يؤدى إلى كبر حجم رأس مال الجمعية مما يساعدها ويشد آزرها لمواجهة مشاكل‬
‫النمو والتوسع‪.‬‬
‫بهذه النقطة أكون قد أنتهيت من استعراض المصادر الخارجية للمشروعات المعاصرة‬
‫والتى حددتها فى بداية هذا المبحث‪ .‬وبعد استعراض مصادر التمويل الداخلية‪ ،‬وأكون قد‬
‫إنتهيت من الباب األول الذى استعرضت فيه الجانب المعاصر‪.‬‬
‫بعد ذلك أنتقل إلى الباب الثانى اإلسالمى وهو يبحث فى أشكال المشروعات وتمويلها‬
‫فى ظل االسالم‪ .‬ويبدأ بالفصل الثالث الذى يبحث فى أشكال المشروعات فى االسالم‪،‬‬
‫وإدارتها ماليا‪.‬‬
‫‪83‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫أشكال المشروعات وإدارتها المالية‬
‫فى االسالم‬
‫تناو لت فى الفصل األول أشكال المشروعات فى االقتصاديات المعاصرة‪ ،‬كما‬
‫ا ستعرضت تلك األشكال فى مختلف النظم االقتصادية المعاصرة‪ ،‬وبالتالى تحدثت عن‬
‫اإلدارة المالية المعاصرة ودورها وأهميتها ومكانتها فى االقتصاد المعاصر‪ ،‬أما فى‬
‫الفصل الثانى فتناولت تمويل المشروعات حديثا فكان المبحث األول عن أدوات التمويل‬
‫سواء البنوك أو شركات التأمي ن ‪ ،‬أو البورصات باعتبارها األدوات الرئيسية والمؤثرة‬
‫فى التمويل‪ ،‬ودورها يعتبر دورا كبيرا فى االقتصاديات المعاصرة‪ ،‬والمبحث الثانى‬
‫تحدثت عن مصادر التمويل سواء الداخلية (الذاتية)‪ ،‬أو المصادر الخارجية التى تعتبر‬
‫عامال مساعدا فى التمويل بجانب المصادر الداخلية من أجل مساعدة المشروع على‬
‫االستمرار والنمو وتحقيق أهدافه‪ ،‬كما تحدثت عن هذه المصادر فى مختلف أشكال‬
‫المشروعات الموجودة حاليا فى النظم االقتصادية الحديثة‪.‬‬
‫بعد هذا العرض ألشكال المشروعات المعاصرة وإدارتها المالية‪ ،‬وأدوات ومصادر‬
‫تمويلها‪ ،‬أنتقل بد ذلك إلى الفصل الثالث وهذا الفصل يتناول أشكال المشروعات فى ظل‬
‫اإلسالم فى المبحث األول‪.‬‬
‫أما فى المباحث الثانى فسوف أتناول اإلدارة المالية للمشروعات فى ظل اإلسالم‪ ،‬بعد‬
‫هذا العرض لما سبق ذكره فى الباب األول‪ ،‬وبعد هذه المقدمة لما سيبحث‪ ،‬أنتقل إلى كل‬
‫مبحث على حده‪.‬‬
‫‪84‬‬
‫المبحث األول‬
‫أشكال المشروعات فى االسالم‬
‫عندما نزل القرآن الكريم‪ ،‬لم يوضح تفاصيل التعامل أو أشكال المشروعات‪ ،‬ولم يذكر‬
‫تفاصيل كيفية تكوين المشروعات أو تفاصيل المعامالت االقتصادية ولكن الكتاب الكريم‬
‫تحدث عن القواعد األساسية لتلك المعامالت‪ ،‬ووضح الحدود بين الحالل والحرام‪،‬‬
‫وبذلك وضح الطريق أمام المتعاملين فى كافة المجاالت فى الحياة االقتصادية فى تلك‬
‫اآلونة‪ ،‬وبذلك نجح الدين االسالمى فى مسايرة الحياة االقتصادية والتزاماتها فى ذلك‬
‫الزمان؛ كما نجح أكثر فى وقت الحق عندما قامت الدولة االسالمية الكبرى وتشعبت‬
‫وتفرعت فى أحكام قو اعد الشريعة االسالمية فى الميادين االقتصادية المختلفة التى‬
‫جدت‪ ،‬ولقد استطاعت الشريعة االسالمية أن تسيير بالحياة االقتصادية فى الدولة‬
‫المترامية األطراف إلى طريق االسالمية وبر األمان‪ ،‬كما وفرت للدولة ثروة طائلة؛‬
‫وأصبحت الدولة االسالمية دولة ثرية قوية ذات سلطان؛ وبعد أن ضعفت الدولة‬
‫االسالمية وأصبحت السيادة لغيرها‪ ،‬وحدثت التطورات الضخمة سواء فى الصناعة أو‬
‫فى الزراعة‪ ...‬الخ؛ والتقدم العلمى الكبير الذى حدث وخاصة بعد الثورة‬
‫الصناعية(القرن الثامن عشر)‪ ،‬بعد اختراع اآلله التى تعمل بالبخار‪ ،‬ثم تطورها‬
‫الميكانيكى‪ ،‬ثم اختراع الكهرباء واالنقالب الخطير الذى حدث فى الصناعة واالنطالقة‬
‫الكبيرة التى أحدثتها‪ ،‬وبعد قيام المصانع الضخمة ذات اإلنتاج الضخم‪ ،‬والتطور‬
‫اإلنتاجى الكبير الذى صحب كل ذلك وبعد أن رسخت أقدام الدول الصناعية‪ ،‬فطنت‬
‫الدول االسالمية واستيقظت من سباتها العميق على هذا االنقالب الكبير الذى قلب‬
‫موازين األشياء‪ ،‬فبدأت تنقب فى تراثها الثرى‪ ،‬واكتشفت أن هذا التراث العظيم يصلح‬
‫لكل أوان ومكان‪ ،‬بعد قرون عديدة من التخلف‪ ،‬وبعد قرون من عدم االجتهاد‪ ،‬وجدت‬
‫الدولة االسالمية أن الشريعة التى أنزلها هللا تعالى على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫متمشية مع هذا التطور‪ ،‬وعاد تيار االجتهاد من جديد لينفض تراب الزمان من على هذا‬
‫التراث الثمين‪ ،‬وليجد المجتهدين أنها شريعة متطورة غنية صالحة لكل زمان‪ ،‬وتستطيع‬
‫أن تنفذ عبر هذا الزمان لتثبت وجودها وتتمشى مع التطور الحادث‪.‬‬
‫‪85‬‬
‫ولعل دورى هو توضيح ذلك أو بعضا منه‪ ،‬وتوضيح مدى قدرة الشريعة االسالمية على‬
‫مسايرة التطورات التى حدثت والتى مازالت تحدث‪ ،‬وبذلك نكون قد سرنا مع التطور‪،‬‬
‫وأيضا سرنا فى طريق الشريعة حتى نتغلب على الصعاب التى تواجه اقتصادياتنا نتيجة‬
‫االستعمار‪ ،‬واالستنزاف الطويل الذى أصاب أمتنا اإلسالمية من ناحية‪ ،‬ومن ناحية‬
‫أخرى نسيبر خطوة نحو تحقيق التكامل االقتصادى الذى يمهد الطريق لوحدة إسالمية‬
‫تعيد لألمة مجدها السابق‪.‬‬
‫ولهذا سيكون البحث فى هذا المبحث عن أشكال المشروعات االسالمية‪.‬‬
‫اشكال المشروعات‬
‫كان لتشعب الحياة فى الدولة اإلسالمية ولتعدد أشكال المعامالت بها أن نشأت أنواع‬
‫متعددة من المشروعات‪ ،‬لهذا سوف أقوم فى هذا الجزء باستعراض األنواع أو األشكال‬
‫التى اتفق معظم الفقهاء على جوازها‪.‬‬
‫والشك أن المشروعات فى ظل اإلسالم متعددة‪ ،‬منها المشروع الفردى بطبيعة الحال‬
‫باعتباره الشكل األول للمشروعات‪ ،‬باإلضافة إلى المشروعات التى يشترك فيها إثنان أو‬
‫أكثر وكان يطلق عليها لفظ الشركة‪.‬‬
‫ولقد اتخذت الشركة عدة تقسيمات‪ ،‬والبحث فى هذا النطاق سوف يتناول أجازة الشركة‬
‫ومشروعيتها ثم أقسام الشركة‪.‬‬
‫الشركة‬‫لقد أجاز اإلسالم الشركة أو المشاركة فى المعامالت‪ ،‬عن أبى هريرة رضى هللا عنه‬
‫قال‪ :‬عن الن بى صلى هللا عليه وسلم قال ‪ :‬قال هللا تعالى فى الحديث القدسى"أنا ثالث‬
‫الشريكين مالم يخن أحدهما صاحبه‪ ،‬فاذا خانه خرجت من بينهما"‪.‬‬
‫ومن هنا نلحظ أن هللا تعالى أوضح أن المشاركة فى المعامالت االقتصادية جائزة على‬
‫لسان رسوله الكريم بشرط أال يخون أحد الشريكين صاحبه فى تلك المشاركة‪ ،‬وهذا‬
‫‪86‬‬
‫يوضح بجالء أجازة اإلسالم للمشروع الذى يشترك فيه إثنان أو أكثر‪ ،‬بجانب أجازته‬
‫للمشروع الفردى‪ ،‬فكأن اإلسالم أقر المعامالت الفردية والمعامالت التى يشترك فيها‬
‫إثنان أو أكثر فى أى من مجاالت المعامالت االقتصادية والتى انطبقت على المعامالت‬
‫الزراعية والتجارية فى ذلك الوقت‪.‬‬
‫ولقد وضع اإلسالم أسسا وقواعد محددة تسير عليها تلك المشروعات‪ ،‬وهذا من أجل‬
‫استمرارها ونموها لتقوية االقتصاد بصفة عامة ورفاهية األفراد بصفة خاصة‪ ،‬فمنع‬
‫االحتكار‪ ،‬وأقر المنافسة‪ ،‬ووضع قواعد للتداول واالستهالك‪ ،‬ونهى عن النجش‪ ،‬وأعطى‬
‫لولى األمر الحق فى أن يسعر السلع إذا لزم األمر أى فى حالة الضرورة‪ ،‬كل هذه‬
‫القواعد تعتبر فى نفس الوقت أسسا قويمة وقوية من أجل إقامة مجتمع الرفاهية وإقامة‬
‫اقتصاد قوى وقادر تهدف إليه جميع االقتصاديات المعاصرة‪ ،‬ولقد نبه اإلسالم إلى ذلك‬
‫منذ أكثر من ‪ 14‬قرنا من الزمان‪.‬‬
‫واآلن أنتقل إلى تناول أشكال المشروعات وهى‪:‬‬
‫‪-1‬المشروع الفردى‪:‬‬
‫إن المشروع الفردى أجيز فى اإلسالم بدليل أن كبار الصحابة كانوا يتاجرون بأنفسهم‬
‫ومنهم أبو بكر الصديق‪ ،‬وعمر الفاروق‪ ،‬وعثمان ذى النورين‪ ،‬وعبد الرحمن بن عوف‬
‫رضى هللا عنهم أجمعين‪ ،‬ولقد كان قول عبد الرحمن بن عوف رضى هللا عنه عندما‬
‫عرض عليه األنصارى نصف ماله ونصف بيته وإحدى زوجتيه أن رفض عبد الرحمن‬
‫ذلك وقال له "دلنى على السوق"‪ ،‬وهذا دليل على أن عبد الرحمن كان تاجرا وكان على‬
‫األقل فى بداية الهجرة إلى المدينة يتاجر بمفرده‪ ،‬ولقد استحسن ذلك رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم وهذا ما يطلق عليه فى العصر الحديث اسم المشروع الفردى‪ ،‬والمشروع‬
‫الفردى تمويله بسيط يعتمد على ما لدى صاحب المشروع شخصيا من أموال ومدى‬
‫قدرته على جمع رأس المال المناسب‪ ،‬وفى ظل اإلسالم يحكم المشروع الفردى عدم‬
‫االستغالل والبعد عن االحتكار والغش‪ ،‬وهو فى هذا يخضع ألوامر هللا تعالى ونواهيه؛‬
‫ويحرص يتناسب مع الجهد والمشقة بحيث ال يكون هناك استغالل أو خداع أو انتهاز‬
‫للفرص والظروف‪.‬‬
‫‪87‬‬
‫‪-2‬شركة المزارعة‪:‬‬
‫أن المزارعة عبارة عن عقد أو شركة‪ ،‬وهذا العقد أو هذه الشركة تتيح لصاحب األرض‬
‫استغالل أرضه استغالله مشروعا ألن الزارع فيها شريك العمل غير مسئول عن‬
‫الخسارة إذا لم تنتج األرض‪ ،‬ولذلك قيل عن هذه الشركة "المزارعة أجادة فى االبتداء‬
‫وشركة فى اإلنتهاء"‪.‬‬
‫والمزارعة جائزة فى أصح أقوال العلماء‪ ،‬وهى عمل المسلمين على عهد نبيهم وعهد‬
‫خلفائه الراشدين‪ ،‬عمل آل أبى بكر‪ ،‬وآل عمر؛ وآل عثمان‪ ،‬وآل على عليهم رضوان‬
‫هللا‪ ،‬وغيرهم من بيوت المهاجرين وهى قول أكابر الصحابة كإبن مسعود‪ ،‬وهى مذهب‬
‫فقهاء الحديث‪ ،‬كأحمد بن حنبل وكان النبى صلى هللا عليه وسلم قد عامل أهل خيبر‬
‫بشطر ما يخررج منها من ثمر وزروع حتى وفاته؛ ولم تزل تلك المعاملة حتى أجالهم‬
‫عمر رضى هللا عنه عن خيبر‪.‬‬
‫وأن الشركة فى الزرع جائزة شرعا‪ ،‬ويصح عقدها الواقع بين حرين رشيدين بما يدل‬
‫على الرضا قوالوفعال‪ ،‬وال تلزم إال بوضع البذر فى األرض‪ ،‬فألحد المتعاقدين فسخها‬
‫قبله "أى البذر"‬
‫ولجواز شركة المزارعة أربعة شروط وهى‪:‬‬
‫‪-1‬تساوى البذرين‪:‬‬
‫أى حصو ل التساوى بين البذرين الذين يخرج بهما الشريكان إلى األرض وأن يكونا من‬
‫نوع واحد‪ ،‬فإذا أخرج أحدهما قيراطين والثانى قيراطا ودخال على التساوى فى القسمة‬
‫أو أخرج أحدهما قمحا والثانى ذرة كان العقد فاسدا‪ .‬بمعنى أن الشريكين إذا دخال هذه‬
‫الشركة البد أن يكون البذر من نفس النوع أى نوع واحد مثل القمح أو الذرة‪ ،‬وال يكون‬
‫مختلفين‪ ،‬كما يتساوى البذر بينهما ‪ ،‬أى يكون قيراط من األول وقيراط من الثانى وإال‬
‫فسدت الشركة‪.‬‬
‫‪-2‬الخلط‪:‬‬
‫أى خلط الشريكين بأن يجعال فى وعاء واحد‪ ،‬وإال فسدت الشركة‪ ،‬إن كان لكل واحد‬
‫زرعة الذى بذره‪.‬‬
‫‪88‬‬
‫بمعنى أن يخت لط بذر كل من الشريكين تماما حتى يتم المقصود من الشركة وهو‬
‫التداخل واالختالط‪.‬‬
‫‪-3‬أن تكون األرض عند أحدهما وعلى اآلخر يقوم بالعمل‪ ،‬وأن يكون البذر مشترك‬
‫بينهما‪ ،‬وال يصح أن يقدم أحدهما والعمل عليه‪ ،‬وعلى اآلخر البذر فقط فسدت الشركة‪،‬‬
‫وكان الزرع للعامل ويرد لشريكه مثل بذره‪.‬‬
‫بمعنى أن أحدهما يقدم األرض فقط واآلخر يقوم بالعمل‪ ،‬وأن يكون البذر مشترك‬
‫بينهما‪ ،‬وال يصح أن يقدم أحدهما األرض والعمل معا‪ ،‬والذى قصده اإلسالم ورمى إليه‬
‫من ذلك هو المشاركة الفعلية فى المزارعة بالعمل لكال الشريكين‪.‬‬
‫‪-4‬سالمة األرض المشتركة للزراعة‪:‬‬
‫أن تكون سليمة من كراء ممنوع شرعا‪ ،‬فيحرم كراء األرض بالطعام‪ ،‬ولو لم تنبته‬
‫األرض كعسل أو مما تنبته األرض طعاما أو غير طعام (القطن مثال) فأن اكتريا‬
‫األرض من مالها بشىء مما ذكر فسد العقد وفسخ‪.‬‬
‫روى مسلم عن رافع بن خديج قال‪ :‬كنا نحاقل باألرض على عهد رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم فنكريها بالثلث والربع والطعام المسمى‪ ،‬فجاءنا ذات يوم رجل من عمومتى‬
‫فقال ‪ :‬نهانا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن أمر كان لنا نافعا‪ ،‬وطواعية هللا ورسوله‬
‫أنفع لنا‪ ،‬نهانا أن نحاقل باألرض فنكتريها على الثلث والربع والطعام المسمى‪ ،‬وأمر‬
‫رب األرض أن يزرعها أو يزارعها ‪ ،‬وكره كراءها وما سوى ذلك‪.‬‬
‫وأن الشريكين أن تساويا فى األرض والعمل واآلله والزريعة جازت الشركة اتفاقا (بين‬
‫أهل المذهب)‪.‬‬
‫والشركة تفسد أو فقد شرط من شروط صحتها األربعة أو وجود مانع‪.‬‬
‫والمزارعة هى فى الواقع مشاركة‪"..‬فأن النماء الحادث يحصل من منفعة أصلين‪ :‬منفعة‬
‫العين التى لهذا كبدنه وبقره ومنفعة العين التى لهذا كأرضه وشجره"‪ ،‬أى أن العامل‬
‫شريك برأس المال هو عمله ببدنه أو بالحيوان الذى يستخدمه‪ ،‬وصاحب األرض شريك‬
‫برأس المال ماله وهو أرضه وشجره‪.‬‬
‫‪89‬‬
‫والمزارعة ليست مؤاجرة حتى أنه إذا لم يأت الزرع بمحصول ولم يكن للزارع ما يأخذ‬
‫نظير ما بذل فى األرض من عمل فيكون بهذا قد عمل ولم يستوف أجره‪ ،‬وهذا ظلم‪...‬‬
‫أن الصورة فى الزراعة ليست هكذا‪ ،‬فالزارع شريك لصاحب األرض ‪ ،‬وهنا ال يأكل‬
‫أحدهما مال اآلخر‪ ،‬ألنه إن لم ينبت الزرع فأن رب األرض لم يأخذ منفعة اآلخر‪ ،‬بل‬
‫ذهبت منفع ة أرض هذا‪ ،‬ورب األرض لم يحصل على شىء حتى يكون قد أخذه واآلخر‬
‫لم يأخذ شيئا‪.‬‬
‫وعلى هذا فالمزارعة مشاركة‪ ،‬رأس مال من جهة وعمل من جهة أخرى‪ ،‬وأما حديث‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم " من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه وإال‬
‫فليمسكها"‪.‬‬
‫فليس األمر الوارد فيه أمر إلزام ‪ ،‬إنما هو نصح وتوجيه للبر والعطف ولهذا روى عن‬
‫ابن عباس فى توجيه هذا الحديث ‪:‬‬
‫"أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لم يحرم المزارعة ولكن أمر أن يرفق بعضهم‬
‫ببعض" ثم إن الحديث من جهة أخرى يحرص على استثمار األرض وعدم تركها بورا‬
‫معطلة من الزرع‪ ،‬ولهذا كان أمر الرسول الكريم متوجها إلى صاحب األرض أوال بأن‬
‫يزرعها‪ ،‬فأن لم يزرعها فليمنحها أخاه ليزرعها مادام هو مستغنيا عنها أو عاجزا عن‬
‫اإلنتفاع بها‪ ،‬وهذا ما تقضى به الحكمة والمصلحة العامة للناس‪ ،‬فإن فى حيازة األرض‬
‫لمجرد حيازتها دون االنتفاع تعطيل لمرفق عام من حق اإلنسانية أن تنتفع به‪ ،‬وأما قوله‬
‫صلى هللا عليه وسلم "وإال فليمسكها" فليس معناه إمساكها معطلة من الزرع‪ ،‬وذلك ألنه‬
‫ممسكها فعال‪ ،‬وإنما المراد بإمساكها هنا‪ ،‬هو العناية بها والنظر إليها‪ ،‬حيث كان كثير‬
‫من الناس يحوزون أرضا كثيرة‪ ،‬ويجعلون لها حدودا حتى ال يقربها أحد‪ ،‬ثم يتركونها‬
‫سنين طويلة على تلك الحالة دون أن تمتد إليها يد الستصالحها وزرعها‪ ،‬فمعنى‬
‫إمساكها هنا هو رعايتها واالنتفاع بها‪.‬‬
‫من ذلك نرا أن الفقه اإلسالمى وفقه المعامالت إهتما بالمزارعة باعتبارها أح العقود‬
‫وكنوع من الشركات الهامة التى احتلت مكانة كبيرة فى اقتصاد الدولة اإلسالمية‪،‬‬
‫ومازالت تحتل مكانة هامة فى االقتصاديات المعاصرة وتعتبر أكبر أركان التقدم فى‬
‫الدول المتقدمة‪ ،‬وأحد أركان النمو فى الدول المتخلفة‪ ..‬لذا نرى أن الفقة اإلسالمى‪ ،‬وفقه‬
‫المعامالت والقواعد السليمة التى تحمى هذه الشركة وتجعلها كأحد القواعد األساسية فى‬
‫االقتصاد‪.‬‬
‫‪90‬‬
‫وتمويل هذه الشركة قائم على أن اثنين أو أكثر يشتركا فى هذه الشركة وتكون األرض‬
‫على أحدهما (رأس المال)‪ ،‬والعمل على اآلخر والبذر مشاركة بينهما‪ ...‬بمعنى آخر أن‬
‫يكون أحد الشريكين لديه األرض واآلخر يشاركه بالعمل ويكون البذر بينهما بالتساوى‬
‫ويخلط لكى تصح الشركة شرعا‪.‬‬
‫ومن خالل النظر إلى هذه الشروط والقواعد نجدها صالحة للتطبيق فى حياتنا‬
‫المعاصرة‪ ..‬حتى نتمكن من إحداث النهضة المطلوبة والتقدم المنشود‪.‬‬
‫‪ -4‬شركة العنان (شركة األموال)‪:‬‬
‫وكلمة العنان (بكسر العين) مأخوذة من عنان الدابة الستواء الشريكين فى المال‪ ،‬وهى‬
‫أن يشترك شخصان فأكثر لما لهما باإلضافة إلى عملهما‪ ،‬وتسمى شركة العنان ألن كال‬
‫من الشريكين يتساوى فى حق التصرف‪ ،‬ويقوم رأس المال فى هذه الشركة بالنقود‪،‬‬
‫ويشترط أن يكون رأس المال معلوما وموجودا يمكن التصرف فيه ويكون الربح على‬
‫أساس ما اشترطاه فى العقد‪ ،‬أما الخسارة فأنها تكون على قد المال فقط وبنسبة توزيعه‬
‫بينهما‪.‬‬
‫والشروط فى الشركة ضربان‪ ،‬أحدهما صحيح وهو ما يعين على تنفيذ العقد ‪ ،‬ويضمن‬
‫سيرها فى الخط الصحيح ويصون تصرفات كال من الشريكين عن اإلنحراف‪ ،‬كأن‬
‫يشترط أحد الشريكين االتجار فى نوع معين من المتاع‪ ،‬أو التقيد بالعمل فى بلد معين‪،‬‬
‫أو يشترط عدم التعامل مع مؤسسات معينة أو أفراد معينين‪ ،‬وهذه الشروط كلها جائزة‪.‬‬
‫والثانى فاسد وهو ما يخالف مقتضى العقد‪ ،‬كعدم اشتراط نسبة الربح فهذه جهالة تفسد‬
‫العقد‪ ،‬أو يشترط عليه فى ضمان ماله‪ ،‬أن يضع منه عند الفسخ أكثر من قدر ماله‪ ،‬أو‬
‫يشترط أال تفسخ الشركة مدة بعينها‪.‬‬
‫وال تصح الشركة حتى يختلط الماالن ألنه قبل االختالط ال شركة بينهما فى مال وأن‬
‫صححنا الشركة قبل االختالط وقلنا أن من ربح شيئا من ماله انفرد بالربح‪ ،‬أفردنا‬
‫أحدهما بالربح وذلك ال يجوز‪ ،‬وأن قلنا يشاركه اآلخر أخذ أحدهما ربح مال اآلخر‪،‬‬
‫وهل تصح الشركة مع تفاضل المالين فى القدر‪ .‬هذا فيه وجهان‪ :‬أحدهما تصح وهو قول‬
‫"أبى القاسم األنماطى" ألن الشركة تشتمل على مال وعمل‪ ،‬ثم ال يجوز أن يتساويا فى‬
‫‪91‬‬
‫العمل ويتفاضال فى الربح‪ ،‬فكذلك ال يجوز أن يتساويا فى العمل ويتفاضال فى الربح‪،‬‬
‫وإذا اختلف مالهم ا فى القدر فقد تساويا فى العمل وتفاضال فى الربح وهذا ال يجوز‪،‬‬
‫والثانى تصح وهو قول عامة أصحابنا‪( ،‬ويقصد بهم الشافعية) وهو الصحيح ألن‬
‫المقصود الشركة أن يشتركا فى ربح مالهما وذلك يحصل مع تفاضل المالين‪ ،‬كما‬
‫يحصل مع تساويهما وما قاله "األنماطى" فى قياس العمل على المال ال يصح ألن‬
‫االعتبار فى الربح بالمال ال بالعمل والدليل عليه أنه ال يجوز أن ينفرد أحدهما بالمال‬
‫ويشتركا فى الربح‪ ،‬فلم يجز أن يستويا فى المال ويختلفا فى الربح‪ ،‬وليس كذلك فانه‬
‫يجوز أن ينفرد أحدهما بالعمل ويشتركا فى الربح فجاز أن يستويا فى العمل ويختلفا فى‬
‫الربح‪.‬‬
‫وأركان شركة العنان‪:‬‬
‫‪-1‬محلها من األموال‬
‫‪-2‬معرفة قدر الربح من قدر المال المشترك فيه‪.‬‬
‫‪-3‬معرفة قدر العمل من الشريكين من قدر المال‪.‬‬
‫فما كان من ربح فهو بينهما على قدر رؤوس أموالها‪ ،‬وما كان من وضيعة أو تبعة‬
‫فكذلك وال خالف أن اشتراط الوضيعة بخالف قدر رأس المال باطل إن كل صورعقود‬
‫الشركة تتضمن الوكالة وذلك ليكون ما يستفاد بالتصرف مشتركا بينهما فيتحقق حكم‬
‫عقد الشركة المطلوب منه وهو االشتراك فى األرباح‪ ،‬إذ لو لم يكن كل منهما وكيال عن‬
‫صاحبه فى النصف وأصيال فى اآلخر ال يكون المستفاد مشتركا الختصاص المشترى‬
‫بالمشترى‪.‬‬
‫وال يجوز ألحد الشريكين أن يتصرف فى نصيب شريكه إال بإذنه فإن إذن كل واحد‬
‫منهما لصاحبه فى التصرف تصرفا‪ ،‬وإن أذن أحدهما ولم يأذن اآلخر تصرف المأذون‬
‫فى الجميع وال يتصرف اآلخر إال فى نصيبه‪ ،‬وال يجوز ألحدهما أن يتجر فى نصيب‬
‫اآلخر (شريكا) إال فى الصنف الذى يأذن فيه الشريك‪ ،‬وال أن يبيع بدون ثمن المثل‪ ،‬وال‬
‫بثمن مؤجل وال بغير نقد البلد إال أن يأذن له شريكه‪ ،‬ألن كل واحد منهما وكيل لآلخر‬
‫فى نصفه فال يملك إال ما يملك كالوكيل‪.‬‬
‫‪92‬‬
‫ويقسم الربح والخسران على قدر المالين لألن الربح نماء مالهما‪ ،‬والخسران نقصان‬
‫مالهما‪ ،‬فكان على قدر المالين (الربح والخسران)‪ ،‬فإن شرطا التفاضل فى الربح‬
‫والخسران مع تساوى المالين‪ ،‬أو التساوى فى الربح أو الخسران مع تفاضل المالين لم‬
‫يصح العقد ألنه شرطا ينافى مقتضى الشركة فلم يصح‪.‬‬
‫نستخلص من ذلك أن هذا النوع من الشركات يعتبر من شركات األموال‪ ،‬وفيه يقوم‪-‬كما‬
‫ذكرت‪ -‬الشركاء باالشتراك فى تلك الشركة بأموالهم وهى جائزة شرعا‪ ،‬وهذه الشركة‬
‫فى تمويلها تشبه شركة التضامن وشركات المساهمة ورأس مال الشركة يكون من‬
‫األموال المعتاد التعامل بها فى المكان الذى تعقد فيه الشركة‪ ،‬وليس بأن نوع آخر من‬
‫األموال‪.‬‬
‫‪-4‬شركة األبدان‪:‬‬
‫و هى أن يشترك إثنان أو أكثر بأبدانهما فقد دون المال ‪ ،‬والربح يكون حسب ما اتفق‬
‫عليه الشريكان من تساوى أو تفاضل وليس ألحد أن يوكل عنه غيره شريكا ببدنه‪ ،‬وليس‬
‫ألحدهم أن يستأجر أجيرا يقوم بعمله‪.‬‬
‫و الشركة صحيحة‪ ،‬وما يتقبله أحدهما من العمل يصير ضمانهما يطالبان به ويلزمهما‬
‫عمله‪.‬‬
‫والعقد فيها يكون على عمل من األعمال الجائزة شرعا بشرط اتحاد العمل أو أن يكون‬
‫أحد الشريكين يحسن جزء من صنعه واآلخر يحسن جزءا آخر منها‪ ،‬وفى هذه الحالة‬
‫فالشركة جائزة (مثل أحد الخياطين يفصل الثياب والثانى يحيكها)‪ ،‬ويقسم ما حصل من‬
‫عمل الشريكين على أساس لكل ما يناسب عمله من األجر وال يشترط فيه التساوى‪ ،‬لكن‬
‫يشترط أن تكون آلة العمل بينهما بملك أو أجرة‪ ،‬فأن كانت ألحدهما جعال لها أجرة‬
‫واقتسما التساوى فسد العقد وفسخ‪.‬‬
‫وهناك قول فى "المهذب" يقول‪ :‬إن شركة األبدان شركة على ما يكتسب الشريكان‬
‫بأبدانهما وهى باط لة‪ ،‬ولقد استند إلى ما روته السيدة عائشة رضى هللا عنها أن النبى‬
‫صلى هللا عليه وسلم قال‪" :‬كل شرط ليس فى كتاب هللا فهو باطل"‪ .‬وهذا الشرط ليس فى‬
