تحميل الملف المرفق

‫الدورة التاسعة عشرة‬
‫إمارة الشارقة‬
‫دولة اإلمارات العربية المتحدة‬
‫وقف األسهم والصكوك‬
‫والحقوق المعنوية والمنافع‬
‫إعداد‬
‫الدكتورة سيتي ماشيطة بنت محمود‬
‫رئيسة كلية الشريعة والقانون‬
‫والدكتورة شمسية بنت محمد‬
‫األستاذة المشاركة بكلية الفقه وأصوله‬
‫األكاديمية اإلسالمية بجامعة ماليا‪ ،‬كواال لمبور‬
‫وقف األسهم والصكوك‬
‫والحقوق المعنوية والمنافع‬
‫المقدمة‬
‫األوقاف مؤسسة حيوية‪ ،‬تطور حياتها طول األزمان واألماكن‪ ،‬والواقف ينتفع‬
‫ب ثواب عمله ولو كان ميتا كما قال الرسول (صلى هللا عليه وسلم)‪" :‬إذا مات ابن أدم‪،‬‬
‫انقطع عمله إال من ثالث‪ :‬صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له"‬
‫وقد اتفق المفسرون بأن لفظ "صدقة جارية" في الحديث يشير إلى معنى الوقف ال‬
‫الغير‪ 1‬ألن منافع الموقوف تبقى دائمة يذكر الناس صاحبها بالخير والرحمة‪.‬‬
‫وبالنظر إلى متطلبات الزمن الحاضر وأهمية الوقف‪ ،‬كانت طرق إنشاءه غير‬
‫محدد على األموال من العقار والمنقول فحسب‪ ،‬بل له طرق كثيرة متنوعة‪ ,‬وهذا يتفق مع‬
‫حقيقة الوقف وصفته العملية واالقتصادية والتنموية التي تنفع األمم كلها‪.‬‬
‫وفي هذا المقام‪ ،‬سيكون مدار البحث في وقف األسهم والصكوك والحقوق المعنوية‬
‫والمنافع‪ ,‬والتي تؤدي إلى استغالل ثروة أموال األمة وتحقيق هدف التنمية االقتصادية‬
‫المناسبة بالزمن الحاضر‪.‬‬
‫وقبل أن نستعرض موضوع البحث بالتفصيل‪ ،‬حري بنا أن نُعرف الوقف وما هي‬
‫أقسامة‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف الوقف‬
‫الوقف لغة‪ :‬هو الحبس‪ ،‬أو المنع‪ ،‬ويرادفه التحبيس والتسبيل‪.‬‬
‫وفي االصطالح‪ :‬هو‪:‬حبس مال يمكن االنتفاع به مع بقاء عينه بقطع التصرف في‬
‫‪2‬‬
‫رقبته على مصرف مباح موجود‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أقسام وقف الخير‪ :‬والوقف الخيري ينقسم إلى قسمين‪ :‬وقف العام ووقف‬
‫الخاص‬
‫وقف العام هو الوقف الذي لم يعين الواقف مقصوده أو جهة مصرفه‪ .‬ففي هذه‬
‫الحالة ‪ ،‬يجوز على متوله أو نذيره أن يصرف غالته وريعه على أي سبيل من سبل البر‬
‫والخير تقربا إلى هللا تعالى‪.‬‬
‫وأما وقف الخاص هو الوقف الذي يعين الواقف مقصوده أو جهة مصرفه‪ ،‬مثل أن‬
‫يقول الواقف "وقفت هذه األرض على أن يكون ريعها للفقراء والمساكين"‪ .‬ففي هذا‬
‫النوع‪ ،‬ال يجوز على متوله أو نذيره أن يحول ريع تلك األرض إلى غرض آخر غير تلك‬
‫الجهة المذكورة‪ ،‬كما ال يجوز بيع أو هبة أو إرث أو تملك هذا الوقف بأي وجه من أوجوه‬
‫التمليك‪.‬‬
‫وبالنسبة إلى مسألة بيع الوقف‪ ،‬فعلى متوله أو نذيره الرجوع إلى القاضي أو‬
‫المفتي أو المحكمة للحصل على القرار في ذلك األمر‪ ,‬فهناك من الفقهاء من أجاز بيع‬
‫الوقف إذا وجدت المصلحة فيه‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد علي بن محمد الشوكاني‪ ،‬نيل األوطار في منتقى األخبار‪ ،‬الجزء الخاامس‪ ،‬دار الفكار‪ ،‬ص‬
‫‪127‬‬
‫شمس الدين محمد بن أبي العباس أحماد بان حمازة ابان شاهاب الادين الرملاي‪ ،‬نهاياة المحتاا إلاى‬
‫شرح المنها ‪ ،‬الجزء الخامس‪ ،‬مصطفى البابي الحلبي وأوالده بمصر‪ ،1967 ،‬ص ‪358‬‬
‫‪1‬‬
‫وهناك نوع آخر من الوقف‪ ،‬وهو ما يعرف بالوقف الذري أو األهلي‪ ،‬بحيث يعين‬
‫الواقف أهله أو نسله أو ذريته كأوالده أو أحفاده أو أمه أو أبيه أو أخواته وإخوته ليكون‬
‫موقوفا عليهم‪.‬‬
‫وقف األسهم‬
‫إن وقف األسهم وسيلة من الوسائل التنموية المعاصرة‪ ,‬وإمكانية التعامل بمبداء‬
‫الوقف في األسهم تعود على المجتمع بمنافع كثيرة ومستمرة‪.‬‬
‫تعريف األسهم ‪ :‬األسهم جمع سهم وهو في اللغة يطلق على الحظ والنصيب‬
‫والشيء من األشياء‪ ،‬ويجمع على أسهم وسهام وسهمان‪ ،‬والسهمة على وزن غرفة‬
‫‪1‬‬
‫النصيب‪ ,‬والسهم واحد من النبل‪.‬‬
‫والمراد بوقف األسهم هو‪ :‬حبس أو وقف حصص من األسهم المملوكة للواقف في‬
‫شركات األموال االقتصادية المستغلة استغالال جائزا شرعا بجعل غالتها وريعها‬
‫مصروفة إلى مقصودها العامة أو الخاصة تقربا إلى هللا تعالى‪.‬‬
‫والواقف هو مالك الحصص أو األسهم أو رأس المال‪ ،‬ويمكن أن يتعدد الواقفين‬
‫لهذه األسهم‪ ,‬كما ال يشترط أن يكون كل أصحاب رأس المال يقفون حصصهم‪ ،‬ولكن‬
‫يجوز بالواحد دون الغير أن يوقف ما يشاء من ملكه‪.‬‬
‫مبدأ وقف األسهم‬
‫ومبدأ وقف األسهم يرجع إلى مفهوم وقف المشاع‪ ,‬فجمهور الفقهاء من الشافعية‬
‫‪3‬‬
‫والمالكية والحنابلة قالوا بصحة هذا الوقف‪ 2,‬ووافقهم الجعفرية والزيدية فيه‪.‬‬
‫وأما وقف المشاع للمسجد والمقبرة‪ ،‬اتفق الفقهاء على عدم صحتهما‪ ,‬وهذا ألنه ال‬
‫يتحقق الوقف فيها إال باإلفراز واالستقالل‪ ،‬إذ ال يتصور أن يكون المسجد شهرا مسجدا‬
