اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت واﻟﻤﻌﺎﻫﺪات دراسة مقارنة بني اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ واﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ العُهْدَة العُمَرِيَّة ومُعاهَدَة الرّمْلَةِ أمنُوذجاً 2016 حمزة عبد الرحمن عميش ماجستير في القانُونِ الدّوليّ والعَالقاتِ الدّوليّةِ منشورات مركز أبحاث فقه املعامالت اإلسالمية املفاوضات واملعاهدات مشروع )كتاب االقتصاد اإلسالمي االلكتروني المجاني ( إنَّ مشروعَ )كتاب االقتصاد اإلسالميّ االلكترونيّ اجملَانيّ( يهدِفُ إلى: • تTبنيّ نَشTرَ مTؤلTفاتِ عTلومِ االقTتصادِ اإلسTالمTيِّ فTي الTسُوقِ الTعاملTيِّ؛ لTتِصبحَ مُTتاحTةً للباحثنيَ واملشتغلنيَ في اجملالِ البحثيِّ والتطبيقيِّ. • توفيرُ جميعُ املناهج االقتصادية للطالبِ والباحثنيَ بصِبغةٍ إسالميةٍ متينةٍ. • أنَّ النشرَ االلكترونيّ يُعتبرُ أكثرَ فائدةً من النشرِ الورقيِّ. • أنَّ استخدامَ الورقِ مسيءٌ للبيئةِ ،ومُنهِكٌ ملَوارِدِهَا. واهللُ من وراءِ القصدِ عن أسرةِ مشروعِ )كتاب االقتصاد اإلسالميّ االلكترونيّ اجملَانيّ( الفقير إلى اهلل :سامر مظهر قنطقجي لدعم املشروع ،ميكنكم التواصل من خالل www.kantakji.com : الصفحة ١٨٩ : ٢ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﻤُﻘَﺪﱢﻣَﺔُ احلTTمدُ هللِ ربِّ الTTعاملَ Tنيَ ،والTTصالةُ والسTTالمُ عTTلى س TيِّدِنTTا مُح Tمَّدٍ ،وعTTلى آل Tهِ وصَTTحبِه أجمعنيَ ،وتابعيهِم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ،وبعدُ: لTTقد سَTTعى اإلنTTسانُ قTTدمي Tاً وحTTديTTثاً لTTلعيشِ فTTي ظ Tلِّ حTTال Tةٍ مِTTن الTTطمأنTTينةِ والسTTالمِ؛ فـ"اإلنTTسانُ كTTائ Tنٌ اجTTتماع Tيٌّ" ،وهTTو "مَTTدن Tيٌّ ب Tطَبعِه البَشTTريِّ" ي Tحِبُّ الTTعيشَ فTTي جماعاتٍ يَشعرُ معها باألمانِ والسكينةِ ،وهذا املطلبُ ال يأتي إالّ مِن خِاللِ: أوّالً :وَضْعِ حدٍّ للخالفاتِ التي تنشبُ بني أفرادِ اجملتمعِ ،أو بنيَ األُممَِ. ثPانPياً :املTزيTدِ مِTن الTتعاونِ بTني األفTرادِ وبTني األُممَِ؛ ألنّTه ال أحTدَ يسTتطيعُ ادّعTاءَ االكTتفاءِ الذاتيِّ في اجملاالتِ كافَّةً؛ لTذلTك فTقَد بTحَثَ اإلنTسانُ الTقدميُ واملTعاصِTرُ عTن حُTلولٍ ملُِTعضِلَةِ الTعالقTاتِ الTقائTمةِ بTني األُممَِ على أساسِ االستقاللِ والتعاونِ املشتَركِ فكانَ القانونُّ الدوليُّ. فمَا القانونُ الدّوليُّ؟ إنّ اصTطالحَ "الTقانTونِ الTدولTيِّ الTعامِّ" الTذي يَسTتعمِلُه الTقانTونTيُّونَ فTي الTلغةِ الTعربTيةِ هTو تTرجTمةٌ حTرفTيةٌ عTن اإلجنTليزيTةِ والTفرنسTيةِ ،وهTو اصTطالحٌ حTديTثُ الTنشأةِ؛ اسTتعملَه ألوَّلِ مَTرَّةٍ الTفيلسوفُ اإلجنTليزيُّ)بTنتام( عTام )(۱۷٤۸۱۸۳۲م فTي مُTؤلَّTفِه الTذي نَشَTرَهُ عTامَ )(۱۷۸۹م بTعُنوان" :مُTقدِّمTةٌ حَTولَ مَTبادِئ األخTالقِ والتشTريTعِ"،وَقَTدْ كTانَ يَTقصدُ بهTTذا الTTتعبيرِ مجTTموع Tةَ الTTقواع Tدِ املTTطبَّقةِ عTTلى اجلTTماع Tةِ الTTدولTTيةِ ،أو الTTتي يُTTفتَرَضُ أنْ تَسودَ العالقاتِ بني الدولِ املستقلَّةِ. الصفحة ١٨٩ : ٣ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات وقTTد اقTTتبسَ "بTTنتام" هTTذا الTTتعبيرَ أو املTTصطلحَ مِTTن كTTتابٍ سTTاب Tقٍ وَضَ Tعَهُ "ريTTتشارد زوش" )(۱٦٥۰م الTذي كTتَبَ عTن"الTقانTونِ بTني األُممَِ "وهTو الTتعبيرُ الTذي كTان مُTتعارَفTاً عليه مِن قَبْلُ مع تعبيرٍ آخرَ هو )قانونُ الشعوبِ ،أو قانونُ األُممَ(.1 وقTد عّTرفَTهُ الTدكTتور "مُحTمَّد عTزيTز شُTكري" بTأنّTه":مجTموعTةٌ مِTن الTقواعTدِ الTقانTونTيةِ الTتي حتكُمُ الدولَ وغيرَها مِن أشخاصِ القانونِ الدوليِّ في عالقاتِها املتبادَلَةِ".2 وممّTا يُTالحَTظُ مِTن هTذا الTتعريTفِ أنّ الTقانTونَ الTدولTيَّ :هTو عTبارةٌ عTن مجTموعTةٍ مTن الTقواعTدِ القانونيةِ؛ وهذا ما ميُيّزُهُ عن القواعدِ األخالقيةِ ،وقواعدِ اجملامالتِ الدوليةِ. فTأمّTا األخTالقُ الTدولTيةُ :فهTي"مجTموعTةُ املTبادِئ الTتي ميُTلِيها الTضميرُ الTدولTيُّ؛ ممّTا قTد يُقيِّدُ تصرُّفاتِ الدُّولِ دونَ أن يُشكِّلَ هذا القيدُ إلزاماً قانونيّاً".3 مTثالُ ذلTك :وجTوبُ اسTتعمالِ الTرأفTةِ فTي احلTربِ؛ فTإذا مTا فَشِTلَتْ دولTةٌ مTا فTي الTتقيُّدِ بهTذه الTقواعTدِ األخTالقTيةِ سTبَّبَ فشTلُها سخTطَ الTرأي الTعاملَTيِّ ،واحTتقارَه لTها دونَ أن يترتَّبَ على مِثل هذا الفشلِ مسؤوليةٌ قانونيةٌ. أمّTا اجملُTامَTالتُ الTدولTيةُ :الTتي يTجبُ متTييزُهTا عTن الTقواعTدِ الTقانTونTيةِ املTلزِمTةِ فهTي":قTيامُ دولTةٍ مTا بTعَملٍ غTيرِ مُTلزِمٍ ،أو االمTتناعُ عTنه قTانTونTاً أو أخTالقTاً؛ وذلTك لTتوطTيدِ الTعالقTةِ بTني دولةٍ وأُخرى". مثالُ ذلك :املراسمُ املتَبَعَةُ في استقبالِ السفنِ احلربيةِ بالتحيَّةِ البحريَّةِ. 1ﻋﺜﻤﺎن ﺟﻤﻌﺔ ﺿﻤﯿﺮﯾﺔ :أﺻﻮل اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ ،دار اﻟﻤﻌﺎﻟﻲ ،اﻷردن ،ﻋﻤﺎن ،ط ،١ﻋﺎم )(١٩٩٩م، ص.١٧٤ 2د .ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي :ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،ﻣﻨﺸﻮرات ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺸﻖ(١٩٩٧) ،م ،ط ،٧ ص .٢ 3اﻧﻈﺮ ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص.٣ الصفحة ١٨٩ : ٤ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ومِTن املTمكِنِ أن تTنقلِبَ قTاعTدةُ اجملTامTلةِ الTدولTيةِ إلTى قTاعTدةٍ قTانTونTيةٍ مTلزمTةٍ إذا ارتTضَت الدولُ االلتزامَ بها. مTثالُ ذلTك :احلTصانTةُ الTدبTلومTاسTيةُ؛ فTقَد ظهTرَت عTلى شَTكلِ مُTجامَTالتٍ دولTيةٍ ،ثTمَّ انتهَت إلى قواعدَ ثابتةٍ في القانونِ الدوليِّ.1 إنّ اهTتمامَ الTدولِ بTتنظيمِ عTالقTاتِTها؛ لTتكونَ فTي نTهايTةِ املTطافِ قTواعTدَ قTانTونTيةً ثTابTتةً ،بTدأ فTي أواسTطِ الTقرنِ الTسابTعَ عشTرَ ،وعTلى وجْTهِ الTدِّقَّTةِ بTعدَ انTتهاءِ احلTربِ الTديTنيةِ؛ وذلTك بTإبTرامِ مTعاهَTدةِ "وسTتفالTيا" عTام )(۱٦٤۸م2؛ حTيث تُTعتبَرُ هTذه املTعاهTدةُ فTاحتTةَ عهTدٍ جديدٍ للعالقاتِ الدوليةِ ،يبدأُ عندَها القانونُ الدوليُّ بشكلِه احلاليِّ. غTيرَ أنَّ هTذا ال يTعني أنّ الTعالقTاتِ الTدولTيةَ لTم يTكنْ لTها وجTودٌ قTبلَ هTذا الTتاريTخِ؛ بTل هTTي قTTدمي Tةٌ؛ لTTكنَّها بTTقيتْ زَمTTناً طTTوي Tالً ذاتَ صTTفةٍ عTTارض Tةٍ ال يَTTحكمُها سِTTوى بِTTضعةُ قTواعTدَ عُTرفTيّةٍ ،بTعضُها مِTن نَTتاجِ الTتقالTيدِ واألعTرافِ ،وبTعضُها اآلخTرُ ولTيدَ اعTتباراتٍ 1اﻧﻈﺮ ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص).(٤ – ٢ 2ﻣﻌﺎھﺪة وﺳﺘﻔﺎﻟﯿﺎ ﺻﻠﺢ وﺳﺘﻔﺎﻟﯿﺎ ) (Peace of Westphaliaھﻮ اﺳ ٌﻢ ﻋﺎ ﱞم ﯾُﻄﻠَ ُ اﻟﺴﻼم ﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎھَﺪﺗَﻲ ِ ُ ﺿﺎت ﺑﺸﺄﻧِﮭﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺪﯾﻨﺘَﻲ أﺳﻨﺎ ﺑﺮوك ((Osnabrückوﻣﻮﻧﺴﺘﺮ ) (Münsterﻓﻲ َﯿﻦ دارت اﻟ ُﻤﻔﺎ َو اﻟﻠﺘ ِ وﺳﺘﻔﺎﻟﯿﺎ ﻓﻲ وﺗ ﱠﻢ اﻟﺘﻮﻗﯿ ُﻊ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ ﻓﻲ ١٥ﻣﺎﯾﻮ ١٦٤٨و ٢٤أﻛﺘﻮﺑﺮ )(١٦٤٨م و ُﻛﺘﺒﺘﺎ ﺑﺎﻟﻠﻐ ِﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ. إطﺎر اﻟﺪوﻟ ِﺔ اﻷﻟﻤﺎﻧﯿﺔ " وﺳﺘﻔﺎﻟﯿﺎ وﺗﻌﻨﻲ ﻓﺎﻟﯿﺎ اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ وھﻲ ﻣﻘﺎطﻌﺔٌ أﻟﻤﺎﻧﯿﺔٌ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔً ذاﺗﯿّﺎ ً ﺿﻤﻦ ِ ﺑﺮوﺳﯿﺎ" ُ اﻟﻤﻌﺎھﺪات ﺣﺮب اﻟﺜﻼﺛﯿﻦَ ﻋﺎﻣﺎ ً ﻓﻲ اﻹﻣﺒﺮاطﻮرﯾ ِﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﯿ ِﺔ اﻟﻤﻘ ﱠﺪﺳﺔ )ﻣﻌﻈﻢ اﻷراﺿﻲ ﻓﻲ وﻗﺪ أﻧﮭﺖ ھﺬه َ أﻟﻤﺎﻧﯿﺎ اﻟﯿﻮم( وﺣﺮب اﻟﺜﻤﺎﻧﯿﻦ ﻋﺎﻣﺎ ً ﺑﯿﻦ إﺳﺒﺎﻧﯿﺎ وﻣﻤﻠﻜ ِﺔ اﻷراﺿﻲ اﻟﻤﻨﺨﻔﻀ ِﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة .ووﻗﱠ َﻌﮭﺎ ﻣﻨﺪوﺑﻮنَ ﻋﻦ َ إﻣﺒﺮاطﻮر اﻹﻣﺒﺮاطﻮرﯾ ِﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﯿ ِﺔ اﻟﻤﻘ ﱠﺪﺳﺔ ﻓﺮدﯾﻨﺎﻧﺪ اﻟﺜﺎﻟﺚ )ھﺎﺑﺴﺒﻮرغ( ،ﻣﻤﺎﻟﻚ ﻓﺮﻧﺴﺎ ،إﺳﺒﺎﻧﯿﺎ واﻟﺴﻮﯾﺪ، ِ وﺟﻤﮭﻮرﯾﺔ ھﻮﻟﻨﺪا واﻹﻣﺎرات اﻟﺒﺮوﺗﺴﺘﺎﻧﺘﯿﺔ اﻟﺘﺎﺑﻌ ِﺔ ﻟﻺﻣﺒﺮاطﻮرﯾ ِﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﯿﺔ اﻟﻤﻘ ﱠﺪﺳﺔ . اﻟﻌﺼﻮر اﻟﺤﺪﯾﺜ ِﺔ ،وﻗﺪ أرﺳﻰ ﻧﻈﺎﻣﺎ ً ﺟﺪﯾﺪاً ﻓﻲ أوروﺑﺔ دﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﻓﻲ ق ﱟ ﯾُﻌﺘﺒ ُﺮ ﺻﻠ ُﺢ وﺳﺘﻔﺎﻟﯿﺎ أ ﱠو َل اﺗﻔﺎ ٍ ِ ً ْ ُ اﻟﻘﻮاﻧﯿﻦ اﻟﺪﺳﺘﻮرﯾ ِﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﻣﺒﻨﯿﱠﺎ ً ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪأِ ﺳﯿﺎد ِة أﺻﺒﺤﺖ ﻣﻦ ھﺬا ﱠرات ﺮ ﻣﻘ وﻗﺪ اﻟﺪول. ُﺰأ ﺟ اﻟﺼﻠﺢ ِ ِ ﻟﻺﻣﺒﺮاطﻮرﯾ ِﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﯿ ِﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ .وﻛﺜﯿﺮاً ﻣﺎ ﺗﻌﺘﺒﺮ اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ اﻟﺒﺮﯾﻨﯿﮫ اﻟﻤﻮﻗﱠﻌﺔُ ﺳﻨﺔ ) (١٦٥٩م ﺑﯿﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ وإﺳﺒﺎﻧﯿﺎ ﺟﺰءاً ﻣﻦ ُﻠﺢ وﺳﺘﻔﺎﻟﯿﺎ. ِ اﻻﺗﻔﺎق اﻟﻌﺎ ﱢم ﻋﻠﻰ ﺻ ِ اﻧﻈﺮ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي :ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص .٢٦ الصفحة ١٨٩ : ٥ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات )ديTTنيَّةٍ ،أو فTTلسفيَّةٍ(؛ ممّTTا جTTعلَها مTTختلفةً فTTي أسTTاسِTTها عTTن مTTبادئِ الTTقانTTونِ الTTدول Tيِّ مبعناه املعروفُ حاليّاً. إنّ الTتاريTخَ فTيه مِTن األدلَّTةِ عTلى وجTودِ قTواعTدَ حTكمتْ بTعضَ الTعالقTاتِ الTدولTيةِ بTني املTمالTكِ الTقدميTةِ ،كTما وسجَّTلَت الTرُّقُTمُ الTقدميTةُ إبTرامَ مTعاهTداتٍ بTني شTعوبِ الTعصورِ القدميةِ. ولTعلَّ مِTن أشهTرِهTا املTعاهTدةَ الTتي أبTرمَTها "رمسTيس الTثانTي" 1مTع "خTاتTوسTيل" مTلكِ احلِTثِّينيَ عTام ) (۱۲۷۸ق.م2؛ وذلTك بTقَصدِ إقTامTةِ )سTالمٍ دائTمٍ ،وحتTالTفٍ ،وصTداقTةٍ، وتTبادُلٍ جتTاريٍّ( ،كTما نTصَّت املTعاهTدةُ عTلى تسTليمِ املُTذنِTبنيَ عTلى أنْ ال تُTوقTعَ عTليهِم عُTTقوبTTاتٌ مُTTعيّنةٌ3؛ لTTكنَّ هTTذه الTTشعوبَ لTTم تُTTفكِّرْ فTTي وَضْ Tعِ تTTنظيمٍ قTTانTTون Tيٍّ مُش Tتَركٍ يَTحكُمُ عTالقTاتِTها املTتبادَلَTةِ بTصورةٍ عTامَّTةٍ وشTامTلةٍ؛ فTقَد كTانTتْ مُTدنُ الTيونTانِ الTقدميTةِ وحTداتٍ سTياسTيةً مُTتعادِيTةً مTع بTعضِها الTبعضِ ،وكTانTتِ احلTروبُ الTقاسTيةُ الTوحشTيةُ هTي أسTTاسَ عTTالق Tتِهم مTTع بَTTعضِهم بَTTعضاً ،وقTTد كTTان Tتْ الTTوحشTTيةُ ال Tسِّمةَ الTTرئTTيسةَ لTTتلكَ احلروبِ التي خاضَها اليونانيونَ؛ وذلك بِدافعِ التميُّزِ والتفوُّقِ على سائرِ الشعوبِ. وكTذلTك كTان الTرومTانُ؛ فTقد نَTظرُوا إلTى أنTفسِهم نTظرةَ تَTفرُّدٍ ومتTيُّزٍ ،فTدَعTاهُTم ذلTك إلTى الTتعامTلِ مTع الTشعوبِ األُخTرى بTقَسوةٍ ودَمTويَّTةٍ ،ومTحاولTةِ السTيطرةِ عTلى الTعالَTم بTقوَّةِ السيفِ.4 1 ﱢﺲ اﻷُﺳﺮ ِة اﻟﺘﺎﺳﻌﺔَ ﻋﺸ َﺮ ُوﻟِ َﺪ ﺳﻨﺔ رﻣﺴﯿﺲ اﻟﺜﺎﻧﻲ ھﻮ اﺑﻦ ﺳﺘﻲ اﻷوﱠل وﺣﻔﯿ ُﺪ رﻣﺴﯿﺲ اﻷوﱠل ﻣﺆﺳ ِ ) (١٣٠٤ق م ،وﯾُﻌﺘﺒَ ُﺮ ﻣﻦ أﺷﮭَﺮ اﻟﻔﺮاﻋﻨ ِﺔ؛ ﻟﻄﻮل ﻓﺘﺮ ِة ﺣﻜ ِﻤﮫ وﻹﻧﺠﺎزاﺗِﮫ اﻟﻜﺜﯿﺮ ِة wikipedia.org ِ اﻷﻧﺎﺿﻮل ﻗﺒﺎﺋﻞ 2اﻟﺤﯿﺜﯿﻮنَ ھﻢ ﺷﻌﺐٌ ﻗﺪﯾ ٌﻢ ﺑﺂﺳﯿﺔ اﻟﺼﱡ ﻐﺮى وﺷﻤﺎل ﺳﻮرﯾﺔ ،وﯾَﺮﺟ ُﻊ ﻧﺴﺒﮫُ إﻟﻰ ﻗﺒﯿﻠ ٍﺔ ﻣﻦ ِ ِ ﺗﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ ﺧﺘﻰ 3د إﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﻌﻨﺎﻧﻲ :اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ’ ﻣﻨﺸﻮرات ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺤﻘﻮق ،ﻛﻠﯿﺔ ﻋﯿﻦ ﺷﻤﺲ ’ ط (١٩٧٥) ،١م ’ ص.٧٧ 4اﻧﻈﺮ د .ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي :ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص .١٦ ١٤ الصفحة ١٨٩ : ٦ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ثTمَّ أطTلّتْ شTريTعةُ اإلسTالمِ احلTنيفِ بTنظامٍ ربّTانTيٍّ يTختلفُ عTن كُTلِّ شTريTعةٍ سTابTقةٍ؛ فهTي لTم تTكُنْ دِيTناً يُTنظِّمُ عTالقTةَ اإلنTسانِ بTالTسماءِ؛ بTل كTانTت نِTظامTاً قTانTونTيَّاً يُحTدِّدُ للبشTرِ حُدوداً في أفعالِهم وأقوالِهم واعتقاداتِهم. غTيرَ أنّ الشTريTعةَ اإلسTالمTيةَ رغTمَ تTطلُّعِها وتTوقِTها نTحوَ الTعاملَTيّةِ واجتTاهِTها إلTى تTكويTنِ مTجتمعٍ إنTسانTيٍّ واحTدٍ ذي نTظامٍ قTانTونTيٍّ واحTدٍلTم متTتدْ إلTى أرجTاءِ الTعالَTمِ كTافّTةً؛ لهTذا فT Tقَد أوجT Tدَ ف TTقهاءُ الش TTري TTعةِ اإلس TTالم TTيةِ األجT Tالّءُ تقس TTيماً ل TTلعالَT Tمِ إل TTى م TTجتمعَنيِ مُتميِّزين) :دارِ إسْالمٍ ،ودارِ حَرْبٍ(. وقسمَها بعضُهم إلى) :دارِ إسالمٍ ،ودارِ معاهدةٍ ودارِ حَرْبٍ(. ويُقصَدُ بِدارِ اإلسالمِ :األقاليمُ واألقطارُ التي للمسلمنيَ عليها وِاليةٌ. أمّTا دارُ املTعاهَTدةِ:هTي الTتي عَTقدتْ مTعاهTدةً مTع املسTلمنيَ مُTقابِTلَ خTراجٍ يُTؤدُّونَTه سTنويَّTاً مِن األرضِ التي يَزرعُونَها. أمّTا دارُ احلTربِ :فهTي الTبالدُ الTتي لTيسَ للمسTلِمنيَ عTليها واليTةٌ ،وال تُTقامُ فTيها شTرائTعُ اإلسالمِ.1 إنّ م TTصادِرَ ال TTقان TTونِ ال TTدولT Tيِّ اإلس TTالمT Tيِّ :ه TTي )ال TTقرآنُ ال TTكرميُ ،والT Tسُّنَّةُ الT TنَّبويَّT Tةُ، واإلجTماعُ ،والTقياسُ( وهTذهُ هTي املTصادر الTرئTيسةُ)األصTليّةُ( ،يُTضافُ إلTيها مTا نTشأ مِTن مTعاهTداتٍ واتTفاقTاتٍ نTتيجةَ تTعامُTلِ املسTلمنيَ مTع غTيرهِTم؛ إمّTا عTلى سTبيلِ املTفاوَضTاتِ، أو في مَيدانِ القتالِ.2 1 اﻧﻈﺮ د .وھﺒﺔ اﻟﺰﺣﯿﻠﻲ :اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ،ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ، ﺑﯿﺮوت١٩٨٩م .ص .١٠٣١٠٧ﺑﺘﺼﺮف 2اﻧﻈﺮ د .ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي :ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ٢٢٢٤ الصفحة ١٨٩ : ٧ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات القانونُ الدوليُّ في العُصورِ الوسْطى: مت Tيَّزتِ ال Tعُصورُ الTTوسْTTطى بTTظهورِ املTTمال Tكِ اإلقTTطاعTTيةِ فTTي أوربّ Tةَ خTTاصَّ Tةً بTTعدَ انهTTيارِ اإلمTبراطTوريTةِ الTرومTانTيةِ ،وقTد كTانTت السTلطةُ فTي تTلكَ املTمالTكِ اإلقTطاعTيةِ مTوزَّعTةً بTنيَ امللِكِ ،وبني األميرِ أو السيّدِ اإلقطاعيِّ. وممّTا زادَ األمTرَ سُTوءاً وتTفاقُTماً تTدخُّTلُ الTكنيسةِ فTي شُTؤونِ الTدولTةِ كُTلِّها؛ ممّTا حَTدا بTتلكَ الTدولِ ملTقاومTةِ الTكنيسةِ ،واحلTدِّ مTن صTالحTيَّتِها؛ فنشَTبتْ حTربُ الTثالثTنيَ عTامTاً تTأكTيداً الستقاللِ هذه الدولِ وسيادتِها التامَّةِ على أراضِيها.1 وتُTعتبَرُ مTعاهTدةُ "وسTتفالTيا" )(۱٦٤۸م نTقطةَ انTطالقِ الTقانTونِ الTدولTيِّ؛ فTقد تTضمَّنَتْ هذه املعاهدةُ املبادئَ التاليةَ: .۱مبدأَ املساواةِ بنيَ الدُّولِ األوربيَّة. .۲ركَّزَتْ على السيادةِ املطلقةِ ،وعَدمِ خُضوعِها لسُلْطةٍ أعلى مِنها. .۳احتفظتْ بحقِّ الدولةِ املطلقِ في شنِّ احلروبِ والعدوانِ. .٤كرَّسَتْ قاعدةَ شرعيةِ االستعمارِ.2 عُصبةُ األُممَِ: ه Tيّأ الTTوض Tعُ الTTدول Tيُّ بTTعدَ احلTTربِ الTTعاملَ Tيَّةِ األُولTTى األجTTواءَ لTTوالدةِ تTTنظيمٍ دول Tيٍّ ،ع Tدّهُ البعضُ أباً مباشراً ملِا مَضى مِن التنظيماتِ والهيئاتِ التي سبقتْه. وهُTناكَ اتِّTفاقٌ بTني مُTؤرِّخTي الTتنظيمِ الTدولTيِّ عTلى أنّ هTذا الTتنظيمَ مTرَّ بTعَددٍ مTن املTراحTلِ التي ميُكِنُ أن تُعدَّ نقاطَ حتوُّلٍ كُبرى أسهمَت في نُشوءِه. 1اﻧﻈﺮ د .ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي :ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص .٢٥ ٌ ﻣﺤﺎﺿﺮات ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،ﻣﻨﺸﻮرات ﺟﺎﻣﻌﺔ أرﯾﺲ )(٢٠١٣م. 2د .ﺳﺮور طﺎﻟﺒﻲ اﻟﻤﻞ: الصفحة ١٨٩ : ٨ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات يَذكُرُ الباحثُ منها: احلِTلْفَ األوربTيَّ :وهTو عTبارةٌ عTن سTلسلةٍ مِTن املTؤمتَTراتِ غTيرِ الTدوريTةِ كTان أوّلَTها"مؤمتَرُ فينّا عامَ ) "(۱۸۱٥وآخرَها "مؤمتَرُ لندن – عام )."(۱۹۱۲ مTؤمتTرَ الهTاي لTعام )(۱۹۰۷ ۱۸۹۹م :الTذي عُTقدَ عTلى إثTرِ فَشTلِ احلِTلْفِ األوربTيِّفTي مTنعِ احلTروبِ ،وقTد دعTا إلTيه الTقيصرُ "نTيقوال الTثانTي"1لTلنظرِ فTي حTلِّ الTنزاعTاتِ الTTدولTTيةِ بTTال Tطٌّرُقِ السTTلميَّةِ؛ ف Tعُقِدَتِ الTTعدي Tدُ مTTن املTTؤمتTTرات كTTان أوّلَTTها عTTام )(۱۸۹۹م وآخرَها عام )(۱۹۰۷م. وكTانTت الTنِّيَّةُ مُTتجِهَةً لTلدعTوةِ إلTى مTؤمتTراتٍ دوريTةٍ بTعدئTذٍ؛ بTل كTان مِTن املTقرَّرِ فِTعالً عTقدُ املؤمترِ الثالثِ في عام (۱۹۱٥م لوال اندالعُ احلربِ العاملَيَّةِ األُولى. وقTد جَTرَتِ الTصياغTةُ الTفعليةُ لTعُصبَةِ األُممَِ فTي "فTرسTاي ۲۸)"2نTيسان (۱۹۱۹م ،وفTي املفاوَضاتِ التي متَّ فيها إعالنُ انتصارِ احلُلفاءِ وانهزام أملانيا وأعوانِها. وهناك اختلفتِ الدُّولُ حولَ طبيعةِ املنظَّمةِ املقترَحةِ ومتيَّزَتْ فِكرتانِ: .۱ الTفكرةُ األوربTيةُ أو بTاألحTرى الTفرنسTيةُ :وكTانTتْ تTدعُTو لTتكويTنِ املTنظمةِ عTTلى من Tطِ الTTتنظيمِ السTTياس Tيِّ لTTلدول Tةِ االحتTTادي Tةِ؛ بTTحيث متُ Tنَحُ املTTنظَّمةُ سTلطاتٍ ذاتTيةً واسTعةً ،وتُسخَّTرُ مِTن أجTلِها وحتTتَ إمTرتِTها وسTائTلُ اإلكTراهِ والقسر. 1ﻧﯿﻘﻮﻻ اﻟﺜﺎﻧﻲ ،آﺧ ُﺮ أﺑﺎطﺮة روﺳﯿﺔ ،وﻣﻠﻚ ﺑﻮﻟﻨﺪا ،واﻟﺪوق اﻷﻛﺒﺮ ﻟﻔﻨﻠﻨﺪا اﺳﺘﻤ ﱠﺮ ﺣُﻜ ُﻤﮫ ﻟﺮوﺳﯿﺔ ﻣﻦ )١ ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ ١٨٩٤اﻻﻏﺘﯿﺎل ١٧ :ﯾﻮﻟﯿﻮ( ١٩١٨ ،م org.wikipedia ب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﱠ ِﺔ اﻷوﻟﻰ. ﻋﻠﻰ ﺔ رﺳﻤﯿ ﺖ اﻟﺴﺘﺎ َر ﺑﺼﻮر ٍة ٍ وﻗﺎﺋﻊ اﻟﺤﺮ ِ 2ﻣﻌﺎھﺪة "ﻓﺮﺳﺎي "ھﻲ اﻟﻤﻌﺎھﺪةُ اﻟﺘﻲ أﺳ َﺪﻟَ ِ ِ أﺷﮭﺮ ،اﻧﻈﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي :ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﻋﻠﻢ ت اﺳﺘﻤﺮﱠت ٦ وﺗ ﱠﻢ اﻟﺘﻮﻗﯿ ُﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﺎھﺪ ِة ﺑﻌﺪ ﻣﻔﺎوﺿﺎ ٍ ٍ اﻟﻘﺎﻧﻮن ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ٢٥ الصفحة ١٨٩ : ٩ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات .۲ الTفكرةُ األجنTلُوسTكسونTيةُ :وكTان يTتصدَّى للتبشTيرِ بTها اإلنTكليزُ ،وقTد دعَTت لTالكTتفاءِ بTإنTشاءِ املTنظّمةِ الTتي تTعتمِدُ فTي حتTقيقِ أغTراضِTها عTلى تأييدِ الرأي العامِّ ،وعلى مالَها مِن نُفوذٍ أدبيٍّ ومعنويٍّ. وقTد متَّ إقTرارُ مشTروعِ عَهTدِ عُTصبةِ األممِ فTي "فTرسTاي" كTما أسTلفَ فTي الTبحثِ؛ كجTزءٍ ال يتجزَّأُ مِن مُعاهداتِ الصلحِ. وقTد وَرَدَ ذكْTرُ أهTدافِTها فTي مTقدِّمTةِ العهTدِ؛ إذ قTالTت :إنّ الTعُصبةَ تهTدفُ إلTى ضTرورةِ التعاونِ بني األُممَِ وضمانِ السِّلْمِ لها وفقَ املبادئِ التالية: .۱عدمِ اللجوءِ إلى احلربِ. .۲تأسيسِ العالقاتِ الدوليةِ على أساسِ قواعدِ العدالةِ والشرفِ. .۳التقيُّدِ بقواعدِ القانونِ الدوليِّ. .٤التعهُّدِ باحترامِ املعاهداتِ واملواثيقِ الدوليةِ. لTTقد واجه Tتْ عُTTصبةُ األُممِ خTTاللَ مTTراح Tلِ وُجTTودِهTTا س Tتِّنيَ نTTزاع Tاً دول Tيَّاً ،وقTTد متTTكنَّت بالوسائلِ املتوفِّرةِ لديها أن تُخمِدَ خمسةً وثالثنيَ نِزاعاً منها. ومTا أنْ حTلَّ خTريTفُ عTام )(۱۹۳۱م حTتّى بTدأتِ الTدولُ تTشعُرُ أنّ الTعصبةَ سTائTرةٌ إلTى االنهTTيارِ؛ وذلTTك بTTعد ظُTTهورِ نTTزاعTTاتٍ دولTTيةٍ لTTم تسTTتطعْ فTTيه املTTنظمةُ الTTدولTTيةُ فTTعلَ الTكثيرِ ،ثTمَّ كTانTتِ الTضربTةُ الTقاضTيةُ بTانTدالعِ احلTربِ الTعاملَTيةِ الTثانTيةِ فTأُعTلِنَ رسTميّاً عTن انهيارِ العُصبةِ في ) ۱۸نيسان (۱۹٤٦م التي آلتْ ممُتلكاتُها كافّةً لألممِ املتحدة.1 األُممُ املتَّحِدةُ: 1اﻧﻈﺮ د.ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي ،ﻣﺎﺟﺪ اﻟﺤﻤﻮي :اﻟﻮﺳﯿﻂ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ – اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻣﻨﺸﻮرات ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺸﻖ – ٢٠٠٠م ،ص .٣٧٥٠ﺑﺘﺼﺮف. الصفحة ١٨٩ : ١٠ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات لTم تُTثنِ ويTالتُ احلTربِ الTعاملَTيةِ الTثانTيةِ ،ومTا حTلَّ بTالTعالَTمِ مِTن دَمTارٍ عTزميTةَ األُممِ فTي إنTشاءِ مTنظَّمةٍ دولTيّةٍ تTتولّTى بTناءَ مTجتمعِ أمTنٍ وسِTلْمٍ دولTيٍّ ،حتTلُّ فTيه قTوّةُ احلُTجَّةِ محTلَّ حُTجَّةِ القوَّةِ في حلِّ املنازعاتِ الدوليةِ. وفTTي ) ۲٤تشTTريTTن األول (۱۹٤٥م شَهِ Tدَ الTTعالَ Tمُ والدةَ مTTنظمةِ األممِ املتحTTدةِ؛ وذلTTك بعدَ سلسلةٍ من التصريحاتِ واملؤمتَراتِ الدوليةِ. ابTتداءً مِTن تTصريTحِ األطلسTيِّ الTصادرِ عTن الTرئTيسِ األمTيركTيِّ "روزفTلت" ورئTيسِ وزراءِ ب TTري TTطان TTية "تش TTرش TTل" ع TTام (۱۹٤۱م ،م TTروراً ب TTتصريT Tحِ األممِ املتح TTدةِ )(۱۹٤۲م وتTصريTحِ مTوسTكُو )(۱۹٤۳م وتTصريTحِ طهTران ،ومTقتَرحTاتِ "دومTبارتTون أوكTس"، ومTؤمتَTر "مTالTطا" وصTوالً إلTى مTؤمتTر "سTان فTرنسTيسكو" (۱۹٤٥م؛ حTيث وافTقَ املTؤمتTرُ ع TTلى م TTيثاقِ األممِ املتح TTدةِ ،ودخT Tلَ امل TTيثاقُ دورَ ال TTتنفيذِ ف TTي ) ۲٤تش TTري TTن األول (۱۹٤٥م. وفTTي الTTعاش Tرِ مTTن كTTانTTون الTTثانTTي (۱۹٤٦م عTTقدَت اجلTTمعيةُ الTTعامَّ Tةُ لTTلمنظَّمةِ أُولTTى جلساتِها في مدينةِ لندن؛ حيث قرَّرت اختيارَ مدينة "نيويورك" مقرّاً دائماً لَها. ويTنبغي اإلشTارةُ إلTى أنّ إرادةَ الTدولِ الTكبرى ورغTباتِTها هTي الTتي حتTكَّمَت فTي مTؤمتَTر "سTTان فTTرنسTTيسكو" فهTTي الTTتي قTTامَTTت بTTوض Tعِ مشTTروعِ املTTيثاقِ ،ولTTم تسTTتطِع الTTدولُ الصُّغرى إدخالَ أيِّ تعديلٍ جوهريٍّ على املسائلِ الرئيسةِ فيه.1 الطبيعةُ القانونيةِ للقانونِ الدوليِّ: 1اﻧﻈﺮ د .ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي ،ﻣﺎﺟﺪ اﻟﺤﻤﻮي :اﻟﻮﺳﯿﻂ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص – ١٠١ .١٠٥ الصفحة ١٨٩ : ١١ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات إنّ فTTقهاءَ الTTقانTTونِ الTTدول Tيِّ ي Tتَّفِقونَ عTTلى إلTTزامTTيةِ 1قTTواع Tدِ الTTقانTTونِ الTTدول Tيِّ؛ لTTكنَّهُم يختلفونَ من الناحيةِ الفقهيّةِ على أساسِ اإللزامِ.2 وذلك أنّ إلزاميةَ القانونِ الدوليِّ العامِّ تأتي مِن مصادِره ،وهي نوعانِ: .۱املTصادِرُ األصTليَّة :وهTي بحسTبِ املTادة ۳۸مِTن الTنظامِ األسTاسِTيِّ حملTكمةِ الTعدلِ الدوليةِ: ا.االتTفاقTاتُ الTدولTيةُ الTعامَّTةُ واخلTاصَّTةُ الTتي تTضعُ قTواعTدَ مُTعترفTاً بTها صTراحTةً مTن جانبِ الدولِ املتنازعَةِ ،وهي ما يُطلَقُ عليها )املعاهداتُ(. ب .العُرفُ الدوليُّ :املعتبَرُ مبثابةِ قانونٍ دلَّ عليه تواتُرُ االستعمالِ. ت .املبادئُ العامَّةُ للقانونِ التي أقرَّتْها األُممُ املتحدةُ. .۲املTTصادِرُ االحTTتياطTTيةُ :وهTTي بحسَTTب املTTادّةِ ۳۸مTTن الTTنظامِ األسTTاس Tيِّ حملTTكمةِ العدلِ الدولية: ا .اجتهادُ احملاكِم. ب .الفقهُ الدوليُّ.3 ﻣﻠﺰ ٌم ﺑﻤﻌﻨﻰ :أﻧّﮫ ﯾُﻨﺸﺊ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻗ ِﺪ اﻟﺘﺰاﻣﺎ ً وھﻮ ﻋﺪ ُم رﺟﻮع إﻣﻜﺎن 1اﻹﻟﺰا ُم :إﻧﺸﺎ ُء اﻻﻟﺘﺰاﻣﺎ ِ ِ ت؛ ﻓﯿُﻘﺎ ُل ﻋﻘ ٌﺪ ِ ِ اﻟﻌﺎﻗ ِﺪ ﻋﻦ اﻟﻌﻘ ِﺪ ﺑﺈرادﺗِﮫ اﻟﻤﻨﻔﺮد ِة. ﱠ ً اﻻﻟﺘﺰا ُم :ھﻮ ﻛﻮنُ ﻓﻌﻞ ﻋﻦ ﺑﺎﻣﺘﻨﺎع أو ﺑﻔﻌﻞ ﺎ ﻔ ﻜﻠ اﻟﺸﺨﺺ ُﻣ ﻏﯿﺮه ،ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﺰرﻗﺎ :اﻟﻤﺪﺧﻞ ﺔ ﻟﻤﺼﻠﺤ ِ ٍ ٍ ِ ٍ ِ اﻟﻔﻘﮭﻲ اﻟﻌﺎم ،دار اﻟﻘﻠﻢ ،دﻣﺸﻖ ،ط١٩٩٨ ١م ،ص .٥١٣ ُ ﻣﺴﺘﻮﯾﺎت اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻣﻠﺰﻣﺔٌ؛ ﺑﻞ وﺣﺘّﻰ اﻟﺪوﻟﻲ ﻓﺈﻧّﮫ ﯾﺘﻤﺎﯾ ُﺰ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ أ ّﻣﺎ اﻻﻟﺘﺰا ُم ﻓﻲ ﱢ ِ ِ اﻹﻟﺰام؛ ﻓﮭﻨﺎك ﻗﻮاﻋ ُﺪ ِ ً ً ٌ ٌ ٌ ُ أﻗﻞﱡ ا ﻧﻈﺮ ﺔ إﻟﺰاﻣﯿ ﺪ ﻟﻠﻤﺼ اﺗﻔﺎﻗﯿﺎت دوﻟﯿﺔٌ( اﺗﻔﺎﻗﯿﺎت ﺛﻨﺎﺋﯿﺔٌ، )إﻋﻼن، ﺪ ﻗﻮاﻋ آﻣ َﺮة ،وھﻨﺎك َر اﻟﺬي ﻧﺺﱠ ﻋﻠﯿﮭﺎ: ِ ّ ﱠ ﻟﻘﺎﻧﻮن ﺼ ُﺪ ﺑﺎﻟﻘﺎﻋﺪ ِة اﻵ ِﻣ َﺮ ِة ﻣﻦ ت اﻟﻤﻌﺎھﺪا ﺎ ﻨ ﻓﯿ اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻣﻦ ٥٣ ة د وﺣﺴﺐ اﻟﻤﺎ "ﻷﻏﺮاض ھﺬه اﻻﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﯾُﻘ َ َ ِ ِ ِ ِ ُ ُ فُ َ ﺔ ﻣ اﻟﻌﺎ اﻟﻘﻮاﻋ ِﺪ ة اﻟﻘﺎﻋﺪ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ ﻛﻜﻞﱟ ؛ ﻋﻠﻰ أﻧّﮭﺎ ﺒﻞ ﻗ ﻦ ﻣ ﺑﮭﺎ ﺮ ﺘ واﻟﻤﻌ ﺔ اﻟﻤﻘﺒﻮﻟ ، اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ َ ﱠ ِ ِ ِ ﱢ ﱢ ِ ِ ِ اﻟﻘﺎﻋﺪةُ اﻟﺘﻲ ﻻ ﯾﺠﻮ ُز اﻹﺧﻼ ُل ﺑﮭﺎ ،واﻟﺘﻲ ﻻ ﯾُﻤ ِﻜﻦ ﺗﻌﺪﯾﻠُﮭﺎ ّإﻻ ﺑﻘﺎﻋﺪ ٍة ﻻﺣﻘ ٍﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻋ ِﺪ اﻟﻌﺎ ﱠﻣ ِﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن ِ اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﮭﺎ اﻟﻄﺎﺑ ُﻊ ذاﺗُﮫ ". ﱢ د .ﺳﺮور طﺎﻟﺒﻲ اﻟﻤﻞ :ﻣﺤﺎﺿﺮات ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،ﻣﻨﺸﻮرات ﺟﺎﻣﻌﺔ أرﯾﺲ ٢٠١٣م 2ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺎﻓﻆ ﻏﺎﻧﻢ :ﻣﺒﺎدئ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻘﺎھﺮة – ،١٩٦٤ص .٧٣ 3اﻟﻨﻈﺎم اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻤﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﺪل اﻟﺪوﻟﯿﺔ:إﻋﺪاد إدارة ﺷﺆون اﻹﻋﻼم ﺑﺎﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة http:// www.un.org/arabic/aboutun/statute.htm الصفحة ١٨٩ : ١٢ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات وممّTا سَTبَقَ بَTيانTهُ فTإنّ املُPعاهَPداتِ هTي مِTن أهTمِّ املTصادِر الTتي تُTؤسِّTسُ إلنTشاءِ الTقواعTدِ القانونيةِ الدوليةِ ،وهي في النظام الدولي مبثابةِ التشريعِ في القواننيِ الداخليةِ. وقد ميّزَ فقهاءُ القانونِ بنيَ نوعَنيِ مِن املُعاهداتِ: هي املعاهداتُ الشارِعةُ ،واملعاهداتُ العقديةُ. فTاملTعاهTداتُ الTشارعTةُ :فهِTي"مTعاهTداتٌ تُTنشئ قTواعTدَ قTانTونTيةً تَTصدُرُ عTن اتTفاقِ إرادةِ مجموعةٍ من الدولِ"؛ مثال ذلك" :معاهدةُ الهاي"عام )(۱۸۹۹۱۹۰۷م. أمّTا املTعاهTداتُ الTعقديTةُ :فهTي"الTتي يTكونُ مِTن شTأنِTها حتTقيقُ عTملٍ قTانTونTيٍّ خTاصٍّ بTنيَ دَول Tتَنيِ ،أو أكTTثرَ دونَ أنْ يTTكونَ لTTلدولِ األُخTTرى شTTأنٌ بTTها؛ مTTثالُ ذلTTك :املTTعاهTTداتُ التجاريةُ أو الثقافيةُ.1 غTTيرَ أنّ هTTناكَ شTTيئاً مشTTترَك Tاً بTTني نTTوعَTTي املTTعاهTTداتِ؛ فTTالTTقوَّةُ اإللTTزامTTيةُ فTTي احلTTالَTTتنيِ مTقصورةٌ مTن حTيثُ املTبدأُ عTلى الTدولِ املTوقِّTعةِ عTليها ،وال تTتعدَّاهTا إلTى غTيرهِTم؛ ألنَّ العقدَ ال يُلْزِمُ إالّ عاقِديهِ؛ لTذا جنTدُ أنّ الTتعامُTلَ الTدولTيَّ اسTتقرَّ عTلى ضTرورةِ تTسجيلِ املTعاهTداتِ لTدى سTكرتTاريTةِ األممِ املتحTدةِ كشTرطٍ لTقَبولTهِا حَTكماً فTي خTالفTاتِ الTدولِ املTوقِّTعةِ ،مTراعِTنيَ فTي ذلTك شروطَ وبنودَ اتفاقية "فينّا" )معاهدةُ املعاهداتِ(.2 1د .ﺳﺮور طﺎﻟﺒﻲ اﻟﻤﻞ :ﻣﺤﺎﺿﺮات ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،ﻣﻨﺸﻮرات ﺟﺎﻣﻌﺔ أرﯾﺲ ٢٠١٣م ت ﺑﯿﻦ اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨّﺎ ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻌﺎھﺪات )اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨّﺎ( ھﻲ ﻣﻌﺎھﺪة ﺑﺸﺄن اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ ﺑﺸﺄن اﻟﻤﻌﺎھﺪا ِ ِ اﻟﺪول .اﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ٢٢ﻣﺎﯾﻮ (١٩٦٩ووﻗﱠﻌﺖ ﻋﻠﯿﮭﺎ ٤٥وﺻﺪﻗﺘﮭﺎ ٣٥دوﻟﺔ ،وﻓﺘﺤﺖ ﻟﻠﺘﻮﻗﯿﻊ ﻓﻲ ٢٣أﯾﺎر ﻋﺎم)(١٩٦٩م وﻗﺪ دﺧﻠﺖ اﻻﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﺣﯿﺰ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬ ﻓﻲ ٢٧ﻛﺎﻧﻮن اﻟﺜﺎﻧﻲ (١٩٨٠م وﻗﺪ ﺗ ﱠﻢ اﻟﺘﺼﺪﯾ ُ ﻖ ﻋﻠﻰ اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ اﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗُﺼﺪﱢق ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻻﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﺗﻌﺘﺮفُ ﻓﯿﻨّﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ) ١٤دوﻟﺔ )اﻋﺘﺒﺎراً ﻣﻦ أﺑﺮﯾﻞ ٢٠١٤ﺑﻌﺾُ ِ http://ﺑﺄﻧّﮭﺎ إﻋﺎدةُ ﺻﯿﺎﻏﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻌﺮﻓﻲ وﻣﻠﺰﻣﺔٌ ﻟﮭﻢ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻨﺤﻮ .وﯾﻜﯿﯿﺪﯾﺎ – اﻟﻤﻮﺳﻮﻋﺔ اﻟﺤﺮة. en.wikipedia.org/wiki/Vienna_Convention_on_the_Law_of_Treaties 2 الصفحة ١٨٩ : ١٣ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ولTكنَّ هTذه املTعاهTداتِ ال تTكونُ ولTيدةَ اللحTظةِ؛ وإمنّTا تُTوجَTدُ عTبرَ سTلسلةٍ مTن الTعملياتِ التفاوضيةِ التي متُهِّدُ لِوالدة املعاهداتِ. الPPتفاوضُ :عTTمليةٌ قTTدمي Tةٌ قِ Tدَمَ الTTتاري Tخِ ،ولTTقد عَTTرفَ Tتِ احلTTضاراتُ البشTTري Tةُ الTTتفاوضَ بقَصدِ حتقيقِ األهدافِ السياسيةِ ،واملنافعِ االقتصاديةِ وأحياناً للغاياتِ العَقَدِيَّةِ. فTاسTتخدَمَTتِ األقTوامُ الTتفاوضَ فTي تTنظيمِ الTعالقTاتِ فTيما بTينَها ومTع غTيرِهTا ،كTما أنّ املTفاوضTاتِ الTعسكريTةَ احلTربTيةَ كTانTت أُسTلوبTاً شTائِTعاً؛ نTتيجةَ كTثرةِ الTصِّدامTاتِ املسTلَّحةِ التي كانت تنْشُبُ فيما بنيَ )القبائلِ ،أو املدنِ ،أو الدولِ ،أو الشعوبِ ،أو األممِ(. وتTTنشأُ أهTTميَّةُ عTTمليةِ الTTتفاوضِ واملTTعاهTTداتِ فTTي حTTياةِ األممِ والTTشعوبِ مِTTن زاوي Tتَنيِ أساسيتنيِ: األُولTى :ضَTرورتُTها حTيث تظهTرُ مTن األهTميةِ الTتي تسTتمدُّهTا مِTن الTعالقTةِ الTتفاوضTيةِ ال TTقائ TTمةِ ب TTني أط TTرافِ TTه؛ أيّ م TTا ي TTتعلَّقُ ب TTال TTقضيةِ ال TTتفاوض TTيةِ ال TTتي ي TTتمُّ ال TTتفاوضُ بشأنِها،وتلك هي الزاويةُ األُولى. الTTثانTTيةُ :حTTتمِيَّتُها :فTTي كTTونِTTها أح Tدَ اخملTTارجِ ،أو املTTناف Tذِ املTTمكنِ اسTTتخدامُTTها ملTTعاجل Tةِ القضيةِ التفاوضيةِ سِلميّاً ،والوصولِ إلى حلٍّ للمشكلةِ املتنازَعِ بشأنِها. ولهTذه األهTميةِ فTإنّTنا نTحاولُ تTقدميَ مTفهومٍ شTامTلٍ لTعمليةِ الTتفاوضِ وأسُTسِها وشُTروطِTها املوضوعيةِ ،كما يَبحَثُ في مفهوم املعاهداتِ وأنواعِها وأسُسِها القانونية.1 أسبابُ اختيارِ املَوضوعِ: 1زﯾﻨﺐ وﺣﯿﺪ دﺣﺎم :اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺒﺪﯾﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﻘﻀﺎء ﻟﺤﻞ اﻟﻨﺰﻋﺎت ،أرﺑﯿﻞ’ ﻣﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،ط٢٠١٢ ،١م ،ص .٩٥ الصفحة ١٨٩ : ١٤ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات هTTذا الTTبحثُ مTTحاول Tةٌ إلظTTهارِ الTTنشأةِ الTTفكري Tةِ الTTعلميةِ للمسTTلمنيَ ،وتTTبنيَّ ال Tدَّورُ احلضاريُّ لهذه األُمّةِ في القانونِ الدوليِّ. وإظTهارِ عTالقTةِ املسTلمنيَ مTع غTيرهِTم بTأنّTها عTالقTةُ دعTوةٍ إلTى اهللِ تTعالTى وليسTتْ عTالقTةَ حربٍ وقتالٍ. وتTTبنيَّ احل Tقُّ فTTيما ي Tتَّصِلُ بTTبعضِ الTTنواحTTي فTTي املTTعاهTTداتِ ،وأنTTواعِTTها ،ومتTTييزِهTTا عTTن املTTعاهTTداتِ ،وإظTTهارِ الTTوجْ Tهِ املشTTرقِ حلTTقيقةِ تTTعامُ Tلِ املسTTلمنيَ مTTع غTTيرِهTTم )سِTTلماً وحَرباً(. كTما أُريTدُ تTبينيَ أنّ بTعضَ املTعاهTداتِ هTي ليسTتْ مTوجTودةً إالّ عTندَ املسTلمنيَ ،مTنها معاهدةُ األمانِ وإعطاءُ أيِّ فردٍ من املسلمنيَ حقَّ األمانِ ،وهذا ممّا تفرَّدَ به املسلمونَ. حُدودُ املوضوعِ: يTندرجُ مTوضTوعُ الTبحثِ فTي حTدودِ الTدراسTةِ الTتاريTخيةِ ملTرحTلتَنيِ تTاريTخيتَنيِ مTختلفتَنيِ أالَ وَهُما: عهTدُ الTفتحِ اإلسTالمTيِّ ملTديTنةِ الTقُدسِ فTي زمTنِ عُTمَرَ بTنِ اخلTطَّابِ رضِTيَ اهللُ عTنهُ،ودراسةِ العُهْدَةِ العُمَرِيَّةِ. وزمَTنِ احلTروبِ الTصليبيَّةِ واسTترجTاعِ الTقُدسِ عTلى يTدِ صTالحِ الTدِّيTنِ األيTوبTيِّرِحمَه اهلل ومعاهدةُ الرملةِ. الدراساتُ السابقةِ: لTقد اطَّTلَعَ الTباحTثُ عTلى عTددٍ مِTن الTدِّراسTاتِ الTتي اهTتمَّتْ مبTوضTوعِ املTفاوَضTاتِ ،أو موضوعِ املعاهَداتِ منها: الصفحة ١٨٩ : ١٥ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات )دراس Tةٌ ل"أشTTرف صTTالTTح مح Tمّد س Tيّد" ،بTTعنوانِ ال TدٌّبTTلومTTاسTTيةِ األيTTوب Tيَّة الTTصليبيَّة ودراسTةٌ لTدكTتورِ "كTامTل مTطر" ،جTامTعة فلسTطني ،بTعنوان أنTواعِ املTعاهَTداتِ ودراسTة لِ"رب TTحي ع TTبد ال TTقادر م TTوس TTى اجل TTدي TTلي" ،ب TTعنوان "إدارةِ امل TTفاوض TTات" – ودراس TTة للدكتور "ميلود املهذبي" بعنوان املفاوضةِ في القانونِ الدوليّ(. فTرأيTتْ أنَّ كُTلَّ مTا سَTبَقَ قTد اهTتمَّ بTأحTدِ جTانِTبَي الTعمليةِ الTتفاوضTيةِ إمّTا )املTفاوضTاتِ، وإمّا املعاهداتِ( فأردتْ أنْ يشملَ بحثي العمليةَ التفاوضيةَ كلَّها. صُعوباتُ املوضوعِ: تنحصِرُ في قِلَّةِ املراجعِ العربيةِ في زمنِ صالحِ الدينِ األيوبيِّ. فرْضياتُ البَحثِ: هل جنحَ املسلِمونَ مِن خاللِ املعاهَداتِ التي أبرمُوها في الوصولِ إلى نتائجَ مُرضِيةٍ؟ ومTا االنTعكاسTاتُ الTتي أنTتجَتْها العُهTدَةُ الTعُمريّTةُ؛ سTواءٌ أكTانTتْ للمسTلمنيَ أمْ لِTسُكَّانِ بيتِ املقدِس؟ هل استطاعَ املسلمونَ استثمارَ هذه املعاهدةِ واحملافظةَ على القُدسِ؟ كTTما يTTتساءلُ الTTباح Tثُ ه Tلْ جن Tحَت مTTعاهTTدةُ الTTرمTTلةِ الTTتي أبTTرمَTTها صTTالحُ ال Tدِّي Tنِ عTTلى احلفاظِ على الدولةِ األيوبيَّةِ بعدَ وفاتِه؟ مَنهجيَّةُ البحثِ: ل Tقَد سِ Tرْتُ فTTي دِراس Tتَي ملTTوضTTوعِ رِسTTال Tتَي عTTلى طTTري Tقِ املTTنهجيَّةِ الTTعلميَّةِ املTTوضTTوع Tيّةِ تTTاريTTخيّةِ حتTTليليَّةِ مTTقارن Tةٍ؛ فهِTTي طTTريTTقةٌ عTTلميةٌ ال اسTTتهوائ Tيّةً عTTاطTTفيّةً ،ويُTTؤصِّ Tلُ املTوضTوعTاتِ بTاألدلَّTةِ بTعد حتTليليّةٍ ،وسَTبْرِ املTعلومTاتِ ،ومTناقشTتِها لTتبيانِ احلTقيقةِ والTظفرِ الصفحة ١٨٩ : ١٦ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات بTالTدلTيلِ الTصحيحِ دونَ الTتعصُّبِ لTرأيٍّ مTعيَّنٍ ،أو تTقليدٍ بTعيدٍ عTن احلTقِّ(؛ ألنّ املTبدأَ األصTيلِ كTما قTالَ عTليّ بTنُ أبTي طTالTبٍ رضTيَ اهللُ عTنهُ) :الTناسُ أبTناءُ مTا يُTحسِنُونَ( وهTي طريقةٌ تاريخيةٌ تعتمدُ على األدلّةِ التاريخيةِ الصحيحةِ. كTما أجTريTتُ فTي دِراسTتي مTقارنTةً بTني بTعضِ املTعاهTداتِ الTتي متَّTتْ فTي الTعصرِ اإلسTالمTيِّ والقانونِ الدوليِّ ومعاهدةِ "فينّا"؛ إليضاحِ الوجْهِ املشرقِ للتشريعِ اإلسالميّ. وال يَTTخفى مTTا لTTلمقارن Tةِ مِTTن فTTائTTدةٍ إذ هTTي طTTريTTقةٌ عTTلميةٌ مTTنتجِةٌ؛ ألنّ املTTقارنَTTة تTTفتحُ أمامَنا آفاقاً جديدةً. الصفحة ١٨٩ : ١٧ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﻔَﺼﻞُ اﻷوّلُ اﻟﺘﻔﺎوضُ ﻣَﻔﻬُﻮﻣُﻪ وأُﺳُﺴُﻪ إنّ احلTاجTةَ البشTريTةَ إلTى الTتفاوضِ ،قTدميTةٌ مTنذُ األزلِ ولTن تنتهِTيَ هTذه احلTاجTةُ أو تTنتفِي، وإنّ هTذه األهTميّةَ تTزدادُ كTلّما منTتِ الTعالقTاتُ الTدولTيةُ بTني الTدولِ وتTشعّبَتْ؛ سTواءٌ عTلى كُTلٍّ مِTن املسTتوىِ )االقTتصاديِّ ،أو االجTتماعTيِّ ،أو السTياسTيِّ( .والTتفاوضُ ال يTعني جTلوسَ بTعضِ الTساسTةِ ورجTالِ اإلعTمالِ حTولَ املTوضTوعِ واملTناقTشةِ ،والTوُصTولِ للحTلولِ املTرضTيةِ لTإلطTرافِ كTافّTةً؛ بTل هTو عTمليةٌ مTتكامTلةٌ ،وشTامTلةٌ جلTوانTبِ الTنشاطِ اإلنTسانTيِّ، وفTTي االجتTTاهTTاتِ كُ Tلِّها ،وتُسTTتخدَمُ فTTيها األسTTالTTيبُ ،واألدواتُ املTTتنوِّع Tةُ؛ لTTتحقيقِ النجاحِ حولَ موضوعِ اخلالفِ. وعTTلمُ الTTتفاوضِ قTTدميٌ قِ Tدَمَ الTTتاري Tخِ ،وقTTد وَرَدَتِ فTTي الTTنصوصِ الTTقدمي Tةِ مTTعاهTTداتٌ عُTقِدَتْ بTني شTعوبِ الTعالَTمِ الTقدميِ ،وتTاريTخُنا اإلسTالمTيُّ زاخTرٌ بTاملTعاهTداتِ الTتي متَّTتْ بTني املسلمنيَ وغيرِهم. فـ "الTTتفاوضُ" أداةٌ لTTلحِوارِ ،وهTTو جTTوه Tرُ األسTTلوبِ الTTقرآن Tيِّ ،وخTTيرُ دلTTيلٍ عTTلى ذلTTك احلِTوارُ الTذي قTصَّه عTلينا الTقرآنُ الTكرميُ فTي سُTورةِ الTبقرةِ؛ حTيث دارَ حِTوارٌ بTنيَ اهللِ جTلَّ جTاللُTه واملTالئTكةِ عTليهِم السTالمُ حTولَ خَTلْقِ اهللِ تTعالTى للبَشَTرِ قTال تTعالTى) :وَإِذْ قَTالَ رَبُّ Tكَ لِ Tلْمَالَئِ Tكَةِ إِنِّTTي جَTTاعِ Tلٌ فِTTي األَْرْضِ خَ Tلِيفَةً ۖ قَTTالُTTوا أَجتَْ Tعَلُ فِTTيهَا مَTTن يُفْسِ Tدُ فِTTيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا الَ تَعْلَمُونَ(.1 1¥ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة اﻵﯾﺔ ٣٠ الصفحة ١٨٩ : ١٨ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات كTما أرشTدَ اهللُ تTعالTى فTي كTتابِTه عTبادَه بTأنّ يَسTلُكُوا طTريTقَ املTوعTظَةِ احلTسنةِ فTي اجلِTدالِ واحلِTوارِ ،قTال تTعالTى) :أدْعُ إِل َٰى سَTبِيلِ رَبِّTكَ بِTاحلِْTكْمَةِ وَاملَْTوْعِTظَةِ احلَْTسَنَةِ ۖ وَجَTادِلْTهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مبَِن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِاملُْهْتَدِينَ(.1 وهTTذا مِTTن شTTأنِTTه ،أنّ يTTؤدِّي إلTTى نُTTشوءِ مTTواق Tفَ حِTTواريَّ Tةٍ تTTفاوضTTيةٍ تُTTفضي إلTTى تTTبلورِ مفهومِ التسامُحِ مع اآلخَر. مُقدِّمةٌ: املTفاوضTاتُ هTي الTطريTقُ الTسابTقُ لTلمعاهTداتِ ،وتُشTيرُ قTوامTيسُ الTلغةِ الTعربTيةِ إلTى أنّ )التفاوضَ أو املفاوضةَ( تُستخدَمُ في مَعنَيَنيِ: أحدهُما :يَدورُ حولَ املشاركةِ أو الشركةِ. وأمّا املعنى اآلخَر :فإنّه يدورُ حولَ )اجملاراةِ ،واحملادثةِ ،واحلِوارِ(. كTذلTك فTإنّ املTفاوضTةَ فTي الTلغةِ :تTفترضُ املTشادَّةَ وتTبادلَ الTرأي ،ومتTحيصَه وُصTوالً إلTى اتِّفاقٍ .2 يTتَّضِحُ مِTن املTعنى الTلغويِّ مTا يTنبغي أنّ تTكونَ عTليه فTي املTفاوضTاتِ ،مِTن مTشاكِTلِه بTني طَTTرف Tنيِ أو أكTTثرَ ،ومِTTن الTTوقTTوفِ عTTلى قَ Tدَمِ املTTساواةِ؛ فTTإنْ انTTعدَمَ Tتْ هTTذه املTTساواةُ فTTال مفاوضةَ؛بل استسالمٌ لرغبةِ طرفٍ واستجابةٌ ألوامِره. 1اﻟﻨﺤﻞ اﻵﯾﺔ .١٢٥ اﻟﻤﺎل إذا اﻟﺸﺮﯾﻜﺎن ﻓﻲ ﻮض(اﻟﻤﻔﺎوﺿﺔُ اﻟﻤﺴﺎواةُ واﻟﻤﺸﺎرﻛﺔُ وﺗﻔﺎوضُ ب ﻣﺎ ّدة )ﻓَ َ 2اﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﻟﺴﺎنُ اﻟﻌﺮ ِ ِ ِ اﺷﺘﺮﻛﺎ ﻓﯿﮫ اﺟﻤﻊ وھﻲ ﺷﺮﻛﺔُ اﻟﻤﻔﺎوﺿ ِﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺸﺘﺮ ُ ﺿﮫ ك ﻓﯿﮭﺎ ﻣﺎل اﻟﺸﺮﻛ ِﺔ )ﻓﺎو َ اﻟﺸﺮﯾﻜﺎن ﺑﻜﻞﱢ ﺷﻲ ٍء ﻓﻲ ِ ِ وﺗﻔﺎوض ﻓﯿﮫ ﺚ أﺧَﺬوا ﻓﺎوض ﻓﯿﮫ ﺑﻌﻀُﮭﻢ اﻷﻣﺮ؛ أي ﻓﻲ م اﻟﻘﻮ َ َ ﻓﻲ أ ْﻣ ِﺮه أي ﺟﺎ َراهُ ،وﺗﻔﺎ َوﺿُﻮا ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾ ِ ُ ِ ﺑﻌﻀﺎ ً ﻛﺎن ﻛﻞﱡ واﺣ ٍﺪ ﻣﻨﮭُﻤﺎ ر ّد ﻣﺎ ﻋﻨﺪه إﻟﻰ ﺻﺎﺣﺒِﮫ. اﻧﻈﺮ اﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر :ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب ،دار ﺻﺎدر ،ﺑﯿﺮوت ،ﺑﺪون ﺗﺎرﯾﺦ.٧/٢١٣ ، الصفحة ١٨٩ : ١٩ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات أمّPا "املُPفاوَضPاتُ" فTي الTتعبيرِ الTدولTيِّ فهTي :مTنهجٌ ،أو أسTلوبٌ عTمليٌّ تTتبعُه األطTرافُ املTفاوضَTةُ؛ سTواءٌ كTانTت )دُوالً ،أم غTيرَ دُولٍ(؛ مِTن أجTلِ الTتوصُّTلِ إلTى اتTفاقٍ ،يTضمنُ لها أقصى قَدْرٍ ممُكِنٍ مِن املصالِح واألهدافِ .1 أمّPا "الPتفاوضُ" :هTو مTوقTفٌ تTعبيريٌّ حTركTيٌّ ،قTائTمٌ بTنيَ طTرفَTنيِ ،أو أكTثرَ حTولِ قTضيةٍ مTن الTقضايTا ،يTتمُّ مِTن خِTاللِTه عَTرضُ وتTبادُلُ ،وتTقريTبُ ومTواءمTةُ وتTكييفُ وجُTهاتِ الTنظرِ، واسTتخدامِ أسTالTيبِ اإلقTناعِ كTافّTةً؛ لTلحفاظِ عTلى املTصالِTح الTقائTمةِ ،أو لTلحصولِ عTلى مTنفعةٍ جTديTدةٍ بTإجTبارِ اخلTصمِ بTالTقيامِ بTعملٍ مُTعيَّنٍ ،أو االمTتناعِ عTن عTملٍ مTعيَّنٍ ،فTي إطارِ عالقةِ االرتباطِ بني أطرافِ العمليةِ التفاوضيّةِ ،جتُاهَ أنفسِهم أو جتُاهَ الغَير.2 إذا :التفاوضُ هو مِن احللولِ الودِّيةِ حلِلِّ املنازَعاتِ. وتظهTرُ ضTرورةُ عTلمِ الTتفاوضِ ومTدى أهTميَّتِه الTتي يسTتمِدُّهTا مِTن الTعالقTةِ الTتفاوضTيةِ؛ إذ إنّ الTتفاوضَ يTأخTذُ أهTميَّتَه مِTن كTونِTه أحTدَ اخملTارجِ ،أو املTنافTذِ املTمكِن اسTتخدامُTها؛ ملTTعاجل Tةِ الTTقضيَّةِ الTTتفاوض Tيّةِ املTTتنازعِ عTTليها ،والTTوصTTولِ إلTTى ح Tلٍّ لTTلمشكلةِ املTTتنازَعِ بشأنِها.3 1اﻧﻈﺮ :د .ﻧﺎدﯾﺔ ﻣﺼﻄﻔﻰ وآﺧﺮون:اﻷﺻﻮل اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم وﻗﺖ اﻟﺴﻠﻢ ،اﻟﻤﻌﮭﺪ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﻔﻜﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﺸﺮوع اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ١٩٩٦م ،ص١٣ 2اﻧﻈﺮ :د ﻣﺤﻤﻮد ﻋﻠﻲ ،د ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻮض اﻟﮭﺰاﯾﻤﺔ :اﻟﻤﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﻓﻦ اﻟﺘﻔﺎوض ،اﻷﻛﺎدﯾﻤﯿﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ ﺑﺎﻟﺪاﻧﻤﺎرك٢٠١١ ،م. 3زﯾﻨﺐ وﺣﯿﺪ دﺣﺎم :اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺒﺪﯾﻠﺔ ﻟﺤ ّﻞ اﻟﻨﺰﻋﺎت ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص .٦٠ الصفحة ١٨٩ : ٢٠ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﻤﺒﺤﺚُ اﻷوّ ُ ل أُﺳُﺲُ ﻋﻤﻠﻴﺔِ اﻟﺘﻔﺎوُضِ اﻟﺮﺋﻴﺴ ِ ﺔ تTTتضمَّنُ األس Tسُ املTTوق Tفَ الTTتفاوض Tيَّ والTTعناص Tرَ الTTتي تTTشملُ الTTعمليةَ الTTتفاوضTTيةَ، والTقضيةَ الTتفاوضTيةَ الTتي يTدورُ حTولَTها الTنقاشُ واحلِTوارُ ،والهTدفَ الTتفاوضTيَّ الTرئTيسَ واألهدافَ املرحليَّةَ. أوّالً :املوقفُ التفاوضيُّ: يُTعَدُّ الTتفاوضُ مTوقِTفاً ديTنامِTيكياً حTركTيّاً يTقومُ عTلى )احلTركTةِ ،والTفعلِ ،وردِّ الTفعلِ( إيTTجاب Tاً وسTTلباً ،وتTTأثTTيراً أو تTTأثُّTTراً .والTTتفاوضُ مَTTوق Tفٌ مَ Tرِنٌ ،يTTتطلَّبُ قُTTدراتٍ هTTائTTلةً ل TTلتكيُّفِ الس TTريT Tعِ ،واملس TTتمرِّ وامل TTواءمT Tةِ ال TTكام TTلةِ م TTع امل TTتغيِّراتِ احمل TTيطةِ ب TTال TTعمليةِ التفاوضيةِ. وبPصفةٍ عPامَّPةٍ فPإنّ املPوقPفَ الPتفاوضPيَّ يPتضمَّنُ مجPموعPةَ عPناصPرَ يPجبُ أن تPتضمنَّها العمليةُ التفاوضيةُ: .۱الPترابPطُ :وهTذا يسTتدعTي أن يTكونَ هTناك تTرابTطٌ عTلى املسTتوى الTكُلِّيِّ لTعناصTرِ القضيةِ التي يتمُّ التفاوضُ بشأنِها؛ أي أن يُصبِحَ املوقفُ التفاوضيُّ كُالً مترابِطاً. .۲الPPتركPPيبُ :حTTيث يTTجبُ أن يTTتركَّ Tبَ املTTوق Tفُ الTTتفاوض Tيُّ مِTTن جTTزيTTئاتٍ وعTTناص Tرَ يTنقسمُ إلTيها ،ويسهTلُ تTناولُTها فTي إطTارِهTا اجلُTزئTيِّ ،وكTما يسهTلُ تTناولُTها فTي إطTارِهTا الكُلِّيِّ. الصفحة ١٨٩ : ٢١ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات .۳إمPPكانُ الPPتعرُّفِ والPPتمييز :يTTجب أنّ ي Tتَّصِفَ املTTوق Tفُ الTTتفاوض Tيُّ بTTصفةِ إمTTكانِ الTتعرُّفِ عTليه ،ومتTييزِه دونَ أيِّ )غُTموضٍ ،أو لَTبْسٍ( ،أو دونَ فTقْدٍ أليٍّ مِTن أجTزائِTه ،أو )بُعداً مِن أبعادِه أو معاملِه(. .٤االتPساعُ املPكانPيُّ والPزَّمPانPيُّ )الPزمPكانPيُّ( :ويُTقصَدُ بTه املTرحTلةُ الTزمTنيةُ الTتي يTتمُّ التفاوضُ فيها ،واملكانُ اجلغرافيُّ الذي تشملُه القضيةُ عند التفاوضِ عليها. .