تمويل المشروعات حديثا وفي ظل االسالم د .علي مكي 1 الباب االول اشكال المشروعات وتمويلها حديثا الفصل االول المشروعات واشكالها وادارتها المالية حديثا سوف يتم استعراض المشلروعات واشكالها وادارتها المالية حديثا،ففي العصر الحديث وبعد الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر وبعد التطبيقات التي اعقبت تلك الثورة قامت عدة مشروعات وتشكلت بعدة اشكال ،ولقد تطورت تلك االشكال في ظل هذه الثورة ،وبعد قرنين من الزمان وبعد التطورات التي حدثت وخاصة في دول اوروبا الغربية والواليات المتحدةوبعد االستعمار والكشوف الجغرافية ،وفي النصف الثاني من القرن العشرين تقريبا استقرت تلك االشكال واصبحت لها صورتها المعاصرة. وفى المبحث االول من هذا الفصل سوف أقوم ببحث تلك االشكال التى أصبحت كثيرة ومتعددة ،ثم انتقل الى تناول كيفية ادارة تلك المشروعات المالية فى ظل العصر الحديث ،وذلك فى المبحث الثانى. والشك أن اى مشروع مهما كان حجمه وشكله يتوقف نجاحه على مدى قدرة ادارة المشروع على ادارته وتوجيهه .وبصفة خاصة ادارته المالية ،وعلى ذلك يتوقف نجاح المشروع وتقدمه ونموهن وتوسعه. المبحث االول اشكال المشروعات الحديثة انشئت المشروعات اوال بحيث تفى بحاجة الذين انشأوها وبخاصة االفراد ..وكانت مشروعات فردية صغيرة ،وكانت تقوم على االكتفاء الذاتى ألفرادها ..ثم تطورت هذه المشروعات فاتسع نطاقها باتساع حاجيات المجتمع ..وكبرت المشروعات لتكون لديها القدرة على سد حاجات اآلخرين من غير أصحابها. وجاءت الثورة الصناعية وحملت معها رياح التغيير فى كافة مجاالت الحياة فقد انتهى عهد االقطاع فى اوروبا وتم القضاء عليه بصفة نهائية ،ونشأت طبقة البرجوازية الصناعية ،وبدأت المدن تكتظ بالفارين من الريف ليجدوا عمال فى ظل النظام الوليد. 2 واحتاجت المشروعات الجديدة فى تلك الفترة الى وقت حتى ترسخ اقدامها وواجه بعضها النجاح وواجه البعض اآلخر الفشل ،ولعل ذلك ادى الى ان تكون هناك انواع متعددة من المشروعات يهدف كل نوع منها الوفاء بأغراض واحتياجات معينة. ولقد أعقب الثورة الصناعية ظهور النظام الرأسمالى نسبة الى ان رأس المال هو المحرك األساسى لهذا النظاام وهو هدف الطبقة الجديدة التى نشأت فى ظل هذا النظام. وفى ظل هذاالنظام نشأت أشكال عدة للمشروعات ،وفى القرن التاسع عشر بدأت تظهر لهذا النظام بعض المساوىء ،باإلضافة الى ظهور األفكار االشتراكية التى بدأت تنادى بحقوق العمال والعدالة االجتماعية ،واعادة توزيع الدخول .....الخ من االفكار المناوئة للنظام الرأسمالى. وقد تدخلت حكومات دول أوروبا الصالح مساوىء هذا النظام فقامت بإنشاء المشروعات التى تعمل على تشغيل العاطلين والتى تقدم الخدمات المختلفة وكذا المشروعات التى يحجم االفراد عن القيام بها ،ولقد أطلق على هذا التدخل من جانب الدول اسم االقتصاد الموجه ،ولقد كان هذا التدخل بهدف حماية النظام الرأسمالى نفسه. وجاءت الثورة الشيوعية فى االتحاد السوفيتى فى القرن العشرين وقامت هناك التجربة االشتراكية. وبعد الحرب العالمية الثانية()1945-1939قامت االشتراكيات الديمقراطية فى اوروبا الشرقية، وأدى ذلك الى ظهور االقتصاد االشتراكى وملكية الشعب ألدوات االنتاج ،وظهور المشروعات العامة التى أصبحت األساس بدال من الشروعات الخاصة فى النظام الرأسمالى ،وأصبح للقطاع الخاص فى ظل االقتصاد االشتراكى دور محدود ،وان بدأ فى العودة اآلن بصورة أو بأخرى الحتياج اقتصاديات الدول االشتراكية الى القطاع الخاص بجانب حاجتها الى رأس المال األجنبى والشركات الخاصة األجنبية لمساعدتها فى التنمية. ومما هو جدير بالذكر أنه بعد قيام االقتصاديات االشتراكية بدأت بعض الدول فى اتباع سياسة االقتصاد الموجه ،وخاصة الدول المتحررة حديثا والنامية ،مع جعل القطاع العام ،سواء المؤمم او المملوك ملكية عامة ،هو القاعدة العامة والقطاع الخاص عامال مساعدا بعكس االقتصاديات الموجهة فى أوروبا الغربية التى تعتبر القطاع الخاص هو القاعدة األساسية والقطاع العام هو المساعد ،ولعل هذا التضارب والتداخل فى النظم االقتصادية أعطانا العديد من أشكال المشروعات ،ولهذا اتسع نطاق المشروعات ليشمل أنواعا متعددة وتقسيمات كثيرة ،وهذه التقسيمات سأذكرها بإيجاز وهى-: أوال – من حيث طبيعة عملياتها()25 -1صناعية: (أ) على أساس المراحل الصناعية: 3 تضم المشروعات االستخراجية ،والتحليلية والتركيبية والتجميعية والتحويلية. (ب)على أساس نوع السلع التى تنتجها: مشروعات السلع االنتاجية والسلع االستهالكية. (ج)على أساس مدى أهمية الصناعة للمجتمع : توجد صناعات أساسية وثانوية ويطلق عليها الصناعات المكملة. -2تجارية: وهى مشروعات تتضمن تجارة السلع ،وتقوم ايضا بدور الوسيط بين الصناعات المختلفة. ثانيا – من حيث حجمها()25 وهى تنقسم الى مشروعات صغيرة ومتوسطة وكبيرة او ضخمة. ثالثا – من حيث الشكل القانونى: والشكل القانونى الى مشروع له عالقة وطيدة بالنواحى المالية له مثل رأس المال ،مسئولية الشركاء ،مدة المشروع ...الخ وايضا بنواحى غير مالية مثل التكوين ،نوع النشاط ،درجة التدخل ورقابة الحكومة)26( . كما يتحكم فى الشكل القانونى ألى مشروع قوانين الدولة ونظامها االقتصادى وظروف السوق ،الى غير ذلك من العوامل التى تتحكم فى المشروع من هذا يمكن القول: "بأن الشكل القانونى ألى مشروع يتحدد طبقا لرأس المال ومسئولية الشركات ومدة المشروع ،كما يتتحدد طبقا لنظام الدولة االقتصادى وقوانينها باالضافة الى نوع النشاط الذى يمارسه المشروع باالضافة الى الظروف األخرى التى تحيط بأى مشروع" والشكل القانونى للمشروع هام ألنه يحدد اسم المشروع ورأس ماله ومدى الثقة التى يتيحها لعمالئه والممولين والدائنين ،ولهذا تعددت أشكال المشروعات طبقا لتعدد النظم االقتصادية السائدة فى العصر الحديث ،لذلك سوف أتناول المشروعات من خالل النظم االقتصادية المتعارف عليها اآلن وهى-: اوال -النظام الرأسمالى: مع بداية االكتشافات الجغرافية بدأت الرأسمالية بقيادة الطبقة البرجوازية تأخذ مكانها ،وتبدأ بالطريق فى محاولة الوثوب مكان االقطاع الذى استفحلت مساوئه ،وبدأت البرجوازية تتوسع فى عصر التجاريين بعد أن خاضت معارك الحياة خالل عدة احقاب مع اإلقطاع، 4 واستطاعت أن تثب مكانه ،ولكن النظام الرأسمالى الوليد لم يستطع أن يقضى تماما على اإلقطاع وأن يرسخ أقدامه إال بعد قيام االنقالب الصناعى الكبير الذى قلب موازين القوى من ناحية ،وحقق للنظام الرأسمالى أكبر انتصار فى معاركه من أجل أخذ الصدارة فى المجتمع من ناحية أخرى. وكان هذا االنقالب ،أو هذه الثورة إيذانا بإنتهاء عصر هو عصر اإلقطاع ،والى االبد، وبداية عصر جديد هو عصر الرأسمالية. وبدأت هجرة الفالحين والمزارعين من الريف ،وأيضا هجرة رؤوس األموال الى المدن والتكالب على اإلنتاج الصناعى الجديد .....كل هذا رسخ أقدام النظام االقتصادى الجديد، وتوسع وكبر وسرعان ما احتل المكانة المرموقة التى كان يصبو إليها فى معظم المجتمعات األوروبية ،ولقد حقق هذا النظام فى الدول التى قام فيها تقدما كبيرا ،ونموا مطردا ،وقفزات واسعة وخاصة فى دول أوروبا .ومما ال شك فيه أنه بعدما كانت المشروعات تأخذ الشكل الفردى البسيط أخذت فى التوسع لآللية ولزيادة رؤوس األموال فى محاولة لتحقيق األرباح الكبيرة عن طريق زيادة اإلنتاج. وبهذا تعددت أشكال المشروعات ،وأخذت هذه االشكال تتمايز حتى أصبحت األشكال التى نعرفها اآلن فى معظم المجتمعات الرأسمالية وهى: -1المشروع الفردى -2شركة التضامن -3شركة التوصية البسيطة -4شركة التوصية باألسهم -5شركة المحاصة -6الشركات ذات المسئولية المحدودة -7شركات المساهمة وسأتناول من تلك المشروعات ما يلى-: -1المشروع الفردى: هو المشروع الذى يمتلكه فرد واحد ،يقوم بإدارته وملكيته ،ويعتبر أبسط أشكال المشروعات ،وهو ما كان سائدا قبل أو بعد نشوء النظام الرأسمالى ،وله أهمية كبيرة نظرا لما يمثله من أهمية وحيوية بالنسبة للمواطنين القريبين منه والذين يستسهلون التعامل معه، 5 وذلك ما جعل هذا الشكل من المشروعات مستمرا حتى اليوم نظرا ألنه سهل التنظيم والرقابة والتكوين والتصفية ،ويتمتع ببعض المزايا الضريبية ووجود الحافز الشخصى لدى صاحب المشروع. كل هذا ساعد وسهل انتشار وبقاء هذا الشكل من أشكال المشروعات. -2شركة التضامن: هى عبارة عن عقد بين اثنين أو أكثر بقصد االتجار على وجه الشركة وأساس هذا النوع من الشركات هو العالقة الشخصية بين الشركاء وثقتهم فى بعضهم البعض ،ولهذا فإنه فى هذا النوع من الشركات يتوافر الحافز الشخصى الذى يدفع الشركاء على العمل لمزيد من الربح باإلضافة الى ذلك فالشركاء حريصون على الحد من المصروفات لزيادة االرباح ،كما أنهم يتعاونون فى ادارة المشروع ويكمل بعضهم البعض ،وان كان فى ذلك ضرر على الشركة وهو أنه اذا وزعت السلطة واالدارة بين الشركاء قد ينفرد أحدهم بعمل من أعمال المخاطرة مما يسبب للمشروع أضرارا بالغة واذا كانت االدارة المشتركة قد تؤدى فى بعض االحيان الى عدم اتخاذ القرارت بسرعة ألخذ الرأى باإلجماع. بجانب هذا فالشركات من هذا النوع يغلب على أفرادها الحرص والحذر فيما يتخذونه من قرارات بسبب المسئولية التضامنية ،كما أن الشركاء يستطيعون توفير مقادير أكبر من األموال (أكبر مما يتوافر للمشروع الفردى) بسبب أن لكل شريك القدرة على توفير قدر من المال باإلضافة الى قدرة بقية الشركاء. واجراءات تأسيس هذا النوع من الشركات سهل ميسر ،اال أن هذه الشركات ال تستطيع اإلقدام على تنفيذ المشروعات االقتصادية الضخمة واالعمال الكبيرة بسبب أن أمكانياتها المالية محدودة. ودوام هذا النوع من الشركات يتوقف على رغبة الشركاء األمر الذى يهدد الشركة من وقت آلخر ،فإذا حدث خالف مثال بين الشركاء فإنهم يتفقون على إنهاء المشروع ،كما أنه إذا توفى أحدهم فإن المشروع ينتهى بقوة القانون ،اإال إذا لم ينص فى عقد الشركة على خالف ذلك ،كما وتنتهى الشركة إذا أفلس أحد الشركاء. -3شركة التوصية البسيطة والتوصية باالسهم: ان السبب في حمع هذين النوعين من الشركات تحت عنوان واحد يرجع الي انهما متشابهان الي حد بعيد. 6 وهذان النوعان من الشركات عبارة عن عقد بين شريك أو اكثر متضامن ومسئول مسئولية غير محددوة،وتتوافر فيه الكفاءة والخبرة الالزمة نوقد ال يكون لديه المال الالزم وشريك أو أكثر موصي لديه المال الالزم ولكن محرم علية االتجار بسبب طبيعة عمله،او عدم جرأته ومسئوليته محدودة. والفرق بين النوعين ان المال في االولي يدفعه الشريك الموصي وهو حصة يتفق عليها بين الشركاء وهومسئول مسئولية محددة بهذه الحصة،اما المال في الثانية الذي يدفعة الشريك الموصي فهو سهم او اسهم،الن راس المال مقسم الي اسهم مج\حددة لكل شريك الحق في شراء اي عدد من االسهم،وال يشترط الثقة بين الشركاء فللشريك الموصي التنازل عن اسهمه للغير. واسهم شركة التوصية باالسهم يجوز تداولها،بعكس شركة التوصية البسيطة التي يجب ان تتوافر الثقة بين شركائها،كما ان حصص المال فيها غير متداولة الختالفها،وليس للشريك الموصي التنازل عن حصته للغير االبعد موافقة بقية الشركاء. ويشترك هذان النوعان من المشروعات في تهيئة الفرصة واتاحتها لتجميع قدر اكبر من رؤوس االموال،كما ان اجراءتها سهلة وغير معقدة،كما ان الحكومة ال تتدخل في رقابتها،هذا باالضافة الي انها تيسر علي بعض من ال يستطيعون العمل او االشتغال بالتجارة بسبب طبيعة عملهم او اي ظروف اخري ان يساهموا باموالهم في تلك المشروعات ،وييسر هذا النوع من المشروعات للذين لديهم اختراعات او افكار ينقصها المال للتنفيذ ان ينشئوا هذا النوع من المشروعات. وشركة التوصية البسيطة تنتهي بوفاة احد الشركاء او الحجز عليه او اعساره او افالسه او فقدانه لسمعته،بعكس شركة التوصية باالسهم التي ال تنتهي بوفاة احد الشركاء ،ولكن قد تنتهي بوفاة الشريك الذي يشرف علي االدارة اال اذا نص علي غير ذلك في عقد الشركة. وهذا النوع من الشركات يعجز عن اقتحام وارتياد الميادين االقتصادية الضخمة بسبب عجزه عن جمع رؤوس االموال الالزمة لدخول تلك الميادين. وهذه االنواع من المشروعات تتمتع ببعض الكفاءات االدارية نظرا لقدرتها علي توفير هذه الكفاءات التي تقوم بدور كبير في انجاح هذه المشروعات،واختيار الوقت المناسب والبدائل المناسبة التي تعود بالفائدة علي المشروع. -4شركات المساهمة: هذا النوع من الشركات يطلق عليه شركات االموال نظرا لقدرتها الفائقة في تجميع رؤوس االموال الضخمة التي تجعلها تقف علي ارض صلبة في اقتحامها للميادين االقتصادية الكبيرة والهامة. 7 وهذا النوع من الشركات بدأ في ظل القطاع الخاص ،اي المشروع الفردي الذي يملكه عدة افراد،وعندما توسعت وتغيرت الظروف االقتصادية توسعت هذه المشلروعات بحيث اصبح يمكال المشروع عدد كبير من االفراد ينتخبون مجموعة منهم الدارة المشروع،باالضافة الي ذلك فان هذا النوع من المشروعات يصلح للقطاع العام ايضا. ورأس مال هذ الشركات مقسم الي اجزاء متساوية يطلق عليكل جزء اسم سهم،والسهم غيرقابل للتجزئة ،ومسئولية صاحب السهم محددوة بقيمة ما دفعة مساهمة منه في الشركة،وتعرض االسهم لالكتتاب العام اذا لم يكتف مؤسسوا الشركة باالموال التي لديهم،والمساهمون في هذا النوع من الشركات بمجرد اكتتابهم في اسهم الشركة يصبحوا من المالك للشركة ،ويترتب علي هذه الملكية -بطبيعة الحال – التمتع بحقوقها،وللشركة جمعية عمومية من مجموع المساهمين في رأسمالها ،ويقوم هؤالء المساهمين بانتخاب مجلس ادارة ينوب عنهم في ادارة الشركة،وهذا المجلس مسئول امام الجمعية العمومية عن كافة التصرفات المالية والغير مالية ،كما ان للمساهمين الحق في مساءلة هذا المجلس اذا عن لهم ذلك. وهذا لنوع من المشروعات مؤهل للدخول الي حلبة الحياة االقتصادية الضجمة التي تتطلب رؤوس اموال كبيرة. فهو من ناحية يجمع مدخرات االفراد الذين يعجزون عن ان يستثمروها لقلة رؤوس االموال لديهم ،او ان امكانياتهم المالية والفنية واالدارية المحدودة التي تعجز عن القيام بأي نشاط. ومن ناحية اخري تكون هذه الشركات رؤوس اموال ضخمة نتيجة تجميع المدخرات، وتخوض وترتاد الميادين االقتصادية التي يعجز االفراد بامكانياتهم المحدودة عن ارتياده مثل صناعة الحديد والصلب والطائرات الصناعات االلكترونية وغيرهامن تلك الصناعات والمشروعات التي تحتاج المكانيات مالية وفنية وادارية تستطيع الشركات المساهمة توفيرها دون غيرها. لذلك يجب ان يقترن تأسيس هذا النوع من المشروعات بالحكمة والحذر واتخاذ كافة الضمانات التي تكفل عدم العبث بأموال المواطنين،وهذا ماتحاول كل الدول العنل علي تحقيقه نظرا الن العبث بأموال المواطنين يؤدي الي ضيلعها باالضافة لالثار السيئة عليهم وعلي االقتصاد القومي باالضافة الي انعدام الثقة،ان نجاح هذا النوع من المشروعات يساهم في دعم االقتصاد القومي وارتفاع مستوي المعيشة. ولهذا فان تأسيس هذا النوع من المشروعات يتطلب بعض االجراءات المعقدة،وذلك لحماية رؤوس االموال المسثمرة من التالعب ،وهذا النوع من الشركات يختلف عن باقي الشركات السابق ذكرها ،اذ ان المساهم بمجرد اكتتابه يصبح من المالك للشركة له 8 كافة حقوق الملكية وال يشترط توافر الثقة او حتي المعرفة لالفراد بعكس شركات التضامن والتوصية. ومجلس االدارة المنتخب في هذا النوع من المشروعات يقوم بادارة المشروع نيابة عن المساهمين ويقوم بتوزيع العمل علي اعضلئه. وهذا النوع من الشركات اكثر استمرارا ودوما حيث انه ال يرتبط بوفاة احد المساهمين او اعساره ،وانما بالهدف الذي يسعي الي تحقيقه،كما ان هذا النوع من المشروعات يعتبر وعاء لتجميع واستثمار مدخرات المواطنين. وتستطيع هذه المشروعات بما لها من امكانيات مادية ضخمة ان تقوم بتوظيف ذوي الخبرة من المتخصصين،وتطبيق االصول العلمية في االدارة لكي تستطيع تحقيق أهدافها بأقل التكاليف الممكنة،وباالضافة الي ذلك فان االدارة في حالة استقرار بعكس االنواع السابق ذكرها من المشروعات،كما ان الشركات المساهمة تتمتع بثقة البيوت المالية والموردين ويتيح لها ذلك امكانيات ائتمانية كبيرة،وهذا النوع من المشروعات يتيح للمستخدمين به الكثير من الخدمات االجتماعية والصحية نظرا المكانيانها الكبيرة. وهذه الشركات بما لها من قدرات علي تجميع االموال قد تتوسع في زيادة اموالها وقد يكون ذلك ازيد من احتياجاتها االمر الذي يؤدي الي تعطيل جزء من اموالها فتتضاءل انصبة االسهم من االرباح النهائية،وهذه الشركات اصعب في ادارتها،كما انها اصبحت االن تتعرض لرقابة حكومية اشد حرصا علي اموال المستثمرين وهذا قد يعطل عملها في بعض االحيان،وقد تتخذ بعض الشركات جهازا اداريا ضخما مما قد يكلفها امواال كثيرة وقد يعيق هذا سرعة سير العمل بها. والشركات المساهمة من المشروعات الضخمة التي تساعد االقتصاد القومي – في حال نجاحها – علي التقدم والنمو االزدهار،كما انها تجعل االقتصاد القومي يقفز قفزات كبيرة في اتجاه التقدم. ثانيا :النظام االقتصادي الموجه: بعد ما استتب االمر للنظام الرأسمالي واصبحت له اقدام ثابتة،بدأ في التوسع واالنتشار ونتج عن هذا النظام مباشرة االستعمار والحروب التوسعية من اجل السيطرة علي االسواق بالضافة الي مساوئ النظام نفسه داخل اوطانه التي ترعرع وازدهر فيها،باالضافة الي ذلك صادف هذا النظام نفسه ازمات سياسية واقتصادية طاحنة وعاني النظام الرأسمالي من االقالس وخاصة بعد ازمة الكساد العظيم ()1933 -1929 وازمات التضخم النالي التي اجتاحت العالم الرأسمالي واصبحت سمة من سماته. 9 واالقتصاد الرأسمالي يقوم علي التسليم بأن المصلحة العامة تتحقق تلقائيا عبر آليات السوق،ومن خالل سعي كل فرد لتحقيق مصلحته الخاصة(،)26وهو في ذلك يعتمد علي المنافسة الحرة،ولقد اثبتت التجارب ان هذا الهيكل االقتصادي ادي الي مساوئ عديدة اظهرت النظام نفسه بهيئة غير التي رمي اليها دعاة النظام()27 ومن خالل هذه المواقف التي اثبتت عجز النظام الرأسمالي من تحقيق امال الشعوب،قامت الرأسمالية كمحاول منها النقاذ النظام الرأسمالي من االنهيار بالتدخل وتوجيه االقتصاد مع بقاء الملكية الخاصة هي االساس،وتدخل الدولة وملكيتها لبعض الشمروعات هو االستثناء. وسوف يقوم الباحث باستعراض المشروعات القائمة في االقتصايات الموجهة وهي: .1المشروعات المؤممة: في هذه الحالة تتدخل الدولة عن طريق شراء المشروعات المفلسة او تساهم فيها او تشارك فيها،فاذا ما ازدهرت قامت باعادتها الي الفطاع الخاص مرة اخري. ونري في هذا المجال وبتدخل الدولة يظهر القطاع العام واهميته ولكنه محدود بحدود االزمات االقتصادية والسياسية القاسية التي يمر بها النظام الرأسمالي،فاذا ما انتهت تلك االزمات عادت المشروعات الخاصة الي قوتها ،ولذلك كان القطاع العام محدود ومرتبط بالضرورة بالمشروعات التي ال تدر عائدا ضخما أو التي تحتاج الي استثمارات ضخمة ال تغل عائدا كبيرا. والمشروعات المؤممة في الدول الرأسمالية تختار لها الدولة مجلس ادارتها من االحتكاريين الرأسماليين،وحتي ممثليها يكونوا من هؤالء الرأسماليين حتي تصبح لهذه المشروعات الصفة االحتكارية ايضا. وفي الدول االشتراكية عندما يؤمم مشروع خاص تقوم الدولة بدفع تعويضات الصحابه او جزء منها ،او عندما تجد ان المشروع كان مستغال ال تدفع الصحابه شيئا اكتفاء منها بما حققوه من ارباح استغاللية قبل التأميم،وهي تقوم بتعيين مجلس ادارة ممن تري انهم مناسبين لهذه المهمة،وبحيث يستطيعوا تحقيق أهداف المشروع التي تحقق اهداف المجتمع -2فى االقتصاديات الموجهة أصبحت الدولة تتدخل فى النشاط االقتصادى عن طريق السياسة المالية والنقدية ،كما تتدخل الدولة عن طريق إنشاء مشروعات الخدمات ،أو المشروعات التى ال يقدر عليها األفراد ،أو التى ال ينتظر أن تدر ربحا سريعا ،أو قد تشترك مع القطاع الخاص فى بعض األنشطة لتنمية بعض الجوانب االقتصادية. 10 وعندما تساهم الدولة فى بعض المشروعات فإنها تساهم بنسب متفاوتة تقدرها هى حسب مقضيات التنمية ومتطلبات المجتمع بحيث تكفل هذه النسب للدولة أن تتدخل ويصبح لها وزن مؤثر فى اتخاذ القرارات المؤثرة والرقابة أيضا. ونرى انه فى االقتصاديات الموجهة تتزايد نسبة القطاع العام ،كما نرى عدة دالالت توجد فى تلك االقتصاديات تجعلها تتدخل لتعالج مساوىء النظام الرأسمالى مثل زيادة نسبة األجور الى الدخل القومى ،زيادة تدخل الدولة فى االقتصاد القومى ،تقوية الرقابة على المشروعات االقتصادية ،زيادة نسبة الميزانية العامة للدولة الى الدخل القومى ،زيادة نسبة رأس المال العام ،تضاؤل نسبى لمعدل الربح نتيجة لألعباء الضريبية ،تحديد األسعار ،تواجد التشريعات الخاصة بتنطيم العمل فى المصانع والتأمين االجتماعى. ومايزال المنظم (حافز الربح) هو المحرك الرئيسى لكون السوق والفيصل فى النظام الرأسمالى هو المستهلك باعتباره رشيدا ،وتفرض الدولة احيانا قيودا على المضروعات الخاصة كحقها فى مراجعت الدفاتر ،كما تضع القوانين والتشريعات التى تنظم تلك المشروعات. نرى أن الدولة فى النظام الرأسمالى تستخدم سالحى المشروعات المؤممة والمشروعات المختلطة ،من أجل تنظيم الميادين اال قتصادية من ناحية ومن أجل عالج المساوىء للنظام الرأسمالى من ناحية اخرى. كما نرى ان هذين النوعين من المشروعات يوجدان أيضا فى االقتصاديات التى توجد بها مالمح اشتراكية (خاصة الدول النامية) ،فإنها تساعد الدولة على النمو والنهوض وقطع شوط كبير فى التنمية. -.3الجمعيات التعاونية: قامت الحركة التعاونية أصال فى النظام الرأسمالى ،والجمعيات التعاونية ظهورها أشد ارتباطا بالنظام الرأسمالى ،ولكن تنوعها وتعددها وانتشارها يرتبط أكثر باالقتصاديات الموجهة واالقتصاديات االشتراكية ،فهى تساعد تلك االقتصاديات على تحقيق بعض جوانب الخطة فى التنمية ،ورفع مستوى المعيشة ،ولقد كانت نشأة الجمعيات التعاونية فى النظام الرأسمالى فى محاولة لالستغناء عن الرأسمالية أو بعبارة أخرى فى محاولة لكى يتراجع الرأسماليون عن استغاللهم. وانقسمت الجمعيات التعاونية الى قسمين هما: القسم األول – قسم استهالكى: لالستغناء عن تاجر التجزئة ونصف الجملة ،ولقد نجحت الحركة التعاونية فى ذلك ألنها تحارب أضعف حلقات الرأسمالية ،وهو التاجر الصغير. القسم الثانى – القسم االنتاجى: 11 ولقد فشل هذا القسم بسبب عدم وجود رأس المال الالزم لدى العمال ،ولعدم وجود االئتمان المطلوب (النشاءشركات ومشروعات انتاجية) لدى البنوك ،وتحولت جمعيات هذا القسم فى النهاية الى مشروعات رأسمالية. وال شك أن القطاع التعاونى يحتل مكانة كبيرة وهامة فى االقتصاديات الموجهة( وهو يحتل مكانة كبيرة وهامة فى االقتصاديات الرأسمالية دورا ال بأس به) لما له من قدرة على النزول الى القاعدة الجماهيرية العريضة. ولعل الحركة التعاونية نشأت أول ما نشأت فى المملكة المتحدة بجمعية رواد"روتشيل" عام ،1944 وبعدها انتشر هذا النوع من الجمعيات بدأ ينتشر فى بقية أنحاء أوربا وهذه الجمعيات قامت على عدة مبادىء بعد تطويرها هى مبادىء الحركة التعاونية حتى اآلن ,وهذه المبادىء هى: -1الباب المفتوح للعضوية -2ديمقراطية االدارة -3العائد على المعامالت -4تحديد سعر الفائدة على ر أس المال (وهذا المبدأ دخيل على الحركة التعاونية من أجل جذب رؤوس األموال) -5التعامل بالنقد -6الحياد السياسى والدينى -7التعليم التعاونى ولعل الجمعيات التعاونية تتمتع بمزايا عديدة منها التشريعات التى تصدرها الدولة لصالح الحركة التعاونية ،وتشجيعها للحركة ،ومساعدة نفسها ،والجمعيات التعاونية الجيدة التنظيم واالدارة تقدم مستوى عال من الخدمة ،وقلة السعر وجودة السلعةألعضائها ،كما يحصل األعضاء على تخفيض كبير يتمثل فى العائد على معامالتهم فى الجمعية ،واشتراك األعضاء فى الجمعية فى إدارتها يعطيهم الحافز على العمل واالنتاج ،والجمعيات التعاونية بصفة خاصة ترفع مستوى المجتمع الذى توجد فيه عن طريق الخدمات التى تقدمها لألعطاء ولغير األعضاء كما انها تحارب اال ستغالل وافتعال األزمات من جانب تجار القطاع الخاص. وان كانت تواجه هذه الجمعيات بعض المشاكل مثل صعوبة التمويل ،وضعف الحافر الشخصى ،ومشاكل التسويق ،وهذه المشاكل التى تواجه الحركة التعاونية ال تضعف من 12 شأنها ولكنها تساعدها بان تدفع الحركة الى مزيد من العمل والجهد للتوصل الى حلول لهذه المشكالت. ثالثا -النظام االشتراكى ظهرت مساوىء الرأسمالية واضحة فى أعقاب الثورة الصناعية ووضحت اثارها، وظهرت فى القرن التاسع عشر ومن قبله االفكار االشتراكية وتوجها ظهور كتاب رأس المال لكارك ماركس فى ذلك القرن ..وهو يعبر عن أفكار اشتراكية متطرفة ،ولقد امنت جماعات كثيرة وخاصة فى أوروبا وبصفةخاصة الطبقات الكادحة والطحونة بهذه االفكار ولقد استفحل األمر بعد الوصول بالرأسمالية الى مرحلة االستعمار إشعالها حربين عالميتين كبيرتين وعشرات الحروب األخرى ،ولم يجد تدخل الدولة فى النظام االقتصادى لحل المشاكل التى تواجه هذا النظام ،وقامت الثورات االشتراكية فى أعقاب الحرب العالمية الثانية فى كل أوروبا الشرقية ومن قبلها وأثناء الحرب العالمية األولى قامت الثورة البلشفية فى االتحاد السوفيتى ،ولقد شجع هذه الثورات االشتراكية نجاح التجربة االشتراكية فى االتحاد السوفيتى نفسه الذى كانت تجربته معزولة عن العالم وأراد لها االنتشار لما اكتملت له أسباب القوة والتقدم .وفى النظم االشتراكية التى قامت فى هذه الدول تعاظم تدخل الدولة فى الميدان االقتصادى ،حيث أن النظام االشتراكى يقوم على ملكية عوامل االنتاج الرئيسية فيه وإدارتها وفى وفى تخطيط مرسوم يمتنع معه التبديد، ويحقق إنتاجا أوفر لصالح الجماعة مما يؤدى الى توسيع قاعدة الدخل القومى للدولة، وكفالة التوزيع العادل للدخل بين أفراد المجتمع فى ظل الديمقراطية بمعناها السائد فى تلك الدول ،ويتبع هذا أن ملكية عوامل اإلنتاج الرئيسية وإدارتها وتوجيهها تكون للدولة ومن ثم عظم دور القطاع العام فى ظل النظام االشتراكى ،وأصبح له الدور القيادى والسيادة فى المجتمع. وبانتشار النظم االشتراكية خارج نطاق أوروبا الشرقية سواء فى أفريقيا وأسيا وأمريكا الالتينية ،تعددت أساليب تطبيق األفكار االشتراكية ..وفى مجال المشروعات العامة اختلف نطاقها او بمعنى أخر اختلف نطاق القطاع العام ،ففى الدول الموجودة شرق أوروبا واالتحاد السوفيتى والصين انسحب دور القطاع العام الى االرض وتأميمها والشركات الخاصة بكافة أنواعها وكافة المجاالت االقتصادية ..وفى دول أخرى انسحب التأميم ونطاق القطاع العام إلى الشركات ذات الوزن االقتصادى المؤثر والبنوك والتجارة الخارجية (مثل جمهورية مصر العربية)....وفى دول أخرى كان نطاق القطاع العام عن طريق المشروعات العامة التى تنشئها الدولة مثل (الهند) وبهذا نرى اختالف نطاق القطاع العام والمشروعات العامة باختالف التطبيق. 13 وألن االقتصاد االشتراكى يؤكد أن التخطيط المركزى هو األسلوب األمثل لتحسين المصلحة العامة ..وألن خصائص النظام االشتراكى هى-: -1الملكية العامة لوسائل االنتاج -2التخطيط االقتصادى الشامل -3اعتبار العمل االنسانى كقاعدة أساسية للتوزيع -4تمركز القوى السياسية واالقتصادية فى أيدى الشعب العامل أصبح لزاما ان تكون المشروعات العامة فى الدولة التى تطبق النظام االشتراكى هى الرائدة وهى المالكة لزمام االنتاج والعملية اإلنتاجية ،وهى القاعدة االقتصادية األساسية فى أى مجتمع اشتراكى ،والمشروعات العامة بجوار انها تساعد على تحقيق األهداف العامة للدولة ،وهى تنمية االقتصاد القومى ورفع مستوى المعيشة ،وتقريب الفوارق بين الطبقات، ومنع االحتكار واالستغالل وسيطرة رأس المال باالضافة إلى ذلك فإن للمشروعات العامة اهدافا تريد تحقيقها ،وهى تختلف باختالف القطاعات االقتصادية فمثال هناك بعض المشروعات ذات األهمية الحيوية والتى ال ترمى لدولة الى الربح منها با احيانا تحقق خسارة ،إذ أن هدفها االساسى هو توفير الخدمات للشعب كالسكك الحديدية ومؤسسات النقل العام ،واإلذاعة والتليفزيون ....الخ ،وفى بعض ا الحيان يكون القصد من االلتجاء الى المشروع العام هو التحرر من الروتين الحكومى،وفى احيان أخرى ترمى المشروعات العامة إلى الحد من الروح االستغاللية لدى القطاع الخاص وترى أنه فى كثير من الحاالت تهدف المشروعات العامة إلى خلق فرص عمل جديدة المتصاص القدر الزائد من العمال الزراعيين وغيرهم وتحويلهم إلى القطاع الصناعى ،وفى أحيان اخرى تستهدف المشروعات العامة الدخول فى ميادين يحجم عنها القطاع الخاص(وذلك فى الدول ذات االقتصاد الموجه أو الدول التى تطبق النظم االشتراكية والقطاع الخاص قائم بها أيضا مثل مصر والهند وغيرهما من الدول) إما لحداثتها أو ألنها ال تحقق ربحا سريعا أو تجاوز إمكانيات القطاع الخاص نفسه مثل الصناعات الثقيلة والخدمات والصناعات التعدينية....... الخ والمشروعات العامة تخضع لرقابة ملزمة من الدول تتمشى فى مراجعة حساباتها وأعمالها عن طريق أجهزة الدولة المتخصصة ،ولهذه المراقبة أثر كبير فى دقة وانتظام سير أعمال المشروعات العامة ..وكل مشروع من هذه المشروعات له حساباته المستقلة وميزانياته أيضا المستقلة ،ويعتبر وحدة مستقلة يدير شئونه حسبما يتراءى إلدارته، وحسبما تقتضى الظروف والتطورات داخل الدولة .ويجب ان يتوافر فى القائمين على تلك المشروعات صفات معينة حتى ال يؤدى عدم توافر تلك الصفات الى خسائر يتحملها الشعب ،ويحمل االقتصاد القومى أعباء كبيرة تعيق تنفيذ خطط التنمية الموضوعة. 14 وتوجد هناك بعض المشروعات العامة تحتفظ لنفسها بجهاز إدارى ضخم معقد مما يكلفها ماال كثيرا ونفقات إدارية باهظة ،وبالتالى تؤدى الى ظهور طبقة جديدة فى المجتمع وهى طبقة اإلداريين وهى التى تعانى منها معظم الدول المتخلفة كما ينقص المشروعات العامة الدافع الذاتى لدى العاملين فى تلك المشروعات وهى ميزة كبيرة ،ولعل حل هذا هو فى اشراك العاملين فى إدارة هذه المشروعات. ولعل المشروعات العامة تؤدى دورا بارزا فى تحقيق أهداف المجتمع ،وتحقيق أهداف التنمي أيضا من رفع مستوى المعيشة ،وتنمية االقتصاد القومى ،باإلضافة الى ذلك فهى تشارك فى تحقيق التنمية للمجتمع إذا أديرت بنجاح ،وتخلصت من البيروقراطية ،وانطلقت مع متطلبات العمل االقتصادى ومرونته. إذا تحقق لها ذلك استطاعت أن تنطلق باالقتصاد القومى الى األمام وهذا ما نراه حادثا فى التجارب االشتراكية فى دول شرق أوروبا واالتحاد السوفيتى والصين. ولعله توجد قطاعات تؤدى أيضا دورا مساعدا بجانب المشروعات العامة فى االقتصاديات االشتراكية أو ذات الصبغة ،االشتراكية ومن هذه القطاعات القطاع التعاونى ،فانه فى تلك النظم االقتصادية توجد التعاونيات بمختلف أنواعها وأشكالها ..ولعل التعاونيات فى النظم االشتراكية تختلف عن التعاونيات فى النظم الرأسمالية والموجهة ...فالتعاونيات فى النظام االشتراكى تعنى أنه القطاع الذى يتميز بالملكية المشتركة لوسائل اإلنتاج كلها أو معظمها وبتوزيع العائد على أساس كمية العمل الذى قام به العضو. ومن ذلك نرى أن الدولة(فى النظم االشتراكية) تساهم فى إقامة التعاونيات المختلفة ،وبجانب مساهمة المواطنين الذين يصبحون مساهمين ومشتركين فى تلك الجمعيات التعاونية، وتكون الملكية مشتركة بينهم ويوزع العائد على األعضاء بحسب عمل كل عضو. من هذا نخلص إلى أن الجمعيات التعاونية بمختلف أشكالها تقوم بدور هام ومساعد فى النظم االشتراكية ،كما أنها تقوم بدور مكمل لنشاط المشروعات العامة فى تنمية االقتصاد القومى للدولة ،ورفع مستوى معيشة مختلف الطبقات وإحداث الرفاهة المرغوب فيها للمجتمع. لعلى بعد استعراض أشكال المشروعات فى النظم االقتصادية المعاصرة سواء كانت رأسمالية أو موجهة أاشتراكية قد أتيت إلى نهاية هذا المبحث .ولعله من المنطق أن أتكلم فى المبحث الثانى عن دور اإلدارة المالية وأهميتها وأهدافها ووظائفها ،وكيفية إداراتها للمشروعات فى النظم االقتصادية المختلفة ..وحتى تستطيع أن تحقق المشروعات المختلفة أهدافها. 15 المبحث الثانى اإلدارة المالية للمشروعات إن المشروعات تعتمد فى نموها واستمرارها على المال ،ورؤوس األموال قد يكون توفيرها سهال فى بعض االحيان ،وفى أحيان أخرى يكون توفيرها صعبا ،وأيا كانت السهولة أو الصعوبة فى توفير رؤوس األموال ،فإن إدارة هذه األموال هو أهم ما يشغل بال القائمين على إدارة المشروع ولما كانت اإلدارة السيئة ألموال المشروع تعود بالضرر على المشروع ،وأصحابه با وعلى االقتصاد القومى بآثار سيئة ،فإن اإلدارة الجيدة ألموال المشروع تعود بالنفع على المشروع وأصحابه بل واالقتصاد القومى ،األمر الذى يدفعه الى األمام والى التقدم ،فإن التمويل اإلدارى على هذا األساس يعتبر ذا وضع خطير وهام لذا احتلت اإلدارة المالية للمشروعات المعاصرة مكانة هامة وخطيرة فى الدراسات االقتصادية المعاصرة ،وعلى هذا جذبت اإلدارة المالية أو التمويل اإلدارى اهتماما واسعا من الكتاب المهتمين باإلدارة فى الفترة األخيرة .....وجعلتهم يتحدثون عن مفهوم اإلدارة المالية وأهدافها ووظائفها وكيفية استثمار األموال فى المشروعات فى جميع اآلجال (القصيرة – المتوسطة – الطويلة) ،لهذا كان على أن أتناول تعريف اإلدارة المالية ومفهومها فى هذا المبحث ثم أهدافها ووظائفها ..وبعدها لتناول كيفية إدارة التمويل فى الشركات الخاصة والمشروعات العامة ..ولهذا كان تناولى لموضوع اإلدارة المالية على الشكل التالى\-: تعريف اإلدارة المالية أهداف اإلدارة المالية وظائف اإلدارة المالية اإلدارة المالية فى المشروعات المختلفةأوال – تعريف اإلدارة المالية وردت تعريفات عديدة متنوعة عن اإلدارة المالية فى كتابات المختصين والمهتمين بالكتابة عن إدارة المال .....وسوف أورد بعض هذه التعريفات وأستخلص فى النهاية ما أجمعت عليه التعريفات. فاألستاذ الدكتور حسن توفيق يعرف اإلدارة المالية بأنها : "أوجه النشاط اإلدارى بالمشروعات المتعلقة بتنظيم حركة األموال الالزمة لتحقيق أهداف المشروع بكفاية إنتاجية عالية ،والوفاء بااللتزامات المستحقة عليه فى مواعيدها" 16 واألستاذ الدكتور محمد عبد العزيز عبد الكريم يعرف اإلدارة المالية أيضا بأنها-: "مجموع النشاط الموجه نحو تخطيط األعمال المالية السليمة المناسبة ،واألموال المستثمرة المناسبة أى أختيار المزيج المناسب من األعمال والموارد للوصول إلى األهداف بأكبر كفاية ،والرقابة عليها لتحديد االنحرافات وأستقصائها لمعالجة أسبابها الحقيقية حتى ال تتكرر هذه األنحرافات ،وبذلك يتم التنسيق فى األعمال المالية والمال المثمر فى المشروع وهو الهدف من إدارة أموال المشروع". والتنسيق ال يعنى إصالح األخطاء بقدر ما يعنى عدم تكرار الخطأ لنفس السبب ،وال يمكن الوصول إلى التنسيق اإل بواسطة التخطيط السليم والرقابة على تنفيذها. والدكتور شوقى حسين يعرف األدارة المالية بأنها-: "السياسة المالية هى االستخدام االقتصادى لألموال ،وأن العملية األساسية هى المقارنة بين مزايا األستخدامات المحتملة ،وبين تكلفة المصادر البديلة المحتملة ،بقصد تحقيق األهداف المالية العامة التى يحددها المشروع لنفسه". وباألضافة إلى قيام الكتاب العرب بتعريف اإلدارة المالية ووضع التعاريف المتعددة عن كيفية إدارة األموال ...فإن الكتاب العالميين الذين اهتموا بإدارة المال وضعو تعريفات اإلدارة المالية ومن هؤالء األستاذ هارلى الذى يعرف اإلدارة المالية بأنها: “The administration of the financial breaks down into the name managerial activities: planning, organizing, staffing, directing and “ controlling هنا يقرر "االستاذ هارلى" أن اإلدارة المالية أو إدارة الوظيفة المالية تتضمن نفس األنشطة اإلدارية المضادة وهى -: التخطيط ،التنظيم ،تنمية الهيئة اإلدارية ،التوجيه ،الرقابة. ونلحظ أن التعريفات السابقة أجمعت على عدة أشياء هامة وهى من أهم ما تعمل اإلدارة المالية على تحقيقها وهى : -1االستخدام االقتصادى لألموال لتحقيق أهداف المشروع. -2االستخدام االقتصادى لألصول والخصوم للمشروع. -3التخطيط ،التنظيم ،الرقابة ،التنسيق من أجل االستخدام الجيد ألموال المشروع. وانطالقا من هذا انتقل الى شرح مفهوم اإلدارة المالية .