تحميل الملف المرفق

‫اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت واﻟﻤﻌﺎﻫﺪات‬
‫دراسة مقارنة بني‬
‫اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ واﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ‬
‫العُهْدَة العُمَرِيَّة ومُعاهَدَة الرّمْلَةِ أمنُوذجاً‬
‫‪2016‬‬
‫حمزة عبد الرحمن عميش‬
‫ماجستير في القانُونِ الدّوليّ والعَالقاتِ الدّوليّةِ‬
‫منشورات مركز أبحاث فقه املعامالت اإلسالمية‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫مشروع‬
‫)كتاب االقتصاد اإلسالمي االلكتروني المجاني (‬
‫إنَّ مشروعَ )كتاب االقتصاد اإلسالميّ االلكترونيّ اجملَانيّ( يهدِفُ إلى‪:‬‬
‫• ت‪T‬بنيّ نَش‪T‬رَ م‪T‬ؤل‪T‬فاتِ ع‪T‬لومِ االق‪T‬تصادِ اإلس‪T‬الم‪T‬يِّ ف‪T‬ي ال‪T‬سُوقِ ال‪T‬عامل‪T‬يِّ؛ ل‪T‬تِصبحَ مُ‪T‬تاح‪T‬ةً‬
‫للباحثنيَ واملشتغلنيَ في اجملالِ البحثيِّ والتطبيقيِّ‪.‬‬
‫• توفيرُ جميعُ املناهج االقتصادية للطالبِ والباحثنيَ بصِبغةٍ إسالميةٍ متينةٍ‪.‬‬
‫• أنَّ النشرَ االلكترونيّ يُعتبرُ أكثرَ فائدةً من النشرِ الورقيِّ‪.‬‬
‫• أنَّ استخدامَ الورقِ مسيءٌ للبيئةِ‪ ،‬ومُنهِكٌ ملَوارِدِهَا‪.‬‬
‫واهللُ من وراءِ القصدِ‬
‫عن أسرةِ مشروعِ )كتاب االقتصاد اإلسالميّ االلكترونيّ اجملَانيّ(‬
‫الفقير إلى اهلل‪ :‬سامر مظهر قنطقجي‬
‫لدعم املشروع‪ ،‬ميكنكم التواصل من خالل‪
www.kantakji.com :‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٢‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﻤُﻘَﺪﱢﻣَﺔُ‬
‫احل‪TT‬مدُ هللِ ربِّ ال‪TT‬عاملَ ‪T‬نيَ‪ ،‬وال‪TT‬صالةُ والس‪TT‬المُ ع‪TT‬لى س ‪T‬يِّدِن‪TT‬ا مُح ‪T‬مَّدٍ‪ ،‬وع‪TT‬لى آل ‪T‬هِ وصَ‪TT‬حبِه‬
‫أجمعنيَ‪ ،‬وتابعيهِم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ‪ ،‬وبعدُ‪:‬‬
‫ل‪TT‬قد سَ‪TT‬عى اإلن‪TT‬سانُ ق‪TT‬دمي ‪T‬اً وح‪TT‬دي‪TT‬ثاً ل‪TT‬لعيشِ ف‪TT‬ي ظ ‪T‬لِّ ح‪TT‬ال ‪T‬ةٍ مِ‪TT‬ن ال‪TT‬طمأن‪TT‬ينةِ والس‪TT‬المِ؛‬
‫فـ"اإلن‪TT‬سانُ ك‪TT‬ائ ‪T‬نٌ اج‪TT‬تماع ‪T‬يٌّ"‪ ،‬وه‪TT‬و "مَ‪TT‬دن ‪T‬يٌّ ب ‪T‬طَبعِه البَش‪TT‬ريِّ" ي ‪T‬حِبُّ ال‪TT‬عيشَ ف‪TT‬ي‬
‫جماعاتٍ يَشعرُ معها باألمانِ والسكينةِ‪ ،‬وهذا املطلبُ ال يأتي إالّ مِن خِاللِ‪:‬‬
‫أوّالً‪ :‬وَضْعِ حدٍّ للخالفاتِ التي تنشبُ بني أفرادِ اجملتمعِ‪ ،‬أو بنيَ األُممَِ‪.‬‬
‫ث‪P‬ان‪P‬ياً‪ :‬امل‪T‬زي‪T‬دِ مِ‪T‬ن ال‪T‬تعاونِ ب‪T‬ني األف‪T‬رادِ وب‪T‬ني األُممَِ؛ ألنّ‪T‬ه ال أح‪T‬دَ يس‪T‬تطيعُ ادّع‪T‬اءَ االك‪T‬تفاءِ‬
‫الذاتيِّ في اجملاالتِ كافَّةً؛‬
‫ل‪T‬ذل‪T‬ك ف‪T‬قَد ب‪T‬حَثَ اإلن‪T‬سانُ ال‪T‬قدميُ وامل‪T‬عاصِ‪T‬رُ ع‪T‬ن حُ‪T‬لولٍ ملُِ‪T‬عضِلَةِ ال‪T‬عالق‪T‬اتِ ال‪T‬قائ‪T‬مةِ ب‪T‬ني‬
‫األُممَِ على أساسِ االستقاللِ والتعاونِ املشتَركِ فكانَ القانونُّ الدوليُّ‪.‬‬
‫فمَا القانونُ الدّوليُّ؟‬
‫إنّ اص‪T‬طالحَ "ال‪T‬قان‪T‬ونِ ال‪T‬دول‪T‬يِّ ال‪T‬عامِّ" ال‪T‬ذي يَس‪T‬تعمِلُه ال‪T‬قان‪T‬ون‪T‬يُّونَ ف‪T‬ي ال‪T‬لغةِ ال‪T‬عرب‪T‬يةِ ه‪T‬و‬
‫ت‪T‬رج‪T‬مةٌ ح‪T‬رف‪T‬يةٌ ع‪T‬ن اإلجن‪T‬ليزي‪T‬ةِ وال‪T‬فرنس‪T‬يةِ‪ ،‬وه‪T‬و اص‪T‬طالحٌ ح‪T‬دي‪T‬ثُ ال‪T‬نشأةِ؛ اس‪T‬تعملَه‬
‫ألوَّلِ مَ‪T‬رَّةٍ ال‪T‬فيلسوفُ اإلجن‪T‬ليزيُّ)ب‪T‬نتام( ع‪T‬ام )‪(۱۷٤۸۱۸۳۲‬م ف‪T‬ي مُ‪T‬ؤلَّ‪T‬فِه ال‪T‬ذي نَشَ‪T‬رَهُ‬
‫ع‪T‬امَ )‪(۱۷۸۹‬م ب‪T‬عُنوان‪" :‬مُ‪T‬قدِّم‪T‬ةٌ حَ‪T‬ولَ مَ‪T‬بادِئ األخ‪T‬القِ والتش‪T‬ري‪T‬عِ"‪،‬وَقَ‪T‬دْ ك‪T‬انَ يَ‪T‬قصدُ‬
‫به‪TT‬ذا ال‪TT‬تعبيرِ مج‪TT‬موع ‪T‬ةَ ال‪TT‬قواع ‪T‬دِ امل‪TT‬طبَّقةِ ع‪TT‬لى اجل‪TT‬ماع ‪T‬ةِ ال‪TT‬دول‪TT‬يةِ‪ ،‬أو ال‪TT‬تي يُ‪TT‬فتَرَضُ أنْ‬
‫تَسودَ العالقاتِ بني الدولِ املستقلَّةِ‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٣‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫وق‪TT‬د اق‪TT‬تبسَ "ب‪TT‬نتام" ه‪TT‬ذا ال‪TT‬تعبيرَ أو امل‪TT‬صطلحَ مِ‪TT‬ن ك‪TT‬تابٍ س‪TT‬اب ‪T‬قٍ وَضَ ‪T‬عَهُ "ري‪TT‬تشارد‬
‫زوش" )‪(۱٦٥۰‬م ال‪T‬ذي ك‪T‬تَبَ ع‪T‬ن"ال‪T‬قان‪T‬ونِ ب‪T‬ني األُممَِ "وه‪T‬و ال‪T‬تعبيرُ ال‪T‬ذي ك‪T‬ان مُ‪T‬تعارَف‪T‬اً‬
‫عليه مِن قَبْلُ مع تعبيرٍ آخرَ هو )قانونُ الشعوبِ‪ ،‬أو قانونُ األُممَ(‪.1‬‬
‫وق‪T‬د عّ‪T‬رفَ‪T‬هُ ال‪T‬دك‪T‬تور "مُح‪T‬مَّد ع‪T‬زي‪T‬ز شُ‪T‬كري" ب‪T‬أنّ‪T‬ه‪":‬مج‪T‬موع‪T‬ةٌ مِ‪T‬ن ال‪T‬قواع‪T‬دِ ال‪T‬قان‪T‬ون‪T‬يةِ ال‪T‬تي‬
‫حتكُمُ الدولَ وغيرَها مِن أشخاصِ القانونِ الدوليِّ في عالقاتِها املتبادَلَةِ"‪.2‬‬
‫وممّ‪T‬ا يُ‪T‬الحَ‪T‬ظُ مِ‪T‬ن ه‪T‬ذا ال‪T‬تعري‪T‬فِ أنّ ال‪T‬قان‪T‬ونَ ال‪T‬دول‪T‬يَّ‪ :‬ه‪T‬و ع‪T‬بارةٌ ع‪T‬ن مج‪T‬موع‪T‬ةٍ م‪T‬ن ال‪T‬قواع‪T‬دِ‬
‫القانونيةِ؛ وهذا ما ميُيّزُهُ عن القواعدِ األخالقيةِ‪ ،‬وقواعدِ اجملامالتِ الدوليةِ‪.‬‬
‫ف‪T‬أمّ‪T‬ا األخ‪T‬القُ ال‪T‬دول‪T‬يةُ‪ :‬فه‪T‬ي"مج‪T‬موع‪T‬ةُ امل‪T‬بادِئ ال‪T‬تي ميُ‪T‬لِيها ال‪T‬ضميرُ ال‪T‬دول‪T‬يُّ؛ ممّ‪T‬ا ق‪T‬د‬
‫يُقيِّدُ تصرُّفاتِ الدُّولِ دونَ أن يُشكِّلَ هذا القيدُ إلزاماً قانونيّاً"‪.3‬‬
‫م‪T‬ثالُ ذل‪T‬ك‪ :‬وج‪T‬وبُ اس‪T‬تعمالِ ال‪T‬رأف‪T‬ةِ ف‪T‬ي احل‪T‬ربِ؛ ف‪T‬إذا م‪T‬ا فَشِ‪T‬لَتْ دول‪T‬ةٌ م‪T‬ا ف‪T‬ي ال‪T‬تقيُّدِ‬
‫به‪T‬ذه ال‪T‬قواع‪T‬دِ األخ‪T‬الق‪T‬يةِ س‪T‬بَّبَ فش‪T‬لُها سخ‪T‬طَ ال‪T‬رأي ال‪T‬عاملَ‪T‬يِّ‪ ،‬واح‪T‬تقارَه ل‪T‬ها دونَ أن‬
‫يترتَّبَ على مِثل هذا الفشلِ مسؤوليةٌ قانونيةٌ‪.‬‬
‫أمّ‪T‬ا اجملُ‪T‬امَ‪T‬التُ ال‪T‬دول‪T‬يةُ‪ :‬ال‪T‬تي ي‪T‬جبُ مت‪T‬ييزُه‪T‬ا ع‪T‬ن ال‪T‬قواع‪T‬دِ ال‪T‬قان‪T‬ون‪T‬يةِ امل‪T‬لزِم‪T‬ةِ فه‪T‬ي‪":‬ق‪T‬يامُ‬
‫دول‪T‬ةٍ م‪T‬ا ب‪T‬عَملٍ غ‪T‬يرِ مُ‪T‬لزِمٍ‪ ،‬أو االم‪T‬تناعُ ع‪T‬نه ق‪T‬ان‪T‬ون‪T‬اً أو أخ‪T‬الق‪T‬اً؛ وذل‪T‬ك ل‪T‬توط‪T‬يدِ ال‪T‬عالق‪T‬ةِ ب‪T‬ني‬
‫دولةٍ وأُخرى"‪.‬‬
‫مثالُ ذلك‪ :‬املراسمُ املتَبَعَةُ في استقبالِ السفنِ احلربيةِ بالتحيَّةِ البحريَّةِ‪.‬‬
‫‪ 1‬ﻋﺜﻤﺎن ﺟﻤﻌﺔ ﺿﻤﯿﺮﯾﺔ‪ :‬أﺻﻮل اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ‪ ،‬دار اﻟﻤﻌﺎﻟﻲ‪ ،‬اﻷردن‪ ،‬ﻋﻤﺎن‪ ،‬ط‪ ،١‬ﻋﺎم )‪(١٩٩٩‬م‪،‬‬
‫ص‪.١٧٤‬‬
‫‪ 2‬د‪ .‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي‪ :‬ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮرات ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺸﻖ‪(١٩٩٧) ،‬م‪ ،‬ط ‪،٧‬‬
‫ص ‪.٢‬‬
‫‪ 3‬اﻧﻈﺮ ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٣‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٤‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ومِ‪T‬ن امل‪T‬مكِنِ أن ت‪T‬نقلِبَ ق‪T‬اع‪T‬دةُ اجمل‪T‬ام‪T‬لةِ ال‪T‬دول‪T‬يةِ إل‪T‬ى ق‪T‬اع‪T‬دةٍ ق‪T‬ان‪T‬ون‪T‬يةٍ م‪T‬لزم‪T‬ةٍ إذا ارت‪T‬ضَت‬
‫الدولُ االلتزامَ بها‪.‬‬
‫م‪T‬ثالُ ذل‪T‬ك‪ :‬احل‪T‬صان‪T‬ةُ ال‪T‬دب‪T‬لوم‪T‬اس‪T‬يةُ؛ ف‪T‬قَد ظه‪T‬رَت ع‪T‬لى شَ‪T‬كلِ مُ‪T‬جامَ‪T‬التٍ دول‪T‬يةٍ‪ ،‬ث‪T‬مَّ‬
‫انتهَت إلى قواعدَ ثابتةٍ في القانونِ الدوليِّ‪.1‬‬
‫إنّ اه‪T‬تمامَ ال‪T‬دولِ ب‪T‬تنظيمِ ع‪T‬الق‪T‬اتِ‪T‬ها؛ ل‪T‬تكونَ ف‪T‬ي ن‪T‬هاي‪T‬ةِ امل‪T‬طافِ ق‪T‬واع‪T‬دَ ق‪T‬ان‪T‬ون‪T‬يةً ث‪T‬اب‪T‬تةً‪ ،‬ب‪T‬دأ‬
