دقتيبة العاني

‫مركز بيان للهندسة المالية اإلسالمية‬
‫ملتقى الخرطوم للصناعة المالية‬
‫النسخةالسادسة‬
‫بحث بعنوان‪:‬‬
‫اليد الخفية للمصارف إلاسالمية في عقد السلم‬
‫د قتيبة عبد الرحمن العاني‬
‫منسق أكاديمي – أكاديمية لوتاه التطبيقية‬
‫دبي – دولة إلامارات العربية املتحدة‬
‫‪1‬‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫مركز بيان للهندسة المالية اإلسالمية‬
‫سعادة المدير التنفيذي ورئيس المؤتمر الموقر‬
‫السالم عليكم ورحمة هللا وبركاته وبعد‪،‬‬
‫الموضوع ‪ /‬مؤتمر الخرطوم لتطوير المنتجات المالية اإلسالمية‬
‫بكل فخر واعتزاز اطلعنا على فعاليات مؤتمركم لتطوير المنتجات المالية اإلسالمية ( السلم‬
‫وتطبيقاته المعاصرة) المزمع انعقاده للفترة ‪ 4012/11/11 -10‬في الخرطوم ‪ -‬السودان‪.‬‬
‫وبهذه المناسبة يسعدني ويشرفني بالمشاركة بورقة عمل في المؤتمر المذكور‪ ،‬وضمن المحور‬
‫الثاني– السلم ودوره في إدارة السيولة في النظام المصرفي‪ -‬بعنوان‪( :‬اليد الخفية للمصارف‬
‫اإلسالمية في عقد السلم) ‪ ،‬متمنين لمؤتمركم الموفقية والنجاح‬
‫وفييي الختييام ننتهييز هييذه الفرصيية لنبييار لكييم عيييد الفطيير المبييار جعلنييا هللا وإييياكم ميين عتقييا ه‬
‫وأعاده هللا علينا وعلى األمة اإلسالمية باليُمن والبركة‪،‬‬
‫وبعد التوكل على هللا ‪ :‬أرفق إليكم ورقة العمل مع نبذة موجزة للسيرة الذاتية للباحث‪.‬‬
‫د قتيبة عبد الرحمن العاني‬
‫منسق أكاديمي – أكاديمية لوتاه التطبيقية‬
‫دبي – دولة اإلمارات العربية المتحدة‬
‫‪00791101014940‬‬
‫‪[email protected]‬العنوان اإللكتروني‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫ملخص الورقة‪:‬‬
‫اليد الخفية للمصارف اإلسالمية في عقد السلم‬
‫الدكتور قتيبة عبد الرحمن العاني‬
‫أكاديمية لوتاه التطبيقية‪ -‬دبي‬
‫يعد موضوع املوارد املتاحة وإدارهتا وتوظيفها من املواضيع اإلسرتاتيجية باملؤسسات املالية‪ ،‬ففي حالة‬
‫توفر السيولة وعدم توظيفها يشكل فوائض مالية قابلة لالخنفاض والتعطيل عن فرص استثمارية‪ ،‬ويف‬
‫حالة عدمها تصبح املؤسسة غري قادرة على الوفاء أو استغالل الفرص املتاحة لتحقيق الرحبية ‪ ،‬وتتصف‬
‫املصارف اإلسالمية بتذبذب التدفقات النقدية بسبب اجملال االستثماري التمويلي املباشر لألعمال‬
‫التجارية واليت يتم احلصول عليها من الودائع وحسابات االستثمارات املتنوعة‪ ،‬واليت يصعب التنبؤ‬
‫بنتائجها مستقبال ‪ ،‬ولعقد بيع السلم مسامهة جادة وفاعلة يف مواجهة هذه التحديات والتخفيف من‬
‫آثارها‪ .‬من هنا برزت احلاجة إىل تفعيل عقد السلم من خالل توظيف السيولة املرتاكمة لدى املصارف‬
‫اإلسالمية املرتبطة بأهداف التنمية االقتصادية وفق الضوابط احملددة واليت متنع من ارحراف الصيغة عن‬
‫اهلدف املقصود‪.‬‬
‫هذا ما سيتم مناقشته يف هذه الورقة اهلادفة إىل دور املصارف اإلسالمية يف كيفية توظيف السيولة‬
‫عب الباحث عنها (باليد اخلفية)‪ ،‬إلزالة الغنب وتطبيق مبدأ اإلحسان يف عقد السلم خاصة مع‬
‫واليت ّ‬
‫معدالت النمو املرتفعة يف املدخرات لديها‪ ،‬مع إجياد احملفزات لتطويرها مبا حيقق توافق أفضل بني‬
‫األهداف واملقاصد اليت أنشئ من اجلها‪.‬‬
‫وتتكون الورقة من مقدمة ومبحثني‪ ،‬وخامتة‪ ،‬فاملبحث األول ناقش املفاهيم األساسية لعقد السلم من‬
‫حيث التعريف واحلكم والدليل ‪ .‬أما املبحث الثاين حبث املرتكزات األساسية للسيولة وتأثريها على عقد‬
‫السلم والتوازن ما بينها وبني الرحبية ‪ ،‬وخلص البحث يف خامتته إىل النتائج والتوصيات‪.‬‬
‫كلمات دالة‪:‬‬
‫سيولة ‪ ،‬السلم‪ ،‬تقييم‬
‫‪3‬‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫احلمد هلل والصالة والسالم على املبعوث رمحة للعاملني وعلى اله وصحبه الطيبني ومن تبعهم إىل يوم‬
‫الدين وبعد‪:‬‬
‫يعد موضوع إدارة السيولة من املواضيع املهمة كوهنا متثل إحدى وسائل جذب املدخرات ومجع‬
‫األموال من أجل استخدامها يف متويل املشاريع واألنشطة االقتصادية اليت ختدم االقتصاد الوطين‪ ،‬إذ‬
‫تعطي هذه األداة فرصاً مميزة للمشاريع اجلديدة والقائمة يف االستثمار‪ ،‬كما تعد واحدا من أكثر األدوات‬
‫استقرارا‪ ،‬فالسيولة والرحبية هدفان متالزمان ومتعارضان يف الوقت نفسه‪ .‬ومبدأ التالزم بينهما ناشئ عن‬
‫أمهية كلتيهما لوجود أية مؤسسة جتارية واستمرارها ‪ .‬فالسيولة ضرورية لتفادي خطر اإلفالس والتصفية‪،‬‬
‫والرحبية ضرورية للنمو واستمرار البقاء‪ ،‬ألن اخلسارة ستؤدي إىل تآكل حقوق أصحاب املؤسسة‪ ،‬وبالتايل‬
‫تصفيتها ‪ .‬أما التعرض بني هذين العنصرين‪ ،‬فناشئ من حتقق املزيد من إحدامها على حساب األخرى‪.‬‬
‫لذا جيب على اإلدارة املالية للمؤسسة إعطاء عناية خاصة للموازنة بني هذين األمرين‪ ،‬لآلثار السلبية‬
‫الكبرية املمكن أن تنشأ عن عدم املوازنة بينهما‪ ،‬وذلك من خالل مراقبة دقيقة للتدفقات النقدية الداخلة‬
‫واخلارجة‪ ،‬حىت ال تكون هناك سيولة زائدة‪ ،‬ويف نفس الوقت عليها أن توجه استثماراهتا إىل الغايات‬
‫األساسية اليت قامت املنشأة من أجلها دون املبالغة يف التوسع على حساب السيولة‪ . 1‬والسيولة تعين‬
‫االقرتاب األكثر من النقد وشبه النقد‪ ،‬والرحبية تعين االبتعاد األكثر عنهما‪ ،‬باعتبار أن دخل االستثمار‬
‫يف األصول‪ ،‬األقرب إىل النقد‪ ،‬غالبا ما يكون أقل من دخل االستثمار يف األصول األخرى األقل‬
‫سيولة‪ ،‬حبكم ما حتتويه من خماطر يف حال احتفاظ املؤسسة املالية اإلسالمية بأي أرصدة نقدية وبلوغها‬
‫النصاب واحلول دون استثمارها يكلف املؤسسة سنويا نسبة الزكاة املستحقة ‪.%.5.2‬‬
‫وتوضح هذه الورقة أهمية توظيف السيولة واملدخرات لدى املصارف اإلسالمية يف إنعاش صيغة عقد‬
‫السلم والصيغ األخرى األقل منوا باملقارنة مع مثيالهتا الصيغ التمويلية الفاعلة‪ .‬والسيما يف ظل توفر‬
‫السيولة لدى املصارف واملؤسسات املالية‪ ،‬وعدم توظيفها وتوجيهها رحو االستثمارات احلقيقية‬
