تحميل الملف المرفق

‫استثمار أموال الزكاة‬
‫الدكتور ‪ /‬حممد عثمان شبري‬
‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬
‫نقال عن موقع علماء الشريعة‬
‫افتتاحية‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم على سيدان حممد وعلى اله وصحبه ‪ ،‬ومن دعا بدعوته إىل يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد ‪..‬‬
‫فإن قضية استثمار أموال الزكاة من القضااي املهمة يف فقه الزكاة املعاصر‪ ،‬إذ إهنا تثري اهتمام كثري من املؤسسات‬
‫الزكوية واهليئات اخلريية يف العامل اإلسالمي‪ ،‬وهي من املسائل امللحة اليت حتتاج إىل إجابة شافية‪ .‬لقد بدأ هبذه‬
‫القضية بعد تنوع أساليب العمل واإلنتاج‪ ،‬وظهور املشاريع االستثمارية الضخمة اليت تدر أرابحا وفرية على‬
‫مالكيها فثار التساؤل التايل‪ :‬هل جيوز توجيه بعض أموال الزكاة إىل إنشاء املشاريع االستثمارية لتامني مورد مايل‬
‫اثبت‪ ،‬ودائم للمستحقني الذين تتزايد حاجاهتم؟ هذا السؤال طرح هبذه الصيغة وبغريها عدة مرات على جمامع‬
‫فقهية وندوات علمية متخصصة وعلى كثري من جلان الفتوى يف البلدان اإلسالمية‪ .‬وملا كانت اإلجاابت واألحباث‬
‫املقدمة مقتضبة وسريعة رأت اهليئة الشرعية العاملية للزكاة طرح هذا املوضوع ضمن موضوعات الندوة الثالثة‬
‫لقضااي الزكاة املعاصرة بغية احلصول على مزيد من التعمق والتفصيل يف هذا املوضوع‪.‬‬
‫فكتب هذا البحث للمشاركة يف تلك الندوة املباركة لعلى أسهم يف حتقيق أهداف تلك الندوة وملا كان البعد‬
‫الفقهي هو األساس يف هذه الدراسة فقد اعتمدت على عدد كبري من املراجع واملصادر الفقهية اليت متثل اكرب‬
‫املذاهب ذيوعا ابإلضافة إىل كتب السنة وشروحها‪.‬‬
‫وقد قسمت هذه الدراسة إىل‪ :‬ثالث مباحث وخامتة ‪:‬‬
‫املبحث األول‪ :‬حقيقة استثمار أموال الزكاة‬
‫املبحث الثاين‪ :‬حكم استثمار أموال الزكاة‬
‫املبحث الثالث‪ :‬تكاليف استثمار أموال الزكاة‬
‫اخلامتة‪ :‬ذكرت فيها نتيجة البحث ‪.‬‬
‫وهللا أسال أن يتقبل مىن هذا اجلهد املتواضع وجيعله يف ميزان حسنايت يوم ال ينفع مال وال بنون‪.‬‬
‫املبحث األول‬
‫حقيقة استثمار أموال الزكاة ‪..‬‬
‫قبل الشروع يف بيان استثمار أموال الزكاة البد من بيان حقيقة استثمار أموال الزكاة كي يتسىن لنا إدراك األحكام‬
‫املتعلقة هبذه املسألة وفهمها‪ .‬إذ بيان احلكم على الشيء فرع عن تصوره‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬معىن الزكاة ‪:‬‬
‫الزكاة لغة‪ :‬النماء والزايدة وتطلق أيضا على التطهري واملدح (‪ )1‬وهي يف االصطالح‪ :‬إخراج جزء خمصوص من‬
‫مال خمصوص بلغ نصااب إن مت امللك وحال احلول (‪ )2‬فهي تطلق شرعا على إخراج الزكاة كما تطلق على املخرج‬
‫من املال‪ ،‬ولذلك عرفها ابن قدامة أبهنا ‪ :‬حق جيب يف املال (‪.)3‬‬
‫اثنيا‪ :‬معىن االستثمار يف الفقه اإلسالمي‪:‬‬
‫االستثمار لغة‪ :‬طلب الثمر‪ ،‬فيقال أمثر الشجر إذا خرج مثره ومثر الشيء إذا تولد منه شيء آخر‪ ،‬ومثر الرجل‬
‫ماله تثمريا‪ ،‬أي كثرة عن طريق تنميته‪ ،‬ومعىن كثرة املال جاء يف القران الكرمي‪ ،‬ومنه _تعاىل_‪":‬وكان له مثر فقال‬
‫لصاحبة وهو حياوره أان أكثر منك ماال وأعز نفرا" (‪ .)4‬أي مال كثري مستفاد كما قال ابن عباس ويقال لكل نفع‬
‫يصدر عن شيء مثرته‪ :‬كقولك مثرة العلم العمل الصاحل ومثرة العمل الصاحل اجلنة (‪.)5‬‬
‫وعلى هذا فان االستثمار‪ :‬هو طلب احلصول على الثمرة‪ ،‬استثمار املال‪ :‬هو طلب احلصول على األرابح ‪..‬‬
‫والفقهاء يستعملون هذا اللفظ هبذا املعىن‪ ،‬حيث جاء يف املنتقى شرح موطأ األمام مالك يف أول كتاب القراض‪:‬‬
‫أن يكون أليب موسى األشعري النظر يف املال ابلتثمري واإلصالح (‪ )6‬وجاء يف تفسري الكشاف عند قوله‬
‫_تعاىل_‪" :‬وال تؤتوا السفهاء أموالكم اليت جعل هللا لكم قياما" (‪ )7‬السفهاء املبذرون أمواهلم الذين ينفقوهنا فيما‬
‫ال ينبغي‪ ،‬وال يقومون إبصالحها وتثمريها والتصرف فيها (‪.)8‬‬
‫اثلثا‪ :‬االستثمار يف االقتصاد املعاصر ‪:‬‬
‫االستثمار يف اصطالح علماء الدراسات االقتصادية املعاصرة هو‪ :‬ارتباط مايل هبدف حتقيق مكاسب يتوقع‬
‫احلصول عليها على مدى مدة طويلة يف املستقبل (‪ .)9‬فاالستثمار نوع من األنفاق على أصول يتوقع منها حتقيق‬
‫عائد على مدى فرتة طويلة من الزمن ‪ .‬ولذلك يطلق عليه البعض إنفاق رأمسايل (‪ )10‬متييزا له عن املصروفات‬
‫التشغيلية أو املصروفات اجلارية‪ ،‬وهي اليت تتم من يوم إىل يوم‪ :‬مثل األجور واملرتبات‪ ،‬والصيانة‪ ،‬وشراء املواد‬
‫اخلام‪ .‬أما األنفاق الرأمسايل فإنه يشمل كل املفردات الضرورية لتحقيق تقدم املشروع يف األجل الطويل‪ :‬مثل بناء‬
‫مصنع حديد‪ ،‬وشراء آالت وعدد خلط إنتاج جديد‪ ،‬والقيام ببحوث لتحسني سلع قائمة أو إخراج سلع مبتكرة‬
‫(‪ .)11‬واألنفاق الرأمسايل نوع من إنفاق املال لتحقيق منافع مستقبلية‪ ،‬سواء كان ذلك من مشروعات جديدة أو‬
‫استكمال مشروعات قائمة‪ ،‬أو جتديد وحتديث مشروعات قدمية‪ ،‬أو التجارة يف سلع جتارية أو غري ذلك‪.‬‬
‫واالستثمار هبذا املعىن يتفق مع االستخدام العلمي الشائع له وهو توظيف األموال بقصد احلصول على منافع يف‬
‫املستقبل ومع ذلك توجد عدة استخدامات لالستثمار يف الواقع اليومي‪ .‬ومن تلك االستخدامات‪ :‬توظيف‬
‫النقود ألي أجل‪ ،‬واالستثمار ابلنسبة للبنوك التجارية ‪-‬توظيف النقود يف أوراق مالية (أسهم وسندات)‬
‫واالستثمار ‪ -‬ابلنسبة للشركات‪ -‬هو إنفاق استثماري متييزا له عن األنفاق اجلاري ‪ .‬واالستثمار‪ -‬ابلنسبة‬
‫للبعض ‪-‬هو ارتباط أبية أصول خالية نسبيا عن املخاطرة أو اخلسارة واالستثمار ابلنسبة للبعض األخر‪ -‬توظيف‬
‫األموال بقصد احلصول على عائد جار‪ .‬أو بقصد احلصول على قيمة أكرب يف هناية املدة‪ ،‬أي دون عائد جار‪.‬‬
‫واالستثمار قد يكون ماداي مبعىن أن املكاسب جيب أن تكون مادية‪ ،‬وقد يشمل االستثمار مكاسب غري مادية أي‬
‫منافع أخرى‪ .‬كما تستخدم كلمة استثمار مبعىن مشروع استثماري‪ ،‬أي جمرد اقرتاح استثماري مل ينفذ بعد‪ :‬كما قد‬
‫تستخدم كلمة االستثمار مبعىن توظيف فعلى لألموال (‪ .)12‬وقد تبنت املوسوعة العلمية والعملية للبنوك‬
‫اإلسالمية املفهوم الواسع لالستثمار هو‪ :‬توظيف النقود ألي أجل‪ ،‬يف أي أصل أو حق ملكية‪ ،‬أو ممتلكات أو‬
‫مشاركات حمتفظ هبا للمحافظة على املال أو تنميته سواء أبرابح دورية أو بزايدات األموال يف هناية املدة‪ ،‬أو‬
‫مبنافع غري مادية (‪.)13‬‬
‫ويالحظ على هذا التعريف ‪ -‬مع ما فيه من الشمول ‪ -‬عدة مالحظات منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬انه عرب عن االستثمار ابلتوظيف‪ ،‬والتوظيف كلمة حتتمل عدة معان منها‪ :‬تعيني الوظيفة‪ ،‬وهي ما يقدر‬
‫لإلنسان يف اليوم أو يف السنة أو الزمان املعني‪ :‬من طعام أو رزق وحنوه‪ .‬ومنها اإللزام‪ ،‬فيقال وظف الشيء على‬
‫نفسه توظيفا الزمها إايه (‪ .)14‬وال يقال وظف املال مبعىن زاده‪ ،‬وإمنا يقال‪ :‬منى املال ومثره فاألوىل استعمال‬
‫تنمية بدالً من توظيف‪.‬‬
‫‪ -2‬انه اقتصر يف استثمار األموال على النقود (العملة)‪ .‬وأموال الزكاة ال تقف عند هذا الشكل من األموال‪ ،‬بل‬
‫تتعداه إىل املبالغ العينية‪ ،‬ألن مصادر الزكاة متنوعة األشكال‪:‬‬
‫كالزروع والثمار‪ ،‬واحليواانت‪ ،‬وعروض التجارة‪ ،‬واملعادن وغري ذلك‪ ،‬فاألوىل التعبري ابألموال ‪.‬‬
‫وبناء على ذلك ميكن تعريف استثمار أموال الزكاة‪" :‬أبنه العمل على تنمية أموال الزكاة ألي أجل‪ ،‬وأبية طريقة‬
‫من طرق التنمية املشروعة لتحقيق منافع للمستحقني‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬األلفاظ ذات الصلة ابالستثمار ‪:‬‬
‫يتصل ابالستثمار بعض األلفاظ كاالستغالل‪ ،‬واالستنماء‪ ،‬واالنتفاع‪.‬‬
‫‪ -1‬االستغالل ‪:‬‬
‫االستغالل لغة ‪ :‬طلب الغلة والغلة هي كل عني حاصلة من ريع امللك ‪)15(.‬‬