ويتضح هذا المفهوم فى اإلدارة المالية هى التى تختص بإمداد المشروع باألموال الالزمة له ،واستثمارها فى األصول المختلفة بشكل يمكن المشروع من تحقيق أهدافه بأكبر كفاية ممكنة ،وباإلضافة الى ذلك يكون مفهوم 17 اإلدارة المالية بالمعنى الواسع أن تختص أيضا بحسن إستخدام األموال فى األعمال التى تؤدى إلى تحقيق أهداف المشروع. ولهذا كانت اإلدارة المالية العلمية تشهد بتنظيم وإدارة األعمال واألنشطة الفنية للوظيفة المالية بما يحقق أكبر كفاية ،ويعنى هذا انجاز هذه األعمال بأقل جهد فى أقل وقت وبأقل تكلفة مع الحصول على أكبر عائد ممكن. لهذا أصبح االتجاه الحديث فى اإلدارة المالية يتضمن اهتماما بناحيتى التخطيط والرقابة ،بعد أن كان االتجاه هو التركيز على تدبير األموال وإدارة رأس المال العامل. لهذا كان نطاق اإلدارة المالية يشمل القرارات الخاصة باستخدام األموال والحصول عليها. ويجب أن يكون الموضوع الرئيسى عن الطريقة التى يمكن لالدارة المالية استخدام تلك األموال والتقرير عما إذا كان على المشروع اإلبقاء على استثماره كما هو أو زيادته أو إنقاصه ،وذلك بالنسبة لجميع أنواع األصول التى تستخدم فيها أمواله. ولهذا كانت اإلدارة المالية تتضمن عدة عناصر باالضافة الى ما سبق ذكره وهى-: تحديد هدف واضح تتجه إليه اإلدارة المالية. -1 -2 -3 ايجاد أساس نظامى سليم لتوجيه األموال إلى المشروع واستخدامها فيه لتحقيق األهداف طويلة األجل وهذا يتضمن-: هيكل تنظيمى يمكن عن طريقه جمع كل المعلومات الالزمة عن طريق االستثمار والتمويل المتاحة. تحليل مزود بالمقاييس واألهداف العملية التى تساعد على تحقيق الهدف العام ،أو األهداف العامة للمشروع بأفضل طريقة ممكنة. إيجاد حل لمشكلة تحقيق هيكل أمثل لرأس المال يأخذ فى الحصبان تكلفة األموال من المصادر المختلفة ،وأثر التمويل عن طريق مصدر معين على تكلفة التمويل من المصادر األخرى ،والتغييرات المتوقعة فى هذه التكاليف والعالقات القائمة فيما بينها. نخلص مما سبق ذكرة سواء فى التعريفات أو العرض لمفهوم اإلدارة المالية أن اإلدارة المالية تسهم بشكل كبير وفعال فى تحقيق أهداف المشروع باإلضافة إلى أنها تقوم بدور بالغ األهمية فى األنشطة األخرى المالية والغير مالية للمشروع. ثانيا:اهداف االدارة المالية: ان لكل مشروع من المشروعات اهدافا محددة تماما،قد تتسع في المستقبل وتتغيير،ولكن يظل للمشروع اهدافل محددة مهما تغيرت هذه االهداف،ولكي تنفذ هذه االهداف وتتحقق ال بد من وسائل لتحقيقها وتنفيذها بحيث يصل المشروع الي تحقيق اهدافه من اقصر الطرق واقل التكاليف الممكنة في ظل ظروف مناسبة،لذلك يقع علي عاتق ادارة المشروع تنفيذ تلك االهداف،وتكون البد المنفذة لتلك االهداف وعلي عاتقها تقع المهمة الكبري والصعبة لتنفيذ 18 وتحقيق هذه االهداف هي االدارة المالية،فبال شك فهي االدارة التي تشرف علي ادارة المال في المشروع الذي هو عصب حياة المشروع،ويقع علي االدارة المالية تحقيق االهداف سواء التي تتعلق بالنواحي المالية او بالنواحي غير المالية،وعلي هذا يمكننا القول بان االدارة المالية اهدافا محددة ايضا تماما بحيث انه من خالل تحقيق تلك االهداف لتتحقق اهداف المشروع. ومن منطلق هدف او اهداف المشروع يمكننا القول بالتالي انها هدف او اهداف االدارة المالية،وبالتالي تكون االدارة المالية هي اتخاذ القراراتوالتصرفات التي من شأنها تحقيق هدف المنشأة،وعلي ذلك فاالدارة المالية ليست وظيفة مستقلة عن الوظائف االخري في المشروع وليست جزءا منفصال عن عملية االدارة ذاتهاولكنها في الواقع جزء ال يتجزأ من ادارة المشلروع ككل. وعلي هذا يجب ومن المهم ان تلحظ ان وظيفة االدارة المالية هي االساس لكل المشروعات واالعمال. وعلي ذلك تكون القرارات والتصرفات التي من شأنها تحقيق هدف المنشأة تشكل قرار االستثمار طويل المدي ،وقرار التمويل بعيد المدي،وقرارات التمويل قصير االجل،وكأساس للقرارات السابقة لتصبح عملية التحليل المالي :ضرورية واساسية. وعلي ذلك وبجانب هذا توجد اهداف اخري لالدارة المالية وهذه االهداف هي: -1التنسيق في االعمال البشرية بحسن التنظيم وحسن االدارة علي اسس علمية(اي اعمال االدارة المالية العلمية من احصاءات ووسائل علمية حديثة في المحاسبة الخ) لتتم بتكامل تام كما لو قام بها فرد واحد حكيم في اقل وقت ممكن وبأقل جهد،واتخاذ القرارات المناسبة الالزمة لذلك،بحيث تكون القرارات المناسبة في الوقت المناسب لكي تكون قرارات سليمة وتحقق الغرض منها. -2التنسيق في االموال لتعمل باكبر كفاءة،واتخاذ القرارات الالزمة ،ان اختيار المزيج المناسب من الموارد البشرية (العمل)والموارد المالية للوصول الي هذا التناسق الموصل الي اهداف المشروع عن طريق االدارة المالية بكفاية قصوي،بحيث يحقق اهداف المشروع في اقل وقت وبأقل جهد وتكلفة،لكي يجني المشروع من ورائها الفائدة التي تعود عليه بالنفع والتوسع ،وعلي االفراد والمجتمع ايضا. ثالثا:وظائف االدارةالمالية: لتحقيق االهداف ال بد ان توجد الوسائل او الوظائف التي تساعد علي تحقيق تلك االهداف ،والتي تمهد الطريق لتحقيقها،ولما كانت االدارة المالية تضع امامها اهدافا محددة،لذلك كان الزما ان توجد لها الوظائف التي تساعدها علي تحقيق اهدافها،ولعل اهم وظائف االدراة المالية هو الحصول علي االموال الالزمة للمشروع بشروط مناسبة تتفق مع اهدافه،غير ان مجال االدارة المالية يتعدي ذلك ليشمل ادارة هذه االموال واستخدامها بكفاءة ولذلك اصبحت وظائف االدارة المالية هي: -1ما فبل التنفيذ :وهو ما يطلق عليه التخطيط -2اثناء التنفيذ:وهو ما يطلق عليه المتابعة واالشراف والتوجيه 19 -3ما بعد التنفيذ:وهو ما يطلق عليه الرقابة المالية -4االختصاصات الفتية لالدارة المالية -5اتخاذ القرارات والتصرفات -1التخطيط المالي: يعتبر التخطيط المالي من اهم وظائف االدارة المالية اذ يساعد علي الحصول علي مايحتاجه المشروع من اموال في الوقت المناسب ،مع االخذ في االعتبار تكلفة رأس المال والشروط التي يمكن بمقتضاها الحصول علي هذه االموال واالستخدام االقتصادي لها بواسطة المشروع،ويجب ان تكون نظرة االدارة عامة وشاملة بالنسبة الوجه النشاط المتعددة نظرا للدور الرئيسي للتخطيط المالي في تحديد اهداف المشروع في االجل الطويل. ويشمل التخطيط المالي: أ -االهداف المالية ب -السياسات المالية ت -االجراءات المالية ث -الميزانيات التقديرية المالية ويلجأ في هذا التخطيط الي االدوات العلمية الميسرة ،ويتضمن التخطيط والتنبؤ العلمي السليم علي اساس من القوانين االحصائية وكما يقول د .محمد عبد العزيز عبد الكريم "ال بد ان يخطط المشروع قبل انشائه تخطيطا طويل االجل يشمل فترتي االنشاء والنمو علي االقل،ويكون ذلك في شكل بياني بالنقطة الحدية،وتخطيط سنوي لمصروفات وايرادات المشروع،وال شك ان التخطيط السنةي ايسر بكثير من التخطيط لبطويل والمتوسط االجل،فالتنبؤ بالمستقبل البعيد اصعب من التنبؤ بالمستقبل القريب خاصة وان التنبؤ السنةي ال يشمل في معظمه اال االصول المتداولة،وقليل من االصول الثانتة ان وجدت،فاذا كان المشروع قائما علي اساس من التخطيط متوسط وطويل االجل كان التنبؤ السنوي اكثر يسرا". والشك ان التنبؤ التام باالحداث االقتصادية امر صعب المنال والتحقق نظرا للتقلبات السريعة ،والتعديالت الهامة التي تدخل علي االدوات والمعدات واالالت والطرق العلمية ،ولكن هذا ال يعني عدم االهتمام بالتخطيط المالي،فالتخطيط المالي هو اساس انطالق المشروع ،كما هو السلم الموصل الي تحقيق االهداف التي يرسمها المشروع لنفسه علي االجل الطويل. ولقد تعرض كثير من الكتاب لتعريف التخطيط المالي فيعرفه االستاذ\برادلي: " بأنه االهداف وكذا تحديد االعمال الالزمة لنحقيق هذه االهداف" ويقول وليم نيومان" ان التخطيط هو تقرير ما يجب فعله في المستقبل ،كما ان التخطيط هو وضع خطة لما يجب فعله" ويعرفه د.محمد عبد العزيز عبد الكريم "انه عبارة عن تحديد االهداف ووضع السياسات التنفيذية واالجراءات الالزمة للوصول الي هذه االهداف" ويعرفه د .حسن توفيق ،د.هلي عبد المجيد انه" يدور بصفة رئيسية حول اختيار طريقة من بين عدد من الطرق البديلة بالنسبة الهداف المشروع وسياساته واجراءات العمل فيه وبرامجه،وباالضافة الي ذلك يتضمن التخطيط المالي اختيار مصادر التمويل المناسبة" 20 واذا كان غرض التخطيط هو طريق لما يجب فعله ،علي هذا فان وظيفة التخطيط تشتمل علي االتي: وضع وتوضيح موارد المشروع تصميم سياسات المشروع وضع نظام اداري للمشروع والذي يجب ان تؤسس عليه سياسات المشروعوالتخطيط المالي يرتبط بالوظيفة المالية وتشتمل علي تدبير موارد المشروع المالية،والسياسات المالية،واالجراءات المالية.. واالحتياج واضح للتخطيط المالي ،فالتخطيط المالي يساعد االدارة علي تفادي الضياع بواسطة تزويدها بالسياسات ،واالجراءات التي تجعل من المكان ايجاد ربط بين الوظائف المختلفة بالنسبة العمال المشروع. نستخلص مما سبق ان للتخطيط المالي نطاق معين في المشروعات وهذا النطاق يشمل اآلتي: حساب احتياجات المشروع المستقبلية من االموال،اي تقدير جميع القيم المادية الالزمةلتحقيق اهداف المشروع سواء في ذلك االصول الثابتة والمتداولة حسبان االموال النقدية الالزمة القتناء هذه القيم ومواجهة حاجات المشروع بصفةمستمرة وحساب الربحية التي تحققها االموال المستثمرة تدبير هذه االموال من انسب مصادر التمويل بأنسب الشروطوعلي هذا يتضح مدي اهمية التخطيط المالي للمشروع. -2المتابعة واالشراف والتوجيه: الهدف من التخطيط هو اضاءة الطريق أمام االدارة خالل التنفيذ ،وعندما تنتهى مرحلة التخطيط ويبدأ التنفيذ ،تجىء الوظيفة الثانية لالدارة المالية والمتابعة واالشراف والتوجيه وهى تعتبر إحدى الحلقات الهامة فى الدورة االدارية ،وفيها تبدأ الرقابة فعال على مستوى االدارة المنفذة أو مستوى االشرا المباشر حيث يمكن إصالح االخطاء إذا اتضحت أسبابها مباشرة دون توان إذ أن إصالح أسباب الخطأ م أهم عناصر نجاح المراقبة ،إال أن الخطأ أو االنحراف قد ال يتضح أسبابه لوقوعه فى مجموعة غير المجموعة التابعة للمشرف المباشر ،ولذلك ينقل االنحراف إلى مستوى أعلى وهكذا حتى يمكن اكتشاف مكان الخطأ واصالحه. واالشراف والمتابعة تحتاج إلى تنظيم مالى ،وعلى هذا فالوظيفة التنظيمية تشتمل على-: تعميم الوظائف التى يجب أن يؤديها التنظيم إذا أراد أن ينفذ هدفه بكفاءة وبطريقةاقتصادية. إسناد هذه الوظائف إلى أعضاء مختلفين فى التنظيم. ضمان األداء الكفء لكل فرد لترشيد األداء للتنظيم ككل.وتوجد خطوتان هامتان فى تنطيم الوظيفة المالية وهما-: 21 وضع جميع األنشطة على هيئة مجموعات. وضع جميع األنشطة المالية على هيئة مجموعات. وضع السلطة لشخص مسئول فى كل مجموعة لتكون له القدرة على التنفيذ بكفاءةوفاعلية. ويجب على الموظف المالى أن يضع فى اعتباره دائما أن يقدم النصيحة وأن ينتبه إلى تجنب التورط ،ويجب أن يتوافر فى تلك النصيحة عناصر الحياد وقد يفيد التوجيه من جانب اإلدارة المالية فى تنمية شعور كل فرد من العاملين بالمشروع بمسئوليته عن كل شىء يخص المشروع ،ويزداد نجاح التوجيه إذا أمكن أن يالزم الموظف هذا الشعور أثناء مباشرته لعمله أو قيامه بطلب مواد الستعمالها أو رقابته للعاملين معه ،وبذلك يستطاع القول أن التوجيه من جانب اإلدارة المالية يؤثر تأثيرا أكبر إذا أمكن إقناع العاملين بأن المسئولية ليست مقصورة على الموظفين الماليين فقط ،بل أنها تخص جميع العاملين بالمشروع وبذلك يسهل على اإلدارة تحقيق التوازن من جانب اإلدارة المالية وجانب الرقابة. -3الرقابة المالية-: عند إعداد الخطط المالية تبدأ الرقابة المالية لمقارنة النتائج الفعلية بالخطط الموضوعة إلصالح ما يمكن إصالحه خالل التنفيذ ،وتحديد االنحراف وأسبابه ،ووضع األساليب المناسبة الصالح االنحراف والتأكد من أن العالج وجه لالنحراف الحقيقى ،وأنه العالج السليم حتى ال يتكرر وقوع الخطأ بنفس األسباب ,وتتمثل الرقابة فى مجموعة من العمليات المنتظمة يمكن أن تقوم بها أكثر من جهة ،بشرط التنسيق بين جهات الرقابة المختلفة. والرقابة هى الوظيفة اإلدارية األخيرة التى يجب أن تستخدم بواسطة المسئول المنفذ إذا أريد أن ينجز المشروع أهدافه الموضوعة بالخطة. ووظيفة الرقابة تشتمل على أربعة وجوه محدودة هى: (أ) تصميم تقنينى للعمليات (ب) تقييم تقدم المشروع بالمقارنة بالتصميمات المقننة الموضوع مسبقا (ت) البحث عن أسلوب تصحيح أى إنحراف قد يحدث (ث) متابعة األسلوب التصحيحى بواسطة المسئول التنفيذى لتحديد ما إذا كان هذا األسلوب مناسب وفعال أو ليس كذلك. -1المقصود بالرقابة المالية ومفهومها: تعنى الرقابة المالية مراجعة العمليات المالية التى تمت فى الماضى والحاضر أوال بأول ،وأن االنحرافات قد عولجت أسبابها أوال بأول فى الوقت المناسب حتى يسير المشروع بنجاح من الناحية المالية دون إعسار وأن يحسن استثمار المال للوصول إلى أكبر كفاية ،أن المراقبة هى العمل 22 األساسى الثالث لالدارة ..فالرقابة البد أن تزاول بفاعلية تامة إذا أريد الوصول إلى األهداف التى وضعت بالخطط من أجل الوصول إليها بكفاية وعملية الرقابة لها أربعة أوجه هى-: ( أ ) وضع مقاييس أو نماذج أو أنمطة أو ميزانيات تقديرية لمختلف األعمال أى وضع تخطيط رقمى قياسى واضح ما أمكن. (ب) تقييم اإلنجاز بالنسبة للنماذج او المقاييس ...الخ الموضوعة نتيجة للرقابة وتتبع تنفيذ الخطة خالل األعمال إلبراز االنحرافات واستقصائها للتعرف على أسبابها. (ت) اتخاذ القرارات واإلجراءات الالزمة إلصالح األوضاع فى حالة وجود انحرافات بعد التعرف على أسبابها والعمل على إزالتها حتى ال تتكرر. (ث) تتبع اإلدارة للتحقق من تنفيذ هذه االجراءات والتعرف على مدى فاعليتها فى إزالة االنحرافات. وأول خطوة فى سبيل الرقابة السلمية هى ضرورة تحديد السلطات والمسئوليات بدقة ،وال بد من اختيار مراكز الرقابة بعناية حتى يمكن إصالح االنحرافات الخطيرة فى الوقت المناسب. وثانى خطوة فى سبيل الرقابة السلمية ضرورة وضع نظام فعال للتقارير التى تبين االنحرافات وتوجه للمسئولين ولرؤسائهم فى المستويات اإلدارية األعلى. وأخيرا البد أن يتم إصالح االنحراف فى أقصر وقت وبأقل التكاليف وفى الوقت المناسب. "وبعد فالرقابة المالية تبدأ مع المال عند تكوينه ،ثم تستمر مع كل حركة لهذا المال ،ويجب أال يقتصر دور الرقابة المالية على مرحلة معينة دون أى تأخير مع تجنب إتمامها فى غير موضعها حتى يمكن تحقيق الهدف المنشود واتخاذ القرارات الالزمة لمنع الخروج عن الهدف وتخفيض حدة االنحراف عنه". -2أهداف الرقابة المالية: يشمل نشاط الرقابة: قياس اإلنجاز بالخطط الموضوعة (أ) (ب) تقويم االنجاز بمقارنة نتائج العمليات بالمقاييس الموضوعة. (ت) تعديل السياسات والبرامج واإلجراءات لغرض تحسين اإلنجاز إذا وجدت انحرافات ترجع إلى الخطة نفسها. ونلمح أن لالدارة المالية غرضان هما نفس غرضى التخطيط المالى وهما المحافظة على السيولة، وزيادة الربحية للمشروع ،والبد أن يراقب تدفق األموال فى المشروع بشكل يمكن تدبير المال الالزم باستمرار ،وفى الوقت المناسب لمقابلة المطلوبات المستحقة عندما يحل موعد دفعها ،كما تدبر وسائل االستثمار ألى فائض من النقدية ،وبذلك ال تتعطل األموال ولو حتى وقتيا. 23 ومن خالل ذلك النشاط وهذه األغراض تكون أهداف الرقابة هى: - تحقيق النتائج المرجوة بأفضل أسلوب إبراز النتائج المرغوب فيها بدقة ووضوح التعرف على االتجاهات الرئيسية والتنبؤ على أساسها تحديد متطلبات التغيير كشف مشاكل االنجاز فى الوقت المناسب إتخاذ الخطوات الالزمة إلصالح األوضاع فى الوقت المناسب قبل أن يستفحل أمر االنحرافات تهيئة الوسائل التى تساعد تحسين اآلداء بصفة مستمرة -3االختصاصات الفنية للوظيفة المالية: الوظيفة المالية من الوظائف الهامة التى تقوم بها اإلدارة المالية للمشروع ولما لهذه من أهمية فسوف أقوم بشرح األعمال الفنية لها بإيجاز إليضاح مدى أهميتها بالنسبة للمشروع. واإلدارة المالية تتضمن ثالثة أنواع من األنشطة كما يرى االستاذ مارشال وهى-: -1تقديم النصيحة المالية التى يستعين بها أعضاء الجهاز اإلدارى ولهذا يجب أن تكون هذه النصيحة خالصة غير متحيزة. -2اإلمداد بالمعلومات لجميع المستويات اإلدارية بالشكل المناسب لكل مستوى وأن تكون المعلومات كافية ،كما ينبغى مراعاة عامل سرعة الوقت الالزم إلعداد مثل هذه المعلومات. -3كفالة الرقابة الروتينية وهى تكفل تخليص اإلدارة من أى شائبة ،وإلمكان تحقيق ذلك يجب التأكد من أن جميع المسئوليات واضحة تماما ،وأن الواجبات المالية موزعة توزيعا سليما ،وأن االنفاق يتم بطريقة قانونية ،وأن جمع األموال يتم بدقة وأمانة ،وأن حماية الممتلكات والمصالح المالية وحفظ األوراق بالمشروع يتم دون أدنى إهمال. أهم اختصاصات الوظيفة المالية: (أ) التحصيل يترتب على اتباع نظام سليم للتحصيل بالوحدة المحافظة على توفير قدر مناسب من األموال الالزمة للوحدة فى إطار البرنامج الزمنى الموضوع. (ب) حفظ األموال والمحافظة عليها: يتعين اختيار الموظفين األمناء الحريصين الذين تتوافر فيهم نفس الصفات التى تتوافر فى المحصلين ويجب وضع نظام كامل للمحافظة على األموال فى يد أمينة ،ووضع نظام مستندى دقيق. 24 (ح)إنفاق األموال إن الموظفين باالدارة المالية ملزمون باإلنفاق فى حدود الميزانيات الموزعة ،ووفق القواعد واللوائح بعد التأكد من صدور أمر الصرف ممن يملك حق الترخيص بذلك ،والتأكد من شخصية من يتم الصرف إليه. (د)المحاسبة تشمل العمليات الخاصة بتسجيل وتحليل وتفسير نتائج األنشطة اليومية المتعلقة بعمليات المشروع. وتتناول السجالت المحاسبية العمليات المتعلقة بشراء وبيع السلع وشراء واستهالك وبيع األصول الثابتة ....الخ من تلك العمليات المحاسبية المتعددة. والمحاسبة تلعب دورا هاما فى المشروعات المعاصرة ،إذ أنها توضح موقف المشروع بدقة وتساعد على كشف االنحرافات المالية إذا ما اكتملت لها األدوات الحسابية الجيدة والسجالت المحاسبية المتكاملة (ه) المراجعة الداخلية: تهدف بصفة عامة إلى تحقيق الدخل والمصرف ويتضمن ذلك التحقق الفعلى من التحصيل واالنفاق والعهد والمخازن وسالمة الحسابات ،ويختلف مجال المراجعة من وحدة إلى أخرى تبعا لحجم الوحدة واألنشطة التى تقوم بها ،ويجب أن يكون للمراجعة الداخلية االستقالل ،وأن تمنح السلطات التى تمكنها من أداء واجباتها ...ولذلك يجب الفصل بين أعمال المراجعة والمحاسبة ،بحيث تكون المراجعة مستقلة وقائمة بذاتها. (و) اختصاصات أخرى: وهناك اختصاصات أخرى ال تصل إلى القدر أو الحجم الذى يسمح بتخصيص قسم خاص لكل منها ..وقد تكون بعض تلك االختصاصات ليست مالية ولكن يفضل إسنادها إلى االدارة المالية ،ويبرر ذلك بأن االدارة المالية أقدر من غيرها على القيام بتلك االختصاصات مثل إدارة الديون ،عقد وترتيب التأمينات ،إدارة المعاشات ،أعمال الحفظ والتسجيل إدارة البريد ،وأعمال اآلالت الكاتبة، إدارة اآلالت الحاسبة. والوظيفة المالية باالضافة إلى هذه االختصاصات فانه توجد عدة عوامل تؤثر فى تنظيمها ،إحدى هذه العوامل الهامة ،واألكثر أهمية هو حجم تنظيم الوظيفة المالية. ففى الشركات الصغيرةة حيث المساهمون مترابطون ومعروفون لبعضهم البعض تكون الوظيفة المالية بسيطة ،ولكن عندما يكبر حجم الشركة فأن الوظيفة المالية بالتالى تصبح أكثر تعقيدا. 25 إن حجم الخبرة ،واهتمام الموظف المالى يؤثران فى عدد وطبيعة الوظائف التى تؤدى . كما أن تحديد طبيعة العمل بدقة تؤثر فى الهيكل البنائى للقطاع المالى. -4اتخاذ القرارات والتصرفات: تعتبر إحدى الوظائف الهامةوالتى على جانب كبير من األهمية ،ألنها إحدى الطرق التى تؤدى الى تحقيق أهداف المشروع ،وعلى إدارةالمشروع المالية اتخاذ عدة قرارات وتصرفات ،وتلك القرارات المالية يجب أن تتخذ على أساس الفهم الواضح لمفهوم الدخل كما هو مستخدم فى قاعدة الحسابات الجارية. وهذه القرارات والتصرفات هى: (أ) قرار االستثمار طويل المدى: وهو قرار يتعلق بنوع الغرض االستثمارى الذى تتصدى له المنشأة وحجم الطاقة اإلنتاجية ونوع العدد واآلالت ......الخ وواضح من ذلك أن قرار االستثمار طويل المدى له آثار هامة وخطيرة ألنه يتضمن عدة بنود الستثمار أموال كبيرة الرتباطات بعيدة المدى. (ب)قرار التمويل طويل المدى إذا ما تقرر استثمار ما فإن القرار التالى هو اختيار مصدر التمويل طويل المدى (أسهم عادية ،أسهم ممتازة ،سندات ...الخ) وهذ القرار يتوقف على اختيار هيكل تمويل سليم "أو تركيب األموال المملوكة والمفترضة ،هيكل يحقق حدا أدنى من المخاطر او حد أعلى من الربحية على حساب هدف المنشأة كما يتوقف فى نفس الوقت على تكلفة األموال وأثرها. (ج)فإذا ما تقرر واتخذ قرار االستثمار طويل المدى وقرار التمويل طويل المدى وكالهما قراران خطيران فإن إدارة العمليات الجارية من أجل تحقيق هدف المنشأة (ربحية -سيولة) يصبح ضروريا، من أجل ذلك فإن ادارة رأس المال العامل بمكوناته النقدية وأوراق قبض والمدينين والمخزون السلعى تصبح من المسئوليات األساسية للمدير المالى. (د)ويستتبع إدارة رأس المال العامل – بحيث يحقق هدف المنشأة اتخاذ قرارات التمويل قصيب ومتوسط المدى سواء من حيث كمية األموال الالزمة أو مصادرها (تجارى ،تمويل مصرفى). (ه)وكأساس لكل تلك القرارات فإن عملية التحليل عملية ضرورية وتصبح عملية التحليل المالى واستخدام األدوات المختلفة جزء سابق التخاذ القرارات للتقييم والرقابة والمتابعة ،وفى حاالت خاصة فإن قرارات اإلدماج أو إعادة التنظيم تصبح ضرورية كجزء ضرورى لتحقيق هدف المنشأة أو إعادة تجديده. 26 رابعا – االدارة المالية فى المشروعات المختلفة: وبعد استعراض تعريف مفهوم اإلدارة المالية باإلضافة إلى أهداف ووظائف االدارة المالية ..نجد أن هناك بعض االختالفات بين كيفية اإلدارة المالية فى المشروعات سواء فى النظام الرأسمالى أو النظام االشتراكى....ومما الشك فيه أن األسس والقواعد بالنسبة لالدارة المالية تكون واحدة داخل النظام الواحد (الرأسمالى أو االشتراكى) ولسوف أتناول هذه األسس فى الشركات الخاصة على اعتبار أنها تمثل النظام الرأسمالى ،ومن جهة أخرى الشركات العامة باعتبارها تمثل النظام االشتراكى. -1أن هدف االدارة المالية فى تلك الشركات هو االستخدام الكفء الفعال لألموال التى تكون فى يد المشروع. بعد ذلك يكون الهدف من إدارة هذه األموال – بعد االستخدام األمثل لألموال هو تعظيم قيمة المنشأة ....وهذا التنظيم سوف ينعكس على القيمة السوقية للمنشأة وبالتالى يكون هذا التعظيم للقيمة السوقية مرتبطا أو معتمدا أساسا على األسهم المطروحة بالسوق. بعد ذلك نرى أن هدف المنشأة هو تعظيم أرباحها ...وهنا اختالف بين األرباح التى تحقق عن طريق كمية المبيعات والمدفوع فعال للمنتجات المباعة. وتكبير أو تعظيم أرباح المنشأة يعتمد على وظيفة اإلنتاج كأداة نافعة ،وبالتالى فهى تعتمد من ناحية على العمل المعرو ض بالسوق (القوى العاملة) وبالتالى ترتبط باألجر الحقيقى ،ومن ناحية أخرى يعتمد على التدفق اإلنتاجى الذى يرتبط مباشرة بمستوى أداء الخدمات العامة. هذه هى اإلدارة المالية فى الشركات الخاصة التى تمثل النظام الرأسمالى ...أنتقل بعد ذلك إلى النقطة التالية وهى: -2اإلدارة المالية فى الشركات العامة: سوف اتحدث عن اإلدارة المالية فى الشركات العامة باعتبار أنها تمثل النظام االشتراكى وهى عماد القطاع العام وهو أساس النظام االشتراكى. إن النظام المالى – فى النظام االشتراكى – يكون منظما على أساس التخطيط الموحد وتجميع المصادر المالية وتقديمها كلها إلى المؤسسات المالية تستخدمها ،كما أن النظام يدار على أساس ارتباط التخطيط المركزى – كدليل – مع التخطيط المحلى (االقليمى). إن التخطيط المالى يحتل مكانة هامة من نظام التخطيط االقتصادى القومى ،ويحتل الجزء األكبر منه ،أو النشاط المالى للمشروعات والمؤسسات الخ يعتبر هو الجزء األساسى المباشر للتخطيط المالى .إن التخطيط المالى يقدم قياسات إجمالية ألشكال واستخدامات الدخول المالية للدولة .كما أن التخطيط المالى يمثل انعكاسا للكيف والكم الموضح فى خطة االقتصاد القومى. 27 إن الغرض الرئيسى من التخطيط المالى هو التعيين للتدفق واالحتياجات المالية لالقتصاد على المدى الطويل ،ولتحديد المصادر والفترات لتغطية تلك االحتياجات. إن التخطيط المالى فى المشروعات والمؤسسات يوضع على أساس الموازنة بين الدخل المستهلك ،والخطط المالية يمكن تقسيمها إلى مجموعتين طبقا لنوعيتها وأهميتها: -1المركزى :ميزانية الوالية ،ميزانية الوالية أو األقليم للتأمين االجتماعى ،الخطة المالية لألقليم والتأمين على الحياة. -2غير مركزى :ميزانية الدخل – المستهلك للمشروعات اإلقليمية والمؤسسات الخطط المالية للمزارع الجماعية والتعاونيات ،الميزانية التقديرية المالية للمؤسسات ،والخطط المالية لتجارة الجمهوريات والمؤسسات الكبرى. إن الخطط المالية للمشروعات والمؤسسات االشتراكية تمثل المكانة األولى والهامة فى النظام المالى ،إن التخطيط المالى واإلنتاجى يبدأ من المشروعات والوحداتت اإلنتاجية األولى. إن ميزانية الدخل – االستهالك هى جزء من خطة اإلنتاج -المال – الوسائل الفنية ( )TPFللمشروع ...إن التخطيط المالى هو الذى يساعد على إنارة الطريق للتعرف على المخرجات والزيادة المتوقعة فى االستهالك. إن التخطيط المالى االشتراكى يعتمد على التخطيط الطويل األجل والمتوسط األجل ولذلك يعتبر التخطيط القصير األجل (السنوى) هام وضرورى باإلضافى إلى أنه سهل فى ضوء التخطيط الطويل والمتوسط. إن المصدر الرئيسى للدخول المالية للمشروع من المال الذى يجىء عن طريق البيع لمنتجات المشروع ...وباإلضافة إلى هذا المصدر الرئيسى فإنه توجد عدة مصادر أخرى مثل تأجير األصول ،الخدمات التى يؤديها المشروع .......الخ وعلى هذا تكون الخطة المالية للمشروع مؤسسة على كمية المنتج ،كمية المبيع ،حجم االستثمار ،تقدير تكاليف اإلنتاج ...وبهذا يحتل التخطيط المالى الجانب األكبر من النشاط االقتصادى والمالى للمشروعات والمؤسسات والتخطيط المالى يحتوى – فى جانب النقدية – المستهلكات والدخول للمشروع من اإلنتاج وبيع اإلنتاج ،والدخل الصافى ،حجم ومصادر االستثمارات المالية واحتياج المشروع للمصادر المفتوحة (المستمرة) ....الخ إن ميزان الدخل – المستهلك للمشروع باختصار يتكون من : -1الدخول ومصادرها 28 -2االستهالك -3العالقات االئتمانية بين المشروع والبنوك -4العالقات مع الميزانية إن المبدأ األساسى للتخطيط ليس التغيير المفاجىء ولكن استخدام الوسائل من أجل التنمية االشتراكية الحديثة .إن الهدف الرئيسى من التخطيط فى المجتمع اإلشتراكى هو االستخدام األمثل للقوانين فى إدارة التنمية ،والتنظيم البشرى ،والخدمات والمصادر المالية لبناء المجتمع االشتراكى ....إن المبادىء األساسية العامة فى المجتمع االشتراكى نابعة من طبيعة وشخصية اإلنتاج االشتراكى وم البناء السياسى. إن المبادىء للتخطيط العلمى فى المجتمع االشتراكى هى : -1المركزية الديمقراطية -2نظام أو نظم التحليل -3سرعة التنمية االقتصادية -4االرتباط بن اإلدارة والخطط أو الطرق االقتصادية. -5الكفاية والفاعلية. وفى االقتصاد االشتراكى السوفيتى على سبيل المثال توجد ثالثة أنواع من الخطط – كما سبق األشارة ....وهى التخطيط طويل األجل – متوسط األجل -التخطيط السنوى. إن التخطيط طويل األجل ضرورى بسبب وصول المجتمع االشتراكى إلى أعلىمستوى نمو اقتصادى ،وألنه يستخدم الوسائل الحديثة فى حل المشاكل بطريقة علمية. والتخطيط متوسط األجل يوضح االحتياجات الجديدة التى تظهر ،والطاقات العاطلةالغير مكتشفة ،وسوق التجارة الخارجية التى يمكن أن توجد. والتخطيط السنوى يوضح فيه تعظيم المخرجات بأقل قدر من المدخالت ،والتخطيطاالقتصادى األمثل يحافظ دائما على أعلى معدالت للنمو اإلنتاجى واالستهالكى. ومنذ 1أن وضعت المشروعات فى اهتمامها تحقيق أرباح وتقليل التكاليف ،فهى تحاول أن تقلل من معدالت االستهالك (العادم) لديها .مع االرتفاع إلى أقصى حد بالطاقة اإلنتاجية. ننتقل بعد ذلك إلى الرقابة وهى تعتبر إحدى وسائل المجتمع االشتراكى ،فى تنفيذ خططه. فى المجتمع االشتراكى توجد رقابة على اإلنتاج وتوزيع اإلنتاج االشتراكى االستخدام للخامات ،القوى ،والمصادر المالية التى تعتبر وسائل ضرورية فى عملية التخطيط فى اال قتصاد. 29 إن الرقابة المالية محددة طبقا للعملية المالية ومرتبط بتوزيع الوظيفة المالية ،والرقابة المالية تمثل طبيعة الديمقراطية الحقيقية والتى تمارس بواسطة الشعب. وتوجد عدة هيئات تمارس الرقابة وهى : -1الهيئة العليا للجمهوريات السوفيتية :وهى تراقب الوظائف والعمليات والميزانيات. -2لجنة الرقابة الشعبية :وتتكون من المحليات ،ووزارة المال السوفيتية ،البنك المركزى السوفيتى ،وبنك التعمير السوفيتى ومكاتبه المحلية .وهو يراقب اإلنتاج وتوزيع ثروة الخامات والمصادر المالية. -3لجان الحزب:وهى تتم عن طريق لجان الحزب فى المؤسسات والحكومة .ووكاالت الرقابة المالية تعتبر هامة عن طريق قياس إدارة الطرق االقتصادية للمشروعات وميزانية المؤسسات .والوجه الرئيسى لعمل الوكاالت المالية هو اكتشاف الطرق لرفع كفاءة اإلنتاج االشتراكى ولزيادة وتوسيع اإلنتاج. إن عمل وكاال ت الرقابة المالية ليست فقط اكتشاف الفاقد والثغرات واألخطاء ولكن عملها الرئيسى هو منع الفاقد والمساعدة على رفع كفاءة المؤسسات والهيئات. إن الرقابة المالية لها أهمية خاصة فى رفع كفاءة نشاط الهيئة اإلدارية واإلدارة االقتصادية. األنواع الرئيسية للرقابة المالية هى: -1الرقابة قبل التنفيذ -2الرقابة خالل التنفيذ -3الرقابة بعد التنفيذ إن الرقابة الجيدة فى النظام االشتراكى تعتمد على قدرة وكفاءة الجهاز الرقابى بالوكاالت المالية. واإلدارة المالية فى مشروعات الدول االشتراكية تعمل طبقا لمبدأ حسابات التكاليف ..وتلعب المحاسبة دورا هاما فى الرقابة على الوحدات االقتصادية ،وتعتمد أسلوب التخطيط على المحاسبة وتعد مصدرا للبيانات التى على ضوئها يتم اتخاذ القرارات ،كما أنها توفر المعلومات لمراقبة أداء الوحدات اإلقتصادية ،ومراقبة أداء المشروع ..وتوجد رقابة داخلية وخارجية على المشروع من أجهزة متعددة ،وهذه األجهزة تتكامل فى نشاطها بحيث تمنع االزدواج،وبحيث يؤدى كل منهما عمل محددا. 30 بعد هذا العرض لالدارة المالية :تعريفها ،مفهومها ،أهدافها ،وظائفها ،دورها فى النظم اإلقتصادية المختلفة ...أنتقل إلى الفصل الثانى وهو يوضح أدوات التمويل (بنوك – شركات تأمين – بورصات) ومصادر تمويل (داخلية – خارجية). 31 الفصل الثانى تمويل المشروعات حديثا كانت المشروعات فى بداية نشأتها فردية صغيرة تقوم على مبدأ التمويل الذاتى ،وبعد أن تطورت تلك المشروعات ،وأصبحت قائمة على اإلنتاج الكبير الذى يكفى حاجة المجتمع الموجودة فيه والمجتمعات األخرى ،فقد كبر حجمها بصفة خاصة بعد عصر الثورة الصناعية ودخول عصر البخار ثم عصر الكهرباء والتطور الصناعى واإلنجازات اإلنتاجية الهائلة التى حدثت فى القرنين األخيرين ،ومما ال شك فيه أن المشروعات احتاجت فى بداية نشأتها إلى رؤوس أموال صغيرة لذا كان تمويلها ذاتيا(أى من داخل المشروع) ،ولكن بعد توسعها وكبر حجمها انتقلت من مرحلة اعتمادها على رؤوس أموال ضخمة تتناسب مع إنتاجها الضخم الكبير اآللى ،ولذا أصبح المال جزءا وعنصر هاما ورئيسيا فى أى مشروع يراد له النمو والتقدم. ومن هنا قامت حاجة المشروعات المختلفة إلى المال باعتباره عنصرا رئيسيا فى تحقيق أهداف تلك المشروعات ونموها ،وأصبح التمويل من الموضوعات الهامة سواء فى علم االقتصاد أو فى اإلدارة المالية ،وأصبحت الدراسات فى مجال التمويل من الموضوعات التى احتلت مكانة هامة سواء من ناحية أدوات التمويل والتى تتمثل فى البنوك وشركات التأمين والبورصات بجانب صناديق التوفير وبنوك االدخار ،وإن كانب األدوات الثالثة األولى هى الرئيسية فى التمويل الخارجى ألى مشروع، أو من ناحية مصادر التمويل المتمثلة فى األسهم والسندات والقروض والودائع واالحتياطيات..الخ والشك أن الدراسات المالية احتلت مكانة هامة نظرا التساع المشروعات وكبر حجمها وتأثيرها الواضح الكبير على االقتصاد القومى المعاصر ...والشك أن المشروعات بمختلف أنواعها :وخاصة شركات األموال أصبحت تشكل عنصرا رئيسيا فى تنمية االقتصاد القومى ،ورفع مستوى المعيشة بجانب إتاحتها لفرص العمل المتعددة ،كل هذه العوامل أدت إلى أهمية دراسة التمويل الحديث فى المشروعات المعاصرة ،واحتل التمويل اإلدارى أهمية خاصة فى الدراسات االقتصادية ،بل إلى أن خصص فرعا خاصا. ولسوف يكون البحث فى هذا الفصل عن تمويل المشروعات حديثا ،وسوف يشتمل على مبحثين، وسيكون المبحث األول عن أدوات التمويل الرئيسية وهى البنوك ،وشركات التأمين ،والبورصات. وسيكون المبحث الثانى عن مصادر التمويل المعاصر سواء كانت مصادر داخلية وهى التى تكفل رأس المال للمشروع سواء عن طريق المساهمين أو االحتياطيات ...الخ أم مصادر خارجية وهى مصادر من خارج المشروع سواء عن طريق السندات والقروض والودائع إلى غير ذلك من المصادر. 32 المبحث األول أدوات التمويل المعاصر احتلت دراسات التمويل مكانة رئيسية فى االقتصاد الحديث كما سبق أن ذكرت ...وبعد تنوع المشروعات وتعددها أصبحت تحتاج للتمويل وأصبحت هناك أدوات متعددة تمد المشروع بالمال الالزم لتسيير المشروع والحفاظ عليه ،ومساعدته على النمو والتقدم ...ولقد تعددت هذه األدوات ومنها البنوك بكافة أنواعها ،وشركات التأمين ،والبورصات ،وصناديق التوفير ،وبنوك االدخار، والضرائب ...الخ ولسوف أتناول هذه األدوات بالمناقشة وهى: -1المصارف -2شركات التأمين -3البورصات (األسواق) أوال :المصارف مما الشك فيه أن النقود والبنوك بنظامها المعاصر احتلت مكانة هامة وخطيرة فى االقتصاديات المعاصرة ،بحيث أصبحت إحدى ركائز االقتصاد الحديث فى تمويل المشروعات ،وأحد األعمدة التى يرتكز عليها االقتصاد القومى فى تجميع المدخرات ،وفى تنمية االقتصاد القومى ،ورفع مستوى المعيشة ....ولهذا سيكون تناول البنوك من عدة جوانب وهى: أوال -وظائف المصارف ثانيا – النشاط المصرفى فى النظم االقتصادية المختلفة ثالثا – أنواع المصارف المتعددة أوال :وظائف المصارف استتبع قيام البنوك وتطورها حتى أصبحت فى شكلها الراهن وجود وظائف تقوم بها ،وتعددت هذه الوظائف بتعدد حاجات المجتمع ،وبوجود حاجات جديدة نشأت بتطور المجتمعات المختلفة ،لهذا أصبحت البنوك تقوم بعدة وظائف وهذه الوظائف هى :قبول الودائع النقدية ،اإلقراض ،تحويل 33 العمالت ،تحويل النقود من قطر لقطر بالحواالت والشيكات المصرفية حفظ الودائع الثمينة ،إعتماد الشيكات السياحية ،بيع أسهم الشركات تسهيل أداء الديون ،تمويل الديون ،تمويل التجارة الخارجية، خلق االئتمان ،تمويل المشروعات ...كما تقوم البنوك المركزية باصدار أوراق النقد والبنوك فى تأديتها لهذه الوظائف تتقاضى عمولة أو فائدة معينة عن هذة العمليات .ولسوف يكون التركيز على العمليات الحيوية التى تهمنا فى هذا البحث والتى تؤثر بالتالى فى التمويل تأثيرا مباشرا وهذه الوظائف هى: -1االستثمار استثمار األموال هو تشغيلها فى إنشاء المشروعات من بدايتها ....والمستثمرون يتحملون من المخاظر أكثر ممن سبقهم ،ويقابل ذلك أنهم يحصلون على احتماالت وفيرة من الربح وهم الذين يقترضون من الممولين بضمانات مختلفة أو يشركون معهم من يرغب فى توظيف أمواله والمستثمرون يتحملون من المخاظر أكثر ممن سبقهم ،ويقابل ذلك أنهم يحصلون على احتماالت وفيرة من الربح وهم الذين يقترضون من الممولين بضمانات مختلفة أو يشركون معهم من يرغب فى توظيف أمواله إذا كان مشروعهم متخذا شككل شركات المساهمة ،وذلك فى حالة رغبتهم فى تنمية المشروع بصفة دائمة أو فى التخلص من حصتهم (بعد ارتفاع قيمتها أو ليواجهوا أموالهم إلى مشروعات جديدة) والمؤسسون فى شركات المساهمة يعتبرون (مستثمرين) ألموالهم فى مشروعهم الجديد ،وهم مسئولون بأموالهم الشخصية عن التزامات شركتهم أمام الغير حتى تتخذ الشركة الشكل القانونى الذى يخولها بعدئذ عرض أسسهها لالكتتاب. والمستثمر الفرد البد أن يتوافر لديه الثقة بجانب المعلومات الكافية لكى يتخذ قراره باالستثمار ،فالمستثمر الفرد سواء سيودع نقوده فى بنك أو يقدم مع غيره من المستثمرين على استثمار أمواله فى أى مشروع ال بد أن يتوافر له الشرطان السابقان .والبنك الموثوق به ذا المكانة يوفر هذين الشرطين ،هذا يوفر المناخ المناسب لكى يتخذ المستثمر قراره فى ظل ظروف نفسية مناسبة وحتى ال يكون لديه أدنى شك من صحة قراره بجانب أنه سيجعله يقدم فى المستقبل على استثمار أمواله ويزيد من نشاطه االستثمارى تحت عامل الثقة التى لها جذور سابقة. مما سبق يتضح أن البنك يقوم بعمليتين فى غاية الخطورة فى االقتصاديات المعاصرة ( االستثمار ،التمويل ) فاذا لم يتوافر الحذر والدقة والتخطيط السليم والرقابة المحكمة، ضاعت أموال المدخرين والمودعين هباء ودون نظير وأصيب االقتصاد القومى بهزات عنيفة. وظيفة االئتمان وأهميتها: المقصود باالئتمان :هو إمداد العناصر العاملة فى ميادين النشاط االقتصادى باألموال الحاضرة أو ما يقوم مقامها لتيسير المبادالت ..كخصم الكمبياالت ،وتقديم القروض ،وإمداد أصحاب المشروعات الجديدة وأصحاب المشروعات القديمة الراغبة فى التوسع بأموال 34 حاضرة تمكنهم من تمويل الخطط التى فرغوا من دراستها إلى حقائق ملموسة .ومن االئتمان ما يدخل فى تنشيط المبادالت داخل االقليم،ومنه ما يتصل بتحركات رؤوس االموال بين الدول إلقامة وحدات اإلنتاج أو لتسخير بعض الموارد الطبيعية فى المشروعات الكبيرة كاستنباط المواد الخام. إن أهمية االئتمان تظهر فى تسهيل عمليات اإلنتاج واستهالك والنشاط االقتصادى عموما. وهكذا يتضح أن االئتمان يمثل وظيفة هامة ،وإن كان معناه قصورا على تقديم المال فى صور منوعة ممن يملكه إلى من يحسن استخدامه أو يحتاج إلى قدر منه ،ويترك لغيره مهمة اإلمداد بالمال الحاضر وتوظيفه حتى يكسب مع الوقت خبرة كافية تعينه على استخدام موارده وتحقق إضافات رأسمالية تزيد من رفاهيته مستقبال كما هو الحال فى البالد المختلفة. وكان لزاما فى عصر التخصص أن يكون لوظيفة االئتمان منشآت تجمع المدخرات فى صورة مال حاضر وتتوافر على دراسة الفرص المتاحة لتوظيفها ومن أهم هذه المنشأت المصارف المتخصصة ،بيوت االدخار واالستثمار ،وشركات التأمين ومن جملة هذه المنشآت يتآلف الجانب األكبر من سوق رأس المال. والمصارف كما رأينا فى االستثمار ،تقوم بعمليات استثمارية واسعة ،وكما رأينا هنا فهى تقوم بعمليات االئتمان ومن ضمن عمليات االئتمان التمويل ، ....والتمويل بمعناه الدارج هو تجميع األموال المدخرة لتوجيهها لغرض معين كما فى حالة االكتتابات لتأسيس شركات المساهمة أو إنشاء مشروع تجارى أو صناعى بمعرفة عدة شركاء ...ولكننا ال نقصد هنا هذا المعنى الدارج وإنما المقصود بالتمويل هو توجيه المدخرألمواله – اإلقراض أو التسليف _ سواء بمعرفته مباشرة بأن يقرض شخصا آخريحتاج إليه من أموال وبواسطة غيره(البنوك مثال) لتقوم بتشغيلها فى عملياتها المصرفية وهى اإلقراض عموما. ولئن كان االئتمان ال يسهم فى اإلنتاج بطريقة مباشرة ،بمعنى أنه ال يتحمل مخاطر الصناعة والتجارة ،بل يتركها ألصحاب المشروعات .إال أنه مع ذلك وثيق الصلة بتنشيط االقتصاد أو اعاقته إذ يترتب على كفاية االئتمان أن تجد المشروعات الجديدة ماهى بحاجة إليه من مدخرات حاضرة ،كما نجد المبادالت ما يلزمها من النقود ،وابدالها لزيادة مقدارها وسرعتها ،وفى انتظام هذه الوظيفة أيضا ما يساعد على تحقيق االستقرار واألمن والروح .ولألئتمان أدوات متعددة منها النقود ،شيكات مصرفيه ،أوراق تجارية كالكمبياالت ،وتصدر البنوك أدوات مالية أخرى فى صور حسابات الودائع( النقود االئتمانية) وفى صورة أسهم رأس المال. 35 واالئتمان عبارة عن وعد بدفع النقود للمقترض فى وقت ما فى المستقبل ،لذا نرى أن االئتمان واالقتراض تقريبا يعتبر نفس الشىء إذا نظرنا إليهما من نقتطتين مختلفين، بسبب أن أصولهما االقتصادية واحدة وهى تبادل المال. واالئتمان تبعا للنظرية الكينزية ليس هاما فقط فى إيجاد المال ولكنه أيضا فى إيجاد الوسيلة لكى يجد هذا المال طريقة إلى أيدى المنفقين (ألن كل من وصل إليه المال يعتبر منفقا تبعا للنظرية النقدية) ,وتبعا للنظرية الكينزية فان وسيلة نقل القرض من مالك المال إلى المقترض الذى يريد إنفاقه هامة جدا وضرورية ،والوسائل فى النظرية الكينزية متعددة مثل االستثمار فى األصول الثابتة وشراء األسهم والتسهيالت االئتمانية للعمالء التى تقدمها البنوك مباشرة عن طريق رفع معدالت الفائدة أو تغيرها ،ومدى تأثيرها على المقترضين والمقرضين ،باإلضافة إلى دور األسواق المالية. واالئتمان وسيلة غير عادية ونافعة فى النظام االقتصادى ،وهو احد الوسائل الهامة فى استخدام النقود وفى استخدامها فى اإلنتاج فى النظام الرأسمالى وفى توسيع قاعدة االئتمان ما يوفر المرونة لالقتصاد. كل هذه دالالت تؤكد مدى أهمية االئتمان والدور الذى تلعبه فى النظم االقتصادية المعاصرة. وبما أن االئتمان أدوات فإن له أيضا أنواع متعددة منها: -1ائتمان إنتاج أو استهالك: ويقصد باألول زيادة اإلنتاج والنشاط االقتصادى ،وتكوين ثروات جديدة ،إذ تستخدم األموال التى تتجمع لدى جهة االئتمان فى تمويل المشروعات التجارية والصناعية، ويزداد بها رأس المال المستثمر ،ويعتبر هذا النوع من أهم األنواع التى يرتكز عليها االقتصاد فى العصر الحديث ،أما الثانى فهو ما يستخدم فى أغراض غير إنتاجية من الوجهة االقتصادية فال تزيد به قوة إنتاج رؤوس األموال ،كأن يقترض رب أسرة بعض المال لشراء ما يحتاج إليه من مأكل وملبس أو أن يقترض أحد األفراد ليتمكن من القيام برحلة يروح بها عن نفسه. -2ائتمان شخصى أو عينى: ويرجع ذلك إلى الضمان الذى يعطى ،فاذا لم يعين له حق خاص على جزء من مال المدين اعتمادا على يسره ونزاهته ،كان االئتمان شخصيا وإذا عين للدائن 36 حق خاص من أموال مدينة كرهن منقول أو عقار كان االئتمان عينيا ،ولهذا النوع األخير المكان األول فى العمليات الطويلة األجل. ثانيا :النشاط المصرفى فى النظم االقتصادية المختلفة: -1النشاط المصرفى فى المجتمع الرأسمالى: يقوم االقتصاد فى المجتمع الرأسمالى على قانون العرض والطلب ،وجهاز الثمن، ويؤثر األفراد طبقا لقانون أو مبدأ الحرية على مستوى األسعار نشاط اإلنتاج عن طريق زيادة أو قلة إنفاقهم فتتغير تبعا لذلك قيمة النقود. ومن ذلك نستنتج مدى حرية األفراد الذين يملكون وسائل اإلنتاج والذين يحوزون مقادير من النقود واألصول الرأسمالية فى تحديد األسعار ومدى تحكمهم فى السوق أو الذى بمقتضاه نجد النشاط المصرفى يتحدد طبقا لقوانين السوق. والبنوك فى المجتمعات ذات النظم الرأسمالية يكون رأس مالها لشركة أو فرد أو جمعية تعاونية ،ويتولى األعضاء إدارة المؤسسة وعليهم تقع مسئوليتها. أن التنظيم الحديث للبنوك ال يتأثر فقط بسياسة الحكومة وولكن أيضا بطبيعة عمل البنوك – وفى الدول الرأسمالية نلحظ وجود تغييرات ذات أهمية من بنك آلخر وفى طريقى عمل كل بنك ...