‫والتمويالت التنموية واإلنتاجية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪. com‬‬
‫‪JPS Accounting Forums‬‬
‫‪www .‬‬
‫‪4‬‬
‫هذا ما سيتم مناقشته يف هذه الورقة اهلادفة إىل إعادة تقييم عقد السلم‪ ،‬خاصة مع معدالت النمو‬
‫املرتفعة يف املدخرات يف املصارف اإلسالمية مع إجياد احملفزات لتطويرها مبا حيقق توافق أفضل بني‬
‫األهداف واملقاصد اليت أنشئت من اجلها يف توظيف السيولة املرتاكمة لدى املصارف اإلسالمية‪،‬‬
‫مؤكدين بأن عقد السلم يصلح يف بيع املنتجات البرتولية والغاز‪ ،‬إضافة إىل أن عقود السلم مهمة وميكن‬
‫لالقتصاد االستفادة منها ملا فيها من تقدمي خدمات حقيقية للمجتمع ‪ ،‬فهو يشجع أعمال املزارعني‬
‫واحلرفيني ومنتجي الصناعات املختلفة السيما وأنه “السلم” وسيلة تعني أصحاب األفكار واالخرتاعات‬
‫واالبتكارات من حتقيق أهدافهم لزيادة اإلنتاج واخنفاض األسعار ‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫السلَم‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المفاهيم األساسية لعقد بيع َ‬
‫السلم – بفتح السني والالم‪ -‬اسم مصدر‪ ،‬يقول العالمة ابن منظور‪" :‬السلم بالتحريك‪ :‬السلف‪،‬‬
‫وأسلم يف الشيء‪ ،‬وسلم‪ ،‬وأسلف‪ :‬مبعىن واحد‪ ،‬واألسلم‪ :‬السلم‪ 2:‬وهو استعجال رأس املال وتقدميه‪،‬‬
‫ولفظ السلم لغة أهل احلجاز‪ ،‬والسلف لغة أهل العراق‪ ،‬ولفظة السلف أعم من السلم؛ إذ إنه يطلق‬
‫على القرض كذلك‪.‬‬
‫ف يف جملة األحكام العدلية‪" 3:‬بيع شيء غري معني‪ ،‬مؤجل التسليم‪ ،‬بثمن معجل‪ ".‬أي‪:‬‬
‫وقد عِّر َ‬
‫هو الذي يتم فيه تسليم الثمن‪ ،‬وتأخري املثمن‪ ،‬وهو عكس البيع بالتقسيط‪ ،‬إذ يتم فيه تسليم املثمن‪،‬‬
‫وتأخري الثمن‪.‬‬
‫السلَم ببيع المحاويج ؛ ألنه بيع غائب‪ ،‬تدعو إليه ضرورة كل واحد من املتبايعني‪،‬‬
‫وتسمي الفقهاء َ‬
‫‪4‬‬
‫السلَم هو؛ قول الرسول ‪‬‬
‫أي‪ :‬أنه شراء سلعة مؤجلة بثمن مدفوع حاالً‪ .‬واألصل يف دليل مشروعية َ‬
‫‪5‬‬
‫"من أسلف يف شيء‪ ،‬ففي كيل معلوم ووزن معلوم إىل أجل معلوم‪".‬‬
‫‪6‬‬
‫أما يف االصطالح الفقهي‪ :‬فقد عرفه احلنفية بأنه‪" :‬بيع آجل بعاجل‪".‬‬
‫‪7‬‬
‫وعرفه الشافعية بأنه‪" :‬عقد على موصوف يف الذمة ببذل يعطى عاجالً‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫وعرفه املالكية بأنه‪" :‬عقد معاوضة يوجب عمارة ذمة بغري عني وال منفعة‪ ،‬غري متماثل العوضني‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫أما احلنابلة فقد عرفوه بأنه ‪" :‬أن يسلم عوضاً حاضراً يف عوض موصوف يف الذمة إىل أجل‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫حقيقة السلم‪:‬‬
‫ُّ‬
‫يعد السلم من أنواع املعاوضات‪ ،‬يرتب ديْنَاً يف ذمة املسلَم إليه‪ ،‬ومن ثَم يتحقق فيه معىن البيع‬
‫واملداينة‪ ،‬فم ا هو وجه هذي احلقيقة لدى الفقهاء وأثرها عليه؟‬
‫‪ 2‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ 5‬ص‪.391‬‬
‫‪ 3‬املادة‪.351 :‬‬
‫‪ 4‬الغريب ناصر(د)‪ ،‬حبث بعنوان التمويل املصريف االسالمي‪ ،‬مجلة االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬ع‪ ،552‬ص‪.13‬‬
‫‪ 5‬البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬كتاب السلم‪ ،‬ط‪ ،2‬ج‪ ،5‬ص‪.123‬‬
‫‪ 6‬ابن عابدين‪ ،‬حاشية رد المختار‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرة‪ :‬مكتبة مصطفى البايب احلليب‪6611 ،‬م‪ ،‬ج‪.206 ،5‬‬
‫‪ 7‬حممد اخلطيب الشربيين‪ ،‬مغنى المحتاج‪ ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة مصطفى البايب احلليب‪6651 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.602‬‬
‫‪ 8‬احلطاب‪ ،‬مواهب الجليل للحطاب وبهامشه التاج واإلكليل للمواق‪ ،‬ليبيا‪ :‬مكتبة النجاح‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.234‬‬
‫‪ 9‬ابن قدامة‪ ،‬المغني وبهامشه الشرح الكبير‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الكتاب العريب‪6692 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،4‬ص ‪.262‬‬
‫‪ 10‬حمم د عب د احلل يم عم ر(د)‪ ،‬اإلطااار الشاارعي واالقتصااادي والمحاساابي لبيااع الساالم‪ ،‬حب ث حتليل ي ي رقم ‪ ،32‬ج دة‪ :‬البن ك اإلس المي‬
‫للتنمية‪3993 ،‬م‪ ،‬ص‪.32-34‬‬
‫‪6‬‬
‫من حيث كونه بيعا‪ :‬يتفق مجهور الفقهاء على أنه نوع من أنواع البيوع؛ إذ إنه حني التعاقد يعد‬
‫نوعاً من البيع‪ ،‬كما يقول صاحب (اجملموع) من الشافعية وهو ‪ -‬أي السلم‪ -‬نوع من البيع‪ ،‬ينعقد مبا‬
‫‪11‬‬
‫ينعقد به البيع‪ ،‬ويعتب فيه من الشروط ما يعتب يف البيع‪".‬‬
‫‪12‬‬
‫ويقول ابن قدامه من احلنابلة‪" :‬وهو نوع من البيع ينعقد مبا ينعقد به البيع‪.‬‬
‫أما فقهاء احلنفية فجاء لديهم‪ " :‬وركنه ركن البيع من اإلجياب والقبول حىت ينعقد بلفظ بيع يف‬
‫‪13‬‬
‫األصح‪".‬‬
‫وأما املالكية ف ج اء عند بياهنم ألنواع أو أقسام املبيع أنه ينقسم من حيث تأجيل أحد عوضيه إىل‬
‫أربعة أقس ام‪ ،‬القسم الرابع منها‪" 14 :‬وإن تأجل املثمون فقط فهو السلم" كم ا ج اء لديهم ‪-‬أيضاً‪ :‬وكره‬
‫‪15‬‬
‫بعض السلف لفظ (السلم) يف حقيقته العرفية اليت هي أحد أنواع البيع‪.‬‬
‫وخالف ابن حزم‪ 16‬اجلمهور يف ذلك إذ إنه يقول‪" :‬السلم ليس بيعاً" ث أورد أوجه اخلالف بني‬
‫السلم والبيع‪ .‬وبالرغم من اتفاق مجهور الفقهاء على أن السلم نوع من البيع إال أهنم اختلفوا يف انعقاده‬
‫بلفظ البيع على رأيني‪:‬‬
‫ رأي احلنابلة واحلنفية واملالكية وبعض الشافعية‪ :‬يرون أن السلم ينعقد بلفظ السلم‪ ،‬وبلفظ البيع‪،‬‬‫فيقول ابن قدامة يف املغين‪ " 17:‬وهو نوع من البيع ينعقد مبا ينعقد به البيع وبلفظ السلم‪ "،‬كما يقول‪:‬‬
‫"ويصح بلفظ بيع وكل ما ينعقد به البيع‪ .".‬كما يقول ابن عابدين‪" :‬وركنه ركن البيع حىت ينعقد بلفظ‬
‫‪19‬‬
‫البيع‪ 18".‬كما يقول صاحب اجملموع‪" :‬وينعقد بلفظ السلف والسلم‪ ،‬ويف لفظ البيع وجهان‪".‬‬