‫وهذا هو عني االستثمار ‪ ،‬فما خترجه األرض هو مثرة ‪ ،‬وهو غلة‪ .‬وللحنفية تفرقة خاصة بني الثمرة والغلة يف ابب‬
‫الوصية‪ .‬فإذا أوصى بثمرة بستانه انصرف إىل املوجود خاصة ‪ ،‬وإذا أوصى بغلته مشل املوجود ‪ ،‬وما هو بعرض‬
‫املوجود (‪.)16‬‬
‫‪ -2‬االستنماء‪:‬‬
‫االستنماء لغة‪ :‬طلب النماء وهو الزايدة‪ ،‬فيقال‪ :‬منا املال ينمي‪ ،‬ويقال ينمو مبعىن زاد (‪ )17‬وهو عني االستثمار‬
‫‪ ،‬فما يتولد من احليواانت هو مثرة ‪ ،‬وهو مناء ‪.‬‬
‫‪ -3‬االنتفاع ‪:‬‬
‫االنتفاع لغة‪ :‬من نفع ينفع نفعا ‪ ،‬واالسم املنفعة ‪ .‬وهو االستفادة من الشيء (‪.)18‬‬
‫‪ -4‬االنتفاع‪:‬‬
‫االنتفاع يف االصطالح ‪ :‬التصرف يف الشيء على وجه يريد به حتقيق فائدة (‪ )19‬واالنتفاع أعم من االستثمار‪،‬‬
‫ألن االنتفاع قد يكون ابالستثمار وبغريه ‪.‬‬
‫املبحث الثاين‬
‫حكم استثمار أموال الزكاة‬
‫استثمار أموال الزكاة قد حيصل من املستحقني للزكاة بعد قبضها‪ ،‬أو من املالك الذي وجبت عليه الزكاة‪ ،‬أو من‬
‫األمام أو انئبه الذي يشرف على مجع أموال الزكاة ولكل حالة حكمها‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬حكم استثمار أموال الزكاة من قبل املستحقني ‪:‬‬
‫نص الفقهاء على جواز استثمار أموال الزكاة من قبل املستحقني بعد قبضها؛ ألن الزكاة إذا وصلت أيديهم‬
‫أصبحت مملوكة ملكا اتما هلم وابلتايل جيوز هلم التصرف فيها كتصرف املالك يف أمالكهم‪ ،‬فلهم إنشاء املشروعات‬
‫االستثمارية‪ ،‬وشراء أدوات احلرفة وغري ذلك ‪.‬‬
‫جاء يف كشاف القناع‪ :‬من أخذ بسبب يستقر األخذ به وهو الفقر‪ ،‬واملسكنة والعمالة والتالف صرفه فيما شاء ‪،‬‬
‫كسائر أمواله ‪،‬ألن هللا تعاىل أضاف إليهم الزكاة بالم امللك ‪.‬وإن أخذ بسبب مل يستقر امللك به صرفه فيما أخذه‬
‫خاصة ‪،‬لعدم ثبوت ملكه عليه من كل وجه وإمنا ميلكه مراعي فان صرفه يف اجلهة اليت استحق األخذ هبا‪ ،‬و إال‬
‫اسرتجع منه كالذي أيخذه املكاتب والغارم والغازي وابن السبيل (‪ .)20‬وجاء يف مغىن احملتاج‪ :‬أضاف األصناف‬
‫األربعة األوىل بالم امللك واألربعة األخرية بفي الظرفية لألشعار إبطالق امللك يف األربعة األوىل‪ ،‬وتقييده يف‬
‫األربعة األخرية‪ ،‬حىت إذا مل يصل الصرف يف مصارفها اسرتجع خبالفه يف األوىل (‪ .)21‬وجاء يف األشباه والنظائر‬
‫ألبن جنيم‪ :‬أسباب التملك املعاوضات املالية‪ ،‬واألمهار واخللع‪ ،‬واملرياث واهلبات والصدقات‪ ،‬والوصااي والوقف‬
‫والغنيمة‪ ،‬واالستيالء على املباح واألحياء ‪ ..‬اخل (‪ .)22‬وابلرغم من أن الشافعية قالوا‪ :‬أن امللك يف األصناف‬
‫األربعة األخرية مقيد ابلصرف يف تلك اجلهات (وهي حترير العبيد ‪ -‬وقضاء الدين ‪ -‬واجلهاد يف سبيل هللا ‪-‬‬
‫ونفقات طريق ابن السبيل)‪.‬‬
‫إال أهنم أجازوا هلؤالء املستحقني استثمار أموال الزكاة اليت وصلت إىل أيديهم فقالوا‪ :‬جيوز للعبد املكاتب أن‬
‫يتجر فيما أيخذه من الزكاة طلبا للزايدة وحتصيل الوفاء‪ .‬وهذا ال خالف فيه (أي بني الشافعية)(‪.)23‬‬
‫وقال النووي‪" :‬قال أصحابنا جيوز للغارم أن يتجر فيما قبض من سهم الزكاة‪ ،‬إذا مل يف ابلدين ليبلغ قدر الدين‬
‫ابلتنمية"(‪.)24‬‬
‫ما أجاز الشافعية وأمحد يف رواية إعطاء الفقراء واملساكني من أموال الزكاة الستثمارها‪ ،‬فيعطي من حيسن الكسب‬
‫حبرفة ما آالهتا‪ ،‬حبيث حيصل له من رحبها ما يفي بكفايته غالباً‪ .‬فإن كان جناراً أعطى ما يشرتي به آالت النجارة‪.‬‬
‫سواء كانت قيمتها قليلة أو كثرية حبيث تفي غلتها بكفايته‪.‬وإن كان اتجراً أعطى رأس مال يفي رحبه بكفايته‪،‬‬
‫يراعي يف مقدار رأس املال نوع التجارة اليت حيسنها‪ ،‬وقد مثلوا لذلك مبا يلي‪ :‬البقلي يكفيه مخسة دراهم‪،‬‬
‫والباقالين يكفيه عشرة‪ ،‬والفكهاين يكفيه عشرون‪ ،‬والعطار ألف والبزاز ألفان‪ ،‬والصرييف مخسة آالف‪ ،‬واجلوهري‬
‫عشرة آالف‪ .‬وإن كان ال حيسن الكسب‪ ،‬وال يقوى على العمل‪:‬كاملريض مبرض مزمن يعطي ما يشرتي به عقاراً‬
‫يستغله‪ ،‬حبيث تفي غلته حاجته‪ ،‬فيملكه ويورث عنه‪ ،‬ويراعي يف العقار عمر الفقري الغالب وعدد عياله(‪.)25‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬حكم استثمار أموال الزكاة من قبل املالك‪:‬‬
‫إذا أخر املالك إخراج الزكاة عن وقت وجوهبا بقصد استثمارها‪ ،‬فهل جيوز ذلك أم ال ؟ اإلجابة على هذا السؤال‬
‫تنبين على مسالة ‪ :‬هل جتب الزكاة على الفور أم على الرتاخي؟‬
‫أوالً‪ :‬الزكاة جتب على الفور أم على الرتاخي‪:‬‬
‫اختلف الفقهاء يف فورية إخراج الزكاة بعد وجوهبا‪ ،‬فذهب مجهور الفقهاء من احلنفية‪ -‬يف املختار عندهم‪-‬‬
‫واملالكية يف أصل املذهب والشافعية واحلنابلة إىل أن الزكاة جتب على الفور (‪)26‬‬
‫واستدلوا على ذلك مبا يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬قوله _تعاىل_‪" :‬وآتوا حقه يوم حصاده"(‪ )27‬فاملراد الزكاة‪ ،‬واألمر املطلق يقتضي الفور (‪.)28‬‬
‫‪ -2‬قوله _صلى هللا عليه وسلم_‪" :‬ما خالطت الصدقة ماال قط إال أهلكته"(‪ )29‬فاحلديث يدل على الفورية‪،‬‬
‫ألن الرتاخي عن اإلخراج مما ال يبعد أن يكون سبباً إلتالف املال وهالكه(‪)30‬‬
‫‪ -3‬ما روي عن عقبة بن احلارث قال ‪":‬صلى النيب _صلى هللا عليه وسلم_ العصر فأسرع ‪ ،‬مث دخل البيت‪ ،‬فلم‬
‫يلبث أن خرج‪ ،‬فقلت أو قيل له‪ :‬كنت خلفت يف البيت تربا من الصدقة‪ ،‬فكرهت أن أبيته فقسمته" (‪.)31‬‬
‫فاحلدث يدل على فورية إخراج الصدقة قال ابن بطال‪" :‬اخلري ينبغي أن يبادر به‪ ،‬فإن اآلفات تعرض واملوانع‬
‫متنع‪ ،‬واملوت ال يؤمن‪ ،‬والتسويف غري حممود" وزاده غريه‪" :‬وهو أخلص الذمة للحاجة‪ ،‬وأبعد من املطل املذموم‪،‬‬
‫وأرضى للرب تعاىل‪ ،‬وأحمى للذنب " (‪.)32‬‬
‫‪ -4‬وألن حاجة الفقراء انجزة‪ ،‬فيجب أن يكون الوجوب على الفور‪ )33(.‬وقال الكمال بن اهلمام األمر‬
‫ابلصرف إىل الفقري معه قرينة الفور‪ ،‬وهي أنه لدفع حاجة وهي معجلة(‪.)34‬‬
‫‪ -5‬وألن الزكاة عبادة تتكرر يف كل عام‪ ،‬فلم جيز أتخريها إىل وقت وجوب مثلها‪ :‬كالصالة والصوم (‪.)35‬‬
‫وذهب احلنفية يف قول اختاره أبو بكر اجلصاص وغريه إىل أن وجوب الزكاة عمري ‪ :‬أي جتب على الرتاخي‪،‬‬
‫ومعىن الرتاخي‪ -‬عندهم ‪ -‬أهنا جتب مطلقاً عن الوقت‪ ،‬ففي أي وقت أدى يكون مؤدايً للواجب‪ ،‬وبتعيني ذلك‬
‫الوقت للوجوب إذا مل يؤد إىل آخر عمره حبيث يتضيق عليه الوجوب‪ ،‬أبن بقى من الوقت قدر ميكنه األداء فيه‪،‬‬
‫وغلب على ظنه أنه لو مل يؤد فيه ميوت فيموت‪ ،‬فعند ذلك يتضيق عليه الوجوب‪ ،‬حىت إنه لو مل يؤد فيه حىت‬
‫مات‪ ،‬أيمث‪ .‬واستدلوا لذلك مبا يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬األمر أبداء الزكاة مطلق‪ ،‬واألمر مطلق يقتضي الرتاخي‪ ،‬فال يتعني الزمن األول ألدائها دون غريه‪ ،‬كما ال‬
‫يتعني لذلك مكان دون مكان‪.‬‬
‫‪ -2‬وقد استدل اجلصاص لذلك مبن عليه الزكاة إذا هلك نصابه بعد احلول والتمكن من األداء‪ ،‬أنه ال يضمن‪،‬‬
‫ولو كانت واجبة على الفور لضمن‪ ،‬كمن أخر صوم شهر رمضان عن وقته‪ ،‬أنه جيب عليه القضاء (‪ .)36‬وقد‬
‫أجيب عن اقتضاء األمر املطلق الفورية أو عدم اقتضائها‪:‬‬
‫أبن املختار يف أصول الفقه أن األمر املطلق ال يقتضي الفور وال الرتاخي ‪ ،‬بل يقتضي جمرد طلب الفعل املأمور‬
‫به‪ ،‬والفورية تستفاد من القرائن‪ .‬وأجيب عن قول اجلصاص‪ :‬عدم الضمان هبالك النصاب بعد وقت الوجوب‪:‬‬
‫أبن هذه املسألة خالفية‪ ،‬ومبنية على مسألة األمر املطلق الفورية أو عدم اقتضائها فيضمن عند من يقول‬
‫ابلفورية‪ ،‬وال يضمن عند من يقول ابلرتاخي (‪ )37‬فال يصلح هذا الدليل لالستدالل به‪ .‬والراجح ما ذهب إليه‬
‫مجهور الفقهاء من أن الزكاة جتب على الفور‪ ،‬ألوامر الشرع اليت قامت القرائن على وجوب املبادرة هبا‪،‬‬