‫ف‪T‬ي أواس‪T‬طِ ال‪T‬قرنِ ال‪T‬ساب‪T‬عَ عش‪T‬رَ‪ ،‬وع‪T‬لى وجْ‪T‬هِ ال‪T‬دِّقَّ‪T‬ةِ ب‪T‬عدَ ان‪T‬تهاءِ احل‪T‬ربِ ال‪T‬دي‪T‬نيةِ؛ وذل‪T‬ك‬
‫ب‪T‬إب‪T‬رامِ م‪T‬عاهَ‪T‬دةِ "وس‪T‬تفال‪T‬يا" ع‪T‬ام )‪(۱٦٤۸‬م‪2‬؛ ح‪T‬يث تُ‪T‬عتبَرُ ه‪T‬ذه امل‪T‬عاه‪T‬دةُ ف‪T‬احت‪T‬ةَ عه‪T‬دٍ‬
‫جديدٍ للعالقاتِ الدوليةِ‪ ،‬يبدأُ عندَها القانونُ الدوليُّ بشكلِه احلاليِّ‪.‬‬
‫غ‪T‬يرَ أنَّ ه‪T‬ذا ال ي‪T‬عني أنّ ال‪T‬عالق‪T‬اتِ ال‪T‬دول‪T‬يةَ ل‪T‬م ي‪T‬كنْ ل‪T‬ها وج‪T‬ودٌ ق‪T‬بلَ ه‪T‬ذا ال‪T‬تاري‪T‬خِ؛ ب‪T‬ل‬
‫ه‪TT‬ي ق‪TT‬دمي ‪T‬ةٌ؛ ل‪TT‬كنَّها ب‪TT‬قيتْ زَم‪TT‬ناً ط‪TT‬وي ‪T‬الً ذاتَ ص‪TT‬فةٍ ع‪TT‬ارض ‪T‬ةٍ ال يَ‪TT‬حكمُها سِ‪TT‬وى بِ‪TT‬ضعةُ‬
‫ق‪T‬واع‪T‬دَ عُ‪T‬رف‪T‬يّةٍ‪ ،‬ب‪T‬عضُها مِ‪T‬ن نَ‪T‬تاجِ ال‪T‬تقال‪T‬يدِ واألع‪T‬رافِ‪ ،‬وب‪T‬عضُها اآلخ‪T‬رُ ول‪T‬يدَ اع‪T‬تباراتٍ‬
‫‪ 1‬اﻧﻈﺮ ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم‪ :‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص)‪.(٤ – ٢‬‬
‫‪ 2‬ﻣﻌﺎھﺪة وﺳﺘﻔﺎﻟﯿﺎ ﺻﻠﺢ وﺳﺘﻔﺎﻟﯿﺎ )‪ (Peace of Westphalia‬ھﻮ اﺳ ٌﻢ ﻋﺎ ﱞم ﯾُﻄﻠَ ُ‬
‫اﻟﺴﻼم‬
‫ﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎھَﺪﺗَﻲ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫ﺿﺎت ﺑﺸﺄﻧِﮭﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺪﯾﻨﺘَﻲ أﺳﻨﺎ ﺑﺮوك ‪ ((Osnabrück‬وﻣﻮﻧﺴﺘﺮ )‪ (Münster‬ﻓﻲ‬
‫َﯿﻦ دارت اﻟ ُﻤﻔﺎ َو‬
‫اﻟﻠﺘ ِ‬
‫وﺳﺘﻔﺎﻟﯿﺎ ﻓﻲ وﺗ ﱠﻢ اﻟﺘﻮﻗﯿ ُﻊ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ ﻓﻲ ‪ ١٥‬ﻣﺎﯾﻮ ‪ ١٦٤٨‬و‪ ٢٤‬أﻛﺘﻮﺑﺮ )‪(١٦٤٨‬م و ُﻛﺘﺒﺘﺎ ﺑﺎﻟﻠﻐ ِﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ‪.‬‬
‫إطﺎر اﻟﺪوﻟ ِﺔ اﻷﻟﻤﺎﻧﯿﺔ "‬
‫وﺳﺘﻔﺎﻟﯿﺎ وﺗﻌﻨﻲ ﻓﺎﻟﯿﺎ اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ وھﻲ ﻣﻘﺎطﻌﺔٌ أﻟﻤﺎﻧﯿﺔٌ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔً ذاﺗﯿّﺎ ً ﺿﻤﻦ‬
‫ِ‬
‫ﺑﺮوﺳﯿﺎ"‬
‫ُ‬
‫اﻟﻤﻌﺎھﺪات‬
‫ﺣﺮب اﻟﺜﻼﺛﯿﻦَ ﻋﺎﻣﺎ ً ﻓﻲ اﻹﻣﺒﺮاطﻮرﯾ ِﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﯿ ِﺔ اﻟﻤﻘ ﱠﺪﺳﺔ )ﻣﻌﻈﻢ اﻷراﺿﻲ ﻓﻲ‬
‫وﻗﺪ أﻧﮭﺖ ھﺬه‬
‫َ‬
‫أﻟﻤﺎﻧﯿﺎ اﻟﯿﻮم(‬
‫وﺣﺮب اﻟﺜﻤﺎﻧﯿﻦ ﻋﺎﻣﺎ ً ﺑﯿﻦ إﺳﺒﺎﻧﯿﺎ وﻣﻤﻠﻜ ِﺔ اﻷراﺿﻲ اﻟﻤﻨﺨﻔﻀ ِﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة‪ .‬ووﻗﱠ َﻌﮭﺎ ﻣﻨﺪوﺑﻮنَ ﻋﻦ‬
‫َ‬
‫إﻣﺒﺮاطﻮر اﻹﻣﺒﺮاطﻮرﯾ ِﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﯿ ِﺔ اﻟﻤﻘ ﱠﺪﺳﺔ ﻓﺮدﯾﻨﺎﻧﺪ اﻟﺜﺎﻟﺚ )ھﺎﺑﺴﺒﻮرغ(‪ ،‬ﻣﻤﺎﻟﻚ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ ،‬إﺳﺒﺎﻧﯿﺎ واﻟﺴﻮﯾﺪ‪،‬‬
‫ِ‬
‫وﺟﻤﮭﻮرﯾﺔ ھﻮﻟﻨﺪا واﻹﻣﺎرات اﻟﺒﺮوﺗﺴﺘﺎﻧﺘﯿﺔ اﻟﺘﺎﺑﻌ ِﺔ ﻟﻺﻣﺒﺮاطﻮرﯾ ِﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﯿﺔ اﻟﻤﻘ ﱠﺪﺳﺔ‪
.‬‬
‫اﻟﻌﺼﻮر اﻟﺤﺪﯾﺜ ِﺔ‪ ،‬وﻗﺪ أرﺳﻰ ﻧﻈﺎﻣﺎ ً ﺟﺪﯾﺪاً ﻓﻲ أوروﺑﺔ‬
‫دﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﻓﻲ‬
‫ق‬
‫ﱟ‬
‫ﯾُﻌﺘﺒ ُﺮ ﺻﻠ ُﺢ وﺳﺘﻔﺎﻟﯿﺎ أ ﱠو َل اﺗﻔﺎ ٍ‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫ْ‬
‫ُ‬
‫اﻟﻘﻮاﻧﯿﻦ اﻟﺪﺳﺘﻮرﯾ ِﺔ‬
‫اﻟﻮﺳﻄﻰ ﻣﺒﻨﯿﱠﺎ ً ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪأِ ﺳﯿﺎد ِة‬
‫أﺻﺒﺤﺖ‬
‫ﻣﻦ‬
‫ھﺬا‬
‫ﱠرات‬
‫ﺮ‬
‫ﻣﻘ‬
‫وﻗﺪ‬
‫اﻟﺪول‪.‬‬
‫ُﺰأ‬
‫ﺟ‬
‫اﻟﺼﻠﺢ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ﻟﻺﻣﺒﺮاطﻮرﯾ ِﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﯿ ِﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ‪ .‬وﻛﺜﯿﺮاً ﻣﺎ ﺗﻌﺘﺒﺮ اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ اﻟﺒﺮﯾﻨﯿﮫ اﻟﻤﻮﻗﱠﻌﺔُ ﺳﻨﺔ )‪ (١٦٥٩‬م ﺑﯿﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫وإﺳﺒﺎﻧﯿﺎ ﺟﺰءاً ﻣﻦ‬
‫ُﻠﺢ وﺳﺘﻔﺎﻟﯿﺎ‪.‬‬
‫ِ‬
‫اﻻﺗﻔﺎق اﻟﻌﺎ ﱢم ﻋﻠﻰ ﺻ ِ‬
‫اﻧﻈﺮ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي‪ :‬ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.٢٦‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٥‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫)دي‪TT‬نيَّةٍ‪ ،‬أو ف‪TT‬لسفيَّةٍ(؛ ممّ‪TT‬ا ج‪TT‬علَها م‪TT‬ختلفةً ف‪TT‬ي أس‪TT‬اسِ‪TT‬ها ع‪TT‬ن م‪TT‬بادئِ ال‪TT‬قان‪TT‬ونِ ال‪TT‬دول ‪T‬يِّ‬
‫مبعناه املعروفُ حاليّاً‪.‬‬
‫إنّ ال‪T‬تاري‪T‬خَ ف‪T‬يه مِ‪T‬ن األدلَّ‪T‬ةِ ع‪T‬لى وج‪T‬ودِ ق‪T‬واع‪T‬دَ ح‪T‬كمتْ ب‪T‬عضَ ال‪T‬عالق‪T‬اتِ ال‪T‬دول‪T‬يةِ ب‪T‬ني‬
‫امل‪T‬مال‪T‬كِ ال‪T‬قدمي‪T‬ةِ‪ ،‬ك‪T‬ما وسجَّ‪T‬لَت ال‪T‬رُّقُ‪T‬مُ ال‪T‬قدمي‪T‬ةُ إب‪T‬رامَ م‪T‬عاه‪T‬داتٍ ب‪T‬ني ش‪T‬عوبِ ال‪T‬عصورِ‬
‫القدميةِ‪.‬‬
‫ول‪T‬علَّ مِ‪T‬ن أشه‪T‬رِه‪T‬ا امل‪T‬عاه‪T‬دةَ ال‪T‬تي أب‪T‬رمَ‪T‬ها "رمس‪T‬يس ال‪T‬ثان‪T‬ي"‪ 1‬م‪T‬ع "خ‪T‬ات‪T‬وس‪T‬يل" م‪T‬لكِ‬
‫احلِ‪T‬ثِّينيَ ع‪T‬ام )‪ (۱۲۷۸‬ق‪.‬م‪2‬؛ وذل‪T‬ك ب‪T‬قَصدِ إق‪T‬ام‪T‬ةِ )س‪T‬المٍ دائ‪T‬مٍ‪ ،‬وحت‪T‬ال‪T‬فٍ‪ ،‬وص‪T‬داق‪T‬ةٍ‪،‬‬
‫وت‪T‬بادُلٍ جت‪T‬اريٍّ(‪ ،‬ك‪T‬ما ن‪T‬صَّت امل‪T‬عاه‪T‬دةُ ع‪T‬لى تس‪T‬ليمِ املُ‪T‬ذنِ‪T‬بنيَ ع‪T‬لى أنْ ال تُ‪T‬وق‪T‬عَ ع‪T‬ليهِم‬
‫عُ‪TT‬قوب‪TT‬اتٌ مُ‪TT‬عيّنةٌ‪3‬؛ ل‪TT‬كنَّ ه‪TT‬ذه ال‪TT‬شعوبَ ل‪TT‬م تُ‪TT‬فكِّرْ ف‪TT‬ي وَضْ ‪T‬عِ ت‪TT‬نظيمٍ ق‪TT‬ان‪TT‬ون ‪T‬يٍّ مُش ‪T‬تَركٍ‬
‫يَ‪T‬حكُمُ ع‪T‬الق‪T‬اتِ‪T‬ها امل‪T‬تبادَلَ‪T‬ةِ ب‪T‬صورةٍ ع‪T‬امَّ‪T‬ةٍ وش‪T‬ام‪T‬لةٍ؛ ف‪T‬قَد ك‪T‬ان‪T‬تْ مُ‪T‬دنُ ال‪T‬يون‪T‬انِ ال‪T‬قدمي‪T‬ةِ‬
‫وح‪T‬داتٍ س‪T‬ياس‪T‬يةً مُ‪T‬تعادِي‪T‬ةً م‪T‬ع ب‪T‬عضِها ال‪T‬بعضِ‪ ،‬وك‪T‬ان‪T‬تِ احل‪T‬روبُ ال‪T‬قاس‪T‬يةُ ال‪T‬وحش‪T‬يةُ ه‪T‬ي‬
‫أس‪TT‬اسَ ع‪TT‬الق ‪T‬تِهم م‪TT‬ع بَ‪TT‬عضِهم بَ‪TT‬عضاً‪ ،‬وق‪TT‬د ك‪TT‬ان ‪T‬تْ ال‪TT‬وحش‪TT‬يةُ ال ‪T‬سِّمةَ ال‪TT‬رئ‪TT‬يسةَ ل‪TT‬تلكَ‬
‫احلروبِ التي خاضَها اليونانيونَ؛ وذلك بِدافعِ التميُّزِ والتفوُّقِ على سائرِ الشعوبِ‪.‬‬
‫وك‪T‬ذل‪T‬ك ك‪T‬ان ال‪T‬روم‪T‬انُ؛ ف‪T‬قد نَ‪T‬ظرُوا إل‪T‬ى أن‪T‬فسِهم ن‪T‬ظرةَ تَ‪T‬فرُّدٍ ومت‪T‬يُّزٍ‪ ،‬ف‪T‬دَع‪T‬اهُ‪T‬م ذل‪T‬ك إل‪T‬ى‬
‫ال‪T‬تعام‪T‬لِ م‪T‬ع ال‪T‬شعوبِ األُخ‪T‬رى ب‪T‬قَسوةٍ ودَم‪T‬ويَّ‪T‬ةٍ‪ ،‬وم‪T‬حاول‪T‬ةِ الس‪T‬يطرةِ ع‪T‬لى ال‪T‬عالَ‪T‬م ب‪T‬قوَّةِ‬
‫السيفِ‪.4‬‬
‫‪1‬‬
‫ﱢﺲ اﻷُﺳﺮ ِة اﻟﺘﺎﺳﻌﺔَ ﻋﺸ َﺮ ُوﻟِ َﺪ ﺳﻨﺔ‬
‫رﻣﺴﯿﺲ اﻟﺜﺎﻧﻲ ھﻮ اﺑﻦ ﺳﺘﻲ اﻷوﱠل وﺣﻔﯿ ُﺪ رﻣﺴﯿﺲ اﻷوﱠل ﻣﺆﺳ ِ‬
‫)‪ (١٣٠٤‬ق م‪ ،‬وﯾُﻌﺘﺒَ ُﺮ ﻣﻦ أﺷﮭَﺮ اﻟﻔﺮاﻋﻨ ِﺔ؛‬
‫ﻟﻄﻮل ﻓﺘﺮ ِة ﺣﻜ ِﻤﮫ وﻹﻧﺠﺎزاﺗِﮫ اﻟﻜﺜﯿﺮ ِة ‪wikipedia.org‬‬
‫ِ‬
‫اﻷﻧﺎﺿﻮل‬
‫ﻗﺒﺎﺋﻞ‬
‫‪ 2‬اﻟﺤﯿﺜﯿﻮنَ ھﻢ ﺷﻌﺐٌ ﻗﺪﯾ ٌﻢ ﺑﺂﺳﯿﺔ اﻟﺼﱡ ﻐﺮى وﺷﻤﺎل ﺳﻮرﯾﺔ‪ ،‬وﯾَﺮﺟ ُﻊ ﻧﺴﺒﮫُ إﻟﻰ ﻗﺒﯿﻠ ٍﺔ ﻣﻦ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ﺗﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ ﺧﺘﻰ‬
‫‪ 3‬د إﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﻌﻨﺎﻧﻲ‪ :‬اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ’ ﻣﻨﺸﻮرات ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺤﻘﻮق‪ ،‬ﻛﻠﯿﺔ ﻋﯿﻦ ﺷﻤﺲ ’ ط‪ (١٩٧٥) ،١‬م ’‬
‫ص‪.٧٧‬‬