‫وشهرا أخر اصطبال أو خانا‪ ,‬وكذلك ال يتصور أن تكون المقبرة سنة مقبرة وسنة أخرى‬
‫بيتا‪ ,‬وألن الشيوع يمنع خلوص الحق هلل تعالى‪.4‬‬
‫وبالنسبة إلى موضوعنا هذا‪ ,‬سوف نركز على الوقف التجاري ‪commercial‬‬
‫‪ basis‬إذا لم يوجد أي مانع للتطبيق في هذا النوع من الوقف‪.‬‬
‫الصور التي يجوز فيها وقف األسهم ما يلي‪:‬‬
‫‪ )1‬وقف األسهم في شركات األموال ذات األنشطة الجائزة شرعا‪ .‬وفي هذه الحالة‪،‬‬
‫يجوز للواقف أن يوقف ما يملكه من األسهم سواء كانت في بعضها أو كلها حسب‬
‫إرادته‪ .‬ثم تصرف أرباحها على جهة الوقف عامة كانت أو خاصة أو ذرية تقربا إلى‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪3‬‬
‫‪4‬‬
‫محمااااد عثمااااان شاااابير‪ ،‬المعااااامالت الماليااااة المعاصاااارة فااااي الفقااااه اإلسااااالمي‪ ،‬دار النفااااائس‪،‬‬
‫األردن‪2001,‬م‪ ،‬ص ‪201‬‬
‫موفق الدين أبو محمد عبد هللا بن أحمد بن محماد‪ ،‬المغناي‪ ،‬الجازء الساادس‪ ،‬دار الكتااب العرباي‪،‬‬
‫بيااروت‪ ،1972 ،‬ص ‪238‬؛ الشاايس سااليمان البجيرمااي‪ ،‬بجيرمااي علااى الخاطااب‪ ،‬الجاازء الثالااث‪،‬‬
‫مصطفى البابي الحلبي وأوالده‪ ،1951 ،‬ص ‪204‬؛ برهان الدين أبي الحسن علي بن أبي بكر بن‬
‫عبد الجليل الرشاداني المرغينااني‪ ،‬الهداياة شارح بداياة المبتادي‪ ،‬الجازء الثالاث‪ ،‬مصاطفى الباابي‬
‫الحلبااي وأوالده بمصاار‪ ،‬ص ‪14‬؛ برهااان الاادين إبااراهيم موسااى باان أبااي بكاار اباان الشاايس علااي‬
‫الطرابلسي‪ ،‬اإلسعاف فاي أحكاام األوقااف‪ ،‬دار الرائاد العرباي‪ ،‬بياروت‪ ،1981 ،‬ص ‪29‬؛ حاالل‬
‫ابن يحيا بن سلمة الرأي البصري‪ ،‬كتاب أحكام الوقف‪ ،‬مجلس دائارة المعاارف العثمانياة الكائناة‪،‬‬
‫ص ‪119‬‬
‫محمد عبيد عبد هللا الكبيسي‪ ،‬أحكام الوقف في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مطبعة اإلرشاد‪،‬‬
‫ص ‪.390‬‬
‫نفسه‪ ،‬ص‪384-390‬؛ ابن الهمام‪ ،‬شرح فتح القدير‪ ،‬الجزء الخاامس‪ ،‬الكبارى األميرياة‪ ،‬بباوالق‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬ص ‪123‬‬
‫‪2‬‬
‫هللا تعالى‪.‬وكان هذا النوع من الوقف قد تقدمت به مؤسسة جوهور [ ‪Johor‬‬
‫‪ ]Corporation‬بماليزيا حيث أوقفة حصصها من الشركات ‪KPJ ،Tiram Travel‬‬
‫‪ Kulim ،Healthcare‬و ‪ Johor Land‬بمبلغ مئة مليون من قيمة الحصص التي‬
‫تملكها هذه المؤسسة‪ .‬والوقف في هذا المثال يسمى بوقف ”‪.“Corporate‬‬
‫‪ )2‬وقف أسهم األمانة [‪ ]unit trusts‬وهي األسهم التي يملكها الواقف في أية شركة‬
‫استثمارية ذات نشاط جائز شرعا‪ .‬وكما في وقف أسهم الشركات األنف الذكر‪ ،‬إن‬
‫أرباح أسهم األمانة ستصرف أيضا على جهة الوقف‪ ،‬عامة كانت أو خاصة‪.‬‬
‫مميزات وقف األسهم‪:‬‬
‫إن المميزات التي تتمتع بها األسهم بشكل عام جعلت من هذا النوع من الوقف‬
‫يتصف بهذه المميزات‪ ،‬ومنها أن هذه األسهم تمثل قيمة مالية في رأس مال الشركة وأنها‬
‫قابلة للتداول والتصرف فيها‪ ,‬ولكن إذا كانت األسهم وقفت‪ ،‬فلها شروط خاصة ال بد من‬
‫إتباعها كما في مسألة اإلبدال واالستبدال التي سنتناولها فيما بعد‪ .‬ومن المميزات األخرى‬
‫أن حياة هذا الوقف ال يتعلق على عمر واقفها‪ ،‬بل تستمر بحيث تكون دائمة ومؤبدة‬
‫وبحسب عمر وقوة الشركة‪ ..‬وهذا يتفق ويدعم شرط التأبيد كما قاله جمهور الفقهاء لصحة‬
‫الوقف‪.‬‬
‫موقف العلماء المعاصرين من وقف األسهم‪:‬‬
‫وعند استقراء موقف العلماء المعاصرين نجد أن غالبيتهم قد أباحوا التعامل بهذا‬
‫النوع من األسهم‪ ,‬وذلك بناء على القاعدة الفقهية بأن األصل في المعامالت اإلباحة‪,‬‬
‫وبشرط أن تكون هذه المعامالت وفقا ألحكام الشريعة اإلسالمية‪ ,‬ومنها أن تكون األسهم‬
‫صادرة من شركات ذات أغراض مشروعة وأن ال يترتب على التعامل بها أي محظور‬
‫شرعي كالربا والغرر‪ 1‬والميسر‪ .‬ومن العلماء المعاصرين الذين قالوا بذلك هم الشيس‬
‫محمود شلتوت‪ ،‬والشيس علي الخفيف‪ ،‬والشيس محمد أبو زهرة‪ ،‬والدكتور محمد يوسف‬
‫موسى‪ 2.‬وأيضا ما جاء في قرر مجمع الفقه اإلسالمي في دورة مؤتمرة السابع بجدة في‬
‫الفترة ‪12-7‬ذي القعدة ‪1412‬هـ الموافق ‪14-9‬مايو‪1992‬م بشأن األسهم في األسواق‬
‫‪3‬‬
‫المالية ما يلي‪:‬‬
‫‪ )1‬أن األصل في المعامالت الحل فإن تأسيس شركة مساهمة ذات أغراض وأنشطة‬
‫مشروعة أمر جائز‪.‬‬
‫‪ )2‬ال خالف في حرمة اإلسهام في شركات غرضها األساس محرم‪ ،‬كالتعامل بالربا‬
‫أو إنتا المحرمات أو المتاجرة بها‪.‬‬
‫‪ )3‬األصل حرمة اإلسهام في شركات تتعامل أحيانا بالمحرمات‪ ،‬كالربا ونحوه‪،‬‬
‫بالرغم من أن أنشطتها األساسية مشروعة‪".‬‬