وهناك أهمية وفائدة كبيرة إذا فرقنا بين عمل البنك والتجارة ....والحيرة اآلن هو أنه ال يوجد أحد يستطيع تحديد هذا الخط ،وهذا االتجاه ظهر حديثا فى الدول الرأسمالية. وهيكل رأس مال البنك يختلف حسب طبيعة عمل البنك وحسب المساهمين فى رأسماله وحسب المجال والمحيط الذى يعمل فيه البنك ......وكل هذه العوامل تحدد هيكل رأس مال البنك. -2النشاط المصرفى فى االقتصاد الموجه: االقتصاد الموجه هو الذى يقوم به القطاع الذى تملكه الدولة بجانب القطاع الخاص ...وتختلف درجات الدولة بحيث يصبح أحيانا دور القطاع الخاص هو المسيطر والقطاع العام يقوم بدور مساعد ،وأحيانا أخرى عكس هذا الوضع، وأحيانا يكون دور كل من القطاع العام والخاص متوازنا ،وهذه األشكال تتم طبقا 37 لسياسة الدولة والمجتمع ....ولهذا يختلف النشاط المصرفى طبقا لدور كل من القطاعين ،فاذا كان النشاط المصرفى ملكا للقطاع الخاص تحكمت فيه قوى السوق الرأسمالية وقوانينها ،وإذا كان النشاط المصرفى ملكا للدولة تحكمت فيه القوانين االشتراكية ،وتوجد أيضا البنوك المختلطة وهى التى تشترك الدولة فى رأسمالها ليكون لها حق االشتراك فى إدارتها واالشراف على أعمالها وهذا األسلوب وسط بين ترك النظام المصرفى فى يد القطاع الخاص ،وبين تركه كلية إلى القطاع العام. والدولة تستخدم نفوذها فى التدخل فى النشاط المصرفى عن طريق بنك الدولة أو البنك المركزى وذلك عن طريق وسائل البنك المركزى التقليدية وهى عمليات السوق المفتوحة وسعر البنك. وعمليات السوق المفتوحة هى عبارة عن قيام البنك المركزى بعمليات بيع وشراء األوراق المالية فى سوق النقد والمال .فعندما يرغب البنك المركزى فى زيادة االحتياطى النقدى للبنوك كى يمكنها من التوسع فى االئتمان وبالتالى زيادة النقود المصرفية للمساهمين فى تنشيط الحالة االقتصادية يدخل السوق مشتريا لألوراق المالية ،وهو فى نهاية المطاف يهدف إلى زيادة االحتياطيات النقدية للبنوك لديه ومن ثم يزيد من مقدرتها على التوسع فى تقديم االئتمان وخلق الودائع. وسعر البنك أو سعر إعادة الخصم هو سعر الفائدة الذى يتقاضاه البنك المركزى على إعادة خصم األوراق التجارية واألذون الحكومية للبنوك ،أيضا سعر الفائدة على القروض والسلفيات التى يقدمها للبنوك ...وإذا أراد البنك المركزى تقليل االئتمان يلجأ الى رفع سعر البنك حتى يرفع من تكلفة األئتمان الذى تقدمه البنوك للمتعاملين ،وإذا أراد زيادة االئتمان لجأ إلى العكس وتوجد وسائل حديثة للبنوك المركزية مثل أسعار الفائدة وزيادة نسبة اإلحتياطى لدى البنك المركزى(والذى تحتفظ به البنوك لدى البنك المركزى) فى حالة إذا ما أراد البنك المركزى تقليل نسبة اإلحتياطى لديه فى حالة زيادة االئتمان. والبنك المركزى له وظائف مؤثرة فى االقتصاديات الحديثة ،منها أنه يعتبر وسيط للبنوك إلنجاز عملياتها مع الجهات األخرى كما أنه هو المنفذ لسياسة الدولة المالية ،كما أن عمله الرئيسى اإلسراع يجعل االقتصاد أكثر مرونة وديناميكية وبالوسائل السابقة فهو يؤثر على حجم اإلئتمان والسيولة وباالضافة إلى ذلك فهو يساعد البنوك على أداء خدماتها للعمالء بتقديم الخدمات ،والتسهيالت إليها ..... كما يساعد على تنفيذ سياسة الحكومة. 38 والبنك المركزى له أهمية كبرى فهو أحد وسائل للدولة فى اإلشراف على االقتصاد القومى وفى تحقيق المرونة لالقتصاد لالنطالق نحو النمو ،كما أنه بجانب ذلك يحقق التوازن بين البنوك وبعضها البعض من ناحية ،والبنوك والمتعاملين معها من جهة أخرى. -3النشاط المصرفى فى النظام االشتراكى: فى النظام االقتصادى االشتراكى يكون الجهاز المصرفى ملك للدولة فالدولة تقوم بتقديم ما يلزم البنوك من رأس المال ،ومباشرة إداراتها وتعيين موظفين فيها وتحمل مسئولية أعمالها. والبنوك فى النظام االشتراكى هى أداة الدولة لتنفيذ الخطة الموضوعة وهى فى ذلك تتبع هذه الخطة الموضوعة بواسطة جهاز مركزى أو هيئة مشرفة على التخطيط تحدد كميات وأسعار السلع المنتجة ،وعلى هذا تتغير طبيعة النشاط فى الجهاز المصرفى فى المجتمع االشتراكى عنها فى المجتمع الرأسمالى. والجهاز المصرفى فى اإلتحاد السوفيتى يتألف من وحدات مصرفية كل منها يقوم بدور معين ،وهذه الوحدات هى بنك الدولة وهو مما يقابل فى النظام الرأسمالى البنك المركزى وهو بجانب ذلك أيضا فهو البنك التجارى الوحيد ،وهذا يعكس مركزية الجهاز المصرفى السوفيتى التى تتوائم مع مركزية اإلدارة والتخطيط فى االقتصاد ،كما أن هذه "المركزية" تيسر رقابة بنك الدولة على النشاط التجارى للمشروعات اإلنتاجية. وباإلضافة إلى بنك الدولة يوجد بنك تمويل االستثمارات الرأسماليمة وهو يتولى تمويل االستثمارات فى جميع قطاعات االقتصاد السوفيتى باستثناء استثمارات القطاع الزراعى" التى يتوالها بنك الدولة" وبنك التجارة الخارجية وهو يتولى تمويل عمليات التجارة الخارجية وتسوية المعامالت المترتبة عليها. وبنوك اإلدخار ويوجد عدد كبير منها وتتولى مهمة تجميع مدخرات األفراد وبعض الهيئات. والجهاز المصرفى اليوغسالفى يتكون من وحدات مصرفية: 39 البنك األهلى التحاد جمهوريات يوجوسالفيا الشعبية :وهو يقوم بوظائف البنكالمركزى التى تتالئم والتطبيق االشتراكى اليوجوسالفى. بنك االستثماراليوجوسالفى :وتنحصر مهامه فى تمويل االستثمارات المدرجة فىالخطة االقتصادية العامة ويتولى مراقبة تنفيذها. بنك يوجوسالفيا للتجارة الخارجية :ويعد المسئول عن تمويل عمليات التجارةالخارجية وتسوية المعامالت مع البنوك األجنبية. البنك الزراعى اليوجوسالفى :وهو يقوم بإقراض المؤسسات والمزا رع الجماعية (القطاع الزراعى العام) باإلضافة إلى بنوك األدخار التعاونية وهى تقوم بتمويل المزارعون القرويون. بنوك الكميونات :عصب الجهاز اليوجوسالفى وهى الواسطة بين البنك المركزىوالبنوك المتخصصة ،وهى منتشرة فى جميع أرجاء الدولة ،وهى لهذا من اصلح األجهزة لمراقبة المشروعات االقتصادية عن طريق تقديم االئتمان المصرفى. وقد قدمت النظام المصرفى فى كال من االتحاد السوفيتى ويوجوسالفيا باعتبارهما من الدول االشتراكية المتقدمة ،وباإلضافة إلى أن يوجوسالفيا من كتلة عدم االنحياز. النشاط المصرفى فى االتحاد السوفيتى : أن العرض السابق كان لتكوين الجهاز المصرفى فى دولتين اشتراكيتين ،ولكن لننتقل اآلن إلى شرح النظام المصرفى ذاته داخل إحدى الدولتين وليكن االتحاد السوفيتى.... إن أهم أعمال البنك أو النظام المصرفى تتركز فى االستثمار واالئتمان وهما أكبرعملين يقوم بهما النظام المصرفى باإلضافة الى الخدمات األخرى ...واآلن سأقوم بعرض لهاتين العمليتين. وأعرض أوال :لالستثمار ..أن أتجاه وحجم االستثمارات فى االتحاد السوفيتى يتحددانطبقا للحاجة إلى التوسع فى إعادة إنتاج األصول الثابتة ،ومالحظة النسب الصحيحة لنمو القطاعات المختلفة ،ومدى التطبيق العلمى والفنى ،والطرق األنتاجية الحديثة.... الخ 40 ان الحجم الكلى لالستثمارات يأتى من مصادر مختلفة وهذه المصادر ثابتة عندما تكون ميزانية الدولة السوفيتية والخطط المالية للقطاعات المختلفة لالقتصاد مقدمة وموضوعة بعناية ودقة .إن حجم االستثمار المالى لكل قطاع يحدد على أساس الخطة المالية السنوية ،معتمدة على االستثمارات الكلية المثبتة فى الخطة القومية. إن بنك االستثمارات السوفيتى هو الوكالة الرئيسية لالستثمارات المالية فى االقتصاد، وهو العمل النهائى للجمهورية والمكاتب القطاعية ،والفروع التى لبنك الدولة الدولة السوفيتى ،وبنك االستثمارات تزود القطاعات نقدا من خالل بنك الدولة. والنقطة التالية هى االئتمان ...وفى االقتصاد االشتراكى العالقات االئتمانية مرتبةبمساعدة البنوك ،وهذه العالقات تكون بنك االئتمان ...أن بنك الدولة وبنك االستثمار يتقاضى منهما بنك االئتمان فائدة عد معدالت ثابتة ،وتوجد عدة آجال لالئتمان وهى االئتمان قصير األجل وطويل األجل ،وتوجد عدة آجال لالئتمان وهى االئتمان قصير األجل ،وطويل األجل ...وتوجد عدة أنواع من االئتمان طويل األجل التى تختلف من حيث غرضها ومدتها ،واالئتمان طويل األجل مدته تتحدد من عام إلى أعوام معتمدا على مدى االستفادة ومدى احتياجات المشروع. وعلى هذا فأن بنك االئتمان يلعب دورا اقتصاديا هاما فى الرقابة على نمو اإلنتاج االشتراكى ،والتوزيع ودورة اإلنتاج ،وكمالحظ لالقتصاديات ،وكمساعد فى زيادة الكفاح اإلنتاجية بفضل توجيه االئتمان فى الوقت والمكان المناسبين. وفى ظل الظروف الحالية لالقتصاد السوفيتى فى مرحلة تنفيذ اإلصالح االقتصادى، فالبنك االئتمانى يصبح مصدر القوة االقتصادية. والبنوك السوفيتية ليست فقط قائمة من أجل عمل القروض ،ولكنها أيضا من أجل الرقابة ومالحظة النظام وتقديرات تصميم الخطط وكيفية تنفيذها من خالل الخطط المالية االستثمارية. وعلى هذا استخلص مما سبق أن طبيعة الجهاز المصرفى االشتراكى هى: -1وحدات الجهاز المصرفى متخصصة ،وغير متنافسة ،وأنها أحد أجهزة الخطة وهى ال تعمل منفردة أو مستقلة ،كما أنها ال تتمتع بحرية تمويل المشروعات ،والفائدة محدودة. 41 -2يتم تعامل المشروعات بين بعضها ،وبينها وبين الحكومة عن طريق البنوك المتخصصة ،والتى تخص القطاع التابع له المشروع. -3الجهاز المصرفى هو المصدر الوحيد لالئتمان فى الدولة ،وعلى ذلك فأن االئتمان التجارى غير موجودة أو مسموح به على االطالق ،ودور االئتمان فى االقتصاد االشتراكى هو تسهيل عملية المدفوعات والتغلب على الفقرة الزمنية بين أداء المدفوعات والحصول على االيرادات. -4يباشر الجهاز المصرفى دور الصراف العام. -5القروض المقدمة للقطاع الخاص ،فأنه يتم تخطيطها فى ضوء خطة المصروفات وإيرادات السكان عموما ...وهذه القروض من أجل الشراء بالتقسيط ،وللمزارع الخاصة ،وللمشروعات األخرى كالصناعات الصغيرة والحرفيين. ثالثا :أنواع البنوك تضخم النشاط االقتصادى واتسع وتنوع ،وظهر النظام المصرفى ،وقام هذاالجهاز وكبر واتسع نشاطه وشمل ميادين متعددة وكثيرة ،ولقد أصبح بمثابة القلب بالنسبة للنشاط أو األشكال (البنوك) نجد-: -1البنوك الشعبية: وتطلب من أعضائها قبول نظام "االدخارالمنتظم" وهو ادخار يتصف بالدورية واالجبارية. -2بنوك االدخارالمحلية: (أ)تستمد بنوك االدخار فى الدول فى الدول الرأسمالية وجودها ونشاطها وقوتها من ظاهرتين أساسيين: -1وجود سوق رأسمالية فعال ونشط. -2وجود استثمارات فردية ودوافع استثمار قوية تحقق بنوك االدخار من ورائها أرباحا طائلة ،وبالتالى تعمل على تدعيمها ،ويعتبر سعر الفائدة من أقوى األسلحة التى تعتمد عليها بنوك اإلدخار فى النظم الرأسمالية فى مزاولة نشاطها فى طلب أو عرض رأس المال .وتحليل نشاط هذه البنوك نالحظ حقيقتين: 42 -1المدخرات الصغيرة من مجموع الشعب تستخدم فى تدعيم فئة المستثمرين والمضاربين واألفراد والشركات. -2توظيف المدخرات بواسطة بنوك اإلدخار غير مرتبطة بخطة موجهة من الدولة وإنما يحركه أساسا سعر الفائدة. ب-فى الدول االشتراكية: تعتمد بنوك االدخار فى هذة الدول على: -1اإلعانات والتدعيم المادى من الدولة والتى تنظر إلى بنوك اإلدخار على أنها أجهزة تعمل على إقناع األفراد بإيداع فائض قوتهم الشرائية لحين االحتياج إليها لرفع مستوى معيشتهم. -2كونها أجهزة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالخطة العامة للدولة فهى تؤدى بعض المهام التنفيذية فى مجال االستثمار نيابة عن الدولة. فبنوك اإلدخار فى النظام االشتراكى ال تعد كونها أجهزة تسهل على المواطنين مهمة إيداع فائض قوتهم الشرائية ومن أجل تشجيع األفراد على تكوين رصيد نقدى يلجأ إليه الفرد القتناء سلع معمرة ترفع من مستوى معيشته أو من أجل المتعة. -3البنوك المتخصصة: (أ)البنوك الصناعية: وهى التى تمد المشروعات الصناعية الضخمة بالقروض سواء القصيرة أو المتوسطة األجل،ولقد نشأت هذه البنوك أصال إلمداد المشروعات الصناعية بالقروض طويلة األجل وخاصة المشروعات الضخمة. (ب)البنوك الزراعية: تقوم بإعداد المزارعين وأصحاب األراضى باألموال لمساعدتهم على شراء مستلزمات االنتاج واآلالت الالزمة إلتمام الزراعة. (ج)البنوك العقارية: وتقوم بإقراض راغبى إنشاء العقارات والعمارات السكنية وغيرها من الوحدات السكنية. 43 وبعد فهذا عرض ألوجه النشاظ المصرفى الذى يعتبر أحد وسائل االقتصاد الحديث لتحقيق أهدافه مهما اختلف النشاط االقتصادى ..وهذا النشاط (المصرفى) يعتبر أحد أدوات تمويل المشروعات الحديثة ..وننتقل إلى أداة أخرى من أدوات تمويل المشروعات المعاصرة وهى شركات التأمين. ثانيا :شركات التأمين تعتبر شركات التأمين من أهم المنشآت التى تشجع األفراد على اإلدخار ،كذلك تشجع مختلف أنواع المشروعات على التأمين على ممتلكاتها وعمالها وموظفيها حتى تدرأ عنها مخاطر وما قد يجمله المستقبل بين طياته من الحوادث والمفاجآت وبذلك يتجمع لدى هذه الشركات جزء هام من المدخرات القومية يمكنها من المساهمة فى تمويل نهضة البالد االقتصادية ،وبذلك تعتبر شركات التأمين عامال مساعدا فى خدمة التمويل. ولهذا كان لزاما أن يكون التناول لهذا النوع من الشركات على النحو التالى: اوال -تعريف التأمين ثانيا -عقود التأمين ثالثا -أنواع التأمين رابعا-اآلثار االقتصادية واالجتماعية للتأمين ولسوف أتناول كال من هذه العناصر بالتفصيل. أوال -تعريف التأمين: توجد تعريفات عديدة وكثيرة ومن هذه التعريفات " بأنه تحويل اآلثار المالية لألخطار التى يتعرض لها األفراد أو المنشآت إلى جهات متخصصة فى تحمل هذه األخطار نظير دفع مقابل". ويوجد تعريف آخر وهو: "التأمين عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدى إلى المؤمن له ،أو إلى المستفيد الذى اشترط التأمين لصالحه ،مبلغا من المال أو إيرادا مرتبا أو أى عوض مالى آخر فى حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المبين بالعقد ،وذلك نظير قسط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن " ويتبين من ذلك أن المبادىء األساسية للتأمين والتى يجب أن تتوافر هى: 44 -1مبدأ حسن النية: يجب أن يتوافر بين طرفى عقد التأمين ،أى يجب أن تكون البيانات التى يعطيها كل طرف لآلخر صحيحة ودقيقة كما انه وال يخف أى طرف حقائق أو بيانات جوهرية(مثل اإلصابة بمرض خطير قديما) وإال أعتبر العقد باطال أو قابال للبطالن حسب األحوال. -2مبدأ المصلحة التأمينية: ينبغى أن يكون لطالب التأمين مصلحة تأمينية ،فى الشىء المؤمن عليه حتى يكون عقد التأمين صحيحا ،ويكون للمؤمن له مصلحة تأمينية ،إذا كان وقوع الخطر الذى يؤمن من وقوعه يؤدى إلى خسارة إقتصادية له ،وفى عدم وقوعه منفعة مالية له ،فالفرد الذى يمتلك عقارا أو بضائع ويؤمن عليها من الحريق له مصلحة تأمينية منها إذ أن هالكها أو تلفها نتيجة للحريق ينتج عنه خسارة ماليه له. -3مبدأ التعويض: يجب أن يعوض المستأمن تعويضا كامال عن قيمة الخسارة بشرط اال تزيد قيمة التعويض عن قيمة التأمين ،ولكن يجب أال يحقق المستأمن أى ربح بحصوله على التعويض فى حالة الخطر المؤمن منه ،إذ يجب أن يوضع المستأمن فى حالة وقوع الخطر المؤمن منه فى نفس المركز تماما الذى كان عليه قبل وقوع الخسارة ،وطبيعى أن المستأمن ال يحصل على تعويض معادل للخسارة إذا كان قد أمن على ممتلكاته بمبلغ يقل عن قيمة الخسارة. -4مبدأ المشاركة فى التأمين: يقضى هذا المبدأ بأن المؤمن له إذا أمن على نفس الشىء موضوع التأمين لدى عدة مؤمنين فإنهم جميعا يشتركون فى دفع قيمة التعويض بنفس نسبة المبالغ المؤمن بها لديهم ،وطبيعى أن المؤمن له ال يحصل على أكثر من قيمة الخسارة التى لحقته تطبيقا لمبدأ التعويض. -5مبدأ الحلول فى الحقوق: يقصد به أن المؤمن يحل محل المؤمن به فى جميع حقوقه قبل الغير بعد دفعه التعويض ،أى أن المؤمن يوضع فى نفس مركز المؤمن له تماما بحيث تنتقل إلى عقود التأمين. 45 ثانيا -عقود التأمين: فى العصر الحاضر وبعد تعدد المخاطر لجأ الناس والشركات والمصانع والتجار للتأمين على سلعهم وأموالهم ليأمنو الكوارث المالية الفادحة ،نظير ما يدفعون للشركات من مال ،وشركات التأمين تجمع مبالغ طائلة من أقساط التأمين المختلفة وتربح من عمليات التأمين بعد دفع ما قد يقع من خسائر. وعمليات التأمين أصبحت تقوم على دراسات وخبرات مضبوطة انتهت إلى حقائق مسلم بها ،ولسبر غور التأمين البد أن نتطرق إلى عدة نقاط هامة وهى: -1عناصر التأمين -2خصائص عقد التأمين -3آثار عقد التأمين -4انتهاء عقد التأمين -1عناصر التأمين: ولعمليات التأمين عناصر ثالث هى: (أ)الخطر المؤمن منه (ب)قسط التأمين (ج)مبلغ التأمين (أ)الخطر المؤمن منه: البد من توافر ثالث صفات فى الخطر المؤمن منه وهى: -1أن يكون الخطر متفرقا فال يتجمع وقوعه فى وقت واحدج بل يتفرق على أوقات متباعدة ،ومن ثم يكون من العسير التأمين من الزالزل والحروب..الخ -2أن يكون الخطر متماثال فيتجانس فى طبيعته(حريق-حوادث) وقيمته ومدته ومحله(مبان-منقوالت) 46 -3أن يكون الخطر منتظم الوقوع إلى درجة مألوفة ،فال يكون وقوعه من الندرة بحيث يتعذر عمل إحصاء عنه ،وال من الكثرة بحيث يكلف التأمين منه ثمنا غاليا ويصبح التأمين غير مجد من الناحية االقتصادية. ومن الناحية القانونية يعتبر الخطر هو المحل الرئيسى فى عقد التأمين ويشترط فى الخطر ثالثة شروط وهى: -1أن يكون غير محقق الوقوع ،ويكون هذا على صورتين: (أ)فقد يكون وقوعه غير محتم مثل الحريق أو السرقة. (ب)وقد يكون وقوع الخطر محققا ولكن وقت وقوعه غير معروف .وعلى ذلك إذا كان الخطر مستحيل الوقوع كان محل التأمين مستحيال. -2أن ال يكون متعلقا بمحض إرادة المؤمن أو المؤمن منه....فهنا يصبح تحققه واقعا طبقا لمشيئته، تحت مشيئة أحد طرفى العقد ومن مصلحة كل طرف أن يحقق الغر وعند ذلك ال يعد هناك معنى للتأمين. -3أن يكون مشروعا أى غير مخالف للنظام العام. (ب)قسط التأمين: هو المقابل المالى الذى يدفعه المؤمن لتغطية الخطر المؤمن منه ،ويحسب قسط التأمين طبقا لمبدأ نسبة القسط إلى الخطر ،ويراعى فى احتساب القسط قاعدتين هما: (أ)-قاعدة الكثرة: ذلك أن الدقة فى احتساب األقساط التى يلتزم بها المؤمن لهم تتوافر بقدر ما يكون عدد الذين التزم المؤمن قبلهم من المعرضين للخطر المؤمن منه كبيرا ،إذ بذلك يبدأ الخطر ينتفى ويقترب التقدير كثيرا الى الدقة ،ولذلك يسعى المؤمن دائما إلى توسيع قاعدة المتعاقدين معه للتأمين من األخطار. (ب)قاعدة االرتكاز على االحصاءات الدقيقة: تقدر احتماالت تحقق الخطر بالنسبة إلى جميع المؤمن لهم طبقا لقوانين االحصاء ،أى إحصاء عدد مرات تحقق الخطر المؤمن منه التى وقعت فى الماضى ومبلغ أهمية كل خطر منها ،ومدى احتمال تحقق مثل ذلك أو ما يقرب منه فى المستقبل. 47 (ج)مبلغ التأمين: هو المبلغ الذى يدفعه المؤمن له ،أو المستفيد عند تحقق الخطر. -2خصائص عقد التأمين: عقد التأمين رضائى: فهو يقوم على رضا الطرفين وينعقد لمجرد توافق اإليجاب والقبول وهو ال يثبت عادة إال بوثيقة يوقع عليها المؤمن ...وهذا المبدأ ال يتعارض مع مبدأ أن عقد التأمين عقد إذعان ،ألن المؤمن هو الجانب األقوى وهو الذى يملى شروطه ،وال يملك المؤمن له إال أن ينزل عن شروط المؤمن ،ولذلك تدخل المشرع فى معظم الدول لحماية المؤمن لهم. عقد ملزم للجانبين: بمجرد توقيع الوثيقة يصبح على المؤمن دفع مبلغ التأمين إذا وقع الضرر ،وعلى المؤمن له دفع أقساط التأمين. عقد من عقود المعاوضة: إذ أن كل من المتعاقدين يأخذ مقابال لم أعطى. عقد من العقود الزمنية: يعقد لزمن معين ،والزمن عنصر جوهرى فيه ،ألنه يتوقف عليه مقدار األقساط التى تدفع ومقدار مبلغ التأمين. عقد من العقود االحتمالية: بمعنى أن المؤمن له ال يعرف مقدار ما يدفعه وال مقدار ما يأخذ ،وكذلك المؤمن.... وهذا متوقف على وقوع الضرر من عدمه. -3آثار عقد التأمين: (أ)التزام المؤمن له: 48 -1تقديم البيانات الالزمة وتقرير ما يستجد من ظروف(مبدأ منتهى حسن النية) -2االلتزام بدفع مقابل التأمين. -3إخطار المؤمن بوقوع الحادث إذا تحقق الخطر المؤمن منه. (ب)التزام المؤمن: يلتزم المؤمن بدفع مبلغ التأمين ،ويحل هذا االلتزام ويصبح واجب األداء متى تحقق الخطر المؤمن منه ،وفى حالة التأمين على الحياة متى حل أجل العقد. -4انتهاء عقد التأمين: (أ)انتهاء أو إنقضاء المدة (ب)فسخ العقد -1إذا ما استجدت ظروف تؤدى إلى زيادة الخطر -2االخالل بالتزام المؤمن بدفع القسط -3هالك الشىء المؤمن عليه (انفساخ العقد) -4انتقال ملكية الشىء المؤمن عليه -5إفالس المؤمن ثالثا :أنواع التأمين: نأتى إلى جزء هام من البحث فى التأمين وهو أنواع التأمين ،وهى كاآلتى-: -1بعد أن تفرغت وتعددت األنشطة االقتصادية وتعددت تبعا لذلك أنواع التأمين وهى كاآلتى: التأمين من الحريق:وفيها يعوض المؤمن له عن تلف أو هالك الممتلكات موضوع التأمين فى حدود مبلغ التأمين. التأمين من خيانة األمانة:وهو تعويض المؤمن له من الخسائر التى يتعرض لها نتيجة الختالس موظفيه أو تبديدهم ألمواله وممتلكاته. 49 تأمين المسئولية المدنية:وهو تعويض المؤمن له عن المبالغ التى يلتزم بدفعها للغير نتيجة لالهمال. التأمين من حوادث واصابات العمل:ويعوض المؤمن له عن المبالغ التى يلتزم بدفعها قانونا لعماله ومستخدميه فى حالة إصابتهم أثناء العمل. التأمين من السرقة:ويعوض المؤمن له عن الخسارة التى تتعرض لها ممتلكاته نتيجة للسرقة. التأمين البحرى:ويشمل التأمين على السفن ،وعلى البضائع المنقولة بحرا ،كما يغطى جميع الخسائر واألضرار التى تلحق بوحدات النقل البحرى والنهرى المختلفة. -2وكما للتأمين أنواع متعددة فقد نشأت نتيجة للحاجات المتعددة أقسام للتأمين أيضا وهى-: (أ)التأمين االجتماعى: هو تأمين للعمال ،يؤمنهم من إصابات العمل والمرض والعجز والشيخوخة ويساهم فيه إلى جانب العمال أصحاب العمل والدولة ذاتها. (ب)التأمين الخاص: هو تأمين تقوم به شركات التأمين أو جمعيات التأمين التبادلى ،وهو إما أن يكون تأمينا بحريا ،أو على البضائع أو على السفن ،أو تأمينا بريا .والتأمين البرى قد يكون على األشخاص أو من األضرار .والتأمين على األشخاص يتعلق بشخص المؤمن فيؤمن نفسه من األخطار التى تهدد حياته أو سالمة جسمه أو صحته أو قدرته على العمل ،وعلى ذلك فهو تأمين ليست له صفة تعويضية ومن ثم ال يخضع لمبدأ التعويض. أما التأمين من األضرار فهو تأمين ال يتعلق بشخص المؤمن له بل بماله ،وهو أما تأمين على األشياء أو من المسئولية. 50 رابعا :اآلثار االقتصادية واالجتماعية للتأمين: نشأ عن وجود التأمين ومؤسساته وتوسعها فى التأمين آثارا اقتصادية واجتماعية خطيرة ....ترتب عليها أن أصبح للتأمين مكانة هامة وقوية فى االقتصاديات القومية المعاصرة ..واصبحت إحدى القوى المؤثرة فى االقتصاديات الحديثة ..كما أصبحت شركات التأمين أحد ركائز التنمية االقتصادية. وتساعد شركات التأمين على تجميع المدخرات ،ونتيجة لتجميع هذه المدخرات تتراكم لديها أموال طائلة تساعد على ازدهار الصناعة والتجارة والخدمات فالتأمين يساعد األفراد والهيئات على اقتحام الميادين االقتصادية المختلفة ألنه بواسطة التأمين يؤمن األفراد والهيئات على أموالهم وعلى ضياع أجزاء منها عند تحقق أى خطر أو ضرر. كما أن التأمين يساهم فى اإلقالل من الحوادث والحرائق وغيرهما بإرشادات المنشآت ،وبرامج التوعية ،وهذا يعود على االقتصاد القومى بصفة عامة بفوائد كثيرة. والتأمين على أساس هام لالئتمان ،إذ أن المنشآت التجارية قد ترغب فى التصريح باالئتمان ولكنها تخشى وفاة الفرد فتشترط التأمين على حياته ،مما يجعل حصولها على دينها أكثر ضمانا. والتأمين يساعد على استمرار المنشآت المالية فى عملها وعدم توقفها إذا أصيبت بأضرار أو خسائر جسيمة نتيجة ألى ضرر. وشركات التأمين فى سبيل أداء رسالتها التأمينية تقوم بتجميع المدخرات ،وبذلك تتجمع لديها أموال كثيرة ،كل هذة االموال يجب أال تترك معطلة ،لهذا كان على شركات التأمين استثمار هذى األموال فى أوجه النشاط االقتصادى المختلفة ...ولقد أصبحت شركات التأمين بما لديها من أموال ضخمة قابلة لالستثمار ،مصدرا هاما من مصادر تمويل الجهات الحكومية والشركات واألفراد. 51 وتقوم شركات التامين على الحياة باستثمار أموالها فى السندات الحكومية مثال أن القروض برهن أو استثمارأموالها بعدل فائدة يساوى أو يزيد عن معدل الفائدة الذى احتسبت على أساسه أسعار التأمين ،وفى شركات التأمين على الممتلكات والحوادث يكون االستثمار بصفة خاصة فى األوراق المالية للشركات التجارية والصناعية. وهذا يدل على كمية األموال الضخمة التى تتجمع لدى شركات التأمين ومدى تأثيرها على االقتصاد القومى ،ومدى قدرة شركات التأمين على استثمار أموالها، وتعتبر مصدرا هاما وخطيرا واساسيامن مصادر التأمين. واذا نظرنا إلى المركز االجمالى لشركات التأمين لعدة سنوات فسوف نجد أن القروض واستثمار األموال يحتل مركزا هام فى المراكز المالية لهذه الشركات. ومعظم األموال فى شركات التأمين تستخدم فى القروض طويلة األجل ،واألسهم والسندات ،والسندات الحكومية ،وهى تعتبر أحد األدوات المالية باإلضافى إلى أنها إحدى أدوات االئتمان واالستثمار. والتأمين فى الدول التى تتبع النظام االشتراكى بها بعض االختالفات وإن كانت فى األسس والقواعد واحدة ...ولقد اخترت النموذج السوفيتى فى التأمين كممثل للدول التى تتبع النظام االشتراكى. ورأس المال يتكون كنتيجة لعملية النظام التأمينى ،يستخدم كمصدر لالئتمان.... والتأمين فى االتحاد السوفيتى يختلف كما أشرت عما هوفى النظام الرأسمالى ،فينما نرى فى الدول الرأسمالية أن الحصول على الفائدة باإلضافة إلى حماية الممتلكات الخاصة ،فيؤمن على الحياة واألعمال فقط بسبب أنها تأتى بأكبر فوائد ...بينما نرى أن التأمين فى االتحاج السوفيتى يعمل مستندا على أساس حماية األفراد والممتلكات باإلضافة إلى نشر مظلة األمن على الجميع. وفى األتحاد السوفيتى تحتكر الدولة التأمين ،وبهذه الطريقة يمكن أن يكون التأمين عنه أقل تكلفة. ويوجد نوعين من التأمين فى االتحاد السوفيتى وهو التأمين اإلجبارى والتأمين االختيارى. 52 ووزارة المالية السوفيتية يوجد بها الهئية المركزية للتأمين فى االتحاد السوفيتى وتسمى جوس تراك ،Gosstrakhالتى تعمل على أساس التكاليف الحسابية ،والقطاعات فى االتحاد السوفيتى يوجد لديها هيئات للتأمين أو مكاتب للتأمين ،وهذه الهيئات والمكاتب تحت رقابة الوكاالت المالية. والهيئة المركزية للتأمين فى االتحاد السوفيتى والهيئات التأمينية فى الجمهوريات تضع بعض االحتياطيات المالية للتأمين على المزارع الجماعية وهذه االحتياطيات المالية تكون ذات فائدة فى السنوات التى تتعرض فيها هذه المزارع لخسائر أو كوارث نتيجة لألحداث الطبيعية والمناخية ،وعلى هذا نرى أن التأمين فى االتحاد السوفيتى يختلف عن نظام التأمين فى النظام الرأسمالى الذى يعتمد على التأمين الذى يملكه األفراد ...أى أن تكون شركات التأمين ملكا لألفراد الذين يرغبون فى تحقيق أكبر ربح ممكن ،فهم من جهة يبحثون عن األهداف التأمينية التى تحقق لهم هذا الربح ،ومن جهة أخرى يبعدون عن التأمينات االجتماعية أو نشر مظلة األمان على جميع افراد المجتمع ،ألنها ال تحقق العائد المجزى أو الربح الذى يطمح إليه أصحاب هذه الشركات. وبعد فهذاا عرض للنظام التأمينى بصفة عامة ،ومدى ما تتمتع به شركات التأمين من قدرة على التمويل. ثالثا :االسواق األداة الثالثة من أدوات التمويل هى البورصات ،والبورصة هى سوق ذات طابع خاص غير طابع األسواق المتعارف عليها من قديم األزمان ،أنها تختلف عن األسواق المعروفة من عدة وجوه منها: أنها مخصصة لنوع أو أنواع ممعينة من السلع على حين تكون األسواق مفتوحة لكل سلعة ،ومنها أن المتعاقدين فيها أشخاص تتوافر فيهم شروط معينة على حين ال ترد األسواق العامة أحدا ...ومنها أن التعامل يجرى والسلع المتعامل عليها غير موجودة على خالف التعامل فى األسواق العامة. والشك أن اسم "البورصة" ليس عربيا ،وال معربا ،بل إنه ينطق هكذا فى معظم اللغات األجنبية محتفظا باألصل الذى نشأ عنه. 53 وتعتبر البورصات سوقا مستمرة ،إذ يجتمع فيها المشترون والبائعون الذين يرغبون فى التعامل بشراء وبيع سندات الحكومة ،وأسهم الشركات المقبولة بتسعيرة البورصة ،وتتم جميع الصفقات عن طريق السماسرة المعتمدين. ونظرا ألن البورصة تعتبر سوقا يتحدد فيها السعر نتيجة لقانون العرض والطلب، ونظرا ألنها مستمرة ،يتصل فيها المشترين بالبائعين فيجد فيها البائع سوقا لبيع أوراقه وبضائعه ،كما يجد فيها المشترى سوقا لشراء ما يريد ،لذلك نراها تقوم بدور مساعد فى خدمة التمويل ،إذ أن كثيرا من المستثمرين يدخلون فى االعتبار عند االكتتاب فى اسهم الشركات أو فى سندات الحكومةإمكان بيعها إذا ألجأتهم الحاجة ،أو إذا ارتفعت األسعار عن السعر الذى اكتتبوا فيه ،فيبيعون ما يمتلكون ،أو بعض ما يمتلكون ،ويربحون فروق األسعار ،أى اليسر الذى يجده حائز األوراق المالية فى بيعها فى البورصة يساعد على االكتتاب فى مزيد من األسهم أو السندات وبذلك تعتبر البورصات عامال مساعدا فى خدمة التمويل. وفى بورصات العقود يتم نفس الشىء ،فالبائع يجد من يشترى ،والمشترى يجد البضائع التى يريدها وبعد هذا االستعراض السريع للبورصة يكون واجبا ذكر بعض األمور المتعلقة بتلك البورصات ووهى: -1بورصة األوراق المالية وبورصة العقود -2وظائف وعمليات البورصات -3أثر البورصات فى الحالة االقتصادية وسوف أشرح كل ما سبق فيما بعد... -1سوق األوراق المالية وسوق العقود: الشك أن البورصة كما ذكرت من قبل تتعامل فى األوراق المالية الخاصة بالشركات، كما تتعامل فى الحاصالت الزراعية ،وتتعامل فى األسهم والسندات ...الخ ،من األوراق المالية. وبورصة األوراق المالية يجرى التعامل فيها على أسهم وسندات الشركات وسندات الحكومة بعمليات عاجلة(نقدية). 54 ربح األسهم وفائدة السندات تدفعها الشركات أو الحكومات بمقتضى الكوبونات ،وتتولى المصارف والسماسرة تحصيل قيمة تلك الكوبونات مقابل عمولة ضئيلة. وبورصة العقود هى التى تتعامل فى البضائع سواء كانت زراعية مثل القطن والبصل (فى مصر) أو صناعية ،ويعمل السماسرة فى بورصة العقود أيضا. -2وظائف وعمليات البورصات: تؤدى "البورصة" فى ميدان الحياة االقتصادية دورا خطيرا ،إذ تدور فيها أكبر الصفقات التجارية التى تمثل الجزء األكبر من ثروة البالد. ذلك أن أهم موارد البالد تتجه دائما إلى البورصة لتكون سوقا لها ،وعن طريقها يتم تصريف هذه الموارد ،فإذا لم تكن أعمال البورصة خاضعة لنظم محكمة ورقابة يقظة، أمكن أن تكون مسرحا للعبث بثروة البالد ،ومجاال فسيحا للكسب الحرام عن طريق الزيف والخداع. وبعد ذلك العرض السريع ألعمال البورصة ،البد من االنتقال إلى وظائف وعمليات البورصة ،والشك أن البورصات تعتبر مسرحا للعديد من الوظائف وما يتبعها من عمليات كثيرة متعددة. (أ) وظائف البورصة: -1البورصة سوق مستمرة وألجل أن تكون السوق مستمرة يجب أن يتوافر شرطان هما: (أ)أن يكون فى البورصة فى أوقات العمل عدد كاف من البائعين والمشترين على استعداد للبيع والشراء. (ب)يجب أن يسمح قانون البورصة بالتعامل على المكشوف حتى إذا طلب مشتر السلعة ،ولم تكن فى حيازة البائع وقت البيع ،فإن هذا األخير يبرم الصفقة اعتمادا على استطاعته الحصول عليها فيما بعد بفضل السوق المستمرة ليسلمها إلى المشترى، فالمضاربة والتعامل على المكشوف هما الشرطان األساسيان لوجود سوق مستمرة، 55 والسوق المستمرة شرط أساسى لقيام البورصات بوظائفها االقتصادية ،وتتحقق عدة فوائد من اعتبار البورصة سوقا مستمرة وهذه الفوائد هى: -1استطاعة حائز األوراق المالية أن يعرف ثمنها من يوم آلخر من االطالع على تسعيرة البورصة ،كما أنه فى بورصة العقود يستطيع المشترى أن يعرف أسعار البضائع من يوم آلخر من االطالع على تسعيرة البورصة أيضا. -2استطاعة تحويل األوراق المالية إلى نقود أو العكس فى أى وقت ،وهذا يتم أيضا فى بورصة العقود. -3سهولة قبول الدائنين لألسهم والسندات كضمان لقروضهم. -4إمكان عقد عملية الموازنة بين بورصتين مختلفتين ،والموازنة هذه عملية مزدوجة تشتمل على صفقتين(بيع وشراء) يعقدهما المضارب فى وقت واحد ،فعند حدوث فروق فى األسعار بين بورصتين مختلفتين ينتهز المضارب الفرصة ،فيشترى حيث تكون األسعار منخفضة ،ويبيع حيث تكون األسعار مرتفعة ليستفيد الفرق. -2تسجيل أسعار رسمية: إن تسجيل األسعار ونشرها له أهمية عظمى للسلعة المتعامل بها ،وبالنسبة لكافة المشتغلين فيها ،فجميع األسعار التى تتم بموجبها صفقات تعلق على لوحات ظاهرة معلقة فى مكان بندوة البورصة بحيث يمكن لجميع المتعاملين رؤيتها ،ثم تسجيل فى سجالت وتطبع فى نشرات صحيفية أو خاصة توزع لمن يطلبها ممن لهم عالقة بأعمال البورصة كالتجار والمصارف. -3موازنة األسعار بالنسبة للزمان والمكان: وذلك ان المختصين فى شئون البورصات يقفون أوال بأول على حالة السلعة موضع التعامل بناء على مراحل تدل فى كثيرعلى حقائق تطورات هذه السلعة ،مما يسمح لهم بتكوين فكرة قريبة من الصحة إذا لم تكن صحيحة فعال ،ويقدرون بناء عليها مستقبل السلعة من حيث سد الحاجات االقتصادية. 56 -4البورصة أداة التأمين التجارى: يستفيد من البورصة التاجر والصانع والزارع حيث يتمكن كل منهم من التأمين على مركزه ضد التقلبات األسعار بفضل عمليات التحويط فى بورصة العقود .وعمليات التغطية هى عمليات حقيقية أبعد ما تكون عن المضاربة. -5المضاربة: المضاربة بمعناها العام هى االنذار والتحضير للمستقبل ،أما بلغة االقتصاد فهى العمليات التى يقوم بها بعض األشخاص بناء على معلومات فنية وتقديرات معقولة لالنتفاع من فروق األسعار فى الزمان والمكان. والمعامالت اآلجلة فى البورصات تقوم كلها على المضاربة (التعامل على المكشوف)، وليس هناك تسليم أو تسلم ،فالمشترى ال ينوى تسلم ما اشتراه والبائع ال ينوى تسليم ما باعه ،والمسألة كلها تنحصر فى قبض أو دفع فروق األسعار ،والمضاربة الزمة جدا الستمرار العمل فى البورصة ،وكل محاولة عملت بمعرفة الحكومات ألبطالها كان نصيبها الفشل. ولكن المضاربة قد تخرج أحيانا عن وظيفتها وتتخذ شكل المغامرة فهى قد تتطور بفعل المصالح الفردية البحتة وبوسائل ممقوتة وغير مشروعة التأثير على األسعار ،وهذا الشكل يؤدى إلى اإلخالل بموازين األسعار ،ويجعل البورصة أقرب إلى ناد للميسر يؤمه المقامرون. تلك هى وظائف البورصة ...ولعل من الطبيعى أن أنتقل إلى نقطة أخرى مرتبطة بتلك الوظائف وهى: (ب)عمليات البورصة: والعمليات على نوعين-: -1عمليات عاجلة أو نقدية -2عمليات آجلة 57 فالعمليات العاجلة هى التى تسوى فورا او فى ظرف 48ساعة على األكثر ،فيدفعالمشترى الثمن ويسلم البائع األوراق أو البضائع ،والغرض األساسى من هذا النوع من العمليات هو استثمار المال أى االنتفاع واألرباح وقلما يكون القصد منها المضاربة. أما العمليات اآلجلة فهى التى تسوى بعد أجل معين يتفق عليه عند عقد العملية..وتصفى عادة فى أيام التصفية التى تقررها لجنة البورصة ،وتحدد مواعيدها مقدما عن سنة. ويقصد من هذه العملية المضاربة؛ أى االنتفاع من تقلبات األسعار هبوطا وارتفاعا. -3أثر البورصة فى الحالة االقتصادية: تلعب البورصا ت دورا هاما فى الحياة االقتصادية لكونها المكان المعين ،حيث يتقابل العرض والطلب للسلع المتعامل عليها ،وحيث تتوافر المنافسة الحرة بين البائعين والمشترين حسب قانون العرض والطلب ،مما يحقق للسلعة سوقا مثالية مستمرة تكفل تحديد سعر عادل لها يعلق لجميع المتعاملين. وتعتبر البورصة"بارومتر" الحالة االقتصادية ألنها تبين لنا دائما اتجاه األسعار ارتفاعا وهبوطا .فهى فى الواقع أداة لتسجيل أسعار السلع التى يتعامل بها فيها. وتأثير أسعار البورصات على أسواق األوراق المالية كبيرا ،فهى بسبب أن التجارة والصناعة فى مختلف نواحيها تقوم بها شركات مساهمة تتداول أول أسهمها فى بورصات األوراق المالية ،وظاهر أن كل تأثيرفى السلع التى لها مساس بهذه الشركات أو غيرها يحدث رد فعل فى اسعار األسهم. وتتأثر البورصات بعوامل العرض والطلب كنشاط األعمال التجارية والمقدرة االستهالكية التى تتأثر بعوامل عديدة. ومن ذلك نخلص أن مقدرة البورصات على التمويل قوية وفعالة فى كافة الميادين االقتصادية(تجارية-صناعية-زراعية ...الخ). 58 ومن الناحية األخرى فالبورصات تلعب دورا هاما ومؤثرا فى المجتمعات ذات االقتصاد الرأسمالى ،وتعتبر إحدى ركائز االقتصاديات الرأسمالية المعاصرة ،فإذا اتجهنا إلى االقتصاديات الموجهة نجد أن بعض الدول التى يميل فيها القطاع الخاص أن يكون هو المسيطر،نجد أن تلك الدول قد أبقت على البورصات ووضعت لها القوانين واللوائح المنظمة ،مثل بعض دول أوربا الغربية ،أما إذا كان دور القطاع العام هو المسيطر نجد أن البورصات تصبح ضعيفة وليس لها نشاط قوى مؤثر. أما فى االقتصاديات االشتراكية فنجد أن البورصات بكافة أنواعها ال وجود لها حيث أن النشاط الحر أو الرأسمالى (الخاص) ال وجود له تقريبا أو على نطاق محدود وبسيط ،وكل أدوات اإلنتاج الرئيسية ملك للدولة وواقعة عحت سيطرة السلطة الحاكمة ،ولذلك فالبورصات فى الدول ذات االقتصاديات االشتراكية (دول شرق أوربا والدول التى تأخذ بالنظام الشيوعى أو االشتراكى المتطرف) صدر فيها قرارات بالغائها لعدم وجود نشاط خاص مؤثر بتلك الدول. هذا أستعراض لدول البورصات فى االقتصاديات والنظم االقتصادية المعاصرة.... ولعل هذا االستعراض فى هذا المبحث ألدوات التمويل المعاصرة الرئيسية والمتعارف عليها فى االقتصاديات الحديثة وهى البنوك وشركات التأمين والبورصات يدل على مدى أهمية هذه األدوات فى التمويل ومدى تأثيرها فى المقدرة على النمو فى المشروعات المختلفة لما لها من قدرة على تجميع األموال الضخمة، أو تحكمها فى المشروعات والطلب بالنسبة للسلع واألسهم والسندات وتوفيرها المناخ المناسب إذا أديرت بكفاءة لنمو االقتصاد القومى. ولعل األدوات التمويلية هذه يوجد بالمقابل لها بالنسبة للمشروعات االقتصادية، مصادر وتعتمد عليها تلك المشروعات فى التمويل ،وهذه المصادر أما أن تكون مصادر داخلية (ذاتية) من داخل المشروع أو بتعبير أدق من رأس مال مساهميه، وباإلضافة إلى تلك المصادر الداخلية (الذاتية) توجد مصادر خارجية وهذه المصادر الخارجية تعتبر المعين أو العنصر المساعد لتقوية وشد أزر المصادر الداخلية للمشروع من أجل أن يحقق أهدافه النمائية والتوسعية. 