٥الPتعقيدُ :املTوقTفُ الTتفاوضTيُّ هTو مTوقTفٌ مُTعقَّدٌ؛ حTيث تTتفاعTلُ داخTلَه مجTموعTةٌ مTن الTعوامTلِ ،ولTه الTعديTدُ مTن األبTعادِ ،واجلTوانTبِ الTتي يTتشكَّلُ مTنها هTذا املTوقTفُ ،ومِTن ثTمَّ يجبُ اإلملامُ بهذا كُلِّه؛ حتّى يتسنّى التعاملُ مع هذا املوقفِ ببراعةٍ وجناحٍ. .٦الPغُموضُ :ويُTطلِقُ الTبعضُ عTلى هTذا املTوقTفِ )الTشَّكُّ(؛ حTيث يTجبُ أن يTحيطَ بTاملTوقTفِ الTتفاوضTيِّ ظِTالالً مِTن الTشَّكِّ والTغُموضِ النسTبيِّ ،وهTذا مTا يTدفTعُ املTفاوِضَ إلTى تTقليلِ دائTرةِ الTشَّكِّ عTن طTريTقِ جTمعِ املTعلومTاتِ كTافّTةً ،والTبيانTاتِ الTتي تTكفلُ الTتوضTيحَ الTTتفاوض Tيَّ اخلTTاصَّ ،والTTشكِّ دائTTماً يTTرتTTبطُ بTTنوايTTا ،ودواف Tعِ ،واجتTTاهTTاتِ ،ومTTعتقداتِ الطرفِ املفاوضِ اآلخَر. وقTد يTتَّسِعُ نTطاقُTه لِTيشملَ أكTثرَ مِTن طTرفTي الTتفاوضِ؛ نTظراً لTتشابTكِ املTصالِTح وتTعارُضِTها بني األطرافِ املتفاوِضة. ومِTTن هُTTنا فTTإنّ أطTTرافَ الTTتفاوضِ ميُ Tكِنُ تقسTTيمُها أيTTضاً إلTTى أطTTرافٍ مTTباشTTرةٍ ،وهTTي األطTTرافُ الTTتي جتTTلسُ فِTTعالً إلTTى مTTائTTدة املTTفاوضTTاتِ ،وتTTباش Tرُ عTTمليةَ الTTتفاوضِ ،وإلTTى الصفحة ١٨٩ : ٢٢ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات أطTرافٍ غTيرِ مTباشTرةٍ ،وهTي األطTرافُ الTتي تُTشكِّلُ قTوى ضTاغTطةً العTتباراتِ املTصلحةِ، أو التي لها عالقةٌ )قريبةٌ ،أو بعيدةٌ( بعمليةِ التفاوض.1 ثانياً :القضيةُ التفاوضيَّة: البُTدّ أن يTدورَ الTتفاوضُ حTولَ)قTضيةٍ مُTعيَّنةٍ( أو )مTوضTوعٍ مُTعيَّن( ميُTثِّلُ مTحورَ الTعمليةِ التفاوضيةِ،وميدانَها الذي يتبارَزُ فيه املتفاوِضونَ. وقTTد تTTكونُ الTTقضيةُ )قTTضيةً إنTTسان Tيّةً عTTامّ Tةً( ،أو )قTTضيةً شTTخصيّةً خTTاصَّ Tةً( وتTTكون )قTTضيةً اجTTتماعTTيةً ،أو اقTTتصادي Tةً أو سTTياسTTية ،أو أخTTالقTTية (...إلTTخ .ومِTTن خTTاللِ الTقضيةِ يتحTدَّدُ الهTدفُ الTتفاوضTيُّ ،وكTذا غTرضُ كTلِّ مTرحTلةٍ مTن مTراحTل الTتفاوضِ؛ بTل وال TTنقاطِ واألج TTزاءِ وال TTعناصT Tرِ ال TTتي ي TTتعيَّنُ ت TTناولُ TTها ف TTي كT Tلِّ م TTرح TTلةٍ م TTن امل TTراحT Tلِ، والTتكتيكاتِ ،واألدواتِ ،واالسTتراتTيجياتِ املTتعيَّنِ اسTتخدامُTها فTي كTلِّ مTرحTلةٍ مTن املراحلِ. ثالثاً :الهدفُ التفاوضيُّ: ال تTتمُّ أيُّ عTمليةِ تTفاوضٍ بTدونِ هTدفٍ أسTاسٍ تTسعى إلTى حتTقيقِه ،أو الTوصTولِ إلTيه، وتTوضَTعُ مِTن أجTلِه اخلTططُ والسTياسTياتُ؛ فTبناءً عTلى الهTدفِ الTتفاوضTيِّ يTتمُّ قTياسُ مTدى تقدُّمِ اجلهودِ التفاوضيةِ في جلساتِ التفاوض. ويTتمُّ تقسTيمُ الهTدفِ الTتفاوضTيِّ الTعامِّ أو الTنهائTيِّ إلTى أهTدافٍ )مTرحTليةٍ ،وجTزئTيةٍ( وفقاً ملدى أهميَّةِ كُلٍّ منها ،ومدى اتصالِها بتحقيقِ الهدفِ )العامِّ أو النهائيِّ(. 1 اﻧﻈﺮ د ﻣﺤﻤﻮد ﻋﻠﻲ ،ود ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻮض اﻟﮭﺰاﯾﻤﺔ :اﻟﻤﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﻓﻦ اﻟﺘﻔﺎوض ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص .٣٨ ٣٧ الصفحة ١٨٩ : ٢٣ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ومِTTن نTTاحTTيةٍ أُخTTرى فTTإنّ الهTTدفَ الTTتفاوض Tيَّ ،يTTدورُ فTTي األغTTلبِ حTTولَ حتTTقيقِ أح Tدِ األهدافِ اآلتيةِ: القيامِ بعَملٍ مُحدَّدٍ يتَّفِقُ عليه األطرافُ. االمتناعُ عن القيامِ بعملٍ مُعيَّن. -حتقيقُ مزيجاً مِن الهدفنيِ السابِقنيِ معاً.1 1 اﻧﻈﺮ د ﻣﺤﻤﻮد ﻋﻠﻲ ،ود ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻮض اﻟﮭﺰاﯾﻤﺔ :اﻟﻤﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﻓﻦ اﻟﺘﻔﺎوض ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص .٣٦٣٧ الصفحة ١٨٩ : ٢٤ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﻤﺒﺤﺚُ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺧَﺼﺎﺋِﺺُ اﻟﺘﻔﺎوُضِ يTجبُ أنّ تشTتمِلَ الTعمليةُ الTتفاوضTيةُ الTعديTدَ مِTن اخلTصائTصِ؛ حTتّى تTؤدِّي الTعمليةُ الTTتفاوضTTيةُ األهTTدافَ الTTرئTTيسةَ واملTTنظورةَ لTTطاول Tةِ احلTTوارِ؛ لTTذلTTك فTTإنّ مِTTن خTTصائ Tصِ العمليةِ التفاوضيةِ ما يلي : ۱إنّ عTمليةَ الTتفاوضِ تُTعتبَرُ أداةً لTفضِّ الTنزاعِ ،وإنّ اسTتمرارَ الTتفاوضِ مTرهTونٌ بTاسTتمرارِ املصالِح املشتركةِ بني املتفاوِضنيَ. ۲إنّ عمليةَ التفاوُضِ تتأثّرُ بشخصيةِ املتفاوِضنيَ. ۳يتأثَّرُ التفاوضُ باعتباراتٍ عديدةٍ مثل :توقُّعاتِ اخلصمِ لسلوكِ اخلصمِ اآلخَر. ٤تتأثَّرُ املفاوضاتُ باعتباراتٍ خارجيةٍ خارجةٍ عن مائدةِ املفاوضاتِ. ٥تتأثَّرُ العمليةُ التفاوضيةُ مبا يتحقَّقُ مِن مكاسبَ في اجللساتِ التفاوضيةِ األُولى. ٦إنّ التفاوضَ عِلمٌ وفنٌّ في آنٍ واحدٍ. ۷إنّ التفاوضَ عمليةٌ متكاملةٌ ومستمرَّةٌ؛ للوصولِ إلى الهدفِ املنشودِ. ۸الTتفاوضُ عTمليةٌ احTتمالTيةٌ مُTعقدَّةٌ تTتأثَّTرُ بهTيكلِ الTعالقTاتِ االجTتماعTيةِ ،والTعاداتِ والتقاليدِ ،ولغةِ أطرافِ التفاوضِ. ۹التفاوضُ عمليةٌ نفسيةٌ تتأثَّرُ باجتاهاتِ ،وشخصياتِ املفاوِضنيَ. ۱۰الTTتفاوضُ عTTمليةٌ تTTتأثَّ Tرُ بTTالTTعالقTTاتِ الTTسابTTقةِ ،والTTالحTTقةِ بTTني الTTطرف Tنيَ ،وكTTذلTTك ب)األهدافِ املعلَنةِ ،وغير املعلَنة(. الصفحة ١٨٩ : ٢٥ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ۱۱عTTمليةُ الTTتفاوضِ ،تTTعتمدُ عTTلى مTTهاراتِ املTTفاوض Tنيَ فTTي مTTجالِ االتTTصالِ والTTلباق Tةِ وحُسْنِ التصرُّف. ۱۲ع TTمليةُ ال TTتفاوضِ تT Tتَّصِفُ ب TTالT Tعُموم TTيةِ م TTن ح TTيثُ م TTبادئُ TTها ،واس TTتراجت TTياتُ TTها وتكتيكاتُها؛ فهي تُطبَّقُ على مختلفِ أنواعِ التفاوضِ.1 1 اﻧﻈﺮ ﺻﺎﺋﺐ ﻋﺮﯾﻘﺎت :اﻟﺤﯿﺎة ﻣﻔﺎوﺿﺎت ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻨﺠﺎح ﻧﺎﺑﻠﺲ٢٠٠٨ ،م ،ﺑﺘﺼﺮف الصفحة ١٨٩ : ٢٦ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﻔَﺼﻞُ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻹﻃﺎرُ اﻟﻌﺎمﱡ ﻟِﻌﻤﻠﻴّﺔِ اﻟﺘﻔﺎوضِ واﻹﻋﺪادُ ﻟِﻌﻤﻠﻴّﺔِ اﻟﺘﻔﺎوضِ الTعمليةُ الTتفاوضTيةُ :هTي عTمليةٌ مTتداخTلةٌ بTني )طTرفTنيِ أو أكTثرَ( بهTدفِ الTوصTول إلTى أرضTيةٍ مشTتركTة حTول )مTسألTةٍ ،أو مTسائTلَ( تTتضمنُ مTصالTحَ مشTتركTة ،أو خTالفTاتٍ وتسعى األطرافُ خاللها للتوصُّلِ إلى اتفاقٍ. هل املفاوضاتُ عِلمٌ؟ امل TTفاوض TTاتُ ت TTعني :ال TTتفاعT Tلَ واحمل TTاولT Tةَ ،وه TTي أس TTلوبٌ الت TTصالِ ال TTعقل م TTن خ TTالل )األلTTفاظ ،واحلTTوار اإلقTTناعTTي( ،وتTTعني االعTTترافَ بـ)الTTتباي Tنِ ،واملTTشارك Tةِ ،وحتTTييدِ املصالح واملساومة(. وتTعني كTذلTك الTتقريTبَ واملTواءمTةَ ،وتTعني :احلTوارَ والTنقاشَ مTع طTرفٍ أو أكTثرَ داخTلَ قاعةِ املفاوضاتِ وخارجَها. فـ)امل TTفاوض TTاتُ عِT Tلْمٌ( ك TTسائ TTر ال TTعلوم ،واسT Tعُ احل TTدود ،ك TTثيرُ ال TTتداخ TTالت ،ف TTفيه )السTياسTةُ ،والTديTن ،والTثقافTة ،والTقيمُ ،واملTصالTح( ،وفTيه )فTهمٌ دقTيقٌ لTعلمِ الTنفسِ، وصناعةِ القرار(. إنTه) :عTلمُ الTتعامTلِ الTدقTيقِ بTني البشTرِ والTكائTناتِ احلTيِّة(؛و )عِTلمُ الTصراعِ والTتسويTةِ واحللولِ(. الصفحة ١٨٩ : ٢٧ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﻤﺒﺤﺚُ اﻷوﱠ ُ ل اﻹﻃﺎرُ اﻟﻌﺎمﱡ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔِ اﻟﺘﻔﺎوضِ "يُTعتبَرُ التخTطيطُ السTليمُ األسTاسَ الTضروريَّ أليِّ إجنTازٍ ميُTكِنُ حتTقيقُه؛ إالّ أنّTنا كTثيراً مTا نتجاهلُ ذلكَ". - إنّ ع TTدمَ اإلع TTدادِ ل TTعمليةِ ال TTتفاوضِ ،ي TTترتَّT Tبُ ع TTليها خ TTسارةٌ ك TTبيرةٌ ،وه TTبوطُ مستوى التفاوضِ؛ وبالتالي عدمُ حتقيقِ النتائجِ املطلوبةِ. - إنّ املTفاوضَ الTذي ال يTعدُّ جلTوالتِTه الTتفاوضTيةِ يُTعلِّقُ جنTاحَTه إمّTا عTلى الTصُّدْفَTةِ ،أو عTلى أخTطاءٍ يTرتTكبُها الTفريTقُ اآلخTرُ ،أو عTلى مTهاراتِTه الTفائTقةِ فTي الTتفاوضِ ،وهTذه االحتماالتُ غيرُ مضمونةِ العواقبِ.1 وإنّ مِن القواعدِ األساسيةِ لعمليةِ التفاوضِ: أوّالً :أعPتقدُ بPأنّPه يTجبُ أن تTكونَ الTقضيةُ بحTدِّ ذاتِTها قTابTلةً لTلتفاوضِ؛ إذ أن لTيس كTلَّ شيءٍ قابلٌ للتفاوضِ وخُصوصاً باملسائلِ السياديَّةِ. ثPانPياً :أن يTتَّفِقَ الTفريTقانِ عTلى مTبدأِ الTتفاوضِ؛ حلTلِّ املTسائTلِ الTعالTقةِ بTينهُم ،والتعهُTدِ بعدمِ اللجوءِ إلى القوَّةِ ،أو العُنفِ حللِّ املسائلِ بينهُم. ثPالPثاً :حتTديTدُ وتTشخيصُ الTقضيةِ الTتفاوضTيةِ؛ حTيث يTتعيَّنُ مTعرفTةُ وحتTديTدُ املTوقTفِ التفاوضيِّ بِدقَّةٍ ،وحتديدُ اإلطرافِ كافّةً التي يتمُّ التفاوضُ معَها. وتTعني املTوافTقةُ عTلى مTبدأِ الTتفاوضِ إقTناعَ الTطرفTنيِ بTأهTميَّةِ وضTرورةِ الTعمليةِ الTتفاوضTيةِ. كما تشملُ املوضوعاتُ التفاوضيةُ: 1 ﺻﺎﺋﺐ ﻋﺮﯾﻘﺎت :اﻟﺤﯿﺎة ﻣﻔﺎوﺿﺎت ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص٨٧ الصفحة ١٨٩ : ٢٨ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات حتديدَ موضوعاتِ محلِّ التفاوضِ. تصنيفَ األهدافِ املرغوبِ في حتقيقِها. -حتليلَ الوضعِ التفاوضيِّ. الصفحة ١٨٩ : ٢٩ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﻤَﺒﺤﺚُ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻹﻋﺪادُ ﻟِﻌﻤﻠﻴﱠﺔِ اﻟﺘﻔﺎوضِ اإلجراءاتُ التفاوضيّةُ: حتدثُ في هذه املرحلةِ مجموعةٌ من العملياتِ ،واإلجراءاتِ التفاوضيةِ املهمَّةِ منها: اخTTتيارُ أعTTضاءِ الTTفري Tقِ املTTفاوضِ ،تTTشكيلُ الTTوف Tدِ )رئTTيسِ الTTوف Tدِ ونTTائ Tبِه املTTنسِّقِمُدوِّنِ املالحظاتِ والوقائعِ ومنسِّقِ الوفدِ واخلُبراءِ في اجملاالتِ املطلوبةِ كافّةً(. توافرُ املعلوماتِ الوافيةِ املدروسةِ عن الطرفِ اآلخَر. -حتديدُ موعدِ ،ومكانِ عمليةِ التفاوض)زماناً،ومكاناً(. تنس TTيقُ االت TTصاالتِ ب TTني إط TTرافِ ال TTعمليةِ ال TTتفاوض TTيةِ م TTع حت TTديT Tدِ األه TTدافِواألولَوياتِ الرئيسيةِ. األبحاثُ والدراساتُ املسبقَةُ حولَ املوضوعِ التفاوضيِّ. وضعُ وحتديدُ اإلستراتيجيةِ التفاوضيةِ والتكتيكاتِ املناسبةِ. اختيارُ التكتيكِ املناسبِ للموضوعِ التفاوضيِّ. -االستعانةُ باألدواتِ التفاوضيةِ املناسبة كافّةً. ممارسةُ الضغوطِ التفاوضيةِ على الطرفِ اآلخَر.1تتمثَّلُ اإلجراءاتُ التفاوضيةُ أثناءَ اجللساتِ التفاوضيةِ فيما يلي: -يجبُ أن تكونَ الشروطُ صعبةً في البدايةِ والتنازالتُ قليلةً.2 1اﻧﻈﺮ :د .ﻣﺤﻤﻮد ﻋﻠﻲ ود .ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻮض اﻟﮭﺰاﯾﻤﺔ :اﻟﻤﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﻓﻦ اﻟﺘﻔﺎوض ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص)– ٢٤ .(٢٥ 2اﻧﻈﺮ:د.ﻋﺜﻤﺎن ﺿﻤﯿﺮﯾﺔ أﺻﻮل اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص.٦٩٧ الصفحة ١٨٩ : ٣٠ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات عدمِ مقاطعةِ الطرفِ اآلخَر؛ حتّى يَفرَغَ مِن حديثِه. عدمِ االلتزامِ مبقتَرحاتِ الطرفِ اآلخَر. البدءِ مبناقشةِ القضايا ذاتِ االختالفِ الكبيرِ.1بروتوكوالتُ العمليةِ التفاوضية وأدبيّاتُها: أنّ ال يTTتكلَّمَ أثTTناءَ الTTعمليةِ الTTتفاوضTTيةِ إالّ رئTTيسُ الTTوف Tدِ؛ وإن أرادَ أح Tدُ أعTTضاءِالTوفTدِ إبTداءَ مTلحوظTةٍ مTا فTعلَيه أن يTكتبَها عTلى ورقTةٍ ويTنقلَها إلTى الTرئTيسِ ،وال يتحدَّثَ إالّ بإذنِه. إنّ وسTائTلَ اإلعTالمِ تُTشكِّلُ مِTحوراً مTهمَّاً لTلمُفاوضTاتِ فTي عTاملَTنا املTعاصِTر؛ فTاجلTميعُيTTكون فTTي حTTال Tةِ انTTتظارٍ ملِTTا متّ داخ Tلَ أروِقَ Tةِ اجلTTلساتِ ،ويTTجبُ أن يُح Tدَّدَ مَTTن يتحTدَّثُ إلTى وسTائTلِ اإلعTالمِ ،وأن يTكتبَ مTا سTيُقالُ؛ فTاملTهِمُّ هTو إرسTالُ الTرسTالTةِ التي تُريدُ بهذا الشأنِ. فTي حTالِ دخTولِ طTرفٍ ثTالTثٍ عTلى خTطِّ املTفاوضTاتِ ،يTجب أن يTكونَ ذلTك مبTوافTقةِالطرفِ األعلى ،وأن يتمَّ حتديدُ األدوارِ على مستوى القيادةِ.2 عTTلى املTTفاوضِ دائِTTماً قTTبلَ ال Tبَدءِ بTTأيِّ عTTمليةِ مTTفاوضTTاتٍ حتTTدي Tدُ الهTTدفِ الTTذييسعَى لتحقيقِه .أي "النتيجةُ التي ستنتهي إليها املفاوضاتُ حسبَما تُريدُ". نTقطةُ إيTقافِ املTفاوَضTاتِ أنّTها الTنقطةُ الTتي سTتتركُ فTيها املTفاوضTاتِ؛ ألنّTك بTبساطTةٍجتدُ األمرَ ال يستحقُّ االهتمامَ.3 1 2 3 اﻧﻈﺮ :د .ﻣﺤﻤﻮد ﻋﻠﻲ ود .ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻮض اﻟﮭﺰاﯾﻤﺔ :اﻟﻤﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﻓﻦ اﻟﺘﻔﺎوض ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص.٢٥ ﺻﺎﺋﺐ ﻋﺮﯾﻘﺎت:اﻟﺤﯿﺎة ﻣﻔﺎوﺿﺎت ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص ) (٨٧١٠٣ﺑﺘﺼﺮف. ﻣﺎﯾﻜﻞ دوﻧﺎﻟﺪﺳﻮن :اﻟﺠﺮأة ﻓﻲ اﻟﻤﻔﺎوض ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻋﺒﯿﻜﺎن ،اﻟﺮﯾﺎض ،ط٢٠١١ ،١م ،ص٢٧ الصفحة ١٨٩ : ٣١ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات البَدءُ في املفاوضاتِ: إنّ االس TTتعدادَ ل TTلمفاوض TTاتِ ع TTمليةٌ مُس TTتمِرَّةٌ داخT Tلَ ال TTقاعT Tةِ ،وخ TTارجَ TTها ،ك TTما أنّ الTTتفاوض يTTتمُّ مِTTن خTTاللِ رئTTيسِ الTTوف Tدِ الTTذي يTTتولّTTى احلTTدي Tثَ ،فTTي ك Tلِّ شTTيءٍ بـ )التنسTيقِ ،والTتعاونِ مTع أعTضاءِ الTفريTقِ(؛ فTيجبُ عTلى الTفريTقِ االنTضباطُ والسTيطرةُ؛ مِTTن أج Tلِ عTTدمِ إفTTساحِ اجملTTالِ لTTلطرفِ اآلخَTTر بTTإثTTارةِ املTTشاك Tلِ واخلTTالفTTاتِ بTTني أعTTضاءِ الفريقِ.1 الTTتفاوضُ مTTن خTTاللِ الTTفري Tقِ :بTTعدَ عTTددٍ مTTن اجلTTلساتِ يTTبدأُ أعTTمالَ الTTلجانِ الTTفرعTTيةِ الTتخصصيَّةِ ،ويTأتTي ذلTك بTعدَ اإلعTدادِ والTتحضيرِ تTوزيTعُ األدوارِ ،وحتTديTدُ مُTنسِّقٍ لTكلِّ فريقٍ لكلِّ اللجانِ يتابِعُ عملَهُم ،ويُقدِّمُ تقاريرَه إلى رئيسِ الوفدِ. إنّ املTفاوضTاتِ الTفرعTيةَ هTي مTسألTةٌ فTي غTايTةِ الTصعوبTةِ ،وتTتطلَّبُ )املTتابTعةَ الTدائTمةَ، واملTراجTعةَ لTلمواقTفِ ،والTنقاشِ املTتواصTلِ(؛ فTيجبُ أن يTكونَ مُسTتوى عTملِ الTلجانِ وكTTفاءاتِTTها مُTTتوازي Tاً ومُTTتناسِTTقاً ،وعTTلينا أن نTTتذكَّ Tرَ أنّ الTTفري Tقَ اآلخَTTر سTTيحاولُ إيTTجادَ الثَّغراتِ ونقاطِ الضَّعفِ والعملِ عليها. إعدادُ جدولِ األعمالِ: إنّ الTبَدءَ فTي إعTدادِ جTدولِ األعTمالِ املشTتركِ لTيسَ مTسألTةً شTكليةً؛ وإمنّTا يTدخTلُ فTي إطTارِ املTTضمونِ؛ فTTمواضTTيعُ الTTبحثِ ،وكTTيفيةُ تTTرتTTيبِها ،ومTTا تTTري Tدُ أن تTTضعَه عTTلى جTTدولِ األعTمالِ ،مِTن نTقاطِ الTترتTيبِ ،عTلى جTدولِ األعTمالِ ،وكTذلTك مَTا يTريTدُه الTطرفُ اآلخَTر، مTن قTضايTا وكTيفيةِ تTرتTيبِها سTيؤثِّTرُ حTتماً عTلى املTفاوضTاتِ ،وسTيرِهTا ونTتائTجِها .ومِTن 1ﺻﺎﺋﺐ ﻋﺮﯾﻘﺎت:اﻟﺤﯿﺎة ﻣﻔﺎوﺿﺎت ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص)( ١١٠ ١٠٩ الصفحة ١٨٩ : ٣٢ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات خTTاللِ جTTدولِ األعTTمالِ ،سTTيعرفُ الTTطرفُ اآلخ Tرُ متTTام Tاً؛ إذا مTTا وق Tفَ عTTلى جTTدولِ األعTمالِ ،وعTندهTا يسTتطيعُ أن يُحTدِّدَ مTا يTريTدُه ،ومTا يTصرُّ عTليه دونَ الTتنازلِ عTنهِ ومTا يريدُ احلصولَ عليه ،أن يتنازلَ عنه مقابلَ أمورٍ أُخرى. وهTو أيTضا سTيدرسُ اقTتراحTاتِTكَ ،وسTيعرفُ نTقاطَ ارتTكازِكَ ،ومTا قTد تُTساوِمُ عTليهِ ومTا قد تتنازَلُ عنه. وعTلينا أن نTكونَ حَTذِريِTنَ فTي مTجالِ االفTتراضِ مTهما كTان تTوقُّTعاتُTكَ دقTيقةً فTعلينا أالّ نTفكِّرَ ،ونTتصرَّفَ أنّ االفTتراضَ حTقيقةٌ؛ وبTذلTك نTكون قTد تTركْTنا اخلTياراتِ مTفتوحTةً، فإذا ما أصبْنا االفتراضَ نكون قد حقَّقْنا ما نريدُ.1 البحثُ العلميّ: إنّ أسTاسَ أيَّTةِ مTفاوضTاتٍ نTاجTحةٍ مTهما كTان نTوعُTها،وطTبيعُتها تTعتمدُ إلTى حTدٍّ كTبيرٍ عTلى األبTحاثِ الTعلميةِ الTتي جتَTري بهTدفِ تTوضTيحِ الTغموضِ الTذي يTكتَنِفُ املTسائTلَ ذات الTعالقTةِ بTاملTفاوضTاتِ؛ وذلTك مِTن خTاللِ االعTتمادِ عTلى التحTليلِ املTنطقيِّ ،والTفكرِ والTTدواف Tعِ؛ بهTTدفِ )ح Tلِّ املTTشاك Tلِ ،أو تTTعرفُ عTTلى الTTعالقTTاتِ السTTببيّةِ ،وتTTأثTTيراتِTTها وتداخالتِها(.2 كTما أنّTه مَTهما كTان مسTتوى الTتفاوضِ سTواءٌ كTانَ )دولTياً ،أو سTياسTياً ،أو قTانTونTياً( فTإنّ مَ TTن س TTيقومُ به TTذه امل TTفاوض TTاتِ هُ TTم أش TTخاصٌ؛ س TTواءٌ أك TTان TTوا ميُT Tثِّلونَ )أن TTفسَهُم أم دولتَهُم(. ،1ﺻﺎﺋﺐ ﻋﺮﯾﻘﺎت اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص) .(١١٢١١٨ﺑﺘﺼﺮف 2ﺻﺎﺋﺐ ﻋﺮﯾﻘﺎت :اﻟﺤﯿﺎة ﻣﻔﺎوﺿﺎت اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ،ص ١٢١ الصفحة ١٨٩ : ٣٣ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات فTعلينا أنّ نTعرفَ كTلَّ شTيءٍ عTن هTؤالءِ األشTخاصِ ،فTال يُسTتخَفَّ أحTدٌ ممَّTنْ يُTعتَقدُ أنّTه ضTعيفٌ؛ فTقد يTكونُ لTه حTليفٌاً قTويٌ ،ومَTن يُTعتقَدُ أنّTه قTويٌّ قTد يTكونُ لTه أعTداءٌ ،أو خصومٌ يتربَّصُونَ به. فاملفاوِضُ يجبُ أن ميُثِّلَ مصالِحَ الطرفِ الذي ميُثِّلُه ،وحاجاتِه. كTما يTجبُ أن يTعملَ عTلى فَTهمِ مTصالِTح الTطرفِ اآلخَTر وحTاجTياتِTه ،واملTفاوضُ يTعلمُ أنّTه لTن يُTحقِّقَ كTلَّ مTا يُTريTدُ ،ولTن يَTسمحَ لTلمفاوضِ اآلخَTر بTاحلTصولِ عTلى مTا يُTريTدُ ،فTإنّ التفاوضَ هو انتقالٌ من مرحلةٍ إلى أُخرى. عTTلينا أنّ نTTركِّ Tزَ عTTلى مTTا يTTقولُ الTTطرفُ اآلخَ Tرُ ،وأنّ نTTتابِ Tعَ تTTصرُّفTTاتِTTه الTTفعال Tةَ )داخ Tلَ وخTارجَ( قTاعTةِ املTفاوضTاتِ؛ فTاملTفاوضُ اجلTيِّدُ يTكون دائِTماً مُTتيقِّظاً لTكلِّ سTؤالٍ؛ بTل عTليه أن يُكلِّفَ شخصاً بتسجيلِ كلِّ ما يقولُه الطرفُ اآلخَرُ على مائدةِ املفاوضاتِ. وإذا مTا متَّ الTتوصُّTلُ إلTى اتTفاقٍ مُTعيَّنٍ؛ فTعليكَ أن حتَTرِصَ قTبلَ الTتوقTيعِ بTاألحTرُفِ األُولTى، على أنّ يتضمَّنَ االتفاقُ آلياتِ التنفيذِ واجلداولَ الزمنيةَ لذلكَ االتفاقِ. إنّ أيَّ اتTفاقٍ ال يTعني الTكثيرَ إذا لTم يTكُنْ قTابTالً لTلتنفيذِ؛ فـ)األسTاسُ هTو الTقدرةُ عTلى تنفيذِ االلتزاماتِ املتبادلةِ التي سوف يتضمَّنُها االتفاقُ(.1 نصَّتْ معاهدةُ "فينَّا" اخلاصَّةُ باملعاهداتِ الدوليةِ على ما يلي: ۱يُTعتبَرُ الTشخصُ ممُTثِّالً لTلدولTةِ مِTن أجTلِ اعTتمادِ نTصِّ املTعاهTدةِ أو تTوثTيقِه ،أو مِTن أجTلِ التعبيرِ عن رِضا االلتزامِ باملعاهَدةِ في إحدى احلالتَنيِ التاليتَنيِ: أ إذا أبرزَ وثيقةَ التفويضِ الكاملةَ املناسبةَ. 1ﺻﺎﺋﺐ ﻋﺮﯾﻘﺎت ﻣﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص .١٣٦ الصفحة ١٨٩ : ٣٤ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ب إذا بTTدا مِTTن تTTعامُ Tلِ الTTدولِ املTTعنيَّةِ ،أو مِTTن ظُTTروفٍ أُخTTرى أنّ ن Tيَّتَها انTTصرفَ Tتْ إلTTى اعتبارِ ذلكَ الشخصَ ممُثِّالً للدولةِ؛ مِن أجلِ هذا الغَرضِ وممنوحاً تفويضاً كامالً. ۲يُTعتبَرُ األشTخاصُ الTتالTونَ ممُTثِّلنيَ لِTدُولTهِم بTحكْمِ وظTائTفِهم ،ودونَ حTاجTةٍ إلTى إبTرازِ وثيقةِ التفويضِ الكامِل: أ رؤسTTاءُ الTTدولِ ،ورؤسTTاءُ احلTTكومTTاتِ ،ووزراءُ اخلTTارجTTيةِ؛ مِTTن أج Tلِ الTTقيامِ بTTاألعTTمالِ املتعلِّقةِ بعقدِ املعاهدة كافّةً. ب رؤسTاءُ الTبعثاتِ الTدبTلومTاسTيةِ مِTن أجTلِ اعTتمادِ نTصِّ املTعاهTدةِ بTني الTدولTةِ املTعتمَدةِ والدولةِ املعتمدِينَ لديها. ج املTمثَّلونَ املTعتمدونَ مِTن قِTبَلِ الTدولِ ،لTدى مTؤمتTرٍ دولTيٍّ ،أو لTدى مTنظمةٍ دولTيةٍ،أو إحTدى هTيأتِTها؛ وذلTك مِTن أجTلِ اعTتمادِ نTصِّ املTعاهTدةِ فTي ذلTك )املTؤمتTرِ ،أو املTنظمةِ ،أو الهيئةِ(.1 أوَّلُ مTا يُTباشَTرُ بTه فTي مTرحTلةِ املTفاوضTاتِ هTو االطTالعُ عTلى وثTائTقِ الTتفويTضِ؛ أيّ الTتأكُّTدُ مِTن أهTليةِ املTندوبِTنيَ لTتمثيلِ الTدولTةِ ،وتُTختارُ الTلغةُ الTتي سTتستعملُ فTي املTفاوضTاتِ ،ثTمَّ يTبدأُ املTفاوِضTونَ بTصياغTةِ املTعاهTدةِ والTتي تTبدأُ مِTن دِيTباجَTةٍ ،يُTذكَTرُ فTيها اسTمُ املTفاوضTنيَ، ومِTن ثTمَّ تTبادلِ كُTتبِ الTتفويTضِ ،والTتأكُّTدِ مTن صِTحَّتِها ،والTغرضِ الTذي تُTعقَدُ املTعاهَTدةُ مTن أجTلهِ ،ومَTنتِ املTعاهTدةِ أيّ مTوادِّهTا املTوزَّعَTةِ عTلى أبTوابٍ وأقTسامٍ ،وفِTقْراتٍ ،ومِTن خTامتTةٍ تTتضمَّنُ )تTاريTخَ تTنفيذِ املTعاهTدةِ ،ومTدَّتَTها ،ومTكانَ حتTديTدِهTا ،وأصTولَ تTصديTقِها، واالنTTضمامَ إلTTيها وتTTعدي Tلَها ،وتفسTTيرَهTTا ،كTTما يُTTشارُ إلTTى تTTسجيلِها وإيTTداعِ وثTTائ Tقِ 1اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ اﻟﻤﺎدة اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ الصفحة ١٨٩ : ٣٥ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات الTتصديTقِ( ،وبTعد ذلTك تTأتTي مTرحTلةُ الTتوقTيعِ بTاألحTرُفِ األُولTى؛ أيّ تTوقTيعِ املTفاوضTنيَ عTلى نTصِّ املTعاهTدةِ إشTعارٌ بTااللTتزامِ املTبدئTيِّ بTها؛ ولTكنّ املTعاهTدةَ ال تTصبحُ مTلزمTةً إالّ إذا صُدِّقَتْ أُصوالً ما لم يكنْ للمندوبنيَ املفوِّضنيَ سلطةُ اإلبرامِ النهائيِّ للمعاهدةِ.1 قواعدُ العملِ التفاوضيِّ: عTTلى املTTفاوضِ أن يTTكونَ مُسTTتعِدّاً لTTلتفاوضِ فTTي أيِّ وق Tتٍ "ال تTTتفاوضْ إذا لTTم ت Tكُن مُستعِدَّاً" عدمُ االستهانةِ باخلصمِ أو الطرفِ املفاوضِ. ليست هناكَ صداقةٌ دائمةٌ،أو عداوةٌ دائمةٌ؛ ولكن هناك مصالِحُ دائمةٌ. احلرصُ على عدمِ إفشاءِ ما لَدَيكَ دَفعةً واحدةً. إذا كُنتَ مقتنِعاً مبا تقولُ؛ فسوفَ تقنعُ اخلصمَ مبا تُريدُ. هدوءُ األعصابِ واالبتسامةِ مِن مفاتيحِ النجاحِ في التفاوضِ. استخدامُ طُرقٍ حواريةٍ مُتعدِّدةٍ،وأساليبَ إقناعٍ مختلفةٍ في كلِّ مَرَّةٍ. أن يكون لدَيكَ أوراقٌ ضاغطةٌ لِتكونَ مفاوضِاً قوياً. عTلى املTفاوضِ أن يTكونَ مTؤهَّTالً تTأهTيالً عِTلميّاً ،وأن يTكونَ عTلى درايTةٍ تTامّTةٍ بTالTلغةِ الTتي يتمُّ التفاوضُ بها. ع TTلى امل TTفاوضِ أن ي TTكونَ مُخT Tلِصاً ل TTلقضيةِ ال TTتفاوض TTيةِ ،ومُجT Tرَّداً ع TTن أيِّ أط TTماعٍ شخصيةٍ. 1ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي اﻟﻤﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص)(٤٣١ الصفحة ١٨٩ : ٣٦ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات عTلى املTفاوضِ أن يTبدأَ مِTن نTقطةِ اخلTالفِ الTرئيسTيةِ؛بTاالسTتنادِ إلTى مسTلَّماتٍ بTينَه وبTنيَ مَن يُفاوِضُه. عTTلى املTTفاوضِ إن كTTانَ يTTغال Tطُ فTTي دلTTيلِه ،أن يTTنقلَه إلTTى دلTTيلٍ ال يسTTتطيعُ أن يُTTغالِ Tطَه فيه. على املفاوضِ أن يتَّبِعَ سياسةَ التدرُّجِ املتصاعدةِ؛ فيبني األفكارَ بناءً تكامُليّاً. عTلى املTفاوضِ أن يTكونَ شTديTدَ احلTذرِ عTن أن يُسTتَدرجَ إلTى جTدلTيَّاتٍ فِTكريَّTةٍ تTتعلَّقُ بالفروعِ دونَ األصولِ. عTTلى املTTفاوضِ قTTبلَ بTTدءِ احلTTوارِ ،أن ي Tتَّفِقَ عTTلى مTTرجTTعيةٍ فTTي املTTفاوضTTاتِ يسTTتنِدونَ إليها. عTTلى املTTفاوضِ أن يTTكونَ عTTلى عِ Tلْمٍ مُس Tبَقٍ بTTالTTشخصيةِ ،والنفسTTيةِ لTTلمُحاوِرِ الTTذي أمامَه. على املفاوضِ أن يرُكِّزَ على املصالِح ،وليس املواقف. يTجبُ تTغيرُ الTطاقَTمِ املTفاوضِ ،وأن ال يسTتمِرَّ الTطاقTمُ ذاتTهُ بTالTتفاوضِ؛ وذلTك حTتّى ال ينكشفَ للمُحاوِر الذي أمامَه ،فتنكشفَ أوراقُه بسهولةٍ.1 عTلى رئTيسِ الTدولTةِ أنّ ال يُTفاوِضَ بTشكلٍ مTباشTرٍ؛ ألنّTه إذا فTاوضَ بTشكلٍ مTباشTرٍ قTد يTغلبُ عTليه الTرأيُ ،وال تُTوجَTدُ مُTدَّةٌ زمTنيةٌ لTدراسTةِ األمTرِ ،أمّTا إذا فTاوضَ غTيرُه فTإنّTه مُTلْزَمٌ بالرجوعِ إلى قائدهِ لدراسةِ األمرِ.2 1اﻧﻈﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺣﺴﻦ ﺣﺒﻨﱠﻜﺔ اﻟﻤﯿﺪاﻧ ّﻲ :ﻓﻘﮫ اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ ﷲ ،دار اﻟﻘﻠﻢ ،دﻣﺸﻖ ،ط٢٠٠٤ ،٢م ،ص ب ﻓﻘﮫ اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ ﷲ؛ ﺣﯿﺚ وﺿ َﻌﮭﺎ اﻟﻤﺆﻟﱢﻒُ ﺷﺮوطﺎ ً ﻟﻠﺪاﻋﯿ ِﺔ ) ،(٢٨١٢٩٠اﺳﺘُﻨﺒِﻄَﺖ ھﺬه اﻟﻘﻮاﻋ ُﺪ ﻣﻦ ﻛﺘﺎ ِ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﺘﻔﺎوﺿ ّﻲ. إﻟﻰ ﷲِ ﺗﻌﺎﻟﻰ؛ ﻟﻜﻨﱠﻨﻲ ﺻُﻐﺘُﮭﺎ ﻛﻘﻮاﻋ َﺪ ِ 2ﺻﺎﺋﺐ ﻋﺮﯾﻘﺎت :اﻟﺤﯿﺎة ﻣﻔﺎوﺿﺎت ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص .١٢٧ الصفحة ١٨٩ : ٣٧ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات الصفحة ١٨٩ : ٣٨ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﻔﺼﻞُ اﻟﺜﺎﻟِﺚُ اﺳﺘﺮاﺗِﻴﺠﻴﺎتُ اﻟﺘﻔﺎوُضِ وَﺗﻜﺘِﻴﻜﺎﺗُﻪ متُ T Tثِّلُ اسTT TتراتTT Tيجياتُ الTT Tتفاوضِ الTT Tتصوُّرَ الTT Tعامَّ لTT Tلمسارِ الTT Tذي يTT Tنبغي أن تس T Tلُكَه املTفاوضTاتُ ،وتTشملُ عTلى حتTديTدِ األهTدافِ ،والTغايTاتِ املTرجُTوَّةِ مTن عTمليةِ الTتفاوضِ، والتكتيكاتِ والسياسةِ املوصلَةِ إليها. وتَTTبدو املTTساراتُ احلTTقيقيةُ لTTلتفاوضِ واضTTحةً فTTي مTTدى جنTTاحِ املTTفاوضِ فTTي تTTوظTTيفِ التكتيكاتِ ،والسياساتِ والوسائلِ؛ لتحقيقِ أهدافِه ،وإشباعِ حاجاتِه. مTعنى اإلسTتراتTيجيةِ :هTي مجTموعTةُ األفTكارِ واملTبادئِ الTتي تTتناولُ مَTيدانTاً مTن مTياديTنِ الTنشاطِ اإلنTسانTيِّ بTصورةٍ شTامTلةٍ ومTتكامTلةٍ ،وتTكون ذاتَ داللTةٍ عTلى وسTائTلِ الTعملِ، وم TTتطلَّباتِ TTه ،واجت TTاه TTاتِ م TTسارِه؛ ل TTغرضِ ال TTوص TTولِ إل TTى أه TTدافٍ محT Tدَّدةٍ م TTرت TTبطةٍ باملستقبلِ.1 اإلسTTتراتTTيجيةُ الTTتفاوضTTيةُ :هTTي اإلطTTارُ الTTعامُّ الTTذي يُح Tدِّدُ الTTطري Tقَ واملTTسارَ ،ويُTTشكِّلُ الTقواعTدَ األسTاسTيَّةَ واملTهامَّ الTتفاوضTية لTلعملِ ،وهTي عTمليةُ التخTطيطِ لTلمفاوضTاتِ، وتTوجTيهِها نTحو إجنTازِ األهTدافِ ،وتTنصرفُ إلTى تTعبئةِ وجتTنيدِ واسTتخداِم وإدارةِ اجلTهودِ كافّةً مِن )مادِّيَّةٍ ،وغير مادِّيَّة( للقيامِ بالعمليةِ التفاوضيةِ بنجاحٍ.2 1ﻧﻘﻼ ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻊ ﻣﻨﺘﺪﯾﺎت طﻼب اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ 2د ﻣﺤﻤﻮد ﻋﻠﻲ ود ﻣﺤ ّﻤﺪ ﻋﻮض اﻟﮭﺰاﯾﻤﺔ ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص.١٩ الصفحة ١٨٩ : ٣٩ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات بTTينما ع Tرَّفْ صTTائTTب عTTريTTقات "الTTتكتيك" هTTو :األدواتُ والTTوسTTائ Tلُ الTTتي ميُ Tكِنُ مِTTن خTاللِTها حTلُّ املTشاكTلِ واخلTالفTاتِ ،اإلسTتراتTيجيةِ :هTي اآلثTارُ الTتي تTتركُTها هTذه األدواتُ والوسائلُ على طبيعةِ العالقاتِ الدوليةِ حتدِّدُ كيفيةَ حلِّ اخلالفاتِ بني الدولِ.1 واالتTفاقTياتُ الTعادلTةُ هTي تTلكِ الTتي تTرُكِّTزُ عTلى مTصالِTح اإلطTرافِ املTشاركTةِ ،ويُحTدَّدُ على أساسِها التعامُلُ املستقبلُّي والتعاونُ بني هذه األطرافِ. أمّTا االتTفاقTياتُ غTيرُ الTعادلTةِ فهTي تTلكَ الTتي ال تTأخTذُ بTعَنيِ االعTتبارِ ،مTصالِTحَ األطTرافِ املTTشارك Tةِ ،وميَTTيلُ مTTيزانُTTها لTTصالِTTح طTTرفٍ عTTلى حTTسابِ الTTطرفِ اآلخَTTر ،وتTTبرزُ بTTذورُ اخلالفاتِ املستقبليةِ. إنّ االسTTتراتTTيجياتِ الTTعامَّ Tةَ لTTلتفاوضِ عTTادةً مTTا تTTندرجُ حتTTت فِTTئتَنيِ هُTTما مَTTدخِ Tلُ احل Tلِّ املش TTتركِ ل TTلمشكالتِ ،أو ال TTتفاوضِ ع TTلى أس TTاسٍ مِ TTن اخل TTصومT Tةِ احل TTادَّةِ ،وت TTؤكِّT Tدُ إسTTتراتTTيجيةُ احل Tلِّ املشTTتركِ عTTلى حتTTدي Tدِ وح Tلِّ املTTشكالتِ الTTتي تTTعوقُ الTTتوصُّ Tلَ إلTTى اتفاقٍ. إنّ مَTTدخ Tلَ اخلTTصوم Tةِ احلTTادَّةِ يُTTوجِ Tبُ أن يَTTسعى ك Tلٌّ مِTTن الTTطرف Tنيِ لTTتحقيقِ املTTصلحةِ اخلاصَّةِ مع إتاحةِ الفُرصَةِ للطرفِ األخرِ؛ حتى يَعرضَ قضيَّتَه بنفسِه.2 1ﺻﺎﺋﺐ ﻋﺮﯾﻘﺎت اﻟﺤﯿﺎة ﻣﻔﺎوﺿﺎت ص .١٣٨ 2اﻧﻈﺮ :دﻟﯿﻞ اﻟﻤﻔﺎوض :ﺟﻮرج ﻓﻮﻟﺮ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺟﺮﯾﺮ ،اﻟﺮﯾﺎض ،ط ،٢٠١٢ ،٤ص١٠٧ الصفحة ١٨٩ : ٤٠ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﻤﺒﺤﺚُ اﻷوﱠ ُ ل اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎتُ اﻟﺘﻔﺎوُضِ إنّ اس TTترات TTيجياتِ ال TTتفاوضِ ذاتُ أه TTميَّةٍ ف TTي ع TTمليةِ ال TTتفاوضِ؛ إذ ميُT Tكِنُ إدراجُ TTها كاآلتي: .۱إسPPتراتPPيجيةِ )فPPائ Pزٍ فPPائ Pزٍ( :تُTTؤكّ Tدُ هTTذه اإلسTTتراتTTيجيةُ عTTلى خTTدم Tةِ مTTصالِTTح الTطرفTنيِ بTأفTضلِ صTورةٍ؛ مِTن خTاللِ الTعملِ املشTتركِ عTلى حتTديTدِ ،وحTلِّ املTشكالتِ التي تعوقُ التوصُّلَ إلى اتفاقٍ .1 إنّ الTTتوصُّ Tلَ للحTTلولِ عTTن طTTري Tقِ هTTذه اإلسTTتراتTTيجيةِ ال يTTتطلَّبُ تTTقدميَ )تTTنازالتٍ ،أو خTسائTرَ( وإنّ هTذا املTنهجَ يTجب أن يَTسُودَ كTمنهجٍ وحTيدٍ حلTلٍّ اخلTالفTاتِ الTتي تTنشأُ بTني الدولِ. .۲إستراتيجيةُ متى؟ :تشملُ هذه اإلستراتيجيةُ على عِدَّةِ عواملَ من أهمّها: * الPصبْرُ :ويهTدفُ هTذا األسTلوبُ إلTى كسTبِ الTوقTتِ ،وشِTعارُه" :بTالTصَّبرِ تTبلغُ مTا تُTريTدُ" ،ومِTن وسTائTلِ كسTبِ الTوقTتِ عTدمُ الTردِّ الTفوريِّ عTلى الTسؤالِ ،أو تعيتسTتوعTب مجْTرى احلTديTثِ ،أو الTردَّ بTسؤالٍ مTضادٍّ إلعTطاءِ الTنفسِ الTفرصTةَ لTلتفكيرِ ،وتTقريTرِ مTا ميُTكِنُ فTعلُه ،ومTع هTذا نُTعطي الTطرفَ اآلخَTر الTفرصTةَ نTفسَها فTإنّTه مِTن الTضروريِّ مTن أجTلِ عTدم الTتورُّطِ بTإعTطاءِ إجTابTاتٍ مTن غTيرِ تTفكيرٍ ،وهTذا يTتطلَّبُ مTعرفTةَ الTوقTتِ املTناسTبِ 1اﻧﻈﺮ :ﺑﺎر ﺑﺎرا أﻧﺪرﺳﻮن :اﻟﺘﻔﺎوض اﻟﻔﻌﺎل ،ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﮭﻼل اﻟﻘﺎھﺮة ﺑﺪون ﺗﺎرﯾﺦ ص .٥٠ الصفحة ١٨٩ : ٤١ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات لTلصمتِ ،والTوقTتِ املTناسTبِ لTلكالمِ .وأنّ مَTن يُTبادِرُ بTاالسTتجابTةِ إلTى طTلباتِ خTصمِه، وتقدميِ التنازالتِ يُشجِّعُ اآلخرَ على عدمِ التوقُّفِ عن طلبِ املزيدِ. * املُPفاجPأةُ :وتTضمنُ هTذه اإلسTتراتTيجيةُ تTغيُّراً مُPفاجِPئاً فTي أسTلوبِ املTفاوضِ ،وطTريTقةِ احلTديTثِ؛ بهTدفِ إربTاكِ اخلTصمِ واحلTصولِ مTنه عTلى تTنازالتٍ ،ويTبدو هTذا الTتغيُّرُ فTي ارتTفاعِ الTصوتِ واسTتخدامِ الTعُنفِ أو الTتراجُTعِ فTي االجتTاهِ املTضادِّ متTامTاً ،وتTكمنُ هTذه اخلTطورةُ فTي هTذا الTتكتيكِ فTي أنّTه بـ )قَTدْرِ مTا يُTحقِّقُ مTن مTكاسTبَ قTد يحTدثُ انهTيارٌ مفاجئٌ في املفاوضاتِ(. .۳األمPرُ الPواقPعُ :شPعارُ هPذه اإلسPتراتPيجيةِ يPتوقَّPفُ األمPرُ عPلى الPطرفِ اآلخَPر، ويTقومُ عTلى أسTاسِ وضTعِ الTطرفِ املTفاوضِ أمTامَ األمTرِ الTواقTعِ؛ وذلTك عTند وجTودِ شTكٍّ فTي الTوصTولِ إلTى عTملٍ محTدَّدٍ ،أو نTتيجةٍ مُحTدَّدةٍ .ومِPن األمPثلةِ عPلى ذلPكَ: مTTفاوضTTاتُ حTTركTTاتِ التح Tرُّرِ هTTو فTTرضُ أم Tرٍ واق Tعٍ عTTلى األرضِ؛ مِTTن خTTاللِ الTTقيامِ بعملٍ عسكريٍّ لِفَضِّ واقعٍ سياسيٍّ. .٤الPكَرُّ والPفَرُّ :وهTو التحTرُّكُ لTألمTامِ واخلTلفِ ،واسTتعدادُ املTفاوضِ أن يُTحوِّلَ مTوقِTفَه وف Tقَ ظTTروفِ املTTفاوضTTاتِ ،وهTTذا األسTTلوبُ مTTبنيٌ عTTلى املTTثلِ الTTعرب Tيِّ" :اضTTربِ احلTديTدَ وهTوَ سTاخِTنٌ"؛ وهTو يTعني أنّ الTضربَ عTلى احلTديTدِ مبجTرَّدِ خTروجTهِ مTن الTنارِ؛ ألنّTه يTكونُ أكTثرَ مTطاوعTةً ،ويTكونُ املTفاوضُ فTي هTذه احلTالTةِ مسTتعداً لTلكرِّ والTفرِّ ِ،والTزيTادة والTنقصانِ وتTقدميِ الTعروضِ وسTحبِها مTا لTم تTتوافTقْ مTع مTصلحةِ اجلهةِ التي ميُثِّلُها. الصفحة ١٨٩ : ٤٢ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات .٥اخلِPداعُ :تTقومُ هTذه اإلسTتراتTيجيةُ أنّ أحTدَ املTفاوِضTنيَ يTقومُ بTتصرُّفٍ يُTحوِّلُ ذِهْTنَ الTطرفِ اآلخَTر إلTى اجتTاهٍ مُTعيَّنٍ بTعيداً عTن احلTقيقةِ ،أو أن يُTحاوِلَ أحTدُ املTفاوِضTنيَ الTTتظاهُ Tرَ بTTأنّ لTTدي Tهِ مTTعلومTTاتٍ تTTفوقُ مTTا لTTدي Tهِ بTTالTTفعلِ ،وقTTد يTTلجأُ املTTفاوضُ إلTTى تسTريTبِ بTعضِ املTعلومTاتِ اخلTاطTئةِ؛ بTقصدِ تTضليلِ الTطرفِ اآلخَTر ،أو قTد يَخTرُجُ عTTضوٌ مِTTن وَفْ Tدِ الTTتفاوضِ مُس Tتِغالً وصTTولَ املTTفاوضTTاتِ إلTTى طTTري Tقٍ مسTTدودٍ وغTTيرِ ذلك من أنواعِ اخلِداع. .٦إستراتيجيةُ كيفَ؟ وأينَ؟ :ويتمثَّلُ هذا النوعُ من اإلستراتيجياتِ في: املPشارَكPةِ فPي الPعملِ :وفTيها يُTحاوِلُ املTفاوضُ احلTصولَ عTلى تTعاونِ أطTرافٍ أُخTرىبTTطريTTقةٍ مTTباشTTرةٍ ،أو غTTيرِ مTTباشTTرةٍ ،وشTTعارُ هTTذه اإلسTTتراتTTيجيةُ "نTTحنُ أصTTدقTTاء"؛ وتTعني :إمTكانَ الTلجوءِ إلTى أطTرافٍ أُخTرى؛ لTلحصولِ عTلى مTساعTدةٍ فTي مTوقTفِ تTفاوضٍ مُTعيَّنٍ ،ومTثل هTذا الTنوعِ يTكونُ بTنيَ األعTضاءِ فTي كTيانٍ واحTدٍ مُTلتزمِTنيَ فTي سياستِه ،كما هي احلالُ في دولِ االحتادِ األوربيِّ. الPPتغطيةُ :يهPPدفُ املPPفاوِضُ اسPPتخدامَ هPPذه اإلسPPتراتPPيجيةِ إلTTى تTTغطيةِ جTTوان TبِالTضَّعفِ لTديTهِ؛ حTتّى ال يTنتبِه إلTيها الTطرفُ اآلخَTر ،وهTي مTحاولTةٌ لكسTبِ مTيزاتٍ كبيرةٍ بأقلّ جهدٍ فيما يتمُّ التحرُّكُ نحوَ اجتاهٍ مُعيَّنٍ لتغطيةِ أهدافٍ كبيرةٍ. ۷إسPPتراتPPيجيةُ الPPتدرُّجِ :أو إسTTتراتTTيجيةُ "خُTTطوةً خُTTطوةً" :يTTقومُ املTTفاوضِ بتجTTزئ Tةِ املTTوضTTوعِ إلTTى أجTTزاءٍ؛ ح Tتّى تTTتمَّ مTTناقTTشةُ ك Tلِّ جُTTزءٍ عTTلى حِ Tدَةٍ ،واتTTخاذُ قTTرارٍ بTTشأنِTTه، ويTكونُ بTعدَ ذلTكَ االنTتقالُ إلTى جُTزءِ اآلخَTر ،وهTذه اإلسTتراتTيجيةُ مTفيدةٌ فTي الTقضايTا املعقَّدَةِ ،أو عندما ال تكونُ هناك خِبراتٌ تفاوضيّةٌ بني اجلانبَنيِ. الصفحة ١٨٩ : ٤٣ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات .۸تPPغيُّرُ املسPPتوى :تTTبدأُ املTTفاوَضTTاتُ فTTي هTTذهِ اإلسTTتراتTTيجيةِ مبسTTتويTTاتٍ أق Tلّ مِTTن مسTتوى الTرئTيسِ ،وعTندمTا تTبدأ املTفاوضTاتُ فTي الTتعقيدِ أو الTوصTولِ إلTى طTريTقٍ مسTTدودٍ ،ويTTتمُّ تTTصعيدُ شTTخصٍ لِTTينضمَّ إلTTى الTTوف Tدِ املTTفاوضِ ،ويTTكون عTTلى مسTتوىً أعTلى ،وقTد يTتطلَّبُ األمTرُ تTدخُّTلَ أعTلى املسTتويTاتِ؛ مTن أجTلِ تسTريTعِ عمليةِ التفاوضِ.1 ثانياً :إستراتيجياتُ منهجِ املصلحةِ املشتركةِ: يTقومُ هTذا املTنهجُ عTلى عTالقTةِ تTعاونٍ بTني )طTرفTنيِ ،أو أكTثرَ( يTعملُ كTلُّ طTرفٍ مTنهُم عTلى تTعميقِ وزيTادةِ هTذا الTتعاونِ وإثTمارِه ملTصلحةِ األطTرافِ كTافّTةً .وإسPتراتPيجياتُ هذا املنهجِ هي: .۱إستراتيجيةُ التكامُلِ: هTي تTطويTرُ الTعالقTةِ بTني طTرفَTي الTتفاوضِ إلTى درجTةِ أن يTصبحَ كTلٌّ مTنهُما مُTكمِّالً لTآلخَTر فTي كTلِّ شTيءٍ؛ بTل قTد يTصلُ األمTرُ إلTى أنَّTهُما يُTصبحانِ شTخصاً واحTداً مTندمTجَ املTصالِTح والTفوائTدِ والTكيانِ الTقانTونTيِّ أحTيانTاً؛ وذلTكَ بهTدفِ تTعظيم االسTتفادةِ مِTن الTفُرَصِ املTتاحTةِ أمامَ كلٍّ منهُما. ا .الPPتكام Pلُ اخلPPلفيُّ :ويTTتكوّنُ هTTذا الTTبدي Tلُ االسTTتراتTTيجيُّ مTTن قTTيامِ أح Tدٍ بTTإيTTجادِ األطTرافِ املTتفاوضTةِ بTإيTجادِ عTالقTةٍ ،أو رابTطةٍ يTتمُّ مِTن خTاللِTها االسTتفادةُ ممِّTا لTدى الTطرفِ اآلخَTر مTن مTزايTا وإمTكانTاتٍ؛ إلنTتاجِ ،أو حتTقيقِ مTنفعةٍ مشTتركTةٍ تTعودُ عTلى 1ﺑﺎر ﺑﺎرا أﻧﺪرﺳﻮن اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ٥٥ الصفحة ١٨٩ : ٤٤ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات الTTطرف Tنيِ؛ ممّTTا يُTTقوِّي قُTTدراتِ الTTطرف Tنيِ املTTتفاوِض Tنيَ أو مِTTن ربTTحهِما مTTن املTTناف Tعِ املشتركةِ التي يناالنِها حقَّاً .1 ب .الPتكامPلُ األمPامPيُّ :عTلى عTكس الTبديTلِ اإلسTتراتTيجيِّ األوّلِ يTقومُ هTذا الTتكامTلُ عTTلى مTTبادرةِ أح Tدِ األطTTرافِ املTTتفاوض Tةِ بTTالTTكشفِ ع Tمّا لTTدي Tهِ مِTTن مTTزايTTا ومTTناف Tعَ ميُ Tكِنُ أن يسTTتفيدَ مTTنها الTTطرفُ اآلخَTTر السTTتكمالِ مTTا يTTحتاجُ إلTTيهِ مTTن قُTTدراتٍ ومTهاراتٍ ،ويTقومُ الTتفاوضُ فTي هTذه احلTالTةِ عTلى تTغيُّرِ الTنمطِ الTقائTمِ أو تTعديTلِ وحداتِه.2 ت .الPتكامPلُ األفPقيُّ :هTو تTوسTيعُ نTطاقِ املTصلحةِ املشTتركTةِ بTني املTتفاوِضTنيَ بTإشTراكِ طرفٍ ثالثٍ معهُما ،أو أطرافٍ جديدةٍ؛ لزيادةِ فاعليةِ القدراتِ التفاوضيةِ.3 .۲إستراتيجيةُ تطويرِ التعاونِ احلالي: وتTقومُ هTذه اإلسTتراتTيجيةُ الTتفاوضTيةُ عTلى الTوصTولِ إلTى حتTقيقِ مجTموعTةٍ مTن األهTدافِ الTعُليا الTتي تTعملُ عTلى تTطويTرِ املTصلحةِ املشTتركTةِ ،بTني طTرفَTي الTتفاوضِ وتTوثTيقِ أوجُTهِ التعاونِ بينهُما .وميُكِنُ تنفيذُ هذه اإلستراتيجيةِ مِن خالل: ا .تPوسPيعِ مPجاالتِ الPتعاونِ :وتTتمُّ هTذه اإلسTتراتTيجيةُ عTن طTريTقِ إقTناعِ الTطرفَTنيِ املTتفاوِضَTنيِ مبTدِّ مTجالِ الTتعاونِ إلTى مTجاالتٍ جTديTدةٍ ،لTم يTكُن الTتعاونُ بTينهُما قTد وصلَ إليها مِن قبلُ. 1ﺑﺎر ﺑﺎرا أﻧﺪرﺳﻮن اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٦٠ 2اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ ص٦١ 3اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ ص٦١ الصفحة ١٨٩ : ٤٥ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ب االرتPPقاءِ بPPدرج Pةِ الPPتعاونِ :وتTTقومُ هTTذه اإلسTTتراتTTيجيةُ عTTلى االرتTTقاءِ بTTاملTTرحTTلةِ الTتعاونTيةِ الTتي يTعيشُها طTرَفTي الTتفاوضِ وخTاصTةً أنّ الTتعاونَ ميTرُّ بTعدَّةِ مTراحTلَ مِPن أهPمّها املراحلُ اآلتيةُ: .۱مرحلةُ التفهُّمِ املشتركِ ،أو التعرُّفِ على مصالِح األطرافِ كافّةً. .۲مرحلةُ االتفاقِ في الرأيّ. .۳م TTرح TTلةُ ال TTعملِ ع TTلى ت TTنفيذِ االت TTفاقِ ،أو م TTرح TTلةُ ت TTنفيذِ امل TTنفعةِ املشتركةِ. ويTقومُ الTعملُ الTتفاوضTيُّ فTي هTذه املTراحTلِ بِTدَورٍ مُTهمٍّ فTي تTطويTرِ الTتعاونِ بTني األطTرافِ املتفاوضةِ واالرتقاءِ باملرحلةِ التي ميَرُّ بها.1 ت إستراتيجيةُ تعميقِ العالقةِ القائمةِ: تTقومُ هTذه اإلسTتراتTيجيةُ عTلى الTوصTولِ ملِTدى أكTبرَ مِTن الTتعاونِ بTني )طTرفَTنيِ ،أو أكTثرَ( جتمعُهم مصلحةٌ ما. ث إستراتيجيةُ توسيعِ نطاقِ التعاونِ مبدِّهِ إلى مجاالتٍ جديدةٍ: تTعتمدُ هTذه اإلسTتراتTيجيةُ أسTاسTاً عTلى الTواقTعِ الTتاريTخيِّ الTطويTلِ املTمتدِّ بTنيَ طTرفَTي الTتفاوضِ؛ مTن حTيثُ الTتعاونُ الTقائTمُ بTينهُما ،وتTعدُّدُ وسTائTلِه ومTراحTلِه وفTقاً لTلظروفِ واملتغيِّراتِ التي مرَّ بها ،وَوفقاً لقُدراتِ وطاقاتِ كلٍّ منهُما. وهناكَ أسلوبانِ لهذهِ اإلستراتيجيةِ هُما: 1ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﻌﺪد ٣٨د ﻏﯿﺚ اﻟﺮﺑﯿﻌﻲ الصفحة ١٨٩ : ٤٦ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات أ تTTوسTTيعُ نTTطاقِ الTTتعاونِ مب Tدِّهِ إلTTى مTTجالٍ زمTTنيٍّ جTTدي Tدٍ :ويTTقومُ هTTذا األسTTلوبُ عTTلى االتTTفاقِ بTTني األطTTرافِ املTTتفاوض Tةِ عTTلى فTTترةٍ زمTTنيةٍ جTTديTTدةٍ مسTTتقبليةٍ ،أو تTTكثيفِ وزيادةِ التعاونِ. ب تTوسTيعُ نTطاقِ الTتعاونِ مبTدِّهِ إلTى مTجالٍ مTكانTيٍّ جTديTدٍ :ويTتمُّ هTذا األسTلوبُ عTن طريقِ االتفاقِ على االنتقالِ بالتعاونِ إلى مكانٍ جغرافيٍّ آخرَ جديدٍ.1 .3استراتيجياتُ منهجِ الصِّراعِ: عTلى الTرغTمِ مِTن أنّ جTميعَ مTن ميTارسُ اسTتراتTيجياتِ الTصراعِ فTي مTفاوضTاتِTهم؛ سTواءٌ عTلى املسTتَويTنِ )الTفرديِّ لTألشTخاصِ ،أو اجلَTماعTيِّ( ،وتTبنِّيهِم لTها واعTتمادِهTم عTليها؛ إالّ أنّTهم ميُTارسُTونَTها دائTماً سِTرّاً وفTي اخلTفاءِ؛ بTل إنّTهم فTي ممTارسTتِهم لTلتفاوضِ مبTنهجِ الTTصراعِ يُTTعلنُونَ أنTTهم يTTرغTTبونَ فTTي تTTعميقِ املTTصالِTTح املشTTتركTTة؛ إذ أنّ جTTزءً كTTبيراً مِTTن مكوُّناتِ هذه االستراتيجياتِ يعتمدُ على اخلداعِ والتمويهِ. اإلستراتيجيةُ األُولى :إستراتيجيةُ )اإلنهاكِ(: وتقومُ هذه اإلستراتيجيةُ على اآلتي: .۱اسPتنزافِ وقPتِ الPطرفِ اآلخَPر :ويTتمُّ ذلTك عTن طTريTقِ تTطويTلِ فTترةِ الTتفاوضِ؛ لِتسْTتَغْرِقَ أطTولَ وقTتٍ ممTكنٍ دون أن تَTصِلَ املTفاوضTاتُ إالّ إلTى نTتائTجَ محTدودةٍ ال قTيمةَ لها .ومِن األساليبِ املستخدَمةِ لتحقيقِ ذلك: * الTتفاوضُ حTولَ مTبدأِ الTتفاوضِ ذاتِTه ،ومTدى إمTكانِ اسTتخدامِTه واسTتعدادِ الTطرفِ اآلخَر للتعاملِ بهِ ،ومدى إمكانِ تنفيذِه لتعهُّداتِه التي ميُكِنُ الوصولُ إليها. 1 اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ. الصفحة ١٨٩ : ٤٧ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات * الTTتفاوضُ فTTي جTTول Tةٍ أو جTTوالتٍ أُخTTرى حTTولَ الTTتوقTTيتِ واملTTيعادِ املTTناس Tبِ لTTلقيامِ باجلوالتِ التفاوضيةِ التي متَّ االتفاقُ ،أو االتفاقُ جارٍ عليها. * الTتفاوضُ فTي جTولTةٍ أو جTوالتٍ جTديTدةٍ حTولَ مTكانِ الTتفاوضِ ،أو أمTاكTنِ الTتفاوضِ احملتملَة واألماكنِ البديلةِ. * التفاوضُ في جوالتٍ جديدةٍ حولَ املوضوعاتِ التي سوفَ يتمُّ التفاوضُ عليها. * الTتفاوضُ حTولَ كTلِّ مTوضTوعٍ مTن املTوضTوعTاتِ الTتي حُTدِّدتْ لTها أولTويTاتٌ ،وفTي ضTوءِ كTلِّ مTوضTوعٍ مTن املTوضTوعTاتِ الTتي ميُTكِنُ تقسTيمُه إلTى عTناصTرَ وأفTرعٍ مTتفرِّعTةٍ يTتمُّ كTلٌّ منها في جلسةٍ أو أكثرَ من جلساتِ التفاوضِ. .۲استنزافِ جهدِ الطرفِ اآلخَر إلى أشدِّ درجةٍ ممكنةٍ: ويTتمُّ ذلTك عTن طTريTقِ تTكثيفِ وحَTفْزِ طTاقTاتِTه ،واسTتنفارِ خِTبراتِTه وتTخصصاتِ كTافّTةً، وشغلهِم بعناصرِ القضيةِ التفاوضيةِ الشكليةِ التي ال قيمةَ لها عن طريقِ: * إثTTارةِ ال Tعَقباتِ الTTقانTTونTTيةِ املTTفتعلَةِ حTTولَ ك Tلِّ عُTTنصرٍ مTTن عTTناص Tرِ الTTقضيةِ املTTتفاوَضِ عTليها ،وحTولَ مTسمَّياتِ كTلِّ مTوضTوعٍ ،والTتعبيراتِ ،واجلُTمل ،والTكلماتِ واأللTفاظِ التي تُصاغُ بها العباراتُ. * وض Tعِ بTTرنTTام Tجٍ حTTاف Tلٍ لTTالسTTتقباالتِ ،واحلTTفالتِ ،واملTTؤمتTTراتِ الTTصحفيةِ ،وحTTفالتِ التعارُفِ وزيارةِ األماكنِ التاريخيةِ. * زي TTادةِ االه TTتمامِ ب TTال TTنواح TTي ال TTفنيةِ ك TTثيرةِ ال TTتشعُّبِ؛ ك TTال TTنواح TTي)ال TTهندس TTيةِ، واجلTغرافTيةِ ،والTتجاريTةِ ،واالقTتصاديTةِ ،والTبيئيةِ ،والTعسكريTةِ(..إلTخ ،وإرجTاءِ الTبتِّ فTيها إلTى حTنيِ وُصTولِ رأي اخلُTبراءِ والTفنِّينيَ الTذيTن سTيتمُّ مTخاطTبتُهم واسTتشاراتُTهم فTيها الصفحة ١٨٩ : ٤٨ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ،ومِTTن ثَ Tمَّ تنتهTTي جTTلساتُ الTTتفاوضِ دونَ نTTتيجةٍ حTTاسTTمةٍ؛ بTTل وهُTTناكَ أمTTورٌ كTTثيرةٌ مTعلَّقَةٌ لTم يُTبَتَّ فTيها وهTي أمTورٌ شTكليةٌ فTي أغTلبِ األحTيانِ وتTرتTبطُ بTها وتُTعلَّقُ عTليها األمورُ اجلوهريةُ األُخرى؛ بل والشكليةُ األُخرى أحياناً. .۳استنزافِ أموالِ الطرفِ اآلخَر: وذلTك عTن طTريTقِ زيTادةِ مTعدَّالتِ إنTفاقِTه وتTكالTيفِ إقTامTتِه ،وأتTعابِ مُسTتشاريِTه طَTوالَ الTعمليةِ الTتفاوضTيةِ؛ فTضالً عTمّا ميTثِّلُه ذلTك مTن تTضييعِ سTائTرِ الTفُرَصِ املTالTيةِ واالقTتصاديTةِ الTبديTلةِ ،الTتي كTان ميُTكِنُ لTه أن يTحصلَ عTليها لTو لTم يجTلسْ مTعنا إلTى مTائTدةِ الTتفاوضِ وينشغلْ بها.1 اإلستراتيجيةُ الثانيةُ :إستراتيجيةُ التشتيتِ )التفتِيتِ(: وهTTي مِTTن أه Tمِّ اسTTتراتTTيجياتِ مTTنهجِ الTTصراعِ الTTتفاوض Tيِّ؛ حTTيث تTTعتمدُ األطTTرافُ املTTتصارع Tةُ عTTليها بTTشكلٍ كTTبيرٍ إذا مTTا جTTلستْ إلTTى مTTائTTدةِ الTTتفاوضِ .