صكوك االستثمار تأصيلها ،وضوابطها الشرعية ودورها في تمويل البنية التحتية والمشاريع الحيوية بقلم أ .د .علي محيى الدين القره داغي أستاذ بجــامـعة قــطـــر ورئيس مجلس أمناء جامعة التنمية البشرية والحـائــــز على جائزة الـدولـــة ،والخبـيــــر بالـــــمجامع الفقهـيــة وعضــــو المجلـــــس األوربـــــي لإلفــــتاء والبــــــــــــــــــــحــوث ورئيس لعدد من الهيئات الشرعية لشركات التأمين والمؤسسات المالية اإلسالمية بسم هللا الرحمن الرحيم الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،وبعد التعريف بصكوك االستثمار ،وحكمها ،وخصائصها ، واألحكام والضوابط العامة لها ،وبعض التطبيقات المعاصرة : وصكوك االستثمار :جاء تعريفها في المعيار الشرعي رقم ( )17الخاص بصكوك االستثمار ،كاآلتي : هي وثائق متساوية القيمة تمثل حصصاً شائعة في ملكية أعيان أو منافع أو خدمات أو في موجودات مشروع معين أو نشاط استثماري خاص ،وذلك بعد تحصيل قيمة الصكوك وقفل باب االكتتاب وبدء استخدامها فيماأصدرت من أجله . وتعرف هذه الصكوك في هذا المعيار بالصكوك االستثمارية تميي اًز لها عن األسهم وسندات القرض . صكوك االستثمار ودورها في تمويل البنية التحتية، www.qaradaghi.com الفروق األساسية بين الصكوك االستثمارية والسندات : فالفروق الجوهرية بين السندات والصكوك االستثمارية تكمن فيما يأتي : 1ـ السندات بجميع أنواعها تمثل ديناً في ذمة المدين مصدر الصك لصالح دائنه (حامل الصك) فالعالقة بينهما عالقة المداينة . وأما الصكوك االستثمارية فهي تمثل حصة شائعة من جميع موجودات المشروع ،وبالتالي فالعالقة بين صاحب الصك ،والمصدر هو عالقة المشاركة وليست عالقة المداينة . 2ـ السندات تحدد لها فائدة ثابتة ،أو متغيرة من زمن إلى آخر ،ولذلك صدرت ق اررات المجامع الفقهية بحرمة السندات ألن تلك الفائدة هي الربا المحرم . وأما صكوك االستثمار فليست لها فائدة ثابتة أو متغيرة ،وانما األمر فيها إذا تحقق لها الربح فهي تأخذ نصيبها منه ، واذا خسرت الشركة فإن الموجودات التي يمثلها الصك االستثماري قد قلت ،أي ان الصك االستثماري خاسر بنسبة نصيبه من الخسارة . والخالصة أن الصك االستثماري يتأثر بموجودات المشروع سلباً وايجاباً ،ربحاً وخسارة ،في حين أن السند ال يتأثر بأي شيء ،وانما يأخذ صاحبه أصل الدين مع الفائدة المقررة المتفق عليها . 3ـ عند تصفية المشروع يكون لصاحب السند األولوية في الحصول على قيمة السند وفوائده المتفق عليها ،أما الصك االستثماري فليس له األولوية ،وانما تصرف له نسبته مما يتبقى من موجودات المشروع بعد سداد الديون ،أي أن موجودات المشروع ملك ألصحاب الصكوك وتعود إليهم . صكوك االستثمار ودورها في تمويل البنية التحتية، www.qaradaghi.com التأصيل الشرعي للتصكيك (صياغة الصكوك): التصكيك في حقيقته عبارة عن تقسيم ما يمثله الصك من أعيان ومنافع وحقوق وأنشطة إلى حصص متساوية ،ثم إصدار صكوك بقيمتها ،فهذا التقسيم والتجزأة ال يتعارضان مع مبادئ الشريعة اإلسالمية وأحكامها ،بل يتفقان مع مبدأ الحصص الشائعة وجواز المشاركة فيها ،بل إن الشركة ـ عقد أو ملكاً ـ تعني هذه البيوع ،وأن كل شريك مشترك مع شريكه اآلخر أو شركائه في الملك أو في المشروع بنسبة شائعة ،فما األسهم ،أو صكوك االستثمار إالّ تعبير عن هذه النسبة الشائعة من موجودات الشركة ،أو من العين المملوكة على سبيل شركة الملك . ( ) /بجواز ذلك فنص على أن ( : ولذلك صدر قرار المجمع ،رقم وصكوك االستثمار تبع للعقد األساس بنظمه والموجودات التي يتمثل بها ،لذلك تطبق على الصك أحكام موجوداته فإذا