‫كتاب هللا تعالى فوجب أن يكون باطال‪ ،‬وألن عمل كل واحد منهما ملك له يختص به فلم‬
‫يجزأن يشاركه اآلخر فى بدله‪ ،‬فأن عمال وكسبا أخذ كل منهما أجرة عمله ألنهما بدل‬
‫عمله فاختص بها‪.‬‬
‫‪93‬‬
‫ومن الرأى أن شركة األبدان جائزة لعدة أسباب هى‪:‬‬
‫‪ -1‬إن االستناد إلى الحديث السابق ال يدل على بطالن هذه الشركة ألن شركة العنان لم‬
‫تذكر فى كتاب هللا تعالى‪"...‬كما أن حديث الرسول صلى هللا عليه وسلم عن هللا تعالى‬
‫الذى قال فيه "أنا ثالث الشريكين" لم يحدد نوع الشركة سواء عنانا أو أبدانا أو غيرهما‪.‬‬
‫‪-2‬إذا افترضنا أن شركة العنان (األموال) هى الجائزة فقط فكأنه لن تقوم شركات‬
‫أخرى‪ ..‬باإلضافة إلى ذلك الذين لديهم األموال فقط هم القادرون على إقامة الشركات‬
‫دون اآلخرين‪.‬‬
‫‪-3‬من ناحية أخرى أن هناك صنائع متكاملة إذا أقيمت لها شركات أبدان مثال‪ ،‬ازدهر‬
‫المجتمع ونما وتطور حال أفراده إلى الرفاهية‪ ،‬وخاصة أصحاب الصنائع الذين ال‬
‫يملكون األموال الكافية إلقامة الشركات‪.‬‬
‫من ذلك نخلص أن شركة األبدان جائزة على حسب الشروط التى ذكرت آنفا‪.‬‬
‫‪-5‬شركات المضاربة‪:‬‬
‫تسمى قراضا وهى التى يشترك فيها بدن ومال فى تكوين الشركة‪ ,‬وهى أن يدفع أحد‬
‫األشخاص ويسمى رب المال ماله إلى آخر ويسمى مضاربا يتجر له فيه‪ ،‬والربح فى‬
‫هذه الحالة وفق ما يشترط الشريكان‪ ،‬والخسارة ال تخضع لما اتفق عليه بل لما ورد فى‬
‫الشرع من قواعد‪ ،‬وتقع الخسارة كلها على المال‪ ،‬وليس على المضارب فيها شىء حتى‬
‫لو أتفق على ذلك ‪ ،‬وللمضارب مطلق حرية التصرف فى الشركة وليس لصاحب المال‬
‫أن يعمل معه ‪ ،‬أو أن يتصرف فى الشركة حتى لو اتفق على ذلك أيضا‪ ،‬وروى أن‬
‫العباس بن عبد المطلب كان يدفع مال المضاربة‪ ،‬ويشترط على المضارب شروط معينة‬
‫فبلغ ذلك النبى صلى هللا عليه وسلم فاستحسنه وانعقد اإلجماع من الصحابة على جواز‬
‫المضاربة‪.‬‬
‫وقد أباح اإلسالم هذا النوع من الشركة للتيسير على الناس‪ ،‬ألنه قد يوجد العاجز‬
‫صاحب المال‪ ،‬كما يوجد من ال يحسن التصرف فى ماله‪ ،‬فهذا النوع من الشركة يتيح‬
‫استثمار األموال واستفادة الناس والمجتمع بهذا المال بدال من كنزه‪.‬‬
‫‪94‬‬
‫وهذه الشركة تشبه اإلجازة ألن حصة الربح فيها للشريك العامل مقابل العمل وشروطها‬
‫مشروعة وهى‪:‬‬
‫‪-1‬اإلشتراك فى الربح‬
‫‪-2‬التخلية بين العامل ورأس المال‬
‫‪-3‬اعتبار العامل أمينا‬
‫‪-4‬عدم التجهيل فى ربح أحد الشركاء‬
‫‪-5‬عدم التزام العامل بشىء من الخسارة أو التلف الذى البد منه‬
‫‪-6‬عدم كف العامل عن التصرف المعتاد والذى يتطلبه عرف التجارة‪.‬‬
‫قال فى المهدى‪:‬‬
‫"المضارب أمين وأجير ووكيل وشريك‪ ،‬فأمين إذا قبض المال‪ ،‬ووكيل إذا تصرف فيه‪،‬‬
‫وأجير فيما يباشر من العمل بنفسه‪ ،‬وشريك إذا ظهر فيه الربح"‪.‬‬
‫وتسمى الشركة مضاربة أخذ من قوله تعالى" وآخرون يضربون فى األرض يبتغون من‬
‫فضل هللا"‪.‬‬
‫وعقد المضاربة يكون ‪ :‬بالتوكيل‪ ,‬والقيام بالعمل واستخدام رأس المال‪ ،‬ومعلومية رأس‬
‫المال‪ ،‬ويكون رأس المال مما يتعامل فيه الناس من الصكوك المالية‪.‬‬
‫وشركة المضاربة من العقود الدائرة بين النفع والضرر كسائر أنواع الشركة‪ ،‬وهى‬
‫تنقسم إلى قسمين ‪ :‬مطلقة‪ ،‬ومقيدة‪ ،‬فالمضاربة المطلقة هى التى ال تتقيد بزمان وال مكان‬
‫والنوع تجارة‪ ،‬وال تعيين من يعامله المضارب وال بأى قيد كان‪.‬‬
‫والمضاربة المقيدة هى ما قيده بعد ذلك أو كله‪.‬‬
‫والبد أن يسلم رب المال مال المضاربة إلى العامل حتى يتمكن من التصرف ولو عمل‬
‫رب رأس المال مع المضارب فسدت المضاربة ألن ذلك مخل بالتسليم‪.‬‬
‫ويشترط أن يكون رأس المال معلوما وذلك منعا للمنازعة‪ ،‬ومعلوميته تكون ما ببيان‬
‫قدره ووصفه ونوعه وإما باإلشارة إليه‪.‬‬
‫‪95‬‬
‫ويشترط أن تكون حصة كل من العاقدين جزءا شائعا من الربح كالنصف أو الثلث أو‬
‫الربع ألحدهما والباقى لآلخر‪ ،‬فإن كان الشرط ألحدهما مقدارا معينا فسدت المضاربة‬
‫الحتمال أن الربح ال يأتى زائدا على ذلك المقدار المعين فتنقطع بذلك الشركة فيه‬
‫فيفوت الغرض من المضاربة والقاعدة هى أن كل شرط يوجب قطع الشركة فى الربح‪،‬‬
‫أو يوجب الجهالة فيه‪ ،‬فإنه يفسد المضاربة‪ .‬وال نصيب للمضاربة إال من الربح فقط‪،‬‬
‫فلوشرط له شىء من رأس المال أو منه ومن الربح فسدت المضاربة‪ ،‬واشتراط الخسارة‬
‫على المضارب باطل‪ ،‬وذلك ألن الخسران هو هالك جزء من رأس المال فال يجوز أن‬
‫يلزم به غير مالك المال‪ ،‬والمضارب أمين رأس المال فهو وكيل عن رب المال‪ .‬وإن‬
‫ربحت المضاربة كان شريكا لرب المال فى الربح‪ ،‬وسبب استحقاق المضارب لحصته‬
‫من الربح فى المضاربة الصحيحة هوعمله فيعطى الربح فى مقابل ما بذله من السعى‬
‫والعمل‪ ،‬ورب المال يستحق نصيبه من الربح بسبب ماله‪.‬‬
‫نستخلص مما سبق أن شركة المضاربة أو القراض جائزة شرعا كما أن اإلسالم منذ‬
‫بدايته أقرها‪ ...‬كما أقرها الرسول الكريم والصحابة أيضا‪.‬‬
‫وهذه الشركة تشبه شركة التوصية البسيطة وشركة التوصية باألسهم فى الشركات‬
‫المعاصرة‪.‬‬
‫‪-6‬شركات الوجوه‪:‬‬
‫هى عبارة عن شريكان أو أكثر يشتريا بذمتيهما وبجاهيهما شيئا يشتركان فى ربحه من‬
‫غير أن يكون لها رأس مال‪ .‬على أن ما اشترياه فهو بينهما نصفين أو ثالثا أو نحو ذلك‪.‬‬
‫فيكون الملك بينهما على ما اشترطاه‪.‬‬
‫وعلى ذلك فشركة الوجوه نوعان‪:‬‬
‫(أ)أن يدفع شخص ماله إلى إثنين أو أكثر للمضاربة فيكونا شريكين فى الربح بمال‬
‫غيرهما‬
‫(ب)أن يشترك إثنان أو أكثر فيما يشتريانه من سلع وعروض بثقة التجار بهما‪ ،‬من غير‬
‫أن يكون لهما رأ س مال‪ ،‬ويكون تقسيم الربح بين الشركاء حسب ما يتفق عليه ‪ ،‬وليس‬
‫حسب قيمة مشترياتهما‪.‬‬
‫‪96‬‬
‫وصورة هذه الشركة أن يتفق جماعة‪ ،‬إثنان أو أكثر من وجوه التجار الموثوق بهم‪ ،‬أن‬
‫يشتروا سلع التجار نسيئة‪ ،‬ويقوموا ببيعها على أن يكون الربح شركة بينهم‪ ،‬وإذا شرط‬
‫التساوى فى المال كانت شركة مفاوضة‪ ،‬وأن شرط التفاوت كانت عنانا‪.‬‬
‫وسبب استحقاق الشركاء للربح فى شركة الوجوه هو الضمان‪ ،‬ويكون الضمان ثمن‬
‫المال المشترى على نس بة حصص الشركاء فيه‪ ،‬وعلى هذا تكون حصة كل واحد منهم‬
‫بقدر حصته فى المال المشترى وإذا شرط ألحدهم زيادة على حصته فى المال المشترى‬
‫كان الشرط لغوا‪ .‬ويقسم الربح عليهم بمقدار حصصهم من المال المشترى‪ ،‬وإذا خسرت‬
‫الشركة قسمت الخسارة أيضا على مقدار الحصص على النحو الذى يقسم به الربح‪.‬‬
‫وشركة الوجوه جائزة فى الشريعة اإلسالمية بشرط تحررها من الربا‪ ،‬ألن رأس مال‬
‫الشركة هو المال أو السلع التى قدمها رب المال إلى الشركاء وانتظر تصريفها حتى يرد‬
‫إليه قيمتها بغيرزيادة عليه‪.‬‬
‫وهنا نجد أن هذه الشركة قائمة بشروط معينة ومحددة ‪ ،‬والبد من توافر حسن النية‬
‫والخلق والذمة‪ ...‬الخ من تلك الشروط التى تضمن أن يعطى التجار شركاء هذه الشركة‬
‫سلعا وبضائع نسيئة وينتظروا ثمنها بعد ذلك‪ ،‬والبد لكى تكون الشركة جائزة أن تتحرر‬
‫من الربا‪ ،‬ألن شركاء هذه الشركة عندما يأخذون السلع نسيئة عليهم أن يردوا ثمنها إلى‬
‫التجار بغير زيادة أو نقصان وإال اعتبرت الشركة باطلة وفاسدة‪.‬‬
‫‪-7‬شركة المفاوضة‪:‬‬
‫وهى تفويض كل منهما إلى صاحبه شراء‪ ،‬بيعا‪ ،‬مضاربة‪ ،‬توكيال‪ ،‬وابتياعا فى الذمة‬
‫ومسافرة بالمال‪ ،‬وارتهانا‪ ،‬وضمانا ما يرى من األعمال فصحيحه‪.‬‬
‫ويرى الحنفية أن عقد الشركة إذا عقد على االشتراك فيما لكل شريك من الشركاء من‬
‫مال يصح أن يكون رأس مال للشركة‪ ،‬وهو النقود الحاضرة مع تساوى جميع الشركاء‬
‫‪97‬‬
‫فى الربح وفى رأس المال‪ ،‬وعلى أن يعمل كل شريك فى مال صاحبه مستبدا برأيه‪،‬‬
‫وكانت أموالهم التى يصح أن تكون رأس مال للشركة متساوية‪ ،‬وسميت هذه الشركة‬
‫بشركة المفاوضة‪.‬‬
‫ويشترط لهذه الشركة عند الحنفية جميع ما يشترط فى شركة التضامن والبد فيها مع‬
‫ذلك من التساوى فى رأس المال‪ ،‬وفى الربح‪ ،‬وفى القدرة على التصرف‪ ،‬ولهذا المعنى‬
‫سميت مفاوضة‪ ،‬إذ أن كل شريك فيها يفوض إلى صاحبه أن يتصرف فى جميع مال‬
‫التجارة‪ ،‬وقيل أن اشتقاق اال سم من فاض الماء إذا انتشر أو من فاض الخبز إذا استفاض‬
‫وشاع‪ ،‬وذلك النتشار هذا العقد وظهوره فى جميع التصرفات وقيل اشتقاقه من المساواه‪.‬‬
‫وتنعقد مفاوضة إذا عقدت بهذا العنوان أو بما يدل على المساواة فيما ذكر من العبارات‪،‬‬
‫وعليه إذا اختص أحد الشركاء فيها بملك مال يصح أن يكون رأس مال لشركة ال تكون‬
‫شركة مفاوضة‪.‬‬
‫وإذا عقدت الشركة على ذلك تضمنت الوكالة فيصير كل شريك وكيال عن اآلخرين فى‬
‫التصرف‪ ،‬فإذا تصرف كان تصرفه لحساب الشركاء جميعا‪ ،‬وكانت السلعة المشتراه‬
‫مثال مشتركة بينهم على التساوى‪ ،‬وكذلك يصير كل واحد كفيال عن صحبه أو‬
‫أصحابه‪ ،‬فيطالب بما يطالب به أى شريك‪ ،‬وإذا ورث أحد الشركاء ماال يصلح أن يكون‬
‫رأس لشركة أو وهب‪ .‬أو تملكه ملكا خاصا تحولت الشركة إلى شركة عنان وال تستمر‬
‫المفاوضة‪ .‬وكذلك الحكم إذا فقدت شرطا من شروطها‪.‬‬
‫ومذهب الزيدية فيها يكاد يكون كمذهب الحنفية فهم يشترطون لكى تكون الشركة‬
‫مفاوضة تساوى مال الشريكين جنسا وقدرا‪ .‬والبد فيها عندهم من خلط المالين على وجه‬
‫ال يتميز أحدهما من اآلخر‪ .‬وإال لم تصح‪ .‬وتنعقد الوكالة‪ .‬فإن لم تتوافر فيها هذه‬
‫الشروط كانت عنانا‪.‬‬
‫‪98‬‬
‫‪-8‬المشروعات العامة‪:‬‬
‫إن المشروعات العامة من حق الدولة أن تملكها إن كان فيها نفع لألفراد‪ .‬ويؤثر على‬
‫تقدم الدولة ورفاهيتها‪ .‬وهذا الحق خاص تضعه حيث تقتضى المصلحة العامة‪ .‬فهو فى‬
‫الحقيقة ملك لألمة جمعاء‪ .‬وولى األمر مسئول عن أن يضع هذا الحق فى مكانه‬
‫الضرورى‪ .‬ووفقا لما تمليه المصلحة العامة المعتبرة فى نظر الشرع‪.‬‬
‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم"الناس شركاء فى ثالث‪ :‬الماء والكأل والنار" أى أن‬
‫أسس الملكية العامة وضعها رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من قبل أن تعرف على‬
‫أساس أنها منفعة عامة لمجموع أفراد األمة بأسرها‪ .‬وبعد ذلك عرفت الدولة اإلسالمية‬
‫سواء فى عهد الرسول الكريم أو فى العهود التى تلته‪ .‬وقد تمثل ذلك مثال فى أراضى‬
‫الحمى التى كان يخصصها ولى األمر النتفاع عامة المسلمين بها‪ .‬وبذلك تعتبر أرضه‬
‫مملوكة ملكية عامة‪ .‬واألراضى الزراعية المفتوحة‪ ،‬وهى أن تبقى األرض تحت يد من‬
‫يزرعها فى مقابل خراج يؤديه للدولة‪ .‬أى أن يد من على األرض ليست يد ملك‪ ،‬ولكنها‬
‫يد اختصاص أى أنها تملك "تلك اليد" المنفعة فى نظير الخراج وال تملك الرقبة‪ ،‬وبذلك‬
‫تكون األرض لألمة أى لجماعة المسلمين‪ ،‬والمعادن والنفط ال خالف بين الفقهاء فى‬
‫أنها وما يأخذ حكمها إن ظهرت فى أرض ليست مملوكة ألحد تكون ملكا للدولة أى‬
‫تدخل فى ملكية األمة العامة‪.‬‬
‫وهذه الملكيات جميعها مقيدة فى اإلسالم بالقيود التى يفرضها عليها الشرع‪ .‬وال يصح‬
‫أن تطلق فيها الحرية لالفراد أو للجماعات فى أن يتصرفوا فيها إال بإذن من له الحق فى‬
‫ذلك وبما يتفق ونظرة الشرع لها‪.‬‬
‫وكذلك ألولياء األمر فى الدولة اإلسالمية أن يوسعوا أو يضيقوا من نطاق الملكية العامة‬
‫حسبما تقتضيه المصلحة العامة ومصلحة الجماعة‪ .‬وبناء على ذلك فقد يرى أولياء األمر‬
‫أن تلتزم الدولة بالقيام بنشاط اقتصادى معين إذا عجز األفراد عن القيام به كالصناعات‬
‫الثقيلة‪ ،‬ومد خطوط السكك الحديدية ومشروعات الخدمات مثال‪ ،‬وإذا كان األفراد‬
‫‪99‬‬
‫عازفين عن القيام بمثل هذا النشاط لكثرة تكاليفه وقلة أرباحه كاستصالح األراضى‬
‫البور مثال‪ .‬أو إذا كانت هناك خشية من أن يؤدى ترك هذا النشاط لألفراد إلى اإلنحراف‬
‫أو التقصير‪ ،‬مع ما لهذا من أهمية كاستغالل المدارس الخاصة والمستشفيات الخاصة‪.‬‬
‫من ذلك نر ى أن الملكية العامة شأنها شأن الملكية الخاصة مقيدة وليست مطلقة‪ ،‬هذا من‬
‫ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى نرى أن اإلسالم عندما أجاز الملكية العامة وضع لها حدودا‬
‫معينة ال تتجاوزها واشترط لها شروط معينة‪.‬‬
‫والدولة عندما تملك مشروعا سواء عن طريق التأميم " أجاز بعض الفقهاء تدخل الدولة‬
‫فى النشاط االقتصادى سواء بالتأميم أو بإنشاء مشروعات" أو عن طريق إنشاء‬
‫المشروع مباشرة‪ ،‬فإن رأس مال المشروع يصبح ملكية عامة‪ ،‬بمعنى أن الدولة تسهم‬
‫فى رأس المال فى المشروعات المؤممة وفى المشروعات التى تنشئها بنفسها تدفع رأس‬
‫مالها بالكامل‪ ،‬أى أن تمويل المشروعات العامة يكون عن طريق الدولة مباشرة‪ ،‬ال دخل‬
‫لألفراد فيه ‪ ،‬فالدولة هى صاحبة رأس المال‪ ،‬وهى تدير هذه المشروعات لمصلحة‬
‫جموع الشعب ولصالح أفراد األمة جمعاء‪.‬‬
‫والمشروعات العامة فى اإلسالم تشبه المشروعات العامة المعاصرة إلى حد بعيد‪ .‬والتى‬
‫تقيمها الدولة من أجل رفاهية األفراد وتقدم المجتمع‪.‬‬
‫مثل الصناعات الثقيلة ومشروعات الخدمات‪ ......‬الخ وهذا يدخل ضمن نطاق الملكية‬
‫العامة فى اإلسالم‪ ،‬والتى لولى األمر الحق فى توسيعها وتضييقها حسبما تقتضيه‬
‫مصلحة األمة وحسب حدود الشرع التى وضعت لحماية أمن المجتمع‪.‬‬
‫بعد هذا العرض ألشكال المشروعات وشرح تفاصيلها ومدى أجازتها ورأى اإلسالم‬
‫والفقهاء فى تلك المشروعات سواء من ناحية تأسيسها واالشتراك فيها وكيفية تقسيم‬
‫األرباح وتحمل الخسائر‪ ....‬الخ‬
‫بعد ذلك أنتقل إلى المبحث الثانى وفيه أتناول اإلدارة المالية فى المشروعات اإلسالمية‬
‫من حيث مفهومها‪ ،‬أهدافها‪ ،‬ووظائفها‪.‬‬
‫‪100‬‬
‫المبحث الثانى‬
‫اإلدارة المالية فى المشروعات اإلسالمية‬
‫فى المبحث السابق قمت باستعراض أشكال المشروعات التى أقيمت فى العصور‬
‫اإلسالمية‪ .‬والتى أقرها الفقهاء فى ضوء الشريعة اإلسالمية والتى يصح أن تكون‬
‫مشروعات صالحة من وجهة نظر الشريعة‪ .‬ولقد رأينا أنها مشروعات صالحة لعصرنا‬
‫الحاضر وبالفعل توجد مشروعات منها مطبقة فى العصر الحاضر مثل المشروع‬
‫الفردى‪ ،‬المشروعات العامة‪ ،‬شركات األموال "العنان" إلخ ولكن هذه المشروعات لكى‬
‫تقوم وتقف على أقدامها البد لها من التمويل سواء كان تمويلها نقديا أو تمويلها رأسماليا‬
‫"اآلالت مثال" بالتعبير العصرى‪ .‬ومما ال شك فيه لكى تستطيع هذه المشروعات أن‬
‫تستخدم هذا التمويل لكى تنمو وتتوسع كان ال بد من وجود إدارة سليمة جيدة إلدارة هذا‬
‫التمويل‪ .‬وهى ما تسمى باإلدارة المالية‪.‬‬
‫ولما هو معروف أن للمال سلطان‪ ،‬وأيضا له منافعه ووظائفه العديدة لذلك حرص‬
‫المشرع على أن يضع الحدود التى تنظم حركة األموال هذه داخل المجتمع نفسه وبين‬
‫األفراد بعضهم البعض‪ ،‬لذلك نرى العديد من اآليات القرآنية تناولت طرق صرف المال‬
‫وتنميته وإنفاقه‪ ....‬إلخ كما نرى أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من خالل أحاديثه‬
‫وضع أسس استخدام األموال اإلستخدام الذى يضع المال داخل إطاره الصحيح بحيث‬
‫يؤدى وظائفه النافعة‪ ،‬ويبعده عن أن يؤدى وظائف ضارة غير نافعة لألفراد‪.‬‬
‫لذلك كان البد عند تناول موضوع اإلدارة المالية للمشروعات فى اإلسالم أن أتناول عدة‬
‫موضوعات وهى‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬دور المال وأهميته‪ ،‬ومفهوم اإلدارة المالية فى اإلسالم‬
‫ثانيا‪( :‬أ)أهداف اإلدارة المالية فى اإلسالم‬
‫‪101‬‬
‫(ب)وظائف اإلدارة المالية فى اإلسالم‬
‫أوال‪ :‬دور المال وأهميته‪ ،‬ومفهوم اإلدارة المالية فى اإلسالم‪:‬‬
‫اإلسالم عقيدة ونظام‪ ،‬والعقيدة جوهرها توحيد هللا ‪ ،‬وعبادته‪ ،‬والنظام أساسه سعادة‬
‫المجتمع وتكافله بما يحفظ حق الفرد‪ ،‬وال يتعارض مع مصلحة المجتمع‪ ،‬ومن المعروف‬
‫فى اإلسالم أن شرع هللا يكون دائما حيث تكون المصلحة العامة‪ ،‬فالمادة ليست كما هو‬
‫الحال فى األنظمة الرأسمالية‪ ،‬حيث يتسلط الفرد على المجتمع‪ ،‬وليست سببا وحيدا‬
‫لتفسير األحداث كما هو الحال فى األنظمة اإلشتراكية العلمية‪ ،‬حيث يطغى المجتمع أو‬
‫بعض فئاته على الفرد‪.‬‬
‫لذلك كانت نظرة اإلسالم إلى المال على أنه وسيلة وليس غاية‪ ،‬وأنه خير إذا جاء من‬
‫حله ووضع فى محله‪ ،‬واإلسالم فى نظرته إلى المال ينظر إليه نظرة تقدير وتكريم‪ ،‬ألن‬
‫هللا سبحانه وتعالى يجعل المال ماله ‪ ،‬ويريد من يؤتيه سبحانه وتعالى هذا المال أن ينفقه‬
‫فى سبيله تعالى‪ ،‬ألنه مستخلف فيه‪،‬وليس ملكا مطلقا له‪.‬‬
‫قالى تعالى "وانفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه"‬
‫كما قال وعز من قائل " وآتوهم من مال هللا الذى آتاكم"‪.‬‬
‫وأحد طرق كسب المال هى بعمل وجهد وسعى اإلنسان‪ ،‬ولذلك فإن هللا يعتبر هذا المال‬
‫فضال منه سبحانه وتعالى‪ ،‬ويدعو الناس إلى إبتغاء فضله من خالل العمل الشريف‬
‫والكسب الحالل‪.‬‬
‫هذه هى نظرة اإلسالم إلى المال‪ ،‬ومن ذلك نتبين أهمية المال ومدى ثقله فى أى مجتمع‪،‬‬
‫ومدى تأثيره على األفراد وعلى حياتهم‪.‬‬
‫والمال فى اإلسالم هو ما انتفعت به ونفعت‪ ..‬وال يتحقق ذلك إال فى إنفاقه فى السبل‬
‫المشروعة ودورانه بين الناس‪.‬‬
‫واإلسالم يوصى بتحريك المال ودورانه‪ ،‬فالكنز تجميد للمال وحجب لنفعه‪ ،‬وقد قال‬
‫الرسول الكريم صلى هللا عليه وسلم "اتجروا فى أموال اليتامى حتى ال تأكلها الزكاة"‪.‬‬
‫‪102‬‬
‫وإذا كان عندك فضل من المال يزيد عن حاجتك فال تحسبه فى الصناديق ففى حبسه‬
‫حبس للفائدة عن المجتمع‪ ،‬اشتغل وأربح وأعط حق هللا فيما تربح‪ ،‬وشغل الناس‪ ،‬هذه‬
‫هى الغاية من المال‪ ،‬الدوران بما ينفع الناس ويحرك دورة المجتمع االقتصادية‪ ،‬ومن ثم‬
‫الدورة االجتماعية التى تحقق الرفاهية وتنشر الطمأنينة‪.‬‬
‫وفى هذا الصدد يقول الرسول صلى هللا عليه وسلم ‪ :‬يقول العبد‪ :‬مالى مالى‪ ،‬وأنا له من‬
‫ماله ثالث‪ :‬ما أكل فأفنى‪ ،‬أو لبس فأبلى‪ ،‬أو أعطى فأقنى‪ .‬ما سوى ذلك فهو ذاهب‬
‫وتاركه للناس"‪.‬‬
‫وقال عليه الصالة والسالم فى حديث آخر‪:‬‬
‫"إياكم ماله وأرثه أحب إليه من ماله‪ ،‬قالو‪ :‬يارسول هللا ما منا من أحد إال ماله أحب إليه‪.‬‬
‫قال‪ :‬فإن ماله ما قدم‪ .‬وماله وأرثه ماآخر"‪.‬‬
‫وعنه صلى هللا عليه وسلم أيضا‪:‬‬
‫"إن العبد إذا مات قال الناص ما خلف وقالت المالئكة ما قدم"‪.‬‬
‫فهذا المفهوم الذى يشير إليه النبى صلى هللا عليه وسلم يستفاد من الحض على اإلنفاق‬
‫وبذل المال فى الحياة الدنيا‪ .‬ألن هذا اإلنفاق وهذا الدوران هو الذى يجعل المنفق‬
‫مستخلفا فى المال‪ .‬ويتحقق استخالفه فيه عند استفادته منه إبان حياته‪ ،‬أما الذى يحتفظ‬
‫بماله جامدا وال ينفقه فى حياته الدنيا‪ .‬فسوف يذهب ويتركه لغيره‪.‬‬
‫والمال عند ما يخرج إلى التداول يحافظ على قيمته وتنتقل هذه القيمة بالتداول من يد إلى‬
‫يد أخرى فتتحقق الفائدة منه‪ ،‬لدى كل من وصل إليه حتى يحجبه أحدهم من التداول‬
‫فتتوقف دورته ويتوقف نفعه‪.‬‬
‫قالى تعالى " والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما‪.‬‬
‫وقال تعالى" والتسرفوا أنه ال يحب المسرفين"‪.‬‬
‫قال تعالى " وال تبذروا تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه‬
‫كفورا"‪.‬‬
‫‪103‬‬
‫وقال جل شأنه "والذين يكنزون الذهب والفضة وال ينفقونها فى سبيل هللا فبشرهم بعذاب‬
‫أليم‪ .‬يوم يحمى عليها فى نار جهنم فتكوى بها جباهم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم‬
‫ألنفسكم فذقوا ما كنتم تكنزون"‪.‬‬
‫وقال سبحانه "لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه هللا اليكلف‬
‫هللا نفسا إال ما آتاها سيجعل هللا بعد عسر يسرا"‪.‬‬
‫مما سبق نتبين أن اإلسالم حرص على أن يبين أهمية المال‪ ،‬وبجانب هذا لم يجعله هدفا‪،‬‬
‫وغاية فى ذاته‪ ،‬بل جعله وسيلة‪ ،‬ثم ذكر طرق إنفاقه وذم البخل والكنز واإلسراف‪،‬‬
‫ومدح التوسط فى اإلنفاق لكى ينتفع المجتمع وتتحقق الفائدة من تداول المال لألفراد‬
‫والمجتمع‪.‬‬
‫واإلدارة المالية بعد ذلك بمفهمومها العام‪ :‬هى الوظيفة اإلدارية التى تتعلق بتنظيم حركة‬
‫األموال الالزمة لتحقيق أهداف معينة بأقصى كفاية فى حدود االمكانيات المتاحة‪.‬‬
‫هذا هو التعريف العصرى لالدارة المالية‪ ..‬وهللا سبحانه وتعالى عندما ذكر عدم‬
‫االسراف‪ ،‬وعدم الكنز‪ ،‬وحث على االنفاق فى مختلف نواحى الحياة كان سبحانه يشير‬
‫بالفعل إلى ما تضمنه هذا التعريف‪.‬‬
‫فكأنه سبحانه وتعالى يقول يابنى آدم نظموا حركة األموال سواء فى التجارة‪ ،‬أو فى‬
‫المشروعات‪ .....‬وتنظيم حركة األموال وعدم التبذير ووعدم االسراف والكنز‪،‬‬
‫واالسراع إلى اإلنفاق الذى يخضع لنواهى هللا وأوامره‪ ...‬وهذا التنظيم بالقطع سوف‬
‫يؤدى إلى تحقيق األهداف المعينة بأقصى كفاية ممكنة فى إطار هذا التنظيم‪ ،‬وفى إطار‬
