استثمار أموال الزكاة الدكتور /حممد عثمان شبري بسم هللا الرمحن الرحيم نقال عن موقع علماء الشريعة افتتاحية احلمد هلل رب العاملني ،والصالة والسالم على سيدان حممد وعلى اله وصحبه ،ومن دعا بدعوته إىل يوم الدين. أما بعد .. فإن قضية استثمار أموال الزكاة من القضااي املهمة يف فقه الزكاة املعاصر ،إذ إهنا تثري اهتمام كثري من املؤسسات الزكوية واهليئات اخلريية يف العامل اإلسالمي ،وهي من املسائل امللحة اليت حتتاج إىل إجابة شافية .لقد بدأ هبذه القضية بعد تنوع أساليب العمل واإلنتاج ،وظهور املشاريع االستثمارية الضخمة اليت تدر أرابحا وفرية على مالكيها فثار التساؤل التايل :هل جيوز توجيه بعض أموال الزكاة إىل إنشاء املشاريع االستثمارية لتامني مورد مايل اثبت ،ودائم للمستحقني الذين تتزايد حاجاهتم؟ هذا السؤال طرح هبذه الصيغة وبغريها عدة مرات على جمامع فقهية وندوات علمية متخصصة وعلى كثري من جلان الفتوى يف البلدان اإلسالمية .وملا كانت اإلجاابت واألحباث املقدمة مقتضبة وسريعة رأت اهليئة الشرعية العاملية للزكاة طرح هذا املوضوع ضمن موضوعات الندوة الثالثة لقضااي الزكاة املعاصرة بغية احلصول على مزيد من التعمق والتفصيل يف هذا املوضوع. فكتب هذا البحث للمشاركة يف تلك الندوة املباركة لعلى أسهم يف حتقيق أهداف تلك الندوة وملا كان البعد الفقهي هو األساس يف هذه الدراسة فقد اعتمدت على عدد كبري من املراجع واملصادر الفقهية اليت متثل اكرب املذاهب ذيوعا ابإلضافة إىل كتب السنة وشروحها. وقد قسمت هذه الدراسة إىل :ثالث مباحث وخامتة : املبحث األول :حقيقة استثمار أموال الزكاة املبحث الثاين :حكم استثمار أموال الزكاة املبحث الثالث :تكاليف استثمار أموال الزكاة اخلامتة :ذكرت فيها نتيجة البحث . وهللا أسال أن يتقبل مىن هذا اجلهد املتواضع وجيعله يف ميزان حسنايت يوم ال ينفع مال وال بنون. املبحث األول حقيقة استثمار أموال الزكاة .. قبل الشروع يف بيان استثمار أموال الزكاة البد من بيان حقيقة استثمار أموال الزكاة كي يتسىن لنا إدراك األحكام املتعلقة هبذه املسألة وفهمها .إذ بيان احلكم على الشيء فرع عن تصوره. أوالً :معىن الزكاة : الزكاة لغة :النماء والزايدة وتطلق أيضا على التطهري واملدح ( )1وهي يف االصطالح :إخراج جزء خمصوص من مال خمصوص بلغ نصااب إن مت امللك وحال احلول ( )2فهي تطلق شرعا على إخراج الزكاة كما تطلق على املخرج من املال ،ولذلك عرفها ابن قدامة أبهنا :حق جيب يف املال (.)3 اثنيا :معىن االستثمار يف الفقه اإلسالمي: االستثمار لغة :طلب الثمر ،فيقال أمثر الشجر إذا خرج مثره ومثر الشيء إذا تولد منه شيء آخر ،ومثر الرجل ماله تثمريا ،أي كثرة عن طريق تنميته ،ومعىن كثرة املال جاء يف القران الكرمي ،ومنه _تعاىل_":وكان له مثر فقال لصاحبة وهو حياوره أان أكثر منك ماال وأعز نفرا" ( .)4أي مال كثري مستفاد كما قال ابن عباس ويقال لكل نفع يصدر عن شيء مثرته :كقولك مثرة العلم العمل الصاحل ومثرة العمل الصاحل اجلنة (.)5 وعلى هذا فان االستثمار :هو طلب احلصول على الثمرة ،استثمار املال :هو طلب احلصول على األرابح .. والفقهاء يستعملون هذا اللفظ هبذا املعىن ،حيث جاء يف املنتقى شرح موطأ األمام مالك يف أول كتاب القراض: أن يكون أليب موسى األشعري النظر يف املال ابلتثمري واإلصالح ( )6وجاء يف تفسري الكشاف عند قوله _تعاىل_" :وال تؤتوا السفهاء أموالكم اليت جعل هللا لكم قياما" ( )7السفهاء املبذرون أمواهلم الذين ينفقوهنا فيما ال ينبغي ،وال يقومون إبصالحها وتثمريها والتصرف فيها (.)8 اثلثا :االستثمار يف االقتصاد املعاصر : االستثمار يف اصطالح علماء الدراسات االقتصادية املعاصرة هو :ارتباط مايل هبدف حتقيق مكاسب يتوقع احلصول عليها على مدى مدة طويلة يف املستقبل ( .)9فاالستثمار نوع من األنفاق على أصول يتوقع منها حتقيق عائد على مدى فرتة طويلة من الزمن .ولذلك يطلق عليه البعض إنفاق رأمسايل ( )10متييزا له عن املصروفات التشغيلية أو املصروفات اجلارية ،وهي اليت تتم من يوم إىل يوم :مثل األجور واملرتبات ،والصيانة ،وشراء املواد اخلام .أما األنفاق الرأمسايل فإنه يشمل كل املفردات الضرورية لتحقيق تقدم املشروع يف األجل الطويل :مثل بناء مصنع حديد ،وشراء آالت وعدد خلط إنتاج جديد ،والقيام ببحوث لتحسني سلع قائمة أو إخراج سلع مبتكرة ( .)11واألنفاق الرأمسايل نوع من إنفاق املال لتحقيق منافع مستقبلية ،سواء كان ذلك من مشروعات جديدة أو استكمال مشروعات قائمة ،أو جتديد وحتديث مشروعات قدمية ،أو التجارة يف سلع جتارية أو غري ذلك. واالستثمار هبذا املعىن يتفق مع االستخدام العلمي الشائع له وهو توظيف األموال بقصد احلصول على منافع يف املستقبل ومع ذلك توجد عدة استخدامات لالستثمار يف الواقع اليومي .ومن تلك االستخدامات :توظيف النقود ألي أجل ،واالستثمار ابلنسبة للبنوك التجارية -توظيف النقود يف أوراق مالية (أسهم وسندات) واالستثمار -ابلنسبة للشركات -هو إنفاق استثماري متييزا له عن األنفاق اجلاري .واالستثمار -ابلنسبة للبعض -هو ارتباط أبية أصول خالية نسبيا عن املخاطرة أو اخلسارة واالستثمار ابلنسبة للبعض األخر -توظيف األموال بقصد احلصول على عائد جار .أو بقصد احلصول على قيمة أكرب يف هناية املدة ،أي دون عائد جار. واالستثمار قد يكون ماداي مبعىن أن املكاسب جيب أن تكون مادية ،وقد يشمل االستثمار مكاسب غري مادية أي منافع أخرى .كما تستخدم كلمة استثمار مبعىن مشروع استثماري ،أي جمرد اقرتاح استثماري مل ينفذ بعد :كما قد تستخدم كلمة االستثمار مبعىن توظيف فعلى لألموال ( .)12وقد تبنت املوسوعة العلمية والعملية للبنوك اإلسالمية املفهوم الواسع لالستثمار هو :توظيف النقود ألي أجل ،يف أي أصل أو حق ملكية ،أو ممتلكات أو مشاركات حمتفظ هبا للمحافظة على املال أو تنميته سواء أبرابح دورية أو بزايدات األموال يف هناية املدة ،أو مبنافع غري مادية (.)13 ويالحظ على هذا التعريف -مع ما فيه من الشمول -عدة مالحظات منها : -1انه عرب عن االستثمار ابلتوظيف ،والتوظيف كلمة حتتمل عدة معان منها :تعيني الوظيفة ،وهي ما يقدر لإلنسان يف اليوم أو يف السنة أو الزمان املعني :من طعام أو رزق وحنوه .ومنها اإللزام ،فيقال وظف الشيء على نفسه توظيفا الزمها إايه ( .)14وال يقال وظف املال مبعىن زاده ،وإمنا يقال :منى املال ومثره فاألوىل استعمال تنمية بدالً من توظيف. -2انه اقتصر يف استثمار األموال على النقود (العملة) .وأموال الزكاة ال تقف عند هذا الشكل من األموال ،بل تتعداه إىل املبالغ العينية ،ألن مصادر الزكاة متنوعة األشكال: كالزروع والثمار ،واحليواانت ،وعروض التجارة ،واملعادن وغري ذلك ،فاألوىل التعبري ابألموال . وبناء على ذلك ميكن تعريف استثمار أموال الزكاة" :أبنه العمل على تنمية أموال الزكاة ألي أجل ،وأبية طريقة من طرق التنمية املشروعة لتحقيق منافع للمستحقني. رابعاً :األلفاظ ذات الصلة ابالستثمار : يتصل ابالستثمار بعض األلفاظ كاالستغالل ،واالستنماء ،واالنتفاع. -1االستغالل : االستغالل لغة :طلب الغلة والغلة هي كل عني حاصلة من ريع امللك )15(. وهذا هو عني االستثمار ،فما خترجه األرض هو مثرة ،وهو غلة .