مركز بيان للهندسة المالية اإلسالمية ملتقى الخرطوم للصناعة المالية النسخةالسادسة بحث بعنوان: اليد الخفية للمصارف إلاسالمية في عقد السلم د قتيبة عبد الرحمن العاني منسق أكاديمي – أكاديمية لوتاه التطبيقية دبي – دولة إلامارات العربية املتحدة 1 بسم اهلل الرحمن الرحيم مركز بيان للهندسة المالية اإلسالمية سعادة المدير التنفيذي ورئيس المؤتمر الموقر السالم عليكم ورحمة هللا وبركاته وبعد، الموضوع /مؤتمر الخرطوم لتطوير المنتجات المالية اإلسالمية بكل فخر واعتزاز اطلعنا على فعاليات مؤتمركم لتطوير المنتجات المالية اإلسالمية ( السلم وتطبيقاته المعاصرة) المزمع انعقاده للفترة 4012/11/11 -10في الخرطوم -السودان. وبهذه المناسبة يسعدني ويشرفني بالمشاركة بورقة عمل في المؤتمر المذكور ،وضمن المحور الثاني– السلم ودوره في إدارة السيولة في النظام المصرفي -بعنوان( :اليد الخفية للمصارف اإلسالمية في عقد السلم) ،متمنين لمؤتمركم الموفقية والنجاح وفييي الختييام ننتهييز هييذه الفرصيية لنبييار لكييم عيييد الفطيير المبييار جعلنييا هللا وإييياكم ميين عتقييا ه وأعاده هللا علينا وعلى األمة اإلسالمية باليُمن والبركة، وبعد التوكل على هللا :أرفق إليكم ورقة العمل مع نبذة موجزة للسيرة الذاتية للباحث. د قتيبة عبد الرحمن العاني منسق أكاديمي – أكاديمية لوتاه التطبيقية دبي – دولة اإلمارات العربية المتحدة 00791101014940 [email protected]العنوان اإللكتروني: 2 ملخص الورقة: اليد الخفية للمصارف اإلسالمية في عقد السلم الدكتور قتيبة عبد الرحمن العاني أكاديمية لوتاه التطبيقية -دبي يعد موضوع املوارد املتاحة وإدارهتا وتوظيفها من املواضيع اإلسرتاتيجية باملؤسسات املالية ،ففي حالة توفر السيولة وعدم توظيفها يشكل فوائض مالية قابلة لالخنفاض والتعطيل عن فرص استثمارية ،ويف حالة عدمها تصبح املؤسسة غري قادرة على الوفاء أو استغالل الفرص املتاحة لتحقيق الرحبية ،وتتصف املصارف اإلسالمية بتذبذب التدفقات النقدية بسبب اجملال االستثماري التمويلي املباشر لألعمال التجارية واليت يتم احلصول عليها من الودائع وحسابات االستثمارات املتنوعة ،واليت يصعب التنبؤ بنتائجها مستقبال ،ولعقد بيع السلم مسامهة جادة وفاعلة يف مواجهة هذه التحديات والتخفيف من آثارها .من هنا برزت احلاجة إىل تفعيل عقد السلم من خالل توظيف السيولة املرتاكمة لدى املصارف اإلسالمية املرتبطة بأهداف التنمية االقتصادية وفق الضوابط احملددة واليت متنع من ارحراف الصيغة عن اهلدف املقصود. هذا ما سيتم مناقشته يف هذه الورقة اهلادفة إىل دور املصارف اإلسالمية يف كيفية توظيف السيولة عب الباحث عنها (باليد اخلفية) ،إلزالة الغنب وتطبيق مبدأ اإلحسان يف عقد السلم خاصة مع واليت ّ معدالت النمو املرتفعة يف املدخرات لديها ،مع إجياد احملفزات لتطويرها مبا حيقق توافق أفضل بني األهداف واملقاصد اليت أنشئ من اجلها. وتتكون الورقة من مقدمة ومبحثني ،وخامتة ،فاملبحث األول ناقش املفاهيم األساسية لعقد السلم من حيث التعريف واحلكم والدليل .أما املبحث الثاين حبث املرتكزات األساسية للسيولة وتأثريها على عقد السلم والتوازن ما بينها وبني الرحبية ،وخلص البحث يف خامتته إىل النتائج والتوصيات. كلمات دالة: سيولة ،السلم ،تقييم 3 المقدمة: احلمد هلل والصالة والسالم على املبعوث رمحة للعاملني وعلى اله وصحبه الطيبني ومن تبعهم إىل يوم الدين وبعد: يعد موضوع إدارة السيولة من املواضيع املهمة كوهنا متثل إحدى وسائل جذب املدخرات ومجع األموال من أجل استخدامها يف متويل املشاريع واألنشطة االقتصادية اليت ختدم االقتصاد الوطين ،إذ تعطي هذه األداة فرصاً مميزة للمشاريع اجلديدة والقائمة يف االستثمار ،كما تعد واحدا من أكثر األدوات استقرارا ،فالسيولة والرحبية هدفان متالزمان ومتعارضان يف الوقت نفسه .ومبدأ التالزم بينهما ناشئ عن أمهية كلتيهما لوجود أية مؤسسة جتارية واستمرارها .فالسيولة ضرورية لتفادي خطر اإلفالس والتصفية، والرحبية ضرورية للنمو واستمرار البقاء ،ألن اخلسارة ستؤدي إىل تآكل حقوق أصحاب املؤسسة ،وبالتايل تصفيتها .أما التعرض بني هذين العنصرين ،فناشئ من حتقق املزيد من إحدامها على حساب األخرى. لذا جيب على اإلدارة املالية للمؤسسة إعطاء عناية خاصة للموازنة بني هذين األمرين ،لآلثار السلبية الكبرية املمكن أن تنشأ عن عدم املوازنة بينهما ،وذلك من خالل مراقبة دقيقة للتدفقات النقدية الداخلة واخلارجة ،حىت ال تكون هناك سيولة زائدة ،ويف نفس الوقت عليها أن توجه استثماراهتا إىل الغايات األساسية اليت قامت املنشأة من أجلها دون املبالغة يف التوسع على حساب السيولة . 1والسيولة تعين االقرتاب األكثر من النقد وشبه النقد ،والرحبية تعين االبتعاد األكثر عنهما ،باعتبار أن دخل االستثمار يف األصول ،األقرب إىل النقد ،غالبا ما يكون أقل من دخل االستثمار يف األصول األخرى األقل سيولة ،حبكم ما حتتويه من خماطر يف حال احتفاظ املؤسسة املالية اإلسالمية بأي أرصدة نقدية وبلوغها النصاب واحلول دون استثمارها يكلف املؤسسة سنويا نسبة الزكاة املستحقة .