وتTTقومُ هTTذه اإلسTتراتTيجيةُ عTلى فTحصِ وتTشخيصِ وحتTديTدِ أهTمِّ نTقاطِ الTضَّعفِ والTقوَّةِ فTي فTريTقِ الTTتفاوضِ الTTذي أوف Tدَه الTTطرفُ اآلخ Tرُ لTTلتفاوضِ ،وحتTTدي Tدِ انTTتماءاتِTTهم وعTTقائ TدِهTTم ومستواهُم )العلميِّ ،والفنِّيِّ(. وبTناءً عTلى هTذه اخلTصائTصِ يTتمُّ رسTمُ سTياسTةٍ مTاكTرةٍ لTتفتيتِ وحTدةِ وتTكامTلِ فTريTقِ الTTتفاوضِ الTTذي أوف Tدَه الTTطرفُ اآلخَTTر لTTلتفاوضِ ،والTTقضاءِ عTTلى وح TدَتِTTه وائTTتالفِTTه ومتTاسُTكِه وعTلى االحTترامِ؛ لTيصبح فTريTقاً مTفتَّتاً مTتعارِضTاً تTدبُّ بTني أعTضائِTه اخلTالفTاتُ والصراعاتُ ،ومِن ثَمَّ يصبحُ جهدُهم غيرَ منسجمٍ. 1ﻣﺤﻤﻮد ﻋﻠﻲ ود ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻮض اﻟﮭﺰاﯾﻤﺔ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٢٠ الصفحة ١٨٩ : ٤٩ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اإلستراتيجيةُ الثالثةُ :إستراتيجيةُ إحكامِ السيطرةِ )اإلخْضاعِ(: تTعتمدُ الTعمليةُ الTتفاوضTيةُ وفTقاً ملTنهجِ الTصراعِ مTعركTةً شTرسTةً ،أو مTباراةً ذِهTنيَّة ذكTيَّةً بنيَ طرفنيِ؛ لPذا تPقومُ هPذه اإلسPتراتPيجيةُ عPلى حَشPدِ اإلمPكانPاتِ كPافّPةً الPتي تPكفلُ السPيطرةَ الكاملةَ على جلساتِ التفاوض عن طريق: * الTقُدرةِ عTلى الTتنويTعِ ،والTتشكيلِ ،والTتعديTلِ ،والTتبديTلِ لTلمبادَراتِ الTتفاوضTيةِ الTتي يTتمُّ عTرضُTها عTلى مTائTدةِ املTفاوضTاتِ؛ بTحيث يTكونُ لTنا سTبْقُ الTتعامTلِ مTع الTطرفِ اآلخَTر، وسTبقُ الTبَدءِ فTي احلTركTةِ فTضالً عTن إجTبارِ الTطرفِ اآلخَTر عTلى أن يTتعامTلَ مTع مُTبادَرةٍ مTن صُTنعِنا نَTعرِفُ كTلَّ شTيءٍ عTنها ،ومِTن ثَTمَّ فTإنّ عTليه أنْ يسTيرَ وفTقاً لTلطريTقِ الTذي رسTمْناه له؛ والذي يُسهِّلُ علينا السيطرةَ عليهِ فيه. * الTقُدرةِ عTلى احلTركTةِ السTريTعةِ ،واالسTتجابTةِ الTتلقائTيةِ والTفوريTةِ ،واالسTتعدادِ الTدائTمِ لTلتفاوضِ فَTورَ قTيامِ الTطرفِ اآلخَTر بTإبTداءِ رَغTبتِه فTي ذلTك؛ لTتفويTتِ الTفرصTةِ عTليه فTي أخذِ زمامِ املبادَرةِ والسيطرةِ على عمليةِ التفاوضِ مِن أوَّلِها إلى آخرِها. * احلِTTرصِ عTTلى إبTTقاءِ الTTطرفِ اآلخَTTر فTTي مTTرك Tزِ الTTتاب Tعِ؛ والTTذي عTTليه أن يTTقبَعَ سTTاكِTTناً مُTنتظِراً لTإلشTارةِ الTتي نُTعطيها لTه ،أو أن تTكونَ حTركTتُه فTي نTطاقِ اإلطTارِ الTذي متَّ وضTعُه ليُحِيطَه. اإلستراتيجيةُ الرابعةُ :إستراتيجيةُ الدحرِ )الغزْوُ املُنظَّمُ(: هTي إسTتراتTيجيةٌ يTتمُّ اسTتخدامُTها بِTغَضِّ الTنظرِ عTن نُTدرةِ ،أو قTلَّةِ املTعلومTاتِ عTن الTطرفِ اآلخَر الذي يتمُّ معَه الصراعُ التفاوضيُّ. الصفحة ١٨٩ : ٥٠ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات وفTقاً لهTذه اإلسTتراتTيجيةِ يTتمُّ اسTتخدامُ الTتفاوضِ الTتدريTجيِّ "خُTطوةً خُTطوةً"؛ لTيصبحَ عTمليةَ غTزوٍ مTنظَّمٍ لTلطرفِ اآلخَTر؛ حTيث تTبدأُ الTعمليةُ بTاخTتراقِ حTاجTزِ الTصمتِ ،أو نُTTدرةِ املTTعلومTTاتِ بتجTTميعِ الTTبيانTTاتِ كTTافّ Tةً واملTTعلومTTاتِ املTTمكنةِ مTTن خTTاللِ الTTتفاوضِ التمهTيديِّ مTع هTذا الTطرفِ؛ ومِTن ثTمَّ مTعرفTةِ أهTمِّ اجملTاالتِ الTتي ميTتلكُ فTيها املTيزاتِ، والTTتفاوضِ مTTعه فTTي مTTجاالتٍ أُخTTرى تسTTتغرقُ وتسTTتنزِفُ قُTTدراتِTTه وإمTTكانTTاتِTTه ،وفTTي الوقتِ نفسِه جعلِه ينحسرُ تدريجيَّاً. اإلستراتيجيةُ اخلامسةُ :إستراتيجيةُ التدميرِ الذاتيِّ )االنتحارُ(: إنَّ ل TTكلِّ ط TTرفٍ م TTن أط TTرافِ ال TTتفاوضِ )أه TTدافٌ ،وآم TTالٌ ،وأح TTالمٌ ،وت TTطلُّعاتٌ(، وتTواجِTهُها جTميعاً مُحTدِّداتٌ ،وعَTقباتٌ ،ومTشاكTلُ ،وصِTعابٌ ،قTد يTصرفُ الTنظرَ عTن حتTقيقِها ،أو يTبحثُ عTن وسTائTلَ جTديTدةٍ متُTكِّنُه مTن الTوصTولِ إلTيها؛ ويTعني ذلTك الTيأسَ مTن حتTقيقِ األهTدافِ ،أو اإلصTرارَ عTلى حتTقيقِها ،ومَTن يسTتخدمُ الTبديTلَ الTثانTي صTاحTبُ عTTزمي Tةٍ ،وتُسTTتخدَمُ مTTعه وسTTائ Tلُ وأسTTالTTيبُ الTTتفاوضِ الTTذك Tيِّ كTTأداةٍ لTTتدمTTيرهِ ذات Tيَّاً؛ بTإفTقادِه مُTؤيِّTديِTه ،وحتTويTلِ أصTدقTائِTه إلTى أعTداءَ ،ولTتحويTلِ مTصادرِ الTقوَّةِ الTتي لTديTه إلTى ضَعفٍ. وقTد اسTتخدَمTت "مTارغTريTت تTاتشTر" رئTيسةُ وزراءِ بTريTطانTيا 1هTذه اإلسTتراتTيجيةَ مTع رئTيسِ نTقابTاتِ الTعُمَّالِ الTبريTطانTيةِ حTني جTمَّدَت أرصTدةَ الTنقابTةِ ،وعTملَتْ عTلى إجTبارِ " 1ﻣﺎرﻏﺮﯾﺖ ﺗﺎﺗﺸﺮ" رﺋﯿﺴﺔ وزراء ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺎ ﻣﺎرﺟﺮﯾﺖ ﺗﺎﺗﺸﺮ )ﺑﺎﻹﻧﺠﻠﯿﺰﯾﺔ): Margaret Thatcher وﻟﺪت ﺑﺎﺳﻢ ﻣﺎرﺟﺮﯾﺖ ھﯿﻠﺪا روﺑﺮﺗﺲ Margaret Hilda Robertsﻓﻲ ١٣أﻛﺘﻮﺑﺮ ١٩٢٥م وﺗﻮﻓﯿﺖ ﻓﻲ ٨إﺑﺮﯾﻞ ٢٠١٣م .رﺋﯿﺲ وزراء ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺎ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ ١٩٧٩إﻟﻰ ١٩٩٠م .وﺑﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ أوّل اﻣﺮأ ٍة اﻟﻤﻨﺼﺐ ،وﻣ ّﺪةُ ﺣﻜ ِﻤﮭﺎ ھﻲ اﻷطﻮل ﻣﻨﺬ ﻋﮭ ِﺪ روﺑﺮت ﺟﻨﻜﻨﺴﻮن )اﻟﺬي اﻧﺘﮭﻰ ﻋﮭﺪه ﻋﺎم ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿ ٍﺔ ﺗﺘﺴﻠﱠ ُﻢ ھﺬا َ ب اﻟ ُﻤﺤﺎﻓِﻈﯿﻦ ﺳﻨﺔ ١٩٧٥م ،وأﺻﺒﺤﺖ رﺋﯿﺴﺎ ً ﻟﻠﻮزراء ﺑﻌﺪ أن ھَﺰم ١٨٢٧م( .اﺧﺘﯿﺮت ﺗﺎﺗﺸﺮ رﺋﯿﺴﺔً ﻟﺤﺰ ِ ﺣﺰﺑُﮭﺎ ت اﻟﻌﺎ ﱠﻣ ِﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﺮت ﺳﻨﺔ ١٩٧٩م .ﻟُﻘﱢﺒَﺖ ب"اﻟﻤﺮأ ِة اﻟﺤﺪﯾﺪﯾﺔ". َ ﺣﺰب اﻟﻌ ﱠﻤﺎل ﻓﻲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎ ِ الصفحة ١٨٩ : ٥١ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات الTTعمَّالِ عTTلى الTTعودةِ إلTTى الTTعملِ مُTTذعِTTننيَ ،وعTTندمTTا طTTلبَ رئTTيسُ الTTنقاب Tةِ مTTساعTTداتٍ خTارجTيةً ظهTرَ بTعدمِ الTوالءِ لTلنظامِ احلTاكTمِ ،وأضTفى ذلTك شTعبيةً عTلى قTراراتِ رئTيسةِ الوزراءِ.1 1ﺑﺎر ﺑﺎرا أﻧﺪرﺳﻮن اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٦٥ الصفحة ١٨٩ : ٥٢ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﻤَﺒﺤﺚُ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺗﻜﺘﻴﻜﺎتُ ﻣﺎﺋﺪةِ اﻟﺘﻔﺎوُضِ ال يُTTوجَ Tدُ فTTي بTTعضِ األحTTيانِ سِTTوى خTTيطٍ رفTTيعٍ ،هTTو الTTذي يTTفصلُ بTTني تTTكتيكاتِ التفاوضِ ،وبنيَ األفعالِ التي يُصدِرُها الشخصُ املفاوضُ. إنّ هTدفَ تTكتيكاتِ الTتفاوضِ جTيمعِها أن تُTبقِيَ املTفاوضTاتِ عTلى مTسارِهTا السTليمِ، وتTواصTلَ املسTيرةِ بTأسTلوبٍ مTنظَّمٍ نTحوَ اإلجنTازاتِ الTتفاوضTيةِ ،وقTد يTتطلَّبُ األمTرُ قَTدْراً مِTن الTدبTلومTاسTيةِ فTي مTواجَTهةِ اخلTصمِ الTتفاوضTيِّ مِTن جTهةٍ ،واملTهارةِ فTي عَTرْضِ املTوقTفِ التفاوضيِّ من جهةٍ أُخرى. وسيَعرِضُ الباحثُ بعضَ التكتيكاتِ على مائدةِ التفاوضِ: التكتيكُ األوَّلُ :تقيمُ نُفوذِ املفاوضِ اآلخَر: وهTو حتTديTدُ السTلطةِ الTتفاوضTيةِ الTتي يTتمتَّعُ بTها اخلTصمُ ،بTاإلضTافTةِ إلTى حتTديTدِ صTانِTعي الTقرارِ مِTن وراءِ السِّTتارِ ،ويTتمتَّعُ هTذا األمTرُ بTأهTميةٍ مسTتدميTةٍ؛ حTيث أنّTكَ إذا لTم تTكنْ تTTعرفُ أي Tنَ تTTكمنُ سTTلطةُ املTTوافTTقةِ عTTلى أيِّ اتTTفاقٍ فTTإنّ Tكَ قTTد ال حتُ Tقِّقُ شTTيئاً سِTTوى الTدخTولِ فTي دائTرةٍ مُTفرَغTةٍ ،وإنّ الTشخصَ الTذي تTتفاوضُ مTعهُ قTد ال يTكونُ صTاحTبَ السTلطةِ الTنهائTيةِ فTي املTوافTقةِ عTلى االتTفاقِ ،وهTذا هTو املTوقTفُ الTشائTعُ؛ ولTكنْ حTتّى إذا كTان املTفاوضTونَ ال يTتمتَّعُونَ بTالسTلطةِ الTالزمTةِ فTإنّ مTدى تTأثTيرهِTم عTلى أصTحابِ سTلطةِ )القَبولِ ،أو الرَّفضِ( أليِّ اتفاقٍ يُعَدُّ مهمَّاً وذا مغزىً؛ الصفحة ١٨٩ : ٥٣ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ولTذا إذا كTان عTليكَ أن تُTقنِعَ املTفاوضَ اآلخTرَ مبTزايTا عَTرضِTكَ؛ فTإنّ هTذا يTوصِTلُكَ إلTى مTTنتَصفِ الTTطري Tقِ؛ وعTTندئ Tذٍ عTTليك أن تTTعتمدَ عTTلى بTTراع Tةِ املTTفاوضِ اآلخَTTر فTTي إقTTناعِ رؤسائِه باالتفاقِ. ويTجبُ عTليكَ كTذلTكَ أن حتُTدِّدَ قTبلَ بَTدءِ املTفاوضTاتِ إذا كTان املTفاوضُ يTتمتّعُ بTالسTلطةِ الTكافTيةِ التTخاذِ الTقرارِ الTنهائTيِّ ،وإذا لTم يTكُنْ يTتمتَّعُ بهTذه السTلطةِ فTينبغي أن حتُTدِّدَ صTاحTبَ الTكلمةِ األخTيرة؛ إذ ال بُTدَّ مِTن إجTراءِ مTراجTعاتٍ عTلى مسTتوىً أعTلى ،ويُTعتبرُ هTذا اإلجTراءُ وِقTائTيَّاً وجTيِّدًا ضِTدَّ اسTتخدامِ السTلطةِ األعTلى مبُِجTرَّدِ حTيلةٍ لTلحصولِ عTلى مزيدٍ من التنازالتِ بعد اعتقادِ التوصُّلِ إلى اتفاقٍ.1 فTإذا مTا كTانَ الTطرفُ اآلخَTرُ يTلعبُ لTعبةَ مTوافTقةِ اجلTهاتِ األعTلى؛ فTمِن مTصلحَتِكَ أن تكونَ في مركزٍ يُتيحُ لك إبطالَ هذه احليلةِ. فTمنذُ الTبدايTةِ تTطلبُ مTشاركTةَ فTردٍ يTتمتَّعُ بسTلطةِ اتTخاذِ الTقرارِ؛ ولTكنَّ هTذا املTوضTوعَ لTه حTساسTيَّتُهُ؛ حTيث ال يُTعَدُّ مِTن مTصلحتكَ .وتTبدو كTما لTو كُTنتَ متُTلي عTلى الTطرفِ اآلخَTر مTا يTجبُ عTليه الTقيامُ بTه ،ويTجبُ الTتأكُّTدُ مِTن الTتمتُّعِ بTالTدبTلومTاسTيةِ قTبلَ فTتحِ هTذا املوضوعِ. وإنّ مTحاولTةَ اسTتخدامِ تTصديTقِ اجلTهاتِ الTعُليا كTحِيلةٍ لTدَفْTعِكَ إلTى تTقدميِ املTزيTدِ مِTن الTتنازالتِ؛ ألنّ اخلTصمَ سTيُحاوِلُ عTلى األرجTحِ أن يTنتزعَ مTنكَ مTزيTداً مTن الTتنازالتِ عن طريقِ استغاللِ حقِّ الرفضِ الذي يتمتَّعُ به صاحبُ سلطةِ اتخاذِ القرارِ. .۱تكتيكُ جتنُّبِ النقدِ الشخصيِّ: 1ﺟﻮرج ﻓﻮﻟﺮ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ١٨١ الصفحة ١٨٩ : ٥٤ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات إنّ اجلTمعَ بTني اآلراءِ والTشخصياتِ اخملTتلفةِ بTاإلضTافTةِ إلTى احلTاجTةِ لTلتوصُّTلِ إلTى اتTفاقٍ مُTرْضٍ للجTميعِ أنّ تTنوُّعَ املTسائTلِ قTد يُTؤدِّي إلTى ظTهورِ انTفجاراتٍ انTفعالTيةٍ مTحتملةٍ؛ ولTكنَّ الTغضبَ والTعداءَ لTن يخTدُمTا إالّ تTوسTيعَ الTفجوةِ الTتي تTفصلُ بTني الTطرفTنيِ؛ ولهTذا فTTإنّTTه مTTن الTTضروريِّ أن تTTكونَ )حTTازم Tاً ،وصTTارم Tاً( عTTندمTTا تُTTواجِ Tهُ حت Tدِّي Tاً عTTلى مTTائTTدةِ املTTفاوضTTاتِ بِ Tصَرفِ الTTنظرِ عTTن أيّ أفTTعالٍ يTTقومُ بTTها الTTطرفُ اآلخ Tرُ إلثTTارةِ ردِّ فِTTعلكَ ودَفعِكَ إلى اخلروجِ عن وَقارِك.1 وكTذلTكَ فTإنّ مِTن االعTتباراتِ مTواجTهةَ املTوقTفِ دونَ الTلجوءِ إلTى مTواجTهةِ الTشخصِ؛ فTTليس مTTا نTTقولُTTه ه Tوَ املTTهمُّ فحسTTب؛ بTTل األسTTلوبُ الTTذي نُTTعبِّرُ بTTه عTTن الTTرأي أيTTضاً؛ فيجب وضعُ االعتراضاتِ في سياقِ احلديثِ. .۲تكتيكُ البحثِ عن نقطةِ االلتقاءِ التي تُوصِلُ إلى اتفاقٍ: لTقد تTبيَّنَ أنّTه أثTناءَ املTفاوضTاتِ كTثيراً مTا تTتحوَّلُ مTسألTةٌ أو أكTثرُ إلTى عَTقبةٍ حتَُTولُ دونَ الTTتوصُّ Tلِ إلTTى اتTTفاقٍ؛ ولTTذا فTTإنّ املTTفاوضTTاتِ تTTتطوَّرُ إلTTى مTTناقTTشاتٍ مُTTطوَّل Tةٍ حTTولَ هTTذه املشكالتِ حيث يتربَّصُ كُلُّ طرفٍ مبَِواقِفه. وإمّTا أن تTأخُTذَ الTنتيجةُ اخلTتامTيةُ شTكالً مِTن أشTكالِ احلTلِّ الTوسTطِ فTي اللحTظةِ األخTيرةِ، وإمّا أن تفشلَ وتنتهيَ دونَ التوصُّلِ إلى اتفاقٍ.2 عTندمTا تTتحوَّلُ إحTدى هTذه املTسائTلِ إلTى طTريTقٍ مسTدودةٍ فسTيكونُ عِTدَّةُ مTداخِTلَ مُTفيدةٍ لTلتغلُّبِ عTلى هTذه الTعقبةِ ،وأحTدُ هTذه احلTلولِ أنْ نTنظُرَ إلTى الTعقبةِ مِTن مTنظورِ الTطرفِ اآلخَTر؛ ممّTا يُTساعِTدُ فTي الTتغلُّبِ عTلى رؤيTةِ األشTياءِ مTن مTنظورٍ شTخصيٍّ ،األمTرُ الTذي 1ﺟﻮرج ﻓﻮﻟﺮ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ١٦٣ 2ﺟﻮرج ﻓﻮﻟﺮ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص١٦٨ الصفحة ١٨٩ : ٥٥ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات يTؤدِّي إلTى قTصورِ الTرؤيTةِ ،ويTجعلُ الTطرفTنيَ كTليهِما يTرفُTضانِ الTتزحTزُحَ عTن مTواقTفهِما، وفTTي احلTTقيقةِ ال يُTTوجَ Tدُ خTTالفTTاتٌ ال ميُ Tكِنُ ح Tلُّها فTTيما إذا نTTظرَ الTTطرفTTانِ كTTالهُTTما إلTTى الTصعوبTةِ بTوَصْTفِها عTقبةً يTنبغي الTتغلُّبَ عTليها؛ بTدالً مِTن اتِّTباعِ أسTلوبِ إلTقاءِ الTعقباتِ في طريقِ اآلخَر ،ورفضِ التنازُلِ. ومِTن املTفيدِ حلTلِّ هTذه الTعقباتِ أيTضاً االسTتماعُ إلTى اعTتراضTاتِ الTطرفِ اآلخَTر ،وأحTيانTاً قTد ال يTكونُ اعTتراضُ الTطرفِ اآلخTرِ فTيه مTشكلةٌ بTالنسTبةِ إلTيكَ؛ األمTرُ الTذي يTؤدِّي إلTى نTTتيجةٍ واحTTدةٍ؛ أال وه Tيَ أنّ الTTطرفَ اآلخَTTر يُTTعانِ Tدُ مِTTن أجْ Tلِ الTTعنادِ فحَسTTب وبTTذلTTك يكونُ مُكابِراً. .۳تكتيكُ االحتفاظِ بزِمامِ السَّيطرَةِ على املفاوَضاتِ: كTلّما ازدادَ حتTكُّمُكَ فTي مTسارِ املTفاوضTاتِ ازدادتْ فُTرصَTتُكَ لTتحقيقِ املTكاسTبِ؛ ولهTذا مِTTن املTTفيد أن حتTTتفِظَ ب Tبُؤرَةِ الTTنقاشِ حTTولَ املTTسائ Tلَ الTTتي تTTودُّ مُTTناقَش Tتَها؛ األم Tرُ الTTذي يعني عُموماً أن تؤُكِّدَ على نقاطِ القوَّةِ في موقِفِكَ. كTTما يُ Tعَدُّ مِTTن السه Tلِ الTTدفTTاعُ عTTن نTTقاطِ الTTقوَّةِ فTTي املTTوق Tفِ الTTتفاوض Tيِّ حTTني يُTTحاوِلُ اخلTصمُ إبTطالَ حُTجَجِكَ ،وأنّ نTقاطَ الTقوةِ فTي مTوقTفِكَ هTي الTتي سTتًقنِعُ اآلخَTر بTقَبولِ عَرضِكَ .1 ولTكنْ يTبقى الTتفاوضُ مُTركَّTزاً عTلى مTا تTودُّ احلTصولَ عTليه ،وهTي أن تُTوجِّTهَ دُفَّTةَ الTنقاشِ بTTاسTTتمرارٍ نTTحوَ هTTذه املTTسائ Tلِ ،وسTTوفَ تُTTضطَرُ إلTTى بTTذلِ اجله Tدِ فTTي ذلTTك؛ حTTيثُ 1اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ ص ١٦٩ الصفحة ١٨٩ : ٥٦ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات سTيُحاوِلُ اخلTصمُ الTبحثَ عTن نTقاطِ الTقوةِ فTي مTوقTفِه ومُTهاجTمَةَ نTقاطِ الTضَّعفِ الTتي يراها في عَرضِكَ. .٤تكتيكُ احلِفاظِ على املُفاوَضاتِ في مَسارِها الصَّحيحِ: قTد تTتَّسِمُ إحTدى املTفاوضTاتِ بTقَدْرٍ مTن الTتعقيدِ الTبالTغِ ممّTا يTجعلُها نTشاطTاً قTاتTالً لTلوقTتِ، وعTلى هTذا األسTاسِ يTنبغي أن تTبقى املTناقTشاتُ عTلى مTسارِهTا الTصحيحِ نTحوَ الTتوصُّTلِ إلTى اتTفاقٍ فTي الTنهايTةِ ،وعTدمِ إضTاعTةِ الTوقTتِ؛ فTقَد تTتعطَّلُ املTفاوضTاتُ دونَ تTقدُّمٍ ،ومِTن مTصلحتِكَ أن تTتجنَّبَ الTوقTوعَ فTي هTذا الشَTرَكِ ،ومِTن وجْTهةِ نTظرٍ عTفويTةٍ ميُTكنُكَ أن جتَِTد نTفسكَ تTتعامTلُ مTع مُTفاوضٍ ،ميTيلُ إلTى االنحTرافِ فTجأةً عTن مTسارهِ ،ورمبّTا يTرجTعُ هTذا إلى شخصيةِ الفردِ ذاتِها ،وإلى كونِ اآلخَر لم يُحدِّدْ موقفَه. ومِTن األسTبابِ املTرجِّTحَةِ الTتي جتTعلُ املTفاوِضTنيَ يTحيدونَ عTن مَTسارِهِTم عTندمTا يَTفترضTونَ أنّ الTTوق Tتَ فTTي مTTصلحتِهم ،فTTبما يُTTدرِكُ الTTطرفُ اآلخَ Tرُ ،أو يُTTفترَضُ أنّ الTTتوصُّ Tلَ إلTTى اتفاقٍ في تاريخٍ مُعيَّنٍ يُعَدُّ أمراً مُلحِّاً بالنسبةِ إليكَ ،ونتيجةً لذلك فإنّ التكتيكَ الذي يُوظِّفهُ ضِدَّكَ يتمثَّلُ في إطالةِ املفاوضاتِ. ويTTكونُ الTTتكتيكُ بTTالتهTTدي Tدِ والTTترغTTيبِ ،ويُسTTتخدَمُ فTTي هTTذه الTTعمليةِ الTTتفاوضTTيةِ )تTوجTيهُ إنTذاراتٍ ،أو اسTتخدامُ الTقوَّةِ(؛ مTثلُ حشTدِ الTقُوّاتِ وإجTراءِ احلTصاراتِ مTثلُ اسTتخدامِ أمTريTكةَ للتهTديTدِ ،ونَTفَّذَتْTه ضِTدَّ الTعراقِ عTام ۲۰۰۳م ،وعTلى اجلTانTبِ اآلخَTر قTTد يTTتطلَّبُ اسTTتخدامُ وسTTائ Tلِ الTTترغTTيبِ؛ مTTثلُ تِTTبيانِ املTTزايTTا واملTTكاس Tبِ فTTي اسTTتمرارِ عمليةِ التفاوضِ.1 1ﻣﺤﻤﻮد ﻋﻠﻲ ود ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻮض اﻟﮭﺰاﯾﻤﺔ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٢١ الصفحة ١٨٩ : ٥٧ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات .٥تكتيكُ املُقاطَعةِ وتشتيتُ االنتِباه: إنّ مِTن املTعلومِ أنّ املTقاطTعاتِ غTيرَ الTضروريTةِ ال تخTدمُ إالّ فTي تشTتيتِ انTتِباه املTفاوِضTنيَ عTن املTهمِّةِ مَحTلِّ الTنقاشِ وفTي الTوقTتِ نTفسِه فTإنّ املTقاطTعاتِ اخملTطَّط لTها ميُTكِنُ أن تTكونَ ذاتَ قTTيمةٍ عTTظيمةٍ؛ ولهTTذا السTTببِ تُ Tعَدُّ املTTقاطTTعاتُ املTTدروس Tةُ تTTكتيكاً يُحسَ Tبُ لTTه حِTسابُTه حTني يسTتخدمُTه الTطرفُ اآلخَTرُ ،وميُTكِنُنا اسTتخدامُ املTقاطTعةِ فTي تTغيِّرِ الTنقطةِ املركزيةِ للمناقشاتِ.1 .٦تكتيكُ حِفْظِ ماءِ الوجْه: إنّ الTتعقيداتِ والTضغوطَ الTتي تTنطوي عTليها املTفاوضTاتُ كTثيراً مTا ميُTكِنُ أن تTؤدِّي إلTى الTTوقTTوعِ فTTي اخلTTطأِ ،وعTTلى افTTتراضِ أنّ األخTTطاءَ س Tتُكْتَشَفُ وتُTTصوّبُ قTTبلَ الTTتوقTTيعِ الTTنهائ Tيِّ فTTلن تTTكونَ هTTناك أضTTرارٌ بTTالTTغةٌ؛ ولTTكنّ اكTTتشافَ األخTTطاءِ أثTTناءَ املTTفاوضTTاتِ ميُTكِنُ أن يُسTبِّبَ إحTراجTاً كTبيراً عTلى أقTلِّ تTقديTرٍ؛ بTل إنّTه قTد يُTقلّلُ مTن مِTصداقTيتِكَ فTي عُيونِ الطرفِ اآلخَر.2 وتظهTرُ املTشكلةُ الTرئTيسةُ الTناجتTةُ عTن حُTدوثِ األخTطاءِ أثTناءَ عTمليةِ الTتفاوضِ ،عTندمTا نكتشفُ بعضَ األخطاءِ في الشروطِ التي متَّ االتفاقُ عليها بالفعلِ. ومTع هTذا ويTا لTألسTفِ فTليسَ لَTديTنا خTيارٌ سِTوى الTتصريTحِ مبِTثلِ هTذه األخTطاءِ ،وحتTمُّلِ عَناءِ التوضيحِ الدقيقِ ،واملفصِّلِ لكيفيةِ حدوثِ اخلطأِ. ويTTنبغي تTTقدميُ مTTا يTTكفي مِTTن األدلَّ Tةِ إلثTTباتِ وجTTودِ اخلTTطأِ بTTالTTفعلِ؛ وإالّ ف Tقَد يTTظنُّ الTTطرفُ اآلخَTTر أنّTTك حتُTTاوِلُ خِTTداعَTTه ،وفTTرضُ شTTيءٍ عTTليهِ وفTTي بTTعضِ األحTTيانِ يTTرت Tكِبُ 1ﺟﻮرج ﻓﻮﻟﺮ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ١٧٣ 2اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ١٧٥ الصفحة ١٨٩ : ٥٨ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات املTفاوضُ األخTطاءَ عTمداً ،ومِTن الTصعبِ أن تسTتطيعَ أن تُTثبِتَ إذا كTان هTذا اخلTطأُ غTيرَ مTقصودٍ ،أو أنّTه مTحاولTةٌ مُTتعمَّدةٌ للخِTداع؛ ولTذا يُTعَدُّ مِTن األفTضلِ عُTمومTاً أن تTتجنَّبَ إصدارَ أيِّ اتهامٍ للخصمِ باخلِداع. فيجبُ احلِرصُ على حتليلِ األمورِ كلِّها قبلَ الوصولِ إلى االتفاقِ النهائيِّ. .۷تكتيكُ عَكْسِ االجتاهِ وتبديلُ املواقفِ: يَTعتمدُ عTلى تTغيُّرِ مTوقTفِ الTتفاوضِ الTتعنُّتِ والتشTدُّدِ إلTى مTوقTفٍ مَTرنٍ ومُTتعاونٍ عTلى استعدادٍ لتقدميِ التنازُالتِ؛ ومTثالُ ذلTك مTوقTفُ إسTرائTيلَ مTن مTؤمتTرِ الTالءاتِ الTثالثِ الTعربTيّ1؛ حTيث اسTتطاعَTتْ بTTدهTTائِTTها واسTTتعداد الTTلعبِ لTTلتنازلِ تTTبدي Tلُ هTTذه الTTالءاتِ ب"نَ Tعَمْ لTTلصُّلْحِ" ،نَ Tعَم للتفاوُضِ"" ،نَعَمْ لالعترافِ".2 ت اﻟﺜﻼث واﻟﺬي ُﻋﻘِ َﺪ ﻓﻲ ﯾﻮم ٢٩ﻣﻦ ﺷﮭﺮ ﯾﻮﻧﯿﻮ ﻣﻦ ﻋﺎم ١٩٦٧ﻓﻲ اﻟﺨﺮطﻮم ،وأطﻠﻖ ﺗﻠﻚ 1ﻣﺆﺗﻤ ُﺮ اﻟﻼءا ِ ﺗﻔﺎوض( ر ّداً ﻋﻠﻰ اﻟﮭﺰﯾﻤﺔ ﻓﻲ ﺣﺮب ﺣﺰﯾﺮان واﺣﺘﻼل اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺼﯿﺤﺔَ اﻟﻘﻮﯾﺔ )ﻻ ﺻﻠ َﺢ ،ﻻ اﻋﺘﺮافَ ،ﻻ َ اﻟﻌﺒﺮﯾﺔ ﻷراﺿﻲ ﺳﯿﻨﺎء واﻟﺠﻮﻻن واﻟﻀﻔﺔ اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ وﻗﻄﺎع ﻏ ّﺰة. 2ﻣﺤﻤﻮد ﻋﻠﻲ ود ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻮض اﻟﮭﺰاﯾﻤﺔ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٢٣ الصفحة ١٨٩ : ٥٩ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﻤَﺒﺤﺚُ اﻟﺜﺎﻟ ُ ﺚ ﻛﻴﻒَ ﻧﻘﺮأُ ﺗﻜﺘﻴﻜﺎتِ اﻟﻤُﻔﺎوِﺿِﻴﻦَ اﻵﺧَﺮﻳ َ ﻦ ممTا ال ريTبَ فTيه أنّ األسTلوبَ الTذي يTتمتَّعُ بTه الTفردُ فTي األغTلبِ مTا يTكونُ عTلى قَTدْرٍ مTساوٍ مTن الTقوَّةِ مTع مTا يTقولُTه .وعTالوةً عTلى ذلTكَ عTندمTا يTكونُ هTناك تTناقTضٌ بTني مTا يTقولُTه الTفردُ ،ولُTغتِه اجلسTديTةِ فسTيميلُ الTفردُ الTذي يسTتمعُ ويُTشاهِTدُ إلTى االعTتقادِ "أنّ الرسالةَ احلقيقيةَ هي الرسالةُ غيرُ اللفظيةِ" ،وبالتالي ميَيلُ إلى جتاهُلِ الرسالةِ اللفظيةِ. قراءةُ الرُّموزِ غيرِ اللفظيةِ: ال يTنحصِرُ الTتواصTلُ غTيرُ الTلفظيِّ فTي احلTياةِ وفTي كTلِّ عTمليةٍ تTفاوضTيةٍ فTي لTغةِ اجلسTدِ الTTواضTTحةِ؛ مTTثل )دَورانِ ال Tعَنيِ ،وق Tبْضِ وبَسْ Tطِ األصTTاب Tعِ( ،وكTTذل Tكَ فTTإنّ )تTTغيُّراتِ الTTوجْ Tهِ شTTديTTدةُ ال Tدِّقَّ Tةِ ،واألصTTواتِ املTTعبِّرةَ ،وفTTتراتِ ال Tصَّمتِ املTTشحون Tةِ ،واحلTTركTTاتِ املوحِيةِ( فمَثالً :إذا ما قالَ لكَ أحدُ األشخاصِ: "صTدِّقTني أنTا أتTعامَTلُ مTعكَ بTعَقلٍ مُTنفتِحٍ "إالّ أنّTه قTال لTكَ ذلTكَ ،وهTو يجTلسُ عTلى مِTقعَدِه ،وقTد ارتTفعَ كTتِفاهُ مِTن الTتوتُّTرِ ،بTينما عTقدَ ذِراعTيه بشTدَّةٍ عTلى صَTدرِه فسTتُدرِكُ أنّTTه لTTيسَ صTTادق Tاً فTTي هTTذه املTTالحTTظةِ الTTتي ألTTقاهTTا ،وبTTذل Tكَ تTTكونُ قTTد الحTTظتَ أنّ التواصلَ اللفظيَّ عادةً ما يكونُ أكثرَ أهميَةً من الكلماتِ املنطوقةِ.1 فTتُمَثِّلُ اإلشTاراتُ غTيرُ الTلفظيةِ مTصدراً مTهمَّاً لTيس لTكشفِ وفَTهْمِ حTاجTاتِ اخلTصمِ؛ وإمنّا تدلُّ على ما يُفكِّرُ فيه اخلصمُ في بعضِ األحوالِ أيضاً. 1 اﻧﻈﺮ :ھﻨﺮي إﺗﺶ ﻛﺎﻟﯿﺮو :اﻟﻔﻦ اﻟﺠﺪﯾﺪ ﻟﻠﺘﻔﺎوض ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺟﺮﯾﺮ ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،٢٠١٠ص .١٦٨ الصفحة ١٨٩ : ٦٠ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ولTغةُ اجلسTدِ هTي مTنطوقُ األفTكارِ لTدى اإلنTسانِ ،وتTطويTرُ املTهاراتِ فTي فَTهْمِ لُTغةِ اجلسTدِ يُTساعِTدُ عTلى فTكِّ شِTفراتِ اآلخَTريTنَ ،ويTصبحُ اإلنTسانُ خTبيراً فTي قTراءةِ مTا يTدورُ فTي ذِهْTنِ املفاوضِ اآلخَر من خاللِ الرسائلِ غيرِ اللفظيةِ التي يبعثُ بها الشخصُ املفاوضُ. ولTTكنّ بTTعضَ املTTفاوِض Tنيَ ال Tعِظامِ مم Tثِّلونَ عِTTظامٌ أيTTضاً؛ ف Tهُم "حTTربTTائTTيونَ" يسTTتطيعونَ إخTTفاءَ أفTTكارهِTTم ومTTشاع TرِهTTم بTTشكلٍ ج Tيِّد لTTلغاي Tةِ؛ ولTTكنْ ح Tتّى هTTؤالءِ تTTندُّ مTTنهُم هفواتٌ وتُكشَفُ حقيقةُ مشاعرِهم وكما قيل" :الصُّورةُ أقوى مِن العبارةِ". "األصواتُ والصَّمْتُ " ميُ Tكِنُ لTTألصTTواتِ أيTTضاً أن تُTTعبِّرَ بTTشكلٍ غTTيرِ لTTفظيٍّ عTTن مTTشاع Tرِ اإلنTTسانِ؛ وبTTالTTتالTTي تTكشفُ انTفعاالتُTه اخلTفيَّةُ .واألصTواتُ الTتي نTسمعُها فTي عTمليةِ الTتفاوضِ تTنقسمُ إلTى قTسمنيِ )تTلك الTتي تTصدرُ بTشكلٍ غTيرِ مTقصودٍ( ،و)تTلك الTتي تسTتخدمُ بTشكلٍ مTقصودٍ(؛ فTاألصTواتُ غTيرُ املTقصودةِ ،أو الTتي ال ميُTكِنُ الTتحكُّمُ فTيها والTتي ميُTكِنُ أن تTTصدُرَ مِTTن شTTخصٍ يTTشعرُ بTTالTTتوتُّ Tرِ أو االنTTزعTTاجِ ،وهTTناك كTTثيرٌ مِTTن األصTTواتِ غTTيرِ املقصودةِ األُخْرى التي ميُكنُكَ أن تلتقِطَها مبُِجرَّدِ أن تُتقِنَ املالحظةَ لهذه األصواتِ. واحلTديTثُ عTن الTصمتِ شTأنُTه شTأنُ الTكالمِ واملTفاوضِ احملTترمِ سTيصمُتُ أثTناءَ حTديTثِ الTTطرفِ اآلخَTTر ،وميُ Tثِّل ذلTTك جُTTزءاً مTTن اإلنTTصاتِ اجل Tيِّد؛ ولTTكنْ عTTندمTTا تTTكونُ هTTناكَ وقTفاتٌ طTويTلةٌ مTن الTصمتِ خTاللَ احلTديTثِ فTإنّ ذلTك يTعني بTوضTوحٍ أنّ هTناك أمTراً غTيرُ سTليمٍ ،وهTناك احTتماالتٌ لهTذا الTصمتِ؛ فTرُمبّTا أن يTكونَ مTا قُTلْتَه إمّTا )مُTعقَّداً ،أو غTيرَ مُTTتوقَّ Tعٍ( وأنّ الTTطرفَ الTTصامِTTت يُTTذاكِ Tرُ املTTعانTTي الTTتي قُTTلتَها ويTTختارُ الTTكيفيةَ الTTتي سTيتعامTلُ بTها مTع هTذا املTوقTفِ ،ويTجبُ أن تTصلَ إلTى هTذا حُTكْمٍ بهTذا الTشأنِ ،واحلTكمِ الصفحة ١٨٩ : ٦١ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات عTTلى أيٍّ مTTن هTTذه االحTTتماالتِ هTTو األص Tحُّ لتحTTدي Tدِ الTTتكتيكِ الTTواج Tبِ اتِّTTباعُTTه فTTي املفاوَضاتِ.1 مفاهيمُ خاطِئةٌ في املُفاوَضاتِ: هTناك بTعضُ املTفاهTيمِ اخلTاطTئةِ حTولَ عTمليةِ الTتفاوضِ واملTفاوِضTنيَ الTذيTن يTقومTونَ بهTذه العمليةِ؛ فمِنَ املفاهيمِ اخلاطئةِ: املفهومُ األوَّلُ: أنّ املTفاوضَ الTقويّ هTو مُTفاوِضٌ مُTتصلِّبُ الTرأي ال يTقبلُ احلTلولَ الTوسTطيةَ فTي مTسعاهُ؛ لتحقيقِ أهدافِه. هTذه الTفكرةُ خTاطTئةٌ؛ ألنّTه فTي كTثيرٍ مTن األحTيانِ يTعملُ مَTن يTتبَّنونَ هTذا األسTلوبَ ضِTدَّ احTTتياجTTاتِTTهم مبِTTا يُTTعرقِ Tلُ فُ Tرَصَ حتTTقيقهِم الTTنجاحَ بَTTدالً مِTTن دع Tمِها؛ ف Tهُم ميTTيلونَ إلTTى الTتصلُّبِ وعTدمِ املTرونTةِ فTي قُTدرتِTهم عTلى اسTتكشافِ الTبدائTلِ الTتي تTتطلَّبُ تTنازالتٍ، أو حTلولَ وسَTطٍ ومِTثلُ هTذا السTلوكِ يTزيTدُ فTي إمTكانِ الTوصTولِ إلTى طTريTقٍ مَسTدودةٍ ،وإنّ هTTذا الTTنوعَ مTTن السTTلوكِ يُTTؤدِّي إلTTى صُTTنعِ صTTعوبTTاتٍ كTTبيرةٍ فTTي طTTري Tقِ الTTتغلُّبِ عTTلى العراقيلِ. واملTفاوِضُ الTذي يَTعرفُ بTالTفعلِ نTقاطَ قTوَّتِTه نTادراً مTا تTنقصُه املTرونTةُ أو الTرغTبةُ فTي الTوصTولِ إلTى حTلٍّ وسTطٍ؛ فTالTشخصُ املTثابTرُ ال تَTغيبُ أهTدافُTه وال غTايTاتُTه عTن بَTصرِه؛ إالّ أنّ ذلTك ال يTعني أنّTه يُTقاوِمُ أيَّ تTغيُّرٍ بTتَعنُّتٍ أو يTتعامTلُ بTعِنادٍ عTندمTا يTتعلَّقُ األمTرُ بTتنازالتٍ أو احلTلِّ الوسط.2 1اﻧﻈﺮ ھﻨﺮي إﺗﺶ ﻛﺎﻟﯿﺮو :اﻟﻔﻦ اﻟﺠﺪﯾﺪ ﻟﻠﺘﻔﺎوض ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص .١٧٢ 2ھﻨﺮي إﺗﺶ ﻛﺎﻟﯿﺮو اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص.١٨٤ الصفحة ١٨٩ : ٦٢ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات املفهومُ الثاني: كTTثيراً مTTا يTTعتقدُ بTTأنّ املTTفاوضَ الTTقويَّ شTTدي Tدُ الTTكتمانِ وال يُTTصرِّحُ لTTآلخَTTري Tنَ خTTاللَ املفاوضاتِ إالّ بالقَدْرِ املمكِنِ مِن املعلوماتِ. إنَّ املTفاوِضTنيَ الTذيTن يTتعامَTلونَ مTع املTعلومTاتِ بTأفTضلِ وسTيلةٍ ممُTكِنةٍ يTكونTونَ بTشكلٍ عTامٍّ مُT Tتَفَنِّنِنيَ ف TTي )ال TTتوريT Tةِ ،وال TTتعميةِ( وخ TTباء* ف TTي اس TTتخدامِ اإلف TTصاحِ ال TTزائT Tدِ ع TTن املTعلومTاتِ لTصاحلTهِم ،وإنَّTهُم يُTدركُTونَ أهTميَّةَ املTعلومTاتِ؛ بTاعTتبارِهTا وسTيلةً مTن وسTائTلِ الTتبادلِ ،ويTتبادَلTونَ بTعضَ املTعلومTاتِ بTبَراعTةٍ وحِTكمةٍ مTقابTلَ )مTعلومTاتٍ ،أو تTنازالتٍ( ذاتِ قTيمةٍ بTالنسTبةِ إلTيهِم ،وبTالTطبع ميُTارِسTونَ أيTضاً سTياسTةَ الTكِتمانِ اجلُTزئTيِّ؛ ألنَّTهُم يُدرِكونَ أنّ املعلوماتِ ال تقبلُ التفاوضَ عليها إالّ مرَّةً واحدةً فقط.1 املفهومُ الثالثُ: االع TTتقادُ ب TTأنّ ال TTفردَ ال TTذي ي TTتكلَّمُ أك TTثرَ ه TTو ال TTشخصُ ال TTذي ي TTتحكَّمُ ب TTال TTعمليةِ التفاوضيةِ. يTTكونُ الTTشخصُ فTTي أغTTلبِ األحTTيانِ الTTذي يTTتكلَّمُ أكTTثرَ هTTو مَTTن يTTشعرُ بTTاحلTTاج Tةِ إلTTى الTTدفTTاعِ عTTن حTTاجTTاتِTTه ومTTواق Tفِه وقTTضايTTاهُ؛ أيّ) :أنّTTه يTTشعرُ بTTاحلTTاج Tةِ املTTفرط Tةِ لTTنيلِ مTTا يُعوِّضُ به ضَعفَ موقفِه(. وفTي كTثيرٍ مTن املTفاوضTاتِ يTتكلَّمُ الTشخصُ؛ ألنّTه يTقومُ بشTرحِ شTيءٍ لTلطرفِ اآلخَTر، ويTTنبعُ هTTذا الشTTرحُ مTTن سTTؤالٍ متَّ إلTTقاؤه ،أو رمبّTTا يTTكونُ مTTحاول Tةً لTTتوضTTيحِ مTTوق Tفٍ مTTن 1 ھﻨﺮي إﺗﺶ ﻛﺎﻟﯿﺮو :اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص.١٨٥ الصفحة ١٨٩ : ٦٣ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات إحTTدى الTTقضايTTا ومTTع ذلTTك فTTي األغTTلبِ مTTا يTTكونُ الشTTرحُ دِفTTاع Tيّاً بTTطبيعتِه ،ويTTتمُّ استخدامُ كلماتٍ عِدائيةٍ ال تُسهِمُ بأيِّ روحٍ تعاونيةٍ بني اجلانبنيِ.1 املفهومُ الرابعُ: عTTند يTTتمُّ تTTقدميُ عَTTرضٍ يTTتبعُ ذلTTك فTTترةٌ مِTTن الTTصمتِ ،فTTإنّ مَTTن يكس Tرُ هTTذا الTTصمتَ يكون خاسِراً. إنّ مَن يكسرُ الصمتَ يكون في األغلبِ هو الشخصَ القادرَ على تقدميِ املبادرةِ.2 1 2 ھﻨﺮي إﺗﺶ ﻛﺎﻟﯿﺮو:اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص.١٨٥ ھﻨﺮي إﺗﺶ ﻛﺎﻟﯿﺮو :اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص.١٨٧ الصفحة ١٨٩ : ٦٤ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﻔﺼﻞُ اﻟﺮﱠاﺑِﻊ اﻟﻤُﻌﺎﻫَﺪاتُ اﻟﺪّوﻟﻴّﺔ شه Tدَ الTTقانTTونُ الTTدولTTي تTTطوراٌ كTTالTTذي شه Tدَه الTTقانTTونُ الTTداخTTليّ؛ حTTيث بTTدأ ظTTهورُ املTعاهTداتِ الTدولTية كـ)وسTيلة اتTصالٍ بTني الTشعوب الTقدميTة ،ووضTع حTدٍّ لTلخالفTات والTنزاعTات( ،وعTرفTت مTصر الTقدميTة وبTالد مTا بTني النهTريTن؛ حTيث كTانTت فTي شTكل )مTعاهTداتِ حتTالTفٍ ،أو صTلحٍ(؛ بTحيث كTانTت حتTكم عTمليةَ إبTرام املTعاهTدات قTواعTدُ العُرف الدولي. لTقد سTعى الTعرف الTدولTي إلTى وضTع قTواعTدَ مTنظمة لTإلجTراءات املTتعلقة بTاملTعاهTدات، والTتي كTانTت كTلُّها إجTراءات عTرفTية ،وقTد مت تTدويTن هTذه اإلجTراءات ،وذلTك عTن طTريTق جلTنة الTقانTون الTدولTي املTنبثقة عTن اجلTمعية الTعامTة لTألمم املتحTدة وقTامTت بTوضTع مشTروع لTقانTون املTعاهTدات الTدولTية عTام ۱۹٦۹م وصُTلْب هTذه االتTفاقTيات مTعاهTدة فTينّا حTول قTانTون املTعاهTدات وتTسمى بـ”اتTفاقTية فTينا لTلمعاهTدات” ودخTلت هTذه االتTفاقTية حTيِّزَ الTتنفيذ عTام ۱۹۸۰م وهTي تTعتبر الTيوم املTرجTعَ األسTاسَ والTقاعTدة الTعامTة فTيما يTتعلق بTTاملTTعاهTTدات بTTني الTTدول اخملTTتلفة مTTن حTTيث )أطTTرافُTTها ،ومTTوضTTوعTTاتُTTها ،واإلجTTراءاتُ املتَّبَعة(. الصفحة ١٨٩ : ٦٥ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﻤَﺒﺤﺚُ اﻷوﱠل ﻣﻔﻬﻮمُ اﻟﻤُﻌﺎﻫﺪاتِ وﺷﺮوطُ اﻧﻌﻘﺎدِﻫﺎ أوّالً :مفهومُ املعاهَدةِ: املُعاهَدةُ في اللغةِ :قال اجلرجانيُّ العَهْدُ :حِفْظُ الشَّيءِ ومُراعاتُه حاالً بعدَ حالٍ.1 وهTو أيTضاً الTعقدُ واملTوثِTقُ والTيمنيُ وجTمعُه عُTهودٌ ومِTنه قTولُTه تTعالTى) :وَأَوْفُTواْ بِعَهْTدِ اهللِ إِذَا عَاهَدتُّمْ( 2وقولُه سُبحانه وتعالى) :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ(.3 والعَهْTدُ أيTضا :الTوصTيةُ والTتقدُّمُ غTالTى املTرءُ بTالشTيءِ أو بTاألمTرِ .ويTقالُ :عهTدَ الTرَّجُTلُ يَعهَTدُ عَهTداً ،قTال تTعالTى )أَلَTمْ أَعْهَTدْ إِلَTيْكُمْ يَTا بَTنِي آدَمَ( 4ومTنه اشPتقاقُ العَهْPدِ الPذي يكتبُ للُوالةِ. وه TTو أي TTضاً ال TTوف TTاءُ واحل TTفاظُ ع TTلى احلُ TTرمT Tةِ ورع TTايT Tتِها ،ق TTال ت TTعال TTى) :وَمَ TTا وَجَT Tدْنَ TTا ألَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ( 5أيّ وفاءٍ.6 والعهTدُ أيTضاً" :األمTانُ والTذِّمَّTةُ" تTقولُ أنTا أعهَTدُ هTذا األمTرَ؛ أيّ :أؤمTنكَ مِTنْه ،ومِTن هُTنا قTيلَ للحTربTيِّ الTذي يTدخTلُ دارَ اإلسTالمِ بTاألمTان :ذُو عَهْTدٍ ومُTعاهَTدٍ ،وعTاهTدَ الTذمTيّ: إعطاءٌ فهُو معاهِدٌ ومعاهَدٌ. 1ﻋﻠﻲ اﻟﺠﺮﺟﺎﻧﻲ :ﻣﻌﺠﻢ اﻟﺘﻌﺮﯾﻔﺎت ،ﺗﺤﻘﯿﻖ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﺪﯾﻖ اﻟﻤﻨﺸﺎوي ،دار اﻟﻔﻀﯿﻠﺔ ،اﻟﻘﺎھﺮة ط ،١ﺑﺪون ﺗﺎرﯾﺦ،ص .١٥٩ 2ﺳﻮرة اﻟﻨﺤﻞ اﻵﯾﺔ .٩١ 3ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة اﻵﯾﺔ .١ 4ﺳﻮرة ﯾﺲ اﻵﯾﺔ .١٠٢ 5ﺳﻮرة اﻷﻋﺮاف اﻵﯾﺔ .١٠٢ 6ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻜﺮم ﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر :ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب ،دار ﺻﺎدر ،ﺑﯿﺮوت ،ط ،١ص .١٢ /٢٤١ الصفحة ١٨٩ : ٦٦ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات وأه Pلُ العَه Pدِ :هTTم املTTعاهَ Tدُونَ أيّ :إنّTTهم يTTعاهَTTدون عTTلى مTTا عTTليهِم مِTTن جTTزي Tةٍ ،فTTإذا أسلمُوا ذهبَ عنهم اسمُ املعاهدَةِ. والتَّعهُّ Pدُ :ال Tتَّحفُّظُ بTTالشTTيءِ وجتTTدي Tدُ العَه Tدِ بTTه .يُTTقالُ :تَعَه Tدَّتُ فُTTالن Tاً ،وتَعهَ Tدَّتُ ضَيعَتي. والعَهيدُ :الذي تُعاهِدُهُ ويُعاهِدُكَ. والعُهPدة :الTوثTيقةُ بTنيَ املTتعاقِTديTنَ ،وكTتابُ احلTلفِ والشTراءِ واملTبايَTعةِ ،ويُTقالُ اسTتعهَدَ مِن صاحبِه :اشترطَ عليهِ وكَتَبَ عليه عَهدَهُ؛ ألنَّ الشرطَ عَهدٌ في احلقيقةِ.1 واملُPعاهَPدةُ واالعPتهادُ والPتعاهُPدُ مبPعنىً واحPدٍ :وهTي املTعاقَTدةُ واخملTالَTفةُ .ويُTقالُ :تTعاهَTدَ الTقومُ؛ أي :حتTالَTفُوا .فTاملTعاهَTدةُ :مTيثاقٌ بTنيَ )اثTننيِ ،أو جTماعTتَنيِ(؛ ألنّTها عTلى وزنِ )مُفاعَلَةٍ( وهي تدلُّ على املشاركةِ؛ فال بُدَّ أن تكونَ بني طرفَنيِ.2 واسTتحدثَ مَجTمعُ الTلغةِ الTعربTيةِ بTالTقاهTرةِ تTعريTفاً لTلمُعاهَTدةِ بTأنّTها):اتTفاقٌ بTنيَ دَولَTتنيِ، أو أكثرَ؛ لتنظيمِ عالقاتٍ بينهُما(.3 ثانياً:املعاهداتُ في القانونِ الدوليِّ: يُTقصَدُ بـ "املTعاهTدةِ" االتTفاقُ الTدولTيُّ ،املTعقودُ بTني الTدولِ ،فTي صTيغةٍ مTكتوبTةٍ ،والTذي يُTنظِّمُه الTقانTونُ الTدولTيُّ؛ سTواءٌ تTضمَّنَتْه وثTيقةٌ واحTدةٌ ،أو وثTيقتانِ مُTتَّصِلتانِ أو أكTثرَ، ومهما كانت تسميتُه اخلاصَّةُ.4 1ﻋﺜﻤﺎن ﺿﻤﯿﺮﯾﺔ:اﻟﻤﻌﺎھﺪات اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﻓﻲ ﻓﻘﮫ اﻹﻣﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ،إﺻﺪارات دﻋﻮة اﻟﺤﻖ ،ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،رﻣﻀﺎن ١٤١٧ھـ ،ص ٢٥٢٦ 2إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﺑﻦ ﺣﻤﺎد اﻟﺠﻮھﺮي :ﻣﻌﺠﻢ اﻟﺼﺤﺎح دار اﻟﻌﻠﻢ ﻟﻠﻤﻼﯾﯿﻦ ،ﺑﯿﺮوت ،ط ١٩٩٠ ،٤م/٢ ، .٥١٥٥١٦ 3اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻟﻮﺳﯿﻂ :إﺻﺪار ﻣﺠﻤﻊ اﻟﻠﻐﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎھﺮة ،دار اﻟﺸﺮوق اﻟﺪوﻟﯿﺔ ،اﻟﻘﺎھﺮة ،ط١٤٣\٣ ،٢٠٠٤ ،٤ 4اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻌﺎھﺪات م٢ الصفحة ١٨٩ : ٦٧ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات املTعاهTدةُ :هTي اتTفاقٌ مTكتوبٌ بTنيَ شTخصَنيِ ،أو أكTثرَ مِTن أشTخاصِ الTقانTونِ الTدولTيِ، مِن شأنِه أن يُنشِئ حقوقاً والتزاماتٍ متبادلةً في ظلِّ القانونِ الدوليِّ.1 يتَّضِحُ من هذا التعريفِ أنّ املعاهَدةَ: هTي اتTفاقٌ يُTعبِّرُ عTن الTتقاءِ إراداتِ مُTوقِّTعِيها عTلى أمTرٍ مTا؛ فهTي ذاتُ صTفاتٍتعاقُديةٍ ،الغرضُ إنشاءُ عالقةٍ بني األطرافِ. املTTعاهTTدةُ بTTاملTTعنى الTTدقTTيقِ لTTلتعبيرِ كTTما ب Tيَّنَتها اتTTفاقTTيةُ "فTTينَّا" هTTي اتTTفاقٌمTكتوبٌ ،وهTذا هTو الTسائTدُ لTدى الTفقهاءِ الTدّولTيِنيِ ،وقTد نTصَّت عTليه بTصورةٍ واضTحةٍ اتTفاقTيةُ "فTينّا" لTقانTونِ املTعاهTداتِ؛ ولTكنْ ال ميَTنعُ أن تTكونَ املTعاهTدةَ شTTفوي Tةً ولTTكنْ اسTTتقرَّ الTTعملُ عTTلى حتTTري Tرِ املTTعاهTTداتِ وكTTتاب Tتِها؛ح Tتّى ميُ Tكِنَ عَTرضُTها عTلى السTلطاتِ اخملTتَصَّةِ إلقTرارِهTا؛ فTأصTبحَ هTذا شTرطTاً تTقليديTاً تTواتTرَ عليه العُرفُ الدوليُّ .2 ولTكنْ هTناك االتTفاقTياتُ املTعروفTةُ بTاسTم "اجلTنتلمان" ،وهTي اتTفاقTاتٌ تTتمُّ بTشكلٍ مُبسَّTطٍ بTTني مم Tثِّلي ال Tدُّولِ ،مِTTن شTTأنِTTه اإلقTTرارُ بTTبعضِ االلTTتزامTTاتِ املTTتبادل Tةِ؛ مTTثال ذل Tكَ :اتTTفاقُ "اجلTنتلمان" الTذي جTرَى بTنيَ أعTضاءِ األمم املتحTدةِ عTندَ إنTشائِTها بTشأنِ تTوزيTعِ مTقاعTدِ الدولِ غيرِ الدائمةِ في مجلسِ األمْن.3 واملTTعاهTTدةُ :هTTي اتTTفاقٌ ب Tنيَ شTTخصَنيِ ،أو أكTTثرَ مِTTن أشTTخاصِ الTTقانTTونِ الTTدول Tيِّ ،وهTTذا يTعني أنّTها قTد تTكونُ بTني دولٍ ،أو بTني دولٍ ومTنظماتٍ دولTيةٍ فTيما بTينها ،وهTذا خTالفٌ 1ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٤١٥ 2اﻟﻤﻌﺎھﺪات اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﻓﻲ ﻓﻘﮫ اﻹﻣﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ د ﻋﺜﻤﺎن ﺿﻤﯿﺮﯾﺔ ﻛﺘﺎب ﺷﮭﺮي ﯾﺼﺪر ﻋﻦ راﺑﻄﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻌﺪد ١٧رﻣﻀﺎن ١٤١٧ه ص ١٠٠ 3ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ٤١٨ الصفحة ١٨٩ : ٦٨ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ملِTا ذهTبَت إلTيه ،اتTفاقTية "فTينَّا" فTي املTادة ) (۳حيث حTصرَت نTطاقَTه فTي االتTفاقTياتِ املوقَّعةِ بني الدولِ. وال بُTدَّ هTنا مTن اإلشTارةِ إلTى أنّ االتTفاقTياتِ بTني الTدولِ كTامTلةِ السTيادةِ ،وهTو يTخضعُ التTفاقTيةِ "فTينّا" لTقانTونِ املTعاهTداتِ ،أمّTا الTدولُ ذاتُ السTيادةِ الTناقTصةِ؛ فهTي لTم تُTذْكَTرْ في اتفاقية "فينّا". فTالTقيمةُ الTقانTونTيةُ لTلمعاهTداتِ بTني الTدولِ ذاتِ السTيادةِ الTناقTصةِ مTع أشTخاصِ الTقانTونِ الTدولTيِّ أو الTدُّولِ هTي ليسTتْ مTعاهTداتٍ بTنَظرِ الTقانTونِ الTدولTيِّ مTثالُ ذلTكَ :االتTفاقTياتُ املTعقودةُ بTني الTدولِ اخلTاضTعةِ للحTمايTةِ ،أو االنTتدابِ ،أو الTوصTايTةِ ودولTةٍ أُخTرى غTيرِ الدولةِ التي متُارِسُ عليها احلمايةَ ،أو االنتدابَ ،أو الوصايةَ. غTTيرَ أنّ هTTناك اسTTتثناءاتٍ مTTثلَ السTTلطةِ الفلسTTطينيةِ؛ إذ يَTTعترِفُ الTTعالَTTم بTTالTTشخصيةِ الTقانTونTيةِ للسTلطةِ؛ ألنّ الTدولَ الTعربTيةَ اعTترفTتْ بTالسTلطةِ ،واعTترفَ بTها أغTلبُ دولِ العالَم ،وإنّ هذا االعترافَ يُكسِبُها الشخصيةَ القانونيةَ. ومTنها االتTفاقTياتُ املTعقودةُ بTني الTفاتTيكانِ والTدولِ الTكاثTولTيكيةِ وذلTك بTعدَ "مTعاهTدة الالتران"التي اعترَفَت بالشخصيةِ القانونيةِ للكرسيّ البابويِّ عام ۱۹۲۹م.1 وإنّ الTTدولَ نTTاقTTصةَ السTTيادةِ تكتس Tبُ الTTشخصيةَ الTTقانTTونTTيةَ بTTاالعTTترافِ الTTدول Tيِّ ،أو انضمامِها للمنظَّماتِ الدوليةِ. ثالثا :تصنيفُ املعاهداتِ: 1ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ٤٢١ الصفحة ١٨٩ : ٦٩ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات تُTTصنَّفُ املTTعاهَTTداتُ بTTأشTTكالٍ مTTختلفةٍ تTTبعاً ملTTوضTTوعِTTها ،أو ألشTTخاصِTTها بTTالنسTTبةِ ملوضوعِها؛ فهي تُقسَمُ إمّا إلى )شارعةٍ ،أو تعاقُديّةٍ(. واالتTفاقTياتُ الTشارعTةُ :وهTي الTتي تTنشأ قTواعTد قTانTونTية دولTية مTوضTوعTية وهTي عTادةً مTا تكونُ اتفاقيةً جَماعيّةً. أما العقدية :وهي التي تنشأُ التزاماتٌ متبادلةٌ بني أطرافِها في شكلِ عقدٍ ملزمٍ.1 وم TTثالٌ ع TTلى امل TTعاه TTداتِ الT TعَقديT Tةِ م TTعاه TTداتُ )ال TTتحالT Tفِ ،أو ال TTتجارةِ ،أو ال TTدف TTاعِ املشتركِ(. واملTعاهTداتُ الTشارعTةُ :هTي الTتي تTتضمّنُ قTواعTدَ عTامَّTةً فTي الTعالقTاتِ الTدولTيةِ مTثال: اتفاقيةُ ميثاقِ األممِ املتحدةِ. وبالنسبةِ لألشخاصِ :تُقسَمُ املعاهداتُ إلى )ثُنائيةٍ ،أو جَماعيةٍ(. املTعاهTداتُ الTثنائTيةُ هTي مُTعاهTداتُ عTقديTةٌ بTني الTدولِ وهTي مTعاهTداتٌ شTارعTةٌ ،ومبTا أنّ "الTعقدَ شTريTعةُ املTتعاقِTديTنَ" فTإنّ املTعاهTداتِ مTتى عُTقِدَتْ صTحيحةً ،واسTتوفَTتْ شTروطَ انTعقادِهTا تTلزمُ أطTرافَTها؛ سTواءٌ أكTانTت )ثTنائTيةً ،أم جَTماعTيةً عTقديTةً ،أو شTارعTةً( ،وهTذا مTTا ذه Tبَت إلTTيه اتTTفاقTTيةُ "فTTينّا" لTTقانTTونِ املTTعاهTTداتِ ،واملTTادَّةُ ۳۸مِTTن الTTنظامِ األسTTاس Tيِّ حملكمةِ العدلِ الدوليةِ أيضاً. تTنصُّ املTادَّةُ ۳۸مِTن الTنظامِ األسTاسTيِّ حملTكمةِ الTعدلِ الTدولTيةِ :وظTيفةُ احملTكمةِ أن تTفصلَ فTي املTنازَعTاتِ الTتي تُTرفTعُ إلTيها وفْTقاً ألحTكامِ الTقانTونِ الTدولTيِّ ،وهTي تُTطبَّقُ فTي هTذا الشأنِ: 1ﻣﺤﺎﺿﺮات ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم د .ﺳﺮور طﺎﻟﺒﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ أرﯾﺲ. الصفحة ١٨٩ : ٧٠ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات االتTفاقTاتُ الTدولTيةُ )الTعامَّTة،واخلTاصَّTةُ( الTتي تTضعُ قTواعTدَ مُTعتَرفTاً بTها صTراحTةً مTن جTانTبِ الدُّولِ املتنازعة . العاداتُ الدوليةُ املرعِيَّةُ املعتبرةُ مبثابةِ قانونٍ دلَّ عليه تواترُ االستعمالِ. مبادئُ القانونِ العامَّةِ التي أقرَّتْها األممُ املتمدِّنةُ. أحTكامُ احملTاكTمِ ومTذاهTبِ كTبارِ املTؤلِّTفنيَ فTي الTقانTونِ الTعامِّ فTي مTختلفِ األممِ ،ويُTعتبَرُ هذا أو ذاك مَصدراً احتياطياً لقواعدِ القانونِ وذلك معَ مراعاةِ أحكامِ املادَّةِ .٥۹ ال يTترتَّTبُ عTلى الTنصِّ املTتقدِّم ذِكْTرُهُ أيُّ إخTاللٍ مبِTا لTلمحكمةِ مِTن سُTلْطَةِ الTفصلِ فTي القضيةِ وفْقاً ملبادئِ العدلِ واإلنصافِ متى وافقَ أطرافُ الدعوى على ذلك.1 1اﻟﻨﻈﺎم اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻤﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﺪل اﻟﺪوﻟﯿﺔ :إﻋﺪاد ﺷﺆون اﻹﻋﻼم ﻓﻲ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة http://www.un.org/ arabic/aboutun/statute.htm الصفحة ١٨٩ : ٧١ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﻤَﺒﺤﺚُ اﻟﺜﺎﻧﻲ إﺑﺮامُ اﻟﻤُﻌﺎﻫَﺪاتِ وآﺛﺎرُﻫﺎ أوّالً :الشُّروطُ األساسيّةُ لِعَقدِ املُعاهداتِ: يُشترَطُ العتبارِ املعاهدةِ صحيحةً أن تستوفيَ الشرائطَ األساسيةَ النعقادِها: أوّالً :يTجبُ أن يTتمَّ عTقدُهTا بTرضTا مُTوقِّTعيها ،وهTذا يTقتضي أهTليَّةَ اإلطTرافِ املTتعاقTدةِ مِن جهةِ أالّ يكونَ الرِّضا مَشوباً بأحدِ العُيوبِ التي تفسخُه مِن جهةٍ أُخرى. إنّ األص Tلَ أن يTTكونَ األطTTرافُ املTTتعاقTTدةُ أه Tالً لTTلتعاق Tدِ؛ أيّ دوالً مُسTTتقلَّةً تTTامَّ Tةً ،أو مTنظَّماتٍ دولTيةً مTعترفTاً بTها ،وعTلى هTذا ال يTحقُّ لTلدولTةِ الTناقTصةِ أن تTعقدَ مTعاهTداتٍ إالّ مع الدولِ التي متُارِسُ السيادةَ عليها. أمّTا الTدولTةُ الTداخTلةُ فTي احتTادٍ فTيدرالTيٍّ فTال يTكونُ لTها أهTليةُ الTدخTولِ فTي مُTعاهTداتٍ خارجيةٍ؛ إالّ إذا سمحَ لها بذلك الدستورُ االحتاديُّ ضمنَ حدودٍ يضعُها الدستورُ. ويTTجبُ أالّ يTTكونَ إبTTرامُ املTTعاهTTدةِ مَTTشوب Tاً بTTأح Tدِ عTTيوبِ ال TرِّضTTا كـ )الTTغلطِ ،وال Tغِشِّ، والتدليسِ ،واإلكراهِ(. ويTجوزُ لTلدولTةِ االحTتجاجُ بTالTغلطِ فTي املTعاهTدةِ كسTببٍ إلبTطالِ رِضTاهTا االلTتزامُ بTها إذا تTعلَّقَ الTغلطُ بTواقTعةٍ ،أو حTالTةٍ اعTتقدَت هTذه الTدولTةُ بTوجTودِهTا عTند عَTقدِ املTعاهTدةِ، وكانتْ سبباً أساساً في رِضاها االلتزامُ بها.1 يTTجوزُ لTTلدول Tةِ الTTتي يTTدف Tعُها الTTتدلTTيسُ لTTدول Tةٍ مTTتفاوض Tةٍ أُخْTTرى أن حتTTتجَّ بTTالTTتدلTTيسِ كسبَبٍ إلبطالِ رِضاها االلتزامُ باملعاهدةِ.2 1اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻌﺎھﺪات م ٤٨ 2اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ م٤٩ الصفحة ١٨٩ : ٧٢ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات إذا متّ الTتوصُّTلُ إلTى تTعبيرِ الTدولTةِ عTن رِضTاهTا االلTتزامُ بTاملTعاهTدةِ عTن طTريTقِ إفTسادِ ممُTثِّلها بTطريTقةٍ مTباشTرةٍ ،أو غTيرِ مTباشTرةٍ مِTن قِTبَلِ دولTةٍ مTتفاوضTةٍ أُخTرى؛ فTإنّTه يTجوزُ لTتلكَ الدولةِ أن حتتجَّ باإلفسادِ كسببٍ إلبطالِ رِضاها االلتزامُ باملعاهدة.1 لTيس لTتعبيرِ الTدولTةِ عTن رِضTاهTا االلTتزامُ مبTعاهTدةٍ والTذي متَّ الTتوصُّTلُ إلTيه بTإكTراهِ ممTثِّلها عن طريقِ أعمالٍ ،أو تهديداتٍ مُوجَّهةٍ ضِدَّه أيُّ أثرٍ قانونيٍّ.2 عTلى أنّ بTعضَ الTفقهاءِ يTرى أنّ إكTراهَ ممTثِّلِ الTدولTةِ مِTن شTأنِTه إفTسادُ رضTا الTدولTةِ فTي حTالTةٍ ما إذا كانَ لهذا املمثِّلِ سلطةُ إبرامِ املعاهدةِ بصورةٍ نهائيةٍ.3 تTكونُ املTعاهTدةُ بTاطTلةً إذا متَّ الTتوصُّTلُ إلTى عTقدِهTا بTطريTقِ التهTديTدِ ،أو اسTتخدامِ الTقوَّةِ بصورةٍ مخالفةٍ ملبادئِ القانونِ الدوليِّ املنصوصِ عليها في ميثاقِ األممِ املتحدةِ.4 غTيرَ أنّ جتTارِبَ الTتعامTلِ الTدولTيِّ تTدلُّ أنّ الTدولَ اعTتدَت بTاملTعاهTداتِ الTتي أبTرمTتْها الTدولTةُ املنهزِمةُ في احلربِ خِالفاً ملِبدأِ فسادِ الرِّضا نتيجةَ استعمالِ القوةِ.5 تTكون املTعاهTدةُ بTاطTلةً إذا كTانTت وقTتَ عَTقدِهTا تTتعارَضُ مTع قTاعTدةٍ آمTرةٍ مِTن الTقواعTدِ الTعامَّTةِ لTلقانTونِ الTدولTيِّ ألغTراضِ هTذه االتTفاقTيةِ .