‫التخطيط الجيد‪ ،‬وفى إطار التنفيذ الدقيق‪ ،‬وتحت إشراف الرقابة الواعية‪ ،‬وفى حدود‬
‫االمكانيات التى يتيحها المجتمع والموارد الموجودة‪.‬‬
‫لذلك قال هللا تعالى‪:‬‬
‫"والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما"‪.‬‬
‫‪104‬‬
‫فمما الشك فيه أن الهدف والقصد من هذه اآلية الكريمة أن يكون اإلنفاق فى حدود‬
‫محددة‪ ،‬ومن أجل تنظيم حركة األموال‪ ،‬وذلك يهدف إلى تحقيق األهداف المعينة‪،‬‬
‫بأقصى الكفاية بدون إسراف أوتقتير‪ ،‬أى فى الحدود المثلى فى حدود اإلمكانيات المتاحة‬
‫من إمكانيات طبيعية ورأس مال وإدارة‪.‬‬
‫من هذا نرى أن مفهوم اإلدارة فى اإلسالم هو السعى إلى تنظيم حركة انفاق من المال‬
‫بحيث ينفق المال من حله وفى محله لتحقيق أهداف المجتمع بأقصى كفاية‪.‬‬
‫لذلك كانت وظيفة اإلدارة المالية تشمل إدارة المال من ناحيتين‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الحصول على المال من مصادره المشروعة (الموارد)‬
‫ثانيا‪ :‬إنفاق المال بما يحقق أهداف المشروع المشروعة (المصارف)‬
‫وأحاديث الرسول صلى هللا عليه وسلم التى سبق أن ذكرتها توضح ما سبق أن قلته‪،‬‬
‫وهو تنظيم حركة األموال لتحقيق األهداف المعينة بأقصى كفاية ممكنة‪...‬‬
‫وهذه األحاديث تشير إلى أنه على بنى آدم أن ينتفع بماله فى حدود الشرع‪ ،‬فى حدود‬
‫أوامر هللا ونواهيه‪ ،‬وهذا ما تؤكده أحاديث الرسول الكريم صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫وبعد هذا العرض للمال فى اإلسالم ومفهوم اإلدارة المالية فى اإلسالم أيضا‪..‬أنتقل إلى‬
‫نقطة أخرى‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهداف ووظائف اإلدارة المالية فى اإلسالم‪:‬‬
‫إذ ا كان المال قوام الحياة وضرورة من ضرورياتها‪ ،‬فإن السعى لكسبه والعمل لحيازته‬
‫وتنميته واجب‪ ..‬يقول هللا تعالى‪:‬‬
‫"ياأيها الذين أمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم"‪.‬‬
‫واإلسالم حين يقرر ذلك يهتم بتنمية موارد األمة‪ ،‬ويسعى سعيا حثيثا فى إيجاد الحوافز‬
‫التى تنمى اإلنتاج وتدفعه إلى أعلى معدالته وأرفع مستوياته وال أدل على ذلك من‬
‫إعطائه المال الخاص حق المال العام فى حمايته وحفظه ووصفه بأنه قوام الحياة وبه‬
‫يقوم عمرانها‪.‬‬
‫‪105‬‬
‫ويهدف اإلسالم من دفع عجلة اإلنتاج واالستثمار إلى إيجاد الحياة الطيبة التى ينتفى منها‬
‫شبح الجوع والخوف‪ ،‬وترفرف عليها مظلة العدالة واألمن ويسودها روح التكافل‬
‫واألخاء‪ ،‬وتبادل المنافع والمصالح‪ ،‬وتختفى منها أساليب االحتكار والكنز‪ ،‬واألساليب‬
‫التى تؤدى إلى جعل األموال دولة بين األغنياء وحدهم‪ .‬وذلك وعدد هللا سبحانه وتعالى‬
‫للفرد المؤمن وللمجتمع المؤمن بقوله‪:‬‬
‫"من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم‬
‫بأحسن ما كانوا يعملون"‪.‬‬
‫واإلسالم باإلضافة إلى ذلك يدعو إلى عدم اختزان األموال واكتنازها ويدعو بشدة إلى‬
‫عدم االحتفاظ بشىء من األموال إال لحاجة ال بد منها كوفاء دين أو لوجود قصر‪ ،‬أو‬
‫لحاجات أخرى تجدر مالحظتها‪.‬‬
‫بعد هذا العرض‪ ،‬ومن خالل مفهوم اإلدارة المالية‪ ،‬نرى أنه توجد أهداف ووظائف‬
‫لالدارة لكى تحقق مفهومها وهو تنظيم حركة األموال لتحقيق األهداف المعينة بأقصى‬
‫كفاية ممكنة‪ ..‬وهذه األهداف والوظائف يمكن سردها فى اآلتى‪:‬‬
‫(أ)أن أى مشروع يقوم البد أن تكون له أهداف محددة‪ ،‬وأى مشروع داخل أى مجتمع‬
‫البد أن ينشأ لكى يحقق أهداف هذا المجتمع‪.‬‬
‫أى مشروع ال يكون له أهداف يكون غير نافع‪ ،‬أن أى مشروع ال بد أن تكون له أهداف‬
‫مسبقة وهذه األهداف قد تكون أهداف تخدم مصالح من يقومون به‪ ،‬وقد تخدم مصالح‬
‫أهالى المنطقة التى يوجد بها المشروع‪ ،‬أو أهالى المدينة أو يكون مشروع من اإلتساع‬
‫بحيث يخدم أهداف المجتمع ككل‪ ،‬ويحقق ما يريده هذا المجتمع من الرفاهية والرخاء‪..‬‬
‫وعلى كل فالمشروعات فى مجموعها وعلى وجه العموم كجزء من مجتمع قائم‬
‫وموجود‪ ،‬وهى بال شك نابعة من هذا المجتمع‪ ،‬فنتيجة لكل هذا فهى تقوم لكى تحقق‬
‫هدف أو أهداف المجتمع المقامة فيه‪ ...‬ومن خالل ذلك يحتاج أى مشروع إلى التمويل‬
‫لكى يواصل حياته وينمو‪ ،‬وكما أن المشروع يحتاج إلى التمويل فهو يحتاج لمن يدير‬
‫هذا التمويل‪ ،‬لذلك نجد أن على عاتق اإلدارة المالية ألى مشروع يقع عبء تنفيذ أهداف‬
‫‪106‬‬
‫المشرورع وبالتالى لكى تحقق اإلدارة المالية أهداف المشروع البد أن يكون لها هدفها‬
‫الخاص الذى يوصل إلى تحقيق تلك األهداف‪.‬‬
‫ومما الشك فيه أن هدف األدارة المالية هو تحقيق الربح لكى تستطيع من خالل تحقيق‬
‫األرباح أن تحقق أهداف المشروع فى التوسع والنمو ورفع مستوى المعيشة‪...‬إلخ‬
‫وفى اإلسالم تقوم اإلدارة المالية بهذا العبء الكبير آال وهو تجنب الخسارة بكل الوسائل‬
‫المتاحة المشروعة‪ ،‬وتحقيق الربح بكل الوسائل الممكنة المشروعة أيضا من أجل تحقيق‬
‫الرفاهية بالنسبة للعاملين به وأصحابه والمجتمع المقام فيه‪ ،‬وطالما سعى كل مشروع‬
‫لتحقيق ذلك تحققت بالتالى أهداف المجتمع فى التقدم والرخاء وعمارة األرض ليستحق‬
‫اإلنسان أن يكون خليفة هللا فى أرضه‪.‬‬
‫والربح أمر مشروع وأساس علمى فهو عائد استخدام رأس المال الحقيقى فى عملية‬
‫اإلنتاج بمعناه االقتصادى أى عملية خلق المنافع بعكس الفائدة التى تعتبر ثمن استخدام‬
‫رأس المال النقدى فى اإلقراض‪.‬‬
‫هذه هى وجهة النظر المعاصرة تجاه الربح‪ ،‬ولكن لنأتى لألساس الدينى فى اإلسالم‪،‬‬
‫ووجهة نظر الشريعة اإلسالمية فى الربح‪.‬‬
‫لقد أقر اإلسالم الربح وبقوله عز وجل "أولئك الذين اشتروا الضاللة بالهدى فما ربحت‬
‫تجارتهم"‪ .‬ونسبة الربح إلى التجارة فى اآلية الكريمة يفيد مشروعية الربح فى التجارة‪،‬‬
‫وهى أمر حقيقى حدثنا عنه هللا فى كثير من آياته‪ ،‬فيقول سبحانه وتعالى " إال أن تكون‬
‫تجارة عن تراض منكم"‪.‬‬
‫ويقول هللا تعالى" وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها"‪ ..‬كما يقول عز وجل‬
‫"رجال ال تلهيهم تجارة وال بيع عن ذكر هللا"‪.‬‬
‫وأن اإلسالم أقر المضاربة كشكل من أشكال المشروعات‪ ،‬ومن البديهى أن نتيجة مثل‬
‫هذه العقود إما أن تكون ربحا أو خسارة فى إقراره إقرار ضمنى بمشروعية الربح‪.‬‬
‫واإلسالم يحرم الربح غير المشروع الناتج من عمليات ال ترضى هللا سبحانه وتعالى‬
‫وتتنافى مع أحكام الش ريعة الغراء كالغش فى مواصفات السلع أو التغرير عند البيع أو‬
‫‪107‬‬
‫التالعب بالمكاييل والموازين وإقرار الربح ال يغنى تبرير األرباح االحتكارية‪ ،‬والدخول‬
‫العالية للذين يحصلون على الربح ‪ ،‬وقد هاجم اإلسالم االحتكار ولعنه وأباح لولى األمر‬
‫التدخل فى حاالت الضرورة للتسعير من أجل صالح المسلمين ليقضى على االستغالل‪.‬‬
‫تحقيق األرباح حالل بالنسبة إلى رأس المال النقدى‪ ،‬أما وقد ارتقى الفن األنتاجى وقام‬
‫التخصص الرفيع وتعددت العمليات الضرورية إلنتاج السلعة الواحدة‪ ،‬وأصبح تدخل‬
‫اإلنسان فى اإلنتاج غير مباشر أكثر وأكثر بمعنى أنه أصبح فى حاجة إلى وساطة‬
‫أآلالت معقدة‪ ،‬وأجهزة دقيقة ليتمكن بواسطتها من إدراك اإلنتاج المطلوب كما ونوعا‪..‬‬
‫فقد أصبح عليه أن يغير من تلك النظرة‪ ،‬خاصة إذا لم يتعارض مع نصوص الشريعة‬
‫ومقاصدها‪ ..‬وكان فيه تيسير على جماعة المسلمين وكسب للمجتمع المسلم‪.‬‬
‫وعلى مقتضى هذه النظرة يصبح لرأس المال العينى الحق فى المشاركة فى األرباح‬
‫على أساس اإلنتاج مثل مشاركة رأس المال النقدى فى األرباح على أساس التجارة‪.‬‬
‫وأهداف اإلدارة المالية فى اإلسالم بجانب هدفها الرئيسى وهو تحقيق الربح فإن لها‬
‫هدفان ال يجب أن تحيد عنهما‪ ،‬وهذان الهدفان هما‪:‬‬
‫‪ -1‬دائرة الحالل‪:‬‬
‫فال تتجاوزها إلى الحرام كيال تفسد الفطرة وتهلك "وهللا ال يحب المفسدين"‪.‬‬
‫‪ -2‬دائرة العدل‪:‬‬
‫فال تتجاوزها إلى الظلم والطغيان فتأكل مال الغير بغير حق"وهللا ال يحب الظالمين"‪.‬‬
‫ومن خالل هاتين الدائ تين بنظم اإلسالم اإلنتاج ويشجع االستثمار‪ ،‬ويتبع فى ذلك‬
‫خطوط عري ضة وقواعد واسعة تتسع لما يأتى به الزمان وتستحدثه جهود اإلنسان‪ ،‬لكنه‬
‫يضبط هذه القواعد وتلك الخطوط بحدود تؤكد حق الفطرة البشرية فى التملك والتعمير‬
‫شريطة أن يكون ذلك من خالل الدائرتين السابق ذكرهما‪.‬‬
‫(ب)وظائف اإلدارة المالية‪:‬‬
‫من أجل تحقيق األهداف ال بد أن تكون هناك وسائل تساعد على تحقيق هذه األهداف‪،‬‬
‫ولما كان ل ألدارة المالية أهدافا محددة وواضحة‪ ،‬كان البد من وجود وسائل لتحقيق هذه‬
‫‪108‬‬
‫األهداف‪ ،‬وهذه الوسائل تسمى الوظائف‪ ،‬وال بد أن تكون تلك الوظائف واضحة‪ ،‬محددة‬
‫تساعد اإلدارة المالية على أداء دورها وواجبها‪ ..‬ووظائف اإلدارة المالية هى‪:‬‬
‫‪-1‬التخطيط‬
‫‪-2‬تنفيذ التخطيط‬
‫‪-3‬الرقابة‬
‫هذه هى وظائف اإلدارة المالية التى أمكن استنباطها من إدارة الدولة اإلسالمية‬
‫لمشروعاتها‪ ،‬أو بيت المال‪ ..‬الخ‪ ..‬الدولة اإلسالمية فى إدارتها حققت نجاحا حاسما‪،‬‬
‫ومما الشك فيه أن نجاح الدولة فى إدارة مشروع معين بطريقة معينة ونجاحها فى ذلك‪،‬‬
‫يجعل األفراد يطبقون نفس الطريقة أو يقتبسون منها لكى يحققون نجاحا مشابها‪..‬‬
‫ولسوف استعرض وظائف اإلدارة المالية فى الدولة اإلسالمية‪ ،‬ومدى قدرتها على‬
‫تحقيق أهداف اإلدارة المالية‪.‬‬
‫‪-1‬التخطيط‪:‬‬
‫إن التخطيط كلفظ مطلق هو فى أبسط صوره ‪ ،‬البحث عن أفضل البدائل الممكنة لتحقيق‬
‫هدف معين فى مدة معينة فى حدود اإلمكانيات المتاحة‪ ،‬تحت الظروف والمالبسات‬
‫القائمة‪ ،‬ويعتبر التخطيط أهم وظائف اإلدارة‪ ،‬فالتخطيط يعنى تجميع الحقائق‬
‫والمعلومات وتحليلها ثم ترتيب خطوات العمل‪.‬‬
‫والتاريخ اإلسالمى يشتمل على العديد من صور التخطيط فى مختلف عصوره‪،‬‬
‫والتخطيط المالى فى اإلسالم عموما يهدف إلى توجيه عناية كبرى إلى اقتصاديات‬
‫المشروع حرصا على الثروات من التبديد أو الضياع ولقد تناول القرآن الكريم نفسه‬
‫التخطيط فى سورة يوسف فى اآليات من ‪ 49-43‬ففى هذه اآليات كشف يوسف عن‬
‫رؤيا المللك ومحتواها‪ ،‬ولم يكتف يوسف بتأويل الرؤيا بل رسم خطة حكيمة تقوم على‬
‫ترشيد اإلنتاج‪ ،‬والتخزين‪ ،‬واالستهالك‪ ،‬ثم بشر بعد ذلك بأنه سيأتى عام فيه خير كثير‬
‫بعد سنين العناء‪ ،‬فى هذا ما يشد عزمات الناس ويمسك بهم على طريق الصبر‪ ،‬وهى‬
‫من أصول التخطيط السليم‪.‬‬
‫‪109‬‬
‫كما أن التخطيط فى اإلسالم ينبنى على األمر بالمعروف والنهى عن المنكر "ولتكن‬
‫منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف‪ ،‬وينهون عن المنكر وأولئك هم‬
‫المفلحون"‪.‬‬
‫والتخطيط فى اإلسالم ينبنى أيضا على ترتيب أولويات المصالح الشرعية وهى‪:‬‬
‫‪-1‬الضروريات‪:‬‬
‫وهى األمور التى تتوقف عليها حياة الناس‪ ،‬وإذا اختل أمر منها أختلت حياتهما وعمها‬
‫الفوضى‪ ،‬ومرجعها إلى حفظ دينهم ونفوسهم وأموالهم وأعراضهم وعقولهم‪.‬‬
‫‪-2‬الحاجيات‪:‬‬
‫وهى األمور التى تقتضيها سهولة الحياة ويسرها‪.‬‬
‫‪-3‬التحسينات‪:‬‬
‫وهى األمور التى تجمل الحياة وتكفل العيش الرضى‪.‬‬
‫وهناك صلة وثيقة بين ترتيب أهمية وأولويات المصالح الشرعية فى اإلسالم وعن‬
‫التخطيط المعاصر‪ ،‬إن العالقة واضحة لو تذكرنا أن الخطة القومية الشاملة ليست مجرد‬
‫مجموعة أهداف يرغب تحقيقها‪ ،‬ولكن يؤخذ فى اإلعتبار أن هذه األهداف تتزاحم‬
‫وتتنافس‪ ،‬ولتحقيقها يجب أوال تحديد األهمية النسبية لكل هدف ووضع أولويات لهذه‬
‫األهداف فى تنفيذ األهم فالمهم بانتهاج الوسائل المختلفة للتنفيذ على أن يختار من بينها‬
‫أفضلها‪ ،‬وهذا هو ما تحققه المقاصد الشرعية فى اإلسالم‪ ،‬فهناك عدة أهداف ينبغى‬
‫تحقيقها ولنبدأ باألهم فالمهم‪ .‬فنبدأ أوال بتحديد الضروريات ثم يلى ذلك الحاجيات ثم‬
‫بع دها التحسينات مع اختيار أفضل الوسائل لتحقيق المصالح الشرعية‪ .‬وهكذا نجد‬
‫اإلسالم قد سبق النظم الحديثة فى وضع أسس التخطيط االقتصادى السليم‪.‬‬
‫وال شك أن أهداف التخطيط هى تجنب اإلسراف والتبديد‪ ،‬والعدالة فى توزيع الدخول‬
‫والثروات ‪ ،‬والتوفيق بين اإلدخارواالستثمار‪ ،‬ولهذا فإن التخطيط ينبنى على التعاون‪،‬‬
‫والرفاهية ولكنها ليست المادية البحتة‪ ،‬ولكنها رفاهية مبنية على السمو األخالقى‬
‫والروحى‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫وهناك أمثلة كثيرة للتخطيط فى صدر اإلسالم‪ ،‬ومنها التخطيط المالى ومن هذه األمثلة‬
‫ما وقع فى عص عمر بن الخطاب رضى هللا عنه‪ ،‬عندما أراد أن يفرض الخراج على‬
‫األرض الزراعية‪ ،‬فقد أختار عثمان ابن حنيف وبعثه ومه حذيفة بن اليمان لمسح‬
‫األرض الزراعية دقة حتى يمكن تقدير القدر من الخراج الذى تحتمله األرض‪ ،‬وكل‬
‫وحدة منها بحيث تستمر فى إنتاج ما تحتاجه البالد من حاصالت زراعية‪ ..‬فلما أنتهيا‬
‫من مسح األرض تبين لعمر رضى هللا عنه – أن األرض تتفاوت فى غالتها تبعا لنوع‬
‫ما يزرع بها‪ ،‬وتبعا لدرجة خصوبتها‪ ،‬وأوصى أن يكون الخراج متناسبا مع اإلنتاج‪..‬‬
‫وفى ذلك يقول أبو يوسف‪:‬‬
‫"فحدثنى السرى اسماعيل عن عامر الشعبى أن عمر بن الخطاب رضى هللا تعالى عنه‪.‬‬
‫مسح السواد فبلغ ستة وثالثين ألف جريب وأنه وضع على جريب الزرع درهما وقفيزا‪،‬‬
‫وعلى الكرم عشرة دراهم وعلى الرطبة خمسة دراهم"‬
‫فى موضع آخر يقول أبو يوسف بمناسبة عدالة الخراج‪:‬‬
‫"بعث عمر رضى هللا عنه حذيفة بن اليمان على ما وراء دجلة‪ ،‬وبعث عثمان بن حنيف‬
‫على مال دونه‪ ..‬فأتياه فسألهما‪ :‬كيف وضعتما على األرض لعلكما كلفتما أهل عملكما‬
‫ماال يطيقون؟ فقال حذيفة‪ :‬لقد تركت فضال وقال عثمان‪ :‬لقد تركت الضغف‪ ،‬لو شئت‬
‫ألخذته فقال عمر عند ذلك‪ :‬أما وهللا لئن بقيت ألرامل أهل العراق ألدعنهم ال يفتقرون‬
‫إلى أمير بعدى"‪.‬‬
‫إن األسلوب الذى اتبعه عمر رضى هللا عنه فى التخطيط أسلوب واع ومدروس يشمل‬
‫التخطيط القصير والطويل المدى‪ ،‬ومن ناحية أخرى يوفر أمواال للدولة‪ ،‬كما أنه يوفر‬
‫العدالة ألصحاب األرض حتى يتحملوا ما يطيقون وعلى ذلك فأن التخطيط المالى فى‬
‫اإلسالم ينبنى على‪:‬‬
‫‪-1‬تخطيط دقيق للظروف‪ ،‬والتنبؤ طبقا لمبدأ الدراسة والتحليل واالستقراء‪ ،‬وأخذ‬
‫الشواهد محل األعتبار‪ ،‬والسوابق محل االستفسار‪.‬‬
‫‪-2‬التخطيط طويل األجل حتى يكون بمثابة المؤشرات ‪ ،‬أو الدليل الذى يقود المشروع‬
‫إلى الطريق السليم‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫‪-3‬حساب االحتياجاب المستقبلة للمشروع‪ ،‬وتدبير األموال الالزمة لتوفير هذه‬
‫االحتياجات‪.‬‬
‫‪ -3‬تنفيذ التخطيط‪:‬‬
‫بع د وضع الخطة يأتى وضعها فى المحل الرئيسى لها أال وهو تنفيذ التخطيط‪،‬‬
‫وتنفيذ التخطيط فى اإلسالم يعتمد على المشاركة والتعاون‪.‬‬
‫وفى اإلسالم أمثلة عديدة لتنفيذ التخطيط أذكر منها تعيين عمر بن الخطاب‬
‫رضى هللا عنه الوالة والقضاة بنفسه كال فيما يخصه حتى يصبح التنفيذ سهال‬
‫ودقيقا وناحجا‪.‬‬
‫وقد بعث عمر بن الخطاب رضى هللا عنه – إلى السواد – عمار بن ياسر على‬
‫الصالة والحرب‪ ،‬وبعث عبدهللا بن مسعود على القضاء وبيت المال‪ ،‬وبعث‬
‫عثمان بن حنيف على مساحة األرضين‪ ...‬وقال لهم‪:‬‬
‫"إنى أنزلت نفسى وإياكم من هذا المال"مال الدولة" بمنزلة والى اليتيم فإن هللا‬
‫تبارك وتعالى قال"ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف"‪.‬‬
‫ومن ذلك يتضح أن عمر – رضى هللا عنه – وضع كل مسئول فيما يخصه حتى‬
‫يضمن سالمة التنفيذ وتحديد المسئولية‪.‬‬
‫وفى عهد عمر رضى هللا عنه كانت األموال كثيرة‪ ..‬ولذلك أنشأ عمر بن‬
‫الخ طاب الديوان لكى يسهل جمع األموال وتوزيعها وقد ذكر أبو عبيد أنه "لما‬
‫دون عمر الديوان قال ‪ :‬بمن نبدأ‪ ،‬قالوا ‪ :‬بنفسك فأبدأ‪ ،‬قال‪ :‬ال إن رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬أمامنا فبرهطه نبدأ‪ ،‬ثم باألقرب فاألقرب"‪.‬‬
‫وهذا يوضح أن تحديد األعطية لكل فرد فى المجتمع كان يستهدف‪:‬‬
‫‪ -1‬توفير نظام ثابت لألموال إلى أين تصرف وإلى من‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون التخطيط والتنفيذ سليمان فيقتطع جزء لألعطيات (المرتبات) والباقى‬
‫يصرف على مشروعات الدولة‪.‬‬
‫‪112‬‬
‫‪ -3‬توفير االستقرار واألمان لكل فرد فى الدولة لكى يعمل فى هدوء واستقرار‪.‬‬
‫فى عهد الدولة األموية والدولة العباسية تعددت الدواوين‪ ،‬وأصبح هناك ديوان للمال‪،‬‬
‫والقضاء‪ ،‬والحرب‪ ....‬الخ وكان على رأس هؤالء وزير الخليفة‪ ...‬لضمان التنفيذ السليم‬
‫للتخطيط الموضوع من قبل‪ ،‬وليكون التنفيذ موكوال إلى كل فيما يخصه‪.‬‬
‫‪-3‬الرقابة‪:‬‬
‫الرقابة بمفهومها العام هى عملية متابعة دائمة ومستمرة تقوم بها اإلدارة بنفسها‪،‬‬
‫أوبتكليف غيرها للتأكد من أن ما يجرى عليه العمل داخل الوحدة اإلدارية واإلقتصادية‬
‫وفقا للخطط الموضوعة والسياسات المرسومةوالبرامج المعدة‪ ،‬وفى حدود القواعد‬
‫والتعليمات المعمول بها لتحقيق أهداف معينة‪.‬‬
‫وعلى هذا كان الخلفاء فى الدولة اإلسالمية يعينون والء كل ديوان حتى يضمنوا رقابة‬
‫فعالة حقيقية‪ ...‬وفى هذا يقول أبو يوسف‪:‬ط‪":‬أما العشور فرأيت أن توليها قوما من أهل‬
‫الصالح والدين وتأمرهم أن ال يتعدوا على الناس فيما يعاملونهم فال يظلموهم وال يأخذوا‬
‫منهم أكثر مما يجب عليهم وأن يمثلوا ما رسمناه لهم‪ ،‬ثم نتفقد بعد أمرهم وما يعاملون به‬
‫من يمر بهم وهل تجاوزون ما قد أمروا به؟ فأن كانوا قد إنتهوا إلى ما أمروا به وتجنبوا‬
‫ظلم المسلم والمعاهد أثبتهم على ذلك األمر وأحسنت إليهم ؟ فإنك متى أثبت على حسن‬
‫السيرة واألمانة وعاقبت على الظلم والتعدى لما تأمر به فى الرعية يزيد المحسن فى‬
‫إحسانه ونصحه وارتدع الظالم عن معاودة الظلم والتعدى"‪.‬‬
‫ولقد أشار أبو يوسف على أمير المؤمنين هارون الرشيد أن يولى الديوان أهل الصالح‪،‬‬
‫وأن يسيروا حسبما رسم لهم‪ ،‬وأن يراقبهم فأن الرقابة تستهدف متابعة العمل والتأكد من‬
‫أن ما يجرى عليه العمل يسير فى مساره الطبيعى والكشف عن األخطاء واالنحرافات‬
‫وتصحيحها‪ ،‬وتحديد المسئولية عند الخطأ ويعاقب المسئول ويعزل‪ ،‬أما إذا أحسنوا‬
‫وساروا على السيرة ظلوا على عملهم‪ ....‬والرقابة فى هذا عمليةدائمة تبدأ مع كل عمل‬
‫وتستمر معه وال تتوقف وال تنتهى‪ ،‬وهى ليست عملية متخصصة بقوم بها أجهزة‬
‫متفرغة لها وتنفرد بها‪ ،‬وعلى هذا فإنه يجب أن من يقوم بعمل يجب أن يكون أهل للثقة‬
‫والخبرة وأن يراقب فأذا أخطأ حاسبه المسئول أو الرئيس المباشر‪ ،‬وإذا أحسن وأدى‬
‫عمله‪ ،‬يجب أن يجازى بالحسنى‪ ،‬وعلى ذلك فإن الرقابة بعذ ذلك تكون سهلة وتؤدى إلى‬
‫أحسن النتائج‪.‬‬
‫‪113‬‬
‫وعلى ذلك فليس حتما أن يحمل مفهوم الرقابة ممارسة ضغوط معينة للكشف عن‬
‫اإلنحراف‪ ،‬بقدر ما ينبغى أن تكون الرقابة مجرد قياس لالنحرافات وتصحيحها‪ ،‬ولذلك‬
‫كانت الرقاب الذاتية أفضل أنواع الرقابة ينتفى معها أى مؤثر أو ضغط‪.‬فانفرد أقدر على‬
‫تفهم واجباته وتحديد موقفه من كل عمل‪.‬‬
‫يقول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا"‪.‬‬
‫ومن ذلك أيضا نستخلص من حديث الرسول الكريم بخالف الرقابة الخارجية‪ ،‬فإنه ال بد‬
‫من وجود رقابة ذاتية تنبع من داخل اإلنسان‪ ،‬رقابة الضمير نفسه على عمل اإلنسان‬
‫قبل أن يحاسبه غيره‪.‬‬
‫والرقابة هى الوسيلة لتطويع األفراد‪ ،‬ويبدو أثر الرقابة ومدى فاعليتها فى تحقيق أهدافها‬
‫وأهمها تحديد األداء‪ ،‬لذلك كانت الرقابة داخل المشروعات بهذه الطريقة‪ ..‬رقابة ذاتية‬
‫من األفراد ألنفسهم‪ ،‬ومن أصحاب المشروع بعضهم لبعض حتى يكون هناك توازن‪،‬‬
‫بحيث لو أخطأ أحد تنبه إليه الباقين وهبو لتالشى الخطأ وعملوا على إصالحه‪ ،‬وقد‬
‫رسخ القرآن الكريم فى القلوب والنفوس ما يبعد األفراد عن اإلنحراف ألن هللا تعالى هو‬
‫الرقيب‪.‬‬
‫ومما الشك فيه أن المشروعات القائمة فى اإلسالم‪ ،‬كانت تقام داخل إطار السوق‪ ،‬الذى‬
‫أشار إليه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فى أمره إلى الناس أن يضربوا ألنفسهم سوقا‬
‫يتعاملون فيه‪ ،‬وعن النهى عن تلقى الركبان خارج السوق‪ ...‬إلخ‪ ...‬من هذه اإلرشادات‪.‬‬
‫ولقد كان هناك رقيب لألسواق وهو المحتسب‪ ،‬وكان بمثابة الرقيب على تنفيذ أوامر‬
‫ونواهى الشريعة‪ ،‬بحيث إذا انحرف واحد كان العقاب المناسب على قدر الخطأ حتى‬
‫يكون عبرة لغيره‪ ،‬ويكون عظة له‪.‬‬
‫والمحتسب هو الذى يقوم باألمر بالمعروف إذا أظهر تركه‪ ،‬والنهى عن المنكر إذا أظهر‬
‫فعله ‪ ،‬والمعروف هو كل قول أو قصد حسنه الشارع وأمر به؛ والمنكر هو كل قول أو‬
‫فعل أو قصد قبحه الشارع ونهى عنه‪.‬‬
‫والحاكم له والية الحسبة ألنها من الواليات العامة‪ ،‬وللحاكم أن يعهد بمهمة والية الحسبة‬