%.5.2 وتوضح هذه الورقة أهمية توظيف السيولة واملدخرات لدى املصارف اإلسالمية يف إنعاش صيغة عقد السلم والصيغ األخرى األقل منوا باملقارنة مع مثيالهتا الصيغ التمويلية الفاعلة .والسيما يف ظل توفر السيولة لدى املصارف واملؤسسات املالية ،وعدم توظيفها وتوجيهها رحو االستثمارات احلقيقية والتمويالت التنموية واإلنتاجية. 1 . com JPS Accounting Forums www . 4 هذا ما سيتم مناقشته يف هذه الورقة اهلادفة إىل إعادة تقييم عقد السلم ،خاصة مع معدالت النمو املرتفعة يف املدخرات يف املصارف اإلسالمية مع إجياد احملفزات لتطويرها مبا حيقق توافق أفضل بني األهداف واملقاصد اليت أنشئت من اجلها يف توظيف السيولة املرتاكمة لدى املصارف اإلسالمية، مؤكدين بأن عقد السلم يصلح يف بيع املنتجات البرتولية والغاز ،إضافة إىل أن عقود السلم مهمة وميكن لالقتصاد االستفادة منها ملا فيها من تقدمي خدمات حقيقية للمجتمع ،فهو يشجع أعمال املزارعني واحلرفيني ومنتجي الصناعات املختلفة السيما وأنه “السلم” وسيلة تعني أصحاب األفكار واالخرتاعات واالبتكارات من حتقيق أهدافهم لزيادة اإلنتاج واخنفاض األسعار . 5 السلَم: المبحث األول :المفاهيم األساسية لعقد بيع َ السلم – بفتح السني والالم -اسم مصدر ،يقول العالمة ابن منظور" :السلم بالتحريك :السلف، وأسلم يف الشيء ،وسلم ،وأسلف :مبعىن واحد ،واألسلم :السلم 2:وهو استعجال رأس املال وتقدميه، ولفظ السلم لغة أهل احلجاز ،والسلف لغة أهل العراق ،ولفظة السلف أعم من السلم؛ إذ إنه يطلق على القرض كذلك. ف يف جملة األحكام العدلية" 3:بيع شيء غري معني ،مؤجل التسليم ،بثمن معجل ".أي: وقد عِّر َ هو الذي يتم فيه تسليم الثمن ،وتأخري املثمن ،وهو عكس البيع بالتقسيط ،إذ يتم فيه تسليم املثمن، وتأخري الثمن. السلَم ببيع المحاويج ؛ ألنه بيع غائب ،تدعو إليه ضرورة كل واحد من املتبايعني، وتسمي الفقهاء َ 4 السلَم هو؛ قول الرسول أي :أنه شراء سلعة مؤجلة بثمن مدفوع حاالً .واألصل يف دليل مشروعية َ 5 "من أسلف يف شيء ،ففي كيل معلوم ووزن معلوم إىل أجل معلوم". 6 أما يف االصطالح الفقهي :فقد عرفه احلنفية بأنه" :بيع آجل بعاجل". 7 وعرفه الشافعية بأنه" :عقد على موصوف يف الذمة ببذل يعطى عاجالً. 8 وعرفه املالكية بأنه" :عقد معاوضة يوجب عمارة ذمة بغري عني وال منفعة ،غري متماثل العوضني. 9 أما احلنابلة فقد عرفوه بأنه " :أن يسلم عوضاً حاضراً يف عوض موصوف يف الذمة إىل أجل. 10 حقيقة السلم: ُّ يعد السلم من أنواع املعاوضات ،يرتب ديْنَاً يف ذمة املسلَم إليه ،ومن ثَم يتحقق فيه معىن البيع واملداينة ،فم ا هو وجه هذي احلقيقة لدى الفقهاء وأثرها عليه؟ 2ابن منظور ،لسان العرب ،مرجع سابق ،ج 5ص.391 3املادة.351 : 4الغريب ناصر(د) ،حبث بعنوان التمويل املصريف االسالمي ،مجلة االقتصاد اإلسالمي ،ع ،552ص.13 5البخاري ،صحيح البخاري ،مرجع سابق ،كتاب السلم ،ط ،2ج ،5ص.123 6ابن عابدين ،حاشية رد المختار ،ط ،2القاهرة :مكتبة مصطفى البايب احلليب6611 ،م ،ج.206 ،5 7حممد اخلطيب الشربيين ،مغنى المحتاج ،القاهرة :مكتبة مصطفى البايب احلليب6651 ،م ،ج ،2ص.602 8احلطاب ،مواهب الجليل للحطاب وبهامشه التاج واإلكليل للمواق ،ليبيا :مكتبة النجاح( ،د.ت) ،ج ،4ص.234 9ابن قدامة ،المغني وبهامشه الشرح الكبير ،بريوت :دار الكتاب العريب6692 ،م ،ج ،4ص .262 10حمم د عب د احلل يم عم ر(د) ،اإلطااار الشاارعي واالقتصااادي والمحاساابي لبيااع الساالم ،حب ث حتليل ي ي رقم ،32ج دة :البن ك اإلس المي للتنمية3993 ،م ،ص.32-34 6 من حيث كونه بيعا :يتفق مجهور الفقهاء على أنه نوع من أنواع البيوع؛ إذ إنه حني التعاقد يعد نوعاً من البيع ،كما يقول صاحب (اجملموع) من الشافعية وهو -أي السلم -نوع من البيع ،ينعقد مبا 11 ينعقد به البيع ،ويعتب فيه من الشروط ما يعتب يف البيع". 12 ويقول ابن قدامه من احلنابلة" :وهو نوع من البيع ينعقد مبا ينعقد به البيع. أما فقهاء احلنفية فجاء لديهم " :وركنه ركن البيع من اإلجياب والقبول حىت ينعقد بلفظ بيع يف 13 األصح". وأما املالكية ف ج اء عند بياهنم ألنواع أو أقسام املبيع أنه ينقسم من حيث تأجيل أحد عوضيه إىل أربعة أقس ام ،القسم الرابع منها" 14 :وإن تأجل املثمون فقط فهو السلم" كم ا ج اء لديهم -أيضاً :وكره 15 بعض السلف لفظ (السلم) يف حقيقته العرفية اليت هي أحد أنواع البيع. وخالف ابن حزم 16اجلمهور يف ذلك إذ إنه يقول" :السلم ليس بيعاً" ث أورد أوجه اخلالف بني السلم والبيع .وبالرغم من اتفاق مجهور الفقهاء على أن السلم نوع من البيع إال أهنم اختلفوا يف انعقاده بلفظ البيع على رأيني: رأي احلنابلة واحلنفية واملالكية وبعض الشافعية :يرون أن السلم ينعقد بلفظ السلم ،وبلفظ البيع،فيقول ابن قدامة يف املغين " 17:وهو نوع من البيع ينعقد مبا ينعقد به البيع وبلفظ السلم "،كما يقول: "ويصح بلفظ بيع وكل ما ينعقد به البيع .".كما يقول ابن عابدين" :وركنه ركن البيع حىت ينعقد بلفظ 19 البيع 18".كما يقول صاحب اجملموع" :وينعقد بلفظ السلف والسلم ،ويف لفظ البيع وجهان". .3رأي بعض الشافعية وابن حزم :حيث يقول صاحب مغين احملتاج" :وأما لفظ السلم فيشرتط فيه 20 على األصح". .5أما ابن حزم فإنه ال يع ّده بيعاً من األصل ،ومن ثَم ال ينعقد البيع عنده. 11حممد جنيب املطيعي ،التكملة الثانية للمجموع شرح المهذب ،جدة :نشره زكريا علي يوسف( ،د.