‫‪ .3‬رأي بعض الشافعية وابن حزم‪ :‬حيث يقول صاحب مغين احملتاج‪" :‬وأما لفظ السلم فيشرتط فيه‬
‫‪20‬‬
‫على األصح‪".‬‬
‫‪ .5‬أما ابن حزم فإنه ال يع ّده بيعاً من األصل‪ ،‬ومن ثَم ال ينعقد البيع عنده‪.‬‬
‫‪ 11‬حممد جنيب املطيعي‪ ،‬التكملة الثانية للمجموع شرح المهذب‪ ،‬جدة‪ :‬نشره زكريا علي يوسف‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ج‪ ،62‬ص‪.64‬‬
‫‪ 12‬ابن قدامة‪ ،‬المغني وبهامشه الشرح الكبير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،4‬ص ‪.262‬‬
‫‪ 13‬ابن عابدين‪ ،‬الحاشية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.206‬‬
‫‪ 14‬احلطاب‪ ،‬مواهب الجليل والتاج واإلكليل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬جملد‪ ،4‬ص‪.221‬‬
‫‪ 15‬احلطاب‪،‬مواهب اجلليل يف شرح خمتصر خليل ‪ ،‬ج‪ 4‬باب شرط السلم قبض رأس المال كله ‪ ،‬دار الفكر‪6662،‬م ص‪.564‬‬
‫‪ 16‬ابن حزم‪ ،‬المحلى‪ ،‬القاهرة‪ :‬إدارة الطباعة املنريية ‪6256‬ه ‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.605‬‬
‫‪ 17‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.262‬‬
‫‪ 18‬ابن عابدين‪ ،‬الحاشية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.206‬‬
‫‪ 19‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،62‬ص‪.605‬‬
‫‪ 20‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.305‬‬
‫‪7‬‬
‫السلَّم المتوازي‪:‬‬
‫أما السلم املوازي‪ ،‬فهو‪ :‬استخدام صفقيت سلم متوافقتني‪ ،‬دون ربط بينهما؛ إذ إن املشرتي يبيع يف‬
‫السلم األول سلعة للمشرتي يف السلم الثاين باملواصفات نفسها واملقدار نفسه‪ ،‬وإىل نفس األجل الذي‬
‫سيتسلم فيه السلعة اليت أسلم فيها‪ 21.‬وهبذه الطريقة يستطيع رب السلم األول‪ ،‬وهو البنك يف حالتنا‬
‫هذه‪ ،‬جتنب تقلبات أسعار السلعة عند حلول األجل‪ ،‬ويلتزم يف ذات الوقت بعدم بيع سلعة السلم قبل‬
‫قبضها‪.‬‬
‫ويرى بعض الفقهاء املعاصرين أن السلم املوازي ال خيلو من علة الربا اليت أشار إليها ابن عباس‪‬‬
‫بقوله‪ :‬ذاك دراهم بدراهم والطعام مرجأ؛ "مؤخر" ‪ ،‬السيما إذا اختذ هذا األسلوب من السلم املتوازي‬
‫‪22‬‬
‫بقصد التجارة والربح‪.‬‬
‫وهذا القول بعلة الربا يف السلم املتوازي يقع فقط فيما إذا كان البيع إىل الشخص نفسه الذي‬
‫اشرتى منه السلعة بأكثر من الثمن الذي اشرتاها به‪ ،‬حسب رأي املالكية‪ ،‬باإلضافة إىل ذلك ال يعدلون‬
‫الطعام بغريه من السلع‪ .‬وتفسريهم لكالم ابن عباس أن الربا يقع فقط يف حالة البيع بأكثر من مثن‬
‫الشراء األول للشخص نفسه‪.‬‬
‫جاء يف املوطأ بشرح الزرقاين ما نصه‪ " 23:‬عن القاسم بن حممد أنه قال‪ :‬مسعت عبد اهلل بن عباس‬
‫‪24‬‬
‫الوِرق‬
‫تلك‬
‫‪:‬‬
‫عباس‬
‫ابن‬
‫فقال‬
‫يقبضها‪،‬‬
‫أن‬
‫قبل‬
‫بيعها‬
‫اد‬
‫ر‬
‫فأ‬
‫ورجل يسأله عن رجل سلف يف سبائب‪،‬‬
‫َ‬
‫بالوِرق‪ ،‬وكره ذلك‪ .‬قال مالك‪ :‬وذلك فيما نرى ‪-‬واهلل أعلم‪ -‬أنه إمنا أراد أن يبيعها من صاحبها الذي‬
‫َ‬
‫اشرتاها منه بأكثر من الثمن الذي ابتاعها به‪".‬‬
‫أما الطعام فإن املالكية ال يرون جواز بيعه قبل قبضه يف السلم أو غريه من البيوع‪ .‬وحجة مالك‬
‫ومن وافقه كأمحد وداود ‪25‬حىت إن كان غري الطعام مثل الطعام عند ابن عباس أنه‪" :‬خص الطعام‪،‬‬
‫فإدخال غريه يف معناه ليس بأصل وال قياس؛ ألنه زيادة علي النص بغري نص‪ .‬واهلل أحل البيع مطلقاً إال‬
‫ما خصه على لسان رسوله أو ذكره يف كتابه‪ ،‬وحديث حكيم رفعه‪ ،‬إذا ابتعت شيئاً فال تبعه حىت‬
‫‪ 21‬الضرير‪ ،‬السلم وتطبيقاته المعاصرة‪ ،‬ضمن حبوث جملة جممع الفقه اإلسالمي ‪ ،‬العدد التاسع ‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪ 22‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪12‬‬
‫‪ 23‬شرح الزرقاين علي موطأ اإلمام مالك‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الفكر‪3122 ،‬ه ‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.101‬‬
‫‪ 24‬سبيبة‪ :‬وهي شقة من الثياب‪ ،‬أي نوع كان‪ ،‬وقيل‪ :‬هي من الكتان‪ ،‬انظر‪ :‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.421‬‬
‫‪ 25‬داود بن علي بن خلف األصفهاين الظاهري‪ ،‬وكنيته أبو سليمان ‪ ،‬تنسب له الطائفة الظاهرية‪ ،‬سكن بغداد‪ ،‬وانتهت إليه رياسة‬
‫العلم فيهما‪ ،‬انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬األعالم‪ ،‬دار العلم للماليني‪،‬بريوت ‪6610‬م‪،‬ط‪ ،5‬ج‪ ،26‬ص‪.222‬‬
‫‪8‬‬
‫تقبضه‪ ،‬إمنا أراد الطعام بدليل رواية احلفاظ حلديث حكيم بن حزام أن النيب ‪ ‬قال له إذا ابتعت طعاماً‬
‫‪26‬‬
‫فال تبعه حىت تقبضه‪.‬‬
‫وهكذا نرى أن علة الربا بحسب رأي المالكية ال تتحقق إال إذا كان البيع في السلم المتوازي‬
‫لذات البائع األول‪ .‬وهذا غري وارد يف اقرتاح التجاين عبد القادر أمحد؛‪ 27‬إذ إن السلم املتوازي‬
‫بطبيعته ينعقد مع طرف ثالث‪ ،‬غري الطرف األول بقصد بيع بضاعة مشاهبة يف الصفة واألجل‪ ،‬ومن غري‬
‫ربط بني العقدين‪.‬‬
‫السلَم ميكن أن يكون شراء على خماطرة حيث يتم الشراء واالستالم والتخزين‪ ،‬ومن ثَم بيعها بسعر‬
‫و َ‬
‫السلَم متاجرة‪ ،‬وذلك على أساس‬
‫السوق‪ ،‬ويكون الربح فيها على ما قسم اهلل‪ .‬كما ميكن أن يكون َ‬
‫السلَم املوازي يف صفقات جمزأة ومتالحقة بأسعار ترتفع تدرجيياً ‪-‬‬
‫الشراء سلماً باجلملة‪ ،‬ث البيع بطريق َ‬
‫بطبيعة احلال‪ -‬كلما اقرتب موعد التسليم‪.‬‬
‫السلَم‪ ،‬إمنا هو‪ :‬عقد متويل ميكن للشركة أن تستخدمه للحصول على‬
‫يتضح مما تقدم؛ أن عقد َ‬
‫املال‪ ،‬وذلك ببيع سلعها إن كانت تنتج سلعاً تصلح حمالً للسلم (مع عدم النص على املصدر بل على‬
‫الصفقة فقط) أو بيع سلع ينتجها الغري‪ ،‬ميكن للشركة أن تشرتيها من السوق وتسلمها إىل املشرتي عند‬
‫حلول األجل‪.‬‬
‫فإذا احتاجت الشركة إىل سيولة عاجلة (لصرف الرواتب الشهرية مثالً) ميكنها احلصول على النقود‬