‫إلى من يقوم بها على خير وجه‪ ،‬والمحتسب فى األسواق هو الذى يقوم بمراقبة حركة‬
‫‪114‬‬
‫البيع والشراء‪ ،‬والكيل والميزان‪ ،‬والتسعير والتالعب‪ ،‬واالحتكار‪ ،‬والغش‪ ،‬وتنفيذ‬
‫العقود‪ ،‬والمعامالت‪ ،‬والوفاء بالدين؛ والتأخر فى أداء الديون‪.‬‬
‫ورقيب األسواق فى اإلسالم نظام فريد فى نوعه يحكم الرقابة على األسواق بحيث تسير‬
‫السير الصحيح؛ وال تخرج عن أهدافها فى توفير السلع واإلرتقاء بالمجتمع وتحقيق‬
‫الرفاهية والرخاء‪.‬‬
‫بعد العرض السابق لدور المال ومفهوم اإلدارة المالية فى اإلسالم‪ ،‬وأهداف وظروف‬
‫اإلدارة المالية فى اإلسالم أيضا‪.‬‬
‫أنتقل إلى الفصل الرابع واألخير وهو يبحث فى طريق إسالمى ألدوات ومصادر تمويل‬
‫المشروعات‪.‬‬
‫‪115‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫تمويل المشروعات فى ظل اإلسالم‬
‫فى الباب الثانى من هذا البحث قمت بإستعراض أشكال المشروعات فى ظل اإلسالم‪،‬‬
‫ومدى جوازها‪ ،‬وموقف الشريعة اإلسالمية منها‪.‬‬
‫ثم قمت بشرح وتعريف اإلدارة المالية اإلسالمية‪ ،‬ومفهومها ‪ ،‬ووظائفها وأهدافها‪.‬‬
‫وبعد‪ ...‬ففى هذا الفصل وهو فصل الختام‪ ،‬وهو يحوى ما أهدف إليه من هذا البحث ‪..‬‬
‫ويحتوى على ‪:‬‬
‫‪-1‬المبحث األول‪ :‬أدوات التمويل سواء البنوك أو التأمين أو البورصات سواء من ناحية‬
‫عملها فى الوقت الحالى‪ ،‬وموقف الشريعة من عملها هذا‪ ،‬وما البديل اإلسالمى إذا كانت‬
‫ال تتمشى مع الشريعة‪.‬‬
‫‪-2‬المبحث الثانى‪ :‬مصادر التمويل وسيكون البحث فيها يتناول مدى مسايرة هذه‬
‫المصادر للشريعة اإلسالمية من عدمه‪ ،‬ثم أقترح البدائل وأتمنى أن أصل إلى ما أهدف‬
‫إليه‪ ،‬وأن يصل ما أستعرضه سهال إلى الجميع‪.‬‬
‫\‬
‫‪116‬‬
‫المبحث األول‬
‫طريق إسالمى ألدوات تمويل المشروعات‬
‫فى هذا المبحث سوف أتناول البديل اإلسالمى لتمويل المشروعات‪ ،‬وهذا البديل سوف‬
‫يقتصر على أدوات التمويل التى تناولتها من قبل‪ ،‬وسوف أتناول كل أداة على حده سواء‬
‫من ناحية عملها‪ ،‬ووظائفها‪ ،‬ومدى اتفاقها مع روح الشريعة اإلسالمية‪ ،‬فإذا كانت تتفق‬
‫مع روح الشريعة كانت هذه األداة إسالمية‪.‬‬
‫أما إذا كان هناك اختالف ‪ ..‬فلسوف أبحث عن الحل اإلسالمى من خالل العصور‬
‫اإلسالمية سواء فى عهد الرسول صلى هللا عليه وسلم أو الخلفاء الراشدين أو عصر‬
‫الدول األموية‪ ،‬أو الدولة العباسية األولى‪ ،‬وهى فترة ازدهار الدولة اإلسالمية‪ ،‬بحيث‬
‫يتناسب من ناحية مع روح المجتمع المعاصر‪ ،‬وفى الوقت نفسه يتمشى مع روح‬
‫الشريعة اإلسالمية من ناحية أخرى‪.‬‬
‫والبحث فى هذا المبحث سوف يتناول بطبيعة الحال نفس أدوات التمويل التى سبق أن‬
‫قمت بتناولها فقط من ناحية إسالمية وهى‪:‬‬
‫أوال – المصارف‬
‫ثانيا – شركات التأمين‬
‫ثالثا – البوصات (األسواق)‬
‫واآلن أنتقل إلى تناول كل أداة من تلك األدوات ‪ ...‬كل على حدة‪.‬‬
‫أوال – المصارف‪:‬‬
‫إن البنوك تلعب دورا هاما فى حياتنا وحياة األمم والحياة األقتصادية بصفة خاصة‪ ،‬وال‬
‫شك أن المصرف جهاز يسدى إلى الجمهور خدمات مختلفة سواء كان هذا مصرفا‬
‫صناعيا أو تجاريا أو زراعيا‪ ....‬إلخ‬
‫‪117‬‬
‫وسوف أستعرض هنا عدة نقاط وهى على التوالى‪:‬‬
‫‪-1‬نظرية الربا المحرم‬
‫‪-2‬البديل اإلسالمى‬
‫(أ)عمل البنوك الحالية‬
‫(ب)المصارف اإلسالمية‬
‫‪ -1‬نظرية الربا المحرم‪:‬‬
‫الربا معناه فى اللغة الزيادة مطلقا سواء للشىء فى نفسه أم بالنسبة إلى سواه قال‬
‫تعالى"فأذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت" أى علت وأرتفعت وعلو األرض وأرتفاعها‬
‫لها فى ذاتها‪.‬‬
‫وفى لسان الشريعة‪ ،‬وفى لغة المعامالت ‪ :‬هو عملية دين يؤدى عنه مال زيادة على‬
‫أصل الدين فى مقابل المدة التى يظل فيها الدين فى ذمة المدين‪ ،‬وذلك هو أصل الربا؛‬
‫وهو الذى أدركه اإلسالم عند عرب الجاهلية؛ وشهد آثاره السيئة فى المجتمع العربى‪.‬‬
‫وعندما نزلت شريعة اإلسالم على محمد صلى هللا عليه وسلم أعلنت نصوصها حربا ال‬
‫هوادة فيها على الربا وآكليه‪ ..‬قال تعالى " يأيها الذين آمنوا اتقوا هللا وذروا ما بقى من‬
‫الربا إن كنتم مؤمنين‪ ،‬فاذا لم تفعلوا فأذنوا بحرب من هللا ورسوله‪ :‬وإن تبتم فلكم رؤوس‬
‫أموالكم ال تظلمون وال تظلمون"‪.‬‬
‫ولقد امتدت هذه الحرب إلى كل من شارك ويشارك فى عقد من عقود الربا حتى لو كان‬
‫كاتبا أو شاهدا‪ .‬قال جابر رضى هللا عنه عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ .‬لعن رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهده‪ ،‬وقال‪ :‬هم سواء‪.‬‬
‫‪118‬‬
‫والربا نوعان ‪ :‬جلى وخفى‬
‫فالجلى حرم لما فيه من الضرر العظيم‪.‬‬
‫والخفى حرم ألنه ذريعة إلى الجلى‪.‬‬
‫فتحريم األول قصدا‪ ،‬وتحريم الثانى وسيلة‪.‬‬
‫(أ)فأما الجلى‪ ،‬فربا النسيئة‪ ،‬وهو الذى كانوا يفعلونه فى الجاهلية مثل أن يؤخر دينه‬
‫وي زتده فى المال‪ ،‬وكلما أخره زاد فى المال حتى تصير المائة عنده آالفا مؤلفة‪ ،‬وفى‬
‫الغالب ال يفعل ذلك إال معدم محتاج‪.‬‬
‫فاذا زاد رأى أن المستحق يؤخر مطالبته‪ ،‬ويصبر عليه بزيادة يبذلها له‪ ،‬تكلف بطلبها‬
‫ليفتدى من أمر المطالبة والحبس‪ ،‬ويدافع من وقت إلى وقت‪ ،‬فيشتد ضررة وتعظم‬
‫مصيبته‪ ،‬ويزيد مال المرابى من غير نفع يحصل منه أخيه‪ .‬ولهذا كان من أكبر الكبائر‪.‬‬
‫إن الشريعة اإلسالمية تقيم المجتمع على أسس التراحم واألخاء والخلق الكريم والرفق‬
‫بالضعفاء‪ ،‬ولذلك يأمر هللا تعالى الدائن إذا أعسر مدينه أن يمهله حتى تتيسر حاله "وإن‬
‫كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة‪ ...‬ويقول الرسول صلى هللا عليه وسلم " من سره أن‬
‫ينجيه هللا من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يصع عنه " ويقول " من انظر‬
‫م عسرا ووضع عنه أظله هللا فى ظله"‪ .‬ويقول رحم هللا رجال سمحا إذا باع وإذا اشترى‬
‫وإذا اقتصى" ألن السماحة فى االقتصاد تحفظ للمدين كرامته وتغرص المودة فى نفسه‬
‫لدائنه وتحثه على الجهد فى األداء قدر طاقته‪.‬‬
‫أما هذا الذى يقرضه جنيها ليسترده اثنين فهو عدوه ولن تطيب نفسه ابدا عن دفع هذا‬
‫الربا ولن يحصل لصاحبه مودة‪ ...‬صاحبه الذى يهدم أهم أسس هذا المجتمع المتعاون‬
‫المتراحم‪.‬‬
‫ب‪-‬وأما الربا الخفى وهو ربا الفضل؛ فتحريمه من باب سد الذرائع‪ ،‬كما صرح به‬
‫حديث أبى سعد الخدرى رضى هللا عنه عن النبى صلى هللا عليه وسلم ال تبيعوا الدرهم‬
‫با لدرهمين‪ ،‬فانى أخاف عليكم الرما‪ ،‬والرما هو الربا فمتعهم من ربا الفضل لما يخاف‬
‫عليهم من ربا النسيئة‪.‬‬
‫‪119‬‬
‫إن الدراهم والدنانير أثمان المبيعات‪ ،‬والثمن هو المعيار الذى به يعرف تقويم األموال‪،‬‬
‫فيجب أن يكون محدودا مضبوطا فال يرتفع وال ينخفض إذ لو كان الثمن يرتفع وينخفض‬
‫كالسلع لم يكن لنا ثمن نعتبر به المبيعات‪ ،‬بل الجميع سلع‪ ،‬وحاجة الناس إلى ثمن‬
‫يعتبرون به المبيعات حاجة ضرورية عامة‪ ،‬وذلك ال يمكن إال بسعر تعرف به القيمة‪،‬‬
‫وذلك ال يكون إال بثمن تقوم به األشياء ويستمر على حالة واحدة‪ ،‬وال يقوم هو بغيره‪ ،‬إذ‬
‫يصير سلعة يرتفع وينخفض‪ ،‬فتفسد معامالت الناس ويقع الضرر‪ ..‬فلو أبيح ربا الفضل‬
‫فى الدراهم والدنانير لجر ذلك إلى ربا النسيئة‪.‬‬
‫فاألثمان ال تقصد آلعيانها‪ ،‬بل يقصد التوصل بها إلى السلع‪ ،‬فإذا صارت فى نفسها سلعا‬
‫تقصد ألعيانها‪ ،‬فسد أمر الناس‪.‬‬
‫وهذا النوع من الربا يطلق عليه"ربا السنة" ألن مصدر تحريمه سنة رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه عنه قال " الذهب بالذهب‪ ،‬والفضة بالفضة والبر بالبر‪ ،‬والشعير بالشعير‪،‬‬
‫والتمر بالتمر‪ ،‬والملح بالملح ‪ ،‬مثال بمثل‪ ،‬ويدا بيد أى سواء بسواء‪ ،‬فمن زاد أو استزاد‬
‫فقد أربى‪ .‬فإذا اختلفت هذه األجناس فبيعوا كيف شئتم‪ ،‬كما يطلق عليه ربا البيوع ألن‬
‫نطاقه عقود البيع‪.‬‬
‫وآيات تحريم الربا وردت فى ثالثة مواضع فى سورة البقرة من اآلية ‪ 275‬إلى ‪،281‬‬
‫وسورة آل عمران من اآلية ‪ 130‬إلى ‪ ،136‬فى سورة الروم اآلية ‪.39‬‬
‫تحريم الربا‪:‬‬‫التحريم فى اإلسالم ال يقوم إال عند تحقق الضرر وتغلبه على النفع إن وجد‪ ،‬والضرر‬
‫فى الربا وارد ألن فيه استغالال لحاجة المضطر إلى المال بأن يقرضه هذا المال‪،‬‬
‫ويشترط عليه رده بزيادة لم تأت نتيجة جهد أو بدل خدمة فعلية أو قيمة سلعة‪.‬‬
‫وإذا كانت الدول الحديثة قد عمدت إلى تحديد النسبة الربوية فأن هذا العمل منها لم يقض‬
‫على مخاطر الربا‪ ،‬وإنما المترابين يحتالون على تحصيل النسبة التى يشترطونها بأشكال‬
‫مختلفة‪ ،‬حتى ال يقعوا تحت طائلة القانون ألنه ليس لهم وازع دينى أو خلقى يمنعهم من‬
‫هذا االستغالل‪.‬‬
‫وحرص اإلسالم على تحريم الربا‪ ،‬مهما كانت النسبة ضئيلة وخاصة ربا الفضل لعدم‬
‫الوقوع فى ربا النسبية‪.‬‬
‫‪120‬‬
‫ولقد صرح القرآن الكريم بالنهى عن الربا وصرح بمضار الربا الكبرى التى حرم من‬
‫أجلها الربا لدفع الظلم عن الناس‪ .‬وأن الربا ليس حقا للدائن‪ ،‬وأن هذا الفضل ظلم للمدين‬
‫وقطع ألواصر المحبة والتعاون فى المجتمع وتؤدى إلى أنتشار الظلم والعداوة‬
‫والبغضاء‪ .‬وليست الحكمة فى تحريم الربا فى القرآن فقط مقصورة على دفع الظلم‪.‬‬
‫وإنما هناك آيات تحض على الصدقة والبعد عن الربا والبغض فيه قال تعالى"يمحق هللا‬
‫الربا ويربى الصدقات"‪ .‬ولقد أوضحت آيات القرآن الكريم أن الربا كسب خبيث وقبيح‬
‫وماله إلى النقصان والمحق فى الدنيا‪ ،‬والعقاب الشديد فى اآلخرة‪ ،‬قال تعالى وما آتيتم‬
‫من ربا ليربوا فى أموال الناس فال يربو عند هللا وما آتيتم من زكاة تريدون وجه هللا‬
‫فأولئك هو المضعفون"‪.‬‬
‫إن تحريم الربا من أهم ما يميز االقتصاد اإلسالمى عن االقتصاد الرأسمالى ذلك ألن‬
‫االقتصاد الرأسمالى ال يقوم بغير نظام الفائدة‪.‬‬
‫ونظام الفائدة فى االقتصاد الرأسمالى هو الذى يمكن رأس المال من التزايد بال جهد أو‬
‫مخاطرة‪ .‬ونتيجة لهذا التزايد المتواصل يتمكن رأس المال من السيطرة على المجتمع‪.‬‬
‫وتحريم الفائدة فى االقتصاد اإلسالمى ال يمكن رأس المال من النمو بال جهد‪ ،‬كما يمنعه‬
‫من السيطرة على المجتمع تلك السيطرة التى تعانى منها المجتمعات الرأسمالية‪.‬‬
‫والربا من األمراض اإلجتماعية‪ ،‬وأنه يساعد على اإلسراف ألن المرابى يحصل على‬
‫المال بسهولة ويزداد هذا المال دون جهد‪ ،‬كما أن المرابى غير أخالقى ألنه عندما يزيد‬
‫فى ربا المال يمتص دم فريسته وهى طريقة ال أخالقية‪.‬‬
‫هذه هى مضار الربا وآفته التى تصيب المجتمعات والتى أصابت المجتمعات الحديثة فى‬
‫صورة بنوك مثال وشركات التأمين وهذا ما سوف أقوم ببحثه فى النقطة التالية‪:‬‬
‫‪ -2‬البديل اإلسالمى لنظام البنوك الحالية‪:‬‬
‫ال يمكن التحدث عن نظام إسالمى بديل لنظام البنوك الحالى إال إذا استعرضنا نظام‬
‫تلك البنوك‪ ،‬وهل هى تتفق مع الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وإذا كانت ال تتفق فما أوجه‬
‫االتفاق‪ ،‬وما هو البديل اإلسالمى لكى تساير هذه البنوك روح الشريعة اإلسالمية‪،‬‬
‫لذلك سوف أتناول بالتفصيل نقطتين هما‪:‬‬
‫(أ)أنشطة البنوك الحالية‬
‫‪121‬‬
‫(ب)المصارف اإلسالمية‬
‫أ‪-‬أنشطة البنوك الحالية‪:‬‬
‫تقوم المصارف بالدور األول فى عمليات التبادل المالى فى العالم‪ ،‬وعن طريقها‬
‫يجىء ويذهب معظم ما فى أيدى األفراد والهيئات والشركات والمؤسسات‬
‫والحكومات من أموال (نقود‪ ،‬أموال مالية‪ ،‬مجوهرات‪ ..‬الخ)‪.‬‬
‫ووظيفة البنوك الحديثة هى تيسير التبادل‪ :‬بمعنى أن المعامالت المالية اتخذت شكال‬
‫ضخما وعريضا‪ ،‬وجاء نظام االئتمان المصرفى عن طريق مجرد وعد بدفع ثمن‬
‫السلع أو الخدمات بغير انتقال مادى للنقود‪ ،‬وهذا الوعد قد يتمثل فى شيك أو كمبيالة‬
‫أو سند إذنى أو خطاب اعتماد‪ ،‬كما يسرت اإلنتاج عن طريق اإلقراض‪ ،‬وتأخذ‬
‫البنوك من المقترضين نسبة مئوية على هذا القرض‪ ،‬كما ساعدت على توفير رأس‬
‫المال وتعزيز طاقته‪.‬‬
‫هذا بجانب أعمال أخرى مثل‪ :‬قبول الودائع النقدية وتؤدى عنها فوائد للمودعين‪،‬‬
‫خصم الكمبياالت‪ ،‬تحويل العمالت فى مقابل عمولة‪ ،‬وتحويل النقود من قطر آلخر‬
‫فى مقابل عمولة‪ ،‬اعتماد الشيكات السياحية وأسهم الشركات فى مقابل عمولة‪.‬‬
‫والمصارف بهذه الطريقة تقوم باستثمار النقود‪ ....‬وسوف يقتصر البحث على‬
‫عمليتى اإلقراض واأليداع بصفتها أهم العمليات المصرفية‪ ،‬والمصارف قامت‬
‫أساسا عليهما‪ ،‬كما أنهما أخص العمليات التى تؤثر على االستثمار ككل‪.‬‬
‫وعملية اإليداع فى المصارف تتم بأن يودع اإلفراد أو الهيئات‪ ..‬الخ أموالهم تلك‬‫المصارف نظير فائدة معينة‪ ،‬وهذه الفائدة يحدد البنك المركزى سعرها بكل دولة‪،‬‬
‫وللبنوك أن تتحرك فى إطار هذا المعدل‪ ،‬وقد تختلف من بنك لبنك داخل نفس‬
‫الدولة‪ ،‬والمصرف فى هذا المجال يقوم باستثمار تلك األموال سواء فى اإلقراض‪ ،‬أو‬
‫انشاء المشروعات‪ ...‬الخ‪ ،‬واألموال المودعة هذه يقوم المصرف بدفع فائدة عنها‪،‬‬
‫ليس نظير أنه يحافظ عليها‪ ،‬ولكن ألنه يستثمرها لصالحه‪ ،‬كما أن األفراد مستفيدون‬
‫من ناحية أخرى ألن المصرف يحفظ أموالهم من الضياع ‪ ،‬بجانب إعطائهم فائدة‬
‫عن أموالهم‪.‬‬
‫ولكن هل هذه الفائدة الثابته حالل؟؟‬‫‪122‬‬
‫إن المودعين ليسوا شركاء للبنك فى عمليات االستثمار هذه ‪ ،‬وإال لما كانت الفائدة‬
‫التى يدفعها البنك ثابتة‪ ،‬ولدفع أرباحا تتغير حتما من عام آلخر‪ ،‬طبقا لما يحققه البنك‬
‫نفسه من أرباح أو خسائر‪.‬‬
‫إن هذه الفائدة ظاهر لعدة أسباب هى‪:‬‬
‫‪-1‬أنها فائدة ثابتة على المال تزويده دون عمل أو جهد‪ ،‬واألصل أن يعمل رأس‬
‫المال ويتعرض للربح والخسارة‪ ،‬وهذا غير حادث فى هذه الحالة‪.‬‬
‫‪-2‬إن الفائدة هذه تأتى رأس المال دون جهد أو مشقة أو كد وربما هناك من يقول إن‬
‫المصرف يقوم نيابة عن المودع باستثمار تلك األموال‪ ،‬ولكنى أقول إن البنك إذا كان‬
‫يقوم لكل مودع باستثمار أمواله فإنه قد يتعرض للخسارة ويحقق ربحا ‪ ،‬كما أن هذا‬
‫الربح يتغير ارتفاعا وانخفاضا‪ ،‬ولكن الفائدة المدفوعة ثابتة سواء خسر البنك فى‬
‫عدة عمليات وربح فى أخرى‪ ،‬ال دخل للمودع فى تحقيقها‪.‬‬
‫‪-3‬األصل أن يتعرض رأس المال للمخاطرة‪ ،‬وهنا رأس المال ال يتعرض للمخاطرة‬
‫إطالقا‪ ،‬من ناحية أخرى المودع‪ ،‬والتى نصب عليها الشريعة اإلسالمية لكى يكون‬
‫للمال الحق فى أن يحقق أرباح‪ ،‬ولكن البنك يحسب فى نهاية عامة المالى كم خسر‬
‫وكم ربح‪ ،‬وهو فى ذلك يدخل عمليات مضمونة الربح مثل شراء السندات وأسهم‬
‫ال شركات الكبرى بجانب عمليات أخرىتحقق له أرباحا تغطى خسائره مما يمكنه من‬
‫دفع فوائد للمودعين على ودائعهم‪ ،‬وهذا يعود على مال المودع بالزيادة الربوية التى‬
‫لم تستدع جهدا ومشقة‪ ،‬ومخاطرة من صاحب الوديعة‪.‬‬
‫وهناك عملية أخرى هى عملية اإلقراض‪ .‬وهى أن يقوم البنك بتقديم األموال إلى‬
‫األفراد والهيئات والشركات‪ .....‬الخ نظير فائدة سنوية وهذه القروض على نوعين‬
‫هما‪:‬‬
‫‪-1‬القروض االستهالكية‪:‬‬
‫وهى القروض التى تقدمها المصارف لألفراد ليستعينوا بها على مطالبهم المعيشية‪،‬‬
‫وفى هذه القروض ربا وا ضح وظاهر وهو ربا النسيئة وهو محرم قطعا فى اإلسالم‪.‬‬
‫وحكمة تحريمه ظاهرة ال تحتاج إلى بيان‪ ،‬فهو من جهة يتنافى مع األخالق‬
‫‪123‬‬
‫اإلسالمية‪ .‬وهو يهدم جميع الخصائص التى جعلها هللا من مقومات المجتمع‬
‫اإلسالمى‪ .‬ومن جهة أخرى فإن هذا الربا وسيلة غير سليمة للكسب ألن الفائدة التى‬
‫يحصل عليها المقرض ال تتأتى نتيجة عمل إنتاجى أسهم بماله فيه وأضافت هذه‬
‫المساهمة شيئا إلى ثروة األمة العامة‪ ....‬كما أنه من ناحية ثالثة ظلم للمدين المضطر‬
‫لحاجته الشديدة للمال‪ ....‬وعلى هذا فأن الفائدة على هذه القروض ربا واضح‪.‬‬
‫وباألضافة إلى أن القرض االستهالكى وما يؤخذ عليه من فوائد ربوية وما به من‬
‫ظ لم للمدين فإنه يشعر هذا المدين بالغبن والضرر والفاحشين الذين لحقا به من جراء‬
‫هذا القرض‪ ،‬وهذا يجلب البغضاء والعداوة فى قلب المدين تجاه من أقرضه‪ ،‬والذى‬
‫لم يعينه فى ضائقته‪ ...‬والفائدة على هذا النوع من القروض هى الربا الظاهر أى ربا‬
‫النسيئة وهو محرم قطعا فى اإلسالم بالكتاب والسنة وال يحتاج إلى تفسير كثير‪.‬‬
‫‪-2‬القروض اإلنتاجية (االستثمارية)‪:‬‬
‫وهى التى يقترضها من يريدون أن يوظفوها فى مشروعات إنتاجية تدر عليهم‬
‫األرباح‪ ،‬ويقومون باستثمار تلك األموال فى مشروعات تؤدى إلى رفع مستوى‬
‫المعيشة والمستوى االقتصادى للدولة‪ ،‬ونظير هذه القروض تأخذ البنوك فائدة عليها‪.‬‬
‫وهناك من يدعى أنه طالما تحقق تلك المشروعات اإلنتاجية أرباحا‪ ،‬ويؤدون فائدة‬
‫عن هذا القرض فإنه ليس ربا محرما‪..‬‬
‫ويمكن الرد عليهم "بأن تسمية الربا بالفائدة ال يغير من طبيعته‪ ،‬فالفائدة ليست إال‬
‫زيادة فى رأس المال المقرض‪ ،‬وكل زيادة عنه هى ربا لغة وشرعا"‪.‬‬
‫ومما ال شك فيه أن هذه الفوائد على تلك القروض هى ربا ظاهر وواضح وذلك‬
‫بسبب أن المقرض سواء حقق هذا المشروع اإلنتاجى(االستثمارى) أرباحا‪ ،‬ولم‬
‫يحقق‪ ،‬فإنه ال يصاب بأى خسارة ‪ ،‬وال يتحمل أى غرم‪ ،‬بل فوق ذلك فى حالة إذا ما‬
‫أصيب المشروع بخسائر فإن المقرض يأخذ فائدة قرضه أيضا دون مراعاة لظروف‬
‫هذا المشروع‪.‬‬
‫فهل هذه الفائدة فى هذه الحالة حالل وطبيعية؟‬
‫‪124‬‬
‫ولقد أفتت لجنة الفتوى باألزهر الشريف‪" :‬بأن اإليداع فى المصارف على النحو‬
‫المعروف اآلن ربا محض وهو محرم‪ .‬وكذلك اإلقراض بفائدة أيضا ربا محض وهو‬
‫محرم"‪.‬‬
‫وللربا مضار عديدة منها‪-:‬‬
‫‪ -1‬أنه السبب فى تكديس األموال فى أيدى أصحاب البنوك ويؤدى إلى سيطرة هؤالء‬
‫على المجتمع‪ ...‬فهو الذى أدى إلى نشأة البنوك فى البداية‪ ..‬كما أنه هو الذى أمكن لتلك‬
‫البنوك من السيطرة على المجتمع‪.‬‬
‫‪-2‬الشعور بالظلم بالنسبة للمقترضين والكراهية للمجتمع الذى ال يوفر لهم مصدر آخر‬
‫غير اإلقتراض بفائدة (القروض االستهالكية)‪.‬‬
‫‪-3‬غالء األسعار‪ :‬فإنه فى حالة المنتج الذى يقترض بفائدة فإنه يحمل تلك الفائدة على‬
‫سعر المنتجات مما يساعد على ارتفاع أسعارها‪ ،‬ولهذا يدفع المجتمع كله الفائدة الربوية‪.‬‬
‫‪-4‬من جهة أخرى إذا أراد المنتج تخفيض تكاليف اإلنتاج‪ ،‬اضطر إلى تخفيض أجور‬
‫العمال ألنها السبيل الوحيد أمامه‪ ...‬وذلك بسبب الفائدة الربوية‪.‬‬
‫يقول اللورد كينز فى كتابه النظرية العامة ‪":‬إن إرتفاع سعر الفائدة يعوق اإلنتاح ألنه‬
‫يغرى صاحب المال باإلدخار للحصول على فائدة مضمونة دون تعريض أمواله‬
‫للمخاطرة فى حالة االستثمار فى المشروعات الصناعية أو التجارية‪.‬‬
‫كما أنه من ناحية أخرى ال يساعد رجال األعمال على التوسع فى أعماله ألنه يرى أن‬
‫العائد من التوسع مع ما فيه من مخاطر – يعادل الفائدة التى سيدفعها للمقرض سواء‬
‫كان اإلقتراض عن طريق المصرف أو بموجب سندات وعلى ذلك فكل نقص فى سعر‬
‫الفائدة سيؤدى إلى زيادة فى اإلنتاج وبالتالى فى العمالة وإيجاد الفرصة لتشغيل المزيد‬
‫من الناس"‪.‬‬
‫وحاجة المصارف إلى أن تتعامل بالربا ليست الزمة ويمكن االستغناء عنها‪ ،‬دون أن‬
‫تؤثر على األوضاع اإلقتصادية‪ ،‬ألنها تقوم على غير عمليتى اإليداع واإلقراض‪...‬‬
‫وعلى هذا ليس هناك حاجة ألن تقوم بهذه العمليات الربوية التى حرمها هللا تعالى حيث‬
‫يقول سبحانه‪:‬‬
‫‪125‬‬
‫"يمحق هللا الربى ويربى الصدقات"‬
‫ب‪ -‬المصارف اإلسالمية‪:‬‬
‫بعد أن قمت باستعراض نظرية الربا المحرم‪ ،‬وعمل البنوك الحالية وما يشوب أعمالها‬
‫من ربا واضح سواء فى معامالتها مع المودعين‪ ،‬أو مع المقترضين ‪ ،‬سواء للقروض‬
‫االستهالكية أو اإلنتاجية‪..‬‬
‫نأتى إلى النقطة األخيرة وهى البديل اإلسالمى‪ ،‬لقد تعرفنا من خالل العرض السابق أن‬
‫البنوك الحاليةتقوم بعدة خدمات هامة ومفيدة لالقتصاد القوى بل لالقتصاد القومى بل‬
‫لالقتصاد العالمى وهى تيسير اإلنتاج‪ ،‬تيسير التبادل‪ ،‬تعزيز رؤوس األموال‪ ،‬تيسير‬
‫التعامل‪ ،‬إلى غير ذلك من المعامالت الحيوية التى تساعد على الرفاهية والتقدم‪ ،‬ولكن‬
‫هناك بعض المعامالت التى ال تتمشى مع الشريعة اإلسالمية ومنها عمليتى اإليداع‬
‫واإلقراض (وسأقتصر عليهما دون المعامالت األخرى)‪.‬‬
‫‪-1‬اإليداع‪:‬‬
‫إن عملية اإليداع تعنى أن يقوم المودع أمواله فى أحد البنوك للمحافظة عليها فى حين‬
‫يدفع له البنك كل فترة فائدة على تلك األموال‪ ،‬ولقد تبين لنا أن هذه الفائدة تعتبر ربا‪.‬‬
‫والوضع اإلسالمى البديل لذلك هو عقد المضاربة فى هذه الحالة‪ ،‬بمعنى أن يكون‬
‫المودعون هم "رب المال" ككل‪ ،‬والبنك هو "المضارب" ويكون له الحق فى استثمار‬
‫أموال هؤالء بنفسه أو عن طريق شركات أو وكالء آخرين‪ ،‬والبنك فى نهاية كل فترة‬