ت) ،ج ،62ص.64 12ابن قدامة ،المغني وبهامشه الشرح الكبير ،مرجع سابق ،ج ،4ص .262 13ابن عابدين ،الحاشية ،مرجع سابق ،ج ،5ص.206 14احلطاب ،مواهب الجليل والتاج واإلكليل ،مرجع سابق ،جملد ،4ص.221 15احلطاب،مواهب اجلليل يف شرح خمتصر خليل ،ج 4باب شرط السلم قبض رأس المال كله ،دار الفكر6662،م ص.564 16ابن حزم ،المحلى ،القاهرة :إدارة الطباعة املنريية 6256ه ،ج ،6ص.605 17المرجع السابق ،ج ،4ص.262 18ابن عابدين ،الحاشية ،مرجع سابق ،ج ،5ص.206 19المرجع السابق ،ج ،62ص.605 20المرجع السابق ،ج ،5ص.305 7 السلَّم المتوازي: أما السلم املوازي ،فهو :استخدام صفقيت سلم متوافقتني ،دون ربط بينهما؛ إذ إن املشرتي يبيع يف السلم األول سلعة للمشرتي يف السلم الثاين باملواصفات نفسها واملقدار نفسه ،وإىل نفس األجل الذي سيتسلم فيه السلعة اليت أسلم فيها 21.وهبذه الطريقة يستطيع رب السلم األول ،وهو البنك يف حالتنا هذه ،جتنب تقلبات أسعار السلعة عند حلول األجل ،ويلتزم يف ذات الوقت بعدم بيع سلعة السلم قبل قبضها. ويرى بعض الفقهاء املعاصرين أن السلم املوازي ال خيلو من علة الربا اليت أشار إليها ابن عباس بقوله :ذاك دراهم بدراهم والطعام مرجأ؛ "مؤخر" ،السيما إذا اختذ هذا األسلوب من السلم املتوازي 22 بقصد التجارة والربح. وهذا القول بعلة الربا يف السلم املتوازي يقع فقط فيما إذا كان البيع إىل الشخص نفسه الذي اشرتى منه السلعة بأكثر من الثمن الذي اشرتاها به ،حسب رأي املالكية ،باإلضافة إىل ذلك ال يعدلون الطعام بغريه من السلع .وتفسريهم لكالم ابن عباس أن الربا يقع فقط يف حالة البيع بأكثر من مثن الشراء األول للشخص نفسه. جاء يف املوطأ بشرح الزرقاين ما نصه " 23:عن القاسم بن حممد أنه قال :مسعت عبد اهلل بن عباس 24 الوِرق تلك : عباس ابن فقال يقبضها، أن قبل بيعها اد ر فأ ورجل يسأله عن رجل سلف يف سبائب، َ بالوِرق ،وكره ذلك .قال مالك :وذلك فيما نرى -واهلل أعلم -أنه إمنا أراد أن يبيعها من صاحبها الذي َ اشرتاها منه بأكثر من الثمن الذي ابتاعها به". أما الطعام فإن املالكية ال يرون جواز بيعه قبل قبضه يف السلم أو غريه من البيوع .وحجة مالك ومن وافقه كأمحد وداود 25حىت إن كان غري الطعام مثل الطعام عند ابن عباس أنه" :خص الطعام، فإدخال غريه يف معناه ليس بأصل وال قياس؛ ألنه زيادة علي النص بغري نص .واهلل أحل البيع مطلقاً إال ما خصه على لسان رسوله أو ذكره يف كتابه ،وحديث حكيم رفعه ،إذا ابتعت شيئاً فال تبعه حىت 21الضرير ،السلم وتطبيقاته المعاصرة ،ضمن حبوث جملة جممع الفقه اإلسالمي ،العدد التاسع ،ص.14 22المرجع السابق ،ص12 23شرح الزرقاين علي موطأ اإلمام مالك ،بريوت :دار الفكر3122 ،ه ،ج ،1ص.101 24سبيبة :وهي شقة من الثياب ،أي نوع كان ،وقيل :هي من الكتان ،انظر :ابن منظور ،لسان العرب ،مرجع سابق ،ج ،3ص.421 25داود بن علي بن خلف األصفهاين الظاهري ،وكنيته أبو سليمان ،تنسب له الطائفة الظاهرية ،سكن بغداد ،وانتهت إليه رياسة العلم فيهما ،انظر :الزركلي ،األعالم ،دار العلم للماليني،بريوت 6610م،ط ،5ج ،26ص.222 8 تقبضه ،إمنا أراد الطعام بدليل رواية احلفاظ حلديث حكيم بن حزام أن النيب قال له إذا ابتعت طعاماً 26 فال تبعه حىت تقبضه. وهكذا نرى أن علة الربا بحسب رأي المالكية ال تتحقق إال إذا كان البيع في السلم المتوازي لذات البائع األول .وهذا غري وارد يف اقرتاح التجاين عبد القادر أمحد؛ 27إذ إن السلم املتوازي بطبيعته ينعقد مع طرف ثالث ،غري الطرف األول بقصد بيع بضاعة مشاهبة يف الصفة واألجل ،ومن غري ربط بني العقدين. السلَم ميكن أن يكون شراء على خماطرة حيث يتم الشراء واالستالم والتخزين ،ومن ثَم بيعها بسعر و َ السلَم متاجرة ،وذلك على أساس السوق ،ويكون الربح فيها على ما قسم اهلل .كما ميكن أن يكون َ السلَم املوازي يف صفقات جمزأة ومتالحقة بأسعار ترتفع تدرجيياً - الشراء سلماً باجلملة ،ث البيع بطريق َ بطبيعة احلال -كلما اقرتب موعد التسليم. السلَم ،إمنا هو :عقد متويل ميكن للشركة أن تستخدمه للحصول على يتضح مما تقدم؛ أن عقد َ املال ،وذلك ببيع سلعها إن كانت تنتج سلعاً تصلح حمالً للسلم (مع عدم النص على املصدر بل على الصفقة فقط) أو بيع سلع ينتجها الغري ،ميكن للشركة أن تشرتيها من السوق وتسلمها إىل املشرتي عند حلول األجل. فإذا احتاجت الشركة إىل سيولة عاجلة (لصرف الرواتب الشهرية مثالً) ميكنها احلصول على النقود السلَم ،وهلا أن تنفق هذه األموال ملصاحلها اخلاصة تلتزم فيه إقباض املشرتي السلع عند من خالل بيع َ 28 األجل. وقد أوضح األستاذ عبد اللطيف جناحي يف حبثه؛ 29أن السلم وسيلة متويلية هبا رفق أكب وتوزيع للمخاطر على شرحية أوسع من املستثمرين ،فالدفع املقدم مي ّكن املنتج من متويل إنتاج السلعة ،ويف حالة عدم التمكن من تسليم املسلم فيه ،فإن أصل الثمن املدفوع من قبل البنك يبقى دون زيادة ،ويكون قد فات على البنك رحبه فقط ،أما أصل املبلغ فمضمون بالرهن. 26المرجع السابق. 