‫ولألحاديث اليت ذكرهتا‪ ،‬ولقوله تعاىل‪" :‬واستبقوا اخلريات (‪ )38‬وقوله _تعاىل_‪" :‬وسارعوا إىل مغفرة من ربكم‬
‫وجنة عرضها السموات واألرض أعدت للمتقني" (‪.)39‬‬
‫وبناء على القول الراجح فال جيوز للمالك أتخري الزكاة لغري عذر‪ :‬كدفعها إىل من هو أحق من ذي قرابة أو ذي‬
‫حاجة‪ ،‬أو حلاجته إليها‪ .‬أما استثمارها فال يعد عذراً من أعذار التأخري‪ ،‬فال جيوز له أتخريها بقصد االستثمار‪،‬‬
‫لعدم حتقق اإلخراج املأمور به على الفور‪.‬‬
‫اثنياً‪ :‬هل يشارك الفقري املالك بعد وجوب الزكاة إذا استثمر األموال الزكوية يف األرابح؟‬
‫إذا أخرج املالك الزكاة‪،‬و استثمر املال الذي خالطته الزكاة‪ ،‬فهل يشارك املستحقون املالك يف الربح واخلاسرة؟‬
‫إجابة هذه املسالة مبنية على مسألة تعلق الزكاة ابلعني أو ابلذمة‪ .‬اختلف الفقهاء يف تعليق الزكاة‪ ،‬فذهب مجهور‬
‫الفقهاء من احلنفية واملالكية‪ ،‬والشافعي يف اجلديد وهو الصحيح يف املذهب وأمحد يف راية عليها املذهب إىل أن‬
‫الزكاة تتعلق ابلعني (املال) ال ابلذمة(‪)40‬‬
‫واستدلوا لذلك فيما يلي‪:‬‬
‫قوله _صلى هللا عليه وسلم_‪" :‬يف أربعني شاة(‪ )41‬وقوله _صلى هللا عليه وسلم_‪" :‬فما سقت السماء‬
‫العشر"(‪ )42‬وغري ذلك من النصوص الوارد فيها حرف "يف" وهي للظرفية‪ .‬فالواجب جزء من النصاب‪.‬‬
‫وذهب الشافعية يف القدمي وأمحد يف رواية اختارها اخلرقي يف خمتصره إىل أن الزكاة تتعلق ابلذمة ال ابلعني‪ ،‬ألن‬
‫إخراجها من غري النصاب جائز‪ ،‬فلم تكن واجبة فيه‪ :‬كزكاة الفطر‪ ،‬وألهنا لو وجبت فيه ألمتنع تصرف املالك‬
‫فيه‪ ،‬ولتمكن املستحقون من إلزامه أداء الزكاة من عينه‪ ،‬أو ظهر شيء من أحكام ثبوته فيها‪ ،‬وأسقطت الزكاة‬
‫بتلف النصاب من غري تفريط‪ :‬كسقوط أرش اجلناية بتلف اجلاين (‪ .)43‬والراجح ما ذهب إليه مجهور الفقهاء من‬
‫أن الزكاة تتعلق ابلعني‪ ،‬ال ابلذمة للنصوص الواردة يف ذلك‪ ،‬ولقوله تعاىل‪:‬‬
‫"خذ من أمواهلم صدقة" (‪ .)44‬وقوله _تعاىل_‪" :‬والذين يف أمواهلم حق معلوم للسائل واحملروم" (‪ )45‬وقول‬
‫النيب _صلى هللا عليه وسلم_ ملعاذ‪" :‬فأعلمهم أن هللا افرتض عليهم صدقة يف أمواهلم"(‪ .)46‬وأما جواز إخراجها‬
‫من غري النصاب‪ ،‬فيجاب عنه أبنه أجازها رخصة‪ ،‬وتوسيعها على املالك‪ ،‬لكوهنا وجبت جماانً على سبيل املواساة‪.‬‬
‫فبناء على القول أبن الزكاة تتعلق ابلذمة‪ ،‬فإن ملك املالك ال يزول عن شيء من املال‪ ،‬ويصح تصرفه فيه ابلبيع‬
‫واالستثمار وغري ذلك‪ ،‬والربح يف حال االستثمار له‪ ،‬واخلسارة عليه‪ .‬وبناء على القول أبن الزكاة تتعلق ابلعني‪،‬‬
‫فإن الفقهاء اختلفوا مبشاركة املستحقني للمالك يف ماله‪ ،‬وهي مبنية على االختالف يف التكييف الفقهي لتعلق‬
‫الزكاة ابملال بعد وجوب الزكاة فيه‪ :‬هل هو تعلق شركة‪ ،‬أو تعلق رهن‪ ،‬أو تعلق أرش جناية الرقيق برقبته؟‬
‫اختلف الفقهاء يف ذلك على عدة أقوال ‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬ذهب املالكية والشافعية يف قول واحلنابلة يف قول إىل أن الزكاة تتعلق بعني املال تعلق شركة‪ ،‬فينتقل‬
‫مقدار الزكاة إىل املستحقني بعد وجوهبا‪ ،‬ويصريون شركاء رب املال يف قدر الزكاة‪ ،‬واستدلوا لذلك بظاهر قوله‬
‫تعاىل‪" :‬إمنا الصدقات للفقراء واملساكني والعاملني عليها واملؤلفة قلوهبم ويف الرقاب والغارمني ويف سبيل هللا وابن‬
‫السبيل فريضة من هللا وهللا عليم حكيم" (‪ …)47‬فإن الالم يف اآلية للتمليك‪ ،‬وألن الواجب يتبع املال يف‬
‫الصفة من اجلودة والرداءة‪ ،‬فتؤخذ الصحيحة من الصحاح‪ ،‬واملريضة من املراض‪ ،‬ولو امتنع املالك من إخراجها‬
‫أخذها األمام منه ‪ ،‬فهو كما يقسم املال املشرتك إذا امتنع بعض الشركاء من قسمته وهلذا كان للفقري أن أيخذ‬
‫مقدار الزكاة من املال إذا ظفر به (‪.)48‬‬
‫القول الثاين‪ :‬ذهب احلنفية والشافعية يف قول واحلنابلة يف قول إىل أن الزكاة تتعلق بعني املال تعلق أرش (‪)49‬‬
‫جناية العبد اململوك برقبته‪ ،‬فال يزول ملك رب املال عن شيء منه إال ابلدفع للمستحق‪ ،‬ألن الزكاة تسقط بتلف‬
‫املال قبل التمكن أو من غري تفريط‪ ،‬كسقوط أرش اجلناية بتلف اجلاين… (‪)50‬‬
‫القول الثالث‪:‬ذهب الشافعية يف قول اثلث واحلنابلة يف قول اثلث إىل أن الزكاة تتعلق بعني املال تعلق الدين‬
‫ابلرهن‪ ،‬ومبال من حجر عليه لفلسه‪ ،‬فال يصح تصرفه قبل وفائه أو إذن ربه… "(‪ .)51‬بناء على القول أبن‬
‫الزكاة تتعلق ابلعني تعلق شركة قال بعض العلماء‪ :‬إن املستحقني يشاركون رب املال يف الربح احلاصل من استثمار‬
‫املال الذي خالطته الزكاة‪ ،‬فجاء يف العروة الوثقى‪" :‬إذا اجتر مبجموع النصاب قبل أداء الزكاة كان الربح للفقري‬
‫ابلنسبة واخلسارة عليه"‪ .)52(.‬وجاء يف كتاب اخلمس‪" :‬فإن اجترت هبا فأنت هلا ضامن وهلا "للزكاة" الربح‪ ،‬وإن‬
‫نويت يف حال ما عزلتها من غري أن تشغلها يف جتارة فليس عليك شيء‪ ،‬فإن مل تعزهلا يف مجلة مالك فلها بقسطها‬
‫من الربح‪ ،‬وال وضعية عليها" ويعتمد هذا القول على قاعدة "تبعية النماء للملك" (‪ .)53‬ولكن الشافعية الذين‬
‫قالوا بتعلق الزكاة ابلعني تعلق شركة مل يقولوا بذلك ومل يرتبوا عليه تلك النتيجة‪ ،‬ومقتضى قوهلم‪ :‬إن املستحقني ال‬
‫يشاركون رب املال يف الربح واخلسارة‪ ،‬إذا استثمر املالك املال الذي خالطته الزكاة ألن التمليك يف الزكاة‬
‫للمستحقني ليس متليكاً حقيقياً قبل قبضهم هلا‪ ،‬فقد جاء يف أحكام القرآن لأللكيا اهلراسي "وإمنا مل جيعله متليكاً‬
‫حقيقياً من حيث جعله لوصف ال لعني‪ ،‬وكل عني ملوصوف فإنه ال ميلكه إال ابلتسليم‪ ،‬إال أن ذلك ال مينع‬
‫استحقاق األصناف ألنواع الصدقات حىت ال حيرم صنف"‪ .)54(.‬وبناء على القولني‪ :‬الثاين والثالث للذين جعال‬
‫تعلق الزكاة ابلعني تعلق استيثاق كما يف الرهن وأرش جناية العبد‪ ،‬فال يشارك املستحقون رب املال يف ربح ما‬
‫استثمره من أموال خالطتها الزكاة‪ ،‬وقد صرح بذلك احلنابلة حيث جاء يف األصناف‪" :‬والتصرف فيه ببيع غريه‬
‫بال إذن الساعي‪ ،‬وكل النماء له (أي للمالك)‪.)55(.‬‬
‫والذي أراه أن املستحقني ال يشاركون صاحب املال يف الربح الذي حيصل له من استثمار أمواله بعد وجوب‬
‫الزكاة وقبل األداء‪ ،‬ألن قول احلنفية ومن معهم من أن الزكاة تتعلق ابلعني تعلق أرش جناية العبد برقبته أرجح‬
‫األقوال يف املسألة‪ ،‬فال يزول ملك رب املال عن شيء من أمواله إال ابلدفع إىل املستحقني‪ ،‬وأما ما ذهب إليه‬
‫الشافعية وم ن معهم من أن الالم يف آية توزيع الصدقات للتمليك‪ ،‬فيجاب عنه أبن هذا املبدأ ليس حمل اتفاق‬
‫كما بينت يف حبث‪ :‬مبدأ التمليك ومدى اعتباره يف صرف الزكاة"(‪ …)56‬والتمليك ابلنسبة ملن قالوا به ليس‬
‫على احلقيقة قبل قبض الزكاة‪ -‬كما بينت سابقاً ‪ -‬فالفقري ليس مبالك للزكاة حقيقة‪ ،‬ولكن له صالحية أن‬
‫تصرف إليه‪ ،‬ويستحق هذا القدر على صاحب املالك‪ ،‬وعلى معىن أنه إذا أراد األداء جيب عليه أن يصرفه إىل‬
‫الفقري دفعاً حلاجته‪ ،‬وال يقال ملا وجب الصرف إليه لفقره كان املال حقه‪ ،‬فيكون هو مستحقاً له حقيقة‪ ،‬ألان‬
‫نقول ما جيب لفقره رزقاً له على هللا تعاىل‪ ،‬ألنه تعاىل هو الضامن للرزق دون العبيد إال أن هللا أمر بصرف هذا‬
‫الواجب إليه‪.)57(.‬‬
‫وإذا عزل املالك الزكاة عن أمواله فال جيوز له استثمارها‪ ،‬إال إذا منع من توصيلها للمستحقني مانع فال أبس‬
‫ابستثمارها حلني توزيعها حبيث يضمن اخلسارة‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬حكم استثمار أموال الزكاة من قبل األمام أو من ينوب عنه‪:‬‬
‫إذا وصلت أموال الزكاة إىل يد األمام أو انئبه فهل جيوز له استثمارها يف مشاريع ذات ريع أم ال؟‬
‫أوالً‪ :‬آراء العلماء املعاصرين يف استثمار األمام ألموال الزكاة‪:‬‬