وللحنفية تفرقة خاصة بني الثمرة والغلة يف ابب الوصية .فإذا أوصى بثمرة بستانه انصرف إىل املوجود خاصة ،وإذا أوصى بغلته مشل املوجود ،وما هو بعرض املوجود (.)16 -2االستنماء: االستنماء لغة :طلب النماء وهو الزايدة ،فيقال :منا املال ينمي ،ويقال ينمو مبعىن زاد ( )17وهو عني االستثمار ،فما يتولد من احليواانت هو مثرة ،وهو مناء . -3االنتفاع : االنتفاع لغة :من نفع ينفع نفعا ،واالسم املنفعة .وهو االستفادة من الشيء (.)18 -4االنتفاع: االنتفاع يف االصطالح :التصرف يف الشيء على وجه يريد به حتقيق فائدة ( )19واالنتفاع أعم من االستثمار، ألن االنتفاع قد يكون ابالستثمار وبغريه . املبحث الثاين حكم استثمار أموال الزكاة استثمار أموال الزكاة قد حيصل من املستحقني للزكاة بعد قبضها ،أو من املالك الذي وجبت عليه الزكاة ،أو من األمام أو انئبه الذي يشرف على مجع أموال الزكاة ولكل حالة حكمها. املطلب األول :حكم استثمار أموال الزكاة من قبل املستحقني : نص الفقهاء على جواز استثمار أموال الزكاة من قبل املستحقني بعد قبضها؛ ألن الزكاة إذا وصلت أيديهم أصبحت مملوكة ملكا اتما هلم وابلتايل جيوز هلم التصرف فيها كتصرف املالك يف أمالكهم ،فلهم إنشاء املشروعات االستثمارية ،وشراء أدوات احلرفة وغري ذلك . جاء يف كشاف القناع :من أخذ بسبب يستقر األخذ به وهو الفقر ،واملسكنة والعمالة والتالف صرفه فيما شاء ، كسائر أمواله ،ألن هللا تعاىل أضاف إليهم الزكاة بالم امللك .وإن أخذ بسبب مل يستقر امللك به صرفه فيما أخذه خاصة ،لعدم ثبوت ملكه عليه من كل وجه وإمنا ميلكه مراعي فان صرفه يف اجلهة اليت استحق األخذ هبا ،و إال اسرتجع منه كالذي أيخذه املكاتب والغارم والغازي وابن السبيل ( .)20وجاء يف مغىن احملتاج :أضاف األصناف األربعة األوىل بالم امللك واألربعة األخرية بفي الظرفية لألشعار إبطالق امللك يف األربعة األوىل ،وتقييده يف األربعة األخرية ،حىت إذا مل يصل الصرف يف مصارفها اسرتجع خبالفه يف األوىل ( .)21وجاء يف األشباه والنظائر ألبن جنيم :أسباب التملك املعاوضات املالية ،واألمهار واخللع ،واملرياث واهلبات والصدقات ،والوصااي والوقف والغنيمة ،واالستيالء على املباح واألحياء ..اخل ( .)22وابلرغم من أن الشافعية قالوا :أن امللك يف األصناف األربعة األخرية مقيد ابلصرف يف تلك اجلهات (وهي حترير العبيد -وقضاء الدين -واجلهاد يف سبيل هللا - ونفقات طريق ابن السبيل). إال أهنم أجازوا هلؤالء املستحقني استثمار أموال الزكاة اليت وصلت إىل أيديهم فقالوا :جيوز للعبد املكاتب أن يتجر فيما أيخذه من الزكاة طلبا للزايدة وحتصيل الوفاء .وهذا ال خالف فيه (أي بني الشافعية)(.)23 وقال النووي" :قال أصحابنا جيوز للغارم أن يتجر فيما قبض من سهم الزكاة ،إذا مل يف ابلدين ليبلغ قدر الدين ابلتنمية"(.)24 ما أجاز الشافعية وأمحد يف رواية إعطاء الفقراء واملساكني من أموال الزكاة الستثمارها ،فيعطي من حيسن الكسب حبرفة ما آالهتا ،حبيث حيصل له من رحبها ما يفي بكفايته غالباً .فإن كان جناراً أعطى ما يشرتي به آالت النجارة. سواء كانت قيمتها قليلة أو كثرية حبيث تفي غلتها بكفايته.وإن كان اتجراً أعطى رأس مال يفي رحبه بكفايته، يراعي يف مقدار رأس املال نوع التجارة اليت حيسنها ،وقد مثلوا لذلك مبا يلي :البقلي يكفيه مخسة دراهم، والباقالين يكفيه عشرة ،والفكهاين يكفيه عشرون ،والعطار ألف والبزاز ألفان ،والصرييف مخسة آالف ،واجلوهري عشرة آالف .وإن كان ال حيسن الكسب ،وال يقوى على العمل:كاملريض مبرض مزمن يعطي ما يشرتي به عقاراً يستغله ،حبيث تفي غلته حاجته ،فيملكه ويورث عنه ،ويراعي يف العقار عمر الفقري الغالب وعدد عياله(.)25 املطلب الثاين :حكم استثمار أموال الزكاة من قبل املالك: إذا أخر املالك إخراج الزكاة عن وقت وجوهبا بقصد استثمارها ،فهل جيوز ذلك أم ال ؟ اإلجابة على هذا السؤال تنبين على مسالة :هل جتب الزكاة على الفور أم على الرتاخي؟ أوالً :الزكاة جتب على الفور أم على الرتاخي: اختلف الفقهاء يف فورية إخراج الزكاة بعد وجوهبا ،فذهب مجهور الفقهاء من احلنفية -يف املختار عندهم- واملالكية يف أصل املذهب والشافعية واحلنابلة إىل أن الزكاة جتب على الفور ()26 واستدلوا على ذلك مبا يلي: -1قوله _تعاىل_" :وآتوا حقه يوم حصاده"( )27فاملراد الزكاة ،واألمر املطلق يقتضي الفور (.)28 -2قوله _صلى هللا عليه وسلم_" :ما خالطت الصدقة ماال قط إال أهلكته"( )29فاحلديث يدل على الفورية، ألن الرتاخي عن اإلخراج مما ال يبعد أن يكون سبباً إلتالف املال وهالكه()30 -3ما روي عن عقبة بن احلارث قال ":صلى النيب _صلى هللا عليه وسلم_ العصر فأسرع ،مث دخل البيت ،فلم يلبث أن خرج ،فقلت أو قيل له :كنت خلفت يف البيت تربا من الصدقة ،فكرهت أن أبيته فقسمته" (.)31 فاحلدث يدل على فورية إخراج الصدقة قال ابن بطال" :اخلري ينبغي أن يبادر به ،فإن اآلفات تعرض واملوانع متنع ،واملوت ال يؤمن ،والتسويف غري حممود" وزاده غريه" :وهو أخلص الذمة للحاجة ،وأبعد من املطل املذموم، وأرضى للرب تعاىل ،وأحمى للذنب " (.)32 -4وألن حاجة الفقراء انجزة ،فيجب أن يكون الوجوب على الفور )33(.وقال الكمال بن اهلمام األمر ابلصرف إىل الفقري معه قرينة الفور ،وهي أنه لدفع حاجة وهي معجلة(.)34 -5وألن الزكاة عبادة تتكرر يف كل عام ،فلم جيز أتخريها إىل وقت وجوب مثلها :كالصالة والصوم (.)35 وذهب احلنفية يف قول اختاره أبو بكر اجلصاص وغريه إىل أن وجوب الزكاة عمري :أي جتب على الرتاخي، ومعىن الرتاخي -عندهم -أهنا جتب مطلقاً عن الوقت ،ففي أي وقت أدى يكون مؤدايً للواجب ،وبتعيني ذلك الوقت للوجوب إذا مل يؤد إىل آخر عمره حبيث يتضيق عليه الوجوب ،أبن بقى من الوقت قدر ميكنه األداء فيه، وغلب على ظنه أنه لو مل يؤد فيه ميوت فيموت ،فعند ذلك يتضيق عليه الوجوب ،حىت إنه لو مل يؤد فيه حىت مات ،أيمث .واستدلوا لذلك مبا يلي: -1األمر أبداء الزكاة مطلق ،واألمر مطلق يقتضي الرتاخي ،فال يتعني الزمن األول ألدائها دون غريه ،كما ال يتعني لذلك مكان دون مكان. -2وقد استدل اجلصاص لذلك مبن عليه الزكاة إذا هلك نصابه بعد احلول والتمكن من األداء ،أنه ال يضمن، ولو كانت واجبة على الفور لضمن ،كمن أخر صوم شهر رمضان عن وقته ،أنه جيب عليه القضاء ( .)36وقد أجيب عن اقتضاء األمر املطلق الفورية أو عدم اقتضائها: أبن املختار يف أصول الفقه أن األمر املطلق ال يقتضي الفور وال الرتاخي ،بل يقتضي جمرد طلب الفعل املأمور به ،والفورية تستفاد من القرائن .وأجيب عن قول اجلصاص :عدم الضمان هبالك النصاب بعد وقت الوجوب: أبن هذه املسألة خالفية ،ومبنية على مسألة األمر املطلق الفورية أو عدم اقتضائها فيضمن عند من يقول ابلفورية ،وال يضمن عند من يقول ابلرتاخي ( )37فال يصلح هذا الدليل لالستدالل به .والراجح ما ذهب إليه مجهور الفقهاء من أن الزكاة جتب على الفور ،ألوامر الشرع اليت قامت القرائن على وجوب املبادرة هبا، ولألحاديث اليت ذكرهتا ،ولقوله تعاىل" :واستبقوا اخلريات ( )38وقوله _تعاىل_" :وسارعوا إىل مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات واألرض أعدت للمتقني" (.)39 وبناء على القول الراجح فال جيوز للمالك أتخري الزكاة لغري عذر :كدفعها إىل من هو أحق من ذي قرابة أو ذي حاجة ،أو حلاجته إليها .