‫السلَم‪ ،‬وهلا أن تنفق هذه األموال ملصاحلها اخلاصة تلتزم فيه إقباض املشرتي السلع عند‬
‫من خالل بيع َ‬
‫‪28‬‬
‫األجل‪.‬‬
‫وقد أوضح األستاذ عبد اللطيف جناحي يف حبثه؛‪ 29‬أن السلم وسيلة متويلية هبا رفق أكب وتوزيع‬
‫للمخاطر على شرحية أوسع من املستثمرين‪ ،‬فالدفع املقدم مي ّكن املنتج من متويل إنتاج السلعة‪ ،‬ويف حالة‬
‫عدم التمكن من تسليم املسلم فيه‪ ،‬فإن أصل الثمن املدفوع من قبل البنك يبقى دون زيادة‪ ،‬ويكون قد‬
‫فات على البنك رحبه فقط‪ ،‬أما أصل املبلغ فمضمون بالرهن‪.‬‬
‫‪ 26‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ 27‬التجاين عبدالقادر أمحد‪ ،‬السلم بديل شرعي للتمويل المصرفي المعاصر‪ ،‬الخرطوم‪ :‬دار السداد‪5002 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ 28‬حممد علي القري‪ ،‬ورقة عمل بعنوان‪ :‬حتول الشركات للتعامل املشروع ‪ ،‬مقدمة لندوة البكة لالقتصاد اإلسالمي‪ ،‬دورة ‪3999 ،32‬م‪.‬‬
‫‪ 29‬عبد اللطيف عبد الرحيم اجلناحي‪ ،‬سندات السلم بديل لسندات الخزانة‪ ، ،‬ص‪.39‬‬
‫‪9‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬توجيه السيولة لدى المصارف اإلسالمية نحو صيغ التمويل اإلنتاجية‬
‫بعد أن استعرضنا يف املبحث األول املفاهيم األساسية لعقد السلم نتناول اآلن كيفية ضخ السيولة‬
‫هلذه الصيغة التمويلية لغرض إخراجها من عدم املباالة إىل اجلدارة االئتمانية اليت تتمتع هبا هذه الصيغة‪.‬‬
‫يُعد موضوع السيولة من المواضيع المهمة في المصارف التجارية واالحتفاظ بكميات كبرية منها‬
‫يشكل عامالً من العوامل املقللة من رحبية املصرف اليت تؤدي إىل خسارة متعامليه‪ ،‬كما أنه يعطي مؤشراً‬
‫سلبياً على عدم قدرة املصرف على استثمار الفائض لديه‪ .‬لذا نشأ مصطلح جديد أطلق عليه (خماطر‬
‫السيولة)‪ ،‬وهو ‪-‬كما يعرفه جملس اخلدمات املالية اإلسالمية – (تعرض مؤسسة اخلدمات املالية‬
‫اإلسالمية خلسارة حمتملة تنشأ عن عدم قدرهتا على الوفاء بالتزاماهتا‪ ،‬أو متويل الزيادة يف املوجودات عند‬
‫استحقاقها دون أن تتكبد تكاليف أو خسائر غري مقبولة)‪ ،30‬ونتيجة هلذه املخاطر نشأ مصطلح آخر‬
‫مسي ب (إدارة خماطر السيولة) ‪،‬وقد عرفته جلنة بازل بأنه‪( :‬قدرة املصرف على متويل الزيادة يف املوجودات‬
‫والوفاء بااللتزامات يف مواعيدها وبتكلفة معقولة)(‪.)31‬‬
‫بأهنا قدرة املصرف على مواجهة التزاماته املالية‪ ،‬واليت تتكون بشكل‬
‫واملقصود بالسيولة املصرفية ‪ّ :‬‬
‫‪32‬‬
‫املودعني للسحب من الودائع‪ ،‬وتلبية طلبات املقرتضني لتلبية حاجات اجملتمع‪.‬‬
‫كبري من تلبية طلبات ّ‬
‫أو هي مدى توافر أصول سريعة التحويل إىل نقدية بدون خسائر يف قيمتها ملقابلة الديون املستحقة يف‬
‫مواعيدها دون تأخري‪.33‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف السيولة‬
‫تعرف السيولة بأهنا ‪( :‬القدرة على توفري األموال ملواجهة االلتزامات التعاقدية‪ ،‬ومتطلبات العمالء‬
‫غري التعاقدية بأسعار مناسبة يف كل األوقات) ‪،34‬وعرفها قاموس شيبان املتخصص يف العلوم املصرفية‬
‫واملالية السيولة بأهنا‪:‬‬
‫‪ -3‬ق درة الف رد أو املنش أة ع لى حت وي ل أص ول ه إىل نق ود أو أشباه نقود ‪ cash equivalent‬بسرعة‬
‫دون أن يتأثر سعر تلك األصول سلباً‪.‬‬
‫‪ -5‬القدرة على بيع أسهم أو سندات بكميات كبرية دون أن يؤثر البيع سلباً على أسعار تلك األسهم‬
‫أو السندات ‪.35‬‬
‫يتبني من هذه التعاريف أ ّن السيولة مسألة نسبية‪ ،‬هلا متغريان‪ :‬المتغير األول هو األصول السائلة‪.‬‬
‫املودعني وطلبات االئتمان‪ .‬وبطبيعة احلال ختتلف األصول السائلة يف‬
‫والمتغير الثاني هو سحوبات ّ‬
‫يتم حتويلها نتيجة هذا‬
‫درجة سيولتها‪ ،‬أي يف إمكانية حتويلها إىل نقدية بدون خسائر‪ ،‬أو خبسائر ّ‬
‫‪ 30‬مجلس الخدمات المالية اإلسالمية )‪ .)5002( ،(IFSB‬المبادئ اإلرشادية إلدارة المخاطر للمؤسسات (عدا مؤسسات‬
‫التأمين) التي تقتصر على تقديم خدمات مالية إسالمية‪ ،‬كوااللمبور‪.‬‬
‫‪2008 31‬‬
‫‪Basel Committee, Feb‬‬
‫‪ 32‬د فالح حسن الحسيني ‪ ،‬د مؤيد الدوري‪ ،‬إدارة البنوك مدخل كمي واستراتيجي معاصر‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬األردن‪2000 ،‬م‪.‬ص‪.62‬‬
‫‪ 33‬د سيد الهواري‪ ،‬إدارة البنوك مع التركيز على البنوك التجارية والبنوك اإلسالمية‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬القاهرة‪ ،7891 ،‬ص ‪.00‬‬
‫‪ 34‬د خليل الشماع‪ ،‬إدارة المصارف‬
‫‪ 35‬نبيل ودينا‪ :‬قاموس شيبان ( أركابيتا) للعلوم المصرفية والمالية ص‪.270‬‬
‫‪11‬‬
‫املودعني بسحب ودائعهم مع تزايد طلبات االئتمان جتعل السيولة‬
‫التصرف‪ .‬ومن ناحية أخرى فإ ّن قيام ّ‬
‫يف املصارف التجارية مسألة حساسة وخطرية‪ .‬ففي الوقت الذي ميكن أن يطلب من أي دائن يف أية‬
‫شركة صناعية أو زراعية أو عقارية مهلة للسداد‪ ،‬جند أ ّن األمر يصبح خطرياً لو أ ّن املصرف طلب من‬
‫املودعني االنتظار حلني تدبري األموال‪ ،‬وعلى ذلك فإ ّن نقص السيولة للمصرف رمبا يكون مميتاً له‬
‫ّ‬
‫ولالقتصاد القومي ككل‪.‬‬
‫إ ّن كمية السيولة اليت جيب أن حيتفظ هبا املصرف أو اجلهاز املصريف‪ ،‬ككل مشكلة من املشكالت‬
‫يضحي بأرباح كان‬
‫الرئيسة يف إدارة املصرف‪ ،‬إذ أ ّن زيادة السيولة تعين أ ّن املصرف أو اجلهاز املصريف ّ‬
‫من املمكن حتقيقها لو ّت توظيف تلك األموال السائلة على الوجه األكمل يف حتريك أو تدعيم‬
‫متطلبات االقتصاد القومي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تعريف إدارة السيولة‬
‫لقد أصدر البنك املاليزي املركزي ‪ BNM‬معياراً حدد فيه مفهوم إدارة السيولة يف البنوك‬
‫اإلسالمية وبني أن إدارة السيولة تعين‪( :‬احتفاظ البنك بت دفق ات نق دي ة ك افي ة ملواجهة سحوبات كبرية‬
‫بشكل فجائي أو غري معت اد)‪ ،36‬وق د قس م (الي ر وآخ رون) إدارة النق د (الس يول ة) إىل قسمني‪ ،‬إدارة‬
‫أس اس ي ة ‪ Basic Cash Management‬وإدارة متق دم ة ‪Advanced Cash‬‬