‫اختلف العلماء املعاصرون يف حكم استثمار األمام ألموال الزكاة على قولني‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬يرى بعض العلماء عدم جواز استثمار أموال الزكاة من قبل األمام أو من ينوب عنه‪ ،‬وممن ذهب إىل‬
‫ذلك الدكتور وهبه الزحيلي‪ ،‬والدكتور عبد هللا علوان‪ ،‬والدكتور حممد عطا السيد‪ ،‬والشيخ حممد تقي‬
‫العثماين(‪.)58‬‬
‫القول الثاين‪ :‬يرى كثري من العلماء املعاصرين جواز استثمار أموال الزكاة يف مشاريع استثمارية سواء فاضت الزكاة‬
‫أوال‪ .‬وممن ذهب إىل هذا القول األستاذ مصطفى الزرقا والدكتور يوسف القرضاوي والشيخ عبد الفتاح أبو غدة‪،‬‬
‫والدكتور عبد العزيز اخلياط‪ ،‬والدكتور عبد السالم العبادي‪ ،‬والدكتور حممد صاحل الفرفور ‪ ،‬والدكتور حسن عبد‬
‫هللا األمني‪ ،‬والدكتور حممد فاروق النبهان‪.‬‬
‫قال األستاذ مصطفى الزرقا‪" :‬االستثمار الذي هو تنمية املال‪ ..‬أرى أن كل طرق االستثمار مبعىن أن يوضع يف‬
‫طريق ينمو به مال الزكاة‪ ،‬فيصبح الواحد اثنني واالثنان ثالثة…‪ ،‬على شرط أن متارسها أيد أمينة‪ ،‬وأساليب‬
‫وحتفظات مأمونة كل هذا جائز‪ ،‬سواء أكان عن طريق جتارة أم عن طريق الصناعة أم عن طريق أي شيء ميكن أن‬
‫يستثمر‪ .) 59( .‬وقال الدكتور يوسف القرضاوي‪" :‬بناء على هذا املذهب‪ -‬أي مذهب إانء الفقري من الزكاة‬
‫تستطيع مؤسسة الزكاة إذا كثرت مواردها واتسعت حصيلتها أن تنشأ مؤسسات جتارية أو حنو ذلك من‬
‫املشروعات اإلنتاجية االستغاللية ومتلكها للفقراء كلها أو بعضها‪ ،‬لتدر عليهم دخال دورايً يقوم بكفايتهم كاملة‪،‬‬
‫وال جتعل هلم احلق يف بيعها ونقل ملكيتها لتظل شبه موقوفة عليهم ‪ .)60(.‬وقال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة‪:‬‬
‫"جيوز استثمار هذه األموال "أموال الزكاة" مبا يعود على اجملاهدين األفغان ابخلري هبذه الطريقة املشروعة "املراحبة"‬
‫وأنتم وكالء يف القبض ‪ ،‬فيمكن أن تكونوا وكالء يف التصرف‪ ،‬وأنتم يف مقام املودع إذا أذن له يف‬
‫التصرف"‪.)61(.‬‬
‫وقال الدكتور حممد فاروق النبهان‪" :‬اقرتح أن تنشأ وزارة خاصة يطلق عليها اسم وزارة الزكاة وتكون مهمتها‬
‫جباية األموال من األغنياء‪ ،‬وتوزيعها على مستحقيها من الفقراء‪ ..‬إليهم دون غريهم"(‪ .)62‬وقال الدكتور عبد‬
‫العزيز اخلياط عميد كلية الشريعة ابجلامعة األردنية سابقاً‪ :‬أرى ضرورة توظيف واستثمار بعض أموال الزكوات يف‬
‫املشروعات اخلريية والصناعية والتجارية لصاحل جهات االستحقاق"(‪.)63‬‬
‫وقال الدكتور حممد صاحل الفرفور‪" :‬أرى جواز استثمار أموال الزكاة استحساانً خالفا للقياس للضرورة أو احلاجة‬
‫إبشراف ويل األمر أو من يفوضه كالقاضي (‪ .)64‬وقد أفىت جبواز استثمار أموال الزكاة كثري من العلماء وجلان‬
‫الفتوى يف العامل اإلسالمي ‪ -‬كما هو مبني يف مالحق الفتاوى والقرارات‪-‬‬
‫اثنياً‪ :‬األدلة‪:‬‬
‫يستند كل قول من القولني السابقني إىل حجج وأدلة‪ ،‬وفيما يلي أدلة كل فريق‪:‬‬
‫‪ -1‬أدلة القائلني بعدم جواز االستثمار‪.‬‬
‫استدل القائلون بعدم جواز استثمار أموال الزكاة مبا يلي‪:‬‬
‫أ ‪ -‬استثمار أموال الزكاة يف مشاريع صناعية أو زراعية أو جتارية يؤدي إىل أتخري توصيل الزكاة إىل املستحقني‪ ،‬إذ‬
‫أن إنفاقها يف تلك املشاريع يؤدي إىل انتظار األرابح املرتتبة عليها‪ ،‬وهذا خمالف ملا عليه مجهور العلماء من أن‬
‫الزكاة جتب على الفور‪)65( .‬‬
‫ب ‪ -‬إن استثمار أموال الزكاة يعرضها إىل اخلسارة والضياع‪ ،‬ألن التجارة إما ربح وإما خسارة (‪.)66‬‬
‫ت ‪ -‬إن استثمار أموال الزكاة يعرضها إىل إنفاق أكثرها يف األعمال اإلدارية (‪.)67‬‬
‫ث ‪ -‬إن استثمار أموال الزكاة يؤدي إىل عدم متلك األفراد هلا متليكاً فردايً‪ ،‬وهذا خمالف ملا عليه مجهور الفقهاء‬
‫من اشرتاط التمليك يف أداء الزكاة‪ ،‬ألن هللا تعاىل أضاف الصدقات إىل املستحقني يف آية الصدقات بالم‬
‫امللك(‪.)68‬‬
‫ج ‪ -‬ألن يد األمام أو من ينوب عنه على الزكاة يد أمانة ال تصرف واستثمار(‪.)69‬‬
‫‪-2‬أدلة القائلني جبواز االستثمار‪:‬‬
‫استدل القائلون جبواز استثمار أموال الزكاة مبا يلي‪:‬‬
‫(أ ) ألن النيب _صلى هللا عليه وسلم_ واخللفاء الراشدين كانوا يستثمرون أموال الصدقات من إبل وبقر وغنم ‪،‬‬
‫فقد كان لتلك احليواانت أماكن خاصة للحفظ والرعي والدر والنسل‪ ،‬كما كان هلا رعاة يرعوهنا ويشرفون عليها‪،‬‬
‫ويؤيد ذلك ما روي عن أنس رضي هللا عنه أن أانساً من عرينة اجتووا املدينة(‪ ،)70‬فرخص هلم الرسول _صلى‬
‫هللا عليه وسلم_ أن أيتوا إبل الصدقة فشربوا من ألباهنا وأبواهلا‪ ،‬فقتلوا الراعي واستاقوا الذود فأرسل رسول هللا‬
‫_صلى هللا عليه وسلم_ فأيت هبم‪ ،‬فقطع أيديهم وأرجلهم ومسر أعينهم‪ ،‬وتركهم ابحلرة يعضون احلجارة"(‪.)71‬‬
‫وعن مالك عن زيد بن أسلم أنه قال‪ :‬شرب عمر بن اخلطاب لبناً فأعجبه‪ ،‬فسأل الذي سقاه من أين هذا اللنب‪،‬‬
‫فأخربه أنه ورد على ماء قد مساه‪ ،‬فإذا نعم من نعم الصدقة‪ ،‬وهم يسقون‪ ،‬فحلبوا من ألباهنا‪ ،‬فجعلته يف سقاء‬
‫فهو هذا‪ ،‬فأدخل عمر بن اخلطاب يده فاستقاء(‪.)72‬‬
‫(ب) االستئناس بقول من توسع يف مصرف‪" :‬يف سبيل هللا" وجعله شامال لكل وجوه اخلري‪ :‬من بناء احلصون‬
‫وعمارة املساجد‪ ،‬وبناء املصانع‪ ،‬وغري ذلك مما فيه للمسلمني كما نقله الرازي يف تفسريه عن تفسري القفال عن‬
‫بعض العلماء‪.‬‬
‫(‪ .)73‬فإذا جاز صرف الزكاة يف مجيع وجوه اخلري‪ ،‬جاز صرفها يف إنشاء املصانع واملشاريع ذات الريع اليت تعود‬
‫ابلنفع على املستحقني‪.‬‬
‫(ت) االستئناس بقول من أجاز لألمام‪ -‬إذا اقتضت الضرورة أو احلاجة‪ -‬إنشاء املصانع احلربية من سهم " يف‬
‫سبيل هللا" وأن جيعل هذه املصانع كالوقوف على مصاحل املسلمني‪ .‬ويستند هذا الرأي إىل ما ذكره النووي يف‬
‫اجملموع عن فقهاء خراسان‪" :‬إن األمام ابخليار إن شاء سلم الفرس والسالح واآلالت إىل الغازي أو مثن ذلك‬
‫متليكاً له فيملكه وإن شاء استأجر ذلك له‪ ،‬وإن شاء اشرتى من سهم "يف سبيل هللا" أفراساً وآالت احلرب‪،‬‬
‫وجعلها وقفاً يف سبيل هللا‪ ،‬ويعطيهم عند احلاجة ما حيتاجون إليه مث يردونه إذا انقضت حاجتهم‪ ،‬وختتلف املصلحة‬
‫يف ذلك حبسب قلة املال وكثرته"(‪ .)74‬هذا بناء على قول من يرى عدم التوسع يف مصرف يف "سبيل هللا"‬
‫وقصره على اجلهاد يف سبيل هللا ‪ ،‬فإذا جاز إنشاء املصانع احلربية ووقفها على مصاحل اجليش اإلسالمي من الزكاة‬
‫جاز إنشاء املؤسسات االستثمارية من أموال الزكاة إذا دعت الضرورة أو احلاجة ووقفها على املستحقني للزكاة‪.‬‬
‫(ث) االستئناس ابألحاديث اليت حتض على العمل واإلنتاج واستثمار ما عند اإلنسان من مال وجهد ومن ذلك‬
‫ما روي عن أنس بن مالك قال‪" :‬أن رجال من األنصار أتى النيب _صلى هللا عليه وسلم_‪ ،‬قال‪ :‬أما يف بيتك‬
‫شيء؟ قال‪ :‬بلى حلس(‪ )75‬نلبس بعضه ونبسط بعضه‪ ،‬وقعب (‪ )76‬نشرب فيه املاء‪ .‬قال‪ :‬ائتين هبما‪،‬‬
‫فأخذمها رسول هللا _صلى هللا عليه وسلم_ بيده وقال من يشرتي هذين؟ فقال رجل‪ :‬أان آخذمها بدرهم‪ ،‬قال من‬
‫يزيد على درهم؟ مرتني أو ثالاثً‪ .‬فقال رجل‪ :‬أان آخذمها بدرمهني‪ ،‬فأعطامها إايه وأخذ الدرمهني وأعطامها‬
‫األنصاري‪ ،‬وقال‪ :‬اشرت أبحدمها طعاماً فانبذه إىل أهلك‪ ،‬واشرت ابألخر قدوماً فائتين به‪ ،‬فشد رسول هللا _صلى‬
‫هللا عليه وسلم_ عوداً بيده مث قال‪ :‬اذهب فاحتطب وبع وال أرينك مخسة عشر يوماً‪ ،‬فذهب الرجل حيتطب‬
‫ويبيع فجاء وقد أصاب مخسة عشر درمهاً فاشرتى ببعضها ثوابً وببعضها طعاماً فقال رسول هللا _صلى هللا عليه‬
‫وسلم_‪" :‬هذا خري لك من أن جتيء املسالة نكتة يف وجهك يوم القيامة‪ ،‬وإن املسألة ال تصلح إال لثالثة‪ :‬لذي‬
‫فقر مدقع (‪ ،)77‬أو لذي غرم مفظع(‪ )78‬أو لذي دم موجع (‪.)80()79‬فإذا جاز استثمار مال الفقري‬
‫املشغول حباجاته األصلية جاز لألمام استثمار أموال الزكاة قبل شغلها حباجاهتم‪.‬‬