27التجاين عبدالقادر أمحد ،السلم بديل شرعي للتمويل المصرفي المعاصر ،الخرطوم :دار السداد5002 ،م . 28حممد علي القري ،ورقة عمل بعنوان :حتول الشركات للتعامل املشروع ،مقدمة لندوة البكة لالقتصاد اإلسالمي ،دورة 3999 ،32م. 29عبد اللطيف عبد الرحيم اجلناحي ،سندات السلم بديل لسندات الخزانة ، ،ص.39 9 المبحث الثاني:توجيه السيولة لدى المصارف اإلسالمية نحو صيغ التمويل اإلنتاجية بعد أن استعرضنا يف املبحث األول املفاهيم األساسية لعقد السلم نتناول اآلن كيفية ضخ السيولة هلذه الصيغة التمويلية لغرض إخراجها من عدم املباالة إىل اجلدارة االئتمانية اليت تتمتع هبا هذه الصيغة. يُعد موضوع السيولة من المواضيع المهمة في المصارف التجارية واالحتفاظ بكميات كبرية منها يشكل عامالً من العوامل املقللة من رحبية املصرف اليت تؤدي إىل خسارة متعامليه ،كما أنه يعطي مؤشراً سلبياً على عدم قدرة املصرف على استثمار الفائض لديه .لذا نشأ مصطلح جديد أطلق عليه (خماطر السيولة) ،وهو -كما يعرفه جملس اخلدمات املالية اإلسالمية – (تعرض مؤسسة اخلدمات املالية اإلسالمية خلسارة حمتملة تنشأ عن عدم قدرهتا على الوفاء بالتزاماهتا ،أو متويل الزيادة يف املوجودات عند استحقاقها دون أن تتكبد تكاليف أو خسائر غري مقبولة) ،30ونتيجة هلذه املخاطر نشأ مصطلح آخر مسي ب (إدارة خماطر السيولة) ،وقد عرفته جلنة بازل بأنه( :قدرة املصرف على متويل الزيادة يف املوجودات والوفاء بااللتزامات يف مواعيدها وبتكلفة معقولة)(.)31 بأهنا قدرة املصرف على مواجهة التزاماته املالية ،واليت تتكون بشكل واملقصود بالسيولة املصرفية ّ : 32 املودعني للسحب من الودائع ،وتلبية طلبات املقرتضني لتلبية حاجات اجملتمع. كبري من تلبية طلبات ّ أو هي مدى توافر أصول سريعة التحويل إىل نقدية بدون خسائر يف قيمتها ملقابلة الديون املستحقة يف مواعيدها دون تأخري.33 أوال :تعريف السيولة تعرف السيولة بأهنا ( :القدرة على توفري األموال ملواجهة االلتزامات التعاقدية ،ومتطلبات العمالء غري التعاقدية بأسعار مناسبة يف كل األوقات) ،34وعرفها قاموس شيبان املتخصص يف العلوم املصرفية واملالية السيولة بأهنا: -3ق درة الف رد أو املنش أة ع لى حت وي ل أص ول ه إىل نق ود أو أشباه نقود cash equivalentبسرعة دون أن يتأثر سعر تلك األصول سلباً. -5القدرة على بيع أسهم أو سندات بكميات كبرية دون أن يؤثر البيع سلباً على أسعار تلك األسهم أو السندات .35 يتبني من هذه التعاريف أ ّن السيولة مسألة نسبية ،هلا متغريان :المتغير األول هو األصول السائلة. املودعني وطلبات االئتمان .وبطبيعة احلال ختتلف األصول السائلة يف والمتغير الثاني هو سحوبات ّ يتم حتويلها نتيجة هذا درجة سيولتها ،أي يف إمكانية حتويلها إىل نقدية بدون خسائر ،أو خبسائر ّ 30مجلس الخدمات المالية اإلسالمية ) .)5002( ،(IFSBالمبادئ اإلرشادية إلدارة المخاطر للمؤسسات (عدا مؤسسات التأمين) التي تقتصر على تقديم خدمات مالية إسالمية ،كوااللمبور. 2008 31 Basel Committee, Feb 32د فالح حسن الحسيني ،د مؤيد الدوري ،إدارة البنوك مدخل كمي واستراتيجي معاصر ،دار وائل للنشر ،األردن2000 ،م.ص.62 33د سيد الهواري ،إدارة البنوك مع التركيز على البنوك التجارية والبنوك اإلسالمية ،دار الجيل ،القاهرة ،7891 ،ص .00 34د خليل الشماع ،إدارة المصارف 35نبيل ودينا :قاموس شيبان ( أركابيتا) للعلوم المصرفية والمالية ص.270 11 املودعني بسحب ودائعهم مع تزايد طلبات االئتمان جتعل السيولة التصرف .ومن ناحية أخرى فإ ّن قيام ّ يف املصارف التجارية مسألة حساسة وخطرية .ففي الوقت الذي ميكن أن يطلب من أي دائن يف أية شركة صناعية أو زراعية أو عقارية مهلة للسداد ،جند أ ّن األمر يصبح خطرياً لو أ ّن املصرف طلب من املودعني االنتظار حلني تدبري األموال ،وعلى ذلك فإ ّن نقص السيولة للمصرف رمبا يكون مميتاً له ّ ولالقتصاد القومي ككل. إ ّن كمية السيولة اليت جيب أن حيتفظ هبا املصرف أو اجلهاز املصريف ،ككل مشكلة من املشكالت يضحي بأرباح كان الرئيسة يف إدارة املصرف ،إذ أ ّن زيادة السيولة تعين أ ّن املصرف أو اجلهاز املصريف ّ من املمكن حتقيقها لو ّت توظيف تلك األموال السائلة على الوجه األكمل يف حتريك أو تدعيم متطلبات االقتصاد القومي. ثانيا :تعريف إدارة السيولة لقد أصدر البنك املاليزي املركزي BNMمعياراً حدد فيه مفهوم إدارة السيولة يف البنوك اإلسالمية وبني أن إدارة السيولة تعين( :احتفاظ البنك بت دفق ات نق دي ة ك افي ة ملواجهة سحوبات كبرية بشكل فجائي أو غري معت اد) ،36وق د قس م (الي ر وآخ رون) إدارة النق د (الس يول ة) إىل قسمني ،إدارة أس اس ي ة Basic Cash Managementوإدارة متق دم ة Advanced Cash :Managementفاإلدارة األساسية للسيولة هي اليت تتعامل مع النقد الفعلي املتوفر لدى املؤسسة، أي تكون واحدة من أهم وظائفها الرئيسة حتديد املستوى األمثل للنقد ،حبيث ميكن دفع واستالم املبالغ الضرورية لتشغيل املؤسسة بشكل سليم. أما اإلدارة املتقدمة للسيولة فتتضمن اإلدارة األساسية باإلضافة إىل مهام أخرى مثل :التنبؤ بالسيولة والتفاوض وإقامة العالقات مع املؤسسات املالية ومؤسسات إدارة املخاطر املالية.37 ثالثا :مصادر السيولة المصادر الداخلية :وهي متثل نسبة ضئيلة من إمجايل السيولة ،وتشتمل على حقوق املسامهني من رأس املال واحتياطيات وأرباح املرحلة ،واملخصصات ،وبعض املصادر األخرى مثل التمويل من املسامهني على ذمة زيادة رأس املال ،والقروض احلسنة من املسامهني. المصادر الخارجية :تشتمل املصادر اخلارجية لألموال يف املصارف اإلسالمية على :الودائع بأنواعها (الودائع حتت الطلب (احلسابات اجلارية) ،والودائع االدخارية (حسابات التوفري) ،وودائع االستثمار (حسابات االستثمار) وودائع املؤسسات املالية .