‫مالية "سنة عادة" يقوم بحساب المشروعات التى حققت نجاحا سواء متوسطا أو كبيرا‪،‬‬
‫والمشروعات الت ى حققت خسائر‪ ،‬ثم يقوم بحساب أرباحه بعد خصم مصاريفه العمومية‬
‫واحتياطياته ثم يوزع الباقى بينه وبين المودعين‪ ،‬وبطبيعة الحال سوف يختلف هذا‬
‫الجزء من عام آلخر بدون شك طبقا لألرباح التى يحققها البنك وعلى هذا يكون أرباحا‬
‫حالال‪ ،‬ألق المال هنا يتعرض للمخاطرة‪ ،‬وأن نسبة الربح متغيرة‪ ،‬والجزء المتبقى بعد‬
‫ذلك للبنك يوزعه على المساهمين إذا كان بنكا خاصا‪ ،‬أو حسبما يحدده القانون إذا كان‬
‫مؤمما والشك أن النسبة التى سوف يوزعها البنك على المودعين سوف يراعى فيها‬
‫مبالغ الودائع‪ ،‬ونسبة اآلجل الذى مكثته هذه الودائع فى حوزة البنك‪ ،‬وساهمت بمقتضاه‬
‫فى هذا االستثمار‪.‬‬
‫‪126‬‬
‫وسنرى أن هذا الموضع يسير حسب الشريعة اإلسالمية ذلك لآلتى‪:‬‬
‫‪-1‬تعرض رأس المال للمخاطرة والربح والخسارة‪.‬‬
‫‪-2‬تغير نسبة الربح من عام إلى عام‪ ،‬أو عدم تحقيق أرباح على اإلطالق فى حالة‬
‫الخسارة‪.‬‬
‫‪-3‬تحقيق دورة رأس األموال بدال من اكتنازها لفائدة أصحاب رؤوس األموال أنفسهم‪.‬‬
‫‪-4‬نفع المجتمع واالقتصاد القومى‪ ،‬ورفع مستوى المعيشة طبقا لهذا االستثمار‪.‬‬
‫‪-2‬اإلقراض‪:‬‬
‫(أ)البديل عن القروض اإلستهالكية‪:‬‬
‫تقدم البنوك قروضا استهالكية للذين تعوزهم الحاجة إلى اإلقتراض لالستعانة بها فى‬
‫قضاء حوائجهم المعيشية‪ ،‬وتتقاضى هذه المصارف فائدة ربوية على تلك القروض‪،‬‬
‫وهذه الفائدة هى ربا النسيئة وهو بطبيعة الحال محرم‪ ،‬والبديل عن هذا هو أن تكف‬
‫البنوك عن إعطاء مثل هذا النوع من القروض‪ ،‬ويقوم جهاز داخل هذه البنوك ‪ -‬أى‬
‫البنوك اإلسالمية – بجباية الزكاة‪ ،‬وتقوم بتوجيه حصيلة ما يجبى إلى مصارفه الشرعية‬
‫المعروفة‪ ،‬أما غير المستحقين للزكاة ممن تضطرهم حاجاب معيشية وقتية إلى الحصول‬
‫على قروض‪ ،‬فإن جهاز الزكاة أو منشآت الزكاة تستطيع أن تمدهم – بغير فائدة إطالقا‪-‬‬
‫ببعض القروض ذات آجال قصيرة‪ .‬يستعينون بها على تفريغ كربتهم العارضة‪ ،‬على أن‬
‫يبادروا بر دها إلى رصيد الزكاة‪ ،‬مع وجود ضمانات كافية للوفاء بهذه القروض‪ ،‬وأعتقد‬
‫أن أى بلد إسالمى سوف تسوده هذه الروح وهذا التعاون سوف يجعل رصيد الزكاة‬
‫ضخما وكبيرا بحيث يكفى لسد حاجات المعوزين ألنه سوف يتغذى باستمرار بتبرعات‬
‫المنفقين فى سبيل هللا يريدون بها وجه هللا فقط‪.‬‬
‫ولعل السبب فى أن ما ذكرت هو ما يتفق وروح الشريعة اإلسالمية وطبيعة العصر‬
‫الذى نعيش فيه وهو‪:‬‬
‫‪127‬‬
‫‪-1‬سيادة روح الكفالة اإلجتماعية فى المجتمع الواحد‪ ،‬وبين أفراد هذا المجتمع تحقيقا‬
‫لحديث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪":‬مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم كمثل‬
‫الجسد الواحد‪ ،‬إذا اشتكى منه عضو‪ ،‬تداعى له سائر األعضاء بالسهر والحمى"‪.‬‬
‫‪-2‬االطمئنان واألمان الذى يوفره هذا النظام لكافة أفراد المجتمع ويؤمنهم على غدهم‪،‬‬
‫ويؤمنهم على مواجهة حاجاتهم المعيشية الضرورية‪.‬‬
‫‪-3‬سيادة روح المودة والتراحم والحب واإلخاء فى المجتمع‪.‬‬
‫(ب)البديل عن القروض اإلنتاجية‪:‬‬
‫فى حالة اإليداع اعتبرت أن المودعين هو "رب المال" والبنك هو "المضارب" ولكن‬
‫فى هذه الحالة سوف يصبح البنك هو "رب المال" وأصحاب المشروعات المقترض هم‬
‫"المضارب"‪ ،‬وصاحب أى مشروع يقوم بأخذ رأس المال من البنك مع تقديم الضمانات‬
‫الالزمة والكافية‪ ..‬مع وجود جهاز للتخطيط بالبنك نفسه لدراسة المشروعات للتأكد من‬
‫صالحيتها للتنفيذ‪ ،‬على أن يقدم النصح ألصحاب المشروعات ويوجههم إلى الطريق‬
‫الصحيح الستثمار األموال‪ ،‬فإذا حقق المشروع أرباحا‪ ،‬خصم المشروع من األرباح‬
‫مصاريفه واحتياطياته‪ ،‬ثم يقسم الربح بينه وبين البنك حسبما يتفق الطرفان مقدما‪ ،‬فإذا‬
‫لم يحقق المشروع ربحا رد المال إلى البنك إذا سلم رأس المال‪ ،‬ويعطى مهلة أخرى إذا‬
‫كان هناك أمال فى المستقبل‪ ،‬أما إذا أصاب رأس المال خسارة فإن الخسارة ال تحيق إال‬
‫برب المال "البنك" هذا إذا لم يكن لصاحب المشروع يد فى هذه الخسارة‪ ،‬أما إذا كان له‬
‫يد فى هذه الخسارة‪ ،‬فإن عليه الضمان‪...‬‬
‫بهذه الطريقة نستطيع‪ ....‬وعن طريق جهاز التخطيط بالبنك أن نضمن استثمار األموال‬
‫فى مجالها الصحيح‪ ،‬ثم من جهة أخرى يضمن البنك أمواله من جهة ثالثة يحقق أرباحا‬
‫الشك تعود على المجتمع بالرفاهية‪ ،‬وتشجع أصحاب األعمال على اإلقدام على‬
‫المشروعات اإلنتاجية‪ ،‬كما أن ذلك يساعد على قيام شركات االستثمار مادام البنك سوف‬
‫يشترك مع تلك الشركات فى التخطيط وتقديم النصح‪.‬‬
‫‪-3‬النشاط المصرفى الخارجى‪:‬‬
‫إذا كنا قد نقينا النشاط المصرفى الداخلى من شبهة الربا المحرم‪ ...‬فسوف ننتقل إلى‬
‫النشاط المصرفى الخارجى‪ ،‬فهو من جهة يشمل البالد اإلسالمية‪ ،‬وفى هذ الحالة إذا كنا‬
‫‪128‬‬
‫كعالم إسالمى نمنع الربا لكى نستطيع أن نطهر معامالتنا المصرفية من الفائدة الربوية‬
‫لتحل محلها شركة المضاربة فهذا يجعل المعامالت المصرفية بين بالد العالم اإلسالمى‬
‫تسير حسب الشرع الحنيف‪ .‬من جهة أخرى ماذا يكون الوضع بالنسبة للبالد الغير‬
‫إسالمية التى نتعامل معها سواء بعقد قروض لتمويل بعض نشاطنا اإلنتاجى‪ ،‬أو إنتاج‬
‫سلع لم نصل إلى إنتاجها بع فإنى أرى من وجهة نظرى‪:‬‬
‫‪-1‬إما أن يشاركنا رأس المال األجنبى فى مشروعاتنا اإلنتاجية وأن نتقاسم الربح معا(أى‬
‫تتقاسم مشروعاتنا ورأس المال األجنبى) حسب النسبة التى يتفق عليها بعد حساب‬
‫المصروفات وخصم االحتياطيات‪.‬‬
‫‪-2‬إذا لم يوافق رأس المال األجنبى الجهات التى تقدمه على ما سبق فهناك طريق آخر‪،‬‬
‫هو عدم أخذ فوائد ربوية على قروضهم اإلنتاجية (اآلالت أو السلع اإلنتاجية‪...‬الخ)‬
‫وإنما يزيدوا فى ثمنها زيادة تناسب األجل الذى بعده يسدد القرض‪...‬‬
‫هذا من وجهة نظرى لكى تصيح معامالتنا خالية من الشبهات الربوية التى تشوب‬
‫معامالتنا فى العصر الحالى‪.‬‬
‫وأنى أرى ألت تحقق بعض ما ذكرته آنفا عن البنوك اإلسالمية فى تجربة بنوك اإلدخار‬
‫بنك ناص اإلجتماعى‪ ،‬وبنك فيصل اإلسالمى‪ ،‬والبنوك اإلسالمية التى أقيمت فى بعض‬
‫الدول اإلسالمية‪ ،‬وهذا دليل على أن الوجهة اإلسالمية بدأت تعود إلى معامالتنا‬
‫المصرفية لتقوم مرة أخرى معامالتنا المالية على أسس إسالمية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬شركات التأمين‬
‫أشرت فى المبحث األول فى الفصل الثانى من الباب األول إلى التأمين ووظيفته وأهميته‬
‫بالتفصيل‪ ،‬ولكنى عندما أتعرض هنا إلى التأمين أتعرض له من ناحية أخرى سواء من‬
‫ناحية موقف الشريعة اإلسالمية منه‪ ،‬أو من ناحية أهميته للعصر الحاضر رغم موقف‬
‫الشريعة اإلسالمية ثم من ناحية ثالثة ماهو الطريق التأمينى الصحيح لكى نجعل للتأمين‬
‫مضمون إسالمى ال شبهة فيه‪ ...‬ففى هذا المبحث أتعرض للتأمين من كافة نواحيه بعد‬
‫أن استعرضته من ناحيته العصرية فقط فى الباب األول‪..‬‬
‫‪129‬‬
‫والشك أن الناسب والشركات والمصانع والتجار‪ ..‬الخ لجأوا للتأمين على أموالهم‬
‫وأنفسهم ليأمنوا كوارث الدهر نظير ما يدفعون لشركات التأمين من مال ال يذكر بجانب‬
‫الخسارة إذا نزلت بأى فرد منهم‪ ،‬وعلى هذا فالتأمين ‪:‬‬
‫‪-1‬واجب حيوى فى تحقيق التكافل لدفع الملمات‪.‬‬
‫‪-2‬وضرورة فى اإلقتصاد القومى لتوسيع مجاالت االستثمار‪ ،‬وتقليل البطالة ورفع‬
‫مستوى المعيشة‪.‬‬
‫ولكن رغم أن التأمين فيه التكافل والتعاون من ناحية واالستثمار لصالح االقتصاد‬
‫القومى من ناحية أخرى فإننا إذا تعمقنا فى عملية التأمين ذاتها ودور شركات التأمين ‪،‬‬
‫وعقود التأمين نجد أن هناك عدة شوائب تشوبها‪ .‬ولذلك سوف أتناول التأمين هنا على‬
‫الوجه اآلتى‪-:‬‬
‫‪-1‬بيوع الغرر‪.‬‬
‫‪-2‬البديل اإلسالمى لعقود التأمين المعاصر‪:‬‬
‫أ‪-‬عقود التأمين الحالية‬
‫ب‪-‬التأمين التبادلى وجزء "الغارمين" كبديل إسالمى‬
‫ولسوف أتناول كل واحدة من النقاط السابقة بالتفصيل على الوجه اآلتى‪:‬‬
‫‪-1‬بيوع الغرر‪:‬‬
‫سأتكلم عن بيوع الغرر باعتبار أن عقد التأمين هو نوع من أنواع تلك البيوع‪ ،‬والغرر‬
‫معناه التغري ر‪ ،‬يقال غرر به إذا ساقه إلى سوء‪ ،‬وأوقعه فى مكروه عن طريق الحيلة‪،‬‬
‫والخديعة‪ ،‬والغش‪.‬‬
‫كما أن الغرر هو فى األصل الخطر‪ ،‬والخطر هو الذى ال يدرى أيكون أم ال‪ .‬قال ابن‬
‫عرفه"هو ما كان ظاهرة يغرو باطنه مجهول‪ .‬وقال األزهرى بيع الغرر ما يكون على‬
‫غير عهده‪ .‬قال وتدخل فيه البيوع التى ال يحيط بكنهها المتبايعان‪ .‬وقال صاحب‬
‫المشارف بيع الغرر بيع المخاطرة‪ ،‬وهو الجهل بالثمن أو المثمن أو سالمته أو أجله‪.‬‬
‫‪130‬‬
‫وقال أبو عمر‪ :‬بيع يجمع وجوها كثيرة منها المجهول كله فى الثمن أو المثمن إذا لم‬
‫يوقف على حقيقته جملته"‪.‬‬
‫والبيوع المنهى عنها من قبل الغبن الذى سببه الغرر‪ ،‬والغرر يوجد فى المبيعات من‬
‫جهة الجهل على أوجه‪:‬‬
‫‪-1‬أما من جهة الجهل بتعيين المعقود عليه أو تعيين العقد‪.‬‬
‫‪ -2‬أو من جهة الجهل بوصف الثمن والمثمن المبيع‪ ،‬أو بقدره‪ ،‬أو بأجله إن كان هناك‬
‫أجل‪.‬‬
‫‪-3‬أو من جهة الجهل بوجوده أو تعذر القدرة عليه‪ ،‬وهذا راجع إلى تعذر التسليم‪.‬‬
‫‪-4‬وأما من جهة الجهل بسالمته أعنى بقاؤه‪.‬‬
‫وذلك يتبين أن بيع الغرر هو البيع الذى ال يتحقق من نتائجه‪ ،‬وإنما تكون هذه النتائج‬
‫متوقفة على أمر مستقبل أو مجهول قد يقع وقد ال يقع‪.‬‬
‫ويقع الغرر أو التغرير فى بعض صور البيع‪ ،‬وذلك فى بيع المعدوم مثل حبل الحبلى‪،‬‬
‫وبيع السمك فى الماء‪ ،‬وبيع المجهول المطلق‪ ،‬والشك أن مثل هذه المبايعات ال تنتهى‬
‫غالبا‪ ،‬إال بخالف بين المتبايعين وإثارة العداوة والبغضاء بينهما ‪ ،‬ألنها ضرب من‬
‫المقامرة والمخاطرة‪.‬‬
‫عن ابن عمر أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم نهى عن بيع الغرر حتى يبدو صالحها‪،‬‬
‫نهى البائع والمشترى‪.‬‬
‫عن ابن عمر قال‪ :‬نهى النبى صلى هللا عليه وسلم عن بيع الغرر‪..‬‬
‫وقد أخرج مسلم النهى عن بيع الغرر من حديث أبى هريرة‪ ،‬وابن ماجه من حديث ابن‬
‫عباس‪ ،‬والطبرانى من حديث سهل بن سعد‪ ،‬وأحمد من حديث ابن مسعود رفعه"ال‬
‫تشتروا السمك فى الماء فإنه غرر" وشراء السمك فى الماء نوع من أنواع الغرر‪،‬‬
‫ويلتحق به الطير فى الهواء‪ ،‬والمعدوم والمجهول‪.‬‬
‫عن أبى هريرة رضى هللا عنه أن النبى صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬نهى عن بيع الغرر‪ ،‬وفى‬
‫بيع ماال يعرف جنسه أو نوعه غرر كبير‪.‬‬
‫‪131‬‬
‫كما أنه فى حديث آخر نهى الرسول الكريم عن الغرر‪ ،‬وعن بيع المضطر وبيع الثمرة‬
‫حتى تدرك‪.‬‬
‫مثل هذه المعامالت التى تتعلق نتائجها بالمستقبل المجهول هى مثار فتنة بين الناس‪،‬‬
‫وتقضى المصلحة‪ ،‬ويقضى العقل قبل الدين باجتنابهها‪ ،‬والعاقل ال يقدم أبدا عليها‪ ،‬ألنها‬
‫تفتح باب شر ال يدرى احد عاقبته‪.‬‬
‫كما أن مثل هذا البيوع تجعل هناك ا ضطرابا فى المعامالت فى البيوع‪ ،‬بجانب أن‬
‫الغرر فى البيوع يؤدى إلى عدم المساواة بجانب عدم وجود عدالة بين المتعاملين‪..‬‬
‫وبالتالى إلى الظلم‪ ،‬والتفاوت فى الكسب وتكوين الثروات بغير وجه حق‪.‬‬
‫واآلن لننتقل إلى الجزء التالى‪:‬‬
‫‪-2‬البديل اإلسالمى لعقود التأمين المعاصرة‪:‬‬
‫إن اقتراح نظام بديل للتأمين يصحح وضع عقود التأمين الحالية ويكفل أن يكون هذا‬
‫اإلقتراح يتفق مع النظام والشريعة اإلسالمية‪ ،‬ويتمشى معها‪ ،‬هذا من ناحية‪ ،‬ثم يتفق مع‬
‫متطلبات العصر الحديث والمجتمع المعاصر من ناحية أخرى وإن كنت أقترح تطبيق‬
‫نظام إسالمى فأنا ال أقترح تطبيق نظام إسالمى وإنما أقدم ما هو موجود أصال فى‬
‫اإلسالم لكن بما يتفق وروح المجتمع المعاصر وال يصح أن أقترح نظام بديل للنظام‬
‫التأمينى المعاصر‪ ،‬إال إذا بينت وأوضحت عقود التأمين الحالية والنظام التأمينى‬
‫الحالى‪ ..‬وبناء على ذلك أقوم بتقديم‪ ،‬البديل ولهذا سيشتمل البحث على‪:‬‬
‫(أ)عقود التأمين الحالية‪.‬‬
‫(ب)البديل اإلسالمى‪.‬‬
‫(أ)عقود التأمين الحالية‪:‬‬
‫سبق أن تعرضت لتعريف التأمين ولذلك سوفل أسرى فقط خصائص عقد التأمين‬
‫كمدخل‪:‬‬
‫‪-1‬أنه من العقود الر ضائية‪ :‬ينعقد بمجرد توافق اإليجاب والقبول‪.‬‬
‫‪132‬‬
‫‪-2‬أنه من العقود االحتمالية‪ :‬بمعنى أنه ليس لكل المتعاقدين تحديد ما يحصل عليه من‬
‫المنفعة وقت التعاقد‪ ،‬وهى ال تتحدد إال فيما بعد تبعا لوقوع أمر غير محقق‪.‬‬
‫‪-3‬عقد ملزم للجانبين‪ :‬وهو عقد ينشىء التزامات متقابلة فى ذمة كل من المتعاقدين‪.‬‬
‫‪-4‬أنه من عقود المعاوضة‪ :‬ألن فيه يأخذ كل من المتعاقدين مقابال لما أعطاه‪.‬‬
‫‪-5‬أنه من العقود الزمنية‪.‬‬
‫من خالل استعراض التعريف والخصائص التى سبق تناولها يمكن أن نالحظ العيوب‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪-1‬أن عقد التأمين من عقود الغرر‪.‬‬
‫‪-2‬أن عقد التأمين فيه ربا واضح‪.‬‬
‫‪ -3‬أن عقد التأمين تكون الشركة وهى التى تقوم بالتأمين هى الجانب األقوى والمتحكم‪،‬‬
‫األمر الذى يبرز استغالل الشركة للمؤمن ومنافاة هذه العيوب للشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪-1‬شبهة الغرر‪:‬‬
‫أن عقد التأمين عقد إحتمالى بمعنى أن كل من المتعاقدين ال يعلم كم سيأخذ وال كم‬
‫سيدفع‪ ،‬فهو عقد متعلق بالمستقبل وبالمجهول الذى ال يعلمه إال هللا‪ ،‬ولقد نهى الرسول‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬عن بيع الغرر‪ ......‬وهذا الغرررر يتضح منه أن اإلنسان يدفع‬
‫أقساط التأمين إلى الشركة مع غيره من المؤمنين‪ ،‬فإذا وقعت الكارثة ألحدهم تصبح‬
‫الشركة ملزمة بدفع التعويض كامال بغض النظر عما دفعه المؤمن‪ ،‬ووقوع الكوارث ال‬
‫يكون باستمرار وليس لكل الذين يقومون بالتأمين لدى الشركة فهى تقع بنسبة محسوبة‬
‫إحصائيا‪ ،‬وإننا نرى أن شركات التأمين ال تدفع تعويضا خالل الكوارث مثل الزالزل‬
‫مثال‪ ،‬والنتيجة فى النهاية أن الشركة هى الرابحة‪ ،‬هذا من ناحية الشركة ‪ ،‬أما من ناحية‬
‫المؤمن فإنه إذا حدثت له كارثة فإنه سوف يستولى على مبلغ التأمين كامال أو أقل من‬
‫مبلغ التأمين المتفق عليه فى العقد قبل أن يسدد األقساط ولو حتى بعد تسديد قسط واحد‬
‫‪133‬‬
‫فقط‪ ،‬فهو يكون قد استولى على مبلغ كبير هو أو ورثته دون وجه حق‪ ،‬ودون جهد‬
‫مبذول‪ ،‬ودون عناء‪.‬‬
‫فى أبعاد شبهة الغرر عن عقد التأمين يقول د‪ .‬محمد البهى‪:‬‬
‫"إذا عرف أن طبيعة عقد التكافل‪ ،‬تختلف عن طبيعة عقد البيع فى أن عقد البيع يقوم‬
‫على مبادلة المنفعة المادية‪ ،‬بينما عقد التكافل يقوم على سد الحاجات ودفع أثر المصائب‬
‫والكوارث‪ ،‬وإذن المشاركة بالمال فى عقد التكافل ال يستلزم حتما مقابال ماديا‪ ،‬طالما‬
‫ليست هنا ك ضرورة تدعو إلى ذلك‪ ،‬والضرورة أو الحاجة من نطاق التكافل تغطى‬
‫بمقدارها حسبما قدرت‪ ،‬وليست بالمقابل من المال المدفوع من المؤمن‪ ،‬وإذا اعتبر‬
‫اإلسالم "اإلنفاق فى سبيل هللا" "وفى الرقاب وابن السبيل" إسهاما فى التعاون والتكافل‬
‫اإلجتماعى دون انتظار لمقابل مادى مماثل فإن عقد التأمين صورة من صور التعاون‬
‫فى سبيل هللا وهى المصلحة العامة‪ ،‬وإن كانت صورته محدودة‪ ،‬بجانب ما يؤديه من‬
‫التخفيف على من وقع عليه الضرر‪ .‬فإذا أتسع نطاق التأمين رأسيا وأفقيا‪ ،‬فشمل جوانب‬
‫عديدة فى حياة اإلنسان‪ ،‬هنا ال يؤدى عقد التأمين بحال إلى ضرر يصيب أحد طرفى‬
‫العقد كما أنه ال يقوم على جهل أو جهالة‪ ،‬بل كل من الطرفين يعلم حق العلم بما تعاقد‬
‫عليه‪ ،‬ويعلم مصير العقد نفسه‪ ،‬والمؤمن من أول األمر يحلل الطرف اآلخر مما له عند‬
‫كال أو بعضا‪ ،‬فليس عقد غرر‪ ،‬وباألحرى هو عقد أمان واطمئننان"‪.‬‬
‫ولقد أخذ األستاذ مصطفى أحمد الزرقا على رجل القانون عدهم عقد التأمين من العقود‬
‫اإلحتمالية‪ ،‬ذاهبا إلى أن اإلحتمال غير متحقق فى هذا العقد‪ ،‬ألن محل العقد متعين‪،‬‬
‫وثابت وهو األمان (فالمعاوضة الحقيقية فى التأمين بأقساط‪ ،‬إنما هو بين القسط الذى‬
‫يدفعه المستأمن واألمان الذى يحصل عليه)‪.‬‬
‫ولقد ذهب بعض الباحثين إلى أن التأمين التجارى اليوم أصبح ضرورة اجتماعية‬
‫واقتصادية هامة ‪ ،‬وأن األمام قال بجواز الغرر فى العقد – وإن كثر – إذا دعت إليه‬
‫ضرورة‪ ،‬وكان معاوضة مالية‪.‬‬
‫ولقد علق أحد الباحثين على هذا ردا على هذه اآلراء بقوله‪:‬‬
‫‪134‬‬
‫‪-1‬إن التعاون يجب أن يكون بين جماعة المسلمين دون وسيط‪ ،‬وأن تبادل المساعدات إذا‬
‫تم مثال عن طريق الدولة أو بيت المال ال يحقق فائدة‪ ،‬وإذا كان بين الجماعة فتعود‬
‫األرباح على جماعة المسلمين أنفسهم وليس إلى شركة بعينها‪ ،‬والتعاون فى مفهومه هو‬
‫إبعاد استغالل اإلنسان ألخيه اإلنسان‪ ،‬ولكن شركات التأمين حتى لو كانت ملكا للدولة‬
‫تحقق أرباحا نتيجة استغالل هذا التعاون فكيف يكون تعاون وفيه استغالل؟‪ ،‬والمشرع‬
‫فى بعض الدول تدخل لحماية الطرف المذعن الذى يوقع على عقد مطبوع‪ ..‬دليل على‬
‫أن هذا العقد ال يدخله التعاون‪ ،‬وهذا ينفى صفة التعاون والتكافل عن عقد التأمين‪.‬‬
‫‪-2‬الدول الرأسمالية "وهى الدول التى يعيش فيها التأمين التجارى" قد ألفت أن هذا‬
‫النظام ليس أمرا ضروريا يجب الحفاظ عليه‪ ،‬والتمسك به‪ ،‬بل على العكس نزعت إلى‬
‫األخذ بالنظام التعاونى "التأمين التبادلى" ومحاربة ذلك النظام‪ ،‬واعتباره مصدر خطر‬
‫على اقتصاد األمة‪.‬‬
‫‪-3‬عقد التأمين ال خالف عليه بين رجال القانون وفقهاء "التأمين أنه من العقود‬
‫االحتمالية"‪.‬‬
‫ولى بعد ذلك أن أقول فى هذا المعرض‪:‬‬
‫‪ -1‬أن عقد التأمين طالما فيه غرر (عقد احتمالى) فكيف يتحقق األمان واالطمئننان‬
‫للمؤمنين‪.‬‬
‫‪-2‬طالما أن عقد التأمين فيه غرر فاالستغالل واضح وبين فيه‪ ،‬وال تعاون فى هذا العقد‬
‫إطالقا ألنه يحقق االستغالل الكامل وحتى فى حالة تدخل الدولة إذا لم يكن هناك‬
‫استغالل من جانب الشركة المؤمنة‪ ،‬فاالستغالل قائم فى العقد نفسه‪.‬‬
‫‪ -3‬ليس هناك ضرورة تبيح الغرر كما استند بعض الباحثين إلى مقالة اإلمام مالك‪ ،‬فأين‬
‫الضرورة فى هذا الغرر‪ ،‬ونحن أمامنا الطريق الصحيح والسليم لعقد يتوفر فيه األمان‬
‫واالطمئننا والتعاون وهو التكافل اإلجتماعى الذى شرعه اإلسالم‪ ،‬وال أرى ضرورة‬
‫مطلقا إلباحة هذا الغرر‪ ،‬وهذا االستغالل‪ ،‬هذا الدفاع المستميت عن عقد خطره كما‬
‫وضح سابقا حتى البالد التى ترعرع ونشأ فيها‪.‬‬
‫‪135‬‬
‫‪ -3‬شبهة الربا‪:‬‬
‫أن عقد التأمين ربا واضح من أن المؤمن عندما يأخذ مبلغ التأمين (التأمين على الحياة)‬
‫يأخذه مضافا إليه فوائد لم يتعب فيها‪ ،‬ولم يتعرض من خالل دفعة المال إلى مخاطر‬
‫التجارة‪ ،‬وهذه الفوائد محرمة شرعا ألنها ربا الشك فيه‪ ..‬هذا من ناحية المؤمن ‪ ،‬أما‬
‫م ن ناحية الشركة فهى تقوم باستثمار هذه المبالغ المدفوعة لها فى األقراض بفوائد‬
‫ربوية‪ ،‬ومعظم استثمارات هذه الشركات فى اإلقرا ض للغير‪ ،‬فى حاالت التأمين‬
‫األخرى قد يستحوذ المؤمن على مبلغ التأمين كامال إذا وقعت الحادثة المؤمن ضدها‬
‫نظير عدة أقساط أو حتى قسط واحد‪ ،‬وهذا ربا واضح‪ ،‬كما أن الشركة قد تستحوذ على‬
‫األقساط المدفوعة كلها دون أن تدفع شيئا إذا لم يقع الحادث‪.‬‬
‫وهناك من يهب للدفاع عن هذه الشبهة مرة بأن العقد عقد تكافل اجتماعى‪ ،‬ومرة أخرى‪،‬‬
‫بأن العقد عقد تعاون‪ ،‬وأن الربا ليس موجودا فى هذا العقد‪ ،‬بمعنى آخر وهو الذى‬
‫يرمون إليه أن الربا حصر فى مواد ستة هى الذهب‪ ،‬الفضة‪ ،‬البر‪ ،‬الشعير‪ ،‬التمر‪ ،‬البلح‪،‬‬
‫وأن هذه المواد قياسا عليها األن مثل الذرة أو األرز‪ ....‬الخ "فكان ال ربا فى عقد التأمين‬
‫من ناحية الفوائد التى يأخذها المؤمن فى نهاية المدة‪ ....‬أو قبل نهايتها "والشركات‬
‫أموالها توظ فها فى االستثمار وخاصة العقارات والمشروعات‪ ،‬كل هذا ال ينفى شبهة‬
‫الربا عن عقد التأمين‪ ...‬كما أنه "الضرر وال ضرار" طبقا لحديث رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ ،‬من جراء هذا العقد وإنما هو تعاون وتكافل وأمان‪.‬‬
‫كما ذهب أحد فقهاء التأمين إلى القول بأن عقد التأمين على الحياة أقرب العقود شبها‬
‫بعقد المضاربة‪ ،‬وذكر بأنه إذا اعترض على ذلك بأن الربح فى المضاربة غير محدد فى‬
‫التأمين محدد؛ وأن الشركة تستغل أموالها بطريق غير مباح مثل اإلقراض بالفائدة‪،‬‬
‫أجيب بأن كون الربح فى المضاربة نسبيا ال قدرا معينا ليس حكما مجمعا عليه‪ ،‬وأما‬
‫اإلقترا ض بالفائدة فإنه محرم سدا للذريعة‪ ،‬وقد قرر الفقهاء أن ما حرم سدا زريعا يباح‬
‫عند الضرورة تعليقا على هذا وردا عليه أقول بأن هناك من نفى كل ما سبق‪.‬‬