‫(ج) القياس على استثمار املستحقني للزكاة بعد قبضها ودفعها إليهم بقصد االستثمار‪ -‬كما بينا سابقاً ‪ -‬فإذا‬
‫جاز دفعها إليهم استثمارها لتأمني كفايتهم وحتقيق إغنائهم جاز استثمارها وإنشاء مشروعات صناعية أو زراعية‬
‫تدر على املستحقني ريعاً دائماً ينفق يف حاجة املستحقني‪ ،‬ويؤمن هلم أعماال دائمة تتناسب مع إمكاانهتم‬
‫وقدراهتم‪ .‬واالستئناس ابألحاديث اليت حتض على الوقوف والصدقة اجلارية‪ ،‬ومن ذلك قوله _صلى هللا عليه‬
‫وسلم_‪" :‬إذا مات اإلنسان انقطع عمله إال من ثالثة‪ :‬صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صاحل يدعو (‪)81‬‬
‫فالصدقة اجلارية هي الدائمة املتصلة كالوقوف املرصدة‪ ،‬فيدوم ثواهبا للمتصدق مدة دوامها‪ ،‬ويعمل الناظر على‬
‫تنميتها واستثمارها والتصرف فيها مبا حيقق مصلحة املوقوف عليهم‪ ،‬فإذا جاز للناظر التصرف فيها وفق مصلحة‬
‫املستحقني‪ ،‬جاز لألمام التصرف يف أموال الزكاة واستثمارها‪.‬‬
‫(ح) القياس على جواز استثمار أموال األيتام من قبل األوصياء بدليل قوله _صلى هللا عليه وسلم_ "ابتغوا يف‬
‫أموال اليتامى ال أتكلها الصدقة"(‪ )82‬فإذا جاز استثمار أموال األيتام وهي مملوكة حقيقة هلم جاز استثمار أموال‬
‫الزكاة قبل دفعها إىل املستحقني لتحقيق منافع هلم فهي ليست أبشد حرمة من أموال األيتام‪.‬‬
‫(خ) العمل ابالستحسان يف هذه املسألة خالفاً للقياس‪ ،‬فهذه املسألة وإن كان األصل فيها عدم اجلواز إال أن‬
‫احلاجة إليها يف هذا العصر ماسة نتيجة الختالف البالد والعباد واختالف الدول وأنظمة العيش‪ ،‬وأمناط‬
‫احلياة(‪ )83‬ومن وجوه املصلحة يف استثمار أموال الزكاة أتمني موارد مالية اثبتة لسد حاجات املستحقني‬
‫املتزايدة‪.‬‬
‫اثلثاً‪ :‬مناقشة األدلة‪:‬‬
‫‪1‬ـ مناقشة أدلة القائلني بعدم جواز االستثمار‪:‬‬
‫أ ‪ -‬القول إن استثمار أموال الزكاة ينايف الفورية اليت عليها اجلمهور جياب عنه‪ ،‬أبن الفورية تتعلق ابملالك ال‬
‫ابإلمام‪ ،‬فإذا وصلت الزكاة إىل يد األمام أو انئبه حتققت الفورية وجاز له‪ -‬عند مجهور العلماء‪ -‬أتخري قسمتها‪،‬‬
‫واستدلوا لذلك مبا روي أنس بن مالك قال‪" :‬غدوت إىل رسول هللا _صلى هللا عليه وسلم_ بعبد هللا بن أيب‬
‫طلحة ليحنكه(‪ )84‬فوافيته يف يده امليسم (‪ )85‬يسم إبل الصدقة(‪ )86‬فهو يدل على جواز أتخري القسمة‪،‬‬
‫ألهنا لو عجلت الستغىن عن الوسم"(‪ .) 87‬كما جيوز لإلمام أتخري الزكاة عند املالك حلاجة املالك نفسه أو‬
‫املستحقني‪ .‬فقال املالكية‪" :‬جيوز لإلمام أتخري الزكاة إىل احلول الثاين‪ ،‬إذا أداه إليه اجتهاده‪ ،‬ألن اإلمام وكيل‬
‫املستحقني وهو مأمور أبن يتحرى املصلحة" (‪ .)88‬وقال احلنابلة "جيوز لإلمام والساعي أتخريها عند رهبا لعذر‬
‫قحط أو حنوه"(‪ ،)89‬وقال أبو عبيد ‪":‬وكذلك أتخريها إذا رأى ذلك األمام يف صدقة املواشي‪ ،‬لألزمة تصيب‬
‫الناس‪ ،‬فتجدب هلا بالدهم‪ ،‬فيؤخرها عنهم إىل اخلصب‪ ،‬مث يقضيها منهم ابالستيفاء يف العام املقبل‪ ،‬كالذي فعله‬
‫عمر يف عام الرمادة"(‪.)90‬‬
‫ب ‪ -‬القول إن االستثمار يعرض أموال الزكاة للخسارة جياب عنه‪ :‬أبن احتمال اخلسارة يف التجارة ال مينع االجتار‬
‫ابألموال‪ ،‬ملا فيه من تنمية املال وزايدته‪ ،‬وقد اعترب ابن عبد السالم االجتار من املصاحل الدنيوية اليت تدعو إليها‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬حيث قسم املصاحل الدنيوية إىل قسمني أحدمها‪ :‬انجز احلصول‪ :‬كمصاحل املآكل واملشارب‪،‬‬
‫واملالبس وحيازة املباح واالصطياد واالحتشاش واالحتطاب‪ .‬والقسم الثاين‪ :‬متوقع احلصول‪ :‬كاالجتار لتحصيل‬
‫األرابح‪ ،‬وكذلك االجتار يف أموال اليتامى ملا يتوقع فيها من األرابح(‪ .)91‬وقد دعت الشريعة اإلسالمية الوالة‬
‫واحلكام إىل حفظ أموال األمة واستثمارها مبا حيقق النفع للمسلمني‪ ،‬فجاء يف كتاب اخلراج‪( :‬فإذا اجتمعوا "أي‬
‫أهل اخلري" على أن يف ذلك "رأي يف حفر األهنار" صالحاً وزايدة يف اخلراج أمرت حبفر تلك األهنار‪ ،‬وجعلت‬
‫النفقة من بيت املال وال حتمل النفقة على أهل البلد‪ ،‬وكل ما فيه مصلحة ألهل اخلراج يف أرضهم وأهنارهم وطلبوا‬
‫إصالح ذلك هلم أجيبوا إليه إذا مل يكن فيه ضرر على غريهم(‪ .)92‬وما ذكره أبو يوسف‪ -‬رمحه هللا‪ -‬من ضرورة‬
‫حفر األهنار هو من قبيل التمثيل‪ ،‬ال احلصر كما يفهم من عبارته األخرية‪" ،‬وكل ما فيه مصلحة ألهل اخلراج‪..‬‬
‫أجيبوا إليه"‪ .‬واستثمار األموال خيضع ‪ -‬يف هذا الوقت‪ -‬إىل دراسات اقتصادية دقيقة قبل األقدام على أي‬
‫مشروع استثماري‪ :‬مثل دراسة فرص االستثمار‪ ،‬ودراسة اجلدوى االقتصادية‪ .‬ففي دراسة الفرص يتم حتليل‬
‫إحصائيات عن املوارد املتاحة واملستخدمة‪ ،‬وعن طلب املستهلكني والعرض املتاح‪ ،‬وعن احلاجات األساسية‬
‫واملعروض منها‪ ،‬وعن الواردات والطلب عليها‪ ،‬وعن املنتجات املصنوعة ومدى احلاجة إليها‪ ،‬وعن رغبات التنوع‬
‫واملناخ االستثماري العام والتسهيالت املقدمة‪.)93(.‬‬
‫ودراسة اجلدوى االقتصادية تتنوع إىل نوعني‪ :‬دراسة جدوى مبدئية‪ ،‬ودراسة جدوى تفصيلية‪ ،‬فدراسة اجلدوى‬
‫املبدئية حلقة وسط بني دراسة الفرص ودراسة اجلدوى التفصيلية‪ ،‬فإذا ثبت من دراسة الفرص أن الفكرة طيبة‬
‫وتستحق الدراسة فإنه قد يكون من املرغوب فيه القيام بدراسة مبدئية هتتم ابهليكل العام ودراسة البدائل وال‬
‫تنشغل ابلتفاصيل الفنية واهلندسية‪ ،‬فإذا تبني من هذه الدراسة أن املشروع يستحق القيام به وحيتاج إىل دراسة‬
‫اجلدوى التفصيلية قام هبا وهي تعتمد على بياانت تفصيلية يف اجلوانب الفنية واهلندسية والتجارية واملالية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ففي الدراسة يتم حتليل أشياء كثرية منها‪ :‬اإلنتاج واملنتجات‪ ،‬واملوقع‪ ،‬والتكنولوجيا‪،‬‬
‫واملدخالت واملخرجات‪ ،‬واألسعار والتسعري واملبيعات واإليرادات‪ ،‬واملصروفات وتكاليف االستثمار‪ ،‬والتمويل‬
‫وهيكل التمويل‪ ،‬والرحبية املالية واالقتصادية والتجارية‪ ،‬والدراسة احلسابية للتغريات واملخاطر وغري ذلك وكل‬
‫جزئية من هذه اجلزئيات يتم وضعها يف إطار من التفاصيل الدقيقة اليت يتم مجعها أبكرب دقة ممكنة دائماً مع عمل‬
‫االفرتاضات اليت بنيت عليها الدراسة مثل الطاقة اإلنتاجية والسياسية واحلكومية …(‪.)94‬‬
‫كل هذه الدراسات تتم قبل اختاذ قرار االستثمار‪ ،‬ومن قبل أهل االختصاص واخلربة‪ ،‬وهي كفيلة بتضييق دائرة‬
‫احتمال اخلسارة يف املشروع االستثماري‪ .‬وفيما يلي بيان ابملراحل اليت متر هبا صناعة قرار االستثمار بصفة عامة‪،‬‬
‫ودراسة اجلدوى االقتصادية بصفة خاصة‪.‬‬
‫(ج) وأما القول‪ :‬إن استثمار أموال الزكاة يؤدي إىل إضاعتها يف األعمال اإلدارية فهو مناقض لنص اآلية "إمنا‬
‫الصدقات للفقراء واملساكني والعاملني عليها…"(‪ )95‬فقد جعل هللا تعاىل للقائمني عليها سهماً منها كما سيأيت‬
‫تفصيله يف تكاليف استثمار أموال الزكاة‪.‬‬
‫(د) وأما القول‪ :‬إن استثمار أموال الزكاة مناف ملبدأ التمليك الذي اشرتطه مجهور الفقهاء‪ ،‬فيجاب عنه أبن‬
‫اشرتاط التمليك حمل نظر‪ ،‬فقد ذهب بعض العلماء إىل عدم اشرتاطه إذا دعت احلاجة إىل ذلك‪ ،‬ولذا أجاز كثري‬
‫من العلماء صرف الزكاة بدون متليك فردي يف كثري من الصور‪ ،‬كصرف الزكاة يف شراء العبيد وعتقهم‪ ،‬وصرف‬
‫الزكاة ألبناء السبيل بدون متليك فردي للمستحق‪.‬‬
‫وعلى فرض اشرتاط التمليك فإن التمليك حاصل يف إنشاء املشاريع االستثمارية‪ ،‬وهي التمليك اجلماعي‬
‫للمستحقني‪ ،‬أو لبيت املال أو بيت الزكاة‪ ،‬وقد اعترب الفقهاء بيت املال شخصية اعتبارية أو حكمية متلك‬
‫ومتلك‪.)96(.‬‬
‫(هـ) وأما القول‪ :‬أن يد األمام على الزكاة يد أمانة ال تصرف واستثمار‪ ،‬فيجاب عنه أبنه غري مسلم‪ ،‬فقد أجاز‬
‫الفقهاء التصرف يف مال الزكاة لضرورة أو حاجة‪ ،‬ولذا أجاز املالكية والشافعية واحلنابلة بيع الزكاة للضرورة‪،‬‬