59 ولعل هذه العجالة تقدمة للمبحث الثانى الذى سيتناول مصادر التمويل بالنسبة للمشروعات بالشرح الوافى الذى يوضح أهمية تلك المصادر بالنسبة للمشروعات. المبحث الثانى مصادر تمويل المشروعات المعاصرة أن التمويل فى العصر الحالى يعتبر بمثابة الدم للجسم ،والتمويل بالتالى يعتبر بمثابة الدم للمشروع ،لهذا احتلت دراسات التمويل مكانة هامة ،والتمويل يعتمد أوال على مقدرة أصحاب المشروع الذاتية ،أى أن المشروع يعتمد على مصادره األولية فى أولى مراحله ،وهذه يطلق عليها المصادر الذاتية أو الداخلية ،ثم يأتى دور المصادر الخارجية بعد ذلك ،لهذا سوف يشتمل هذا المبحث على شرح للمصادر الخارجية بالتفصيل.. وللمشروع عادة فى أى مكان مصدران للتمويل وهما المصدر الداخلى (الذاتى) ،ثم بعد ذلك المصدر الخارجى وهو يعتبر مصدرا مساعدا ،وتكمن أهميته فى أنه المصدر السريع إلمداد المشروع باألموال سواء النقدية أو الفنية أو اآللية أو الرأسمالية. ويعبر عن ذلك توماس س.كوميت بقوله: "بداية أقول أنه يوجد مصدرين لألموال فقط بالنسبة للمشروع ،هذان المصدران هما الداخلى والخارجى ولقد أقر مفتشو الحسابات والمديرون الماليون من مصدر األموال الداخلى ما يكون بطريقة مباشرة منه الديون المعادة من الغير ،وبطريقة غير مباشرة منه هبوط األسعار ،والمسحوبات والديون .إال أنه يوجد دليل قاطع بأن األموال أو المصادر الداخلية سواء المباشرة أو غير المباشرة تأتى من تيع منتجات الشركة ،وبدون هذه المبيعات ال يوجد مال يقف بجدارة ويغطى االستثمارات، واستمرار حياة الشركة ،وتكون هناك عمليات هبوط وارتفاع األسعار والمسحوبات أو حركة الديون أو حركة األموال بالشركة". 60 وعلى هذا األساس أرى أن مصدرى التمويل هما المصادر الداخلية والخارجية، وسيأتى شرح لكل منهما على حدة. أوال :المصادر الداخلية إن المصادر الداخلية أو الذاتية تختلف باختالف حجم المشروع ،فالمشروع الصغير مصادره الداخلية تعتمد على صاحب أو أصحاب المشروع ،والمشروع الكبير فى نطاق القطاع الخاص يعتمد على المساهمين واالحتياطيات ...الخ والمشروع العام يعتمد على األرباح المحجوزة ومساهمة الدولة ،والمشروع التعاونى يعتمد على مساهمة أعضائه. هذه المشروعات التى استعرضتها سابقا نرى أن مصادرها الداخلية تختلف من نوع إلى نوع ،وعلى هذا سوف أقوم باستعراض مصادر كل نوع على حده على الوجه التالى: -1المشروع الفردى :وهو بصفته يمثل المشروعات التى تعتمد على أصحابها وعلى جهودهم ،وإذا توفى أحدهم انتهى المشروع ،وهو أيضا ممثل للمشروعات الشخصية مثل شركة التضامن والتوصية البسيطة ...وعلى هذا سوف اكتفى بذكر مصادر المشروع الفردى الداخلية فقط لالعتبارات السابقة.. -2شركات المساهمة :وسوف تكون هذه ممثلة لشركات األموال مثل شركة التوصية باألسهم وذات المسئولية المحدودة ،من جهة أخرى تعتبر ممثلة للمشروعات التى ال تعتمد على الفرد ،بل على مجموع المساهمين فى المشروع. -3المشروعات العامة :باعتبارها الممثل للقطاع العام وللشركات المؤممة والشركات ا لمختلطة فى ظل النظام االقتصادى االشتراكى والنظم التى تأخذ بنظام القطاع العام والتى لها اتجاهات اشتراكية. -4الجمعيات التعاونية :باعتبارها ممثلة للقطاع التعاونى بدرجاته وتفريعاته المختلفة. 61 واآلن نأتى إلى كل مشروع على حده: -1المشروع الفردى: إن المشروع ككل المشروعات الشخصية وهى التى تعتمد على شخصية صاحب المشروع ،فهى بالتالى تعتمد على ما لدى صاحب المشروع من أموال حاضرة لديه سواء كانت أموال خاصة بالمشروع أو خاصة بصاحب المشروع –أى ليست داخله فى رأس مال المشروع -ألنه فى حالة الربح يعم الخير ..فى حالة الخسارة أو اإلفالس فهذا ينسحب بالتالى على كل أموال صاحب المشروع ،فالمسئولية المالية هنا ليست خاصة بأموال المشروع فقط ،ولكنها تمتد إلى أموال صاحب المشروع الشخصية. وهذا هو المصدر الداخلى الوحيد للمشروعات الشخصية ،حيث ال يمتلك صاحب المشروع وأصحاب المشروع الشخصى سوى أموالهم الشخصية فقط. -2شركات المساهمة: تحتل شركات األموال وبصفة خاصة شركات المساهمة مكانة هامة فى االقتصاديات المعاصرة ،لما لها من قدرة على إيجاد دفعات قوية لالقتصاد القومى ننتيجة قدرتها على اقتحام الميادين االقتصادية الكبيرة ،وقدرتها على إتاحة فرص عمل كثيرة إلى غير ذلك من األسباب التى جعلت شركات المساهمة تحتل مكانة فريدة فى االقتصاديات المعاصرة ،ويمتاز هذا النوع من المشروعات بقدرته على الحكصول على األموال من بعض المصادر التى تعجز المشروعات الشخصية أو الصغيرة أو المتوسطة عن الحصول على أموال منها ،وهذا النوع من المشروعات لما لها من مقدرة على جمع األموال والثقة بها وبمركزها يكون حجمها الكبير باعثا على الثقة بها على قدرتها ،وبسبب مقدرتها هذه يكون لها جهاز مالى وإدارى متخصص على جانب كبير من الكفاءة يحقق لها اهدافها ،ويحقق لها االقتصاد فى النفقات. وتعتمد هذه المشروعات فى تمويلها على اكتتاب أكبر عدد ممكن من الجمهور الراغب فى استثمار أمواله ،لذلك نراها فى هذا المجال تقسيم رأس مالها إلى أنواع مختلفة من األسهم ،وهى تراعى فى هذا التقسيم العمل على تلبية احتياجات مختلف طبقات المستثمرين. 62 وأساسا التمويل فى شركات المساهمة يعتمد أوال وقبل كل شىء على األسهم(العادية) ،وهى تعطى ألصحابها حق غير محدود فى أرباح الشركة وأصولها ،كما أن لحاملها الحق فى التصويت ومراقبة أعمال الشركة والمطالبة بمحاسبة المسئولين عن إدارة الشركة إذا رأى خطأ. واألسهم عبارة عن صكوك تصدرها الشركات ،وهى صكوك متساوية ،ويحدد ويمكن للشركات زيادة رأس المال إذا رأت ذلك ،ويتم ذلك بقرار من الجمعية العمومية للمساهمين. والشركة ال تصدر أسهم رأس المال المصرح به بأكمله مرة واحدة ،وقد ترى الشركة بعد ما تصد أسهمها شراء عدد من هذه األسهم(ويسمى ما تمتلكه الشركة من أسهمها باألسهم المستردة) وتشترى الشركات هذه األسهم لكى تستغل انخفاض سعرها فى بورصة األوراق المالية لالستفادة من فروق األسعار ،وعند ارتفاع أسعار هذه األسهم فيما بعد ،واألسهم تتداول فى البورصات المالية وتخضع لعمليات وقانون العرض والطلب ،وتباع فى هذه البورصات بقيمة غير قيمتها اإلسمية وتسمى القيمة السوقية. االحتياطيات: إن األسهم تعتبر المصدر األول واألساسى سواء فى بناء الشركة أو فى استمرارها، والتى تعتمد عليها الشركة فى بداية حياتها ،وتعتبر حجر الزاوية فيها ،ولكن اثناء حياة الشركة قد تحتاج ألموال سريعة وتحت يدها لكى تنفق منها سواء على التوسعات أو لمواجهة حركة السوق ،لهذا تتجه الشركة لتكوين االحتياطيات لمواجهة متطلبات االستمرار والنمو ،وهذه االحتياطيات نوعان هما: (أ)االحتياطيات القانونية :تنص القوانين فى معظم الدول على أنه يجب على شركات الماهمة أن يكون لها احتياطيات ،وهذه االحتياطيات تتكون طبقا للقانون ،وهذه االحتياطيات تكون بنسبة من األرباح التى تحققها الشركة ،وينص عقد تأسيس الشركة والقانون النظامى على نسبة معينة تقتطع من األرباح وحسب ما تقدره الجمعية العمومية للشركة لتكوين االحتياطيات هدفها ووظيفتها تقوية مركز الشركة المالى ومواجهة الخسائر والنفقات. 63 (ب)االحتياطيات التخصيصية :وتسمى االحتياطيات التحصيلية ..وهى التى تستقطع من األرباح لمقابلة النقص فى قيمة األصول ،ولمقابلة استهالك األصول الثابتة مثل اآلالت واألثاث ...الخ ،كما أن هذه االحتياطيات يخص بعضها لمقابلة خسائر متوقعة ،أو لتغطية ديون معدومة. ويالحظ كما سبق أن ذكرت ومن خالل هذا العرض أن هذه األموال تستخدم كرأس مال للشركة ،كما أنها تعمل محل رأس المال من حيث إمكان استغاللها فى المشروع. األرباح المحتجزة :والتى يطلق عليها أيضا األرباح غير الموزعة ،وهى عبارة عن األرباح التى تدفع للمساهمين ،ولكن الشركة ترى وبناء على مقتضيات التوسع والنمو أن تقتطع جزء من هذه األرباح بأمل زيادة األرباح مستقبال ،على أن يصرف هذا الجزء من األرباح إال بعد موافقة الجمعية العمومية للشركة على ذلك. واألرباح المحتجزة تعتبر مصدرا رئيسيا هاما لتمويل التوسعات فى المشروع، وبالرغم من أن التوسع مرغوب ،فإن توزيع األرباح معناه أرباح محتجزة أقل أو عدم احتجاز أربا ح ،وبالتالى معدل نمو أقل أو أبطأ للمشروع وأرباح أقل مستقبال، وهذا يؤثر فى القيمة السوقية لألسهم ،وانخفاض معدل توزيع األرباح معناه أرباح محتجزة أكثر ،وبالتالى معدل نمو أسرع للمشروع ،وارباح أكبر مستقبال ،وهذا بالتالى يؤثر فى القيمة السوقية لألسهم بعكس الطريقة السابقة. وعلى هذا قامت دراسات متعددة إلمكان تقديم الحل المناسب ،والكيفية الصحيحة لسياسة األرباح المحتجزة. هذه المصادر الداخلية لشركات المساهمة التى تعتبر ممثال لشركات األموال بصفة خاصة. -3المشروعات العامة: ظهرت عيوب متعددة للنظام الرأسمالى سواء فى تأثيرها على األفراد أو على المجتمع نفسه ،ولتالفى عيوب هذا النظام وبدال من اعتماده كلية على المنافسة الحرة ،أصبحت الدولة تتدخل فى النشاط االقتصادى وذلك عن طريق انشاء مشروعات الخدمات ،أو المشروعات اإلنتاجية ،أو المشروعات التى ال يمكن أن 64 يقوم بها األفراد ،أو المشروعات التى ال يتنظر أن تدر ربحا سريعا .ومن ناحية أخرى قد تشترك الدولة مع القطاع الخاص فى بعض األنشطة لتنمية بعض الجوانب االقتصادية ،وهى فى ذلك تقوم بإنشاء الشركات العامة ،وهذا يحدث فى االقتصاديات الموجهة ،ولكن إذا نظرنا إلى االقتصاديات االشتراكية أو ذات االتجاه االشتراكى نجد أن األمر يختلف تماما ،ففى اإلقتصاد الموجه اليزال المنظم هو المحرك الرئيسى القوى ،كما أن الدولة يكون تدخلها طفيف ،والقطاع الخاص يقوم بالجانب األكبر من النشاط االقتصادى ،والدولة من ناحية أخرى ال تشرف إال على قطاع معين من النشاط االقتصادى. أما فى االقتصاد االشتراكى فالتخطيط المركزى هو األسلوب األمثل لتحقيق المصلحة العامة ،والدولة ،هى التى تملك وسائل وأدوات اإلنتاج ،كما أن القوى السياسية واالقتصادية فى أيدى الشعب العامل ،ولهذا أصبحت الشركات فى االقتصاد االشتراكى شركات عامة ويعنى هذا ملكيتها للدولة ،وأصبح تمويل الشركات العامة يتخذ شكال آخر ،وهو اعتماده على الدولة. إذن ليس هناك مبرر لتداول حق الملكية فى البورصات ،والمستثمر الكبير هو الدولة ،وليس هناك إذن حاجة لبيع أسهم للجمهور ،وتبعا لذلك تصبح كلمة أسهم فى الشركات العامة اسم ال معنى له ،ألن ملكية الدولة الممول األكبر فى المساهمة فى تمويل تلك المشروعات ويعتمد تمويل المشروعات العامة على التمويل الذاتى وهو ينقسم إلى: -1مخصصات اإلهالك(بعد خصم العجز الجارى غير المعان أن كان هناك) -2االحتياطيات -3تكلفة أصول مباعة. وهذا يحدث فى الدول التى تكون اقتصادياتها ذات اتجاهات اشتراكية أما فى االقتصاديات االشتراكية فأن تمويل المشروعات يعتمد على: -مخصصات االستهالك :يستخدم فى تجديد األصول الثابتة 65 التصرف فى األصول :يستطيع المشروع أن يؤجر المبانى والمنشآت غيرالمستخدمة مؤقتا ،باإلضافة إلى اآلالت ووسائل النقل غير المستخدمة. احتياطى رأس المالصندوق االحتياطىصندوق االستهالك الجماعى-صندوق المشروع ويوجد موردا آخر سواء لتمويل نفس المشروع أو لتمويل مشروعات أخرى أال وهو (ص افى فائض المشروعات األنتاجية العامة ،أى ذلك الفائض من االيرادات الذى تحصل عليه مؤسسات القطاع العام اإلنتاجية بعد استبعاد المخصصات واالحتياطيات المختلفة التى جرى العرف فى هذه المؤسسات بقصد التوسع أو لمواجهة أية ظروف طارئة ،هذا الفائض الصافى الذى يعد فى طليعة الموارد التى ترتكز عليها خطة التنمية االقتصادية فى البالد االشتراكية لتمويل المشروعات اإلنتاجية الجديدة). وبعد إذا لم تكف المصادر السابقة ،فأن الحكومة تتدخل وتساهم وتمول المشروع مرة أخرى .وال يستخدم هذا المصدر اإل بعد أن يصبح هو المصدر الوحيد الممكن. هذا ويتحدد التمويل الذاتى المستخدم فى تمويل االستثمارات وفقا لألولويات المتقدمة. بعد ذلك يكون هناك مصدرا آخر للتمويل هو األرباح المحتجزة فى الشركات العامة، وهى نسبة تحدد حسب ظروف كل شركة ،وتبعا للقانون المنظم للشركات العامة فى كل دولة .وهذه األرباح المحتجزة هى جزء مقتطع من األرباح التى توزع على العاملين بالشركة حسب قانون الشركة والدولة. -4الجمعيات التعاونية: تقوم الجمعيات التعاونية بدور مساعد فى النظم االقتصادية وهو بال شك دور هام يعكس أهمية الجمعيات التعاونية ،ولكن تمويل الجمعيات التعاونية يختلف عن تمويل 66 شركات المساهمة والشركات العامة وبالطبع المشروع الفردى .وتمويل الجمعيات التعاونية أسسه العامة واحدة تقريبا فى النظم االقتصادية المختلفة مع بعض االختالفات غير الجوهرية. وتمويل الجمعيات التعاونية من المصادر الداخلية يعتمد على: -1رأس مال الجمعية التعاونية والذى يتكون أساسا من أسهم غير محدودة العد يساعد على حصولها على األموال التى تحتاجها ،وتطبيق مبدأ الباب المفتوح للعضوية يسمح لك من تتوافر فيه شروط العضوية أن ينضم إلى الجمعية ،كما يسمح للعضو أيضا باالنسحاب منها فى أى وقت يشاء ،وهذ ميزة تتمتع بها الجمعيات التعاونية فى تمويلها دون سائر المشروعات األخرى. -2التتأثر القيمة السوقية ألسهم الجمعية بما تحققه من أرباح ،بل تظل ثابتة مادامت الجميعة مستمرة فى عملها ،وهذا يدفع المحيطين بالجمعيات التعاونية إلى المساهمة فيها مادام يتوافر فيها عنصر األمان ،كما يدفع األعضاء من جهة أخرى إلى زيادة قيمة مساهمتهم فى رأس مالها. -3إعفاء الجمعيات التعاونية من الضرائب ،وتخفيف األعباء المالية عنها ،يغرى األعضاء على المساهمة فى تمويلها. -4تحديد فائدة ثابتة على أسهم رأس المال الجمعيات التعاونية ،عالوة على توزيع عائد على األعضاء بنسبة معامالتهم(وذلك يكون من صافى عائد معامالت الجمعية الذى يجوز توزيعه ،هذا يغرى األعضاء من ناحية لكى يزيدوا قيمة مساهمتهم ،ومن ناحية أخرى يغرى غير المساهمين إلى اإلسراع باالكتتاب فى أسهم الجمعيات التعاونية. هذا عن المصدر األول واألساسى الذى يتكون منه رأس مال الجمعية التعاونية، و يعتبر هو حجر الزاوية فى هذه الجمعيات ،وهو األساس الذى تبدأ منه وعليه وبواسطته الجمعيات التعاونية حياتها .ولكن الجمعيات التعاونية تواجه مصاعب المستقبل ،ومواجهة الخسائر والنفقات ،وليس لها من مصدر آخر تعتمد عليه فى تقوية مركزها المالى ،ومواجهة التزاماتها وهى فى ذلك تتجه إلى أن يكون لها احتياطيات. 67 االحتياطيات:ويمكن بصفة عامة أن نعرف اإلحتياطيات بأنها جانب من أموال الجمعية التعاونية يخصص لمواجهة بعض التبعات أو المسئوليات التى تجد فى المستقبل هذا من ناحية ،ومن ناحية أخرى لتقوية مركز الجمعية المالى ولزيادة قدرتها على التوسع والنمو ألن االحتياطيات تقوم مقام رأس المال وتعمل عمله فى إمكان استغاللها .وهى تنقسم إلى نوعين: -1االحتياطيات التحميلية:ويطلق عليها االحتياطيات التخصصية ،وهى تخصص لمواجهة النقص أو الخسارة فى قيمة بعض األصول ،أو تحمل مسئولية ثبت وجودها عند تحضير حسابات الجمعية الختامية ،أو ديون معدومة أو ما شابه ذلك. -2االحتياطيات القانونية :وهى تتكون حسب القانون المنظم للجمعيات التعاونية الذى يشترط نسبة معينة كحد أدنى أو أعلى ،والقانون النظامى للجمعية يحدده ويكون عادة صغيرا طبقا لحجم األرباح بالجمعية ،واالحتياطى القانونى هو إبقاء جزء من فائض األرباح ليستخدم فى دعم مركز الجمعية التعاونية المالى ،ومن جهة أخرى مساعداتها على مواجهة مسئولياتها المالية بسهولة ،دون أن تشعر من وقت آلخر بالحاجة إلى األقتراض ،ألن الجمعيات التعاونية تعتمد غالبا عند بدء تكوينها على رأس مالها فحسب ،وهو قابل للزيادة والنقصان تبعا لحركة العضوية. ونسبة االحتياطى المقتطعة من األرباح عالية ،وأكبر من نسبة االحتياطى المقتطع فى حالة شركات المساهمة مثر ،وذلك لتأثر رأس المال بحركة العضوية كما سبق أن ذكرت ،ويضاف إلى اإلحتياطى: -1ما قد يفرض من رسوم العضوية -2الهبات الوصايا -3ما يسقط الحق فى المطالبة به من العائد وفوائد األسهم وقيمتها. 68 من هذا العرض السابق لكل أنواع المشروعات التى ذكرتها ،يتبينأن هدف التمويل الذاتى هو دفع المشروع إلى العمل والنمو ،وأن هدف التمويل أيضا هو تقوية المركز المالى للمشروع وجعله قادرا على مواجهة التزاماته وكافة المسئوليات المقاة عليه .ولكن هذا المصدر الداخلى قد ال يكفى .لذلك ننتقل إلى المصدر التالى.... ثانيا :المصادر الخارجية تبين لنا من استعراض المصادر الداخلية مدى مساهمة المال بالنسبة للمشروعات سواء صغرت أم كبرت ،وسواء كانت مملوكة لالفراد أو للدولة .فالتمويل يشك نقطة بدء ،ونقطة استمرار بالنسبة لكافة المشروعات ،ولكن المصادر الداخلية للتمويل قد ال تكفى ،وقد تحتاج المشروعات لمزيد من األموال لكى تستمر فى مزاولة نشاطها ولمقابلة احتياجات التوسع والنمو ،ولذلك تلجأ المشروعات إلى المصادر الخارجية التى تعتبر مصادر مساعدة ومكملة فى التمويل بالنسبة للمشروعات ...وفى تناولى للمصادر الخارجية سوف أسير على نفس النهج الذى سرت به فى شرح المصادر الداخلية بالنسبة للمشروعات .فسوف أذكر المصادر الخارجية-: -1المشروع الفردى -2شركات المساهمة -3المشروعات العامة -4الجمعيات التعاونية فى هذا سوف أقوم بشرح كل مصدر لكل مشروع على حده كما اتبعت من قبل.. -1المشروع الفردى: المشروع الفردى يواجه صاحبه شيئان إذا استنفذ أمواله الخاصة فى التمويل، وهذان الشيئان هما أن يشرك معه آخر لديه المال ،ولكن المشروع الفردى هنا 69 يصبح شركة تضامن أو توصية بسيطة ،ولكن صاحب المشروع الفردى عندما يريد أن يظل مستقال فهو يلجأ إلى اإلقتراض ،ولكن اإلقتراض من الغير سواء أفراد أو بنوك أو مؤسسات أو بيوت مالية يحتاج إلى الثقة فى قدرة صاحب المشروع المالية على الوفاء بالقرض ...وعلى هذا نرى أن اإلقتراض بالنسبة للمشروعات الشخصية يعتمد غالبا على اإلقتراض من أفراد وهؤالء األفراد يقرضون بفوائد عالية على تلك القروض وأصحاب المشروعات مضطرون إلى قبولها رغم ما فى ذلك من مشقة ،والبنوك والبيوت المالية ال تقوم على إقراض هذه المشروعات إال فى حالة تأكدها تماما من قدرة المشروع على الوفاء ،وبعد أخذ الضمانات الكافية المتعددة ،لهذا كان المصدر الوحيد للمشروع الفردى هو اإلقتراض بفوائد سواء من الغير أو من البيوت المالية. -2شركات المساهمة: إن شركات المساهمة باعتبارها هى القادرة على تجميع أكبر قدر من األموال، تعتبر دعامة االقتصاديات المعاصرة ،وهى القادرة على اقتحام ميادين األعمال الضخمة وكافة ميادين األنشطة االقتصادية لما يتجمع لديها من رؤوس أموال ضخمة ،وفى مجال الحديث عن مصادر التمويل الداخلية لهذه الشركات يتضح أن لهذا النوع من الشركات مصادرة المتعددة ،لما لها من قدرة غير محدودة على تجميع األموال ،ولكن قد تحتاج هذه الشركات ألموال حاضرة كثيرة ،لهذا تلجأ إلى المصادر الخارجية وهى: -1األسهم الممتازة: تصدر شركات المساهمة هذا النوع من األسهم عند إحتياجها إلى أموال سريعة وكبيرة ،ويرجع اعتبار األسهم الممتازة من المصادر الخارجية لتمويل ال مشروع ،ألنها باإلضافة إلى تمتعها بكافة الحقوق التى لألسهم العادية فإن لها مميزات أخرى لنوعها وهى: -1أسهم ممتازة مشتركة فى األرباح أى تشترك بعد استيفاء نسبتها المحددة .مع األسهم العادية فى أرباح الشركة ،وأسهم ممتازة غير مشتركة مع األسهم العادية. بمعنى أنها تحصل على نسبة معينة من األرباح محددة من قبل. 70 -2أسهم ممتازة مجمعة األرباح ،وهى األسهم التى لها حق الحصول على كامل أرباحها من السنين التالية عندما تتوافر األرباح إذا لم تكن األرباح فى سنة من السنين كافية لدفع النسبة المحددة لها ،وأسهم ممتازة غير مجمعة األرباح ،وهى األسهم إذا لم تحصل على النسبة المتفق عليها من األرباح فى سنة من السنين فال يجوز المطالبة بما تقبضه فى أى سنة تالية. -3يكون لألسهم الممتازة الحق فى اقتسام موجودات الشركة فى حالة تصفيتها قبل أصحاب األسهم العادية. -4توجد أسهم ممتازة قابلة للتحويل إلى أوراق مالية من نوع آخر ،مثل التحويل إلى أسهم عادية فى المستقبل إذا تحسنت أحوال الشركة المصدرة ،وهذا النوع يعطى األمان واالطمئنان للمساهم ،وبالنسبة للشركة يعطيها مرونة فى األعياء. ومن ذلك نالحظ أن معاملة األسهم الممتازة معاملمة القروض يرجع إلى األسباب المذكورة آنفا ،ويرجع إلى اعتبارها من القروض ألنها تحمل الشركة عبئا محددا تلتزم به قبل حملة هذا النوع من األسهم. وتلجأ الشركات غالبا إلى إصدار مثل هذا النوع من األسهم رغبة منها فى إغراء جمهور المستثمرين على االقبال فى االكتتاب فى أسهمها ،أو نزوال على رغبةةقدامى المساهمين والذين يرغبون فى أن تخصص لهم الشركة نسبة معينة، وأن ال يزاحمهم مساهمون جدد فى األرباح. -2المستندات: هى قروض طويلة األجل(من عشرة سنوات إلى عشرين سنة) ،وتتعهد الشركات المقترضة بموجبها بدفع قيمتها وفوائدها فى تواريخ محددة. والسند جزء من قرض بعقد بطريق االكتتاب ويثبت فى صك قابل للتداول يسلم للمقرض ويتعهد فيه المقترض بدفع فوائده السنوية ويرد فى ميعاد ال يتجاوز مدة بقائه. وحامل السند يعتبر دائنا للشركة بقيمة السند وله بهذه الصفة حق ضمان عام على جميع موجودات الشركة ،كما أنه يعتبر دائنا أيضا بقيمة الفوائد المستحقة له وذلك بصرف النظر عما إذا كانت أعمال الشركة خسائر أو أرباح ،وليس 71 ألصحاب السندات صوت أو حق التدخل فى إدارة أعمال الشركة مثل المساهمين. وليس ألصحاب السندات أى حق فى االشتراك فى أرباح الشركة فلهم دخل ثابت أو فوائد محددة على قيمة سنداتهم. وكذلك فإنه فى الوقت الذى ال يوجد تاريخ استحقاق للسهم العادى أو الممتازة، فإن للسند تاريخ استحقاق وفى التصفية فإن االولوية هى لصاحب القرض قبل حملة األسهم (العادية،الممتازة) ،على أنه باختالف القرض قد تختلف األولوية فى استيفائه. أنواع السندات: -1سندات غير مضمونة برهن أصول معينة -2سندات غير مضمونة برهن أصول معينة فى الدرجة الثانية -3سندات مضمونة برهن أصول معينة (بأية رهونات أو أصول ثابتة أو أوراق مالية لشركات أخرى). -4سندات مقرونة أو مضمونة بربح الشركة ...وهى فى ذلك تعتمد على قوة الشركة وقدرتها على دفع فوائد السندات من األرباح التى تحققها الشركة. -5السندات ذات النصيب :وهى سندات ينص وقت إصدارها على أنها ستستهلك بطريقة القرعة ،ويدفع وقت استهالك السند قيمة أكبر من قيمته اإلسمية. -6سندات قابلة للتحويل :بمعنى أنها تكون قابلة للتحويل إلى أسهم عادية ،ويكون ألصحاب السندات الحالية حق االختيار فى قبول تحويل سنداتهم إلى أوراق مالية أخرى أو عدم قبول ذلك ،وهذه إحدى طرق استهالك السندات بجانب طريقة أخرى الستهالك السندات ،وذلك بدفع قيمة السند نقدا لصاحبه مقابل استراداد منه. هذا ويختلف السند عن السهم ،فى أن السهم يتعرض للمخاطر أو الخسارة ،كما أنه يحقق ربحا ومقدار الربح يختلف من عام إلى آخر حسب نتيجة أعمال 72 المشروع ،والسهم يتحمل مخاطر تقلبات األسعار والسوق أيضا ،بينما السند ال يتعرض للمخاطرة أو الخسارة ،وال أهمية لدى صاحب السند فى أن يحقق المشروع ربح أوال يحقق ،فللسند فائدة معينة يحددها المشروع عند اصداره للسند ،وعلى هذا فالسند يتقاضى فائدة عكس السهم الذى يتقاضى ربحا فى حالة الربحية ،ويتحمل الخسارة فى حالة عدم تحقيق أرباح. وباإلضافة إلى الطريقين السابق ذكرهما وهما األسهم الممتازة والسندات فأن الشركة فى حالة زيادة حاجتها إلى األموال تلجأ إلى طريق ثالث وهو: االقتراض: تتمتع شركات األموال بدرجة ائتمان أكبر مما تتمتع به أى منشأة أو مشروع آخر لدى البنوك المالية ،ويدخل فى هذا المجال جميع التسهيالت االئتمانية التى تقدمها البنوك وبيوت المال إلى هذه الشركات ،أى أن المصدر يتضمن االعتمادات التى تحصل عليها هذه الشركات من البنوك ،وحق السحب على المكشوف. والقروض كما يشير أليها أحد الكتاب األمريكيين عدة أنواع وهى: "يوجد مصدران لالقراض الخارجى أو المصادر الخارجية للتمويل ،وهذان المصدران هما الرهن أو اإلقتراض". وفى حالة االقتراض فإن الشركة ربما تكون قادرة على أن تأخذ األموال المحتاجة إليها اذا وجدت من له الرغبة فى إمدادها بهذه األموال. إن مصطلح االقتراض يشمل معانى واسعة مختلفة ،ومن هذه المعانى: -1االقتراض يشمل معانى واسعة مختلفة ،ومن هذه المعانى. -2االقتراض متوسط األجل ،ومدته من عام إلى خمسة أعوام أو من عام إلى عشرة أعوام. -3االقتراض طويل األجل ،ومدته تكون أكثر من عشر سنوات. والقروض هذه من ناحية الضمان إما أن تكون: 73 -1قروض مضمونة برهن عقارى على أراضى ومبانى المنشأة. -2قروض مضمونة برهن شامل على جميع أموال المنشأة. -3قروض غير مضمونة أو عادية. القروض قصيرة اآلجال: وهذ ا النوع من القروض له طابع خاص وهو أنه من ناحية يستمر لمدة عام، والبنوك عادة تقبل على هذا النوع من القروض ألنه يرتبط بعمل موسمى معين لدى المشروعات ،وتعتبره البنوك كإمداد مالى ”“bridge financing والقروض قصيرة األجل مرتبط بطريقة توظيفه ومقدار دورانه وتأثيره المباشر على المشروع ،وتستخدمه كثير من المشروعات لقدرته التأثيرية المباشرة فى موقف معين. ويوجد نوعان من القروض القصيرة األجل هما: (أ)االئتمان التجارى: وهذا النوع من االقتراض يقدم كمصدر لالقراض بالنسبة للشركات غير المالية، وهذا النوع من االقرا ض يعتبر كمصدر طبيعى لألعمال. وهو نشأ عندما تبيع شركة منتجاتها ألخرى"على الحساب" والشركة البائعة تقوم بقيد رقم البيع فى حساباتها كأنها استلمت القيمة ،ومن الناحية األخرى تقوم الشركة المشترية بقيد رقم الشراء فى حساباتها كأنها دفعت القيمة. واالئتمان التجارى يعتبر مصدرا هاما وكبيرا لالقراض ،ومصدر لتكوين األموال ،ألن الشركة البائعة تصرف منتجاتها أوال بأول وهذا يعود عليها بالنفع ألنها تنتج أكثر وتدور عجلة اإلنتاج لديها ،وتنتظر حتى موعد استحقاق الدفع، والشركة المشترية غير ملزمة بالدفع عند االستالم ولديها فترة حتى ميعاد 74 االستحقاق وتكون لديها الفرص لتصريف ما اشترته دون إرباك لها ،وهذا النوع من االئتمان قائم على الثقة ومركز كال من العميلين. وهناك نوعان لهذا االئتمان وهما :الحساب المفتوح وهو أن يقوم البائع بشحن البضاعة ورفقها الفاتورة التى توضح نوع وقيمة البضاعة وشروط الدفع ،أو أوراق الدفع ويكون فى صورة أوراق(كمبيالة مثال). (ب)االئتمان المصرفى: وهذا المصدر هو المصدر الثانى إلقراض الشركات ،والقروض تمثل نسبة مئوية من القدرة الكلية للبنك ،فى هذه الحالة يقوم البنك بإقراض المشروع أو الشركة حسب المركز المالى والسمعة ولمدة قصيرة ،وهو فى هذه الحالة يحل مشكلة السيولة لدى المشروع ،وهذا المصدر يعتبر أحد المصادر لزيادة رأس مال الشركة ،ولقد ازداد االعتماد على هذا النوع من االئتمان حتى أصبح أحد مصادر تمويل الشركات والمشروعات ،وخاصة قصيرة األجل ،والتى تساهم فى تسيير أعمال الشركات بيسر وسهولة ،فى االعتماد على الجهاز المصرفى فى هذه الحالة ،فائدة كبيرة إذ أنه بهذه الطريقة تستطيع المشروعات أن تعتمد على المصارف فى تسيير األعمال القصيرة األجل دون تعقيدات .ولالئتمان المصرفى عدة أشكال وهى :االعتماد المفتوح ،قرض متجدد ،قرض لغرض معين وسعر الفائدة يتحدد على أساس التفاوض بين المقرض والمقترضين. هذه هى القروض قصيرة األجل وأنواعها .....وأنتقل اآلن إلى نوع آخر من القروض وهى : القروض متوسطة األجل: واآلن يجب أن نناقش القروض متوسطة األجل ،ومصادر القروض تشتمل على : -1البنوك التجارية -2شركات التأمين على الحياة 75 -3شركات األعمال الصغيرة -4شركات تسليف األموال ”“Consumer Finance Equipment Companies -5بنوك التسليف الصناعية والتمويل متوسط األجل يعتمد على قدرة المنشأة أو المشروع على الوفاء وعلى سمعته ومركزه المالى ،وذلك بسبب أنها قروض تمتد لمدة تزيد على سنة وتستخدم فى أغراض غير األغراض التى تستخدم فيها القروض قصيرة األجل ...ولهذا نرى من فحص مصادر التمويل متوسط األجل ،أن البنوك التجارية تحتل مكانة ليست بالكبيرة بين مصادر التمويل متوسط األجل األخرى ،وذلك بسبب أن البنوك التجارية فى عدم إقدامها على التمويل متوسط األجل أنها تريد توظيف أموالها فى آجال قصيرة بغرض سرعة دوران رأس المال لديها والسيولة. أنتقل اآلن إلى مصدر حيوى وهام من مصادر التمويل وهو-: القروض طويلة األجل فى القروض طويلة األجل ال يوجد خط فاصل بين رأس المال الذى يمتلكه المشروع ورأس المال المقترض حيث يختلط اإلثنان لفترة طويلة ،ورأس المال المقترض من الصعب وضع خطوط فاصلة بينه وبين رأس مال المشروع عمليا ،واإلدارة المالية فى المشروع تريد مرونة كبيرة فى التعامل مع رأس المال الذى تحت يدها ،ولذلك تستخدم القروض قصيرة األجل من أجل تحقيق األغراض طويلة األجل ،بتجديدها ،والعكس بالعكس ،أن استخدام قرض طويل األجل فى تحقيق األغراض القصيرة األجل ،ولذلك ال نرى خطا واضحا أيضا بين االقتراض الطويل األجل والمتوسط األجل بسبب اختالطهما معا. والبنوك المتخصصة أنشئت لهذا الغرض وهو التمويل طويل األجل ،وهذه البنوك (مثل البنك الزراعى-العقارى-الصناعى.....الخ) وهى تختص بتمويل المشروعات الكبيرة لألغراض طويلة األجل ،وذلك بسبب عدم إقبال البنوك التجارية والبيوت المالية 76 والمؤسسات المالية األخرى على هذا النوع من األقراض بسبب طول المدة ،وعدم دوران رأس المال بسرعة مثل القروض قصيرة األجل ،وبعض أنواع القروض متوسطة األجل. هذا هو االستعراض للمصادر الخارجية لتمويل شركات المساهمة ،وأردت بهذا العرض أن أوضح أن لشركات المساهمة القدرة على جمع األموال سواء من مصادرها الداخلية أو الخارجية ،وهذا يوضح مدى قدرة هذا النوع من المشروعات ومكانته فى االقتصاديات القومية المعاصرة ،ومدى تأثيره فى رفع مستوى المعيشة ،ورفع مستوى االنتاج.....الخ -3المشروعات العامة: إن إقامة الدولة فى ظل االقتصاد الموجه أو االقتصاديات االشتراكية للمشروعات العامة إما يهدف إلى زيادة معدل التقدم االقتصادى ،أو لتقريب التفاوت بين الطبقات .أو لتحقيق وفورات اقت صادية نتيجة لتطبيق مبدأ الحجم األمثل ،ولتدعيم مصلحة المستهلك من ناحية كمية المعروض أو أسعار السلع والخدمات ،أو لحماية الموارد القومية ،أوإلنشاء معايير لقياس كفاءة وفاعلية القطاع الخاص -فى االقتصاديات الموجهة فقط ،ومراقبة عدالة التسعير ،أو بعض هذه االعتبارات أو كلها. إن المشروعات العامة فى سبيل تمويلها تستعين أوال بالمصادر الداخلية ،التى أشرت إليها من قبل ،ولكن قد ال تكفى هذه المصادر فى تمويلها فتلجأ إلى المصادر الخارجية، وبطبيعة الحال فالمصادر الخارجية فى الشركات التعامة تختلف عن المصادر الخارجية فى شركات المساهمة ،بسبب أن الشركات العامة ال تعتمد على مساهمة الجمهور، ولذلك فهى ال تصدر أسهما أن أسهما ممتازة ،وبما أن هذه الشركات تعتمد على تمويل الدولة وال تعتمد على أموال المساهمين فهى ال تصدر سندات كمصدر للتمويل الخارجى ،لذلك كان طريق االقتراض هو المصدر الخارجى الوحيد تقريبا والكبير بالنسبة لهذه الشركات ،ولكن مصادر االقتراض تختلف. 77 ولالقتراض عدة آجال ،بمعنى أن التمويل قصير األجل يختلف من حيث طريقته ومصدره واستخدامه عن المتوسط األجل الذى يختلف بالتالى عن الطويل األجل...ولسوف أقوم بتناول كل نوع من أنواع االقتراض. أن البنوك التجارية أصبحت تلعب دورا كبيرا فى التمويل متوسط األجل ،فبعد أن كانتفلسفة معظم البنوك التجارية ،هو اقتصارها على التمويل قصير األجل ،العتبارات السيولة التقليدية للبنوك التجارية ،ظهرت فلسفة جديدة تدعو إلى ضرورة اشتراك البنوك التجارية فى التمويل متوسط األجل بجانب قصير األجل ،ومن أهم ما يميز القرض المصرفى متوسط األجل هو أنه يستحق بعد أكثر من سنة ،وغالبا ما تكون طريقة سداده فى شكل أقساط تحدد مواعيد استحقاقها ،وربما تكون كل األقساط متساوية بما فيها القسط األخير ،ولكنه غالبا ما يكون القسط األخير كبيرا جدا ،وإن مدة هذا القرض غالبا ما تكون أربع أو خمس سنوات. ونقطة أخرى مميزة هو أن سعر الفائدة للقروض متوسطة األجل ،غالبا ما تكون أعلى من سعر الفائدة للقروض قصيرة األجل ،وبالطبع فإنه يصبح من الضرورى هنا حساب سعر الفائدة (الحقيقى)الناتج من طريقة دفع الفائدة ومن االلتزام برصيد فى البنك كحد أدنى. هذا ويعتبر القرض المتجدد مثاال للقرض المتوسط األجل ،بل إن معظم القروض قصيرة األجل إذا ما تم تجديدها تصبح فى الواقع قروضا متوسطة األجل. هذا عن مصدر التمويل متوسط األجل ،ولكن األموال الالزمة لالستثمار فى األصولالثابتة واأل صول المتداولة عند إنشاء المشروع من قبيل االستثمارات الدائمة التى تظل فى المشروع طوال حياته والتى ال يجوز أن تقل قيمتها فى أى وقت من األوقات ،وإال أدى ذلك إلى نقص القدرة اإلنتاجية للمشروع ،على هذا األساس فيجب الحصول على هذه األموال من مصادرالتمويل الطويل المدى ،فمثال ال يجوز الحصول على األموال الالزمة لالستثمارات الدائمة من البنوك التجارية حيث أن هذه البنوك ال تزيد مدة القروض التى تقدمها عن مدة القروض متوسطة األجل ،ولهذا كان االلتجاء إلى المنشآت المالية المتخصصة للتمويل الطويل األجل مثل البنوك الصناعية ،والبنوك العقارية 78 والزراعية ...الخ ،باإلضافة إلى شركات التأمين التى تقوم بدور هام فى التمويل طويل األجل. وباإلضافة إلى هذه المصادر الفعالة للتمويل طويل األجل ،توجد القروض التى تقدمها بعض صناديق التوفير أو بنوك اإلدخار. القروض األجنبية:يوجد مصدر حيوى وهام لالقتراض الطويل األجل ...وهو القروض األجنبية ،أن المشروعات الجديدة يحتاج تمويلها لتساعد فى التنمية االقتصادية إلى قدر كبير من األموال التى تعجز مصادر التمويل المحلية عن الوفاء -خاصة فى الدول المتخلفة- وليس من شك أن اشتراك مصادر التمويل األجنبية فى تمويل تلك المشروعات ،وبالتالى تمويل عملية التنمية االقتصادية أمر مفيد طالما كان فى ظل حدود وشروط معينة. وتقوم الحكومات المختلفة بالتعاقد سواء مع الحكومات األخرى أو مع المنشآت المالية األجنبية المختلفة ،بتمويل المشروعات سواء بتقديم اآلالت أو المعونات الفنية أو األموال ،وكل هذه تعتبر من المصادر الحيوية فى تمويل المشروعات. تمويل المشروعات العامة فى االتحاد السوفيتى:هذا هو الوضع بالنسبة للمشروعات العامة بصفة عامة سواء االقتصاديات ذات االتجاهات االشتراكية ،ولكن لنتناول طريقة تمويل المشروعات العامة فى إحدى الدول االشتراكية وليكن االتحاد السوفيتى ألنه أصدق مثال لما يجرى سواء داخل الكتلة االشتراكية أو الدول التى تنحو فى نفس االتجاه. أن الجهاز المصرفى فى الدول االشتراكية هو المسئول عن التمويل وقد تم تأمينهوأصبح ملكا للدولة ،ولقد أعطى للجهاز المصرفى تخصص قطاعى ،فبدال من المنافسة أصبح كل بنك يختص بتمويل جزء من أنشطة الخطة ،أو عدد من المشروعات العامة حسب الخطة ،ومن ناحية التمويل قصير األجل فإن البنك المركزى يقوم بامداد المشروعات بائتمان قصيراألجل ،والبنك يصدر دائما لتحقيق األهداف التى حددتها الخطة وبنفس مقاديرها ،فاذا حققت الخطة أكثر من أهدافها فان للمشروع أن يطالب البنك بإصدار مزيد من االئتمان لتلبية االحتياجات لتحقيق األهداف اإلضافية ،وإذا 79 عجزت خطة المشروع عن تحقيق أهدافها ،فأن االئتمان يتم تخفيضه وسعر الفائدة الذى تتحمله المشروعات العامة نظير القروض قصيرة األجل يكون فى العادة %2وفى بعض األحيان أقل ،أو %3إذا لم تسترد البنوك قروضها فى األوقات المستحقة. أن نظام االئتمان فى االتحاد السوفيتى يعتبر إحدى جوانب النظام المالى ،وهو مكون للعالقات المالية(النقدية) ،والذى تقوم فيه الدولة بدور المدين creditor ،والمشروعات بدور الدائن ،debterهذه العالقات ترتفع لتعبر عن النظرية النقدية المركزية فى الدول االشتراكية ،ولكن بطريقة إعادة الدفع (إعادة ما اقترض) مرة أخرى إلى المصادر التى قامت باإلقراض. أن المصادر االئتمان عالقات وثيقة مع مصادر الدولة المالية ،وأن نظام اإلئتمان فى الدولة يتحكم فى ا ألموال الحرة للمشروعات بصفة دائمة ،وهذا يتيح تخطيط أفضل لحركة األموال وللميزانيات (الدخل -المستهلك) بالنسبة للمشروعات. أن نظام ائتمان الدولة يقوم بدور هام فى بناء المجتمع االشتراكى فى األتحاد السوفيتى، وأن المدخرات تعتبر قروضا من الشعب للدولة وتؤدى دورا هام فى مالية االقتصاد القومى ،وأن زيادة الودائع فى بنوك اإلدخار كلما زادت مصادر الدولة لالقراض، وزادت قدرة بنك الدولة فى اإلتحاد السوفيتى على تقديم القروض. وبالنسبة للقروض المتوسطة األجل أو طويلة األجل ،فأن البنوك المتخصصة أو بنوك التعمير هى التى تقدمها ،فهى تقدم هذه القروض للمزارع الجماعية والتعاونيات، وأغراض اإلسكان الصناعى ،كما تقدم هذه القروض للحصول على المبانى واآلالت الالزمة ،وتقوم البنوك أيضا برقابة حركة استثمار هذة القروض ،وهذا جزء من الرقابة –فى سبيل الخطة -التى تفرضها الدولة على مشروعاتها المتعددة فى سبيل تحقيق االقتصادية. ويشرف على الرقابة المصرفية ووضع الخطة القومية لالئتمان على مستوى االقتصاد القومى بأكمله بنك الدولة(البنك المركزى) لتحقيق أكبر قدر من ترشيد االستثمار واألقراض ولتحقيق الرقابة الفعالة. والقروض فى اإلتحاد السوفيتى تلعب دورا كبيرا فى بناء مالية الدولة اإلشتراكية ،وهى تعتبر أدوات هامة ومصادر فعالة لتغطية احتياجات المشروعات. 80 وباإلضافة إلى ذلك فهى تعتمد على النظامية ،بمعنى أن للقروض طبيعيتين أوالهما أنها جزء يستخدم فى المشروعات ،وثانيهما أنها جزء تستخدمه المؤسسات االشتراكية فى استثماره فى مشروعاتها. هذا استعراض للمصادر الخارجية للتمويل بالنسبة للمشروعات العامة ،باإلضافة إلى استعراض للقروض بالنسبة للمشروعات العامة فى االتحاد السوفيتى وباعتبار أن هذه القروض فى الدولة السوفيتية هى التى تلعب الدور الهام والرئيسى ،وتعتبر المصدر الوحيد تقريبا لتمويل المشروعات(المصادر الخارجية) وهذا االستعراض للمصادر الخارجية شمل كل أنواعها سواء القصيرة أو المتوسطة أو الطويلة األجل.. -4الجمعيات التعاونية: إن الجمعيات التعاونية كما سبق أن ذكرت (فى المصادر الداخلية) ،يتكون رأس مالها أساسا من األسهم ،وبما أن هذه المشروعات تطبق مبدأ باب العضوية المفتوح ،فأن رأس مالها قابل للزيادة والنقصان طبقا لحركة العضوية فى هذه الجمعيات ،وباإلضافة إلى رأس المال توجد االحتياطيات واألرباح التى لم توزع ،ولكن هذه المصادر قد ال تكفى ه ذه الجمعيات لكى تستمر فى عملها ،ولكى تزدهر وتنمو ،ولمواجهة ما يطرأ عليها من ظروف أخرى ولحاجتها إلى أموال ،لذلك فهى تلجأ لالقتراض بحيث تسدد القروض فى خالل مدة معينة متفق عليها ،أو فى نهايتها ،وتدفع لقاء ذلك فائدة محددة، ثم أن الجهة المقرضة تطلب دائما ضمانات تؤكد لها الحصول على أموالها ،وعلى الفوائد المستحقة لها فى مواعيدها المقررة وهذه الضمانات التى تطلبها هذه الجهات تكون على عدة أشكال وهى: -1الرهون العينية العقارية على األراضى والمبانى -2الرهون على األموال المنقولة -3األوراق المالية أو التجارية وكثيرا ما تطلب الهيئة المقرضة عالوة على ما سبق ذكره ،أن تقدم الجمعية التى ترغب فى االقتراض ميزانيتها لعدة سنوات متعاقبة لفحصها بقصد التأكد من سالمة مركزها المالى. 