كانت موجوداته مما يجوز تداولها جاز تصكيك الصكوك لها ،وان لم تكن كذلك مثل الديون فال يجوز تصكيكها ٍ وحينئذ تطبق عليها أحكام التصرف في الديون . ألجل التداول ،ولكن تصكيكها من حيث هو ال مانع منه شرعاً صكوك االستثمار ودورها في تمويل البنية التحتية، www.qaradaghi.com الحاجة االقتصادية والمالية إلى إصدار الصكوك اإلسالمية : مما يخفى أن السوق المالية اإلسالمية تحتاج حاجة ملحة إلصدار صكوك االستثمار اإلسالمية لما يأتي: أوالً :أن هذه الصكوك تساعد على النهوض باالقتصاد اإلسالمي نظرياً وعملياً . أما نظرياً فهذه الصكوك اإلسالمية استكمال لبقية اآلليات واألدوات االقتصادية التي يتطلبها االقتصاد اإلسالمي . كما أن المؤسسات المالية اإلسالمية أحوج ما تكون إلى هذه األدوات لتحقيق مقاصدها الشرعية المتنوعة لما يأتي : أ ـ إنها تحتاج إلى مزيد من األدوات وطرح المنتجات لكسب المستثمرين وتوزيع قاعدة االستثمار اإلسالمي . ب ـ إن البنوك المركزية تشترط على البنوك اإلسالمية أن تدع نسبة من ودائعها ،او من الحساب الجاري في حساب البنك المركزي في كل بلد ضماناً للسيولة ونحوها . ج ـ إن وجود هذه األدوات االستثمارية اإلسالمية يرفع الحرج عن شريحة كبيرة من المستثمرين الذين يحتاجون إلى مثلها ألسباب اقتصادية معقولة . ثانياً :إن هذه األدوات االستثمارية تساعد الدولة في تغطية عجز ميزانيتها . ثالثاً :إن وجود هذه الصكوك االستثمارية يثرى بها السوق المالية اإلسالمية (البورصة) ألنها الطرف المكمل لألسهم . رابعاً :إن هذه الصكوك تعتبر من أهم الوسائل لتنويع مصادر الموارد الذاتية وتوفير السيولة لألفراد والمؤسسات والشركات والحكومات . خامساً :إن هذه الصكوك تساعد األفراد على توفير مدخراتهم الصغيرة وتجميعها ،وتثمينها . سادساً :إن وجود هذه الصكوك يغطي حاجة ملحة للشركات التي تحتاج إلى سيولة ألمد معقول . صكوك االستثمار ودورها في تمويل البنية التحتية، www.qaradaghi.com الضوابط العامة للصكوك االستثمارية : أوضح مجمع الفقه اإلسالمي الدولي في ق ارره (رقم ) )3/4( 30الضوابط األساسية للصكوك االستثمارية نذكرها ألهميتها وهي : أوالً :من حيث الصيغة المقبولة شرعاً لصكوك المقارضة : .1سندات المقارضة هي أداة استثمارية تقوم على تجزئة رأس مال القراض (المضاربة) بإصدار صكوك ملكية برأس مال المضاربة على أساس وحدات متساوية القيمة ومسجلة بأسماء أصحابها باعتبارهم يملكون حصصاً شائعة في رأس مال المضاربة وما يتحول إليه ،بنسبة ملكية كل منهم فيه . .2الصورة المقبولة شرعاً لسندات المقارضة بوجه عام ال بد أن تتوافر فيها العناصر التالية : العنصر األول :أن يمثل الصك ملكية شائعة في المشروع الذي أصدرت الصكوك إلنشائه أو تمويله ،وتستمر هذه الملكية طيلة المشروع من بدايته إلى نهايته . وترتب عليها جميع الحقوق والتصرفات المقررة شرعاً للمالك في ملكه من بيع وهبة ورهن وارث وغيرها ،مع مالحظة ان الصكوك تمثل رأس مال المضاربة . العنصر الثاني :يقوم العقد في صكوك المضاربة على أساس أن شروط التعاقد تحددها (نشرة اإلصدار) وأن (اإليجاب) يعبر عنه (االكتتاب) في هذه الصكوك ،وأن (القبول) تعبر عنه موافقة الجهة المصدرة . وال بد أن تشمل نشرة اإلصدار على جميع البيانات المطلوبة شرعاً في عقد القراض (المضاربة) من حيث بيان معلومية رأس المال وتوزيع الربح مع بيان الشروط الخاصة بذلك اإلصدار على أن تتفق جميع الشروط مع األحكام الشرعية . صكوك االستثمار ودورها في تمويل البنية التحتية، www.qaradaghi.com العنصر الثالث :ان تكون صكوك المقارضة قابلة للتداول بعد انتهاء الفترة المحددة