‫فقال اخلرشي‪" :‬إذا قلنا بنقل الزكاة إىل البلد احملتاج واحتاجت إىل كراء يكون من الفيء ‪ ..‬فإن مل يكن يف يفء أو‬
‫كان وال أمكن نقلها‪ ..‬فإهنا تباع يف بلد الوجوب‪ ،‬ويشرتي بثمنها مثلها يف املوضع الذي تنقل إليها إن كان خرياً‬
‫(‪ .) 97‬وقال النووي‪" :‬ال جيوز لإلمام والساعي بيع شيء من مال الزكاة من غري ضرورة‪ ،‬فإن وقعت الضرورة أبن‬
‫يقف عليه بعض املاشية أو خاف هالكه‪ ،‬أو كان يف الطريق خطر‪ ،‬أو احتاج إىل رد جربان أو إىل مؤونة النقل‪ ،‬أو‬
‫قبض بعض شاه وما أشبه جاز البيع ضرورة (‪.)98‬‬
‫وقال ابن قدامة‪" :‬إذا أخذها الساعي فاحتاج إىل بيعها ملصلحة من كلفة نقلها وحنوها فله ذلك ملا روي قيس بن‬
‫أيب حازم أن النيب _صلى هللا عليه وسلم_ رأى يف إبل الصدقة انقة كوماء (‪ )99‬فسأل عنها فقال املصدق‪ :‬إين‬
‫ارجتعتها إببل(‪ )100‬فالرجعة أن يبيعها ويشرتي بثمنها مثلها أو غريها(‪.)101‬‬
‫‪ -2‬مناقشة أدلة القائلني جبواز االستثمار‪:‬‬
‫أ ‪ -‬القول أبن النيب _صلى هللا عليه وسلم_ واخللفاء الراشدين كانوا يستثمرون أموال الزكاة من إبل وغنم وبقر‬
‫جياب عنه أب نه غري مسلم‪ ،‬ألن ما حدث كان جملرد حفظ احليواانت حلني توزيعها على املستحقني ال لالستثمار‪،‬‬
‫وما حيصل من توالد وتناسل ودر لنب فهو طبيعي غري مقصود‪ ،‬فال يدل هذا الدليل على جواز إنشاء مشاريع‬
‫إنتاجية طويلة األجل‪ ،‬وإمنا يدل على جواز استثمار أموال الزكاة يف إحدى املصارف اإلسالمية حلني توزعها أو‬
‫توصيلها إىل املستحقني‪ ،‬فإن هذا االستثمار للحفظ وحتقيق النفع للمستحقني من ريعها‪ ،‬فال حرج فيه لقوله‬
‫_صلى هللا عليه وسلم_‪ " :‬من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل" (‪.)102‬‬
‫ب ‪ -‬وأما التوسع يف مصرف "يف سبيل هللا" حىت يشمل مجيع وجوه اخلري فهو غري مسلم وال معتمد‪ ،‬ألنه ورد يف‬
‫بعض كتب التفسري لفقيه غري معروف‪ ،‬وهو قول مرجوح‪ ،‬واملختار عند الفقهاء واحملققني أن هذا املصرف يراد به‬
‫اجلهاد يف سبيل هللا ‪ ،‬ال مجيع وجوه اخلري(‪.)103‬‬
‫ت ‪ -‬وأما القول أبنه جيوز لإلمام‪ -‬إذا اقتضت الضرورة ‪ -‬إنشاء املصانع احلربية من سهم " يف سبيل هللا"‬
‫فصحيح‪ ،‬ومن وجوه الضرورة خلو بيت املال عن األموال اليت تفي بذلك‪ ،‬ألن عبء جتهيز اجليوش اإلسالمية‬
‫وتسليحها يقع على عاتق بيت املال من يفء وخراج وجزية‪ ،‬فإذا عجز بيت املال عن جتهيز اجملاهدين فال مانع من‬
‫جتهيزهم من الزكاة‪.‬‬
‫ث ‪ -‬وأما حديث احللس فعام يف احلث على االستثمار واإلنتاج‪ ،‬وليس خاصاً ابستثمار أموال الزكاة‪.‬‬
‫ج ‪ -‬القياس على استثمار املستحقني للزكاة أجيب عنه أبنه ال يصح‪ ،‬ألن شرط التمليك متحقق يف دفع الزكاة‬
‫للمستحقني بقصد االستثمار‪ ،‬وال يتحقق ذلك الشرط يف إنفاق الزكاة يف املشاريع االستثمارية من قبل األمام‪.‬‬
‫وجياب عن ذلك مبا ذكرت عند مناقشة أدلة املانعني من أن شرط التمليك حمل نظر‪ ،‬وأن التمليك اجلماعي‬
‫حاصل يف إنشاء املشاريع االستثمارية‪.‬‬
‫و‪ -‬االستئناس حبديث الصدقة اجلارية (الوقوف) أجيب عنه أبنه ال يصح ألن من أركان الوقف أن يكون هناك‬
‫واقف‪ ،‬ويف استثمار أموال الزكاة ال يوجد واقف‪ ،‬ألن أموال الزكاة قبل قبضها من قبل املستحقني ليست مملوكة‬
‫هلم حقيقة حىت يقفوها‪ ،‬وهي ليست مملوكة للمزكني أيضاً وال لإلمام‪ .‬وجياب عن ذلك أبن هذه احلالة ذات شبه‬
‫ابلوقف من بعض الوجوه‪ ،‬وليست مطابقة له من كل الوجوه وما دام األمر كذلك فليست حباجة لتوفر أركان‬
‫الوقف وشروطه (‪.)104‬‬
‫ز‪ -‬القياس على استثمار أموال األيتام أجيب عنه‪ ،‬أبن هذا االستثمار خاص ابألموال الزائدة عن حاجة اليتيم‬
‫األصلية بدليل وجوب الزكاة فيها "حىت ال أتكلها الصدقة" أما أموال الزكاة فال تزيد عن حاجات املستحقني يف‬
‫الغالب‪ ،‬وإذا زادت يف قطر تنقل إىل قطر آخر كما قال اجلويين ‪ ":‬وأما الزكوات‪ :‬إن انتهى مستحقوها إىل مقاربة‬
‫االستقالل واكتفوا مبا انلوه منها فال سبيل إىل رد فاضل الزكوات عليهم‪ ،‬فإن أسباب استحقاقهم ما اتصفوا به‬
‫من حاجاهتم‪ ،‬فإذا زالت أسباب االستحقاق وزال االستحقاق بزواهلا‪ ،‬فالفاضل عند هذا القائل إن تصور استغناء‬
‫مستحقي الزكاة يف قطر أو انحية منقول إىل مستحقي الزكاة يف انحية أخرى‪ ،‬وإن ابلغ مصور يف تصوير شغور‬
‫اخلطة عن مستحقي الزكاة يف انحية أخرى‪ ،‬فهذا أخرق للعوائد وتصوره عسر‪ .‬ولكن العلماء رمبا يفرضون صوراً‬
‫بعيدة وغرضهم بفرضها وتقديرها متهيد حقائق املعاين‪ .‬فإن احتملنا تصور ذلك ‪ -‬أي زايدة أموال الزكاة عن‬
‫املستحقني ‪ -‬فالفاضل من الزكوات عن هؤالء مردود إىل سهم املصاحل العامة " (‪.)105‬‬
‫فاجلويين يستبعد زايدة أموال الزكاة عن حاجات املستحقني يف زمنه ويعتربه خارقاً للعادة‪ ،‬فكيف بزماننا الذي‬
‫شح فيه كثري من األغنياء عن إخراج ما وجب عليهم من زكاة‪ .‬فال يصح قياس استثمار أموال الزكاة املشغولة‬
‫حباجات املستحقني على استثمار أموال األيتام الزائدة عن حاجاهتم‪.‬‬
‫ح ‪ -‬العمل ابالستحسان أو مبا هو خالف األصل للحاجة أو الضرورة ينبغي أن يقيد بضوابط وقيود حتمي أموال‬
‫الزكاة من الضياع‪ -‬كما سيأيت يف القول املختار‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬الرأي املختار‪:‬‬
‫بعد عرض آراء العلماء وأدلتهم ومناقشتها يتبني يل ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬األصل يف أموال الزكاة اليت وصلت إىل يد األمام‪ ،‬أو من ينوب عنه من السعادة أو املؤسسات الزكوية‬
‫تعجيل تقسيمها بني املستحقني‪ ،‬وال جيوز أتخريها‪.‬‬
‫‪ -2‬لكن إذا دعت الضرورة أو احلاجة إىل أتخري تقسيمها فال أبس‪ ،‬وحتفظ حينئذ ابلطريقة اليت يراها األمام أو‬
‫من ينوب عنه‪ ،‬حبيث تؤدي تلك الطريقة إىل عدم ضياعها‪ ،‬وحتقيق املنافع للمستحقني‪ :‬كحفظها يف مصارف‬
‫إسالمية على شكل ودائع استثمارية حلني الطلب‪.‬‬
‫‪ -3‬ويستثىن من األصل السابق أيضاً جواز أتخريها لالستثمار‪ ،‬إذا دعت الضرورة أو احلاجة‪ :‬كتأمني موارد مالية‬
‫اثبتة للمستحقني وتوفري فرص عمل للعاطلني عن العمل من املستحقني فيجوز استثمارها يف مشاريع إنتاجية‬
‫ويؤيد ذلك ما يلي‪:‬‬
‫أ ‪ -‬ما صمد من أدلة القائلني جبواز االستثمار أمام املناقشة كالقياس على جواز استثمار املستحقني للزكاة بعد‬
‫قبضها‪ ،‬ودفعها إليهم بقصد االستثمار وجواز إنشاء املصانع احلربية من الزكاة للضرورة‪ ،‬واحلاجة إىل االستثمار‪.‬‬
‫ب ‪ -‬القياس على وقف األرض املفتوحة عنوة بقصد استثمارها وأتمني مورد اثبت للدولة اإلسالمية‪ ،‬فقد رأى‬
‫عمر رضي هللا عنه عدم تقسيم أراضي العراق ومصر والشام بني الفاحتني وتركها يف أيدي أهلها من أهل الذمة‬
‫عمار األرض‪ ،‬فهم أعلم هبا‪ ،‬وأقوى عليها"(‪ .)106‬مث قال‪:‬‬
‫يزرعوهنا خبراج معلوم‪ .‬وقال يف أهلها‪" :‬يكونون ّ‬
‫"فكيف مبن أييت من املسلمني‪ ،‬فيجدون األرض بعلوجها قد اقتسمت‪ ،‬وورثت عن اآلابء‪ ،‬وحيزت ما هذا‬
‫برأي"(‪.) 107‬فإذا جاز لإلمام وقف األراضي املفتوحة عنوة ملصلحة مجيع املسلمني للحاجة جاز له استثمار‬
‫أموال الزكاة يف مشاريع إنتاجية‪ ،‬ووقفا على املستحقني للحاجة‪.‬‬
‫ت ‪ -‬االستئناس حبديث أصحاب الغار فقد روي البخاري وغريه عن ابن عمر _رضي هللا عنهما_ عن النيب‬
‫_صلى هللا عليه وسلم_ قال‪" :‬خرج ثالثة ميشون فأصاهبم املطر‪ ،‬فدخلوا يف غار يف جبل فاحنطت عليهم صخرة‬
‫قال‪ :‬فقال بعضهم لبعض‪ :‬ادعوا هللا أبفضل عمل عملتموه‪.‬‬
‫فقال الثالث‪ :‬اللهم إين كنت استأجرت أجرياً بفرق من ذرة فأعطيته وأىب ذلك أن أيخذ‪ ،‬فعمدت إىل ذلك الفرق‬
‫فزرعته حىت اشرتيت منه بقراً وراعيها مث جاء‪ ،‬فقال اي عبد هللا أعطين حقي‪ ،‬فقلت انطلق إىل تلك البقر وراعيها‬
‫فإهنا لك‪ ،‬فقال أتستهزئ يب؟ قال فقلت ما أستهزئ بك‪ ،‬ولكنها لك‪ ،‬اللهم إن كنت تعلم أين فعلت ذلك ابتغاء‬