81 والجمعيات فى مجال االقراض تلجأ إلى البنوك العادية ،ولكن عندما اتضح للدول أهمية التعاون ،ومدى ومقدار مساعدته لالقتصاد القومى ،فقد سعت هذه الدول إلى إنشاء بنوك تعاونية متخصصة تساهم الدولة فيها ومعها األجهزة التعاونية ،أو تساعد األجهزة التعاونية على إنشاء البنوك التعاونية الخاصة بها ،أو تقوم بإنشاء بنوك تعاونية بنفسها، ولقد حدث ذلك فى الواليات المتحدة ،وبريطانيا ،وجمهورية مصر العربية ،حيث أنشأت مصر بنكا للتعاون هو بنك التنمية واالئتمان الزراعى ليكون بنك الحركة التعاونية، والمصدر الذى تعتمد عليه الحركة فى النهوض واالستمرار. والبنك فى سبيل ذلك يقوم بإقراض الجمعيات التعاونية بفائدة معينة وبضمان من الحكومة ،وهذه القروض هى: -1قروض قصيرة األجل ال تتجاوز مدتها 12شهر -2قروض متوسطة األجل ال تتجاوز مدتها 10سنوات -3قروض طويلة األجل ال تتجاوز مدتها 20سنة وبجانب ضمان الحكومة لهذه القروض فأن الجمعيات التعاونية تقدم ضمانات معينة يطلبها البنك ،من أجل استعادة هذه القروض حرصا منه على استمراره فى أداء واجبه تجاه الحركة التعاونية. من ذلك يتضح مدى الدور الذى يمكن أن تقوم به البنوك التعاونية كمصدر خارجى للتمويل بالنسبة للمشروعات التعاونية. الودائع:هناك مصدر ال يقل أهمية عن المصدر السابق أال وهو الودائع على اختالف أنواعها سواء من أعضاء الجمعية أو غير األعضاء ،وهذا المصدر هام وحيوى ألنه يجدب رؤوس أموال كثيرة .الستثمارها فى الجمعية على أن ترد عند الطلب وأن ترد غير منقوصة عن التصفية ،ولقد سار القانون التعاونى فى مصر على هذا النهج فسمح للجمعيات التعاونية على اختالف انواعها: 82 "حق قبول الودائع وفقا لقواعد ينص عليها فى نظامها الداخلى ،وال يجوز لهذه الجمعيات التصرف فى هذا الودائع ،إذا كانت تحت الطلب أو كانب ألجل ال يتعدى شهرا ،أما ما عدا ذلك من الودائع قلها أن توظفها فى الحدود التى تبينها الالئحة التنفيذية من حيث مراعاة قدرتها على إجابة طلبات سحب الودائع". وتعتبر الودائع مصدرا هاما من مصادر التمويل للجمعيات ،وهى إلى جانب ذلك تعتبر بالنسبة لألعضاء وسيلة من وسائل ارتباطهم بجمعيتهم ،وارتباطهم هذا يزيد مساهمتهم مما يؤدى إلى كبر حجم رأس مال الجمعية مما يساعدها ويشد آزرها لمواجهة مشاكل النمو والتوسع. بهذه النقطة أكون قد أنتهيت من استعراض المصادر الخارجية للمشروعات المعاصرة والتى حددتها فى بداية هذا المبحث .وبعد استعراض مصادر التمويل الداخلية ،وأكون قد إنتهيت من الباب األول الذى استعرضت فيه الجانب المعاصر. بعد ذلك أنتقل إلى الباب الثانى اإلسالمى وهو يبحث فى أشكال المشروعات وتمويلها فى ظل االسالم .ويبدأ بالفصل الثالث الذى يبحث فى أشكال المشروعات فى االسالم، وإدارتها ماليا. 83 الفصل الثالث أشكال المشروعات وإدارتها المالية فى االسالم تناو لت فى الفصل األول أشكال المشروعات فى االقتصاديات المعاصرة ،كما ا ستعرضت تلك األشكال فى مختلف النظم االقتصادية المعاصرة ،وبالتالى تحدثت عن اإلدارة المالية المعاصرة ودورها وأهميتها ومكانتها فى االقتصاد المعاصر ،أما فى الفصل الثانى فتناولت تمويل المشروعات حديثا فكان المبحث األول عن أدوات التمويل سواء البنوك أو شركات التأمي ن ،أو البورصات باعتبارها األدوات الرئيسية والمؤثرة فى التمويل ،ودورها يعتبر دورا كبيرا فى االقتصاديات المعاصرة ،والمبحث الثانى تحدثت عن مصادر التمويل سواء الداخلية (الذاتية) ،أو المصادر الخارجية التى تعتبر عامال مساعدا فى التمويل بجانب المصادر الداخلية من أجل مساعدة المشروع على االستمرار والنمو وتحقيق أهدافه ،كما تحدثت عن هذه المصادر فى مختلف أشكال المشروعات الموجودة حاليا فى النظم االقتصادية الحديثة. بعد هذا العرض ألشكال المشروعات المعاصرة وإدارتها المالية ،وأدوات ومصادر تمويلها ،أنتقل بد ذلك إلى الفصل الثالث وهذا الفصل يتناول أشكال المشروعات فى ظل اإلسالم فى المبحث األول. أما فى المباحث الثانى فسوف أتناول اإلدارة المالية للمشروعات فى ظل اإلسالم ،بعد هذا العرض لما سبق ذكره فى الباب األول ،وبعد هذه المقدمة لما سيبحث ،أنتقل إلى كل مبحث على حده. 84 المبحث األول أشكال المشروعات فى االسالم عندما نزل القرآن الكريم ،لم يوضح تفاصيل التعامل أو أشكال المشروعات ،ولم يذكر تفاصيل كيفية تكوين المشروعات أو تفاصيل المعامالت االقتصادية ولكن الكتاب الكريم تحدث عن القواعد األساسية لتلك المعامالت ،ووضح الحدود بين الحالل والحرام، وبذلك وضح الطريق أمام المتعاملين فى كافة المجاالت فى الحياة االقتصادية فى تلك اآلونة ،وبذلك نجح الدين االسالمى فى مسايرة الحياة االقتصادية والتزاماتها فى ذلك الزمان؛ كما نجح أكثر فى وقت الحق عندما قامت الدولة االسالمية الكبرى وتشعبت وتفرعت فى أحكام قو اعد الشريعة االسالمية فى الميادين االقتصادية المختلفة التى جدت ،ولقد استطاعت الشريعة االسالمية أن تسيير بالحياة االقتصادية فى الدولة المترامية األطراف إلى طريق االسالمية وبر األمان ،كما وفرت للدولة ثروة طائلة؛ وأصبحت الدولة االسالمية دولة ثرية قوية ذات سلطان؛ وبعد أن ضعفت الدولة االسالمية وأصبحت السيادة لغيرها ،وحدثت التطورات الضخمة سواء فى الصناعة أو فى الزراعة ...الخ؛ والتقدم العلمى الكبير الذى حدث وخاصة بعد الثورة الصناعية(القرن الثامن عشر) ،بعد اختراع اآلله التى تعمل بالبخار ،ثم تطورها الميكانيكى ،ثم اختراع الكهرباء واالنقالب الخطير الذى حدث فى الصناعة واالنطالقة الكبيرة التى أحدثتها ،وبعد قيام المصانع الضخمة ذات اإلنتاج الضخم ،والتطور اإلنتاجى الكبير الذى صحب كل ذلك وبعد أن رسخت أقدام الدول الصناعية ،فطنت الدول االسالمية واستيقظت من سباتها العميق على هذا االنقالب الكبير الذى قلب موازين األشياء ،فبدأت تنقب فى تراثها الثرى ،واكتشفت أن هذا التراث العظيم يصلح لكل أوان ومكان ،بعد قرون عديدة من التخلف ،وبعد قرون من عدم االجتهاد ،وجدت الدولة االسالمية أن الشريعة التى أنزلها هللا تعالى على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم متمشية مع هذا التطور ،وعاد تيار االجتهاد من جديد لينفض تراب الزمان من على هذا التراث الثمين ،وليجد المجتهدين أنها شريعة متطورة غنية صالحة لكل زمان ،وتستطيع أن تنفذ عبر هذا الزمان لتثبت وجودها وتتمشى مع التطور الحادث. 85 ولعل دورى هو توضيح ذلك أو بعضا منه ،وتوضيح مدى قدرة الشريعة االسالمية على مسايرة التطورات التى حدثت والتى مازالت تحدث ،وبذلك نكون قد سرنا مع التطور، وأيضا سرنا فى طريق الشريعة حتى نتغلب على الصعاب التى تواجه اقتصادياتنا نتيجة االستعمار ،واالستنزاف الطويل الذى أصاب أمتنا اإلسالمية من ناحية ،ومن ناحية أخرى نسيبر خطوة نحو تحقيق التكامل االقتصادى الذى يمهد الطريق لوحدة إسالمية تعيد لألمة مجدها السابق. ولهذا سيكون البحث فى هذا المبحث عن أشكال المشروعات االسالمية. اشكال المشروعات كان لتشعب الحياة فى الدولة اإلسالمية ولتعدد أشكال المعامالت بها أن نشأت أنواع متعددة من المشروعات ،لهذا سوف أقوم فى هذا الجزء باستعراض األنواع أو األشكال التى اتفق معظم الفقهاء على جوازها. والشك أن المشروعات فى ظل اإلسالم متعددة ،منها المشروع الفردى بطبيعة الحال باعتباره الشكل األول للمشروعات ،باإلضافة إلى المشروعات التى يشترك فيها إثنان أو أكثر وكان يطلق عليها لفظ الشركة. ولقد اتخذت الشركة عدة تقسيمات ،والبحث فى هذا النطاق سوف يتناول أجازة الشركة ومشروعيتها ثم أقسام الشركة. الشركةلقد أجاز اإلسالم الشركة أو المشاركة فى المعامالت ،عن أبى هريرة رضى هللا عنه قال :عن الن بى صلى هللا عليه وسلم قال :قال هللا تعالى فى الحديث القدسى"أنا ثالث الشريكين مالم يخن أحدهما صاحبه ،فاذا خانه خرجت من بينهما". ومن هنا نلحظ أن هللا تعالى أوضح أن المشاركة فى المعامالت االقتصادية جائزة على لسان رسوله الكريم بشرط أال يخون أحد الشريكين صاحبه فى تلك المشاركة ،وهذا 86 يوضح بجالء أجازة اإلسالم للمشروع الذى يشترك فيه إثنان أو أكثر ،بجانب أجازته للمشروع الفردى ،فكأن اإلسالم أقر المعامالت الفردية والمعامالت التى يشترك فيها إثنان أو أكثر فى أى من مجاالت المعامالت االقتصادية والتى انطبقت على المعامالت الزراعية والتجارية فى ذلك الوقت. ولقد وضع اإلسالم أسسا وقواعد محددة تسير عليها تلك المشروعات ،وهذا من أجل استمرارها ونموها لتقوية االقتصاد بصفة عامة ورفاهية األفراد بصفة خاصة ،فمنع االحتكار ،وأقر المنافسة ،ووضع قواعد للتداول واالستهالك ،ونهى عن النجش ،وأعطى لولى األمر الحق فى أن يسعر السلع إذا لزم األمر أى فى حالة الضرورة ،كل هذه القواعد تعتبر فى نفس الوقت أسسا قويمة وقوية من أجل إقامة مجتمع الرفاهية وإقامة اقتصاد قوى وقادر تهدف إليه جميع االقتصاديات المعاصرة ،ولقد نبه اإلسالم إلى ذلك منذ أكثر من 14قرنا من الزمان. واآلن أنتقل إلى تناول أشكال المشروعات وهى: -1المشروع الفردى: إن المشروع الفردى أجيز فى اإلسالم بدليل أن كبار الصحابة كانوا يتاجرون بأنفسهم ومنهم أبو بكر الصديق ،وعمر الفاروق ،وعثمان ذى النورين ،وعبد الرحمن بن عوف رضى هللا عنهم أجمعين ،ولقد كان قول عبد الرحمن بن عوف رضى هللا عنه عندما عرض عليه األنصارى نصف ماله ونصف بيته وإحدى زوجتيه أن رفض عبد الرحمن ذلك وقال له "دلنى على السوق" ،وهذا دليل على أن عبد الرحمن كان تاجرا وكان على األقل فى بداية الهجرة إلى المدينة يتاجر بمفرده ،ولقد استحسن ذلك رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وهذا ما يطلق عليه فى العصر الحديث اسم المشروع الفردى ،والمشروع الفردى تمويله بسيط يعتمد على ما لدى صاحب المشروع شخصيا من أموال ومدى قدرته على جمع رأس المال المناسب ،وفى ظل اإلسالم يحكم المشروع الفردى عدم االستغالل والبعد عن االحتكار والغش ،وهو فى هذا يخضع ألوامر هللا تعالى ونواهيه؛ ويحرص يتناسب مع الجهد والمشقة بحيث ال يكون هناك استغالل أو خداع أو انتهاز للفرص والظروف. 87 -2شركة المزارعة: أن المزارعة عبارة عن عقد أو شركة ،وهذا العقد أو هذه الشركة تتيح لصاحب األرض استغالل أرضه استغالله مشروعا ألن الزارع فيها شريك العمل غير مسئول عن الخسارة إذا لم تنتج األرض ،ولذلك قيل عن هذه الشركة "المزارعة أجادة فى االبتداء وشركة فى اإلنتهاء". والمزارعة جائزة فى أصح أقوال العلماء ،وهى عمل المسلمين على عهد نبيهم وعهد خلفائه الراشدين ،عمل آل أبى بكر ،وآل عمر؛ وآل عثمان ،وآل على عليهم رضوان هللا ،وغيرهم من بيوت المهاجرين وهى قول أكابر الصحابة كإبن مسعود ،وهى مذهب فقهاء الحديث ،كأحمد بن حنبل وكان النبى صلى هللا عليه وسلم قد عامل أهل خيبر بشطر ما يخررج منها من ثمر وزروع حتى وفاته؛ ولم تزل تلك المعاملة حتى أجالهم عمر رضى هللا عنه عن خيبر. وأن الشركة فى الزرع جائزة شرعا ،ويصح عقدها الواقع بين حرين رشيدين بما يدل على الرضا قوالوفعال ،وال تلزم إال بوضع البذر فى األرض ،فألحد المتعاقدين فسخها قبله "أى البذر" ولجواز شركة المزارعة أربعة شروط وهى: -1تساوى البذرين: أى حصو ل التساوى بين البذرين الذين يخرج بهما الشريكان إلى األرض وأن يكونا من نوع واحد ،فإذا أخرج أحدهما قيراطين والثانى قيراطا ودخال على التساوى فى القسمة أو أخرج أحدهما قمحا والثانى ذرة كان العقد فاسدا .بمعنى أن الشريكين إذا دخال هذه الشركة البد أن يكون البذر من نفس النوع أى نوع واحد مثل القمح أو الذرة ،وال يكون مختلفين ،كما يتساوى البذر بينهما ،أى يكون قيراط من األول وقيراط من الثانى وإال فسدت الشركة. -2الخلط: أى خلط الشريكين بأن يجعال فى وعاء واحد ،وإال فسدت الشركة ،إن كان لكل واحد زرعة الذى بذره. 88 بمعنى أن يخت لط بذر كل من الشريكين تماما حتى يتم المقصود من الشركة وهو التداخل واالختالط. -3أن تكون األرض عند أحدهما وعلى اآلخر يقوم بالعمل ،وأن يكون البذر مشترك بينهما ،وال يصح أن يقدم أحدهما والعمل عليه ،وعلى اآلخر البذر فقط فسدت الشركة، وكان الزرع للعامل ويرد لشريكه مثل بذره. بمعنى أن أحدهما يقدم األرض فقط واآلخر يقوم بالعمل ،وأن يكون البذر مشترك بينهما ،وال يصح أن يقدم أحدهما األرض والعمل معا ،والذى قصده اإلسالم ورمى إليه من ذلك هو المشاركة الفعلية فى المزارعة بالعمل لكال الشريكين. -4سالمة األرض المشتركة للزراعة: أن تكون سليمة من كراء ممنوع شرعا ،فيحرم كراء األرض بالطعام ،ولو لم تنبته األرض كعسل أو مما تنبته األرض طعاما أو غير طعام (القطن مثال) فأن اكتريا األرض من مالها بشىء مما ذكر فسد العقد وفسخ. روى مسلم عن رافع بن خديج قال :كنا نحاقل باألرض على عهد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فنكريها بالثلث والربع والطعام المسمى ،فجاءنا ذات يوم رجل من عمومتى فقال :نهانا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن أمر كان لنا نافعا ،وطواعية هللا ورسوله أنفع لنا ،نهانا أن نحاقل باألرض فنكتريها على الثلث والربع والطعام المسمى ،وأمر رب األرض أن يزرعها أو يزارعها ،وكره كراءها وما سوى ذلك. وأن الشريكين أن تساويا فى األرض والعمل واآلله والزريعة جازت الشركة اتفاقا (بين أهل المذهب). والشركة تفسد أو فقد شرط من شروط صحتها األربعة أو وجود مانع. والمزارعة هى فى الواقع مشاركة"..فأن النماء الحادث يحصل من منفعة أصلين :منفعة العين التى لهذا كبدنه وبقره ومنفعة العين التى لهذا كأرضه وشجره" ،أى أن العامل شريك برأس المال هو عمله ببدنه أو بالحيوان الذى يستخدمه ،وصاحب األرض شريك برأس المال ماله وهو أرضه وشجره. 89 والمزارعة ليست مؤاجرة حتى أنه إذا لم يأت الزرع بمحصول ولم يكن للزارع ما يأخذ نظير ما بذل فى األرض من عمل فيكون بهذا قد عمل ولم يستوف أجره ،وهذا ظلم... أن الصورة فى الزراعة ليست هكذا ،فالزارع شريك لصاحب األرض ،وهنا ال يأكل أحدهما مال اآلخر ،ألنه إن لم ينبت الزرع فأن رب األرض لم يأخذ منفعة اآلخر ،بل ذهبت منفع ة أرض هذا ،ورب األرض لم يحصل على شىء حتى يكون قد أخذه واآلخر لم يأخذ شيئا. وعلى هذا فالمزارعة مشاركة ،رأس مال من جهة وعمل من جهة أخرى ،وأما حديث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم " من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه وإال فليمسكها". فليس األمر الوارد فيه أمر إلزام ،إنما هو نصح وتوجيه للبر والعطف ولهذا روى عن ابن عباس فى توجيه هذا الحديث : "أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لم يحرم المزارعة ولكن أمر أن يرفق بعضهم ببعض" ثم إن الحديث من جهة أخرى يحرص على استثمار األرض وعدم تركها بورا معطلة من الزرع ،ولهذا كان أمر الرسول الكريم متوجها إلى صاحب األرض أوال بأن يزرعها ،فأن لم يزرعها فليمنحها أخاه ليزرعها مادام هو مستغنيا عنها أو عاجزا عن اإلنتفاع بها ،وهذا ما تقضى به الحكمة والمصلحة العامة للناس ،فإن فى حيازة األرض لمجرد حيازتها دون االنتفاع تعطيل لمرفق عام من حق اإلنسانية أن تنتفع به ،وأما قوله صلى هللا عليه وسلم "وإال فليمسكها" فليس معناه إمساكها معطلة من الزرع ،وذلك ألنه ممسكها فعال ،وإنما المراد بإمساكها هنا ،هو العناية بها والنظر إليها ،حيث كان كثير من الناس يحوزون أرضا كثيرة ،ويجعلون لها حدودا حتى ال يقربها أحد ،ثم يتركونها سنين طويلة على تلك الحالة دون أن تمتد إليها يد الستصالحها وزرعها ،فمعنى إمساكها هنا هو رعايتها واالنتفاع بها. من ذلك نرا أن الفقه اإلسالمى وفقه المعامالت إهتما بالمزارعة باعتبارها أح العقود وكنوع من الشركات الهامة التى احتلت مكانة كبيرة فى اقتصاد الدولة اإلسالمية، ومازالت تحتل مكانة هامة فى االقتصاديات المعاصرة وتعتبر أكبر أركان التقدم فى الدول المتقدمة ،وأحد أركان النمو فى الدول المتخلفة ..لذا نرى أن الفقة اإلسالمى ،وفقه المعامالت والقواعد السليمة التى تحمى هذه الشركة وتجعلها كأحد القواعد األساسية فى االقتصاد. 90 وتمويل هذه الشركة قائم على أن اثنين أو أكثر يشتركا فى هذه الشركة وتكون األرض على أحدهما (رأس المال) ،والعمل على اآلخر والبذر مشاركة بينهما ...بمعنى آخر أن يكون أحد الشريكين لديه األرض واآلخر يشاركه بالعمل ويكون البذر بينهما بالتساوى ويخلط لكى تصح الشركة شرعا. ومن خالل النظر إلى هذه الشروط والقواعد نجدها صالحة للتطبيق فى حياتنا المعاصرة ..حتى نتمكن من إحداث النهضة المطلوبة والتقدم المنشود. -4شركة العنان (شركة األموال): وكلمة العنان (بكسر العين) مأخوذة من عنان الدابة الستواء الشريكين فى المال ،وهى أن يشترك شخصان فأكثر لما لهما باإلضافة إلى عملهما ،وتسمى شركة العنان ألن كال من الشريكين يتساوى فى حق التصرف ،ويقوم رأس المال فى هذه الشركة بالنقود، ويشترط أن يكون رأس المال معلوما وموجودا يمكن التصرف فيه ويكون الربح على أساس ما اشترطاه فى العقد ،أما الخسارة فأنها تكون على قد المال فقط وبنسبة توزيعه بينهما. والشروط فى الشركة ضربان ،أحدهما صحيح وهو ما يعين على تنفيذ العقد ،ويضمن سيرها فى الخط الصحيح ويصون تصرفات كال من الشريكين عن اإلنحراف ،كأن يشترط أحد الشريكين االتجار فى نوع معين من المتاع ،أو التقيد بالعمل فى بلد معين، أو يشترط عدم التعامل مع مؤسسات معينة أو أفراد معينين ،وهذه الشروط كلها جائزة. والثانى فاسد وهو ما يخالف مقتضى العقد ،كعدم اشتراط نسبة الربح فهذه جهالة تفسد العقد ،أو يشترط عليه فى ضمان ماله ،أن يضع منه عند الفسخ أكثر من قدر ماله ،أو يشترط أال تفسخ الشركة مدة بعينها. وال تصح الشركة حتى يختلط الماالن ألنه قبل االختالط ال شركة بينهما فى مال وأن صححنا الشركة قبل االختالط وقلنا أن من ربح شيئا من ماله انفرد بالربح ،أفردنا أحدهما بالربح وذلك ال يجوز ،وأن قلنا يشاركه اآلخر أخذ أحدهما ربح مال اآلخر، وهل تصح الشركة مع تفاضل المالين فى القدر .هذا فيه وجهان :أحدهما تصح وهو قول "أبى القاسم األنماطى" ألن الشركة تشتمل على مال وعمل ،ثم ال يجوز أن يتساويا فى 91 العمل ويتفاضال فى الربح ،فكذلك ال يجوز أن يتساويا فى العمل ويتفاضال فى الربح، وإذا اختلف مالهم ا فى القدر فقد تساويا فى العمل وتفاضال فى الربح وهذا ال يجوز، والثانى تصح وهو قول عامة أصحابنا( ،ويقصد بهم الشافعية) وهو الصحيح ألن المقصود الشركة أن يشتركا فى ربح مالهما وذلك يحصل مع تفاضل المالين ،كما يحصل مع تساويهما وما قاله "األنماطى" فى قياس العمل على المال ال يصح ألن االعتبار فى الربح بالمال ال بالعمل والدليل عليه أنه ال يجوز أن ينفرد أحدهما بالمال ويشتركا فى الربح ،فلم يجز أن يستويا فى المال ويختلفا فى الربح ،وليس كذلك فانه يجوز أن ينفرد أحدهما بالعمل ويشتركا فى الربح فجاز أن يستويا فى العمل ويختلفا فى الربح. وأركان شركة العنان: -1محلها من األموال -2معرفة قدر الربح من قدر المال المشترك فيه. -3معرفة قدر العمل من الشريكين من قدر المال. فما كان من ربح فهو بينهما على قدر رؤوس أموالها ،وما كان من وضيعة أو تبعة فكذلك وال خالف أن اشتراط الوضيعة بخالف قدر رأس المال باطل إن كل صورعقود الشركة تتضمن الوكالة وذلك ليكون ما يستفاد بالتصرف مشتركا بينهما فيتحقق حكم عقد الشركة المطلوب منه وهو االشتراك فى األرباح ،إذ لو لم يكن كل منهما وكيال عن صاحبه فى النصف وأصيال فى اآلخر ال يكون المستفاد مشتركا الختصاص المشترى بالمشترى. وال يجوز ألحد الشريكين أن يتصرف فى نصيب شريكه إال بإذنه فإن إذن كل واحد منهما لصاحبه فى التصرف تصرفا ،وإن أذن أحدهما ولم يأذن اآلخر تصرف المأذون فى الجميع وال يتصرف اآلخر إال فى نصيبه ،وال يجوز ألحدهما أن يتجر فى نصيب اآلخر (شريكا) إال فى الصنف الذى يأذن فيه الشريك ،وال أن يبيع بدون ثمن المثل ،وال بثمن مؤجل وال بغير نقد البلد إال أن يأذن له شريكه ،ألن كل واحد منهما وكيل لآلخر فى نصفه فال يملك إال ما يملك كالوكيل. 92 ويقسم الربح والخسران على قدر المالين لألن الربح نماء مالهما ،والخسران نقصان مالهما ،فكان على قدر المالين (الربح والخسران) ،فإن شرطا التفاضل فى الربح والخسران مع تساوى المالين ،أو التساوى فى الربح أو الخسران مع تفاضل المالين لم يصح العقد ألنه شرطا ينافى مقتضى الشركة فلم يصح. نستخلص من ذلك أن هذا النوع من الشركات يعتبر من شركات األموال ،وفيه يقوم-كما ذكرت -الشركاء باالشتراك فى تلك الشركة بأموالهم وهى جائزة شرعا ،وهذه الشركة فى تمويلها تشبه شركة التضامن وشركات المساهمة ورأس مال الشركة يكون من األموال المعتاد التعامل بها فى المكان الذى تعقد فيه الشركة ،وليس بأن نوع آخر من األموال. -4شركة األبدان: و هى أن يشترك إثنان أو أكثر بأبدانهما فقد دون المال ،والربح يكون حسب ما اتفق عليه الشريكان من تساوى أو تفاضل وليس ألحد أن يوكل عنه غيره شريكا ببدنه ،وليس ألحدهم أن يستأجر أجيرا يقوم بعمله. و الشركة صحيحة ،وما يتقبله أحدهما من العمل يصير ضمانهما يطالبان به ويلزمهما عمله. والعقد فيها يكون على عمل من األعمال الجائزة شرعا بشرط اتحاد العمل أو أن يكون أحد الشريكين يحسن جزء من صنعه واآلخر يحسن جزءا آخر منها ،وفى هذه الحالة فالشركة جائزة (مثل أحد الخياطين يفصل الثياب والثانى يحيكها) ،ويقسم ما حصل من عمل الشريكين على أساس لكل ما يناسب عمله من األجر وال يشترط فيه التساوى ،لكن يشترط أن تكون آلة العمل بينهما بملك أو أجرة ،فأن كانت ألحدهما جعال لها أجرة واقتسما التساوى فسد العقد وفسخ. وهناك قول فى "المهذب" يقول :إن شركة األبدان شركة على ما يكتسب الشريكان بأبدانهما وهى باط لة ،ولقد استند إلى ما روته السيدة عائشة رضى هللا عنها أن النبى صلى هللا عليه وسلم قال" :كل شرط ليس فى كتاب هللا فهو باطل" .وهذا الشرط ليس فى كتاب هللا تعالى فوجب أن يكون باطال ،وألن عمل كل واحد منهما ملك له يختص به فلم يجزأن يشاركه اآلخر فى بدله ،فأن عمال وكسبا أخذ كل منهما أجرة عمله ألنهما بدل عمله فاختص بها. 93 ومن الرأى أن شركة األبدان جائزة لعدة أسباب هى: -1إن االستناد إلى الحديث السابق ال يدل على بطالن هذه الشركة ألن شركة العنان لم تذكر فى كتاب هللا تعالى"...كما أن حديث الرسول صلى هللا عليه وسلم عن هللا تعالى الذى قال فيه "أنا ثالث الشريكين" لم يحدد نوع الشركة سواء عنانا أو أبدانا أو غيرهما. -2إذا افترضنا أن شركة العنان (األموال) هى الجائزة فقط فكأنه لن تقوم شركات أخرى ..باإلضافة إلى ذلك الذين لديهم األموال فقط هم القادرون على إقامة الشركات دون اآلخرين. -3من ناحية أخرى أن هناك صنائع متكاملة إذا أقيمت لها شركات أبدان مثال ،ازدهر المجتمع ونما وتطور حال أفراده إلى الرفاهية ،وخاصة أصحاب الصنائع الذين ال يملكون األموال الكافية إلقامة الشركات. من ذلك نخلص أن شركة األبدان جائزة على حسب الشروط التى ذكرت آنفا. -5شركات المضاربة: تسمى قراضا وهى التى يشترك فيها بدن ومال فى تكوين الشركة ,وهى أن يدفع أحد األشخاص ويسمى رب المال ماله إلى آخر ويسمى مضاربا يتجر له فيه ،والربح فى هذه الحالة وفق ما يشترط الشريكان ،والخسارة ال تخضع لما اتفق عليه بل لما ورد فى الشرع من قواعد ،وتقع الخسارة كلها على المال ،وليس على المضارب فيها شىء حتى لو أتفق على ذلك ،وللمضارب مطلق حرية التصرف فى الشركة وليس لصاحب المال أن يعمل معه ،أو أن يتصرف فى الشركة حتى لو اتفق على ذلك أيضا ،وروى أن العباس بن عبد المطلب كان يدفع مال المضاربة ،ويشترط على المضارب شروط معينة فبلغ ذلك النبى صلى هللا عليه وسلم فاستحسنه وانعقد اإلجماع من الصحابة على جواز المضاربة. وقد أباح اإلسالم هذا النوع من الشركة للتيسير على الناس ،ألنه قد يوجد العاجز صاحب المال ،كما يوجد من ال يحسن التصرف فى ماله ،فهذا النوع من الشركة يتيح استثمار األموال واستفادة الناس والمجتمع بهذا المال بدال من كنزه. 94 وهذه الشركة تشبه اإلجازة ألن حصة الربح فيها للشريك العامل مقابل العمل وشروطها مشروعة وهى: -1اإلشتراك فى الربح -2التخلية بين العامل ورأس المال -3اعتبار العامل أمينا -4عدم التجهيل فى ربح أحد الشركاء -5عدم التزام العامل بشىء من الخسارة أو التلف الذى البد منه -6عدم كف العامل عن التصرف المعتاد والذى يتطلبه عرف التجارة. قال فى المهدى: "المضارب أمين وأجير ووكيل وشريك ،فأمين إذا قبض المال ،ووكيل إذا تصرف فيه، وأجير فيما يباشر من العمل بنفسه ،وشريك إذا ظهر فيه الربح". وتسمى الشركة مضاربة أخذ من قوله تعالى" وآخرون يضربون فى األرض يبتغون من فضل هللا". وعقد المضاربة يكون :بالتوكيل ,والقيام بالعمل واستخدام رأس المال ،ومعلومية رأس المال ،ويكون رأس المال مما يتعامل فيه الناس من الصكوك المالية. وشركة المضاربة من العقود الدائرة بين النفع والضرر كسائر أنواع الشركة ،وهى تنقسم إلى قسمين :مطلقة ،ومقيدة ،فالمضاربة المطلقة هى التى ال تتقيد بزمان وال مكان والنوع تجارة ،وال تعيين من يعامله المضارب وال بأى قيد كان. والمضاربة المقيدة هى ما قيده بعد ذلك أو كله. والبد أن يسلم رب المال مال المضاربة إلى العامل حتى يتمكن من التصرف ولو عمل رب رأس المال مع المضارب فسدت المضاربة ألن ذلك مخل بالتسليم. ويشترط أن يكون رأس المال معلوما وذلك منعا للمنازعة ،ومعلوميته تكون ما ببيان قدره ووصفه ونوعه وإما باإلشارة إليه. 95 ويشترط أن تكون حصة كل من العاقدين جزءا شائعا من الربح كالنصف أو الثلث أو الربع ألحدهما والباقى لآلخر ،فإن كان الشرط ألحدهما مقدارا معينا فسدت المضاربة الحتمال أن الربح ال يأتى زائدا على ذلك المقدار المعين فتنقطع بذلك الشركة فيه فيفوت الغرض من المضاربة والقاعدة هى أن كل شرط يوجب قطع الشركة فى الربح، أو يوجب الجهالة فيه ،فإنه يفسد المضاربة .وال نصيب للمضاربة إال من الربح فقط، فلوشرط له شىء من رأس المال أو منه ومن الربح فسدت المضاربة ،واشتراط الخسارة على المضارب باطل ،وذلك ألن الخسران هو هالك جزء من رأس المال فال يجوز أن يلزم به غير مالك المال ،والمضارب أمين رأس المال فهو وكيل عن رب المال .وإن ربحت المضاربة كان شريكا لرب المال فى الربح ،وسبب استحقاق المضارب لحصته من الربح فى المضاربة الصحيحة هوعمله فيعطى الربح فى مقابل ما بذله من السعى والعمل ،ورب المال يستحق نصيبه من الربح بسبب ماله. نستخلص مما سبق أن شركة المضاربة أو القراض جائزة شرعا كما أن اإلسالم منذ بدايته أقرها ...كما أقرها الرسول الكريم والصحابة أيضا. وهذه الشركة تشبه شركة التوصية البسيطة وشركة التوصية باألسهم فى الشركات المعاصرة. -6شركات الوجوه: هى عبارة عن شريكان أو أكثر يشتريا بذمتيهما وبجاهيهما شيئا يشتركان فى ربحه من غير أن يكون لها رأس مال .على أن ما اشترياه فهو بينهما نصفين أو ثالثا أو نحو ذلك. فيكون الملك بينهما على ما اشترطاه. وعلى ذلك فشركة الوجوه نوعان: (أ)أن يدفع شخص ماله إلى إثنين أو أكثر للمضاربة فيكونا شريكين فى الربح بمال غيرهما (ب)أن يشترك إثنان أو أكثر فيما يشتريانه من سلع وعروض بثقة التجار بهما ،من غير أن يكون لهما رأ س مال ،ويكون تقسيم الربح بين الشركاء حسب ما يتفق عليه ،وليس حسب قيمة مشترياتهما. 96 وصورة هذه الشركة أن يتفق جماعة ،إثنان أو أكثر من وجوه التجار الموثوق بهم ،أن يشتروا سلع التجار نسيئة ،ويقوموا ببيعها على أن يكون الربح شركة بينهم ،وإذا شرط التساوى فى المال كانت شركة مفاوضة ،وأن شرط التفاوت كانت عنانا. وسبب استحقاق الشركاء للربح فى شركة الوجوه هو الضمان ،ويكون الضمان ثمن المال المشترى على نس بة حصص الشركاء فيه ،وعلى هذا تكون حصة كل واحد منهم بقدر حصته فى المال المشترى وإذا شرط ألحدهم زيادة على حصته فى المال المشترى كان الشرط لغوا .ويقسم الربح عليهم بمقدار حصصهم من المال المشترى ،وإذا خسرت الشركة قسمت الخسارة أيضا على مقدار الحصص على النحو الذى يقسم به الربح. وشركة الوجوه جائزة فى الشريعة اإلسالمية بشرط تحررها من الربا ،ألن رأس مال الشركة هو المال أو السلع التى قدمها رب المال إلى الشركاء وانتظر تصريفها حتى يرد إليه قيمتها بغيرزيادة عليه. وهنا نجد أن هذه الشركة قائمة بشروط معينة ومحددة ،والبد من توافر حسن النية والخلق والذمة ...الخ من تلك الشروط التى تضمن أن يعطى التجار شركاء هذه الشركة سلعا وبضائع نسيئة وينتظروا ثمنها بعد ذلك ،والبد لكى تكون الشركة جائزة أن تتحرر من الربا ،ألن شركاء هذه الشركة عندما يأخذون السلع نسيئة عليهم أن يردوا ثمنها إلى التجار بغير زيادة أو نقصان وإال اعتبرت الشركة باطلة وفاسدة. -7شركة المفاوضة: وهى تفويض كل منهما إلى صاحبه شراء ،بيعا ،مضاربة ،توكيال ،وابتياعا فى الذمة ومسافرة بالمال ،وارتهانا ،وضمانا ما يرى من األعمال فصحيحه. ويرى الحنفية أن عقد الشركة إذا عقد على االشتراك فيما لكل شريك من الشركاء من مال يصح أن يكون رأس مال للشركة ،وهو النقود الحاضرة مع تساوى جميع الشركاء 97 فى الربح وفى رأس المال ،وعلى أن يعمل كل شريك فى مال صاحبه مستبدا برأيه، وكانت أموالهم التى يصح أن تكون رأس مال للشركة متساوية ،وسميت هذه الشركة بشركة المفاوضة. ويشترط لهذه الشركة عند الحنفية جميع ما يشترط فى شركة التضامن والبد فيها مع ذلك من التساوى فى رأس المال ،وفى الربح ،وفى القدرة على التصرف ،ولهذا المعنى سميت مفاوضة ،إذ أن كل شريك فيها يفوض إلى صاحبه أن يتصرف فى جميع مال التجارة ،وقيل أن اشتقاق اال سم من فاض الماء إذا انتشر أو من فاض الخبز إذا استفاض وشاع ،وذلك النتشار هذا العقد وظهوره فى جميع التصرفات وقيل اشتقاقه من المساواه. وتنعقد مفاوضة إذا عقدت بهذا العنوان أو بما يدل على المساواة فيما ذكر من العبارات، وعليه إذا اختص أحد الشركاء فيها بملك مال يصح أن يكون رأس مال لشركة ال تكون شركة مفاوضة. وإذا عقدت الشركة على ذلك تضمنت الوكالة فيصير كل شريك وكيال عن اآلخرين فى التصرف ،فإذا تصرف كان تصرفه لحساب الشركاء جميعا ،وكانت السلعة المشتراه مثال مشتركة بينهم على التساوى ،وكذلك يصير كل واحد كفيال عن صحبه أو أصحابه ،فيطالب بما يطالب به أى شريك ،وإذا ورث أحد الشركاء ماال يصلح أن يكون رأس لشركة أو وهب .أو تملكه ملكا خاصا تحولت الشركة إلى شركة عنان وال تستمر المفاوضة .وكذلك الحكم إذا فقدت شرطا من شروطها. ومذهب الزيدية فيها يكاد يكون كمذهب الحنفية فهم يشترطون لكى تكون الشركة مفاوضة تساوى مال الشريكين جنسا وقدرا .والبد فيها عندهم من خلط المالين على وجه ال يتميز أحدهما من اآلخر .وإال لم تصح .وتنعقد الوكالة .فإن لم تتوافر فيها هذه الشروط كانت عنانا. 98 -8المشروعات العامة: إن المشروعات العامة من حق الدولة أن تملكها إن كان فيها نفع لألفراد .ويؤثر على تقدم الدولة ورفاهيتها .وهذا الحق خاص تضعه حيث تقتضى المصلحة العامة .فهو فى الحقيقة ملك لألمة جمعاء .وولى األمر مسئول عن أن يضع هذا الحق فى مكانه الضرورى .ووفقا لما تمليه المصلحة العامة المعتبرة فى نظر الشرع. قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم"الناس شركاء فى ثالث :الماء والكأل والنار" أى أن أسس الملكية العامة وضعها رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من قبل أن تعرف على أساس أنها منفعة عامة لمجموع أفراد األمة بأسرها .وبعد ذلك عرفت الدولة اإلسالمية سواء فى عهد الرسول الكريم أو فى العهود التى تلته .وقد تمثل ذلك مثال فى أراضى الحمى التى كان يخصصها ولى األمر النتفاع عامة المسلمين بها .وبذلك تعتبر أرضه مملوكة ملكية عامة .واألراضى الزراعية المفتوحة ،وهى أن تبقى األرض تحت يد من يزرعها فى مقابل خراج يؤديه للدولة .أى أن يد من على األرض ليست يد ملك ،ولكنها يد اختصاص أى أنها تملك "تلك اليد" المنفعة فى نظير الخراج وال تملك الرقبة ،وبذلك تكون األرض لألمة أى لجماعة المسلمين ،والمعادن والنفط ال خالف بين الفقهاء فى أنها وما يأخذ حكمها إن ظهرت فى أرض ليست مملوكة ألحد تكون ملكا للدولة أى تدخل فى ملكية األمة العامة. وهذه الملكيات جميعها مقيدة فى اإلسالم بالقيود التى يفرضها عليها الشرع .وال يصح أن تطلق فيها الحرية لالفراد أو للجماعات فى أن يتصرفوا فيها إال بإذن من له الحق فى ذلك وبما يتفق ونظرة الشرع لها. وكذلك ألولياء األمر فى الدولة اإلسالمية أن يوسعوا أو يضيقوا من نطاق الملكية العامة حسبما تقتضيه المصلحة العامة ومصلحة الجماعة .وبناء على ذلك فقد يرى أولياء األمر أن تلتزم الدولة بالقيام بنشاط اقتصادى معين إذا عجز األفراد عن القيام به كالصناعات الثقيلة ،ومد خطوط السكك الحديدية ومشروعات الخدمات مثال ،وإذا كان األفراد 99 عازفين عن القيام بمثل هذا النشاط لكثرة تكاليفه وقلة أرباحه كاستصالح األراضى البور مثال .أو إذا كانت هناك خشية من أن يؤدى ترك هذا النشاط لألفراد إلى اإلنحراف أو التقصير ،مع ما لهذا من أهمية كاستغالل المدارس الخاصة والمستشفيات الخاصة. من ذلك نر ى أن الملكية العامة شأنها شأن الملكية الخاصة مقيدة وليست مطلقة ،هذا من ناحية ،ومن ناحية أخرى نرى أن اإلسالم عندما أجاز الملكية العامة وضع لها حدودا معينة ال تتجاوزها واشترط لها شروط معينة. والدولة عندما تملك مشروعا سواء عن طريق التأميم " أجاز بعض الفقهاء تدخل الدولة فى النشاط االقتصادى سواء بالتأميم أو بإنشاء مشروعات" أو عن طريق إنشاء المشروع مباشرة ،فإن رأس مال المشروع يصبح ملكية عامة ،بمعنى أن الدولة تسهم فى رأس المال فى المشروعات المؤممة وفى المشروعات التى تنشئها بنفسها تدفع رأس مالها بالكامل ،أى أن تمويل المشروعات العامة يكون عن طريق الدولة مباشرة ،ال دخل لألفراد فيه ،فالدولة هى صاحبة رأس المال ،وهى تدير هذه المشروعات لمصلحة جموع الشعب ولصالح أفراد األمة جمعاء. والمشروعات العامة فى اإلسالم تشبه المشروعات العامة المعاصرة إلى حد بعيد .والتى تقيمها الدولة من أجل رفاهية األفراد وتقدم المجتمع. مثل الصناعات الثقيلة ومشروعات الخدمات ......الخ وهذا يدخل ضمن نطاق الملكية العامة فى اإلسالم ،والتى لولى األمر الحق فى توسيعها وتضييقها حسبما تقتضيه مصلحة األمة وحسب حدود الشرع التى وضعت لحماية أمن المجتمع. بعد هذا العرض ألشكال المشروعات وشرح تفاصيلها ومدى أجازتها ورأى اإلسالم والفقهاء فى تلك المشروعات سواء من ناحية تأسيسها واالشتراك فيها وكيفية تقسيم األرباح وتحمل الخسائر ....الخ بعد ذلك أنتقل إلى المبحث الثانى وفيه أتناول اإلدارة المالية فى المشروعات اإلسالمية من حيث مفهومها ،أهدافها ،ووظائفها. 100 المبحث الثانى اإلدارة المالية فى المشروعات اإلسالمية فى المبحث السابق قمت باستعراض أشكال المشروعات التى أقيمت فى العصور اإلسالمية .والتى أقرها الفقهاء فى ضوء الشريعة اإلسالمية والتى يصح أن تكون مشروعات صالحة من وجهة نظر الشريعة .ولقد رأينا أنها مشروعات صالحة لعصرنا الحاضر وبالفعل توجد مشروعات منها مطبقة فى العصر الحاضر مثل المشروع الفردى ،المشروعات العامة ،شركات األموال "العنان" إلخ ولكن هذه المشروعات لكى تقوم وتقف على أقدامها البد لها من التمويل سواء كان تمويلها نقديا أو تمويلها رأسماليا "اآلالت مثال" بالتعبير العصرى .ومما ال شك فيه لكى تستطيع هذه المشروعات أن تستخدم هذا التمويل لكى تنمو وتتوسع كان ال بد من وجود إدارة سليمة جيدة إلدارة هذا التمويل .وهى ما تسمى باإلدارة المالية. ولما هو معروف أن للمال سلطان ،وأيضا له منافعه ووظائفه العديدة لذلك حرص المشرع على أن يضع الحدود التى تنظم حركة األموال هذه داخل المجتمع نفسه وبين األفراد بعضهم البعض ،لذلك نرى العديد من اآليات القرآنية تناولت طرق صرف المال وتنميته وإنفاقه ....إلخ كما نرى أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من خالل أحاديثه وضع أسس استخدام األموال اإلستخدام الذى يضع المال داخل إطاره الصحيح بحيث يؤدى وظائفه النافعة ،ويبعده عن أن يؤدى وظائف ضارة غير نافعة لألفراد. لذلك كان البد عند تناول موضوع اإلدارة المالية للمشروعات فى اإلسالم أن أتناول عدة موضوعات وهى: أوال :دور المال وأهميته ،ومفهوم اإلدارة المالية فى اإلسالم ثانيا( :أ)أهداف اإلدارة المالية فى اإلسالم 101 (ب)وظائف اإلدارة المالية فى اإلسالم أوال :دور المال وأهميته ،ومفهوم اإلدارة المالية فى اإلسالم: اإلسالم عقيدة ونظام ،والعقيدة جوهرها توحيد هللا ،وعبادته ،والنظام أساسه سعادة المجتمع وتكافله بما يحفظ حق الفرد ،وال يتعارض مع مصلحة المجتمع ،ومن المعروف فى اإلسالم أن شرع هللا يكون دائما حيث تكون المصلحة العامة ،فالمادة ليست كما هو الحال فى األنظمة الرأسمالية ،حيث يتسلط الفرد على المجتمع ،وليست سببا وحيدا لتفسير األحداث كما هو الحال فى األنظمة اإلشتراكية العلمية ،حيث يطغى المجتمع أو بعض فئاته على الفرد. لذلك كانت نظرة اإلسالم إلى المال على أنه وسيلة وليس غاية ،وأنه خير إذا جاء من حله ووضع فى محله ،واإلسالم فى نظرته إلى المال ينظر إليه نظرة تقدير وتكريم ،ألن هللا سبحانه وتعالى يجعل المال ماله ،ويريد من يؤتيه سبحانه وتعالى هذا المال أن ينفقه فى سبيله تعالى ،ألنه مستخلف فيه،وليس ملكا مطلقا له. قالى تعالى "وانفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه" كما قال وعز من قائل " وآتوهم من مال هللا الذى آتاكم". وأحد طرق كسب المال هى بعمل وجهد وسعى اإلنسان ،ولذلك فإن هللا يعتبر هذا المال فضال منه سبحانه وتعالى ،ويدعو الناس إلى إبتغاء فضله من خالل العمل الشريف والكسب الحالل. هذه هى نظرة اإلسالم إلى المال ،ومن ذلك نتبين أهمية المال ومدى ثقله فى أى مجتمع، ومدى تأثيره على األفراد وعلى حياتهم. والمال فى اإلسالم هو ما انتفعت به ونفعت ..وال يتحقق ذلك إال فى إنفاقه فى السبل المشروعة ودورانه بين الناس. واإلسالم يوصى بتحريك المال ودورانه ،فالكنز تجميد للمال وحجب لنفعه ،وقد قال الرسول الكريم صلى هللا عليه وسلم "اتجروا فى أموال اليتامى حتى ال تأكلها الزكاة". 102 وإذا كان عندك فضل من المال يزيد عن حاجتك فال تحسبه فى الصناديق ففى حبسه حبس للفائدة عن المجتمع ،اشتغل وأربح وأعط حق هللا فيما تربح ،وشغل الناس ،هذه هى الغاية من المال ،الدوران بما ينفع الناس ويحرك دورة المجتمع االقتصادية ،ومن ثم الدورة االجتماعية التى تحقق الرفاهية وتنشر الطمأنينة. وفى هذا الصدد يقول الرسول صلى هللا عليه وسلم :يقول العبد :مالى مالى ،وأنا له من ماله ثالث :ما أكل فأفنى ،أو لبس فأبلى ،أو أعطى فأقنى .ما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس". وقال عليه الصالة والسالم فى حديث آخر: "إياكم ماله وأرثه أحب إليه من ماله ،قالو :يارسول هللا ما منا من أحد إال ماله أحب إليه. قال :فإن ماله ما قدم .