لالكتتاب باعتبار ذلك مأذوناً فيه من المضارب عند نشوء السندات مع مراعاة الضوابط التالية : أ) إذا كان مال القراض المتجمع بعد االكتتاب وقبل المباشرة في العمل بالمال ما يزال نقوداً فإن تداول صكوك المقارضة يعتبر مبادلة نقد بنقد وتطبق عليه أحكام الصرف . ب) إذا أصبح مال القراض ديوناً تطبق على تداول صكوك المقارضة أحكام تداول التعامل بالديون . ج) إذا صار مال القراض موجودات مختلطة من النقود والديون واألعيان والمنافع فإنه يجوز تداول صكوك المقارضة وفقاً للسعر المتراضى عليه ،على أن يكون الغالب في هذه الحالة أعياناً ومنافع ،أما إذا كان الغالب نقوداً أو ديوناً فتراعى في التداول األحكام الشرعية التي ستبينها الئحة تفسيرية توضع وتعرض على المجمع في الدورة القادمة . العنصر الرابع :إن من يتلقى حصيلة االكتتاب في الصكوك الستثمارها واقامة المشروع بها هو المضارب ،أي عامل المضاربة وال يملك من المشروع إالّ بمقدار ما قد يسهم به بشراء بعض الصكوك فهو رب مال بما أسهم به باإلضافة إلى أن المضارب شريك في الربح بعد تحققه بنسبة الحصة المحددة له في نشرة اإلصدار وتكون ملكيته في المشروع على هذا األساس . وان يد المضارب على حصيلة االكتتاب في الصكوك وعلى موجودات المشروع هي يد أمانة ال يضمن إالّ بسبب من أسباب الضمان الشرعية . .3مع مراعاة الضوابط السابقة في التداول :يجوز تداول المقارضة في أسواق األوراق المالية إن وجدت بالضوابط الشرعية وذلك وفقاً لظروف العرض والطلب ويخضع إلرادة العاقدين ،كما يجوز أن يتم التداول بقيام الجهة المصدرة في فترات دورية معينة بإعالن أو إيجاب يوجه إلى الجمهور تلتزم بمقتضاه خالل مدة محددة بشراء هذه الصكوك من ربح مال المضاربة بسعر معين ويحسن أن تستعين في تحديد السعر بأهل الخبرة وفقاً لظروف السوق والمركز المالي للمشروع ،كما يجوز اإلعالن عن االلتزام بالشراء من غير الجهة المصدرة من مالها الخاص ،على النحو المشار إليه . صكوك االستثمار ودورها في تمويل البنية التحتية، www.qaradaghi.com .4ال يجوز أن تشتمل نشرة اإلصدار أو صكوك المقارضة على نص بضمان عامل المضاربة رأس المال أو ضمان ربح مقطوع أو منسوب إلى رأس المال ،فإن وقع النص على ذلك صراحة أو ضمناً بطل شرط الضمان واستحق المضارب ربح مضاربة المثل . .5ال يجوز أن تشتمل نشرة اإلصدار وال صك المقارضة الصادر بناء عليها نص يلزم بالبيع ولو كان معلقاً أو مضافاً للمستقبل ،وانما يجوز أن يتضمن صك المقارضة وعداً بالبيع ،وفي هذه الحالة ال يتم البيع إالّ بعقد بالقيمة المقدرة من الخبراء وبرضا الطرفين. .6ال يجوز أن تتضمن نشرة اإلصدار وال الصكوك المصدرة على أساسها نصاً يؤدي إلى احتمال قطع الشركة في الربح فإن وقع كان العقد باطالً. ويترتب على ذلك : أ) عدم جواز اشتراط مبلغ محدد لحملة الصكوك أو صاحب المشروع في نشرة اإلصدار وصكوك المقارضة الصادرة بناء عليها . ب) أن محل القسمة هو الربح بمعناه الشرعي ،وهو الزائد عن رأس المال وليس اإليراد أو الغلة ،ويعرف مقدار الربح ،إما بالتنضيض أو بالتقويم للمشروع بالنقد ،وما زاد على رأس المال عند التنضيض أو التقويم فهو الربح الذي يوزع بين حملة الصكوك وعامل المضاربة ،وفقاً لشروط العقد. ج) أن يعد حساب أرباح وخسائر للمشروع وأن يكون معلناً وتحت تصرف حملة الصكوك. صكوك االستثمار ودورها في تمويل البنية التحتية، www.qaradaghi.com .7يستحق الربح بالظهور ،ويملك بالتنضيض أو التقويم وال يلزم إالّ بالقسمة ،وبالنسبة للمشروع الذي يدر إيراداً أو غلة فإنه يجوز أن توزع غلته . وما يوزع على طرفي العقد قبل التنضيض (التصفية) يعتبر مبالغ مدفوعة تحت الحساب. .8ليس هناك ما يمنع شرعاً من النص في نشرة اإلصدار على اقتطاع نسبة معينة في نهاية كل دورة ،إما من حملة الصكوك في األرباح في حالة وجود تنضيض دوري ،وامام من حصصهم في اإليراد أو الغلة الموزعة تحت الحساب ووضعها في احتياطي خاص لمواجهة مخاطر خسارة رأس المال . .9ليس هناك ما يمنع شرعاً من النص في نشرة اإلصدار أو صكوك المقارضة على وعد طرف ثالث منفصل في شخصيته وذمته المالية عن طرفي العقد بالتبرع بدون مقابل بمبلغ مخصص لجبر الخسران في مشروع معين ،على أن يكون التزاماً مستقالً عن عقد المضاربة بمعنى أن قيامه بالوفاء بالتزامه ليس شرطاً في نفاذ العقد وترتب أحكامه عليه بين أطرافه ومن ثم فليس لحملة الصكوك أو عامل المضاربة الدفع ببطالن المضاربة أو االمتناع عن الوفاء بالتزاماتهم بها بسبب عدم قيام المتبرع بالوفاء بما تبرع به بحجة أن هذا االلتزام كان محل اعتبار في العقد ( .انتهى قرار المجمع) . صكوك االستثمار ودورها في تمويل البنية التحتية، www.qaradaghi.com وكذلك تعتبر من األحكام والضوابط الشرعية العامة أيضا ً ما يأتي : صكوك االستثمار ال بد أن تصدر على اساس عقد من عقود االستثمار الشرعية ،من بيع،واجارة ،ومشاركة...الخ،وحينئذ تخضع ألحكام هذا العقد وشروطه العامة . إذا أريد للصكوك التداول المطلق فيجب أن تكون ممثلة لألعيان ،أو المنافع ،أو الخدمات ،أو الحقوق المستقرة ،أو نحوها ،أو كلها مجتمعة . أما الديون في الذمم فال تجوز صياغة الصكوك منها ألجل التداول المطلق ،ألنه يطبق عليها أحكام التصرف في الديون . الصكوك معتبرة بما يمثله من موجودات أو ديون أو نقود ،فيطبق عليها حسب قاعدة الكثرة والغلبة ،أو حسب قاعدة األصالة والتبعية . تنظم عقود إصدار الصكوك العالقة بين طرفيها ،أي المصدر ،والمكتتب ،وترتب آثار هذه العقود من حقوق والتزامات بين طرفيها بمجرد انعقاد العقد . يتم العقد بااليجاب المتمثل في االكتتاب ،وبالقبول الذي يتم بموافقة الجهة المصدرة ،من خالل االعالن عنها ،أو تخصيص الصكوك ،أو نحو ذلك مما يدل على رضاه ،وال تعتبر نشرة إصدار الصكوك إيجاباً إالّ إذا تضمنت أنها إيجاب ، ٍ وحينئذ يكون االكتتاب قبوالً ،ولكن النشرة هي بيان للشروط التي يلتزم بها المكتتب بمجرد اكتتابه في الصكوك . صكوك االستثمار ودورها في تمويل البنية التحتية، www.qaradaghi.com خصائص صكوك االستثمار : (1صكوك االستثمار لها قيمة اسمية محددة ،يحددها القانون ،او نشرة اإلصدار . )2صكوك االستثمار صكوك متساوية في القيمة ،وفي الحقوق والواجبات وفي ملكية األموال الخاصة بها . )3صكوك االستثمار قابلة للتداول من حيث المبدأ (وسيأتي الشروط المطلوبة للتداول وكيفيته). )4عدم قبول الصك للتجزأة في مواجهة الشركة ،وفي حالة أيلولة الصك الواحد لشخصين أو أكثر بسبب اإلرث أو نحوه ،فإنه ال بد من االتفاق على أن من يمثلهم أمام الشركة شخص واحد. )5إن مسؤولية أصحاب الصكوك مسؤولية محددة بقدر بقيمة صكوكهم أي أن كل مالك صك مسؤول بقدر قيمة صكه . )6أن مالك الصك مشارك في موجودات المشروع ،ولذلك له الحق في الرقابة ونحوها ،وحق رفع دعوى المسؤولية على اإلداريين والحق في نصيب األرباح ،واالحتياطات ،والتنازل عن الصك ،والتصرف فيه إالّ ما يمنعه القانون ،او التزم به من خالل نشرة اإلصدار ،وحق الشفعة ،وحق اقتسام موجودات المشروع عند تصفيته . )7أن مالكي الصكوك يشاركون في غنمها حسب االتفاق المبين في نشرة اإلصدار ويتحملون غرمها بنسبة ما يملكه كل واحد منهم . )8أنها تصدر على أساس عقد شرعي مثل االستصناع ،أو اإلجارة ،أو المضاربة...