‫فيقول األستاذ الدكتور مصطفى زيد‪ :‬الواقع أن عقد التأمين كان يمكن أن يكون من عقود‬
‫المضاربة لوال أمران‪ :‬أولهما أن طبيعة المضاربة تقتضى إالشتراك فى الربح أو‬
‫الخسارة‪ ،‬وليس فى طبيعة عقد التأمين أن تعرض للخسارة‪ ،‬والثانى أنه من شروط‬
‫المضاربة أن يكون الربح نسبيا غير محدد‪.‬‬
‫‪136‬‬
‫كما علق األستاذ اإلمام محمد أبو زهرة على عقد التأمين‪ :‬وأنه رفض رفضا باتا قياس‬‫التأمين على المضاربة‪ ،‬وقال عن فوائد التأمين‪ :‬أنها ليست من قبيل الربا الذى حرم سدا‬
‫للذريعة وإنما هو ربا النسيئة وهو ربا الجاهلية‪ ،‬وقد أجمع العلماء على أن كل زيادة فى‬
‫الدين تظهر األجل هو من قبيل الربا‪.‬‬
‫وهذا بوضع قطعا كيف أن عقد التأمين عقد تشوبه شبهة الربا الذى تحرمه الشريعة‬
‫اإلسالمية تحريما قاطعا‪.‬‬
‫وأخيرا نورد رأيا لألستاذ الشيخ أحمد ابراهيم يؤيد ما سبق خالصته‪ :‬أن عقد التأمين‬
‫على الحياة ال موازنة بينه وبين عقد المضاربة المشروعة‪ ،‬وأن ذلك العقد فاسد شرعا‪،‬‬
‫ألن عنصر الربا متحقق فيه‪ ،‬كما أن حصول الورثة على مبلغ التأمين‪ ،‬قبل أداء األقساط‬
‫جميعها مقامرة ومخاطرة‪.‬‬
‫ولى أن أقول فى معرض هذا الحديث‪:‬‬
‫‪ -1‬يظهر من الشرع أن تحريم الربا‪ ،‬إنما هو لمكان الغبن الكثير الذى فيه‪ .‬وأن العدل‬
‫كما قال "اإلمام ابن رشد" فى المعامالت إنما هو مقاربة التساوى‪ ،‬ولذلك لما عسر‬
‫إدراك التساوى فى األشياء المختلفة الذوات جعل الدينار والدرهم لتقويمها‪":‬أعنى‬
‫تقديرها" وهذة المقالة واضحة وتدل على أن الربا الواضح فى عقد التأمين ال يحقق‬
‫العدالة‪ ،‬كما أن شركة التأمين تأخذ األموال واألقساط‪ ،‬من األفراد فى حالة أنواع التأمين‬
‫غير التأمين على الحياة إذا لم يقع الحادث دون وجه حق‪ ،‬كما أن المؤمن يأخذ األموال‬
‫قبل أن يفى باألقساط دون وجه حق أيضا‪.‬‬
‫‪-2‬روى األئمة واللفظ للدار قطنى عن اإلمام على رضى هللا عنه قال‪ " :‬قال رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم "الدينار بالدينار‪ ،‬والدرهم بالدرهم‪ ،‬ال فضل بينهما‪ ،‬من كانت له‬
‫حاجة بورق فليصرفها بذهب‪ ،‬وإن كانت له حاجة بذهب فليصرفها بورق هاء وهاء"‪.‬‬
‫وهذا دليل على أن اإلسالم عندما عدد المواد الستة (بالغة الذكر) لم يبح أن يقع الربا فنما‬
‫دونها‪ ،‬وحديث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قاطع فى ذلك‪.‬‬
‫‪ -3‬أن الربا فى عقد التأمين فيه استغالل وعدم أمان‪ ،‬وعدم تكافل وهذا يشكل خطرا على‬
‫المجتمع القائم فيه التأمين من هذا النوع‪ ،،‬أعنى أنها المقامرة بعينها‪.‬‬
‫‪137‬‬
‫‪-3‬شبهة االستغالل‪:‬‬
‫أن شركات التأمين هى الجانب األقوى والمتحكم‪ ،‬بسبب القوانين التى تسير عليها‬
‫شركات التأمين‪ ،‬فهذه القوانين ال يراعى فيها مبدأ تحقق المساواة بين الطرفين تحققا‬
‫كامال‪ ،‬وهى فى مصلحة الشركات غالبا‪ ،‬وهذا يؤكد خصيصة اإلذعان فى عقد التأمين‪،‬‬
‫مثل أنه إذا أدت ظروف إلى زيادة الخطر ‪ ،‬فإن المستأمن من ملزم بزيادة القسط‪ ،‬ليظل‬
‫التناسب قائما بين القسط والخطر‪ ،‬ولكن إذا حدث أن نقص الخطر فليس للمستأمن الحق‬
‫فى تخفيض القسط‪....‬وإذا عجز المستأمن عن دفع األقساط خالل مدة التأمين فإن‬
‫الشركة ترتب على ذلك وقف أثر العقد حتى لو وقع الخطر المؤمن منه‪.‬‬
‫وهناك من يقول إن التأمين فى ظل التأميم وسيطرة الدولة وملكيتها لشركات التأمين‬‫تبعد عن عقد التأمين شبهة الغرر‪ ،‬الربا‪ ،‬االستغالل‪ ...‬ولكنى أقول إن الدولة صحيح أنها‬
‫تتدخل لحماية المستأمن من استغالل الشركة وتقف بجانبه بشتى الطرق‪ ،‬ولكنها تصبح‬
‫عاجزة عن منع الغرر والربا‪ ،‬وأعتقد أن الوضع ال يختلف كثيرا عنه فى الشركات‬
‫الخاصة سوى فى نقطة واحدة وهى عدم االستغالل ونشر مظلة التأمين على الجميع‪.‬‬
‫واآلن لننتقل إلى النقطة التالية‪:‬‬
‫ب‪-‬البديل اإلسالمى‪:‬‬
‫نأتى اآلن إلى البديل الذى يتناسب مع المجتمع المعاصر من جهة‪ ،‬والشريعة اإلسالمية‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬وفى رأيى أن البديل ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫القسم األول ‪ :‬التأمين التبادلى‪:‬‬
‫وهو قائم فى العصر الحاضر‪ ،‬بمعنى أن هذا النوع من التأمين موجود فى العصر‬
‫الحاضر‪...‬والتأمين التبادلى‪ :‬هو عبارة عن المشروعات التعاونية ‪Co-operative ،‬‬
‫‪ Enterprises‬كما يطلق على هذة المشروعات اسم مشروعات‬
‫العضوية ‪ Membership Organization‬ويقصد بها تلك المشروعات التى تعارض‬
‫عمليات التأمين بقصد تقديم الخدمة لألعضاء أصال‪ ،‬وبدون السعى فى سبيل تحقيق‬
‫‪Proprietary Enterprises‬‬
‫الربح كما هو الحال عادة فى الشركات الممتلكة‬
‫‪138‬‬
‫ومن المميزات الرئيسية للمشروعات التعاونية أن القائمين بإدارتها هو األعضاء أنفسهم‪،‬‬
‫وهؤالء األعضاء ال يقومون عادة بدفع أجزاء فى رأس المال‪ ،‬إذ أن رأس المال غير‬
‫موجود أصال فى هذ ا النوع من المشروعات‪ ،‬ويترتب على ذلك اندماج شخصية المؤمن‬
‫والمستأمن فى شخص واحد هو عضو الهيئة والذى تندمج فيه بالتبعية مسئولية المؤمن‬
‫والمستأمن‪ ،‬وتكون مسئوليته عادة وعلى وجه العموم غير محدودة إذا ما قورنت‬
‫مسئولية المؤمن والمستأمن فى المشروعات الممتلكة‪.‬‬
‫ويظهر مما سبق أن العضو المستأمن فى المشروع التعاونى يطلب الضمان من غيره‬
‫من األعضاء فى نفس المشروع‪ ،‬وفى نفس الوقت يضمن األعضاء اآلخرين إخطارهم‬
‫بصفته عضوا فى المشروع‪ ،‬ولذلك يطلق على عملية التأمين التعاونى عادة لفظ التأمين‬
‫التبادلى‪.‬‬
‫ومشروعات التأمين التعاونى تعمل بدون رأس مال‪ ،‬كما أنها ال تعمل بقصد الربح‪،‬‬
‫وهى عبارة عن مشروعات يشترك فيها األعضاء الذين يتعرضون لخطر واحد مثل‬
‫خطر الحريق‪ ،‬وخطر الحوادث‪ ...‬الخ وهم فى هذه الحالة عندما يقع خطر ألحد‬
‫األعضاء يقومون بالماهمة فى تغطية نتيجة الكارثة التى وقعت لهذا العضو سواء عن‬
‫طريق حصص يدفعونها بعد تقدير الخسائر‪ ،‬أو حصص مقدمة حتى يغطوا الخسائر‬
‫التى وقعت‪ ،‬وإذا حدث فى نهاية العام فائض يقسم بين األعضاء‪ .‬على أن هذه الهيئات‬
‫أو المشروعات ال تقوم بقصد الربح إطالقا فهى تقوم فى مواجهة استغالل شركات‬
‫التأمين ولتحقق التعاون‪.‬‬
‫ومن عجب أن ال نشاهد أثرا لتلك المشروعات أو الهيئات فى مصر أو الدول اإلسالمية‪،‬‬
‫ومن عجب أيضا أن نشاهد أن تلك الهيئات أو المشروعات نشأت فى انجلترا والواليات‬
‫المتحدة وبقية الدول العربية‪ ،‬ولقد كان أولى بنا أن تكون لدينا هذه الهيئات‪ ،‬وبدال من‬
‫شركات التأمين المستغلة حتى لو كانت مؤممة‪ ،‬وعقود التامين التى تتعارض تماما مع‬
‫الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫وإذا عن الدول اإلسالمية تطبيق هذا النظام فإن لى أن أقترح اسلوب عمل لهذه الهيئات‬
‫فى إطار الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وهذا األسلوب هو أن تقوم هيئات للتأمين التبادلى تجمع‬
‫أعضاء المهن الواحدة والمتشابهة‪ ،‬أو األعضاء الذين يتعرضون لخطر واحد‪ .‬ويقوم‬
‫كل عضو فى بداية كل عام بدفع حصة معينة وثابتة ومتساوية مع بقية زمالئه‬
‫األعضاء‪ ،‬لكى تكون هذه الحصص حاضرة لتغطية الخسائر إذا وقعت‪ ،‬ولكى تعوض‬
‫‪139‬‬
‫العضو المصاب بالخسارة فورا‪ ،‬وهذه الحصص مخصصة لتغطية األخطار التى‬
‫يتعرض لها األعضاء‪ ،‬وإذا لم تكف تلزم األعضاء بدفع حصص أخرى خالل العام‪،‬‬
‫على أنه قد يصبح هناك فائض فى نهاية العام من هذه الحصص‪ ،‬وال أرى أن يوزع هذا‬
‫الفائض بل تقوم الهيئة باستثماره فى المشروعات االستثمارية عن طريق المشاركة‬
‫(المضاربة) لتحقق المنفعة لالقتصاد القومى ولألعضاء أيضا‪ ...‬على أن تودع األرباح‬
‫الناتجة عن هذا االستثمار صندوق الهيئة لالنفاق منه بسخاء لمقابلمة أية خسائر تقع‪،‬‬
‫وإذا زاد رصيد هذا الصندوق بحيث يكفى تغطية كل الخسائر فقد يعفى كل األعضاء من‬
‫دفع حصص أخرى‪....‬وعلى هذا تحقق هذه الهيئة عدة أهداف وهى‪:‬‬
‫‪-1‬تحقيق األمن واألطمئننان ألعضاء الهيئة وتغطية الخسائر التى يتعرضون لها‪.‬‬
‫‪-2‬عن طريق استثمار أموال الهيئى تتحقق الفائدة والنفع لالقتصاد القومى ولشركات‬
‫االستثمار بالتالى‪.‬‬
‫‪-3‬تحقيق الفائدة لألعضاء فى صورة تخفيض حصصهم فى الهيئى أو عدم دفعها لعدة‬
‫أعوام‪.‬‬
‫‪-4‬عدم سعى هذه الهيئات لتحقيق أى ربح – إذ أنها قائمة أساسا بقصد تقديم الخدمة‬
‫ألعضائها – يشجع أعضاء المجتمع كله على التسابق فى االشتراك فيها‪...‬مما يؤهلها‬
‫لتحقيق األهداف السابقة‪.‬‬
‫وبعد‪ :‬فإنى أرى أن قيام هذا النوع من الهيئات بجانب تحقيقه لألهداف السابقة‪ ،‬فإنه‬
‫يكون أولى من التأمين الذ ى يشوبه شبهات الربا والضرر واالستغالل التى تغير الوجه‬
‫اإلسالمى للمجتمع‪.‬‬
‫القسم الثانى ‪ :‬التكافل اإلجتماعى فى اإلسالم‪:‬‬
‫إن المجتمع اإلسالمى الصحيح هو مجتمع التكافل والتعاون كما وصفه رسول هللا صلى‬
‫عليه وسلم فى قول " مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى‬
‫منه عضو تداعى له سائر األعضاء بالسهر والحمى "‪.‬‬
‫واإلسالم قد قرر حصة من الزكاة للفقراء والمساكين كما قرر حصة للغارمين وهم‬
‫التجار المدينون فى غير معصية ويعجزون عن السداد‪ ،‬فيقوم بيت المال بسداد دينهم‬
‫نيابة عنهم من حصة الزكاة‪.‬‬
‫‪140‬‬
‫وهنا نأتى إلى نقطة هامة وجوهرية وهى لب هذا البحث‪ ،‬فإذا كنا نبحث عن المبالغ التى‬
‫تجمعها شركات التأمين إلعادة استثمارها فى المشروعات‪ ..‬فاألولى أن نسلك الطريق‬
‫القويم" وهو الزكاة‪..‬‬
‫إن فى الزكاة فائدة كبرى عند جمعها‪...‬وعلى كل إنسان أن يدفعها‪ ..‬وعلى الدولة أن‬
‫تنشىء صندوقا أو هيئة لجمع الزكاة وصرفها فى مصارفها‪ ..‬وبدال من أن نستثمر‬
‫أموال التأمين سواء بالفائدة أو القروض‪ .‬نستثمر أموال الزكاة مباشرة عن طريق الدولة‬
‫بال فوائد أو قروض‪ ،‬وذلك بأن تقوم هيئة متخصصة لها فروعها بجمع الزكاة فى كل‬
‫محافظة وكل قرية‪ ،‬وبعد أن تجمع الزكاة بشرط أن يكون القائمين عليها من غير خربى‬
‫الذمة‪ ...‬توزع الزكاة فى مصارفها الشرعية ثم يخصص جزء "الغارمين" فى االستثمار‬
‫عن طريق المشاركة (المضاربة) باإلضافة إلى الجزء الذى يفيض بعد توزيع الزكاة فى‬
‫االستثمار فى إقامة المشروعات الصناعية والزراعية والتجارية‪ ..‬الخ وبذلك نكون قد‬
‫حققنا عدة أهداف هى‪:‬‬
‫‪-1‬تحقيق وعودة الشريعة اإلسالمية وتطبيقها‪ ،‬وتحقيق العدالة اإلجتماعية‪ ،‬وإعادة الوجه‬
‫اإلسالمى للمجتمع المسلم مرة أخرى‪.‬‬
‫‪-2‬تحقيق التعاون والتكافل اإلجتماعى بصورة أكثر اشراقا‪ ،‬بحيث يعود بالنفع على كل‬
‫أعضاء المجتمع دون أن يشتركوا فى شركات التأمين‪ ،‬وذلك عن الطريق اإلسالمى‬
‫وتطبيق الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وال بأس أن ينشأ أعضاء المهن المتشابهة هيئات تأمين‬
‫تبادلى فيما بينهم للمساعدة فى تأمين األفراد على حياتهم وأموالهم وممتلكاتهم‪.‬‬
‫‪-3‬إبعاد شبهات الربا والغرر واالستغالل عن المجتمع اإلسالمى‪ ،‬بإنشاء صندوق أو‬
‫هيئة جمع الزكاة إلنفاقها فى مصارفها الشرعية التى حددها القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ -4‬استثمار أموال الزكاة بالطريق اإلسالمى الصحيح فنحقق فوائد للمجتمع اإلسالمى‬
‫وهى الرفاهية وارتفاع مستوى المعيشة والتقدم الذى ننشده جميعا‪.‬‬
‫إن فى اإلعتماد على هيئة الزكاة المقترحة دمج لهذه الفوائد وتحقيق الشريعة اإلسالمية‬
‫بما يغنينا عن تقليد الغرب سواء الرأسمالى أو االشتراكى ونسير فى نفس الطريق الذى‬
‫‪141‬‬
‫سار فيه الرعيل األول ومن تبعهم وجعلوا من األمة اإلسالمية إمبراطورية قوية تملك‬
‫دوال فى القارات الثالثة‪.‬‬
‫وقد صرح فضيلة الشيخ محمد علوانى رئيس لجنة الفتوى باألزهر‪ ..‬بأن لجنة الفتوى‬
‫باألزهر الشريف أفتت ‪":‬بأن التأمين بجميع أنواعه حرام ألنه مقامرة واستغالل‪ ،‬أما‬
‫المقامرة فألنه يرد ما يأخذه بين أن يموت أو يبقى لنهاية عقد التأمين‪ ،‬ويستحق على كل‬
‫مخصوصا وهذا مقامرمة أما اإلستغالل فإن شركات التأمين تعمل حسابا احتماليا لعدد‬
‫الموتى فى أى سنة وتبالغ فيه‪...‬هذا بالنسبة للتأمين على الحياة‪.‬‬
‫وأما أنواع التأمين األخرى كالتأمين على السيارات والبضائع فإن الشركة لم تعمل من‬
‫جانبها شيئا بالنسبة لسالمة هذه األشياء‪ ،‬فاستحقاقها المال على هذا يكون بغير وجه‬
‫شرعى‪ ،‬وترى اللجنة أن البديل للتأمين هو أن تجعل شركة مساهمة بطريق التعاون يقوم‬
‫على إدارتها بعض المساهمي إذا أصيب بحادثة موت أو جائحة مالية فأنه يأخذ من مال‬
‫الشركة مقدارا معينا ليسد به حاجته وهللا تعالى أعلم"‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬األسواق‬
‫بالوصول إلى نقطة البورصات أكون قد وصلت إلى آخر أدوات التمويل التى أخترتها‬
‫فى تحثى‪ ،‬لتكون مجاال للبحث فى كيفية تطوير هذه األدوات لتساير الشريعة اإلسالمية‬
‫من جهة والعصر الحاضر من جهة أخرى وفى بحثى فى البورصات اخترت‬
‫البورصات بوجه عام‪.‬‬
‫وفى بحثى للبورصات داخل النطاق اإلسالمى‪ ،‬سوف أبحث النقاط التالية‪:‬‬
‫‪-1‬البيع اآلجل‬
‫‪-2‬التنظيم اإلسالمى للبورصات الحالى‪.‬‬
‫(أ) نشاط البورصات الحالى‬
‫(ب)التنظيم اإلسالمى للبورصات‬
‫‪142‬‬
‫‪ -1‬البيع اآلجل‪:‬‬
‫سوف أتكلم عن البيع اآلجل باعتبار البورصات سوقا للبيع اآلجل " عن عائشة رضى‬
‫هللا عنها أن النبى صلى هللا عليه وسلم اشترى طعاما من يهودى إلى أجل ورهنه درعا‬
‫من حديد"‪.‬‬
‫عن ابن عباس رضى هللا عنهما قال "قدم النبى صلى هللا عليه وسلم المدينة وهم‬
‫يسلفون فى الثمار السنة والسنتين فقال صلى هللا عليه وسلم‪ :‬من أسلف فى ثمر – وفى‬
‫رواية أخرى ‪ -‬فى شىء فليسف فى كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم"‪.‬‬
‫هذا الحديثان يوضحان العقد المسمى بعقد السلم ومعناه السلف وزنا ومعنى‪ ،‬وهو عقد‬
‫موصوف فى الذمة مؤجل بثمن مقبوض فى المجلس‪ .‬ويشترط له ما يشترط للبيع إال أنه‬
‫يجوز فى المعدوم‪.‬‬
‫سئل عبد الرحمن ابزى وعبد هللا بن أبى أوفى عن السلف فقاال‪:‬‬
‫كنا نصيب المغانم مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فكان يأتينا أنباط الشام فننسلفهم فى‬
‫الحنطة والشعير والزيت إلى أجل مسمى‪ ،‬قال السائل قلت‪ :‬أكان لهم زرع أو لم يكن لهم‬
‫زرع؟ قاال‪ :‬ما كنا نسألهم عن ذلك‪.‬‬
‫ولقد اتفق العلماء على امتناع السلف إلى أجل فيما ال يثبت فى الذمة وهى الدور والعقار‪.‬‬
‫وأما سائر ذلك من العروض والحيوان فاختلفوا فيها‪.‬‬
‫هذا يوضح أن الفقهاء قد أدركوا معنى حديث الرسول الكريم وتناوال هذا الموضع‬
‫بتوسع‪ ،‬بدليل اتفاقهم على أشياء واختالفهم على أشياء أخرى‪.‬‬
‫ولقد قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم " من أسلم فى شىء فال يصرفه فى عيره"‪.‬‬
‫ولقد قصد الرسول الكريم إلى أنه إذا تم السلف فى شىء فإنه يوجب على من أخذه أن‬
‫يرد مثله‪ ،‬وال يرد غيره‪.‬‬
‫ولقد انتشر البيع اآلجل فى األسواق اإلسالمية‪ ،‬ألنه من جهة يسهل البيع‪ ،‬ومن جهة‬
‫أخرى إذا لم تكن األموال حاضرة فان÷ يسهل على المتعامليه االتجار دون توقف‪ ،‬كما‬
‫‪143‬‬
‫أنه من ناحية ثالثة أداة لتصريف السلع والبضائع كما أنه يسهل التعامل وال يجعل هناك‬
‫تعقيدات فى السوق‪.‬‬
‫ولقد كان اإلسالم أسبق من غيره فى إنشاء هذه األسواق التى تسهل على الناس وتيسر‬
‫عليهم تعاملهم‪.‬‬
‫وقد رخص لإلسالم فى هذا العقد للحاجة إليه تيسيرا على الناس ورفعا للحرج عنهم‬
‫ومراعاة لضروراتهم "الضرورات فى اإلسالم تبيح المحظورات"‪.‬‬
‫ويشترط فى هذا العقد سبعة شروط هى ‪:‬‬
‫‪-1‬أن يكون فيما يمكن ضبط صفاته من المكيل والموزون من حبوب وغيرها‪.‬‬
‫‪-2‬أن يصفه بما يختلف به الثمن ظاهرا‪ ،‬فيذكر جنسه ونوعه فيقول فى التمر مثال برنى‬
‫أو معلقى ونحوهما‪.‬‬
‫‪-3‬أن قدره بالكيل فى المكيل والوزن فى الموزون والذراع فى المذروع والعد فى‬
‫المعدود‪.‬‬
‫‪-4‬أن يشترط أجال معلوماته له وقع فى الثمن عادة كالشهر‪.‬‬
‫‪-5‬أن يكون المسلم فيه عام الوجود فى محله سواء كان موجودا حال العقد أو معدوما‪.‬‬
‫‪-6‬أن يقبض رأس ماله فى مجلس العقد أو ما فى معنى القبض‪.‬‬
‫‪-7‬أن يسلم الذمة فإن أسلم فى عين لم يصح ألنه ربما تلف قبل أوان تسليمه‪.‬‬
‫هذا هو عقد البيع ألجل أو كما يسميه الفقهاء عقد السلم وهو جائز عند أغلب الفقهاء‬
‫حتى ولو كان الشىء معدوم فى هذا العقد فقط‪.‬‬
‫‪-2‬البديل اإلسالمى للبورصات الحالية‪:‬‬
‫فى هذه النقطة سوف يكون لزاما على أن أبحث قبل أن أتحدث عن البديل اإلسالمى –‬
‫عن البورصات الحالية وعملها‪ ،‬لذلك سوف ينقسم البحث هنا إللى ‪:‬‬
‫‪144‬‬
‫(أ)نشاط البورصات الحالية‬
‫(ب)التنظيم اإلسالمى‬
‫ولسوف أقوم هنا بشرح لكل نقطة‪.‬‬
‫(أ)نشاط البورصات الحالية‪:‬‬
‫أن العمل فى البورصات يقوم على أسس تنظيمية لتعطى للبورصات وضعها وأهميتها‬
‫كأداة فى التعامل‪ ،‬وال شك أن هذا النوع من البورصات يرشد المدخر بفضل العمليات‬
‫التى تاإل عقد فى مساحتها‪ ،‬واألسعار التى تحددها إلى قيمة السكوك موضوع التعامل‬
‫وإلى اإلمكانيات المتاحة لرؤؤس األموال ‪ ،‬وهى تساعد بوجه خاص إلى تنبيه األذهان‬
‫إلى اإلتجاهات العامة فى التنبؤات‪.‬‬
‫والبورصات فى الحقيقة تولد فيها قوى اإلنتاج وتنمو ثم تتالشى طبيعيا‪ ،‬فهى تعتبر‬
‫المركز الذى يتم فيه تجميع التذبذبات التى تحدث فى الكيان االقتصادى وتسجيلها‪ ،‬والذى‬
‫تنطلق منه االنتفاضات التى تحكم تحركاته‪.‬‬
‫فضال عن ذلك فللبورصة ميزة أخرى عظيمة هى ضمان سيولة أموال المستثمر‬
‫المتداولة‪.‬‬
‫والبورصات تقوم على التنظيم القانونى الذى تضعه الدولة‪ ،‬وفى جمهورية مصر‬
‫العربية يوجد مثل هذا التنظيم القانونى‪ ،‬فقبل قوانين التأميم " ‪ "1961‬كانت توجد قوانين‬
‫صدرت لتنظيم أعمال البورصة وخاصة بعد ثورة ‪ 1952‬وهذه القوانين هى على‬
‫التوالى‪:‬‬
‫‪-1‬قانون رقم ‪ 326‬لسنة ‪ 1952‬فى شأن التعامل فى األوراق المالية‪.‬‬
‫‪-2‬قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ‪ 161‬لسنة ‪ 1957‬بالالئحة العامة لبورصات‬
‫األوراق المالية‪.‬‬
‫هذه القوانين وما تالها من مذكرات تفسيرية ولوائح منظمة تنظم أعمال البورصة‪ ..‬ولقد‬
‫توقف التعامل فى البورصة تقريبا فى مصر بعد عام ‪ 1961‬نتيجة قوانين التأميم‪ ،‬ولكنه‬
‫بعد اإلنفتاح االقتصادى بعد عام ‪ 1973‬بدأ النشاط والحيوية يدبان من جديد فى بورصة‬
‫‪145‬‬
‫األوراق المالية‪ ،‬وإن كانت هناك معوقات تعيق تطور البورصة لتأخذ مكانها الطبيع من‬
‫ضمن أدوات التمويل‪ ،‬ولكن حركة التطور كافية بإزالة هذه المعوقات‪.‬‬
‫ويوجد فى البورصة نوعان من العمليات وهما‪:‬‬
‫‪-1‬العمليات العاجلة‪:‬‬
‫هذه العمليات ال تشتمل على أى أجل إال بالنسبة لتسليم األوراق المالية أو البضائع‬
‫موضوع التعامل‪ ،‬وال بالنسبة لدفع الثمن‪ ،‬فهى تنفذ فى مدى مهلة قصيرة جدا‪.‬‬
‫وهذا ا لنوع من العمليات يعنى األشخاص الذين يريدون تسلم وتسليم األوراق المالية أو‬
‫البضائع موضوع التعامل وخصوصا المدخرين‪.‬‬
‫‪-2‬العمليات اآلجلة‪:‬‬
‫هذه العمليات تتضمن اشتراط ميعاد معين لتسليم البضائع أو األوراق المالية موضوع‬
‫التعامل ودفع ثمنها‪ ،‬وهى تعتبر من أعمال المضاربة التى غالبا ماال تتوافر فيها نية‬
‫التسليم أو التسلم‪ ،‬فالمشترى ألجل يأمل أن يرتفع السعر قبل انقضاء األجل فيعيد بيع ما‬
‫اشتراه ويحقق الفرق بين السعرين ربحا كذلك البائع بأجل يأمل على العكس أن يهبط‬
‫الثمن خالل األجل فيعيد شراء األوراق المالية أو البضائع بأسعار مجزية‪.‬‬
‫وتحدد عادة بعض أيام فى الشهر تجرى فيها كل بورصة عمليات التسوية أو التصفية‪.‬‬
‫وفى الصفقات اآلجلة يكون المشترى عادة فى موضع أفضل من البائع‪ ،‬ذلك أن‬
‫المشترى ال يكون عليه عند حلول إال تدبير المال الالزم الستالم األوراق أو البضائع‪،‬‬
‫أما البائع فعليه أن يجد األوراق أو البضائع من النوع المعين الذى باعه‪ ،‬فإذا ما كانت‬
‫تلك األوراق أو البضائع بين يدى المشترين ويرفض هؤالء التخلى عنها وجد البائعون‬
‫على المكشوف أنفسهم فى حالة اختناق‪ ،‬تضطرهم الستعاضة مركزهم بأثمان باهظة‪.‬‬
‫وهذا النوع من المضاربة الزم وضرورى‪ ..‬ألن الغرض األساسى من وجود البورصة‬
‫هو تيسير توظيف األموال بقصد الحصول على إيراد‪ ،‬وبجانب هذا يتم فيها أيضا‬
‫عمليات مضاربة‪ ،‬وهناك اعتقاد راسخ عند الجمهور يخلط بين المضاربة والمقامرة‬
‫وهذا خطأ‪.‬‬
‫‪146‬‬
‫فبينما الرأسمالى الحريص الذى يسمى رب العائلة ال يوظف أمواله إال فى سندات‬
‫الحكومة أو أسهم المشروعات القديمة المستقرة‪ ،‬يسعى المضارب بالعكس إلى المشروع‬
‫الذى قد يحدث فيه انتفاضة‪ ،‬حيث ينتج بدال من تحقيق إيراد أو فائدة كسب أو خسارة‬
‫رأس المال‪ ،‬فالمضابة تقوم على المخاطرة بالشك‪ ،‬ولوالها لما قامت مشروعات جديدة‪،‬‬