أما استثمارها فال يعد عذراً من أعذار التأخري ،فال جيوز له أتخريها بقصد االستثمار، لعدم حتقق اإلخراج املأمور به على الفور. اثنياً :هل يشارك الفقري املالك بعد وجوب الزكاة إذا استثمر األموال الزكوية يف األرابح؟ إذا أخرج املالك الزكاة،و استثمر املال الذي خالطته الزكاة ،فهل يشارك املستحقون املالك يف الربح واخلاسرة؟ إجابة هذه املسالة مبنية على مسألة تعلق الزكاة ابلعني أو ابلذمة .اختلف الفقهاء يف تعليق الزكاة ،فذهب مجهور الفقهاء من احلنفية واملالكية ،والشافعي يف اجلديد وهو الصحيح يف املذهب وأمحد يف راية عليها املذهب إىل أن الزكاة تتعلق ابلعني (املال) ال ابلذمة()40 واستدلوا لذلك فيما يلي: قوله _صلى هللا عليه وسلم_" :يف أربعني شاة( )41وقوله _صلى هللا عليه وسلم_" :فما سقت السماء العشر"( )42وغري ذلك من النصوص الوارد فيها حرف "يف" وهي للظرفية .فالواجب جزء من النصاب. وذهب الشافعية يف القدمي وأمحد يف رواية اختارها اخلرقي يف خمتصره إىل أن الزكاة تتعلق ابلذمة ال ابلعني ،ألن إخراجها من غري النصاب جائز ،فلم تكن واجبة فيه :كزكاة الفطر ،وألهنا لو وجبت فيه ألمتنع تصرف املالك فيه ،ولتمكن املستحقون من إلزامه أداء الزكاة من عينه ،أو ظهر شيء من أحكام ثبوته فيها ،وأسقطت الزكاة بتلف النصاب من غري تفريط :كسقوط أرش اجلناية بتلف اجلاين ( .)43والراجح ما ذهب إليه مجهور الفقهاء من أن الزكاة تتعلق ابلعني ،ال ابلذمة للنصوص الواردة يف ذلك ،ولقوله تعاىل: "خذ من أمواهلم صدقة" ( .)44وقوله _تعاىل_" :والذين يف أمواهلم حق معلوم للسائل واحملروم" ( )45وقول النيب _صلى هللا عليه وسلم_ ملعاذ" :فأعلمهم أن هللا افرتض عليهم صدقة يف أمواهلم"( .)46وأما جواز إخراجها من غري النصاب ،فيجاب عنه أبنه أجازها رخصة ،وتوسيعها على املالك ،لكوهنا وجبت جماانً على سبيل املواساة. فبناء على القول أبن الزكاة تتعلق ابلذمة ،فإن ملك املالك ال يزول عن شيء من املال ،ويصح تصرفه فيه ابلبيع واالستثمار وغري ذلك ،والربح يف حال االستثمار له ،واخلسارة عليه .وبناء على القول أبن الزكاة تتعلق ابلعني، فإن الفقهاء اختلفوا مبشاركة املستحقني للمالك يف ماله ،وهي مبنية على االختالف يف التكييف الفقهي لتعلق الزكاة ابملال بعد وجوب الزكاة فيه :هل هو تعلق شركة ،أو تعلق رهن ،أو تعلق أرش جناية الرقيق برقبته؟ اختلف الفقهاء يف ذلك على عدة أقوال : القول األول :ذهب املالكية والشافعية يف قول واحلنابلة يف قول إىل أن الزكاة تتعلق بعني املال تعلق شركة ،فينتقل مقدار الزكاة إىل املستحقني بعد وجوهبا ،ويصريون شركاء رب املال يف قدر الزكاة ،واستدلوا لذلك بظاهر قوله تعاىل" :إمنا الصدقات للفقراء واملساكني والعاملني عليها واملؤلفة قلوهبم ويف الرقاب والغارمني ويف سبيل هللا وابن السبيل فريضة من هللا وهللا عليم حكيم" ( …)47فإن الالم يف اآلية للتمليك ،وألن الواجب يتبع املال يف الصفة من اجلودة والرداءة ،فتؤخذ الصحيحة من الصحاح ،واملريضة من املراض ،ولو امتنع املالك من إخراجها أخذها األمام منه ،فهو كما يقسم املال املشرتك إذا امتنع بعض الشركاء من قسمته وهلذا كان للفقري أن أيخذ مقدار الزكاة من املال إذا ظفر به (.)48 القول الثاين :ذهب احلنفية والشافعية يف قول واحلنابلة يف قول إىل أن الزكاة تتعلق بعني املال تعلق أرش ()49 جناية العبد اململوك برقبته ،فال يزول ملك رب املال عن شيء منه إال ابلدفع للمستحق ،ألن الزكاة تسقط بتلف املال قبل التمكن أو من غري تفريط ،كسقوط أرش اجلناية بتلف اجلاين… ()50 القول الثالث:ذهب الشافعية يف قول اثلث واحلنابلة يف قول اثلث إىل أن الزكاة تتعلق بعني املال تعلق الدين ابلرهن ،ومبال من حجر عليه لفلسه ،فال يصح تصرفه قبل وفائه أو إذن ربه… "( .)51بناء على القول أبن الزكاة تتعلق ابلعني تعلق شركة قال بعض العلماء :إن املستحقني يشاركون رب املال يف الربح احلاصل من استثمار املال الذي خالطته الزكاة ،فجاء يف العروة الوثقى" :إذا اجتر مبجموع النصاب قبل أداء الزكاة كان الربح للفقري ابلنسبة واخلسارة عليه" .)52(.وجاء يف كتاب اخلمس" :فإن اجترت هبا فأنت هلا ضامن وهلا "للزكاة" الربح ،وإن نويت يف حال ما عزلتها من غري أن تشغلها يف جتارة فليس عليك شيء ،فإن مل تعزهلا يف مجلة مالك فلها بقسطها من الربح ،وال وضعية عليها" ويعتمد هذا القول على قاعدة "تبعية النماء للملك" ( .)53ولكن الشافعية الذين قالوا بتعلق الزكاة ابلعني تعلق شركة مل يقولوا بذلك ومل يرتبوا عليه تلك النتيجة ،ومقتضى قوهلم :إن املستحقني ال يشاركون رب املال يف الربح واخلسارة ،إذا استثمر املالك املال الذي خالطته الزكاة ألن التمليك يف الزكاة للمستحقني ليس متليكاً حقيقياً قبل قبضهم هلا ،فقد جاء يف أحكام القرآن لأللكيا اهلراسي "وإمنا مل جيعله متليكاً حقيقياً من حيث جعله لوصف ال لعني ،وكل عني ملوصوف فإنه ال ميلكه إال ابلتسليم ،إال أن ذلك ال مينع استحقاق األصناف ألنواع الصدقات حىت ال حيرم صنف" .)54(.وبناء على القولني :الثاين والثالث للذين جعال تعلق الزكاة ابلعني تعلق استيثاق كما يف الرهن وأرش جناية العبد ،فال يشارك املستحقون رب املال يف ربح ما استثمره من أموال خالطتها الزكاة ،وقد صرح بذلك احلنابلة حيث جاء يف األصناف" :والتصرف فيه ببيع غريه بال إذن الساعي ،وكل النماء له (أي للمالك).)55(. والذي أراه أن املستحقني ال يشاركون صاحب املال يف الربح الذي حيصل له من استثمار أمواله بعد وجوب الزكاة وقبل األداء ،ألن قول احلنفية ومن معهم من أن الزكاة تتعلق ابلعني تعلق أرش جناية العبد برقبته أرجح األقوال يف املسألة ،فال يزول ملك رب املال عن شيء من أمواله إال ابلدفع إىل املستحقني ،وأما ما ذهب إليه الشافعية وم ن معهم من أن الالم يف آية توزيع الصدقات للتمليك ،فيجاب عنه أبن هذا املبدأ ليس حمل اتفاق كما بينت يف حبث :مبدأ التمليك ومدى اعتباره يف صرف الزكاة"( …)56والتمليك ابلنسبة ملن قالوا به ليس على احلقيقة قبل قبض الزكاة -كما بينت سابقاً -فالفقري ليس مبالك للزكاة حقيقة ،ولكن له صالحية أن تصرف إليه ،ويستحق هذا القدر على صاحب املالك ،وعلى معىن أنه إذا أراد األداء جيب عليه أن يصرفه إىل الفقري دفعاً حلاجته ،وال يقال ملا وجب الصرف إليه لفقره كان املال حقه ،فيكون هو مستحقاً له حقيقة ،ألان نقول ما جيب لفقره رزقاً له على هللا تعاىل ،ألنه تعاىل هو الضامن للرزق دون العبيد إال أن هللا أمر بصرف هذا الواجب إليه.)57(. وإذا عزل املالك الزكاة عن أمواله فال جيوز له استثمارها ،إال إذا منع من توصيلها للمستحقني مانع فال أبس ابستثمارها حلني توزيعها حبيث يضمن اخلسارة. املطلب الثالث :حكم استثمار أموال الزكاة من قبل األمام أو من ينوب عنه: إذا وصلت أموال الزكاة إىل يد األمام أو انئبه فهل جيوز له استثمارها يف مشاريع ذات ريع أم ال؟ أوالً :آراء العلماء املعاصرين يف استثمار األمام ألموال الزكاة: اختلف العلماء املعاصرون يف حكم استثمار األمام ألموال الزكاة على قولني: القول األول :يرى بعض العلماء عدم جواز استثمار أموال الزكاة من قبل األمام أو من ينوب عنه ،وممن ذهب إىل ذلك الدكتور وهبه الزحيلي ،والدكتور عبد هللا علوان ،والدكتور حممد عطا السيد ،والشيخ حممد تقي العثماين(.)58 القول الثاين :يرى كثري من العلماء املعاصرين جواز استثمار أموال الزكاة يف مشاريع استثمارية سواء فاضت الزكاة أوال .وممن ذهب إىل هذا القول األستاذ مصطفى الزرقا والدكتور يوسف القرضاوي والشيخ عبد الفتاح أبو غدة، والدكتور عبد العزيز اخلياط ،والدكتور عبد السالم العبادي ،والدكتور حممد صاحل الفرفور ،والدكتور حسن عبد هللا األمني ،والدكتور حممد فاروق النبهان. قال األستاذ مصطفى الزرقا" :االستثمار الذي هو تنمية املال ..أرى أن كل طرق االستثمار مبعىن أن يوضع يف طريق ينمو به مال الزكاة ،فيصبح الواحد اثنني واالثنان ثالثة… ،على شرط أن متارسها أيد أمينة ،وأساليب وحتفظات مأمونة كل هذا جائز ،سواء أكان عن طريق جتارة أم عن طريق الصناعة أم عن طريق أي شيء ميكن أن يستثمر .) 59( .وقال الدكتور يوسف القرضاوي" :بناء على هذا املذهب -أي مذهب إانء الفقري من الزكاة تستطيع مؤسسة الزكاة إذا كثرت مواردها واتسعت حصيلتها أن تنشأ مؤسسات جتارية أو حنو ذلك من املشروعات اإلنتاجية االستغاللية ومتلكها للفقراء كلها أو بعضها ،لتدر عليهم دخال دورايً يقوم بكفايتهم كاملة، وال جتعل هلم احلق يف بيعها ونقل ملكيتها لتظل شبه موقوفة عليهم .)60(.وقال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة: "جيوز استثمار هذه األموال "أموال الزكاة" مبا يعود على اجملاهدين األفغان ابخلري هبذه الطريقة املشروعة "املراحبة" وأنتم وكالء يف القبض ،فيمكن أن تكونوا وكالء يف التصرف ،وأنتم يف مقام املودع إذا أذن له يف التصرف".)61(. وقال الدكتور حممد فاروق النبهان" :اقرتح أن تنشأ وزارة خاصة يطلق عليها اسم وزارة الزكاة وتكون مهمتها جباية األموال من األغنياء ،وتوزيعها على مستحقيها من الفقراء ..إليهم دون غريهم"( .)62وقال الدكتور عبد العزيز اخلياط عميد كلية الشريعة ابجلامعة األردنية سابقاً :أرى ضرورة توظيف واستثمار بعض أموال الزكوات يف املشروعات اخلريية والصناعية والتجارية لصاحل جهات االستحقاق"(.)63 وقال الدكتور حممد صاحل الفرفور" :أرى جواز استثمار أموال الزكاة استحساانً خالفا للقياس للضرورة أو احلاجة إبشراف ويل األمر أو من يفوضه كالقاضي ( .)64وقد أفىت جبواز استثمار أموال الزكاة كثري من العلماء وجلان الفتوى يف العامل اإلسالمي -كما هو مبني يف مالحق الفتاوى والقرارات- اثنياً :األدلة: يستند كل قول من القولني السابقني إىل حجج وأدلة ،وفيما يلي أدلة كل فريق: -1أدلة القائلني بعدم جواز االستثمار. استدل القائلون بعدم جواز استثمار أموال الزكاة مبا يلي: أ -استثمار أموال الزكاة يف مشاريع صناعية أو زراعية أو جتارية يؤدي إىل أتخري توصيل الزكاة إىل املستحقني ،إذ أن إنفاقها يف تلك املشاريع يؤدي إىل انتظار األرابح املرتتبة عليها ،وهذا خمالف ملا عليه مجهور العلماء من أن الزكاة جتب على الفور)65( . ب -إن استثمار أموال الزكاة يعرضها إىل اخلسارة والضياع ،ألن التجارة إما ربح وإما خسارة (.)66 ت -إن استثمار أموال الزكاة يعرضها إىل إنفاق أكثرها يف األعمال اإلدارية (.)67 ث -إن استثمار أموال الزكاة يؤدي إىل عدم متلك األفراد هلا متليكاً فردايً ،وهذا خمالف ملا عليه مجهور الفقهاء من اشرتاط التمليك يف أداء الزكاة ،ألن هللا تعاىل أضاف الصدقات إىل املستحقني يف آية الصدقات بالم امللك(.)68 ج -ألن يد األمام أو من ينوب عنه على الزكاة يد أمانة ال تصرف واستثمار(.)69 -2أدلة القائلني جبواز االستثمار: استدل القائلون جبواز استثمار أموال الزكاة مبا يلي: (أ ) ألن النيب _صلى هللا عليه وسلم_ واخللفاء الراشدين كانوا يستثمرون أموال الصدقات من إبل وبقر وغنم ، فقد كان لتلك احليواانت أماكن خاصة للحفظ والرعي والدر والنسل ،كما كان هلا رعاة يرعوهنا ويشرفون عليها، ويؤيد ذلك ما روي عن أنس رضي هللا عنه أن أانساً من عرينة اجتووا املدينة( ،)70فرخص هلم الرسول _صلى هللا عليه وسلم_ أن أيتوا إبل الصدقة فشربوا من ألباهنا وأبواهلا ،فقتلوا الراعي واستاقوا الذود فأرسل رسول هللا _صلى هللا عليه وسلم_ فأيت هبم ،فقطع أيديهم وأرجلهم ومسر أعينهم ،وتركهم ابحلرة يعضون احلجارة"(.)71 وعن مالك عن زيد بن أسلم أنه قال :شرب عمر بن اخلطاب لبناً فأعجبه ،فسأل الذي سقاه من أين هذا اللنب، فأخربه أنه ورد على ماء قد مساه ،فإذا نعم من نعم الصدقة ،وهم يسقون ،فحلبوا من ألباهنا ،فجعلته يف سقاء فهو هذا ،فأدخل عمر بن اخلطاب يده فاستقاء(.)72 (ب) االستئناس بقول من توسع يف مصرف" :يف سبيل هللا" وجعله شامال لكل وجوه اخلري :من بناء احلصون وعمارة املساجد ،وبناء املصانع ،وغري ذلك مما فيه للمسلمني كما نقله الرازي يف تفسريه عن تفسري القفال عن بعض العلماء. ( .)73فإذا جاز صرف الزكاة يف مجيع وجوه اخلري ،جاز صرفها يف إنشاء املصانع واملشاريع ذات الريع اليت تعود ابلنفع على املستحقني. (ت) االستئناس بقول من أجاز لألمام -إذا اقتضت الضرورة أو احلاجة -إنشاء املصانع احلربية من سهم " يف سبيل هللا" وأن جيعل هذه املصانع كالوقوف على مصاحل املسلمني .ويستند هذا الرأي إىل ما ذكره النووي يف اجملموع عن فقهاء خراسان" :إن األمام ابخليار إن شاء سلم الفرس والسالح واآلالت إىل الغازي أو مثن ذلك متليكاً له فيملكه وإن شاء استأجر ذلك له ،وإن شاء اشرتى من سهم "يف سبيل هللا" أفراساً وآالت احلرب، وجعلها وقفاً يف سبيل هللا ،ويعطيهم عند احلاجة ما حيتاجون إليه مث يردونه إذا انقضت حاجتهم ،وختتلف املصلحة يف ذلك حبسب قلة املال وكثرته"( .)74هذا بناء على قول من يرى عدم التوسع يف مصرف يف "سبيل هللا" وقصره على اجلهاد يف سبيل هللا ،فإذا جاز إنشاء املصانع احلربية ووقفها على مصاحل اجليش اإلسالمي من الزكاة جاز إنشاء املؤسسات االستثمارية من أموال الزكاة إذا دعت الضرورة أو احلاجة ووقفها على املستحقني للزكاة. (ث) االستئناس ابألحاديث اليت حتض على العمل واإلنتاج واستثمار ما عند اإلنسان من مال وجهد ومن ذلك ما روي عن أنس بن مالك قال" :أن رجال من األنصار أتى النيب _صلى هللا عليه وسلم_ ،قال :أما يف بيتك شيء؟ قال :بلى حلس( )75نلبس بعضه ونبسط بعضه ،وقعب ( )76نشرب فيه املاء .قال :ائتين هبما، فأخذمها رسول هللا _صلى هللا عليه وسلم_ بيده وقال من يشرتي هذين؟ فقال رجل :أان آخذمها بدرهم ،قال من يزيد على درهم؟ مرتني أو ثالاثً .فقال رجل :أان آخذمها بدرمهني ،فأعطامها إايه وأخذ الدرمهني وأعطامها األنصاري ،وقال :اشرت أبحدمها طعاماً فانبذه إىل أهلك ،واشرت ابألخر قدوماً فائتين به ،فشد رسول هللا _صلى هللا عليه وسلم_ عوداً بيده مث قال :اذهب فاحتطب وبع وال أرينك مخسة عشر يوماً ،فذهب الرجل حيتطب ويبيع فجاء وقد أصاب مخسة عشر درمهاً فاشرتى ببعضها ثوابً وببعضها طعاماً فقال رسول هللا _صلى هللا عليه وسلم_" :هذا خري لك من أن جتيء املسالة نكتة يف وجهك يوم القيامة ،وإن املسألة ال تصلح إال لثالثة :لذي فقر مدقع ( ،)77أو لذي غرم مفظع( )78أو لذي دم موجع (.)80()79فإذا جاز استثمار مال الفقري املشغول حباجاته األصلية جاز لألمام استثمار أموال الزكاة قبل شغلها حباجاهتم. (ج) القياس على استثمار املستحقني للزكاة بعد قبضها ودفعها إليهم بقصد االستثمار -كما بينا سابقاً -فإذا جاز دفعها إليهم استثمارها لتأمني كفايتهم وحتقيق إغنائهم جاز استثمارها وإنشاء مشروعات صناعية أو زراعية تدر على املستحقني ريعاً دائماً ينفق يف حاجة املستحقني ،ويؤمن هلم أعماال دائمة تتناسب مع إمكاانهتم وقدراهتم .