الخ بضوابط شرعية تنظم إصدارها وتداولها وبقية أحكامها وبالتالي فهي خاضعة ألحكام ذلك العقد . صكوك االستثمار ودورها في تمويل البنية التحتية، www.qaradaghi.com )9مرونتها وصالحيتها للوساطة المالية ،وتلبية حاجات تمويلية متعددة ،وخضوعها لعوامل السوق . )10أن صكوك االستثمار تصدر من جهة مالكة لألصول او المنافع والحقوق ترغب في تسييلها عن طريق الصكوك ،أو أنها تجمع حصيلتها لالستثمار ،وليست لالقتراض . )11صكوك االستمثار اإلسالمية ترتب مجموعة من العالقات ،ألنها وان كانت قائمة على أساس عقد واحد ـ مثل اإلجارة ،أو المضاربة أو االستصناع ـ لكن هناك عالقات متعددة تنظمها العقود األخرى مثل الوكالة بأجر ،أو المضاربة ،في حين أن سندات الدين أو القرض أو الخزينة ينظمها عقد واحد وهو عقد القرض . فمثالُ في صكوك الـ تتكون شركة الملك عند تجمع أموال حملة الصكوك إذا كانت مخصصة لمشروع معين ،حيث هم يملكونه على سبيل اشيوع ،وبالتالي تطبق أحكام شركة الملك ،وتكون المؤسسة المالية القائمة باإلصدار فقط وكيلة باألجر ،والشركة اإلدارية المتخصصة هي المضاربة ،وحملة الصكوك هم أرباب المال ،والعقد المنظم لعالقة الطرفين هو عقد المضاربة . فجميع صكوك االستثمار ال تخلو من عقد الوكالة إضافة إلى العقد األساسي الذي تصدر الصكوك على أساسه ،وينظم عالقة المكتتبين بالمصدر أو بالجهة التي تنفذ المشروع ،فهذا العقد قد يكون عقد مضاربة ،أو مشاركة ،أو استصناع ،أو . .... كما أن عالقة المؤسسة المالية يتحد على أساس الدور الذي تريده :هل هي مجرد وكالة باإلصدار ؟ أم هي وكالة مع تنفيذ العقد الذي صدرت الصكوك على أساسه . فإذا كانت المؤسسة المالية ،أو غيرها من القطاع الحكومي أو الخيري ،مدير إصدار فإنه يمثل حملة الصكوك ويرعة مصالحهم ،ويحمي حقوقهم وينفذ عقودهم في مواجهة المستثمرين ،ويقوم بعمليات اإلصدار وتنظيم عمليات التداول والتخارج واالسترداد والتصفية حسب القوانين واللوائح المنظمة . أما إذا كانت مصدره وطرفاً في العقد مثل أن تكون مضارباً ،أو صانعاً ،فإنها تجميع بين حقوق والتزامات هذه الصفة مع صفة اإلصدار. صكوك االستثمار ودورها في تمويل البنية التحتية، www.qaradaghi.com ضمانات صكوك االستثمار : ال شك ان أهم فارق بين صكوك االستثمار والسندات هو أن األخيرة مضمونة بقيمتها إضافة إلى ضمان الفوائد المحددة لها ،في حين ان االستثمار في الفقه اإلسالمي يقوم على قاعدة المشاركة في الغرم والغنم (الغنم بالغرم) ولذلك كانت مسألة ضمان الصكوك مسألة في غاية من األهمية والخطورة ،بل إن الكثيرين من االقتصاديين الوضعيين يعتبرون أن ذلك أهم عائق أمام تطوير صكوك االستثمار اإلسالمية ،حيث إن حملتها يخافون من الخسائر في حين أن حملة السندات آمنون مطمئنون ،حيث الضمان لرأس المال ،والفوائد . للجواب عن ذلك نقول : أوالً :إن القاعدة اإلسالمية في االستثمار القائمة على المشاركة في الغرم والغنم والمعتمدة على النصوص الشرعية واالجماع ،قاعدة من أعدل القواعد في تحقيق المساواة بين المضارب ،ورب المال ،أو بين المشاركين ( ،أو المستثمرين بصورة عامة) وذلك ألن ضمان رأس المال وحده ،أو مع الفائدة على طرف واحد ظلم له الحتمال ٍ وحينئذ لم تعد تعرضه لمخاطر كبيرة وخسائر عظيمة دون تقصير منه ،بل قد تكون األسباب خارجة عن إرادته ، المساواة بين الطرفين ،بل أصبح القانون بذلك ينحاز إلى صاحب رأس المال على حساب العامل ،ولذلك سمى هللا تعالى الربا بالظلم في قوله تعالى (فإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم ال تظلمون وال تظلمون) ،إضافة إلى أنه في عقيدة المسلم وفي