‫‪ :Management‬فاإلدارة األساسية للسيولة هي اليت تتعامل مع النقد الفعلي املتوفر لدى املؤسسة‪،‬‬
‫أي تكون واحدة من أهم وظائفها الرئيسة حتديد املستوى األمثل للنقد‪ ،‬حبيث ميكن دفع واستالم املبالغ‬
‫الضرورية لتشغيل املؤسسة بشكل سليم‪.‬‬
‫أما اإلدارة املتقدمة للسيولة فتتضمن اإلدارة األساسية باإلضافة إىل مهام أخرى مثل‪ :‬التنبؤ‬
‫بالسيولة والتفاوض وإقامة العالقات مع املؤسسات املالية ومؤسسات إدارة املخاطر املالية‪.37‬‬
‫ثالثا‪ :‬مصادر السيولة‬
‫المصادر الداخلية‪ :‬وهي متثل نسبة ضئيلة من إمجايل السيولة‪ ،‬وتشتمل على حقوق املسامهني من‬
‫رأس املال واحتياطيات وأرباح املرحلة‪ ،‬واملخصصات‪ ،‬وبعض املصادر األخرى مثل التمويل من املسامهني‬
‫على ذمة زيادة رأس املال‪ ،‬والقروض احلسنة من املسامهني‪.‬‬
‫المصادر الخارجية‪ :‬تشتمل املصادر اخلارجية لألموال يف املصارف اإلسالمية على‪ :‬الودائع بأنواعها‬
‫(الودائع حتت الطلب (احلسابات اجلارية)‪ ،‬والودائع االدخارية (حسابات التوفري)‪ ،‬وودائع االستثمار‬
‫(حسابات االستثمار) وودائع املؤسسات املالية‪ .‬والصكوك بأنواعها (صكوك اإلجارة واملضاربة واملشاركة‬
‫وغريها)‪ ،‬ودفاتر االدخار وشهادات اإليداع‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫‪Bank Negara Malaysia (2002). Liquidity Framework for Islamic Financial Institutions, Kuala Lumpur .‬‬
‫‪37‬‬
‫‪Management Versus Cash Management, International Research Journal of Finance and Economics, Euro‬‬
‫‪Journals Publishing, Inc‬‬
‫‪11‬‬
‫رابعا‪:‬أهداف إدارة السيولة‬
‫هتدف إدارة السيولة يف املصارف اإلسالمية إىل اآليت‪:‬‬
‫ احملافظة على استمرار املصرف يف أداء وظيفته على أحسن وجه‪ ،‬وإبعاد خماطر العسر املايل عنه‪.‬‬‫ التأكد من مقدرة املصرف على الوفاء بالتزاماته وحتصيل الذمم والتمويالت واالستثمارات يف تاريخ‬‫استحقاقها‪.‬‬
‫ محاية األصول من عملية البيع االضطراري عند احلاجة‪ ،‬وعدم تعريض املصرف ملخاطرة كبرية على‬‫املدى الطويل‪.‬‬
‫ تقوية ثقة املودعني وبالتايل استمرارهم يف اإليداع من خالل اإلدارة اجليدة ملوجوداهتم‪.‬‬‫ تسييل األوراق املالية وبيع األصول دون حتمل خسارة‪.‬‬‫ توريق أصول بغرض إصدار صكوك‪ ،‬لتحقق عوائد جمزية للمستثمرين وتغطية جزء من العجز يف‬‫املوازنة‪.‬‬
‫ جتنيب املصرف اللجوء االضطراري لالقرتاض بشروط جمحفة أو غري متوافقة مع أحكام الشريعة‬‫اإلسالمية‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬مرتكزات إدارة السيولة في المصارف اإلسالمية‬
‫مثة مرتكزات جيب أن تتوفر يف هيكلة املصارف اإلسالمية لرتتقي إىل املستوى املطلوب يف إدارة‬
‫السيولة‪ ،‬وتتجنب خماطر اإلعسار أو سوء استثمار ودائع املتعاملني ومن أهم هذه املرتكزات‪:38‬‬
‫‪ .3‬احتواء السوق على عدد كبير من المتعاملين الفاعلين‪ .‬ذلك أن احتواء السوق املالية‬
‫على عدد كبري من املتعاملني الفاعلني يعطي زمخا وحافزا للمصارف ‪ ،‬ويعزز من كفاءة‬
‫السوق املالية السيما السوق الثانوية (سوق التداول)‪.‬‬
‫‪ .5‬تنويع وتطوير األدوات المالية‪ .‬يعد تنويع وتطوير األدوات املالية عامالً مهما يف إدارة‬
‫السيولة‪ ،‬ومواكبة تطور املصرفية اإلسالمية املتسارع ونسبة منوها اليت جتاوزت يف بعض‬
‫الدول اإلسالمية ‪ %20‬سنويا‪ .‬وقد حرصت ماليزيا على أخذ الريادة يف هذا اجلانب‪ ،‬إذ‬
‫تقدمت الدول يف نسبة إصدار الصكوك‪ ،‬كما احتوت على حزمة متنوعة من املنتجات‬
‫املالية اليت أصدرت أساساً لتسهيل إدارة السيولة بني املصارف اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ .3‬ضمان شفافية السوق‪ .‬إن ضعف أو غياب الشفافية يف السوق املالية جيعل من احلصول‬
‫على املعلومات املطلوبة النتقاء األوراق املالية املناسبة مكلفة مادياً ومستهلكة للوقت‪ ،‬مما‬
‫يؤدي إىل تضييق اجملال على املستثمرين وضعف اإلقبال على هذه األوراق بسبب غياب‬
‫الشفافية يف غالب األحيان‪.‬‬
‫‪ 38‬د أكرم الل الدين و د سعيد بهراوة‪ ،‬بحث بعنوان إدارة السيولة في المصارف اإلسالمية‪26،‬دورة ‪ 20‬لمجمع الفقه اإلسالمي‪ ،‬مكة‬
‫المكرمة‪ ،2060/62/26-25،‬ص ‪ 6‬بتصرف‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫سادسا‪:‬مخاطر السيولة‪:‬‬
‫ويشري هذا النوع إىل عدم كفاية السيولة ملتطلبات التشغيل العادية‪ ،‬وتقلل من مقدرة املصرف على‬
‫اإليفاء بالتزاماته اليت حلت آجاهلا‪ .‬وتنشأ هذه املخاطر نتيجة‪ )١( :‬صعوبة احلصول على السيولة‬
‫بتكلفة معقولة عن طريق االقرتاض (خماطر متويل السيولة)‪ .‬أو (‪ )٢‬نتيجة تعذر بيع األصول (خماطر‬
‫تسييل األصول)‪ .‬وميكن معاجلة خماطر متويل السيولة من خالل الرتتيب املناسب للتدفقات النقدية‪،‬‬
‫وتوفري مصادر جديدة لتمويل عجز السيولة‪ .‬كما ميكن معاجلة خماطر تسييل األصول من خالل تنويع‬
‫احملفظة االستثمارية‪ ،‬ووضع قيود على املنتجات ذات السيولة املنخفضة‪ .‬وهتتم إدارة األصول واخلصوم يف‬
‫املصارف التقليدية يف جانب منها بتخفيض خماطر السيولة‪.‬‬
‫وتواجه املصارف اإلسالمية هذا النوع من املخاطر مع فقدان بعض البدائل املالئمة للتخفيض منها ألن‬
‫‪39‬‬
‫االقرتاض بفائدة من الربا‪ ،‬وألن بيع الدين ال جيوز إال بقيمته االمسية‪.‬‬
‫ويوجد عدد من البدائل لتوفير السيولة للبنك في الحاالت العادية والطارئة من أهمها ما يأتي‪:‬‬
‫‪ .3‬عقد السلم الذي يكون فيه البنك بائعاً‪.‬‬
‫‪ .5‬االستصناع الذي يكون فيه البنك بائعاً مع اشرتاط دفع الثمن مقدماً‪.‬‬
‫‪ .1‬صكوك اإلجارة اإلسالمية اليت تستند إىل بيع أصول حقيقية مملوكة للبنك‪.‬‬
‫‪ .4‬صكوك املضاربة واملشاركة‪.‬‬
‫‪ .2‬ترويج احلسابات اجلارية واحلسابات االستثمارية القائمة على املضاربة واملشاركة والوكالة‪.‬‬
‫والذي يعنينا عقد السلم موضوع البحث‪ ،‬ومبا أن لعقد السلم ميزة متويلية فريدة وحيقق مصاحل‬