واالستئناس ابألحاديث اليت حتض على الوقوف والصدقة اجلارية ،ومن ذلك قوله _صلى هللا عليه وسلم_" :إذا مات اإلنسان انقطع عمله إال من ثالثة :صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صاحل يدعو ()81 فالصدقة اجلارية هي الدائمة املتصلة كالوقوف املرصدة ،فيدوم ثواهبا للمتصدق مدة دوامها ،ويعمل الناظر على تنميتها واستثمارها والتصرف فيها مبا حيقق مصلحة املوقوف عليهم ،فإذا جاز للناظر التصرف فيها وفق مصلحة املستحقني ،جاز لألمام التصرف يف أموال الزكاة واستثمارها. (ح) القياس على جواز استثمار أموال األيتام من قبل األوصياء بدليل قوله _صلى هللا عليه وسلم_ "ابتغوا يف أموال اليتامى ال أتكلها الصدقة"( )82فإذا جاز استثمار أموال األيتام وهي مملوكة حقيقة هلم جاز استثمار أموال الزكاة قبل دفعها إىل املستحقني لتحقيق منافع هلم فهي ليست أبشد حرمة من أموال األيتام. (خ) العمل ابالستحسان يف هذه املسألة خالفاً للقياس ،فهذه املسألة وإن كان األصل فيها عدم اجلواز إال أن احلاجة إليها يف هذا العصر ماسة نتيجة الختالف البالد والعباد واختالف الدول وأنظمة العيش ،وأمناط احلياة( )83ومن وجوه املصلحة يف استثمار أموال الزكاة أتمني موارد مالية اثبتة لسد حاجات املستحقني املتزايدة. اثلثاً :مناقشة األدلة: 1ـ مناقشة أدلة القائلني بعدم جواز االستثمار: أ -القول إن استثمار أموال الزكاة ينايف الفورية اليت عليها اجلمهور جياب عنه ،أبن الفورية تتعلق ابملالك ال ابإلمام ،فإذا وصلت الزكاة إىل يد األمام أو انئبه حتققت الفورية وجاز له -عند مجهور العلماء -أتخري قسمتها، واستدلوا لذلك مبا روي أنس بن مالك قال" :غدوت إىل رسول هللا _صلى هللا عليه وسلم_ بعبد هللا بن أيب طلحة ليحنكه( )84فوافيته يف يده امليسم ( )85يسم إبل الصدقة( )86فهو يدل على جواز أتخري القسمة، ألهنا لو عجلت الستغىن عن الوسم"( .) 87كما جيوز لإلمام أتخري الزكاة عند املالك حلاجة املالك نفسه أو املستحقني .فقال املالكية" :جيوز لإلمام أتخري الزكاة إىل احلول الثاين ،إذا أداه إليه اجتهاده ،ألن اإلمام وكيل املستحقني وهو مأمور أبن يتحرى املصلحة" ( .)88وقال احلنابلة "جيوز لإلمام والساعي أتخريها عند رهبا لعذر قحط أو حنوه"( ،)89وقال أبو عبيد ":وكذلك أتخريها إذا رأى ذلك األمام يف صدقة املواشي ،لألزمة تصيب الناس ،فتجدب هلا بالدهم ،فيؤخرها عنهم إىل اخلصب ،مث يقضيها منهم ابالستيفاء يف العام املقبل ،كالذي فعله عمر يف عام الرمادة"(.)90 ب -القول إن االستثمار يعرض أموال الزكاة للخسارة جياب عنه :أبن احتمال اخلسارة يف التجارة ال مينع االجتار ابألموال ،ملا فيه من تنمية املال وزايدته ،وقد اعترب ابن عبد السالم االجتار من املصاحل الدنيوية اليت تدعو إليها الشريعة اإلسالمية ،حيث قسم املصاحل الدنيوية إىل قسمني أحدمها :انجز احلصول :كمصاحل املآكل واملشارب، واملالبس وحيازة املباح واالصطياد واالحتشاش واالحتطاب .والقسم الثاين :متوقع احلصول :كاالجتار لتحصيل األرابح ،وكذلك االجتار يف أموال اليتامى ملا يتوقع فيها من األرابح( .)91وقد دعت الشريعة اإلسالمية الوالة واحلكام إىل حفظ أموال األمة واستثمارها مبا حيقق النفع للمسلمني ،فجاء يف كتاب اخلراج( :فإذا اجتمعوا "أي أهل اخلري" على أن يف ذلك "رأي يف حفر األهنار" صالحاً وزايدة يف اخلراج أمرت حبفر تلك األهنار ،وجعلت النفقة من بيت املال وال حتمل النفقة على أهل البلد ،وكل ما فيه مصلحة ألهل اخلراج يف أرضهم وأهنارهم وطلبوا إصالح ذلك هلم أجيبوا إليه إذا مل يكن فيه ضرر على غريهم( .)92وما ذكره أبو يوسف -رمحه هللا -من ضرورة حفر األهنار هو من قبيل التمثيل ،ال احلصر كما يفهم من عبارته األخرية" ،وكل ما فيه مصلحة ألهل اخلراج.. أجيبوا إليه" .واستثمار األموال خيضع -يف هذا الوقت -إىل دراسات اقتصادية دقيقة قبل األقدام على أي مشروع استثماري :مثل دراسة فرص االستثمار ،ودراسة اجلدوى االقتصادية .ففي دراسة الفرص يتم حتليل إحصائيات عن املوارد املتاحة واملستخدمة ،وعن طلب املستهلكني والعرض املتاح ،وعن احلاجات األساسية واملعروض منها ،وعن الواردات والطلب عليها ،وعن املنتجات املصنوعة ومدى احلاجة إليها ،وعن رغبات التنوع واملناخ االستثماري العام والتسهيالت املقدمة.)93(. ودراسة اجلدوى االقتصادية تتنوع إىل نوعني :دراسة جدوى مبدئية ،ودراسة جدوى تفصيلية ،فدراسة اجلدوى املبدئية حلقة وسط بني دراسة الفرص ودراسة اجلدوى التفصيلية ،فإذا ثبت من دراسة الفرص أن الفكرة طيبة وتستحق الدراسة فإنه قد يكون من املرغوب فيه القيام بدراسة مبدئية هتتم ابهليكل العام ودراسة البدائل وال تنشغل ابلتفاصيل الفنية واهلندسية ،فإذا تبني من هذه الدراسة أن املشروع يستحق القيام به وحيتاج إىل دراسة اجلدوى التفصيلية قام هبا وهي تعتمد على بياانت تفصيلية يف اجلوانب الفنية واهلندسية والتجارية واملالية واالقتصادية واالجتماعية ،ففي الدراسة يتم حتليل أشياء كثرية منها :اإلنتاج واملنتجات ،واملوقع ،والتكنولوجيا، واملدخالت واملخرجات ،واألسعار والتسعري واملبيعات واإليرادات ،واملصروفات وتكاليف االستثمار ،والتمويل وهيكل التمويل ،والرحبية املالية واالقتصادية والتجارية ،والدراسة احلسابية للتغريات واملخاطر وغري ذلك وكل جزئية من هذه اجلزئيات يتم وضعها يف إطار من التفاصيل الدقيقة اليت يتم مجعها أبكرب دقة ممكنة دائماً مع عمل االفرتاضات اليت بنيت عليها الدراسة مثل الطاقة اإلنتاجية والسياسية واحلكومية …(.)94 كل هذه الدراسات تتم قبل اختاذ قرار االستثمار ،ومن قبل أهل االختصاص واخلربة ،وهي كفيلة بتضييق دائرة احتمال اخلسارة يف املشروع االستثماري .وفيما يلي بيان ابملراحل اليت متر هبا صناعة قرار االستثمار بصفة عامة، ودراسة اجلدوى االقتصادية بصفة خاصة. (ج) وأما القول :إن استثمار أموال الزكاة يؤدي إىل إضاعتها يف األعمال اإلدارية فهو مناقض لنص اآلية "إمنا الصدقات للفقراء واملساكني والعاملني عليها…"( )95فقد جعل هللا تعاىل للقائمني عليها سهماً منها كما سيأيت تفصيله يف تكاليف استثمار أموال الزكاة. (د) وأما القول :إن استثمار أموال الزكاة مناف ملبدأ التمليك الذي اشرتطه مجهور الفقهاء ،فيجاب عنه أبن اشرتاط التمليك حمل نظر ،فقد ذهب بعض العلماء إىل عدم اشرتاطه إذا دعت احلاجة إىل ذلك ،ولذا أجاز كثري من العلماء صرف الزكاة بدون متليك فردي يف كثري من الصور ،كصرف الزكاة يف شراء العبيد وعتقهم ،وصرف الزكاة ألبناء السبيل بدون متليك فردي للمستحق. وعلى فرض اشرتاط التمليك فإن التمليك حاصل يف إنشاء املشاريع االستثمارية ،وهي التمليك اجلماعي للمستحقني ،أو لبيت املال أو بيت الزكاة ،وقد اعترب الفقهاء بيت املال شخصية اعتبارية أو حكمية متلك ومتلك.)96(. (هـ) وأما القول :أن يد األمام على الزكاة يد أمانة ال تصرف واستثمار ،فيجاب عنه أبنه غري مسلم ،فقد أجاز الفقهاء التصرف يف مال الزكاة لضرورة أو حاجة ،ولذا أجاز املالكية والشافعية واحلنابلة بيع الزكاة للضرورة، فقال اخلرشي" :إذا قلنا بنقل الزكاة إىل البلد احملتاج واحتاجت إىل كراء يكون من الفيء ..