الواقع الحقيقي أن الربا محق وبالء على المرابي ،سواء كان في ماله أو في سعادته ،فقال هللا تعالى ( :يمحق هللا الربا ويربي الصدقات وهللا ال يحب كل كفار أثيم) . صكوك االستثمار ودورها في تمويل البنية التحتية، www.qaradaghi.com ثانياً :أن الضمانات التي أقرها الفقه اإلسالمي لالستثمار هي ما يأتي : 1ـ ضمان المضارب أو نحوه من القائمين باالستثمار في حالة التعدي ،او التقصير أو مخالفة القيود وااللتزامات التي فرضها الشارع على المضارب في عقوده وتصرفاته ،أو إدارته للمشروع أو مخالفته للشروط ،او العرف التجاري . 2ـ ضرورة القيام بكل ما تقتضيه مستجدات كل عصر مثل دراسات الجدوى واالعتماد على أهل الخبرة ونحو ذلك ،بحيث إذا خالف هذه األمور التي تقتضيها قواعد االستثمار في عصرنا الحاضر فإنه يكون ضامناً. 3ـ جعل إثبات عدم التعدي ،أو التقصير ،أو مخالفة الشروط أو العرف التجاري من طرف المضارب في حالة وجود قرائن تثير الريب حوله ،بحيث إذا لم يستطع إثبات ذلك فإنه يكون ضامناً ،وهذا عند المالكية حيث يشترطون في تصديق المضارب دعوى الخسارة شرطين : أحدهما :أن يحلف اليمين على أنه قد خسر. وثانيهما :أال توجد قرائن تكذب هذه الدعوى ،جاء في الشرح الكبير ( :والقول للعامل ...في دعوى خسره بيمين ولو غير متهم على المشهور إالّ لقرينة تكذبه) وجاء في الحاشية ( :قوله :إالّ لقرينة تكذبه بأن سأل تجار بلد تلك السلع هل خسرت في زمان كذا أو ال ،فإن أجابوا بعدم الخسارة . )..... يقول الدكتور حسان حامد ( :وال شك أن دراسة الجدوى المقدمة من المضارب والبيانات التي بنيت عليها هذه الد ارسة وهي تتضمن الربح المتوقع من المشروع والتي أشار إليها في نشرة اإلصدار تعد قرينة قوية على بطالن دعوى الخسارة المجردة عن الدليل ،وهنا يحكم عليه بضمان الربح المعلق المتوقع في دراسة الجدوى حتى يقدم هو الدليل على الخسارة التي يدعيها ،ويثبت أن ما ورد في الدراسة لم يتحقق لسبب ال يد له فيه ،ولظروف طارئة لم يكن من الممكن توقعها ،أو قياس نتائجها) . 4ـ ترتيب احتياطي لمواجهة مخاطر االستثمار . 5ـ ضمان طرف ثالث ـ كما أقره مجمع الفقه اإلسالمي الدولي السابق ـ سواء أكان دولة أم غيرها . 6ـ القيام بالرهن والكفالة والتوثيقات لحاالت التعدي أو التقصير او مخالفة الشروط ،او العرف التجاري . 7ـ تأمين مخاطر االستثمار لدى شركة تأمين إسالمية ،وعلى الديون المشكوك في تحصيلها أو ترتيب صندوق خاص بالجهة المصدرة وحدها أو بالتعاون مع المؤسسات االستثمارية . صكوك االستثمار ودورها في تمويل البنية التحتية، www.qaradaghi.com القوانين المنظمة للسندات ،وتجارب بعض الدول : توجد في معظم الدول قوانين تنظم عمليات سندات القرض من حيث اإلصدار والتداول ،وكل ما يتعلق بها من الناحية القانونية ،وان كان بعضها ال يشترط أن تكون السندات ربوية ،ولكن أكثرها ال تنظم . ومع كل ذلك فإن معظم القوانين السائدة في عالمنا اإلسالمي ال زالت تصر على تنظيم سندات القرض بفائدة فقط ،غير أن بعضاً منها قد نظم الصكوك أيضاً . ومن الدول التي بادرت بإصدار قانون لتنظيم الصكوك ،او سندات المقارضة ،المملكة األردنية الهاشمية من خالل قانون سندات المقارضة رقم ( )10لسنة . 1981انظر :بحث أ.د .عبدالسالم العبادي ،المنشور في مجلة مجمع الفقه اإلسالمي الدولي ،ع 4ج 3ص ، 1998-1961ويراجع كذلك البحوث األخرى المنشورة حول الصكوك في المجلة المذكورة ص-1811 2158 صكوك االستثمار ودورها في تمويل البنية التحتية، www.qaradaghi.com أسباب نجاح صكوك االستثمار اإلسالمية : هناك أسباب موجودة تساعد على إنجاح هذه التجربة الرائدة منها : الحس اإلسالمي والعاطفة اإلسالمية والصحوة المباركة ،والعقيدة . 