وماله وأرثه ماآخر". وعنه صلى هللا عليه وسلم أيضا: "إن العبد إذا مات قال الناص ما خلف وقالت المالئكة ما قدم". فهذا المفهوم الذى يشير إليه النبى صلى هللا عليه وسلم يستفاد من الحض على اإلنفاق وبذل المال فى الحياة الدنيا .ألن هذا اإلنفاق وهذا الدوران هو الذى يجعل المنفق مستخلفا فى المال .ويتحقق استخالفه فيه عند استفادته منه إبان حياته ،أما الذى يحتفظ بماله جامدا وال ينفقه فى حياته الدنيا .فسوف يذهب ويتركه لغيره. والمال عند ما يخرج إلى التداول يحافظ على قيمته وتنتقل هذه القيمة بالتداول من يد إلى يد أخرى فتتحقق الفائدة منه ،لدى كل من وصل إليه حتى يحجبه أحدهم من التداول فتتوقف دورته ويتوقف نفعه. قالى تعالى " والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما. وقال تعالى" والتسرفوا أنه ال يحب المسرفين". قال تعالى " وال تبذروا تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا". 103 وقال جل شأنه "والذين يكنزون الذهب والفضة وال ينفقونها فى سبيل هللا فبشرهم بعذاب أليم .يوم يحمى عليها فى نار جهنم فتكوى بها جباهم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم ألنفسكم فذقوا ما كنتم تكنزون". وقال سبحانه "لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه هللا اليكلف هللا نفسا إال ما آتاها سيجعل هللا بعد عسر يسرا". مما سبق نتبين أن اإلسالم حرص على أن يبين أهمية المال ،وبجانب هذا لم يجعله هدفا، وغاية فى ذاته ،بل جعله وسيلة ،ثم ذكر طرق إنفاقه وذم البخل والكنز واإلسراف، ومدح التوسط فى اإلنفاق لكى ينتفع المجتمع وتتحقق الفائدة من تداول المال لألفراد والمجتمع. واإلدارة المالية بعد ذلك بمفهمومها العام :هى الوظيفة اإلدارية التى تتعلق بتنظيم حركة األموال الالزمة لتحقيق أهداف معينة بأقصى كفاية فى حدود االمكانيات المتاحة. هذا هو التعريف العصرى لالدارة المالية ..وهللا سبحانه وتعالى عندما ذكر عدم االسراف ،وعدم الكنز ،وحث على االنفاق فى مختلف نواحى الحياة كان سبحانه يشير بالفعل إلى ما تضمنه هذا التعريف. فكأنه سبحانه وتعالى يقول يابنى آدم نظموا حركة األموال سواء فى التجارة ،أو فى المشروعات .....وتنظيم حركة األموال وعدم التبذير ووعدم االسراف والكنز، واالسراع إلى اإلنفاق الذى يخضع لنواهى هللا وأوامره ...وهذا التنظيم بالقطع سوف يؤدى إلى تحقيق األهداف المعينة بأقصى كفاية ممكنة فى إطار هذا التنظيم ،وفى إطار التخطيط الجيد ،وفى إطار التنفيذ الدقيق ،وتحت إشراف الرقابة الواعية ،وفى حدود االمكانيات التى يتيحها المجتمع والموارد الموجودة. لذلك قال هللا تعالى: "والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما". 104 فمما الشك فيه أن الهدف والقصد من هذه اآلية الكريمة أن يكون اإلنفاق فى حدود محددة ،ومن أجل تنظيم حركة األموال ،وذلك يهدف إلى تحقيق األهداف المعينة، بأقصى الكفاية بدون إسراف أوتقتير ،أى فى الحدود المثلى فى حدود اإلمكانيات المتاحة من إمكانيات طبيعية ورأس مال وإدارة. من هذا نرى أن مفهوم اإلدارة فى اإلسالم هو السعى إلى تنظيم حركة انفاق من المال بحيث ينفق المال من حله وفى محله لتحقيق أهداف المجتمع بأقصى كفاية. لذلك كانت وظيفة اإلدارة المالية تشمل إدارة المال من ناحيتين: أوال :الحصول على المال من مصادره المشروعة (الموارد) ثانيا :إنفاق المال بما يحقق أهداف المشروع المشروعة (المصارف) وأحاديث الرسول صلى هللا عليه وسلم التى سبق أن ذكرتها توضح ما سبق أن قلته، وهو تنظيم حركة األموال لتحقيق األهداف المعينة بأقصى كفاية ممكنة... وهذه األحاديث تشير إلى أنه على بنى آدم أن ينتفع بماله فى حدود الشرع ،فى حدود أوامر هللا ونواهيه ،وهذا ما تؤكده أحاديث الرسول الكريم صلى هللا عليه وسلم. وبعد هذا العرض للمال فى اإلسالم ومفهوم اإلدارة المالية فى اإلسالم أيضا..أنتقل إلى نقطة أخرى. ثانيا :أهداف ووظائف اإلدارة المالية فى اإلسالم: إذ ا كان المال قوام الحياة وضرورة من ضرورياتها ،فإن السعى لكسبه والعمل لحيازته وتنميته واجب ..يقول هللا تعالى: "ياأيها الذين أمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم". واإلسالم حين يقرر ذلك يهتم بتنمية موارد األمة ،ويسعى سعيا حثيثا فى إيجاد الحوافز التى تنمى اإلنتاج وتدفعه إلى أعلى معدالته وأرفع مستوياته وال أدل على ذلك من إعطائه المال الخاص حق المال العام فى حمايته وحفظه ووصفه بأنه قوام الحياة وبه يقوم عمرانها. 105 ويهدف اإلسالم من دفع عجلة اإلنتاج واالستثمار إلى إيجاد الحياة الطيبة التى ينتفى منها شبح الجوع والخوف ،وترفرف عليها مظلة العدالة واألمن ويسودها روح التكافل واألخاء ،وتبادل المنافع والمصالح ،وتختفى منها أساليب االحتكار والكنز ،واألساليب التى تؤدى إلى جعل األموال دولة بين األغنياء وحدهم .وذلك وعدد هللا سبحانه وتعالى للفرد المؤمن وللمجتمع المؤمن بقوله: "من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون". واإلسالم باإلضافة إلى ذلك يدعو إلى عدم اختزان األموال واكتنازها ويدعو بشدة إلى عدم االحتفاظ بشىء من األموال إال لحاجة ال بد منها كوفاء دين أو لوجود قصر ،أو لحاجات أخرى تجدر مالحظتها. بعد هذا العرض ،ومن خالل مفهوم اإلدارة المالية ،نرى أنه توجد أهداف ووظائف لالدارة لكى تحقق مفهومها وهو تنظيم حركة األموال لتحقيق األهداف المعينة بأقصى كفاية ممكنة ..وهذه األهداف والوظائف يمكن سردها فى اآلتى: (أ)أن أى مشروع يقوم البد أن تكون له أهداف محددة ،وأى مشروع داخل أى مجتمع البد أن ينشأ لكى يحقق أهداف هذا المجتمع. أى مشروع ال يكون له أهداف يكون غير نافع ،أن أى مشروع ال بد أن تكون له أهداف مسبقة وهذه األهداف قد تكون أهداف تخدم مصالح من يقومون به ،وقد تخدم مصالح أهالى المنطقة التى يوجد بها المشروع ،أو أهالى المدينة أو يكون مشروع من اإلتساع بحيث يخدم أهداف المجتمع ككل ،ويحقق ما يريده هذا المجتمع من الرفاهية والرخاء.. وعلى كل فالمشروعات فى مجموعها وعلى وجه العموم كجزء من مجتمع قائم وموجود ،وهى بال شك نابعة من هذا المجتمع ،فنتيجة لكل هذا فهى تقوم لكى تحقق هدف أو أهداف المجتمع المقامة فيه ...ومن خالل ذلك يحتاج أى مشروع إلى التمويل لكى يواصل حياته وينمو ،وكما أن المشروع يحتاج إلى التمويل فهو يحتاج لمن يدير هذا التمويل ،لذلك نجد أن على عاتق اإلدارة المالية ألى مشروع يقع عبء تنفيذ أهداف 106 المشرورع وبالتالى لكى تحقق اإلدارة المالية أهداف المشروع البد أن يكون لها هدفها الخاص الذى يوصل إلى تحقيق تلك األهداف. ومما الشك فيه أن هدف األدارة المالية هو تحقيق الربح لكى تستطيع من خالل تحقيق األرباح أن تحقق أهداف المشروع فى التوسع والنمو ورفع مستوى المعيشة...إلخ وفى اإلسالم تقوم اإلدارة المالية بهذا العبء الكبير آال وهو تجنب الخسارة بكل الوسائل المتاحة المشروعة ،وتحقيق الربح بكل الوسائل الممكنة المشروعة أيضا من أجل تحقيق الرفاهية بالنسبة للعاملين به وأصحابه والمجتمع المقام فيه ،وطالما سعى كل مشروع لتحقيق ذلك تحققت بالتالى أهداف المجتمع فى التقدم والرخاء وعمارة األرض ليستحق اإلنسان أن يكون خليفة هللا فى أرضه. والربح أمر مشروع وأساس علمى فهو عائد استخدام رأس المال الحقيقى فى عملية اإلنتاج بمعناه االقتصادى أى عملية خلق المنافع بعكس الفائدة التى تعتبر ثمن استخدام رأس المال النقدى فى اإلقراض. هذه هى وجهة النظر المعاصرة تجاه الربح ،ولكن لنأتى لألساس الدينى فى اإلسالم، ووجهة نظر الشريعة اإلسالمية فى الربح. لقد أقر اإلسالم الربح وبقوله عز وجل "أولئك الذين اشتروا الضاللة بالهدى فما ربحت تجارتهم" .ونسبة الربح إلى التجارة فى اآلية الكريمة يفيد مشروعية الربح فى التجارة، وهى أمر حقيقى حدثنا عنه هللا فى كثير من آياته ،فيقول سبحانه وتعالى " إال أن تكون تجارة عن تراض منكم". ويقول هللا تعالى" وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها" ..كما يقول عز وجل "رجال ال تلهيهم تجارة وال بيع عن ذكر هللا". وأن اإلسالم أقر المضاربة كشكل من أشكال المشروعات ،ومن البديهى أن نتيجة مثل هذه العقود إما أن تكون ربحا أو خسارة فى إقراره إقرار ضمنى بمشروعية الربح. واإلسالم يحرم الربح غير المشروع الناتج من عمليات ال ترضى هللا سبحانه وتعالى وتتنافى مع أحكام الش ريعة الغراء كالغش فى مواصفات السلع أو التغرير عند البيع أو 107 التالعب بالمكاييل والموازين وإقرار الربح ال يغنى تبرير األرباح االحتكارية ،والدخول العالية للذين يحصلون على الربح ،وقد هاجم اإلسالم االحتكار ولعنه وأباح لولى األمر التدخل فى حاالت الضرورة للتسعير من أجل صالح المسلمين ليقضى على االستغالل. تحقيق األرباح حالل بالنسبة إلى رأس المال النقدى ،أما وقد ارتقى الفن األنتاجى وقام التخصص الرفيع وتعددت العمليات الضرورية إلنتاج السلعة الواحدة ،وأصبح تدخل اإلنسان فى اإلنتاج غير مباشر أكثر وأكثر بمعنى أنه أصبح فى حاجة إلى وساطة أآلالت معقدة ،وأجهزة دقيقة ليتمكن بواسطتها من إدراك اإلنتاج المطلوب كما ونوعا.. فقد أصبح عليه أن يغير من تلك النظرة ،خاصة إذا لم يتعارض مع نصوص الشريعة ومقاصدها ..وكان فيه تيسير على جماعة المسلمين وكسب للمجتمع المسلم. وعلى مقتضى هذه النظرة يصبح لرأس المال العينى الحق فى المشاركة فى األرباح على أساس اإلنتاج مثل مشاركة رأس المال النقدى فى األرباح على أساس التجارة. وأهداف اإلدارة المالية فى اإلسالم بجانب هدفها الرئيسى وهو تحقيق الربح فإن لها هدفان ال يجب أن تحيد عنهما ،وهذان الهدفان هما: -1دائرة الحالل: فال تتجاوزها إلى الحرام كيال تفسد الفطرة وتهلك "وهللا ال يحب المفسدين". -2دائرة العدل: فال تتجاوزها إلى الظلم والطغيان فتأكل مال الغير بغير حق"وهللا ال يحب الظالمين". ومن خالل هاتين الدائ تين بنظم اإلسالم اإلنتاج ويشجع االستثمار ،ويتبع فى ذلك خطوط عري ضة وقواعد واسعة تتسع لما يأتى به الزمان وتستحدثه جهود اإلنسان ،لكنه يضبط هذه القواعد وتلك الخطوط بحدود تؤكد حق الفطرة البشرية فى التملك والتعمير شريطة أن يكون ذلك من خالل الدائرتين السابق ذكرهما. (ب)وظائف اإلدارة المالية: من أجل تحقيق األهداف ال بد أن تكون هناك وسائل تساعد على تحقيق هذه األهداف، ولما كان ل ألدارة المالية أهدافا محددة وواضحة ،كان البد من وجود وسائل لتحقيق هذه 108 األهداف ،وهذه الوسائل تسمى الوظائف ،وال بد أن تكون تلك الوظائف واضحة ،محددة تساعد اإلدارة المالية على أداء دورها وواجبها ..ووظائف اإلدارة المالية هى: -1التخطيط -2تنفيذ التخطيط -3الرقابة هذه هى وظائف اإلدارة المالية التى أمكن استنباطها من إدارة الدولة اإلسالمية لمشروعاتها ،أو بيت المال ..الخ ..الدولة اإلسالمية فى إدارتها حققت نجاحا حاسما، ومما الشك فيه أن نجاح الدولة فى إدارة مشروع معين بطريقة معينة ونجاحها فى ذلك، يجعل األفراد يطبقون نفس الطريقة أو يقتبسون منها لكى يحققون نجاحا مشابها.. ولسوف استعرض وظائف اإلدارة المالية فى الدولة اإلسالمية ،ومدى قدرتها على تحقيق أهداف اإلدارة المالية. -1التخطيط: إن التخطيط كلفظ مطلق هو فى أبسط صوره ،البحث عن أفضل البدائل الممكنة لتحقيق هدف معين فى مدة معينة فى حدود اإلمكانيات المتاحة ،تحت الظروف والمالبسات القائمة ،ويعتبر التخطيط أهم وظائف اإلدارة ،فالتخطيط يعنى تجميع الحقائق والمعلومات وتحليلها ثم ترتيب خطوات العمل. والتاريخ اإلسالمى يشتمل على العديد من صور التخطيط فى مختلف عصوره، والتخطيط المالى فى اإلسالم عموما يهدف إلى توجيه عناية كبرى إلى اقتصاديات المشروع حرصا على الثروات من التبديد أو الضياع ولقد تناول القرآن الكريم نفسه التخطيط فى سورة يوسف فى اآليات من 49-43ففى هذه اآليات كشف يوسف عن رؤيا المللك ومحتواها ،ولم يكتف يوسف بتأويل الرؤيا بل رسم خطة حكيمة تقوم على ترشيد اإلنتاج ،والتخزين ،واالستهالك ،ثم بشر بعد ذلك بأنه سيأتى عام فيه خير كثير بعد سنين العناء ،فى هذا ما يشد عزمات الناس ويمسك بهم على طريق الصبر ،وهى من أصول التخطيط السليم. 109 كما أن التخطيط فى اإلسالم ينبنى على األمر بالمعروف والنهى عن المنكر "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف ،وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون". والتخطيط فى اإلسالم ينبنى أيضا على ترتيب أولويات المصالح الشرعية وهى: -1الضروريات: وهى األمور التى تتوقف عليها حياة الناس ،وإذا اختل أمر منها أختلت حياتهما وعمها الفوضى ،ومرجعها إلى حفظ دينهم ونفوسهم وأموالهم وأعراضهم وعقولهم. -2الحاجيات: وهى األمور التى تقتضيها سهولة الحياة ويسرها. -3التحسينات: وهى األمور التى تجمل الحياة وتكفل العيش الرضى. وهناك صلة وثيقة بين ترتيب أهمية وأولويات المصالح الشرعية فى اإلسالم وعن التخطيط المعاصر ،إن العالقة واضحة لو تذكرنا أن الخطة القومية الشاملة ليست مجرد مجموعة أهداف يرغب تحقيقها ،ولكن يؤخذ فى اإلعتبار أن هذه األهداف تتزاحم وتتنافس ،ولتحقيقها يجب أوال تحديد األهمية النسبية لكل هدف ووضع أولويات لهذه األهداف فى تنفيذ األهم فالمهم بانتهاج الوسائل المختلفة للتنفيذ على أن يختار من بينها أفضلها ،وهذا هو ما تحققه المقاصد الشرعية فى اإلسالم ،فهناك عدة أهداف ينبغى تحقيقها ولنبدأ باألهم فالمهم .فنبدأ أوال بتحديد الضروريات ثم يلى ذلك الحاجيات ثم بع دها التحسينات مع اختيار أفضل الوسائل لتحقيق المصالح الشرعية .وهكذا نجد اإلسالم قد سبق النظم الحديثة فى وضع أسس التخطيط االقتصادى السليم. وال شك أن أهداف التخطيط هى تجنب اإلسراف والتبديد ،والعدالة فى توزيع الدخول والثروات ،والتوفيق بين اإلدخارواالستثمار ،ولهذا فإن التخطيط ينبنى على التعاون، والرفاهية ولكنها ليست المادية البحتة ،ولكنها رفاهية مبنية على السمو األخالقى والروحى. 110 وهناك أمثلة كثيرة للتخطيط فى صدر اإلسالم ،ومنها التخطيط المالى ومن هذه األمثلة ما وقع فى عص عمر بن الخطاب رضى هللا عنه ،عندما أراد أن يفرض الخراج على األرض الزراعية ،فقد أختار عثمان ابن حنيف وبعثه ومه حذيفة بن اليمان لمسح األرض الزراعية دقة حتى يمكن تقدير القدر من الخراج الذى تحتمله األرض ،وكل وحدة منها بحيث تستمر فى إنتاج ما تحتاجه البالد من حاصالت زراعية ..فلما أنتهيا من مسح األرض تبين لعمر رضى هللا عنه – أن األرض تتفاوت فى غالتها تبعا لنوع ما يزرع بها ،وتبعا لدرجة خصوبتها ،وأوصى أن يكون الخراج متناسبا مع اإلنتاج.. وفى ذلك يقول أبو يوسف: "فحدثنى السرى اسماعيل عن عامر الشعبى أن عمر بن الخطاب رضى هللا تعالى عنه. مسح السواد فبلغ ستة وثالثين ألف جريب وأنه وضع على جريب الزرع درهما وقفيزا، وعلى الكرم عشرة دراهم وعلى الرطبة خمسة دراهم" فى موضع آخر يقول أبو يوسف بمناسبة عدالة الخراج: "بعث عمر رضى هللا عنه حذيفة بن اليمان على ما وراء دجلة ،وبعث عثمان بن حنيف على مال دونه ..فأتياه فسألهما :كيف وضعتما على األرض لعلكما كلفتما أهل عملكما ماال يطيقون؟ فقال حذيفة :لقد تركت فضال وقال عثمان :لقد تركت الضغف ،لو شئت ألخذته فقال عمر عند ذلك :أما وهللا لئن بقيت ألرامل أهل العراق ألدعنهم ال يفتقرون إلى أمير بعدى". إن األسلوب الذى اتبعه عمر رضى هللا عنه فى التخطيط أسلوب واع ومدروس يشمل التخطيط القصير والطويل المدى ،ومن ناحية أخرى يوفر أمواال للدولة ،كما أنه يوفر العدالة ألصحاب األرض حتى يتحملوا ما يطيقون وعلى ذلك فأن التخطيط المالى فى اإلسالم ينبنى على: -1تخطيط دقيق للظروف ،والتنبؤ طبقا لمبدأ الدراسة والتحليل واالستقراء ،وأخذ الشواهد محل األعتبار ،والسوابق محل االستفسار. -2التخطيط طويل األجل حتى يكون بمثابة المؤشرات ،أو الدليل الذى يقود المشروع إلى الطريق السليم. 111 -3حساب االحتياجاب المستقبلة للمشروع ،وتدبير األموال الالزمة لتوفير هذه االحتياجات. -3تنفيذ التخطيط: بع د وضع الخطة يأتى وضعها فى المحل الرئيسى لها أال وهو تنفيذ التخطيط، وتنفيذ التخطيط فى اإلسالم يعتمد على المشاركة والتعاون. وفى اإلسالم أمثلة عديدة لتنفيذ التخطيط أذكر منها تعيين عمر بن الخطاب رضى هللا عنه الوالة والقضاة بنفسه كال فيما يخصه حتى يصبح التنفيذ سهال ودقيقا وناحجا. وقد بعث عمر بن الخطاب رضى هللا عنه – إلى السواد – عمار بن ياسر على الصالة والحرب ،وبعث عبدهللا بن مسعود على القضاء وبيت المال ،وبعث عثمان بن حنيف على مساحة األرضين ...وقال لهم: "إنى أنزلت نفسى وإياكم من هذا المال"مال الدولة" بمنزلة والى اليتيم فإن هللا تبارك وتعالى قال"ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف". ومن ذلك يتضح أن عمر – رضى هللا عنه – وضع كل مسئول فيما يخصه حتى يضمن سالمة التنفيذ وتحديد المسئولية. وفى عهد عمر رضى هللا عنه كانت األموال كثيرة ..ولذلك أنشأ عمر بن الخ طاب الديوان لكى يسهل جمع األموال وتوزيعها وقد ذكر أبو عبيد أنه "لما دون عمر الديوان قال :بمن نبدأ ،قالوا :بنفسك فأبدأ ،قال :ال إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،أمامنا فبرهطه نبدأ ،ثم باألقرب فاألقرب". وهذا يوضح أن تحديد األعطية لكل فرد فى المجتمع كان يستهدف: -1توفير نظام ثابت لألموال إلى أين تصرف وإلى من. -2أن يكون التخطيط والتنفيذ سليمان فيقتطع جزء لألعطيات (المرتبات) والباقى يصرف على مشروعات الدولة. 112 -3توفير االستقرار واألمان لكل فرد فى الدولة لكى يعمل فى هدوء واستقرار. فى عهد الدولة األموية والدولة العباسية تعددت الدواوين ،وأصبح هناك ديوان للمال، والقضاء ،والحرب ....الخ وكان على رأس هؤالء وزير الخليفة ...لضمان التنفيذ السليم للتخطيط الموضوع من قبل ،وليكون التنفيذ موكوال إلى كل فيما يخصه. -3الرقابة: الرقابة بمفهومها العام هى عملية متابعة دائمة ومستمرة تقوم بها اإلدارة بنفسها، أوبتكليف غيرها للتأكد من أن ما يجرى عليه العمل داخل الوحدة اإلدارية واإلقتصادية وفقا للخطط الموضوعة والسياسات المرسومةوالبرامج المعدة ،وفى حدود القواعد والتعليمات المعمول بها لتحقيق أهداف معينة. وعلى هذا كان الخلفاء فى الدولة اإلسالمية يعينون والء كل ديوان حتى يضمنوا رقابة فعالة حقيقية ...وفى هذا يقول أبو يوسف:ط":أما العشور فرأيت أن توليها قوما من أهل الصالح والدين وتأمرهم أن ال يتعدوا على الناس فيما يعاملونهم فال يظلموهم وال يأخذوا منهم أكثر مما يجب عليهم وأن يمثلوا ما رسمناه لهم ،ثم نتفقد بعد أمرهم وما يعاملون به من يمر بهم وهل تجاوزون ما قد أمروا به؟ فأن كانوا قد إنتهوا إلى ما أمروا به وتجنبوا ظلم المسلم والمعاهد أثبتهم على ذلك األمر وأحسنت إليهم ؟ فإنك متى أثبت على حسن السيرة واألمانة وعاقبت على الظلم والتعدى لما تأمر به فى الرعية يزيد المحسن فى إحسانه ونصحه وارتدع الظالم عن معاودة الظلم والتعدى". ولقد أشار أبو يوسف على أمير المؤمنين هارون الرشيد أن يولى الديوان أهل الصالح، وأن يسيروا حسبما رسم لهم ،وأن يراقبهم فأن الرقابة تستهدف متابعة العمل والتأكد من أن ما يجرى عليه العمل يسير فى مساره الطبيعى والكشف عن األخطاء واالنحرافات وتصحيحها ،وتحديد المسئولية عند الخطأ ويعاقب المسئول ويعزل ،أما إذا أحسنوا وساروا على السيرة ظلوا على عملهم ....والرقابة فى هذا عمليةدائمة تبدأ مع كل عمل وتستمر معه وال تتوقف وال تنتهى ،وهى ليست عملية متخصصة بقوم بها أجهزة متفرغة لها وتنفرد بها ،وعلى هذا فإنه يجب أن من يقوم بعمل يجب أن يكون أهل للثقة والخبرة وأن يراقب فأذا أخطأ حاسبه المسئول أو الرئيس المباشر ،وإذا أحسن وأدى عمله ،يجب أن يجازى بالحسنى ،وعلى ذلك فإن الرقابة بعذ ذلك تكون سهلة وتؤدى إلى أحسن النتائج. 113 وعلى ذلك فليس حتما أن يحمل مفهوم الرقابة ممارسة ضغوط معينة للكشف عن اإلنحراف ،بقدر ما ينبغى أن تكون الرقابة مجرد قياس لالنحرافات وتصحيحها ،ولذلك كانت الرقاب الذاتية أفضل أنواع الرقابة ينتفى معها أى مؤثر أو ضغط.فانفرد أقدر على تفهم واجباته وتحديد موقفه من كل عمل. يقول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا". ومن ذلك أيضا نستخلص من حديث الرسول الكريم بخالف الرقابة الخارجية ،فإنه ال بد من وجود رقابة ذاتية تنبع من داخل اإلنسان ،رقابة الضمير نفسه على عمل اإلنسان قبل أن يحاسبه غيره. والرقابة هى الوسيلة لتطويع األفراد ،ويبدو أثر الرقابة ومدى فاعليتها فى تحقيق أهدافها وأهمها تحديد األداء ،لذلك كانت الرقابة داخل المشروعات بهذه الطريقة ..رقابة ذاتية من األفراد ألنفسهم ،ومن أصحاب المشروع بعضهم لبعض حتى يكون هناك توازن، بحيث لو أخطأ أحد تنبه إليه الباقين وهبو لتالشى الخطأ وعملوا على إصالحه ،وقد رسخ القرآن الكريم فى القلوب والنفوس ما يبعد األفراد عن اإلنحراف ألن هللا تعالى هو الرقيب. ومما الشك فيه أن المشروعات القائمة فى اإلسالم ،كانت تقام داخل إطار السوق ،الذى أشار إليه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فى أمره إلى الناس أن يضربوا ألنفسهم سوقا يتعاملون فيه ،وعن النهى عن تلقى الركبان خارج السوق ...إلخ ...من هذه اإلرشادات. ولقد كان هناك رقيب لألسواق وهو المحتسب ،وكان بمثابة الرقيب على تنفيذ أوامر ونواهى الشريعة ،بحيث إذا انحرف واحد كان العقاب المناسب على قدر الخطأ حتى يكون عبرة لغيره ،ويكون عظة له. والمحتسب هو الذى يقوم باألمر بالمعروف إذا أظهر تركه ،والنهى عن المنكر إذا أظهر فعله ،والمعروف هو كل قول أو قصد حسنه الشارع وأمر به؛ والمنكر هو كل قول أو فعل أو قصد قبحه الشارع ونهى عنه. والحاكم له والية الحسبة ألنها من الواليات العامة ،وللحاكم أن يعهد بمهمة والية الحسبة إلى من يقوم بها على خير وجه ،والمحتسب فى األسواق هو الذى يقوم بمراقبة حركة 114 البيع والشراء ،والكيل والميزان ،والتسعير والتالعب ،واالحتكار ،والغش ،وتنفيذ العقود ،والمعامالت ،والوفاء بالدين؛ والتأخر فى أداء الديون. ورقيب األسواق فى اإلسالم نظام فريد فى نوعه يحكم الرقابة على األسواق بحيث تسير السير الصحيح؛ وال تخرج عن أهدافها فى توفير السلع واإلرتقاء بالمجتمع وتحقيق الرفاهية والرخاء. بعد العرض السابق لدور المال ومفهوم اإلدارة المالية فى اإلسالم ،وأهداف وظروف اإلدارة المالية فى اإلسالم أيضا. أنتقل إلى الفصل الرابع واألخير وهو يبحث فى طريق إسالمى ألدوات ومصادر تمويل المشروعات. 115 الفصل الرابع تمويل المشروعات فى ظل اإلسالم فى الباب الثانى من هذا البحث قمت بإستعراض أشكال المشروعات فى ظل اإلسالم، ومدى جوازها ،وموقف الشريعة اإلسالمية منها. ثم قمت بشرح وتعريف اإلدارة المالية اإلسالمية ،ومفهومها ،ووظائفها وأهدافها. وبعد ...ففى هذا الفصل وهو فصل الختام ،وهو يحوى ما أهدف إليه من هذا البحث .. ويحتوى على : -1المبحث األول :أدوات التمويل سواء البنوك أو التأمين أو البورصات سواء من ناحية عملها فى الوقت الحالى ،وموقف الشريعة من عملها هذا ،وما البديل اإلسالمى إذا كانت ال تتمشى مع الشريعة. -2المبحث الثانى :مصادر التمويل وسيكون البحث فيها يتناول مدى مسايرة هذه المصادر للشريعة اإلسالمية من عدمه ،ثم أقترح البدائل وأتمنى أن أصل إلى ما أهدف إليه ،وأن يصل ما أستعرضه سهال إلى الجميع. \ 116 المبحث األول طريق إسالمى ألدوات تمويل المشروعات فى هذا المبحث سوف أتناول البديل اإلسالمى لتمويل المشروعات ،وهذا البديل سوف يقتصر على أدوات التمويل التى تناولتها من قبل ،وسوف أتناول كل أداة على حده سواء من ناحية عملها ،ووظائفها ،ومدى اتفاقها مع روح الشريعة اإلسالمية ،فإذا كانت تتفق مع روح الشريعة كانت هذه األداة إسالمية. أما إذا كان هناك اختالف ..فلسوف أبحث عن الحل اإلسالمى من خالل العصور اإلسالمية سواء فى عهد الرسول صلى هللا عليه وسلم أو الخلفاء الراشدين أو عصر الدول األموية ،أو الدولة العباسية األولى ،وهى فترة ازدهار الدولة اإلسالمية ،بحيث يتناسب من ناحية مع روح المجتمع المعاصر ،وفى الوقت نفسه يتمشى مع روح الشريعة اإلسالمية من ناحية أخرى. والبحث فى هذا المبحث سوف يتناول بطبيعة الحال نفس أدوات التمويل التى سبق أن قمت بتناولها فقط من ناحية إسالمية وهى: أوال – المصارف ثانيا – شركات التأمين ثالثا – البوصات (األسواق) واآلن أنتقل إلى تناول كل أداة من تلك األدوات ...كل على حدة. أوال – المصارف: إن البنوك تلعب دورا هاما فى حياتنا وحياة األمم والحياة األقتصادية بصفة خاصة ،وال شك أن المصرف جهاز يسدى إلى الجمهور خدمات مختلفة سواء كان هذا مصرفا صناعيا أو تجاريا أو زراعيا ....إلخ 117 وسوف أستعرض هنا عدة نقاط وهى على التوالى: -1نظرية الربا المحرم -2البديل اإلسالمى (أ)عمل البنوك الحالية (ب)المصارف اإلسالمية -1نظرية الربا المحرم: الربا معناه فى اللغة الزيادة مطلقا سواء للشىء فى نفسه أم بالنسبة إلى سواه قال تعالى"فأذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت" أى علت وأرتفعت وعلو األرض وأرتفاعها لها فى ذاتها. وفى لسان الشريعة ،وفى لغة المعامالت :هو عملية دين يؤدى عنه مال زيادة على أصل الدين فى مقابل المدة التى يظل فيها الدين فى ذمة المدين ،وذلك هو أصل الربا؛ وهو الذى أدركه اإلسالم عند عرب الجاهلية؛ وشهد آثاره السيئة فى المجتمع العربى. وعندما نزلت شريعة اإلسالم على محمد صلى هللا عليه وسلم أعلنت نصوصها حربا ال هوادة فيها على الربا وآكليه ..قال تعالى " يأيها الذين آمنوا اتقوا هللا وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين ،فاذا لم تفعلوا فأذنوا بحرب من هللا ورسوله :وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم ال تظلمون وال تظلمون". ولقد امتدت هذه الحرب إلى كل من شارك ويشارك فى عقد من عقود الربا حتى لو كان كاتبا أو شاهدا .قال جابر رضى هللا عنه عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم .لعن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهده ،وقال :هم سواء. 118 والربا نوعان :جلى وخفى فالجلى حرم لما فيه من الضرر العظيم. والخفى حرم ألنه ذريعة إلى الجلى. فتحريم األول قصدا ،وتحريم الثانى وسيلة. (أ)فأما الجلى ،فربا النسيئة ،وهو الذى كانوا يفعلونه فى الجاهلية مثل أن يؤخر دينه وي زتده فى المال ،وكلما أخره زاد فى المال حتى تصير المائة عنده آالفا مؤلفة ،وفى الغالب ال يفعل ذلك إال معدم محتاج. فاذا زاد رأى أن المستحق يؤخر مطالبته ،ويصبر عليه بزيادة يبذلها له ،تكلف بطلبها ليفتدى من أمر المطالبة والحبس ،ويدافع من وقت إلى وقت ،فيشتد ضررة وتعظم مصيبته ،ويزيد مال المرابى من غير نفع يحصل منه أخيه .ولهذا كان من أكبر الكبائر. إن الشريعة اإلسالمية تقيم المجتمع على أسس التراحم واألخاء والخلق الكريم والرفق بالضعفاء ،ولذلك يأمر هللا تعالى الدائن إذا أعسر مدينه أن يمهله حتى تتيسر حاله "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ...ويقول الرسول صلى هللا عليه وسلم " من سره أن ينجيه هللا من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يصع عنه " ويقول " من انظر م عسرا ووضع عنه أظله هللا فى ظله" .ويقول رحم هللا رجال سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتصى" ألن السماحة فى االقتصاد تحفظ للمدين كرامته وتغرص المودة فى نفسه لدائنه وتحثه على الجهد فى األداء قدر طاقته. أما هذا الذى يقرضه جنيها ليسترده اثنين فهو عدوه ولن تطيب نفسه ابدا عن دفع هذا الربا ولن يحصل لصاحبه مودة ...صاحبه الذى يهدم أهم أسس هذا المجتمع المتعاون المتراحم. ب-وأما الربا الخفى وهو ربا الفضل؛ فتحريمه من باب سد الذرائع ،كما صرح به حديث أبى سعد الخدرى رضى هللا عنه عن النبى صلى هللا عليه وسلم ال تبيعوا الدرهم با لدرهمين ،فانى أخاف عليكم الرما ،والرما هو الربا فمتعهم من ربا الفضل لما يخاف عليهم من ربا النسيئة. 119 إن الدراهم والدنانير أثمان المبيعات ،والثمن هو المعيار الذى به يعرف تقويم األموال، فيجب أن يكون محدودا مضبوطا فال يرتفع وال ينخفض إذ لو كان الثمن يرتفع وينخفض كالسلع لم يكن لنا ثمن نعتبر به المبيعات ،بل الجميع سلع ،وحاجة الناس إلى ثمن يعتبرون به المبيعات حاجة ضرورية عامة ،وذلك ال يمكن إال بسعر تعرف به القيمة، وذلك ال يكون إال بثمن تقوم به األشياء ويستمر على حالة واحدة ،وال يقوم هو بغيره ،إذ يصير سلعة يرتفع وينخفض ،فتفسد معامالت الناس ويقع الضرر ..فلو أبيح ربا الفضل فى الدراهم والدنانير لجر ذلك إلى ربا النسيئة. فاألثمان ال تقصد آلعيانها ،بل يقصد التوصل بها إلى السلع ،فإذا صارت فى نفسها سلعا تقصد ألعيانها ،فسد أمر الناس. وهذا النوع من الربا يطلق عليه"ربا السنة" ألن مصدر تحريمه سنة رسول هللا صلى هللا عليه عنه قال " الذهب بالذهب ،والفضة بالفضة والبر بالبر ،والشعير بالشعير، والتمر بالتمر ،والملح بالملح ،مثال بمثل ،ويدا بيد أى سواء بسواء ،فمن زاد أو استزاد فقد أربى .فإذا اختلفت هذه األجناس فبيعوا كيف شئتم ،كما يطلق عليه ربا البيوع ألن نطاقه عقود البيع. وآيات تحريم الربا وردت فى ثالثة مواضع فى سورة البقرة من اآلية 275إلى ،281 وسورة آل عمران من اآلية 130إلى ،136فى سورة الروم اآلية .39 تحريم الربا:التحريم فى اإلسالم ال يقوم إال عند تحقق الضرر وتغلبه على النفع إن وجد ،والضرر فى الربا وارد ألن فيه استغالال لحاجة المضطر إلى المال بأن يقرضه هذا المال، ويشترط عليه رده بزيادة لم تأت نتيجة جهد أو بدل خدمة فعلية أو قيمة سلعة. وإذا كانت الدول الحديثة قد عمدت إلى تحديد النسبة الربوية فأن هذا العمل منها لم يقض على مخاطر الربا ،وإنما المترابين يحتالون على تحصيل النسبة التى يشترطونها بأشكال مختلفة ،حتى ال يقعوا تحت طائلة القانون ألنه ليس لهم وازع دينى أو خلقى يمنعهم من هذا االستغالل. وحرص اإلسالم على تحريم الربا ،مهما كانت النسبة ضئيلة وخاصة ربا الفضل لعدم الوقوع فى ربا النسبية. 120 ولقد صرح القرآن الكريم بالنهى عن الربا وصرح بمضار الربا الكبرى التى حرم من أجلها الربا لدفع الظلم عن الناس .وأن الربا ليس حقا للدائن ،وأن هذا الفضل ظلم للمدين وقطع ألواصر المحبة والتعاون فى المجتمع وتؤدى إلى أنتشار الظلم والعداوة والبغضاء .وليست الحكمة فى تحريم الربا فى القرآن فقط مقصورة على دفع الظلم. وإنما هناك آيات تحض على الصدقة والبعد عن الربا والبغض فيه قال تعالى"يمحق هللا الربا ويربى الصدقات" .ولقد أوضحت آيات القرآن الكريم أن الربا كسب خبيث وقبيح وماله إلى النقصان والمحق فى الدنيا ،والعقاب الشديد فى اآلخرة ،قال تعالى وما آتيتم من ربا ليربوا فى أموال الناس فال يربو عند هللا وما آتيتم من زكاة تريدون وجه هللا فأولئك هو المضعفون". إن تحريم الربا من أهم ما يميز االقتصاد اإلسالمى عن االقتصاد الرأسمالى ذلك ألن االقتصاد الرأسمالى ال يقوم بغير نظام الفائدة. ونظام الفائدة فى االقتصاد الرأسمالى هو الذى يمكن رأس المال من التزايد بال جهد أو مخاطرة .ونتيجة لهذا التزايد المتواصل يتمكن رأس المال من السيطرة على المجتمع. وتحريم الفائدة فى االقتصاد اإلسالمى ال يمكن رأس المال من النمو بال جهد ،كما يمنعه من السيطرة على المجتمع تلك السيطرة التى تعانى منها المجتمعات الرأسمالية. والربا من األمراض اإلجتماعية ،وأنه يساعد على اإلسراف ألن المرابى يحصل على المال بسهولة ويزداد هذا المال دون جهد ،كما أن المرابى غير أخالقى ألنه عندما يزيد فى ربا المال يمتص دم فريسته وهى طريقة ال أخالقية. هذه هى مضار الربا وآفته التى تصيب المجتمعات والتى أصابت المجتمعات الحديثة فى صورة بنوك مثال وشركات التأمين وهذا ما سوف أقوم ببحثه فى النقطة التالية: -2البديل اإلسالمى لنظام البنوك الحالية: ال يمكن التحدث عن نظام إسالمى بديل لنظام البنوك الحالى إال إذا استعرضنا نظام تلك البنوك ،وهل هى تتفق مع الشريعة اإلسالمية ،وإذا كانت ال تتفق فما أوجه االتفاق ،وما هو البديل اإلسالمى لكى تساير هذه البنوك روح الشريعة اإلسالمية، لذلك سوف أتناول بالتفصيل نقطتين هما: (أ)أنشطة البنوك الحالية 121 (ب)المصارف اإلسالمية أ-أنشطة البنوك الحالية: تقوم المصارف بالدور األول فى عمليات التبادل المالى فى العالم ،وعن طريقها يجىء ويذهب معظم ما فى أيدى األفراد والهيئات والشركات والمؤسسات والحكومات من أموال (نقود ،أموال مالية ،مجوهرات ..الخ). ووظيفة البنوك الحديثة هى تيسير التبادل :بمعنى أن المعامالت المالية اتخذت شكال ضخما وعريضا ،وجاء نظام االئتمان المصرفى عن طريق مجرد وعد بدفع ثمن السلع أو الخدمات بغير انتقال مادى للنقود ،وهذا الوعد قد يتمثل فى شيك أو كمبيالة أو سند إذنى أو خطاب اعتماد ،كما يسرت اإلنتاج عن طريق اإلقراض ،وتأخذ البنوك من المقترضين نسبة مئوية على هذا القرض ،كما ساعدت على توفير رأس المال وتعزيز طاقته. هذا بجانب أعمال أخرى مثل :قبول الودائع النقدية وتؤدى عنها فوائد للمودعين، خصم الكمبياالت ،تحويل العمالت فى مقابل عمولة ،وتحويل النقود من قطر آلخر فى مقابل عمولة ،اعتماد الشيكات السياحية وأسهم الشركات فى مقابل عمولة. والمصارف بهذه الطريقة تقوم باستثمار النقود ....وسوف يقتصر البحث على عمليتى اإلقراض واأليداع بصفتها أهم العمليات المصرفية ،والمصارف قامت أساسا عليهما ،كما أنهما أخص العمليات التى تؤثر على االستثمار ككل. وعملية اإليداع فى المصارف تتم بأن يودع اإلفراد أو الهيئات ..الخ أموالهم تلكالمصارف نظير فائدة معينة ،وهذه الفائدة يحدد البنك المركزى سعرها بكل دولة، وللبنوك أن تتحرك فى إطار هذا المعدل ،وقد تختلف من بنك لبنك داخل نفس الدولة ،والمصرف فى هذا المجال يقوم باستثمار تلك األموال سواء فى اإلقراض ،أو انشاء المشروعات ...الخ ،واألموال المودعة هذه يقوم المصرف بدفع فائدة عنها، ليس نظير أنه يحافظ عليها ،ولكن ألنه يستثمرها لصالحه ،كما أن األفراد مستفيدون من ناحية أخرى ألن المصرف يحفظ أموالهم من الضياع ،بجانب إعطائهم فائدة عن أموالهم. ولكن هل هذه الفائدة الثابته حالل؟؟122 إن المودعين ليسوا شركاء للبنك فى عمليات االستثمار هذه ،وإال لما كانت الفائدة التى يدفعها البنك ثابتة ،ولدفع أرباحا تتغير حتما من عام آلخر ،طبقا لما يحققه البنك نفسه من أرباح أو خسائر. إن هذه الفائدة ظاهر لعدة أسباب هى: -1أنها فائدة ثابتة على المال تزويده دون عمل أو جهد ،واألصل أن يعمل رأس المال ويتعرض للربح والخسارة ،وهذا غير حادث فى هذه الحالة. -2إن الفائدة هذه تأتى رأس المال دون جهد أو مشقة أو كد وربما هناك من يقول إن المصرف يقوم نيابة عن المودع باستثمار تلك األموال ،ولكنى أقول إن البنك إذا كان يقوم لكل مودع باستثمار أمواله فإنه قد يتعرض للخسارة ويحقق ربحا ،كما أن هذا الربح يتغير ارتفاعا وانخفاضا ،ولكن الفائدة المدفوعة ثابتة سواء خسر البنك فى عدة عمليات وربح فى أخرى ،ال دخل للمودع فى تحقيقها. -3األصل أن يتعرض رأس المال للمخاطرة ،وهنا رأس المال ال يتعرض للمخاطرة إطالقا ،من ناحية أخرى المودع ،والتى نصب عليها الشريعة اإلسالمية لكى يكون للمال الحق فى أن يحقق أرباح ،ولكن البنك يحسب فى نهاية عامة المالى كم خسر وكم ربح ،وهو فى ذلك يدخل عمليات مضمونة الربح مثل شراء السندات وأسهم ال شركات الكبرى بجانب عمليات أخرىتحقق له أرباحا تغطى خسائره مما يمكنه من دفع فوائد للمودعين على ودائعهم ،وهذا يعود على مال المودع بالزيادة الربوية التى لم تستدع جهدا ومشقة ،ومخاطرة من صاحب الوديعة. وهناك عملية أخرى هى عملية اإلقراض .وهى أن يقوم البنك بتقديم األموال إلى األفراد والهيئات والشركات .....الخ نظير فائدة سنوية وهذه القروض على نوعين هما: -1القروض االستهالكية: وهى القروض التى تقدمها المصارف لألفراد ليستعينوا بها على مطالبهم المعيشية، وفى هذه القروض ربا وا ضح وظاهر وهو ربا النسيئة وهو محرم قطعا فى اإلسالم. وحكمة تحريمه ظاهرة ال تحتاج إلى بيان ،فهو من جهة يتنافى مع األخالق 123 اإلسالمية .وهو يهدم جميع الخصائص التى جعلها هللا من مقومات المجتمع اإلسالمى .ومن جهة أخرى فإن هذا الربا وسيلة غير سليمة للكسب ألن الفائدة التى يحصل عليها المقرض ال تتأتى نتيجة عمل إنتاجى أسهم بماله فيه وأضافت هذه المساهمة شيئا إلى ثروة األمة العامة ....كما أنه من ناحية ثالثة ظلم للمدين المضطر لحاجته الشديدة للمال ....وعلى هذا فأن الفائدة على هذه القروض ربا واضح. وباألضافة إلى أن القرض االستهالكى وما يؤخذ عليه من فوائد ربوية وما به من ظ لم للمدين فإنه يشعر هذا المدين بالغبن والضرر والفاحشين الذين لحقا به من جراء هذا القرض ،وهذا يجلب البغضاء والعداوة فى قلب المدين تجاه من أقرضه ،والذى لم يعينه فى ضائقته ...والفائدة على هذا النوع من القروض هى الربا الظاهر أى ربا النسيئة وهو محرم قطعا فى اإلسالم بالكتاب والسنة وال يحتاج إلى تفسير كثير. -2القروض اإلنتاجية (االستثمارية): وهى التى يقترضها من يريدون أن يوظفوها فى مشروعات إنتاجية تدر عليهم األرباح ،ويقومون باستثمار تلك األموال فى مشروعات تؤدى إلى رفع مستوى المعيشة والمستوى االقتصادى للدولة ،ونظير هذه القروض تأخذ البنوك فائدة عليها. وهناك من يدعى أنه طالما تحقق تلك المشروعات اإلنتاجية أرباحا ،ويؤدون فائدة عن هذا القرض فإنه ليس ربا محرما.. ويمكن الرد عليهم "بأن تسمية الربا بالفائدة ال يغير من طبيعته ،فالفائدة ليست إال زيادة فى رأس المال المقرض ،وكل زيادة عنه هى ربا لغة وشرعا". ومما ال شك فيه أن هذه الفوائد على تلك القروض هى ربا ظاهر وواضح وذلك بسبب أن المقرض سواء حقق هذا المشروع اإلنتاجى(االستثمارى) أرباحا ،ولم يحقق ،فإنه ال يصاب بأى خسارة ،وال يتحمل أى غرم ،بل فوق ذلك فى حالة إذا ما أصيب المشروع بخسائر فإن المقرض يأخذ فائدة قرضه أيضا دون مراعاة لظروف هذا المشروع. فهل هذه الفائدة فى هذه الحالة حالل وطبيعية؟ 124 ولقد أفتت لجنة الفتوى باألزهر الشريف" :بأن اإليداع فى المصارف على النحو المعروف اآلن ربا محض وهو محرم .وكذلك اإلقراض بفائدة أيضا ربا محض وهو محرم". وللربا مضار عديدة منها-: -1أنه السبب فى تكديس األموال فى أيدى أصحاب البنوك ويؤدى إلى سيطرة هؤالء على المجتمع ...فهو الذى أدى إلى نشأة البنوك فى البداية ..كما أنه هو الذى أمكن لتلك البنوك من السيطرة على المجتمع. -2الشعور بالظلم بالنسبة للمقترضين والكراهية للمجتمع الذى ال يوفر لهم مصدر آخر غير اإلقتراض بفائدة (القروض االستهالكية). -3غالء األسعار :فإنه فى حالة المنتج الذى يقترض بفائدة فإنه يحمل تلك الفائدة على سعر المنتجات مما يساعد على ارتفاع أسعارها ،ولهذا يدفع المجتمع كله الفائدة الربوية. -4من جهة أخرى إذا أراد المنتج تخفيض تكاليف اإلنتاج ،اضطر إلى تخفيض أجور العمال ألنها السبيل الوحيد أمامه ...