والصكوك بأنواعها (صكوك اإلجارة واملضاربة واملشاركة وغريها) ،ودفاتر االدخار وشهادات اإليداع. 36 Bank Negara Malaysia (2002). Liquidity Framework for Islamic Financial Institutions, Kuala Lumpur . 37 Management Versus Cash Management, International Research Journal of Finance and Economics, Euro Journals Publishing, Inc 11 رابعا:أهداف إدارة السيولة هتدف إدارة السيولة يف املصارف اإلسالمية إىل اآليت: احملافظة على استمرار املصرف يف أداء وظيفته على أحسن وجه ،وإبعاد خماطر العسر املايل عنه. التأكد من مقدرة املصرف على الوفاء بالتزاماته وحتصيل الذمم والتمويالت واالستثمارات يف تاريخاستحقاقها. محاية األصول من عملية البيع االضطراري عند احلاجة ،وعدم تعريض املصرف ملخاطرة كبرية علىاملدى الطويل. تقوية ثقة املودعني وبالتايل استمرارهم يف اإليداع من خالل اإلدارة اجليدة ملوجوداهتم. تسييل األوراق املالية وبيع األصول دون حتمل خسارة. توريق أصول بغرض إصدار صكوك ،لتحقق عوائد جمزية للمستثمرين وتغطية جزء من العجز يفاملوازنة. جتنيب املصرف اللجوء االضطراري لالقرتاض بشروط جمحفة أو غري متوافقة مع أحكام الشريعةاإلسالمية. خامسا :مرتكزات إدارة السيولة في المصارف اإلسالمية مثة مرتكزات جيب أن تتوفر يف هيكلة املصارف اإلسالمية لرتتقي إىل املستوى املطلوب يف إدارة السيولة ،وتتجنب خماطر اإلعسار أو سوء استثمار ودائع املتعاملني ومن أهم هذه املرتكزات:38 .3احتواء السوق على عدد كبير من المتعاملين الفاعلين .ذلك أن احتواء السوق املالية على عدد كبري من املتعاملني الفاعلني يعطي زمخا وحافزا للمصارف ،ويعزز من كفاءة السوق املالية السيما السوق الثانوية (سوق التداول). .5تنويع وتطوير األدوات المالية .يعد تنويع وتطوير األدوات املالية عامالً مهما يف إدارة السيولة ،ومواكبة تطور املصرفية اإلسالمية املتسارع ونسبة منوها اليت جتاوزت يف بعض الدول اإلسالمية %20سنويا .وقد حرصت ماليزيا على أخذ الريادة يف هذا اجلانب ،إذ تقدمت الدول يف نسبة إصدار الصكوك ،كما احتوت على حزمة متنوعة من املنتجات املالية اليت أصدرت أساساً لتسهيل إدارة السيولة بني املصارف اإلسالمية. .3ضمان شفافية السوق .إن ضعف أو غياب الشفافية يف السوق املالية جيعل من احلصول على املعلومات املطلوبة النتقاء األوراق املالية املناسبة مكلفة مادياً ومستهلكة للوقت ،مما يؤدي إىل تضييق اجملال على املستثمرين وضعف اإلقبال على هذه األوراق بسبب غياب الشفافية يف غالب األحيان. 38د أكرم الل الدين و د سعيد بهراوة ،بحث بعنوان إدارة السيولة في المصارف اإلسالمية26،دورة 20لمجمع الفقه اإلسالمي ،مكة المكرمة ،2060/62/26-25،ص 6بتصرف. 12 سادسا:مخاطر السيولة: ويشري هذا النوع إىل عدم كفاية السيولة ملتطلبات التشغيل العادية ،وتقلل من مقدرة املصرف على اإليفاء بالتزاماته اليت حلت آجاهلا .وتنشأ هذه املخاطر نتيجة )١( :صعوبة احلصول على السيولة بتكلفة معقولة عن طريق االقرتاض (خماطر متويل السيولة) .أو ( )٢نتيجة تعذر بيع األصول (خماطر تسييل األصول) .وميكن معاجلة خماطر متويل السيولة من خالل الرتتيب املناسب للتدفقات النقدية، وتوفري مصادر جديدة لتمويل عجز السيولة .كما ميكن معاجلة خماطر تسييل األصول من خالل تنويع احملفظة االستثمارية ،ووضع قيود على املنتجات ذات السيولة املنخفضة .وهتتم إدارة األصول واخلصوم يف املصارف التقليدية يف جانب منها بتخفيض خماطر السيولة. وتواجه املصارف اإلسالمية هذا النوع من املخاطر مع فقدان بعض البدائل املالئمة للتخفيض منها ألن 39 االقرتاض بفائدة من الربا ،وألن بيع الدين ال جيوز إال بقيمته االمسية. ويوجد عدد من البدائل لتوفير السيولة للبنك في الحاالت العادية والطارئة من أهمها ما يأتي: .3عقد السلم الذي يكون فيه البنك بائعاً. .5االستصناع الذي يكون فيه البنك بائعاً مع اشرتاط دفع الثمن مقدماً. .1صكوك اإلجارة اإلسالمية اليت تستند إىل بيع أصول حقيقية مملوكة للبنك. .4صكوك املضاربة واملشاركة. .2ترويج احلسابات اجلارية واحلسابات االستثمارية القائمة على املضاربة واملشاركة والوكالة. والذي يعنينا عقد السلم موضوع البحث ،ومبا أن لعقد السلم ميزة متويلية فريدة وحيقق مصاحل اقتصادية عامة ،إذ أن الفقه اإلسالمي أقر مبدئياً قاعدة عدم جواز بيع املعدوم استثىن السلم باتفاق االجتهادات تلبية هلذه املصلحة االقتصادية العامة ،ويليب عقد السلم حاجة املنتج والصانع والتاجر إىل رأس املال العامل يستعني به على نشاطه االقتصادي ،وحيقق كذلك يف اجلانب اآلخر رغبة املشرتي