فإن مل يكن يف يفء أو كان وال أمكن نقلها ..فإهنا تباع يف بلد الوجوب ،ويشرتي بثمنها مثلها يف املوضع الذي تنقل إليها إن كان خرياً ( .) 97وقال النووي" :ال جيوز لإلمام والساعي بيع شيء من مال الزكاة من غري ضرورة ،فإن وقعت الضرورة أبن يقف عليه بعض املاشية أو خاف هالكه ،أو كان يف الطريق خطر ،أو احتاج إىل رد جربان أو إىل مؤونة النقل ،أو قبض بعض شاه وما أشبه جاز البيع ضرورة (.)98 وقال ابن قدامة" :إذا أخذها الساعي فاحتاج إىل بيعها ملصلحة من كلفة نقلها وحنوها فله ذلك ملا روي قيس بن أيب حازم أن النيب _صلى هللا عليه وسلم_ رأى يف إبل الصدقة انقة كوماء ( )99فسأل عنها فقال املصدق :إين ارجتعتها إببل( )100فالرجعة أن يبيعها ويشرتي بثمنها مثلها أو غريها(.)101 -2مناقشة أدلة القائلني جبواز االستثمار: أ -القول أبن النيب _صلى هللا عليه وسلم_ واخللفاء الراشدين كانوا يستثمرون أموال الزكاة من إبل وغنم وبقر جياب عنه أب نه غري مسلم ،ألن ما حدث كان جملرد حفظ احليواانت حلني توزيعها على املستحقني ال لالستثمار، وما حيصل من توالد وتناسل ودر لنب فهو طبيعي غري مقصود ،فال يدل هذا الدليل على جواز إنشاء مشاريع إنتاجية طويلة األجل ،وإمنا يدل على جواز استثمار أموال الزكاة يف إحدى املصارف اإلسالمية حلني توزعها أو توصيلها إىل املستحقني ،فإن هذا االستثمار للحفظ وحتقيق النفع للمستحقني من ريعها ،فال حرج فيه لقوله _صلى هللا عليه وسلم_ " :من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل" (.)102 ب -وأما التوسع يف مصرف "يف سبيل هللا" حىت يشمل مجيع وجوه اخلري فهو غري مسلم وال معتمد ،ألنه ورد يف بعض كتب التفسري لفقيه غري معروف ،وهو قول مرجوح ،واملختار عند الفقهاء واحملققني أن هذا املصرف يراد به اجلهاد يف سبيل هللا ،ال مجيع وجوه اخلري(.)103 ت -وأما القول أبنه جيوز لإلمام -إذا اقتضت الضرورة -إنشاء املصانع احلربية من سهم " يف سبيل هللا" فصحيح ،ومن وجوه الضرورة خلو بيت املال عن األموال اليت تفي بذلك ،ألن عبء جتهيز اجليوش اإلسالمية وتسليحها يقع على عاتق بيت املال من يفء وخراج وجزية ،فإذا عجز بيت املال عن جتهيز اجملاهدين فال مانع من جتهيزهم من الزكاة. ث -وأما حديث احللس فعام يف احلث على االستثمار واإلنتاج ،وليس خاصاً ابستثمار أموال الزكاة. ج -القياس على استثمار املستحقني للزكاة أجيب عنه أبنه ال يصح ،ألن شرط التمليك متحقق يف دفع الزكاة للمستحقني بقصد االستثمار ،وال يتحقق ذلك الشرط يف إنفاق الزكاة يف املشاريع االستثمارية من قبل األمام. وجياب عن ذلك مبا ذكرت عند مناقشة أدلة املانعني من أن شرط التمليك حمل نظر ،وأن التمليك اجلماعي حاصل يف إنشاء املشاريع االستثمارية. و -االستئناس حبديث الصدقة اجلارية (الوقوف) أجيب عنه أبنه ال يصح ألن من أركان الوقف أن يكون هناك واقف ،ويف استثمار أموال الزكاة ال يوجد واقف ،ألن أموال الزكاة قبل قبضها من قبل املستحقني ليست مملوكة هلم حقيقة حىت يقفوها ،وهي ليست مملوكة للمزكني أيضاً وال لإلمام .وجياب عن ذلك أبن هذه احلالة ذات شبه ابلوقف من بعض الوجوه ،وليست مطابقة له من كل الوجوه وما دام األمر كذلك فليست حباجة لتوفر أركان الوقف وشروطه (.)104 ز -القياس على استثمار أموال األيتام أجيب عنه ،أبن هذا االستثمار خاص ابألموال الزائدة عن حاجة اليتيم األصلية بدليل وجوب الزكاة فيها "حىت ال أتكلها الصدقة" أما أموال الزكاة فال تزيد عن حاجات املستحقني يف الغالب ،وإذا زادت يف قطر تنقل إىل قطر آخر كما قال اجلويين ":وأما الزكوات :إن انتهى مستحقوها إىل مقاربة االستقالل واكتفوا مبا انلوه منها فال سبيل إىل رد فاضل الزكوات عليهم ،فإن أسباب استحقاقهم ما اتصفوا به من حاجاهتم ،فإذا زالت أسباب االستحقاق وزال االستحقاق بزواهلا ،فالفاضل عند هذا القائل إن تصور استغناء مستحقي الزكاة يف قطر أو انحية منقول إىل مستحقي الزكاة يف انحية أخرى ،وإن ابلغ مصور يف تصوير شغور اخلطة عن مستحقي الزكاة يف انحية أخرى ،فهذا أخرق للعوائد وتصوره عسر .ولكن العلماء رمبا يفرضون صوراً بعيدة وغرضهم بفرضها وتقديرها متهيد حقائق املعاين .فإن احتملنا تصور ذلك -أي زايدة أموال الزكاة عن املستحقني -فالفاضل من الزكوات عن هؤالء مردود إىل سهم املصاحل العامة " (.)105 فاجلويين يستبعد زايدة أموال الزكاة عن حاجات املستحقني يف زمنه ويعتربه خارقاً للعادة ،فكيف بزماننا الذي شح فيه كثري من األغنياء عن إخراج ما وجب عليهم من زكاة .فال يصح قياس استثمار أموال الزكاة املشغولة حباجات املستحقني على استثمار أموال األيتام الزائدة عن حاجاهتم. ح -العمل ابالستحسان أو مبا هو خالف األصل للحاجة أو الضرورة ينبغي أن يقيد بضوابط وقيود حتمي أموال الزكاة من الضياع -كما سيأيت يف القول املختار. رابعاً :الرأي املختار: بعد عرض آراء العلماء وأدلتهم ومناقشتها يتبني يل ما يلي: -1األصل يف أموال الزكاة اليت وصلت إىل يد األمام ،أو من ينوب عنه من السعادة أو املؤسسات الزكوية تعجيل تقسيمها بني املستحقني ،وال جيوز أتخريها. -2لكن إذا دعت الضرورة أو احلاجة إىل أتخري تقسيمها فال أبس ،وحتفظ حينئذ ابلطريقة اليت يراها األمام أو من ينوب عنه ،حبيث تؤدي تلك الطريقة إىل عدم ضياعها ،وحتقيق املنافع للمستحقني :كحفظها يف مصارف إسالمية على شكل ودائع استثمارية حلني الطلب. -3ويستثىن من األصل السابق أيضاً جواز أتخريها لالستثمار ،إذا دعت الضرورة أو احلاجة :كتأمني موارد مالية اثبتة للمستحقني وتوفري فرص عمل للعاطلني عن العمل من املستحقني فيجوز استثمارها يف مشاريع إنتاجية ويؤيد ذلك ما يلي: أ -ما صمد من أدلة القائلني جبواز االستثمار أمام املناقشة كالقياس على جواز استثمار املستحقني للزكاة بعد قبضها ،ودفعها إليهم بقصد االستثمار وجواز إنشاء املصانع احلربية من الزكاة للضرورة ،واحلاجة إىل االستثمار. ب -القياس على وقف األرض املفتوحة عنوة بقصد استثمارها وأتمني مورد اثبت للدولة اإلسالمية ،فقد رأى عمر رضي هللا عنه عدم تقسيم أراضي العراق ومصر والشام بني الفاحتني وتركها يف أيدي أهلها من أهل الذمة عمار األرض ،فهم أعلم هبا ،وأقوى عليها"( .)106مث قال: يزرعوهنا خبراج معلوم .وقال يف أهلها" :يكونون ّ "فكيف مبن أييت من املسلمني ،فيجدون األرض بعلوجها قد اقتسمت ،وورثت عن اآلابء ،وحيزت ما هذا برأي"(.) 107فإذا جاز لإلمام وقف األراضي املفتوحة عنوة ملصلحة مجيع املسلمني للحاجة جاز له استثمار أموال الزكاة يف مشاريع إنتاجية ،ووقفا على املستحقني للحاجة. ت -االستئناس حبديث أصحاب الغار فقد روي البخاري وغريه عن ابن عمر _رضي هللا عنهما_ عن النيب _صلى هللا عليه وسلم_ قال" :خرج ثالثة ميشون فأصاهبم املطر ،فدخلوا يف غار يف جبل فاحنطت عليهم صخرة قال :فقال بعضهم لبعض :ادعوا هللا أبفضل عمل عملتموه. فقال الثالث :اللهم إين كنت استأجرت أجرياً بفرق من ذرة فأعطيته وأىب ذلك أن أيخذ ،فعمدت إىل ذلك الفرق فزرعته حىت اشرتيت منه بقراً وراعيها مث جاء ،فقال اي عبد هللا أعطين حقي ،فقلت انطلق إىل تلك البقر وراعيها فإهنا لك ،فقال أتستهزئ يب؟ قال فقلت ما أستهزئ بك ،ولكنها لك ،اللهم إن كنت تعلم أين فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ،فكشف عنهم"(.)108 و يف رواية "بفرق أرز" والفرق مكيال معروف ابملدينة .ويف هذا احلديث دليل على جواز استثمار مال الغري بغري إذن مالكه إذا أجازه املالك بعد ذلك (.)109 هذا إذا كان املتصرف ليس له حق النظر والتصرف يف املال ،أما إذا كان له حق التصرف والنظر يف املال كاإلمام ابلنسبة ألموال الزكاة جاز التصرف دون احلاجة إىل إجازة الفقراء.)110(. ث -االستئناس حبديث عروة البارقي أن النيب _صلى هللا عليه وسلم_ :أعطاه ديناراً يشرتي أضحية أو شاة، فاشرتى شاتني ،فباع إحدامها بدينار فأاته بشاة ودينار ،فدعا له ابلربكة يف بيعه فكان لو اشرتى تراابً لربح فيه". ويف رواية عن حكيم بن حزام أن رسول هللا _صلى هللا عليه وسلم_ بعث معه بدينار يشرتي له أضحية ،فاشرتاها بدينار وابعها بدينارين ،فرجع فاشرتى له أضحية بدينار ،وجاء بدينار إىل النيب _صلى هللا عليه وسلم_ ، فتصدق به النيب _صلى هللا عليه وسلم_ ،ودعا له أن يبارك يف جتارته(.)111 يف احلديث داللة على أن عروة اجتر فيما مل يوكل ابالجتار به وكذلك حكيم بن حزام فهو يدل على جواز استثمار مال الغري بغري إذن مالكه ،ألن النيب _صلى هللا عليه وسلم_ أقرمها على ذلك ،ودعا لكل واحد منهما ابلربكة يف بيعه ،ففي دعائه هلما ابلربكة دليل على أنه فعل مستحسن ومستحب ،وخباصة إذا كان حيقق اخلري لصاحب املال(.)112 فإذا جاز استثمار املال اخلاص بدون إذن صاحبه جاز لإلمام أو انئبه استثمار املال العام بدون إذن من له نصيب يف هذا املال ،ألن األمام له حق النظر والتصرف ابملال مبا حيقق املصلحة للمستحقني ،ويدفع الضرر عنهم كويل اليتيم والناظر على الوقف ،ولذلك قال عمر بن اخلطاب _رضي هللا عنه_" :إين أنزلت نفسي من مال هللا منزلة مال اليتيم"(…)113 وقال اإلمام مالك" :األمر عندان يف قسم الصدقات أن ذلك ال يكون إال على وجه االجتهاد من الوايل ،فأي األصناف كانت فيه احلاجة والعدد أوثر ذلك الصنف بقدر ما يرى الوايل(.)114 وقال أبو عبيد" :األمام خمري يف الصدقة يف التفريق فيهم مجيعاً ،ويف أن خيص هبا بعضهم دون بعض إذا كان ذلك على وجه االجتهاد ،وجمانبة اهلوى وامليل عن احلق وكذلك من سوى األمام ،بل لغريه أوسع إن شاء هللا".)115(. وقال ابن حجر" :لإلمام أن خيص مبنفعة مال الزكاة دون الرقبة صنفاً دون صنف حبسب االحتياج ( )116وقد بينت عند مناقشة األدلة أن لإلمام حق التصرف يف أموال الزكاة ابلبيع للحاجة .فيجوز استثمارها إذا رأى األمام املصلحة يف ذلك … وهللا أعلم. -4ضوابط استثمار أموال الزكاة من قبل األمام أو من ينوب عنه. إذا قلنا جبواز استثمار أموال الزكاة من قبل األمام أو من ينوب عنه فال بد من مراعاة الضوابط التالية: أ -أن ال توجد وجوه صرف عاجلة لتلك األموال :كسد احلاجات الضرورية للمستحقني من احلاجة إىل الطعام أو الكساء أو السكن ،فإن وجدت تلك احلاجات العاجلة ،فال جيوز أتخري صرف الزكاة فيها حبجة االستثمار، وإذا كانت أموال الزكاة على شكل أصول اثبتة :كاملصانع والعقارات فيجب بيعها وصرف أمثاهنا يف تلك الوجوه. ب -أن يتحقق من استثمار أموال الزكاة مصلحة حقيقية راجحة للمستحقني :كتأمني مورد دائم حيقق احلياة الكرمية هلم. ت -أن تكون جماالت االستثمار مشروعة :كالتجارة والصناعة والزراعة ،ولذا فال جيوز استثمار أموال الزكاة يف جمال من اجملاالت احملرمة :كالراب واالجتار ابحملرمات وغري ذلك. ث -أن تتخذ كافة اإلجراءات اليت تضمن بقاء تلك األموال على أصل حكم الزكاة ،حبيث ال يصرف ريعها إال للمستحقني ولو احتيج إىل بيع األصول الثابتة يف املستقبل ترد أمثاهنا إىل مصارف الزكاة. ج -أن يسبق قرار االستثمار دراسات دقيقة من أهل اخلربة تتعلق ابجلدوى االقتصادية للمشروع االستثماري، فإذا غلب على الظن حتقق األرابح من ذلك املشروع ابشر من يف إنشائه. ح -أن يسند أمر األشراف واإلدارة إىل ذوي الكفاءة واخلربة واألمانة. خ -أن يعتمد قرار االستثمار ممن له والية عامة كاإلمام أو القاضي ،أو أهل احلل والعقد. --------------------- ( )1املصباح املنري للفيومي ،املفردات يف غريب القرآن لألصفهاين مادة ،زكا. ( )2جواهر اإلكليل لأليب188/1 ( )3املغين ألبن قدامة .572/2 ( )4آية 34 :من سورة الكهف. ( ) 5لسان العرب ألبن منظور ،القاموس احمليط للفريوز آابدي ،املفردات لألصفهاين ،بصائر ذوي التمييز يف لطائف الكتاب العزيز للفريوز آابدي ،أساس البالغة ،مادة :مثر. ( )6املنتقي للباجي .150/5 ( )7آية 5من سورة النساء ( )8الكشاف للزخمشري.500/1 ( )9االستثمار والتمويل للدكتور سيد اهلواري ص43 ( )10املوسوعة االقتصادية لراشد الباروي ص17 ( )11بتصرف من االستثمار والتمويل للهواري ص.44-43 ( )12املوسوعة العلمية والعملية للبنوك اإلسالمية -االستثمار للسيد اهلواري 28/6 ( )13املوسوعة العلمية 16/6- ( )14لسان العرب ألبن منظور ،والقاموس احمليط وخمتار الصحاح ،مادة :وظف ( )15املصباح املنري للفيومي ،القاموس احمليط ،مادة :غل ( )16فتح القدير للكمال بن اهلمام 491/10 ( )17املصباح املنري ،القاموس احمليط ،مادة:منا. ( )18القاموس احمليط خمتار الصحاح للرازي ،مادة :نفع ( )19معجم لغة الفقهاء للقلعجي وقنييب ص.91 ( )20كشاف القناع للبهويت ./2822 ( )21املغين احملتاج للشربيين اخلطيب 106/3 ( )22األشباه والنظائر ألبن جنيم ص.346 ( )23اجملموع للنووي 150/6 ( )24املرجع نفسه .156/6 ( )25اجملموع ،139/6مغين احملتاج ،114/3حاشية قليويب ، ..200/3هناية احملتاج للرملي ،162/6حاشية البجريمي .314/3األنصاف للمرداوي .238/3 ( )26البدائع ،3/2درر احلكام ملأل خسرو ،174/1حاشية الدسوقي ،503/1اجملموع للنووي ،286/5مغين احملتاج ،413/1 املبدع ،399/2املغين .684/2 ( )27آية 141 :من سورة األنعام. ( )28املبدع .399/2 ( )29نيل األوطار 167/4وصعفه السيوطي يف اجلامع الصغري ،وقال البيهقي :تفرد به حممد قال الذهيب يف املهذب ضعيف ،ويف امليزان عن أيب حامت منكر احلديث .