‫وجهك فافرج عنا‪ ،‬فكشف عنهم"(‪.)108‬‬
‫و يف رواية "بفرق أرز" والفرق مكيال معروف ابملدينة‪ .‬ويف هذا احلديث دليل على جواز استثمار مال الغري بغري‬
‫إذن مالكه إذا أجازه املالك بعد ذلك (‪.)109‬‬
‫هذا إذا كان املتصرف ليس له حق النظر والتصرف يف املال‪ ،‬أما إذا كان له حق التصرف والنظر يف املال كاإلمام‬
‫ابلنسبة ألموال الزكاة جاز التصرف دون احلاجة إىل إجازة الفقراء‪.)110(.‬‬
‫ث ‪ -‬االستئناس حبديث عروة البارقي أن النيب _صلى هللا عليه وسلم_‪ :‬أعطاه ديناراً يشرتي أضحية أو شاة‪،‬‬
‫فاشرتى شاتني‪ ،‬فباع إحدامها بدينار فأاته بشاة ودينار‪ ،‬فدعا له ابلربكة يف بيعه فكان لو اشرتى تراابً لربح فيه"‪.‬‬
‫ويف رواية عن حكيم بن حزام أن رسول هللا _صلى هللا عليه وسلم_ بعث معه بدينار يشرتي له أضحية‪ ،‬فاشرتاها‬
‫بدينار وابعها بدينارين‪ ،‬فرجع فاشرتى له أضحية بدينار‪ ،‬وجاء بدينار إىل النيب _صلى هللا عليه وسلم_ ‪،‬‬
‫فتصدق به النيب _صلى هللا عليه وسلم_‪ ،‬ودعا له أن يبارك يف جتارته(‪.)111‬‬
‫يف احلديث داللة على أن عروة اجتر فيما مل يوكل ابالجتار به وكذلك حكيم بن حزام فهو يدل على جواز استثمار‬
‫مال الغري بغري إذن مالكه‪ ،‬ألن النيب _صلى هللا عليه وسلم_ أقرمها على ذلك‪ ،‬ودعا لكل واحد منهما ابلربكة يف‬
‫بيعه‪ ،‬ففي دعائه هلما ابلربكة دليل على أنه فعل مستحسن ومستحب‪ ،‬وخباصة إذا كان حيقق اخلري لصاحب‬
‫املال(‪.)112‬‬
‫فإذا جاز استثمار املال اخلاص بدون إذن صاحبه جاز لإلمام أو انئبه استثمار املال العام بدون إذن من له نصيب‬
‫يف هذا املال‪ ،‬ألن األمام له حق النظر والتصرف ابملال مبا حيقق املصلحة للمستحقني‪ ،‬ويدفع الضرر عنهم كويل‬
‫اليتيم والناظر على الوقف‪ ،‬ولذلك قال عمر بن اخلطاب _رضي هللا عنه_‪" :‬إين أنزلت نفسي من مال هللا منزلة‬
‫مال اليتيم"(‪…)113‬‬
‫وقال اإلمام مالك‪" :‬األمر عندان يف قسم الصدقات أن ذلك ال يكون إال على وجه االجتهاد من الوايل‪ ،‬فأي‬
‫األصناف كانت فيه احلاجة والعدد أوثر ذلك الصنف بقدر ما يرى الوايل(‪.)114‬‬
‫وقال أبو عبيد‪" :‬األمام خمري يف الصدقة يف التفريق فيهم مجيعاً‪ ،‬ويف أن خيص هبا بعضهم دون بعض إذا كان ذلك‬
‫على وجه االجتهاد‪ ،‬وجمانبة اهلوى وامليل عن احلق وكذلك من سوى األمام‪ ،‬بل لغريه أوسع إن شاء هللا"‪.)115(.‬‬
‫وقال ابن حجر‪" :‬لإلمام أن خيص مبنفعة مال الزكاة دون الرقبة صنفاً دون صنف حبسب االحتياج (‪ )116‬وقد‬
‫بينت عند مناقشة األدلة أن لإلمام حق التصرف يف أموال الزكاة ابلبيع للحاجة‪ .‬فيجوز استثمارها إذا رأى األمام‬
‫املصلحة يف ذلك … وهللا أعلم‪.‬‬
‫‪ -4‬ضوابط استثمار أموال الزكاة من قبل األمام أو من ينوب عنه‪.‬‬
‫إذا قلنا جبواز استثمار أموال الزكاة من قبل األمام أو من ينوب عنه فال بد من مراعاة الضوابط التالية‪:‬‬
‫أ ‪ -‬أن ال توجد وجوه صرف عاجلة لتلك األموال‪ :‬كسد احلاجات الضرورية للمستحقني من احلاجة إىل الطعام‬
‫أو الكساء أو السكن‪ ،‬فإن وجدت تلك احلاجات العاجلة‪ ،‬فال جيوز أتخري صرف الزكاة فيها حبجة االستثمار‪،‬‬
‫وإذا كانت أموال الزكاة على شكل أصول اثبتة‪ :‬كاملصانع والعقارات فيجب بيعها وصرف أمثاهنا يف تلك الوجوه‪.‬‬
‫ب ‪ -‬أن يتحقق من استثمار أموال الزكاة مصلحة حقيقية راجحة للمستحقني‪ :‬كتأمني مورد دائم حيقق احلياة‬
‫الكرمية هلم‪.‬‬
‫ت ‪ -‬أن تكون جماالت االستثمار مشروعة‪ :‬كالتجارة والصناعة والزراعة‪ ،‬ولذا فال جيوز استثمار أموال الزكاة يف‬
‫جمال من اجملاالت احملرمة‪ :‬كالراب واالجتار ابحملرمات وغري ذلك‪.‬‬
‫ث ‪ -‬أن تتخذ كافة اإلجراءات اليت تضمن بقاء تلك األموال على أصل حكم الزكاة‪ ،‬حبيث ال يصرف ريعها إال‬
‫للمستحقني ولو احتيج إىل بيع األصول الثابتة يف املستقبل ترد أمثاهنا إىل مصارف الزكاة‪.‬‬
‫ج ‪ -‬أن يسبق قرار االستثمار دراسات دقيقة من أهل اخلربة تتعلق ابجلدوى االقتصادية للمشروع االستثماري‪،‬‬
‫فإذا غلب على الظن حتقق األرابح من ذلك املشروع ابشر من يف إنشائه‪.‬‬
‫ح ‪ -‬أن يسند أمر األشراف واإلدارة إىل ذوي الكفاءة واخلربة واألمانة‪.‬‬
‫خ ‪ -‬أن يعتمد قرار االستثمار ممن له والية عامة كاإلمام أو القاضي‪ ،‬أو أهل احلل والعقد‪.‬‬
‫‪---------------------‬‬
‫(‪ )1‬املصباح املنري للفيومي‪ ،‬املفردات يف غريب القرآن لألصفهاين مادة‪ ،‬زكا‪.‬‬
‫(‪ )2‬جواهر اإلكليل لأليب‪188/1‬‬
‫(‪ )3‬املغين ألبن قدامة ‪.572/2‬‬
‫(‪ )4‬آية‪ 34 :‬من سورة الكهف‪.‬‬
‫(‪ ) 5‬لسان العرب ألبن منظور‪ ،‬القاموس احمليط للفريوز آابدي‪ ،‬املفردات لألصفهاين‪ ،‬بصائر ذوي التمييز يف لطائف الكتاب العزيز‬
‫للفريوز آابدي‪ ،‬أساس البالغة‪ ،‬مادة‪ :‬مثر‪.‬‬
‫(‪ )6‬املنتقي للباجي ‪.150/5‬‬
‫(‪ )7‬آية ‪ 5‬من سورة النساء‬
‫(‪ )8‬الكشاف للزخمشري‪.500/1‬‬
‫(‪ )9‬االستثمار والتمويل للدكتور سيد اهلواري ص‪43‬‬
‫(‪ )10‬املوسوعة االقتصادية لراشد الباروي ص‪17‬‬
‫(‪ )11‬بتصرف من االستثمار والتمويل للهواري ص‪.44-43‬‬
‫(‪ )12‬املوسوعة العلمية والعملية للبنوك اإلسالمية‪ -‬االستثمار للسيد اهلواري ‪28/6‬‬
‫(‪ )13‬املوسوعة العلمية ‪16/6-‬‬
‫(‪ )14‬لسان العرب ألبن منظور‪ ،‬والقاموس احمليط وخمتار الصحاح‪ ،‬مادة‪ :‬وظف‬
‫(‪ )15‬املصباح املنري للفيومي‪ ،‬القاموس احمليط ‪ ،‬مادة ‪ :‬غل‬
‫(‪ )16‬فتح القدير للكمال بن اهلمام ‪491/10‬‬
‫(‪ )17‬املصباح املنري‪ ،‬القاموس احمليط‪ ،‬مادة‪:‬منا‪.‬‬
‫(‪ )18‬القاموس احمليط خمتار الصحاح للرازي‪ ،‬مادة ‪ :‬نفع‬
‫(‪ )19‬معجم لغة الفقهاء للقلعجي وقنييب ص‪.91‬‬
‫(‪ )20‬كشاف القناع للبهويت ‪./2822‬‬
‫(‪ )21‬املغين احملتاج للشربيين اخلطيب ‪106/3‬‬
‫(‪ )22‬األشباه والنظائر ألبن جنيم ص‪.346‬‬
‫(‪ )23‬اجملموع للنووي ‪150/6‬‬
‫(‪ )24‬املرجع نفسه ‪.156/6‬‬
‫(‪ )25‬اجملموع ‪ ،139/6‬مغين احملتاج ‪ ،114/3‬حاشية قليويب ‪ ، ..200/3‬هناية احملتاج للرملي ‪ ،162/6‬حاشية البجريمي‬
‫‪ .314/3‬األنصاف للمرداوي ‪.238/3‬‬
‫(‪ )26‬البدائع ‪ ،3/2‬درر احلكام ملأل خسرو ‪ ،174/1‬حاشية الدسوقي ‪ ،503/1‬اجملموع للنووي ‪ ،286/5‬مغين احملتاج ‪،413/1‬‬
‫املبدع ‪ ،399/2‬املغين ‪.684/2‬‬
‫(‪ )27‬آية ‪ 141 :‬من سورة األنعام‪.‬‬
‫(‪ )28‬املبدع ‪.399/2‬‬
‫(‪ )29‬نيل األوطار ‪ 167/4‬وصعفه السيوطي يف اجلامع الصغري‪ ،‬وقال البيهقي‪ :‬تفرد به حممد قال الذهيب يف املهذب ضعيف‪ ،‬ويف‬
‫امليزان عن أيب حامت منكر احلديث‪ .‬مث عد من مناكريه هذا اخلرب (فيض القديري للمناوي ‪.)443/5‬‬
‫(‪ )30‬نيل األوطار ‪.167/4‬‬
‫(‪ )31‬صحيح البخاري ‪.118/2‬‬
‫(‪ )32‬فتح الباري ‪ ،41/4‬نيل األوطار ‪.168/4‬‬
‫(‪ )33‬املغين ‪، 684/2‬املبدع ‪399/2‬‬
‫(‪ )34‬فتح القدير للكمال بن اهلمام ‪.155/2‬‬
‫(‪ )35‬املغين ألبن قدامة ‪.685/2‬‬
‫(‪ )36‬البدائع ‪ ،3/2‬درر احلكام ملأل خسرو ‪174/1‬‬
‫(‪ )37‬البدائع ‪3/2‬‬
‫(‪ )38‬آية ‪ 48:‬من سورة املائدة‬
‫(‪ )39‬آية ‪ 133:‬من سورة آل عمران‬
‫(‪ )40‬حاشية ابن عابدين ‪ ،283/2‬بداية اجملتهد ألبن رشد ‪ ،249/1‬اجملموع ‪ ،323/5‬رمحه هللا ‪ ،72‬مغين احملتاج ‪،419/1‬‬
‫املنثور يف القواعد ‪ ،466/1‬حاشية اجلمل ‪ ،293/2‬األنصاف ‪ ،35/3‬اإلفصاح ‪ ،2.9/1‬أحكام القرآن ألليكا اهلراس ‪،73/4‬‬
‫املغين ‪.679/2‬‬
‫(‪ )41‬سنن أيب داود (‪ )97/2‬والبيهقي‪ ،‬وقال‪ :‬إسناده صحيح وكلهم ثقات‪.‬‬
‫(‪ )42‬صحيح البخاري ‪.133/2‬‬
‫(‪ )43‬اجملموع ‪ ،323 /5‬رمحة األمة ‪ ،72‬املغين ألبن قدامة ‪ ،679/2‬األنصاف ‪.35/3‬‬
‫(‪ )44‬آية ‪ 103:‬من سورة التوبة‪.‬‬
‫(‪ )45‬آية ‪ 24 :‬من سورة املعارج‪.‬‬
‫(‪ )46‬صحيح البخاري ‪.108/2‬‬
‫(‪ )47‬آية‪ .60:‬من سورة التوبة‪.‬‬