‫وكذلك األسهم الموقوفة أيضا ال بد صيانة الشروط المذكورة لكي تكون وقفا أو‬
‫أوقافا صحيحة للتداول والتصرف بها‪.‬‬
‫مسألة استبدال األسهم الموقفة‬
‫قد تكون هناك مصلحة في إبدال أو استبدال األسهم الموقوفة بأسهم أُخرى ومثال‬
‫ذلك إذا كانت [‪ ]performance‬الشركة المساهمة لم تعد صالحة لالستمرار فيها أو إذا‬
‫كان ثمن السهم الموقوف في حالة غير مستقرة‪ ,‬وخصوصا إذا هبط سعره في السوق‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪3‬‬
‫محمد عثمان شبير‪ ،‬ص ‪206-212‬‬
‫نفسه‪ ،‬ص ‪206‬‬
‫نفسه‪ ،‬ص ‪212‬‬
‫‪3‬‬
‫بشكل كبير ونتج عن هذا الهبوط خسارة‪ ،‬ففي هذه األحوال يجوز بيع السهم واستبداله‬
‫بسهم أخر خيرا منه لنيل األرباح العالية ولكي نتجنب الخسارة المستمرة لأليام القادمة‪.‬‬
‫ويعد االستبدال من أهم الوسائل التنموية‪ ،‬وليس هناك مانع من قبل الشرع كما‬
‫ذهب الفقهاء في ذلك‪ ,‬إذ روى الخصاف في أحكام الوقف عن خالد بن أبي بكر حيث قال‪:‬‬
‫رأيت سالم بن عبد هللا يبيع العبد من صدقة عمر (رضي هللا عنه) إذا رأى خيرا ويشتري‬
‫‪1‬‬
‫غيره‪.‬‬
‫وجدير بالذكر هنا بأن الحديث الذي جاء فيه "ال يباع وال يوهب" فمنع البيع الذي‬
‫فيه تفويت للوقف‪ ،‬وال يتعرض الحديث لمسألة االستبدال‪ ،‬إال للمسجد ألن استبداله ال‬
‫‪2‬‬
‫يجوز‪.‬‬
‫كما تجدر اإلشارة إلى أن االستبدال ال بد أن يكون بإذن القاضي أو المفتي إذا رأى‬
‫في ذلك مصلحة أو منفعة أو ضرورة سواء كانت جهة الوقف عامة أو خاصة‪.‬‬
‫ولعل من نافلة القول أن مال البدل‪ ،‬أي األسهم الجديدة‪ ،‬يشترط فيها ما يشترط في‬
‫أسهم الوقف التي سبق ذكرها من حيث موافقتها ألحكام الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫حكم التصرف في وقف األسهم في حالة استمرار الخسارة‬
‫إذا تعرضت األسهم الموقوفة إلى خسارة مستمرة‪ ،‬فعلى نذيره أو متوله في هذه‬
‫الحالة وللضرورة أن يسرع باستبدال‪3‬هذه األسهم بحيث تباع األسهم ثم يشترى أسهم‬
‫أخرى من شركات مساهمة ناجحة أخرى‪ .‬فال يجوز لمتولي أسهم الوقف أن يدع هذه‬
‫األسهم تستمر في الخسارة حتى تضيع وتستهلك مال الوقف كله‪ ,‬فهذا يدخل في مسؤوليات‬
‫النذير أو المتولي بأن يحافظ على أصول وغالة الوقف وأن يحتط لها وأن يعمرها‬
‫ويصلحها ويصونها‪.‬‬
‫وفي حالة‪ ،‬إذا كانت [‪ ]performance‬سوق األسهم في ذلك الوقت غير صالحة‬
‫لالستثمار‪ ،‬فعلى النذير أو المتولي أن يشتري عقارا بدل أصل السهم المنقول لما فيه من‬
‫احتياط أفضل كون العقار ثابت ودائم النفع‪ ,‬السيما أن الفقهاء كلهم يتفقون بصحة وقف‬
‫العقار‪.‬‬
‫مسألة انتهاء وقف السهم وكيفية التصرف في العائد وملكية األسهم في حالة تصفية‬
‫الشركة أو المؤسسة‬
‫ذكرنا أنفا بأن حياة الشركات المساهمة كثيرا ما تكون دائمة مؤبدة‪ ،‬ولكن من‬
‫الممكن أن يتم تصفية هذه الشركات‪ .‬ففي هذه الحالة‪ ،‬كيف يتم التصرف بالعائد؟ فالجواب‬
‫راجعا إلى أقوال الفقهاء في مسألة انقراض الموقوف عليه أو انقطاع جهته أو انتهاء‬
‫الوقف‪.‬‬
‫وفي الحقيقة‪ ،‬للفقهاء أراء مختلفة في هذه المسألة‪ .‬ذهب الشافعية بصرفها (يعني‬
‫العائد) إلى أقرب الناس إلى الواقف‪ 4‬ويرى الحنابلة أنها ترجع إلى ورثة الواقف أو تكون‬
‫وقفا على أقرب عصبة للواقف أو الفقراء والمساكين أو بيت المال‪ 5.‬وأما الحنفية فيرى‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪3‬‬
‫‪4‬‬
‫‪5‬‬
‫انظر إعالن السنن‪ 159-13 ،‬الذي نقله محمد خالاد ساعيد األعظماي‪" ،‬تنمياة الوقاف"‪ ،‬فاي كتااب‬
‫الوقف (بحوث مختارة مقدمة في الندوة الفقهية العاشرة لمجمع الفقاه اإلساالمي فاي الهناد)‪ ،‬إعاداد‬
‫وتقديم من الشيس القاضاي مجاهاد اإلساالم القاسامي‪ ،‬دار الكتاب العلمياة‪ ،‬بياروت‪ ،‬لبناان‪،2001 ،‬‬
‫ص ‪214‬‬
‫نفسه‪ ،‬ص ‪215‬‬
‫للمعلومات الدقيقة في االستبدال انظر محمد عبيد عبد هللا الكبيسي‪ ،‬ص ‪56-9‬‬
‫محمد ابن جماعة‪ ،‬التنبيه‪ ،‬ص ‪ .84‬انظر أيضا الشيس سليمان البجيرمي‪ ،‬ص ‪210‬‬
‫ابن قدامة‪ ،‬ص ‪217-214‬‬
‫‪4‬‬
‫اإلمام أبو حنيفة بعودها إلى ملك الواقف إن كان حيا و إلى ملك ورثته إن كان ميتا‪ .‬وهذا‬
‫أيضا ما رآه اإلمام مالك‪ 1.‬وأما اإلمام أبي يوسف‪ ،‬قال بأنها تصرف إلى الفقراء عند‬
‫‪2‬‬
‫انقراض الموقوف عليه أو إنقطاع جهتها‪.‬‬
‫ويبدو لنا‪ ،‬أن قول اإلمام أبو يوسف أصح باإلتباع لما فيه من استمرار وتأبيد‬
‫للوقف لمصلحة الفقراء والمساكين‪ .‬وهذا أيضا يتفق مع طبيعة الوقف التي هي صدقة‬
‫جارية كما عرفناها من قبل ‪ ,‬والشرع يعتبر الفقراء والمساكين المصرف األساسي‬
‫للصدقات وأعمال الخير‪.‬‬
‫وقف الحقوق المعنوية‬
‫يعتبر وقف الحقوق المعنوية من الصور الجديدة التي تتناسب مع متطلبات العصر‬