‫‪ 4‬اﻧﻈﺮ د‪ .‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي‪ :‬ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.١٦ ١٤‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٦‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ث‪T‬مَّ أط‪T‬لّتْ ش‪T‬ري‪T‬عةُ اإلس‪T‬المِ احل‪T‬نيفِ ب‪T‬نظامٍ ربّ‪T‬ان‪T‬يٍّ ي‪T‬ختلفُ ع‪T‬ن كُ‪T‬لِّ ش‪T‬ري‪T‬عةٍ س‪T‬اب‪T‬قةٍ؛ فه‪T‬ي‬
‫ل‪T‬م ت‪T‬كُنْ دِي‪T‬ناً يُ‪T‬نظِّمُ ع‪T‬الق‪T‬ةَ اإلن‪T‬سانِ ب‪T‬ال‪T‬سماءِ؛ ب‪T‬ل ك‪T‬ان‪T‬ت نِ‪T‬ظام‪T‬اً ق‪T‬ان‪T‬ون‪T‬يَّاً يُح‪T‬دِّدُ للبش‪T‬رِ‬
‫حُدوداً في أفعالِهم وأقوالِهم واعتقاداتِهم‪.‬‬
‫غ‪T‬يرَ أنّ الش‪T‬ري‪T‬عةَ اإلس‪T‬الم‪T‬يةَ رغ‪T‬مَ ت‪T‬طلُّعِها وت‪T‬وقِ‪T‬ها ن‪T‬حوَ ال‪T‬عاملَ‪T‬يّةِ واجت‪T‬اهِ‪T‬ها إل‪T‬ى ت‪T‬كوي‪T‬نِ‬
‫م‪T‬جتمعٍ إن‪T‬سان‪T‬يٍّ واح‪T‬دٍ ذي ن‪T‬ظامٍ ق‪T‬ان‪T‬ون‪T‬يٍّ واح‪T‬دٍل‪T‬م مت‪T‬تدْ إل‪T‬ى أرج‪T‬اءِ ال‪T‬عالَ‪T‬مِ ك‪T‬افّ‪T‬ةً؛ له‪T‬ذا‬
‫ف‪T T‬قَد أوج‪T T‬دَ ف ‪TT‬قهاءُ الش ‪TT‬ري ‪TT‬عةِ اإلس ‪TT‬الم ‪TT‬يةِ األج‪T T‬الّءُ تقس ‪TT‬يماً ل ‪TT‬لعالَ‪T T‬مِ إل ‪TT‬ى م ‪TT‬جتمعَنيِ‬
‫مُتميِّزين‪) :‬دارِ إسْالمٍ‪ ،‬ودارِ حَرْبٍ(‪.‬‬
‫وقسمَها بعضُهم إلى‪) :‬دارِ إسالمٍ‪ ،‬ودارِ معاهدةٍ ودارِ حَرْبٍ(‪.‬‬
‫ويُقصَدُ بِدارِ اإلسالمِ‪ :‬األقاليمُ واألقطارُ التي للمسلمنيَ عليها وِاليةٌ‪.‬‬
‫أمّ‪T‬ا دارُ امل‪T‬عاهَ‪T‬دةِ‪:‬ه‪T‬ي ال‪T‬تي عَ‪T‬قدتْ م‪T‬عاه‪T‬دةً م‪T‬ع املس‪T‬لمنيَ مُ‪T‬قابِ‪T‬لَ خ‪T‬راجٍ يُ‪T‬ؤدُّونَ‪T‬ه س‪T‬نويَّ‪T‬اً‬
‫مِن األرضِ التي يَزرعُونَها‪.‬‬
‫أمّ‪T‬ا دارُ احل‪T‬ربِ‪ :‬فه‪T‬ي ال‪T‬بالدُ ال‪T‬تي ل‪T‬يسَ للمس‪T‬لِمنيَ ع‪T‬ليها والي‪T‬ةٌ‪ ،‬وال تُ‪T‬قامُ ف‪T‬يها ش‪T‬رائ‪T‬عُ‬
‫اإلسالمِ‪.1‬‬
‫إنّ م ‪TT‬صادِرَ ال ‪TT‬قان ‪TT‬ونِ ال ‪TT‬دول‪T T‬يِّ اإلس ‪TT‬الم‪T T‬يِّ‪ :‬ه ‪TT‬ي )ال ‪TT‬قرآنُ ال ‪TT‬كرميُ‪ ،‬وال‪T T‬سُّنَّةُ ال‪T T‬نَّبويَّ‪T T‬ةُ‪،‬‬
‫واإلج‪T‬ماعُ‪ ،‬وال‪T‬قياسُ( وه‪T‬ذهُ ه‪T‬ي امل‪T‬صادر ال‪T‬رئ‪T‬يسةُ)األص‪T‬ليّةُ(‪ ،‬يُ‪T‬ضافُ إل‪T‬يها م‪T‬ا ن‪T‬شأ مِ‪T‬ن‬
‫م‪T‬عاه‪T‬داتٍ وات‪T‬فاق‪T‬اتٍ ن‪T‬تيجةَ ت‪T‬عامُ‪T‬لِ املس‪T‬لمنيَ م‪T‬ع غ‪T‬يرهِ‪T‬م؛ إمّ‪T‬ا ع‪T‬لى س‪T‬بيلِ امل‪T‬فاوَض‪T‬اتِ‪،‬‬
‫أو في مَيدانِ القتالِ‪.2‬‬
‫‪1‬‬
‫اﻧﻈﺮ د‪ .‬وھﺒﺔ اﻟﺰﺣﯿﻠﻲ‪ :‬اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ‪ ،‬ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪،‬‬
‫ﺑﯿﺮوت‪١٩٨٩‬م‪ .‬ص ‪ .١٠٣١٠٧‬ﺑﺘﺼﺮف‬
‫‪ 2‬اﻧﻈﺮ د‪ .‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي‪ :‬ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪٢٢٢٤‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٧‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫القانونُ الدوليُّ في العُصورِ الوسْطى‪:‬‬
‫مت ‪T‬يَّزتِ ال ‪T‬عُصورُ ال‪TT‬وسْ‪TT‬طى ب‪TT‬ظهورِ امل‪TT‬مال ‪T‬كِ اإلق‪TT‬طاع‪TT‬يةِ ف‪TT‬ي أوربّ ‪T‬ةَ خ‪TT‬اصَّ ‪T‬ةً ب‪TT‬عدَ انه‪TT‬يارِ‬
‫اإلم‪T‬براط‪T‬وري‪T‬ةِ ال‪T‬روم‪T‬ان‪T‬يةِ‪ ،‬وق‪T‬د ك‪T‬ان‪T‬ت الس‪T‬لطةُ ف‪T‬ي ت‪T‬لكَ امل‪T‬مال‪T‬كِ اإلق‪T‬طاع‪T‬يةِ م‪T‬وزَّع‪T‬ةً ب‪T‬نيَ‬
‫امللِكِ‪ ،‬وبني األميرِ أو السيّدِ اإلقطاعيِّ‪.‬‬
‫وممّ‪T‬ا زادَ األم‪T‬رَ سُ‪T‬وءاً وت‪T‬فاقُ‪T‬ماً ت‪T‬دخُّ‪T‬لُ ال‪T‬كنيسةِ ف‪T‬ي شُ‪T‬ؤونِ ال‪T‬دول‪T‬ةِ كُ‪T‬لِّها؛ ممّ‪T‬ا حَ‪T‬دا ب‪T‬تلكَ‬
‫ال‪T‬دولِ مل‪T‬قاوم‪T‬ةِ ال‪T‬كنيسةِ‪ ،‬واحل‪T‬دِّ م‪T‬ن ص‪T‬الح‪T‬يَّتِها؛ فنشَ‪T‬بتْ ح‪T‬ربُ ال‪T‬ثالث‪T‬نيَ ع‪T‬ام‪T‬اً ت‪T‬أك‪T‬يداً‬
‫الستقاللِ هذه الدولِ وسيادتِها التامَّةِ على أراضِيها‪.1‬‬
‫وتُ‪T‬عتبَرُ م‪T‬عاه‪T‬دةُ "وس‪T‬تفال‪T‬يا" )‪(۱٦٤۸‬م ن‪T‬قطةَ ان‪T‬طالقِ ال‪T‬قان‪T‬ونِ ال‪T‬دول‪T‬يِّ؛ ف‪T‬قد ت‪T‬ضمَّنَتْ‬
‫هذه املعاهدةُ املبادئَ التاليةَ‪:‬‬
‫‪ .۱‬مبدأَ املساواةِ بنيَ الدُّولِ األوربيَّة‪.‬‬
‫‪ .۲‬ركَّزَتْ على السيادةِ املطلقةِ‪ ،‬وعَدمِ خُضوعِها لسُلْطةٍ أعلى مِنها‪.‬‬
‫‪ .۳‬احتفظتْ بحقِّ الدولةِ املطلقِ في شنِّ احلروبِ والعدوانِ‪.‬‬
‫‪ .٤‬كرَّسَتْ قاعدةَ شرعيةِ االستعمارِ‪.2‬‬
‫عُصبةُ األُممَِ‪:‬‬
‫ه ‪T‬يّأ ال‪TT‬وض ‪T‬عُ ال‪TT‬دول ‪T‬يُّ ب‪TT‬عدَ احل‪TT‬ربِ ال‪TT‬عاملَ ‪T‬يَّةِ األُول‪TT‬ى األج‪TT‬واءَ ل‪TT‬والدةِ ت‪TT‬نظيمٍ دول ‪T‬يٍّ‪ ،‬ع ‪T‬دّهُ‬
‫البعضُ أباً مباشراً ملِا مَضى مِن التنظيماتِ والهيئاتِ التي سبقتْه‪.‬‬
‫وهُ‪T‬ناكَ اتِّ‪T‬فاقٌ ب‪T‬ني مُ‪T‬ؤرِّخ‪T‬ي ال‪T‬تنظيمِ ال‪T‬دول‪T‬يِّ ع‪T‬لى أنّ ه‪T‬ذا ال‪T‬تنظيمَ م‪T‬رَّ ب‪T‬عَددٍ م‪T‬ن امل‪T‬راح‪T‬لِ‬
‫التي ميُكِنُ أن تُعدَّ نقاطَ حتوُّلٍ كُبرى أسهمَت في نُشوءِه‪.‬‬
‫‪ 1‬اﻧﻈﺮ د‪ .‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي‪ :‬ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.٢٥‬‬
‫ٌ‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮرات ﺟﺎﻣﻌﺔ أرﯾﺲ )‪(٢٠١٣‬م‪.‬‬
‫‪ 2‬د‪ .‬ﺳﺮور طﺎﻟﺒﻲ اﻟﻤﻞ‪:‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٨‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫يَذكُرُ الباحثُ منها‪:‬‬
‫ احلِ‪T‬لْفَ األورب‪T‬يَّ‪ :‬وه‪T‬و ع‪T‬بارةٌ ع‪T‬ن س‪T‬لسلةٍ مِ‪T‬ن امل‪T‬ؤمتَ‪T‬راتِ غ‪T‬يرِ ال‪T‬دوري‪T‬ةِ ك‪T‬ان أوّلَ‪T‬ها‬‫"مؤمتَرُ فينّا عامَ )‪ "(۱۸۱٥‬وآخرَها "مؤمتَرُ لندن – عام )‪."(۱۹۱۲‬‬
‫ م‪T‬ؤمت‪T‬رَ اله‪T‬اي ل‪T‬عام )‪(۱۹۰۷ ۱۸۹۹‬م‪ :‬ال‪T‬ذي عُ‪T‬قدَ ع‪T‬لى إث‪T‬رِ فَش‪T‬لِ احلِ‪T‬لْفِ األورب‪T‬يِّ‬‫ف‪T‬ي م‪T‬نعِ احل‪T‬روبِ‪ ،‬وق‪T‬د دع‪T‬ا إل‪T‬يه ال‪T‬قيصرُ "ن‪T‬يقوال ال‪T‬ثان‪T‬ي‪"1‬ل‪T‬لنظرِ ف‪T‬ي ح‪T‬لِّ ال‪T‬نزاع‪T‬اتِ‬
‫ال‪TT‬دول‪TT‬يةِ ب‪TT‬ال ‪T‬طٌّرُقِ الس‪TT‬لميَّةِ؛ ف ‪T‬عُقِدَتِ ال‪TT‬عدي ‪T‬دُ م‪TT‬ن امل‪TT‬ؤمت‪TT‬رات ك‪TT‬ان أوّلَ‪TT‬ها ع‪TT‬ام‬
‫)‪(۱۸۹۹‬م وآخرَها عام )‪(۱۹۰۷‬م‪.‬‬
‫وك‪T‬ان‪T‬ت ال‪T‬نِّيَّةُ مُ‪T‬تجِهَةً ل‪T‬لدع‪T‬وةِ إل‪T‬ى م‪T‬ؤمت‪T‬راتٍ دوري‪T‬ةٍ ب‪T‬عدئ‪T‬ذٍ؛ ب‪T‬ل ك‪T‬ان مِ‪T‬ن امل‪T‬قرَّرِ فِ‪T‬عالً ع‪T‬قدُ‬
‫املؤمترِ الثالثِ في عام ‪(۱۹۱٥‬م لوال اندالعُ احلربِ العاملَيَّةِ األُولى‪.‬‬
‫وق‪T‬د جَ‪T‬رَتِ ال‪T‬صياغ‪T‬ةُ ال‪T‬فعليةُ ل‪T‬عُصبَةِ األُممَِ ف‪T‬ي "ف‪T‬رس‪T‬اي‪ ۲۸)"2‬ن‪T‬يسان ‪(۱۹۱۹‬م‪ ،‬وف‪T‬ي‬
‫املفاوَضاتِ التي متَّ فيها إعالنُ انتصارِ احلُلفاءِ وانهزام أملانيا وأعوانِها‪.‬‬
‫وهناك اختلفتِ الدُّولُ حولَ طبيعةِ املنظَّمةِ املقترَحةِ ومتيَّزَتْ فِكرتانِ‪:‬‬
‫‪.۱‬‬
‫ال‪T‬فكرةُ األورب‪T‬يةُ أو ب‪T‬األح‪T‬رى ال‪T‬فرنس‪T‬يةُ‪ :‬وك‪T‬ان‪T‬تْ ت‪T‬دعُ‪T‬و ل‪T‬تكوي‪T‬نِ امل‪T‬نظمةِ‬
‫ع‪TT‬لى من ‪T‬طِ ال‪TT‬تنظيمِ الس‪TT‬ياس ‪T‬يِّ ل‪TT‬لدول ‪T‬ةِ االحت‪TT‬ادي ‪T‬ةِ؛ ب‪TT‬حيث متُ ‪T‬نَحُ امل‪TT‬نظَّمةُ‬
‫س‪T‬لطاتٍ ذات‪T‬يةً واس‪T‬عةً‪ ،‬وتُسخَّ‪T‬رُ مِ‪T‬ن أج‪T‬لِها وحت‪T‬تَ إم‪T‬رتِ‪T‬ها وس‪T‬ائ‪T‬لُ اإلك‪T‬راهِ‬
‫والقسر‪.‬‬
‫‪ 1‬ﻧﯿﻘﻮﻻ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ ،‬آﺧ ُﺮ أﺑﺎطﺮة روﺳﯿﺔ‪ ،‬وﻣﻠﻚ ﺑﻮﻟﻨﺪا‪ ،‬واﻟﺪوق اﻷﻛﺒﺮ ﻟﻔﻨﻠﻨﺪا اﺳﺘﻤ ﱠﺮ ﺣُﻜ ُﻤﮫ ﻟﺮوﺳﯿﺔ ﻣﻦ )‪١‬‬
‫ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ ‪١٨٩٤‬اﻻﻏﺘﯿﺎل‪ ١٧ :‬ﯾﻮﻟﯿﻮ‪( ١٩١٨ ،‬م ‪org.wikipedia‬‬
‫ب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﱠ ِﺔ اﻷوﻟﻰ‪.‬‬