‫فالمضاربة وحدها هى التى تمول استغالل المكتشفات الحديثة‪.‬‬
‫والمضاربة الزمة جدا الستمرار العمل فى البورصة‪ ،‬وكل محاولة عملت بمعرفة‬
‫الحكومات إلبطالها كان نصيبها الفشل‪.‬‬
‫ولكن المضاربة قد تخرج أحيانا عن وظيفتها وتتخذ شكل المقامرة‪ ،‬فهى قد تتطور بفعل‬
‫المصالح الفردية البحتة وبوسائل ممقوتةوغير مشروعة للتأثير على األسعار‪ ،‬وهذا‬
‫الشكل يؤدى إلى اإلخالل بموازين األسعار‪ ،‬ويجعل البورصة أقرب إلى ناد للميسر‬
‫يؤمه المقامرون‪ ،‬ويقصدون إلى ذلك االنتفاع من تقلبات األسعار المفتعلة هبوطا‬
‫وارتفاعا‪.‬‬
‫والتعامل على الصفقات اآلجلة فى البورصة قد تنطبق عليها أركان هذا العقد(عقد السلم)‬
‫من أنه بيع شىء معلوم إلى أجل معلوم‪ ،‬ولكن ينقصها أهم أركان هذا العقد وهو نية‬
‫تسليم المبيع‪.‬‬
‫والشك أن المضاربات التى تجرى فى تلك البورصات والثروات التى تتبخر فى ثوانى‪،‬‬
‫والمؤامرات التى تحاك داخل هذه األسواق الحتكار بعض الصفقات‪ ،‬أو األضرار‬
‫ببعض األشخاص حتى أطلق على هذه األسواق أحيانا (بيت الميسر)‪.‬‬
‫فإذا أعدنا إلى حكم اإلسالم فى مثل هذه المعامالت نجد أنه يحرمها تحريما قاطعا‪ ،‬منعا‬
‫للضرر بالناس والغرر‪ ،‬فعن حكيم بن خزام أنه قال‪ :‬يارسول هللا يسألنى المرء البيع‬
‫ليس عندى ما أبيعه منه ثم أبتاع له من السوق‪ ،‬فقال عليه الصالة والسالم " ال تبع ما‬
‫ليس عندك" وفى رواية أخرى " ال تبع بيعا حتى تقبضه"‪.‬‬
‫وعن زيد بن ثابت أنه قال ‪ :‬نهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن تباع السلع حيث‬
‫تباع حتى تحوزها التجار إلى رحالهم"‪.‬‬
‫وهذا يوضح بجالء حرص رسول اإلسالم والشريعة اإلسالمية من إبعاد شبهة االحتيال‬
‫والمقامرة عن األسواق وعن المعامالت‪ ،‬والواقع أن المضاربة مجال فسيح للمغامرة فى‬
‫‪147‬‬
‫طلب الثراء العريض من أقرب الطرق وحيث تكون المغامرة‪ ،‬وتكون دوافع االحتيال‬
‫والنصب أقوى األسلحى وأفعلها فى يد المغامرين‪ ،‬وكم وقع على مسرح البورصة من‬
‫"خبطات" جرت الخراب على الناس‪ ،‬على حين هيأت الثراء الواسع لفئة قليلة من‬
‫المغامرين المقامرين‪.‬‬
‫والشريعة اإلسالمية تنكر هذه المقامرة‪ ،‬وهذا المنكر وتضرب على أيدى المتلبسين به‬
‫حماية للمجتمع‪ ،‬ودفعا للنتائج الخطيرة المترتبة على إفقار الناس وأكل أموالهم بالباطل‪،‬‬
‫وتالعب بأموال المدخرين‪ ،‬والذين يدفعون برؤوس أموالهم يبغون تشغيلها من أجل‬
‫االقتصاد ومن أجل استغالل المشروعات الجديدة‪.‬‬
‫واإلسالم كما وضح من األحاديث السابقة الذكر يحرص على أن ينقى سوق التعامل من‬
‫الشوائب التى قد تشوبه ‪ ،‬ومن التالعب والمقامرة‪ ،‬لذلك وضع الحدود واستن القواعد‬
‫التى تحمى المتعاملين فى هذه السوق من التالعب مع الجشعين‪.‬‬
‫ب‪-‬التنظيم اإلسالمى للبورصات‪:‬‬
‫رأينا كيف تسير البورصة‪ ،‬والقوانين المنظمة لها‪ ...‬ومن خالل هذا العرض أرى أن‬
‫البورصات سوق صالحة للتعامل والمعامالت فى الدول اإلسالمية‪ ،‬ولكن ال بد من‬
‫إدخال بعض التنظيمات عليها حتى تكون متمشية مع السوق اإلسالمية‪.‬‬
‫والبورصة لها شروط وهى‪:‬‬
‫‪-1‬وجود مكان معلوم‬
‫‪-2‬اتصال البائعين والمشترين بسهولة ويسر‬
‫‪-3‬اتجاه أثمان السلع نحو التساوى أو إتخاذ وضعها السليم بسرعة وسهولة‪.‬‬
‫‪-4‬الحرية التامة بين المتعاملين‪.‬‬
‫وأنى أرى أن السوق اإلسالمية من خالل أحاديث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لها‬
‫نفس الشروط التى للبورصة فهى‪:‬‬
‫‪148‬‬
‫‪-1‬وجود مكان معلوم‪:‬‬
‫حدثنا موسى بن اسماعيل قال‪ ،‬عن عبد هللا رضى هللا عنه قال كنا نتلقى الركبان‬
‫فنشترى منهم الطعام‪ ،‬فنهانا النبى صلى هللا عليه وسلم أن نبتاعه حتى يبلغ السوق‪.‬‬
‫وهذه حقيقة تظهر أنه البد من التعامل داخل مكان محدد‪ ،‬وفى مكان معلوم‪.‬‬
‫‪-2‬اتصال البائعين والمشترين بسهولة وسرعة‪:‬‬
‫من الحديث السابق نرى أنه مادام هناك مكان معلوم للتعامل وهو السوق فال بد أن يلتقى‬
‫فيه البائعون والمشترون‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك فما دام هو معلوم فااللتقاء سهل بين البائع‬
‫والمشترى‪.‬‬
‫‪-3‬الحرية التامة بين المتعاملين‪:‬‬
‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم "المتبايعان بالخيار كل واحد منهما بالخيار على‬
‫صاحبه مالم يتفرقا"‪.‬‬
‫فى هذا الحديث يوضح لنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه من آداب التعامل فى‬
‫السوق‪ ،‬الحرية التامة بين البائع والمشترى‪ ،‬فهذا يعرض الثمن أو السلعة وهذا يقبل أوال‬
‫يقبل‪ ،‬فلكل الحرية‪.‬‬
‫‪-4‬اتجاه أثمان السلع نحو التساوى واتخاذ الوضع السليم بسرعة وسهولة‪:‬‬
‫فى حديث موسى بن اسماعيل يتضح فيه أن النهى عن التعامل خارج السوق كان‬
‫لغرض‪ ،‬وهو أن يعرف الركبان األسعار بالسوق ويبيعون على هذا أألساس‪ ،‬وهذه ميزة‬
‫السوق هى أن تجعل أثمان السلع أو الصفقات موضع التعاقد معروفة وظاهرة وواضحة‪.‬‬
‫مما سبق يتبين لنا كيف أن اإلسالم يتفق مع المدنية الحديثة وأن البورصات كانت‬
‫مستخدمة‪ ،‬وإن كانت ليست بهذا التطور‪.‬‬
‫ولكن هناك المضاربة التى تعسكر صفو هذا السوق‪ ،‬وال أقصد المضاربة التى تبغى‬
‫صالح االقتصاد القومى ألن المضاربة فى حد ذاتها عالمة جيدة على التنبؤ بالمستقبل –‬
‫ولكنها أحيانا تخرج عن المفهوم وتتحول إلى المقامرة‪ ،‬وهذه ال بد من الوقوف أمامها‬
‫‪149‬‬
‫لمنع اضطراب السوق‪ ،‬واهتزاز االقتصاد القومى ألن البورصة تعتبر جهاز التمويل‬
‫واالستثمار‪.‬‬
‫لهذا أرى‪:‬‬
‫‪-1‬أن تدخل الحكومة فتحدد فى البورصة األسعار الدنيا والعليا‪ ،‬وهى التى تتأرجح بينهما‬
‫األسعار‪ ،‬وهنا نطمئن إلى عمليات المضاربة على فروق األسعار تجرى حسب طبيعة‬
‫السوق‪ ،‬ودوافع العرض والطلب وأن الصفقات الصورية ال يقع منها إال القليل النادر‬
‫الذى ال يؤثر على السوق‪.‬‬
‫‪ -2‬فى حالة ارتفاع األسعار وانخفاضها بالنسبة ألسهم الشركات وسلعها فعلى الشركة‬
‫التى ارتفع السعر أو انخفض لديها‪ ،‬أن تقدم تقريرا خالل مدة معينة (تكون مسئولة‬
‫مسئولية كاملة عنه) عن سبب ارتفاع أو انخفاض أسعار األسهم أو السلع ‪ ...‬ويظهر إن‬
‫كان هناك تالعب أوال عند تقديم حساب األرباح والخسائر‪ ،‬والميزانية فى نهاية العام‪.‬‬
‫‪-3‬يجب على الحكومات اإلسالمية أن تخصص أجهزة رقابة على الشركات التى تتعامل‬
‫فى البورصة‪ ،‬حتى ال يتالعب رؤسائها أو مديروها فى الميزانيات فيؤثروا على‬
‫األسعار فى البورصة ويستفيدوا هم وأتباعهم من فروق األسعار‪.‬‬
‫‪ -4‬هذا بجانب أحكام الرقابة على البورصات بصفة عامةعلى المتعاملين فيها ‪ ،‬حتى ال‬
‫يحدث تالعب بها ‪ ،‬وحتى يأمن المتعاملين شر تقلبات األسعار المخيفة نتيجة المضاربة‬
‫السيئة‪ ،‬وحتى تؤدى تلك األسواق دورها كجهاز للتمويل واالستثمار‪...‬‬
‫وبعد هذا العرض ألدو ات التمويل التى اخترتها وهى البنوك‪ ،‬وشركات التأمين ‪،‬‬
‫البورصات‪.‬‬
‫أنتقل إلى المبحث الثانى واألخير وهو نهاية هذا البحث ويبحث فى مصادر التمويل فى‬
‫ظل اإلسالم (الداخلية والخارجية) وبحث وضعها فى ضوء الشريعة‪ ،‬ومطلبات العصر‬
‫الحديث من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪150‬‬
‫المبحث الثانى‬
‫طريق اإلسالم لمصادر تمويل المشروعات‬
‫فى المبحث السابق تناولت بالتفصيل أدوات التمويل من منظور إسالمى‪ ،‬ولعل أدوات‬
‫التمويل السابق ذكرها ليست وحدها هى التى تلعب الدور الهام فى التمويل‪ ،‬ولكن توجد‬
‫مصادر المشروع التمويلية‪ .‬وهذه المصادر أما أن تكون ذاتية أى داخل المشروع نفسه‬
‫ويكون اعتمادها على أموال أصحاب المشروع‪ ،‬ولكن لما كانت ظروف السوق‬
‫والمعامالت تجعل أصحاب المشروع مضطرين لاللتجاء إلى مصادر أخرى‪ ،‬فإنهم‬
‫يلجأون إلى المصادر الخارجية‪ ،‬وعلى ذلك فإن مصادر تمويل أى مشروع تتكون من‪:‬‬
‫أوال‪ :‬المصادر الداخلية (الذاتية)‬
‫ولسوف أت ناول المصادر الداخلية أو الخارجية من منظور إسالمى أيضا لعدد من‬
‫المشروعات هى‪:‬‬
‫‪-1‬المشروع الفردى‬
‫‪-2‬شركات المساهمة‬
‫‪-3‬الشركات العامة‬
‫‪-4‬الجمعيات التعاونية‬
‫‪151‬‬
‫أوال ‪ :‬المصادر الداخلية (الذاتية)‬
‫المصادر الداخلية تختلف حسب نوعية المشروع وتختلف حسب النظام االقتصادى‬
‫ا لقائم‪ ،‬ولسوف أتناول المصادر الداخلية لعدد من المشروعات من وجهة نظر الشريعة‬
‫اإلسالمية وهى‪:‬‬
‫‪-1‬المشروع الفردى‪:‬‬
‫هو عبارة عن مشروع يمتلك الفرد رأس ماله وهو وحده المتصرف فى هذا المال‪ ،‬وهو‬
‫المتصرف فى إدارة المشروع‪ ،‬وكما ذكرت من قبل أن المشروع الفردى أجيز فى‬
‫اإلس الم وأباح استثمار المال بشرط أن يكون فى نواح مشروعة‪ ،‬وأبيح لهذا المال العمل‬
‫وتحقيق األرباح والتعرض للخسارة‪.‬‬
‫لهذا فإنه ال توجد أية موانع من وجهة نظر الشريعة اإلسالمية تقف أمام رأس المال‬
‫الفردى‪.‬‬
‫‪-2‬شركات المساهمة‪:‬‬
‫ذكرت من قبل الشركات المساهمة وكيفية عملها وتقسيم رأس مالها ولقد أشرت أيضا أن‬
‫شركات المساهمة تشبه شركات العنان‪ .‬على هذا فإن أعمال هذا النوع من الشركات‬
‫حالل من وجهة نظر الشريعة اإلسالمية كما أن أرباح هذه الشركات حالل طالما أن‬
‫رأس مالها يتعرض للربح والخسارة‪ ،‬وعلى هذا فإن أسهم هذه الشركات غير محرمة‬
‫شرع ا‪ ،‬ألنها متفقة مع ما جاء به الشرع‪ ،‬وهذا النوع من الشركات فى سبيل زيادة رأس‬
‫ماله يلجأ إلى مصدر آخر وهو االحتياطيات وقد سبق أن ذكرتها‪ ،‬ومادامت هذه األموال‬
‫تهدف إلى تقوية المركز المالى للشركة‪ ،‬وتعمل عمل رأس المال وتتعرض للمخاطرة‬
‫فهى تتمشى مع ما جاء به الشرع‪.‬‬
‫ويوجد مصدر ثالث لتقوية مركز الشركة المالى أال وهو األرباح المحتجزة (الغير‬
‫موزعة) التى سبق أن ذكرتها أيضا‪ ،‬وطالما أن هذه األرباح المحتجزة الهدف منها هو‬
‫‪152‬‬
‫إعادة استثمارها مرة أخرى من أجل النمو والتوسع مثل رأس المال تماما فهى تتمشى‬
‫مع ما جاء به الشرع‪.‬‬
‫‪-3‬الشركات العامة‪:‬‬
‫سبق أن تعرضت لهذا النوع من الشركات‪ ،‬وفى هذا النوع من المشروعات يتضح جليا‬
‫إنفاق الدولة‪ ،‬ويؤكد ابن خلدون على أهمية اإلنفاق الحكومى فى الدولة اإلسالمية‪ ،‬ويبين‬
‫آثار هذا اإلنفاق فى النواحى االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪ ،‬وأن نقص هذا اإلنفاق‬
‫يؤدى إلى عواقب سيئة‪ ...‬وفى ذلك يقول‪:‬‬
‫"أن نقص العطاء من السلطان نقص فى الجباية‪ ،‬والسبب فى ذلك أن الدولة والسلطان‬
‫هى السوق األعظم للعالم ومنه مادة العمران‪ ،‬فإذا احتجن السلطان األموال أو الجبايات‬
‫او فقدت فلم يصرفها فى مصارفها قل حينئذما بأيدى الحاشية والحامية وانقطع أيضا ما‬
‫كان يصل منهم لحاشيتهم وذويهم وقلت نفقاتهم جملة وهو معظم السواد ونفقاتهم أكثر‬
‫مادة لألسواق ممن سواهم فيقع الكساد حييئذ فى األسواق وتضعف األرباح فى المتاجر‬
‫فيقل الخراج لذلك ألن الخراج والجباية إنما تكون من االعتمار والمعامالت ونفاق‬
‫األسواق وطلب الناس للفوائد واألرباح ووبال ذلك عائد على الدولة بالنقص لقلة أموال‬
‫السلطان حينئذ بقلة الخراج فإن الدولة كما قلناه هى السوق األعظم أم األسواق كلها‬
‫وأصلها ومادتها فى الدخل والخرج فإن كسدت وقلت مصارفها فأجدر بما بعدها من‬
‫األسواق أن يلحقها مثل ذلك وأشد منه وأيضا‪ ،‬فالمال إنما هو متردد بين الرعية‬
‫والسلطان منهم إليه ومنه أليهم فإذا حبسه السلطان عنده فقدته الرعية سنة هللا فى عباده"‪.‬‬
‫وعندما أقامت الدولة اإلسالمية بعض المشروعات االستثمارية أنشىء ديوان خاص بها‬
‫هو "ديوان المستغالت" لإلنفاق على مشروعات الدولة‪.‬‬
‫وهذا يؤكد جواز إنفاق الدولة على المشروعات العامة‪ ...‬وفى العصر الحديث توجد‬
‫مصادر أخرى غير إنفاق الدولة هى‪:‬‬
‫مخصصات االهالك‬‫االحتياطيات‬‫الديون‬‫‪153‬‬
‫التصرف فى األصول‬‫األرباح المحتجزة‬‫وقد سبق أن ذكرت هذه المصادر بالتفصيل‪ ،‬وطالما أن هذه المصادر ال يشوبها ربا أو‬
‫غرر أو أى شبهات أخرى وأنها حالل شرعا‪ ،‬وطالما أنها تستخدم لتقوية مركز‬
‫المشروع المالى وتعمل عمل رأس المال وتتعرض للمخاطرة فإن هذه المصادر تتفق مع‬
‫وجهة نظر الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪-4‬الجمعيات التعاونية‪:‬‬
‫قامت الجمعيات التعاونية فى مختلف األنشطة لمواجهة استغالل أصحاب المشروعات‬
‫الخاصة‪ ،‬وهى فى المجتمع الرأسمالى تقوم بجانب المشروعات الخاصة الحداث‬
‫التوازن ولحماية المستهلك والمنتج الصغير‪ ،‬وفى االقتصاد الموجه واالقتصاد‬
‫االشتراكى تقوم كجهاز تعتمد عليه الدولة فى تنفيذ الخطة‪ ،‬ورأس مال الجمعية التعاونية‬
‫عبارة عن أسهم غير محددة العدد‪ .‬وهى صكوك متساوية القيمة‪ ،‬وعن القول عن مدى‬
‫جواز هذه األسهم شرعا أقول بأن هذه األسهم فى وضعها هذا تماثل أسهم شركات‬
‫المساهمة من حيث تعرضها للكسب والخسارة‪ ،‬وارتياد ميادين األعمال‪ ،‬وتعرضها‬
‫للمخاطرة التى يتعرض لها رأس المال‪...‬‬
‫إذن هذه االسهم تتفق مع ما جاءت به الشريعة‪ ،‬وتتفق مع وجهة النظر إلى األسهم فى‬
‫شركات المساهمة‪ ،‬واكن الجمعيات التعاونية قانونها يفرض فائدة ثابتة لألسهم‪ ،‬وهى‬
‫تصرف لألعضاء بجانب توزيع عائد على المعامالت وذلك بعد االستقطاعات من‬
‫الربح‪ ..‬وهذة الفائدة طبقا لوجهة النظر اإلسالمية محرمة‪ ،‬صحيح أن هذه الفائدة تدفع‬
‫لقاء تعرض رأس المال للمخاطرة‪ ،‬ولقاء مخاطرة أصحاب األسهم فى تعويض‬
‫مداخراتهم للكسب أو الخسارة‪.‬‬
‫ولكن كل هذا ال يبرر دفع فائدة ثابته لألسهم بجانب عائد المعامالت وأرى طبقا لوجهة‬
‫نظر الشريعة أنه يكفى جدا توزيع عائد للمعامالت وزيادته بدر من دفع فائدة ثابتة‬
‫لألسهم‪ ،‬وأرى أن هذه الفائدة يجب أن تلغى من القواني التعاونية‪ ،‬وبدال من اقتطاع‬
‫الفائدة (وهى ‪ %6‬فى القانون المصرى) يحتجز جزء منها كاحتياطى‪ ،‬والجزء الباقى‬
‫يوزع كعائد للمعامالت‪ ،‬ولهذا أرى أن هذه الفائدة غير جائزة‪...‬‬
‫‪154‬‬
‫باإلضافة إلى األسهم توجد االحتياطيات سواء التحميلية وهى التى تواجه النقص فى‬
‫قيمة بعض األصول أو خسائر محتملة‪ ،‬واالحتياطيات التخصيصية وهى جزء من‬
‫األرباح تقتطع بهدف تقوية مركز الجمعية المالى‪ ...‬وباألضافة إلى االحتياطيات يوجد‪:‬‬
‫ما قد يفرض من رسوم العضوية‬‫الهبات والوصايا‬‫ما يسقط الحق فى المطالبة به من العائد‪ ...‬الخ‬‫واالحتياطى كما سبق أن بينت يتفق مع روح الشريعة اإلسالمية‪ ،‬كما أن رسوم‬
‫العضوية والهبات‪ ،‬والحقوق التى سقط فى المطالبة بها‪ ،‬كل هذا فى انضمامه إلى المال‬
‫يهدف لتقوية مركز الجمعية المالى‪ ،‬وطالما أن هذه البنود تعمل عمل رأس المال من‬
‫حيث التعرض للمخاطرة‪ ،‬والتعرض للربح والخسارة‪ ،‬وأنها تهدف إلى زيادة قدرة‬
‫الجمعية على العمل والتوسع‪..‬‬
‫إذن فهى تتفق ووجهة نظر الشريعة اإلسالمية‪ ،‬لهذا فهى ليست محرمة شرعا وجائزة‬
‫إسالميا‪.‬‬
‫‪155‬‬
‫ثانيا ‪ :‬المصادر الخارجية‬
‫واآلن سوف أتعرض للمصادر الخارجية‪ ،‬وهى إحدى مصادر المشروعات للتمويل من‬
‫وجهة النظر اإلسالمية ولعدة مشروعات‪:‬‬
‫‪-1‬المشروع الفردى‪:‬‬
‫يوجد أمام صاحب المشروع طريقان إذا لم يكف ماله الخاص فى أن يستمر مشروعه‪،‬‬
‫إما أن يشرك معه آخر يكون لديه المال‪ ،‬ولكنه فى هذه الحالة سوف يتغير شكل‬
‫المشروع القانونى‪ ،‬ولكن صاحب المشروع الفردى قد يريد الحفاظ على شكل المشروع‪،‬‬
‫ولهذا فهو يلجأ للطريق الثانى وهو االقتراض سواء من المؤسسات أو البيوت المالية‪ ،‬أو‬
‫أصحاب رؤوس األموال‪ ،‬وهو فى الحالتين يدفع فائدة على ما يقترض‪ ،‬ولكن الوضع‬
‫فى المجتمع اإلسالمى يختلف ‪ ،‬فإن أصحاب رؤوس األموال أو البنوك اإلسالمية عندما‬
‫يقرضون صاحب المشروع الفردى‪ ،‬فإنهم يستثمرون أموالهم على أساس عقد‬
‫المضاربة‪ ،‬وبدال من الفائدة الربوية يقتسمون األرباح‪ ،‬وبذلك تستفيد جميع األطراف‬
‫وينجو المجتمع من شرور الفائدة الربوية‪ ،‬ويحتفظ صاحب المشروع بشكل مشروعة‬
‫وسيطرته عليه‪.‬‬
‫‪-2‬شركات المساهمة‪:‬‬
‫توجد عدة مصادر خارجية لهذا النوع من الشركات وهذه المصادر هى‪:‬‬
‫(أ) األسهم الممتازة‪:‬‬
‫سبق أن تعرضت لها بالتفصيل من قبل وأوضحت كيف أنها تشكل عبثا على المشروع‪،‬‬
‫وأن لها عدة مضار ‪ ،‬واتقاء لهذه المضار‪ ،‬فإنه يوجد فى اإلسالم ديوان يسمى "ديوان‬
‫المستغالت" وعمل هذا الديوان هو إنشاء المشروعات االستثمارية أو مساعدتها ومدها‬
‫باألموال على أساس عقد المضاربة السابق ذكره‪ ،‬وعندما تقوى هذه المشروعات فإنه‬
‫يسترد ما أعطاه أياها من أموال لكى يقوم بدورة تجاه المشروعات األخرى‪.‬‬
‫‪156‬‬
‫وتجنبا ألضرار األسهم الممتازة فإنه يوجد طريق آخر هو إصدار أسهم عادية‪ ،‬وإذا‬
‫كانت الحاجة عاجلة فإنه يلجأ للطريقة سابقة الذكر‪.‬‬
‫(ب)السندات‪:‬‬
‫سبق أن تعرضت للسندات‪ ،‬ووأوضحت أن السندات تعتبر بمثابة قرض على الشركة‬
‫لقاء فائدة سنوية ثابتة وهى محرمة شرعا‪ ،‬وهذه الفائدة مهما حاولت النظم االقتصادية‬
‫الحديثة أن تعدل منها ‪ ،‬مثل فكرة معدل فائدة متغير يعتمد على أن يكون جزء من السند‬
‫ثابت‪ ،‬والجزء اآلخر يتوقف على معدل مكاسب المشروع‪ ،‬ومهما حاولت هذه النظم‬
‫اللف والدوران‪ ،‬فإن معدل الفائدة الثابت يمارس نفاذا طاغيا‪ ،‬ويمثل عرقلة لدفع عجلة‬
‫اإلنتاج‪.‬‬
‫ومن الرأى أنه بدال من إصدار السندات‪ ،‬فعلى المشروعات أن تلجأ إلى ‪:‬‬
‫‪-1‬نظام المضاربة‬
‫‪-2‬أو إصدار أسهم جديدة لزيادة رأس مال الشركة‬
‫(ج)االقتراض‪:‬‬
‫سبق أن تعرضت لجميع صور القروض القصيرة والمتوسطة والطويلة‪ ،‬وأوضحت أن‬
‫الفوائد التى تدفع على هذه القروض هى فوائد ربوية محرمة‪ ،‬والطريق اإلسالمى الذى‬
‫سبق أن اقترحته هو عقد المضاربة‪ ،‬وهذا العقد يبعدنا عن شرور الفائدة ويحقق أهداف‬
‫الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬ويسير بنا إلى الطريق الصحيح‪.‬‬
‫ويوجد مصدرا آخر هو االئتمان التجارى‪ ،‬وطالما أن هذا النوع يخلو من الربا‪ ،‬وأنه‬
‫يسهل العمليات التجارية‪ ،‬ومادامت الثقة متوافرة لهذا النوع وكما سبق أن أوضحت أنه‬
‫م صدرا هاما للتمويل الخارجى‪ ،‬لهذا ر أرى أنه يتعارض مع الشريعة اإلسالمية‪ ،‬بل إنه‬
‫يتمشى معها‪ ،‬بخالف االئتمان المصرفى الذى تشوبه شبهة الربا‪.‬‬
‫‪157‬‬
‫‪-3‬المشروعات العامة‪:‬‬
‫سبق أن تعرضت للمشروعات العامة من قبل‪ ،‬وأنه أمام هذه المشروعات نوعان من‬
‫اإلقتراض‪ ،‬األول هو اإلقتراض المحلى‪ ،‬ولقد سبق أن تعرضت لهذا النوع من القروض‬
‫وقدمت له االقتراحات اإلسالمية‪ ،‬والنوع الثانى من أنواع القروض للمشروعات العامة‬
‫هو القروض األجنبية‪ ،‬وهذه القروض تكون عادة قروض إنتاجية لشراء آالت أو سلع‬
‫إنتاجية‪ ،‬وعلى هذا أرى أن تكون القروض من األموال السائلة (النقدية) عن طريق‬
‫"بيت المال" أو "ديوان المستغالت" فقط‪ ،‬وعلى هذا يكون اإلقترا ض من الدول األجنبية‬
‫من أجل إنتاج أى سلع إنتاجية أو وسيطة‪ ،‬أو آالت‪ ...‬وبدال من دفع فائدة ربوية محرمة‬
‫شرعا فإنى أرى‪:‬‬
‫‪-1‬إما أن يشارك رأس المال األجنبى فى المشروعات على أساس عقد المضاربة‪ ،‬وأن‬
‫يتقاسم األرباح مع الطرف اإلسالمى بعد خصم اال ستقطاعات والمصاريق‬
‫واالحتياطيات‪.‬‬
‫‪-2‬وإما أن يقدم لنا رأس المال اإلنتاجى هذا وهو اآلالت والمعونات الفنية بشرط أال ندفع‬
‫الفائدة الربوية‪ ،‬ولكن زيادة فى الثمن فقط تدفع بعد فترة يتفق عليها‪ ،‬على أساس أن ما‬
‫يدفع زيادة فى ثمن ما نشتريه يتناسب مع المدة التى ينتظرها مقدم القرض اإلنتاجى‪.‬‬
‫هذا ما أقترحه فى ضوء الشريعة اإلسالمية‪ ،‬ويبعدنا عن شبهات الربا‪.‬‬
‫‪-5‬الجمعيات التعاونية‪:‬‬
‫سبق أن ذكرت أن مصادر الجميعات التعاونية الداخلية قد ال تكفى‪ ،‬لذلك فهى تلجأ إلى‬
‫اإلقتراض سواء م ن البنوك التجارية أو التعاونية‪ ،‬وهى لقاء ذلك تدفع فوائد ربوية‬
‫محرمة شرعا‪ ،‬وعلى هذا أرى كما سبق أن أوضحته أن على البنوك التجارية أو البنوك‬
‫التعاونية أن تقدم قروضها على أساس عقد المضاربة‪ ،‬وإنى أجد أن تقوم البنوك‬
‫التعاونية بإمداد الجمعيات التعاونية باألموال على أن يكون بهذه البنوك أجهزة بحوث‬
‫تقدم النصح للجمعيات التعاونية حتى يحدث األثر المطلوب من إنشاء هذه الجمعيات‪،‬‬
‫هذا من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإنى أرى أن تساهم الجمعيات التعاونية فى أسهم تلك‬
‫‪158‬‬
‫البنوك حتى تشد أزر هذه البنوك من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى حتى يكون ارتباط‬
‫الجمعيات بالبنوك ارتباطا أقوى‪ ،‬ويوجد مصدر آخر هو الودائع على اختالف أنواعها‬
‫من أعضاء الجمعية أو من غير أعضائها‪ ،‬وهو مصدر هام ألنه يجذب رؤوس أموال‬
‫كثيرة الستثمارها فى الجمعية على أن ترد عند الطلب‪ ،‬وأن ترد غير منقوصة عند‬