1ـ ّ 2ـ البنوك اإلسالمية التي زاد عددها على أربعمائة بنك إسالمي وآالف الفروع أما األسباب المطلوبة لنجاح هذه األدوات فهي ما يأتي : 1ـ صياغة هذه الصكوك صياغة شرعية وفنية متقنة تراعى فيها كل العناصر الفنية المشروعة الموجودة في السندات ،إضافة إلى الضوابط الشرعية . 2ـ تعاون البنوك والشركات والمؤسسات المالية بعضها مع بعض ،وكذلك مع حكومات الدول اإلسالمية ،ومع المؤسسات المالية األخرى إلنشاء سوق مال إسالمية (بورصة إسالمية) لتكون بمثابة الرئة لهذه المؤسسات ،على أن تأخذ هذه البورصة كل الجوانب اإلدارية والفنية والتقنيات المتطورة في إدارة البورصة ما دامت ال تتعارض مع كتاب هللا وسنة رسوله صلى هللا عليه وسلم . 3ـ السعي الحثيث لدى الحكومات ،وباألخص المصارف المركزية إلصدار قوانين ولوائح منظمة للصكوك اإلسالمية ،وذلك لحماية حقوق األطراف جميعها ،ولتنظيم العالقات ،وكيفية التداول والتخارج واالسترداد ونحو ذلك حتى يكون المكتتبون فيها ،أو المشترون لها على علم وشفافية بكل ما يتعلق بهذه الصكوك اإلسالمية من اإلجراءات ،والبيانات الواجب االفصاح عنها ،ومن أهمها نشرة اإلصدار وما يجب أن تتضمنه من المعلومات ،وأن ال تتجاوز قيمة الصكوك رأس مال المصدر . 4ـ إيجاد معايير دقيقة للمحاسبة ،وبالتالي وجود رقابة منظمة من قبل المصارف المركزية على أساس الضوابط الشرعية الخاصة بهذه الصكوك ،وليس على أساس لوائح وسندات الدين . 5ـ عدم حصر التداول على فئة معينة . 6ـ التوعية الجماهيرية من خالل اإلعالنات الجيدة المؤثرة ،والتسويق الجيد القائم على فن التسويق المعاصر . 7ـ حرص المؤسسة اإلسالمية على إنجاح المشروع صكوك االستثمار ودورها في تمويل البنية التحتية، www.qaradaghi.com بعض التطبيقات المعاصرة : فقد ذكرنا في البداية أن هناك عدة تجارب معاصرة منها التجربة الباكستانية منذ عام ، 1980ولكن سندات المضاربة الباكستانية سجلت في بورصة كراتشي منذ عام 1984م ،وتجربة واحدة تركية عام 1984م خاصة بتمويل جسر اليوسفور الثاني (جسر محمد الفاتح) ،وتجارب ماليزية منذ عام ، 1983وتجارب بحرينية في عام 2002م ،وتجارب قطرية من خالل بيت التمويل الكويتي ،وتجربة سعودية . فهذه التجارب كلها تحتاج إلى دراسات فقهية تأصيلية ،ودراسات اقتصادية من حيث الجدوى االقتصادية ،وما حققته من نتائج ايجابية أو غيرها ،كما أنها تحتاج إلى دراسات اقتصادية شرعية تكشف عناصرة القوة والضعف ،وما يشوبها من أخطاء إن وجدت ،وتطرح البدائل األحسن واألقوى واألزكى . ونحن هنا نحاول التعليق بإيجاز على بعض هذه التجارب التي توافرت لدينا معلومات ال تعتبر كافة للحكم الدقيق عليها ،ولكن نحاول التعليق على المعلومات الصحيحة التي وصلتنا . أوالً :فالتجربة الماليزية تقوم على أساس القانون الصادر من البرلمان عام 1983تحت اسم :قانون االستثمار الحكومي ولكنه مع األسف الشديد لم يركز على االستثمار بمعناه الشرعي القائم على المشاركة في الربح والخسارة والغرم والغنم ، وانما يقوم ـ كما قال أحد المسؤولين بالبنك المركزي الماليزي ـ :انه يقوم على أساس القرض الحسن صكوك االستثمار ودورها في تمويل البنية التحتية، www.qaradaghi.com ثانياً :تحقق لدولة قطر خالل السنوات العشر األخيرة نمو اقتصادي هائل وتنمية شاملة في مختلف المجاالت البشرية والمالية . وفي هذا اإلطار نفسه قامت دولة قطر في عام 2003م بإصدار صكوك إسالمية قيمتها 500مليون دوالر ومدتها سبع سنوات ،عن طريق بيت التمويل الكويتي . ثالثاً :التجربة السعودية (صكوك إجارة) لبرج