‫وهو من الوسائل الحديثة في عمل الخيرات‪ .‬فوقف هذا النوع من الحقوق لم يكن معروفا‬
‫لدى الفقهاء األوائل‪ ،‬وإنما ظهر نتيجة التقدم في المجال العلمي والثقافي واالقتصادي‪.‬‬
‫وهذا البحث يتعلق بشيء غير مادي ويمكن أن يكون من اإلنتا الذهني كحق المؤلف في‬
‫المصنفات العلمية واألدبية أو براءة االختراع في المخترعات الصناعية‪ ،‬أو ثمرة لنشاط‬
‫تجاري يقوم به التاجر لجلب العمالء كما في االسم التجاري والعالمة التجارية‪.‬‬
‫وقد قرر مجمع الفقه اإلسالمي في دورته الخامسة المنعقدة في الكويت في ‪1‬‬
‫جمادي األولى ‪ 1409‬الموافق ‪ 10‬ديسمبر ‪1988‬م بأن لالسم التجاري والعنوان‬
‫التجاري والعالمة التجارية وحق التأليف واإلختراع أو االبتكار هي حقوق خاصة‬
‫ألصحابها‪ ،‬وأصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة يتمول الناس بها‪ ،‬وهذه‬
‫‪3‬‬
‫الحقوق يعتد بها شرعا فال يجوز االعتداء عليها‪.‬‬
‫ما المراد بوقف الحقوق المعنوية؟‬
‫المررراد بوقررف الحقرروق المعنويررة هررو‪ :‬حاابس أو وقااف الحقااوق المعنويااة المقومااة‬
‫المملوكااة للواقااف بجعاال أثمانهااا وأرباحهاااا وريعهااا مصااروفة إلااى مقصااودها العاماااة أو‬
‫الخاصة تقربا إلى هللا تعالى‪.‬‬
‫الحقوق المعنوية التي يجوز وقفها وصورها‬
‫والحقوق المعنوية التي يجوز وقفها هي‪ :‬حق التأليف واالبتكار‪.‬‬
‫ويكاااون الوقاااف بتصاااريح المؤلاااف أو المبتكااار فاااي اساااتغالل ملكاااه المعناااوي لاااذلك‬
‫الغاارض‪ ،‬وكثياارا مااا نجااد ماان هااذه الصااور فااي مقاادمات الكتااب الموقوفااة‪ ،‬مث اال أن يقااول‬
‫المؤلف أنه "يترك حق نشر كتابه أو أي جازء مناه صادقة جارياة هلل تعاالى"‪ 4.‬أو يمكان أن‬
‫ينص بتخصيص الناشر كأن يذكر أنه "يحبس حاق النشار والتوزياع لمؤسساة خيرياة‪ ،‬ماثال‬
‫دار األيتام‪ ،‬هلل تعالى"‪.‬‬
‫ويجاوز للمؤلاف أو المبتكاار أن يضاع أي شاارط فاي صايغه المناساابة ألحكاام الوقااف‬
‫كشرط توزيع األرباح كلها أو جزء منها أو توزيع حصة ملك المؤلف أو المبتكر إلاى جهاة‬
‫خيرية عامة كانت أو خاصة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪3‬‬
‫‪4‬‬
‫وهبااة الزحيلي‪،‬الوصااايا والوقااف فااي الفقااه اإلسااالمي‪ ،‬دار الفكاار‪ ،‬سااورية‪ ،‬دمشااق‪ ،1987 ،‬ص‬
‫‪205‬‬
‫محمد أمين إبن عابدين‪،‬حاشية رد المحتار على الدر المختار‪ ،‬الجازء الراباع‪ ،‬دار الفكار‪،1966 ،‬‬
‫ص ‪;340‬ابن الهمام‪ ،‬ص ‪48‬‬
‫محمد عثمان شبير‪ ،‬ص ‪74‬‬
‫الدكتور منذر قحف‪،‬الوقف في المجتمع اإلسالمي المعاصر‪ ،‬وزارة األوقاف والشؤون اإلساالمية‬
‫بدولة قطر‪ ،1998 ،‬ص‪139-138‬‬
‫‪5‬‬
‫ويدخل فيه وقف المؤلف أو المبتكار لمنفعاة أهلاه أو ذريتاه و يضاع بعاص الحصاة‬
‫منه للغرض الخيري العام ‪ ،‬مثال للفقراء أو المساكين أو جهة خيرية أخرى‪ ،‬وهاذه الوسايلة‬
‫أفضل بأال تكون األرباح الموقوفة دولة بين أشخاص ذرية الواقف فقط‪.‬‬
‫االنتهاء الحقيقي والحكمي لوقف الحقوق المعنوية‬
‫كما عرفنا‪ ،‬أن الحقوق المعنوية لها زمن محدد للحصول على الريع واألربااح التاي‬
‫ينتفع بها المؤلف أو المبتكر‪ .‬والغالب أن هذا التحدياد موجاود فاي القاانون كماا فاي ماليزياا‪,‬‬
‫حيااث جاااء فااي القااانون المساامى ب”‪ .“Copyright Act 1987‬فااالمؤلف لااه حااق فيهااا‬
‫‪1‬‬
‫بخمسين عام بعد موته‪.‬‬
‫فمااا هااو موقااف الشااريعة اإلسااالمية ماان شاارط التأبيااد أو الاادوام للحقااوق المعنويااة‬
‫الموقوفة؟ وما هو وضع (‪ (status‬هذا النوع من الوقف؟ هل هوصحيح أم باطل؟‬
‫فالحقيقة ال توجد أقوال للفقهاء في هذه المسألة ألن الحقوق المعنوياة الموقوفاة أمار‬
‫جديد وحديث‪ ,‬ولكن هناك من بحث من الفقهاء عن حقيقة الدوام للوقف‪ ,‬وهي إما أن تكاون‬
‫أبدية (أي الدوام األبدي) أو نسبية (أي الدوام النسبي)‪ .‬فالشافعية يرون بأن المقصود بادوام‬
‫االنتفاااع بااالموقوف هااو الاادوام النساابي ال األباادي‪ ، 2.‬فااإذا علقاات مسااألة انتهاااء الحقااوق‬
‫المعنوية الموقوفة هذه بمبدأ الدوام النسبي‪ ،‬فالوقف صحيح‪.‬‬
‫وعموما يمكن القول‪ ،‬أن رأي اإلمام مالاك واالمالكياة أساهل تطبيقاا ألنهام يجيازون‬
‫الوقف المؤقت توسعة على الناس في عمل الخير‪ .‬إذن فالوقف هذا صحيح أيضا‪.‬‬
‫وقف المنافع‬
‫المنافع هي ما يستفاد من األعيان كسكنى الدار وركوب السايارة‪ .‬ويادل علاى كونهاا‬
‫مااال بااأن طبيعااة اإلنسااان تمياال إليهااا كاألعيااان‪ ،‬فيسااعى إلااى اقتنائهااا‪ .‬والعاارف العااام فااي‬
‫األساواق أيضاا يعتبرهاا أماواال‪ .‬والشاارع أعتبرهااا أماواال بادليل ماا ورد علاى لساان ساايدنا‬
‫اك إِحادَى ابنَتَاي هَااتَي ِن‬
‫شعيب لموسى علياه الساالم‪ ,‬قولاه تعاالى ‪ ‬قَاا َل إِنِاي أ ُ ِرياد ُ أَن أُن ِك َح َ‬