يُTقصدُ بTالTقاعTدةِ اآلمTرةِ مTن الTقواعTدِ الTعامَّTةِ لTلقانTونِ الTدولTيِّ الTقاعTدةُ املTقبولTةُ واملTعتَرفُ بTها مِTن قِTبَلِ اجملTتمعِ الTدولTيِّ كTكُلٍّ عTلى أنّTها الTقاعـTدةُ الTتي ال يTجوزُ اإلخTاللُ بTها والTتي ال ميُTكِنُ تTعديTلُها؛ إالّ بTقاعTدةٍ الحقةٍ من القواعدِ العامَّةِ للقانونِ الدوليِّ لها ذاتُ الطابَع.6 1اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ م٥٠ 2اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ م٥١ 3ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي :اﻟﻤﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .٤٢٦ 4اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ م ٥٢اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ 5ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ ٤٢٦ 6اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ م٥٣ الصفحة ١٨٩ : ٧٣ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ثانياً :التصديقُ أو اإلبرامُ واالنضمامُ: املTTصادق Tةُ أو تTTبادلُ الTTتصديTTقاتِ عTTمليةٌ تTTقتضي الTTتفاع Tلَ بTTني اجلTTانTTبنيِ ،فTTبعدَ إمتTTامِ الTتصديTقِ البُTدَّ لTلدولِ املTتعاقTدةِ مTن تTبادلِ الTتصديTقاتِ فTيما بTينَها؛ حTتى يTكونَ كُTلٌّ مTنها عTلى عِTلْمٍ بTأنّ الTطرفَ اآلخَTرَ قTد انتهTى مِTن ذلTك اإلجTراءِ الTضروريِّ الTذي ميُTثِّلُ رِضا كلٍّ منهُما رسميَّاً باملعاهدَة .1 ويكونُ تعبيرُ الدولةِ عن قَبولِها مبعاهدةٍ والتصديقِ عليها في إحدى احلالتني: ۱تُTTعبِّرُ الTTدول Tةُ عTTن رِضTTا الTTتزامِTTها بTTاملTTعاهTTدةِ بTTالTTتصدي Tقِ عTTليها فTTي إحTTدى احلTTاالتِ التالية: )أ( إذا نصَّتِ املعاهدةُ على أنّ التعبيرَ عن الرِّضا يتمُّ بالتصديقِ. )ب( إذا ثTبتَ بTطريTقةٍ أُخTرى أنّ الTدولَ املTتفاوضTةَ كTانTت قTد اتTفقَتْ عTلى اشتراطِ التصديقِ. )ج( إذا كان ممُثِّلُ الدولةِ قد وقَّعَ املعاهَدةَ بشرطِ التصديقِ. )د( إذا ب Tدَت ن Tيَّةُ الTTدول Tةِ املTTعنيَّةِ مTTن وثTTيقةِ تTTفوي Tضِ ممُ Tثِّلِها أن يTTكونَ تTوقTيعُها مشTروطTاً بTالTتصديTقِ عTلى املTعاهTدَةِ ،أو عTبَّرتِ الTدولTةُ عTن مِTثْلِ هذه النِّيَّةِ أثناءَ املفاوَضاتِ. ۲يTتمُّ تTعبيرُ الTدولTةِ عTن رضTا الTتزامِTها بTاملTعاهTدةِ عTن طTريTق قَTبولِTها أو املTوافTقةِ عTليها بشروطٍ ممُاثلةٍ لتلكَ التي تُطبَّقُ على التصديقِ.2 1ﻋﺜﻤﺎن ﺿﻤﯿﺮﯾﺔ اﻟﻤﻌﺎھﺪات ﻓﻲ ﻓﻘﮫ اﻹﻣﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ١٠٥ 2اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻌﺎھﺪات م ١٤ الصفحة ١٨٩ : ٧٤ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات إنّ الTTتصدي Tقَ عTTلى املTTعاهTTدةِ يTTختلفُ بTTاخTTتالفِ ال Tنُّظمِ الTTدسTTتوري Tةِ لTTكلِّ بTTلدٍ ،وال يَشTTترطُ الTTقانTTونُ الTTدول Tيُّ مُ Tدَّةً مُTTعيَّنةً لTTتصدي Tقِ السTTلطاتِ اخملTTتصَّةِ فTTي الTTدول Tةِ عTTلى املعاهدةِ املوقَّعةِ مِن قِبَلِ ممُثِّلِها؛ ولكنْ يُفترَضُ أالّ يتأخَّرَ ذلك اإلجراءُ.1 لTم يTكنْ تTسجيلُ املTعاهTداتِ لTدى أيَّ هTيئةٍ دولTيةٍ مشTروطTاً قTبلَ عُTصبَةِ األُممِ؛ ممّTا تTركَ اجملTالَ مTفتوحTاً أمTامَ املTعاهَTداتِ السِّTرِّيَّTةِ الTتي أدَّت إلTى نTتائTجَ غTيرِ مTرغTوبTةٍ فTي الTعالقTاتِ الدوليةِ. لT Tقَد نT Tصَّ م TTيثاقُ األممِ املتح TTدةِ ف TTي امل TTادَّة /۱۰۲ /أنّ TTه "ال ي TTجوزُ أليِّ ط TTرفٍ ف TTي مTعاهTدةٍ ،أو اتTفاقٍ دولTيٍّ لTم يُسجَّTلْ لTدى األمTانTةِ الTعامّTةِ لTلمنظّمةِ أن يTتمسَّكَ بهTذه املTTعاهTTدةِ ،أو بهTTذا االتTTفاقِ أمTTام أيِّ فTTرعٍ مTTن فTTروعِ املTTنظَّمةِ مبTTا فTTيها مTTحكمةُ الTTعدلِ الدوليةِ .2 ثالثاً :أثرُ املعاهَداتِ: إنّ أثTرَ املTعاهَTداتِ يُTقسمُ إلTى أثTرِه بTالنسTبةِ لTلدولِ األطTرافِ ،أو بTالنسTبةِ لTلدولِ غTيرِ األطرافِ ،أو بالنسبةِ لألفرادِ. .۱أثرُ املعاهَداتِ بالنسبةِ للدولِ األطرافِ: تTقولُ الTقاعTدةُ الTعامَّTةُ" :إنّ الTعقدَ شTريTعةُ املTتعاقِTديTنَ"؛ فTاملTعاهTدةُ مTتى متَّ عَTقدُهTا أصTوالً أصبحتْ نافذةً ،وتكونُ مُلزِمَةً لألطرافِ ،وعليهِم تنفيذُها بِحُسنِ نيَّةٍ.3 1ﻋﺜﻤﺎن ﺿﻤﯿﺮﯾﺔ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ ص ١٠٦ 2ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ اﻟﻌﺎم ٤٣٧ اﻟﺪاﺧﻠﻲ 3ﻻ ﯾﺠﻮ ُز غ ﻹﺧﻔﺎﻗِﮫ ﻓﻲ ﺗﻨﻔﯿ ِﺬ اﻟﻤﻌﺎھﺪ ِة ،ﻻ ﺑﻨﺼﻮص ﻗﺎﻧﻮﻧِﮫ ﻟﻄﺮف ﻓﻲ ﻣﻌﺎھﺪ ٍة أن ﯾﺤﺘ ﱠﺞ ٍ ﱢ ﱢ ِ ﻛﻤﺴﻮ ٍ ﺗُ ِﺨﻞﱡ ھﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪةُ ﺑﺎﻟﻤﺎدة .٤٦ م٢٦ الصفحة ١٨٩ : ٧٥ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ال يTجوزُ لTطرفٍ فTي مTعاهTدةٍ أن يTحتجَّ بTنصوصِ قTانTونِTه الTداخTليِّ كTمُسوِّغٍ إلخTفاقِTه فTي تنفيذِ املعاهدةِ.1 أمّTا إذا مTا تTعارَضَTتْ مTعاهTدةٌ مTع الTتزامTاتِ الTدولTةِ املTوقِّTعةِ عTلى املTعاهTدةِ مTع الTتزامTاتِTها الTواردةِ فTي مTيثاقِ األُممِ املتحTدةِ؛ سTواءٌ أكTان تTاريTخَ انTعقادِهTا قTبلَ تTاريTخِ املTيثاقِ ،أم بTعدَ تاريخِ امليثاقِ .2 .۲أثرُ املعاهَدةِ بالنسبةِ لآلخَر: املTبدأُ الTعامُّ :إنّ أثTرَ املTعاهَTداتِ ال يTنصرفُ إلTى مَTن لTم يTكُنْ طTرفTاً فTيها مِTن الTدولِ؛ فTال يTترتَّTبُ لTهم حTقوقٌ ،وال تُTفرَضُ عTليهِم الTتزامTاتٌ؛ وذلTك عTمالً بTالTقاعTدةِ الفقهTيةِ: )العقدُ ال يُلزِمُ إالّ عاقِديهِ( وهذا ما كرَّسَتْه اتفاقيةُ "فينّا" في مادَّتِها .۳٤ ال تُنشِئ املعاهدةُ التزاماتٍ ،أو حقوقاً للدولةِ الغيرِاألُخرى بدونِ رِضاها.3 ولTكنّ املTعاهTداتِ ال تُTلزِمُ إالّ أطTرافَTها ،ال يTنفي اسTتحالTةَ إنTشاءِ الTتزامٍ عTلى دولTةٍ نTتيجةَ نTصِّ املTعاهTدةِ ليسTتْ طTرفTاً بهTذا الTنَّصِّ أن يTكونَ وسTيلةً إلنTشاءِ الTتزامٍ مُTعيَّنٍ ،وارتTضَت الدولةُ األُخرى صراحةً هذا االلتزامَ. يTTنشأُ الTTتزامٌ عTTلى الTTدول Tةِ األُخْTTرى مِTTن ن Tصِّ فTTي املTTعاهTTدةِ إذا قTTصدَ األطTTرافُ فTTيها أن يكونَ هذا النصُّ وسيلةً إلنشاءِ االلتزامِ ،وقبِلَتِ الدولةُ األُخرى ذلكَ صراحةً وكتابةً. ۱يTنشأُ حTقٌّ لTلدولTةِ األُخTرى مِTن نTصٍّ فTي املTعاهTدةِ إذا قTصدَ األطTرافُ فTيها أن ميَTنَحَ الTTنصُّ هTTذا احل Tقَّ إمّTTا لTTلدول Tةِ الTTغيراألُخTTرى ،أو جملTTموع Tةٍ مTTن الTTدولِ تTTنتمي إلTTيها ،أو اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﺑﻨﺼﻮص ﻗﺎﻧﻮﻧ ِﮫ ﻟﻄﺮف ﻓﻲ ﻣﻌﺎھﺪ ٍة أن ﯾﺤﺘ ﱠﺞ 1ﻻ ﯾَﺠﻮ ُز ﻛﻤﺴﻮغ ﻹﺧﻔﺎﻗِﮫ ﻓﻲ ﺗﻨﻔﯿ ِﺬ اﻟﻤﻌﺎھﺪ ِة ،ﻻ ٍ ﱢ ِ ٍ ﺗُ ِﺨ ُﻞ ھﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة ﺑﺎﻟﻤﺎدة .٤٦ 2اﻟﻤﺎدة ١٠٣ﻣﻦ ﻣﯿﺜﺎق اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة 3اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨّﺎ ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻌﺎھﺪات م ٣٤ الصفحة ١٨٩ : ٧٦ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات لTلدولِ كTافTةً ،ووافTقَتِ الTدولTةُ األُخTرى عTلى ذلTك ،وتُTفترَضُ املTوافTقةُ مTا دامTتِ الTدولTةُ األُخرى لم تُبْدِ خِالفَ ذلك؛ إالّ إذا نصَّتِ املعاهدةُ على خالفِ ذلك. ۲يTجبُ عTلى الTدولTةِ الTتي متُTارِسُ حTقّاً وفْTقاً لTلفقرةِ األُولTى مTن املTادة ۳٤مTن اتTفاقTيةِ "فTTينّا" أنّ تTTتقيَّدَ بTTالشTTروطِ اخلTTاصَّ Tةِ مبُTTمارس Tتِه املTTنصوصِ عTTليها فTTي املTTعاهTTدةِ ،أو املوضوعةِ وفْقاً لها. عTندمTا يTنشأُ الTتزامٌ عTلى الTدولTةِ األُخTرى طِTبقاً لTلمادة " "۳٥ال يTتمُّ إلTغاؤهُ ،أو تTعديTلُه إالّ بTرضTا األطTرافِ فTي املTعاهTدةِ والTدولTةِ األُخTرى مTا لTم يَTثْبُتْ أنَّTهُم كTانTوا قTد اتَّTفقُوا عTلى خِالفِ ذلك. عTندمTا يTنشأُ حTقٌّ لTلدولTةِ األُخTرى وفْTقاً لTلمادة " "۳٦ال يTجوزُ إلTغاؤهُ ،أو تTعديTلُه مِTن قِTبَلِ األطTرافِ فTي املTعاهTدةِ إذا ثَTبَتَ أنّTه قTصَدَ بTه أالّ يTكونَ قTابِTالً لTإللTغاءِ ،أو خTاضِTعاً للتعديلِ إالّ برضا الدولةِ الغير.1 .۳أثرُ املعاهداتِ على األفرادِ: ه TTناك ط TTائ TTفةٌ م TTن امل TTعاه TTداتِ تُ TTرتِّT Tبُ ح TTقوقT Tاً أو ال TTتزام TTاتٍ ع TTلى األف TTرادِ م TTباش TTرةً؛ ك)املTTعاهَTTدةِ الTTتي حتُ Tرِّمُ ال Tقَرصَ Tنَةَ،أو حتُ Tرِّمُ أفTTعاالً مُTTعيَّنةً ،تTTتعلَّقُ مبسTTلكِ األفTTرادِ فTTي احلTربِ ،واملTعاهَTدةِ الTتي تُTعطي لTلفردِ حTقَّ االلTتجاءِ إلTى مTحكمةٍ دولTيةٍ مTعيَّنةٍ( ،وهTذا الTنوعُ مTن املTعاهَTداتِ أخTذَ فTي الTذُّيTوعِ واالنTتشارِ.كTما أنّTه يَجTري خِTالفٌ حTادٌّ فTي الTفقهِ حTولَ مTا إذا كTانTتْ آثTارُه تTتولَّTدُ مTباشTرةً فTي مTواجTهةِ األفTرادِ ،أم يTكونُ تTطبيقُها مTن خTاللِ دُولٍ هُTمُ األطTرافُ فTي املTعاهTدةِ فTيكونُ أثTرُ املTعاهTدةِ فTي األمTثلةِ الTسابTقةِ هTو الTتزامُ 1اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻌﺎھﺪات ٣٧ ٣٦ ٣٥ الصفحة ١٨٩ : ٧٧ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات الTTدول Tةِ بتحTTرميِ الTTقرصTTنةِ ،وحتTTرميُ جTTرائ Tمِ احلTTربِ ،وإعTTطاءُ األفTTرادِ ح Tقَّ الTTتقاضTTي أمTTام احملكمةِ الدوليةِ. إنّ املTوقTفَ الTقانTونTيَّ مِTن حTيثُ كTونُ الTفردِ أحTدَ أشTخاصِ الTقانTونِ الTدولTيِّ يحTملُ تTنازُعTاً فTي الTشخصيةِ الTدولTيةِ وحتTديTدِهTا ،يحTملُ الTقولُ بTأنّ أثTرَ املTعاهTداتِ الTتي تTتَّصِلُ بTالTفردِ يTنصرفُ إلTيه مTباشTرةً ،وممّTا يTدعTمُ هTذا الTرأيَ بTصورةٍ خTاصَّTةٍ أنّ مُTحاكَTماتِ نTومTبورغ الشهTيرةَ إمنّTا كTانTت ألفTرادٍ ،اعTتُبِرُوا مُجTرِمTنيَ بTحقِّ اإلنTسانTيةِ والسTالمِ ،ولTم يَTدفَTعْ عTنهُم تهمَهُم ادعاؤهُم بأنّ تصرُّفاتِهم كانت وظيفةً أملتْها عليهِم مناصِبُهم في الدولة. أمّTا جلTنةُ الTقانTونِ الTدولTيِّ فTي مشTروعِTها عTن قTانTونِ املTعاهTداتِ فTقَد جتTنَّبَتِ اخلTوضَ فTي هذا البحثِ؛ مُعتبِرَةً أنّه يذهبُ إلى ما وراءَ نطاقِ قانونِ املعاهداتِ .1 1ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ٤٥١ الصفحة ١٨٩ : ٧٨ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﻔﺼﻞُ اﻟﺨﺎﻣِﺲُ ﺗﻌﺪﻳﻞُ اﻟﻤُﻌﺎﻫَﺪاتِ وإﻧﻬَﺎؤﻫﺎ أوّالً :تفسيرُ املُعاهَداتِ: املTTقصودُ بتفسTTيرِ املTTعاهTTداتِ حتTTدي Tدُ مTTعنى الTTنصوصِ الTTتي جTTاءتْ بTTها ونTTطاقِTTها، والتفسيرُ نوعانِ: التفسيرُ األوَّلُ :وهو إمّا )دبلوماسيٌّ ،أو قضائيٌّ( ،وإمّا )تفسيرٌ داخليٌّ(؛ فTالتفسTيرُ الTدبTلومTاسTيُّ :وهTو ذلTك التفسTيرُ الTذي يTتمُّ مِTن قِTبَلِ الTدُّولِ املTوقِّTعةِ عTلى املعاهداتِ. أمّ TTا التفس TTيرُ ال TTدولT Tيُّ ال TTقضائT Tيُّ ف TTهو ال TTذي ي TTقومُ ب TTه م TTرجT Tعٌ ق TTضائT Tيٌّ أو حت TTكيميٌّ ك)مTحكمةِ الTعدلِ الTدولTيةِ ،أو أيِّ هTيئةٍ مُTحكَّمةٍ أُخTرى يTختارُونَTها( وهTذا مTا نTصَّت عليه املادة ۳٦من النظامِ محكمةِ العدلِ الدوليةِ.1 التفسPيرُ الPداخPليُّ :وهPو يTتمُّ إمّTا عTن طTريTقِ )السُّTلطةِ اخملTتصَّةِ فTي تTوقTيعِ املTعاهَTدةِ ،أو احملاكمِ الوطنيةِ للدولةِ املعنيّةِ(، وقTد اسTتقرَّ االجTتهادُ الTقضائTيُّ فTي أكTثرِ الTدولِ عTلى ضTرورةِ مTراعTاةِ مTبدأِ عTدمِ تTدخُّTلِ احملاكمِ في إعمالِ السيادةِ الدوليةِ .2 ثانياً :تعديلُ املعاهداتِ: 1اﻟﻤﺎدة ٣٦ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺎم ﻣﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﺪل اﻟﺪوﻟﯿﺔ 2ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٤٥٧ الصفحة ١٨٩ : ٧٩ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات يTجوزُ أن تُTعدَّلَ املTعاهTدةُ بTاتTفاقِ أطTرافِTها .وتَسTري عTلى هTذا االتTفاقِ الTقواعTدُ الTواردةُ في اجلزء الثاني ما لم تَنصَّ املعاهدةُ على غيرِ ذلك. مTا لTم تTنصَّ املTعاهTدةُ عTلى خTالفِ ذلTك؛ فَتسTري عTلى تTعديTلِ املTعاهَTداتِ اجلَTماعTيةِ الفِقراتُ التاليةُ: يTجبُ إخTطارُ كTلِّ الTدولِ املTتعاقTدةِ بTأيِّ اقTتراحٍ يَسTتهدفُ تTعديTلَ املTعاهTدةِ اجلَTماعTيَّةِ فيما بني األطرافِ جميعاً ،ويكون لكلٍّ مِن هذه الدُّولِ أن تُشاركَ فيما يأتي: القرارُ اخلاصُّ باإلجراءِ الواجبِ اتخاذُه بشأنِ هذا االقتراحِ؛ املفاوضةُ وعقدُ أيِّ اتفاقٍ لتعديلِ املعاهدةِ. مTTن ح Tقِّ كُ Tلِّ دول Tةٍ أنْ تTTصبحَ طTTرف Tاً فTTي املTTعاهTTدةِ أن تُTTصبِحَ طTTرف Tاً فTTي املTTعاهTTدةِ بTTعد تعديلِها. ال يُ TTلزِمُ االت TTفاقُ امل TTعدَّلُ أيَّ دولT Tةٍ ت TTكونُ ط TTرفT Tاً ف TTي امل TTعاهـ TTدةِ ،وال تُ TTصبِحُ ط TTرفT Tاً في االتفاقِ املعدَّلِ ،وتطبَّقُ املادة ۳۰من اتفاقية "فينّا" بالنسبةِ إلى هذه الدولةِ. مTTا لTTم تُTTعبِّرْ عTTن ن Tيَّةٍ مُTTغايTTرةٍ ،تُTTعتبَّرُ أيُّ دول Tةٍ تُTTصبِحُ طTTرف Tاً فTTي املTTعاهTTدةِ بTTعد دخTTولِ االتTفاقِ املTعدَّلِ حTيِّزَ الTنفاذِ طTرفTاً فTي املTعاهَTدةِ كTما عTدلَّTت طTرفTاً فTي املTعاهَTدةِ غTيرِ املTعدَّلTةِ في مواجهةِ أيِّ طرفٍ في املعاهدةِ لم يلتزمْ باالتفاقِ املعدَّلِ.1 ثالثاً :انتهاءُ املعاهَداتِ: أوّالً :بتنفيذِها. ثانياً :اتفاقٌ على إلغائِها. 1اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ م ٣٠ الصفحة ١٨٩ : ٨٠ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ثالثا :انقضاءُ أجلِها. رابعاً :الفَسخُ. خامسا :حتُقِّقُ استحالةَ تنفيذِ املعاهَدةِ. سادساً :زوالُ الشخصيةِ القانونيةِ إلحدى الدولِ املتعاقِدةِ. سابعاً:ظهورُ قاعدةِ إمرةٍ جديدةٍ عامَّةِ التطبيقِ في القانونِ الدوليِّ. ثامناً :التغيُّرُ اجلوهريُّ في الظروفِ:1 أوّالً :بPتنفيذِهPا :تTنقضي املTعاهTدةُ إذا كTانTت قTد أبُTرِمَTتْ لِTغَرضٍ مTعنيٍّ ،ومتَّ حتTقيقُ ذلTك الغرضِ مثالُ ذلكَ اتفاقيةُ تبادُلٍ جتاريٍّ بنيَ دَولتَنيِ. ثPانPيا :انPقضاءُ أجPلِها :كTذلTك تنتهTي املTعاهTدةُ بحTلولِ املTوعTدِ احملTدَّدِ النTتهائِTها فTي نTصِّها ،أمّTا املTعاهTدةُ الTتي ال حتTتوي عTلى نTصٍّ بTشأنٍ النTتهائِTها أو الTتي ال تTنصُّ عTلى إمTكانِ إلTغائِTها أو االنTسحابِ مTنها فTال تTكونُ مَحTلَّاً لTإللTغاءِ ،أو االنTسحابِ مTا لTم يTثبتْ اتِّTجاهُ نTيَّةِ األطTرافِ فTيها إلTى ذلTك ،وهTذا مTا نTصَّتْ عTليه املTادة ٥٤مTن اتTفاقTيةِ "فTينَّا" حTيث تTقول :يTجوزُ أن يTتمَّ انTقضاءُ املTعاهTدةِ ،أو انTسحابُ طTرفٍ مِTنها وفTقاً لTنصوصِ املTTعاهTTدةِ؛ أو فTTي أيِّ وق Tتٍ بTTرضTTا أطTTرافِTTها كTTافّ Tةً بTTعدَ الTTتشاوُرِ مTTع الTTدولِ املTTتعاقِTTدةِ األُخرى.2 ثPPالPPثاً :االتPPفاقُ عPPلى إلPPغائِPPها :يTTجوزُ إنTTهاءُ املTTعاهTTدةِ ،أو انTTسحابُ طTTرفٍ مTTنها؛ إمّTTا تTطبيقاً لTنصٍّ فTي املTعاهTدةِ ،يTسمحُ بهTذا اإلنTهاءِ ،أو االنTسحابِ بTاتTفاقِ األطTرافِ فTي أيِّ وق Tتٍ ،كTTذل Tكَ وبTTالشTTروطِ نTTفسِها يTTجوزُ إيTTقافُ الTTعملِ بTTاملTTعاهTTدةِ بTTالنسTTبةِ إلTTى 1اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺎھﺮ ﻣﻠﻨﺪي واﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺎﺟﺪ اﻟﺤﻤﻮي ﻣﻨﺸﻮرات ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺸﻖ ص٤٧ 2اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ م ٥٤ الصفحة ١٨٩ : ٨١ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات األطTرافِ كTافّTةً ،أو طTرفٍ مُTعيَّنٍ ،أمّTا إذا خَTلَتِ املTعاهTدةُ اجلَTماعTيّةُ مِTن أيِّ نTصٍّ يTتعلَّقُ ب TTإي TTقافِ ال TTعملِ ب TTها ،ف TTيجوزُ لِ TTطرَفT Tنيِ أو أك TTثرَ ف TTيها االت TTفاقُ ع TTلى إي TTقافِ ال TTعملِ بTTأحTTكامِTTها مُTTؤقَّTTتاً ،وفTTيما بTTينهُم شTTريTTطةَ أالّ يُTTؤثِّ Tرَ هTTذا االتTTفاقُ عTTلى مت Tتُّعِ األطTTرافِ األُخTTرى بTTحقوق Tهِم وأدائ Tهِم الTTتزامTTاتِTTهم مبَِTTوجِTTب املTTعاهَTTدةِ ،وأالّ يTTتعارضَ اإليTTقافُ املTؤقَّTتُ مTع الTتنفيذِ الTفعَّالِ فTيما بTني األطTرافِ كTافّTةً ملTوضTوعِ املTعاهTدةِ والTغرضِ مTنها، ومِTن جTهةٍ أُخTرى تُTعتبَرُ املTعاهTدةُ منتهTيةً إذا أبTرمَ األطTرافُ كTافّTةً فTيها مTعاهTدةً جTديTدةً بشأنِ املوضوعِ نفسِه ،وتوافرَ أحدُ الشرطَنيِ اآلتيَنيِ: إذا )ظهTرَ فTي املTعاهَTدةِ ،أو ثTبتَ بTطريTقةٍ أُخTرى( أنّ األطTرافَ قTد قTصدَوا أن يُTحكَمَ املوضوعُ بعد ذلكَ باملعاهَدةِ اجلديدة. إذا كTTانTTت نTTصوصُ املTTعاهTTدةِ اجلTTديTTدةِ غTTيرَ منسجTTمةٍ إطTTالق Tاً مTTع نTTصوصِ املTTعاهTTدةِ الTقدميTةِ؛ بTحيث ال ميُTكِنُ تTطبيقُ املTعاهTدتَTنيِ بTالTوقTتِ نTفسِه ،أمّTا إذا ظهTرَ مTن املTعاهTدةِ األُولTى أنّ نTيَّةَ الTفقهاءِ قTد انTصرفَTت إلTى إيTقافِ تTطبيقِ هTذه املTعاهTدةِ؛ فTيُوقَTفُ تTطبيقُها دونَ إلغائِها وهذا ما تضمَّنَتْه املادة ٥۸ – ٥٦من اتفاقيةِ "فينّا". املTادة : ٥٦ال تTكونُ املTعاهTدةُ الTتي ال حتTتوي عTلى نTصٍّ بTشأنِ انTقضائِTها ،أو نTقضِها، أو االنسحابِ منها خاضعةً للنقضِ ،أو االنسحابِ إالّ: إذا ثTبتَ أنّ نTيَّةَ األطTرافِ قTد اتَّجَهَTتْ نTحوَ إقTرارِ إمTكانِ الTنقضِ ،أو االنTسحابِ؛ أو إذا كان حقُّ النقضِ ،أو االنسحابِ مفهوماً ضِمناً من طبيعةِ املعاهَدةِ. عTلى الTطرفِ الTراغTبِ فTي نTقضِ املTعاهَTدةِ ،أو االنTسحابِ مTنها عَTمالً بTالTفِقرة ) (۱أن يُفْصِحَ عن نِيّتِه هذه بإخطارٍ مُدَّتُه اثنا عشرَ شهراً على األقلّ. الصفحة ١٨٩ : ٨٢ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات املTTادة ٥۸يTTجوزُ لTTطرف Tنيِ ،أو أكTTثرَ فTTي مTTعاهTTدةٍ ج TمَاعTTيةٍ أن يTTعقدُوا اتTTفاق Tاً بTTإيTTقافِ العملِ بنصوصِ املعاهدةِ بصورةٍ مُؤقَّتةٍ وفيما بينهُم فحَسب وذلك: إذا نُصَّ على إمكانِ هذا اإليقافِ في املعاهدةِ؛ أو إذا كانَ هذا اإليقافُ غيرَ محظورٍ باملعاهدةِ ،وبشرطِ: " "۱أالّ يُTTؤثِّ Tرَ فTTي مت Tتُّعِ األطTTرافِ األُخTTرى بTTحقوقِTTها ،أو قTTيامِTTها بTTالTTتزامTTاتِTTها فTTي ظ Tلِّ املعاهدةِ؛ " "۲أالّ يكونَ مُتعارِضاً مع موضوعِ املعاهدةِ والغرضِ منها. ۲فTيما عTدا احلTالTةِ الTتي حتTكُمها الTفِقرةُ )۱أ( ومTا لTم تTنصَّ املTعاهTدةُ عTلى خTالفِ ذلTك ي TTنبغي ع TTلى األط TTرافِ امل TTعنيَّةِ إخ TTطارُ األط TTرافِ األُخ TTرى ب TTنيَّتِها ف TTي ع TTقدِ االت TTفاقِ وبنصوصِ املعاهَدةِ التي تزمعُ إيقافُ العملِ بها. رابPعاً :الPفسخُ :هTو اإلخTاللُ اجلTوهTريُّ بTأحTكامِ مTعاهTدةٍ ثTنائTيةٍ مTن جTانTبِ أحTدِ طTرفَTيها يُTTخوِّلُ الTTطرفَ اآلخَ Tرِ الTTتمسُّكَ بهTTذا اإلخTTاللِ كTTأسTTاسٍ إلنTTهاءِ املTTعاهTTدةِ ،أو إيTTقافِ الTعملِ بTها )كُTلِّيّاً ،أو جُTزئTيَّاً( ،أمّTا اإلخTاللُ اجلTوهTريُّ بTأحTكامِ مTعاهTدةٍ جَTماعTيةٍ مTن جTTان Tبِ أح Tدِ األطTTرافِ ف Tيُخوِّلُ األطTTرافَ األُخTTرى بTTاتTTفاقٍ جTTماع Tيٍّ فTTي مTTا بTTينهُم بـ )إيTقافِ الTعملِ ،بTاملTعاهTدةِ أو إنTهائِTها( فTي الTعالقTةِ بTينهُم وبTني الTدولِ اخملTلَّةِ ،أو فTي العالقةِ بينهُم وبني األطرافِ كافّةً. أمّTا الTطرفُ الTذي يTتأثَّTرُ بTصورةٍ خTاصّTةٍ مTن هTذا اإلخTاللِ فTيُخوَّلُ الTتمسُّكُ بTه كTأسTاسِ إيTقافِ الTعملِ بTاملTعاهTدةِ )كُTلِّيّاً ،أو جُTزئTيّاً( فTي الTعالقTةِ بTينَه وبTنيَ الTدولِ اخملTلَّةِ ،ويُTخوّلُ أليِّ طTTرفٍ آخَ Tرَ إيTTقافُ الTTعملِ بTTاملTTعاهTTدةِ بTTالنسTTبةِ إلTTيه ،إذا كTTان مِTTن شTTأنِ اإلخTTاللِ الصفحة ١٨٩ : ٨٣ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اجلTوهTريِّ بTأحTكامِ املTعاهTدةِ مTن جTانTبِ أحTدِ األطTرافِ فTيها ،لTن يُTغيِّرَ بTصورةٍ جTذريَّTةٍ وضعَ كُلِّ طرفٍ فيما يتعلَّقُ بأداءِ التزاماتِه املستقلَّةِ طِبقاً للمعاهدةِ. واملقصودُ باإلخاللِ اجلوهريِّ للمعاهدةِ حَسبَ اتفاقيةِ "فينّا": رفضُ العملِ باملعاهدةِ في ما ال تُبيحُه نصوصُ اتفاقيةِ "فينّا"، اإلخاللُ بنَصٍّ ضروريٍّ لتحقيقِ موضوعِ املعاهدةِ ،أو الغرضِ منهاِ.وقTTد أثTTارَ مTTوضTTوعُ الTTفسخِ جَTTدالً كTTبيراً بTTني فTTقهاءِ الTTقانTTونِ؛ فTTقد نTTازعَ بTTعضُهم فTTي شTريTعةٍ مTثلِ هTذا الTفسخِ عTلى أسTاسِ أنّTه يُهTدِّدُ الTقوَّةَ اإللTزامTيةَ لTلمعاهTداتِ ،ويTؤدِّي إلى عدمِ استقرارِ املعامالتِ الدوليةِ. فTي حTني يTرى قِTسمٌ آخTرُ مِTن الTفقهاءِ جTوازَ الTفسخِ بTاإلرادةِ املTنفردةِ لTلدولِ إذا تTوفَّTرتْ أسTبابُTه ،وقTد ذهTبَت اتTفاقTيةُ "فTينّا" فTي املTادة ٥۹إلTى حTلٍّ وسTطٍ فTي هTذا الTشأنِ؛ فهTي قTTد أق Tرَّتْ بTTأنّ اإلخTTاللَ اجلTTوهTTريَّ مTTن جTTان Tبِ طTTرفٍ فTTي املTTعاهTTدةِ يُTTخوِّلُ الTTطرفَ أو األطTرافَ األُخTرى احلTقَّ فTي الTتمسُّكِ بTه إليTقافِ املTعاهTدةِ ،أو إنTهائِTها ،تTاركTةً أمTرَ إنTهاءِ املTعاهTدةِ لTلمَرجTعِ )الTقضائTيِّ ،أو الTتحكيميِّ ،أو الTتوفTيقيِّ(ا لTذي يُTرفَTعُ إلTيه الTنزاعُ بTني الدولِ املعنيّةِ. املادة ٥۹من اتفاقيةِ "فينَّا": تُTعتبَرُ املTعاهTدةُ مُTنقضيةً إذا عTقدَ أطTرافُTها كTافّTةً مTعاهTدةً الحِTقةً تTتعلَّقُ بTاملTوضTوعِ ذاتِTه، وحتَقَّقَ أحدُ الشرطنيِ اآلتيَنيِ: إذا ظهTرَ فTي املTعاهTدةِ الTالحِTقةِ ،أو ثTبتَ بTطريTقةٍ أُخTرى أنّ األطTرافَ قTد قTصَدت أن يكونَ املوضوعُ محكوماً بهذه املعاهدةِ؛ أو الصفحة ١٨٩ : ٨٤ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات كTانTت نTصوصُ املTعاهTدةِ الTالحِTقةِ غTيرَ مُتمشِّTيَةٍ مTع نTصوصِ املTعاهTدةِ األسTبقِ لTدرجTةٍ ال ميُكِنُ معها تطبيقُ املعاهدتَنيِ في الوقتِ ذاتِه. تُTTعتبَرُ املTTعاهTTدةُ األسTTبقُ قTTد أُوقِ Tفَ تTTطبيقُها إذا ظه Tرَ مTTن املTTعاهTTدةِ أو ثTTبتَ بTTطريTTقةٍ أُخرى أنّ نيّة األطرافِ كانت كذلك. خPPامPPساً :اسPPتحال Pةُ تPPنفيذِهPPا :يTTجوزُ لTTلطرفِ فTTي املTTعاهTTدةِ أن يَسTTتنِدَ إلTTى اسTTتحال Tةِ تTنفيذِهTا كTأسTاسٍ إلنTهائِTها إذا نTتجَتِ االسTتحالTةُ عTن اخTتفاءِ ،أو هTالكِ شTيءٍ ضTروريٍّ للتنفيذِ مثال :أنّه نظَّمَ للمالحةِ الدوليةِ فيه ،ثمَّ جَفَّتْ مِياهُه. أمّTا إذا كTانTت االسTتحالTةُ مTؤقَّTتةً فTيجوزُ االسTتنادُ إلTيها فTقط كTأسTاسٍ إليTقافِ الTعملِ باملعاهدةِ ،وهذا ما أيَّدتْه اتفاقيةُ "فينّا" في املادة ٦۱حيثُ تنصُّ على أنّه: يTجوزُ لTلطرفِ فTي املTعاهTدةِ االحTتجاجُ بTاسTتحالTةِ تTنفيذِهTا كسَTببٍ النTقضائـِTها ،أو االن TTسحابِ م TTنها إذا جنT Tمَتِ االس TTتحالT Tةُ ع TTن زوالِ أو ه TTالكِ أمT Tرٍ ال يُس TTتغنى ع TTنهُ لTتنفيذِهTا .أمّTا إذا كTانTت االسTتحالTةُ مُTؤقَّTتةً فTيجوزُ االحTتجاجُ بTها كTأسTاسٍ إليTقافِ العملِ باملعاهدةِ فقط. ۲ال يTجوزُ لTلطرفِ فTي املTعاهTدةِ االحTتجاجُ بTاسTتحالTةِ الTتنفيذِ كسَTببٍ النTقضائِTها ،أو االنTTسحابِ مTTنها إذا كTTانTTت االسTTتحال Tةُ نTTاجTTمةً عTTن إخTTاللِ ذلTTك الTTطرفِ بTTالTTتزامTTاتِTTه مبَTوجِTبِ املTعاهTدةِ ،أو أيّ الTتزامٍ دولTيٍّ آخTرَ يTقعُ عTليه فTي مTواجTهةِ أيِّ طTرفٍ آخTرَ فTي املعاهدة. الصفحة ١٨٩ : ٨٥ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات سPادسPاً :زوالُ الPشخصيةِ الPقانPونPيةِ :1إذا زالTتِ الTشخصيةُ الTقانTونTيةُ لTلدولTةِ زواالً تTTامTTا فTTإن املTTعاهTTدات الTTتي قTTد تTTكون ارتTTبطت بTTها تنتهTTي ويTTنظم عTTملها االتTTفاقTTية الدولية اخلاصة يتوارث الدول في املعاهدات .2 أمّTا فTي الTدولTةِ اإلسTالمTيةِ :تTتمتَّعُ الTدولTةُ اإلسTالمTيّةُ بTشخصيّةٍ مسTتقلَّةٍ تُTعرفُ حTديTثا بـ )الTشخصيةِ املTعنويTةِ ،أو االعTتباريTةِ( ،وقTد أقTرَّ فTقهاءُ اإلسTالمِ مTدلTولَ هTذا االصTطالحِ من خاللِ اخلصائصِ التي تتمتَّعُ بها الدولةُ اإلسالميةُ . عَTرفُTوا فTكرةَ الTدولTةِ مسTتقلَّةً عTن األشTخاصِ؛ فTكان )احلTاكTمُ ،أو اخلTليفةُ( يُTعَدُّمبTثابTةِ أمTنيٍ عTلى السTلطةِ ،وميُTارِسُTها بTصفةٍ مTؤقَّTتةٍ ،ونِTيابTةً عTن األُمَّTةِ كTما يTتَّضِحُ مTن خTTاللِ مTTن اخلُ Tطَبِ السTTياس Tيَّةِ الTTتي كTTان يُTTلقيها اخلTTلفاءُ الTTراشTTدونَ مبُِج Tرَّدِ انTTعقادِ ال Tبَيعةِ؛ فـ)اخلTTليفةُ يَTTعتبِرُ نTTفسَه وكTTيالً عTTن األُمَّ Tةِ فTTي أمTTورِ ال Tدِّي Tنِ وإدارةِ شTTؤونِ الTTدول Tةِ بحسَTTب شTTريTTعةِ اهللِ تTTعالTTى وسُ Tنَّةِ رسTTولِ Tهِ مُح Tمّدٍ( ص Tلّى اهللُ عTTليه وس Tلّمَ فـ"أينما وُجِدَتِ املصلحةُ فَثَمَّ وجْهُ اهللِ تعالى". وتTظلُ حTقوقُ الTدولTةِ اإلسTالمTيةِ ثTابTتةً لTها وإنْ تTغيَّرُ حُTكَّامُTها؛ بTدلTيلِ أنّ عُTمَرَ بTنَاخل Tطَّابِ رض Tيَ اهللُ عTTنه أبTTقى األراضTTي املTTفتوح Tةَ عTTلى مِTTلكيّةِ أه Tلِها عTTلى أن يَدفعوا خَراجاً دائماً. ب ت؛ 1ﺗُﻌﺮّفُ اﻟﺸﺨﺼﯿﺔُ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﯿﺔُ ﻋﻠﻰ أﻧّﮭﺎ :اﻟﻤﻘﺪرةُ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﯿﺔُ ﻋﻠﻰ اﻛﺘﺴﺎ ِ اﻟﺤﻘﻮق ،وﺗﺤ ﱡﻤ ِﻞ اﻻﻟﺘﺰاﻣﺎ ِ ِ ﺑﻤﻌﻨﻰّ : ت ﻗﺎﻧﻮﻧﯿﺔً ﺗﺆدي إﻟﻰ اﻛﺘﺴﺎﺑ ِﮫ ﺣُﻘﻮﻗﺎ ً ُﻣﻌﯿﻨﱠﺔً ،أو أن َﻣﻦ ﯾﺘﻤﺘﱠ ُﻊ ﺑﮭﺬه اﻟﺸﺨﺼﯿ ِﺔ ﯾﺴﺘﻄﯿ ُﻊ أن ﯾُﺒﺮ َم ﺗﺼﺮﻓﺎ ٍ ت ُﻣﺤ ﱠﺪدة. اﻟﺘﺰا ِﻣﮫ ﺑﻮاﺟﺒﺎ ٍ د ٠ﺳﺎﻣﻲ ﺟﻤﺎل اﻟﺪﯾﻦ :أﺻﻮل اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻹداري ،ﻣﻨﺸﺄة اﻟﻤﻌﺎرف ﺑﺎﻹﺳﻜﻨﺪرﯾﺔ ،ﻣﺼﺮ ،٢٠٠٤ ،ص .١٣٥ 2اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص٤٧٧ الصفحة ١٨٩ : ٨٦ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات والTتزامTاتُ الTدولTةِ تTظلُّ قTائTمةً؛ مTثل املTعاهTداتِ تTبقى نTافTذةً يَTلزمُTنا الTوفTاءُ بTها حTتّىتنقضي مُدَّتُها ،أو ينقضَها العدوُّ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ".1 وفTي نTطاقِ املTسؤولTيةِ )املTدنTيّةِ واجلTنائTيّةِ( إذا أتTلفَ احلTاكTمُ شTيئاً فTي غTيرِ حTالTةِتTطبيقِ الTعقوبTاتِ الشTرعTيةِ أثTناءَ قTيامِTه مبTصلحةٍ مTن املTصالTحِ الTعامَّTةِ ف)ضTمانُ املTتلَفِ عTلى الTدولTةِ؛ بTاعTتبارِهTا شTخصيَّةً مTعنويَّTةً ميُTثِّلُها احلTاكِTمُ نTيابTةً عTن جTمَاعTة املسلمني(.2 "إنّ الTدولTةَ لTها أهTليةُ وجTوبٍ كTامTلةٍ وذِمَّTةٌ مسTتقلَّةٌ عTن أفTرادِهTا املTكوِّنِTنيَ لTها"؛ وهTذا املرادُ بالشخصيةِ االعتباريةِ للدولةِ .3 سابعاً :التغيُّرُ اجلَوهريُّ في الظروفِ: يُشTترطُ أن يTكونَ الTتغيُّرُ فTي الTظروفِ جTوهTريTاً ،وهTذا مTا يTجعلُ مTن الTصعبِ االتTفاقُ عTTلى حُTTصولِTTه ،وإذا لTTم ي Tكُنْ مِTTن املTTمكنِ اتTTفاقُ الTTطرف Tنيِ عTTلى إلTTغاءِ املTTعاهTTدةِ ،أو تTTعدي Tلِها لTTتغيُّرِ الTTظروفِ أمTTكنَ عTTرضُ املTTوضTTوعِ عTTلى الهTTيئاتِ الTTدولTTية .وقTTد أتTTت اتTفاقTية "فTينّا" بحTلٍّ مTقبولٍ فTي هTذا الTشأنِ إذ نTصَّتِ املTادة ٦۲مTن االتTفاقTيةِ عTلى مTا يلي: ال يTجوزُ االحTتجاجُ بTالTتغييرِ اجلTوهTريِّ غTيرِ املTتوقَّTعِ فTي الTظروفِ الTتي كTانTت سTائTدةً عTTند عTTقدِ املTTعاهTTدةِ كTTأسTTاسٍ النTTقضائِTTها ،أو االنTTسحابِ مTTنها إالّ بTTتحقُّقِ الشTTرطَ Tنيِ اآلتيَني: 1اﻟﻤﺎﺋﺪة اﻵﯾﺔ ١ ّ 2اﻧﻈﺮ :وھﺒﺔ اﻟﺰﺣﯿﻠﻲ اﻟﻔﻘﮫ اﻹﺳﻼﻣﻲ وأدﻟﺘﮫ دار اﻟﻔﻜﺮ دﻣﺸﻖ ط ٤ﻣﻌﺪﻟﺔ اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻣﻦ ص٦٣٥١ 3اﻟﻤﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻻﻟﺘﺰام ﻓﻲ اﻟﻔﻘﮫ اﻹﺳﻼﻣﻲ د ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﺰرﻗﺎ دار اﻟﻘﻠﻢ دﻣﺸﻖ ط اﻷوﻟﻰ ﻋﺎم ١٩٩٩م ص ٢٦٣ الصفحة ١٨٩ : ٨٧ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات )أ( أنْ ي TTكونَ وج TTودُ ه TTذه ال TTظروفِ م TTثالً س TTبباً رئ TTيساً لِ TTرض TTا األط TTرافِ ل TTالل TTتزامِ باملعاهدةِ؛ و )ب( أنْ يTكونَ مِTن شTأنِ الTتغييرِ أن يُTبدَّلَ بTصورةٍ جَTذريَّTةٍ فTي مTدى االلTتزامTاتِ الTتي مTا زالَ من الواجبِ القيامُ بها مبوجبِ املعاهدةِ. ۲ال يTجوزُ االحTتجاجُ بTالTتغييرِ اجلTوهTريِّ فTي الTظروفِ كTأسTاسٍ النTقضاءِ املTعاهTدةِ ،أو االنسحابِ منها في إحدى احلالتَنيِ اآلتيتَنيِ: )أ( إذا كانتِ املعاهدةُ تُنشِئ حُدوداً. )ب( إذا كTان الTتغييرُ اجلTوهTريُّ فTي الTظروفِ نـTاجتِTاً عTن إخTاللِ الTطرفِ الTذي يTتمسَّكُ بTه؛ إمّTا بTالTتزامٍ يTقعُ عTليه فTي ظTلِّ املTعاهTدةِ ،أو بTأيِّ الTتزامٍ دولTيٍّ آخَTر مُسTتحقٍّ لTطرفٍ آخرَ في املعاهدة. ۳إذا كTان لTلطرفِ طِTبقاً لTلفقـرات الTسابTقة أن يTتمسَّكَ بTالTتغييرِ اجلTوهTريِّ فTي الTظروفِ كTأسTاسٍ النTقضاءِ املTعاهTدةِ ،أو االنTسحـابِ مTنها؛ فTيجوزُ لTه أيTضاً الTتمسُّكِ بTالTتغييرِ كأساسٍ إليقافِ العملِ باملعاهدة. ظهورُ قاعدةٍ آمرةٍ جديدةٍ عامَّةِ التطبيقِ في القانونِ الدوليِّ: تُTعتبَرُ املTعاهTدةُ بTاطTلةً ومنتهTيةً إذا تTعارضTتْ مTع قTاعTدةٍ آمTرةٍ جTديTدةٍ عTامَّTةِ الTتطبيقِ فTي الTقانTونِ الTدولTيِّ اسTتقرّتْ بTعد نTفاذِهTا ،وهTذا مTا آلTتْ إلTيه املTادة ٦٤مTن اتTفاقTية "فTينّا": )إذا ظهTرتْ قTاعTدةٌ آمTرةٌ جTديTدةٌ مTن الTقواعTدِ الTعامَّTةِ لTلقانTونِ الTدولTيِّ فTإنّ أيّTةَ مTعاهTدةٍ نافذةٍ تتعارضُ معها تصبحُ باطلةً وتنقضي(.1 1اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ م ٦٤ الصفحة ١٨٩ : ٨٨ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات آثارُ إنهاءِ املُعاهداتِ وإيقافِ العملِ بها: يTترتَّTبُ عTلى إنTهاءِ املTعاهTدةِ إعTفاءُ أطTرافِTها مِTن أيِّ الTتزامٍ بTاالسTتمرارِ فTي تTنفيذِ أحTكامِTها فيتحTلَّلونَ ممِّTا رتَّTبتْهُم عTليه املTعاهTدةِ ،كTما ينتهTي متTتُّعِهِم بTاحلTقوقِ الTتي رتّTبتَها لTهم املTTعاهTTدةِ املنتهTTيةِ؛ ولTTكنَّ ذل Tكَ ال يُTTؤثِّ Tرُ عTTلى أيِّ ح Tقٍّ ،أو الTTتزامٍ ،أو مTTرك Tزٍ قTTانTTون Tيٍّ لTTألطTTرافِ نTTشأَ نTTتيجةَ تTTنفيذِ املTTعاهTTدةِ ،قTTبلَ إنTTهائِTTها؛ وذلTTك احTTترامَ Tاً ملTTبدأ احل Tقِّ املكتَسَTبِ ،أمّTا إذا كTانTت املTعاهTدةُ جTمَاعTيةً وفTسختْها أو انTسحبَت مTنها دولTةٌ واحTدةٌ ف Tتُطبَّقُ املTTبادِئُ الTTسابTTقةُ نTTفسُها فTTي الTTعالق Tةِ بTTني هTTذه الTTدول Tةِ وكُ Tلُّ طTTرفٍ آخ Tرَ فTTي املTTعاهTTدةِ مTTن تTTاري Tخِ نTTفاذِ الTTفسخِ أو االنTTسحابِ ،وإذا تTTوقَّ Tفَ الTTعملُ فTTي املTTعاهTTدةُ. فTTيترتَّ Tبُ إعTTفاءُ األطTTرافِ الTTذيTTن تTTوقَّ Tفَ الTTعملُ بTTاملTTعاهTTدةِ بTTينهُم مTTن الTTتزامٍ بTTتنفيذِ املTعاهTدةِ بTينهُم خTاللَ فTترةِ اإليTقافِ ،دونَ أن يُTؤثِّTرَ ذلTك بTطريTقةٍ أُخTرى عTلى الTعالقTاتِ الTTقانTTونTTيةِ الTTتي أنTTشأتْTTها املTTعاهTTدةُ بTTني األطTTرافِ .وميTTتنعُ عTTلى األطTTرافِ خTTاللَ فTTترةِ اإليقافِ إتيانُ عملٍ يجعلُ استئنافَ العملِ باملعاهدةِ بعدَ ذلكَ مُستحيالً. أثرُ احلربِ على انتهاءِ املُعاهَداتِ: إنّ قTTطعَ الTTعالقTTاتِ الTTدبTTلومTTاسTTيةِ بTTني أطTTرافِ املTTعاهTTدةِ ال يُTTؤثِّ Tرُ بTTذاتِTTه عTTلى الTTعالق Tةِ القانونيةِ بينهُم مبَوجِبِ معاهدةٍ؛ فTهُناكَ مTعاهTداتٌ ال تTتأثَّTرُ بTقيامِ حTالTةِ احلTربِ؛ بTل تTبقى سTاريTةَ املTفعولَ؛ فTالأثT Tرَ للح TTربِ ف TTي االت TTفاق TTياتِ ال TTتي وُضِT Tعَتْ ل TTتنظيمِ ح TTالT Tةِ احل TTربِ ن TTفسِها ك"مُTعاهTدةِ الهTاي" ،۱۹۰۷و"مTعاهTداتِ جTنيف األربTعة" ۱۹٤۹م،كTذلTك ال تُTؤثِّTرُ احلTربُ فTي املTعاهTداتِ الTتي تسTتهدفُ تTنظيمَ حTالTةٍ مTوضTوعTيّةٍ دائTمةٍ الصفحة ١٨٩ : ٨٩ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ك)حTTال Tةِ احلِTTيادِ الTTدائِTTم ،وحTTال Tةِ املِTTالح Tةِ فTTي قTTناةِ الTTسوي Tسِ ،أو مTTعاهTTداتِ احلدودِ( فتظلُّ هذه املعاهداتُ ساريةَ املفعولِ. وهTTناك نTTوعٌ مِTTن املTTعاهَTTداتِ يTTكونُ مِTTن شTTأنِ احلTTربِ إيTTقافُTTها بTTالنسTTبةِ لTTلدولِاملTتحارِبَTةِ حTتّى انTتهاءِ احلTربِ ،وهTذه املTعاهTداتُ اجلَTماعTيةُ الTتي تُTعقَدُ بTني أكTثرَ مِTTن دَول Tتَنيِ ،وتTTقومُ احلTTربُ بTTني بTTعضِ أطTTرافِTTها فTTقط ،وال أث Tرَ للحTTربِ فTTي عTالقTاتِ الTدولِ املTتحارِبَTةِ مTع الTدولِ احملTايTدةِ وال فTي عTالقTاتِ الTدولِ احملTايTدةِ فيما بينَها؛ فتظلُّ هذه العالقاتُ خاضعةً ألحكامِ املعاهدةِ اجلَماعيةِ. وهTناك مTعاهTداتٌ تنتهTي بTقيامِ حTالTةِ احلTربِ وهTي املTعاهTداتُ الTثنائTيةُ الTتيكTTانTTت الTTدولُ املTTتحارب Tةُ قTTد ارتTTبطَت بTTها قTTبلَ انTTدالعِ احلTTربِ كـ )مُTTعاهَTTدةِ الصداقةِ والتجارةِ(.1 1ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ٤٧١ الصفحة ١٨٩ : ٩٠ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﻔﺼﻞُ اﻟﺴﺎدِسُ اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎتُ ﻓﻲ اﻹﺳﻼمِ لTقد أرسTى اإلسTالمُ أُسTساً ثTابTتةً وركTزَ ركTائTزَ مTتينةً فTي الTعالقTاتِ الTدولTيةِ انTطالقTاً مِTن فِTكْرتِTه الTعاملَTيَّةِ؛ فTهُو لTيس دِيTناً إقTليميّاً محTليّاً ،وال تشTريTعاً زمTنيّاً مTرحTليّا ،وال مَTوقTوتTاً؛ بTل هTو )دِيTنٌ عTامٌّ خTالTدٌ يTعمُّ أرجTاءَ الTعالَTمِ كTافTةً( ،ويسTتهدفُ حتTقيقَ األُخTوَّةِ اإلنTسانTيةِ والTزمTالTةِ الTعاملَTيةِ وكTراهTةِ احلTربِ ،وتTنميةَ الTعالقTاتِ والTتعاونِ بTني الTدولِ ،ولTم يTكتفِ اإلسTTالمُ بTTكراه Tتِه للحTTربِ بTTاملTTوق Tفِ السTTلبيِّ؛ بTTل إنّTTه خَTTطا خُTTطواتٍ إيTTجابTTيةً حلTTماي Tةِ الس TTالمِ وت TTثبيتِ أرك TTانِ TTه؛ فT Tقَد حT Tدَّدَ اإلس TTالمُ مُ TTنطلقاتٍ عِT Tدَّةً متT Tثِّلُ إط TTاراً ش TTامِT Tالً لTلعالقTاتِ بTني الTناسِ مTن نTاحTيةٍ ،وبTني الTدولِ مTن نTاحTيةٍ أُخTرى؛ فTقَد أعTلَنَ أنّ الTناسَ كTلَّهُم بحسTبِ فِTطرتِTهُم األُولTى واحTدةٌ يَTديTنُونَ خلِTالTقٍ واحTدٍ قTال تTعالTى) :وَمَTا كَTانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواۚ(.1 وقTال سُTبحانَTه) :كTانَ الTنَّاسُ أُمَّTةً وَاحِTدَةً فَTبَعَثَ اهللُّ الTنَّبِيِّنيَ مُبَشِّTرِيTنَ وَمُTنذِرِيTنَ وَأَنTزَلَ مَTعَهُمُ الْTكِتَابَ بِTاحلَْTقِّ لِTيَحْكُمَ بَTنيَْ الTنَّاسِ فِTيمَا اخْTتَلَفُواْ فِTيهِ وَمَTا اخْTتَلَفَ فِTيهِ إِالَّ الَّTذِيTنَ أُوتُTوهُ مِTن بَTعْدِ مَTا جَTاءتْTهُمُ الْTبَيِّنَاتُ بَTغْياً بَTيْنَهُمْ فَهَTدَى اهللُّ الَّTذِيTنَ آمَTنُواْ ملَِTا اخْTتَلَفُواْ فِTيهِ مِنَ احلَْقِّ بِإِذْنِهِ وَاهللُّ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ(.2 كTما أعTلنَ أنَّTهُم إخTوةٌ فTي اإلنTسانTيةِ؛ ألنَّTهُم مخTلُوقTونَ مِTن أصTلٍ واحTدٍ ،وال تTفاضُTلَ بTينهُم لشTيءٍ وراءَ هTذه احلTقيقةِ اإلنTسانTيةِ إالّ بTالTتقوى ،قTال تTعالTى) :يَTا أَيُّTهَا الTنَّاسُ إِنَّTا 1ﯾﻮﻧﺲ ١٩:اﻵﯾﺔ 2اﻟﺒﻘﺮة اﻵﯾﺔ ٢١٣ الصفحة ١٨٩ : ٩١ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات خَTلَقْنَاكُTم مِّTن ذَكَTرٍ وَأُنTثَى وَجَTعَلْنَاكُTمْ شُTعُوبًTا وَقَTبَائِTلَ لِTتَعَارَفُTوا ۚ إِنَّ أَكْTرَمَTكُمْ عِTندَ الTلَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (1؛ فTال يTنبغي أن تTكونَ هTناكَ انTفصالTيةٌ ،أو عTداوةٌ بسTببِ جTنسٍ ،أو لTونٍ ،أو ثTقافTةٍ أو غير ذلك؛ بل ينبغي أن تُراعى األُخوَّةُ اإلنسانيةُ مبا يحفظُ كرامتَها. ول Tقَد قTTررَ اإلسTTالمُ أنّ األسTTاسَ فTTي مTTعامTTلةِ مَTTن يُTTخالِ Tفُ الTTعقيدةَ هTTي السTTالمُ ـ مTTا دامَ الTTطرفُ اآلخَTTر يَTTدي Tنُ بTTالسTTالمِ أيTTضاً ـ وأشTTادَ ب Tنِعمَةِ األم Tنِ ،ووض Tعَ ضTTمانTTاتٍ بTTإبTTرامِ الTعُقودِ وتTوقTيعِ املTعاهَTداتِ مTع األمTرِ بTالTوفTاءِ بTها ،والتحTذيTرِ مTن الTغَدرِ بTها واخلTيانTةِ فTيها، كTما نهTى عTن رفْTضِ الTصُّلْحِ أو وَضْTعِ الTعراقTيلِ فTي سTبيلِ إمتTامِTه؛ ألنّ عTالقTةَ املسTلِمنيَ مTع اآلخَTرِ هTي الTدعTوةُ إلTى اهللِ تTعالTى؛ ألنّ املسTلمنيَ هُTمْ أصTحابُ رسTالTةٍ أال وهِTيَ عTبادةُ اهللِ سُTبحانَTه وتTعالTى؛ وألنّ الTعالقTاتِ الTدولTيةَ لTدى اآلخَTرِ تTعتمِدُ عTلى مTبدأِ املTصلحةِ الTوطTنيةِ ،والTقوّةِ؛ ولTكنَّ الTعالقTاتِ الTدولTيةَ فTي اإلسTالمِ الTعظيمِ تTعتمدُ عTلى جُTملةِ مبادئَ يلتزمُ بها املسلمونَ في دِيارِهم أو ديارِ غيرِ املسلمنيَ ،ومِن هذه املبادئِ: ۱ـ املTساواةُ فTي احلTقوقِ اإلنTسانTيةِ :حTيث سTاوى اإلسTالمُ بTني الTناسِ جTميعاً ،واعTتبرَ املTساواةَ أصTالً مُTقرَّراً مِTن أُصTولِTه؛ فTال تTفاضُTلَ بTني الTناسِ بTكثرةِ املTالِ مَTثالً ،أو بTاجلTاهِ ،أو بTTالسTTلطانِ؛ وإمنّTTا يTTكونُ الTTتفاضُ Tلُ بTTاإلنTTتاجِ ،وبTTالTTعملِ الTTصالِTTح .قTTال تTTعالTTى) :إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (.2 ۲ـ الTعدالTةُ بTني الTدولTةِ اإلسTالمTيةِ وغTيرِهTا :بTالTعدلُ تسTتقيمُ األمTورُ ،وتسTيرُ فTي مTسارِهTا الTTصحيحِ ،وبTTه تTTطمَئِنُ األن Tفُسُ إلTTى نTTيلِ حُTTقوقِTTها ،وإنَّ ك Tلَّ تنسTTيقٍ )اجTTتماع Tيًّ ،أو 1اﻟﺤُﺠﺮات اﻵﯾﺔ ١٣ 2اﻟﺤُﺠﺮات١٣.: الصفحة ١٨٩ : ٩٢ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات سTياسTيٍّ( ال يTقومُ عTلى الTعدلِ سَTرعTانَ مTا يTنهارُ مTهما كTانTت الTقوَّةُ املTنظِّمةُ والTداعTمةُ لTه؛ فTهو الTدعTامTةُ الTقويTةُ الTتي يTقومُ عTليها احلُTكْمُ والتنسTيقُ السTليمُ لِTكُلِّ بTناءٍ ،قTال تعالى) :إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَاإلِْحْسَانِ(.1 ۳ـ الTTوفTTاءُ بTTالعه Tدِ :والTTوفTTاءُ بTTالعه Tدِ مِTTن أه Tمِّ ال Tسِّماتِ الTTتي مت Tيَّزتْ بTTها الTTدول Tةُ اإلسTالمTيةُ؛ انTطالقTاً مِTن قTولِTه تTعالTى) :وَأَوْفُTوا بِTالْعَهْTدِ ۖ إِنَّ الْعَهْTدَ كَTانَ مَسْTئُوالً( .2إنّ الPقرآنَ الPكرميَ قPدَّم الPوفPاءَ بPاملPعاهPداتِ الPتي تُPبرِمُPها الPدولPةُ اإلسPالمPيةُ مPع غPيرِهPا عPلى نُPصرَةِ املُسPتضعَفِنيَ فPي الPدِّيPنِ الPذيPنَ يُPقيمونَ فPي دولPةٍ بPينَها وبPنيَ املسPلِمنيَ مPPعاهPPدةٌ ،قTTال تTTعالTTى) :وَإِنِ اسْ Tتَنْصَرُوكُ Tمْ فِTTي ال Tدِّي Tنِ فَ Tعَلَيْكُمُ ال Tنَّصْرُ إِلَّTTا عَ Tلَى قَ Tوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ مبَِا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(.3 ٤ـ السTTالمُ :والسTTالمُ واملTTساملَ Tةُ هTTو أص Tلٌ مِTTن أُصTTولِ الTTعالق Tةِ بTTني الTTدولِ اإلسTTالمTTيةِ وغيرِها ،والقتالُ حالٌ طارئةٌ تقتضيه ظروفٌ معيَّنةٌ. وإنّ الTقرآنَ الTكرميَ فTيه آيTاتٌ صTريTحةٌ فTي إيTثارِ السTالمِ عTلى الTقتالِ ،قTال تTعالTى) :يَTا أَيُّTهَا الَّTذِيTنَ آمَTنُوا ادْخُTلُوا فِTي السِّTلْمِ كَTافَّTةً وَالَ تَTتَّبِعُوا خُTطُوَاتِ الشَّTيْطَانِ إِنَّTهُ لَTكُمْ عَTدُوٌّ مُبِنيٌ(.4 1اﻟﻨﺤﻞ٩٠.: 2اﻹﺳﺮاء اﻵﯾﺔ ٤٣ 3اﻷﻧﻔﺎل٧٢.: 4اﻟﺒﻘﺮة اﻵﯾﺔ ٢٠٨ الصفحة ١٨٩ : ٩٣ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ٥ـ حTقوقُ الTعِبادِ فTيما بTينهُم مُTقدَّمTةٌ عTلى حTقوقِ اهلل :وعTلى هTذا فTال تُTقاتِTلُ املTرأةُ بTغيرِ إذنِ زوجِTها ،وال الTولTدُ بTغيرِ إذنِ والTديTهِ ،وال الTعبدُ بTغيرِ إذنِ سTيِّدِه؛ إالّ فTي حTالِ الTنفيرِ العامِّ؛ فإنّه ال بأسَ بقتالِ املرأةِ والولدِ والعبدِ مِن دونِ إذنٍ مِن أولياءِ أُمورِهِم. ٦ـ مTTراعTTاةُ املTTصلحة :مTTصلحةُ الTTدول Tةِ اإلسTTالمTTيةِ لTTها االعTTتبارُ األوَّلُ عTTند إقTTام Tةِ أيِّ عTالقTةٍ مTع الTدولِ األُخْTرى ،وعTلى هTذا فTلِلدولTةِ اإلسTالمTيةِ أن تTطلُبَ إعTادةَ حTالِ السTالمِ مTع الTدولTةِ املTعاديTةِ؛ إمّTا ب)عَTقدِ اتTفاقٍ( وفTقَ شُTروطٍ يTرتTضِيها الTطرفTانِ ،وإمّTا بـ )عَTقدِ هُTدنَTةٍ( وهTي الTتوقُّTفُ عTن الTقتالِ لTفَترةٍ مُحTدَّدةٍ ،إذا كTان فTي ذلTكَ مTصلحةٌ لTلدولTةِ تفوقُ مصلحتَها في مواصلةِ احلربِ. ۷ـ املTعامَTلَةُ بTاملِTثلِ :واملTعامTلةُ بTاملTثلِ هTو املTبدأُ األسTاسُ فTي مTعامTلةِ الTدولTةِ اإلسTالمTيةِ لTغيرِهTا؛ لTقولِTه تTعالTى) :فَTمَنِ اعْTتَدَى عَTلَيْكُمْ فَTاعْTتَدُوا عَTلَيْهِ مبِTثْلِ مَTا اعْTتَدَى عَTلَيْكُمْ ۚ(. وعTTلى ذلTTك ف Tلِلدول Tةِ اإلسTTالمTTيةِ أن تسTTترِقَّ أسTTرى األعTTداءِ إنْ هُTTم اسTTترقُّTTوا أسTTرى املسTلمنيَ ،ولTلدولTةِ اإلسTالمTيةِ كTذلTك أن تُTعفي رعTايTا الTدولTةِ املTعتديTةِ مِTن الTضرائTبِ، أو الرُّسومِ أو نحو ذلك إذا فعلتِ الدولةُ املعاديةُ برعايا الدولةِ املسلمةِ مِثلَ ذلك. ۸ـ االعTترافُ بTاحلTقوقِ الTتي تَTثبتُ لTلدولِ جTميعاً عTلى قَTدَمِ املTساواةِ؛ لTقولِTه تTعالTى: )ال يَTنْهاكُTمُ اهللُ عTن الTذيTنَ لَTمْ يُTقاتِTلوُكُTمْ فTي الTدِّيTنِ ولَTمْ يُخTرِجُTوكُTمْ مِTنْ دِيTارِكُTمْ أنْ تَبرٌّوهُمْ وتُقْسِطُوا إليهِم إنّ اهللَ يُحِبُّ املُقْسِطِنيَ(.1 1اﻟﻤﻤﺘﺤﻨﺔ٨: الصفحة ١٨٩ : ٩٤ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات هTذه هِTي مTبادئُ الTعالقTاتِ الTدولTيةِ مِTن مَTنظورٍ إسTالمTيٍّ الTتي يTجبُ أن نTلتزمَ بTها فTي الوقتِ احلاضرِ.1 حقائقُ عن العالقاتِ الدوليةِ في اإلسالمِ: ۱ـ إنّ اجملTتمعاتِ البشTريTةَ كTافّTةً لTها عTالقTاتٌ مTع بTعضِها بTعضاً ومTع غTيرِهTا أيTضاً ،وأنّ مTا يَTحكُمُ هTذه الTعالقTاتِ لَTمْ يَTكُنْ مُTنضَبِطاً؛ فTهُو لTم يَTكُنْ يTنطبِقُ عTلى رعTايTا الTدولTةِ كTافّTةً؛ سTواءٌ عTندَ اإلغTريTقِ ،أو الTرُّومTانِ ،أو الTهنودِ أو الTيهودِ؛ فTقد كTانTت هTذه األقTوامُ متمايزةً عن غيرِها. ۲ـ ملَّTا بTعثَ اهللُ نTبيَّنا مُحTمّداً عTليه الTصالةُ والسTالمُ بTالTرسTالTةِ اخلTامتTةِ للشTرائTعِ الTسماويTةِ أال وهِTي دِيTنُ اإلسTالمِ احلTنيفِ امTتداداً للهTدايTةِ البشTريTةِ لTم يَسTتثْنِ املسTلمونَ أحTداً مِTن غTيرِ املسTلِمنيَ ،أو دولTةً مِTن تTطبيقِ الTقواعTدِ واألحTكامِ اإلسTالمTيةِ الTتي تTربTطُ عTالقTاتِ الTناسِ بTعضِهم بTعضاً ،ولTم حتَTرِمْ أحTداً مِTن تTلك احلTقوقِ الTتي يTتمتَّعُ بTها املسTلمُ ،عTلى نقيضِ اجملتمعاتِ السابقةِ والالحِقةَ التي لم تأخُذْ بتعاليمِ اإلسالمِ العظيمِ. ۳ـ الTTدول Tةُ اإلسTTالمTTيةُ هTTي الTTتي جتُTTرى عTTليها أحTTكامُ اإلسTTالمِ ،وتTTسودُ فTTيها أنTTظمتُه وتشريعاتُه ،ويخضعُ سُكَّانُها لسلطةِ الدولةِ اإلسالميةِ. ٤ـ الTدولTةُ الTتي تTقومُ عTلى أسTاسِ الTتميُّزِ الTعُنصريِّ ،أو الTلونِ ،أو الTلسانِ لTن تُTفلِحَ فTي تسTييرِ دُفَّTةِ احلُTكْمِ لِTرعTايTاهTا؛ إذ البُTدَّ أنْ يTظلَّ الTفارقُ فTيها واضِTحاً بTني عُTنصُرِ احلTاكِTمنيَ وعTناصِTر احملTكُومِTنيَ ،ومِTن هُTنا )كTان اإلسTالمُ وسTيظلُّ كTذلTك شTامTخَ الTرأسِ يَTعلُو وال يُعلى عليه(؛ ألنّه قضى على ألوانِ التمييزِ العنصريِّ البغيضةِ كافّةً. 1ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻮﻋﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻌﺪد ٤٦٢ﺗﺎرﯾﺦ ١٤٢٠٠٢م الصفحة ١٨٩ : ٩٥ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ٥ـ إنّ اإلسTالمَ يُTبيحُ الTتعامُTلَ مTع غTيرِ أتTباعِTه ،كTما يُTلزِمُ أتTباعَTه الTوفTاءَ بTاملTعاهَTداتِ واالتِّTTفاقTTاتِ الTTتي يَTTعقِدُونَTTها مTTع غTTيرهِTTم ،وأنّ الهُTTدنَ Tةَ ،واملTTصاحلَ Tةَ مشTTروع Tةٌ عTTلى أن تكونَ بِقَدْرِ الضرورةِ؛ ألنّ الصُّلْحَ الدائمَ يُبطِلُ اجلهادِ ولم يقلْ أحدٌ بذلك. ٦ـ الTدولTةُ اإلسTالمTيةُ ال تُTسوِّغُ الTتمثيلَ بَTجُنودِ األعTداءِ ،أو تTعذيTبِ أسTرى احلTربِ ،أو تخTريTبِ الTعامِTر ،أو قTطعِ األشTجارِ ،أو قTتلِ احلTيوانِ؛ إالّ لTضرورةٍ ،كTما ال جتُTيزُ الTتعرُّضَ لِغَيرِ املُقاتِلنيَ مِن )شُيوخٍ ،ونساءٍ ،وأطفالٍ ،ومرضى(. ۷ـ عPPالق Pةُ املس Pلِمنيَ ب PغَيرهِPPم مِPPن األُممَِ األُخْPPرى عPPلى اخPPتالفِ لُPPغاتِPPها وأديPPانِPPها ليس Pتْ فPPي احلPPقيقةِ عPPالق Pةَ سِ Pلْمٍ وال عPPالق Pةَ حPPربٍ ابPPتداءً ،وإنّ األص Pلَ لPPيسَ هPPو السِّ Pلْمُ بPPإطPPالقٍ؛ وإمنّPPا هPPي عPPالق Pةُ دعPPوةٍ ف"األُمّ Pةُ اإلسPPالمPPيةُ أُمّ Pةُ دَعPPوةٍ عPPاملَ Pيّةٍ" تتخPطّى فPي اإلميPانِ احلPدودِ واحلPواجPزَ كPافPةً الPتي تنتهPي إلPيها ،أو تPتهاوى عPندهPا املPبادئُ األُخPرى سPواءٌ أكPانPتْ هPذه احلPدودُ واحلPواجPزُ )جPغرافPيةً ،أو سPياسPيةً ،أو عِPرقPيةً ،أو لُPغويPةً( وهPي بPذلPك تPفتحُ أبPوابَ رحPمةِ الPسماءِ ألهPلِ األرضِ أجPمعنيَ، وتPكونُ الPعالقPةُ عPالقPةَ )سِPلْمٍ ،أو حPربٍ( ،ويPكون األصPلُ هPو )السِّPلْمَ أو احلَPربَ( بPPعد حتPPدي Pدِ مPPوق Pفِ األُممِ وال Pدُّولِ األُخْPPرى مِPPن دعPPوةِ اإلسPPالمِ )قَPPبوالً ،أو رَفْPPضاً( وهي مِن بديهياتِ السياسةِ الدوليةِ ،وتلك مِن بديهياتِ السياسةِ. الصفحة ١٨٩ : ٩٦ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات فPإنْ هِPيَ نPهجَت مPنهجَ املُPوادَعPةِ واملPساملَPةِ كPان حُPكمُها كPما قPرَّرَتِ اآليPةُ الPكرميPةُ: "ال يَPنْهاكُPمُ اهللُ عPنِ الPذيPنَ لَPمْ يُPقاتِPلُوكُPمْ فPي الPدِّيPنِ ولَPمْ يُخْPرِجُPوكُPمْ مِPنْ دِيPارِكُPمْ أنْ تَبرُّوهُمْ وتُقْسِطُوا إليهِمْ إنّ اهللَ يُحِبُّ املُقْسِطِنيَ ".1 ۸ـ األخTذُ بTأخTفِّ الTضَّرَرَيTنِ ،واملTعامTلةُ بTاملِTثْلِ ،ومTراعTاةُ املTصلحةِ الTعامَّTةِ لTها االعTتبارُ األوَّلُ عند إقامةِ أيِّ عالقةٍ مع الدولةِ األُخْرى. ۹ـ حTTيث إنّ احلTTربَ لTTم تَ Tكُنِ الTTوسTTيلةَ الTTوحTTيدةَ لِ Tفَضِّ الTTنزاعTTاتِ بTTني الTTدولِ؛ فTTإنّ )الTTوسTTاط Tةَ ،والTTتحكيمَ ،واملTTفاوضTTاتِ( بTTوصْ Tفِها إحTTدى ال Tطُّرقِ السTTلميّةِ لTTتسوي Tةِ اخلTالفTاتِ أمTرٌ مشTروعٌ وسTائTغٌ فTي اإلسTالمِ؛ بTل إنّTه يُTشجِّعُ عTليهِ ويُTرغِّTبُ فTيه ،وبهTذا فTإنّ اإلسTTالمَ الTTعظيمَ يTTرقTTى بTTاإلنTTسانِ إلTTى أسTTمى درجTTاتِ احلTTضارةِ ،يَTTحفظُ لTTه وُجTTودَه ومُقوِّماتِ حياتِه مع حِرصِه على أمنِه واستقرارِه وحتقيقِ سَعادتِه. 1ﻋﺜﻤﺎن ﺟﻤﻌﺔ اﻟﻀﻤﯿﺮﯾﺔ :أﺻﻮل اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﻓﻲ ﻓﻘﮫ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ص٣٩٣ وأﻣﺎ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﺑﻐﯿﺮھﻢ ﻓﮭﻲ :ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺤﺮب وھﺬا ﻣﺎ اﺟﻤﻊ ﻋﻠﯿﮫ ﺟﻤﻊ اﻟﻔﻘﮭﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﺰﻣﻦ. "آﺛﺎر اﻟﺤﺮب" وﻗﺎلّ : إﻟﻰ أن أﺗﻰ اﻷﺳﺘﺎ ُذ اﻟﺪﻛﺘﻮراﻟﻔﻘﯿﮫ "وھﺒﺔ اﻟﺰﺣﯿﻠﻲ" رﺣﻤﮫ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ "أن ِ اﻹﺳﻼﻣﻲ" اﻧﻈﺮ "آﺛﺎر أﺻ َﻞ ﻋﻼﻗ ِﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦَ ﻣﻊ ﻏﯿﺮ ِھﻢ اﻟﺴ ْﱢﻠ ُﻢ ،واﻟﺤﺮبُ ﺣﺎﻟﺔٌ طﺎرﺋﺔٌ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﱢ ِ اﻟﺤﺮب" ص ١٢١ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ. وﺧﺎﻟﻔَﮫ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺑﻌﺾُ اﻟﻔﻘﮭﺎ ِء اﺳﺘﻨﺎداً إﻟﻰ اﻟﺮأي اﻟﻔﻘﮭﻲ اﻟﻤﻌﻤﻮ ُل ﺑﮫ ﻣﻨ ُﺬ اﻟﺒﺪاﯾ ِﺔ. ﱢ الصفحة ١٨٩ : ٩٧ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﻤَﺒﺤﺚُ اﻷوﱠ ُ ل ﺗﻌﺮﻳﻒُ اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎتِ ﻓﻲ اﻹﺳﻼ ِ م هُTTناك ألTTوانٌ مِTTن احلِTTوارِ اجلِTTديِّ واحلTTاسِ Tمِ الTTذي يجTTري بTTني املسTTلمنيَ وغTTيرهِTTم إلنTTهاءِ املTTنازعTTاتِ ،أو لTTتمكنيِ نَشْ Tرِ الTTدعTTوةِ اإلسTTالمTTيةِ ،أو إلقTTرارِ ال Tوُّدِّ والTTتعاونِ ،أو إلبTTرامِ املعاهداتِ)الثقافيةِ ،أو االقتصادية(.1 لTقد عُTرِفَTتِ املTفاوضTاتُ فTي كُTتِبِ الTفقِه بTاسِTم "املُTراوَضTةِ" وعTرَّفَTها اإلمTامُ مُحTمَّد بTنُ احلTسَنِ )الشTيبانTيُّ احلTرَسTتانTيُّ األصTلِ( بِTقَولTهِ :ممّTا يTكونُ بTني الTطرفTنيِ مِTن جتTاذبٍ وإبTداءٍ لTلرأيِ حِTيالَ مTوضTوعِ املTعاهَTدةِ وشُTروطِTها؛ حTتّى يTتمَّ االتTفاقُ عTلى ذلِTكَ كُTلِّه؛ سTواءٌ أكTTان Tتِ هTTذه املTTفاوضTTاتُ )طTTويTTلةَ األم Tدِ أو قTTصيرةً( ،وسTTواءٌ أكTTان Tتْ )سهTTلةً أمْ شاقّةً(.2 وقTTد ع Tقَدَ اإلمTTامُ مُح Tمَّد ب Tنُ احل Tسَنِ رح Tمَهُ اهللُ فTTي "السِّ Tيَرِ الTTكبيرِ" بTTاب Tاً ب Tعُنوان": )املُTراوَضTةُ عTلى األمTانَ( أبTانَ فTيه عTمّا يTكونُ بTني عTسكرِ املسTلمنيَ وأهTلِ احلTربِ إذا أتَTوا حِTTصناً مِTTن حُTTصونِTTهم ،ثُ Tمَّ فTTاوضُTTوهُTTم هTTؤالءِ عTTلى األمTTانِ وتTTراضَTTوا عTTلى ذل Tكَ ،ومTTا يترتَّبُ على هذا مِن آثارٍ.3 واملTفاوضTاتُ ذاتُ أهTميَّةٍ كُTبرى بTاعTتبارِهTا وسTيلةً بTنَّاءةً لـ )إقTرارِ السِّTلْمِ ،وتTوطTيدِ األمTنِ واالسTتقرارِ ،وإشTاعTةِ رُوحِ املTودَّةِ ،وحتسTنيِ الTعالقTاتِ الTدولTيةِ ،ومتTكنيِ كُTلِّ طTرفٍ مِTن العيشِ بأمانٍ(. 1اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت ﻓﻲ اﻹﺳﻼم د وھﺒﺔ اﻟﺰﺣﯿﻠﻲ دار اﻟﻤﻜﺘﺒﻲ دﻣﺸﻖ ط اﻷوﻟﻰ ﻋﺎم ١٩٩٦م ص ٧ 2ﻋﺜﻤﺎن ﺿﻤﯿﺮﯾﺔ :أﺻﻮل اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ ﻓﻘﮫ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٦٩٥ ﺧﺴﻲ" دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ ﺑﯿﺮوت اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ 3ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧ ّﻲ "اﻟ ﱢﺴﯿَ ُﺮ اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻣﻊ ﺷﺮح اﻟﺴﺮ ﱢ ٤٦١\٢ ١٩٩٧ الصفحة ١٨٩ : ٩٨ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات وإذا كTانTتِ احلTربُ ظTاهTرةً اجTتماعTيةً عTامَّTةً بTنيَ البَشTرِ مTنذُ أقTدمِ الTعصورِ فTإنّ املTفاوَضTاتِ أيضاً ظاهرةٌ قدميةٌ؛ بTل هTي الTقاعTدةُ األغTلبيةُ الTتي يTكثرُ الTلجوءُ إلTيها ،وإن كTانَ الTكالمُ عTنها فTي الTكتبِ الفقهTTيةِ قTTليالً فTTي األع Tمِّ األغTTلبِ؛ ألنّ حTTاالتِ السTTالمِ هTTي األكTTثرُ فTTي الTTواق Tعِ مTTن حاالتِ احلربِ التي هي أمرٌ طارئٌ على البَشرِ ،ووضعٌ خطيرٌ يحتاجُ إلعدادٍ كبيرٍ.1 ومِTن أمTثلةِ املTفاوَضTاتِ الTقدميTةِ مTا كTان يحTدثُ بTني الTقبائTلِ الTبدائTيةِ مTن مTنازعTاتٍ عTلى العُشTبِ لِTرَعTي األغTنامِ ،أو مTحاولTةِ بسTطِ الTنفوذِ والسTيطرةِ عTلى مTكانٍ أو مTوقTعٍ مُTهِمٍّ؛ ومِTنها مُTفاوَضTاتُ الTرُّسTلِ واألنTبياءِ عTليهم الTصالةُ والسTالمُ مTع أقTوامِTهم لنشTرِ دعTوتTهِم لتوحيدِ اهللِ تعالى واإلقرارِ بوجودِ سبحانه وإقامةِ شرائعِه السماويةِ؛ ألنّ مTTجيءَ الTTرسTTولِ عTTليه السTTالمُ كTTان يُح Tدِثُ انTTقسام Tاً ب Tنيَ الTTناسِ ،ويُTTوجِ Tدُ نTTزاع Tاً وخTصامTاً شTديTدَيTنِ؛ فTأقTوامٌ يTتمسَّكُونَ بTديTانTةِ آبTائِTهم ،والTرسTولُ يُTريTدُ أن يَTدعTوهُTم إلTى توحيدِ اهللِ تعالى ،وقد كانَ لِدَورِ املفاوَضاتِ أثرٌ كبيرٌ في نَشرِ الدعوةِ اإلسالمية. 1د .وھﺒﺔ اﻟﺰﺣﯿﻠﻲ "اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت ﻓﻲ اﻹﺳﻼم" اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴُﮫ ص ٨ الصفحة ١٨٩ : ٩٩ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﻤَﺒﺤﺚُ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣَﺸﺮوﻋﻴﺔُ اﻟﻤُﻔﺎوﺿﺎتِ وأﻧﻮاﻋُﻬﺎ إنّ املTفاوَضTاتِ بTاعTتبارِهTا ذاتَ طTبيعةٍ سِTلْميّةٍ ،حتُTقِّقُ فTائTدةً أكTثرَ ممّTا يُTحقِّقُه الTقتالُ؛ فهِTيَ مشTروعTةٌ بTالTكتابِ الTكرميِ والTسُّنَّةِ املطهَّTرةِ؛ كTقَولِTه تTعالTى) :وَإِن جَTنَحُواْ لِلسَّTلْمِ فَTاجْTنَحْ لَTهَا وَتَTوَكَّTلْ عَTلَى اهللِّ إِنَّTهُ هُTوَ الTسَّمِيعُ الْTعَلِيمُ ( 1وهTذا يُTقِرُّ بTاملTفاوَضTاتِ؛ ألنّTه ال سTبيلَ إلTى الTتفاهُTمِ عTلى السTالمِ وإقTرارِه ومَTنحِه إالّ بTها ،كTما أنّ اآليTةَ تُTقرِّرُ مشTروعTيةَ احلِTT Tيادِ تُ T Tقِرُّ هTT Tذا الTT Tعملَ وهTT Tي قTT TولُTT Tه تTT TعالTT Tى) :إلَّTT Tا الَّ T Tذِي T Tنَ يَ T Tصِلُونَ إِل َٰى قَ T Tوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ (.2 والTتفاوُضُ مِTن أجTلِ حTاالتِ الTقتلِ اخلTطأِ ألحTدٍ مِTن األعTداءِ أمTرٌ ضTروريٌّ مشTروعٌ قTال سُTبحانَTه) :وَمَTا كَTانَ ملُِTؤْمِTنٍ أَن يَTقْتُلَ مُTؤْمِTنًا إِلَّTا خَTطَأً ۚ وَمَTن قَTتَلَ مُTؤْمِTنًا خَTطَأً فَتَحْTرِيTرُ رَقَTبَةٍ مُّTؤْمِTنَةٍ وَدِيَTةٌ مُّسَTلَّمَةٌ إِل َٰى أَهْTلِهِ إِلَّTا أَن يَTصَّدَّقُTوا ۚ فَTإِن كَTانَ مِTن قَTوْمٍ عَTدُوٍّ لَّTكُمْ وَهُTوَ مُTؤْمِTنٌ فَتَحْTرِيTرُ رَقَTبَةٍ مُّTؤْمِTنَةٍ ۖ وَإِن كَTانَ مِTن قَTوْمٍ بَTيْنَكُمْ وَبَTيْنَهُم مِّTيثَاقٌ فَTدِيَTةٌ مُّسَTلَّمَةٌ إِل َٰى أَهْTلِهِ وَحتَْTرِيTرُ رَقَTبَةٍ مُّTؤْمِTنَةٍ ۖ فَTمَن لَّTمْ يَجِTدْ فَTصِيَامُ شَهْTرَيْTنِ مُTتَتَابِTعَنيِْ تَTوْبَTةً مِّTنَ الTلَّهِ ۗ وَكَTانَ الTلَّهُ عَTلِيمًا حَTكِيمًا ) (۹۲وَمَTن يَTقْتُلْ مُTؤْمِTنًا مُّTتَعَمِّدًا فَجَTزَاؤُهُ جَTهَنَّمُ خَTالِTدًا فِTيهَا وَغَTضِبَ الTلَّهُ عَTلَيْهِ وَلَTعَنَهُ وَأَعَTدَّ لَTهُ عَTذَابًTا عَTظِيمًا ) (۹۳يَTا أَيُّTهَا الَّTذِيTنَ آمَTنُوا إِذَا ضَTرَبْTتُمْ فِTي سَTبِيلِ ال Tلَّهِ فَ Tتَبَيَّنُوا وَالَ تَ TقُولُTTوا ملَِ Tنْ أَلْ Tق َٰى إِلَ Tيْكُمُ السَّ Tالَمَ لَسْ Tتَ مُ Tؤْمِ Tنًا تَ Tبْتَغُونَ عَ Tرَضَ احلَْ Tيَاةِ 1اﻷﻧﻔﺎل اﻵﯾﺔ ٦١ 2اﻟﻨﺴﺎء اﻵﯾﺔ ٩٠ الصفحة ١٨٩ : ١٠٠ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات الTدُّنْTيَا فَTعِندَ الTلَّهِ مَTغَامنُِ كَTثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِTكَ كُTنتُم مِّTن قَTبْلُ فَTمَنَّ الTلَّهُ عَTلَيْكُمْ فَTتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ الTلَّهَ كَانَ مبَِا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ).1(۹٤ املُفاوَضاتُ في القُرآنِ الكرميِ: منُPPوذجٌ مِPPن املُPPفاوَضPPاتِ الPPتي وَردَتْ فPPي ال Pقُرآنِ الPPكرميِ مُPPفاوَض Pةُ س PيِّدِنPPا سُPPليمانَ عليه السالمُ مع املَلِكَةِ بِلقيس: مTTفاوضTTاتُ نTTبيِّ اهللِ سُTTليمانَ عTTليه السTTالمُ )حTTاك Tمِ ال Tقُدسِ( مTTع بِTTلقيس )مَTTلكةِ اليَمن(. بTTدأتِ املTTفاوَضTTاتُ عTTندمTTا تTTفقَّدَ نTTبيُّ اهللِ سُTTليمانُ عTTليه السTTالمُ مُTTلكَهَ ،واجTTتمعَتْ أعTضاءُ ممTلكَتِه أمTامَTه ،واكTتشفَ غTيابَ أحTدِ الTطيورِ أال وهُTو الهُTدهTدُ فTقالَ سُTليمانُ عTليه السTالمُ كTما جTاءَ فTي الTقرآنِ الTكرميِ) :وَتَTفَقَّدَ الTطَّيْرَ فَTقَالَ مَTا لِTيَ الَ أَرَى الْهُTدْهُTدَ أَمْ كَTانَ مِTنَ الْTغَائِTبِنيَ ) (۲۰ألَُعَTذِّبَTنَّهُ عَTذَابًTا شَTدِيTدًا أَوْ ألَذْبَTحَنَّهُ أَوْ لَTيَأْتِTيَنِّي بِسُTلْطَانٍ مُTبِنيٍ( .ويُTفهَمُ مِTن هTذا أنّTه هُTدهTدٌ خTاصٌّ ،مُTعيَّنٌ فTي نَTوبTتِه فTي هTذا الTعَرْضِ ولTيس هُTدهُTداً مTا مِTن تTلكَ األلTوفِ ،أو املTاليTني الTتي حتTويTها األرضُ مِTن أمَّTةِ الهTداهِTد .كTما نُTTدرِكُ مِTTن افTTتقادِ سُTTليمانَ عTTليه السTTالمُ لهTTذا الهُTTدهُ Tدِ سِTTمةً مTTن سِTTماتِ شTTخصيَّتِه: سِTTمةَ )الTTيقظةِ ،وال Tدِّقَّ Tةِ ،واحلَ Tزْمِ(؛ ف Tهُو لTTم يَTTغفلْ عTTن غَTTيبةِ جُTTنديٌّ مِTTن هTTذا احلشْ Tرِ الضخTمِ مِTن )اجلِTنِّ ،واإلنTسِ ،والTطيرِ( ،الTذي يَجTمعُ آخِTرَه عTلى أوَّلِTه كTي ال يTتفرَّقَ وينتكِثَ . 1اﻟﻨﺴﺎء اﻵﯾﺔ ٩٤ الصفحة ١٨٩ : ١٠١ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات وهTو يTسألُ عTنه فTي صTيغةٍ مُTترفِّTعةٍ مَTرنTةٍ جTامِTعَةٍ } :مTا لTيَ ال أرَى الهُTدهُTدَ؟ أمْ كTانَ مِTنَ الغائِبنيَ{؟.1 انTتظر نTبيُّ اهللِ سTليمانُ مTجيءَ الهُTدهُTدِ وقTد تTوعَّTدَه بTعذابٍ ألTيمٍ فTجاءَ الهُTدهTدُ بِTخَبرٍ مُTهمٍّ وعTظيمٍ عTن قTومٍ لTم يَTعلَمْ سTليمانُ عTليه السTالمُ بTوُجTودِه فTقالَ كTما فTي الTقرآنِ الTكرميِ):فَTمَكَثَ غَTيْرَ بَTعِيدٍ فَTقَالَ أَحَTطْتُ مبَِTا لَTمْ حتُِTطْ بِTهِ وَجِTئْتُكَ مِTنْ سَTبَإٍ بِTنَبَإٍ يَTقِنيٍ ) (۲۲إِنِّTTي وَجَ Tدْتُ امْ Tرَأَةً متَْ Tلِكُهُمْ وَأُوتِ Tيَتْ مِ Tنْ كُ Tلِّ شَ Tيْءٍ وَلَ Tهَا عَ Tرْشٌ عَ Tظِيمٌ )(۲۳ وَجَ Tدْتُ Tهَا وَقَ Tوْمَ Tهَا يَسْجُ Tدُونَ لِTTلشَّمْسِ مِ Tنْ دُونِ ال Tلَّهِ وَزَيَّ Tنَ لَ Tهُمُ الشَّ Tيْطَانُ أَعْ Tمَالَ Tهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ الَ يَهْتَدُونَ ).(۲٤ إنّTه يَTعرِفُ حَTزْمَ املTلِكِ وشِTدَّتَTه؛ فTهو يTبدأُ حTديTثَه مبTفاجTأةٍ تَTطغَى عTلى مTوضTوعِ غَTيبتِه، وتTضمنُ إصTغاءَ املTلِكِ لTه) :أَحَTطتُ مبَِTا لَTمْ حتُِTطْ بِTهِ وَجِTئْتُكَ مِTنْ سَTبَإٍ بِTنَبَإٍ يَTقِنيٍ ( فTأيُّ مَلكٍ ال يستمعُ وأحدُ رعاياهُ يقولُ له) :أحطتُ مبِا لم حتُِطْ بِهِ (؟! فTإذا ضَTمِنَ إصTغاءَ املTلكِ بTعد هTذهِ املTفاجTأةِ أخTذَ فTي تTفصيلِ الTنبأِ الTيقنيِ الTذي جTاءَ بTه مِTن سTبأ وممTلكةُ سَTبأٍ تTقعُ فTي جTنوبِ اجلTزيTرةِ بTالTيمنِ؛ فَTذكَTرَ أنّTه وَجَTدَهُTم حتTكمُهُم امTTرأةٌ }أوتُ Tيَتْ مِTTن كُ Tلِّ شTTيءٍ{ وهTTذا كِTTناي Tةٌ عTTن عTTظمةِ ،وثTTرائِTTها ،وتTTوافُ Tرِ أسTTبابِ احلTضارةِ والTقوَّةِ واملTتاعِ} .ولTها عَTرشٌ عTظيمٌ{ .أيّ :سTريTرُ مَTلكٍ فخTمٌ ضخTمٌ يTدلُّ عTلى الTغِنى والTترفِ وارتTقاءِ الTصناعTةِ .وذكَTرَ أنّTه وَجَTدَ املTلكةَ وقTومَTها }يَسجُTدُونَ لTلشَّمْسِ مِTنْ دُونِ اهللِ{ وهُTنا يُTعلِّلُ ضTاللَ الTقومِ بTأنّ الشTيطانَ زيّTنَ لTهم أعTمالَTهم؛ فTأضTلَّهُم ،فTهُم ال يهTT Tتدونَ إلTT Tى عِTT Tبادةِ اهللِ الTT Tعليمِ اخلTT Tبيرِ }الTT Tذي يُخ T Tرِجُ اخلَ T Tبَء فTT Tي ال T Tسَّماواتِ ﺳﯿﺪ ﻗﻄﺐ ﻓﻲ ظﻼل اﻟﻘﺮان دار اﻟﺸﺮوق اﻟﻘﺎھﺮة ط ١٩٧٩ ١م الصفحة ١٨٩ : ١٠٢ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات واألرضِ{ .واخلْTبءُ :اخملTبوءُ إجTماالً؛ سTواءٌ أكTانَ )مTطرَ الTسماءِ ونTباتَ األرضِ ،أم كTانَ أسTرارَ الTسَّماواتِ واألرضِ .وهTي –هTو كTنايTةٌ عTن كTلِّ مTخبوءٍ وراءَ سِTتارِ الTغيبِ فTي الTكونِ الTعريTضِ} .ويَTعلَمُ مTا تُTخفُونَ ومTا تُTعلِنُونَ{ وهTي مُTقابَTلةٌ لTلخْبءِ فTي الTسماواتِ واألرضِ باخلْبءِ في أطواءِ النفسِ ،ما ظَهَرَ مِنهُ وما بَطَنَ . والهُTدهُTدُ إلTى هTذه اللحTظةِ يTقفُ مTوقTفَ املTذنِTبِ ،الTذي لTم يTقضِ املTلكُ فTي أمTرِه بTعدُ؛ فTهو يُTلمِّحُ فTي خِTتامِ الTنبأِ الTذي يTقصُّه ،إلTى اهللِ املTلكِ الTقهَّارِ ،ربِّ اجلTميعِ ،صTاحTبِ العرشِ العظيمِ ،الذي ال تُقاسُ إليه عُروشُ البَشرِ.1 فTTأرادَ سُTTليمانُ عTTليه السTTالمُ تTTبيُّنَ صِ Tدْقِ اخلTTبرِ فTTأرس Tلَ م Tعَه كِTTتاب Tاً مِTTن سTTليمانَ إلTTى مَTTلكَتِهِم يTTدعُTTوهُTTم فTTيه إلTTى عTTبادةِ اهللِ تTTعالTTى وكTTان Tتِ الTTرسTTال Tةُ ممTTهورةً ب Tخَتمِ املTTلكِ؛ فـ)وَقَTعَ الTكِتابُ مTن األنTفُسِ مTوقTعَ تTعظيمٍ( ،وقTد وَصَTفَ الTقرآنُ الTكرميُ هTذا بTقولِTه: )قَTالَ سَTنَنْظُرُ أَصَTدَقْTتَ أَمْ كُTنْتَ مِTنَ الْTكَاذِبِTنيَ ) (۲۷اذْهَTبْ بِTكِتَابِTي هَTذَا فَTأَلْTقِهْ إِلَTيْهِمْ ثُTمَّ تَTوَلَّ عَTنْهُمْ فَTانْTظُرْ مَTاذَا يَTرْجِTعُونَ ) (۲۸قَTالَTتْ يَTا أَيُّTهَا املَْTألَُ إِنِّTي أُلْTقِيَ إِلَTيَّ كِTتَابٌ كَTرِميٌ ) (۲۹إِنَّTهُ مِTنْ سُTلَيْمَانَ وَإِنَّTهُ بِTسْمِ الTلَّهِ الTرَّحْTمَنِ الTرَّحِTيمِ ) (۳۰أَلَّTا تَTعْلُوا عَTلَيَّ وَأْتُTونِTي مُسْلِمِنيَ )(۳۱ وهي تستشيرُ املألَ مِن قومِها في هذا األمرِ اخلطيرِ : )قTTال Tتْ :يTTا أيُّTTها امل Tألُ إنِّTTي أُل Tقِيَ إل Tيَّ كِTTتابٌ كTTرميٌ .إنّ Tهُ مِTTن سُTTليمانَ ،وإنّ Tهُ بTTاس Tمِ اهللِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ .أالّ تَعلُوا عَلَيَّ وأتُوني مُسلِمنيَ( . فهِTي تُTخبِرُهُTم أنّTه أُلTقِيَ إلTيها كِTتابٌ .ومِTن هTذا نُTرجِّTحُ أنTها لTم تTعلَمْ مِTن ألTقى إلTيها 1ﺳﯿﺪ ﻗﻄﺐ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ الصفحة ١٨٩ : ١٠٣ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات الTكتابِ ،وال كTيف ألTقاه .ولTو كTانTت تTعرِفُ أنّ الهTدهTدَ هTو الTذي جTاءَ بTه كTما تTقولُ الTتفاسTيرُ ألعTلنَتْ هTذه الTعجيبةَ الTتي ال تTقعُ كTلَّ يTومٍ؛ ولTكنها قTالTت بTصيغةِ الTفعلِ املTبني لTلمجهولِ؛ ممّTا يTجعلُنا نTرجِّTحُواهللُ تTعالTى أعTلمُ أنّTها لTم تTعلمْ كTيفَ أُلTقِيَ إلTيها وال مَن ألقاهُ . وهTي تَTصِفُ الTكتابَ بTأنّTه }كTرميٌ{ ،وهTذا الTوصTفُ رمبّTا خTطرَ لTها مِTن خTامتَِTه ،أو شTكلِه، أو مِTن مُTحتويTاتِTه الTتي أعTلنَتْ عTنها لTلمألِ } :إنّTهُ مِTن سُTليمانَ ،وإنّTهُ بِTسِمِ الTلِّهِ الTرَّحTمنِ الTرَّحTيمِ .أالّ تَTعلُو عTلَيَّ وأتُTونTي مُسTلِمنيَ{ .وهTي كTانTت ال تَTعبُدُ اهللَ عTزَّ وجTلَّ؛ ولTكنّ صِTيْتَ نTبيِّ اهللِ سُTليمانَ عTليه السTالمُ كTان ذائTعاً فTي هTذه الTرُّقTعةِ ،ولTغةُ الTكتابِ الTتي يTTحكِيها الTTقرآنُ الTTكرميُ فTTيها)اسTTتعالءٌ،وحTTزمٌ،وجTTزمٌ(؛ ممّTTا قTTد يُTTوحTTي إلTTيها بهTTذا الوصفِ الذي أعلنَتْهُ . وفَ TTحوى ال TTكتابِ ف TTي غ TTايT Tةِ ال TTبساطT Tةِ وال TTقوَّةِ؛ فT Tهُو م TTبدوءُ ب"ب TTسمِ اهللِ ال TTرح TTمنِ الTرحTيم" .ومTطلوبٌ فTيهِ أمTرٌ واحTدٌ :أالّ يسTتكْبِرُوا عTلى مُTرسِTلِه ويَسTتعصُوا ،وأنْ يTأتُTوا إليهِ مُستسلِمنيَ هللِ عزَّ وجلَّ الذي يُخاطِبُهُم باسمِه سُبحانه وتعالى . ألTTقتِ املTTلكةُ إلTTى امل Tألِ مِTTن قTTومِTTها ب Tفَحوى الTTكتابِ؛ ث Tمَّ اسTTتأن Tفَتِ احلTTدي Tثَ تTTطلُبُ مTTشورتَTTهم ،وتُTTعلِنُ إلTTيهم أنّTTها لTTن تTTقطعَ فTTي األم Tرِ إالّ بTTعدَ هTTذه املTTشورةِ بTTرضTTاهُTTم وموافقتِهم.1 وبTعد وصTولِ الTكتابِ وقTراءةِ مTحتواهُ رفTعَت شTأنَ الTبحثِ فTيه إلTى مجTلسِها وحTاشTيتِها السTتشارتِTهم؛ فTتركُTوا أمTرَ املTفاوضTاتِ إلTيها إنْ كTان اخلTيارُ احلTربَ فTهُمْ مُسTتعِدُّونَ لTها؛ 1ﺳﯿﺪ ﻗﻄﺐ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ الصفحة ١٨٩ : ١٠٤ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات فTاألمTرُ راجTعٌ إلTيها فTقالTتْ لTهُم :إنّ مِTن عTادةِ املTلوكِ إذا دخTلوا الTبالدَ حTربTاً أن يَTعيثَ فTيها الTفسادَ ،ويTجعلوا مTلوكَTها وأمTرائَTها أذلTةً إشTارةً مTنها إلTى رفTضِ احلTربِ :قَTالَTتْ يَTا أَيُّTهَا املَْTألَُ أَفْTتُونِTي فِTي أَمْTرِي مَTا كُTنْتُ قَTاطِTعَةً أَمْTرًا حَTتَّى تَشْهَTدُونِ ) (۳۲قَTالُTوا نَTحْنُ أُولُTو قُTوَّةٍ وَأُولُTو بَTأْسٍ شَTدِيTدٍ وَاألَْمْTرُ إِلَTيْكِ فَTانْTظُرِي مَTاذَا تَTأْمُTرِيTنَ ) (۳۳قَTالَTتْ إِنَّ املُْTلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ).(۳٤ لTقَد اخTتارتْ مTلكةُ سTبأٍ"بِTلقيس" خTيارَ املTفاوضTاتِ والسTلْمِ؛ فTأرسَTلتْ هTديّTةً تTختبرُ فTيها نTيَّةَ نTبيِّ اهللِ سُTليمانَ عTليه السTالمُ هTل هTوَ صTادقٌ فTي ادعTائِTه أنّTه )إمنّTا يُTريTدُ الهTدايTةَ لTهم ،والTدخTولَ فTي عTبادةِ اهللِ تTعالTى( أم أنّ )نTيَّتهَ كTما هTي أمTورُ املTلوكِ مُTلوكِ الTدُّنTيا االستيالءُ وفرضُ الهيمنة(. والهTTديَّ Tةُ تُTTليِّنُ الTTقلبَ ،وتُTTعلِنُ الTTودَّ ،وقTTد تُTTفلِحُ فTTي دف Tعِ الTTقتال وهTTي "جت Tرِب Tةٌ"؛ فTTإنْ قTبلَها سُTليمانُ عTليه السTالمُ فTهُو إذنْ أمTرُ الTدُّنTيا ،ووسTائTلُ الTدُّنTيا إذن جتُْTدِي .وإنْ لَTم يTقبلْها فTهُو إذنْ أمTرُ الTعقيدةِ ،الTذي ال يTصرفُTه عTنه مTالٌ ،وال عَTرَضٌ مِTن أعTراضِ هTذه األرضِ . ويُسTدَلُ السِّTتارُ عTلى املشهTدِ؛ لِTيُرَفَTعَ ،فTإذا مشهTدُ رُسْTلِ املTلكةِ وهTديَّTتِهم أمTامَ سTليمانَ عTليه السTالمُ .وإذا نTبيُّ اهللِ سُTليمانُ يTنكرُ عTليهِم اجتTاهَTهُم إلTى شTرائِTه بTاملTالِ ،أو حتTويTلِه عن دعوتِهم إلى اإلسالمِ .ويُعلِنُ في قوَّةٍ وإصرارٍ تهديدَه ووعيدَه األخير . }فTTلمَّا جTTاءَ سTTليمانُ قTTالَ :أمتُTTدونَ Tنِ مبَِTTالٍ؟ ف Tمَا آتTTان Tيَ اهللُ خTTيرٌ ممّTTا آتTTاكُ Tمْ؛ بَ Tلْ أن Tتُمْ بِهَTديَّTتِكُمْ تَTفرَحُTونَ1وفTي الTرَّدِّ اسTتهزاءٌ بTاملTالِ ،واسTتنكارٌ لTالجتTاهِ إلTيه فTي مTجالٍ غTيرِ 1ﺳﯿﺪ ﻗﻄﺐ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ الصفحة ١٨٩ : ١٠٥ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات مTجالِTه .مTجالُ الTعقيدةِ والTدعTوةِ }:أمتTدونَTنِ مبTالٍ؟ { أتُTقدِّمُTونَ لTي هTذا الTعَرضَ الTتافTهَ الTرخTيصَ؟ }فTما آتTانTيَ اهللُ خTيرٌ ممّTا آتTاكُTمُ{ لTقد آتTانTيَ مTن املTالِ خTيراً ممّTا لTديTكُم .ولTقد آتTانTي مTا هTو خTيرٌ مِTن املTالِ عTلى اإلطTالقِ) :الTعلمَ ،والTنُّبوَّةَ( .وتTسخيرَ اجلِTنِّ والTطيرِ، فTما عTاد شTيءٌ مTن عَTرَضِ األرضِ يُTفرِحُTني }بTلْ أنTتُمْ بِهَTديَّTتِكُمْ تَTفرَحُTونَ{ .وتTهشُّونَ لهTTذا الTTنوعِ مTTن الTTقيمِ الTTرخTTيصةِ الTTتي تTTعني أه Tلَ األرضِ الTTذيTTن ال ي Tتَّصِلُونَ بTTاهللِ ع Tزَّ وجلَّ ،وال يتلقَّونَ هداياه! ثTمَّ يُTتبِعْ هTذا االسTتنكارَ بTالتهTديTد} :ارجِTعْ إلTيهِم{ بTالهTديTةِ ،وانTتظروا املTصيرَ املTرهTوبَ: }فTلنأتِTينَّهُمْ بِTجُنودٍ ال قِTبَلَ لَTهُمْ بِTها { جُTنودٌ لTم تُسخَّTرْ للبشTر فTي أيِّ مTكانٍ ،وال طTاقTةَ لTلملكةِ وقTومِTها بTهم فTي نِTضالٍ } :ولَنُخْTرِجَTنَّهم مTنها أذلَّTة وهُTم صTاغِTرونَ{ مَTدحُTورونَ مَهزومُونَ.1 ، فTعندمTا وصTلَتِ الهTديTةُ إلTى سTليمانَ عTليه السTالمُ اسTتنكرَ هTديَّTتهُم وعَTلِمَ مَTقصِدَهُTم قTائTالً):وَإِنِّTي مُTرْسِTلَةٌ إِلَTيْهِمْ بِهَTدِيَّTةٍ فَTنَاظِTرَةٌ مبَِ يَTرْجِTعُ املُْTرْسَTلُونَ ) (۳٥فَTلَمَّا جَTاءَ سُTلَيْمَانَ قَالَ أَمتُِدُّونَنِ مبَِالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ ممَِّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ).(۳٦ وأصTدرَ سTليمانُ عTليه السTالمُ أوامِTرَه بتجهTيزِ اجلTيشِ مُTعتبِراً إنTهاءَ املTفاوَضTاتِ) :ارْجِTعْ إِلَTيْهِمْ فَTلَنَأْتِTيَنَّهُمْ بِTجُنُودٍ الَ قِTبَلَ لَTهُمْ بِTهَا وَلَنُخْTرِجَTنَّهُمْ مِTنْهَا أَذِلَّTةً وَهُTمْ صَTاغِTرُونَ )(۳۷ وطTلبَ سTليمانُ عTليه السTالمُ مTن الTقومِ مَTن يُTحْضِرُ لTه عَTرْشَTها قTال تTعالTى" :قTالَ يTا أيُّTها املألُ أيُّكُمْ يأتِيني بِعَرْشِها قَبْلَ أنْ يأتُوني مُسلِمِنيَ )."(۳۸ 1ﻓﻲ ظﻼل اﻟﻘﺮان ﺳﯿﺪ ﻗﻄﺐ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ الصفحة ١٨٩ : ١٠٦ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات إنّ الTذي قTصدَ إلTيه سTليمانُ عTليه السTالمُ مِTن اسTتحضارِ عTرشِTها قTبلَ مTجيئِها مُسTلِمةً مTع قTومِTها؟ يُTرجَّTحُ أنّ هTذه كTانTت وسTيلةً لِTعَرْضِ مTظاهTرِ الTقوَّةِ اخلTارقTةِ الTتي تُTؤيِّTدُه؛ لِTTتؤثِّ Tرَ فTTي قTTلبِ املTTلكةِ بTTلقيس وتTTقودَهTTا إلTTى اإلميTTانِ بTTاهللِ تTTعالTTى ،واإلذعTTانِ لِTTدعTTوتِTTه الرَّبَّانيّةِ . وبTTعد أن الTTتقتِ املTTلكةُ بTTلقيسُ بِTTنبيِّ اهللِ سTTليمانَ عTTليه السTTالمُ فPPي أرضِ فِلسPPطنيَ طTلبَ تTغييرَ املTعالِTم املTميِّزةِ لTلعرشِ؛ لTيتعرَّفَ إنْ كTانTت فَTراسTتُها وفِTطنتُها تهTتدي إلTيه بعد هذا التنكيرِ ،أمْ يُلبَّسُ عليها األمرُ فال تنفذُ إلى معرفتهِ من وراءِ هذا التغييرِ . ولعلّ هذا كان اختباراً مِن سليمانَ عليه السالمُ لِذكائِها وتصرُّفِها .1 وكTان جTوابُ املTلكةِ "ال بTالTنفيّ وال بTاإلثTباتِ" وقTالTت كTما جTاءَ فTي الTقرآنِ الTكرميِ: )قTTالTTت :كTTأنّ Tهُ هُTTو( ال تTTنفي وال تُTTثبِتُ ،وتTTدلُّ عTTلى فَTTراس Tةٍ وبَTTديTTهةٍ فTTي مTTواجTTهةِ املفاجأةِ . بTعد ذلTك تTأتTي مTفاجTأةٌ أُخTرى أال وهTيَ )يسTتعرِضُ بTها سُTليمانُ عTليه السTالمُ قُTدراتِTه الTعلميَّةَ واإلعTجازَ الTنبويَّ مُTقابِTلَ الTتقدُّمِ احلTضاريِّ واإلبTداعِ اإلنTسانTيِّ الTعاديِّ الTذي كTان فTي الTيمنِ فTي ممTلكةِ سTبأ( ..لTقد كTانTت املTفاجTأةُ قTصراً مِTن الTزُّجTاجِ الTشَّفافِ، أقTيمتْ أرضTيَّتُه فTوقَ املTاءِ ،وظهTرَ كTأنَّTهُ جلَُّTةٌ )والTلُّجَّةُ :املTاءُ اجلTاري الTذي ميُTكِنُ السTيرُ فTيه(؛ فTلمّا )قTيلَ لَTها :ادْخُTلي الTصَّرْحَ( حَسِTبَتْ وخTالTتْ أنّTها سTتخوضُ تTلكَ الTلجَّةَ )وكTشَفَتْ عTن سTاقَTيها(؟ فTلمَّا متَّTتِ املTفاجTأةُ كTشفَ لTها نTبيُّ اهللِ سTليمانُ عTليه السTالمُ عTTن سِ Tرِّ ذلTTك ال Tصَّرحِ وعَTTظمتِه ﴿قَTTالَ إِنَّ Tهُ صَ Tرْحٌ ممَُ Tرَّدٌ مِ Tنْ قَ Tوَارِي Tرَ ﴾ الTTنمل![٤٤ : 1ﺳﯿﺪ ﻗﻄﺐ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ. الصفحة ١٨٩ : ١٠٧ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات وال Tصَّرْح :هTTو الTTقصْرُ .ووق Tفَتِ املTTلكةُ مTTفجوءةً مTTدهTTوش Tةً أمTTامَ هTTذه الTTعجائ Tبِ الTTتي تُعجِTز البشTرَ ،والTتي تTدلُّ عTلى أنّ سTليمانَ عTليه السTالمُ قTد سخَّTرَ اهللُ لTه قTوىً أكTبرَ مِTن طTTاق Tةِ البَشTTر .ويTTبدو مِTTن اسTTتعدادِ نTTبيِّ اهللِ سُTTليمانَ عTTليه السTTالمُ إلظTTهارِ مِTTثلِ هTTذه املعجTزاتِ أنّTه قTد وَصَTلَ إلTى عِTلمِه مTا كTانTت عTليه ممTلكةُ سTبأَ مِTن الTتقدُّمِ احلTضاريِّ، إضTافTةً إلTى مTا ذَكTرَهُ الهُTدهُTدُ لTه؛ فTأرادَ أن يسTتَعرِضَ مTا هTو أقTوى ممّTا عTند املTلكة الTتي جعلتْ مِن نفسَها تُعبدُ مِن دون اهللِ عزَّ وجلَّ. بTTعد رؤي Tةِ املTTلكةِ لهTTذه املعجTTزاتِ واخلTTوارقِ رجTTعتْ إلTTى اهللِ تTTعالTTى ،ونTTاجَ Tتْه مُTTعترفَ Tةً بTظُلْمِها لTنْفسِها فTيما سTلفَ مِTن عTبادةِ غTيرِه سُTبحانTهُ وتTعالTى ومُTعلنَةً إسTالمَTها ﴿قَTالَTتْ رَبِّ إِنِّTي ظَTلَمْتُ نَفْسِTي وَأَسْTلَمْتُ مَTعَ سُTلَيْمَانَ لِTلَّهِ رَبِّ الْTعَاملَِTنيَ﴾ ) ،(٤٤إسTالمTاً ال لِسُليمانَ عليه السالمُ ،ولكِنْ هللِ ربِّ العاملَنيَ مع سُليمانَ . هTذا منTوذجٌ مTن املTفاوضTاتِ فTي كTتابِ اهللِ عTزَّ وجTلَّ وانتهTتْ بTإسTالمِ بِTلقيس هللِ عTزَّ وجTلَّ مTع سُTليمانَ عTليه السTالمُ وهPذا يُPؤيِّPدُ فِPكرتَPنا أنّ عPالقPةَ املُسPلِمنيَ مPع غPيرهِPم هPي الPPدعPPوةُ هللِ ع Pزَّ وج Pلَّ ولPPيسَ احلPPربَ مPPع أنّ سPPليمانَ عPPليه السPPالمُ لPPو أرادَ احلPPربَ حلPPاربَ ب Pسُهول Pةٍ والنPPتصرَ بPPسهول Pةٍ فPPيها؛ ولPPكنَّه كPPان يُPPري Pدُ أن تُسْ Pلِمَ هللِ ربِّ العاملَنيَ. املُفاوَضاتُ في السُّنَّةِ النَّبويَّةِ: دخTلَ الTنبيُّ صTلّى اهللُ عTليه وسTلّمَ فTي مTفاوضTاتٍ كTثيرةٍ قTبلَ نُTشوبِ الTقتالِ وبTعدَهTا ممَّTا يدلُّ على مشروعيةِ املفاوضاتِ؛ وأشهرُها مفاوضاتُ صُلْحِ احلُديبِيةِ. الصفحة ١٨٩ : ١٠٨ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات صُPلْحُ احلُPديPبية :لTقد حتTوَّلَ املTوقTفُ فTي اجلTزيTرةِ الTعربTيةِ بTعدَ غTزوةِ اخلTندقِ لTصالِTح رسTولِ اهللِ صTلّى اهللُ عTليهِ وسTلَّمَ فTامTتلكَ املTبادَرةَ وصTار سTيِّدَ املTوقTفِ،و أمTامَ هTذا الTواقTعِ سTعى عTTليهِ الTTصالةُ والسTTالمُ إلTTى تهTTيئةِ اجل Tوِّ املTTناس Tبِ؛ لِنَش Tرِ اإلسTTالمِ احلTTنيفِ؛ فTTمدَّ ي Tدَ الشريفةَ إلى قريشٍ مُظهراً مدى احلنكةِ السياسيَّةِ واحلكمةِ النبويّةِ. وكسِTبَ عTليه الTصالةُ والسTالمُ الTرأي الTعامَّ عTندمTا خTرجَ اجتTاهَ مTكَّةَ ،وقTد سTاقَ الهTديَ؛ لِ Tيُثبِتَ لTTلعربِ كTTافَّ Tةً تTTعظيمَه لTTلبيتِ احلTTرامِ مTTؤكِّTTداً لTTهم )أنّ م Tكَّةَ سTTتبقى عTTلى مكانتِها التي نالتْها من وُجودِ الكعبةِ املشرَّفةِ فيها(. وقTريTشٌ هُTنا أمTامَ خTياريTنِ ال ثTالTثَ لTهُما؛ إمّTا أن متTنعَهُم ،وإمّTا أن تTسمحَ لTهم بTدخTولِ م Tكَّةَ ،فTTإن مTTنعتْ قTTري Tشٌ الTTرسTTولَ ص Tلّى اهللُ عTTليهِ وس Tلَّمَ ومَTTن م Tعَه مِTTن الTTدخTTولِ إلTTى مTكَّةَ ،كTشَفَ رسTولُ اهللِ عTليه الTصالةُ والسTالمُ مTوقTفَها الTعِدائTيَّ مُTثبِتاً أنّ جTوَّ احلTربِ ليس مِن صُنعِه؛ بل هو مِن صُنعِ قريشٍ. وإنْ دخلَها فإنّه سيلتقي بأهلِ مكَّةَ؛ ممّا سيُبدِّدُ جوَّ التوترِ ويُزيلُهُ بنيَ الفريقنيِ. ف TTفي احل TTالT Tتَنيِ ك TTلتَيهما س TTيكسبُ رس TTولُ اهللِ صT Tلّى اهللُ ع TTليهِ وسT Tلَّمَ اجل TTولT Tةَ ع TTلى قريشٍ.1 مفاوَضاتُ صُلْحِ احلُديبيةِ: لTقد بTعثتْ قTريTشٌ إلTى رسTولِ اهللِ صTلّى اهللُ عTليه وسTلَّمَ عTدَّة رُسُTلٍ ،وهTدفُTهم جTميعًا هTو الTتخويTفُ واإلرهTابُ ،ومTحاولTةُ الTصَّدِّ عTن الTبيتِ احلTرامِ دونَ قTيدٍ أو شTرطٍ؛ لTكنَّ كTلَّ ذلTTك مTTا كTTان ليَسْ Tتَفِزَّ رسTTولَ اهللِ ص Tلّى اهللُ عTTليهِ وس Tلَّمَ؛ بTTل إنّTTه أعTTلنَ فTTي صTTراح Tةٍ 1ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺷﻮﻗﻲ أﺑﻮ ﺧﻠﯿﻞ دار اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ١٩٩٨م ص١٠٨ الصفحة ١٨٩ : ١٠٩ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ل)بُPديPلِ بPنِ وَرقPاءَ اخلُPزاعPيِّ( 1وهTو أوَّلُ الTرُّسُTلِ الTذيTن جTاؤوه مِTن قTريTشٍ أنّTه يTريTدُ الTصلحَ واملTعاهTدةَ فTقال) :إِنَّTا لَTمْ جنَِTئْ لِTقِتَالِ أَحَTدٍ ،وَلَTكِنَّا جِTئْنَا مُTعْتَمِرِيTنَ ،وَإِنَّ قُTرَيْTشًا قَTدْ نTهكُتْمُ احلَْTرْبُ وَأَضَTرَّتْ بِTهِمْ ،فَTإِنْ شَTاءُوا مTاددتTهم مُTدَّةً وَيُخَTلُّوا بَTيْنِي وَبَTنيَْ الTنَّاسِ، فَTإِنْ أَظْهَTرْ فَTإِنْ شَTاءُوا أَنْ يَTدْخُTلُوا فِTيمَا دَخَTلَ فِTيهِ الTنَّاسُ فَTعَلُوا وَإِلَّTا فَTقَدْ جَTمُّوا ،وَإِنْ هُTمْ أَبَTوْا فَTوَ الَّTذِي نَفْسِTي بِTيَدِهِ ألقTاتِTلنَّهُم عَTلَى أَمْTرِي هَTذَا حَTتَّى تَTنْفَرِدَ سTالِTفَتي وَلَTيُنْفِذَنَّ الTلَّهُ أَمْرَهُ(. إنّTه يسTتخدمُ أكTثرَ مTن وسTيلةٍ لِTتَجَنُّبِ الTقتالِ ،ولِTطَلَبِ الTصُّلحِ واملTوادَعTةِ؛ فTهو يُTصرِّحُ بTذلTك فTي الTبدايTةِ" :إنّTا لTم جنTىءْ لTقتالِ أحTدٍ" ثTمَّ يُTوضِّTحُ السTببَ الشTرعTيَّ والTقانTونTيَّ لTلقُدوم) :ولTكنَّا جِTئنا مُTعتمِريTنَ(» ثTمَّ يTنصحُ قُTريTشًا أال تُTبَدِّدَ طTاقTتَها فTي حُTروبٍ مُTتكرِّرةٍ « )وَإِنَّ قُTرَيْTشاً قَTدْ نTهكَتْهُم احلَْTرْبُ وَأَضَTرَّتْ بِTهِمْ( ثTمَّ يTطلبُ الTصلحَ صTراحTةً « )فTإنْ شTاءوا مTادَدْتُTهُمْ مُTدَّةً(» وهTو عَTرضٌ صTريTحٌ مTنه صTلّى اهللُ عTليهِ وسTلَّمَ لTلصلحِ مTع قTريTشٍ ..ومِTن هُTنا أجTازَ الTفقهاءُ األجTالّءُ أن يTبدأ املسTلمُ بTعَرضِ الTصُّلْحِ؛ حTتى إنّ اإلمTTامَ اب Tنّ الTTقيِّمِ رح Tمَه اهللُ فTTي كTTتابِTTه الTTقيِّمِ املTTات Tعِ "زاد املTTعاد" أحTTصى مِTTن الTTفوائ Tدِ الفقهTيةِ لTصلحِ احلTديTبية" :جTوازُ ابTتداء اإلمTامِ بTطلبِ صTلحِ الTعدوِّ إذا رأى املTصلحةَ للمسلمنيَ فيه". َ 1ﻋ ْﺒ ُﺪ ّ ﺑﻦ َورْ ﻗﺎ َء ﺑﻦ َﻋ ْﺒ ِﺪ اﻟ ُﻌ ﱠﺰى اﻟ ُﺨﺰا ِﻋ ﱢﻲ ﺗﻘ ﱠﺪم ﻧﺴﺒُﮫ ﻋﻨﺪ ِذ ْﻛ ِﺮ أَﺑﯿﮫ ]ﺑُ َﺪﯾْﻞ ﺑﻦ َورْ ﻗَﺎء ﺑﻦ َﻋ ْﻤﺮو ﷲ ﺑﻦُ ﺑُ َﺪﯾْﻞ ِ ﺑﻦ رﺑِﯿﻌﺔَ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟ ُﻌ ﱠﺰى ﺑﻦ َرﺑﯿﻌﺔ ﺑﻦ ُﺟ َﺰ ّ ﺰاﻋﻲ .ﻛﺬا ﻧﺴﺒَﮫ اﺑﻦ َﻣﻨﺪَه وأﺑﻮ ﻧُﻌﯿﻢ. ي ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﻣﺎزن اﻟ ُﺨ ﱢ ﱠ ّ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ي ﻋﺪ ﺑﻦ ﻣﺎزن ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﺟ ﺑﻦ رﺑﯿﻌﺔ ﺑﻦ ى ﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟ ُﻌ وﻗﺎل اﺑﻦ ُﺰيﱢ ﱢ ٍ اﻟﻜﻠﺒﻲ :ﺑُﺪﯾ ُﻞ ﺑﻦُ ورﻗﺎ َء ِ ِ ِ ُ ُ َ اﺑﻦُ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰى ﺑﻦ ء ورﻗﺎ ﺑﻦ ُﺪﯾﻞ ﺑ : ﺮ ُﻤ ﻋ أﺑﻮ وﻗﺎل . اﻟﻜﻠﺒﻲ ﮫ ﺒ ﻧﺴ ﻛﺬا َاﻋﻲ؛ ﺰ ﺨ اﻟ وھﻮ ﺔ ﺑﻦ رﺑﯿﻌ ﻲ ﺤ ﻟ َ َ َ ّ ﱢ َ ِ رﺑﯿﻌﺔ اﻟﺨﺰاﻋﻲ .وﺳﺎق اﺑﻦ ﻣﺎﻛﻚ ﻧﺴﺒﮫ إﻟﻰ ﺟﺰ ّ ي ﻣﺜﻞ ھﺸﺎم ،وﻣﺎ ﻓﻮق ﺟﺰي ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﯿﮫ ﻋﻨﺪ اﻟﺠﻤﯿﻊ .ﻣﻦ اﺑﻦ اﻷﺛﯿﺮ اﻟﺠﻮزيّ :ﺑﯿﺮوت ،دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ ،ط’١ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺑُ َﺪ ْﯾ ُﻞ ﺑْﻦُ َورْ ﻗَﺎ َء "اﻧﻈﺮ :ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻜﺮم ِ ،١٩٩٤ص .٤ \١٢٢ الصفحة ١٨٩ : ١١٠ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات عTادَ بُTديTلٌ إلTى قُTريTشٍ وقTال :إنَّTكُمْ تعجَTلونَ عTلى محTمّدٍ وأنّ مُحTمّداً لTم يTأتِ لTلقتالِ؛ وإمنّا جاءَ زائراً للبيتِ. فTTقال Tتْ قTTري Tشٌ :إنْ كTTان جTTاءَ وال يُTTري Tدُ قTTتاالً؛ فTTو اهللِ ال يTTدخ Tلُها عTTلينا فTTي جُTTنودِه مُTعتمِراً ،تTسمعُ الTعربُ أنّTه دخTلَها عTلينا عُTنوةً ،وبTينَنا وبTينَه مِTن احلTربِ مTا بTينَنا .واهللِ ما كان هذا أبداً ومِنّا عنيٌ تطرفُ.1 الTTسفارةُ الTTثانTTيةُ :ث Tمَّ أرسTTلتْ قُTTري Tشٌ مِTTكرزَ ب Tنَ حTTفصٍ ب Tنِ األخTTيفِ 2إلTTى رسTTولِ اهللِ صTلّى اهللُ عTليهِ وسTلّمَ ،فTلمّا رآه الTرسTولُ قTالَ" :هTذا الTرَّجُTلُ غTادِرٌ وفTاجِTرٌ" ،3ثTمّ قTالَ لTه مِTثلَ مTا قTالَ لTبديTلِ بTنِ ورقTاءَ ،فTرجTعَ إلTى قُTريTشٍ وأخTبرَهُTم مبTا قTال رسTولُ اهلل صTلّى اهللُ عليه وسلّمَ. السفارةُ الثالثة :احلُلَّيسُ بنُ علقمةَ "سيِّدُ األحابيشِ". وإرسTTالُ احلُ Tلِّيسِ عTTملٌ ذك Tيٌّ قTTام Tتْ بTTه قُTTري Tشٌ فTTإنّ الTTرسTTولَ مح Tمَّداً قTTد يُسTTيء إلTTى احلُلِّيسِ ومَن معَه حسبَ ظنِّها؛ ألنّهُم كانوا مع قريشٍ في أحد اخلندق. 1ﻋﻤﺎد اﻟﺪﯾﻦ ﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ :اﻟﺒﺪاﯾﺔ واﻟﻨﮭﺎﯾﺔ ،دﻣﺸﻖ ،دار اﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ ،ط ٢٠١٠ ،٢م ،ص ١٦٦\ ٤ اﻟﻘﺮﺷﻲ اﻟﻌﺎﻣﺮيﱢَ :ذ َﻛ َﺮهُ اﺑْﻦُ ِﺣﺒﱠﺎنَ ﻓﻲ اﻟﺼﱠﺤﺎﺑﺔ؛ وﻗﺎل :ﯾُﻘﺎ ُل ﻟﮫ ﺻُﺤﺒﺔٌ ،ﻗﺎل ﺣﻔﺺ ﺑﻦ اﻷﺧﯿﻒ ِ 2ﻣ ْﻜ َﺮز ﺑﻦ ﱢ ٍ ﱡ واﻟﺰﺑَﯿ ِْﺮ ﺑْﻦ ﻟﻐﯿﺮه .وﻟ ِﻤ ْﻜ ِﺮز ِذ ْﻛ ٌﺮ ﻓﻲ "اﻟﻤﻐﺎزي" ﻋﻨﺪ اﺑﻦ إﺳﺤﺎق ،واﻟﻮاﻗﺪيﱢ، ﺣﺠﺮ اﻟﻌﺴﻘﻼﻧﻲ :وﻟﻢ أره اﺑﻦ ٍ ِ ﺎر أﻧّﮫ ھﻮ اﻟﺬي أﻗﺒ َﻞ ﻻﻓﺘﺪا ِء ُﺳﮭَﯿْﻞ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو ﯾﻮم ﺑَ ْﺪر ،وأﻧﮫ ﻗﺪ َم اﻟﻤﺪﯾﻨﺔَ؛ ﻓﻘﺎل :اﺟﻌﻠﻮا اﻟﻘَﯿْﺪ ﻓﻲ ِرﺟْ ﻠﻲ ﺑَ ﱠﻜ ٍ َ ﯾﺒﻌﺚ إﻟﯿﻜﻢ ﺑﺎﻟﻔﺪا ِء؛ وأﻧﺸ َﺪ ﻟﮫ ﺑﯿﺘﯿﻦ ،ﻓﻘﺎ َل ﻓﻲ ذﻟﻚ : ﻣﻜﺎنَ رﺟﻠﯿﮫ ﺣﺘﻰ ﺑِﺄ َ ْذ َوا ِد ِﻛــــــ َﺮ ٍام ِﺳﺒَــــــﺎ ﻓَﺘـــــــــًﻰ ﯾَﻨَﺎ ُل اﻟ ﱠ ﺼ ِﻤﯿ ُﻢ ﻋُﺮْ ﺑَﮭَﺎ ﻻَ اﻟ َﻤ َﻮاﻟِﯿَﺎ َوﻗُ ْﻠ ُ ﺖُ :ﺳﮭَ ْﯿ ٌﻞ َﺧ ْﯿ ُﺮﻧَﺎ ﻓَ ْﺎذھَﺒُﻮا ﺑِ ِﮫ ﻷ ْﺑﻨَﺎﺋِ ِﮫ َﺣﺘﱠﻰ ﺗُ ِﺪﯾﺮُوا اﻷ َﻣﺎﻧِﯿَــﺎ ْ ﺟﺎھﻠﻲ ،وﻣﻌﻨﺎه :أﻧّﮫ ﻟﻢ ﯾُﺴﻠِ ْﻢ ّ وإﻻ ﻓﻘَﺪ ذﻛ َﺮ ھﻮ أﻧﱠﮫ وذﻛﺮه اﻟ َﻤﺮْ َزﺑَﺎﻧِ ﱡﻲ ﻓﻲ "ﻣﻌﺠﻢ اﻟﺸﻌﺮاء" ،ووﺻﻔَﮫ ﺑﺄﻧّﮫ ﱡ ﺼﺔٌ ك اﻹﺳﻼ َم ،وﻗﺪ َم اﻟﻤﺪﯾﻨﺔَ ﺑﻌﺪ اﻟﮭﺠﺮ ِة اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ ،ﻟ ﱠﻤﺎ أُ ِﺳ َﺮ ﺳُﮭﯿﻞ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ٍو ﯾﻮم ﺑَ ْﺪ ٍر ﻓﺎﻓﺘﺪاهُ ،و ِذﻛ َﺮ ﻟﮫ ﻗ ّ أدر َ ْ ﱠح ﻟﻤﺎ ﻗﺘ َﻞ ﻋﺎﻣ ُﺮ ً ﻓﻲ ﻗَ ﻣ ﻋﺎ ﮫ ﻠ ﺘ ﺮ ﻗﺘﯿﻼ ِﻣﻦ ﻮ اﻟﻤﻠ ﺑﻦ رھﻂ ِﻣ ْﻜﺮز ،وﻟﮫ ذﻛﺮ ﻓﻲ ﺻ ُْﻠﺢ اﻟﺤﺪﯾﺒﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺨﺎريﱢ ٍ ِ ِ ِ ﺑﻦُ اﻟﻘﯿﺴﻲ :ﺗﻮﺿﯿ ُﺢ اﻟﻤﺸﺘﺒَﮫ ﻓﻲ ﺪ ﻋﺒ ﺪ ﻤ ﻣﺤ ﷲ ﺿﺒﻂ أﺳﻤﺎ ِء اﻟﺮوا ِة وأﻧﺴﺎﺑِﮭﻢ ﺑﻦ ﻣﺤ ّﻤﺪ اﻟﺪﯾﻦ . اﻧﻈﺮ: ﺷﻤﺲُ ﱠ ِ ِ ِ ﱢ ِ وأﻟﻘﺎﺑِﮭﻢ و ُﻛﻨﺎھُﻢ ،ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﺑﯿﺮوت١٩٩٣،م ،ط.١ اﻟﺤﻤﯿﺮيﱢ :اﻟﺴﯿﺮة اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ ،اﻟﻘﺎھﺮة ،طﺒﻌﺔ اﻟﺤﻠﺒﻲ١٩٥٥ ،م ،ص .١٩٩\٣ 3ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ھﺸﺎم ﺑﻦ أﯾﻮب ِ الصفحة ١٨٩ : ١١١ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ممَّTا يُTثيرُ "األحTابTيشَ" وتTضمنُ بTذلTك وقTوفَTهُم إلTى جTانTبِها أثTناءَ الTقتالِ الTقريTبِ املTتوقَّTعِ؛ ولTكنَّ رسTولَ اهللِ أحTسنَ مُTقابَTلتَهُم وأقTنعَهُم بِTنِيَّتِه السِّTلميَّةِ وبTذلTك كسTبَ الTرسTولُ صTاحTبُ اخلُTلُقِ الTعظيمِ سTيِّدَ األحTابTيشِ ومَTن مTعَه إلTى جTانTبِه ،وألTزمَTها بTأن تTدخُTلَ مTعَه فTي مTفاوضTاتٍ؛ وإالّ انTقلبُوا عTليها ،وظTهورِهTا مبظهTرِ املTعتدي أمTامَ حُTلفائِTها خTاصَّTةً أمامَ العربِ كافَّةً. أقTبل "احلُTلَّيسُ" ومَTن مTعَه ،فTلمّا رأى الTرَّسTولُ عTليه الTصالةُ والسTالمُ احلُTلَّيسَ أنّ هTذا مِTن قTومٍ يTتأهTلُّونَ ويُTعظِّمُونَ الTبُدْنَ والهTديَ ابTعَثُوا الهTديَ فTي وجTهِه حTتّى يTراهُ؛ فTلمّا رأى الهTديَ يسTيلُ عTليه بTقالئTدِه مِTن عَTرْضِ الTوادي قTد أشTعَرَ واسTتقبلَه الTناسُ يTلبُّونَ قTد شَTعِثُوا صTاحَ قTائTالً" :سُTبحانَ اهللِ! مTا يTنبغي لTهؤالءِ أن يTصدُّوا عTن الTبيتِ أبTى اهللُ أْن يَ Tحُجَّ خل Tمٌ وجُTTذامٌ ونه Tدٌ وحِ Tمْيرُ ،وميُTTنعَ أن عTTبدَ املTTطلّب هTTلكَتْ قTTري Tشٌ وربِّ الكعبةِ؛ إمنّا القومُ أتَوا عُمَّاراً. فTقال عTليه الTصالةُ والسTالمُ :أجTلْ يTا أخTا بTني كِTنانTةَ ،وعTادَ احلُTلَّيسُ إلTى قTريTشٍ وقTال: "إنّي رأيتُ ما ال يَحِلُّ مَنعُه". السفارةُ الثالثةُ :عروةُ بنُ مسعودٍ الثقفيُّ املُفاوِضُ العاقِلُ:1 اﻟﺜﻘﻔﻲ،وھﻮ ﻋ ﱡﻢ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﺳﻌ ِﺪ ﺑﻦ ﻋﻮف ﺑﻦ ﺛﻘﯿﻒ ﺐ ﺑﻦ ﺐ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﻛﻌ ِ ِ 1ھﻮ ﻋُﺮوةُ ﺑﻦُ ﻣﺴﻌﻮ ٍد ﺑﻦ ﻣﻌﺘّ ِ ﱢ ِ ﺑﻦ ُﺷﻌﺒﺔَ وأ ﱡﻣﮫ ﺳﺒﯿﻌﺔُ ﺑﻨﺖ ﻋﺒﺪ ﺷﻤﺲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﻣﻨﺎف أﺧﺖ آﻣﻨﺔ ،ﻛﺎن أﺣﺪ اﻷﻛﺎﺑﺮ ﻣﻦ ﻗﻮﻣﮫ، واﻟ ِﺪ اﻟ ُﻤﻐﯿﺮ ِة ِ ْ س و ِﻋﻜﺮﻣﺔُ َ َ اﺑﻦُ َ ﺮْ ُﻞ ﺟ ر ﻰ ﻠ ﻋ } ﺑﻘﻮﻟﮫ: اﻟﻤﺮاد ﻋﺒﺎ ﻗﺎل ]،٣١ [اﻟﺰﺧﺮف: { ﯿﻢ َﻈ ﻋ ْﻦ ﯿ ﺘ ﯾ ﻘ اﻟ وﻗﯿﻞ :إﻧﮫ ﻣ َ ﻦَ َ َ ِ ِ ٍ ٍ ٍ ِ ﱠ ُ ﺑﻦُ ُ ﱢيﱡ ﱡ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻤﺮا ِد؛ ﻓ َﻌﻦ ﺗﻌﯿﯿﻦ ﻓﻲ واﺧﺘﻠﻔﻮا واﻟﻤﺪﯾﻨﺔ، ﺔ ﻜ ﻣ : ﺪ ﺴ واﻟ ة وﻗﺘﺎد ﺐ ﻛﻌ وﻣﺤ ﱠﻤ ُﺪ د اﻟﻤﺮا ﺑﺎﻟﻘﺮﯾﺘﯿﻦَ ٍ ِ ﱠ َ ﻗﺘﺎدةَ َ اﻟﺜﻘﻔﻲ ة اﻟﻤﻐﯿﺮ اﻟﻄﺎﺋﻒ ،اﻧﻈﺮ :أﺣﻤﺪ ﺑﻦ أھﻞ ﻣﻦ أھﻞ ﻣﻦ أرادوا ة ُﺮو ﻋ و ﺔ ﻜ ﻣ ﺪ اﻟﻮﻟﯿ د ﻣﺴﻌﻮ ﺑﻦَ ﺑﻦَ َ ٍ ِ ِ ﱢ ِ ِ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻌﺴﻘﻼﻧﻲ :اﻹﺻﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﺗﻤﯿﯿﺰ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ،ﻣﺼﺮ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻧﮭﻀﺔ ﻣﺼﺮ١٣٩٢ ،ھـ الصفحة ١٨٩ : ١١٢ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات جTلسَ مTسعودٌ بTنيَ يTدي الTرسTولِ صTلى اهللُ عTليه وسTلَّمَ ثTمّ قTال :يTا مُحTمَّدُ؛ جTمَعْتَ أوبTاشTاً ثTمَّ جِTئْتَ بTهِم إلTى بَTيضَتِكَ تَTفضُّها بTهِم إنّTها قُTريTشٌ قTد خTرَجَTتْ مَTعها الTعوزُ املطافِيلُ قد لبسُوا جُلُودَ النَّمِرِ يُعاهِدونَ اهللَ أالّ تدخُلَها عليهِم عُنوةً أبداً. أرأيTتَ إن اسTتأصَTلْتَ قTومَTكَ فTسمِعتَ بTأحَTدٍ مِTن الTعربِ اجTتاحَ أصTلَهُ قTبْلَكَ ،وإنْ تَTكُنِ األُخْ TTرى إنّ TTي واهللِ ال أرى وُجُ TTوهT Tاً وإنّ TTي أرى أوب TTاشT Tاً مِ TTن ال TTناسِ خ TTليقاً أن يَ TTفرُّوا ويَTدعُTوكَ .قTال عُTروةُ هTذا ألنَّ الTعادةَ جTرتْ أنّ اجلTيوشَ اجملTتمعةَ مِTن قTبائTلَ عِTدَّةٍ ال يُTؤمَTنُ عTليها الTفرارُ خلTالفِ مَTن كTانَ مِTن قTبيلةٍ واحTدةٍ؛ فTأنَّTهُم يTأنTفونَ الTفِرارَ عTادةً ،ومTا درَى عُTTروةُ أنّ مTTودَّةَ اإلسTTالمِ أعTTظمُ مِTTن مTTودَّةِ الTTتراب Tطِ لTTذل Tكَ شَ Tتَمَ أبTTو بTTكر رض Tيَ اهللُ عTTنهُ وقTال :نTحنُ نTنكشِفُ عTنه ،وأخTبرَ صTلّى اهللُ عTليهِ وسTلَّمَ عُTروةَ أنّTه مTا جTاءَ حلTربٍ فTعادَ عُTروةُ إلTى قTريTشٍ بTعد أنْ رأى مTا يTصنعُ أصTحابُTه بTه صTلَّى اهللُ عTليهِ وسTلَّمَ مِTن اإلجTاللِ واإلكرامِ. قTال عTروةُ يTا معشTرَ قTريTشٍ" :إنِّTي جِTئتُ كِسTرى فTي مُTلكِه وقTيصَرَ فTي مُTلكِه والTنجاشTيَّ فTي مُTلكِه واهللِ مTا رأيTتُ مَTلكاً فTي قTومTهِ قTطُّ مِTثْلَ مُحTمَّدٍ فTي أصTحابِTه ،ولTقد رأيTتُ قTومTاً ال يُسTلِمُونَTه لِشTيءِ أبTداً؛ فTإنّTي لTكُمْ نTاصِTحٌ ،فTإنّTي أخTافُ أالّ تTنصُروا عTليه" ،وهTذا دلTTيلٌ عTTلى جَTTودةِ عTTقلِه وتTTفطُّنُه مTTا كTTان عTTليه الTTصحاب Tةُ مTTن املTTبالَTTغةِ فTTي تTTعظيمِه وتوقيرِه. ثTمَّ حTاولTتْ مجTموعTةٌ مِTن شTبابِ مTكَّةَ أن يُTوقِTفُوا هTذه املTفاوضTاتِ ،كُTرهًTا مTنهُم لTلصلْحِ ورفْ Tضًا ل TدُخTTولِ رسTTولِ اهللِ ص Tلّى اهللُ عTTليه وس Tلَّمَ إلTTى م Tكَّة مTTعتمِراً ،فTTقامَTTت هTTذه اجملTTموع Tةُ ،وعTTددُهTTا ثTTمانTTونَ بTTاإلغTTارةِ عTTلى املسTTلمنيَ فTTي احلTTديTTبيةِ إلشTTعالِ احلTTربِ الصفحة ١٨٩ : ١١٣ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات الTفعليةِ ،فTماذا حTدثَ؟! يَTروي أنTسُ بTن مTالTكٍ رضTيَ اهللُ عTنهُ أنّ ثTمانTنيَ رجُTالً مِTن أهTلِ مTكَّةَ هTبطُوا عTلى الTرسTولِ صTلَّى اهللُ عTليه وسTلَّمَ مِTن جَTبَلِ الTتنعيمِ متسTلِّحنيَ يُTريTدونَ غِTرَّةَ الTنبيِّ صTلّى اهللُ عTليهِ وسTلَّمَ وأصTحابِTه ،فTأخَTذُهTم سِTلْمًا ،فTاسTتحياهُTم ،فTأنTزلَ اهللُ تTTعالTTى :وَهُ Tوَ الَّ Tذِي كَ Tفَّ أَيْ Tدِيَ Tهُمْ عَ Tنْكُمْ وَأَيْ Tدِيَ Tكُمْ عَ Tنْهُمْ بِ Tبَطْنِ مَ Tكَّةَ مِ Tنْ بَ Tعْدِ أَنْ أَظْTفَرَكُTمْ عَTلَيْهِمْ وَكَTانَ الTلَّهُ مبَِTا تَTعْمَلُونَ بَTصِيرًا )الTفتح ،(۲٤ :فTهؤالءِ ثTمانTونَ مُTغامTراً أرادوا إفTسادَ أيِّ مTحاولTةٍ لTلصلحِ؛ لTقد أطTلقَهُم جTميعًا بTغيرِ فTداءٍ؛ وذلTك إثTباتًTا حلTسنِ النوايا ،وسالمةِ الصّدرِ. ث Tمّ ق Tرَّرَ ص Tلّى اهللُ عTTليهِ وس Tلَّمَ أن يُTTرسِ Tلَ رَسTTوالً إلTTى قTTري Tشٍ؛ لِ Tعَرضِ وجTTهةِ الTTنظرِ اإلسTالمTيةِ ،وبTعد مTحاوراتٍ بTني املسTلمني ،متَّ اخTتيارُ عTثمانُ بTنُ عTفَّانٍ رضTيَ اهللُ عTنهُ لِTيكونَ سTفيراً للمسTلمنيَ إلTى داخTلِ مTكّةَ ،وبTالTفعلِ دخTلَ عTثمانُ رضTيَ اهللُ عTنهُ إلTى الTTبلدِ احلTTرامِ ،ودارتْ بTTينَه وبTTينهُم مTTفاوضTTاتٌ؛ ولTTكنَّ هTTذه املTTفاوضTTاتِ طTTال Tتْ دون نTتيجةٍ؛ حTتّى مTرَّتْ عِTدَّةُ أيَّTامٍ ،وأُشTيعَ أنَّ عTثمانَ رضTيَ اهللُ عTنه قَTد قُTتِلَ ،وقَTتْلُ الTسفراءِ جTTرمي Tةٌ ال تُTTغتفَرُ ،وهTTو إعTTالنُ حTTربٍ رسTTميٍّ ،وهTTنا اضْ Tطُرَّ رسTTولُ اهللِ ص Tلّى اهللُ عTTليه وسTلَّمَ اضTطراراً إلTى الTقيامِ مبTا عُTرِفَ فTي الTتاريTخِ "بTيعةَ الTرِّضTوانِ"؛ حTيث بTايTعَ الTصحابTةُ عTلى عTدمِ الTفِرارِ ،ومِTنْ ثَTمَّ أصTبحَ الTقتال وشTيكًا جِTدَّاً؛ لTوال أنّ عُTثمانَ ظهTرَ فTي هTذه اللحTظةِ ،وثTبتَ أنّ األمTرَ كTانَ مُجTرَّدَ إشTاعTةٍ ،فهTدأتِ الTنفوسُ واسTتراحَTت ،ثTمَّ ظهTرَ رسولٌ جديدٌ مِن قِبَلِ قريشٍ هو سُهيلُ بن عَمْروٍ. لTقد أصTرَّ رسTولُ اهللِ صTلّى اهللُ عTليهِ وسTلَّمَ عTلى الTصلْحِ بTالTطُّرقِ كTافّTةً ،وقTريTشٌ تTأبTى ،إالّ أنَ قُTريTشاً فTي الTنهايTةِ بTدأتْ تTتراجTعُ ،وكTان بTدايTةُ هTذا الTتراجُTعِ هTو إرسTالُ سُهTيلِ بTن الصفحة ١٨٩ : ١١٤ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات عَTمْروٍ ،1وهTو قTياديٌّ كTبيرٌ فTي مTكَّةَ ،ومTشهورٌ بTالTكِياسTةِ واحلTنكة )الTدبTلومTاسTيَّةِ( وال Tقُدرةِ عTTلى الTTتحاوُرِ ،ولTTيس حTTادَّاً فTTي طِTTباعِTTه كTTبقيَةِ ال TزُّعTTماءِ اآلخَTTري Tنَ؛ ح Tتّى إنّ رسTTولَ اهللِ ص Tلّى اهللُ عTTليهِ وس Tلَّمَ عTTندمTTا رآه قTTال" :قTTد سَهُ Tلَ ل Tكُمْ مِ Tنْ أَمْ Tرِكُ Tمْ"، وبTTالTTفعلِ ..