‫اقتصادية عامة‪ ،‬إذ أن الفقه اإلسالمي أقر مبدئياً قاعدة عدم جواز بيع املعدوم استثىن السلم‬
‫باتفاق االجتهادات تلبية هلذه املصلحة االقتصادية العامة‪ ،‬ويليب عقد السلم حاجة املنتج‬
‫والصانع والتاجر إىل رأس املال العامل يستعني به على نشاطه االقتصادي‪ ،‬وحيقق كذلك يف‬
‫اجلانب اآلخر رغبة املشرتي لتحصيل بضاعة حمددة الكمية والوصف بثمن أرخص عادة بسبب‬
‫تسليف مثنها وميزة أخرى يستفيد منها املشرتي يف عقد السلم هي أن بإمكانه حتديد الوقت‬
‫‪39‬‬
‫د عبد الباري مشعل‪ ،‬المخاطر في البنوك اإلسالمية ‪ /‬وصف وتحليل‬
‫‪13‬‬
‫الذي يستلم فيه بضاعة السلم مبا يالئم حاجاته اإلنتاجية‪ ،‬فيقلل من مصروفات التخزين‪ ،‬فقد‬
‫يكون املشرتي منتجاً حيتاج إىل شراء مواد أولية أو مواد نصف مصنعة يستخدمها يف صناعاته‪.40‬‬
‫ولكي نقدر مدى كفاءة املعاملة يف صورة عقد السلم ال بد أن تكون أمام أنظارنا الصورة التالية‪:‬‬
‫‪ -١‬يتم استخدام املال يف وظيفته الطبيعية بتوجيهه لعملية النمو االقتصادي‪ ،‬وذلك باستخدامه مباشرة‬
‫لتلبية حاجات اإلنتاج‪.‬‬
‫‪ -٢‬على خالف عقد املشاركة وهو من عقود األمانة فعقد السلم ميكن احلصول فيه على ضمانات‬
‫الوفاء‪.‬‬
‫‪ -٣‬يتفوق هذا العقد على عقد األمانة‪ ،‬سواء‪ ،‬يف صورة القرض بالفائدة‪ ،‬كما تستعمله البنوك الربوية‪،‬‬
‫أم يف صورة املراحبة لآلمر بالشراء‪ ،‬أو بيع العينة‪ ،‬أو بيع الوفاء‪ ،‬كما تستعمل يف املصارف اإلسالمية‪،‬‬
‫وذلك بتجنب مشاكل التضخم السريع‪.‬‬
‫‪ -٤‬يتيح عقد السلم للمصرف اإلسالمي ‪ -‬من خالل توظيفه للسيولة ‪ -‬احلصول على عائد يزيد على‬
‫مثن الزمن‪ ،‬إذ يقبل متلقي التمويل أن يدفع مقابالً لضمان التسويق سلفاً قبل اإلنتاج‪ ،‬ومقابالً للتأمني‬
‫عن تغري األسعار‪ ،‬وبذلك يتاح للمصرف اإلسالمي فرصة احلصول على عائد من استخدام أمواله‪ ،‬يزيد‬
‫عن العائد الذي حيصل عليه البنك الربوي‪ ،‬فتتهيأ للمصرف اإلسالمي إمكانية منافسة البنك الربوي‪.‬‬
‫وهبذا ميكن أن يكون عقد السلم ‪-‬يف االستخدام املعاصر ‪ -‬أداة متويلية ذات كفاءة عالية من حيث‬
‫استخدامها لالستجابة حلاجات التمويل املتنوعة واملختلفة للمتمولني سواء أكانوا زراعاً أم صناعاً أم جتاراً‬
‫‪ .‬أم مهنيني من مقاولني أو مهندسني‪ ،‬وال تكاد حتصر جماالت تطبيق عقد السلم يف النشاطات الزراعية‬
‫والتجارية الداخلية واخلارجية والصناعية وحىت االستثمار يف اإلسكان ‪ ،‬ومن املعلوم أن املصارف تقوم‬
‫بدور الوسيط املايل يف االقتصاد‪ .‬فهي تتلقى الودائع مبختلف أشكاهلا من اجلمهور‪ ،‬ث تعرضها‬
‫لالستثمار من خالل متويل عمالئها الراغبني‪ ،‬لتحريك نشاطهم التجاري واخلدمي‪ ،‬الذي يعود بالنفع‬
‫على اجملتمع من خالل تلبية حاجات هذا اجملتمع املختلفة‪،‬‬
‫‪40‬‬
‫التجاني عبد القادر أحمد ‪ ،‬السلم بديل شرعي للتمويل المصرفي المعاصر (نظرة مالية واستثمارية)‪ ،‬وزارة المالية واالقتصاد الوطني‬
‫اللجنة االستشارية العليا للصكوك الحكومية‪ ،‬اإلصدارية الثانية ‪ ،‬الطبعة األولي‪ ،‬الخرطوم‪ :‬دار السداد‪،4002 ،‬ص ‪.55-79‬‬
‫‪14‬‬
‫وعليه ميكن أن يصبح البائع‪ ،‬يف مرحلة الحقة‪ ،‬مشرتياً‪ ،‬والعكس بالعكس‪ ،‬وهذا مينحه وضعاً‬
‫مساوياً ومعاكساً يف مركز املقاصة‪ ،‬بعد التسوية‪ ،‬مما يؤدي إىل إلغاء وضعه األصلي األول مشرتياً كان أو‬
‫بائعاً‪ .‬وهلذا السبب فلن حيتاج هذا التاجر البحث عن التاجر األصلي الذي دخل معه يف العقد ليعكس‬
‫أو يلغي العقد معه‪ ،‬ألن أي تاجر آخر‪ ،‬يرغب يف أخذ هذا الوضع‪ ،‬حيقق الغرض‪ ،‬الذي سوف حيل‬
‫حمله يف هناية اليوم مركز املقاصة‪ .‬ونتيجة هلذه اخلصائص جند أن أسواق املستقبليات ذات سيولة عالية‪،‬‬
‫مبعىن أن تنضيض (تصفية) أي عقد تتم بسرعة وبتكلفة ضئيلة‪.‬‬
‫إن ضم سوق التبادل مع مركز املقاصة يؤدي إىل‪:41‬‬
‫‪ -3‬مجع التجار بعضهم مع بعض‪ .‬وهذا تنتج عنه سيولة عالية تساعد بدورها يف حتويل املخاطر‬
‫إىل مركز املقاصة‪.‬‬
‫‪ -5‬تتحسن متطلبات السيولة من خالل تنميط العقود‪ ،‬الن السعر يصبح هو املتغري الوحيد‬
‫الذي يكون عرضة للتفاوض‪.‬‬
‫‪ -1‬سهولة معرفة األسعار‪ ،‬حيققها نظام مفتوح لإلعالن عن األسعار‪ ،‬حبيث تكون املعلومات‬
‫متاحة للجميع‪.‬‬
‫وبالنظر إىل اجلدول رقم (‪ )3‬والذي يوضح متوسط نسب تدفق التمويل املصريف حسب الصيغ‬
‫للفرتة (‪ .)5033-3999‬مل يكن حظ صيغة السلم بأحسن حال من املضاربة إذ جاء املتوسط خالل‬
‫كامل الفرتة ‪%1‬من تدفق التمويل ‪.‬‬
‫جدول رقم (‪)1‬‬
‫نسب تدفق التمويل املصريف حسب الصيغ للفرتة (‪)5033-3999‬‬
‫المرابحة‬
‫‪74‬‬
‫المشاركة‬
‫‪22‬‬
‫المضاربة‬
‫‪5‬‬
‫السلم‬
‫‪3‬‬
‫أخرى‬
‫‪23‬‬
‫المصدر‪ :‬د احمد مجذوب احمد‪ ،‬التمويل المصرفي اإلسالمي بين صيغ المشاركات والمداينات‪ ،‬بحوث ندوة البركة ‪،37،2،13‬‬
‫ص‪.213‬‬
‫يتضح من النسب املذكورة بعدم مباالة املصارف اإلسالمية لصيغة املضاربة والسلم والصيغ‬
‫األخرى اليت حلت يف املراتب األخرية رغم كل السيولة املتوفرة لديها ‪ ،‬إذ تشري تقديرات احتاد املصارف‬
‫العربية إىل بلوغ جمموع أصول املصارف اإلسالمية العربية رحو ‪ 122‬مليار دوالر بنهاية العام ‪5033‬‬
‫‪41‬‬
‫التجاني عبد القادر أحمد‪ ،‬السلم بديل شرعي للتمويل المصرفي‪،‬مصدر سابق‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫مقارنة بنحو ‪ 152‬مليار دوالر بنهاية العام ‪( 5030‬أي بزيادة رحو ‪ .)%33‬وبالنسبة للحصة السوقية‬
‫ألصول املصارف اإلسالمية من جمموع أصول القطاع املصريف لكل دولة‪ ،‬تشري البيانات املتوفرة إىل أهنا‬
‫بلغت بنهاية العام ‪ 5033‬كما يلي‪ :‬اإلمارات العربية ‪ ،%32.4‬السعودية ‪ ،%53‬البحرين‬
‫‪ ،%50.1‬قطر ‪ ،%55.1‬الكويت ‪ ،%45.1‬لبنان ‪ ،%0.1‬األردن ‪ ،%33.2‬فلسطني ‪،%1.2‬‬
‫مصر ‪ %2.1‬وموريتانيا ‪ %. 2.9‬وشكلت اصول املصارف اإلسالمية يف ‪ 2‬دول خليجية رحو ‪%22‬‬
‫من جمموع اصول اإلسالمية العربية (ما يساوي رحو ‪ 134‬مليار دوالر)‪ .‬يف املقابل بلغت حصة‬