‫ُ‬
‫ِك َو َمااا أ ِري اد ُ أَن أ َ ُ‬
‫اك‬
‫علَيا َ‬
‫عشاارا فَ ِماان ِعن اد َ‬
‫ي ِح َجااج فَ اإِن أَت َمما َ‬
‫شااق َ‬
‫ات َ‬
‫َ‬
‫علَااى أَن تَااأ ُج َرنِي ث َ َمااانِ َ‬
‫شاااء اّللُ ِماانَ الصااا ِل ِحينَ ‪ ‬القصااص آيااة(‪ )27‬ويتبااين ماان اايااة الكريمااة أن‬
‫س ات َ ِجد ُ ِني ِإن َ‬
‫َ‬
‫الخدمة من قبل موسى مقبولة لمهر إحادى ابنتاي شاعيب للازوا ‪ .‬فالشاارع أجااز أن يكاون‬
‫عماال اإلنسااان (المنفعااة) مهاارا‪ ،‬واألصاال فااي المهاار أن يكااون ماااال باادليل قولااه تعااالى‬
‫سافِ ِحينَ ‪ ‬النسااء آياة (‪)24‬‬
‫‪َ ‬وأ ُ ِحل لَ ُكم ما َو َراء ذَ ِل ُكم أَن تَبتَغُوا ِبأَم َوا ِل ُكم ُّمح ِ‬
‫صنِينَ غَي َر ُم َ‬
‫إذن‪ ،‬فتكون المنفعة ماال‪.‬‬
‫معنى وقف المنافع والفرق بين وقف المنافع ووقف األعيان‬
‫المراد بوقف المنافع هو‪ :‬حبس أو وقف منافع األعيان المتقومة سواء كانت (يعناي‬
‫األعيان) مملوكة للواقف أو لغيره تقربا إلى هللا تعالى‪.‬‬
‫وفي هذا‪ ،‬تكون المنافع هي موضوع الوقف بخالف الغالب بأن تكاون األعياان هاي‬
‫موضوعه األساسي‪.‬‬
‫واألعيان‪ ،‬كما عرفنا وهي تدخل في مفهوم الوقف المبادأي وهاي مقصاودة للحابس‪.‬‬
‫وأمااا منافعهااا‪ ،‬وهااي مقصااودة للتساابيل فااي وجااوه الباار‪ .‬إذن‪ ،‬فاألعيااان والمنااافع عنصاارين‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫انظاار عااارف صااالح روساامان‪ ،Harta Intelektual Menurut Islam ،‬الجامعااة التكنولوجيااة‬
‫بماليزيا‪ ،‬سكوداي‪ ،2002 ،‬ص ‪134‬‬
‫انظاار الاادكتور مصااطفى الخاان والاادكتور مصااطفى البغاااء‪ ،‬الفقااه المنهجااي علااى مااذهب اإلمااام‬
‫الشافعي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪ ،2005 ،‬ص ‪220‬‬
‫‪6‬‬
‫أساسيين إليجاد الوقف‪ .‬وهذا أيضا ما أشار إليه الحديث عن نافع عن ابان عمار رضاي هللا‬
‫عنهما قال‪ :‬أصاب عمر بخيبر أرضا‪ ،‬فأتى النبي صلى هللا عليه وسلم فقال‪ :‬أصابت أرضاا‬
‫لم أصب مااال قاط أنفاس مناه فكياف تاأمرني باه؟ قاال‪":‬إن شائت حبسات أصالها وتصادقت‬
‫‪1‬‬
‫بها"‪ .‬فتصدق عمر أنه ال يباع أصلها وال يوهب وال يورث‪.".....‬‬
‫ووقف المنافع هي الصورة الخالفية بين الفقهاء عنادما يكاون موضاوع الوقاف هاو‬
‫المنااافع باادون أعيانهااا‪ .‬المالكيااة ياارون صااحة هااذا النااوع ماان الوقااف‪ ,‬فماان أسااتأجر دارا أو‬
‫عقارا فله أن يوقف منفعة العين المستأجرة مدة إجارتهاا‪ 2.‬ونجاد للشاافعية رأياين فاي وقاف‬
‫المناافع‪ ,‬عنااد حااديثهم فاي مسااألة وقااف الكلااب المعلام‪ ,‬فماانهم ماان قاال بعاادم جااواز وقفااه ألن‬
‫الوقف مقصاود للتملياك‪ ،‬والكلاب ال يملاك‪ ،‬ومانهم مان قاال باالجواز ألن القصاد مان الوقاف‬
‫‪4‬‬
‫المنفعة‪ ،‬وفي الكلب منفعة‪ ،‬فجاز وقفه‪ 3.‬وبه قال الزيدية والجعفرية‪ ،‬ومنع غيرهم وقفه‪.‬‬
‫المنافع التي يجوز وقفها وصورها‬
‫تنقسم المنافع التي يجوز وقفها إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ )1‬منافع األعيان المملوكة للواقف‬
‫‪ )2‬منافع األعيان الغير مملوكة للواقف‬
‫بالنسبة للقسام األول‪ :‬وهاي مناافع األعياان المملوكاة للواقاف يجاوز لمالاك العاين أن‬
‫يوقف منفعة ماله إلى جهة الوقف‪ ,‬ومثال ذلاك إذا ملاك شاخص دارا‪ ،‬فلاه أن يوقاف منفعاة‬
‫داره للفقااراء المحتاااجين للسااكنى فيااه‪ .‬وكااذلك يجااوز أن يااؤجر األرض الزراعيااة المسااتغلة‬
‫لألخر ويدفع ريعها وقفا إلى جهة الخيار تقرباا إلاى هللا تعاالى‪ ,‬ومان األمثلاة المعاصارة هاو‬
‫وقااف فائاادة السااهم [‪ ]dividend of share‬المملوكااة لمالكهااا ماان شااركات األمااوال‬
‫االقتصادية المستغلة إستغالال جائزا شرعا إلى أي وجه من وجوه البر والخير‪.‬‬
‫أما القسم الثاني‪ :‬وهي منافع األعيان الغير مملوكة للواقف‪ ,‬كما فاي اإلجاارة‪ ،‬وهباة‬
‫المنفعة‪ ،‬والوصية بالمنفعة‪ ،‬والعمرى عند من يقول بها‪ 5.‬ففي هاذه األحاوال‪ ،‬يكاون الوقاف‬
‫حسااب الزمااان المحاادد لمالااك المنفعااة أو عمااره أو عماار العااين‪ ,‬فيجااوز مااثال للمسااتأجر أن‬
‫يوقف المنافع المملوكة له طول زمن االساتئجار كماا ذكارت أنفاا‪ ،‬أو طاول عماره فاي ذلاك‬
‫الحين أو مدى وجود العين الصالحة للوقف‪ .‬وهاذا يشابه الوقاف المؤقات وفياه خاالف عناد‬
‫‪6‬‬
‫الفقهاء‪ ،‬واإلمام مالك قال بصحته‪.‬‬
‫وقف الصكوك‬
‫لاايس هناااك تعريااف خاااص بوقااف الصااكوك إذ يمكاان وقفهااا بصااور مختلفااة‪ ,‬ولااذلك‬
‫نقول وقف الصكوك يرجع إلى وقف ما تمثل به الصكوك من األعيان و المنافع والخادمات‬
‫وموجودات مشروع معين أو نشاط استثماري خاص وقد يرجع إلى وقف عائدة الصكوك‪.‬‬