زمزم . رابعاً :التجربة التركية في الصكوك . خامساًَ :تجربة شركة األمين لألوراق المالية والصناديق االستثمارية . سادساً :التجربة البحرينية في الصكوك . سابعاً :نجربة دبي حكومة ومصارف . صكوك االستثمار ودورها في تمويل البنية التحتية، www.qaradaghi.com أنواع صكوك االستثمار التي تحقق لنا منافع ،ومقاصد وغايات في تمويل البنية التحية والمشاريع الحيوية إن للصكوك اإلسالمية إذا توافرت فيها الشروط والضوابط آثا اًر كبيرة في التنمية االقتصادية وفي التعمير ، وتمويل البنية التحتية ،والمشاريع الحيوية ،تتمثل فيما يأتي : أوالً ـ إنها تمثل موجودات من األعيان والمنافع والخدمات ،وبالتالي فإنها تحرك السوق ،وستاعد على الدورات االقتصادية ،في حين أن السندات تمثل الديون واالئتمان فقط ،بوالمناسبة فإن بداية الصكوك المعتمدة من قبل مجمع الفقه اإلسالمي الدولي قد بدأت من عمان عاصمة المملكة األردنية الهاشمية ،حيث ناقش المجمع في دورة مؤتمره الثالث في الفترة 13-8صفر1407هـ الموافق 16-11أكتوبر1986م موضوع سندات المقارضة وسندات التنمية واالستثمار ،وذلك بشأن اقتراح و ازرة األوقاف إلصدار صكوك خاصة بها ، وصدر قرار رقم ( )10/3( 22ـ براجع مجلة مجمع الفقه اإلسالمي الدولي ع 4ج 3ص 1809ـ بتأجيل البت فيه إلى الدورة الرابعة ،ثم صدر قرار رقم ( )3/4(30ـ براجع :المصدر السابق نفسه ـ في دورته الرابعة المنعقدة بجدة في المملكة العربية السعودية في الفترة 23-18جمادى اآلخرة 1408هـ الموافق 11-6إبريل1988م ،وقد أشرنا إلى مضمونه فيما سبق . ثانياً ـ إن الصكوك اإلسالمية بجميع أنوعها تساعد على تمويل المشاريع طويلة األجل ،والقصيرة ،والمتوسطة ، وبالتالي فإنها تحقق جميع األغراض المشروعة التي تصدر سندات الدين المحرمة لتحقيقها ،بل إنها أفضل منها اقتصادياً لن الصكوك تمثل الموجودات ـ كما سبق ـ وما يترتب على ذلك من منافع اقتصادية ،إضافة إلى التحريم الشرعي . صكوك االستثمار ودورها في تمويل البنية التحتية، www.qaradaghi.com ثالثاً ـ إنها وسيلة ناجعة كذلك لجذب المذخرات ،وتجميع األموال الالزمة لتمويل المشروعات في مختلف الوجوه النافعة خدمة لالقتصاد الوطني . رابعاً ـ المساهمة في انتقال رؤوس األموال من الدول اإلسالمية الغنية إلى الدول الفقيرة ،وال سيما إذا أصدرتها مؤسسات مالية إسالمية محترمة مثل بنك التنمية اإلسالمي ،حيث يحقق ذلك انتقال رؤوس األموال بين الدول اإلسالمية بهدف دعم مشاريع التنمية التي يمكن أن تقام هنا وهناك في رحاب العالم اإلسالمية ،حيث يمكن من خالل الصكوك اإلسالمية القائمة على الدراسات الجادة المبينة للجدوى االقتصادية تنمية العالم اإلسالمي وغيره ـ يراجع :أ.د .عبدالسالم العبادي :المرجع السابق نفسه ص 1970-1969ـ . وللصكوك أنواع كثيرة ،حيث يمكن أن نرتب من كل عقد شرعي صكوكا ً ،ولكن أهمها ما يأتي : .1صكوك اإلجارة بنوعيها ( التشغيلي والتمويلي ) . .2صكوك المشاركة بأنواعها : • صكوك شركة الملك • صكوك شركة األموال صكوك شركة المضاربة • • صكوك شركة المساقاة • صكوك شركة المزارعة • صكوك شركة المغارسة • .3صكوك االستصناع وهكذا .... صكوك االستثمار ودورها في تمويل البنية التحتية، www.qaradaghi.com هذا وهللا أعلم وهو املسؤول أن يوفقنا للخري ويعصمنا عن اخلطأ والزلل يف العقيدة والقول والعمل وأن يلبس أعمالنا كلها ثوب االخالص ،والتقى إنه حسبنا وموالان فنعم املوىل ونعم النصري www.qaradaghi.com P.O.Box 16475 Doha, Qatar, Tel :(974) 4832319 ,Fax: 4832377, Mob. : (974) 5509672 Email : [email protected]
© Copyright 2024 Paperzz