لتحصيل بضاعة حمددة الكمية والوصف بثمن أرخص عادة بسبب تسليف مثنها وميزة أخرى يستفيد منها املشرتي يف عقد السلم هي أن بإمكانه حتديد الوقت 39 د عبد الباري مشعل ،المخاطر في البنوك اإلسالمية /وصف وتحليل 13 الذي يستلم فيه بضاعة السلم مبا يالئم حاجاته اإلنتاجية ،فيقلل من مصروفات التخزين ،فقد يكون املشرتي منتجاً حيتاج إىل شراء مواد أولية أو مواد نصف مصنعة يستخدمها يف صناعاته.40 ولكي نقدر مدى كفاءة املعاملة يف صورة عقد السلم ال بد أن تكون أمام أنظارنا الصورة التالية: -١يتم استخدام املال يف وظيفته الطبيعية بتوجيهه لعملية النمو االقتصادي ،وذلك باستخدامه مباشرة لتلبية حاجات اإلنتاج. -٢على خالف عقد املشاركة وهو من عقود األمانة فعقد السلم ميكن احلصول فيه على ضمانات الوفاء. -٣يتفوق هذا العقد على عقد األمانة ،سواء ،يف صورة القرض بالفائدة ،كما تستعمله البنوك الربوية، أم يف صورة املراحبة لآلمر بالشراء ،أو بيع العينة ،أو بيع الوفاء ،كما تستعمل يف املصارف اإلسالمية، وذلك بتجنب مشاكل التضخم السريع. -٤يتيح عقد السلم للمصرف اإلسالمي -من خالل توظيفه للسيولة -احلصول على عائد يزيد على مثن الزمن ،إذ يقبل متلقي التمويل أن يدفع مقابالً لضمان التسويق سلفاً قبل اإلنتاج ،ومقابالً للتأمني عن تغري األسعار ،وبذلك يتاح للمصرف اإلسالمي فرصة احلصول على عائد من استخدام أمواله ،يزيد عن العائد الذي حيصل عليه البنك الربوي ،فتتهيأ للمصرف اإلسالمي إمكانية منافسة البنك الربوي. وهبذا ميكن أن يكون عقد السلم -يف االستخدام املعاصر -أداة متويلية ذات كفاءة عالية من حيث استخدامها لالستجابة حلاجات التمويل املتنوعة واملختلفة للمتمولني سواء أكانوا زراعاً أم صناعاً أم جتاراً .أم مهنيني من مقاولني أو مهندسني ،وال تكاد حتصر جماالت تطبيق عقد السلم يف النشاطات الزراعية والتجارية الداخلية واخلارجية والصناعية وحىت االستثمار يف اإلسكان ،ومن املعلوم أن املصارف تقوم بدور الوسيط املايل يف االقتصاد .فهي تتلقى الودائع مبختلف أشكاهلا من اجلمهور ،ث تعرضها لالستثمار من خالل متويل عمالئها الراغبني ،لتحريك نشاطهم التجاري واخلدمي ،الذي يعود بالنفع على اجملتمع من خالل تلبية حاجات هذا اجملتمع املختلفة، 40 التجاني عبد القادر أحمد ،السلم بديل شرعي للتمويل المصرفي المعاصر (نظرة مالية واستثمارية) ،وزارة المالية واالقتصاد الوطني اللجنة االستشارية العليا للصكوك الحكومية ،اإلصدارية الثانية ،الطبعة األولي ،الخرطوم :دار السداد،4002 ،ص .55-79 14 وعليه ميكن أن يصبح البائع ،يف مرحلة الحقة ،مشرتياً ،والعكس بالعكس ،وهذا مينحه وضعاً مساوياً ومعاكساً يف مركز املقاصة ،بعد التسوية ،مما يؤدي إىل إلغاء وضعه األصلي األول مشرتياً كان أو بائعاً .وهلذا السبب فلن حيتاج هذا التاجر البحث عن التاجر األصلي الذي دخل معه يف العقد ليعكس أو يلغي العقد معه ،ألن أي تاجر آخر ،يرغب يف أخذ هذا الوضع ،حيقق الغرض ،الذي سوف حيل حمله يف هناية اليوم مركز املقاصة .ونتيجة هلذه اخلصائص جند أن أسواق املستقبليات ذات سيولة عالية، مبعىن أن تنضيض (تصفية) أي عقد تتم بسرعة وبتكلفة ضئيلة. إن ضم سوق التبادل مع مركز املقاصة يؤدي إىل:41 -3مجع التجار بعضهم مع بعض .وهذا تنتج عنه سيولة عالية تساعد بدورها يف حتويل املخاطر إىل مركز املقاصة. -5تتحسن متطلبات السيولة من خالل تنميط العقود ،الن السعر يصبح هو املتغري الوحيد الذي يكون عرضة للتفاوض. -1سهولة معرفة األسعار ،حيققها نظام مفتوح لإلعالن عن األسعار ،حبيث تكون املعلومات متاحة للجميع. وبالنظر إىل اجلدول رقم ( )3والذي يوضح متوسط نسب تدفق التمويل املصريف حسب الصيغ للفرتة ( .)5033-3999مل يكن حظ صيغة السلم بأحسن حال من املضاربة إذ جاء املتوسط خالل كامل الفرتة %1من تدفق التمويل . جدول رقم ()1 نسب تدفق التمويل املصريف حسب الصيغ للفرتة ()5033-3999 المرابحة 74 المشاركة 22 المضاربة 5 السلم 3 أخرى 23 المصدر :د احمد مجذوب احمد ،التمويل المصرفي اإلسالمي بين صيغ المشاركات والمداينات ،بحوث ندوة البركة ،37،2،13 ص.213 يتضح من النسب املذكورة بعدم مباالة املصارف اإلسالمية لصيغة املضاربة والسلم والصيغ األخرى اليت حلت يف املراتب األخرية رغم كل السيولة املتوفرة لديها ،إذ تشري تقديرات احتاد املصارف العربية إىل بلوغ جمموع أصول املصارف اإلسالمية العربية رحو 122مليار دوالر بنهاية العام 5033 41 التجاني عبد القادر أحمد ،السلم بديل شرعي للتمويل المصرفي،مصدر سابق. 15 مقارنة بنحو 152مليار دوالر بنهاية العام ( 5030أي بزيادة رحو .)%33وبالنسبة للحصة السوقية ألصول املصارف اإلسالمية من جمموع أصول القطاع املصريف لكل دولة ،تشري البيانات املتوفرة إىل أهنا بلغت بنهاية العام 5033كما يلي :اإلمارات العربية ،%32.4السعودية ،%53البحرين ،%50.1قطر ،%55.1الكويت ،%45.1لبنان ،%0.1األردن ،%33.2فلسطني ،%1.2 مصر %2.1وموريتانيا %. 2.9وشكلت اصول املصارف اإلسالمية يف 2دول خليجية رحو %22 من جمموع اصول اإلسالمية العربية (ما يساوي رحو 134مليار دوالر) .