‫صور وقف الصكوك‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪3‬‬
‫‪4‬‬
‫‪5‬‬
‫‪6‬‬
‫انظر صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الوصايا‪ ،‬دار السالم‪ ،‬الرياض‪ ،1997 ،‬ص ‪563‬‬
‫انظار الشاايس أحماد باان محماد الصاااوي المااالكي‪ ،‬بلغاة السااالك ألقارب المسااالك إلاى مااذهب اإلمااام‬
‫مالك‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأوالده بمصر‪ ،‬ص ‪297‬‬
‫أبو إسحاق إبراه يم بن علي بن يوسف‪ ،‬المهذب‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مطبعة عيسى البابي الحلباي‪ ،‬ص‬
‫‪440‬‬
‫محمد عبيد الكابيسي‪ ،‬ص ‪353-352‬‬
‫انظر قحف‪ ،‬ص ‪147‬‬
‫انظر الصاوي‪ ،‬ص ‪300‬‬
‫‪7‬‬
‫كما عرفنا أن الصكوك هي‪: 1‬‬
‫" وثائق متساوية القيمة تمثل حصصا شائعة في ملكية أعياان أو مناافع أو خادمات أو‬
‫في موجودات مشروع معين أو نشاط استثماري خاص‪ ،‬وذلك بعاد تحصايل قيماة الصاكوك‬
‫وقفل باب االكتتاب وبدء استخدامها فيما أصدرت من أجله‪".‬‬
‫وبناء على هذا التعريف يمكننا أن نقول أن لوقف الصكوك صور عديدة ترجع إلى ماا‬
‫عينه حملة الصكوك عند وقفها‪ .‬ومن صورها‪:‬‬
‫أوال‪ :‬وقف ماا تمثلاه الصاكوك مان األعياان والمناافع والخادمات وموجاودات مشاروع‬
‫معين أو نشاط استثماري خاص‪.‬‬
‫وهااذا يعنااي أن حاماال الصااكوك بعااد الوقااف لاايس مالكااا لألعيااان والمنااافع والخاادمات‬
‫وموجودات مشروع معين أو نشاط استثماري خاص‪ ,‬ولذلك ما نتج عنها مان عائاد أو رباح‬
‫يكون موقوفة كذلك‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬وقف ما ينتج عن الصكوك من عائد أو ربح‪.‬‬
‫نفرض مثال أن الصكوك تؤسس على عقد شاركة وحملاة الصاكوك شاركاء فاي ملكياة‬
‫مبنى معين‪ ,‬وهذا المبنى مؤجر‪ ,‬فلحملة الصكوك وقف كل األجرة التي يستحقونها كماا لهام‬
‫كاذلك وقاف الابعص منهاا‪ ,‬وفااي هاذه الصاورة يكاون المبنااى مملاوك لحملاة الصاكوك ولكاان‬
‫عائد الصكوك موقوف‪.‬‬
‫فوائد وقف الصكوك‬
‫من فوائد وقف الصكوك ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬إنها صدقة جارية تنفع الواقف في الدنيا وااخرة‬
‫‪ -2‬إنهااا طريقااة ماان طاارق تنميااة األمااوال الموقوفااة لمنفعااة المساالمين فااي الاابالد‬
‫التي تقع فيها هذه األموال الموقوفة‪.‬‬
‫أنوع الصكوك القابلة للوقف‬
‫مااا داماات الصااكوك تمثاال مااا صااح وقفااه فااال مااانع ماان وقفهااا‪ ,‬ولااذلك ال يجااوز وقااف‬
‫الصكوك التي تمثل ما ال يجوز وقفه كالديون ‪.‬‬
‫حكم التصرف في الصكوك الموقوفة‬
‫من المتفق عليه أن األصل العام والقاعدة الكلية في الشريعة عدم جواز التصارف فاي‬
‫العاين الموقوفااة بااالبيع والهبااة وغيرهااا ماان التصارفات المخالفااة لمقاصااد الوقااف‪ .‬وفااي هااذا‬
‫البحااث المتواضااع نركااز علاى مااا يتعلااق باسااتبدال الصااكوك ‪ .‬وقااد نسااتفيد كثياارا ماان مقااال‬
‫‪2‬‬
‫األستاذ الدكتور علي محي الدين القره داغي وفيما يلي هو ما نورد من مقاله ‪:‬‬
‫من المتفق عليه أن األصال العاام والقاعادة الكلياة فاي الشاريعة هاو عادم االساتبدال إال‬
‫لمسوغ مشروع؛ ولذلك اختلف الفقهاء في جواز استبدال عين الوقف ‪-‬من غير المساجد‪ -‬أو‬
‫بيعها في حاالت نذكر هنا أهمها‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية (‪ ،)2007‬المعايير الشرعية‪ ،‬البند ‪ 2‬من‬
‫المعيار الشرعي رقم ‪ 17‬بشأن صكوك االستثمار‪.‬‬
‫‪ 2‬راجع‪:‬‬
‫‪http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid‬‬
‫‪=1173695205378&pagename=Zone-Arabic-Shariah%2FSRALayout‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ .1‬حالة الهدم والخراب بحيث تتعذر عمارة الوقف‪ :‬قال المرغيناني‪( :‬وما انهدم من بنااء‬
‫الوقف وآلته صرفه الحاكم في عمارة الوقف إن احتا إليه‪ ،‬وإن اساتغنى عناه أمساكه‬
‫حتااى يحتااا إلااى عمارتااه يصاارفه فيهمااا؛ ألن اه ال بااد ماان العمااارة ليبقااى علااى التأبيااد‬
‫فيحصل مقصود الواقف‪ ..‬وإن تعذر إعادة عينه إلاى موضاعه بياع وصارف ثمناه إلاى‬
‫المرمة صرفا للبدل إلى مصرف المبدل)‪ ،‬بل ادعى ابن الهمام أن خرو الوقاف عان‬
‫االنتفاع به ينبغي أن ال يختلف فيه‪ ،1‬أي في الماذهب الحنفاي‪ ،‬أماا إذا انهادمت الادار ‪-‬‬
‫مثال‪ -‬ولم يمكن إعادتها فتبااع ويشاترى بثمنهاا مثلهاا‪ ،‬أو قساط مناه ماا عادا المساجد‪،2‬‬
‫وذهب أحمد إلى أن الدار الموقوفة إذا خربت يبااع نقضاها ويصارف ثمنهاا إلاى وقاف‬
‫آخر‪.3‬‬
‫‪ .2‬حالة عدم االنتفاع واالستغناء‪ :‬قال ابن الهمام‪( :‬ومن زيادات أبي بكر بن حامد‪ :‬أجماع‬