‫(‪ )48‬املعيار املعرب للونشريسي ‪ ،399/1‬اجملموع ‪ ،323/5‬مغين احملتاج ‪ ،419/1‬حاشية قليويب ‪ ،47/2‬حاشية اجلمل‬
‫‪ ،292/2‬املنثور يف القواعد ‪ 366/1‬أحكام القرآن ألليكا اهلراس ‪ ، 83/4‬رمحة األمة للدمشقي ص‪ ،72‬األنصاف ‪،38/3‬‬
‫القواعد ألبن رجب ‪.207‬‬
‫(‪ )49‬األرض‪ :‬هو اسم للمال الواجب على ما دون النفس…‬
‫(‪ )50‬حاشية ابن عابدين ‪ ،283/2‬اجملموع ‪ ،323/5‬األنصاف ‪.38/3‬‬
‫(‪ )51‬اجملموع ‪ ،323/5‬األنصاف ‪.38/3‬‬
‫(‪ )52‬العروة الوثقى للطبطبائي ‪.39/2‬‬
‫(‪ )53‬اخلمس للسيد عبد الكرمي السيد علي خان ص‪.118‬‬
‫(‪ )54‬أحكام القرآن لأللكيا اهلراس ‪.83/4‬‬
‫(‪ )55‬األنصاف للمرداوي ‪.38/3‬‬
‫(‪ )56‬انظر‪ :‬حبث‪" :‬مبدأ التمليك ومدى اعتباره يف صرف الزكاة" للمؤلف‪.‬‬
‫(‪ )57‬كشف األسرار للبزدوي ‪.137/4‬‬
‫(‪ )58‬جملة جممع الفقه اإلسالمي‪ ،‬العدد الثالث ج‪ ،1‬ص‪ 406.- 335‬أحكام الزكاة على ضوء املذاهب األربعة لعبد هللا علوان‬
‫ص‪ . 97‬وقد أيد هذا القول بعض املشاركني يف الدورة الثالثة ملؤمتر جممع الفقه اإلسالمي مثل الشيخ جتاين صابون ‪ -‬املدرس مبدرسة‬
‫املعلمني العليا بتشاد ‪ -‬حيث قال‪" :‬إن توظيف الزكاة يف مشاريع ذات ريع بال متليك فردي للمستحقني ال ميكن أن يتم إال إذا‬
‫وجد مستحقو الزكاة حقوقهم "يقصد حاجاهتم" وبقدر الكفاية احملددة هلم‪ ،‬ألنه ألبد أن يعطي الفقري القدر الذي خيرجه من الفقر‬
‫إىل الغىن ‪ ،‬ومن احلاجة إىل الكفاية على الدوام… فإذا ما وجد كل ذي حق حقه من أموال الصدقة‪ ،‬وفاضت فيمكن بعد ذلك‬
‫توجيهها إىل مثل هذا املشروع" (حبث توظيف الزكاة يف مشاريع ذات ريع بال متليك فردي للمستحق جملة اجملمع ج‪ ،1‬ص‪.)335‬‬
‫كما أيد هذا القول الشيخ آدم عبد هللا علي‪ -‬خطيب مسجد التضامن اإلسالمي مبقديشو ابلصومال حيث قال‪":‬إن توظيف الزكاة‬
‫يف مشاريع ذات ريع دون متليك فردي للمستحق غري جائز‪ ،‬ألهنا تعرض املال للفائدة واخلسارة‪ ،‬فرمبا يرتتب عليها ضياع األموال‪،‬‬
‫وألن توظيفها يف املشاريع اإلمنائية يؤدي إىل انتظار الفائدة املرتتبة عليها‪ ،‬وهذا قد أيخذ وقتاً طويال‪ ،‬فيكون سبباً لتأخري تسليم‬
‫أموال الزكاة ملستحقيها بدون دليل شرعي‪ ،‬مع أن املطلوب التعجيل يف أداء حقوقهم‪ ،‬وألن أموال الزكاة أمانة يف أيدي املسؤولني‬
‫عنها حىت يسلموها إىل أهلها وشأن األمانة احلفظ فقط (حبث توظيف الزكاة‪،‬جملة املعجم ج‪ 1‬ص‪.)354‬‬
‫(‪ )59‬جملة جممع الفقه اإلسالمي‪ -‬العدد الثالث‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.4.4‬‬
‫(‪ )60‬حبث‪" :‬آاثر الزكاة يف األفراد واجملتمعات "للقرضاوي‪ -‬منشور ضمن أعمال مؤمتر الزكاة األول عام ‪ 1984‬ص‪ ،45‬جملة‬
‫جممع الفقه اإلسالمي املشار إليها سابقاً‪.‬‬
‫(‪ )61‬فتوى له منشورة يف جملة اجملتمع الكويتية عدد (‪ )793‬ص‪.34‬‬
‫(‪ )62‬االحتاد اجلماعي يف التشريع االقتصادي اإلسالمي للدكتور‪ :‬حممد فاروق النبهان ص‪.293،488‬‬
‫(‪ ) 63‬حبث‪" :‬توظيف أموال الزكاة يف مشاريع ذات ريع بال متليك فردي للمستحق "للخياط ‪ -‬منشور يف جملة جممع الفقه‬
‫اإلسالمي‪ -‬العدد الثالث‪ ،‬ج‪ ، 1‬ص‪ ،371‬وحبث‪" :‬الزكاة وتطبيقاهتا واستثمارها" للخياط مقدم لندوة" الزكاة واقع وطموحات"‬
‫املنعقدة يف أربد عام ‪ 1989‬ص‪.58‬‬
‫(‪ ) 64‬فتوى فقيهة يف حبث‪" :‬توظيف أموال الزكاة مع عدم التمليك للمستحق" للدكتور الفرفور ‪ -‬منشور يف جملة الفقه اإلسالمي‬
‫العدد الثالث‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.358‬‬
‫(‪ )65‬أحكام الزكاة لعبد هللا علوان ص ‪.97‬‬
‫(‪ ) 66‬حبث‪" :‬توظيف أموال الزكاة "للشيخ آدم شيخ عبد هللا‪ ،‬منشور يف جملة جممع الفقه اإلسالمي‪ ،‬عدد‪ ، 3‬ج‪ ،1‬ص‪.354‬‬
‫(‪ )67‬املرجع نفسه‪.‬‬
‫(‪ )68‬جملة جممع الفقه اإلسالمي‪ ،‬عدد‪ ،3‬ج‪ ،1‬ص‪.388،406‬‬
‫(‪ )69‬حبث‪" :‬توظيف أموال الزكاة " للشيخ آدم‪ ،‬جملة اجملمع املشار إليها ص‪.354‬‬
‫(‪ ) 70‬اجتووا املدينة ‪ :‬أي أصاهبم اجلوي‪ ،‬وهو مرض وداء اجلوف إذا تطاول إذا مل يوافقهم هواؤها (النهاية ألبن األثري ‪)381/1‬‬
‫(‪ )71‬صحيح البخاري ‪.137/2‬‬
‫(‪ )72‬املوطأ مع املنتقي ‪ ،157/2‬والبيهقي إبسناد صحيح كما قال صاحب مغين احملتاج (‪.)109/3‬‬
‫(‪ )73‬تفسري الرازي ‪.115/16‬‬
‫(‪ )74‬اجملموع للنووي ‪..160/6‬‬
‫(‪ )75‬احللس‪ :‬كساء جيعل على ظهر البعري حتت رحله‪ ،‬وهو بساط يبسط يف البيت‪ -‬واجلمع أحالس (املصباح املنري)‪.‬‬
‫(‪ )76‬القعب‪ :‬إانء ضخم كالقصعة‪ ،‬واجلمع قعاب وأقعب (املصباح املنري)‬
‫(‪ )77‬فقر مدقع‪ :‬أي شديد يفضي بصاحبه إىل الدقعاء أي الرتاب (النهاية ‪)127/2‬‬
‫(‪ )78‬غرم مفظع‪ :‬أي شديد شنيع (النهاية ‪.)459/3‬‬
‫(‪ ) 79‬دم موجع‪ :‬هو أن يتحمل دية‪ ،‬فيسعى فيها حىت يؤديها إىل أولياء املقتول فإن مل يؤدها قتل املتحمل عنه‪ ،‬فيوجعه (النهاية‬
‫‪.)157/5‬‬
‫(‪ )80‬سنن أيب داود ‪ ، 120/2‬سنن الرتمذي (‪ )522/3‬وقال‪ :‬حسن‬
‫(‪ )81‬رواه مسلم يف صحيحه ‪.1255/3‬‬
‫(‪ )82‬رواه البيهقي يف السنن الكربى ‪ ،107/4‬وقال‪ :‬إسناده صحيح‪ ،‬وله شواهد عن عمر _رضي هللا عنه_ ‪.‬‬
‫(‪ )83‬حبث ‪" :‬توظيف الزكاة…" للفرفور ص‪.319‬‬
‫(‪ )84‬حنكة‪ :‬أي مضغ مثراً وذلك حنك الصغري‪ ،‬يقال حنك الصيب‪ ،‬وحنكه‪.‬‬
‫(‪ ) 85‬امليسم‪( :‬بكسر امليم) احلديدة اليت يكوى هبا‪ ،‬ومجعه مياسم ومواسم‪ ،‬وأصله من السمة وهي العالمة‪ .‬والوسم أثر الكيه‪.‬‬
‫(‪ )86‬رواه البخاري ‪.138/2‬‬
‫(‪ )87‬فتح الباري ‪ ،109/4‬عمدة القاري ‪ ،106/9‬نيل األوطار للشوكاين ‪.177/4‬‬
‫(‪ )88‬مواهب اجلليل للحطاب ‪.363/2‬‬
‫(‪ )89‬املبدع ألبن مفلح ‪...400/2‬‬
‫(‪ )90‬األموال أليب عبيد ‪.779‬‬
‫(‪ )91‬قواعد األحكام يف مصاحل األانم ‪.43/1‬‬
‫(‪ )92‬اخلراج أليب يوسف‪..110‬‬
‫(‪ )93‬املوسوعة االقتصادية والعلمية للبنوك اإلسالمية ‪.35/6‬‬
‫(‪ )94‬التمويل واالستثمار لسيد هواري ص‪ ،81‬املوسوعة العلمية والعملية للبنوك اإلسالمية ‪.34/6‬‬
‫• االستثمار والتمويل لسيد هواري ص‪ 83‬بتصرف عن إن بتصرف عن ( ‪Clifton & D.Fyffe Project‬‬
‫‪)Feasibility Analyses New York 5 John Wiley, 1977‬‬
‫• االستثمار والتمويل لسيد هواري ص‪.85‬‬
‫(‪ )95‬آية‪ .60:‬من سورة التوبة‪.‬‬
‫(‪ )96‬لتفصيل ذلك انظر‪ :‬حبث" مبدأ التمليك ومدى اعتباره يف صرف الزكاة" للباحث‪.‬‬
‫(‪ )97‬حاشية اخلرشي ‪.223/2‬‬
‫(‪ )98‬اجملموع للنووي ‪..120/6‬‬
‫(‪ )99‬كوماء ‪ :‬انقة ضخمة السنام‪.‬‬
‫(‪ )100‬مسند األمام أمحد ‪.349/‬‬
‫(‪ )101‬املغين ‪.674/2‬‬
‫(‪ )102‬رواه مسلم ‪.1726/4‬‬
‫(‪ )103‬جممع األهنر ‪ ،221/1‬حاشية اخلرشي ‪ ،218/2‬اجملموع ‪ ،158/6‬كشاف القناع ‪ ،283/2‬األموال أليب عبيد‪.801‬‬
‫(‪ ) 104‬حبث‪" :‬توظيف أموال الزكاة يف مشاريع ريع بال متليك فردي للمستحق" للدكتور حسن عبد هللا األمني منشور ضمن جملة‬
‫جممع الفقه اإلسالمي عدد‪ ، 3‬جملد‪ ،1‬ص‪.367‬‬
‫(‪ )105‬غياث األمم يف اجتياث الظلم للجويين ‪.184-183‬‬
‫(‪ )106‬اخلراج أليب يوسف ‪.141‬‬
‫(‪ )107‬املرجع نفسه ص‪.24‬‬
‫(‪ )108‬صحيح البخاري ‪ ،38-37/3‬صحيح مسلم ‪، 2099/4‬مسند امحد ‪.116/2‬‬
‫(‪ )109‬عمدة القاري ‪ ،26/12‬صحيح مسلم بشرح‪.58/17‬‬
‫(‪ )110‬نفس املرجع‬
‫(‪ )111‬سنن أيب داود ‪ ،256/3‬سنن الرتمذي ‪ ،558/3‬مسند أمحد ‪ ،376 ،375/4‬قال املنذري والنووي‪ :‬إسناده حسن‬
‫صحيح وفيه كالم كثري‪ ،‬وقال ابن حجر‪ :‬الصواب أنه متصل يف إسناده مبهم "سبل السالم ‪."31/3‬‬
‫(‪ )112‬سبل السالم ‪ ،31/3‬فتح العالم لشرح بلوغ املرام لصديق حسن خان‪ ،24/2‬معامل السنن للخطايب ‪..90/3‬‬
‫(‪ )113‬الطبقات الكربى ألبن سعد ‪.276/3‬‬
‫(‪ )114‬املوطأ مع تنوير احلوالك ‪.257/1‬‬
‫(‪ )115‬األموال أليب عبيد ص‪.767‬‬
‫(‪ )116‬فتح الباري ألبن حجر ‪.109/4‬‬