وكTTما تTTوقَّ Tعَ ص Tلّى اهللُ عTTليهِ وس Tلَّمَ ،فTTقد أرادَ سُهTTيلٌ أن يُTTتمَّ الTTصلحَ بTTني قTTري Tشٍ واملسTTلمنيَ ،ولTTكنَّه أظه Tرَ فTTي أثTTناءِ ال Tصُّلحِ تش Tدُّدًا وتTTعنُّتاً ،بTTينما ظه Tرَت فTTي بُTنودِ الTصُّلحِ وطTريTقةِ كTتابTتِه مTرونTةُ الTرَّسTولِ صTلَّى اهللُ عTليهِ وسTلَّمَ ورغTبتِه األكTيدةِ فTي الصلح. فَTدَعَTا الTنَّبِيُّ صTلَّى اهللُ عTليه وسTلَّم الْTكَاتِTبَ ،فَTقَالَ الTنَّبِيُّ صTلَّى اهللُ عTليهِ وسTلَّم» :بِTسْمِ الTلَّهِ الTرَّحْTمَنِ الTرَّحِTيمِ» قَTالَ سُهَTيْلٌ :أَمَّTا الTرَّحْTمَنُ فَTوَ الTلَّهِ مَTا أَدْرِي مَTا هُTوَ ،وَلَTكِنِ اكْTتُبْ: بِTاسْTمِكَ الTلَّهُمَّ كَTمَا كُTنْتَ تَTكْتُبُ ،فَTقَالَ املُْسْTلِمُونَ :وَالTلَّهِ ال نَTكْتُبُهَا إِالَّ :بِTسْمِ الTلَّهِ الTرَّحْTمَنِ الTرَّحِTيمِ ،فَTقَالَ الTنَّبِيُّ صTلى اهلل عTليه وسTلم« :اكْTتُبْ :بِTاسْTمِكَ الTلَّهُمَّ ..ثُTمَّ قَTالَ« :هَTذَا مَTا قَTاضَTى عَTلَيْهِ مُحَTمَّدٌ رَسُTولُ الTلَّهِ »..فَTقَالَ سُهَTيْلٌ :وَالTلَّهِ لَTوْ كُTنَّا نَTعْلَمُ أَنَّTكَ رَسُTولُ الTلَّهِ مَTا صَTدَدْنَTاكَ عَTنْ الْTبَيْتِ وَال قَTاتَTلْنَاكَ ،وَلَTكِنِ اكْTتُبْ :مُحَTمَّدُ بْTنُ عَTبْدِ الTلَّهِ ،فَTقَالَ الTنَّبِيُّ صTلى اهلل عTليه وسTلم» :وَالTلَّهِ إِنِّTي لَTرَسُTولُ الTلَّهِ وَإِنْ كَTذَّبْTتُمُونِTي.. اكْTتُبْ :مُحَTمَّدُ بْTنُ عَTبْدِ الTلَّهِ) »..قَTالَ الTزُّهْTرِيُّ :وَذَلِTكَ لِTقَوْلِTهِ صTلى اهلل عTليه وسTلم :ال يَTسْأَلُTونِTي خُTطَّةً يُTعَظِّمُونَ فِTيهَا حُTرُمَTاتِ الTلَّهِ إِال أَعْTطَيْتُهُمْ إِيَّTاهَTا (.فَTقَالَ لَTهُ الTنَّبِيُّ صTلى اهلل عTليه وسTلم« :عَTلَى أَنْ تُخَTلُّوا بَTيْنَنَا وَبَTنيَْ الْTبَيْتِ ،فَTنَطُوفَ بِTهِ» فَTقَالَ سُهَTيْلٌ :وَالTلَّهِ ال تَتَحَ Tدَّثُ الْ Tعَرَبُ أَنَّTTا أُخِ TذْنَTTا ضُ Tغْطَةً ،وَلَ Tكِنْ ذَلِ Tكَ مِ Tنَ الْ Tعَامِ املُْ Tقْبِلِ ،فَ Tكَتَبَ ،فَ Tقَالَ َ 1ﻋ ْﺒ ُﺪ ّ ﷲِ ﺑﻦ ُﺳﮭَﯿﻞ ﺑﻦ َﻋ ْﻤﺮو اﻟﻌﺎﻣﺮي ،ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﻟُ َﺆيّ .وﺗﻘﺪم ﻧﺴﺒﮫ ﻋﻨﺪ أَﺑﯿﮫ ]] ُﺳﮭَﯿْﻞ ﺑﻦ َﻋ ْﻤﺮو ﺑﻦ َﻋﺒْﺪ َﺷ ْﻤﺲ ﺑﻦ َﻋﺒْﺪ ُو ّد ﺑﻦ ﻧَﺼْ ﺮ ﺑﻦ َﻣﺎﻟِﻚ ﺑﻦ ِﺣ َﺴﻞ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﻟﺆ ّ ي ﺑﻦ ﻏﺎﻟﺐ ﺑﻦ ﻓِﮭْﺮ اﻟﻘﺮﺷﻲ اﻟﻌﺎﻣﺮي]] <<ﻣﻦ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺳﮭﯿﻞ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو اﻟﻌﺎﻣﺮي اﻧﻈﺮ أﺳﺪ اﻟﻐﺎﺑﺔ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ. الصفحة ١٨٩ : ١١٥ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات سُهَ Tيْلٌ :وَعَ Tلَى أَنَّ Tهُ ال يَ TأْتِTTيكَ مِ Tنَّا رَجُ Tلٌ وَإِنْ كَTTانَ عَ Tلَى دِي Tنِكَ إِال رَدَدْتَ Tهُ إِلَ Tيْنَا .قَTTالَ املُْسْ Tلِمُونَ :سُ Tبْحَانَ ال Tلَّهِ! كَ Tيْفَ يُ Tرَدُّ إِلَTTى املُْشْ Tرِكِ Tنيَ وَقَ Tدْ جَTTاءَ مُسْ Tلِمًا؟! فَ Tبَيْنَمَا هُ Tمْ كَ Tذَلِ Tكَ إِذْ دَخَ Tلَ أَبُTTو جَ Tنْدَلِ بْ Tنُ سُهَ Tيْلِ بْ Tنِ عَ Tمْرٍو يَ Tرْسُ Tفُ فِTTي قُ Tيُودِهِ ،وَقَ Tدْ خَ Tرَجَ مِ Tنْ أَسْTفَلِ مَTكَّةَ حَTتَّى رَمَTى بِTنَفْسِهِ بَTنيَْ أَظْهُTرِ املُْسْTلِمِنيَ ،فَTقَالَ سُهَTيْلٌ :هَTذَا يَTا مُحَTمَّدُ أَوَّلُ مَTا أُقَTاضِTيكَ عَTلَيْهِ أَنْ تَTرُدَّهُ إِلَTيَّ .فَTقَالَ الTنَّبِيُّ صTلى اهلل عTليه وسTلم« :إِنَّTا لَTمْ نَTقْضِ الْTكِتَابَ بَTعْدُ» .قَTالَ :فَTو َالTلَّهِ إِذًا لَTمْ أُصَTاحلِْTكَ عَTلَى شَTيْءٍ أَبَTداً .قَTالَ الTنَّبِيُّ صTلى اهلل عTليه وسTلم: »فَTأَجِTزْهُ لِTي» قَTالَ :مَTا أَنَTا مبُِTجِيزِهِ لَTكَ ،قَTالَ« :بَTلَى فَTافْTعَلْ» قَTالَ :مَTا أَنَTا بِTفَاعِTلٍ ...قَTالَ أَبُTو جَTنْدَلٍ :أَيْ مَعْشَTرَ املُْسْTلِمِنيَ! أُرَدُّ إِلَTى املُْشْTرِكِTنيَ وَقَTدْ جِTئْتُ مُسْTلِمًا؟! أَال تَTرَوْنَ مَTا قَدْ لَقِيتُ؟! وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي اللَّهِ". فTالTرسTولُ صTلّى اهللُ عTليهِ وسTلَّمَ كTما رأيTنا يTتنازلُ عTن كTتابTةِ الTبسملةِ كTامTلةً فTي أوَّلِ العَهْTدِ ،ويTتنازلُ عTن كTتابTةِ وصTفِ نTفْسِه بTالTرسTالTةِ ،ويَTقْبَلُ أن يTعودَ مِTن هTذا الTعامِ فTال يTطوفُ بTالTبيتِ ،ويTقبلُ أن يَTرُدَّ مَTن جTاءَه مُسTلماً مTن أهTلِ مTكَّةً إذا طTلبَ أولTياؤه ذلTكَ؛ بTلْ ويTتفاقَTمُ األمTرُ جِTدّاً عTندمTا يTأتTي أبTو جTنْدَل بTنُ سهTيلٍ بTنِ عَTمروٍ ،وهTو فTي حTالTةٍ شTديTدةٍ مTن اإلعTياءِ واإلجTهادِ واملTعانTاةِ يTطلبُ الTنُّصرةَ مTن املسTلمنيَ ،فTيطلبُه رسTولُ اهللِ ص Tلَّى اهللُ عTTليهِ وس Tلَّمِ مِTTن سُهTTيلُ ب Tنُ عَTTمروٍ وهTTو أبTTو أبTTي جَTTندَل ف Tيَرفُ Tضُ سُهTTيلٌ، ويُTعَلِّقُ جنTاحَ املTفاوضTاتِ بTكامTلِها عTلى أخTذِه لهTذا الTفتى املسTلِمِ املTعذَّبِ ،وأمTامَ مTخاطِTر فشTلِ املTعاهTدةِ يُTوافِTقُ رسTولَ اهللِ صTلّى اهللُ عTليهِ وسTلَّمَ ،مِTن أجْTلِ أن يTتمَّ الTصلحُ بTرغTمِ كT Tلِّ م TTا ن TTراه مِ TTن أزم TTاتٍ وم TTعوق TTاتٍ ،وب TTرغT Tمِ اع TTتراضِ ك TTثيرٍ م TTن ال TTصحابT Tةِ ،وف TTي الصفحة ١٨٩ : ١١٦ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات مُTقدِّمَTتِهم عُTمَرُ بTنُ اخلTطَّابِ رضTيَ اهللِ عTنه ..ويTتحقَّقُ مTا يُTريTدُه رسTولُ اهللِ صTلّى اهللُ عليهِ وسلَّمَ ،وتوقَّعَ املعاهدةَ مِن نُسختَنيِ يحتفِظُ كلٌّ مِن الطرفنيِ بنُسخةٍ عِندَه. ومِTنَ اجلTديTرِ بTالTذِّكTرِ أنّ بُTنودَ املTعاهTدةِ شTملَتْ أيTضًا* :وَضْTعَ احلTربِ بTني الTفريTقنيِ ملTدَّةِ عشْTرِ سِTننيَ ،و*أنّ الTقبيلةَ الTتي تُTريTدُ االنTضمامَ إلTى طTرفٍ مِTن الTطرفTنيِ فTلَها ذلTكَ، وجتُTرى عTليها أحTكامِ املTعاهTدةِ ،وقTد انTضمَّتْ قTبيلةُ خُTزاعTةَ إلTى حِTلْفَ رَسTولِ اهللِ صTلَّى اهللُ عليه وسلَّمَ ،بينما انضمَّت قبيلةُ بني بكرٍ إلى حِلْفِ قريشٍ. وبTTعد أن متَّ Tتِ املTTعاهTTدةُ ،ورض Tيَ الTTطرفTTانِ ،أرادتْ مِTTن جTTدي Tدٍ مجTTموع Tةٌ مTTن شTTبابِ قTTري Tشٍ املتح Tمِّسنيَ أن يُفسِ Tدُوا هTTذا ال Tصُّلْحَ ،فTTقامِTTوا بTTعمليةِ إغTTارةٍ جTTديTTدةٍ عTTلى املسTTلمنيَ؛ ولTTكنَّ املسTTلمنيَ اسTTتطاعُTTوا بTTفضلِ اهللِ أن ميُ Tسِكُوا بِسَ Tبْعِنيَ مِTTنهُم عTTلى رأسTهِم رَجُTلٌ يُTقالُ لTه :مِTكرزٌ ،كTما أمTسكَ سَTلَمَةُ بTنُ األكTوعِ رضTيَ اهللُ عTنهُ بTأربTعةٍ آخTرِيTنَ ،ومTع ذلTكَ ،فTإنّ رسTولَ اهللِ صTلّى اهللُ عTليه وسTلَّمَ قTد عTفا عTنهُم جTميعًا بTغيرِ فداءٍ.1 خُTTالص Tةُ الTTقولِ فTTي هTTذه الTTنقطةِ :أنّ رسTTولَ اهللِ ص Tلّى اهللُ عTTليه وس Tلَّم تTTغلَّبَ عTTلى مTعوِّقTاتٍ كTثيرةٍ جِTدَّاً لِTكي يTتمَّ الTصلحُ فTي الTنهايTةِ ،ولTكي ميَُهِّTدَ لTفترةِ تTعايTشٍ سِTلميٍّ في اجلزيرةِ العربيةِ ،تنعمُ فيها األطرافُ املسلِمةُ واملشركةُ باألمانِ والسالمِ. التطبيقاتُ العمليَّةُ لِبُنودِ صلحِ احلُديبِيةِ: يTأتTي فTي حتTليلِ الTباحTثِ لهTذه املTعاهTداتِ مTع املشTركTنيَ مTا هTو أَهَTمُّ مِTن بُTنودِهTا وكTيفيةِ صTياغTتِها ..وهTو الTتطبيقُ الTفعليُّ لهTذه املTعاهTداتِ ،فَTكَمْ مِTن املTعاهTداتِ كُTتِبَتْ فTي 1 اﻧﻈﺮ :ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ھﺸﺎم اﻟﺤﻤﯿﺮي :اﻟﺴﯿﺮة اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ٣ \١٤٠ الصفحة ١٨٩ : ١١٧ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات الTتاريTخِ؟ وكَTمْ مِTن املTواثTيقِ عُTقِدَتْ ،ثTمَّ صTارَتْ مTع مTرورِ األيَّTامِ حِTبْراً عTلى وَرَقٍ ،ولTم يَعُدُ هناك أيُّ معنىً لوجُودِها أو لِعَقدِها؟ إنّ أروعَ م TTا ف TTي م TTعاه TTداتِ رس TTولِ اهللِ صT Tلّى اهللُ ع TTليهِ وسT Tلَّمَ ه TTو اجل TTانT Tبُ ال TTعمليُّ الTتطبيقيُّ الTذي تTال كTتابTةِ هTذه املTعاهTداتِ ..إنَّTكَ سTترى فTي حTياتِTه صTلَّى اهللُ عTليهِ وسلَّمَ مع مَن عاهدَهُم كلَّ معاني التآلُفِ والعدلِ والتراحُمِ والبِّرِّ والعَدلِ والوفاءِ.. إنّTه يTكفي لTلداللTةِ عTلى هTذا الTوفTاءِ فTي الTتعاهُTدِ أن نTذكُTرَ قِTصّةَ "أبTي بَTصيرٍ" رضTيَ اهللُ عTنه ..فTقد جTاءَ أبTو بTصيرٍ وهTو رجTلٌ مِTن قTريTشٍ دخTلَ فTي اإلسTالمِ إلTى املTديTنةِ املTنوَّرةِ بTعدَ فTترةٍ وجTيزةٍ مTن كTتابTةِ صُTلْحِ احلTديTبيةِ ،وكTان يُTريTدُ أن يTنضمَّ إلTى الTصَّفِّ املسTلمِ فِTرارًا بTديTنِه مِTن أهTلِ الTكفرِ مبTكَّةَ؛ ولTكنَّ الTقُرشTينيَ أرسTلُوا فTي طTلبِه رَجُTلَنيِ إلTى رسTولِ اهللِ صTلّى اهللُ عTليهِ وسTلَّمَ ،فTقاال لTه :العهTدَ الTذي جَTعَلْتَ لTنا ،فTدفTعَه إلTى الTرَّجُTلَنيِ.. أرأيTتَ مِTثلَ هTذا الTوفTاءِ؟! إنّTه يTردُّ مُسTلِماً جTاءَه إلTى املTديTنةِ املTنوَّرةِ ،واملTديTنةُ أحTوجُ مTا تTTكونُ إلTTى ال TرِّجTTالِ واجلُ Tنْدِ ،وال Tرَّجُ Tلُ مُسْ Tلِمٌ قTTد يُ Tفْنتَُ فTTي دِي Tنِه ويُ Tعَذَّبُ ،ومTTع ذلTTك يَردُّهُ؛ ألنَّ بُنودَ املعاهدةِ نصَّتْ على ذلكَ ،وليس له إلَّا الوفاءُ.1 1ﺷﻮﻗﻲ أﺑﻮ ﺧﻠﯿﻞ :ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ١٠٧١٢٣ﺑﺘﺼﺮف الصفحة ١٨٩ : ١١٨ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﻤَﺒﺤﺚُ اﻟﺜﺎﻟِ ُ ﺚ أﻧﻮاعُ اﻟﻤُﻔﺎوَﺿﺎتِ املفاوضاتُ في اإلسالمِ كثيرةٌ :منها املباشرةُ وغيرُ املباشرِة. * أمّTا املTفاوضTاتُ املTباشTرةُ :فهTيَ الTتي تTتمُّ بTني الTطرفTنيِ املTتنازِعTنيِ مِTن دونِ وسTطاء؛ مِثلُ: تTفاوُضِ الTنبيِّ مTع بTني الTنضير؛ حTيث خTرجَ مTع عَشَTرَةٍ مِTن أصTحابِTه إلTى بTني الTنضيرِ، يسألُهم املعونةَ في دِيَةِ قتيلَنيِ قتلهُما مُسلِمٌ خطأً، ومُفاوضةِ النبيِّ في صُلْحِ احلديبيةِ مع مندوبِ قُريشٍ سُهيلِ بنِ عَمْروٍ، ومُفاوضتِه عليه الصالةُ والسالمُ مع أبي سُفيانَ زعيمِ قُريشٍ في فتحِ مكَّةَ. املُفاوَضاتُ غيرُ املباشرةِ: فه Tيَ الTTتي حتTTدثُ بTTوسTTاط Tةِ شTTخصٍ ،أو جTTماع Tةٍ ،أو هTTيئةٍ دولTTيةٍ؛ لِ Tفَضِّ الTTنزاعِ فTTي مُشكلَةٍ من املشكالتِ؛ مِثلُ: مُTفاوَضTةِ قُTريTشٍ مTع الTنبيِّ صTلَّى اهللُ عTليهِ وسTلَّمَ عTن طTريTقِ جَTدِّهِ أبTي طTالTبٍ؛ لِيتخTلَّى النبيُّ عن دعوتِه اجلديدةِ إلى اهللِ تعالى. وتTفاوُضِ الTنبيِّ مTع بُTديTلِ بTنِ ورقTاءَ اخلُTزاعTيِّ مِTن أهTلِ تِTهامTةَ؛ حTيث أخTبرَ الTنبيُّ عTن اسTتعدادِ قTريTشٍ لTلقتالِ قTبلَ صTلحِ احلُTديTبيةِ فTقال الTنبيُّ صTلى اهلل عTليه وسTلمَّ) :إنّTا لTم جنTئْ لِTقتالٍ أحTدٍ؛ ولTكنْ جِTئنا مُTعتَمِريTنَ ،وإنّ قُTريTشاً قTد نTهكَتْهُم احلTربُ ،وأضTرَّ بTهِم؛ فإنْ شاؤو أُمدِدْهُم مُدَّةً ويُخلُّوا بيني وبنيَ الناسِ.1 1د.وھﺒﺔ اﻟﺰﺣﯿﻠﻲ :اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ١٢ الصفحة ١٨٩ : ١١٩ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات وفTي الTسَّنَةِ اخلTامِTسةِ الهِجْTريTةِ حTني اشTتدَّ حِTصارُ املشTركTنيَ لTلمديTنةِ فTي غTزوةِ اخلTندقِ أرادَ الTنبيُّ أن يُTرسِTلَ لِTعُيينَةَ بTنِ حِTصْنٍ ،ويُTصاحلَِTه عTلى ثُTلُثِ ثِTمارِ املTديTنةِ لTينسحبَ بTغَطفانَ ،وهTذه مTفاوضTةٌ غTيرُ مTباشTرةٍ؛ فTأبTى األنTصارُ ذلTك قTائِTلنيَ :لTم يTكونُTوا يTنالُTوه مِTنّا قTليلٌ مِTن ثTمارِنTا ونTحنُ كTفَّارٌ؛ فTأبَTعْدَ اإلسTالمِ يُTشاركTونَTنا فTيها ،وفTي هTذه الTسَّنةِ أيTضاً طTلبَ يTهودُ بTني قُTريTظةَ مTن املسTلمنيَ الTصلحَ ،وتTفاوَضTوا مTعهُم مTن طTريTقِ الTرُّسTلِ عTلى أن يTنزلTوا عTلى مTنازلَ عTليهِ يTهودِ بTني الTنضيرِ مِTن اجلَTالءِ بTاألمTوالِ وتَTرْكِ السTالحِ، فTلمْ يTقبَلِ الTرَّسTولُ عTليه الTصالةُ والسTالمُ؛ فTطلبوا أن يُجTلُوا بTأنTفسِهِم مِTن غTيرِ مTالٍ وال سTالحٍ ،فTلم يTرضَ؛ بTلْ قTال البُTدَّ مِTن الTنزولِ والTرِّضTا مبTا يَTحكُمُ عTليهِم )خTيراً كTان أمْ شTرَّاً( ،وفTي الTسَّنةِ الTثانTيةِ مTن الهِجْTرةِ الTنبويTةِ أرسTلَ يTهودُ بTني قTينقاعَ مُTفوّضTنيَ لTلنبيِّ عTTليه الTTصالةُ والسTTالمُ عTTلى أن يُخ Tلِّي سTTبيلَهُم ويَخ TرُجTTوا مِTTن املTTديTTنةِ ولَ Tهُمُ ال Tنِّساءُ وال Tذُّرِّيَّ Tةِ وللمسTTلمنيَ األمTTوال ،ف Tقَبِلَ ذلTTك عTTليهِ الTTصالةُ والسTTالمُ ،ووكِّTTل بTTجالئ Tهِم عُTTبادةُ ب Tنُ ال Tصَّامِ Tتِ رض Tيَ اهللُ عTTنه وأمه Tلَهُم ثTTالثَ لTTيالٍ ،ف Tذَه Tبُوا إلTTى أذرعTTاتٍ بTTلدٍ بالشامِ ،ولم ميضِ عليهِم احلولُ حتّى هلكُوا. وفTي الTسَّنةِ الTرابTعةِ أُرسِTلَ محTمّدُ بTنُ مسTلمةَ لTيهودِ بTني الTنضيرِ الTذيTن نTقضُوا العهTدَ لِTيُفاوِضَTهُم عTلى اجلTالءِ عTن املTديTنةِ ،قTائTال لTهم :اخTرُجُTوا مِTن بTالدي فTقَد هTمَمْتُمْ مبTا هَمَمْتُمْ مِن الغَدرِ.1 ثالثاً :أغراضُ املُفاوَضاتِ في اإلسالمِ: للمفاوضةِ أهدافٌ وغاياتٌ في اإلسالمِ تختلفُ عن غيرِه. 1ﺷﻮﻗﻲ أﺑﻮ ﺧﻠﯿﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ١٠٧١٢٣ﺑﺘﺼﺮف. الصفحة ١٨٩ : ١٢٠ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ولعلَّ أهمَّها هو: .۱ نشTرُ الTدِّيTنِ اإلسTالمTيِّ؛ مTثلُ :مTفاوضTةِ الTنبيِّ عTليهِ السTالمُ قTبلَ الهجTرةِ مTع األوسِ واخلزرجِ ،وما نتجَ عنها بيعتَي العقبةِ األولى والثانيةِ. .۲ وقTد تTكونُ لTتبادُلِ األسْTرى أو فِTدائِTهم كTما حَTصَلَ مTع أسTرى بTدرٍ ،ومتَّ االتTTفاقُ عTTلى فِTTداءِ األسْTTرى أربTTعةُ أالفِ دِرهَ Tمٍ عTTن كُ Tلِّ أسTTيرٍ ،ومَTTن ل Tمْ ي Tكُنْ م Tعَه فِTTداءٌ وهTTو يُTTحسِنُ الTTقراءةَ والTTكتاب Tةَ تTTعليمُ عَشْTTرةِ غِTTلمانٍ مTTن أهلِ املدينةِ. .۳ وقTد تTكونُ املTفاوضTاتُ مِTن أجTلِ دفْTعِ خَTطَرٍ خTارجTيٍّ عTن الTبالدِ اإلسTالمTيةِ؛ ولTTو بِ Tدَفْ Tعِ املTTالِ؛ ك_)مُTTعاه Tدَةِ الTTصلحِ ب Tنيَ مTTعاوي Tةَ ب Tنِ أبTTي سُTTفيانَ والT Tرُّومِ( ،لِT Tظُروفٍ اق TTتضَتْها ض TTروراتُ ال TTدف TTاعِ ع TTن األُمّT Tةِ اإلس TTالم TTيةِ، واالنشغالِ بالفتنةِ الداخليةِ .1 ورمبّTا قTد تTكونُ املTفاوضTاتُ إلقTرارِ عTالقTاتِ حُTسْنِ اجلِTوارِ ،أو تنشTيطِ الTتجارةِ والTتبادُلِ وغيرِ ذلك مِن املصالِح املشتركةِ. ومِTTن أشه Tرِ املTTفاوَضTTاتِ والTTسفاراتِ الTTعبَّاس Tيَّةِ اخلTTاصَّ Tةِ بTTإقTTرارِ السTTالمِ بTTني املسTTلمنيَ والرومِ :سفارةُ نصرِ بن األزهرِ إلى القُسطنطينيَّةِ سنة ۲٤٦ه ۸٦۱م.2 1وھﺒﺔ اﻟﺰﺣﯿﻠﻲ اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص.١٨ 2وھﺒﮫ اﻟﺰﺣﯿﻠﻲ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ ص.٢٠ الصفحة ١٨٩ : ١٢١ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ومِTن أمTثلةِ املTفاوَضTاتِ مTا جTرى بTني اخلTليفةِ الTعبَّاسTيِّ هTارونَ الTرشTيدِ رحTمَهُ اهللُ تTعالTى1 ومTلكِ الTفِرجنTةِ شTارملِTانَ ،وتTبادُلِ الهTدايTا الTثمينةِ بTينهُم ،وظTلَّتْ هTذه الTعالقTاتُ عTالقTاتِ صداقةٍ. وفTTي أغTTلبِ األحTTوالِ تTTكونُ املTTفاوضTTاتُ لTTطلبِ إبTTرامِ عTTقدِ الTTصلحِ واملTTهادَن Tةِ ،وإنTTهاءِ الTتوتُّTرِ بTني الTشعوبِ ،مِTثلما حَTدَثَ فTي املTفاوضTاتِ إلبTرامِ صTلحِ احلTديTبيةِ فTي الTسنةِ السادسةِ الهجريةِ. والبُTدَّ أن يTكونَ هTناك سTببٌ بTاعTثٌ عTلى الTصلحِ أمTراً مشTروعTاً للمسTلِمنيَ؛ سTواءٌ فTي حTالِ الTضعفِ أو الTقوَّةِ ،ودلTيلُنا فTي ذلTك أنّ الTنبيَّ هTادنَ صTفوانَ بTنَ أُمTيَّةَ أربTعةَ أشهُTرٍ عامَ الفتحِ ،وأنّ النبيَّ فعلَ ذلك لرجاءِ إسالمِه فأسلمَ قبلَ مُضيِّ املدَّةِ .2 اﻟﻤﻨﺼﻮر أﺑﻲ ﺟﻌﻔ َﺮ ﻋﺒﺪ ﷲِ ﺑﻦ ﻣﺤ ﱠﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠ ّﻲ ﺑﻦ ھﻮ أﺑﻮ ﺟﻌﻔ َﺮ ھﺎرونُ ﺑﻦُ اﻟﻤﮭﺪيﱢ ****؟؟؟ﻣﺤ ّﻤﺪ ﺑﻦ ِ ﻋﺒ ِﺪ ﷲ ﺑﻦ ﻋﺒّﺎس اﻟﮭﺎﺷﻤ ّﻲ اﻟﻌﺒّﺎﺳ ّﻲ ،ﻛﺎن ﻣﻮﻟﺪُه ﺑﺎﻟﺮي ﺣﯿﻦ ﻛﺎن أﺑﻮه أﻣﯿﺮاً ﻋﻠﯿﮭﺎ وﻋﻠﻰ ﺧﺮا ﺳﺎن ﻓﻲ َﺳﻨﺔ ت ُﺮفَ ﺑﺎﻟﺸﺠﺎﻋ ِﺔ واﻟﻘ ﱠﻮ ِة ،وﻗﺎد اﻟﺤﻤﻼ ِ ٍ ﺛﻤﺎن وأرﺑﻌﯿﻦَ وﻣﺎﺋﺔ وأ ﱡﻣﮫ أ ﱡم وﻟ ٍﺪ ﺗﺴ ّﻤﻰ اﻟﺨﯿﺰران وھﻰ أ ﱡم اﻟﮭﺎدي ،ﻋ ِ ﺪ ﻋﮭ ﻓﻲ وﻟﻢ ﯾﺘﺠﺎوز اﻟﻌﺸﺮﯾﻦَ .اﻧﻈﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﺨﻄﯿﺐ ﺗﺎرﯾﺦ ﺑﻐﺪاد دار اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﯿﺮوت. أﺑﯿﮫ، ِ ِ 1 2وھﺒﮫ اﻟﺰﺣﯿﻠﻲ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ ص٢١ الصفحة ١٨٩ : ١٢٢ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﻤَﺒﺤﺚُ اﻟﺮاﺑ ُ ﻊ اﻟﻤُﻌﺎﻫﺪاتُ ﻓﻲ اﻹﺳﻼمِ أوَّالً :تعريفُ املعاهدةِ وبعضُ املُصطلَحاتِ: تTTعري Tفُ املTTعاهTTدةِ :عTTقدُ العه Tدِ بTTني الTTفريTTقنيِ عTTلى شTTروطٍ يTTلزمTTونَTTها وهTTي مTTوادع Tةُ املسTلمنيَ واملشTركTنيَ سِTننيَ مTعلومTةٍ1؛ فTكلمةُ "العَهTدِ" فTي الشTريTعةِ لTها مTعنىً أوسTعُ مِTن كTلمةِ العهTدِ فTي الTقانTونِ الTوضTعيِّ؛ ألنّTها أسTاسTاً اتTفاقُ اإلرادتَTنيِ بTصرفِ الTنظرِ عTن الشكلِ أو اإلجراءِ ،و)املعاهدةُ تُعَدُّ نوعاً مِن التعهُّدِ(. والTغرضُ األوّلُ مِTن املTعاهTداتِ فTي اإلسTالمِ ،هTو تTركُ قTتالِ كُTلٍّ مِTن الTفريTقنيِ املTتعاهِTديTنَ لTTآلخَTTر ،وحُ Tرِّيَّ Tةُ الTTتعاونِ بTTينهما؛ ف TمُظاهَTTرةِ أحTTدهِTTما لTTعدوِّ اآلخَTTر؛ أيّ :مTTعاون Tتُه ومساعدتُه على قتالِه ،وما يتعلَّقُ به كمُباشَرتِه للقتالِ. ومِTن الTطبيعيِّ أن يTظلَّ مTفهومُ املTعاهTدةِ سTاريTاً مTا لTم تTنتهِ؛ كTانTتهاءِ مُTدَّتِTها ،أو عTدمِ تTنفيذِ شُTروطِTها ،أو فTسخِ الTطرفِ اآلخَTر لTها ،أو نTقضِها ،واملسTلمونَ يTلزمُTهُم الTوفTاءُ بالعهدِ؛ لقولِه تعالى :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)ۚ املائدة .2(۱: أمّTTا تTTعري Tفُ املTTعاهTTدةِ بTTاملTTعنى الTTقانTTون Tيِّ :هTTو ك Tلُّ اتTTفاقٍ يُTTعقَدُ ب Tنيِ دُولٍ بTTإرادتِTTها؛ إلخضاعِ عالقةٍ قانونيةٍ مُعيَّنةٍ لِقواعدَ قانونيَّةٍ مُحدَّدةٍ.3 وال يTTختلفُ هTTذا الTTتعري Tفُ عTTن تTTعري Tفِ املTTعاهTTدةِ عTTند فُTTقهاءِ املسTTلمنيَ مTTادام أنّ )االتTTفاقَ هTTو أسTTاسُ املTTعاهTTدةِ( غTTيرَ أنّ االتTTفاقَ عTTند الTTدولTTينيِ مTTحصورٌ بTTني الTTدولِ 1ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ﺷﺮح اﻟﺴﯿﺮ اﻟﻜﺒﯿﺮﻟﻠﺴﺮﺧﺴﻲ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ٤٦٠ 2اﻟﻤﺎﺋﺪة اﻵﯾﺔ ١ 3وھﺒﺔ اﻟﺰﺣﯿﻠﻲ آﺛﺎر اﻟﺤﺮب ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ٣٣٦ الصفحة ١٨٩ : ١٢٣ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات بحسTبِ تTطوُّرِ تTنظيمِ اجملTتمعِ احلTديTثِ؛ أمّTا لTدى فTقهاءِ الشTريTعةِ فTإنّ املTعاهTدةَ أوسTعُ مدلوالً؛ إذ قد تكونُ مع قبيلةٍ أو بعضِ األقوامِ. الصفحة ١٨٩ : ١٢٤ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﻤَﺒﺤﺚُ اﻟﺨﺎﻣ ُ ﺲ ﻣَﺸﺮوﻋﻴﱠﺔُ اﻟﻤُﻌﺎﻫَﺪاتِ ﻓﻲ اﻹﺳﻼ ِ م لTقد كTانTتِ املTعاهTداتُ ومTا زالTتِ األداةَ الTطبيعيةَ لTلعالقTاتِ السTياسTيةِ اخلTارجTيةِ مTنذُ ظهورِ الدولةِ اإلسالميةِ في املدينةِ املنوَّرةِ. وجعلَ االلتزامَ بها كما قُلنا مِن مُستلزماتِ اإلميانِ الصحيحِ. ونTقضُ املTعاهَTداتِ لTيس مِTن شTأنِ املسTلمِ ،وهTو دلTيلٌ عTلى خTيانTةِ الTدِّيTنِ قTال رسTولُ اهللِ صTلّى اهللُ عTليهِ وسTلَّمَ) :لِTكُلِّ غTادرٍ لTواءٌ يTومَ الTقيامTةِ يُTرفَTعُ لَTهُ بِTقَدْرِ غَTدْرَتِTهِ؛ أال وال غادِرَ أعظمُ مِن غَدْرِ أميرِ عامَّةٍ(.1 مشروعيةُ املعاهَداتِ: فTمِن الTقرآنِ الTكرميِ قTولُTه تTعالTى) :وَإِن جَPنَحُواْ لِلسَّPلْمِ فَPاجْPنَحْ لَPهَا وَتَPوَكَّPلْ عَPلَى اهللِّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ( 2 فTفي اآليTةِ الTكرميTةِ داللTةُ مشTروعTيةٍ عTلى املTصاحلَTةِ واملTوادَعTةِ إذا طTلبَها املشTركTونَ ،ومTالTوا إلTيها ،وإن كTانَ فTي الTصلحِ مTصلحةٌ فTال بTأسَ أن يTبدأَ بTه املسTلمونَ إذا كTانTوا يTحتاجTونَ إليهِ. وفTTي ال Tسُّنّةِ الTTنبوي Tةِ وأحTTداثِ السTTيرةِ وقTTائ Tعُ كTTثيرةٌ تTTدلُّ عTTلى مشTTروع Tيَّةِ املTTعاهTTداتِ مبباشرةِ النبيِّ صلّى اهللُ عليه وسلّمَ واملسلِمنيَ مِن بعدِه، 1اﻟﺒﺨﺎري :أﺑﻲ ﻋﺒﺪ ﷲ ﻣﺤ ّﻤ ُﺪ ﺑﻦُ إﺳﻤﺎﻋﯿ َﻞ اﻟﺒﺨﺎري ﺑﯿﺖ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ اﻟﺮﯾﺎض ١٩٨٥م رواه اﻟﺒﺨﺎري ٣٤ 2اﻷﻧﻔﺎل اﻵﯾﺔ ٦١ الصفحة ١٨٩ : ١٢٥ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات وأنّ املPPقصودَ مِPPن مشPPروعPPيةِ املُPPعاهَPPداتِ هPPو الPPدعPPوةُ إلPPى اإلسPPالمِ بPPأرقِّ الPPطرقِ وأروَعِها ،وأسهلِها والتزامٍ ببعضِ أحكامِ املسلِمنيَ. وأنّ صTلحَ احلTديTبيةِ كTان سTبباً الخTتالطِ الTكفَّارِ بTاملسTلمنيَ ،وسTماعTهِم الTقرآنَ الTكرميَ، ودُخولِ عددٍ كبيرٍ في اإلسالمِ في زمنِ الهُدنةِ.1 1ﻋﺜﻤﺎن ﺿﻤﯿﺮﯾﺔ اﻟﻤﻌﺎھﺪات ﻓﻲ ﻓﻘﮫ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص٣٥ الصفحة ١٨٩ : ١٢٦ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﻤﺒﺤﺚُ اﻟﺴﺎدسُ أﻧﻮاعُ اﻟﻤﻌﺎﻫﺪاتِ املTTعاهTTداتُ ب Tنيَ املسTTلمِنيَ وغTTيرهِTTم ،هTTي بحس Tبِ طTTبيعةِ الTTعالقTTاتِ ،إمّTTا )دائِTTمةٌ ،أو مؤقَّتةٌ(. * املعاهداتُ الدائمةُ: مِTن املTعاهTداتِ الTدائTمةِ عTقدُ الTذِّمَّTةِ :وهTو الTعقدُ الTذي يTحصلُ بTني السTلطةِ املسTلمةِ وأهTلِ الTكتابِ ،ونTحْوهِTم ،..وهِTيَ مTقابTلُ دَفْTعِ جِTزيTةٍ وهTي ضTريTبةٌ شTخصيَّةٌ لTلتمتُّعِ بTTاحلTTماي Tةِ ،واإلعTTفاءِ مTTن بTTعضِ الTTواجTTباتِ فTTي دارِ اإلسTTالمِ؛ كـ )املTTشارك Tةِ فTTي جTTهادِ األعداء(. * املTعاهTداتُ املTؤقَّTتةُ :إن كTانTت مTع عTددٍ مTحَصورٍ فTهو )األمTانُ( ،وإن كTانTتْ مTع عTددٍ غTيرِ مTحصورٍ إلTى غTايTةٍ مُحTدَّدةٍ فهِTيَ )الهTدنTةُ( ،وهTي "لُTغةً" :املTصاحلَTةِ ،و"شTرعTاً": مُTصاحلَTةُ أهTلِ احلTربِ عTلى تTركِ الTقتالِ مُTدَّةً مُTعيَّنةً ب)عِTوَضٍ ،أو غTيرِه(؛ سTواءٌ فTيهِم )مَن يُقَرُّ على دِينهِ ،ومَن لمْ يُقَرَّ(.1 انعقادُ املعاهداتِ أركTانُ املTعاهTداتِ هTي كTسائTرِ الTعقودِ فTي الTفقهِ اإلسTالمTيِّ وهTي الTصيغةُ الTتي تُTعبِّرُ عTن رِضا الطَّرفَنيِ بها ،وما يترتَّبُ عليها مِن آثارٍ ،والصيغةُ قد تكونُ )دِاللةً ،أو لفظاً(. * اللفظُ :فهو الذي يُعبِّرُ عن الصيغةِ املعبِّرَةُ عن رِضا الطرفنيِ. 1د .وھﺒﺔ اﻟﺰﺣﯿﻠﻲ آﺛﺎر اﻟﺤﺮب ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ٣٤٣ الصفحة ١٨٩ : ١٢٧ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات * الTدِّاللTةُ؛ كـ)الTفِعل ،واإلشTارةِ( الTتي تTكونُ بتحTريTكِ عُTضوٍ مTن أعTضاءِ اإلنTسانِ أو أكثرَ؛ للداللةِ على )الرِّضا ،أو الرفضِ(.1 خامساً :شروطُ املعاهدةِ. أهليةُ إبرامِ املعاهداتِ. األصTلُ الTعامُّ والTقاعTدةُ الTعامَّTةُ ،أن يTتولّTى خTليفةُ املسTلمنيَ إبTرامَ املTعاهTداتِ؛ بTاعTتبارِه مُعبِّراً عن إرادةِ األمَّةِ ومَصلحَتِها؛ ولTكنْ هTناكَ اسTتثناءاتٌ فTي الTفقهِ اإلسTالمTيِّ فTي أهTليةِ عTقدِ األمTانِ؛ ألنّ الTنبيَّ محTمّداً عTليه الTصالةُ والسTالمُ قTال):يTسعَى بِTذِمَّTتِهِمْ أدنTاهُTم( ،وقTال صTلى اهللُ عTليه وسTلَّمَ: )قَTدْ أجَTرْنTا مَTن أجَTرْتِ يTا أمَّ هTانِTئٍ(؛ إالّ أنّ جTمهورَ الTفقهاءِ األجTالّءِ ذهTبُوا إلTى أنّTه: )ال تTصحُّ املTعاهTدةُ إالّ أن يTتولَّTاهTا احلTاكِTمُ بTنفسِه ،أو نTائTبِه فTي جTهادِه لTلكفارِ مTطلقاً( وأفT Tضِّلُ ه TTذا ال TTرأيَ وإل TTيه أم TTيلُ"أرجِّT Tحُ" وخ TTصوصT Tاً ف TTي ه TTذه األي TTامِ وه TTو األق TTربُ للصوابِ؛ لئلَّا تعُمَّ الفوضى ويحلَّ اخلرابُ بني املسلمنيَ. أمّPا الPرِّضPا :إذا كTان شTرطُ الTرضTا فTي الTعقودِ مبِTا فTيه املTعاهTداتُ؛ فTإنّ فُTقدانَ الTرضTا سTببٌ واحTدٌ مِTن عُTيوبِTه؛ كـ)اإلكTراه ،والTغلطِ( ال يُTبطِلُ األهTليةِ لTلتعاقTدِ؛ ولTكنَّهُ يُTؤثِّTرُ فTي الTعقدِ ،ويTجعلُه عTند احلTنفيةِ عTقداً فTاسTداً؛ فTالTرضTا عTند )احلTنفيّةِ( لTيس )رُكTناً، وال شَرطاً( النعقادِ املعاهدةِ؛ وإمنّا هو شرطٌ لِصحَّتِها. 1ﻋﺜﻤﺎن ﺿﻤﯿﺮﯾﺔ اﻟﻤﻌﺎھﺪات ﻓﻲ ﻓﻘﮫ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ٣٤ الصفحة ١٨٩ : ١٢٨ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات أمTا عTند )اجلTمهورِ( فTقد ذهTبُوا إلTى فTقدانِ الTرِّضTا ،ويTجعلُ الTعقدَ )بTاطِTالً ،أو فTاسTداً( واملTعنى عTندهُTم واحTدٌ؛ أيّ غTيرُ مُTنعقِدٍ ،وال يTترتَّTبُ عTليه أثTرٌ ،وال يَTقبلُ اإلجTازةَ إذا زال اإلكراهُ .1 شروطُ املصلحةِ أو الباعثُ على التعاقُدِ: * يُش TTترَطُ أن ي TTكونَ ال TTباعT Tثُ ف TTي امل TTعاه TTدةِ م TTصلحةَ املس TTلمنيَ كـ )أن ي TTكونَ ف TTي املس TTلمنيَ ضَT Tعْفٌ ،وخ TTافَ املسT Tلِمونَ ع TTلى أن TTفسِهُمُ اله TTالكَ؛ إذ ال قT Tوَّةَ ل TTهم ع TTلى األعداءِ( ،أو )أرادَ اإلمامُ تأليفَ قلوبهِم بذلك حتّى يدخُلوا اإلسالمَ(. * أنْ تخ Pلُو مِPPن شPPرطٍ فPPاس Pدٍ؛ لTTقولِTTه عTTليه الTTصالةُ والسTTالم" :كُ Tلُّ شَTTرطٍ لTTيسَ فTTي كتابِ اهللِ فهُوَ باطِلٌ". مَشPروعPيةُ محPلِّ املPعاهPدةِ :يُشTترطُ لِTصِحّةِ املTوادَعTةِ ،أو املTعاهTدةِ أن يTكونَ )محTلُّها، أو مTوضTوعُTها( مشTروعTاً؛ فTال تُTصادِمَ )نَTصّاً أو حُTكْماً شTرعTيَّاً ثTابTتاً( ،وأالّ يTكونَ فTيها تفسيرٌ لألوضاعِ الشرعيةِ؛ ألنّ في هذا التعبيرِ خُروجاً على الشريعةِ وأحكامِها.2 شرطُ املُدَّةِ: مِTن شTروطِ املTعاهTدةِ أن تTكونَ مTؤقَّTتةً مبTدَّةٍ مُTعيَّنةٍ؛ سTواءٌ أكTانTتْ )طTويTلةً ،أم قTصيرةً(؛ وذلك لبيانِ سريانِ املعاهدةِ وااللتزامِ بها ،وال يُتيحُ ذلكَ إالّ ببيانِ تلك املدَّةِ. املعاهدةُ املؤبَّدةُ: 1د :وھﺒﺔ اﻟﺰﺣﯿﻠﻲ اﻟﻔﻘﮫ اﻹﺳﻼﻣﻲ وأدﻟﺘﮫ دار اﻟﻔﻜﺮ دﻣﺸﻖ ط ٤ﻣﻌﺪﻟﺔ ١٩٩٧م ٣٠٦٤ /٤ 2ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ﺷﺮح اﻟﺴﯿﺮ اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ٥١٦٩٠ الصفحة ١٨٩ : ١٢٩ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات فTقد أجTمعَ الTعلماءُ عTلى :أنّ مTوادَعTةَ أهTلِ الشTركِ مTن عَTبَدَةِ األوثTانِ ومُTصاحلَTةِ أهTلِ الكتابِ غيرُ جائزةٍ ،غيرُ جائزةٍ لألبدِ باطلةٌ إذا كان للمسلمنيَ قوَّةٌ على حربهِم(.1 واألصTلُ فTي الTتوقTيتِ :أنّ الTنبيَّ صTالTحَ أهTلَ مTكَّةَ عTامَ احلTديTبيةِ عTلى أنْ وَضَTعَ احلTربَ بينهُم عشْرَ سِنني.2 واملTدَّةُ عشTرُ سTنواتٍ ليسTتْ لTها عTالقTةٌ بTاملTعاهَTدةِ؛ بTل ذلTك مُTفوَّضٌ لTرأي اإلمTامِ ومTا يTراهُ مTن مTصلحةٍ؛ فTقد تTكونُ املTصلحةُ فTي جتTاوُزِ املTدَّةِ ،ورمبّTا تTكونُ املTصلحةُ فTي أقTلَّ مِTن هذه املدَّةِ. كتابةُ املعاهَدةِ حتريرُها: وهTTي مِTTن أه Tمِّ مTTراح Tلِ تTTكوي Tنِ املTTعاهTTداتِ فTTإنَّ الTTكتاب Tةَ هTTي مبTTثاب Tةِ شTTهادةِ مTTيالدِ املعاهدةِ. والTكتابTةُ وإنْ لTم تTكُنْ شTرطTاً فTي صTحةِ الTعقودِ فTي الشTريTعةِ وال واجTباً فTيها؛ إالّ أنّ فTيها تTوثTيقاً ،وتTذكTيراً ،وقTطعاً لTلنزاعِ فTيما متَّ االتTفاقُ عTليهِ وإلTيه ذهTبَ اإلمTامُ محTمَّدُ بTنُ احلTسنِ الشTيبانTيِّ قTال) :إذا تTوادعَ املسTلِمونَ واملشTرِكTونَ سِTننيَ مTعلومTةً فTإنّTه يTنبغي أن يTكتبُوا بTذلTك كTتابTاً؛ ألنّ هTذا عTقدٌ ميTتدُّ ،والTكتابُ فTي مTثلِه مTأمTورٌ بTه شTرعTاً 3قTال اهللُ تعالى) :إذا تدايَنْتُمْ بِدَينٍ إلى أجَلٍ مُسَمَّىً فاكْتُبُوهُ(.4 والTرَّسTولُ محTمّدٌ عTليه الTصالةُ والسTالمُ أمTرَ بTكتابTةٍ فTي املTعامTلةِ بTينَه وبTنيَ املشTركTنيَ، والناسُ تعامَلُوا على ذلكَ حتّى يومِنا هذا. 1اﻟﻤﻌﺎھﺪات ﻋﻨﺪ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ﻋﺜﻤﺎن ﺿﻤﯿﺮﯾﺔ ص٦٧٤ 2ﻣﺤﻤﺪ ﺣﻤﯿﺪ ﷲ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﻟﻠﻌﮭﺪ اﻟﻨﺒﻮي دار اﻟﻨﻔﺎﺋﺲ ١٩٨٥ﻣﺺ٣٨ 3ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ﺷﺮح اﻟﺴﯿﺮ اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻟﻠﺴﺮ ﺧﺴﻲ ١٧٨٠\ ٥ 4ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة اﻵﯾﺔ ٢٨٢ الصفحة ١٨٩ : ١٣٠ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات التصديقُ: ميُTثِّلُ الTتصديTقُ عTلى املTعاهTدةِ املTرحTلةَ الTنهائTيةَ لTالرتTباطِ بTها عTلى الTصعيدِ الTدولTيِّ ،وفTي الTقانTونِ الTدولTيِّ احلTديTثِ :إجTراءٌ بTقَصدِ احلTصولِ عTلى إقTرارِ السTلطاتِ اخملTتَصَّةِ داخTلَ الدولةِ للمعاهدةِ التي متَّ التوقيعُ عليها. وقTال اإلمTامُ محTمَّدٌ الشTيبانTيُّ رحTمهُ اهللُ:إلTى إنَّ األصTلَ أنّ اإلمTامَ إذا عTاهTدَ بTنفْسِه أو نTائTبِه؛ فTإنّTها ال حتTتاجُ إلTى الTتصديTقِ؛ ألنّ الTتأمTيرَ يTقتضي أن يTكونَ فِTعْلُ األمTيرِ كTفعلِ املأمورِ نفْسِه .1 و أرى وجTوبَ الTتصديTقِ مِTن أجTلِ احلTفاظِ عTلى احلTقوقِ ،وتTبيُّنِ الTواجTباتِ والTعملِ مTن أجلِ تطبيقِ هذه املعاهدة. التحفُّظُ على املعاهداتِ: ال جنِدُ في كتبِ الفقهِ اإلسالميِّ عنواناً باسم "التحفُّظِ على املعاهداتِ"؛ وإنَّTما يَTعقدُ الTفقهاءُ األجTلَّاءُ )فTصالً ،أو مَTبحثاً( للشTروطِ فTي الTعقدِ والTتي يُTسمُّونَTها "الشروطَ اجلَعْلِيَّةَ". ويُTTقسَمُ الشTTرطُ الTTذي يَTTقترِنُ بTTالTTعقدِ عTTند احلTTنفيةِ إلTTى شTTرطٍ )صTTحيحٍ ،وفTTاس Tدٍ، وباطلٍ(. الشTرطُ الTصحيحُ:مTا كTان مِTن )مTقتضى الTعقدِ ،أو مTؤكِّTداً ملُِTقتضاهُ ،أو مُTقرِّراً لTه،أو يُثبِتُ صِحَّتَه شرعاً ،أو جَرى العُرْفُ به( ،والشرطُ الصحيحُ الزمُ الوفاءِ به. 1ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ﺷﺮح اﻟﺴﯿﺮ اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻟﻠﺴﺮ ﺧﺴﻲ ٢١٨٠ ٥ الصفحة ١٨٩ : ١٣١ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات الشTTرطُ الTTباط Tلُ) :مTTا لTTيس مُTTوافِTTقاً ملُِTTقتضى الTTعقدِ ،وال مُTTؤكِّTTداً لTTه ،أو خTTال Tفَ ن Tصَّاً شرعيّاً(. الشTTرطُ الTTفاس Tدُ*) :مTTا لTTم ي Tكُن مِTTن مTTقتضَى الTTعقدِ* ،وال م TؤُكِّTTداً ملُِTTقتضاهُ* ،وال جَTرى الTعُرفُ بTه* ،وال وَرَدَ بTه الTنصُّ و*كTان فTيه مTنفعةٌ ألحTدِ املTتعاقِTديTنِ ال يُTقابِTلُها شTTيءٌ فTTي الTTعقدِ لTTلطرفِ اآلخَTTر( ،وهTTذا الTTنوعُ مTTن الشTTروطِ يTTكونُ الTTعقدُ صTTحيحاً ويُعتبرُ الشرطُ باطالً.1 انتهاءُ املعاهدةِ: تنتهTي املTعاهTدةُ املTؤقَّTتةُ بTوقTتٍ مTعلومٍ بTانTتهاءِ الTوقTتِ مTن غTيرِ حTاجTةٍ إلTى نَTبْذٍ ،أو إعTالمٍ للطرفِ اآلخَر. )وإنْ نTصَّتِ املTدَّةُ فTقد انتهَTتِ املTوادَعTةُ ،وحTالَ قTتالTهِم بTغيرِ نTبْذِ األمTانِ؛ إالّ أنّ مَTن كTانَ مِTنهُم فTي دارِنTا بTتلكَ املTوادَعTةِ فTهو آمِTنٌ ،وإنْ مَTضَتِ املTدَّةُ حTتّى يTعودَ إلTى مTأمTنِه؛ ألنّTه حصلَ في دارِنا أمناً فما يبلغُ مأمنُه ال يرتفعُ ذلك األمانُ (2 انقضاءُ املعاهدةُ باتفاقِ الطرفنيِ على إنهاءِها: انقضاءُ املعاهدةِ بنقضِها من الطرفِ اآلخَر: تنتهي املعاهدةُ إذا انتقضَتْ من طرفِ األعداءِ صراحةً أو داللةً بأحدِ األمرَينِ: أولهما :بالقيامِ بأعمالِ تُعتبَرُ نقضاً. الثاني :مُخالفتُهم شروطَ املعاهدةِ ،واإلخاللُ بها. إنَّ املعاهِدينَ إذا نقضُوا العهدَ يجوزُ للمسلمنيَ أن يُقاتلُوهُم دونَ )نبْذٍ ،أو إعالمٍ(. 1ﻋﺜﻤﺎن ﺿﻤﯿﺮﯾﺔ اﻟﻤﻌﺎھﺪات ﻓﻲ ﻓﻘﮫ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ص ١١٠ 2ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ﺷﺮح ١٧١٠\٥اﻟﺴﯿﺮ اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻟﻠﺴﺮﺧﺴﻲ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ الصفحة ١٨٩ : ١٣٢ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ويTTقولُ اإلمTTامُ مح Tمَّدُ الشTTيبان Tيُّ رحTTمهُ اهللُ :إذا كTTان الTTنقضُ مTTن قTTبلهُم إمّTTا ب Tجُندٍ أرسTTلوهُTTم لTTقتالِ املسTTلمنيَ ،أو بTTرسTTولٍ أرس Tلُوه إلTTى اإلمTTامِ يTTنبذونَ إلTTيه فTTال بTTأسَ للمسTلمنيَ هTنا أن يُTغيُروا عTلى أطTرافِ بTالدهِTم وإنْ عَTلِمُوا أنّ اخلTبرَ لTم يTصلْ إلTيهِم؛ ألنّ النقضَ جاءَ مِن قِبَلِهِمْ .1 ودلTيلُ ذلTكَ :أنّ أهTلَ مTكَّةَ ملَّTا بَTدؤوا قTتالَ الTنبيِّ فTي صTلحِ احلTديTبيةِ قTبلَ مُTضيِّ املTدَّةِ؛ حTيث عTاونTتْ قTريTشٌ بTني بَTكرٍ عTلى "خُTزاعTةَ" الTذيTن هُTمْ حُTلفاءُ الTنبيِّ صTلّى اهللُ عTليهِ وسTTلمَّ .قTTات Tلَهُم الTTنبيُّ ولTTم يَ Tنْبِذْ إلTTيهِمْ؛ ب Tلْ سTTألَ اهللَ تTTعالTTى أنْ يُTTعمِي عTTليهِم ح Tتّى يَبْلُغُهُم. اإلخTTاللُ بشTTروطِ املTTعاهَTTدةِ :يُTTعتبَرُ عTTدمُ الTTوفTTاءِ بTTالشTTروطِ الTTتي اتَّTTفقَ عTTليها الTTطرفTTانِ خُروجاً على املعاهدةِ ونقضاً لها يُبيحُ للمُسلِمنيَ قِتالَهُم دونَ نبذٍ إليهِم. قTال اإلمTامُ مُحTمَّدُ بTنُ احلTسَنِ الشTيبانTيِّ رحTمه اهلل تTعالTى) :إذا أمِTنَ املسTلمونَ رَجُTالً عTلى أنْ يَTدُلَّTهُم عTلى كTذا وال يَTخُونَTهُم؛ فTإنْ خTانَTهُمْ فَTهُمْ فTي حِTلَّةٍ مِTن قَTتْلِه ،فَخَTرَجَ عTليهِم مِTن مTديTنتِه أو حُTصْنِه ،عTلى ذلTك حTتِّى صTارَ فTي أيTديTهِم ،ثُTمَّ خTانَTهُم ،أو لTمْ يَTدُلَّTهُمْ فTاسTتبانَTتْ لTهم خِTيانَTتُه فَTقَدْ بَTرِئTتْ مِTنْه الTذِّمَّTةُ ،وصTارَ الTرأيُ فTيه إلTى اإلمTامِ إنْ شاءَ قَتَلِهِ ،وإنْ شاءَ جَعَلَهُ فَيئاً؛ ألنَّ الشرطَ جَرى بينهُم(.2 1ﺷﺮح اﻟﺴﯿﺮ اﻟﻜﺒﯿﺮ ١٦٩٨\٥ 2ﺷﺮح اﻟﺴﯿﺮ اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻟﻠﺴﺮ ﺧﺴﻲ ٢٧٨\١ الصفحة ١٨٩ : ١٣٣ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات وقTال اإلمTامُ الTشافTعيُّ رحTمَه اهللُ تTعالTى إذا جTاءتْ دِاللTةً عTلى أنَّ أهTلَ الهُTدنَTةِ لTم يُTوفُTوا بجTميعِ مTا هTادَنَTهُم عTليه فَTلَهُ أن يَTنبذَ إلTيهِم ،ثُTمَّ يُTحارِبTهُمْ كَTمَنْ ال هُTدنَTةَ لTه؛ إالّ أنّTه ال يَفعَلُ ذلكَ إالّ بعدَ أن يُبلغَهُم مأمنَهُم(.1 أمّTTا فTTي الTTقانTTونِ احلTTدي Tثِ فَ Tيُعتَبرُ اإلخTTاللُ فTTي أحTTكامِ املTTعاهَTTداتِ سTTبباً كTTافTTياً يُTTسوِّغُ إنTهاءَهTا ،أو وقْTفَها مِTن جTانTبِ الTطرفِ اآلخَTر ،ويُسTتثنَى مِTن ذلTكَ مTا يTتعلَّقُ بحTمايTةِ حقوقِ اإلنسانِ املقرَّرةِ مبقتضى املعاهَداتِ .2 انقضاءُ املعاهَدةِ بإرادةِ مُنفَرِدةٍ )النبذُ مِن املُسلِمنيَ(: إنَّ عَTقْدَ املTوادَعTةِ عTند احلTنفيةِ؛ ومTنهُم اإلمTامُ )محTمَّدٌ الشTيبانTيُّ( عَTقْدٌ جTائTزٌ غTيرُ الزمٍ، فTيجوزُ إنTهاؤهُ قTبلَ مُTضي وقْTتِه،عTند تTوفُّTرِ سTببٍ يTدعُTو إلTى ذلTك .واألصTلُ فTي هTذا قTولُTه ت TT T T T T Tعال TT T T T T Tى):بT T T T T T Tرَاءَةٌ مِّT T T T T T Tنَ الT T T T T T Tلَّهِ وَرَسُ TT T T T T TولِT T T T T T Tهِ إِلَ TT T T T T Tى الَّT T T T T T TذِيT T T T T T Tنَ عَTTاهَTTدتُّTTم مِّ Tنَ املُْشْ Tرِكِ Tنيَ ) (۱فَسِTTيحُوا فِTTي األَْرْضِ أَرْبَ Tعَةَ أَشْهُ Tرٍ وَاعْ Tلَمُوا أَنَّ Tكُمْ غَ Tيْرُ مُعْجِ Tزِي ال Tلَّهِ ۙ وَأَنَّ ال Tلَّهَ مُخْ Tزِي الْ Tكَافِ Tرِي Tنَ( .3وقTTولُTTه تTTعالTTى) :وإمَّTTا تTTخافَ Tنَّ مِ Tنْ قَTTومٍ خِيانَةً فانْبِذْ إليهِمْ على سواءٍ إنّ اهللَ ال يُحبُّ اخلائِننيَ (.4 وال يTجوزُ أنْ تُTعقَدَ املTعاهَTدةُ مTع وجTودِ شTرطٍ يTتعذَّرُ الTوفTاءُ بTه شTرعTاً خملُِTالTفتِه حلُTكْمٍ مِTن إحTكامِ املشTرِّعِ احلTكيمِ؛ فTإنْ وقTعَتْ مTعاهTدةٌ وَجَTبَ إنTهاؤُهTا مِTن قِTبَلِ املسTلِمنيَ ،والTنبذُ 1ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إدرﯾﺲ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ اﻷم دار اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ دﻣﺸﻖ ط ١٩٩٠٢م ص ١٠٧\٤ 2د .ﺟﻌﻔﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ دار اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺎھﺮة ١٩٧٠ص ٤٣٧ 3ﺳﻮرة اﻟﺘﻮﺑﺔ اﻵﯾﺔ ١٢ 4اﻷﻧﻔﺎل اﻵﯾﺔ ٤٠ الصفحة ١٨٩ : ١٣٤ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات إلTى الTكفار قTال رسTولُ اهللِ صTلّى اهللُ عTليه وسTلّم):كُTلُّ شَTرْطٍ لTيسَ فTي كTتابِ اهللِ فTهُوَ باطِلٌ(.1 إنهاءُ املعاهَدةِ عند تغيُّرِ الظروفِ ملصلحةِ املسلمنيَ: قTال اإلمTامُ محTمَّدٌ الشTيبانTيُّ رحTمَهُ اهللُ تTعالTى) :إنْ لTمْ تTكُنِ املTوادَعَTةُ خTيراً للمُسTلِمنيَ فTال يTنبغي أنْ يُTوادِعَTهُمْ؛ لِTقولِTه تTعالTى) :فTال تَTهِنُوا وتَTدْعُTوا إلTى السَّTلْمِ وأنْTتُمُ األعْTلَونَ إنْ كُنْتُم مُؤمِننيَ(. فTإنْ رأى املTوادَعTةَ خTيراً فTواضَTعَهُمْ ،ثُTمَّ نَTظَرَ فَTوَجَTدَ مُTوادَعَTتَهُمْ شTرَّاً للمسTلِمنيَ نَTبَذَ إلTيهِم املTوادَعTةِ؛ فTإذا ظَهَTرَ ذلTك فTي االنTتهاءِ مTنعَ ذلTكَ مِTن اسTتدامTةِ املTوادَعTةِ؛ وهTذا ألنّ نَTقْضَ املTوادَعTةِ بTالTنَّبْذِ جTائِTزٌ؛ ولTكِنْ يTنبغي أن يTنْبِذَ إلTيهِمْ عTلى سTواءٍ قTبلَ الTقتالِ فTال يَحِTلُّ قِTتالُTهُم قTبلَ ذلTك حتَTرُّزاً عTن الTغَدْرِ والTذي هُTو مُحTرَّمٌ بTعُمومِ اآليTاتِ الTقرآنTيةِ واألحTاديTثِ النبويةِ الصحيحة.2 نُبْذَةٌ تاريخيّةٌ عن القُدْسِ: يَTرجTعُ تTاريTخُ مTديTنةِ "الTقُدْسِ" إلTى أكTثرَ مTن خTمسةِ آالفِ سَTنةٍ ،وهTي بTذلTك تُTعَدُّ مِTن أقTدمِ مُTدُنِ الTعالَTم ،وتTدلُّ األسTماءُ الTكثيرةُ الTتي أُطTلِقَتْ عTليها عTلى عُTمْقِ هTذا الTتاريTخِ الTTتليدِ ،وهTTذه األسTTماءُ إمنّTTا اش Tتُقَّتْ وأُخِ Tذَتْ مِTTن أُصTTولٍ دِيTTنيَّةٍ ،3وبTTاإلجTTمالِ تTTعني مTديTنةَ "السَّTالمِ" ،أو مTديTنةَ "اإللTه سTالِTم" ،وكTلمةُ "قُTدْسٍ" فTي الTلغةِ تTعني "الطُهْTرَ 2أﺻﻮل اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﻓﻲ ﻓﻘﮫ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ﻋﺜﻤﺎن ﺿﻤﯿﺮﯾﺔ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص٧٨٩ 3اﻧﻈﺮ :د.ﻋﺒﺪ اﻟﻔﺘﺎح ﺣﺴﻦ أﺑﻮ ﻋﻠﯿﺔ اﻟﻘﺪس دراﺳﺔ ﺗﺎرﯾﺨﯿﺔ ﺣﻮل اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻷﻗﺼﻰ واﻟﻘﺪس اﻟﺸﺮﯾﻒ ،ص ١٧ الصفحة ١٨٩ : ١٣٥ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات والTTبرَكَ Tةَ"1ومِTTن أشه Tرِ األسTTماءِ الTTتي أُط Tلِقَتْ عTTلى مTTديTTنةِ ال Tقُدْسِ) :يTTبوس ،وأور سالم ،ويرو شاالمي ،وإيلياء ،وبيت املقدس( ،وغيرها. وللحTديTثِ عTن الTقُدْسِ فTي عُTهودِهTا الTغابTرةِ ال بُTدَّ مِTن احلTديTثِ عTن الTقدسِ الTيبوسTيَّةِ؛ حيث يُعَدُّ العربُ )اليبُوسيونَ( الذينَ يُعتَبرُونَ أحدَ فروعِ الكنعانِينيَ.2 أوَّلُ مَTن بTنى مTديTنةَ الTقُدْسِ وسTكنَها ،وعَTمِلَ حِTصنًا يحTميها مِTن غTاراتِ الTفراعTنةِ. وتَTذْكُTرُ كُTتُبُ الTتاريTخِ أنّ "الTيبُوسTينيَ" كTانTوا يُTؤمِTنونَ بTتوحTيدِ "الTرَّبِّ سTالِTم" ،وقTد قTامَ مَلِكُهُم )ملكي صادق( "بتقدميِ الذبائحِ للرَّبِّ عندَ الصخرةِ املشرَّفةِ. وفTTي سTTياقِ رحTTلةِ مTTديTTنةِ ال Tقُدْسِ مTTع الTTغاصِTTبنيَ واحملTTتلِّنيَ عTTبرَ الTTصراعTTاتِ عTTلى مTTدارِ الTتاريTخِ خَTضَعَتِ املTديTنةُ لTلنفوذِ املTصريِّ الTفرعTونTيِّ ،ثTمَّ بTني إسTرائTيلَ ،ثTمّ الTبابTلينيَ ،ثTمّ ال Tفُرسِ ،ث Tمّ الTTيونTTانِ ،ث Tمَّ احلTTكمِ الTTرومTTان Tيِّ ،ث Tمَّ ال Tفُرسِ م Tرَّةً أُخTTرى أثTTناءَ انTTقسامِ اإلمTبراطTوريTةِ الTرومTانTيةِ وهTذا مTا أشTارَ إلTيه الTقرآنُ الTكرميُ فTي بTدايTةِ سُTورةِ الTرومِ ،ثُTمَّ غTTلبَتِ ال Tرُّومُ ال Tفُرسَ بTTعدَ بِ Tضْعِ سِTTننيَ .وقTTد جTTاءَ الTTفتحُ اإلسTTالم Tيُّ الTTعظيمُ؛ لِ Tتَعودَ لTلقُدسِ عِTزَّتُTها وعُTروبَTتُها وهTي فTي أيTدي الTرومTانِ فTي الTعامِ ٦۳٦املTيالديِّ تTقريTباً عTلى إثرِ العُهدةِ العُمريةِ مع أهلِ إيلياءَ. وقTد حTظِيتْ مTديTنةُ الTقدسِ فTي ظTلِّ احلُTكْمِ اإلسTالمTيِّ عTلى اهTتمامِ حُTكَّامِ املسTلمنيَ ابTتداءً مِTن عTصرِ اخلTلفاءِ الTراشTديTنَ ،ثُTمَّ بTلغَ االهTتمامُ أوجَTهُ بTبناءِ املسجTدِ األقTصى وقُTبَّةِ الصَّخْTرَةِ فTي أبهTى عTمارةٍ إسTالمTيةٍ فTي الTعصرِ األمTويِّ ،3ثُTمَّ تTابTعَ الTعبَّاسTيونَ االهTتمامَ 1ارﺟﻊ :ﻣﺨﺘﺎر اﻟﺼﺤﺎح ،اﻟﺮازي ،دار أﺳﺎﻣﺔ دﻣﺸﻖ ١٩٨٩م ص٥٢٤ 2ﻋﺎرف اﻟﻌﺎرف ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻘﺪس ،دار اﻟﻤﻌﺎرف اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ اﻟﻘﺎھﺮة ﻋﺎم ١٩٩٤م ص ٩ 3ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻘﺪس ،ﻋﺎرف اﻟﻌﺎرف ،ص ٥٠ الصفحة ١٨٩ : ١٣٦ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات بTاملTديTنةِ املTقدسَّTةِ ،ثُTمَّ ابTتلِيتِ املTديTنةُ بTالTفرجنTةِ الTصليبيةِ احلTاقTدةِ حTتّى جTاءَ الTقائTدُ صTالحُ الTديTنِ )يُTوسُTفُ بTنُ أيُّTوب بTنِ شTاذي( رحTمه اهلل تTعالTى فTأعTادَ لTها إسTالمTيَّتَها، ثُTمَّ جTاءَ عTصرُ املTمالTيكِ؛ حTيثُ تTعرَّضَTتِ املTديTنةُ لTلغزوِ املTغولTيِّ فTأعTزَّ اهللُ اإلسTالمَ عTلى يَTدَي سTيفِ الTدِّيTنِ )قُTطْز( والTظاهِTر )بTيْبَرس( فTعادَ لTلقدسِ مجTدُهTا،وبTقيتْ فTي ظTلِّ اخلTالفTةِ الTعُثمانTيةِ حTتى جTاءَ االسTتعمارُ احلTديTثُ اخلTبيثُ فسTلَّمَها اإلجنTليزُ ألخTبثِ أهTلِ األرضِ يهودِ الصهاينةِ. مكانةُ مدينةِ القُدسِ وفضْلُ زيارةِ املسجدِ األقصى: ممّTا الشTكَّ فTيه أنّ مTديTنةَ الTقُدسِ تTأتTي فTي قTائTمةِ املTدنِ الTعاملَTيةِ والTدولTيةِ ذاتِ الTتاريTخِ الTعريTقِ مِTن جTهةٍ ،وذاتِ املTركTزِ الTديTنيِّ الTكبيرِ مِTن جTهةٍ أُخْTرى ،وأنّ أوْجَ عَTظمةِ تTلك املTديTنةِ قTد حتTقَّقَ فTي العهTدِ اإلسTالمTيِّ ،ووَضTعَتْ رحTلةُ اإلسTراءِ واملTعراجِ مTديTنةَ الTقدسِ فTي وجTدانِ األمّTةِ اإلسTالمTيةِ قTبلَ الTفتحِ الTعُمَريِّ لTها ،وأظهTرتْ مTا لهTذهِ املTديTنةِ مِTن فTضْلٍ حTتّى كTأنّ بTوَّابTةَ الTسماءَ ال تُTفتحُ لTلعُروجِ إالّ مِTن قِTبَلِ هTذه املTديTنةِ املTقَّدسTةِ .