وذلك بسبب الفائدة الربوية. يقول اللورد كينز فى كتابه النظرية العامة ":إن إرتفاع سعر الفائدة يعوق اإلنتاح ألنه يغرى صاحب المال باإلدخار للحصول على فائدة مضمونة دون تعريض أمواله للمخاطرة فى حالة االستثمار فى المشروعات الصناعية أو التجارية. كما أنه من ناحية أخرى ال يساعد رجال األعمال على التوسع فى أعماله ألنه يرى أن العائد من التوسع مع ما فيه من مخاطر – يعادل الفائدة التى سيدفعها للمقرض سواء كان اإلقتراض عن طريق المصرف أو بموجب سندات وعلى ذلك فكل نقص فى سعر الفائدة سيؤدى إلى زيادة فى اإلنتاج وبالتالى فى العمالة وإيجاد الفرصة لتشغيل المزيد من الناس". وحاجة المصارف إلى أن تتعامل بالربا ليست الزمة ويمكن االستغناء عنها ،دون أن تؤثر على األوضاع اإلقتصادية ،ألنها تقوم على غير عمليتى اإليداع واإلقراض... وعلى هذا ليس هناك حاجة ألن تقوم بهذه العمليات الربوية التى حرمها هللا تعالى حيث يقول سبحانه: 125 "يمحق هللا الربى ويربى الصدقات" ب -المصارف اإلسالمية: بعد أن قمت باستعراض نظرية الربا المحرم ،وعمل البنوك الحالية وما يشوب أعمالها من ربا واضح سواء فى معامالتها مع المودعين ،أو مع المقترضين ،سواء للقروض االستهالكية أو اإلنتاجية.. نأتى إلى النقطة األخيرة وهى البديل اإلسالمى ،لقد تعرفنا من خالل العرض السابق أن البنوك الحاليةتقوم بعدة خدمات هامة ومفيدة لالقتصاد القوى بل لالقتصاد القومى بل لالقتصاد العالمى وهى تيسير اإلنتاج ،تيسير التبادل ،تعزيز رؤوس األموال ،تيسير التعامل ،إلى غير ذلك من المعامالت الحيوية التى تساعد على الرفاهية والتقدم ،ولكن هناك بعض المعامالت التى ال تتمشى مع الشريعة اإلسالمية ومنها عمليتى اإليداع واإلقراض (وسأقتصر عليهما دون المعامالت األخرى). -1اإليداع: إن عملية اإليداع تعنى أن يقوم المودع أمواله فى أحد البنوك للمحافظة عليها فى حين يدفع له البنك كل فترة فائدة على تلك األموال ،ولقد تبين لنا أن هذه الفائدة تعتبر ربا. والوضع اإلسالمى البديل لذلك هو عقد المضاربة فى هذه الحالة ،بمعنى أن يكون المودعون هم "رب المال" ككل ،والبنك هو "المضارب" ويكون له الحق فى استثمار أموال هؤالء بنفسه أو عن طريق شركات أو وكالء آخرين ،والبنك فى نهاية كل فترة مالية "سنة عادة" يقوم بحساب المشروعات التى حققت نجاحا سواء متوسطا أو كبيرا، والمشروعات الت ى حققت خسائر ،ثم يقوم بحساب أرباحه بعد خصم مصاريفه العمومية واحتياطياته ثم يوزع الباقى بينه وبين المودعين ،وبطبيعة الحال سوف يختلف هذا الجزء من عام آلخر بدون شك طبقا لألرباح التى يحققها البنك وعلى هذا يكون أرباحا حالال ،ألق المال هنا يتعرض للمخاطرة ،وأن نسبة الربح متغيرة ،والجزء المتبقى بعد ذلك للبنك يوزعه على المساهمين إذا كان بنكا خاصا ،أو حسبما يحدده القانون إذا كان مؤمما والشك أن النسبة التى سوف يوزعها البنك على المودعين سوف يراعى فيها مبالغ الودائع ،ونسبة اآلجل الذى مكثته هذه الودائع فى حوزة البنك ،وساهمت بمقتضاه فى هذا االستثمار. 126 وسنرى أن هذا الموضع يسير حسب الشريعة اإلسالمية ذلك لآلتى: -1تعرض رأس المال للمخاطرة والربح والخسارة. -2تغير نسبة الربح من عام إلى عام ،أو عدم تحقيق أرباح على اإلطالق فى حالة الخسارة. -3تحقيق دورة رأس األموال بدال من اكتنازها لفائدة أصحاب رؤوس األموال أنفسهم. -4نفع المجتمع واالقتصاد القومى ،ورفع مستوى المعيشة طبقا لهذا االستثمار. -2اإلقراض: (أ)البديل عن القروض اإلستهالكية: تقدم البنوك قروضا استهالكية للذين تعوزهم الحاجة إلى اإلقتراض لالستعانة بها فى قضاء حوائجهم المعيشية ،وتتقاضى هذه المصارف فائدة ربوية على تلك القروض، وهذه الفائدة هى ربا النسيئة وهو بطبيعة الحال محرم ،والبديل عن هذا هو أن تكف البنوك عن إعطاء مثل هذا النوع من القروض ،ويقوم جهاز داخل هذه البنوك -أى البنوك اإلسالمية – بجباية الزكاة ،وتقوم بتوجيه حصيلة ما يجبى إلى مصارفه الشرعية المعروفة ،أما غير المستحقين للزكاة ممن تضطرهم حاجاب معيشية وقتية إلى الحصول على قروض ،فإن جهاز الزكاة أو منشآت الزكاة تستطيع أن تمدهم – بغير فائدة إطالقا- ببعض القروض ذات آجال قصيرة .يستعينون بها على تفريغ كربتهم العارضة ،على أن يبادروا بر دها إلى رصيد الزكاة ،مع وجود ضمانات كافية للوفاء بهذه القروض ،وأعتقد أن أى بلد إسالمى سوف تسوده هذه الروح وهذا التعاون سوف يجعل رصيد الزكاة ضخما وكبيرا بحيث يكفى لسد حاجات المعوزين ألنه سوف يتغذى باستمرار بتبرعات المنفقين فى سبيل هللا يريدون بها وجه هللا فقط. ولعل السبب فى أن ما ذكرت هو ما يتفق وروح الشريعة اإلسالمية وطبيعة العصر الذى نعيش فيه وهو: 127 -1سيادة روح الكفالة اإلجتماعية فى المجتمع الواحد ،وبين أفراد هذا المجتمع تحقيقا لحديث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ":مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد ،إذا اشتكى منه عضو ،تداعى له سائر األعضاء بالسهر والحمى". -2االطمئنان واألمان الذى يوفره هذا النظام لكافة أفراد المجتمع ويؤمنهم على غدهم، ويؤمنهم على مواجهة حاجاتهم المعيشية الضرورية. -3سيادة روح المودة والتراحم والحب واإلخاء فى المجتمع. (ب)البديل عن القروض اإلنتاجية: فى حالة اإليداع اعتبرت أن المودعين هو "رب المال" والبنك هو "المضارب" ولكن فى هذه الحالة سوف يصبح البنك هو "رب المال" وأصحاب المشروعات المقترض هم "المضارب" ،وصاحب أى مشروع يقوم بأخذ رأس المال من البنك مع تقديم الضمانات الالزمة والكافية ..مع وجود جهاز للتخطيط بالبنك نفسه لدراسة المشروعات للتأكد من صالحيتها للتنفيذ ،على أن يقدم النصح ألصحاب المشروعات ويوجههم إلى الطريق الصحيح الستثمار األموال ،فإذا حقق المشروع أرباحا ،خصم المشروع من األرباح مصاريفه واحتياطياته ،ثم يقسم الربح بينه وبين البنك حسبما يتفق الطرفان مقدما ،فإذا لم يحقق المشروع ربحا رد المال إلى البنك إذا سلم رأس المال ،ويعطى مهلة أخرى إذا كان هناك أمال فى المستقبل ،أما إذا أصاب رأس المال خسارة فإن الخسارة ال تحيق إال برب المال "البنك" هذا إذا لم يكن لصاحب المشروع يد فى هذه الخسارة ،أما إذا كان له يد فى هذه الخسارة ،فإن عليه الضمان... بهذه الطريقة نستطيع ....وعن طريق جهاز التخطيط بالبنك أن نضمن استثمار األموال فى مجالها الصحيح ،ثم من جهة أخرى يضمن البنك أمواله من جهة ثالثة يحقق أرباحا الشك تعود على المجتمع بالرفاهية ،وتشجع أصحاب األعمال على اإلقدام على المشروعات اإلنتاجية ،كما أن ذلك يساعد على قيام شركات االستثمار مادام البنك سوف يشترك مع تلك الشركات فى التخطيط وتقديم النصح. -3النشاط المصرفى الخارجى: إذا كنا قد نقينا النشاط المصرفى الداخلى من شبهة الربا المحرم ...فسوف ننتقل إلى النشاط المصرفى الخارجى ،فهو من جهة يشمل البالد اإلسالمية ،وفى هذ الحالة إذا كنا 128 كعالم إسالمى نمنع الربا لكى نستطيع أن نطهر معامالتنا المصرفية من الفائدة الربوية لتحل محلها شركة المضاربة فهذا يجعل المعامالت المصرفية بين بالد العالم اإلسالمى تسير حسب الشرع الحنيف .من جهة أخرى ماذا يكون الوضع بالنسبة للبالد الغير إسالمية التى نتعامل معها سواء بعقد قروض لتمويل بعض نشاطنا اإلنتاجى ،أو إنتاج سلع لم نصل إلى إنتاجها بع فإنى أرى من وجهة نظرى: -1إما أن يشاركنا رأس المال األجنبى فى مشروعاتنا اإلنتاجية وأن نتقاسم الربح معا(أى تتقاسم مشروعاتنا ورأس المال األجنبى) حسب النسبة التى يتفق عليها بعد حساب المصروفات وخصم االحتياطيات. -2إذا لم يوافق رأس المال األجنبى الجهات التى تقدمه على ما سبق فهناك طريق آخر، هو عدم أخذ فوائد ربوية على قروضهم اإلنتاجية (اآلالت أو السلع اإلنتاجية...الخ) وإنما يزيدوا فى ثمنها زيادة تناسب األجل الذى بعده يسدد القرض... هذا من وجهة نظرى لكى تصيح معامالتنا خالية من الشبهات الربوية التى تشوب معامالتنا فى العصر الحالى. وأنى أرى ألت تحقق بعض ما ذكرته آنفا عن البنوك اإلسالمية فى تجربة بنوك اإلدخار بنك ناص اإلجتماعى ،وبنك فيصل اإلسالمى ،والبنوك اإلسالمية التى أقيمت فى بعض الدول اإلسالمية ،وهذا دليل على أن الوجهة اإلسالمية بدأت تعود إلى معامالتنا المصرفية لتقوم مرة أخرى معامالتنا المالية على أسس إسالمية. ثانيا :شركات التأمين أشرت فى المبحث األول فى الفصل الثانى من الباب األول إلى التأمين ووظيفته وأهميته بالتفصيل ،ولكنى عندما أتعرض هنا إلى التأمين أتعرض له من ناحية أخرى سواء من ناحية موقف الشريعة اإلسالمية منه ،أو من ناحية أهميته للعصر الحاضر رغم موقف الشريعة اإلسالمية ثم من ناحية ثالثة ماهو الطريق التأمينى الصحيح لكى نجعل للتأمين مضمون إسالمى ال شبهة فيه ...ففى هذا المبحث أتعرض للتأمين من كافة نواحيه بعد أن استعرضته من ناحيته العصرية فقط فى الباب األول.. 129 والشك أن الناسب والشركات والمصانع والتجار ..الخ لجأوا للتأمين على أموالهم وأنفسهم ليأمنوا كوارث الدهر نظير ما يدفعون لشركات التأمين من مال ال يذكر بجانب الخسارة إذا نزلت بأى فرد منهم ،وعلى هذا فالتأمين : -1واجب حيوى فى تحقيق التكافل لدفع الملمات. -2وضرورة فى اإلقتصاد القومى لتوسيع مجاالت االستثمار ،وتقليل البطالة ورفع مستوى المعيشة. ولكن رغم أن التأمين فيه التكافل والتعاون من ناحية واالستثمار لصالح االقتصاد القومى من ناحية أخرى فإننا إذا تعمقنا فى عملية التأمين ذاتها ودور شركات التأمين ، وعقود التأمين نجد أن هناك عدة شوائب تشوبها .ولذلك سوف أتناول التأمين هنا على الوجه اآلتى-: -1بيوع الغرر. -2البديل اإلسالمى لعقود التأمين المعاصر: أ-عقود التأمين الحالية ب-التأمين التبادلى وجزء "الغارمين" كبديل إسالمى ولسوف أتناول كل واحدة من النقاط السابقة بالتفصيل على الوجه اآلتى: -1بيوع الغرر: سأتكلم عن بيوع الغرر باعتبار أن عقد التأمين هو نوع من أنواع تلك البيوع ،والغرر معناه التغري ر ،يقال غرر به إذا ساقه إلى سوء ،وأوقعه فى مكروه عن طريق الحيلة، والخديعة ،والغش. كما أن الغرر هو فى األصل الخطر ،والخطر هو الذى ال يدرى أيكون أم ال .قال ابن عرفه"هو ما كان ظاهرة يغرو باطنه مجهول .وقال األزهرى بيع الغرر ما يكون على غير عهده .قال وتدخل فيه البيوع التى ال يحيط بكنهها المتبايعان .وقال صاحب المشارف بيع الغرر بيع المخاطرة ،وهو الجهل بالثمن أو المثمن أو سالمته أو أجله. 130 وقال أبو عمر :بيع يجمع وجوها كثيرة منها المجهول كله فى الثمن أو المثمن إذا لم يوقف على حقيقته جملته". والبيوع المنهى عنها من قبل الغبن الذى سببه الغرر ،والغرر يوجد فى المبيعات من جهة الجهل على أوجه: -1أما من جهة الجهل بتعيين المعقود عليه أو تعيين العقد. -2أو من جهة الجهل بوصف الثمن والمثمن المبيع ،أو بقدره ،أو بأجله إن كان هناك أجل. -3أو من جهة الجهل بوجوده أو تعذر القدرة عليه ،وهذا راجع إلى تعذر التسليم. -4وأما من جهة الجهل بسالمته أعنى بقاؤه. وذلك يتبين أن بيع الغرر هو البيع الذى ال يتحقق من نتائجه ،وإنما تكون هذه النتائج متوقفة على أمر مستقبل أو مجهول قد يقع وقد ال يقع. ويقع الغرر أو التغرير فى بعض صور البيع ،وذلك فى بيع المعدوم مثل حبل الحبلى، وبيع السمك فى الماء ،وبيع المجهول المطلق ،والشك أن مثل هذه المبايعات ال تنتهى غالبا ،إال بخالف بين المتبايعين وإثارة العداوة والبغضاء بينهما ،ألنها ضرب من المقامرة والمخاطرة. عن ابن عمر أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم نهى عن بيع الغرر حتى يبدو صالحها، نهى البائع والمشترى. عن ابن عمر قال :نهى النبى صلى هللا عليه وسلم عن بيع الغرر.. وقد أخرج مسلم النهى عن بيع الغرر من حديث أبى هريرة ،وابن ماجه من حديث ابن عباس ،والطبرانى من حديث سهل بن سعد ،وأحمد من حديث ابن مسعود رفعه"ال تشتروا السمك فى الماء فإنه غرر" وشراء السمك فى الماء نوع من أنواع الغرر، ويلتحق به الطير فى الهواء ،والمعدوم والمجهول. عن أبى هريرة رضى هللا عنه أن النبى صلى هللا عليه وسلم ،نهى عن بيع الغرر ،وفى بيع ماال يعرف جنسه أو نوعه غرر كبير. 131 كما أنه فى حديث آخر نهى الرسول الكريم عن الغرر ،وعن بيع المضطر وبيع الثمرة حتى تدرك. مثل هذه المعامالت التى تتعلق نتائجها بالمستقبل المجهول هى مثار فتنة بين الناس، وتقضى المصلحة ،ويقضى العقل قبل الدين باجتنابهها ،والعاقل ال يقدم أبدا عليها ،ألنها تفتح باب شر ال يدرى احد عاقبته. كما أن مثل هذا البيوع تجعل هناك ا ضطرابا فى المعامالت فى البيوع ،بجانب أن الغرر فى البيوع يؤدى إلى عدم المساواة بجانب عدم وجود عدالة بين المتعاملين.. وبالتالى إلى الظلم ،والتفاوت فى الكسب وتكوين الثروات بغير وجه حق. واآلن لننتقل إلى الجزء التالى: -2البديل اإلسالمى لعقود التأمين المعاصرة: إن اقتراح نظام بديل للتأمين يصحح وضع عقود التأمين الحالية ويكفل أن يكون هذا اإلقتراح يتفق مع النظام والشريعة اإلسالمية ،ويتمشى معها ،هذا من ناحية ،ثم يتفق مع متطلبات العصر الحديث والمجتمع المعاصر من ناحية أخرى وإن كنت أقترح تطبيق نظام إسالمى فأنا ال أقترح تطبيق نظام إسالمى وإنما أقدم ما هو موجود أصال فى اإلسالم لكن بما يتفق وروح المجتمع المعاصر وال يصح أن أقترح نظام بديل للنظام التأمينى المعاصر ،إال إذا بينت وأوضحت عقود التأمين الحالية والنظام التأمينى الحالى ..وبناء على ذلك أقوم بتقديم ،البديل ولهذا سيشتمل البحث على: (أ)عقود التأمين الحالية. (ب)البديل اإلسالمى. (أ)عقود التأمين الحالية: سبق أن تعرضت لتعريف التأمين ولذلك سوفل أسرى فقط خصائص عقد التأمين كمدخل: -1أنه من العقود الر ضائية :ينعقد بمجرد توافق اإليجاب والقبول. 132 -2أنه من العقود االحتمالية :بمعنى أنه ليس لكل المتعاقدين تحديد ما يحصل عليه من المنفعة وقت التعاقد ،وهى ال تتحدد إال فيما بعد تبعا لوقوع أمر غير محقق. -3عقد ملزم للجانبين :وهو عقد ينشىء التزامات متقابلة فى ذمة كل من المتعاقدين. -4أنه من عقود المعاوضة :ألن فيه يأخذ كل من المتعاقدين مقابال لما أعطاه. -5أنه من العقود الزمنية. من خالل استعراض التعريف والخصائص التى سبق تناولها يمكن أن نالحظ العيوب التالية: -1أن عقد التأمين من عقود الغرر. -2أن عقد التأمين فيه ربا واضح. -3أن عقد التأمين تكون الشركة وهى التى تقوم بالتأمين هى الجانب األقوى والمتحكم، األمر الذى يبرز استغالل الشركة للمؤمن ومنافاة هذه العيوب للشريعة اإلسالمية. -1شبهة الغرر: أن عقد التأمين عقد إحتمالى بمعنى أن كل من المتعاقدين ال يعلم كم سيأخذ وال كم سيدفع ،فهو عقد متعلق بالمستقبل وبالمجهول الذى ال يعلمه إال هللا ،ولقد نهى الرسول صلى هللا عليه وسلم ،عن بيع الغرر ......وهذا الغرررر يتضح منه أن اإلنسان يدفع أقساط التأمين إلى الشركة مع غيره من المؤمنين ،فإذا وقعت الكارثة ألحدهم تصبح الشركة ملزمة بدفع التعويض كامال بغض النظر عما دفعه المؤمن ،ووقوع الكوارث ال يكون باستمرار وليس لكل الذين يقومون بالتأمين لدى الشركة فهى تقع بنسبة محسوبة إحصائيا ،وإننا نرى أن شركات التأمين ال تدفع تعويضا خالل الكوارث مثل الزالزل مثال ،والنتيجة فى النهاية أن الشركة هى الرابحة ،هذا من ناحية الشركة ،أما من ناحية المؤمن فإنه إذا حدثت له كارثة فإنه سوف يستولى على مبلغ التأمين كامال أو أقل من مبلغ التأمين المتفق عليه فى العقد قبل أن يسدد األقساط ولو حتى بعد تسديد قسط واحد 133 فقط ،فهو يكون قد استولى على مبلغ كبير هو أو ورثته دون وجه حق ،ودون جهد مبذول ،ودون عناء. فى أبعاد شبهة الغرر عن عقد التأمين يقول د .محمد البهى: "إذا عرف أن طبيعة عقد التكافل ،تختلف عن طبيعة عقد البيع فى أن عقد البيع يقوم على مبادلة المنفعة المادية ،بينما عقد التكافل يقوم على سد الحاجات ودفع أثر المصائب والكوارث ،وإذن المشاركة بالمال فى عقد التكافل ال يستلزم حتما مقابال ماديا ،طالما ليست هنا ك ضرورة تدعو إلى ذلك ،والضرورة أو الحاجة من نطاق التكافل تغطى بمقدارها حسبما قدرت ،وليست بالمقابل من المال المدفوع من المؤمن ،وإذا اعتبر اإلسالم "اإلنفاق فى سبيل هللا" "وفى الرقاب وابن السبيل" إسهاما فى التعاون والتكافل اإلجتماعى دون انتظار لمقابل مادى مماثل فإن عقد التأمين صورة من صور التعاون فى سبيل هللا وهى المصلحة العامة ،وإن كانت صورته محدودة ،بجانب ما يؤديه من التخفيف على من وقع عليه الضرر .فإذا أتسع نطاق التأمين رأسيا وأفقيا ،فشمل جوانب عديدة فى حياة اإلنسان ،هنا ال يؤدى عقد التأمين بحال إلى ضرر يصيب أحد طرفى العقد كما أنه ال يقوم على جهل أو جهالة ،بل كل من الطرفين يعلم حق العلم بما تعاقد عليه ،ويعلم مصير العقد نفسه ،والمؤمن من أول األمر يحلل الطرف اآلخر مما له عند كال أو بعضا ،فليس عقد غرر ،وباألحرى هو عقد أمان واطمئننان". ولقد أخذ األستاذ مصطفى أحمد الزرقا على رجل القانون عدهم عقد التأمين من العقود اإلحتمالية ،ذاهبا إلى أن اإلحتمال غير متحقق فى هذا العقد ،ألن محل العقد متعين، وثابت وهو األمان (فالمعاوضة الحقيقية فى التأمين بأقساط ،إنما هو بين القسط الذى يدفعه المستأمن واألمان الذى يحصل عليه). ولقد ذهب بعض الباحثين إلى أن التأمين التجارى اليوم أصبح ضرورة اجتماعية واقتصادية هامة ،وأن األمام قال بجواز الغرر فى العقد – وإن كثر – إذا دعت إليه ضرورة ،وكان معاوضة مالية. ولقد علق أحد الباحثين على هذا ردا على هذه اآلراء بقوله: 134 -1إن التعاون يجب أن يكون بين جماعة المسلمين دون وسيط ،وأن تبادل المساعدات إذا تم مثال عن طريق الدولة أو بيت المال ال يحقق فائدة ،وإذا كان بين الجماعة فتعود األرباح على جماعة المسلمين أنفسهم وليس إلى شركة بعينها ،والتعاون فى مفهومه هو إبعاد استغالل اإلنسان ألخيه اإلنسان ،ولكن شركات التأمين حتى لو كانت ملكا للدولة تحقق أرباحا نتيجة استغالل هذا التعاون فكيف يكون تعاون وفيه استغالل؟ ،والمشرع فى بعض الدول تدخل لحماية الطرف المذعن الذى يوقع على عقد مطبوع ..دليل على أن هذا العقد ال يدخله التعاون ،وهذا ينفى صفة التعاون والتكافل عن عقد التأمين. -2الدول الرأسمالية "وهى الدول التى يعيش فيها التأمين التجارى" قد ألفت أن هذا النظام ليس أمرا ضروريا يجب الحفاظ عليه ،والتمسك به ،بل على العكس نزعت إلى األخذ بالنظام التعاونى "التأمين التبادلى" ومحاربة ذلك النظام ،واعتباره مصدر خطر على اقتصاد األمة. -3عقد التأمين ال خالف عليه بين رجال القانون وفقهاء "التأمين أنه من العقود االحتمالية". ولى بعد ذلك أن أقول فى هذا المعرض: -1أن عقد التأمين طالما فيه غرر (عقد احتمالى) فكيف يتحقق األمان واالطمئننان للمؤمنين. -2طالما أن عقد التأمين فيه غرر فاالستغالل واضح وبين فيه ،وال تعاون فى هذا العقد إطالقا ألنه يحقق االستغالل الكامل وحتى فى حالة تدخل الدولة إذا لم يكن هناك استغالل من جانب الشركة المؤمنة ،فاالستغالل قائم فى العقد نفسه. -3ليس هناك ضرورة تبيح الغرر كما استند بعض الباحثين إلى مقالة اإلمام مالك ،فأين الضرورة فى هذا الغرر ،ونحن أمامنا الطريق الصحيح والسليم لعقد يتوفر فيه األمان واالطمئننا والتعاون وهو التكافل اإلجتماعى الذى شرعه اإلسالم ،وال أرى ضرورة مطلقا إلباحة هذا الغرر ،وهذا االستغالل ،هذا الدفاع المستميت عن عقد خطره كما وضح سابقا حتى البالد التى ترعرع ونشأ فيها. 135 -3شبهة الربا: أن عقد التأمين ربا واضح من أن المؤمن عندما يأخذ مبلغ التأمين (التأمين على الحياة) يأخذه مضافا إليه فوائد لم يتعب فيها ،ولم يتعرض من خالل دفعة المال إلى مخاطر التجارة ،وهذه الفوائد محرمة شرعا ألنها ربا الشك فيه ..هذا من ناحية المؤمن ،أما م ن ناحية الشركة فهى تقوم باستثمار هذه المبالغ المدفوعة لها فى األقراض بفوائد ربوية ،ومعظم استثمارات هذه الشركات فى اإلقرا ض للغير ،فى حاالت التأمين األخرى قد يستحوذ المؤمن على مبلغ التأمين كامال إذا وقعت الحادثة المؤمن ضدها نظير عدة أقساط أو حتى قسط واحد ،وهذا ربا واضح ،كما أن الشركة قد تستحوذ على األقساط المدفوعة كلها دون أن تدفع شيئا إذا لم يقع الحادث. وهناك من يهب للدفاع عن هذه الشبهة مرة بأن العقد عقد تكافل اجتماعى ،ومرة أخرى، بأن العقد عقد تعاون ،وأن الربا ليس موجودا فى هذا العقد ،بمعنى آخر وهو الذى يرمون إليه أن الربا حصر فى مواد ستة هى الذهب ،الفضة ،البر ،الشعير ،التمر ،البلح، وأن هذه المواد قياسا عليها األن مثل الذرة أو األرز ....الخ "فكان ال ربا فى عقد التأمين من ناحية الفوائد التى يأخذها المؤمن فى نهاية المدة ....أو قبل نهايتها "والشركات أموالها توظ فها فى االستثمار وخاصة العقارات والمشروعات ،كل هذا ال ينفى شبهة الربا عن عقد التأمين ...كما أنه "الضرر وال ضرار" طبقا لحديث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،من جراء هذا العقد وإنما هو تعاون وتكافل وأمان. كما ذهب أحد فقهاء التأمين إلى القول بأن عقد التأمين على الحياة أقرب العقود شبها بعقد المضاربة ،وذكر بأنه إذا اعترض على ذلك بأن الربح فى المضاربة غير محدد فى التأمين محدد؛ وأن الشركة تستغل أموالها بطريق غير مباح مثل اإلقراض بالفائدة، أجيب بأن كون الربح فى المضاربة نسبيا ال قدرا معينا ليس حكما مجمعا عليه ،وأما اإلقترا ض بالفائدة فإنه محرم سدا للذريعة ،وقد قرر الفقهاء أن ما حرم سدا زريعا يباح عند الضرورة تعليقا على هذا وردا عليه أقول بأن هناك من نفى كل ما سبق. فيقول األستاذ الدكتور مصطفى زيد :الواقع أن عقد التأمين كان يمكن أن يكون من عقود المضاربة لوال أمران :أولهما أن طبيعة المضاربة تقتضى إالشتراك فى الربح أو الخسارة ،وليس فى طبيعة عقد التأمين أن تعرض للخسارة ،والثانى أنه من شروط المضاربة أن يكون الربح نسبيا غير محدد. 136 كما علق األستاذ اإلمام محمد أبو زهرة على عقد التأمين :وأنه رفض رفضا باتا قياسالتأمين على المضاربة ،وقال عن فوائد التأمين :أنها ليست من قبيل الربا الذى حرم سدا للذريعة وإنما هو ربا النسيئة وهو ربا الجاهلية ،وقد أجمع العلماء على أن كل زيادة فى الدين تظهر األجل هو من قبيل الربا. وهذا بوضع قطعا كيف أن عقد التأمين عقد تشوبه شبهة الربا الذى تحرمه الشريعة اإلسالمية تحريما قاطعا. وأخيرا نورد رأيا لألستاذ الشيخ أحمد ابراهيم يؤيد ما سبق خالصته :أن عقد التأمين على الحياة ال موازنة بينه وبين عقد المضاربة المشروعة ،وأن ذلك العقد فاسد شرعا، ألن عنصر الربا متحقق فيه ،كما أن حصول الورثة على مبلغ التأمين ،قبل أداء األقساط جميعها مقامرة ومخاطرة. ولى أن أقول فى معرض هذا الحديث: -1يظهر من الشرع أن تحريم الربا ،إنما هو لمكان الغبن الكثير الذى فيه .وأن العدل كما قال "اإلمام ابن رشد" فى المعامالت إنما هو مقاربة التساوى ،ولذلك لما عسر إدراك التساوى فى األشياء المختلفة الذوات جعل الدينار والدرهم لتقويمها":أعنى تقديرها" وهذة المقالة واضحة وتدل على أن الربا الواضح فى عقد التأمين ال يحقق العدالة ،كما أن شركة التأمين تأخذ األموال واألقساط ،من األفراد فى حالة أنواع التأمين غير التأمين على الحياة إذا لم يقع الحادث دون وجه حق ،كما أن المؤمن يأخذ األموال قبل أن يفى باألقساط دون وجه حق أيضا. -2روى األئمة واللفظ للدار قطنى عن اإلمام على رضى هللا عنه قال " :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم "الدينار بالدينار ،والدرهم بالدرهم ،ال فضل بينهما ،من كانت له حاجة بورق فليصرفها بذهب ،وإن كانت له حاجة بذهب فليصرفها بورق هاء وهاء". وهذا دليل على أن اإلسالم عندما عدد المواد الستة (بالغة الذكر) لم يبح أن يقع الربا فنما دونها ،وحديث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قاطع فى ذلك. -3أن الربا فى عقد التأمين فيه استغالل وعدم أمان ،وعدم تكافل وهذا يشكل خطرا على المجتمع القائم فيه التأمين من هذا النوع ،،أعنى أنها المقامرة بعينها. 137 -3شبهة االستغالل: أن شركات التأمين هى الجانب األقوى والمتحكم ،بسبب القوانين التى تسير عليها شركات التأمين ،فهذه القوانين ال يراعى فيها مبدأ تحقق المساواة بين الطرفين تحققا كامال ،وهى فى مصلحة الشركات غالبا ،وهذا يؤكد خصيصة اإلذعان فى عقد التأمين، مثل أنه إذا أدت ظروف إلى زيادة الخطر ،فإن المستأمن من ملزم بزيادة القسط ،ليظل التناسب قائما بين القسط والخطر ،ولكن إذا حدث أن نقص الخطر فليس للمستأمن الحق فى تخفيض القسط....وإذا عجز المستأمن عن دفع األقساط خالل مدة التأمين فإن الشركة ترتب على ذلك وقف أثر العقد حتى لو وقع الخطر المؤمن منه. وهناك من يقول إن التأمين فى ظل التأميم وسيطرة الدولة وملكيتها لشركات التأمينتبعد عن عقد التأمين شبهة الغرر ،الربا ،االستغالل ...ولكنى أقول إن الدولة صحيح أنها تتدخل لحماية المستأمن من استغالل الشركة وتقف بجانبه بشتى الطرق ،ولكنها تصبح عاجزة عن منع الغرر والربا ،وأعتقد أن الوضع ال يختلف كثيرا عنه فى الشركات الخاصة سوى فى نقطة واحدة وهى عدم االستغالل ونشر مظلة التأمين على الجميع. واآلن لننتقل إلى النقطة التالية: ب-البديل اإلسالمى: نأتى اآلن إلى البديل الذى يتناسب مع المجتمع المعاصر من جهة ،والشريعة اإلسالمية من جهة أخرى ،وفى رأيى أن البديل ينقسم إلى قسمين: القسم األول :التأمين التبادلى: وهو قائم فى العصر الحاضر ،بمعنى أن هذا النوع من التأمين موجود فى العصر الحاضر...والتأمين التبادلى :هو عبارة عن المشروعات التعاونية Co-operative ، Enterprisesكما يطلق على هذة المشروعات اسم مشروعات العضوية Membership Organizationويقصد بها تلك المشروعات التى تعارض عمليات التأمين بقصد تقديم الخدمة لألعضاء أصال ،وبدون السعى فى سبيل تحقيق Proprietary Enterprises الربح كما هو الحال عادة فى الشركات الممتلكة 138 ومن المميزات الرئيسية للمشروعات التعاونية أن القائمين بإدارتها هو األعضاء أنفسهم، وهؤالء األعضاء ال يقومون عادة بدفع أجزاء فى رأس المال ،إذ أن رأس المال غير موجود أصال فى هذ ا النوع من المشروعات ،ويترتب على ذلك اندماج شخصية المؤمن والمستأمن فى شخص واحد هو عضو الهيئة والذى تندمج فيه بالتبعية مسئولية المؤمن والمستأمن ،وتكون مسئوليته عادة وعلى وجه العموم غير محدودة إذا ما قورنت مسئولية المؤمن والمستأمن فى المشروعات الممتلكة. ويظهر مما سبق أن العضو المستأمن فى المشروع التعاونى يطلب الضمان من غيره من األعضاء فى نفس المشروع ،وفى نفس الوقت يضمن األعضاء اآلخرين إخطارهم بصفته عضوا فى المشروع ،ولذلك يطلق على عملية التأمين التعاونى عادة لفظ التأمين التبادلى. ومشروعات التأمين التعاونى تعمل بدون رأس مال ،كما أنها ال تعمل بقصد الربح، وهى عبارة عن مشروعات يشترك فيها األعضاء الذين يتعرضون لخطر واحد مثل خطر الحريق ،وخطر الحوادث ...الخ وهم فى هذه الحالة عندما يقع خطر ألحد األعضاء يقومون بالماهمة فى تغطية نتيجة الكارثة التى وقعت لهذا العضو سواء عن طريق حصص يدفعونها بعد تقدير الخسائر ،أو حصص مقدمة حتى يغطوا الخسائر التى وقعت ،وإذا حدث فى نهاية العام فائض يقسم بين األعضاء .على أن هذه الهيئات أو المشروعات ال تقوم بقصد الربح إطالقا فهى تقوم فى مواجهة استغالل شركات التأمين ولتحقق التعاون. ومن عجب أن ال نشاهد أثرا لتلك المشروعات أو الهيئات فى مصر أو الدول اإلسالمية، ومن عجب أيضا أن نشاهد أن تلك الهيئات أو المشروعات نشأت فى انجلترا والواليات المتحدة وبقية الدول العربية ،ولقد كان أولى بنا أن تكون لدينا هذه الهيئات ،وبدال من شركات التأمين المستغلة حتى لو كانت مؤممة ،وعقود التامين التى تتعارض تماما مع الشريعة اإلسالمية. وإذا عن الدول اإلسالمية تطبيق هذا النظام فإن لى أن أقترح اسلوب عمل لهذه الهيئات فى إطار الشريعة اإلسالمية ،وهذا األسلوب هو أن تقوم هيئات للتأمين التبادلى تجمع أعضاء المهن الواحدة والمتشابهة ،أو األعضاء الذين يتعرضون لخطر واحد .ويقوم كل عضو فى بداية كل عام بدفع حصة معينة وثابتة ومتساوية مع بقية زمالئه األعضاء ،لكى تكون هذه الحصص حاضرة لتغطية الخسائر إذا وقعت ،ولكى تعوض 139 العضو المصاب بالخسارة فورا ،وهذه الحصص مخصصة لتغطية األخطار التى يتعرض لها األعضاء ،وإذا لم تكف تلزم األعضاء بدفع حصص أخرى خالل العام، على أنه قد يصبح هناك فائض فى نهاية العام من هذه الحصص ،وال أرى أن يوزع هذا الفائض بل تقوم الهيئة باستثماره فى المشروعات االستثمارية عن طريق المشاركة (المضاربة) لتحقق المنفعة لالقتصاد القومى ولألعضاء أيضا ...على أن تودع األرباح الناتجة عن هذا االستثمار صندوق الهيئة لالنفاق منه بسخاء لمقابلمة أية خسائر تقع، وإذا زاد رصيد هذا الصندوق بحيث يكفى تغطية كل الخسائر فقد يعفى كل األعضاء من دفع حصص أخرى....وعلى هذا تحقق هذه الهيئة عدة أهداف وهى: -1تحقيق األمن واألطمئننان ألعضاء الهيئة وتغطية الخسائر التى يتعرضون لها. -2عن طريق استثمار أموال الهيئى تتحقق الفائدة والنفع لالقتصاد القومى ولشركات االستثمار بالتالى. -3تحقيق الفائدة لألعضاء فى صورة تخفيض حصصهم فى الهيئى أو عدم دفعها لعدة أعوام. -4عدم سعى هذه الهيئات لتحقيق أى ربح – إذ أنها قائمة أساسا بقصد تقديم الخدمة ألعضائها – يشجع أعضاء المجتمع كله على التسابق فى االشتراك فيها...مما يؤهلها لتحقيق األهداف السابقة. وبعد :فإنى أرى أن قيام هذا النوع من الهيئات بجانب تحقيقه لألهداف السابقة ،فإنه يكون أولى من التأمين الذ ى يشوبه شبهات الربا والضرر واالستغالل التى تغير الوجه اإلسالمى للمجتمع. القسم الثانى :التكافل اإلجتماعى فى اإلسالم: إن المجتمع اإلسالمى الصحيح هو مجتمع التكافل والتعاون كما وصفه رسول هللا صلى عليه وسلم فى قول " مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر األعضاء بالسهر والحمى ". واإلسالم قد قرر حصة من الزكاة للفقراء والمساكين كما قرر حصة للغارمين وهم التجار المدينون فى غير معصية ويعجزون عن السداد ،فيقوم بيت المال بسداد دينهم نيابة عنهم من حصة الزكاة. 140 وهنا نأتى إلى نقطة هامة وجوهرية وهى لب هذا البحث ،فإذا كنا نبحث عن المبالغ التى تجمعها شركات التأمين إلعادة استثمارها فى المشروعات ..فاألولى أن نسلك الطريق القويم" وهو الزكاة.. إن فى الزكاة فائدة كبرى عند جمعها...وعلى كل إنسان أن يدفعها ..وعلى الدولة أن تنشىء صندوقا أو هيئة لجمع الزكاة وصرفها فى مصارفها ..وبدال من أن نستثمر أموال التأمين سواء بالفائدة أو القروض .نستثمر أموال الزكاة مباشرة عن طريق الدولة بال فوائد أو قروض ،وذلك بأن تقوم هيئة متخصصة لها فروعها بجمع الزكاة فى كل محافظة وكل قرية ،وبعد أن تجمع الزكاة بشرط أن يكون القائمين عليها من غير خربى الذمة ...توزع الزكاة فى مصارفها الشرعية ثم يخصص جزء "الغارمين" فى االستثمار عن طريق المشاركة (المضاربة) باإلضافة إلى الجزء الذى يفيض بعد توزيع الزكاة فى االستثمار فى إقامة المشروعات الصناعية والزراعية والتجارية ..الخ وبذلك نكون قد حققنا عدة أهداف هى: -1تحقيق وعودة الشريعة اإلسالمية وتطبيقها ،وتحقيق العدالة اإلجتماعية ،وإعادة الوجه اإلسالمى للمجتمع المسلم مرة أخرى. -2تحقيق التعاون والتكافل اإلجتماعى بصورة أكثر اشراقا ،بحيث يعود بالنفع على كل أعضاء المجتمع دون أن يشتركوا فى شركات التأمين ،وذلك عن الطريق اإلسالمى وتطبيق الشريعة اإلسالمية ،وال بأس أن ينشأ أعضاء المهن المتشابهة هيئات تأمين تبادلى فيما بينهم للمساعدة فى تأمين األفراد على حياتهم وأموالهم وممتلكاتهم. -3إبعاد شبهات الربا والغرر واالستغالل عن المجتمع اإلسالمى ،بإنشاء صندوق أو هيئة جمع الزكاة إلنفاقها فى مصارفها الشرعية التى حددها القرآن الكريم. -4استثمار أموال الزكاة بالطريق اإلسالمى الصحيح فنحقق فوائد للمجتمع اإلسالمى وهى الرفاهية وارتفاع مستوى المعيشة والتقدم الذى ننشده جميعا. إن فى اإلعتماد على هيئة الزكاة المقترحة دمج لهذه الفوائد وتحقيق الشريعة اإلسالمية بما يغنينا عن تقليد الغرب سواء الرأسمالى أو االشتراكى ونسير فى نفس الطريق الذى 141 سار فيه الرعيل األول ومن تبعهم وجعلوا من األمة اإلسالمية إمبراطورية قوية تملك دوال فى القارات الثالثة. وقد صرح فضيلة الشيخ محمد علوانى رئيس لجنة الفتوى باألزهر ..بأن لجنة الفتوى باألزهر الشريف أفتت ":بأن التأمين بجميع أنواعه حرام ألنه مقامرة واستغالل ،أما المقامرة فألنه يرد ما يأخذه بين أن يموت أو يبقى لنهاية عقد التأمين ،ويستحق على كل مخصوصا وهذا مقامرمة أما اإلستغالل فإن شركات التأمين تعمل حسابا احتماليا لعدد الموتى فى أى سنة وتبالغ فيه...هذا بالنسبة للتأمين على الحياة. وأما أنواع التأمين األخرى كالتأمين على السيارات والبضائع فإن الشركة لم تعمل من جانبها شيئا بالنسبة لسالمة هذه األشياء ،فاستحقاقها المال على هذا يكون بغير وجه شرعى ،وترى اللجنة أن البديل للتأمين هو أن تجعل شركة مساهمة بطريق التعاون يقوم على إدارتها بعض المساهمي إذا أصيب بحادثة موت أو جائحة مالية فأنه يأخذ من مال الشركة مقدارا معينا ليسد به حاجته وهللا تعالى أعلم". ثالثا :األسواق بالوصول إلى نقطة البورصات أكون قد وصلت إلى آخر أدوات التمويل التى أخترتها فى تحثى ،لتكون مجاال للبحث فى كيفية تطوير هذه األدوات لتساير الشريعة اإلسالمية من جهة والعصر الحاضر من جهة أخرى وفى بحثى فى البورصات اخترت البورصات بوجه عام. وفى بحثى للبورصات داخل النطاق اإلسالمى ،سوف أبحث النقاط التالية: -1البيع اآلجل -2التنظيم اإلسالمى للبورصات الحالى. (أ) نشاط البورصات الحالى (ب)التنظيم اإلسالمى للبورصات 142 -1البيع اآلجل: سوف أتكلم عن البيع اآلجل باعتبار البورصات سوقا للبيع اآلجل " عن عائشة رضى هللا عنها أن النبى صلى هللا عليه وسلم اشترى طعاما من يهودى إلى أجل ورهنه درعا من حديد". عن ابن عباس رضى هللا عنهما قال "قدم النبى صلى هللا عليه وسلم المدينة وهم يسلفون فى الثمار السنة والسنتين فقال صلى هللا عليه وسلم :من أسلف فى ثمر – وفى رواية أخرى -فى شىء فليسف فى كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم". هذا الحديثان يوضحان العقد المسمى بعقد السلم ومعناه السلف وزنا ومعنى ،وهو عقد موصوف فى الذمة مؤجل بثمن مقبوض فى المجلس .ويشترط له ما يشترط للبيع إال أنه يجوز فى المعدوم. سئل عبد الرحمن ابزى وعبد هللا بن أبى أوفى عن السلف فقاال: كنا نصيب المغانم مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فكان يأتينا أنباط الشام فننسلفهم فى الحنطة والشعير والزيت إلى أجل مسمى ،قال السائل قلت :أكان لهم زرع أو لم يكن لهم زرع؟ قاال :ما كنا نسألهم عن ذلك. ولقد اتفق العلماء على امتناع السلف إلى أجل فيما ال يثبت فى الذمة وهى الدور والعقار. وأما سائر ذلك من العروض والحيوان فاختلفوا فيها. هذا يوضح أن الفقهاء قد أدركوا معنى حديث الرسول الكريم وتناوال هذا الموضع بتوسع ،بدليل اتفاقهم على أشياء واختالفهم على أشياء أخرى. ولقد قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم " من أسلم فى شىء فال يصرفه فى عيره". ولقد قصد الرسول الكريم إلى أنه إذا تم السلف فى شىء فإنه يوجب على من أخذه أن يرد مثله ،وال يرد غيره. ولقد انتشر البيع اآلجل فى األسواق اإلسالمية ،ألنه من جهة يسهل البيع ،ومن جهة أخرى إذا لم تكن األموال حاضرة فان÷ يسهل على المتعامليه االتجار دون توقف ،كما 143 أنه من ناحية ثالثة أداة لتصريف السلع والبضائع كما أنه يسهل التعامل وال يجعل هناك تعقيدات فى السوق. ولقد كان اإلسالم أسبق من غيره فى إنشاء هذه األسواق التى تسهل على الناس وتيسر عليهم تعاملهم. وقد رخص لإلسالم فى هذا العقد للحاجة إليه تيسيرا على الناس ورفعا للحرج عنهم ومراعاة لضروراتهم "الضرورات فى اإلسالم تبيح المحظورات". ويشترط فى هذا العقد سبعة شروط هى : -1أن يكون فيما يمكن ضبط صفاته من المكيل والموزون من حبوب وغيرها. -2أن يصفه بما يختلف به الثمن ظاهرا ،فيذكر جنسه ونوعه فيقول فى التمر مثال برنى أو معلقى ونحوهما. -3أن قدره بالكيل فى المكيل والوزن فى الموزون والذراع فى المذروع والعد فى المعدود. -4أن يشترط أجال معلوماته له وقع فى الثمن عادة كالشهر. -5أن يكون المسلم فيه عام الوجود فى محله سواء كان موجودا حال العقد أو معدوما. -6أن يقبض رأس ماله فى مجلس العقد أو ما فى معنى القبض. -7أن يسلم الذمة فإن أسلم فى عين لم يصح ألنه ربما تلف قبل أوان تسليمه. هذا هو عقد البيع ألجل أو كما يسميه الفقهاء عقد السلم وهو جائز عند أغلب الفقهاء حتى ولو كان الشىء معدوم فى هذا العقد فقط. -2البديل اإلسالمى للبورصات الحالية: فى هذه النقطة سوف يكون لزاما على أن أبحث قبل أن أتحدث عن البديل اإلسالمى – عن البورصات الحالية وعملها ،لذلك سوف ينقسم البحث هنا إللى : 144 (أ)نشاط البورصات الحالية (ب)التنظيم اإلسالمى ولسوف أقوم هنا بشرح لكل نقطة. (أ)نشاط البورصات الحالية: أن العمل فى البورصات يقوم على أسس تنظيمية لتعطى للبورصات وضعها وأهميتها كأداة فى التعامل ،وال شك أن هذا النوع من البورصات يرشد المدخر بفضل العمليات التى تاإل عقد فى مساحتها ،واألسعار التى تحددها إلى قيمة السكوك موضوع التعامل وإلى اإلمكانيات المتاحة لرؤؤس األموال ،وهى تساعد بوجه خاص إلى تنبيه األذهان إلى اإلتجاهات العامة فى التنبؤات. والبورصات فى الحقيقة تولد فيها قوى اإلنتاج وتنمو ثم تتالشى طبيعيا ،فهى تعتبر المركز الذى يتم فيه تجميع التذبذبات التى تحدث فى الكيان االقتصادى وتسجيلها ،والذى تنطلق منه االنتفاضات التى تحكم تحركاته. فضال عن ذلك فللبورصة ميزة أخرى عظيمة هى ضمان سيولة أموال المستثمر المتداولة. والبورصات تقوم على التنظيم القانونى الذى تضعه الدولة ،وفى جمهورية مصر العربية يوجد مثل هذا التنظيم القانونى ،فقبل قوانين التأميم " "1961كانت توجد قوانين صدرت لتنظيم أعمال البورصة وخاصة بعد ثورة 1952وهذه القوانين هى على التوالى: -1قانون رقم 326لسنة 1952فى شأن التعامل فى األوراق المالية. -2قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 161لسنة 1957بالالئحة العامة لبورصات األوراق المالية. هذه القوانين وما تالها من مذكرات تفسيرية ولوائح منظمة تنظم أعمال البورصة ..ولقد توقف التعامل فى البورصة تقريبا فى مصر بعد عام 1961نتيجة قوانين التأميم ،ولكنه بعد اإلنفتاح االقتصادى بعد عام 1973بدأ النشاط والحيوية يدبان من جديد فى بورصة 145 األوراق المالية ،وإن كانت هناك معوقات تعيق تطور البورصة لتأخذ مكانها الطبيع من ضمن أدوات التمويل ،ولكن حركة التطور كافية بإزالة هذه المعوقات. ويوجد فى البورصة نوعان من العمليات وهما: -1العمليات العاجلة: هذه العمليات ال تشتمل على أى أجل إال بالنسبة لتسليم األوراق المالية أو البضائع موضوع التعامل ،وال بالنسبة لدفع الثمن ،فهى تنفذ فى مدى مهلة قصيرة جدا. وهذا ا لنوع من العمليات يعنى األشخاص الذين يريدون تسلم وتسليم األوراق المالية أو البضائع موضوع التعامل وخصوصا المدخرين. -2العمليات اآلجلة: هذه العمليات تتضمن اشتراط ميعاد معين لتسليم البضائع أو األوراق المالية موضوع التعامل ودفع ثمنها ،وهى تعتبر من أعمال المضاربة التى غالبا ماال تتوافر فيها نية التسليم أو التسلم ،فالمشترى ألجل يأمل أن يرتفع السعر قبل انقضاء األجل فيعيد بيع ما اشتراه ويحقق الفرق بين السعرين ربحا كذلك البائع بأجل يأمل على العكس أن يهبط الثمن خالل األجل فيعيد شراء األوراق المالية أو البضائع بأسعار مجزية. وتحدد عادة بعض أيام فى الشهر تجرى فيها كل بورصة عمليات التسوية أو التصفية. وفى الصفقات اآلجلة يكون المشترى عادة فى موضع أفضل من البائع ،ذلك أن المشترى ال يكون عليه عند حلول إال تدبير المال الالزم الستالم األوراق أو البضائع، أما البائع فعليه أن يجد األوراق أو البضائع من النوع المعين الذى باعه ،فإذا ما كانت تلك األوراق أو البضائع بين يدى المشترين ويرفض هؤالء التخلى عنها وجد البائعون على المكشوف أنفسهم فى حالة اختناق ،تضطرهم الستعاضة مركزهم بأثمان باهظة. وهذا النوع من المضاربة الزم وضرورى ..