‫العلماء على جواز بيع بناء الوقف وحصيره إذا استغنوا عناه)‪ ،‬وقاال أيضاا‪( :‬وينبغاي‬
‫للحاااكم إذا رفعااه إليااه وال منفعااة فااي الوقااف أن يااأذن فااي بيعهااا إذا رآه أنظاار ألهاال‬
‫الوقف)‪ .4‬وهذا رأي جمهور الفقهاء حيث قالوا‪ :‬ويبااع كال ماا ال ينتفاع باه فيماا حابس‬
‫فيه من غير المسجد على تفصيل فيه‪ ،‬ومان غيار العقاار عناد مالاك حياث ال يبااع وإن‬
‫خرب‪.5‬‬
‫‪ .3‬حالة الهجر‪ :‬وذلك بأن يترك أهل القرية‪ ،‬أو المنطقة وقفهم فيهجر‪ ،‬فعناد الحنفياة ‪-‬فاي‬
‫غير المسجد‪ -‬يعود إلاى الواقاف‪ ،‬وعناد الجمهاور يظال وقفاا‪ ،‬وعناد أحماد يبااع نقضاه‬
‫ويصرف إلى مسجد آخر‪ ،‬إن كان مسجدا أو إلى جهة مماثلة‪.6‬‬
‫‪ .4‬حالة رجاء منفعة أكبر‪ :‬ذهاب جماعاة مان الفقهااء إلاى أناه يجاوز بياع الوقاف إذا رأى‬
‫الموقوف عليه‪ ،‬أو الناظر للوقف أن غيره أكثار نفعاا وريعاا‪ ،‬فقاد جااء فاي فاتح القادير‬
‫(وروي عن محمد‪ :‬إذا ضعفت األرض عن االستغالل ويجد القايم بثمنهاا أخارى أكثار‬
‫ريعا كان له أن يبيعها ويشتري بثمنها ما هو أكثر ريعا)‪ ،7‬ولكن بعص علمااء الحنفياة‬
‫رجحوا عدم الجواز؛ ألن الواجب إبقاء الوقف علاى ماا كاان علياه دون زياادة أخارى؛‬
‫ألنه ال موجب لتجويزه إذا لم يكن هناك شرط‪ ،‬أو ضرورة‪ ،‬وال ضارورة فاي هاذا؛ إذ‬
‫ال تجب الزيادة فيه بل تبقيه كما كان‪.8‬‬
‫وهااذا هااو رأي جمهااور الفقهاااء ماان المالكيااة‪ ،9‬والشااافعية‪ ،10‬والحنابلااة‪11‬؛ وذلااك ألن‬
‫األصاال هااو تحااريم بيااع الموقااوف‪ ،‬وإنمااا أباايح لضاارورة أو حاجااة تناازل منزلااة الضاارورة‪،‬‬
‫صيانة لمقصود الوقف عن الضياع مع تحقق االنتفااع وإن قال‪ ،‬وباذلك يجماع باين الخيارين‬
‫وهو أولى من التضحية بأحدهما لحسااب ااخار‪ ،‬لكان قاال الحنابلاة‪ :‬إذا بلاغ الوقاف فاي قلاة‬
‫النفع إلى حد ال يعد نفعا فيكون وجود ذلك كالعدم فيجاوز بيعاه وشاراء مثيال لاه يكاون أكثار‬
‫نفعا‪ .12‬وهذا الرأي له وجاهته ويتفق مع مقاصد الوقف في الشرع‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪3‬‬
‫‪4‬‬
‫‪5‬‬
‫‪6‬‬
‫‪7‬‬
‫‪8‬‬
‫‪9‬‬
‫‪10‬‬
‫‪11‬‬
‫‪12‬‬
‫الهداية مع فتح القدير (‪ 244/6‬ـ ‪)228‬‬
‫الغاية القصوى (‪) 649/2‬‬
‫المغني البن قدامة (‪)631/5‬‬
‫فتح القدير (‪)221/6‬‬
‫يراجع حاشية الدسوقي (‪ 90/4‬ـ ‪ ،)91‬وروضة الطالبين (‪ ،)357/5‬ويراجع‪ :‬د‪ .‬وهبة الزحيلي‪:‬‬
‫الفقه اإلسالمي (‪)219/8‬‬
‫فتح القدير (‪ ،)237/6‬والمغني البن قدامة (‪)631/5‬‬
‫فتح القدير (‪)221/6‬‬
‫فتح القدير (‪)228/6‬‬
‫الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (‪)94/4‬‬
‫الغاية القصوى (‪ ،)649/2‬والمغني البن قدامة (‪)636/5‬‬
‫المغني البن قدامة (‪)634/5‬‬
‫المغني البن قدامة (‪)634/5‬‬
‫‪9‬‬
‫‪.5‬‬
‫حالة اإلتاالف‪ :‬لاو أتلاف الموقاوف علياه وعاوض فيشاتري ببدلاه مثلاه ويقاوم مقاماه‪،1‬‬
‫وذهب المالكية إلاى أن َمان هادم وقفاا تعاديا فعلياه إعادتاه إلاى ماا كاان علياه وال تؤخاذ‬
‫قيمته حتى ولو كان المهدوم باليا؛ ألن الهادم ظالم بتعديه والظاالم أحاق بالحمال علياه‪،‬‬
‫أمااا إذا كااان خطااأ فعليااه قيمتااه‪ .‬هااذا مااا رآه الخلياال وغيااره‪ ،‬فااي حااين ذهااب الاادردير‬
‫وآخرون إلى أن عليه القيمة مطلقا كسائر المتلفات‪ ،‬وحينئذ تجعل تلك القيمة في عقاار‬
‫مثلااه يجعاال وقفااا عوضااا عاان المهاادوم‪ ،‬وتكااون القيمااة معتباارة باعتبااار البناااء قائمااا ال‬
‫مهدوما‪.2‬‬
‫حالااة حاجااة الوقااف إلااى التعمياار أو اإلنفاااق ولاايس لااه مااورد‪ :‬إذا احتااا الوقااف إلااى‬
‫التعمياار ولاايس لااه مااورد لااذلك‪ ،‬فااإن جمهااور الفقهاااء ذهبااوا إلااى جااواز بيااع جاازء ماان‬
‫الوقف ليعمر به بقية الوقف؛ ألنه بدون ذلك يتعطل الوقف كله‪ ،‬وما ال يتم الواجاب إال‬
‫به فهو واجب‪ ،‬وأما الوقف العام‪ 3‬إن كان حيوانا ‪-‬مثل الفرس للجهاد‪ -‬يحتا إلى نفقاة‬
‫فإن هذه النفقة إن لم يرتبها الواقف فعلى بيت الماال‪ ،‬فاإن عادم‪ ،‬أو لام يمكان الوصاول‬
‫إليااه بيااع وعااوض ببدلااه سااالح ونحااوه ممااا ال يحتااا إلااى نفقااة؛ ألنااه أقاارب لغاارض‬
‫الواقف‪ ،‬كما يباع عندما يصاب الفرس بداء الكلب‪.4‬‬
‫الخوف من الغلبة عليه‪ :‬ذهب جماعة من الفقهااء مانهم طائفاة مان مشاايس الحنفياة إلاى‬
‫أنه (إذا خاف المتولي على الوقف من وارث‪ ،‬أو سلطان يغلب علياه قاال فاي الناوازل‬
‫يبيعها ويتصدق بثمنها قال‪ :‬وكذا كل قيم خااف شايئا مان ذلاك)‪ ،‬لكناه قاال ابان الهماام‪:‬‬
‫(فااالفتوى علااى خالفااه؛ ألن الوقااف بعااد مااا صااح بشاارائطه ال يحتماال البيااع‪ ،‬وهااذا هااو‬