مث عد من مناكريه هذا اخلرب (فيض القديري للمناوي .)443/5 ( )30نيل األوطار .167/4 ( )31صحيح البخاري .118/2 ( )32فتح الباري ،41/4نيل األوطار .168/4 ( )33املغين ، 684/2املبدع 399/2 ( )34فتح القدير للكمال بن اهلمام .155/2 ( )35املغين ألبن قدامة .685/2 ( )36البدائع ،3/2درر احلكام ملأل خسرو 174/1 ( )37البدائع 3/2 ( )38آية 48:من سورة املائدة ( )39آية 133:من سورة آل عمران ( )40حاشية ابن عابدين ،283/2بداية اجملتهد ألبن رشد ،249/1اجملموع ،323/5رمحه هللا ،72مغين احملتاج ،419/1 املنثور يف القواعد ،466/1حاشية اجلمل ،293/2األنصاف ،35/3اإلفصاح ،2.9/1أحكام القرآن ألليكا اهلراس ،73/4 املغين .679/2 ( )41سنن أيب داود ( )97/2والبيهقي ،وقال :إسناده صحيح وكلهم ثقات. ( )42صحيح البخاري .133/2 ( )43اجملموع ،323 /5رمحة األمة ،72املغين ألبن قدامة ،679/2األنصاف .35/3 ( )44آية 103:من سورة التوبة. ( )45آية 24 :من سورة املعارج. ( )46صحيح البخاري .108/2 ( )47آية .60:من سورة التوبة. ( )48املعيار املعرب للونشريسي ،399/1اجملموع ،323/5مغين احملتاج ،419/1حاشية قليويب ،47/2حاشية اجلمل ،292/2املنثور يف القواعد 366/1أحكام القرآن ألليكا اهلراس ، 83/4رمحة األمة للدمشقي ص ،72األنصاف ،38/3 القواعد ألبن رجب .207 ( )49األرض :هو اسم للمال الواجب على ما دون النفس… ( )50حاشية ابن عابدين ،283/2اجملموع ،323/5األنصاف .38/3 ( )51اجملموع ،323/5األنصاف .38/3 ( )52العروة الوثقى للطبطبائي .39/2 ( )53اخلمس للسيد عبد الكرمي السيد علي خان ص.118 ( )54أحكام القرآن لأللكيا اهلراس .83/4 ( )55األنصاف للمرداوي .38/3 ( )56انظر :حبث" :مبدأ التمليك ومدى اعتباره يف صرف الزكاة" للمؤلف. ( )57كشف األسرار للبزدوي .137/4 ( )58جملة جممع الفقه اإلسالمي ،العدد الثالث ج ،1ص 406.- 335أحكام الزكاة على ضوء املذاهب األربعة لعبد هللا علوان ص . 97وقد أيد هذا القول بعض املشاركني يف الدورة الثالثة ملؤمتر جممع الفقه اإلسالمي مثل الشيخ جتاين صابون -املدرس مبدرسة املعلمني العليا بتشاد -حيث قال" :إن توظيف الزكاة يف مشاريع ذات ريع بال متليك فردي للمستحقني ال ميكن أن يتم إال إذا وجد مستحقو الزكاة حقوقهم "يقصد حاجاهتم" وبقدر الكفاية احملددة هلم ،ألنه ألبد أن يعطي الفقري القدر الذي خيرجه من الفقر إىل الغىن ،ومن احلاجة إىل الكفاية على الدوام… فإذا ما وجد كل ذي حق حقه من أموال الصدقة ،وفاضت فيمكن بعد ذلك توجيهها إىل مثل هذا املشروع" (حبث توظيف الزكاة يف مشاريع ذات ريع بال متليك فردي للمستحق جملة اجملمع ج ،1ص.)335 كما أيد هذا القول الشيخ آدم عبد هللا علي -خطيب مسجد التضامن اإلسالمي مبقديشو ابلصومال حيث قال":إن توظيف الزكاة يف مشاريع ذات ريع دون متليك فردي للمستحق غري جائز ،ألهنا تعرض املال للفائدة واخلسارة ،فرمبا يرتتب عليها ضياع األموال، وألن توظيفها يف املشاريع اإلمنائية يؤدي إىل انتظار الفائدة املرتتبة عليها ،وهذا قد أيخذ وقتاً طويال ،فيكون سبباً لتأخري تسليم أموال الزكاة ملستحقيها بدون دليل شرعي ،مع أن املطلوب التعجيل يف أداء حقوقهم ،وألن أموال الزكاة أمانة يف أيدي املسؤولني عنها حىت يسلموها إىل أهلها وشأن األمانة احلفظ فقط (حبث توظيف الزكاة،جملة املعجم ج 1ص.)354 ( )59جملة جممع الفقه اإلسالمي -العدد الثالث ،ج ،1ص.4.4 ( )60حبث" :آاثر الزكاة يف األفراد واجملتمعات "للقرضاوي -منشور ضمن أعمال مؤمتر الزكاة األول عام 1984ص ،45جملة جممع الفقه اإلسالمي املشار إليها سابقاً. ( )61فتوى له منشورة يف جملة اجملتمع الكويتية عدد ( )793ص.34 ( )62االحتاد اجلماعي يف التشريع االقتصادي اإلسالمي للدكتور :حممد فاروق النبهان ص.293،488 ( ) 63حبث" :توظيف أموال الزكاة يف مشاريع ذات ريع بال متليك فردي للمستحق "للخياط -منشور يف جملة جممع الفقه اإلسالمي -العدد الثالث ،ج ، 1ص ،371وحبث" :الزكاة وتطبيقاهتا واستثمارها" للخياط مقدم لندوة" الزكاة واقع وطموحات" املنعقدة يف أربد عام 1989ص.58 ( ) 64فتوى فقيهة يف حبث" :توظيف أموال الزكاة مع عدم التمليك للمستحق" للدكتور الفرفور -منشور يف جملة الفقه اإلسالمي العدد الثالث ،ج ،1ص.358 ( )65أحكام الزكاة لعبد هللا علوان ص .97 ( ) 66حبث" :توظيف أموال الزكاة "للشيخ آدم شيخ عبد هللا ،منشور يف جملة جممع الفقه اإلسالمي ،عدد ، 3ج ،1ص.354 ( )67املرجع نفسه. ( )68جملة جممع الفقه اإلسالمي ،عدد ،3ج ،1ص.388،406 ( )69حبث" :توظيف أموال الزكاة " للشيخ آدم ،جملة اجملمع املشار إليها ص.354 ( ) 70اجتووا املدينة :أي أصاهبم اجلوي ،وهو مرض وداء اجلوف إذا تطاول إذا مل يوافقهم هواؤها (النهاية ألبن األثري )381/1 ( )71صحيح البخاري .137/2 ( )72املوطأ مع املنتقي ،157/2والبيهقي إبسناد صحيح كما قال صاحب مغين احملتاج (.)109/3 ( )73تفسري الرازي .115/16 ( )74اجملموع للنووي ..160/6 ( )75احللس :كساء جيعل على ظهر البعري حتت رحله ،وهو بساط يبسط يف البيت -واجلمع أحالس (املصباح املنري). ( )76القعب :إانء ضخم كالقصعة ،واجلمع قعاب وأقعب (املصباح املنري) ( )77فقر مدقع :أي شديد يفضي بصاحبه إىل الدقعاء أي الرتاب (النهاية )127/2 ( )78غرم مفظع :أي شديد شنيع (النهاية .)459/3 ( ) 79دم موجع :هو أن يتحمل دية ،فيسعى فيها حىت يؤديها إىل أولياء املقتول فإن مل يؤدها قتل املتحمل عنه ،فيوجعه (النهاية .)157/5 ( )80سنن أيب داود ، 120/2سنن الرتمذي ( )522/3وقال :حسن ( )81رواه مسلم يف صحيحه .1255/3 ( )82رواه البيهقي يف السنن الكربى ،107/4وقال :إسناده صحيح ،وله شواهد عن عمر _رضي هللا عنه_ . ( )83حبث " :توظيف الزكاة…" للفرفور ص.319 ( )84حنكة :أي مضغ مثراً وذلك حنك الصغري ،يقال حنك الصيب ،وحنكه. ( ) 85امليسم( :بكسر امليم) احلديدة اليت يكوى هبا ،ومجعه مياسم ومواسم ،وأصله من السمة وهي العالمة .والوسم أثر الكيه. ( )86رواه البخاري .138/2 ( )87فتح الباري ،109/4عمدة القاري ،106/9نيل األوطار للشوكاين .177/4 ( )88مواهب اجلليل للحطاب .363/2 ( )89املبدع ألبن مفلح ...400/2 ( )90األموال أليب عبيد .779 ( )91قواعد األحكام يف مصاحل األانم .43/1 ( )92اخلراج أليب يوسف..110 ( )93املوسوعة االقتصادية والعلمية للبنوك اإلسالمية .35/6 ( )94التمويل واالستثمار لسيد هواري ص ،81املوسوعة العلمية والعملية للبنوك اإلسالمية .34/6 • االستثمار والتمويل لسيد هواري ص 83بتصرف عن إن بتصرف عن ( Clifton & D.Fyffe Project )Feasibility Analyses New York 5 John Wiley, 1977 • االستثمار والتمويل لسيد هواري ص.85 ( )95آية .60:من سورة التوبة. ( )96لتفصيل ذلك انظر :حبث" مبدأ التمليك ومدى اعتباره يف صرف الزكاة" للباحث. ( )97حاشية اخلرشي .223/2 ( )98اجملموع للنووي ..120/6 ( )99كوماء :انقة ضخمة السنام. ( )100مسند األمام أمحد .349/ ( )101املغين .674/2 ( )102رواه مسلم .1726/4 ( )103جممع األهنر ،221/1حاشية اخلرشي ،218/2اجملموع ،158/6كشاف القناع ،283/2األموال أليب عبيد.801 ( ) 104حبث" :توظيف أموال الزكاة يف مشاريع ريع بال متليك فردي للمستحق" للدكتور حسن عبد هللا األمني منشور ضمن جملة جممع الفقه اإلسالمي عدد ، 3جملد ،1ص.367 ( )105غياث األمم يف اجتياث الظلم للجويين .184-183 ( )106اخلراج أليب يوسف .141 ( )107املرجع نفسه ص.24 ( )108صحيح البخاري ،38-37/3صحيح مسلم ، 2099/4مسند امحد .116/2 ( )109عمدة القاري ،26/12صحيح مسلم بشرح.58/17 ( )110نفس املرجع ( )111سنن أيب داود ،256/3سنن الرتمذي ،558/3مسند أمحد ،376 ،375/4قال املنذري والنووي :إسناده حسن صحيح وفيه كالم كثري ،وقال ابن حجر :الصواب أنه متصل يف إسناده مبهم "سبل السالم ."31/3 ( )112سبل السالم ،31/3فتح العالم لشرح بلوغ املرام لصديق حسن خان ،24/2معامل السنن للخطايب ..90/3 ( )113الطبقات الكربى ألبن سعد .276/3 ( )114املوطأ مع تنوير احلوالك .257/1 ( )115األموال أليب عبيد ص.767 ( )116فتح الباري ألبن حجر .109/4
© Copyright 2025 Paperzz