ألن الغرض األساسى من وجود البورصة هو تيسير توظيف األموال بقصد الحصول على إيراد ،وبجانب هذا يتم فيها أيضا عمليات مضاربة ،وهناك اعتقاد راسخ عند الجمهور يخلط بين المضاربة والمقامرة وهذا خطأ. 146 فبينما الرأسمالى الحريص الذى يسمى رب العائلة ال يوظف أمواله إال فى سندات الحكومة أو أسهم المشروعات القديمة المستقرة ،يسعى المضارب بالعكس إلى المشروع الذى قد يحدث فيه انتفاضة ،حيث ينتج بدال من تحقيق إيراد أو فائدة كسب أو خسارة رأس المال ،فالمضابة تقوم على المخاطرة بالشك ،ولوالها لما قامت مشروعات جديدة، فالمضاربة وحدها هى التى تمول استغالل المكتشفات الحديثة. والمضاربة الزمة جدا الستمرار العمل فى البورصة ،وكل محاولة عملت بمعرفة الحكومات إلبطالها كان نصيبها الفشل. ولكن المضاربة قد تخرج أحيانا عن وظيفتها وتتخذ شكل المقامرة ،فهى قد تتطور بفعل المصالح الفردية البحتة وبوسائل ممقوتةوغير مشروعة للتأثير على األسعار ،وهذا الشكل يؤدى إلى اإلخالل بموازين األسعار ،ويجعل البورصة أقرب إلى ناد للميسر يؤمه المقامرون ،ويقصدون إلى ذلك االنتفاع من تقلبات األسعار المفتعلة هبوطا وارتفاعا. والتعامل على الصفقات اآلجلة فى البورصة قد تنطبق عليها أركان هذا العقد(عقد السلم) من أنه بيع شىء معلوم إلى أجل معلوم ،ولكن ينقصها أهم أركان هذا العقد وهو نية تسليم المبيع. والشك أن المضاربات التى تجرى فى تلك البورصات والثروات التى تتبخر فى ثوانى، والمؤامرات التى تحاك داخل هذه األسواق الحتكار بعض الصفقات ،أو األضرار ببعض األشخاص حتى أطلق على هذه األسواق أحيانا (بيت الميسر). فإذا أعدنا إلى حكم اإلسالم فى مثل هذه المعامالت نجد أنه يحرمها تحريما قاطعا ،منعا للضرر بالناس والغرر ،فعن حكيم بن خزام أنه قال :يارسول هللا يسألنى المرء البيع ليس عندى ما أبيعه منه ثم أبتاع له من السوق ،فقال عليه الصالة والسالم " ال تبع ما ليس عندك" وفى رواية أخرى " ال تبع بيعا حتى تقبضه". وعن زيد بن ثابت أنه قال :نهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن تباع السلع حيث تباع حتى تحوزها التجار إلى رحالهم". وهذا يوضح بجالء حرص رسول اإلسالم والشريعة اإلسالمية من إبعاد شبهة االحتيال والمقامرة عن األسواق وعن المعامالت ،والواقع أن المضاربة مجال فسيح للمغامرة فى 147 طلب الثراء العريض من أقرب الطرق وحيث تكون المغامرة ،وتكون دوافع االحتيال والنصب أقوى األسلحى وأفعلها فى يد المغامرين ،وكم وقع على مسرح البورصة من "خبطات" جرت الخراب على الناس ،على حين هيأت الثراء الواسع لفئة قليلة من المغامرين المقامرين. والشريعة اإلسالمية تنكر هذه المقامرة ،وهذا المنكر وتضرب على أيدى المتلبسين به حماية للمجتمع ،ودفعا للنتائج الخطيرة المترتبة على إفقار الناس وأكل أموالهم بالباطل، وتالعب بأموال المدخرين ،والذين يدفعون برؤوس أموالهم يبغون تشغيلها من أجل االقتصاد ومن أجل استغالل المشروعات الجديدة. واإلسالم كما وضح من األحاديث السابقة الذكر يحرص على أن ينقى سوق التعامل من الشوائب التى قد تشوبه ،ومن التالعب والمقامرة ،لذلك وضع الحدود واستن القواعد التى تحمى المتعاملين فى هذه السوق من التالعب مع الجشعين. ب-التنظيم اإلسالمى للبورصات: رأينا كيف تسير البورصة ،والقوانين المنظمة لها ...ومن خالل هذا العرض أرى أن البورصات سوق صالحة للتعامل والمعامالت فى الدول اإلسالمية ،ولكن ال بد من إدخال بعض التنظيمات عليها حتى تكون متمشية مع السوق اإلسالمية. والبورصة لها شروط وهى: -1وجود مكان معلوم -2اتصال البائعين والمشترين بسهولة ويسر -3اتجاه أثمان السلع نحو التساوى أو إتخاذ وضعها السليم بسرعة وسهولة. -4الحرية التامة بين المتعاملين. وأنى أرى أن السوق اإلسالمية من خالل أحاديث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لها نفس الشروط التى للبورصة فهى: 148 -1وجود مكان معلوم: حدثنا موسى بن اسماعيل قال ،عن عبد هللا رضى هللا عنه قال كنا نتلقى الركبان فنشترى منهم الطعام ،فنهانا النبى صلى هللا عليه وسلم أن نبتاعه حتى يبلغ السوق. وهذه حقيقة تظهر أنه البد من التعامل داخل مكان محدد ،وفى مكان معلوم. -2اتصال البائعين والمشترين بسهولة وسرعة: من الحديث السابق نرى أنه مادام هناك مكان معلوم للتعامل وهو السوق فال بد أن يلتقى فيه البائعون والمشترون ،باإلضافة إلى ذلك فما دام هو معلوم فااللتقاء سهل بين البائع والمشترى. -3الحرية التامة بين المتعاملين: قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم "المتبايعان بالخيار كل واحد منهما بالخيار على صاحبه مالم يتفرقا". فى هذا الحديث يوضح لنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه من آداب التعامل فى السوق ،الحرية التامة بين البائع والمشترى ،فهذا يعرض الثمن أو السلعة وهذا يقبل أوال يقبل ،فلكل الحرية. -4اتجاه أثمان السلع نحو التساوى واتخاذ الوضع السليم بسرعة وسهولة: فى حديث موسى بن اسماعيل يتضح فيه أن النهى عن التعامل خارج السوق كان لغرض ،وهو أن يعرف الركبان األسعار بالسوق ويبيعون على هذا أألساس ،وهذه ميزة السوق هى أن تجعل أثمان السلع أو الصفقات موضع التعاقد معروفة وظاهرة وواضحة. مما سبق يتبين لنا كيف أن اإلسالم يتفق مع المدنية الحديثة وأن البورصات كانت مستخدمة ،وإن كانت ليست بهذا التطور. ولكن هناك المضاربة التى تعسكر صفو هذا السوق ،وال أقصد المضاربة التى تبغى صالح االقتصاد القومى ألن المضاربة فى حد ذاتها عالمة جيدة على التنبؤ بالمستقبل – ولكنها أحيانا تخرج عن المفهوم وتتحول إلى المقامرة ،وهذه ال بد من الوقوف أمامها 149 لمنع اضطراب السوق ،واهتزاز االقتصاد القومى ألن البورصة تعتبر جهاز التمويل واالستثمار. لهذا أرى: -1أن تدخل الحكومة فتحدد فى البورصة األسعار الدنيا والعليا ،وهى التى تتأرجح بينهما األسعار ،وهنا نطمئن إلى عمليات المضاربة على فروق األسعار تجرى حسب طبيعة السوق ،ودوافع العرض والطلب وأن الصفقات الصورية ال يقع منها إال القليل النادر الذى ال يؤثر على السوق. -2فى حالة ارتفاع األسعار وانخفاضها بالنسبة ألسهم الشركات وسلعها فعلى الشركة التى ارتفع السعر أو انخفض لديها ،أن تقدم تقريرا خالل مدة معينة (تكون مسئولة مسئولية كاملة عنه) عن سبب ارتفاع أو انخفاض أسعار األسهم أو السلع ...ويظهر إن كان هناك تالعب أوال عند تقديم حساب األرباح والخسائر ،والميزانية فى نهاية العام. -3يجب على الحكومات اإلسالمية أن تخصص أجهزة رقابة على الشركات التى تتعامل فى البورصة ،حتى ال يتالعب رؤسائها أو مديروها فى الميزانيات فيؤثروا على األسعار فى البورصة ويستفيدوا هم وأتباعهم من فروق األسعار. -4هذا بجانب أحكام الرقابة على البورصات بصفة عامةعلى المتعاملين فيها ،حتى ال يحدث تالعب بها ،وحتى يأمن المتعاملين شر تقلبات األسعار المخيفة نتيجة المضاربة السيئة ،وحتى تؤدى تلك األسواق دورها كجهاز للتمويل واالستثمار... وبعد هذا العرض ألدو ات التمويل التى اخترتها وهى البنوك ،وشركات التأمين ، البورصات. أنتقل إلى المبحث الثانى واألخير وهو نهاية هذا البحث ويبحث فى مصادر التمويل فى ظل اإلسالم (الداخلية والخارجية) وبحث وضعها فى ضوء الشريعة ،ومطلبات العصر الحديث من جهة أخرى. 150 المبحث الثانى طريق اإلسالم لمصادر تمويل المشروعات فى المبحث السابق تناولت بالتفصيل أدوات التمويل من منظور إسالمى ،ولعل أدوات التمويل السابق ذكرها ليست وحدها هى التى تلعب الدور الهام فى التمويل ،ولكن توجد مصادر المشروع التمويلية .وهذه المصادر أما أن تكون ذاتية أى داخل المشروع نفسه ويكون اعتمادها على أموال أصحاب المشروع ،ولكن لما كانت ظروف السوق والمعامالت تجعل أصحاب المشروع مضطرين لاللتجاء إلى مصادر أخرى ،فإنهم يلجأون إلى المصادر الخارجية ،وعلى ذلك فإن مصادر تمويل أى مشروع تتكون من: أوال :المصادر الداخلية (الذاتية) ولسوف أت ناول المصادر الداخلية أو الخارجية من منظور إسالمى أيضا لعدد من المشروعات هى: -1المشروع الفردى -2شركات المساهمة -3الشركات العامة -4الجمعيات التعاونية 151 أوال :المصادر الداخلية (الذاتية) المصادر الداخلية تختلف حسب نوعية المشروع وتختلف حسب النظام االقتصادى ا لقائم ،ولسوف أتناول المصادر الداخلية لعدد من المشروعات من وجهة نظر الشريعة اإلسالمية وهى: -1المشروع الفردى: هو عبارة عن مشروع يمتلك الفرد رأس ماله وهو وحده المتصرف فى هذا المال ،وهو المتصرف فى إدارة المشروع ،وكما ذكرت من قبل أن المشروع الفردى أجيز فى اإلس الم وأباح استثمار المال بشرط أن يكون فى نواح مشروعة ،وأبيح لهذا المال العمل وتحقيق األرباح والتعرض للخسارة. لهذا فإنه ال توجد أية موانع من وجهة نظر الشريعة اإلسالمية تقف أمام رأس المال الفردى. -2شركات المساهمة: ذكرت من قبل الشركات المساهمة وكيفية عملها وتقسيم رأس مالها ولقد أشرت أيضا أن شركات المساهمة تشبه شركات العنان .على هذا فإن أعمال هذا النوع من الشركات حالل من وجهة نظر الشريعة اإلسالمية كما أن أرباح هذه الشركات حالل طالما أن رأس مالها يتعرض للربح والخسارة ،وعلى هذا فإن أسهم هذه الشركات غير محرمة شرع ا ،ألنها متفقة مع ما جاء به الشرع ،وهذا النوع من الشركات فى سبيل زيادة رأس ماله يلجأ إلى مصدر آخر وهو االحتياطيات وقد سبق أن ذكرتها ،ومادامت هذه األموال تهدف إلى تقوية المركز المالى للشركة ،وتعمل عمل رأس المال وتتعرض للمخاطرة فهى تتمشى مع ما جاء به الشرع. ويوجد مصدر ثالث لتقوية مركز الشركة المالى أال وهو األرباح المحتجزة (الغير موزعة) التى سبق أن ذكرتها أيضا ،وطالما أن هذه األرباح المحتجزة الهدف منها هو 152 إعادة استثمارها مرة أخرى من أجل النمو والتوسع مثل رأس المال تماما فهى تتمشى مع ما جاء به الشرع. -3الشركات العامة: سبق أن تعرضت لهذا النوع من الشركات ،وفى هذا النوع من المشروعات يتضح جليا إنفاق الدولة ،ويؤكد ابن خلدون على أهمية اإلنفاق الحكومى فى الدولة اإلسالمية ،ويبين آثار هذا اإلنفاق فى النواحى االقتصادية واالجتماعية والسياسية ،وأن نقص هذا اإلنفاق يؤدى إلى عواقب سيئة ...وفى ذلك يقول: "أن نقص العطاء من السلطان نقص فى الجباية ،والسبب فى ذلك أن الدولة والسلطان هى السوق األعظم للعالم ومنه مادة العمران ،فإذا احتجن السلطان األموال أو الجبايات او فقدت فلم يصرفها فى مصارفها قل حينئذما بأيدى الحاشية والحامية وانقطع أيضا ما كان يصل منهم لحاشيتهم وذويهم وقلت نفقاتهم جملة وهو معظم السواد ونفقاتهم أكثر مادة لألسواق ممن سواهم فيقع الكساد حييئذ فى األسواق وتضعف األرباح فى المتاجر فيقل الخراج لذلك ألن الخراج والجباية إنما تكون من االعتمار والمعامالت ونفاق األسواق وطلب الناس للفوائد واألرباح ووبال ذلك عائد على الدولة بالنقص لقلة أموال السلطان حينئذ بقلة الخراج فإن الدولة كما قلناه هى السوق األعظم أم األسواق كلها وأصلها ومادتها فى الدخل والخرج فإن كسدت وقلت مصارفها فأجدر بما بعدها من األسواق أن يلحقها مثل ذلك وأشد منه وأيضا ،فالمال إنما هو متردد بين الرعية والسلطان منهم إليه ومنه أليهم فإذا حبسه السلطان عنده فقدته الرعية سنة هللا فى عباده". وعندما أقامت الدولة اإلسالمية بعض المشروعات االستثمارية أنشىء ديوان خاص بها هو "ديوان المستغالت" لإلنفاق على مشروعات الدولة. وهذا يؤكد جواز إنفاق الدولة على المشروعات العامة ...وفى العصر الحديث توجد مصادر أخرى غير إنفاق الدولة هى: مخصصات االهالكاالحتياطياتالديون153 التصرف فى األصولاألرباح المحتجزةوقد سبق أن ذكرت هذه المصادر بالتفصيل ،وطالما أن هذه المصادر ال يشوبها ربا أو غرر أو أى شبهات أخرى وأنها حالل شرعا ،وطالما أنها تستخدم لتقوية مركز المشروع المالى وتعمل عمل رأس المال وتتعرض للمخاطرة فإن هذه المصادر تتفق مع وجهة نظر الشريعة اإلسالمية. -4الجمعيات التعاونية: قامت الجمعيات التعاونية فى مختلف األنشطة لمواجهة استغالل أصحاب المشروعات الخاصة ،وهى فى المجتمع الرأسمالى تقوم بجانب المشروعات الخاصة الحداث التوازن ولحماية المستهلك والمنتج الصغير ،وفى االقتصاد الموجه واالقتصاد االشتراكى تقوم كجهاز تعتمد عليه الدولة فى تنفيذ الخطة ،ورأس مال الجمعية التعاونية عبارة عن أسهم غير محددة العدد .وهى صكوك متساوية القيمة ،وعن القول عن مدى جواز هذه األسهم شرعا أقول بأن هذه األسهم فى وضعها هذا تماثل أسهم شركات المساهمة من حيث تعرضها للكسب والخسارة ،وارتياد ميادين األعمال ،وتعرضها للمخاطرة التى يتعرض لها رأس المال... إذن هذه االسهم تتفق مع ما جاءت به الشريعة ،وتتفق مع وجهة النظر إلى األسهم فى شركات المساهمة ،واكن الجمعيات التعاونية قانونها يفرض فائدة ثابتة لألسهم ،وهى تصرف لألعضاء بجانب توزيع عائد على المعامالت وذلك بعد االستقطاعات من الربح ..وهذة الفائدة طبقا لوجهة النظر اإلسالمية محرمة ،صحيح أن هذه الفائدة تدفع لقاء تعرض رأس المال للمخاطرة ،ولقاء مخاطرة أصحاب األسهم فى تعويض مداخراتهم للكسب أو الخسارة. ولكن كل هذا ال يبرر دفع فائدة ثابته لألسهم بجانب عائد المعامالت وأرى طبقا لوجهة نظر الشريعة أنه يكفى جدا توزيع عائد للمعامالت وزيادته بدر من دفع فائدة ثابتة لألسهم ،وأرى أن هذه الفائدة يجب أن تلغى من القواني التعاونية ،وبدال من اقتطاع الفائدة (وهى %6فى القانون المصرى) يحتجز جزء منها كاحتياطى ،والجزء الباقى يوزع كعائد للمعامالت ،ولهذا أرى أن هذه الفائدة غير جائزة... 154 باإلضافة إلى األسهم توجد االحتياطيات سواء التحميلية وهى التى تواجه النقص فى قيمة بعض األصول أو خسائر محتملة ،واالحتياطيات التخصيصية وهى جزء من األرباح تقتطع بهدف تقوية مركز الجمعية المالى ...وباألضافة إلى االحتياطيات يوجد: ما قد يفرض من رسوم العضويةالهبات والوصاياما يسقط الحق فى المطالبة به من العائد ...الخواالحتياطى كما سبق أن بينت يتفق مع روح الشريعة اإلسالمية ،كما أن رسوم العضوية والهبات ،والحقوق التى سقط فى المطالبة بها ،كل هذا فى انضمامه إلى المال يهدف لتقوية مركز الجمعية المالى ،وطالما أن هذه البنود تعمل عمل رأس المال من حيث التعرض للمخاطرة ،والتعرض للربح والخسارة ،وأنها تهدف إلى زيادة قدرة الجمعية على العمل والتوسع.. إذن فهى تتفق ووجهة نظر الشريعة اإلسالمية ،لهذا فهى ليست محرمة شرعا وجائزة إسالميا. 155 ثانيا :المصادر الخارجية واآلن سوف أتعرض للمصادر الخارجية ،وهى إحدى مصادر المشروعات للتمويل من وجهة النظر اإلسالمية ولعدة مشروعات: -1المشروع الفردى: يوجد أمام صاحب المشروع طريقان إذا لم يكف ماله الخاص فى أن يستمر مشروعه، إما أن يشرك معه آخر يكون لديه المال ،ولكنه فى هذه الحالة سوف يتغير شكل المشروع القانونى ،ولكن صاحب المشروع الفردى قد يريد الحفاظ على شكل المشروع، ولهذا فهو يلجأ للطريق الثانى وهو االقتراض سواء من المؤسسات أو البيوت المالية ،أو أصحاب رؤوس األموال ،وهو فى الحالتين يدفع فائدة على ما يقترض ،ولكن الوضع فى المجتمع اإلسالمى يختلف ،فإن أصحاب رؤوس األموال أو البنوك اإلسالمية عندما يقرضون صاحب المشروع الفردى ،فإنهم يستثمرون أموالهم على أساس عقد المضاربة ،وبدال من الفائدة الربوية يقتسمون األرباح ،وبذلك تستفيد جميع األطراف وينجو المجتمع من شرور الفائدة الربوية ،ويحتفظ صاحب المشروع بشكل مشروعة وسيطرته عليه. -2شركات المساهمة: توجد عدة مصادر خارجية لهذا النوع من الشركات وهذه المصادر هى: (أ) األسهم الممتازة: سبق أن تعرضت لها بالتفصيل من قبل وأوضحت كيف أنها تشكل عبثا على المشروع، وأن لها عدة مضار ،واتقاء لهذه المضار ،فإنه يوجد فى اإلسالم ديوان يسمى "ديوان المستغالت" وعمل هذا الديوان هو إنشاء المشروعات االستثمارية أو مساعدتها ومدها باألموال على أساس عقد المضاربة السابق ذكره ،وعندما تقوى هذه المشروعات فإنه يسترد ما أعطاه أياها من أموال لكى يقوم بدورة تجاه المشروعات األخرى. 156 وتجنبا ألضرار األسهم الممتازة فإنه يوجد طريق آخر هو إصدار أسهم عادية ،وإذا كانت الحاجة عاجلة فإنه يلجأ للطريقة سابقة الذكر. (ب)السندات: سبق أن تعرضت للسندات ،ووأوضحت أن السندات تعتبر بمثابة قرض على الشركة لقاء فائدة سنوية ثابتة وهى محرمة شرعا ،وهذه الفائدة مهما حاولت النظم االقتصادية الحديثة أن تعدل منها ،مثل فكرة معدل فائدة متغير يعتمد على أن يكون جزء من السند ثابت ،والجزء اآلخر يتوقف على معدل مكاسب المشروع ،ومهما حاولت هذه النظم اللف والدوران ،فإن معدل الفائدة الثابت يمارس نفاذا طاغيا ،ويمثل عرقلة لدفع عجلة اإلنتاج. ومن الرأى أنه بدال من إصدار السندات ،فعلى المشروعات أن تلجأ إلى : -1نظام المضاربة -2أو إصدار أسهم جديدة لزيادة رأس مال الشركة (ج)االقتراض: سبق أن تعرضت لجميع صور القروض القصيرة والمتوسطة والطويلة ،وأوضحت أن الفوائد التى تدفع على هذه القروض هى فوائد ربوية محرمة ،والطريق اإلسالمى الذى سبق أن اقترحته هو عقد المضاربة ،وهذا العقد يبعدنا عن شرور الفائدة ويحقق أهداف الشريعة اإلسالمية ،ويسير بنا إلى الطريق الصحيح. ويوجد مصدرا آخر هو االئتمان التجارى ،وطالما أن هذا النوع يخلو من الربا ،وأنه يسهل العمليات التجارية ،ومادامت الثقة متوافرة لهذا النوع وكما سبق أن أوضحت أنه م صدرا هاما للتمويل الخارجى ،لهذا ر أرى أنه يتعارض مع الشريعة اإلسالمية ،بل إنه يتمشى معها ،بخالف االئتمان المصرفى الذى تشوبه شبهة الربا. 157 -3المشروعات العامة: سبق أن تعرضت للمشروعات العامة من قبل ،وأنه أمام هذه المشروعات نوعان من اإلقتراض ،األول هو اإلقتراض المحلى ،ولقد سبق أن تعرضت لهذا النوع من القروض وقدمت له االقتراحات اإلسالمية ،والنوع الثانى من أنواع القروض للمشروعات العامة هو القروض األجنبية ،وهذه القروض تكون عادة قروض إنتاجية لشراء آالت أو سلع إنتاجية ،وعلى هذا أرى أن تكون القروض من األموال السائلة (النقدية) عن طريق "بيت المال" أو "ديوان المستغالت" فقط ،وعلى هذا يكون اإلقترا ض من الدول األجنبية من أجل إنتاج أى سلع إنتاجية أو وسيطة ،أو آالت ...وبدال من دفع فائدة ربوية محرمة شرعا فإنى أرى: -1إما أن يشارك رأس المال األجنبى فى المشروعات على أساس عقد المضاربة ،وأن يتقاسم األرباح مع الطرف اإلسالمى بعد خصم اال ستقطاعات والمصاريق واالحتياطيات. -2وإما أن يقدم لنا رأس المال اإلنتاجى هذا وهو اآلالت والمعونات الفنية بشرط أال ندفع الفائدة الربوية ،ولكن زيادة فى الثمن فقط تدفع بعد فترة يتفق عليها ،على أساس أن ما يدفع زيادة فى ثمن ما نشتريه يتناسب مع المدة التى ينتظرها مقدم القرض اإلنتاجى. هذا ما أقترحه فى ضوء الشريعة اإلسالمية ،ويبعدنا عن شبهات الربا. -5الجمعيات التعاونية: سبق أن ذكرت أن مصادر الجميعات التعاونية الداخلية قد ال تكفى ،لذلك فهى تلجأ إلى اإلقتراض سواء م ن البنوك التجارية أو التعاونية ،وهى لقاء ذلك تدفع فوائد ربوية محرمة شرعا ،وعلى هذا أرى كما سبق أن أوضحته أن على البنوك التجارية أو البنوك التعاونية أن تقدم قروضها على أساس عقد المضاربة ،وإنى أجد أن تقوم البنوك التعاونية بإمداد الجمعيات التعاونية باألموال على أن يكون بهذه البنوك أجهزة بحوث تقدم النصح للجمعيات التعاونية حتى يحدث األثر المطلوب من إنشاء هذه الجمعيات، هذا من ناحية ،ومن ناحية أخرى ،فإنى أرى أن تساهم الجمعيات التعاونية فى أسهم تلك 158 البنوك حتى تشد أزر هذه البنوك من جهة ،ومن جهة أخرى حتى يكون ارتباط الجمعيات بالبنوك ارتباطا أقوى ،ويوجد مصدر آخر هو الودائع على اختالف أنواعها من أعضاء الجمعية أو من غير أعضائها ،وهو مصدر هام ألنه يجذب رؤوس أموال كثيرة الستثمارها فى الجمعية على أن ترد عند الطلب ،وأن ترد غير منقوصة عند التصفية ..ولقد سبق أن تعرضت بالتفصيل للودائع ومدى أهميتها للجمعية. طالما أن هذه الودائع تحقق تقوية المركز المالى للجمعية وال تدفع لقائها فوائد ...فإنها تسير مع وجهة نظر الشريعة اإلسالمية. وبعد هذا اإلستعراض للمصادر الداخلية والخارجية فإنى أكون قد وصلت إلى نهاية بحثى ،وأتمنى من هللا تعالى أن أكون قد وفقت فيما قصدت ،ووفقت فى تقديم جهد متواضع أخدم به أمتى ووطنى اإلسالمى الكبير. 159 الخاتمة وبعد: فإنى قمت فى الباب األول باستعراض أشكال المشروعات المعاصرة فى مختلف النظم االقتصادية ،وإدارة تلك المشروعات ماليا سواء من ناحية مفهوم اإلدارة المالية وأهدافها ووظائفها ،واإلدارة المالية للمشروعات فى تلك النظم ،وبعد أن قمت بعرض ألدوات تمويل هذه المشروعات من بنوك وشركات تأمين وبورصات ،وعرض لمصادر هذه المشروعات سواء المصادر الداخلية (الذاتية) أو المصادر الخارجية. بعد هذا العرض ،انتقلت إلى الباب الثانى الستعراض الجانب اإلسالمى ومن خالل هذا توصلت إلى عدة نتائج وهى على التوالى: أوال :أن أشكال المشروعات فى اإلسالم تستطيع بمالها من قدرة تنظيمية أن تستوعب كثير من األنشطة االقتصادية المعاصرة ،فمثال إذا ألقينا نظرة على شركات العنان التى تؤسس على مساهمة الشركاء بأموالهم فهى تقابل شركات األموال فى العصر الحديث، كما أن تسميتها أحيانا بأنها شركات أموال دليل قاطع على أنها تقابل شركات األموال اآلن سواء أكانت شركات المساهمة أو شركات ذات مسئولية محدودة ،وشركات المضاربة التى يسهم فيها الشركاء بالعمل من ناحية ،والمال من ناحية أخررى ،تقابل شركات التوصية البسيطة والتوصية باألسهم ،وشركات المفاوضة وهى التى تقوم على أساس تفويض كل شريك إلى صاحبه شراء ،وبيعا ،ومضاربة وتوكيال،وابتياعا فى الذمة ،ومسافرة بالمال ،وارتهانا ...فهى على ذلك تقابل التوكيالت السياحية ،وشركات التخليص الجمركى ومكاتب التصدير واالستيراد مثال وغيرها من أنواع هذه الشركات، والمشروعات العامة فى اإلسالم تشابه تقريبا تلك المشروعات العامة التى تقام اآلن ،بل إن المشروعات العامة فى اإلسالم سبقت المشروعات العامة التى تقيمها الدول االشتراكية وتفخر بها سواء من ناحية تقديم الخدمات أو إقامتها لسد فراغ فى االقتصاد القومى ،مثل مشروعات تمهيد الطرق وشق الترع ...الخ وهذا دليل على سبق اإلسالم فى هذه المجاالت. 160 ثانيا :وفى مجال اإلدارة المالية فى اإلسالم تناولت مفهوم اإلدارة المالية وتعريفها فى اإلسالم ،كما تعرضت ألهدافها ،وفى مجال وظائف اإلدارة المالية فى اإلسالم نجد أن اإلسالم قد وضع أسس هذه الوظائف قبل أن توضع فى العصر الحديث بل نفذها بأحسن ما يكون ،ففى مجال التخطيط نجد القرآن الكريم فى سورة يوسف وضع أسس التخطيط العلمى السليم وهى ترشيد اإلنتاج ،وترشيد التخزين ،وترشيد االستهالك ،ثم إنه وضح التخطيط بعيد اآلجل ورسم سياسة سليمة لهذا التخطيط فى اإلسالم مبنى على ترتيب األولويات حسب المقاصد الشرعية وهى الضروريات ،والحاجيات ،والتحسينات وفى التخطيط ترتب األولويات من حيث تحديد األهمية النسبية لكل هدف ،والبدء فى تنفيذ األهم فالمهم حسب المقا صد الشرعية المذكورة آنفا ،والتخطيط المالى فى اإلسالم مبنى على هذه األسس بجانب أنه يهدف أيضا إلى تجنب اإلسراف والتبذير والعدالة فى توزيع الدخول والثروات..ومن أمثلة التخطيط المالى فى اإلسالم ما حدث فى عهد عمر بن الخطاب فى تقدير الخراج على األرض الزراعية. وف ى مجال التنفيذ نجد أن اإلسالم وضع أسسا وقواعد وهى المشاركة والتعاون واإلشراف الدقيق ،وليس أدل على ذلك من أن الخلفاء كان يعينون الوالة بأنفسهم حتى يطمئنوا إلى سالمة التنفيذ ،ومن عناصر تنفيذ التخطيط السليم ما نراه فى عهد عمر بن الخطاب من تدوين الدواوين وتقدير األعطيات. واذا إنتقلنا إلى مجال الرقابة ،نجد أن اإلدارة فى العصر الحديث وضعت أسسا وقواعد دقيقة للرقابة ،ولكن فى مجال تنفيذ الرقابة وأحكامها ...لم تستطع أن تصل إلى المستوى الرقابى المحكم الدقيق فى النظام اإلسالمى ،وذلك ألنه فى الدولة اإلسالمية الرقابة تنبع من داخل اإلنسان من ضميره ومن وجدانه ....واإلسالم قائم على تربية النفس والروح ...فإذا كانت صافيتين أصبحت الرقابة سليمة ،وعلى ذلك فالرقابة كانت نابعة من ضمائر نقية ...باإلضافة إلى وجود رقباء على العاملين أيضا لهم ضمائر سليمة... وفوق هذا يوجد رقيب خارجى وهو المحتسب يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ،كما أنه ال يوجد تفريط فى الحقوق والواجبات. 161 ثالثا :وإذا إنتقلنا إلى أدوات التمويل وهى فى هذا البحث البنوك وشركات التأمين والبورصات ،نجد أن اإلسالم قدم لنا بديال جيدا عن النظام الربوى المعاصر سواء فى عملية اإليداع أو اإلقراض فى البنوك الحديثة ،وهو نظام المشاركة (المضاربة) ،وهو اشتراك رب المال ورب العمل فى اقتسام األرباح بعد خصم المصاريف. وفى التأمين قدم لنا اإلسالم نظام التكافل اإلجتماعى فى صندوق الزكاة كبديل عن عقد التأمين المعاصر ،ومن ناحية المبدأ أقر نظام التأمين التبادلى ،ولكنى اقترحت نظاما يشابه نظام التأمين التبادلى وبحيث يتمشى مع الشريعة اإلسالمية لحماية األفراد من األخطار من جهة ولبث اإلطمئنان واألمان فى نفوسهم. وفى مجال أألسواق (البورصات) قدم اإلسالم بعض األسس والقواعد المنظمة لها ويطلق عليها فى اإلسالم األسواق ،ولقد بينت هذا التنظيم ،وقدمته على أساس من الشريعة من جهة ،ومن جهة أخرى بحيث يتمشى مع العصر الحديث ،وبما يوفر مناخا جيدا تعمل البورصات فى ظله ،وحماية لها من التقلبات العنيفة. رابعا :فى مجال مصادر التمويل التى قسمتها إلى مصادر داخلية؛ ومصادر خارجية..... فقد تبين بالنسبة للمصادر الداخلية (وهى رأس مال أصحاب المشروع المتمثل فى األسهم؛ أو مساهمة الدولة؛ أو االحتياطيات بكافة أنواعها؛ واألرباح المحتجزة) أنها مصادر تتمشى مع الشريعة اإلسالمية باستثناء الفوائد على األسهم فى الجمعيات التعاونية ،ولقد اقترحت نظام بديال فيما يتعلق بتلك الجمعيات ،وهو أن تزداد نسبة العائد على المعامالت لالعضاء من ناحية ،وتزداد نسبة اإلحتياطى القانونى من ناحية أخرى بدال من إعطاء فوائد على األسهم ...وهذا يحقق غرضين وهما :زيادة ارتباط األعضاء بجمعتهم ،وتقوية المركز المالى للجمعية. 162 وبالنسبة للمصادر الخارجية ( وهى اإلقتراض المحلى ،واألجنبى والسندات واألسهم الممتازة ،والودائع ،واالئتمان التجارى ،االئتمان المصرفى ) فإنه يوجد من بينها ما هو متمشى مع الشريعة مثل االئتمان التجارى الذى يمنحه لبعض المشترين على أساس تسديد ثم السلعة المباعة بعد فترة يحددونها. وهذا المصدر متمشى مع الشريعة اإلسالمية لخلوه من شبهة الربا أو الغرر؛ كما أن الودائع بالنسبة للجمعيات التعاونية متمشية مع الشريعة اإلسالمية لخلوها أيضا من شبهة الربا. أما المصادر التى تتعارض مع الشريعة وهى اإلقتراض (المحلى ،واألجنبى) فإنى استخ لصت من الشريعة اإلسالمية ما هو بديل عنهما .وهذا البديل يتلخص فى عقد المضاربة اإلسالمية ( كما سبق أن ذكرته فى نظام البنوك) هذا بالنسبة للقروض المحلية واألجنبية على السواء ،ويوجد بديل آخر بالنسبة للقروض األجنبية (اآلالت، والمعدات ....الخ) وهى زيادة فى (الثمن) تناسب اآلجل الذى يدفع بعدة الثمن ...وهذه البدائل أسهل وافضل من اإلقتراض وأفيد بحيث يستفيدان معا ،وتخلو المعامالت من شبهة الربا. أما من ناحية السندات واألسهم الممتازة فلقد اقترحت بدال منهما نظرا لشبهات الربا واالستغالل فيهما ،طرح أسهم عادية جديدة لزيادة رأس مال المشروعات ،أو االلتجاء إلى اإلقتراض من البنوك بالطريقة اإلسالمية وهى المضاربة .والوضع بالمثل بالنسبة لالئتمان المصرفى. وبعد ......فهذا عرض سريع لما توصلت إليه من نتائج ،وأرجو أن أكون قد وفقت فيه. "تم بحمد هللا" 163 المراجع اوال :العربية .1القرآن الكريم .2د.احمد فؤاد ابراهيم احمد علي:االنفاق العام في االسالم -معهد الدراسات االسالمية 1973 .3د.احمد فؤاد ابراهيم احمد علي:االقتصاد االسالمي المقارن -معهد الدراسات االسالمية محاضرات لطلبة الماجستير 1977 .4احمد الشرباصي:االسالم واالقتصاد – الدار القومية للتوزيع والنشر 1065 .5د.اسماعيل صبري عبد اله :االسس النظرية لتنظيم القطاع العام (دراسات تمهيدية) ج 3مؤسسة االهرام –المركز العربي للدراسات السياسية واالقتصادية 1968 .6د .ابراهيم زكي الدين :نظرية الربا المحرم – المجلس االعلي للفنون واالدآب والعلوم االجتماعية 1064 .7ابن رشد القرطبي:بداية المجتهد ونهاية المقتصد ج – 2مكتبة الكليات االزهرية1966 .8ابي اسحق ابراهيم بن علي يوسف الفيروزابادي:المهذب في فقه مذهب االمام الشافعي – مطبعة عيسي البابي الحلبي .9ابن عابدين :حاشية رد المختار ج – 4مكتبة ومطبعة مصطفي البابي الحلبي الطبعة 1966 2 .10الماوردي :االحكام السلطانية – معهد الدراسات االسالمية .11ابن حبيب :االحكام السلطانية – جمعية االحصاء والتشريع واالقتصاد السياسي .12ابي حامد الغزالي :احياء علوم الدين ج - 1جمعية االحصاء والتشريع واالقتصاد السياسي .13ابن تيمية :كتاب العقود – المطبعة السلفية .14ابن تيمية :السياسة الشرعية في اصالح الراعي والرعية – دار الشعب – الطبعة 1975 2 .15ابن عبد هللا محمد بن احمد االنصاري القرطبي :الجامع الحكام القرآن ج – 3 دار الكتاب العربي للطباعة والنشر 1967 164 .16ابن القيم الجوزية :القواعد النورانية – دار الكتب .17ابن القيم الجوزية :اعالم المزقعين – دار الكتب .18السيد عثمان بن حسنين بن الجعلي المالكي :سراج السالك شرح اسهل المسالك ج 1،2مكتبة ومطبعة مصطفي البابي الحلبي الطبعة 1963 1 .19الحافظ شهاب الدين ابي الفضل العسقالني :مكتبة ومطبعة مصطفي البابي الحلبي 1959 .20ابي عبيد القاسم بن سالم :االموال –دار الفكر 1967 .21القاضي ابو يوسف:الخراج – المطبعة السلفية -الطبعة 1396- 5هـ .22د.ابراهيم الدسوقي اباظة :االقتصاد االسالمي مقوماته ومناهجة – دار الشعب 1974 .23د .احمد العسال،د .فتحي احمد عبد اللكريم :النظام االقتصادي في االسالم مبادئه واهداغه-مكتبة وهبة –القاهرة 1977- .24د .بدوي عبد اللطيف :الميزانية االولي في االسالم – ساسلة الثقافة االسالمية – 1960 .25جمال الحكيم :عقود التأمين من الناحيتين التأمينية والقانونية – دار المعارف – 1965 .26د .جالل بكير :االدارة المالية -مكتبة عين شمس1975 - .27د .حسن توفيق :االدارة المالية في الشركات المساهمة – 1960 .28زيدان ابو المكارم :بناء االقتصاد في االسالم – مكتبة دار العروبة 1966 - .29د.سيد الهواري :االدارة المالية -دار النهضة العربية 1965- .30د.سالمة عبد هللا :ادارة وتنظيم منشآت التأمين – مطبعة الرسالة – 1964 .31د.سامي وهبه غالي :ادارة المنشآت المالية – مطبعة الرسالة – 1968 .32د.شوقي شحاتة :مفاهيم ومبادئ االقتصاد االسالمي – المجلس االعلي للشئون االسالمية – 1976 .33د.شوقي حسين عبد هللا :االدارة المالية -دار النهضة العربية 1965- .34د.صبحي تادرس قريصة :النقود والبنوك – دار المعارف – الطبعة الثانية – 1964 165 .35د.صالح الدين نامق :علم االقتصاد ومحاولة االقتراب من االقتصاد االسالمي - مكتبة عين شمس1975 - .36ص .اميل ليفي :موجز المعلومات الخاصة بسوق االوراق المالية – مطبعة شندلر – طبعة 1958 – 2 .37د.عيسي عبده :دراسات في االقتصاد الوضعي -معهد الدراسات االسالمية .38د.عيسي عبده :االقتصاد االسالمي مدخل ومنهاج – دار نهضة مصر للطبع والنشر 1974 -معهد الدراسات االسالمية .39مستشار عمر شريف :نظام الحكم في الدولة االسالمية -معهد الدراسات االسالمية .40د .عبد العزيز عبد الكريم :االدارة المالية والتحطيط المالي -دار النهضة العربية .41د .عبد العزيز عبد الكريم :االدارة المالية في التعاونيات التجارية – مكتبة التجارة والتعاون 1970 - .42د.عبد السالم بدوي :ادارة القطاع العام في المجتمع الشيوعي –مكتبة االنجلو المصرية 1969 .43عبد الرحمن بن خالدون :المقدمة – المطبعة االزهرية .44د.غريب الجمال :التأمين في الشريعة االسالمية والقانون -معهد الدراسات االسالمية 1974 - .45د.كمال ابو الخير :اصول التنظيم واالدارة -مكتبة عين شمس1967 - .46د .كمال وصفي :التكامل االقتصادي بين الدول االسالمية -معهد الدراسات االسالمية 1976 - .47د .كمال وصفي :المشروعية في االسالم -جمعية االحصاء والتشريع واالقتصاد السياسي .48د.محمود محمد نور :تحليل النظام المالي في االسالم -المجلس االعلي للشئون االسالمية – 1975 .49د.محمد يحي عويس :االشتراكية -مطبعة الرسالة – 1969 .50د.محمد يحي عويس ،د.منسي اسعد عبد الملك :مبادئ االقتصاد الحديث – دار المطبوعات الدولية – 1971 166 .51د .عبد المنعم راضي:النقود والبنوك في النشاط االقتصادي –مؤسسة دار التعاون -طبعة 1971 – 3 .52عبد الكريم الخطيب:السياسة المالية في االسالم -دار الفكر العربي – طبعة – 2 1976 .53هبد السميع المصري مقومات االقتصاد االسالمي – مكتبة وهبة – 1975 .54د .عبد هللا العربي المعامالت المصرفية المعاصرة ورأي االسالم فيها -معهد الدراسات االسالمية 1976 - .55الشيخ علي الخفيف :احكام المعامالت الشرعية ،مطبعة السنة المحمدية – طبعة 1950 – 3 .56الشيخ علي الخفيف :الشركات في االسالم ،معهد الدراسات االسالمية 1965 - .57عبد الرخمن عبد الباقي :تنظيم وادارة المكاتب -مكتبة عين شمس .58د .عبد المنعم فوزي :السياسة المالية في النظام االشتراكي -دار الكاتي العربي - 1967 .59د .محمود محمد بابللي :المال في االسالم – دار الكتاب اللبناني – 1975 .60د .محمود محمد بابللي :االقتصاد في ضوء الشريعة االسالمية – دار الكتاب اللبناني – 1975 .61د .محمد يوسف موسي:ففة الكتاب والسنة (البيوع) والمعامالت المالية المعاصرة -دار الكتاب العربي – طبعة 1954 -2 .62د .محمد عبد العزيز عجمية ،د .صبحي تادرس قريصة :النقود والبنوك والتجارة الخارجية – دار المعارف – 1970 .63محمد السيد دسوقي :رسالة ماجستير عن التأمين وموقف الشريعة االسالمية منه المجلس االعلي للشئون االسالمية – 1976 .64الشيخ علي منصور ناصف :التاج – ج – 2طبعة 4 .65محمد عميش :النظام االقتصادي في االسالم – مطبعة الوحدة العربية – 1971 .66د .محمد عبد النتعم الجمال :االخالق والمعامالت في االسالم – دار الشعب – 1975 .67د :محمد البهي :نظام التأمين في هدي احكام االسالم وضرورات المجتمع المعاصر -مكتبة وهبة – 1965 167 .68د .محمد ضياء الدين الريس :الخراج والنظم المالية للدولة االسالمية – دار المعارف – طبعة 1969 – 3 .69د .محمد عبد المنعم خميس :االدارة في صدر االسالم -المجلس االعلي للشئون االسالمية – 1974 .70المجلة االقتصادية :البنك المركزي المصري – 1961 .71المجلة االقتصادية :البنك االهلي المصري – 1977 .72نشالات بورصة االوراق المالية بالقاهرة .73صحيح البخاري .74صحيح مسلم ثانيا :المترجمة -75انوار اقبال القؤشي :االسالم والربا – ترجمة فاروق حلمي-مكتبة مصر - 76م زا ز منان :االقتصادر االسالمي بين التظرية والتطبيق (دراسة مقارنة) – ترجمة د .مصطفي منصور تركي -المكتب المصري للطباعة والنشر1970 - 168 االجنبية: ثالثا 77-A. Stadniehenko: Monetary Crisis of Capitalism, Moscow, 1975 78- Charies R. Whittlessey, Arthur M. Freedman and Edward S. Herman : Money Banking Analysis and Policy ,New York ,Macmillan Co. 2nd Printing,1964 79-Ernest W. Walker and William H. Baughn: Financial Planning ,Policy Scope and Objectives of Financial Planning, New York,1971 80-Eugene M. Lerner : Managerial Finance Systems Approach , New York,1971 81-John Kenneth Galbraith : Money, whence it came, where it went, Houghton Mifflin co. ,1975 82-John Syz; International Development Banks, New York,1974 83-Lawrence S. Ritter and William L. Silber : Money , New York,2nd edition,1973 84-Lester V. Chandler : The Economics of Money and Banking Harper and Raw Publishers , 6th edition,1973 169 85-Ninel Bautina:CMEA To-day: From Economic Cooperation to Economic Integration,Moscow,1st printing,1973 86-Robert Barro and Hershel Grossman: Money Employment and Inflation ,Cambridge,1970 87-Thomas C. Committee : Managerial Finance for the Seventies, McGraw-Hill Series in Finance ,1972 88-Twenty Three Top Bankers and Economists Explore the Changes in Specialized Areas :The Changing work of Banking, New York,1974 89-A group of Professors in Economics :Soviet Finance, Principles Operation, Moscow,1st edition,1975 90- A group of Professors in Economics: Soviet Planned, Economy, Moscow,1st edition,1974. 170 فهرس الصفحة الموضوع المقدمة الباب األول أشكال المشروعات وتمويلها حديثا الفصل األول :المشروعات وأشكالها وإدارتها المالية حديثا 2 المقدمة المبحث األول :أشكال المشروعات حديثا 2 أوال -فى النظم الرأسمالية 4 ثانيا -فى االقتصاد الموجه 9 ثالثا -فى النظم االشتراكية 13 المبحث الثانى :اإلدارة المالية حديثا -1تعريف اإلدارة المالية وأهدافها ووظائفها 16 -2اإلدارة المالية للمشروعات المختلفة 18 171 الصفحة الموضوع الفصل الثانى :تمويل المشروعات حديثا المقدمة 32 المبحث األول :أدوات التمويل حديثا أوال – البنوك 33 ثانيا – شركات التأمين 44 ثالثا – البورصات 53 المبحث الثانى :مصادر التمويل حديثا 60 أوال – الداخلية (الذاتية) 62 ثانيا – الخارجية 69 الباب الثانى أشكال المشروعات وتمويلها فى اإلسالم الفصل الثالث :أشكال المشروعات إدارتها المالية فى اإلسالم المقدمة 84 المبحث األول :أشكال المشروعات فى اإلسالم 85 172 الصفحة الموضوع المبحث الثانى :اإلدارة المالية فى اإلسالم 101 أوال -دور المال وأهميته ،ومفهوم اإلدارة المالية فى اإلسالم 102 ثانيا – أهداف ووظائف اإلدارة المالية فى اإلسالم 105 الفصل الرابع :تمويل المشروعات فى ظل اإلسالم المقدمة 116 المبحث األول :طريق إسالمى ألدوات تمويل المشروعات 117 أوال –البنوك 117 ثانيا – شركات التأمين 129 ثالثا – البورصات 142 المبحث الثانى :طريق إسالمى لمصادر تمويل المشروعات 151 أوال – الداخلية (الذاتية) 152 ثانيا – الخارجية 159 الخاتمة 160 المراجع أوال – العربية 164 ثانيا – المترجمة 168 ثالثا – األجنبية 169 173
© Copyright 2024 Paperzz