‫ﻋﻠﻰ‬
‫ﺔ‬
‫رﺳﻤﯿ‬
‫ﺖ اﻟﺴﺘﺎ َر ﺑﺼﻮر ٍة‬
‫ٍ‬
‫وﻗﺎﺋﻊ اﻟﺤﺮ ِ‬
‫‪ 2‬ﻣﻌﺎھﺪة "ﻓﺮﺳﺎي "ھﻲ اﻟﻤﻌﺎھﺪةُ اﻟﺘﻲ أﺳ َﺪﻟَ ِ‬
‫ِ‬
‫أﺷﮭﺮ‪ ،‬اﻧﻈﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي‪ :‬ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﻋﻠﻢ‬
‫ت اﺳﺘﻤﺮﱠت ‪٦‬‬
‫وﺗ ﱠﻢ اﻟﺘﻮﻗﯿ ُﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﺎھﺪ ِة ﺑﻌﺪ ﻣﻔﺎوﺿﺎ ٍ‬
‫ٍ‬
‫اﻟﻘﺎﻧﻮن‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪٢٥‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٩‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫‪.۲‬‬
‫ال‪T‬فكرةُ األجن‪T‬لُوس‪T‬كسون‪T‬يةُ‪ :‬وك‪T‬ان ي‪T‬تصدَّى للتبش‪T‬يرِ ب‪T‬ها اإلن‪T‬كليزُ‪ ،‬وق‪T‬د‬
‫دعَ‪T‬ت ل‪T‬الك‪T‬تفاءِ ب‪T‬إن‪T‬شاءِ امل‪T‬نظّمةِ ال‪T‬تي ت‪T‬عتمِدُ ف‪T‬ي حت‪T‬قيقِ أغ‪T‬راضِ‪T‬ها ع‪T‬لى‬
‫تأييدِ الرأي العامِّ‪ ،‬وعلى مالَها مِن نُفوذٍ أدبيٍّ ومعنويٍّ‪.‬‬
‫وق‪T‬د متَّ إق‪T‬رارُ مش‪T‬روعِ عَه‪T‬دِ عُ‪T‬صبةِ األممِ ف‪T‬ي "ف‪T‬رس‪T‬اي" ك‪T‬ما أس‪T‬لفَ ف‪T‬ي ال‪T‬بحثِ؛ كج‪T‬زءٍ ال‬
‫يتجزَّأُ مِن مُعاهداتِ الصلحِ‪.‬‬
‫وق‪T‬د وَرَدَ ذكْ‪T‬رُ أه‪T‬دافِ‪T‬ها ف‪T‬ي م‪T‬قدِّم‪T‬ةِ العه‪T‬دِ؛ إذ ق‪T‬ال‪T‬ت‪ :‬إنّ ال‪T‬عُصبةَ ته‪T‬دفُ إل‪T‬ى ض‪T‬رورةِ‬
‫التعاونِ بني األُممَِ وضمانِ السِّلْمِ لها وفقَ املبادئِ التالية‪:‬‬
‫‪ .۱‬عدمِ اللجوءِ إلى احلربِ‪.‬‬
‫‪ .۲‬تأسيسِ العالقاتِ الدوليةِ على أساسِ قواعدِ العدالةِ والشرفِ‪.‬‬
‫‪ .۳‬التقيُّدِ بقواعدِ القانونِ الدوليِّ‪.‬‬
‫‪ .٤‬التعهُّدِ باحترامِ املعاهداتِ واملواثيقِ الدوليةِ‪.‬‬
‫ل‪TT‬قد واجه ‪T‬تْ عُ‪TT‬صبةُ األُممِ خ‪TT‬اللَ م‪TT‬راح ‪T‬لِ وُج‪TT‬ودِه‪TT‬ا س ‪T‬تِّنيَ ن‪TT‬زاع ‪T‬اً دول ‪T‬يَّاً‪ ،‬وق‪TT‬د مت‪TT‬كنَّت‬
‫بالوسائلِ املتوفِّرةِ لديها أن تُخمِدَ خمسةً وثالثنيَ نِزاعاً منها‪.‬‬
‫وم‪T‬ا أنْ ح‪T‬لَّ خ‪T‬ري‪T‬فُ ع‪T‬ام )‪(۱۹۳۱‬م ح‪T‬تّى ب‪T‬دأتِ ال‪T‬دولُ ت‪T‬شعُرُ أنّ ال‪T‬عصبةَ س‪T‬ائ‪T‬رةٌ إل‪T‬ى‬
‫االنه‪TT‬يارِ؛ وذل‪TT‬ك ب‪TT‬عد ظُ‪TT‬هورِ ن‪TT‬زاع‪TT‬اتٍ دول‪TT‬يةٍ ل‪TT‬م تس‪TT‬تطعْ ف‪TT‬يه امل‪TT‬نظمةُ ال‪TT‬دول‪TT‬يةُ ف‪TT‬علَ‬
‫ال‪T‬كثيرِ‪ ،‬ث‪T‬مَّ ك‪T‬ان‪T‬تِ ال‪T‬ضرب‪T‬ةُ ال‪T‬قاض‪T‬يةُ ب‪T‬ان‪T‬دالعِ احل‪T‬ربِ ال‪T‬عاملَ‪T‬يةِ ال‪T‬ثان‪T‬يةِ ف‪T‬أُع‪T‬لِنَ رس‪T‬ميّاً ع‪T‬ن‬
‫انهيارِ العُصبةِ في )‪ ۱۸‬نيسان ‪(۱۹٤٦‬م التي آلتْ ممُتلكاتُها كافّةً لألممِ املتحدة‪.1‬‬
‫األُممُ املتَّحِدةُ‪:‬‬
‫‪ 1‬اﻧﻈﺮ د‪.‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي‪ ،‬ﻣﺎﺟﺪ اﻟﺤﻤﻮي‪ :‬اﻟﻮﺳﯿﻂ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ – اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻣﻨﺸﻮرات‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺸﻖ – ‪٢٠٠٠‬م‪ ،‬ص ‪ .٣٧٥٠‬ﺑﺘﺼﺮف‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٠‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ل‪T‬م تُ‪T‬ثنِ وي‪T‬التُ احل‪T‬ربِ ال‪T‬عاملَ‪T‬يةِ ال‪T‬ثان‪T‬يةِ‪ ،‬وم‪T‬ا ح‪T‬لَّ ب‪T‬ال‪T‬عالَ‪T‬مِ مِ‪T‬ن دَم‪T‬ارٍ ع‪T‬زمي‪T‬ةَ األُممِ ف‪T‬ي إن‪T‬شاءِ‬
‫م‪T‬نظَّمةٍ دول‪T‬يّةٍ ت‪T‬تولّ‪T‬ى ب‪T‬ناءَ م‪T‬جتمعِ أم‪T‬نٍ وسِ‪T‬لْمٍ دول‪T‬يٍّ‪ ،‬حت‪T‬لُّ ف‪T‬يه ق‪T‬وّةُ احلُ‪T‬جَّةِ مح‪T‬لَّ حُ‪T‬جَّةِ‬
‫القوَّةِ في حلِّ املنازعاتِ الدوليةِ‪.‬‬
‫وف‪TT‬ي )‪ ۲٤‬تش‪TT‬ري‪TT‬ن األول ‪(۱۹٤٥‬م شَهِ ‪T‬دَ ال‪TT‬عالَ ‪T‬مُ والدةَ م‪TT‬نظمةِ األممِ املتح‪TT‬دةِ؛ وذل‪TT‬ك‬
‫بعدَ سلسلةٍ من التصريحاتِ واملؤمتَراتِ الدوليةِ‪.‬‬
‫اب‪T‬تداءً مِ‪T‬ن ت‪T‬صري‪T‬حِ األطلس‪T‬يِّ ال‪T‬صادرِ ع‪T‬ن ال‪T‬رئ‪T‬يسِ األم‪T‬يرك‪T‬يِّ "روزف‪T‬لت" ورئ‪T‬يسِ وزراءِ‬
‫ب ‪TT‬ري ‪TT‬طان ‪TT‬ية "تش ‪TT‬رش ‪TT‬ل" ع ‪TT‬ام ‪(۱۹٤۱‬م‪ ،‬م ‪TT‬روراً ب ‪TT‬تصري‪T T‬حِ األممِ املتح ‪TT‬دةِ )‪(۱۹٤۲‬م‬
‫وت‪T‬صري‪T‬حِ م‪T‬وس‪T‬كُو )‪(۱۹٤۳‬م وت‪T‬صري‪T‬حِ طه‪T‬ران‪ ،‬وم‪T‬قتَرح‪T‬اتِ "دوم‪T‬بارت‪T‬ون أوك‪T‬س"‪،‬‬
‫وم‪T‬ؤمتَ‪T‬ر "م‪T‬ال‪T‬طا" وص‪T‬والً إل‪T‬ى م‪T‬ؤمت‪T‬ر "س‪T‬ان ف‪T‬رنس‪T‬يسكو" ‪(۱۹٤٥‬م؛ ح‪T‬يث واف‪T‬قَ امل‪T‬ؤمت‪T‬رُ‬
‫ع ‪TT‬لى م ‪TT‬يثاقِ األممِ املتح ‪TT‬دةِ‪ ،‬ودخ‪T T‬لَ امل ‪TT‬يثاقُ دورَ ال ‪TT‬تنفيذِ ف ‪TT‬ي )‪ ۲٤‬تش ‪TT‬ري ‪TT‬ن األول‬
‫‪(۱۹٤٥‬م‪.‬‬
‫وف‪TT‬ي ال‪TT‬عاش ‪T‬رِ م‪TT‬ن ك‪TT‬ان‪TT‬ون ال‪TT‬ثان‪TT‬ي ‪(۱۹٤٦‬م ع‪TT‬قدَت اجل‪TT‬معيةُ ال‪TT‬عامَّ ‪T‬ةُ ل‪TT‬لمنظَّمةِ أُول‪TT‬ى‬
‫جلساتِها في مدينةِ لندن؛ حيث قرَّرت اختيارَ مدينة "نيويورك" مقرّاً دائماً لَها‪.‬‬
‫وي‪T‬نبغي اإلش‪T‬ارةُ إل‪T‬ى أنّ إرادةَ ال‪T‬دولِ ال‪T‬كبرى ورغ‪T‬باتِ‪T‬ها ه‪T‬ي ال‪T‬تي حت‪T‬كَّمَت ف‪T‬ي م‪T‬ؤمتَ‪T‬ر‬
‫"س‪TT‬ان ف‪TT‬رنس‪TT‬يسكو" فه‪TT‬ي ال‪TT‬تي ق‪TT‬امَ‪TT‬ت ب‪TT‬وض ‪T‬عِ مش‪TT‬روعِ امل‪TT‬يثاقِ‪ ،‬ول‪TT‬م تس‪TT‬تطِع ال‪TT‬دولُ‬
‫الصُّغرى إدخالَ أيِّ تعديلٍ جوهريٍّ على املسائلِ الرئيسةِ فيه‪.1‬‬
‫الطبيعةُ القانونيةِ للقانونِ الدوليِّ‪:‬‬
‫‪ 1‬اﻧﻈﺮ د‪ .‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي‪ ،‬ﻣﺎﺟﺪ اﻟﺤﻤﻮي‪ :‬اﻟﻮﺳﯿﻂ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪– ١٠١‬‬
‫‪.١٠٥‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١١‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫إنّ ف‪TT‬قهاءَ ال‪TT‬قان‪TT‬ونِ ال‪TT‬دول ‪T‬يِّ ي ‪T‬تَّفِقونَ ع‪TT‬لى إل‪TT‬زام‪TT‬يةِ‪ 1‬ق‪TT‬واع ‪T‬دِ ال‪TT‬قان‪TT‬ونِ ال‪TT‬دول ‪T‬يِّ؛ ل‪TT‬كنَّهُم‬
‫يختلفونَ من الناحيةِ الفقهيّةِ على أساسِ اإللزامِ‪.2‬‬
‫وذلك أنّ إلزاميةَ القانونِ الدوليِّ العامِّ تأتي مِن مصادِره‪ ،‬وهي نوعانِ‪:‬‬
‫‪ .۱‬امل‪T‬صادِرُ األص‪T‬ليَّة‪ :‬وه‪T‬ي بحس‪T‬بِ امل‪T‬ادة ‪ ۳۸‬مِ‪T‬ن ال‪T‬نظامِ األس‪T‬اسِ‪T‬يِّ حمل‪T‬كمةِ ال‪T‬عدلِ‬
‫الدوليةِ‪:‬‬
‫ا‪.‬االت‪T‬فاق‪T‬اتُ ال‪T‬دول‪T‬يةُ ال‪T‬عامَّ‪T‬ةُ واخل‪T‬اصَّ‪T‬ةُ ال‪T‬تي ت‪T‬ضعُ ق‪T‬واع‪T‬دَ مُ‪T‬عترف‪T‬اً ب‪T‬ها ص‪T‬راح‪T‬ةً م‪T‬ن‬
‫جانبِ الدولِ املتنازعَةِ‪ ،‬وهي ما يُطلَقُ عليها )املعاهداتُ(‪.‬‬
‫ب‪ .‬العُرفُ الدوليُّ‪ :‬املعتبَرُ مبثابةِ قانونٍ دلَّ عليه تواتُرُ االستعمالِ‪.‬‬
‫ت‪ .‬املبادئُ العامَّةُ للقانونِ التي أقرَّتْها األُممُ املتحدةُ‪.‬‬
‫‪ .۲‬امل‪TT‬صادِرُ االح‪TT‬تياط‪TT‬يةُ‪ :‬وه‪TT‬ي بحسَ‪TT‬ب امل‪TT‬ادّةِ ‪ ۳۸‬م‪TT‬ن ال‪TT‬نظامِ األس‪TT‬اس ‪T‬يِّ حمل‪TT‬كمةِ‬
‫العدلِ الدولية‪:‬‬
‫ا‪ .‬اجتهادُ احملاكِم‪.‬‬
‫ب‪ .‬الفقهُ الدوليُّ‪.3‬‬
‫ﻣﻠﺰ ٌم ﺑﻤﻌﻨﻰ‪ :‬أﻧّﮫ ﯾُﻨﺸﺊ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻗ ِﺪ اﻟﺘﺰاﻣﺎ ً وھﻮ ﻋﺪ ُم‬
‫رﺟﻮع‬
‫إﻣﻜﺎن‬
‫‪ 1‬اﻹﻟﺰا ُم‪ :‬إﻧﺸﺎ ُء اﻻﻟﺘﺰاﻣﺎ ِ‬
‫ِ‬
‫ت؛ ﻓﯿُﻘﺎ ُل ﻋﻘ ٌﺪ ِ‬
‫ِ‬
‫اﻟﻌﺎﻗ ِﺪ ﻋﻦ اﻟﻌﻘ ِﺪ ﺑﺈرادﺗِﮫ اﻟﻤﻨﻔﺮد ِة‪.‬‬
‫ﱠ‬
‫ً‬
‫اﻻﻟﺘﺰا ُم‪ :‬ھﻮ ﻛﻮنُ‬
‫ﻓﻌﻞ‬
‫ﻋﻦ‬
‫ﺑﺎﻣﺘﻨﺎع‬
‫أو‬
‫ﺑﻔﻌﻞ‬
‫ﺎ‬
‫ﻔ‬
‫ﻜﻠ‬
‫اﻟﺸﺨﺺ ُﻣ‬
‫ﻏﯿﺮه‪ ،‬ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﺰرﻗﺎ‪ :‬اﻟﻤﺪﺧﻞ‬
‫ﺔ‬
‫ﻟﻤﺼﻠﺤ‬
‫ِ‬
‫ٍ‬
‫ٍ‬
‫ِ‬
‫ٍ‬
‫ِ‬