‫الصحيح)‪ .5‬والراجح أن علاى النااظر البحاث عان أي وسايلة تحماي الوقاف حتاى ولاو‬
‫كانت عن طريق البيع الصوري‪.‬‬
‫بيع أشجار الوقف حفاظا على زيادة الثمرة‪ :‬جاء في الفتاوى الهندية‪( :‬أماا بياع أشاجار‬
‫الوقف فينظر إن كانت ال تنتقص ثمرة الكرم بظلها ال يجوز بيعها‪ ،‬وإن كانت تناتقص‬
‫ثمرة الكرم بظلها ينظر إن كانت ثمرة الشجر تزيد على ثمرة الكرم ليس لاه أن يبيعهاا‬
‫ويقطعها‪ ،‬وإن كانت تنتقص عان ثمارة الكارم فلاه أن يبيعهاا‪ ،‬وإن كانات أشاجارا غيار‬
‫مثمرة وتناتقص ثمارة الكارم بظلهاا فلاه أن يبيعهاا ويقطعهاا‪ ،‬وإن كانات أشاجار الادلب‬
‫والحالن ونحوه مما إذا قطع ينبت ثانيا وثالثا جاز قطعها وبيعها)‪ ،6‬وهذا يدل علاى أن‬
‫العبرة بما هو األصلح للوقف‪.‬‬
‫حالااة االشااتراط‪ :‬وذلااك بااأن يشااترط الواقااف عنااد الوقااف أن يكااون لااه أو للقاايم حااق‬
‫االستبدال بوقف آخر إذا شاء ذلك‪ ،‬وكذلك لو اشترط أن يبيعها ويشتري بثمنهاا أرضاا‬
‫أخرى‪ ،‬وهذا مذهب أبي يوساف وهاالل والخصااف مان الحنفياة‪ ،‬حياث يصاح الوقاف‬
‫والشرط معاا‪ ،‬وذهاب محماد إلاى أن الوقاف صاحيح والشارط باطال‪ ،‬قاال ابان الهماام‪:‬‬
‫(وليس له بعد استبداله مارة أن يساتبدل ثانياا النتهااء الشارط بمارة إال أن ياذكر عباارة‬
‫تفيااد لااه ذلااك دائمااا‪ ،‬وكااذا لاايس للقاايم االسااتبدال إال أن ياانص لااه بااذلك‪ ...‬وفااي فتاااوى‬
‫قاضيخان‪( :‬قول هاالل‪ ،‬وأباي يوساف هاو الصاحيح؛ ألن هاذا شارط ال يبطال الوقاف؛‬
‫ألن الوقف االنتقال من أرض إلى أرض‪ ...‬وإذا كان حاصلة إثبات وقف آخار لام يكان‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪3‬‬
‫فتح القدير (‪ ،)228/6‬ويراجع الشرح الكبير‪ ،‬وحاشية الدسوقي (‪)92/4‬‬
‫مختصر الخليل مع الشرح الكبير وحاشية الدسوقي (‪)92/4‬‬
‫أي إذا كان الوقف لجهة عامة‪ ،‬أماا الوقاف علاى معاين فتكاون نفقتاه علاى الموقاوف علياه‪ ،‬انظار‬
‫حاشية الدسوقي (‪)90/4‬‬
‫فااتح القاادير (‪ ،)288/6‬وحاشااية اباان عاباادين (‪ ،)376/3‬وحاشااية الدسااوقي (‪ ،)90/4‬وروضااة‬
‫الطالبين (‪ 356/5‬ـ ‪ ،)357‬والمغني (‪.)632/5‬‬
‫فتح القدير (‪ ،)221/6‬والفتاوى الهندية (‪)417/2‬‬
‫الفتاوى الهندية (‪)417/2‬‬
‫‪.6‬‬
‫‪.7‬‬
‫‪.8‬‬
‫‪.9‬‬
‫‪4‬‬
‫‪5‬‬
‫‪6‬‬
‫‪10‬‬
‫شاارطا فاساادا هااو اشااتراط عاادم حكمااه وهااو التأبيااد‪ ،‬باال هااو تأبيااد معنااى)‪ ،1‬باال إن‬
‫قاضيخان ذكر اإلجماع على ذلك فقال‪( :‬وأجمعوا على أن الوقف إذا شارط االساتبدال‬
‫لنفسه يصح الشرط والوقف ويملك االستبدال‪ ،‬أما بال شرط أشار في السير إلى أناه ال‬
‫يملكه إال بإذن القاضي)‪.2‬‬
‫وبمثل قول محمد قال جماعة من الفقهاء منهم الظاهرية؛ ألنه شرط ليس في كتاب هللا‬
‫فيكون باطال في نظرهم‪ ،3‬وبمثل قاول أباي يوساف قاال المالكياة حياث أجاازوا اشاتراط بياع‬
‫الوقف إن احتا إليه الواقف ويعمل بشرطه‪.4‬‬
‫وبناء على ما بينه القره داغي‪ ،‬نستخلص بأن الصكوك الموقوفاة ال يجاوز التصارف‬
‫فيه إال بمسوغ شرعي فقط‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪3‬‬
‫‪4‬‬
‫فتح القدير (‪ ،)228/6‬ويراجع الفتاوى الهندية (‪)399/2‬‬
‫فتح القدير (‪)228/6‬‬
‫المحلى (‪)188/10‬‬
‫حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (‪)89/4‬‬
‫‪11‬‬
‫الخاتمة‬
‫قااد عرضاانا الطاارق المتنوعااة المعاصاارة إليجاااد الوقااف ماان األسااهم والصااكوك‬
‫والحقااوق المعنويااة والمنااافع‪ ,‬وكلهااا أ ُخااذت ماان القواعااد المتينااة والمبااادا الرصااينة فااي‬
‫الشريعة اإلسالمية ومن أقوال الفقهااء القديماة والحديثاة وبعضاها مؤياد باالقرار مان مجماع‬
‫الفقااه اإلسااالمي‪ ,‬ونحاان ناارى أن هناااك فوائااد كثياارة عنااد تطبيااق تلااك المبااادا فااي تكااوين‬
‫الوقف‪ ,‬مما يؤدى إلى انتفاع األمة بثرواتها العظيمة‪ ,‬إلى جاناب ترغيبهاا علاى أعماال البار‬
‫والخيار رجاااء الفااالح فااي الاادنيا وااخاارة‪ .‬وعلاى هااذا األساااس‪ ،‬يتحقااق للمؤسسااات الوقفيااة‬
‫التنمياااة االقتصاااادية واالجتماعياااة للوصاااول إلاااى بنااااء األجياااال الصاااالحة‪ .‬ونحااان نااادعو‬
‫المؤسسات التي تدير أحوال الوقف للجوء إلى هذه القواعاد الحديثاة للحصاول علاى المناافع‬
‫المذكورة‪.‬‬
‫وهللا أعلم‪.‬‬
‫إعداد‪:‬‬
‫‪-1‬األستاذة المشاركة الدكتورة سيتي مشيطة بنت‬
‫محمود‬
‫رئيسة كلية الشريعة والقانون‬
‫األكاديمية اإلسالمية بجامعة ماليا‪ ،‬كواال لمبور‬
‫&&&&‬
‫والمقالة عن وقف الصكوك إعداد‬
‫‪ -2‬األستاذة المشاركة الدكتورة شمسية بنت محمد‬
‫كلية الفقه وأصوله‬
‫األكاديمية اإلسالمية بجامعة ماليا‪ ،‬كواال لمبور‬
‫‪ 1‬ديسمبر ‪2008‬م‬
‫‪12‬‬