‫املصارف اإلسالمية يف الدول العربية األخرى (وهي موريتانيا‪ ،‬تونس‪ ،‬فلسطين‪ ،‬لبنان‪ ،‬سوريا‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫اليمن‪ ،‬األردن‪ ،‬العراق‪ ،‬مصر والسودان) نحو ‪ %71‬من مجموع المصارف اإلسالمية العربية وهو ما يساوي‬
‫‪ 20‬مليار دوالر ‪.42‬‬
‫وهنا ال بد من وقفة‪ ،‬فبدال من تنمية النشاط املصريف بعقود ترتبط مباشرة بتوظيف وتوجيه‬
‫السيولة رحو تنمية النشاط اإلنتاجي والتنموي للمجتمع مثل ‪ :‬املضاربة والسلم واإلجارة سنجد اهتماما‬
‫مبنتج يشبع الطلب على النقود مثل التورق! ث ال ندري ألي شيء أو ألي هدف تطلب هذه النقود‬
‫متاما مثل البنوك التقليدية؟‬
‫وملعاجلة ذلك وإعادة التوازن إىل نشاطات املصارف اإلسالمية البد من إحداث تغيري يف هيكل‬
‫وبرامج األساليب االستثمارية وأدوات التمويل اليت تقدمها املصارف‪ ،‬وهنا يبز الدور اهلام لألدوات‬
‫االستثمارية اإلسالمية كضرورة لدعم وتطوير العمل املصريف اإلسالمي يف تقدمي متويل ( طويل ‪-‬‬
‫متوسط ‪ -‬قصري األجل) وإعادة التوازن لالستثمارات وأنشطة املصارف من خالل توظيف األموال‬
‫املودعة لديها يف صكوك استثمارية طويلة األجل أو خالل املسامهة يف آلية عمل الصناديق االستثمارية‬
‫على سبيل املثال‪.‬‬
‫ففي النظام االقتصادي اإلسالمي تتعايش امللكية الفردية وامللكية اجلماعية وامللكية احلكومية‬
‫باعتبارها وسائل تنظيمية ختضع ملبدأ االستخالف الذي يعمل على حفظ املصاحل الشرعية‪ ،‬ويف مجيع‬
‫هذه احلاالت يوجد العقد يف الفقه اإلسالمي يف صلب املعامالت املالية الشرعية باعتباره الوسيلة املثلى‬
‫لتحقيق مقصد حفظ املال ؛ ألنه ينقل هذه امللكية االستخالفية من الفرد إىل الفرد‪ ،‬أو من الفرد إىل‬
‫اجلماعة‪ ،‬أو من الفرد إىل الدولة‪ ،‬أو من اجلماعة إىل الدولة بناء على التقاء إرادة أطراف معينة‪ ،‬لتحقيق‬
‫مصاحل معينة‪ .‬فالعقود تشكل اليد اخلفية اليت تنظم السوق ‪ ،‬وحتقق توازنه‪ ،‬من خالل مبدأ الرتاضي‪،‬‬
‫‪43‬‬
‫الذي هو اإلجياب والقبول يبني الطرفني‪.‬‬
‫وبالرغم من أن صيغة عقد السلم مثلها مثل املداينات ال تتصف مبخاطر كثرية إال إننا نالحظ‬
‫املخاطر اآلتية‪ :44‬مثل‪:‬‬
‫‪ 42‬عدنان يوسف‪ ،‬رئيس اتحاد المصارف اإلسالمية‪ ،‬الجزيرة البحرينية‪،‬‬
‫‪ 43‬د محمد الصحري‪ ،‬االقتصاد اإلسالمي ‪ ،‬رؤية مقاصدية‪ ،‬دار إحياء للنشر الرقمي‪ ،‬أيار‪، 2062،‬ص ‪.65‬‬
‫الخميس ‪ 82‬رمضان ع ‪14567‬‬
‫‪44‬‬
‫د احمد مجذوب احمد‪ ،‬التمويل المصرفي اإلسالمي بين صيغ المشاركات والمداينات‪ ،‬بحوث ندوة البركة ‪ ،37،2،13‬ص‪.194‬‬
‫‪16‬‬
‫‪.3‬‬
‫‪.5‬‬
‫‪.1‬‬
‫‪.4‬‬
‫عدم قدرة العميل على تسليم السلعة يف الزمان واملواصفات احملددة واملتفق عليها يف‬
‫العقد‪.‬‬
‫عدم رغبته يف تسليم السلعة املسلم فيها وعدم قدرة املصرف على معاقبته بالغرامة الن‬
‫الفقهاء ال جييزوهنا ‪ ،‬وخماطر السوق املرتبطة مبخاطر السلع املسلم فيها من جهة عدم‬
‫استقرار أسعارها‪.‬‬
‫تغري أسعار الصرف اخلاصة يف عقود السلم املرتبطة بالتجارة اخلارجية ‪.‬‬
‫ضعف القدرات يف وضع معايري لتحديد هامش الربح يف املسلم فيه‪.‬‬
‫إن جناح إدارة السيولة يف املصارف اإلسالمية يتطلب توفري أدوات مالية ذات فعالية عالية جتمع‬
‫بني الرحبية والتنويع واالستجابة ملختلف آجال االستحقاق‪ .‬وقد توفرت اهلندسة املالية الغربية على أدوات‬
‫مالية متنوعة إلدارة هذه السيولة‪ ،‬غري أهنا تأسست كلها على الربا اجملمع على حترميه‪ ،‬كما اتسمت‬
‫بتعميق مفرط للمديونية‪.‬‬
‫وتأسيسا على ما سبق ميكن أن يساهم هذا األسلوب يف م عاجلة إدارة مشكلة السيولة يف املصارف‬
‫اإلسالمية ‪ ،‬ففي حالة نقص السيول ة تستطيع املصارف أن تصكك بعض مش روعاهتا االس تثمارية طويل ة‬
‫األجل مثل ‪:‬‬
‫ مشروعات االستصناع‪.‬‬‫ مشروعات بيوع السلم‪.‬‬‫ مشروعات اإلجارة واإلجارة املنتهية بالتمليك ‪.‬‬‫ مشروعات املشاركة واملشاركة بالتمليك‪.‬‬‫ وغريها ‪.‬‬‫وب ذلك تس تطيع احلص ول عل ى الس يولة الالزم ة وفق ا ألحك ام ومب اد الش ريعة اإلس المية ‪.‬وم ن ناحي ة‬
‫أخ رى يف حال ة وج ود ف ائض س يولة تس تطيع أن تش رتي مث ل ه ذه الص كوك م ن املع روض منه ا حس ب‬
‫السياسات اليت تدير هبا اخلزينة واليت سبق اإلشارة إليها‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫إن من أهم ما ميتاز به التمويل اإلسالمي أنه يرتبط بالنشاط االقتصادي احلقيقي من خالل‬
‫تبادل النقد بعوض(سلعة‪ ،‬منفعة‪ ،‬جهد) وهنا يكون حجم الدين املرتتب على التمويل مواكبا للنمو‬
‫االقتصادي احلقيقي ‪ ،‬ما جيعل املقصد الشرعي الكلي يف حفظ املال يف مأمن من تقلبات االقتصاد كما‬
‫حصل يف االقتصاد الوضعي ومتويله يف األزمة العاملية ‪.‬‬
‫لذا فإن ببيع السلم ‪ ،‬ميكن أن حيتل كصيغة الستخدام املوارد التمويلية للبنك‪ ،‬مكانة أهم من‬
‫بيع املراحبة اآلجلة إذا أديرت عملياته بكفاءة‪ ،‬مع مالحظة أن تعظيم ربح البنك من عمليات السلم‬
‫سوف يتحقق كلما زاد الفرق بني مثن الشراء من املنتجني ومثن البيع للبضاعة يف سوق العقود اآلجلة‪،‬‬
‫وكلما تضاءل الفرق الزمين بني تاريخ تسلم البضاعة من املنتج وتاريخ تسليمها للمشرتى النهائي‪.‬‬
‫وأما بالنسبة لدرجة املخاطرة يف بيع السلم؛ فإهنا تتعاظم كلما قلت الثقة يف مقدرة البائع بالسلم‬
‫على تسليم البضاعة باملواصفات املطلوبة يف التاريخ احملدد‪ ،‬أو كلما تعذر على البنك إجراء التغطية‬
‫الالزمة يف سوق العقود اآلجلة للبضاعة املسلم فيها‪ ،‬أو تعذر عليه التنبؤ باجتاهات األسعار املستقبلية‬
‫هلذه البضاع ة‪ ،‬ولذلك فإن اإلدارة الناجحة لعمليات السلم من قبل البنك تستدعي تقليل هذه املخاطرة‬
‫إىل حدها األدىن املمكن‪ .45‬يتبني مما سبق أن مشكلة السيولة النقدية يف املصارف اإلسالمية أكثر‬
‫خطورة عنها يف البنوك التقليدية الربوية حيث ال تتوقف عند املوازنة بني عنصري األمان والرحبية بل قبل‬