‫التصفية‪ ..‬ولقد سبق أن تعرضت بالتفصيل للودائع ومدى أهميتها للجمعية‪.‬‬
‫طالما أن هذه الودائع تحقق تقوية المركز المالى للجمعية وال تدفع لقائها فوائد‪ ...‬فإنها‬
‫تسير مع وجهة نظر الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫وبعد هذا اإلستعراض للمصادر الداخلية والخارجية فإنى أكون قد وصلت إلى نهاية‬
‫بحثى‪ ،‬وأتمنى من هللا تعالى أن أكون قد وفقت فيما قصدت‪ ،‬ووفقت فى تقديم جهد‬
‫متواضع أخدم به أمتى ووطنى اإلسالمى الكبير‪.‬‬
‫‪159‬‬
‫الخاتمة‬
‫وبعد‪:‬‬
‫فإنى قمت فى الباب األول باستعراض أشكال المشروعات المعاصرة فى مختلف النظم‬
‫االقتصادية‪ ،‬وإدارة تلك المشروعات ماليا سواء من ناحية مفهوم اإلدارة المالية وأهدافها‬
‫ووظائفها‪ ،‬واإلدارة المالية للمشروعات فى تلك النظم‪ ،‬وبعد أن قمت بعرض ألدوات‬
‫تمويل هذه المشروعات من بنوك وشركات تأمين وبورصات‪ ،‬وعرض لمصادر هذه‬
‫المشروعات سواء المصادر الداخلية (الذاتية) أو المصادر الخارجية‪.‬‬
‫بعد هذا العرض‪ ،‬انتقلت إلى الباب الثانى الستعراض الجانب اإلسالمى ومن خالل هذا‬
‫توصلت إلى عدة نتائج وهى على التوالى‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬أن أشكال المشروعات فى اإلسالم تستطيع بمالها من قدرة تنظيمية أن تستوعب‬
‫كثير من األنشطة االقتصادية المعاصرة‪ ،‬فمثال إذا ألقينا نظرة على شركات العنان التى‬
‫تؤسس على مساهمة الشركاء بأموالهم فهى تقابل شركات األموال فى العصر الحديث‪،‬‬
‫كما أن تسميتها أحيانا بأنها شركات أموال دليل قاطع على أنها تقابل شركات األموال‬
‫اآلن سواء أكانت شركات المساهمة أو شركات ذات مسئولية محدودة‪ ،‬وشركات‬
‫المضاربة التى يسهم فيها الشركاء بالعمل من ناحية‪ ،‬والمال من ناحية أخررى‪ ،‬تقابل‬
‫شركات التوصية البسيطة والتوصية باألسهم‪ ،‬وشركات المفاوضة وهى التى تقوم على‬
‫أساس تفويض كل شريك إلى صاحبه شراء‪ ،‬وبيعا‪ ،‬ومضاربة وتوكيال‪،‬وابتياعا فى‬
‫الذمة‪ ،‬ومسافرة بالمال‪ ،‬وارتهانا‪ ...‬فهى على ذلك تقابل التوكيالت السياحية‪ ،‬وشركات‬
‫التخليص الجمركى ومكاتب التصدير واالستيراد مثال وغيرها من أنواع هذه الشركات‪،‬‬
‫والمشروعات العامة فى اإلسالم تشابه تقريبا تلك المشروعات العامة التى تقام اآلن‪ ،‬بل‬
‫إن المشروعات العامة فى اإلسالم سبقت المشروعات العامة التى تقيمها الدول‬
‫االشتراكية وتفخر بها سواء من ناحية تقديم الخدمات أو إقامتها لسد فراغ فى االقتصاد‬
‫القومى‪ ،‬مثل مشروعات تمهيد الطرق وشق الترع ‪ ...‬الخ وهذا دليل على سبق اإلسالم‬
‫فى هذه المجاالت‪.‬‬
‫‪160‬‬
‫ثانيا ‪ :‬وفى مجال اإلدارة المالية فى اإلسالم تناولت مفهوم اإلدارة المالية وتعريفها فى‬
‫اإلسالم‪ ،‬كما تعرضت ألهدافها‪ ،‬وفى مجال وظائف اإلدارة المالية فى اإلسالم نجد أن‬
‫اإلسالم قد وضع أسس هذه الوظائف قبل أن توضع فى العصر الحديث بل نفذها بأحسن‬
‫ما يكون‪ ،‬ففى مجال التخطيط نجد القرآن الكريم فى سورة يوسف وضع أسس التخطيط‬
‫العلمى السليم وهى ترشيد اإلنتاج ‪ ،‬وترشيد التخزين‪ ،‬وترشيد االستهالك‪ ،‬ثم إنه وضح‬
‫التخطيط بعيد اآلجل ورسم سياسة سليمة لهذا التخطيط فى اإلسالم مبنى على ترتيب‬
‫األولويات حسب المقاصد الشرعية وهى الضروريات‪ ،‬والحاجيات‪ ،‬والتحسينات وفى‬
‫التخطيط ترتب األولويات من حيث تحديد األهمية النسبية لكل هدف‪ ،‬والبدء فى تنفيذ‬
‫األهم فالمهم حسب المقا صد الشرعية المذكورة آنفا‪ ،‬والتخطيط المالى فى اإلسالم مبنى‬
‫على هذه األسس بجانب أنه يهدف أيضا إلى تجنب اإلسراف والتبذير والعدالة فى توزيع‬
‫الدخول والثروات‪..‬ومن أمثلة التخطيط المالى فى اإلسالم ما حدث فى عهد عمر بن‬
‫الخطاب فى تقدير الخراج على األرض الزراعية‪.‬‬
‫وف ى مجال التنفيذ نجد أن اإلسالم وضع أسسا وقواعد وهى المشاركة والتعاون‬
‫واإلشراف الدقيق‪ ،‬وليس أدل على ذلك من أن الخلفاء كان يعينون الوالة بأنفسهم حتى‬
‫يطمئنوا إلى سالمة التنفيذ‪ ،‬ومن عناصر تنفيذ التخطيط السليم ما نراه فى عهد عمر بن‬
‫الخطاب من تدوين الدواوين وتقدير األعطيات‪.‬‬
‫واذا إنتقلنا إلى مجال الرقابة‪ ،‬نجد أن اإلدارة فى العصر الحديث وضعت أسسا وقواعد‬
‫دقيقة للرقابة‪ ،‬ولكن فى مجال تنفيذ الرقابة وأحكامها‪ ...‬لم تستطع أن تصل إلى المستوى‬
‫الرقابى المحكم الدقيق فى النظام اإلسالمى‪ ،‬وذلك ألنه فى الدولة اإلسالمية الرقابة تنبع‬
‫من داخل اإلنسان من ضميره ومن وجدانه‪ ....‬واإلسالم قائم على تربية النفس‬
‫والروح‪ ...‬فإذا كانت صافيتين أصبحت الرقابة سليمة‪ ،‬وعلى ذلك فالرقابة كانت نابعة‬
‫من ضمائر نقية‪ ...‬باإلضافة إلى وجود رقباء على العاملين أيضا لهم ضمائر سليمة‪...‬‬
‫وفوق هذا يوجد رقيب خارجى وهو المحتسب يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر‪ ،‬كما‬
‫أنه ال يوجد تفريط فى الحقوق والواجبات‪.‬‬
‫‪161‬‬
‫ثالثا ‪ :‬وإذا إنتقلنا إلى أدوات التمويل وهى فى هذا البحث البنوك وشركات التأمين‬
‫والبورصات‪ ،‬نجد أن اإلسالم قدم لنا بديال جيدا عن النظام الربوى المعاصر سواء فى‬
‫عملية اإليداع أو اإلقراض فى البنوك الحديثة‪ ،‬وهو نظام المشاركة (المضاربة)‪ ،‬وهو‬
‫اشتراك رب المال ورب العمل فى اقتسام األرباح بعد خصم المصاريف‪.‬‬
‫وفى التأمين قدم لنا اإلسالم نظام التكافل اإلجتماعى فى صندوق الزكاة كبديل عن عقد‬
‫التأمين المعاصر‪ ،‬ومن ناحية المبدأ أقر نظام التأمين التبادلى‪ ،‬ولكنى اقترحت نظاما‬
‫يشابه نظام التأمين التبادلى وبحيث يتمشى مع الشريعة اإلسالمية لحماية األفراد من‬
‫األخطار من جهة ولبث اإلطمئنان واألمان فى نفوسهم‪.‬‬
‫وفى مجال أألسواق (البورصات) قدم اإلسالم بعض األسس والقواعد المنظمة لها‬
‫ويطلق عليها فى اإلسالم األسواق‪ ،‬ولقد بينت هذا التنظيم‪ ،‬وقدمته على أساس من‬
‫الشريعة من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى بحيث يتمشى مع العصر الحديث‪ ،‬وبما يوفر مناخا‬
‫جيدا تعمل البورصات فى ظله‪ ،‬وحماية لها من التقلبات العنيفة‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬فى مجال مصادر التمويل التى قسمتها إلى مصادر داخلية؛ ومصادر خارجية‪.....‬‬
‫فقد تبين بالنسبة للمصادر الداخلية (وهى رأس مال أصحاب المشروع المتمثل فى‬
‫األسهم؛ أو مساهمة الدولة؛ أو االحتياطيات بكافة أنواعها؛ واألرباح المحتجزة) أنها‬
‫مصادر تتمشى مع الشريعة اإلسالمية باستثناء الفوائد على األسهم فى الجمعيات‬
‫التعاونية‪ ،‬ولقد اقترحت نظام بديال فيما يتعلق بتلك الجمعيات‪ ،‬وهو أن تزداد نسبة العائد‬
‫على المعامالت لالعضاء من ناحية ‪ ،‬وتزداد نسبة اإلحتياطى القانونى من ناحية أخرى‬
‫بدال من إعطاء فوائد على األسهم‪ ...‬وهذا يحقق غرضين وهما‪ :‬زيادة ارتباط األعضاء‬
‫بجمعتهم‪ ،‬وتقوية المركز المالى للجمعية‪.‬‬
‫‪162‬‬
‫وبالنسبة للمصادر الخارجية ( وهى اإلقتراض المحلى‪ ،‬واألجنبى والسندات واألسهم‬
‫الممتازة‪ ،‬والودائع‪ ،‬واالئتمان التجارى‪ ،‬االئتمان المصرفى ) فإنه يوجد من بينها ما هو‬
‫متمشى مع الشريعة مثل االئتمان التجارى الذى يمنحه لبعض المشترين على أساس‬
‫تسديد ثم السلعة المباعة بعد فترة يحددونها‪.‬‬
‫وهذا المصدر متمشى مع الشريعة اإلسالمية لخلوه من شبهة الربا أو الغرر؛ كما أن‬
‫الودائع بالنسبة للجمعيات التعاونية متمشية مع الشريعة اإلسالمية لخلوها أيضا من شبهة‬
‫الربا‪.‬‬
‫أما المصادر التى تتعارض مع الشريعة وهى اإلقتراض (المحلى‪ ،‬واألجنبى) فإنى‬
‫استخ لصت من الشريعة اإلسالمية ما هو بديل عنهما‪ .‬وهذا البديل يتلخص فى عقد‬
‫المضاربة اإلسالمية ( كما سبق أن ذكرته فى نظام البنوك) هذا بالنسبة للقروض المحلية‬
‫واألجنبية على السواء‪ ،‬ويوجد بديل آخر بالنسبة للقروض األجنبية (اآلالت‪،‬‬
‫والمعدات‪ ....‬الخ) وهى زيادة فى (الثمن) تناسب اآلجل الذى يدفع بعدة الثمن‪ ...‬وهذه‬
‫البدائل أسهل وافضل من اإلقتراض وأفيد بحيث يستفيدان معا‪ ،‬وتخلو المعامالت من‬
‫شبهة الربا‪.‬‬
‫أما من ناحية السندات واألسهم الممتازة فلقد اقترحت بدال منهما نظرا لشبهات الربا‬
‫واالستغالل فيهما‪ ،‬طرح أسهم عادية جديدة لزيادة رأس مال المشروعات‪ ،‬أو االلتجاء‬
‫إلى اإلقتراض من البنوك بالطريقة اإلسالمية وهى المضاربة‪ .‬والوضع بالمثل بالنسبة‬
‫لالئتمان المصرفى‪.‬‬
‫وبعد‪ ......‬فهذا عرض سريع لما توصلت إليه من نتائج‪ ،‬وأرجو أن أكون قد وفقت فيه‪.‬‬
‫"تم بحمد هللا"‬
‫‪163‬‬
‫المراجع‬
‫اوال‪ :‬العربية‬
‫‪ .1‬القرآن الكريم‬
‫‪ .2‬د‪.‬احمد فؤاد ابراهيم احمد علي‪:‬االنفاق العام في االسالم‪ -‬معهد الدراسات‬
‫االسالمية ‪1973‬‬
‫‪ .3‬د‪.‬احمد فؤاد ابراهيم احمد علي‪:‬االقتصاد االسالمي المقارن ‪ -‬معهد الدراسات‬
‫االسالمية محاضرات لطلبة الماجستير ‪1977‬‬
‫‪ .4‬احمد الشرباصي‪:‬االسالم واالقتصاد – الدار القومية للتوزيع والنشر ‪1065‬‬
‫‪ .5‬د‪.‬اسماعيل صبري عبد اله ‪:‬االسس النظرية لتنظيم القطاع العام (دراسات‬
‫تمهيدية) ج ‪ 3‬مؤسسة االهرام –المركز العربي للدراسات السياسية واالقتصادية ‪1968‬‬
‫‪ .6‬د‪ .‬ابراهيم زكي الدين ‪ :‬نظرية الربا المحرم – المجلس االعلي للفنون واالدآب‬
‫والعلوم االجتماعية ‪1064‬‬
‫‪ .7‬ابن رشد القرطبي‪:‬بداية المجتهد ونهاية المقتصد ج ‪ – 2‬مكتبة الكليات‬
‫االزهرية‪1966‬‬
‫‪ .8‬ابي اسحق ابراهيم بن علي يوسف الفيروزابادي‪:‬المهذب في فقه مذهب االمام‬
‫الشافعي – مطبعة عيسي البابي الحلبي‬
‫‪ .9‬ابن عابدين‪ :‬حاشية رد المختار ج ‪ – 4‬مكتبة ومطبعة مصطفي البابي الحلبي‬
‫الطبعة ‪1966 2‬‬
‫‪ .10‬الماوردي‪ :‬االحكام السلطانية – معهد الدراسات االسالمية‬
‫‪ .11‬ابن حبيب ‪ :‬االحكام السلطانية – جمعية االحصاء والتشريع واالقتصاد السياسي‬
‫‪ .12‬ابي حامد الغزالي ‪:‬احياء علوم الدين ج ‪ - 1‬جمعية االحصاء والتشريع‬
‫واالقتصاد السياسي‬
‫‪ .13‬ابن تيمية ‪ :‬كتاب العقود – المطبعة السلفية‬
‫‪ .14‬ابن تيمية‪ :‬السياسة الشرعية في اصالح الراعي والرعية – دار الشعب – الطبعة‬
‫‪1975 2‬‬
‫‪ .15‬ابن عبد هللا محمد بن احمد االنصاري القرطبي ‪ :‬الجامع الحكام القرآن ج ‪– 3‬‬
‫دار الكتاب العربي للطباعة والنشر ‪1967‬‬
‫‪164‬‬
‫‪ .16‬ابن القيم الجوزية ‪ :‬القواعد النورانية – دار الكتب‬
‫‪ .17‬ابن القيم الجوزية ‪ :‬اعالم المزقعين – دار الكتب‬
‫‪ .18‬السيد عثمان بن حسنين بن الجعلي المالكي‪ :‬سراج السالك شرح اسهل المسالك ج‬
‫‪ 1،2‬مكتبة ومطبعة مصطفي البابي الحلبي الطبعة ‪1963 1‬‬
‫‪ .19‬الحافظ شهاب الدين ابي الفضل العسقالني‪ :‬مكتبة ومطبعة مصطفي البابي الحلبي‬
‫‪1959‬‬
‫‪ .20‬ابي عبيد القاسم بن سالم ‪:‬االموال –دار الفكر ‪1967‬‬
‫‪ .21‬القاضي ابو يوسف‪:‬الخراج – المطبعة السلفية‪ -‬الطبعة ‪ 1396- 5‬هـ‬
‫‪ .22‬د‪.‬ابراهيم الدسوقي اباظة ‪:‬االقتصاد االسالمي مقوماته ومناهجة – دار الشعب‬
‫‪1974‬‬
‫‪ .23‬د‪ .‬احمد العسال‪،‬د‪ .‬فتحي احمد عبد اللكريم ‪:‬النظام االقتصادي في االسالم مبادئه‬
‫واهداغه‪-‬مكتبة وهبة –القاهرة ‪1977-‬‬
‫‪ .24‬د‪ .‬بدوي عبد اللطيف‪ :‬الميزانية االولي في االسالم – ساسلة الثقافة االسالمية –‬
‫‪1960‬‬
‫‪ .25‬جمال الحكيم‪ :‬عقود التأمين من الناحيتين التأمينية والقانونية – دار المعارف –‬
‫‪1965‬‬
‫‪ .26‬د‪ .‬جالل بكير ‪ :‬االدارة المالية‪ -‬مكتبة عين شمس‪1975 -‬‬
‫‪ .27‬د‪ .‬حسن توفيق ‪ :‬االدارة المالية في الشركات المساهمة – ‪1960‬‬
‫‪ .28‬زيدان ابو المكارم‪ :‬بناء االقتصاد في االسالم – مكتبة دار العروبة ‪1966 -‬‬
‫‪ .29‬د‪.‬سيد الهواري ‪ :‬االدارة المالية‪ -‬دار النهضة العربية ‪1965-‬‬
‫‪ .30‬د‪.‬سالمة عبد هللا‪ :‬ادارة وتنظيم منشآت التأمين – مطبعة الرسالة – ‪1964‬‬
‫‪ .31‬د‪.‬سامي وهبه غالي‪ :‬ادارة المنشآت المالية – مطبعة الرسالة – ‪1968‬‬
‫‪ .32‬د‪.‬شوقي شحاتة‪ :‬مفاهيم ومبادئ االقتصاد االسالمي – المجلس االعلي للشئون‬
‫االسالمية – ‪1976‬‬
‫‪ .33‬د‪.‬شوقي حسين عبد هللا‪ :‬االدارة المالية‪ -‬دار النهضة العربية ‪1965-‬‬
‫‪ .34‬د‪.‬صبحي تادرس قريصة ‪ :‬النقود والبنوك – دار المعارف – الطبعة الثانية –‬
‫‪1964‬‬
‫‪165‬‬
‫‪ .35‬د‪.‬صالح الدين نامق ‪ :‬علم االقتصاد ومحاولة االقتراب من االقتصاد االسالمي ‪-‬‬
‫مكتبة عين شمس‪1975 -‬‬
‫‪ .36‬ص‪ .‬اميل ليفي ‪ :‬موجز المعلومات الخاصة بسوق االوراق المالية – مطبعة‬
‫شندلر – طبعة ‪1958 – 2‬‬
‫‪ .37‬د‪.‬عيسي عبده‪ :‬دراسات في االقتصاد الوضعي ‪ -‬معهد الدراسات االسالمية‬
‫‪ .38‬د‪.‬عيسي عبده‪ :‬االقتصاد االسالمي مدخل ومنهاج – دار نهضة مصر للطبع‬
‫والنشر ‪ 1974 -‬معهد الدراسات االسالمية‬
‫‪ .39‬مستشار عمر شريف‪ :‬نظام الحكم في الدولة االسالمية ‪ -‬معهد الدراسات‬
‫االسالمية‬
‫‪ .40‬د‪ .‬عبد العزيز عبد الكريم ‪ :‬االدارة المالية والتحطيط المالي ‪ -‬دار النهضة‬
‫العربية‬
‫‪ .41‬د‪ .‬عبد العزيز عبد الكريم ‪ :‬االدارة المالية في التعاونيات التجارية – مكتبة‬
‫التجارة والتعاون ‪1970 -‬‬
‫‪ .42‬د‪.‬عبد السالم بدوي ‪ :‬ادارة القطاع العام في المجتمع الشيوعي –مكتبة االنجلو‬
‫المصرية ‪1969‬‬
‫‪ .43‬عبد الرحمن بن خالدون‪ :‬المقدمة – المطبعة االزهرية‬
‫‪ .44‬د‪.‬غريب الجمال ‪:‬التأمين في الشريعة االسالمية والقانون ‪ -‬معهد الدراسات‬
‫االسالمية ‪1974 -‬‬
‫‪ .45‬د‪.‬كمال ابو الخير ‪ :‬اصول التنظيم واالدارة ‪ -‬مكتبة عين شمس‪1967 -‬‬
‫‪ .46‬د‪ .‬كمال وصفي ‪ :‬التكامل االقتصادي بين الدول االسالمية ‪ -‬معهد الدراسات‬
‫االسالمية ‪1976 -‬‬
‫‪ .47‬د‪ .‬كمال وصفي ‪ :‬المشروعية في االسالم ‪ -‬جمعية االحصاء والتشريع‬
‫واالقتصاد السياسي‬
‫‪ .48‬د‪.‬محمود محمد نور ‪ :‬تحليل النظام المالي في االسالم ‪ -‬المجلس االعلي للشئون‬
‫االسالمية – ‪1975‬‬
‫‪ .49‬د‪.‬محمد يحي عويس‪ :‬االشتراكية‪ -‬مطبعة الرسالة – ‪1969‬‬
‫‪ .50‬د‪.‬محمد يحي عويس ‪ ،‬د‪.‬منسي اسعد عبد الملك‪ :‬مبادئ االقتصاد الحديث – دار‬
‫المطبوعات الدولية – ‪1971‬‬
‫‪166‬‬
‫‪ .51‬د‪ .‬عبد المنعم راضي‪:‬النقود والبنوك في النشاط االقتصادي –مؤسسة دار‬
‫التعاون‪ -‬طبعة ‪1971 – 3‬‬
‫‪ .52‬عبد الكريم الخطيب‪:‬السياسة المالية في االسالم‪ -‬دار الفكر العربي – طبعة ‪– 2‬‬
‫‪1976‬‬
‫‪ .53‬هبد السميع المصري مقومات االقتصاد االسالمي – مكتبة وهبة – ‪1975‬‬
‫‪ .54‬د‪ .‬عبد هللا العربي المعامالت المصرفية المعاصرة ورأي االسالم فيها ‪ -‬معهد‬
‫الدراسات االسالمية ‪1976 -‬‬
‫‪ .55‬الشيخ علي الخفيف ‪ :‬احكام المعامالت الشرعية ‪ ،‬مطبعة السنة المحمدية – طبعة‬
‫‪1950 – 3‬‬
‫‪ .56‬الشيخ علي الخفيف ‪ :‬الشركات في االسالم ‪ ،‬معهد الدراسات االسالمية ‪1965 -‬‬
‫‪ .57‬عبد الرخمن عبد الباقي ‪:‬تنظيم وادارة المكاتب ‪ -‬مكتبة عين شمس‬
‫‪ .58‬د‪ .‬عبد المنعم فوزي ‪ :‬السياسة المالية في النظام االشتراكي‪ -‬دار الكاتي العربي ‪-‬‬
‫‪1967‬‬
‫‪ .59‬د‪ .‬محمود محمد بابللي ‪ :‬المال في االسالم – دار الكتاب اللبناني – ‪1975‬‬
‫‪ .60‬د‪ .‬محمود محمد بابللي ‪ :‬االقتصاد في ضوء الشريعة االسالمية – دار الكتاب‬
‫اللبناني – ‪1975‬‬
‫‪ .61‬د‪ .‬محمد يوسف موسي‪:‬ففة الكتاب والسنة (البيوع) والمعامالت المالية‬
‫المعاصرة‪ -‬دار الكتاب العربي – طبعة ‪1954 -2‬‬
‫‪ .62‬د‪ .‬محمد عبد العزيز عجمية ‪،‬د‪ .‬صبحي تادرس قريصة‪ :‬النقود والبنوك والتجارة‬
‫الخارجية – دار المعارف – ‪1970‬‬
‫‪ .63‬محمد السيد دسوقي‪ :‬رسالة ماجستير عن التأمين وموقف الشريعة االسالمية منه‬
‫ المجلس االعلي للشئون االسالمية – ‪1976‬‬‫‪ .64‬الشيخ علي منصور ناصف‪ :‬التاج – ج‪ – 2‬طبعة ‪4‬‬
‫‪ .65‬محمد عميش ‪ :‬النظام االقتصادي في االسالم – مطبعة الوحدة العربية – ‪1971‬‬
‫‪ .66‬د‪ .‬محمد عبد النتعم الجمال ‪ :‬االخالق والمعامالت في االسالم – دار الشعب –‬
‫‪1975‬‬
‫‪ .67‬د‪ :‬محمد البهي ‪ :‬نظام التأمين في هدي احكام االسالم وضرورات المجتمع‬
‫المعاصر ‪ -‬مكتبة وهبة – ‪1965‬‬
‫‪167‬‬
‫‪ .68‬د‪ .‬محمد ضياء الدين الريس ‪ :‬الخراج والنظم المالية للدولة االسالمية – دار‬
‫المعارف – طبعة ‪1969 – 3‬‬
‫‪ .69‬د‪ .‬محمد عبد المنعم خميس ‪ :‬االدارة في صدر االسالم ‪ -‬المجلس االعلي للشئون‬
‫االسالمية – ‪1974‬‬
‫‪ .70‬المجلة االقتصادية ‪ :‬البنك المركزي المصري – ‪1961‬‬
‫‪ .71‬المجلة االقتصادية ‪ :‬البنك االهلي المصري – ‪1977‬‬
‫‪ .72‬نشالات بورصة االوراق المالية بالقاهرة‬
‫‪ .73‬صحيح البخاري‬
‫‪ .74‬صحيح مسلم‬
‫ثانيا ‪ :‬المترجمة‬
‫‪ -75‬انوار اقبال القؤشي ‪ :‬االسالم والربا – ترجمة فاروق حلمي‪-‬‬‫مكتبة مصر‬
‫‪ - 76‬م زا ز منان ‪ :‬االقتصادر االسالمي بين التظرية والتطبيق‬
‫(دراسة مقارنة) – ترجمة د‪ .‬مصطفي منصور تركي‪ -‬المكتب‬
‫المصري للطباعة والنشر‪1970 -‬‬
‫‪168‬‬
‫ االجنبية‬: ‫ثالثا‬
77-A. Stadniehenko: Monetary Crisis of Capitalism,
Moscow, 1975
78- Charies R. Whittlessey, Arthur M. Freedman and
Edward S. Herman : Money Banking Analysis and
Policy ,New York ,Macmillan Co. 2nd Printing,1964
79-Ernest W. Walker and William H. Baughn: Financial
Planning ,Policy Scope and Objectives of Financial
Planning, New York,1971
80-Eugene M. Lerner : Managerial Finance Systems
Approach , New York,1971
81-John Kenneth Galbraith : Money, whence it came,
where it went, Houghton Mifflin co. ,1975
82-John Syz; International Development Banks, New
York,1974
83-Lawrence S. Ritter and William L. Silber : Money ,
New York,2nd edition,1973
84-Lester V. Chandler : The Economics of Money and
Banking Harper and Raw Publishers , 6th
edition,1973
169
85-Ninel Bautina:CMEA To-day: From Economic Cooperation to Economic Integration,Moscow,1st
printing,1973
86-Robert Barro and Hershel Grossman: Money
Employment and Inflation ,Cambridge,1970
87-Thomas C. Committee : Managerial Finance for the
Seventies, McGraw-Hill Series in Finance ,1972
88-Twenty Three Top Bankers and Economists Explore
the Changes in Specialized Areas :The Changing
work of Banking, New York,1974
89-A group of Professors in Economics :Soviet Finance,
Principles Operation, Moscow,1st edition,1975
90- A group of Professors in Economics: Soviet Planned,
Economy, Moscow,1st edition,1974.
170
‫فهرس‬
‫الصفحة‬
‫الموضوع‬
‫المقدمة‬
‫الباب األول‬
‫أشكال المشروعات وتمويلها حديثا‬
‫الفصل األول‪ :‬المشروعات وأشكالها وإدارتها المالية حديثا‬
‫‪2‬‬
‫المقدمة‬
‫المبحث األول ‪ :‬أشكال المشروعات حديثا‬
‫‪2‬‬
‫أوال‪ -‬فى النظم الرأسمالية‬
‫‪4‬‬
‫ثانيا‪ -‬فى االقتصاد الموجه‬
‫‪9‬‬
‫ثالثا‪ -‬فى النظم االشتراكية‬
‫‪13‬‬
‫المبحث الثانى ‪ :‬اإلدارة المالية حديثا‬
‫‪-1‬تعريف اإلدارة المالية وأهدافها ووظائفها‬
‫‪16‬‬
‫‪-2‬اإلدارة المالية للمشروعات المختلفة‬
‫‪18‬‬
‫‪171‬‬
‫الصفحة‬
‫الموضوع‬
‫الفصل الثانى‪ :‬تمويل المشروعات حديثا‬
‫المقدمة‬
‫‪32‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬أدوات التمويل حديثا‬
‫أوال – البنوك‬
‫‪33‬‬
‫ثانيا – شركات التأمين‬
‫‪44‬‬
‫ثالثا – البورصات‬
‫‪53‬‬
‫المبحث الثانى‪ :‬مصادر التمويل حديثا‬
‫‪60‬‬
‫أوال – الداخلية (الذاتية)‬
‫‪62‬‬
‫ثانيا – الخارجية‬
‫‪69‬‬
‫الباب الثانى‬
‫أشكال المشروعات وتمويلها فى اإلسالم‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬أشكال المشروعات إدارتها المالية فى اإلسالم‬
‫المقدمة‬
‫‪84‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬أشكال المشروعات فى اإلسالم‬
‫‪85‬‬
‫‪172‬‬
‫الصفحة‬
‫الموضوع‬
‫المبحث الثانى ‪ :‬اإلدارة المالية فى اإلسالم‬
‫‪101‬‬
‫أوال‪ -‬دور المال وأهميته‪ ،‬ومفهوم اإلدارة المالية فى اإلسالم‬
‫‪102‬‬
‫ثانيا – أهداف ووظائف اإلدارة المالية فى اإلسالم‬
‫‪105‬‬
‫الفصل الرابع ‪ :‬تمويل المشروعات فى ظل اإلسالم‬
‫المقدمة‬
‫‪116‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬طريق إسالمى ألدوات تمويل المشروعات‬
‫‪117‬‬
‫أوال –البنوك‬
‫‪117‬‬
‫ثانيا – شركات التأمين‬
‫‪129‬‬
‫ثالثا – البورصات‬
‫‪142‬‬
‫المبحث الثانى ‪ :‬طريق إسالمى لمصادر تمويل المشروعات‬
‫‪151‬‬
‫أوال – الداخلية (الذاتية)‬
‫‪152‬‬
‫ثانيا – الخارجية‬
‫‪159‬‬
‫الخاتمة‬
‫‪160‬‬
‫المراجع‬
‫أوال – العربية‬
‫‪164‬‬
‫ثانيا – المترجمة‬
‫‪168‬‬
‫ثالثا – األجنبية‬
‫‪169‬‬
‫‪173‬‬