وقTد وَجَّTهَ سTيِّدُنTا وقTائTدُنTا مُحTمَّدٌ صTلّى اهللُ عTليهِ وسTلّمَ األنTظارَ إلTى فTتحِ بTيتِ املTقدسِ فTي بTيانِTه بTأنّTه سTتُفْتَحُ الTشُّامُ وبTيتُ املTقدسِ ،وسTوفَ يTزولُ مُTلْكُ الTفُرسِ والTرومِ ،وقTد جTاءَ ذلTك فTي الTعديTدِ مTن األحTاديTثِ الTصحيحة؛ فTقَد قTالَ اهللُ تTعالTى):سُTبْحَانَ الَّTذِي أَسْTرَى بِTعَبْدِهِ لَTيْالً مِTنَ املَْسْجِTدِ احلَْTرَامِ إِلَTى املَْسْجِTدِ األَْقْTصَى الَّTذِي بَTارَكْTنَا حَTوْلَTهُ لِTنُرِيَTهُ مِTنْ آَيَTاتِTنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(.1 1اﻹﺳﺮاء:اﻵﯾﺔ ٥ الصفحة ١٨٩ : ١٣٧ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات وقTTد أثTTبتَتِ ال Tسُّنَّةُ الTTنبوي Tةُ فTTضلَ ش Tدِّ ال TرِّحTTالِ إلTTيه والTTصالةِ فTTيه؛ ف Tقَد روى اإلمTTامُ الTبخاريُّ فTي صTحيحِه عTن أبTي سTعيدٍ اخلTدريِّ رضTيَ اهللُ عTنه أنّ الTنبيَّ صTلّى اهللُ عTليهِ وس Tلَّمَ قTTال" :ال تُشَ Tدُّ ال TرِّحTTالُ إالّ إلTTى ثTTالث Tةِ مTTساجِ Tدَ :مسج Tدِ احلTTرامِ ،ومسج Tدِ األقTTصى،ومسجِTTدي" .1وروى اإلمTTامُ أحTTمدُ فTTي مُTTسنَدِه عTTن أمِّ املTTؤمTTننيَ عTTائTTشةَ الTصِّدِّيTقةِ بTنتِ الTصِّدِّيTقِ رضTيَ اهللُ عTنهما قTالTت :قTالَ رسTولُ اهللِ صTلّى اهللُ عTليهِ وسTلّم" :ص TTالةٌ ف TTي مَسجِ TTدي خَ TTيرٌ مِ TTن ألT Tفِ ص TTالةٍ ف TTيما سِ TTواهُ مِ TTن امل TTساجT Tدِ إالّ املسجT Tدَ األقصى.2 العُهدَةُ العُمَريَّةُ: لTم يTكُنْ مTوقTفُ الTرومTانِ حِTياديّTاً إزاءَ األحTداثِ الTتي متTرُّ بTها جTزيTرةُ الTعربِ حTني ظTهورِ اإلسTTالمِ احلTTنيفِ؛ ف Tقَد حشَ Tدُوا لTTغزوِ املTTديTTنةِ املTTنوَّرةِ ،فTTكان الTTردعُ بTTجيشِ العُسْ Tرَةِ )غTزوةِ تTبوك( ،وحTاولَ عُTمالؤهُTم اسTتمالTةَ كTعبِ بTنِ مTالTكٍ اخلَTزْرَجِTيِّ 3الTذي تخTلَّفَ عTن جTيشِ تTبوك ،ولTعُمقِ إميTانTهِ أحTرقَ الTرسTالTةَ الTتي وَصَTلَتْه فTي تTنوُّرٍ مَTسجُورٍ مُشTتَعِلٍ مُتَّقِدٍ .4 وحTTينما انTTطلقَتْ الTTفتوحُ بTTاجتTTاهِ بTTالدِ الTTشامِ فTTاحت Tةً مح Tرِّرةً ،ارتTTبطتْ هTTذه احلTTروبُ بـ)رُوحٍ إنسانيةٍ ،وعُمْقٍ حضاريٍّ ،وبُعدٍ تسامُحيٍّ كبيرٍ(. 1أﺧﺮﺟﮫ اﻟﺒﺨﺎري ﻓﻲ ﺻﺤﯿﺤﮫ ،ﻛﺘﺎب ﻓﻀﻞ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ ﻣﻜﺔ واﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ،ﺑﺎب ﻣﺴﺠﺪ ﺑﯿﺖ اﻟﻤﻘﺪس، ج ٢ص٥٨ 2أﺧﺮﺟﮫ اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ ﻓﻲ ﻣﺴﻨﺪه ،ج / ٢ص ،٢٧٨ ﻣﻌﺎرك ﻗﻮ ِﻣﮫ ،وأﺳﻠ َﻢ ﻗﺒ َﻞ اﻟﮭﺠﺮ ِة )3ﺣﯿﺎﺗﮫ ٥٩٦م– ٦٧٣م( ﺻﺤﺎﺑ ٌﻲ ﺷﺎﻋ ٌﺮ ،ﻣﻦ أھﻞ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ .اﺷﺘﺮك ﻓﻲ ِ ﺷ ِﮭ َﺪ اﻟ َﻌﻘﺒﺔَ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ،وﺗﺨﻠﱠﻒ ﻋﻦ ﻏﺰوﺗَﻲ ﺑﺪ ٍر ﻀ َﺮ ﻏﯿﺮھﻤﺎ .ﻧﺎﺻ َﺮ اﻟﺨﻠﯿﻔﺔَ ﻋﺜﻤﺎنَ ، اﻟﻨﺒﻮﯾ ِﺔ ،و َ وﺗﺒﻮك ،وﺣ َ ٍ وﻗﻌ َﺪ ﻋﻦ ﻧُ ﺼ ُﺮه ﻓﻲ آﺧ ِﺮ ﺣﯿﺎﺗﮫ .أﺣ ُﺪ ﺛﻼﺛ ِﺔ ﺷُﻌﺮا َء داﻓَﻌﻮا ﻋﻦ ة ﺮ ﺼ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﱠﻰ ﷲُ ﻋﻠﯿﮫ َ ﻋﻠﻲُ .ﻛﻒﱠ ﺑَ َ ِ ﱢ ﱟ وﺳﻠﱠ َﻢ، وھﺠﺎ ﻗُﺮﯾﺸﺎ ً .ورﺛﻰ ﻋﺜﻤﺎنَ .اﻧﻈﺮ أُﺳﺪ اﻟﻐﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻻﺑﻦ اﻷﺛﯿﺮ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ َ 4اﻟﻌﮭﺪة اﻟﻌﻤﺮﯾﺔ ﺷﻮﻗﻲ أﺑﻮ ﺧﻠﯿﻞ دار اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ﻋﺎم ٢٠٠٩دﻣﺸﻖ ص٨ الصفحة ١٨٩ : ١٣٨ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات وبُTعَيدَ مTعركTةِ الTيرمTوكِ ،ركَّTزَ الTفاحتTونَ عTلى بTيتِ املTقدسِ؛ فTكانTتْ بTينهُما رسTائTلُ ومُفاوَضاتٌ؛ ومِن أوّلها كتابُ عَمْرو بنِ العاصِ رضيَ اهللُ عنه. كتابُ عَمْروٍ بنِ العاصِ إلى أهلِ إيليا )بيتِ املقدسِ(: بسمِ اهللِ الرحمنِ الرحيمِ مِن عَمْروٍ بنِ العاصِ إلى بطارقةِ إيليا؛ سَTالمٌ عTلى مَTن اتَّTبَعَ الهُTدى ،وآمَTنَ بTاهللِ الTعظيمِ الTذي ال إلTهَ إالّ هُTوَ ،ومبُِحTمَّدٍ صTلَّى اهللُ عليهِ وسلَّمَ .أمّا بَعدُ: فTإنَّTنا نُTثنِي عTلى ربِّTنا خَTيراً ،ونَحTمَدُه حَTمداً كTثيراً كَTما رَحِTمَنا بِTنَبِيِّه صTلّى اهللُ عTليهِ وسTلَّمَ ،وشَTرَّفَTنا بTرِسTالَTتِه ،وأكْTرَمَTنا بِTدِيTنِه ،وعَTزَّنTا لِTطاعTتِه ،وأكْTرَمَTنا بTتوحTيدِه واإلخTالصِ مبَTعرِفَTتِه ،فَTلَسْنا واحلَTمْدُ هللِ جنَْTعَلُ لTه نِTدَّاً ،وال نتَّخِTذَ مِTن دُونِTه إلTهاً لTقَد قُTلْنا إذاً شَTططاً، سُTبُحانَTهُ ونَحTمَدُهُ جَTلَّ ثَTناؤهُ واحلTمْدُ هللِ الTذي جTعلَكُمْ شِTيَعاً ،وجَTعَلَكُمْ فTي دِيTنِكُمْ أحTTزاب Tاً ب Tكُفْركُ Tمْ فـ )كُ Tلُّ حٍ Tزْبٍ مبِTTا لَ Tدَيْ Tهِمْ فَ TرِحُTTونَ( ف Tمِنْكُمْ مَ Tنْ يَ Tزْعُ Tمُ أنّ هللَ وَلَ Tدَاً ومِTنْكُمْ مَTنْ يَTزْعُTمُ أنّ اهللَ ثTانTيَ اثTنَنيِ ،ومِTنْكُمْ مَTنْ يَTزُعُTمُ أنّ اهللَ ثTالِTثُ ثTالثTةٍ؛ فTبُعداً ملَِTنْ ش Tكَّ بTTاهللِ وسُ Tحْقاً ،وتTTعالTTى اهللُ ع Tمَّا يَ TقُولُTTونَ عُTTلوَّاً كTTبيراً ،واحلTTمدُ هللِ الTTذي قَ Tتَلَ بَTطارِقَTتَكُمْ وسَTلَبَ عِTزَّكُTمَ وطَّTدَ مِTن هTذه الTبالدِ مُTلوكَTكُمْ وأوْرَثَTنا أرْضَTكُمْ ودِيTاركُTمْ وأمTوالَTكُمْ وأذلَّTكُمْ بِTكَفركُTمْ بTاهللِ وشِTركِTكُمْ بِTه ،وتTرَكْTتُمْ مTا دَعُTونTاكُTمْ إلTيهِ مِTن اإلميTانِ بTاهللِ ورَسُTولِTه فTأعَTقَبَكُمْ اهللُ اخلTوفَ واجلُTوعَ والTذُّلَّ والTهُونَ مبِTا كُTنْتُمْ تُTصنَعُونَ فTإذا أتTاكُTمْ كِTتابTي هTذا فTأسْTلِمُوا وتُسْTلِمُوا وإالّ فTأقْTبِلُوا إلTينا حTتّى اكTتُبَ لTكُمْ كِTتابTاً أمTانTاً عTلى دِمTائِTكُمْ وأمْTوالِTكُمُ واعTقِدُ لَTكُمْ عَTقْداً تُTؤدُّوا إلTيَّ اجلِTزيTةَ عTن يَTدٍ وأنTتُمْ صTاغِTرونَ؛ وإالّ الصفحة ١٨٩ : ١٣٩ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات فTواهللِ الTذي ال إلَTهَ إالّ هُTوَ ألرمِTينَّكُمُ بTاخلَTيلِ بTعدَ اخلَTيلِ ،وبTالTرِّجTالِ بTعدَ الTرِّجTالِ ،ثTمَّ ال أُقTلِعُ عTنكُمْ حTتّى أقTتُلَ املTقاتِTلَةَ وأسْTبي الTذُّرِّيَّTةَ وتTكونTوا كTأمَّTةٍ كTانTت فTأصTبحَتْ كTأنّTها لمْ تَكُنْ.1 جوابُ أهلِ إيليا على كتابِ عمروِ بنِ العاصِ:2 وبTTلغَ أه Tلُ إيTTليا خTTروجَ املسTTلمنيَ مِTTن حTTمصَ ودِم Tشْقَ ،وإقTTبالِ مَ Tلِكِ ال Tرُّومِ بTTعساك Tرَ )ثالثمائةِ ألفٍ( فسُرُّوا بهِ ،ودَعُوا العِلْجَ وكَتبُوا معَهُ. أمَّTا بTعدُ :فTإنَّTكَ قTد كَTتَبْتَ إلTينا كِTتابTاً تTزُكِّTي فTيه نTفْسَكَ وتَTعيبُ مTا نTحنُ عTليهِ والTقولِ بTالTباطTلِ ال يَTنتفِعُ بTه أحTدٌ إالّ نTفسُه ،وال يَTضرُّ بTهُ عTدَوَّهُ ،وقTد فَTهِمْنا مTا دَعTوتَTنا إلTيهِ، وهTؤالءِ مُTلوكُTنا وأهTلُ دِيTنَنا قTدْ جTاؤوكُTم؛ فTإنْ أظهTرَكُTمُ اهللُ عTليكُمْ فTذلِTكَ بTالؤهُ عِTندَنTا فTي الTقدميِ ،وإنْ ابْTتالنTا بِTظُهُوركُTم عTلينا؛ فTلَعَمْري لَTيقَرَّنَّ لTكُمْ بTالTصَّغارِ ،ومTا نTحنُ إالّ كمَنْ قد ظهَرْمتُْ عليه مِن إخوانِنا ،ثُمّ دانُوا لكُمْ فأعطَوكُمْ ما سألتُمْ.3 بTعثَ )أبTو عTبيدةَ( إلTى أهTلِ إيTليا وقTالَ :اُخْTرُجُTوا إلTيَّ أكTتبْ لTكُمْ أمTانTاً عTلى أنTفُسِكُمْ وأموالِكُمْ ،وَنُوفِ لَكُمْ كما وَفَيْنا لِغَيرِكُمْ .فتَثاقَلُوا وأبَوا . قال :وكتبَ أبو عبيدةَ إليهِم : بسمِ اهللِ الرحمنِ الرحيم : 1ﻣﺤ ّﻤﺪ ﺣﻤﯿ ُﺪ ﷲِ :ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﻟﻌﮭﺪ اﻟﻨﺒﻮي واﻟﺨﻼﻓﺔ اﻟﺮاﺷﺪة ،دار اﻟﻨﻔﺎﺋﺲ ﺑﺪون ﺗﺎرﯾﺦ ص.٤٧٤ ﺑﻦُ ﺑﻦ واﺋﻞ ﺑﻦ ھﺎﺷﻢ ﺑﻦ ﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ ﺳﮭﻢ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ھﺼﯿﺺ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ ﺑﻦ ﻟﺆي ﺑﻦ ﻏﺎﻟﺐ اﻟﻌﺎص 2ﻋ ْﻤﺮو ِ ِ اﻟﻘُﺮﺷ ّﻲ اﻟﺴﮭﻤ ّﻲ .ﯾُ ْﻜﻨَﻰ أﺑﺎ ﻋﺒﺪ ﷲ وﻗﯿﻞ :أﺑﻮ ﻣﺤ ّﻤﺪ .وأ ﱡﻣﮫ اﻟﻨﺎﺑﻐﺔُ ُ ﺑﻨﺖ ﺣﺮﻣﻠﺔَ ﺳﺒﯿﱠﺔ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﺟﻼن ﺑﻦ ﻋﺘﯿﻚ ﺑﻦ أﺳﻠﻢ ﺑﻦ ﯾﺬﻛﺮ ﺑﻦ ﻋﻨﺰة وأﺧﻮه ﻷ ﱠﻣﮫ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ أﺛﺎﺛﺔ اﻟﻌﺪوي وﻋﻘﺒﺔ ﺑﻦ ﻧﺎﻓﻊ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﻗﯿﺲ اﻟﻔﮭﺮي اﻧﻈﺮ أُﺳﺪ اﻟﻐﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ. 3ﻣﺤﻤﺪ ﺣﻤﯿﺪ ﷲ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﻣﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص . ٤٧٥ الصفحة ١٨٩ : ١٤٠ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات مِن أبي عُبيدةَ بنِ اجلَرّاحِ إلى بطارقةِ أهلِ إيليا وسكّانِها : "سالمٌ على مَن اتّبعَ الهُدى ،وآمَنَ باهللِ العظيمِ ورَسُولِه )ن:برسوله( أمَّا بَعْدُ: فTإنّTا نَTدْعُTوكُTم إلTى شَTهادةِ أنْ ال إلTهَ إالّ اهللُ وأنّ مُحTمَّداً عTبْدُهُ ورَسُTولُTه ،وأنّ الTساعTةَ آتTيةِ ال ريTبَ فTيها ،وأنّ اهللَ يَTبعَثُ مَTن فTي الTقُبورِ؛ فTإذا شَهِTدْمتُْ بTذلTكَ حَTرُمَTتْ عTلينا دِمTاؤكُTم وأموالكُمْ ،وكنتُمْ إخوانَنا في دِينِنا . وإنْ أبTيتُمْ فTأقTرُّوا لTنا بTإعTطاءِ اجلِTزيTةِ عTن يTدٍ وأنTتُمْ صTاغِTرونَ؛ فTإنْ أبTيتُمْ سِTرْتُ إلTيكُمْ بِTقَومٍ هُTمْ أشTدُّ حُTبّاً لTلموتِ مِTنكُمْ لTلحياةِ ،ولَشُTرْبُ اخلَTمْرِ وأكْTلُ حلTمِ اخلTنزيTرِ ثTمَّ ال أرجِعُ عَنكُمْ إنْ شاءَ اهللُ حتّى أُقاتِلَ مُقاتِلَكُمْ وأسْبي ذَراريكُمْ. كتابُ أبي عُبيدةَ إلى عُمَرَ يَدْعُوهُ إلى إيليا على طلبِ أهلِها: فTلمّا حَTصَرَ أمTنيُ األُمَّTةِ أبTو عTبيدةَ رضTيَ اهللُ عTنهُ أهTلَ إيTليا ورأَوا أنّTهُ غTيرُ مُTقْلِعٍ عTنهُم.. قالوا لَه : نَTحْنُ نُTصاحلِْTكَ ..فTأرْسِTلْ إلTى خTليفتِكُمْ عُTمَرَ فTيكونُ هTو الTذي يُTعطينا العهTدَ ،وهُTوَ يُTصاحلُِTنا ويTكتبُ لTنا األمTانَ ..فTأخَTذَ أبTو عTبيدةَ عTليهِمُ األميTانَ املTغلَّظةَ )عTلى مَTشورةِ مُTTعاذِ بTTن جَTTبلٍ( فحTTلفُوا بTTأميTTان Tهِم :ل Tئِنْ عُ Tمَرَ أمTTيرُ املTTؤمTTننيَ قَ Tدِمَ عTTليهِم ونَ Tزَلَ بTTهم فTأعTطاهُTمُ األمTانَ عTلى أنTفسِهِم ،وكَTتَبَ لَTهُم عTلى ذلTكَ كِTتابTاً لَTيَقْبَلنَّ ذلTكَ ولَTيَؤدِنَّ اجلزيةَ ،ولَيَدْخُلَنَّ فيما دَخَلَ فيه أهلُ الشامِ .فلمّا فعلُوا ذلكَ كتبَ أبو عُبيدةَ : بسمِ اهللِ الرحمنِ الرحيمِ لِعَبدِ اهللِ عُمَرَ أميرِ املؤمننيَ ،مِن أبي عُبيدةَ بنِ اجلرّاحِ. سَالمٌ عليكَ؛ فإنّي أحمدُ إليكَ اهللُ الذي ال إلهَ إالّ هُوَ .أمّا بعدُ: الصفحة ١٨٩ : ١٤١ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات فإنّا أقمْنا على إيليا وظنُّوا )ن :فظنَّوا( أنّ لهُمْ في املطاولَةِ بهِمْ فَرَجاً ورَجاءً . فTلَمْ يَTزِدْهُTمُ اهللُ بTها إالّ ضِTيقاً ونَTقْصاً ،وهَTوالً وأزالً )األزْلُ :شِTدَّةُ الTعيشِ( فTلمّا رأوا ذلTك سTألTوُنTا أن نُTعطيهِم مTا كTانTوا مِTنهُ ممُTتَنِعِنيَ قTبلَ ذلTكَ ،ولَTهُ كTارهِTنيَ .وإنَّTهُم سTألُTونTا الTصُّلْحَ عTلى أنْ يَTقدُمَ عTليهِم أمTيرُ املTؤمTننيَ فTيكونَ هُTوَ املTؤمِّTنَ لTهُم ،والTكاتِTبَ لTهم كTتابTاً .وإنّTا خَشِTينا أنْ تَTقدُمَ يTا أمTيرَ املTؤمTننيَ ،ثُTمَّ يَTغدُرُ الTقومُ فTيَرجِTعونَ فTيكونُ مَسTيرُكَ أصTلَحَكَ اهللُ غِTناً وفَTضالً ،فTأخَTذْنTا عTليهِمُ املTواثTيقَ املTغلَّظةَ بTإميTانِTهم :لَTئِنْ أنTتَ قَTدِمْTتَ عTليهِم فTأمَّTنْتَهُمْ عTلى أنTفُسِهِمْ وأمTوالِTهِمْ لَTيَقْبَلَنَّ ذلTكَ ،ولَTيُؤدِّيTنَ اجلِTزيTةَ ،ولَTيَدْخُTلَّنَ فTيما دَخَTلَ فTيهِ أهTلُ الTذِّمَّTةِ ،فTإنْ رأيTتَ يTا أمTيرَ املTؤمِTننيَ أنْ تَTقْدمَ عَTلينا فTافْTعلَ .فTإنّ فTي مَسيرِكَ أجراً وصالحاً وعافيةَ املسلمنيَ ،أراكَ اهللُ رُشْدَكَ ،وَيَسَّرَ أمْرَكَ. والسالمُ عليكِم.1 هTTذا مTTا أعTTطى عTTبدُ اهللِ أمTTيرُ املTTؤمTTننيَ )عُ Tمَرُ ب Tنُ اخل Tطَّابِ( أه Tلَ إيTTليا مِTTن األمTTانِ؛ أعTطاهُTمْ أمTانTاً ألنTفُسِهِم وأمTوالِTهمْ وكTنائِTسِهِم وصُTلْبَناهِTم ،وسَTقيمِها وبTريTئِها وسTائِTر مِTلَّتِها أنّTه ال تُTسْكَنُ كTنائِTسُهُمْ ،وال تُهْTدَمُ ،واليُTنتَقَصَ مTنها ،وال مِTن حTيّزهTا ،وال مِTن صُTلُبِهِم ،وال مِTن شTيءٍ مِTن أمTوالِTهِم ،وال يُTكرَهُTونَ عTلى دِيTنهِم ،وال يُTضارَّ أحTدٌ مTنهُم، وال يَTTسكُنَ بTTإيTTلياء )الTTقدسِ( مTTعهُم أح Tدٌ مِTTن الTTيهودِ ،وعTTلى أه Tلِ إيTTليا أنْ يُTTعطُوا اجلTTزي Tةَ كTTما يُTTعطي أه Tلُ املTTدائ Tنِ ،وعTTليهِم أنْ يُخ TرِجُTTوا مِTTنها ال Tرُّومَ والTTلصوصَ؛ ف Tمَنْ خَTرَجَ مِTنهُم فTهُوَ آمِTنٌ عTلى نTفْسِه ومTالِTه حTتّى يTبلغُوا مTأمTنَهُم ،ومَTن أقTامَ مTنهُم فTهُو آمِTنٌ، وعTليهِ مTثلُ مTا عTلى أهTلِ إيTليا مِTن اجلِTزْيTةِ ،ومَTن أحTبَّ مِTن أهTلِ إيTليا أنّ يَسTيرَ بTنَفْسِه 1ﻣﺤﻤﺪ ﺣﻤﯿﺪ ﷲ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٤٨٣ الصفحة ١٨٩ : ١٤٢ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ومTالِTه مTع الTرُّومِ ويخTلي بِTيعَهُم وصُTلُبِهِم؛ فTإنّTهُم آمِTنونَ عTلى أنTفُسِهم وعTلى بِTيَعِهِم وعTلى صُTلُبِهِم حTتّى يTبلغُوا مTأمَTنَهُم ،ومَTن كTانَ فTيها مِTن أهTلِ األرضِ قَTبْلَ مَTقتَلِ فُTالنٍ؛ فTمَنْ شTاءَ مِTنهُم قَTعَدَ ،وعTليهِ مِTثلُ مTا عTلى أهTلِ إيTليا مِTن اجلTزيTةِ ،ومَTن شTاءَ سTارَ مTع الرُّومِ ،ومَن رَجَعَ إلى أهلِه؛ فإنَّه ال يُؤخَذُ مِنهُم شيءٌ حتّى يَحصُدوا حَصادَهُم. عTTلى مTTا فTTي الTTكتابِ عَهْ Tدُ اهللِ وذِمَّ Tةُ اخلTTفاءِ وذِمَّ Tةُ املTTؤمTTننيَ إذا أع Tطُوا الTTذي عTTليهِم اجلِزيةَ. شَهِTدَ عTلى ذلTكَ خTالTدُ بTنُ الTولTيدِ ،عَTمْرُو بTنُ الTعاصِ ،عTبدُ الTرحTمنِ بTنُ عَTوفٍ ،مTعاويTةُ بنُ أبي سُفيانَ، وكُتِبَتْ وحَضَرَ سَنةَ خمس عشر 1أنّ: العُهTدَةَ الTعُمريTةَ بTدأتْ بِTذِكْTرِ اسْTمِ اهللِ سُTبحانَTه وتTعالTى دلTيالً عTلى اإلميTانِ بTهِ ،وألنَّ )كُ Tلّ مTTا لTTم يُ Tذْكَ Tرِ اس Tمُ اهللِ عTTليه ف Tهُو أبTTترُ( ،أضِ Tفْ إلTTى ذل Tكَ أنّ اس Tمْ "اهللِ" تTTعالTTى يعني )األمانَ واالطمئنانَ(؛ وذلك على عادةِ الرسائلِ في صَدْرِ اإلسالم. إظTهارَ الTتواضTعِ والTتطامُTنِ هللِ سTبحانَTه؛ حTيثُ قTالTت املTعاهَTدةُ :هTذا مTا أعTطى"عTبدُ اهللِ" عُمَرُ بنُ اخلطَّابِ أيّ :أنّه يَقرُّ بالعبوديةِ هللِ ،ويَشهَدُ له بالوحدانيَّةِ. لTفظةَ" أعTطى "تُTومِTئُ إلTى أنّ هTذه املTيزاتِ الTتي قTدَّمTتْها املTعاهTدةُ هTي )هِTبَةٌ ومِTنحَةٌ( مِن أميرِ املؤمننيَ ألهلِ إيلياء ،وليستْ حقّاً مِن حُقوقهِم. 1ﻣﺤﻤﺪ ﺣﻤﯿﺪ ﷲ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ٤٨٩ الصفحة ١٨٩ : ١٤٣ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات بTيانَ "عTبدِ اهللِ" هTو )أمTيرُ املTؤمTننيَ( ،وهTذا مTوقTفٌ سTياسTيٌّ؛ مبTعنى :أنّ مَTن أعTطى هTذه العُهTدَةَ هTو خTليفةُ املسTلمنيَ أمTيرُ املTؤمTننيَ ،فTاصTطبَغَتِ املTعاهTدةُ بTتلكَ الTصِّبْغَةِ الرَّسميَّةِ ،وتعني مِن وجْهٍ آخرَ: أنَّها أصبحَتْ نافذةَ املفعولِ ،وأنّ على اجلميعِ أن يُطبِّقُوا بُنودَها بِ)دِقَّةٍ وأمانةٍ(. أنّ إيلياء"القُدس" التي شرَّفَها اهللُ سُبحانَه وتعالى بِذِكْرِ مَسجدِها في قرآنِه العزيزِ، أنّ اهللَ سُTبحانَTه بَشَّTرَ بTفتحِ بTيتِ املTقدسِ؛ حTيثُ بَشَّTرَ اهللُ تTباركَ وتTعالTى نTبيَّهَ مُحTمَّداً صTلّى اهللُ عTليهِ وسTلّمَ بTذلTكَ فTي قTولِTه تTعالTى) :سُTبْحانَ الTذي أسْTرَى بِTعَبْدِهِ لَTيالً مِTنَ املسْجِTدِ احلَTرامِ إلTى املسْجِTدِ األقْTصَى الTذي بTارَكْTنا حَTولَTهُ لِTنُرِيَTهُ مِTنْ آيTاتِTنا إنَّTهُ هُTوَ الTسَّمِيعُ البَصيرُ( )اإلسراء.(۱: املسجدَ األقْصى وما يُجاوِرُهُ سيَكُونُ ضِمْنَ الدولةِ اإلسالميةِ. مَسTTيرَ أمTTيرِ املTTؤمTTننيَ عُ Tمَرَ ب Tنِ اخل Tطَّابِ رض Tيَ اهللُ عTTنهُ إلTTيها لِتَسَ Tلُّمِ مTTفاتTTيحِها مِTTن األُسقُفِ "صفروني" وسكان"؛ ملَِا تتمتَّعُ به املدينةُ مِن قُدْسيَّةٍ ومكانةٍ عظيمةٍ. اإلشTTارةَ إلTTى أنَّ األمTTانَ الTTذي مُ Tنِحَ لTTهمْ قTTد أعTTطاهُ Tمُ اهللُ إيّTTاه؛ حTTيثُ ن Tصَّتِ العُه Tدَةُ: "أعTطاهُTمُ اهللُ أمTانTاً ألنTفُسِهِمْ ،ولِTكَنائِTسِهِمْ ،وصُTلْبانِTها ،وسَTقيمِها ،وبَTريTئِها ،وسTائTرِ مِ Tلّتِها"؛ فTTكانَ األمTTانُ شTTامِ Tالً عTTامَّ Tاً لِ Tكُلِّ شTTيءٍ فTTي املTTديTTنةِ ،وفTTي هTTذا زيTTادةُ تTTوكTTيدٍ وتوثيقٍ لهذه؛ فاألحرَى أالّ تُخالَفَ ،أو تُنتَقَضَ. أش TTارتِ العُهT Tدَةُ إل TTى احل TTقوقِ وال TTواج TTباتِ م TTع ت TTوخِّ TTي ال TTعدلِ واإلن TTصافِ؛ بهَ TTدفِ االسTتقرارِ ،وإشTاعTةِ األمTنِ واألمTانِ فTي املTديTنةِ دونَ تTضييعٍ حلTقوقِ الTطرفTنيِ املTتعاقِTدَيTنِ كTليهِما؛ فTفي حTنيَ يTقومُ املسTلمونَ مبTنحِ هTذا األمTانِ بـ )اسTمِ اهللِ( وفْTقاً لِTلبُنودِ الTواردةِ الصفحة ١٨٩ : ١٤٤ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات فTيه ،وأخَTصّها أالّ يُTساكِTنَهُم فTي املTديTنةِ أحTدٌ مِTن الTيهودِ .وهTذهِ الTعبارةُ حتTتملُ عTدَّةَ مَعانٍ: * األوّلَ :أنّ اخلليفةَ ضَمِنَ لهُمْ هذا احلقَّ، * والثاني :حتتملُ أنّه شَرَطَ عليهِم أالّ يسكُنَ معهُم أحدٌ مِن اليهودِ، * والثالثِ :أنّ النصارى طلبُوا مِن اخلليفةِ ذلك فأقرَّهُم، ونTصّ عTليهِ فTي العُهTدةِ؛ ألنّ الTيهودَ كTانTوا قTد مُTنِعُوا مِTن سُTكنى الTقُدْسِ مTنذُ سTنةِ۱۳٥ م عTندمTا أثTارُوا الTشغَبَ عTلى الTنصارى ،فTتمكَّنَ اإلمTبراطTورُ الTرومTانTيُّ "هTدريTان" مِTن الTتنكيلِ بTاملTشاغِTبنيَ،ودَمَّTرَ "أورشTليم"َ ،وحَTرَثَ مTوقِTعَها الTذي كTانTت قTائTمةً عTليه، وق Tتَلَ عTTدداً كTTبيراً مTTن الTTيهودِ ،وس Tبَى عTTدداً آخَ Tرَ ،ث Tمَّ مTTنعَهُمْ مِTTن دُخTTولِ الTTقدسِ والTسكَنِ فTيها ،أو الTدنTوِّ مِTنها ،وسَTمَحَ للمَسTيحينيَ أنْ يُTقيمُوا بTها عTلى أالّ يTكونُTوا مِTن أص Tلٍ يTTهوديٍّ ،وس Tمَّى املTTديTTنة"إيTTليا كTTابTTيتولTTينا" مُشTTتقَّةً مِTTن اس Tمِ أسTTرةِ "هTTدريTTان" املدعوَّة" إيليا". وَجTاءَ الTفتحُ ويTهودُ مَحTرومTونَ مِTن دُخTولِ الTقُدسِ؛ ألنَّTهُم اغTتنَمُوا فُTرصTةَ الTغزوِّ الTفارسTيِّ األخTTيرِ لTTبالدِ الTTشامِ؛ فTTهاجَ Tمُوا الTTنصارى وأث Tخَنُوا فTTيهِم ،وكTTانTTوا يَشTTترُونَ األسْTTرى النصارى مِن الفُرْسِ لِيَذْبَحُوهُمْ ،فازدادَ العِداءُ بينَهُم وبنيَ النصارى. وعTندمTا اسTتعادَ "هِTرقTلُ" الTقُدسَ سTنة ٦۲۷م طTردَهُTمْ مِTنها ،وحَTرَّمَ عTليهم دُخTولَTها مبTشورةِ رجTالِ الTدِّيTنِ الTنصارى .وعTلى هTذا :فTيكونُ أهTلُ الTقدسِ قTد طTلبُوا أن يُسجِّTلَ لTهم هTذا احلTقَّ فTي العهTدِ ،فTاسTتجابَ عُTمَرُ بTنُ اخلTطَّابِ ملَِTطلَبِهِم ،ويTحتملُ أن يTكونَ عُ Tمَرُ ب Tنُ اخل Tطَّابِ رضTTي اهلل عTTنهُ شَ Tرَطَ ذل Tكَ؛ ألنّTTه أرادَ أن يُطهِّ Tرَ الTTقدسَ مِTTن خُTTبثِهِم الصفحة ١٨٩ : ١٤٥ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات كTما طهِّTرَتْ مTكَّةُ واملTديTنةُ ،وفTي مTقابTلِ ذلTك عTليهِم أن يُTعطُوا اجلِTزيTةَ وأن يُخTرِجُTوا مِTن املدينةِ الرومَ واللصوصَ. وهTذا يTدلُّ عTلى أنّ سُTكَّانَ الTقُدسِ لTم يTكونُTوا مِTن الTرومِ؛ وإمنّTا كTانُTوا مِTن أهTلِ فِلسTطنيَ الTذيTنَ أحTبُّوا الTسكَنَ بِTجوارِ املسجTدِ األقTصى وآثTارِ سTيِّدنTا املسTيحِ عTليه السَّTالمُ؛ لTكنّ قولَه":ومَنْ أقامَ مِنْهُم" يُفْهَمُ منه التفريقُ بني نوعَنيِ مِن الرومِ: * النوعُ األوَّلُ :جُنودُ الرومِ أو )احلاميةُ الرومانيةُ(، * والنوعُ الثاني :الرومُ الذينَ جاؤوا لِلعبادةِ في القدسِ )زُوَّاراً ،أو مُجاورِينَ(. ولTعلَّنا نُTدْرِكُ أنّ اشTتراطَ الTنصارى عTلى أمTيرِ املTؤمTننيَ أالّ يُTسكانِTهُمْ فTي مTديTنتِهم أحَTدٌ مِTن الTيهودِ كTان ملِTا يTعلَمُونَ مِTن إفTسادِهِTم فTي األرضِ ،وإشTعالِTهم نTارَ احلTروبِ ،ونَشْTرِ الTفُرقTةِ والTفِنتَ ،ويTعني كTذلTكَ أنّ أحTداً مِTن الTيهودِ لTم يTكُنْ يTسكُنْ فTيها آنTذاكَ ،وأنّ شTTرطَ Tهُم هTTذا يTTنسحبُ عTTلى أرضِ فِلسTTطنيَ كTTافّ Tةً؛ وذلTTك أنّTTها "أرضُ املِTTعراجِ"، وكTونُTها "حTاضTرةَ فِلسTطنيَ" ،و"فِلسTطنيُ دُرَّةُ الTشامِ" ،وأنّ "الTقُدسَ جَTوهTرةُ الTشامِ"؛ بTل "جَTوهTرةَ الTعالَTمِ اإلسTالمTيِّ" بTعامَّTة .ومTعَ عِTلمنا أنّ "الTقُدسَ عTربTيةٌ" مTنذُ إنTشائِTها؛ حTTيثُ بTTناهTTا املTTلكُ الTTعرب Tيُّ الTTيمنيُّ "سTTالِTTم" ،وأص Tبَحَتْ تُTTسمّى"أور سTTالِTTم"؛ أيّ: )مTديTنة سTالِTم(،عَTلِمْنا أيَّ بTاطTلٍ يTنطوي عTلى ادعTاءِ الTيهودِ الTيومَ ملِTلْكيَّةِ هTذه املTديTنةِ املباركةِ. أبTTرزَتِ العُهTTدةُ أنّ الTTرومَ والTTلصوصَ والTTيهودَ مِTTن اخلُTTطورةِ عTTلى املTTديTTنةِ مبTTكانٍ؛ ف Tهُم مُتساوونَ جميعاً مِن هذا الوجْه. الصفحة ١٨٩ : ١٤٦ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات إنّ عTلى املسTلِمنيَ حTاكTمِهِم ومَTحكومِTهم أن يَTرْعَTوا هTذا العهTدَ ،ويُTطبِّقُوا أركTانَTه عTلى الوجْهِ األكملِ ،وعلى ذلك ذِمَّةُ اهللِ ورَسُولِه واخللفاءِ واملؤمننيَ جميعاً. يُTختَمُ الTكتابِ"العُهTدةُ" ،وميُهَTرُ بTتوقTيعِ أمTيرِ املTؤمTننيَ عُTمَرَ بTنِ اخلTطَّابِ ،وهTذا دلTيلٌ على أهميَّةِ العُهدةِ املرتبطةِ بقدسيَّةِ املكانِ. ودلTيلٌ عTلى أهTميةِ هTذا احلTدثِ أن يشهTدَ عTلى العهTدةِ جTلَّةُ الTصحابTةِ الTذيTنَ وردَتْ أسماؤهُم بها. تTTأري Tخُ هTTذه العُهTTدةِ بTTالTTتاري Tخِ الهجTTريِّ إميTTاءٌ إلTTى أنّ الTTتاري Tخَ الهجTTريَّ قTTد اع Tتُمِدَ فTTي األمورِ الرسميةِ. إنّ هذه العُهدةَ أصبحَت إماماً لِكُلِّ العهودِ التي عُقِدَتْ مع نصارى الشامِ وغيرِهم. بTيَّنَتِ العُهTدةُ أنّ الTعالقTةَ بTنيَ الTدولTةِ اإلسTالمTيةِ وغTيرِهTا ممَّTنْ تTرتTبِطُ بTهمْ فTي مُTعاهَTداتٍ البُدَّ أن تكونَ مكتوبةً ومُوثَّقةً. كُ Tتِبَتْ هTTذه العُهTTدةُ بـ)الTTلغةِ الTTعربTTيةِ(؛ ممّTTا يُشTTيرُ إلTTى أنّTTها أصTTبحَتِ الTTلغةَ الTTرسTTميةَ لألُمَّةِ ،وبها تُكتَبُ العهودُ واملواثيقُ. امTتازتْ هTذه العُهTدةُ بTلغةٍ سTليمةٍ واضTحةٍ ،ودقَّTةٍ فTي الTعباراتِ واملTعانTي؛ فهTي خTالTيةٌ مِTن أيِّ )إبTهامٍ أو غُTموضٍ(؛ بTحيثُ ال حتTتاجُ إلTى تفسTيرٍ ،أو تTأويTلٍ ،أو اخTتالفٍ عTلى املقصودِ. وضTوحِ املTعانTي والTغايTةِ والهTدفِ مTع اإليTجازِ ،والTبُعْدِ عTن اإلطTنابِ ،وإنْ كTان بTها شTيءٌ مِن التفصيلِ؛ فزيادةً في التأكيدِ وتوضيحاً للحقوقِ والواجباتِ. الصفحة ١٨٩ : ١٤٧ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اعTتمدتِ املTوازنTةُ واملTقابTلةُ بTني اجلُTمَلِ والTعِباراتِ؛ مTن حTيث الTطُّولُ والTقِصَرِ ،وامTتازتْ ب TقِصَرِهTTا ،وقِ Tصَرِ ال Tفِقراتِ واجلُ Tمَلِ فTTيها ،الTTتي تTTأخُ Tذُ بTTعضُها بِحُجُ Tزِ بTTعضٍ دُونَ أن يكونَ بها أيُّ )غُموضٍ أو غريبٍ( في األلفاظِ؛ فـ )البالغةُ اإليجازُ(. وكTTان Tتْ بTTعيدةً عTTن احل Tشْوِ واإلفTTراطِ.كTTما رُتِّ Tبَتْ مTTوادُّهTTا وفُ Tصِّلَتْ بُTTنودُهTTا أوض Tحَ تTفصيلِ؛ فTتبدأُ بTاألمTانِ عTلى الTنفوسِ ،ومِTنْ ثَTمَّ األمTوالِ والTكنائTسِ ،وحُTريّTةِ املTعتقَدِ الTديTنيِّ ،وأسTلوبُ اجلTمعِ واضTحٍ فTي عTباراتِ العُهTدةِ؛ بTحيثُ تُTطبَّقُ عTلى اجلTميعِ دونَ استثناءٍ. مت Tيّزَتِ األلTTفاظُ بTTالTTقوَّةِ والTTوضTTوحِ؛ ألنّ الTTفاروق رض Tيَ اهللُ عTTنهُ كTTان حَTTريTTصاً عTTلى اإلفTTهامِ وتTTوضTTيحِ املTTطلوبِ،مTTع إكTTسابِ العُهTTدةِ ج Tوَّاً مTTن الTTقوَّةِ إلمتTTامِ الTTعملِ بTTها ألهTTميَّتِها ولTTزومِ األم Tرِ فTTي تTTأدي Tتِها؛ فTTأسTTلوبُ األم Tرِ فTTيها واض Tحٌ ،واسTTتخدامِ الTTفعلِ املTضارعِ يُTضفي عTليها االسTتمرارَ والTدميTومTةَ كTقولِTه" :ال تُTسْكَنُ كTنائِTسُهُمْ ،وال تُهْTدَمُ وال يُTنتَقَصَ مِTنها ،وال يُTكرَهُTونَ عTلى دِيTنِهم ،وال يُTسكَنَ بTإيTلياء مTعهُم ،..ال يُTؤخَTذُ مِنهُم ،..وعليهِم أن يُعطُوا اجلِزيةَ ،وعليهِم أن يخرجُوا منها الرُّومَ واللصوصِ. وممّTا زادَ فTي قTوةٍ أسTلوبِTه ووضTوحِTه)خُTلُوُّ الTنَّصِّ مِTن احملTسِّناتِ الTبديTعيةِ ،وعTدمُ الTتكلُّفِ في إيرادِها(. جتسTيدُ وحTدةِ املTوضTوعِ فTيها؛ فTمَوضُTوعُTها واحTدٌ ركَّTزَ علىئ العُهTدةِ ومTا قَTدَّمَTتْ مِTن أمTانٍ ،وأبTرزتْ مِTن مِTيزاتٍ ،وحTدَّدَتْ مِTن شTروطٍ؛ ممّTا يTدعُTو إلTى الTقولِ) :أنّ الTوحTدةَ املوضوعيةَ قد جتلَّتْ فيها(. الصفحة ١٨٩ : ١٤٨ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات إنّ العُهTدةَ قTد أوضTحَتْ بTجَالءٍ مَTقدِرةَ أمTير املTؤمTننيَ عُTمَرَ بTنِ اخلTطَّابِ رضِTيَ اهللِ عTنه الTلغويTةَ والTبالغTيةَ ،ودِقَّTتَه فTي اجTتالءِ املTعانTي ،وحتTديTدَ املTرادِ الTذي يTتطلَّعُ إلTى حتTقيقِه دونَ )إسهابٍ ممُلٍّ ،أو إيجازٍ مُخِلٍّ(. إنّ إبTرازَ شTروطِ وبTنودِ العهTدةِ ال يُTظَنُّ أنّTه يTحتاجُ إلTى )خTيالٍ واسTعٍ ومُTجنِّحٍ( ،أو إلTى )عTاطTفةٍ قTويTةٍ ظTاهTرةٍ( ،غTيرَ أنّ بTاإلمTكانِ الTقولَ) :إنّ عTاطTفةَ احلِTرصِ عTلى مTصلحةِ املسTلمنيَ ورعTايTةِ حTقوقTهِم ،واحلTرصِ عTلى حTقوقِ الTطرفِ اآلخَTر ،وعTاطTفةَ اخلTوفِ مِTن اهللِ يTومَ الTقيامTةِ حTنيَ يTسألُTه سُTبحانَTه ،هTي الTتي دفَTعتْه إلTى كTتابTةِ هTذه الTرسTالTةِ .وقTد صTTاغَ مTTا أعTTطاهُ لTTلنصارى مِTTن امTTتيازاتٍ مُTTتنوِّع Tةٍ بTTأسTTلوبٍ رَص Tنيٍ؛ فـ)ألTTفاظُTTها جَ Tزْلَ Tةٌ معبِّرَةٌ(. أبرزَتِ العهدةُ عدداً مِن املسائلِ املهمة: ۱أثبتتْ حقوقَ النصارى وحُرَّيَّتُهم في إقامةِ شعائرهم الدينية. ۲أبرزتْ صورةَ العدلِ الذي عُرِفَ به اإلسالمُ العظيم. ۳أكَّدتْ ما يتَّصِفُ به عُمَرُ بنُ اخلطّابِ رضي اهلل عنه من )عَدلٍ وإنصافٍ(. كTيف ال وفTيها الTقِبْلَةُ األولTى للمسTلمنيَ ،وثTالTثُ املسجِTدَيTنِ الشTريTفنيَ كTما أوضTحَ احل TTديT Tثُ ال TTنبويُّ الش TTريT Tفُ":ال تُشَT Tدُّ الT Tرِّح TTالُ إالّ إل TTى ث TTالثT Tةِ م TTساجِT Tدَ :املسجT Tدِ احلرامِ،ومَسجِدي هذا،واملسجدِ األقصى". وقTد حTاولَ يTهودُ بTزعTامTةِ "ثTيودورهTرتTزل" مTع اخلTليفةِ الTعُثمانTيِّ عTبدِ احلTميدِ الTثانTي أنْ يَTسكُنُوا "فِلسTطنيَ" ويُTقيمُوا ولTو مTخيَّماً لTهُم فTي"سTمخ" مTحاولTةً مTنهُم للتسTلُّلِ إلTى فِلسTطنيَ ،وعَTرَضُTوا عTليه مTقابTلَ ذلTك أمTواالً طTائِTلَةً قTاربTتْ عTلى اخلTمسةِ مTاليTنيَ لTيرةً الصفحة ١٨٩ : ١٤٩ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ذهTبيةً ،وأنْ يُTشارِكُTوا مTعَه فTي الTقتالِ؛ ولTكنّه رَفَTضَ رَفْTضاً قTاطِTعاً ،وهَTدَّدَهُTمْ بِTرَمْTيِهِمْ لِ Tسَمَكِ "الTTبسفورِ" ،وقTTال ل Tهُم قTTول Tتَه املTTشهورةَ":إنّ الTTيهودَ يُTTقيمونَ فTTي كُ Tلِّ أنTTحاءِ املTTمال Tكِ الTTعثمانTTيةِ؛ فTTإنْ لTTم يَ Tكُنْ ل Tهُمْ مTTكانٌ لTTإلقTTام Tةِ فTTبإمْTTكان Tهِم أن يَTTسكُنُوا فTTي "الTTعراقِ" ،أو "سTTوري Tةَ" ،أو ح Tتّى فTTي بTTالدِ "األنTTاضTTولِ" ،أمّTTا "فلسTTطنيُ" فTTليسَ هُTTنا كمَجالٍ لِطلَبِها .وكان ممّا قالَ لهُم ":ماذا أقولُ غداً وأنا بنيَ يَدَي اهللِ عزَّ وجلَّ؟ أأقTولُ أنّTي خَTفَرْتُ عَهْTدَ اهللِ وذِمَّTةَ رَسُTولِTهِ وخُTلفاءِ املسTلِمنيَ واملTؤمTننيَ؟ ! ال واهللِ لTنْ يكونَ ذلك أبَداً".1 مُعاهَدَةُ الرَّمْلَةِ: كTTان Tتْ مTTعرك Tةُ "حِ Tطِّنيَ" فTTي ٤يTTولTTيو ۱۱۸۷م وبTTعدَهTTا اسTTتردَّ املس Tلِمونَ مTTديTTنةَ "الTقدسِ"الشTريTفِ ،وكTانTتْ هTذه ضTربTةً قTاصِTمةً لTلصليبنيَ فTي بTالدِ الTشامِ ،وبTدأتْ بTTعدَهTTا امل Tدُنُ الTTتي كTTانTTت حت Tتَ االحTTتاللِ الTTصليبيِّ تتح Tرَّرُ واحTTدةً تِ Tلْوَ األُخْTTرى، وأحسَّTتْ أوروبTةُ بِخَTطَرِ هTذا املTوقTفِ ،وبTدأتْ بِحَشْTدِ قُTوَّاتِTها ،وأعTدَّتِ الTعُدَّةَ للحَTمْلَةِ الTصليبيةِ الTثالTثةِ ،وَقَTادَ هTذه احلTملةَ الشTرِسTةَ احلTاقِTدةَ ثTالثTةٌ مِTن أبTرزِ مُTلوكِ وأبTاطِTرةِ أوربTةَ فTي ذلTكَ الTوقTتِ؛ وَهُTمْ" :فTريTدريTك بTربTا روسTا" إمTبراطTورُ أملTانTيا ،و"فTليب أوغسTطني" مَلِكُ فرنسا ،و"ريتشارد مَلِكُ" بريطانيا وكان لَقَبُه "قلب األسد". وتTTقاب Tلَتِ ال Tقُوَّاتُ عTTند أسTTوارِ مTTديTTنةِ "ع Tكّا"؛ وذلTTك ب Tقَصْدِ إسTTقاطِTTها فTTي ق Tبْضَةِ الTقُوَّاتِ الTصليبيةِ :ألنّTها "جَTوهَTرةُ الTساحTلِ الTشامTيِّ" والTتي ميُTكِنُ مِTن خِTاللِTها اسTتردادُ مTديTنةِ "الTقُدسِ" وسTائTرِ املTدنِ الTتي حTرَّرَهTا الTقائTدُ "صTالحُ الTدِّيTنِ يُTوسTفُ بTن أيُّTوب"، 1ﻋﺰت ﻣﺤﻤﻮد ﻓﺎرس ﻗﺮاءة ﻓﻲ اﻟﻌﮭﺪة اﻟﻌﻤﺮﯾﺔ ﻣﺠﻠﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺸﻖ – اﻟﻤﺠﻠﺪ ٢٦اﻟﻌﺪد اﻷول+اﻟﺜﺎﻧﻲ ٢٠١٠ الصفحة ١٨٩ : ١٥٠ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات واسTتمرّ حِTصارُ مTديTنةِ "عTكّا" عTامَTني ۱۱۸۹۱۱۹۱؛ إالّ أنّ املTديTنةَ سTقطَتْ فTي الTنهايTةِ فTي أيTدي الTصليبنيَ احلTاقِTديTنَ ،وانتهTتْ مTعركTةُ "عTكَّا"؛ لِTتبدأَ مTعركTةٌ جTديTدةٌ ال تTقلُّ ضTراوةً عTن املTعاركِ احلTربTيةِ؛ أال وَهِTيَ املTفاوضTاتُ األيTوبTيةُ الTصليبيةُ والTتي اسTتمرَّتْ مُTدّةَ عام ۱۱۹۱۱۱۹۲والتي انتهتْ مبُعاهَدةِ الرَّملةِ .1 ويُTعَدُّ سTقوطُ "عTكّا" فTي يTدِ الTصليبنيَ الTفارقَ بTني قِTوى املسTلمنيَ والTصليبينيَ؛ غTيرَ أنّ املسTلِمنيَ عTانَTوا كTثيراً مِTن شِTدَّةِ احلTصارِ ،وبَTذَلُTوا األمTوالَ والTعَتادَ ،وخَسِTرُوا كTثيراً مِTن الTرِّجTالِ؛ ولTكنّ الTقائTدَ "صTالحَ الTدِّيTنِ" ظTلَّ قTادراً بِTعَونِ اهللِ عTزَّ وجTلَّ وتTأيTيدِه عTلى جتيشِ عددٍ كبيرٍ من اجلنودِ. والTواقTعُ أنّ الTصليبنيَ قTضَوا مTدَّةَ شهْTرٍ ونِTصْفٍ يTرتTاحُTونَ فTي "عTكَّا" مِTن عَTناءِ احلTربِ، ويُقرِّرونَ أمرَها .2 اخTتارَ الTصليبيونَ طTريTقَ الTساحTلِ عTلى الTرغTمِ مِTن صُTعوبَTتِه ألنَّTهُم كTانTوا يَTخشَونَ مُTفارَقTةَ الTTساح Tلِ؛ ح Tتّى ال يَ Tحُولَ املسTTلمونَ بTTينهُم وب Tنيَ سُ Tفُنِهِم والTTتي كTTان Tتْ مَTTصدَرَ املTTؤنِ والعَتادِ. وكTانTت الTقوّاتُ الTصليبيةُ أثTناءَ زحTفِها مTحصورةً بTني البحTرِ واملسTلمنيَ؛ حTيثُ عَTمدَ اجلTيشُ األيTوبTيُّ إلTى مُTضايَTقَتهِم بTالTسِّهامِ وإنTهاكِ اجلTيشِ الTصليبيِّ عTلى نَTحْوٍ يTؤدِّي إلTى ضَعْفِ الروحِ القتاليةِ ،وإحلاقِ أكْبَرِ قَدْرٍ مِن اخلسائرِ في صُفوفِ الصليبنيَ.3 1اﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ ﻣﺤﻤﺪ ﺳﯿﺪ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﯿﺔ اﻷﯾﻮﺑﯿﺔ اﻟﺼﻠﯿﺒﯿﺔ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻻﻟﻜﺘﺮوﻧﯿﺔ اﻷوﻟﻰ ٢٠٠٧ﺷﺮﻛﺔ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻻﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ ﺑﯿﺮوت ص٩ 2ﺳﻌﯿﺪ اﺣﻤﺪ اﻟﺒﺮﺟﺎوي اﻟﺤﺮوب اﻟﺼﻠﯿﺒﯿﺔ ﻗﻲ اﻟﻤﺸﺮق ص٤٢٦ﺑﯿﺮوت ١٩٨٤ 3اﺑﻦ ﻋﺪﯾﻢ زﺑﺪه اﻟﺤﻠﺐ ﺑﺘﺎرﯾﺦ ﺣﻠﺐ ﺗﺤﻘﯿﻖ ﺳﺎﻣﻲ اﻟﺪھﺎن ص ٨٦٧ﺑﺪون ﺗﺎرﯾﺦ دﻣﺸﻖ الصفحة ١٨٩ : ١٥١ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات لTقَد طTلبَ الTصليبيونَ مِTن مُTقدَّمِ نTوبTةِ كTشَّافTةِ املسTلمنيَ بTأنْ يُTبَلِّغَ "املTلكَ الTعادِلَ" 1وهُTوَ شTقيقُ "صTالحِ الTدّيTنِ" األيTوبTيِّ 2رغTبةَ "املTلكِ ريTتشارِد" 3فTي احلTديTثِ مTعَه حTولَ الTصُّلْحِ ،فTاسTتأذنَ "املTلكُ الTعادلُ" مِTن السُّTلطانِ "صTالحِ الTدِّيTنِ" فTي احلTديTثِ مTعَه فTأذِنَ لTه ،وقTد جَTرَتْ أحTداثُ االجTتماعِ الTتفاوضTيِّ بTنيَ "املTلكِ الTعادلِ" و"الTصليبنيَ" عTندَ قريةِ عُرِفَتْ بـ "دَيرِ الراهبِ" .4 وكTTان مTTضمونُ حTTدي Tثِ الTTصليبنيَ م Tعَه ":أنّ الTTقتالَ قTTد طTTالَ بTTني اجلTTانِ Tبَنيِ ،وإنَّ Tهُم جTاؤوا نTتيجةَ اسTتغاثTةِ الTصليبنيَ املTوجTودِيTنَ بTالTساحTلِ؛ فTإذا تTصالَTحَ املسTلمونَ مTعهُم لَ Tرَجَ Tعُوا مِTTن حTTيثُ أتَTTوا" وقTTد بTTعثَ السTTلطانُ "صTTالحُ ال Tدِّي Tنِ" بTTرسTTال Tةٍ إلTTى "املTTلكِ العادلِ" لِيُطِيلَ احلديثَ مع الصليبني؛ حتّى تصلَ اإلمداداتُ العسكريةُ. ويTتَّضِحُ مِTن هTذا أنَ السTلطانَ "صTالحَ الTدِّيTنِ" قَTبِلَ الTتفاوضَ لTالسTتفادةِ مِTنه فTي تTأخTيرِ حركةِ الصليبنيَ ،واكتسابِ الوقتِ.5 وقTد اجTتمعَ "املTلكُ الTعادِلُ" و"ريTتشارد" بTعدَ ذلTكَ للحTديTثِ فTي أمTرِ الTصُّلْحِ ،وقTد أخ Tبَر "املTTلكُ الTTعادِلُ" "املTTلكَ ريTTتشاردَ" بTTأنّTTه) :ال يَ Tعْرِفُ شُTTروطَTTه لTTلصلْحِ( ،فTTكانَ جTوابُ ريTتشاردَ بTأنّ الشTرطَ األسTاسَ الTذي يُTعتبَرُ أسTاسTاً لTلمفاوضTاتِ هTو) :أنْ تTعودَ 1اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻌﺎدل ﺳﯿﻒ اﻟﺪﯾﻦ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﺸﻜﺮ أﯾﻮب ﺑﻦ ﺷﺎذي ﺑﻦ ﻣﺮوان ،اﻟﻤﻠﻘﺐ ﺑـ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻌﺎدلأﺑﻮ ﺑﻜﺮ ٥٣٨) ،ھـ ٦١٥ھـ) ﺷﻘﯿﻖ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﺻﻼح اﻟﺪﯾﻦ اﻷﯾﻮﺑﻲ 2 .1اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻨﺎﺻﺮ أﺑﻮ اﻟﻤﻈﻔﺮ ﺻﻼح اﻟﺪﯾﻦ واﻟﺪﻧﯿﺎ ﯾﻮﺳﻒ ﺑﻦ أﯾﻮب ﺑﻦ ﺷﺎذي ﺑﻦ ﻣﺮوان ﺑﻦ ﯾﻌﻘﻮب اﻟﺪُوﯾﻨﻲ اﻟﺘﻜﺮﯾﺘﻲ ،اﻟﻤﺸﮭﻮر ﺑﻠﻘﺐ ﺻﻼح اﻟﺪﯾﻦ اﻷﯾﻮﺑﻲ ﻗﺎﺋﺪ ﻋﺴﻜﺮي أﺳﺲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻷﯾﻮﺑﯿﺔ اﻟﺘﻲ وﺣﱠﺪت ﻣﺼ َﺮ واﻟﺸﺎ َم واﻟﺤﺠﺎ َز وﺗِﮭﺎﻣﺔَ واﻟﯿﻤﻦَ ﻓﻲ ظﻞﱢ اﻟﺮاﯾ ِﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﯿﺔ ،ﺑﻌﺪ أن ﻗﻀﻰ ﻋﻠﻰ ...وﯾﻜﯿﺒﯿﺪﯾﺎ 3رﯾﺘﺸﺎرد اﻷول ﻣﻠﻚ إﻧﺠﻠﺘﺮا ﻣﻨﺬ ٦ﯾﻮﻟﯿﻮ ١١٨٩وﺣﺘﻰ وﻓﺎﺗﮫ .ﻛﻤﺎ ﺣﻜﻢ ﻛﺪوق ل"ﻧﻮرﻣﺎﻧﺪي" ،ودوق "أﻗﻄﺎﻧﯿﺔ" و"ﻏﺎﺳﻜﻮﻧﯿﺔ" و"ﺳﯿﺪ ﻗﺒﺮص و"ﻛﻮﻧﺖ أﻧﺠﻮ" و"ﻣﯿﻦ" و"ﻧﺎﻧﺖ" و"ﺳﯿﺪ ﻋﻤﻮم ﺑﺮﯾﺘﺎﻧﻲ" ﻋﻠﻰ ت أﺛﻨﺎ َء ﻋﮭ ِﺪه .وﯾﻜﯿﺒﯿﺪﯾﺎ ﻓﺘﺮا ٍ 4اﺑﻦ واﺻﻞ ﻣﻔﺮج اﻟﻜﺮوب ﻓﻲ أﺧﺒﺎر ﺑﻨﻲ أﯾﻮب اﻟﻤﻄﺒﻌﺔ اﻷﻣﯿﺮﯾﺔ اﻟﻘﺎھﺮة ١٩٧٥ص٣٦٧ 5اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻨﻮادر اﻟﺴﻠﻄﺎﻧﯿﺔ واﻟﻤﺤﺎﺳﻦ اﻟﯿﻮﺳﻔﯿﺔ ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﺨﺎﻧﺠﻲ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ اﻟﻘﺎھﺮة ١٩٩٤ص٢٧٣ الصفحة ١٨٩ : ١٥٢ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات الTبالدُ كTلُّها لTلصليبنيَ( ،1فTقالَ املTلكُ الTعادلُ" :هTذا ال مTطمعَ فTيه ،وهTذا رسTم بTاطTل حTقّنا مTعفيه ودونَ حُTدودِ الTبالدِ حُTدود احلِTدادِ) 2وهTذا كTنايTةٌ عTن احلTربِ والTدفTاع عTن حTدود الTبالدِ؛ حTتى لTو أُقTيمَتِ املTأمتُ( ،وكTانTت تTلكَ كTلماتٌ غTليظةٌ عTلى مTسامِTع "ريتشارد" وبهذِه الكلماتِ انتهى االجتماعُ. بTعثَ "املTلكُ الTعادلُ" بTرسTولٍ إلTى الTقائTدِ"صTالحِ الTدِّيTن" لِTيُخْبِرَهُ" :أنّ الTصليبنيَ قTد حتَTدَّثُTوا مTعَه ،وأنّ مTطلَبَهُم األسTاسَ هTو إعTادةُ جTميعِ الTبالدِ الTساحTليةِ لTهُم" ،وقTد وافTقَ الTقائTدُ "صTالحُ الTدِّيTنِ" عTلى هTذا املTطلبِ؛ ألنTه رأى فTيهِ مTصلحةً لTعامَّTةِ املسTلِمنيَ؛ فTقَد رأى أنّ الTعساكِTرَ قTد أصTابَTهُمُ الضَّجَTرُ مِTن مTواصTلَةِ الTقِتالِ والTبقاءِ طTويTالً فTي املTيدانِ، كTTما أنّ ال TدُّيTTونَ تTTراكَ Tمَتْ عTTليهم؛ 3بسTTببِ هTTذه احلTTال Tةِ كَ Tتَبَ السTTلطانُ "صTTالحُ الدِّينِ" "للملكِ العادلِ" يسمحُ له مبتابعةِ املفاوَضاتِ. وكTTان املTTلكُ الTTعادلُ عTTلى قُTTدرةٍ عTTالTTيةٍ مِTTن حت Tمُّلِ مTTسؤولTTيةِ الTTتفاوضِ مTTع الTTصليبنيَ، وكTTانTTت صِTTفاتُTTه تُTTؤهِّ Tلُهُ لTTقيادةِ هTTذه املTTفاوضTTاتِ؛ ف Tقَد كTTان )عTTفيفاً ،ج Tيِّدَ الTTلسانِ، حَ Tسَنَ الTTبيانِ ،وحَTTادَّ ال Tبَصَرِ ،وذَكِ Tيَّ الTTقلبِ( إذاً :فَ Tهُوَ أه Tلٌ لِ Tيُدِي Tرَ دُفَّ Tةَ املTTفاوضTTاتِ بنجاحٍ .4 وبTTعدَ هTTذا الTTلقاءِ فTTي ۷أيTTلول مِTTن عTTام ۱۱۹۱م أيّ :بTTعدَ الTTلقاءِ ب Tيَومَ Tنيِ خTTاضَ اجلTانTبانِ مTعركTةَ "أرسTوف" مبTبادرةٍ مِTن اجلTيشِ األيTوبTيِّ بTالTهجومِ عTلى الTصليبنيَ ،ثTمَّ 1اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻨﻮادر اﻟﺴﻠﻄﺎﻧﯿﺔ واﻟﻤﺤﺎﺳﻦ اﻟﯿﻮﺳﻔﯿﺔ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص٢٧٣ 2اﻟﻔﺘﺢ اﻟﻘﺴﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺢ اﻟﻘﺪﺳﻲ ﻋﻤﺎد اﻟﺪﯾﻦ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻷﺻﻔﮭﺎﻧﻲ ص٥٤٢ 3اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ٢٨١ 4ﻋﻤﺮ ﻛﻤﺎل ﺗﻮﻓﯿﻖ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﯿﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺴﻠﻤﯿﺔ ﻣﻊ اﻟﺼﻠﯿﺒﯿﻦ اﻹﺳﻜﻨﺪرﯾﺔ ١٩٨٦م ص١٢٠ الصفحة ١٨٩ : ١٥٣ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات حت Tوَّلَ الTTصليبيونَ مِTTن الTTدفTTاعِ إلTTى الTTهجومِ املTTفاجِTTئ؛ ممّTTا أدّى لِ Tتَفَرُّقِ املسTTلمنيَ ح Tتّى حلِقتْ بهِم الهزميةُ.1 وجت Tدَّدَتْ بTTعدَ هTTذه املTTعرك Tةِ املTTفاوضTTاتُ م Tرَّةً أُخْ Tرَى؛ ولTTكنْ هTTذه امل Tرَّة مِTTن جTTان Tبِ الTTصليبينيَ احمل Tلِّينيَ؛ حTTيث بTTعثَ املTTركTTيزِ "كTTونTTراد" صTTاح Tبُ "صُTTور" بTTرسTTال Tةٍ إلTTى الTTقائ Tدِ"صTTالحِ ال Tدِّي Tنِ" اشTTترطَ :أن يُTTعطِيَه السTTلطانُ "صTTيدا" و"بTTيروت" عTTلى أن يُTحاصِTرَ "عTكّا" واسTتردادهTا مِTن يTدِ الTصليبينيَ ،2وقTد اشTترطَ أن يُTقْسِمَ السTلطانُ أوّالً إذا متَّ االتTفاقُ بَTيْدَ أنّ السTلطانَ "صTالح الTديTنِ" بTعثَ إلTيه مُشTترِطTاً أن يُTبادِرَ هTو أوَّالً بِحصارِ "عكَّا" وإطالقِ سراحِ األسرى املوجُودِينَ لديهِ.3 عTندمTا عَTلِمَ "ريTتشارد" مبTحاولTةِ "املTركTيزِ" الTتفاوضَ مTع السTلطان"صTالحِ الTدِّيTنِ" تTوجَّTهَ إلTى "عTكَّا" لِTكي يTعوقَ املTصاحلTةَ؛ بTل وضTمَّ املTركTيزَ "كTونTراد" إلTى صTفوفِ الTقوَّاتِ الTTصليبيةِ ،4كTTما بَ Tعَثَ "ريTTتشارد" بTTرسTTولٍ إلTTى األيTTوبTTينيَ لِيتحَ Tدَّثَ فTTي مTTسأل Tةِ الTصلحِ؛ حTيث أوضTحَ أنّ الTبالدَ أصTبحتْ خTرابTاً ،وأنّTه عTمَّ اجلTميعَ نTقصٌ فTي األمTوالِ واألرواحِ ،وأنّ األم Tرَ قTTد طTTالَ ،وَوَجَ Tبَ الTTصلحُ؛ لِينْتَهTTي هTTذا الTTعناءُ ،كTTما أشTTارَ أنّ الTTصليبينيَ لTTن يTTتحوَّلُTTوا عTTن "ال Tقُدسِ" ح Tتّى ولTTو لTTم يTTبقَ مTTنهُم واح Tدٌ ،بTTاإلضTTاف Tةِ لِتَمَسُّكِهِم بـ"عسقالنَ" 5،أمّا صليبُ الصلواتِ فيَمُنُّ بهِ علينا السلطانُ.6 1اﺑﻦ واﺻﻞ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٦٧ 2اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٢٨٥ 3اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٢٨٥ 4ﻣﺤﻤﻮد ﺳﻌﯿﺪ ﻋﻤﺮان ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺤﺮوب ﻟﺼﻠﯿﺒﯿﺔ دار اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﯿﺔ اﻹﺳﻜﻨﺪرﯾﺔ ﻋﺎم ١٩٩٥ص ١٧٧ 5اﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ ﻣﺤﻤﺪ ﺳﯿﺪ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص١٦ 6اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ ٢٩٠ الصفحة ١٨٩ : ١٥٤ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات وقTد أجTابَ السTلطانُ "صTالحُ الTدِّيTن" :أنّ "الTقُدسَ" أعTظمُ عTندَ املسTلمنيَ ممّTا هTيَ عTندَ الTTصليبنيَ ،وال يTTكونُ هTTناكَ أبTTداً تTTصوُّرٌ للتخ Tلِّي ،أو الTTنزولِ عTTنها؛ أمّTTا الTTبالدُ الTTتي يُTريTدُهTا الTصليبيونَ فهِTيَ فTي األصTلِ للمسTلِمنيَ ،وكTان االسTتيالءُ عTليها طTارئTاً لِTضَعْفِ املسTلمنيَ الTذيTن كTانُTوا بTها وقTتَ االسTتيالءِ ،أمّTا الTصليبُ فTال يTجوزُ الTتفريTطُ فTيه إالّ ملَِصلَحةٍ راجعةٍ لإلسالم.1 ومِTن الTضرورةِ مبTكانٍ مTالحTظةُ أنّ متTسُّكَ كُTلٍّ مِTن "السTلطانَ"و "املTلكِ" بTبيتِ املTقدسِ راجTعٌ ألنَّ هTذه املTديTنةَ )مُTقدَّسTةٌ( فTي نَTظَرِ جTميعِ األديTانِ؛ فـ"املسTيحيونَ" يُTقدِّسُTونTها؛ ألنّTها )مَTوطِTنُ املسTيحِ مَTبعَثِ الهTدايTةِ( ،و"املسTلمونَ" عِTنْدَهُTمْ )أُولTى الTقِبْلَتَنيِ ،وثTالِTثُ احلرَمَنيِ الشَّرِيفنيِ(. مِTن املTمكِنِ أنْ يُTقرَّرَ :أنّ هTذه املTرحTلةَ مِTن املTفاوَضTاتِ تTدلُّ عTلى متTزُّقِ اجلTانTبِ الTصليبيِّ وانTTشقاقِTTه؛ ف Tمَوقِ Tفُ الTTصليبنيَ بTTزعTTام Tةِ "ريTTتشارد" مِTTن املس Tلِمنيَ يTTختلفُ )شTTكالً، ومTTوضTTوع Tاً( عTTن مTTوق Tفِ الTTصليبنيَ احمل Tلِّينيَ؛ فTTالTTواق Tعُ :أنّ طTTلباتِ الTTصليبنيَ احمل Tلِّينيَ كTTانTTت مبTTثاب Tةِ "مُTTعاهَTTدةٍ" يTTتحالTTفونَ فTTيها م Tعَ أعTTداءِ األم Tسِ ،وهُTTم املسTTلمونَ ضِ Tدَّ الTTصليبنيَ إخTTوانِTTه فTTي ال Tدِّي Tنِ؛ فه Tيَ مبTTثاب Tةِ ضTTرب Tةٍ مُTTوجِ Tعَةٍ للحTTملةِ الTTصليبيةِ الTTثالTTثةِ، وذلTكَ راجTعٌ لِTعِلْمِ "املTركTيزِ" بTالTتكلفةِ الTباهTظةِ لهTذه احلTمْلَةِ ،وكTانTت طTلباتُ "املTركTيز" تعكسُ طُموحاتِه ومَصاحلَِهُ الشخصيةَ في املنطقةِ الساحليةِ.2 لTTقد عَTTمدَ السTTلطانُ "صTTالحُ ال TدِّيTTن" إلTTى تTTوازُنِ مTTائTTدةِ الTTتفاوُضِ بTTني "ريTTتشارد" و"املTركTيز" أثTناءَ سَTيرِ املTفاوَضTاتِ؛ وذلTك لTتحقيقِ الTفائTدةِ للمسTلمنيَ ،وإضTعافِ مTركTزِ 1أﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص١٦ 2اﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ ص٢٠ الصفحة ١٨٩ : ١٥٥ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات "ريTتشارد" أثTناءَ الTتفاوُضِ وشَTقِّ صَTفِّ الTصليبنيَ؛ بَTيْدَ أنّ تTسابُTقَ اجلTانTبَنيِ فTي إرسTالِ الرُّسُلِ إلى السلطانِ إشعالُ نارِ احلقدِ في نَفْسِ كُلٍّ منهُما جتُاهُ اآلخَر.1 أرسTTل "ريTTتشارد" فTTي۲۹مTTن رمTTضانِ ٥۸۷هـ ۲۰ /تشTTريTTن األوّل ۱۱۹۱م بTTرسTTولٍ ل"ملTلكِ الTعادلِ" ومTعَه عَTرْضٌ بTاملTصاهTرةِ يTتمثَّلُ فTي اقTتراحِ "ريTتشارد" بـ :أنْ يTتزوَّجَ "املTلكُ الTعادلُ" مِTن "جTوانTا" مTلكةِ صِTقلية أُخTتِ املTلكِ "ريTتشارد" وأن يُTقيمَ االثTنانِ بTTعدَ الTTزواجِ فTTي مTTديTTنةِ "املTTقدسِ" ويTTكونُ حُTTكمُها "ثُTTنائ Tيّاً" بTTينَهُما ،و أنْ يَهَ Tبَ السTلطانُ"صTالحُ الTدِّيTنِ" شTقيقَه "املTلكَ الTعادلَ" جTميعَ بTالدِ الTساحTلِ ،بTاإلضTافTةِ ملِTا فTي يTدِه مِTن بTالدٍ ،و أنْ يُTقدِّمَ "ريTتشارد" لِTشَقيقَتِه كُTلَّ مTا فTتحَه مِTن مُTدنِ الTساحTلِ مبTا فTي ذلTكَ "عTسقالنُ" أنْ تُTرَدَّ إلTى "الTداويTةِ" و"االسTبتاريTةِ" كُTلَّ ممTتلكاتTهم فTي بTالد الTشامِ، وأن يTحصلَ الTصليبيونَ عTلى "صTليبِ الTصلواتِ" ،وكTذلTكَ* أنْ يTتمَّ تTبادلُ األسْTرى بني اجلانبنيِ. وَقَTدْ أرسTلَ "املTلكُ الTعادِلُ" وفْTداً إلTى السTلطانِ لِTعَرْضِ األمTرِ عTليهِ ،وقTد تَTرَكَ مجTلسُ الTشورى الTرأيَ للسTلطانِ ،ووافTقَ عTلى املشTروعِ كTما وافTقَ "املTلكُ الTعادلُ" أيTضاً؛ إالّ أنّ الTرفTضَ جTاءَ مِTن جTانTب "جTوانTا" الTتي أنTكرَ رجTالُ الTكنيسةِ عTليها هTذا الTزواجَ ،ولهTذا عَTرَضَ "ريTتشارد" عTلى"املTلكِ الTعادلِ" الTدخTولَ فTي املسTيحيةِ؛ إالّ أنّ "املTلكَ الTعادلَ" رَفَTضَ ذلTكَ بTدُبْTلومTاسTيَّةِ)حِTنكَةٍ ،ودهTاءٍ( ،وتَTرَكَ بTابَ املTفاوضTاتِ مTفتوحTاً ،وكTانTتْ آخِ Tرُ الTTرسTTائ Tلِ الTTتي بTTعثَها "ريTTتشارد" فTTي هTTذا املشTTروعِ تُTTفيدُ بTTأنّ "رِجTTالَ ال Tدِّي Tنِ" يTرفTضونَ هTذا الTزواجَ دونَ مَTشُورةِ "الTبابTا" ،ولهTذا أرسTلَ "ريTتشارد" ل"بTابTا" رسTوالً 1ﻋﻤﺮ ﻛﻤﺎل ﺗﻮﻓﯿﻖ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﯿﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺴﻠﻤﯿﺔ ﻣﻊ اﻟﺼﻠﯿﺒﯿﻦ ص١٧٢ الصفحة ١٨٩ : ١٥٦ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات يTعودُ بTعدَ ثTالثTةِ أشهُTرٍ؛ فTإذا صَTرَّحَ بTاألمTرِ متََّ عTقدُ الTزواجِ ،وإذا رَفَTضَ زَوَّجَ "ريTتشاردُ" "امللكَ العادلَ" ابنةَ أُختِه "اليانور" دونَ أن يحتاجَ إذنَ "البابا" في ذلك.1 واحلTقيقةُ :إنَّ فTكرةَ الTزواجِ أكTثرُ الTعُروضِ خTياالً ،ومُTبالTغةٌ غTيرُ مTقبولTةٍ فTي عَTصْرٍ اتَّTسَمَ بTTالTTتعصُّبِ الTTديTTنيِّ ،وكTTانَ هTTذا يTTبدو مسTTتحيالً وس Tطَ حَ Tرْبٍ دائTTرةٍ بTTني املسTTلمنيَ واملسTيحينيَ حتTملُ طTابَTعاً دِيTنيَّاً؛ فTقَد اسTتغلَّ "ريTتشارد" الTصداقTةَ املTتبادَلTةَ بTينَه وبTنيَ "املTلكِ الTعادلِ" لـ :خTدمTةِ أغTراضِTه ،وإطTالTةِ أمTدِ املTفاوَضTاتِ ،ولِTعَرقTلَةِ قTيامِ حتTالُTفٍ بTني السTلطانِ "صTالحِ الTديTنِ" و”املِTركTيز" ،ويTتَّضِحُ ذلTك مِTن رسTائTلِ "ريTتشارد" بTطلبِ تTنصيرِ"املTلكِ الTعادلِ" ،وانTتظارِ وُصTولِ مTوافTقةِ "الTبابTا" عTلى هTذا الTزواجِ ،ومِTن زاويTةٍ أُخTTرى فTTإنّ "ريTTتشارد" لTTم ي Tكُنْ جTTادَّاً فTTي عَ Tرْضِ Tهِ؛ ألنّTTه عَ Tرَضَ عTTلى "املTTلكِ الTTعادلِ" الTزواجَ مِTن "الTيانTور" إذا رَفَTضَ الTبابTا زواجَTه مِTن "جTوانTا" ،ومِTن املTلحوظِ أنَّ "ريTتشارد" كTان يُTراوِغُ غTي عَTرْضِTهِ فTلِماذا لTم يُTقَدِّمْ هTذا الTعَرْضَ مTنذُ الTبدايTةِ؛ إذ كTان زواجُ "املTلكِ الTعادلِ" مِTن "الTيانTور" لTن يTتطلَّبَ مTوافTقةَ "الTبابTا"؛ ألنّ "الTبابTا" يTحتاجُTه الTصليبيونَ فTي تزويجِ الثَّيِّبِ مِن بناتِ امللوكِ 2مِن بابِ أَوْلى. وإنّ مُTوافTقةَ السTلطانِ "صTالحِ الTديTنِ" العTتقادِه بTأنّ "ريTتشارد" ال يُTوافِTقُ عTلى هTذا العَرْضِ ،أو أنّ األمرَ كُلَّهُ ال يَعدُو سِوى هَزوٍ ومَكْرٍ وخديعةٍ خبيثةٍ. والTواقTعُ إنّ "املTلكَ الTعادلَ" كTان دبTلومTاسTياً )سTياسTياً مُTحنَّكاً ،وداهTياً حTكيماً( فTال ريTبَ أنّTه أدْرَى؛ فTقَد فَTهِمَ وفَTطِنَ أنَّ األمTرَ كُTلَّهُ لTيس سِTوى مُTناورَةٍ يTقومُ بTها "ريTتشارد" 1اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٢٩٢ 2اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٣٠٠ الصفحة ١٨٩ : ١٥٧ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ولهTذا وافTقَ عTلى املشTروعِ ،1وجتَTدَّدَ االجTتماعُ بTني اجلTانِTبَنيِ فTي۱۸مTن شTوال٥۸٦ه/ املTوافTق ۸مTن نTوفTمبر ۱۹۱۱م؛ حTيثُ اجTتمعَ "املTلكُ الTعادلُ" فTي مTوقTعِ "الTيزك" وقTد طTلبَ "ريTتشارد" أثTناءَ االجTتماعِ مِTن"املTلكِ الTعادلِ" أن يTقومَ بTترتTيبِ اجTتماعٍ لTهُ مTع السTTلطانِ"صTTالحِ ال Tدِّي Tنِ" وكTTان جTTوابُ السTTلطانِ عTTلى هTTذا الTTطلبِ" :بTTعدَ الTTصلحِ يTكون االجTتماعُ" ،ويTتَّضِحُ مِTن ذلTكَ أنّ السTلطانَ "صTالحَ الTدِّيTنِ" كTان يُTدْرِكُ متTامTاً )أنّ "ريتشارد" ال يبغي الصلحَ مِن وراءِ هذا االجتماعِ؛ وإمنّا ليَضيعَ الوقتُ(. وقَTدْ عَTقَدَ السTلطانُ "صTالحُ الTدِّيTنِ" بTعدَ ذلTك مجTلسَ مَTشورتِTه لTترجTيحِ الTصلحِ مTع أحTدِ الTطرفTنيِ ،وقTد أجTمعَ اجملTلسُ أن يTتمَّ الTصلحُ مTعَ "ريTتشارد"؛ ألنّTه سTوفَ يTعودُ إلTى بTالدِه ،أمّTا الTصلحُ مTع الTصليبنيَ احملTلّينيَ فTغيرُ مTقبولٍ؛ ألنّ مُTخالَTطتَهُم غTيرُ مTأمTونTةٍ؛ بَTيْدَ أنَّ السTTلطانَ "صTTالحَ ال Tدِّي Tنِ" كTTان يُ Tفَضِّلُ الTTصلحَ مTTع "املِTTركTTيز"؛ ألنّ ذلTTك يُTTضعِفُ الصليبنيَ ،ويَزيدُ مِن انقسامِهم.2 تدميرُ عسقالنَ: اتَّTبعَ السTلطانُ "صTالحُ الTدِّيTنِ" سTياسTةَ تTدمTيرِ املTدنِ الTتي ال يسTتطيعُ الTدفTاعَ عTنها؛ وذلTTك مَTTنعاً لِTTوقُTTوعِTTها بTTأي Tدِ الTTصليبنيَ فيشTTتدّ بTTها سTTاعِ TدُهُTTم؛ ولTTذل Tكَ قTTامَ بهTTدمِ "عسقالنَ" وهَدْمِ "حصنِ الرَّمْلَةِ واللدِّ" وجاءَ هذا القرارُ بعدَ معركةِ "أرسوف".3 ولTم يَTكُنِ الTقَرارُ سهTالً عTلى "صTالحِ الTدِّيTنِ" الTذي كTان يTرى أنّ مTوتَ أحTدِ أبTناءِه أح Tبَّ إلTTيهِ مِTTن تخTTري Tبِ "عTTسقالن"؛ ح Tتّى إنTTه قTTالَ" :واهلل ألن أف Tقِدَ أوالدي كُ Tلَّهُمْ 1اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٣٠٣ 2أﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٢١ 3اﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ٢٢ الصفحة ١٨٩ : ١٥٨ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات أح Tبُّ إل Tيَّ مِTTن هَ Tدِّكِ مِTTنها حَجَTTراً واحِTTداً؛ ولTTكن إذا ق Tضَى اهللُ بTTذل Tكَ وع Tيَّنَهُ حلِ Tفْظِ املسلِمِ طريقاً فكيفَ أصنعُ.1 وعTلى الTرغTمِ مِTن ذلTكَ قTادَ السTلطانُ"صTالحُ الTديTنِ" جُTزءاً مِTن جTيشهِ إلTى "عTسقالن"، وأمTرَ بTإخTالئِTها مِTن الTسكَّانِ ،ودَمَّTرَ املTديTنةَ عTن آخِTرِهTا ،وقَTذَفَ بِTحِجارَتِTها فTي البحTرِ، ومTع ذلTكَ فTقَد الTتمسَ الTصليبيونَ فTي خTرابِ "عTسقالنَ" مTلجأً لTهم؛ وذلTك بTناءً عTلى نTصيحةِ الTفِرَجنْTةِ الTشامTيِّنيَ الTذيTن بTادَروا بTتوجTيهِ أنTظارِ "ريTتشارد" إلTى "عTسقالنَ"، وإعTادةِ إعTمارِهTا حTتّى يُسTيطِرَ الTصليبونَ عTلى املTؤنِ الTتي تَTرِدُ إلTى بTيتِ "املTقْدِسِ" مTن مِTصْرَ ،كTما يتيسَّTرَ لTهم االتTصالُ بTاألسTطولِ ،وقTد وَصَTلَ "ريTتشارد" املTديTنةَ فTي ۲مTن محرم٥۸۸ه/املوافق ۲۰من يناير ۱۱۹۲م ،وبدأتْ إعادةُ بنائِها.2 وبTينما كTان "ريTتشارد" فTي "عTسقالنَ" وصTلَتْ إلTيه أنTباءٌ عTن تTطلٌّعِ شTقيقِه "حTنَّا" لTالسTتيالءِ عTلى "عَTرْشِ انTكلترا" وعَTقَدَ مTؤمتTراً فTي "عTسقالن" وأعTربَ لTلمُجتَمِعِينيَ مِTن "الTبارونTاتِ" و"الTفرسTانِ" عTن رغTبتِه فTي الTعودةِ إلTى بTالدِه؛ ولTكنَّه حTريTصٌ عTلى حTلِّ مTشكلةِ عَTرْشِ بTيتِ املTقدسِ قTبلَ عTودتِTه ،وتَTرَكَ لTهمْ حُTرِّيَّTةَ االخTتيارِ مTا بTني "جTي" و"كونراد" فَوَقَعَ االختيارُ على "كونراد" العتالءِ بيتِ املقدسِ.3 وكTان "ريTتشارد" قTد طTلبَ فTي رسTالTتِه الTسابTقةِ أن يُTعطِيَهُ السTلطانُ "صTالحُ الTديTنِ" ك TTنيسةَ ال TTقيامT Tةِ ،وق TTد رأى مج TTلسُ امل TTشورةِ ض TTرورةَ ع TTقدِ ال TTصلحِ؛ ألنّ املس TTلمنيَ أصTابَTهُم الضّجTرةُ ،والTتعبُ ،وكTثرةُ الTدُّيTونِ فTما كTان مِTن السTلطانِ "صTالحُ الTدِّيTنِ"؛ إالّ 1اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ٣٠٥ 2اﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٢٥ 3اﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ ص٢٥ الصفحة ١٨٩ : ١٥٩ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات أنّ أرس Tلَ لـ"قTTلبِ األس Tدِ" بTTأنّTTه يTTكونُ لTTلصليبنيَ )كTTنيسةُ الTTقيام Tةِ ،والTTبالدُ الTTتي فTTتحُوهTTا( ،ويTTكونُ )للمسTTلمنيَ الTTقالعُ اجلTTبليةُ؛ إالّ عTTسقالنَ ومTTا ورائَTTها( فTTتكونَ خراباً ليستْ ألحدٍ مِن اجلانِبَنيِ. والTواقTعُ أنّ نTقصَ األمTوالِ كTان نTاجتTاً عTن أنّ السTلطانَ"صTالحَ الTدِّيTنِ" أنTفقَ مTالَ مِTصْرَ فTي فTتحِ الTشامِ ،ومTالَ الTشامِ فTي فTتحِ اجلTزيTرةِ ،ومTالَ اجلTميعِ فTي فTتحِ الTساحTلِ ،ثTمَّ وَجَTدَ نT Tفْسَه ف TTي ال TTنهايT Tةِ ب TTال م TTواردَ ت TTكفي ل TTلحصولِ ع TTلى )األس TTلحةِ ،وامل TTؤنِ ،وع TTطاءِ األج TTنادِ(؛ ول TTذلT Tكَ ل TTم يس TTتطِعْ أن ي TTفعلَ ش TTيئاً ل TTتخفيفِ ال TTضائ TTقةِ ال TTتي ح TTالT Tتْ بTالTعساكTرِ ،1وإنْ دلَّ هPذا عPلى شPيءٍ فPإنّPه يPدلُّ عPلى شPيءٍ أال وهُPوَ صِPدْقُ وعَPدْلُ السPPلطانِ "صPPالحِ الPPدي Pنِ" رَحِ Pمَه اهللُ تPPعالPPى ورغ Pمَ كُ Pلِّ الPPضائPPقةِ االقPPتصادي Pةِ ظ Pلَّ بعيداً عن األموالِ اخلاصَّةِ للمواطننيَ ،ولم يستَولِ عليها بحُجَّةِ احلربِ. فTتعثَّرَتِ املTفاوَضTاتُ بTنيَ اجلTانTبَنيِ؛ نTظراً لTتمسُّكِ "ريTتشارد" بـ"عTسقالن"؛ ألنَّTه صَTرَفَ فTTي إعTTادةِ حتTTصينِها أمTTواالً طTTائTTلةً؛ ولهTTذا عَ Tرَضَ السTTلطانُ "صTTالحُ ال Tدِّي Tنِ" عTTليه أنْ يُTTعوِّضَ الTTصليبنيَ فTTي املTTقاب Tلِ بـ)املTTزارعِ ،وال Tقُرى( مِTTن "عTTسقالنَ" عTTلى أنْ تُخ Tرَّبَ "الداروم" وغيرُها2وهذا مِن بابِ سدِّ الذرائعِ. إالّ أنّ "ريTTتشارد" حَTTرصَ عTTلى أن تُ Tتْرَكَ هTTذه األمTTاك Tنُ الTTثالث Tةُ):عTTسقالن ،ويTTافTTا، والTداروم( عTامTرةً ،وأعTلنَ عTن تخTلِّيهِ نTهائTيّاً عTن "الTقُدسِ" عTلى أن يTكونَ لTلصليبنيَ مِTTن )الTTداروم إلTTى أنTTطاكTTيةَ( ،وقَTTد رَفَ Tضَ السTTلطانُ "صTTالحُ الTTدي Tنِ" هTTذه الشTTروطَ، 1اﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٢٦ 2اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٣٠٦ الصفحة ١٨٩ : ١٦٠ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات وأصT Tرَّ ع TTلى خ TTرابِ "ع TTسقالنَ" وت TTعويT Tضِ ال TTصليبنيَ ف TTي امل TTقابT Tلِ ب TTالT Tلُدِّ؛ فَT TرَفَT Tضَ "ريTتشارد" هTذا الTعَرْضَ ،وأرسTلَ رسTوالً للسTلطانِ"صTالح الTديTنِ" يُTخْبِرُهُ بTأنَّTه) :ال ميُTكِنُنا أنْ نُخَTرِّبَ مِTن عTسقالنَ حجTراً واحTداً ،وال يُTسمَعُ عTنّا فTي الTبالدِ مTثلُ ذلTك( وبهذا وصَلَتِ املفاوضاتُ إلى طريقٍ مسدودٍ .1 ويPدلُّ هPذا عPلى أنّ "ريPتشارد" عPندمPا أعPلنَ تخPلِّيهِ عPن بPيتِ "املَPقدسِ" كPشفَ عPن حPPقيقةِ مPPجيئِه لPPيسَ حلPPماي Pةِ الPPصليبنيَ والPPدفPPاعِ عPPن بPPيتِ "املPPقدسِ"؛ بPPل جملُِ Pرَّدِ أطماعٍ شخصيةٍ. كTان تTوقُّTفُ املTفاوضTاتِ دافTعاً للسTلطانِ "صTالحِ الTدِّيTنِ" لTلقيامِ بTعَملٍ عTسكريٍّ مِTن شTأنِTه إجTبارَ "ريTتشارد" عTلى قَTبولِ الTصلحِ بTاملTقتَرحTاتِ الTسابTقةِ إذا مTا عTادَ إلTى مTائTدةِ املTفاوَضTاتِ؛ فTقَد انتهTزَ السTلطانُ "صTالحُ الTدِّيTنِ" فُTرصTةَ غTيابِ "ريTتشارد" عTن يTافTا، واسTتولTى عTليها؛ غTير أنّ "ريTتشارد" عTادَ إلTى املTديTنةِ فَTورَ عTلمِه بTاألمTرِ ،واسTتردَّ يTافTا مTرّةً أُخرى.2 وعَTقِبَ مTعركTةِ "يTافTا" ازدادتْ رغTبةُ السTلطانِ "صTالحِ الTدِّيTنِ" فTي الTعودةِ لTبالدِه؛ نTظراً لTسوءِ األحTوالِ فTيها؛ ولهTذا أرسTلَ إلTى السTلطانِ لTطلبِ الTصلحِ؛ إالّ أنّ االتTصاالتِ لTم تُTسْفِرْ هTذه املTرَّةُ أيTضاً عTن شTيءٍ جTديTدٍ لِتَشَTدُّدِ اجلTانTبَنيِ فTي أمTرِ مTديTنةِ "عTسقالن"، وقTTد مَ Tرِضَ "ريTTتشارد" بTTعدَ ذل Tكَ فTTي "يTTافTTا" ،وظَ Tلَّ بTTها فTTترةً ،فTTأرس Tلَ لTTه السTTلطانُ بطَبيبِه اخلاصِّ ،3 1اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ ص٣٠٧ 2اﺑﻦ واﺻﻞ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ 3اﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٣١ الصفحة ١٨٩ : ١٦١ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات وعTندمTا اشTتدَّ بـ"ريTتشارد" املTرضُ أرسTلَ إلTى الTعادلِ لTيتوسَّTطَ لTه عTند السTلطانِ "صTالحِ الTدِّيTنِ" فTي الTصلحِ عTلى أنْ يُTعطيه السTلطانُ "عTسقالنَ" فTإنْ رَفَTضَ قَTبِلَ "ريTتشارد" الTتعويTضَ عTمّا أنTفقَه فTي تTعميرِهTا؛ فTعَقدَ السTلطانُ مَجTلِسَه لTلتشاورِ فTي األمTرِ؛ حTيثُ أجTمعَ األمTراءُ عTلى ضTرورةِ عTقدِ الTصلحِ ملَِTا حلَِTقَ بTالTبالدِ مTن الTتدمTيرِ والتخTريTبِ مِTن نTاحTيةٍ ،وألنّ اجلTنودَ تTراكTمتْ عTليهِمُ الTدُّيTونُ مTن نTاحTيةٍ أُخْTرى ،وأصTابَTهُمُ الضجَTرُ مِTن مُواصلةِ القتالِ.1 بTينما كTانTت األمTور جتTري عTلى هTذا الTنحو أعTلن ريTتشارد نTزولTه عTن عTسقالن وعTن طTTلب الTTتعويTTض الTTذي اقTTترحTTه وبTTذلTTك اتَّTTضحَ أنّTTه يTTري Tدُ الTTصلحَ اجلTTادَّ هTTذه امل Tرَّةَ؛ فنشTطَتِ املTراسTالتُ بTنيَ الTطرفTنيِ لTالتTفاقِ عTلى قTواعTدِ الTصلحِ حTتى متَّ االتTفاقُ عTلى هُدنَةِ "الرَّمْلَةِ" في۲۱من شعبان٥۸۸ه ۱ /سبتمبر ۱۱۹۲م.2 وقTد رَفَTضَ "ريTتشارد" أن يُTقْسِمَ عTلى الهُTدنTةِ مُTتعلِّالً بTأنّ املTلوكَ ال يُTقدِمTونَ عTلى مِTثْلِ ذلTك األمTرِ؛ ولهTذا أقTسمَ نTيابTةً عTنه "الTكونTت هTنري" و"بTالTيان بTن بTارزان" ومُTقدَّمTا "األس TTبارت TTيةِ ،وال TTداوي TTة" ،وق TTد أع TTطى الس TTلطانُ يT Tدَه ولT Tمْ يُT Tقْسِمْ مِ TTثلَما فَT Tعَلَ "ريTتشارد" ،وأقTسَمَ بTالTنيابTةِ عTنه )املTلكُ الTعادلُ ،واملTلكُ األفTضلُ ،واملTلكُ الTظاهTرُ( أب TTناءُ الس TTلطانِ ،و"امل TTلكُ م TTنصورُ ص TTاحT Tبُ "ح TTماةَ" ،وامل TTلكُ م TTجاهT Tدٌ ص TTاحT Tبُ "حِ Tمْصَ" ،واملTTلكُ األمج Tدُ "بهTTرام شTTاه" صTTاح Tبُ "بTTعلَبكَّ" ،واألمTTيرُ "بTTدرُ ال Tدِّي Tنِ" 1اﺑﻦ ﺷﺪا د اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ٣١ 2اﻟﻌﻤﺎد اﻷﺻﻔﮭﺎﻧﻲ اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ٦٠٥ الصفحة ١٨٩ : ١٦٢ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات صTاحTبُ "تTلّ بTاشِTر" ،واألمTيرُ "سTابTقُ الTدِّيTنِ عTثمان" صTاحTبُ "شTيزر" ،واألمTيرُ "سTيفُ الدِّينِ املشطوبُ" وغيرُهم.1 وكانتِ الهدنةُ تنصُّ على اآلتي: أوّالً :هُTدنTةٌ عTامَّTةٌ فTي )الTبَّرِّ ،والبَحTرِ ،والسَّهْTلِ ،والTوعْTرِ( مُTدَّتُTها ثTالثُ سTنواتٍ وثTمانTيةُ أشهُرٍ. ثTانTياً :يTكونُ لTلصليبنيَ املTنطقةُ الTساحTليةُ مِTن )يTافTا جTنوبTاً حTتّى عTكّا شTماالً( )يTافTا، أرسوف ،حيفا ،عكا( ثالثاً :كتخريبِ "عسقالن" رابعاً :تكونُ اللدُّ والرملةُ مناصفةً بني املسلمنيَ. خامساً :يكونُ للصليبنيَ حُرِّيَّةُ احلجِّ إلى بيتِ املقدسِ.2 وقTد اشTترطَ الTصليبيونَ دخTولَ صTاحTبِ أنTطاكTيةَ وطTرابTلس فTي الهTدنTةِ فTوافTقَ السTلطانُ واشTTترطَ أن يُ Tقْسِمُوا فTTإنْ لTTم يTTفعلُوا ذل Tكَ ال يTTدخ Tلُوا فTTيها 3،وقTTد أم Tرَ السTTلطانُ أن يُTذاعَ خَTبَرُ الهTدنTةِ فTي مTعسكراتِ اجلTنودِ واألسTواقِ؛ لTينتقلَ املسTلمونَ والTصليبيونَ فTي البالدِ بِحُرِّيَّةٍ وسَالمٍ .4 1اﻟﻌﻤﺎد اﻷﺻﻔﮭﺎﻧﻲ اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ٦٠٥ 2اﻟﻌﻤﺎد اﻷﺻﻔﮭﺎﻧﻲ اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٣٤٧ 3اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٣١٠ 4اﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٣١ الصفحة ١٨٩ : ١٦٣ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات نظراتٌ في الهُدنةِ: كTان "ريTتشارد" حTريTصاً لTلطلبِ؛ نTظراً ملَِTا أصTابَ جُTنودَهُ مِTن الضَّجَTرِ وطُTولِ غTيابِTهِم عTن أوطTانTهِم ،بTاإلضTافTةِ إلTى سُTوءِ األحTوالِ فTي بTالدِه ومTحاوالتِ أخTيهِ "حTنّا" إقTصاءَه عن العرشِ ،ورَغبتِه في العودةِ بأسرعِ صورةٍ ممُكِنَةٍ ،واشتدادِ مَرضِه. وعلى هذا كانتْ شروطُ الصلحِ جيِّدَةً بالنسبةِ له بأيِّ حالٍ من األحوالِ. لTم يTكُنِ الTصلحُ مِTن إيTثارِ السTلطانِ "صTالحِ الTدِّيTن"؛ ألنّTه كTان يُTفضِّلُ اجلTهادَ ،كTما أنّTه كTان يَخشTى مِTن أن يTقوى الTعدوُّ ،ولTه بTالدٌ فTي يTدِه فيخTرجَ السTتعادةِ بTقيَّةِ الTبالدِ؛ بَTيْدَ أنْ أدركَ أنّ املTصلحةَ فTي عَTقْدِ الهُTدنTةِ؛ ألنّ احلTربَ طTالTتْ وأحلTقتْ بTاملسTلمنيَ خTسائTرَ عديدةً.1 إنّ هTذه أوّلَ مَTرّةٍ تنتهTي حTملةٌ صTليبيةٌ إلTى صُTلحٍ أو اتTفاقٍ يجTمعُهُما عTلى الTتعايُTشِ وقَTبولِ الTواقTعِ .والTواقTعُ أنّ مTا حَTدَثَ لTيس صTلحاً ولTيس مTعاهTدةَ سTالمٍ دائTمةٍ؛ وإمنّTا فTي احلقيقةِ هُدنَةٌ مؤقتةٌ قصيرةُ األجلِ.2 وتTTختلفُ روايTTاتُ املTTصادرِ اإلسTTالمTTيةِ والTTصليبيةِ فTTي حتTTدي Tدِ مُ Tدَّةِ سَTTريTTانِ املTTعاهTTدةِ، وبدايتِها. والTواقTع أنّ هTذه األمTرَ مَTردودٌ عTليه؛ ألنّ "الTعِمادَ األصTفهانTيَّ"كTاتTب السTلطانِ "صTالحِ الدِّينِ" هو الذي كَتَبَ نسخةَ املعاهدةِ؛ ممّا يدفعُنا إلى ترجيحِ روايتِه.3 1أﺑﻮ ﺷﺎﻣﺔ ﻋﯿﻮن اﻟﺮوﺿﺘﯿﻦ ﻓﻲ أﺧﺒﺎر اﻟﺪوﻟﺘﯿﻦ ص٢٧٢ 2ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻨﻌﻢ ﻣﺎﺟﺪ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص١٨٤ 3اﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ ﻣﺤﻤﺪ ﺳﯿﺪ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٣٢ الصفحة ١٨٩ : ١٦٤ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات إنّ املTدَّةَ الTزمTنيةَ لTلمعاهTدةِ تُTفيدُ فTي إعTادةِ تTعميرِ الTبالدِ ،وحتسTنيِ الTزراعTةِ الTتي أتTلفَتْها احلTربُ؛ فTضْالً عTن أنّ هTذه املTدَّةَ مِTن شTأنِTها أنْ تُTوفِّTرَ الTراحTةَ لTلجيشِ األيTوبTيِّ الTذي لTم يهدأْ طوالَ سنواتٍ عديدةٍ مِن .۱۱۸۷۱۱۹۲ لTم يTتمَّ فTي هTذه الهTدنTةِ أيُّ اعTترافٍ لTلصليبنيَ بTأيِّ حTقٍّ لTهُم عTلى أرضِ فِلسTطنيَ؛ وإمنّTا تقرَّرَ عدمُ القتالِ على ما انتزعُوه مِن أرضٍ حتّى تنتهيَ هذه الهدنةُ. مِTTن الTTراج Tحِ أنّ ال Tتُّجّارَ اإليTTطالTTينيَ كTTان ل Tهُم دورٌ فTTي إقTTناعِ "ريTTتشارد" عTTن املTTديTTنةِ املTTقدَّس Tةِ نTTظيرَ اسTTتيالءِه عTTلى املTTدنِ الTTساحTTليةِ ،وفTTي الTTواق Tعِ قTTد خَ Tرَجَ الTTصليبيونَ مبTكاسTبَ مِTن هTذا الTبندِ اخلTاصِّ بTاملTنطقةِ الTساحTليةِ؛ ألنّ بTها "جTوهTرةَ الTساحTلِ الTشامTيِّ "عTكَّا" ،كTما أنّ "يTافTا" كTانَ مِTن شTأنTها تسهTيلُ وصTولِ احلُTجَّاجِ األوربTينيَ املسTيحينيَ إلTTى املTTناط Tقِ املTTقدَّس Tةِ لTTدي Tهِم ،ومِTTن املTTنطقيِّ تTTصوُّرُ دَوْرِ ال Tتُّجَّارِ اإليTTطالTTينيَ؛ إذ أنّ املسTTتعمَراتِ الTTصليبيةَ فTTي بTTالدِ الTTشامِ كTTانTTت فTTي أم Tسِّ احلTTاج Tةِ ملTTساعTTداتِ املTTدنِ اإليTطالTيةِ لTيس فTي اجملTالِ الTعسكريِّ فحسTب؛ لTكنْ بTصُورةٍ أكTبرَ فTي نTقلِ )اإلمTداداتِ، واملؤنِ ،والطعامِ( ،وبِشكْلٍ مكثَّفٍ احلُجَّاج والفُرسان واحملاربنيَ.1 إنّ الTبندَ اخلTاصَّ بTجعلِ "الTلدِّ" و"الTرمTلة" مُTناصَTفةً بTنيَ املسTلمنيَ والTصليبنيَ يُTعَدُّ مِTن اإلشTاراتِ األُولTى فTي املTصادرِ الTعربTيةِ عTن نTظامِ بTالدِ املTناصَTفاتِ؛ وهTي املTناطTقُ الTتي تُوصَفُ بأنّها مناطقُ مُحايدةٌ.2 يحTملُ الTبندُ اخلTاصُّ بTاحلTجِّ رسTالTةً حTضاريTةً عTلى جTانTبٍ كTبيرٍ مِTن األهTميةِ مِTن شTأنِTه تTدفُّTقِ حTركTةِ احلTجِّ املسTيحيِّ مTع وجTودِ املTقدَّسTاتِ املسTيحيةِ فTي أيTدي املسTلمنيَ ،وممّTا 1اﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ ﻣﺤﻤﺪ ﺳﯿﺪ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٣٣ 2ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺆﻧﺲ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯿﻦ اﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب ص ٢٤٨ الصفحة ١٨٩ : ١٦٥ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات يُTذكَTرُ فTي هTذا الTشأنِ أنّ "ريTتشارد" طTلبَ مِTن السTلطانِ "صTالحِ الTدِّيTنِ" أالّ يTسمحَ لTTلصليبنيَ بTTاحل Tجِّ إالّ بTTإذنٍ مِTTنه شTTخصيَّاً؛ ولTTكنَّ "صTTالحَ ال Tدِّي Tنِ" رَفَ Tضَ هTTذا الTTطلبَ حتى ال يجعلَ له مبقتضى هذا احلقِّ أيُّ سيطرةٍ على بيتِ املقدِسِ ولو معنويّاً.1 وقTTد أنه Tتْ هTTذه الهTTدن Tةُ احلTTملةَ الTTصليبيةَ الTTثالTTثةَ بTTعد أنْ بTTاءتْ بTTالفش Tلِ فTTي حتTTقيقِ هدفِها األساسِ؛ أال وهُوَ االستيالءُ على بيتِ املقدسِ.2 رؤيةٌ شاملةٌ ألحداثِ املُفاوَضاتِ: إنّ أهTمَّ الTوسTائTلِ فTي املTفاوَضTاتِ هTي )اكTتسابُ الTوقTتِ ،واخTتراعُ األفTكارِ لTلتسويTةِ(، وهTذا مTا حَTرصَ عTليه الTطرفTانِ أثTناءَ املTفاوضTاتِ بشTتّى الTطُّرُقِ املTمكنةِ ،وهTذا مTا نTراهُ فTي فِكْرَةِ املصاهرةِ بني "ريتشارد" و"امللكِ العادل". لTقَد أظهTرَت هTذه املTفاوضTاتُ مTدى متTاسُTكِ اجلTانTبِ اإلسTالمTيِّ وتTوحُّTدِه؛ فTعلَى مTدارِ املTفاوضTاتِ نُTالحTظُ هTذا الTتوحُّTدَ الTذي جTمعَ السTلطانَ "صTالحَ الTدِّيTنِ وأمTراءَه" مِTن خTاللِ مجTلسِ املTشورةِ كTان يTنعقدُ لTلنظرِ فTي أمTرِ الTبالدِ ومTدى احTتياجِTها لTلصلحِ، كTTما كTTان هTTذا اجملTTلسُ عTTون Tاً للسTTلطانِ فTTي دراس Tةِ مTTقترحTTاتِ "ريTTتشارد" وتTTقييمِها، ومِTن جTهةٍ أُخْTرى أوضTحَتِ املTفاوَضTاتُ مTدى متTزُّقِ اجلTانTبِ الTصليبيِّ وانTشقاقِTه؛ فTلم يTكُنْ قTادةُ اجلTيشِ يTختلِفُونَ فTيما بTينهُم فحسTب؛ كTان الTعامTلُ اجلTغرافTيُّ وراءَ مسTيرةِ املTفاوَضTاتِ؛ فTقَد أدَّتْ مTديTنةُ "عTسقالنَ" إلTى عTرقTلةِ املTفاوضTاتِ أكTثرَ مِTن مTرَّةٍ؛ نTظراً ملَِTا لها مِن أهميةٍ في الربطِ بني الساحلنيِ)الشاميِّ ،واملصريِّ(. وضعَتْ هدنةُ الرملةِ حَدّاً لصراعٍ عنيفٍ بني املسلمنيَ والصليبنيَ في بالدِ الشامِ. 1ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺆﻧﺲ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯿﻦ اﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب ص٢٤٩ 2اﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ ﻣﺤﻤﺪ ﺳﯿﺪ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص٣٤ الصفحة ١٨٩ : ١٦٦ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات وتPدلُّ هPذه الهPدنPةُ عPلى أنّ )األصPلَ فPي عPالقPةِ املسPلمنيَ بPغَيرهِPم هPي الPدعPوةُ ولPيسَ احلرب( كما أجمعَ عليه فقهاءُ املسلمنيَ األجالّءُ. الصفحة ١٨٩ : ١٦٧ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﺨﺎﺗِﻤﺔُ * الTدولTةُ اإلسTالمTيةُ هTي الTدولTةُ الTوحTيدةُ الTتي عَTرفَTتْ مTبدأَ وحTدةِ املTعايTيرِ األخTالقTيةِ فTي الTعالقTاتِ الTدولTيةِ والTداخTليةِ؛ والTتي جTعلَتِ احTترامَ املTعاهTداتِ الTدولTيةِ )دِيTناً وشُTرعTاً( بTنصِّ الTكتابِ؛ بTينما تشTتهِرُ سTائTرُ الTدُّولِ الTتي عTرفَTها تTاريTخُ البشTريTةِ بTازدواجTيةِ املTعايTيرِ األخTTالقTTيةِ بTTني )الTTداخ Tلِ ،واخلTTارجِ( ألسTTبابٍ كTTثيرةٍ أه Tمّها :عTTنصري Tةُ هTTذه الTTدولِ بتفضيلِ مواطنِيها على سائرِ البَشرِ. * حتTTترمُ الTTدول Tةُ اإلسTTالمTTيةُ املTTواثTTيقَ واملTTعاهTTداتَ ،وحتُ Tرِّمُ نTTقضَها ،وتTTدعُTTو إلTTى السِّ Tلْمِ العزيزِ املقترنِ بإعدادِ القوَّةِ الرادعةِ واحلذرِ الدائمِ مِن الغَدرِ. * الTقاعTدةُ اإلسTالمTيةُ فTي الTفتوحِ األمTانُ لِTكُلِّ مTدنTيٍّ ولِTكُلِّ مَTن لTم يُTقاتِTلْ؛ نTاهِTيكَ عTن األمTانِ لـ)ألطTفالِ ،والTنساءِ ،والشTيوخِ ،وعُTلماءِ الTدِّيTنِ( ،مTع كTفالTةِ حُTرِّيَّTةِ املTعتقَدِ؛ فـ)للحTTروبِ آدابُTTها ،وقَTTد خلَّ Tصَها خTTليفةُ رسTTولِ اهللِ ص Tلّى اهللُ عTTليهِ وس Tلّمَ أبTTو بَ Tكْرٍ الTصِّدِّيTقُ رضTيَ اهللُ عTنهُ فTي عَشْTرِ خِTصالٍ جTاءتْ فTي خُTطْبَتِه الTتي ودَّعَ بTها جTيشَ أسTامTةَ بTنِ زَيTدٍ رضTيَ اهللُ عTنهُ وفTيها يTقولُ" :يTا أيُّTها الTنّاسُ :قِTفُوا أُوصِTيكُمْ بِعَشْTرٍ فTاحْTفَظُوهTا عَنّي: ال تَخونُوا وال تَغلُّوا، وال تَغدرُوا، وال متُثِّلُوا، وال تَقتلُوا طِفالً صَغيراً، وال شيخاً كبيراً وال امرأةً، الصفحة ١٨٩ : ١٦٨ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات وال تَعقرُوا نَخالً وال حتَْرِقُوا، وال تَقطَعُوا شجرةً مُثْمِرَةً ،وال تَذبَحُوا شاةً وال بقرةً وال بعيراً إالّ ملَِأكَلَةٍ، وسوفَ متَرُّونَ بأقوامٍ قدْ فرَّغُوا أنفسَهُم في الصوامعِ ،فدَعُوهُم وما فَرَّغُوا أنفسَهُم لَه . "وسTوفِ تَTقدِمُTونَ عTلى قَTومٍ يTأتTونَTكُمْ بTآنTيةٍ فTيها ألTوانُ الTطَّعامِ؛ فTإذا أكTلْتُم مِTنها شTيئاً بعدَ شيءٍ فاذكُروا اسمَ اهللِ عليها . وتTلقونَ أقTوامTاً قTدْ فَTحَصُوا أوسTاطَ رُؤوسِTهِم وتَTركُTوا حTولَTها مTثلَ الTعصائTبِ؛ فTاخْTفقُوهُTم بTالسَّTيفِ خَTفْقاً ،انTدفِTعُوا بTاسْTمِ اهللِ" ،1وهTذا يTعني أنْ يُTقاتَTلَ املTقاتِTلونَ فTقط فTي مTيدانِ املTعركTة .ومِTن الTرّوائTعِ احلTضاريTةِ :أنّ أمTيرَ املTؤمTننيَ عُTمَرَ رضTي اهلل عTنه بTعدَ أبTي بTكرٍ الTصِّديTقِ رضTي اهلل عTنه أعTطَى فTقراءَ أهTلِ الTكتابِ مِTن بTيتِ مTالِ املسTلمنيِ مTا يَسُTدُّ حاجَتَهُم . ويَTذْكُTرُ الTبالذريُّ :ومَTرَّ الTفاروقُ عُTمَرُ رضTيَ اهللُ عTنه فTي أرضِ الTشامِ بTقَومٍ مَجTذومِTنيَ مِن النّصارى ،فأمرَ أن يُعطُوا مِن الصّدقاتِ ،وأنْ يُجرِيَ عليهِم القُوتَ بانتظامٍ . وهTذه املTعامTلةُ اإلنTسانTيةُ املTثالTيّةُ جTعلتْ أهTلَ "حِTمْصَ" حTينما ردّ إلTيهِم "أبTو عُTبيدةَ" اجلTزيTةَ مُTنسَحِباً إلTى الTيرمTوكِ يTقولُ لTهم" :يTا أهTلَ حِTمْصَ ،شُTغِلْنا عTن نُTصْرَتِTكُمْ والTدَّفْTعِ عَTنْكُمْ؛ فTأنTتُمْ عTلى أمTركُTم ،فTقالَ أهTلُ حِTمْصَ" :إنّ وَاليَTتَكُمَ وعَTدْلَTكُمْ أحTبُّ إلTينا ممِّTا كُ Tنّا فTTيه مِTTن ال Tظُّلْمِ وال Tغَشْمِ ،ولَ Tنَدْفَ Tعَنَّ جُ Tنْدَ "هِTTرقْ Tلَ" عTTن املTTديTTنةِ مTTع عTTامِTTلكُم.. والTتّوراة لTن يَTدخُTلَ عTامTلُ هِTرقْTلَ مTديTنةَ حِTمْصَ إالّ أنْ نُTغْلَبَ ،ردّكُTمُ اهللُ عTلينا ونَTصَركُTمْ 1ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ اﻟﻄﺒﺮي دار اﻟﻤﻌﺎرف اﻟﻘﺎھﺮة ١٩٧٩اﻟﻄﺒﺮي ٣٢٦٦ الصفحة ١٨٩ : ١٦٩ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات عTليهِم )عTلى الTرومِ( ،فTلو كTانُTوا هُTم ،لTم يTردّوا عTلينا شTيئاً ،وأخTذُوا كTلَّ شTيءٍ بَTقِيَ لنا.1 حقوقُ غيرِ املسلمِ في دولةِ اإلسالمِ: واسTTتناداً إلTTى العُهTTدةِ ال Tعُمريّ Tةِ املسTTتمدَّةِ مTTن الTTكتابِ وال Tسُّنَّةِ ،والTTتي وقِّ Tعَتْ عTTلى مِTTنوالTTها مTTعاهTTداتٌ كTTثيرةٌ فTTي بTTالدِ الTTشامِ ،ومِTTصرَ ..اسTTتخلصَ الTTفقهاءُ حTTقوق Tاً لِ Tغَيرِ املسلمِ في دولةِ اإلسالمِ منها: ۱حِTفْظُ الTنفْسِ؛ فـ)دمُ الTذِّمِّTيِّ كَTدَمِ املسTلِمِ( ،قTالَ أمTيرُ املTؤمTننيَ عTليّ رضTيَ اهللُ عTنه: "مَن كانَ له ذِمَّتُنا ،فَدَمُهُ كَدَمِنا ،وَدِيَتُهُ كَدِيَتِنا . ۲والقانونُ اجلِنائيُّ سواءٌ فيه )املسلِمُ ،والذِّمِّيُّ( ،يتساوى فيه االثنانِ درجةً. ۳والTقانTونُ املTدنTيُّ سTواءٌ فTيه )املسTلمُ ،والTذِّمِّTيُّ( ،و)أمTوالُ الTذِّمِّTيِّنيَ كTأمTوالِTنا( ،جTاء فTي الTدُّرِّ اخملTتار :۲/۲۷۳ويTضمنُ املسTلِمُ قTيمةَ خTمَرِه )خTمْرِ الTذِّمِّTيِّ( وخTنزيTرَه إذا أتلَفَهُ. ٤مTع حِTفْظِ األعTراضِ :فTال يTجوزُ إيTذاءُ غTيرِ املسTلِم ال بـ)الTيدِ ،وال بTالTلّسانِ( ،و)ال شTTتمُه وال غِTTيبتُه( ،وَرَدَ فTTي ال Tدُّرِّ اخملTTتار) :ويTTجبُ ك Tفُّ األذى عTTنهُ ،وحتTTرميُ غِTTيبتِه كاملسلِم(. ٥وثُTTبوتُ ال Tذِّمَّ Tةِ :إنَّ عَ Tقْدَ ال Tذِّمَّ Tةِ يTTلزمُ املسTTلمنيَ لُ Tزُوم Tاً أبTTديّ Tاً؛ أيّ :إنّTTه لTTيس لTTهمْ أنْ يTنْقضُوه بTعدَ عَTقْدِه؛ ولTكنْ أهTلُ الTذِّمَّTةِ لTهُمُ اخلTيارُ أن يTلتزِمُTوهُ مTا شTاؤوا ،ويTنقضُوه متى شاؤُوا ،ومهْما ارتكبَ غيرُ املسلِمِ مِن كبيرةٍ فال ينقضُ بذلكَ عَقدُه. 1ﯾﻌﻘﻮب ﺑﻦ اﺑﺮاھﯿﻢ اﺑﻮ ﯾﻮﺳﻒ اﻟﺨﺮاج اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻻزھﺮﯾﺔ ﻟﻠﺘﺮاث اﻟﻘﺎھﺮة ﻋﺎم ١٩٩٩م ص ٨١ الصفحة ١٨٩ : ١٧٠ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ٦احلTTروبُ فTTي اإلسTTالمِ لTTها أسTTبابٌ سTTامTTيةٌ مُTTتعالTTيةٌ عTTن األسTTبابِ الTTتي تTTقومُ عTTليها مTTعظمُ احلTTروبِ البشTTري Tةِ الTTيومَ؛ فهِ Tيَ مTTتسامTTيةٌ عTTن األسTTبابِ االقTTتصادي Tةِ للحTTروبِ مستنكرةً نشرَ الدِّينِ بالقوَّة. الTلهُمّ ألTهِمْنا رُشْTدَنTا ،وأعِTذْنTا مِTن شُTرورِ أنTفُسِنا ،وجَTنِّبْنا اخلTطَأ والTزَّلَTلَ والTفِنتَ مTا ظَهَTرَ مِنْها وما بَطَنَ بِرَحْمَتِكَ يا أرحَمَ الرّاحمنيَ .اللهُمّ آمنيَ. الصفحة ١٨٩ : ١٧١ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﻔَﻬﺎرِسُ أوّالً :فِهرسُ اآلياتِ م نصُّ اآليةِ الصفحة ۱ وَإِذْ قَTالَ رَبُّTكَ لِTلْمَالَئِTكَةِ إِنِّTي جَTاعِTلٌ فِTي األَْرْضِ خَTلِيفَةً ۖ قَTالُTوا أَجتَْTعَلُ فِTيهَا ۱٥ مَTن يُفْسِTدُ فِTيهَا وَيَTسْفِكُ الTدِّمَTاءَ وَنَTحْنُ نُسَTبِّحُ بِحَTمْدِكَ وَنُTقَدِّسُ لَTكَ ۖ قَTالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا الَ تَعْلَمُونَ ۲ كTانَ الTنَّاسُ أُمَّTةً وَاحِTدَةً فَTبَعَثَ اهللُّ الTنَّبِيِّنيَ مُبَشِّTرِيTنَ وَمُTنذِرِيTنَ وَأَنTزَلَ مَTعَهُمُ الْTكِتَابَ بِTاحلَْTقِّ لِTيَحْكُمَ بَTنيَْ الTنَّاسِ فِTيمَا اخْTتَلَفُواْ فِTيهِ وَمَTا اخْTتَلَفَ فِTيهِ إِالَّ الَّTذِيTنَ أُوتُTوهُ مِTن بَTعْدِ مَTا جَTاءتْTهُمُ الْTبَيِّنَاتُ بَTغْياً بَTيْنَهُمْ فَهَTدَى اهللُّ الَّTذِيTنَ آمَ Tنُواْ ملَِTTا اخْ Tتَلَفُواْ فِTTيهِ مِ Tنَ احلَْ Tقِّ بِ Tإِذْنِ Tهِ وَاهللُّ يَهْ Tدِي مَTTن يَ Tشَاءُ إِلَTTى صِ Tرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ۷٤ ۳ فَمَنِ اعْتَد َٰى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ مبِثْلِ مَا اعْتَد َٰى عَلَيْكُمْ ۚ ۷۷ ٤ إلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِل َٰى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ ۸۲ ۸۱ ٥ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ٦۸ ٥۰ ٦ وَمَا وَجَدْنَا ألَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ ۷ وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اهللِّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ۸ وَإِنِ اسْTتَنْصَرُوكُTمْ فِTي الTدِّيTنِ فَTعَلَيْكُمُ الTنَّصْرُ إِلَّTا عَTلَى قَTوْمٍ بَTيْنَكُمْ وَبَTيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ مبَِا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ۹ بَTرَاءَةٌ مِّTنَ الTلَّهِ وَرَسُTولِTهِ إِلَTى الَّTذِيTنَ عَTاهَTدتُّTم مِّTنَ املُْشْTرِكِTنيَ ) (۱فَسِTيحُوا ٥۰ ۸۱۱۰۰ ۷٦ فِTي األَْرْضِ أَرْبَTعَةَ أَشْهُTرٍ وَاعْTلَمُوا أَنَّTكُمْ غَTيْرُ مُعْجِTزِي الTلَّهِ ۙ وَأَنَّ الTلَّهَ مُخْTزِي الْكَافِرِينَ ۱۰ وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا ۷٤ ۱۱ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اهللِ إِذَا عَاهَدتُّم ٥۰ الصفحة ١٨٩ : ١٧٢ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ۱۲ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَاإلِْحْسَانِ ۷٥ ۱۳ سُTبْحَانَ الَّTذِي أَسْTرَى بِTعَبْدِهِ لَTيْالً مِTنَ املَْسْجِTدِ احلَْTرَامِ إِلَTى املَْسْجِTدِ األَْقْTصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ .السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ۱۱۰ ۱٤ أدْعُ إِل َٰى سَTبِيلِ رَبِّTكَ بِTاحلِْTكْمَةِ وَاملَْTوْعِTظَةِ احلَْTسَنَةِ ۖ وَجَTادِلْTهُم بِTالَّTتِي هِTيَ ۱٦ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مبَِن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِاملُْهْتَدِينَ ۱٥ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُوالً ۱٦ وَتَ Tفَقَّدَ ال Tطَّيْرَ فَ Tقَالَ مَTTا لِ Tيَ الَ أَرَى الْهُ Tدْهُ Tدَ أَمْ كَTTانَ مِ Tنَ الْ Tغَائِ Tبِنيَ )(۲۰ ألَُعَTذِّبَTنَّهُ عَTذَابًTا شَTدِيTدًا أَوْ ألَذْبَTحَنَّهُ أَوْ لَTيَأْتِTيَنِّي بِسُTلْطَانٍ مُTبِنيٍ(۳۱) .... قَTالَTتْ يَTا أَيُّTهَا املَْTألَُ أَفْTتُونِTي فِTي أَمْTرِي مَTا كُTنْتُ قَTاطِTعَةً أَمْTرًا حَTتَّى تَشْهَTدُونِ ) (۳۲قَTالُTوا نَTحْنُ أُولُTو قُTوَّةٍ وَأُولُTو بَTأْسٍ شَTدِيTدٍ وَاألَْمْTرُ إِلَTيْكِ فَTانْTظُرِي مَTاذَا تَTأْمُTرِيTنَ ) (۳۳قَTالَTتْ إِنَّ املُْTلُوكَ إِذَا دَخَTلُوا قَTرْيَTةً أَفْسَTدُوهَTا وَجَTعَلُوا أَعِTزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُون ۱۷ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَم ۱۸ يَTا أَيُّTهَا الTنَّاسُ إِنَّTا خَTلَقْنَاكُTم مِّTن ذَكَTرٍ وَأُنTثَى وَجَTعَلْنَاكُTمْ شُTعُوبًTا وَقَTبَائِTلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ۷٥ ۷٤ ۱۹ ال يTنهاكTمُ اهللُ عTن الTذيTنَ لTم يُTقاتِTلُوكُTم فTي الTدِّيTنِ ولTم يُخTرِجُTوكُTمْ مِTن دِياركُم أنْ تبرُّوهُم وتُقسِطُوا إليهِم إنّ اهللَ يُحِبُّ املقسِطنيَ ۷۸ الصفحة ١٨٩ : ١٧٣ ۷٦ ۸٥ ۸٤ ٥۰ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات فِهْرِسُ األحاديثِ م نصُّ احلديثِ الصفحة ٦ صالةٌ في مسجِدي هذا ۱۰۳ ٤ قد أجرْنا مَن أجرْتِ يا أمَّ هانئٍ ۹۲ ۲ كلُّ شرطٍ ليسَ في كتابِ اهللِ فهوَ باطلٌ ۹۳ ۹۱ ٥ ال تُشدُّ الرِّحالُ إالّ ۱۰۳ ۱ لكلِّ غادرٍ لواءٌ يومَ القيامةِ ۹۱ ۳ يسعَى بِذِمَّتهِم أدناهُم ۹۲ الصفحة ١٨٩ : ١٧٤ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات فِهْرِسُ األعالمِ أسماءُ األعالمِ م الصفحة ۱ أبو عُبيدةَ بنُ اجلرَّاحِ ۲ أشرف صالح محمّد سيد ۱۱ ۳ بُديلُ بن ورقةَ اخلزاعيّ ۸۰ ٤ بِلقيس ۷۲ ٥ بنتام ۱ ٦ تشرشل ۷ ۷ احلُلَّيسُ بنُ علقمةَ سيِّدُ األحابيش ۸۱ ۸ خاتوسيل ۳ ۹ خالدُ بنُ الوليدِ ۱۰۷ ۱۰ رمحي عبد القادر موسى اجلديلي ۱۱ ۱۱ رمسيس الثاني ۳ ۱۲ روزفلت ۷ ۱۳ ريتشارد ۱۱٤ ۱٤ ريتشارد زوش ۱ ۱٥ سليمانُ عليه السالمُ ۷٤ ۱٦ الشافعيُّ ۹۷ ۱۷ صالحُ الدِّينِ ۱۸ عُبادَةُ بنُ الصامِت الصفحة ١٨٩ : ١٧٥ ۱۰٦ ۱۰٥ ۱۱٥ ۱۱ ۸۸ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ۱۹ عبدُ احلميدِ الثاني ۱۱۲ ۲۰ عبدُ الرحمنِ بنُ عَوفٍ ۱۰۷ ۲۱ عُثمانُ بنُ عفَّان ۸۳ ۲۲ عُروةُ بنُ مسعودٍ الثقفيُّ سُهيلُ بنُ عمروٍ العامريُّ ۲۳ عُمَرُ بنُ اخلطَّابِ ۲٤ عَمْرو بنُ العاص ۱۰٤۱۰٥۱۰٦ ۲٥ عُيينةُ بنُ حِصن ۸۷ ۲٦ فريدريك برباروسا ۱۱٤ ۲۷ فيليب أوغسطني ۱۱٤ ۲۸ كامل مطر ۱۱ ۲۹ كعبُ بنُ مالكٍ اخلزرجيُّ ۱۰٤ ۳۰ مارغريت تاتشر ۳٤ ۳۱ محمَّدُ بن احلسنِ الشيبانيُّ ۳۲ معاويةُ بنُ أبي سُفيانَ ۱۰۷ ۳۳ مُعاويةُ بنُ أبي سفيانَ ۸۹ ۳٤ مِكرزُ بنُ حَفْصٍ بن األخيفِ القُرشيُّ العامريُّ ۸۱ ۳٥ امللكُ العادلُ ۱۱٥ ۳٦ ميلودُ مهذبي ۱۱ ۳۷ عليّ بنُ أبي طالب ۱۲ ۳۸ نصرُ بنُ األزهر ۸۹ الصفحة ١٨٩ : ١٧٦ ۸۲۸٤ ۸۷ .8 ۱۰۸ ٦۲ – ۱۰ ٦٥۹٦۹۷۹۷ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ۳۹ نيقوال الثاني ٦ ٤۰ هارونُ الرشيدُ ۸۹ الصفحة ١٨٩ : ١٧٧ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات فِهرِسُ البُلدانِ اسم البلدان م الصفحة ۱ أمريكا ۳۸ ۲ احلُديبيةُ ۷۹ ۳ سان فرانسيسكو ۷ ٤ طهران ۷ ٥ العراق ۳۸ ٦ فينَّا ٥ ۷ القُدْسُ ۱۰۲۱۱۲۱۱٤ ۸ الهاي ٦ ۹ لندن ٥ ۱۰ مالطا ۷ ۱۱ مكَّة ۸۳ ۱۲ موسكو ۷ الصفحة ١٨٩ : ١٧٨ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات فِهْرِسُ املصطلَحاتِ م الصفحة اسمُ املصطلَح ۱ األخالقُ الدوليةُ ۲ ۲ أهلُ العَهْدِ ٤٥ ۳ التعهُّدُ ٤٥ ٤ التفاوضُ ۱٤ ٥ التفسيرُ الدِّبلوماسيُّ ٥٦ ٦ التفسيرُ القانونيُّ ٥٦ ۷ التفسيرُ القضائيُّ ٥٦ ۸ دارُ اإلسالم ٤ ۹ دارُ احلربِ ٤ ۱۰ دارُ املعاهدَة ٤ ۱۱ الشرطُ الباطلُ ۹٥ ۱۲ الشرطُ الفاسدُ ۹٥ ۱۳ العَهْدُ ٤٥ ۱٤ العُهْدَةُ ٤٥ ۱٥ القانونُ الدوليُّ ۲ ۱٦ القضيةُ التفاوضيةُ ۱٦ ۱۷ اجملامالتُ الدولية ۲ ۱۸ املعاهداتُ الشارعةُ الصفحة ١٨٩ : ١٧٩ .9 ٤۹ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ۱۹ املعاهداتُ العَقدِيةُ ۹٤۹ ۲۰ املعاهدةُ الدائمةُ ۹۲ ۲۱ املعاهدةُ املؤبَّدةُ ۹۲ ۲۲ املعاهدةُ في اإلسالمِ ۹۰ ۲۳ املعاهدةُ في القانونِ الدوليِّ ٤۷ ۲٤ معاهدةُ فينّا ٤۸٥٤٦۰ ۲٥ املعاهدةُ لغةً ٤٦ ٤٥ ۲٦ املفاوضاتُ ۱٤ ۲۷ املفاوضاتُ في اإلسالمِ ۷۲ ۲۸ مفاوضاتٌ مباشرةٌ ۸۷ الصفحة ١٨٩ : ١٨٠ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات فِهرِسُ املعاهَداتِ م الصفحة اسمُ املعاهَدة ۱ معاهدةُ وستفاليا ۲٥ ۲ معاهدةُ فرساي ٦ ۳ معاهدة الهاي ٤ معاهدة الالتران ٥ اتفاقية فينا ٦ العُهدةُ العُمريّةُ ۱۱۱۰۲۱۰۳۱۰۷۱۲۸ ۷ معاهدةُ الرملةِ ۱۱۱۱۳۱۱۹۱۲۲۱۲۳۱۲٤۱۲٥ الصفحة ١٨٩ : ١٨١ .7 ۹٦٤ ٤۸ ٥۹ ۱۲۲۳٤۷٤۸٤۹٥٤٥۷٥۸٦۰٦ ۲٦۳ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات املصادِرُ واملراجِعُ م اسمُ الكتابِ املؤلِّف دارُ النَّشر رقْمُ الطبعةِ والسَّنةِ مكانُ النَّشر ۱ آثارُ احلربِ وهبة الزحيلي دار الفكر ط۲۰۰۹ ٤ دمشق ۲ أخبارُ عُمَرَ وعبدِ اهللِ بنِ علي الطنطاوي دار املنارة ط۲۰۰۱ ۱۲ جدة عُمَر ۳ األخالقُ السياسيةُ اإلسالميةُ د .زكريا نضاف دار القلم ط۲۰۰٦ ۱ دمشق ٤ أربعةُ كُتبٍ في اجلهادِ من عصرِ احلروبِ الصليبية د .سهيل زكار دار التكوين ط۲۰۰۷ ۱ دمشق ٥ أسرارُ قوَّةِ التفاوُض روجر داوسن مكتبة جرير ط۱۲۰۰۳ الرياض ٦ بصائِرُ للمسلِم املعاصِر عبد الرحمن حسن حبنَّكة امليداني دار القلم ط۲۰۰۰ ۳ دمشق ۷ بني العقيدةِ والقيادةِ اللواء الركن محمود شيت خطّاب دار القلم ط۱۹۹۸ ۱ دمشق ۸ تاريخ القُدس عارف باشا العارف دار املعارف ط۲ ۹ تاريخ القوانني د .محمود عبد اجمليد املغربي مؤسسة احلديثة للكتاب طرابلس ۱۰التفاوضُ مِن موقِعَنيِ غيرِ متكافِئَنيِ فيللس بك كريتك مكتبة العبيكان ط۲۰۰۱ ۱ عمان ۱۲احلياةُ مفاوضاتٌ صائب عريقات جامعة النجاح ۲۰۰۸ نابلس الصفحة ١٨٩ : ١٨٢ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ۱۳الدبلوماسيةُ األيوبيةُ الصليبية أشرف صالح محمد سيد دار الطباعة اإللكترونية ط۲۰۰۷ ۱ بيروت ۱٤دليلُ املفاوِضِ جورج فولر مكتبة جرير ط۲۰۱۲ ٤ الرياض ۱٥املركزُ القانونيُّ الدوليُّ ملدينةِ القُدس د .جعفر عبد السالم مؤسسة دعوة احلق العدد ۱٥۷ محرم ۱٤۱٦هـ جدة ۱٦السِّيَرُ الكبيرُ محمد بن احلسن الشيباني دار الكتب العلمية ط۱۹۹۷ ۱ بيروت ۱۷العالقاتُ الدوليةُ في اإلسالمِ د .وهبة الزحيلي مؤسسة الرسالة ط۱۹۸۹ ٤ بيروت ۱۸فِقهُ السيرةِ النبويةِ مع موجزٍ د .محمد سعيد رمضان البوطي لتاريخِ اخلالفةِ الراشدةِ دار الفكر ط۲۰۰۷ ۱۷ دمشق ۱۹الفقهُ اإلسالميُّ وأدلَّتُه د .وهبة الزحيلي دار الفكر ط۱۹۹۷ ٤ دمشق ۲۰فِقهُ الدعوةِ إلى اهللِ عبد الرحمن حسن حبنّكة امليداني دار القلم ط۲۰۰٤ ۲ دمشق ۲۱الفقهُ السياسيُّ اإلسالميُّ د .خالد الفهداوي دار األوائل ط۲۰۰۳ ۱ دمشق ۲۲الفنُّ اجلديدُ للتفاوضِ جيرارد أي نيرنبرج وهنري إتش كاليرو مكتبة جرير ط۱۲۰۱۰ الرياض ۲۳في التاريخِ اإلسالميِّ د .شوقي أبو خليل دار الفكر ط۱۹۹۹ ۱ دمشق ۲٤املبادئُ األوّليةُ في القانونِ الدبلوماسيِّ د .قاسم خضير عباس دار الرافدين ط۱۲۰۰۹ بيروت الصفحة ١٨٩ : ١٨٣ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ۲٥مبادئُ القانونِ الدوليِّ العامِّ د .طالب رشيد يادكار ۲٦مجموعةُ الوثائقِ السياسيةِ للعهدِ النبويِّ واخلالفةِ الراشدةِ محمد حميد عبد دار النفائس اهلل ۲۷محاضراتٌ في القانونِ الدوليِّ العامّ د .سرور طالبي مؤسسة موكوباني ۲۰۰۹ للبحوث والنشر جامعة آريس أربيل ط۱۹۸٥ ٥م دمشق ۲۰۱٤م بيروت املل ۲۸مدخلٌ إلى القانونِ الدوليِّ د .محمد عزيز شكري منشورات جامعة دمشق ۱۹۹۷ دمشق ۲۹املدخلُ إلى فنِّ التفاوض د .محمود علي منشورات ود .محمد عوض األكادميية العربية املفتوحة في الهزامية الدمنارك ۲۰۱۱م الدمنارك ۳۰املعاهداتُ عند محمَّد بنِ احلسنِ الشيبانيِّ عثمان بن جمعة ضميرية سلسلة دعوة احلق العدد ۱۷۷ رمضان ۱٤۱۷هـ جدة ۳۱املفاوِضُ املثاليُّ كيفني كني مكتبة العبيكان ط۱۹۹۸ ۱ عمان ۳۲املفاوضاتُ في اإلسالمِ د .وهبة الزحيلي دار املكتبي ط۱۹۹٦ ۱ دمشق ۳۳مقدمِّةٌ في علمِ التفاوُضِ السياسيِّ د .حسن محمد وجيه سلسلة عالم املعرفة العدد ۱۹۰ دار النمير ط۲۰۰۲ ۱ ۳٤منهجيةُ البحثِ العلميِّ في د .عبود عبد اهلل العسكري الشؤونِ القانونيةِ ۳٥موسوعةُ التفاوضِ وحلِّ النزاعاتِ الصفحة ١٨٩ : ١٨٤ مجموعة باحثني األكادميية العربية البريطانية للتعليم املفتوح دمشق بريطانيا www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ۳٦النظرياتُ السياسيةُ في اإلسالمِ د .محمد ضياء الدين الريس دار التراث ط٦ مصر ۳۷هكذا ظهرَ جيلُ صالحِ الدِّينِ األيوبيِّ وكيف عادتِ القُدسُ ماجد عرسان الكيالني دار القلم ط ۲۰۰۹ ۲ دبي ۳۸الوسائلُ البديلةُ حللِّ زينب وحيد دحام مطبعة الثقافة ۲۰۰۹ أربيل النزعاتِ ۳۹الوسيطُ في املنظَّماتِ الدوليةِ ٤۰ د .محمد عزيز شكري ود .ماجد احلموي منشورات جامعة دمشق ۱۹۹۹ دمشق اتTTفاقTTية فTTينّا لTTقانTTون امل TT Tعاه TT Tدات ۱۹٦۹ فينّا مTTكتبة جTTريTTر ۲۰۱۲ الTT TريTT Tا ٤۱ دليلُ املفاوِضِ جورج فولر الطبعة الرابعة ض ٤۲ التفاوضُ الفعّال ب TT T T T Tار ب TT T T T Tارا مكتبة الهالل بدون تاريخ أندرسون الصفحة ١٨٩ : ١٨٥ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات ٤۳ معجم التعريفات ٤٤ في ظِاللِ القرآنِ ع TT T T T T T T T T T T T Tليّ دار ال TTفضيلة ،بدون تاريخ الTTقاهTTر اجلُTT TرجTT Tان T Tيُّ ،ط۱ ة حتTTقيق محTTمد ص TT T T T Tدي TT T T T Tق املنشاوي سيّد قطب بدون تاريخ الTTقاهTTر ة الصفحة ١٨٩ : ١٨٦ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات اﻟﻔِﻬْﺮِسُ املقدمة 3 الفصل األول التفاوض مفهوم وأسس 18 املبحث األول :أسس عملية التفاوض الرئيسية 21 املبحث الثاني :خصائص التفاوض 25 الفصل الثاني اإلطار العام لعملية التفاوض واإلعداد لعملية التفاوض 27 املبحث األول :اإلطار العام لعملية التفاوض 28 املبحث الثاني :اإلعداد لعملية التفاوض 30 الفصل الثالث :استراتيجيات التفاوض وتكتيكاته 39 املبحث األول :استراتيجيات لتفاوض 41 املبحث الثاني :تكتيكات مائدة التفاوض 53 املبحث الثالث :كيف نقرأ تكتيكات املفاوضني اآلخرين 60 الفصل الرابع :املعاهدات الدولية 65 املبحث األول :مفهوم املعاهدات وشروط انعقادها 66 املبحث الثاني :إبرام املعاهدات وآثارها 72 الفصل اخلامس :تعديل املعاهدات وإنهاؤه 79 الصفحة ١٨٩ : ١٨٧ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات الفصل السادس :املفاوضات في اإلسالم 91 املبحث األول :تعريف املفاوضات في اإلسالم 98 املبحث الثاني :مشروعية املفاوضات وأنواعها 100 املبحث الثالث :أنواع املفاوضات 119 املبحث الرابع :املعاهدات في اإلسالم 123 املبحث اخلامس :مشروعية املعاهدات في اإلسالم 125 املبحث السادس:أنواع املفاوضات 127 نبذه عن تاريخ القدس 135 العهدة العمرية 138 معاهدة الرملة 150 نظرات في الهدنة 164 رؤية شاملة ألحداث املفوضات 166 اخلامتة 168 الفهارس 172 فهرس اآليات 172 فهرس األحاديث 174 فهرس األعالم 175 الصفحة ١٨٩ : ١٨٨ www.kantakji.com املفاوضات واملعاهدات فهرس البلدان 178 فهرس املصطلحات 179 فهرس املعاهدات 181 املصادر واملراجع 182 الفهرس 187 الصفحة ١٨٩ : ١٨٩ www.kantakji.com
© Copyright 2024 Paperzz