‫اﻟﻔﻘﮭﻲ اﻟﻌﺎم‪ ،‬دار اﻟﻘﻠﻢ‪ ،‬دﻣﺸﻖ‪ ،‬ط‪١٩٩٨ ١‬م‪ ،‬ص ‪.٥١٣‬‬
‫ُ‬
‫ﻣﺴﺘﻮﯾﺎت‬
‫اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫ﻣﻠﺰﻣﺔٌ؛ ﺑﻞ وﺣﺘّﻰ‬
‫اﻟﺪوﻟﻲ ﻓﺈﻧّﮫ ﯾﺘﻤﺎﯾ ُﺰ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ‬
‫أ ّﻣﺎ اﻻﻟﺘﺰا ُم ﻓﻲ‬
‫ﱢ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫اﻹﻟﺰام؛ ﻓﮭﻨﺎك ﻗﻮاﻋ ُﺪ ِ‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ٌ‬
‫ٌ‬
‫ٌ‬
‫ُ‬
‫أﻗﻞﱡ‬
‫ا‬
‫ﻧﻈﺮ‬
‫ﺔ‬
‫إﻟﺰاﻣﯿ‬
‫ﺪ‬
‫ﻟﻠﻤﺼ‬
‫اﺗﻔﺎﻗﯿﺎت دوﻟﯿﺔٌ(‬
‫اﺗﻔﺎﻗﯿﺎت ﺛﻨﺎﺋﯿﺔٌ‪،‬‬
‫)إﻋﻼن‪،‬‬
‫ﺪ‬
‫ﻗﻮاﻋ‬
‫آﻣ َﺮة‪ ،‬وھﻨﺎك‬
‫َر اﻟﺬي ﻧﺺﱠ ﻋﻠﯿﮭﺎ‪:‬‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫ﱠ‬
‫ﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫ﺼ ُﺪ ﺑﺎﻟﻘﺎﻋﺪ ِة اﻵ ِﻣ َﺮ ِة ﻣﻦ‬
‫ت‬
‫اﻟﻤﻌﺎھﺪا‬
‫ﺎ‬
‫ﻨ‬
‫ﻓﯿ‬
‫اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ‬
‫ﻣﻦ‬
‫‪٥٣‬‬
‫ة‬
‫د‬
‫وﺣﺴﺐ اﻟﻤﺎ‬
‫"ﻷﻏﺮاض ھﺬه اﻻﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﯾُﻘ َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫فُ‬
‫َ‬
‫ﺔ‬
‫ﻣ‬
‫اﻟﻌﺎ‬
‫اﻟﻘﻮاﻋ ِﺪ‬
‫ة‬
‫اﻟﻘﺎﻋﺪ‬
‫ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن‬
‫اﻟﺪوﻟﻲ ﻛﻜﻞﱟ ؛ ﻋﻠﻰ أﻧّﮭﺎ‬
‫ﺒﻞ‬
‫ﻗ‬
‫ﻦ‬
‫ﻣ‬
‫ﺑﮭﺎ‬
‫ﺮ‬
‫ﺘ‬
‫واﻟﻤﻌ‬
‫ﺔ‬
‫اﻟﻤﻘﺒﻮﻟ‬
‫‪،‬‬
‫اﻟﺪوﻟﻲ‬
‫اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‬
‫َ‬
‫ﱠ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ﱢ‬
‫ﱢ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫اﻟﻘﺎﻋﺪةُ اﻟﺘﻲ ﻻ ﯾﺠﻮ ُز اﻹﺧﻼ ُل ﺑﮭﺎ‪ ،‬واﻟﺘﻲ ﻻ ﯾُﻤ ِﻜﻦ ﺗﻌﺪﯾﻠُﮭﺎ ّإﻻ ﺑﻘﺎﻋﺪ ٍة ﻻﺣﻘ ٍﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻋ ِﺪ اﻟﻌﺎ ﱠﻣ ِﺔ‬
‫ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن‬
‫ِ‬
‫اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﮭﺎ اﻟﻄﺎﺑ ُﻊ ذاﺗُﮫ "‪.‬‬
‫ﱢ‬
‫د‪ .‬ﺳﺮور طﺎﻟﺒﻲ اﻟﻤﻞ‪ :‬ﻣﺤﺎﺿﺮات ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮرات ﺟﺎﻣﻌﺔ أرﯾﺲ ‪٢٠١٣‬م‬
‫‪ 2‬ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺎﻓﻆ ﻏﺎﻧﻢ‪ :‬ﻣﺒﺎدئ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻘﺎھﺮة – ‪ ،١٩٦٤‬ص ‪.٧٣‬‬
‫‪ 3‬اﻟﻨﻈﺎم اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻤﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﺪل اﻟﺪوﻟﯿﺔ‪:‬إﻋﺪاد إدارة ﺷﺆون اﻹﻋﻼم ﺑﺎﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ‪http://‬‬
‫‪www.un.org/arabic/aboutun/statute.htm‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٢‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫وممّ‪T‬ا سَ‪T‬بَقَ بَ‪T‬يان‪T‬هُ ف‪T‬إنّ املُ‪P‬عاهَ‪P‬داتِ ه‪T‬ي مِ‪T‬ن أه‪T‬مِّ امل‪T‬صادِر ال‪T‬تي تُ‪T‬ؤسِّ‪T‬سُ إلن‪T‬شاءِ ال‪T‬قواع‪T‬دِ‬
‫القانونيةِ الدوليةِ‪ ،‬وهي في النظام الدولي مبثابةِ التشريعِ في القواننيِ الداخليةِ‪.‬‬
‫وقد ميّزَ فقهاءُ القانونِ بنيَ نوعَنيِ مِن املُعاهداتِ‪:‬‬
‫هي املعاهداتُ الشارِعةُ‪ ،‬واملعاهداتُ العقديةُ‪.‬‬
‫ف‪T‬امل‪T‬عاه‪T‬داتُ ال‪T‬شارع‪T‬ةُ‪ :‬فهِ‪T‬ي"م‪T‬عاه‪T‬داتٌ تُ‪T‬نشئ ق‪T‬واع‪T‬دَ ق‪T‬ان‪T‬ون‪T‬يةً تَ‪T‬صدُرُ ع‪T‬ن ات‪T‬فاقِ إرادةِ‬
‫مجموعةٍ من الدولِ"؛ مثال ذلك‪" :‬معاهدةُ الهاي"عام )‪(۱۸۹۹۱۹۰۷‬م‪.‬‬
‫أمّ‪T‬ا امل‪T‬عاه‪T‬داتُ ال‪T‬عقدي‪T‬ةُ‪ :‬فه‪T‬ي"ال‪T‬تي ي‪T‬كونُ مِ‪T‬ن ش‪T‬أنِ‪T‬ها حت‪T‬قيقُ ع‪T‬ملٍ ق‪T‬ان‪T‬ون‪T‬يٍّ خ‪T‬اصٍّ ب‪T‬نيَ‬
‫دَول ‪T‬تَنيِ‪ ،‬أو أك‪TT‬ثرَ دونَ أنْ ي‪TT‬كونَ ل‪TT‬لدولِ األُخ‪TT‬رى ش‪TT‬أنٌ ب‪TT‬ها؛ م‪TT‬ثالُ ذل‪TT‬ك‪ :‬امل‪TT‬عاه‪TT‬داتُ‬
‫التجاريةُ أو الثقافيةُ‪.1‬‬
‫غ‪TT‬يرَ أنّ ه‪TT‬ناكَ ش‪TT‬يئاً مش‪TT‬ترَك ‪T‬اً ب‪TT‬ني ن‪TT‬وعَ‪TT‬ي امل‪TT‬عاه‪TT‬داتِ؛ ف‪TT‬ال‪TT‬قوَّةُ اإلل‪TT‬زام‪TT‬يةُ ف‪TT‬ي احل‪TT‬الَ‪TT‬تنيِ‬
‫م‪T‬قصورةٌ م‪T‬ن ح‪T‬يثُ امل‪T‬بدأُ ع‪T‬لى ال‪T‬دولِ امل‪T‬وقِّ‪T‬عةِ ع‪T‬ليها‪ ،‬وال ت‪T‬تعدَّاه‪T‬ا إل‪T‬ى غ‪T‬يرهِ‪T‬م؛ ألنَّ‬
‫العقدَ ال يُلْزِمُ إالّ عاقِديهِ؛‬
‫ل‪T‬ذا جن‪T‬دُ أنّ ال‪T‬تعامُ‪T‬لَ ال‪T‬دول‪T‬يَّ اس‪T‬تقرَّ ع‪T‬لى ض‪T‬رورةِ ت‪T‬سجيلِ امل‪T‬عاه‪T‬داتِ ل‪T‬دى س‪T‬كرت‪T‬اري‪T‬ةِ‬
‫األممِ املتح‪T‬دةِ كش‪T‬رطٍ ل‪T‬قَبول‪T‬هِا حَ‪T‬كماً ف‪T‬ي خ‪T‬الف‪T‬اتِ ال‪T‬دولِ امل‪T‬وقِّ‪T‬عةِ‪ ،‬م‪T‬راعِ‪T‬نيَ ف‪T‬ي ذل‪T‬ك‬
‫شروطَ وبنودَ اتفاقية "فينّا" )معاهدةُ املعاهداتِ(‪.2‬‬
‫‪ 1‬د‪ .‬ﺳﺮور طﺎﻟﺒﻲ اﻟﻤﻞ‪ :‬ﻣﺤﺎﺿﺮات ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮرات ﺟﺎﻣﻌﺔ أرﯾﺲ ‪٢٠١٣‬م‬
‫ت ﺑﯿﻦ‬
‫اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨّﺎ‬
‫ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻌﺎھﺪات )اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨّﺎ( ھﻲ ﻣﻌﺎھﺪة ﺑﺸﺄن اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ ﺑﺸﺄن اﻟﻤﻌﺎھﺪا ِ‬
‫ِ‬
‫اﻟﺪول‪ .‬اﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ‪ ٢٢‬ﻣﺎﯾﻮ ‪ (١٩٦٩‬ووﻗﱠﻌﺖ ﻋﻠﯿﮭﺎ ‪ ٤٥‬وﺻﺪﻗﺘﮭﺎ ‪ ٣٥‬دوﻟﺔ‪ ،‬وﻓﺘﺤﺖ ﻟﻠﺘﻮﻗﯿﻊ ﻓﻲ ‪ ٢٣‬أﯾﺎر‬
‫ﻋﺎم)‪(١٩٦٩‬م وﻗﺪ دﺧﻠﺖ اﻻﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﺣﯿﺰ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬ ﻓﻲ ‪ ٢٧‬ﻛﺎﻧﻮن اﻟﺜﺎﻧﻲ ‪ (١٩٨٠‬م وﻗﺪ ﺗ ﱠﻢ اﻟﺘﺼﺪﯾ ُ‬
‫ﻖ ﻋﻠﻰ اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ‬
‫اﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗُﺼﺪﱢق ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻻﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﺗﻌﺘﺮفُ‬
‫ﻓﯿﻨّﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ)‪ ١٤‬دوﻟﺔ )اﻋﺘﺒﺎراً ﻣﻦ أﺑﺮﯾﻞ ‪ ٢٠١٤‬ﺑﻌﺾُ‬
‫ِ‬
‫‪ http://‬ﺑﺄﻧّﮭﺎ إﻋﺎدةُ ﺻﯿﺎﻏﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻌﺮﻓﻲ وﻣﻠﺰﻣﺔٌ ﻟﮭﻢ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻨﺤﻮ‪ .‬وﯾﻜﯿﯿﺪﯾﺎ – اﻟﻤﻮﺳﻮﻋﺔ اﻟﺤﺮة‪.‬‬
‫‪en.wikipedia.org/wiki/Vienna_Convention_on_the_Law_of_Treaties‬‬
‫‪2‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٣‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ول‪T‬كنَّ ه‪T‬ذه امل‪T‬عاه‪T‬داتِ ال ت‪T‬كونُ ول‪T‬يدةَ اللح‪T‬ظةِ؛ وإمنّ‪T‬ا تُ‪T‬وجَ‪T‬دُ ع‪T‬برَ س‪T‬لسلةٍ م‪T‬ن ال‪T‬عملياتِ‬
‫التفاوضيةِ التي متُهِّدُ لِوالدة املعاهداتِ‪.‬‬
‫ال‪PP‬تفاوضُ‪ :‬ع‪TT‬مليةٌ ق‪TT‬دمي ‪T‬ةٌ قِ ‪T‬دَمَ ال‪TT‬تاري ‪T‬خِ‪ ،‬ول‪TT‬قد عَ‪TT‬رفَ ‪T‬تِ احل‪TT‬ضاراتُ البش‪TT‬ري ‪T‬ةُ ال‪TT‬تفاوضَ‬
‫بقَصدِ حتقيقِ األهدافِ السياسيةِ‪ ،‬واملنافعِ االقتصاديةِ وأحياناً للغاياتِ العَقَدِيَّةِ‪.‬‬
‫ف‪T‬اس‪T‬تخدَمَ‪T‬تِ األق‪T‬وامُ ال‪T‬تفاوضَ ف‪T‬ي ت‪T‬نظيمِ ال‪T‬عالق‪T‬اتِ ف‪T‬يما ب‪T‬ينَها وم‪T‬ع غ‪T‬يرِه‪T‬ا‪ ،‬ك‪T‬ما أنّ‬
‫امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ ال‪T‬عسكري‪T‬ةَ احل‪T‬رب‪T‬يةَ ك‪T‬ان‪T‬ت أُس‪T‬لوب‪T‬اً ش‪T‬ائِ‪T‬عاً؛ ن‪T‬تيجةَ ك‪T‬ثرةِ ال‪T‬صِّدام‪T‬اتِ املس‪T‬لَّحةِ‬
‫التي كانت تنْشُبُ فيما بنيَ )القبائلِ‪ ،‬أو املدنِ‪ ،‬أو الدولِ‪ ،‬أو الشعوبِ‪ ،‬أو األممِ(‪.‬‬