‫ذلك مدى التزامها بأحكام ومباد الشريعة اإلسالمية ‪. 46‬‬
‫لذا فإن مسؤولية املصارف اإلسالمية ليست جمرد حتقيق أعلى معدالت لتوظيف املوارد املالية املتاحة وال‬
‫حتقيق أقصى أرباح ممكنة وإمنا حتقيق أعلى معدالت لتوظيف املوارد املالية بوسائل ال يشك ألبته يف‬
‫شرعيتها ألجل خدمة األهداف االقتصادية احلقيقية لألمة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫‪46‬‬
‫نواف يوسف أبو حجلة‪ ،‬المصارف اإلسالمية ودورها في قطاعات التنمية وآليات التطوير‬
‫د حسين حسين شحاتة‪ ،‬إدارة السيولة في المصارف اإلسالمية ‪،‬المعايير واألساليب‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪18‬‬
‫النتائج والتوصيات‪:‬‬
‫وقد خلص البحث إلى جملة من النتائج أهمها‪:‬‬
‫‪ -3‬إن ببيع السلم ‪ ،‬ميكن أن حيتل كصيغة الستخدام املوارد التمويلية للبنك‪ ،‬مكانة أهم من‬
‫بيع املراحبة اآلجلة إذا أديرت عملياته بكفاءة‪.‬‬
‫تعظيم ربح البنك من عمليات السلم سوف يتحقق كلما زاد الفرق بني مثن الشراء من‬
‫‪-5‬‬
‫املنتجني ومثن البيع للبضاعة يف سوق العقود اآلجلة‪.‬‬
‫‪ -1‬السوق اإلسالمية تعاين من فوبيا األدوات النقدية املالية إلدارة السيولة‪.‬‬
‫‪ -4‬إن السيولة‪ :‬هي القدرة على متويل الزيادة يف املوجودات‪ ،‬والوفاء بااللتزامات عند مواعيد‬
‫استحقاقها دون تكبد خسائر غري مقبولة‪ ،‬وإدارة هذه السيولة تعين احتفاظ املصرف‬
‫بتدفقات نقدية كافية ملواجهة سحوبات كبرية وبشكل فجائي أو غري معتاد‪.‬‬
‫إن حسن إدارة السيولة تكمن يف املوازنة بني اإلبقاء على نسبة من السيولة للوفاء‬
‫‪-2‬‬
‫بالتزامات املتعاملني‪ ،‬واستثمار جزء منها لتحقيق الرحبية هلم‪.‬‬
‫كما خلص إلى جملة من التوصيات أهمها‪:‬‬
‫‪ -3‬ضرورة تعاون املصارف اإلسالمية على الصعيد احمللي والدويل ومن خالل إشراك علماء‬
‫الشريعة واملتخصصني يف املصرفية اإلسالمية لتفعيل أدوات مالية نقدية إلدارة السيولة يف‬
‫املصارف اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -5‬االستعانة خبباء أو وكالء أو شركات متخصصة يف عمليات البيع والتسليم اآلجل‪.‬‬
‫‪ -1‬االعتماد على عمليات بيع السلم بشكل خاص يف جمال التجارة اخلارجية (التصدير‬
‫واالسترياد) من خالل وكالء متخصصني أو شركات على أن جيري االتفاق مع أعداد كبرية‬
‫من منتجي سلعة تصديرية معينة يتم شراء إنتاجهم يف تاريخ الحق حمدد‪ ،‬ومبواصفات‬
‫وكميات حمددة بطرق السلم‪ ،‬على أن يتم إجراء عمليات بيع سلم ملستوردي هذه السلعة‬
‫يف خارج البالد يف التاريخ نفسه‪.‬‬
‫‪ -4‬ضرورة تطوير أطر قانونية وتنظيمية إلدارة السيولة تستوعب الصيغ التمويلية للمصارف‬
‫اإلسالمية على الصعيد العاملي‪.‬‬
‫‪ -2‬ضرورة املبادرة إىل تأسيس نظام آيل يسمح للمصارف اإلسالمية بتداول فائض السيول‬
‫على الصعيد الدويل وبطرق فعالة‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫المصادر والمراجع‪:‬‬
‫باإلضافة الهوامش‬
‫‪ -3‬هيئة احملاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسالمية‪ :‬املعايري الشرعية (مملكة البحرين‪ :‬هيئة‬
‫احملاسبة واملراجعة‪ ،‬ط‪ 5030‬م)‪.‬‬
‫‪ -5‬جملس اخلدمات املالية اإلسالمية )‪ ،(IFSB‬املعيار رقم ‪ 5‬ورقم ‪ .1‬املباد اإلرشادية إلدارة‬
‫املخاطر للمؤسسات (عدا مؤسسات التأمني) اليت تقتصر على تقدمي خدمات مالية إسالمية‪،‬‬
‫كواالملبور‪.‬‬
‫‪ -1‬د‪ .‬خليل حممد حسن الشماع‪ ،‬إدارة املصارف‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬مطبعة الزهراء‪ ،‬بغداد‪.3992 ،‬‬
‫‪ -4‬د‪ .‬رضا صاحب أبو محد‪ ،‬إدارة املصارف‪ ،‬مدخل حتليلي كمي معاصر‪ ،‬دار الفكر للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪.5005 ،‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬زياد رمضان‪ ،‬حمفوظ جودة‪ ،‬االجتاهات املعاصرة يف إدارة البنوك‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫‪.5000‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬طارق طه‪ ،‬إدارة البنوك‪ ،‬املعهد العايل لإلدارة واحلاسب اآليل‪ ،‬كنج مربوط‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.3999‬‬
‫‪ -1‬د‪ .‬سيد اهلواري‪ ،‬إدارة البنوك مع الرتكيز على البنوك التجارية والبنوك اإلسالمية‪ ،‬دار اجليل‪،‬‬
‫القاهرة‪.3921 ،‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬فالح حسن احلسيين‪ ،‬د‪ .‬مؤيد عبد الرمحن الدوري‪ ،‬إدارة البنوك مدخل كمي واسرتاتيجي‬
‫معاصر‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬األردن‪.5000 ،‬‬
‫‪ -9‬د قتيب ة عب د ال رمحن الع اين‪ ،‬التموي ل ووظائف ه يف البن وك اإلس المية والتجاري ة‪،‬دار النف ائس‪ ،‬عم ان‬
‫األردن‪5031 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -30‬د‪ .‬هيل عجمي مجيل‪ ،‬أثر االحتياطي النقدي اإللزامي على التسهيالت االئتمانية للبنوك‬
‫التجارية األردنية للفرتة ‪ ،5003-3920‬مركز األردن للدراسات‪ ،‬عمان‪.5001 ،‬‬
‫‪ -33‬نبيل ودينا‪ :‬قاموس شيبان ( أركابيتا) للعلوم املصرفية واملالية‬
‫المراجع األجنبية‪:‬‬
‫‪Bank Negara Malaysia (2002). Liquidity Framework for Islamic‬‬
‫‪Financial Institutions. Kuala Lumpur.‬‬
‫‪Dusuki, Asyraf Wajdi (2007). Commodity Murabahah Programme‬‬
‫‪(CMP): An Innovative Approach to Liquidity Management, Kuala‬‬
‫‪.Lumpur: 5th International Islamic Finance Conference.‬‬
‫‪21‬‬
‫المواقع اإللكترونية‪:‬‬
‫‪.http://iimm.bnm.gov.my/index.php?ch=4&pg=4&ac=22‬‬
‫‪.http://iimm.bnm.gov.my/index.php?ch=4&pg=4&ac=98‬‬
‫‪http://www.imf.org/external/pubs/ft/mfs/manual/pdf/mmfsch6‬‬
‫‪..pdf‬‬
‫‪/http://www.lmcbahrain.com‬‬
‫هذا ونسأل اهلل تعاىل التوفيق واهلداية‪ ،‬والعون على الثبات على ما يرضي اهلل تعاىل مهما اشتدت الفنت‬
‫واألوهام واحليل‪.‬‬
‫واحلمد هلل رب العاملني‪.‬‬
‫‪21‬‬