يف املقابل بلغت حصة املصارف اإلسالمية يف الدول العربية األخرى (وهي موريتانيا ،تونس ،فلسطين ،لبنان ،سوريا ،الجزائر، اليمن ،األردن ،العراق ،مصر والسودان) نحو %71من مجموع المصارف اإلسالمية العربية وهو ما يساوي 20مليار دوالر .42 وهنا ال بد من وقفة ،فبدال من تنمية النشاط املصريف بعقود ترتبط مباشرة بتوظيف وتوجيه السيولة رحو تنمية النشاط اإلنتاجي والتنموي للمجتمع مثل :املضاربة والسلم واإلجارة سنجد اهتماما مبنتج يشبع الطلب على النقود مثل التورق! ث ال ندري ألي شيء أو ألي هدف تطلب هذه النقود متاما مثل البنوك التقليدية؟ وملعاجلة ذلك وإعادة التوازن إىل نشاطات املصارف اإلسالمية البد من إحداث تغيري يف هيكل وبرامج األساليب االستثمارية وأدوات التمويل اليت تقدمها املصارف ،وهنا يبز الدور اهلام لألدوات االستثمارية اإلسالمية كضرورة لدعم وتطوير العمل املصريف اإلسالمي يف تقدمي متويل ( طويل - متوسط -قصري األجل) وإعادة التوازن لالستثمارات وأنشطة املصارف من خالل توظيف األموال املودعة لديها يف صكوك استثمارية طويلة األجل أو خالل املسامهة يف آلية عمل الصناديق االستثمارية على سبيل املثال. ففي النظام االقتصادي اإلسالمي تتعايش امللكية الفردية وامللكية اجلماعية وامللكية احلكومية باعتبارها وسائل تنظيمية ختضع ملبدأ االستخالف الذي يعمل على حفظ املصاحل الشرعية ،ويف مجيع هذه احلاالت يوجد العقد يف الفقه اإلسالمي يف صلب املعامالت املالية الشرعية باعتباره الوسيلة املثلى لتحقيق مقصد حفظ املال ؛ ألنه ينقل هذه امللكية االستخالفية من الفرد إىل الفرد ،أو من الفرد إىل اجلماعة ،أو من الفرد إىل الدولة ،أو من اجلماعة إىل الدولة بناء على التقاء إرادة أطراف معينة ،لتحقيق مصاحل معينة .فالعقود تشكل اليد اخلفية اليت تنظم السوق ،وحتقق توازنه ،من خالل مبدأ الرتاضي، 43 الذي هو اإلجياب والقبول يبني الطرفني. وبالرغم من أن صيغة عقد السلم مثلها مثل املداينات ال تتصف مبخاطر كثرية إال إننا نالحظ املخاطر اآلتية :44مثل: 42عدنان يوسف ،رئيس اتحاد المصارف اإلسالمية ،الجزيرة البحرينية، 43د محمد الصحري ،االقتصاد اإلسالمي ،رؤية مقاصدية ،دار إحياء للنشر الرقمي ،أيار، 2062،ص .65 الخميس 82رمضان ع 14567 44 د احمد مجذوب احمد ،التمويل المصرفي اإلسالمي بين صيغ المشاركات والمداينات ،بحوث ندوة البركة ،37،2،13ص.194 16 .3 .5 .1 .4 عدم قدرة العميل على تسليم السلعة يف الزمان واملواصفات احملددة واملتفق عليها يف العقد. عدم رغبته يف تسليم السلعة املسلم فيها وعدم قدرة املصرف على معاقبته بالغرامة الن الفقهاء ال جييزوهنا ،وخماطر السوق املرتبطة مبخاطر السلع املسلم فيها من جهة عدم استقرار أسعارها. تغري أسعار الصرف اخلاصة يف عقود السلم املرتبطة بالتجارة اخلارجية . ضعف القدرات يف وضع معايري لتحديد هامش الربح يف املسلم فيه. إن جناح إدارة السيولة يف املصارف اإلسالمية يتطلب توفري أدوات مالية ذات فعالية عالية جتمع بني الرحبية والتنويع واالستجابة ملختلف آجال االستحقاق .وقد توفرت اهلندسة املالية الغربية على أدوات مالية متنوعة إلدارة هذه السيولة ،غري أهنا تأسست كلها على الربا اجملمع على حترميه ،كما اتسمت بتعميق مفرط للمديونية. وتأسيسا على ما سبق ميكن أن يساهم هذا األسلوب يف م عاجلة إدارة مشكلة السيولة يف املصارف اإلسالمية ،ففي حالة نقص السيول ة تستطيع املصارف أن تصكك بعض مش روعاهتا االس تثمارية طويل ة األجل مثل : مشروعات االستصناع. مشروعات بيوع السلم. مشروعات اإلجارة واإلجارة املنتهية بالتمليك . مشروعات املشاركة واملشاركة بالتمليك. وغريها .وب ذلك تس تطيع احلص ول عل ى الس يولة الالزم ة وفق ا ألحك ام ومب اد الش ريعة اإلس المية .وم ن ناحي ة أخ رى يف حال ة وج ود ف ائض س يولة تس تطيع أن تش رتي مث ل ه ذه الص كوك م ن املع روض منه ا حس ب السياسات اليت تدير هبا اخلزينة واليت سبق اإلشارة إليها. 17 الخاتمة: إن من أهم ما ميتاز به التمويل اإلسالمي أنه يرتبط بالنشاط االقتصادي احلقيقي من خالل تبادل النقد بعوض(سلعة ،منفعة ،جهد) وهنا يكون حجم الدين املرتتب على التمويل مواكبا للنمو االقتصادي احلقيقي ،ما جيعل املقصد الشرعي الكلي يف حفظ املال يف مأمن من تقلبات االقتصاد كما حصل يف االقتصاد الوضعي ومتويله يف األزمة العاملية . لذا فإن ببيع السلم ،ميكن أن حيتل كصيغة الستخدام املوارد التمويلية للبنك ،مكانة أهم من بيع املراحبة اآلجلة إذا أديرت عملياته بكفاءة ،مع مالحظة أن تعظيم ربح البنك من عمليات السلم سوف يتحقق كلما زاد الفرق بني مثن الشراء من املنتجني ومثن البيع للبضاعة يف سوق العقود اآلجلة، وكلما تضاءل الفرق الزمين بني تاريخ تسلم البضاعة من املنتج وتاريخ تسليمها للمشرتى النهائي. وأما بالنسبة لدرجة املخاطرة يف بيع السلم؛ فإهنا تتعاظم كلما قلت الثقة يف مقدرة البائع بالسلم على تسليم البضاعة باملواصفات املطلوبة يف التاريخ احملدد ،أو كلما تعذر على البنك إجراء التغطية الالزمة يف سوق العقود اآلجلة للبضاعة املسلم فيها ،أو تعذر عليه التنبؤ باجتاهات األسعار املستقبلية هلذه البضاع ة ،ولذلك فإن اإلدارة الناجحة لعمليات السلم من قبل البنك تستدعي تقليل هذه املخاطرة إىل حدها األدىن املمكن .45يتبني مما سبق أن مشكلة السيولة النقدية يف املصارف اإلسالمية أكثر خطورة عنها يف البنوك التقليدية الربوية حيث ال تتوقف عند املوازنة بني عنصري األمان والرحبية بل قبل ذلك مدى التزامها بأحكام ومباد الشريعة اإلسالمية . 46 لذا فإن مسؤولية املصارف اإلسالمية ليست جمرد حتقيق أعلى معدالت لتوظيف املوارد املالية املتاحة وال حتقيق أقصى أرباح ممكنة وإمنا حتقيق أعلى معدالت لتوظيف املوارد املالية بوسائل ال يشك ألبته يف شرعيتها ألجل خدمة األهداف االقتصادية احلقيقية لألمة اإلسالمية. 45 46 نواف يوسف أبو حجلة ،المصارف اإلسالمية ودورها في قطاعات التنمية وآليات التطوير د حسين حسين شحاتة ،إدارة السيولة في المصارف اإلسالمية ،المعايير واألساليب ،ص.91 18 النتائج والتوصيات: وقد خلص البحث إلى جملة من النتائج أهمها: -3إن ببيع السلم ،ميكن أن حيتل كصيغة الستخدام املوارد التمويلية للبنك ،مكانة أهم من بيع املراحبة اآلجلة إذا أديرت عملياته بكفاءة. تعظيم ربح البنك من عمليات السلم سوف يتحقق كلما زاد الفرق بني مثن الشراء من -5 املنتجني ومثن البيع للبضاعة يف سوق العقود اآلجلة. -1السوق اإلسالمية تعاين من فوبيا األدوات النقدية املالية إلدارة السيولة. -4إن السيولة :هي القدرة على متويل الزيادة يف املوجودات ،والوفاء بااللتزامات عند مواعيد استحقاقها دون تكبد خسائر غري مقبولة ،وإدارة هذه السيولة تعين احتفاظ املصرف بتدفقات نقدية كافية ملواجهة سحوبات كبرية وبشكل فجائي أو غري معتاد. إن حسن إدارة السيولة تكمن يف املوازنة بني اإلبقاء على نسبة من السيولة للوفاء -2 بالتزامات املتعاملني ،واستثمار جزء منها لتحقيق الرحبية هلم. كما خلص إلى جملة من التوصيات أهمها: -3ضرورة تعاون املصارف اإلسالمية على الصعيد احمللي والدويل ومن خالل إشراك علماء الشريعة واملتخصصني يف املصرفية اإلسالمية لتفعيل أدوات مالية نقدية إلدارة السيولة يف املصارف اإلسالمية. -5االستعانة خبباء أو وكالء أو شركات متخصصة يف عمليات البيع والتسليم اآلجل. -1االعتماد على عمليات بيع السلم بشكل خاص يف جمال التجارة اخلارجية (التصدير واالسترياد) من خالل وكالء متخصصني أو شركات على أن جيري االتفاق مع أعداد كبرية من منتجي سلعة تصديرية معينة يتم شراء إنتاجهم يف تاريخ الحق حمدد ،ومبواصفات وكميات حمددة بطرق السلم ،على أن يتم إجراء عمليات بيع سلم ملستوردي هذه السلعة يف خارج البالد يف التاريخ نفسه. -4ضرورة تطوير أطر قانونية وتنظيمية إلدارة السيولة تستوعب الصيغ التمويلية للمصارف اإلسالمية على الصعيد العاملي. -2ضرورة املبادرة إىل تأسيس نظام آيل يسمح للمصارف اإلسالمية بتداول فائض السيول على الصعيد الدويل وبطرق فعالة. 19 المصادر والمراجع: باإلضافة الهوامش -3هيئة احملاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسالمية :املعايري الشرعية (مملكة البحرين :هيئة احملاسبة واملراجعة ،ط 5030م). -5جملس اخلدمات املالية اإلسالمية ) ،(IFSBاملعيار رقم 5ورقم .1املباد اإلرشادية إلدارة املخاطر للمؤسسات (عدا مؤسسات التأمني) اليت تقتصر على تقدمي خدمات مالية إسالمية، كواالملبور. -1د .خليل حممد حسن الشماع ،إدارة املصارف ،الطبعة الثانية ،مطبعة الزهراء ،بغداد.3992 ، -4د .رضا صاحب أبو محد ،إدارة املصارف ،مدخل حتليلي كمي معاصر ،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ،األردن.5005 ، -2د .زياد رمضان ،حمفوظ جودة ،االجتاهات املعاصرة يف إدارة البنوك ،دار وائل للنشر ،عمان، .5000 -2د .طارق طه ،إدارة البنوك ،املعهد العايل لإلدارة واحلاسب اآليل ،كنج مربوط ،اإلسكندرية، .3999 -1د .سيد اهلواري ،إدارة البنوك مع الرتكيز على البنوك التجارية والبنوك اإلسالمية ،دار اجليل، القاهرة.3921 ، -2د .فالح حسن احلسيين ،د .مؤيد عبد الرمحن الدوري ،إدارة البنوك مدخل كمي واسرتاتيجي معاصر ،دار وائل للنشر ،األردن.5000 ، -9د قتيب ة عب د ال رمحن الع اين ،التموي ل ووظائف ه يف البن وك اإلس المية والتجاري ة،دار النف ائس ،عم ان األردن5031 ،م. -30د .هيل عجمي مجيل ،أثر االحتياطي النقدي اإللزامي على التسهيالت االئتمانية للبنوك التجارية األردنية للفرتة ،5003-3920مركز األردن للدراسات ،عمان.5001 ، -33نبيل ودينا :قاموس شيبان ( أركابيتا) للعلوم املصرفية واملالية المراجع األجنبية: Bank Negara Malaysia (2002). Liquidity Framework for Islamic Financial Institutions. Kuala Lumpur. Dusuki, Asyraf Wajdi (2007). Commodity Murabahah Programme (CMP): An Innovative Approach to Liquidity Management, Kuala .Lumpur: 5th International Islamic Finance Conference. 21 المواقع اإللكترونية: .http://iimm.bnm.gov.my/index.php?ch=4&pg=4&ac=22 .http://iimm.bnm.gov.my/index.php?ch=4&pg=4&ac=98 http://www.imf.org/external/pubs/ft/mfs/manual/pdf/mmfsch6 ..pdf /http://www.lmcbahrain.com هذا ونسأل اهلل تعاىل التوفيق واهلداية ،والعون على الثبات على ما يرضي اهلل تعاىل مهما اشتدت الفنت واألوهام واحليل. واحلمد هلل رب العاملني. 21
© Copyright 2025 Paperzz