‫وت‪TT‬نشأُ أه‪TT‬ميَّةُ ع‪TT‬مليةِ ال‪TT‬تفاوضِ وامل‪TT‬عاه‪TT‬داتِ ف‪TT‬ي ح‪TT‬ياةِ األممِ وال‪TT‬شعوبِ مِ‪TT‬ن زاوي ‪T‬تَنيِ‬
‫أساسيتنيِ‪:‬‬
‫األُول‪T‬ى‪ :‬ضَ‪T‬رورتُ‪T‬ها ح‪T‬يث تظه‪T‬رُ م‪T‬ن األه‪T‬ميةِ ال‪T‬تي تس‪T‬تمدُّه‪T‬ا مِ‪T‬ن ال‪T‬عالق‪T‬ةِ ال‪T‬تفاوض‪T‬يةِ‬
‫ال ‪TT‬قائ ‪TT‬مةِ ب ‪TT‬ني أط ‪TT‬رافِ ‪TT‬ه؛ أيّ م ‪TT‬ا ي ‪TT‬تعلَّقُ ب ‪TT‬ال ‪TT‬قضيةِ ال ‪TT‬تفاوض ‪TT‬يةِ ال ‪TT‬تي ي ‪TT‬تمُّ ال ‪TT‬تفاوضُ‬
‫بشأنِها‪،‬وتلك هي الزاويةُ األُولى‪.‬‬
‫ال‪TT‬ثان‪TT‬يةُ‪ :‬ح‪TT‬تمِيَّتُها‪ :‬ف‪TT‬ي ك‪TT‬ونِ‪TT‬ها أح ‪T‬دَ اخمل‪TT‬ارجِ‪ ،‬أو امل‪TT‬ناف ‪T‬ذِ امل‪TT‬مكنِ اس‪TT‬تخدامُ‪TT‬ها مل‪TT‬عاجل ‪T‬ةِ‬
‫القضيةِ التفاوضيةِ سِلميّاً‪ ،‬والوصولِ إلى حلٍّ للمشكلةِ املتنازَعِ بشأنِها‪.‬‬
‫وله‪T‬ذه األه‪T‬ميةِ ف‪T‬إنّ‪T‬نا ن‪T‬حاولُ ت‪T‬قدميَ م‪T‬فهومٍ ش‪T‬ام‪T‬لٍ ل‪T‬عمليةِ ال‪T‬تفاوضِ وأسُ‪T‬سِها وشُ‪T‬روطِ‪T‬ها‬
‫املوضوعيةِ‪ ،‬كما يَبحَثُ في مفهوم املعاهداتِ وأنواعِها وأسُسِها القانونية‪.1‬‬
‫أسبابُ اختيارِ املَوضوعِ‪:‬‬
‫‪ 1‬زﯾﻨﺐ وﺣﯿﺪ دﺣﺎم‪ :‬اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺒﺪﯾﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﻘﻀﺎء ﻟﺤﻞ اﻟﻨﺰﻋﺎت‪ ،‬أرﺑﯿﻞ’ ﻣﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‪ ،‬ط‪٢٠١٢ ،١‬م‪ ،‬ص‬
‫‪.٩٥‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٤‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ه‪TT‬ذا ال‪TT‬بحثُ م‪TT‬حاول ‪T‬ةٌ إلظ‪TT‬هارِ ال‪TT‬نشأةِ ال‪TT‬فكري ‪T‬ةِ ال‪TT‬علميةِ للمس‪TT‬لمنيَ‪ ،‬وت‪TT‬بنيَّ ال ‪T‬دَّورُ‬
‫احلضاريُّ لهذه األُمّةِ في القانونِ الدوليِّ‪.‬‬
‫وإظ‪T‬هارِ ع‪T‬الق‪T‬ةِ املس‪T‬لمنيَ م‪T‬ع غ‪T‬يرهِ‪T‬م ب‪T‬أنّ‪T‬ها ع‪T‬الق‪T‬ةُ دع‪T‬وةٍ إل‪T‬ى اهللِ ت‪T‬عال‪T‬ى وليس‪T‬تْ ع‪T‬الق‪T‬ةَ‬
‫حربٍ وقتالٍ‪.‬‬
‫وت‪TT‬بنيَّ احل ‪T‬قُّ ف‪TT‬يما ي ‪T‬تَّصِلُ ب‪TT‬بعضِ ال‪TT‬نواح‪TT‬ي ف‪TT‬ي امل‪TT‬عاه‪TT‬داتِ‪ ،‬وأن‪TT‬واعِ‪TT‬ها‪ ،‬ومت‪TT‬ييزِه‪TT‬ا ع‪TT‬ن‬
‫امل‪TT‬عاه‪TT‬داتِ‪ ،‬وإظ‪TT‬هارِ ال‪TT‬وجْ ‪T‬هِ املش‪TT‬رقِ حل‪TT‬قيقةِ ت‪TT‬عامُ ‪T‬لِ املس‪TT‬لمنيَ م‪TT‬ع غ‪TT‬يرِه‪TT‬م )سِ‪TT‬لماً‬
‫وحَرباً(‪.‬‬
‫ك‪T‬ما أُري‪T‬دُ ت‪T‬بينيَ أنّ ب‪T‬عضَ امل‪T‬عاه‪T‬داتِ ه‪T‬ي ليس‪T‬تْ م‪T‬وج‪T‬ودةً إالّ ع‪T‬ندَ املس‪T‬لمنيَ‪ ،‬م‪T‬نها‬
‫معاهدةُ األمانِ وإعطاءُ أيِّ فردٍ من املسلمنيَ حقَّ األمانِ‪ ،‬وهذا ممّا تفرَّدَ به املسلمونَ‪.‬‬
‫حُدودُ املوضوعِ‪:‬‬
‫ي‪T‬ندرجُ م‪T‬وض‪T‬وعُ ال‪T‬بحثِ ف‪T‬ي ح‪T‬دودِ ال‪T‬دراس‪T‬ةِ ال‪T‬تاري‪T‬خيةِ مل‪T‬رح‪T‬لتَنيِ ت‪T‬اري‪T‬خيتَنيِ م‪T‬ختلفتَنيِ‬
‫أالَ وَهُما‪:‬‬
‫ عه‪T‬دُ ال‪T‬فتحِ اإلس‪T‬الم‪T‬يِّ مل‪T‬دي‪T‬نةِ ال‪T‬قُدسِ ف‪T‬ي زم‪T‬نِ عُ‪T‬مَرَ ب‪T‬نِ اخل‪T‬طَّابِ رضِ‪T‬يَ اهللُ ع‪T‬نهُ‪،‬‬‫ودراسةِ العُهْدَةِ العُمَرِيَّةِ‪.‬‬
‫ وزمَ‪T‬نِ احل‪T‬روبِ ال‪T‬صليبيَّةِ واس‪T‬ترج‪T‬اعِ ال‪T‬قُدسِ ع‪T‬لى ي‪T‬دِ ص‪T‬الحِ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ األي‪T‬وب‪T‬يِّ‬‫رِحمَه اهلل ومعاهدةُ الرملةِ‪.‬‬
‫الدراساتُ السابقةِ‪:‬‬
‫ل‪T‬قد اطَّ‪T‬لَعَ ال‪T‬باح‪T‬ثُ ع‪T‬لى ع‪T‬ددٍ مِ‪T‬ن ال‪T‬دِّراس‪T‬اتِ ال‪T‬تي اه‪T‬تمَّتْ مب‪T‬وض‪T‬وعِ امل‪T‬فاوَض‪T‬اتِ‪ ،‬أو‬
‫موضوعِ املعاهَداتِ منها‪:‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٥‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫)دراس ‪T‬ةٌ ل"أش‪TT‬رف ص‪TT‬ال‪TT‬ح مح ‪T‬مّد س ‪T‬يّد"‪ ،‬ب‪TT‬عنوانِ ال ‪T‬دٌّب‪TT‬لوم‪TT‬اس‪TT‬يةِ األي‪TT‬وب ‪T‬يَّة ال‪TT‬صليبيَّة‬
‫ودراس‪T‬ةٌ ل‪T‬دك‪T‬تورِ "ك‪T‬ام‪T‬ل م‪T‬طر"‪ ،‬ج‪T‬ام‪T‬عة فلس‪T‬طني‪ ،‬ب‪T‬عنوان أن‪T‬واعِ امل‪T‬عاهَ‪T‬داتِ ودراس‪T‬ة‬
‫لِ"رب ‪TT‬حي ع ‪TT‬بد ال ‪TT‬قادر م ‪TT‬وس ‪TT‬ى اجل ‪TT‬دي ‪TT‬لي"‪ ،‬ب ‪TT‬عنوان "إدارةِ امل ‪TT‬فاوض ‪TT‬ات" – ودراس ‪TT‬ة‬
‫للدكتور "ميلود املهذبي" بعنوان املفاوضةِ في القانونِ الدوليّ(‪.‬‬
‫ف‪T‬رأي‪T‬تْ أنَّ كُ‪T‬لَّ م‪T‬ا سَ‪T‬بَقَ ق‪T‬د اه‪T‬تمَّ ب‪T‬أح‪T‬دِ ج‪T‬انِ‪T‬بَي ال‪T‬عمليةِ ال‪T‬تفاوض‪T‬يةِ إمّ‪T‬ا )امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ‪،‬‬
‫وإمّا املعاهداتِ( فأردتْ أنْ يشملَ بحثي العمليةَ التفاوضيةَ كلَّها‪.‬‬
‫صُعوباتُ املوضوعِ‪:‬‬
‫تنحصِرُ في قِلَّةِ املراجعِ العربيةِ في زمنِ صالحِ الدينِ األيوبيِّ‪.‬‬
‫فرْضياتُ البَحثِ‪:‬‬
‫هل جنحَ املسلِمونَ مِن خاللِ املعاهَداتِ التي أبرمُوها في الوصولِ إلى نتائجَ مُرضِيةٍ؟‬
‫وم‪T‬ا االن‪T‬عكاس‪T‬اتُ ال‪T‬تي أن‪T‬تجَتْها العُه‪T‬دَةُ ال‪T‬عُمريّ‪T‬ةُ؛ س‪T‬واءٌ أك‪T‬ان‪T‬تْ للمس‪T‬لمنيَ أمْ لِ‪T‬سُكَّانِ‬
‫بيتِ املقدِس؟‬
‫هل استطاعَ املسلمونَ استثمارَ هذه املعاهدةِ واحملافظةَ على القُدسِ؟‬
‫ك‪TT‬ما ي‪TT‬تساءلُ ال‪TT‬باح ‪T‬ثُ ه ‪T‬لْ جن ‪T‬حَت م‪TT‬عاه‪TT‬دةُ ال‪TT‬رم‪TT‬لةِ ال‪TT‬تي أب‪TT‬رمَ‪TT‬ها ص‪TT‬الحُ ال ‪T‬دِّي ‪T‬نِ ع‪TT‬لى‬
‫احلفاظِ على الدولةِ األيوبيَّةِ بعدَ وفاتِه؟‬
‫مَنهجيَّةُ البحثِ‪:‬‬
‫ل ‪T‬قَد سِ ‪T‬رْتُ ف‪TT‬ي دِراس ‪T‬تَي مل‪TT‬وض‪TT‬وعِ رِس‪TT‬ال ‪T‬تَي ع‪TT‬لى ط‪TT‬ري ‪T‬قِ امل‪TT‬نهجيَّةِ ال‪TT‬علميَّةِ امل‪TT‬وض‪TT‬وع ‪T‬يّةِ‬
‫ت‪TT‬اري‪TT‬خيّةِ حت‪TT‬ليليَّةِ م‪TT‬قارن ‪T‬ةٍ؛ فهِ‪TT‬ي ط‪TT‬ري‪TT‬قةٌ ع‪TT‬لميةٌ ال اس‪TT‬تهوائ ‪T‬يّةً ع‪TT‬اط‪TT‬فيّةً‪ ،‬ويُ‪TT‬ؤصِّ ‪T‬لُ‬
‫امل‪T‬وض‪T‬وع‪T‬اتِ ب‪T‬األدلَّ‪T‬ةِ ب‪T‬عد حت‪T‬ليليّةٍ‪ ،‬وسَ‪T‬بْرِ امل‪T‬علوم‪T‬اتِ‪ ،‬وم‪T‬ناقش‪T‬تِها ل‪T‬تبيانِ احل‪T‬قيقةِ وال‪T‬ظفرِ‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٦‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ب‪T‬ال‪T‬دل‪T‬يلِ ال‪T‬صحيحِ دونَ ال‪T‬تعصُّبِ ل‪T‬رأيٍّ م‪T‬عيَّنٍ‪ ،‬أو ت‪T‬قليدٍ ب‪T‬عيدٍ ع‪T‬ن احل‪T‬قِّ(؛ ألنّ امل‪T‬بدأَ‬
‫األص‪T‬يلِ ك‪T‬ما ق‪T‬الَ ع‪T‬ليّ ب‪T‬نُ أب‪T‬ي ط‪T‬ال‪T‬بٍ رض‪T‬يَ اهللُ ع‪T‬نهُ‪) :‬ال‪T‬ناسُ أب‪T‬ناءُ م‪T‬ا يُ‪T‬حسِنُونَ( وه‪T‬ي‬
‫طريقةٌ تاريخيةٌ تعتمدُ على األدلّةِ التاريخيةِ الصحيحةِ‪.‬‬
‫ك‪T‬ما أج‪T‬ري‪T‬تُ ف‪T‬ي دِراس‪T‬تي م‪T‬قارن‪T‬ةً ب‪T‬ني ب‪T‬عضِ امل‪T‬عاه‪T‬داتِ ال‪T‬تي متَّ‪T‬تْ ف‪T‬ي ال‪T‬عصرِ اإلس‪T‬الم‪T‬يِّ‬
‫والقانونِ الدوليِّ ومعاهدةِ "فينّا"؛ إليضاحِ الوجْهِ املشرقِ للتشريعِ اإلسالميّ‪.‬‬
‫وال يَ‪TT‬خفى م‪TT‬ا ل‪TT‬لمقارن ‪T‬ةِ مِ‪TT‬ن ف‪TT‬ائ‪TT‬دةٍ إذ ه‪TT‬ي ط‪TT‬ري‪TT‬قةٌ ع‪TT‬لميةٌ م‪TT‬نتجِةٌ؛ ألنّ امل‪TT‬قارنَ‪TT‬ة ت‪TT‬فتحُ‬
‫أمامَنا آفاقاً جديدةً‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٧‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﻔَﺼﻞُ اﻷوّلُ‬
‫اﻟﺘﻔﺎوضُ‬
‫ﻣَﻔﻬُﻮﻣُﻪ وأُﺳُﺴُﻪ‬
‫إنّ احل‪T‬اج‪T‬ةَ البش‪T‬ري‪T‬ةَ إل‪T‬ى ال‪T‬تفاوضِ‪ ،‬ق‪T‬دمي‪T‬ةٌ م‪T‬نذُ األزلِ ول‪T‬ن تنتهِ‪T‬يَ ه‪T‬ذه احل‪T‬اج‪T‬ةُ أو ت‪T‬نتفِي‪،‬‬
‫وإنّ ه‪T‬ذه األه‪T‬ميّةَ ت‪T‬زدادُ ك‪T‬لّما من‪T‬تِ ال‪T‬عالق‪T‬اتُ ال‪T‬دول‪T‬يةُ ب‪T‬ني ال‪T‬دولِ وت‪T‬شعّبَتْ؛ س‪T‬واءٌ ع‪T‬لى‬
‫كُ‪T‬لٍّ مِ‪T‬ن املس‪T‬توىِ )االق‪T‬تصاديِّ‪ ،‬أو االج‪T‬تماع‪T‬يِّ‪ ،‬أو الس‪T‬ياس‪T‬يِّ(‪ .‬وال‪T‬تفاوضُ ال ي‪T‬عني‬
‫ج‪T‬لوسَ ب‪T‬عضِ ال‪T‬ساس‪T‬ةِ ورج‪T‬الِ اإلع‪T‬مالِ ح‪T‬ولَ امل‪T‬وض‪T‬وعِ وامل‪T‬ناق‪T‬شةِ‪ ،‬وال‪T‬وُص‪T‬ولِ للح‪T‬لولِ‬
‫امل‪T‬رض‪T‬يةِ ل‪T‬إلط‪T‬رافِ ك‪T‬افّ‪T‬ةً؛ ب‪T‬ل ه‪T‬و ع‪T‬مليةٌ م‪T‬تكام‪T‬لةٌ‪ ،‬وش‪T‬ام‪T‬لةٌ جل‪T‬وان‪T‬بِ ال‪T‬نشاطِ اإلن‪T‬سان‪T‬يِّ‪،‬‬
‫وف‪TT‬ي االجت‪TT‬اه‪TT‬اتِ كُ ‪T‬لِّها‪ ،‬وتُس‪TT‬تخدَمُ ف‪TT‬يها األس‪TT‬ال‪TT‬يبُ‪ ،‬واألدواتُ امل‪TT‬تنوِّع ‪T‬ةُ؛ ل‪TT‬تحقيقِ‬
‫النجاحِ حولَ موضوعِ اخلالفِ‪.‬‬
‫وع‪TT‬لمُ ال‪TT‬تفاوضِ ق‪TT‬دميٌ قِ ‪T‬دَمَ ال‪TT‬تاري ‪T‬خِ‪ ،‬وق‪TT‬د وَرَدَتِ ف‪TT‬ي ال‪TT‬نصوصِ ال‪TT‬قدمي ‪T‬ةِ م‪TT‬عاه‪TT‬داتٌ‬
‫عُ‪T‬قِدَتْ ب‪T‬ني ش‪T‬عوبِ ال‪T‬عالَ‪T‬مِ ال‪T‬قدميِ‪ ،‬وت‪T‬اري‪T‬خُنا اإلس‪T‬الم‪T‬يُّ زاخ‪T‬رٌ ب‪T‬امل‪T‬عاه‪T‬داتِ ال‪T‬تي متَّ‪T‬تْ ب‪T‬ني‬
‫املسلمنيَ وغيرِهم‪.‬‬
‫فـ "ال‪TT‬تفاوضُ" أداةٌ ل‪TT‬لحِوارِ‪ ،‬وه‪TT‬و ج‪TT‬وه ‪T‬رُ األس‪TT‬لوبِ ال‪TT‬قرآن ‪T‬يِّ‪ ،‬وخ‪TT‬يرُ دل‪TT‬يلٍ ع‪TT‬لى ذل‪TT‬ك‬
‫احلِ‪T‬وارُ ال‪T‬ذي ق‪T‬صَّه ع‪T‬لينا ال‪T‬قرآنُ ال‪T‬كرميُ ف‪T‬ي سُ‪T‬ورةِ ال‪T‬بقرةِ؛ ح‪T‬يث دارَ حِ‪T‬وارٌ ب‪T‬نيَ اهللِ ج‪T‬لَّ‬
‫ج‪T‬اللُ‪T‬ه وامل‪T‬الئ‪T‬كةِ ع‪T‬ليهِم الس‪T‬المُ ح‪T‬ولَ خَ‪T‬لْقِ اهللِ ت‪T‬عال‪T‬ى للبَشَ‪T‬رِ ق‪T‬ال ت‪T‬عال‪T‬ى‪) :‬وَإِذْ قَ‪T‬الَ‬
‫رَبُّ ‪T‬كَ لِ ‪T‬لْمَالَئِ ‪T‬كَةِ إِنِّ‪TT‬ي جَ‪TT‬اعِ ‪T‬لٌ فِ‪TT‬ي األَْرْضِ خَ ‪T‬لِيفَةً ۖ قَ‪TT‬الُ‪TT‬وا أَجتَْ ‪T‬عَلُ فِ‪TT‬يهَا مَ‪TT‬ن يُفْسِ ‪T‬دُ فِ‪TT‬يهَا‬
‫وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا الَ تَعْلَمُونَ(‪.1‬‬
‫‪ 1¥‬ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة اﻵﯾﺔ ‪٣٠‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٨‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ك‪T‬ما أرش‪T‬دَ اهللُ ت‪T‬عال‪T‬ى ف‪T‬ي ك‪T‬تابِ‪T‬ه ع‪T‬بادَه ب‪T‬أنّ يَس‪T‬لُكُوا ط‪T‬ري‪T‬قَ امل‪T‬وع‪T‬ظَةِ احل‪T‬سنةِ ف‪T‬ي اجلِ‪T‬دالِ‬
‫واحلِ‪T‬وارِ‪ ،‬ق‪T‬ال ت‪T‬عال‪T‬ى‪) :‬أدْعُ إِل َٰى سَ‪T‬بِيلِ رَبِّ‪T‬كَ بِ‪T‬احلِْ‪T‬كْمَةِ وَاملَْ‪T‬وْعِ‪T‬ظَةِ احلَْ‪T‬سَنَةِ ۖ وَجَ‪T‬ادِلْ‪T‬هُم‬
‫بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مبَِن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِاملُْهْتَدِينَ(‪.1‬‬
‫وه‪TT‬ذا مِ‪TT‬ن ش‪TT‬أنِ‪TT‬ه‪ ،‬أنّ ي‪TT‬ؤدِّي إل‪TT‬ى نُ‪TT‬شوءِ م‪TT‬واق ‪T‬فَ حِ‪TT‬واريَّ ‪T‬ةٍ ت‪TT‬فاوض‪TT‬يةٍ تُ‪TT‬فضي إل‪TT‬ى ت‪TT‬بلورِ‬
‫مفهومِ التسامُحِ مع اآلخَر‪.‬‬
‫مُقدِّمةٌ‪:‬‬
‫امل‪T‬فاوض‪T‬اتُ ه‪T‬ي ال‪T‬طري‪T‬قُ ال‪T‬ساب‪T‬قُ ل‪T‬لمعاه‪T‬داتِ‪ ،‬وتُش‪T‬يرُ ق‪T‬وام‪T‬يسُ ال‪T‬لغةِ ال‪T‬عرب‪T‬يةِ إل‪T‬ى أنّ‬
‫)التفاوضَ أو املفاوضةَ( تُستخدَمُ في مَعنَيَنيِ‪:‬‬
‫أحدهُما‪ :‬يَدورُ حولَ املشاركةِ أو الشركةِ‪.‬‬
‫وأمّا املعنى اآلخَر‪ :‬فإنّه يدورُ حولَ )اجملاراةِ‪ ،‬واحملادثةِ‪ ،‬واحلِوارِ(‪.‬‬
‫ك‪T‬ذل‪T‬ك ف‪T‬إنّ امل‪T‬فاوض‪T‬ةَ ف‪T‬ي ال‪T‬لغةِ‪ :‬ت‪T‬فترضُ امل‪T‬شادَّةَ وت‪T‬بادلَ ال‪T‬رأي‪ ،‬ومت‪T‬حيصَه وُص‪T‬والً إل‪T‬ى‬
‫اتِّفاقٍ ‪.2‬‬
‫ي‪T‬تَّضِحُ مِ‪T‬ن امل‪T‬عنى ال‪T‬لغويِّ م‪T‬ا ي‪T‬نبغي أنّ ت‪T‬كونَ ع‪T‬ليه ف‪T‬ي امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ‪ ،‬مِ‪T‬ن م‪T‬شاكِ‪T‬لِه ب‪T‬ني‬
‫طَ‪TT‬رف ‪T‬نيِ أو أك‪TT‬ثرَ‪ ،‬ومِ‪TT‬ن ال‪TT‬وق‪TT‬وفِ ع‪TT‬لى قَ ‪T‬دَمِ امل‪TT‬ساواةِ؛ ف‪TT‬إنْ ان‪TT‬عدَمَ ‪T‬تْ ه‪TT‬ذه امل‪TT‬ساواةُ ف‪TT‬ال‬
‫مفاوضةَ؛بل استسالمٌ لرغبةِ طرفٍ واستجابةٌ ألوامِره‪.‬‬
‫‪ 1‬اﻟﻨﺤﻞ اﻵﯾﺔ ‪.١٢٥‬‬
‫اﻟﻤﺎل إذا‬
‫اﻟﺸﺮﯾﻜﺎن ﻓﻲ‬
‫ﻮض(اﻟﻤﻔﺎوﺿﺔُ اﻟﻤﺴﺎواةُ واﻟﻤﺸﺎرﻛﺔُ وﺗﻔﺎوضُ‬
‫ب ﻣﺎ ّدة )ﻓَ َ‬
‫‪ 2‬اﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﻟﺴﺎنُ اﻟﻌﺮ ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫اﺷﺘﺮﻛﺎ ﻓﯿﮫ اﺟﻤﻊ وھﻲ ﺷﺮﻛﺔُ اﻟﻤﻔﺎوﺿ ِﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺸﺘﺮ ُ‬
‫ﺿﮫ‬
‫ك ﻓﯿﮭﺎ‬
‫ﻣﺎل اﻟﺸﺮﻛ ِﺔ )ﻓﺎو َ‬
‫اﻟﺸﺮﯾﻜﺎن ﺑﻜﻞﱢ ﺷﻲ ٍء ﻓﻲ ِ‬
‫ِ‬
‫وﺗﻔﺎوض‬
‫ﻓﯿﮫ‬
‫ﺚ أﺧَﺬوا‬
‫ﻓﺎوض ﻓﯿﮫ ﺑﻌﻀُﮭﻢ‬
‫اﻷﻣﺮ؛ أي‬
‫ﻓﻲ‬
‫م‬
‫اﻟﻘﻮ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ﻓﻲ أ ْﻣ ِﺮه أي ﺟﺎ َراهُ‪ ،‬وﺗﻔﺎ َوﺿُﻮا ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾ ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ﺑﻌﻀﺎ ً ﻛﺎن ﻛﻞﱡ واﺣ ٍﺪ ﻣﻨﮭُﻤﺎ ر ّد ﻣﺎ ﻋﻨﺪه إﻟﻰ ﺻﺎﺣﺒِﮫ‪.‬‬
‫اﻧﻈﺮ اﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر‪ :‬ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب‪ ،‬دار ﺻﺎدر‪ ،‬ﺑﯿﺮوت‪ ،‬ﺑﺪون ﺗﺎرﯾﺦ‪.٧/٢١٣ ،‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٩‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫أمّ‪P‬ا "املُ‪P‬فاوَض‪P‬اتُ" ف‪T‬ي ال‪T‬تعبيرِ ال‪T‬دول‪T‬يِّ فه‪T‬ي‪ :‬م‪T‬نهجٌ‪ ،‬أو أس‪T‬لوبٌ ع‪T‬مليٌّ ت‪T‬تبعُه األط‪T‬رافُ‬
‫امل‪T‬فاوضَ‪T‬ةُ؛ س‪T‬واءٌ ك‪T‬ان‪T‬ت )دُوالً‪ ،‬أم غ‪T‬يرَ دُولٍ(؛ مِ‪T‬ن أج‪T‬لِ ال‪T‬توصُّ‪T‬لِ إل‪T‬ى ات‪T‬فاقٍ‪ ،‬ي‪T‬ضمنُ‬
‫لها أقصى قَدْرٍ ممُكِنٍ مِن املصالِح واألهدافِ ‪.1‬‬
‫أمّ‪P‬ا "ال‪P‬تفاوضُ"‪ :‬ه‪T‬و م‪T‬وق‪T‬فٌ ت‪T‬عبيريٌّ ح‪T‬رك‪T‬يٌّ‪ ،‬ق‪T‬ائ‪T‬مٌ ب‪T‬نيَ ط‪T‬رفَ‪T‬نيِ‪ ،‬أو أك‪T‬ثرَ ح‪T‬ولِ ق‪T‬ضيةٍ م‪T‬ن‬
‫ال‪T‬قضاي‪T‬ا‪ ،‬ي‪T‬تمُّ مِ‪T‬ن خِ‪T‬اللِ‪T‬ه عَ‪T‬رضُ وت‪T‬بادُلُ‪ ،‬وت‪T‬قري‪T‬بُ وم‪T‬واءم‪T‬ةُ وت‪T‬كييفُ وجُ‪T‬هاتِ ال‪T‬نظرِ‪،‬‬
‫واس‪T‬تخدامِ أس‪T‬ال‪T‬يبِ اإلق‪T‬ناعِ ك‪T‬افّ‪T‬ةً؛ ل‪T‬لحفاظِ ع‪T‬لى امل‪T‬صالِ‪T‬ح ال‪T‬قائ‪T‬مةِ‪ ،‬أو ل‪T‬لحصولِ ع‪T‬لى‬
‫م‪T‬نفعةٍ ج‪T‬دي‪T‬دةٍ ب‪T‬إج‪T‬بارِ اخل‪T‬صمِ ب‪T‬ال‪T‬قيامِ ب‪T‬عملٍ مُ‪T‬عيَّنٍ‪ ،‬أو االم‪T‬تناعِ ع‪T‬ن ع‪T‬ملٍ م‪T‬عيَّنٍ‪ ،‬ف‪T‬ي‬
‫إطارِ عالقةِ االرتباطِ بني أطرافِ العمليةِ التفاوضيّةِ‪ ،‬جتُاهَ أنفسِهم أو جتُاهَ الغَير‪.2‬‬
‫إذا‪ :‬التفاوضُ هو مِن احللولِ الودِّيةِ حلِلِّ املنازَعاتِ‪.‬‬
‫وتظه‪T‬رُ ض‪T‬رورةُ ع‪T‬لمِ ال‪T‬تفاوضِ وم‪T‬دى أه‪T‬ميَّتِه ال‪T‬تي يس‪T‬تمِدُّه‪T‬ا مِ‪T‬ن ال‪T‬عالق‪T‬ةِ ال‪T‬تفاوض‪T‬يةِ؛‬
‫إذ إنّ ال‪T‬تفاوضَ ي‪T‬أخ‪T‬ذُ أه‪T‬ميَّتَه مِ‪T‬ن ك‪T‬ونِ‪T‬ه أح‪T‬دَ اخمل‪T‬ارجِ‪ ،‬أو امل‪T‬ناف‪T‬ذِ امل‪T‬مكِن اس‪T‬تخدامُ‪T‬ها؛‬
‫مل‪TT‬عاجل ‪T‬ةِ ال‪TT‬قضيَّةِ ال‪TT‬تفاوض ‪T‬يّةِ امل‪TT‬تنازعِ ع‪TT‬ليها‪ ،‬وال‪TT‬وص‪TT‬ولِ إل‪TT‬ى ح ‪T‬لٍّ ل‪TT‬لمشكلةِ امل‪TT‬تنازَعِ‬
‫بشأنِها‪.3‬‬
‫‪ 1‬اﻧﻈﺮ‪ :‬د‪ .‬ﻧﺎدﯾﺔ ﻣﺼﻄﻔﻰ وآﺧﺮون‪:‬اﻷﺻﻮل اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم وﻗﺖ اﻟﺴﻠﻢ‪ ،‬اﻟﻤﻌﮭﺪ‬
‫اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﻔﻜﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﺸﺮوع اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ‪١٩٩٦‬م‪ ،‬ص‪١٣‬‬
‫‪ 2‬اﻧﻈﺮ‪ :‬د ﻣﺤﻤﻮد ﻋﻠﻲ‪ ،‬د ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻮض اﻟﮭﺰاﯾﻤﺔ‪ :‬اﻟﻤﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﻓﻦ اﻟﺘﻔﺎوض‪ ،‬اﻷﻛﺎدﯾﻤﯿﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﺪاﻧﻤﺎرك‪٢٠١١ ،‬م‪.‬‬
‫‪ 3‬زﯾﻨﺐ وﺣﯿﺪ دﺣﺎم‪ :‬اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺒﺪﯾﻠﺔ ﻟﺤ ّﻞ اﻟﻨﺰﻋﺎت‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.٦٠‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٢٠‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﻤﺒﺤﺚُ اﻷوّ ُ‬
‫ل‬
‫أُﺳُﺲُ ﻋﻤﻠﻴﺔِ اﻟﺘﻔﺎوُضِ اﻟﺮﺋﻴﺴ ِ‬
‫ﺔ‬
‫ت‪TT‬تضمَّنُ األس ‪T‬سُ امل‪TT‬وق ‪T‬فَ ال‪TT‬تفاوض ‪T‬يَّ وال‪TT‬عناص ‪T‬رَ ال‪TT‬تي ت‪TT‬شملُ ال‪TT‬عمليةَ ال‪TT‬تفاوض‪TT‬يةَ‪،‬‬
‫وال‪T‬قضيةَ ال‪T‬تفاوض‪T‬يةَ ال‪T‬تي ي‪T‬دورُ ح‪T‬ولَ‪T‬ها ال‪T‬نقاشُ واحلِ‪T‬وارُ‪ ،‬واله‪T‬دفَ ال‪T‬تفاوض‪T‬يَّ ال‪T‬رئ‪T‬يسَ‬
‫واألهدافَ املرحليَّةَ‪.‬‬
‫أوّالً‪ :‬املوقفُ التفاوضيُّ‪:‬‬
‫يُ‪T‬عَدُّ ال‪T‬تفاوضُ م‪T‬وقِ‪T‬فاً دي‪T‬نامِ‪T‬يكياً ح‪T‬رك‪T‬يّاً ي‪T‬قومُ ع‪T‬لى )احل‪T‬رك‪T‬ةِ‪ ،‬وال‪T‬فعلِ‪ ،‬وردِّ ال‪T‬فعلِ(‬
‫إي‪TT‬جاب ‪T‬اً وس‪TT‬لباً‪ ،‬وت‪TT‬أث‪TT‬يراً أو ت‪TT‬أثُّ‪TT‬راً ‪ .‬وال‪TT‬تفاوضُ مَ‪TT‬وق ‪T‬فٌ مَ ‪T‬رِنٌ‪ ،‬ي‪TT‬تطلَّبُ قُ‪TT‬دراتٍ ه‪TT‬ائ‪TT‬لةً‬
‫ل ‪TT‬لتكيُّفِ الس ‪TT‬ري‪T T‬عِ‪ ،‬واملس ‪TT‬تمرِّ وامل ‪TT‬واءم‪T T‬ةِ ال ‪TT‬كام ‪TT‬لةِ م ‪TT‬ع امل ‪TT‬تغيِّراتِ احمل ‪TT‬يطةِ ب ‪TT‬ال ‪TT‬عمليةِ‬
‫التفاوضيةِ‪.‬‬
‫وب‪P‬صفةٍ ع‪P‬امَّ‪P‬ةٍ ف‪P‬إنّ امل‪P‬وق‪P‬فَ ال‪P‬تفاوض‪P‬يَّ ي‪P‬تضمَّنُ مج‪P‬موع‪P‬ةَ ع‪P‬ناص‪P‬رَ ي‪P‬جبُ أن ت‪P‬تضمنَّها‬
‫العمليةُ التفاوضيةُ‪:‬‬
‫‪ .۱‬ال‪P‬تراب‪P‬طُ‪ :‬وه‪T‬ذا يس‪T‬تدع‪T‬ي أن ي‪T‬كونَ ه‪T‬ناك ت‪T‬راب‪T‬طٌ ع‪T‬لى املس‪T‬توى ال‪T‬كُلِّيِّ ل‪T‬عناص‪T‬رِ‬
‫القضيةِ التي يتمُّ التفاوضُ بشأنِها؛ أي أن يُصبِحَ املوقفُ التفاوضيُّ كُالً مترابِطاً‪.‬‬
‫‪ .۲‬ال‪PP‬ترك‪PP‬يبُ‪ :‬ح‪TT‬يث ي‪TT‬جبُ أن ي‪TT‬تركَّ ‪T‬بَ امل‪TT‬وق ‪T‬فُ ال‪TT‬تفاوض ‪T‬يُّ مِ‪TT‬ن ج‪TT‬زي‪TT‬ئاتٍ وع‪TT‬ناص ‪T‬رَ‬
‫ي‪T‬نقسمُ إل‪T‬يها‪ ،‬ويسه‪T‬لُ ت‪T‬ناولُ‪T‬ها ف‪T‬ي إط‪T‬ارِه‪T‬ا اجلُ‪T‬زئ‪T‬يِّ‪ ،‬وك‪T‬ما يسه‪T‬لُ ت‪T‬ناولُ‪T‬ها ف‪T‬ي إط‪T‬ارِه‪T‬ا‬
‫الكُلِّيِّ‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٢١‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫‪ .۳‬إم‪PP‬كانُ ال‪PP‬تعرُّفِ وال‪PP‬تمييز‪ :‬ي‪TT‬جب أنّ ي ‪T‬تَّصِفَ امل‪TT‬وق ‪T‬فُ ال‪TT‬تفاوض ‪T‬يُّ ب‪TT‬صفةِ إم‪TT‬كانِ‬
‫ال‪T‬تعرُّفِ ع‪T‬ليه‪ ،‬ومت‪T‬ييزِه دونَ أيِّ )غُ‪T‬موضٍ‪ ،‬أو لَ‪T‬بْسٍ(‪ ،‬أو دونَ ف‪T‬قْدٍ أليٍّ مِ‪T‬ن أج‪T‬زائِ‪T‬ه‪ ،‬أو‬
‫)بُعداً مِن أبعادِه أو معاملِه(‪.‬‬
‫‪ .٤‬االت‪P‬ساعُ امل‪P‬كان‪P‬يُّ وال‪P‬زَّم‪P‬ان‪P‬يُّ )ال‪P‬زم‪P‬كان‪P‬يُّ(‪ :‬ويُ‪T‬قصَدُ ب‪T‬ه امل‪T‬رح‪T‬لةُ ال‪T‬زم‪T‬نيةُ ال‪T‬تي ي‪T‬تمُّ‬
‫التفاوضُ فيها‪ ،‬واملكانُ اجلغرافيُّ الذي تشملُه القضيةُ عند التفاوضِ عليها‪.‬‬
‫‪ .٥‬ال‪P‬تعقيدُ‪ :‬امل‪T‬وق‪T‬فُ ال‪T‬تفاوض‪T‬يُّ ه‪T‬و م‪T‬وق‪T‬فٌ مُ‪T‬عقَّدٌ؛ ح‪T‬يث ت‪T‬تفاع‪T‬لُ داخ‪T‬لَه مج‪T‬موع‪T‬ةٌ م‪T‬ن‬
‫ال‪T‬عوام‪T‬لِ‪ ،‬ول‪T‬ه ال‪T‬عدي‪T‬دُ م‪T‬ن األب‪T‬عادِ‪ ،‬واجل‪T‬وان‪T‬بِ ال‪T‬تي ي‪T‬تشكَّلُ م‪T‬نها ه‪T‬ذا امل‪T‬وق‪T‬فُ‪ ،‬ومِ‪T‬ن ث‪T‬مَّ‬
‫يجبُ اإلملامُ بهذا كُلِّه؛ حتّى يتسنّى التعاملُ مع هذا املوقفِ ببراعةٍ وجناحٍ‪.‬‬
‫‪ .٦‬ال‪P‬غُموضُ‪ :‬ويُ‪T‬طلِقُ ال‪T‬بعضُ ع‪T‬لى ه‪T‬ذا امل‪T‬وق‪T‬فِ )ال‪T‬شَّكُّ(؛ ح‪T‬يث ي‪T‬جبُ أن ي‪T‬حيطَ‬
‫ب‪T‬امل‪T‬وق‪T‬فِ ال‪T‬تفاوض‪T‬يِّ ظِ‪T‬الالً مِ‪T‬ن ال‪T‬شَّكِّ وال‪T‬غُموضِ النس‪T‬بيِّ‪ ،‬وه‪T‬ذا م‪T‬ا ي‪T‬دف‪T‬عُ امل‪T‬فاوِضَ إل‪T‬ى‬
‫ت‪T‬قليلِ دائ‪T‬رةِ ال‪T‬شَّكِّ ع‪T‬ن ط‪T‬ري‪T‬قِ ج‪T‬معِ امل‪T‬علوم‪T‬اتِ ك‪T‬افّ‪T‬ةً‪ ،‬وال‪T‬بيان‪T‬اتِ ال‪T‬تي ت‪T‬كفلُ ال‪T‬توض‪T‬يحَ‬
‫ال‪TT‬تفاوض ‪T‬يَّ اخل‪TT‬اصَّ‪ ،‬وال‪TT‬شكِّ دائ‪TT‬ماً ي‪TT‬رت‪TT‬بطُ ب‪TT‬نواي‪TT‬ا‪ ،‬ودواف ‪T‬عِ‪ ،‬واجت‪TT‬اه‪TT‬اتِ‪ ،‬وم‪TT‬عتقداتِ‬
‫الطرفِ املفاوضِ اآلخَر‪.‬‬
‫وق‪T‬د ي‪T‬تَّسِعُ ن‪T‬طاقُ‪T‬ه لِ‪T‬يشملَ أك‪T‬ثرَ مِ‪T‬ن ط‪T‬رف‪T‬ي ال‪T‬تفاوضِ؛ ن‪T‬ظراً ل‪T‬تشاب‪T‬كِ امل‪T‬صالِ‪T‬ح وت‪T‬عارُضِ‪T‬ها‬
‫بني األطرافِ املتفاوِضة‪.‬‬
‫ومِ‪TT‬ن هُ‪TT‬نا ف‪TT‬إنّ أط‪TT‬رافَ ال‪TT‬تفاوضِ ميُ ‪T‬كِنُ تقس‪TT‬يمُها أي‪TT‬ضاً إل‪TT‬ى أط‪TT‬رافٍ م‪TT‬باش‪TT‬رةٍ‪ ،‬وه‪TT‬ي‬
‫األط‪TT‬رافُ ال‪TT‬تي جت‪TT‬لسُ فِ‪TT‬عالً إل‪TT‬ى م‪TT‬ائ‪TT‬دة امل‪TT‬فاوض‪TT‬اتِ‪ ،‬وت‪TT‬باش ‪T‬رُ ع‪TT‬مليةَ ال‪TT‬تفاوضِ‪ ،‬وإل‪TT‬ى‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٢٢‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫أط‪T‬رافٍ غ‪T‬يرِ م‪T‬باش‪T‬رةٍ‪ ،‬وه‪T‬ي األط‪T‬رافُ ال‪T‬تي تُ‪T‬شكِّلُ ق‪T‬وى ض‪T‬اغ‪T‬طةً الع‪T‬تباراتِ امل‪T‬صلحةِ‪،‬‬
‫أو التي لها عالقةٌ )قريبةٌ‪ ،‬أو بعيدةٌ( بعمليةِ التفاوض‪.1‬‬
‫ثانياً‪ :‬القضيةُ التفاوضيَّة‪:‬‬
‫البُ‪T‬دّ أن ي‪T‬دورَ ال‪T‬تفاوضُ ح‪T‬ولَ)ق‪T‬ضيةٍ مُ‪T‬عيَّنةٍ( أو )م‪T‬وض‪T‬وعٍ مُ‪T‬عيَّن( ميُ‪T‬ثِّلُ م‪T‬حورَ ال‪T‬عمليةِ‬
‫التفاوضيةِ‪،‬وميدانَها الذي يتبارَزُ فيه املتفاوِضونَ‪.‬‬
‫وق‪TT‬د ت‪TT‬كونُ ال‪TT‬قضيةُ )ق‪TT‬ضيةً إن‪TT‬سان ‪T‬يّةً ع‪TT‬امّ ‪T‬ةً(‪ ،‬أو )ق‪TT‬ضيةً ش‪TT‬خصيّةً خ‪TT‬اصَّ ‪T‬ةً( وت‪TT‬كون‬
‫)ق‪TT‬ضيةً اج‪TT‬تماع‪TT‬يةً‪ ،‬أو اق‪TT‬تصادي ‪T‬ةً أو س‪TT‬ياس‪TT‬ية‪ ،‬أو أخ‪TT‬الق‪TT‬ية‪ (...‬إل‪TT‬خ‪ .‬ومِ‪TT‬ن خ‪TT‬اللِ‬
‫ال‪T‬قضيةِ يتح‪T‬دَّدُ اله‪T‬دفُ ال‪T‬تفاوض‪T‬يُّ‪ ،‬وك‪T‬ذا غ‪T‬رضُ ك‪T‬لِّ م‪T‬رح‪T‬لةٍ م‪T‬ن م‪T‬راح‪T‬ل ال‪T‬تفاوضِ؛ ب‪T‬ل‬
‫وال ‪TT‬نقاطِ واألج ‪TT‬زاءِ وال ‪TT‬عناص‪T T‬رِ ال ‪TT‬تي ي ‪TT‬تعيَّنُ ت ‪TT‬ناولُ ‪TT‬ها ف ‪TT‬ي ك‪T T‬لِّ م ‪TT‬رح ‪TT‬لةٍ م ‪TT‬ن امل ‪TT‬راح‪T T‬لِ‪،‬‬
‫وال‪T‬تكتيكاتِ‪ ،‬واألدواتِ‪ ،‬واالس‪T‬ترات‪T‬يجياتِ امل‪T‬تعيَّنِ اس‪T‬تخدامُ‪T‬ها ف‪T‬ي ك‪T‬لِّ م‪T‬رح‪T‬لةٍ م‪T‬ن‬
‫املراحلِ‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬الهدفُ التفاوضيُّ‪:‬‬
‫ال ت‪T‬تمُّ أيُّ ع‪T‬مليةِ ت‪T‬فاوضٍ ب‪T‬دونِ ه‪T‬دفٍ أس‪T‬اسٍ ت‪T‬سعى إل‪T‬ى حت‪T‬قيقِه‪ ،‬أو ال‪T‬وص‪T‬ولِ إل‪T‬يه‪،‬‬
‫وت‪T‬وضَ‪T‬عُ مِ‪T‬ن أج‪T‬لِه اخل‪T‬ططُ والس‪T‬ياس‪T‬ياتُ؛ ف‪T‬بناءً ع‪T‬لى اله‪T‬دفِ ال‪T‬تفاوض‪T‬يِّ ي‪T‬تمُّ ق‪T‬ياسُ م‪T‬دى‬
‫تقدُّمِ اجلهودِ التفاوضيةِ في جلساتِ التفاوض‪.‬‬
‫وي‪T‬تمُّ تقس‪T‬يمُ اله‪T‬دفِ ال‪T‬تفاوض‪T‬يِّ ال‪T‬عامِّ أو ال‪T‬نهائ‪T‬يِّ إل‪T‬ى أه‪T‬دافٍ )م‪T‬رح‪T‬ليةٍ‪ ،‬وج‪T‬زئ‪T‬يةٍ(‬
‫وفقاً ملدى أهميَّةِ كُلٍّ منها‪ ،‬ومدى اتصالِها بتحقيقِ الهدفِ )العامِّ أو النهائيِّ(‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫اﻧﻈﺮ د ﻣﺤﻤﻮد ﻋﻠﻲ‪ ،‬ود ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻮض اﻟﮭﺰاﯾﻤﺔ‪ :‬اﻟﻤﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﻓﻦ اﻟﺘﻔﺎوض‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.٣٨ ٣٧‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٢٣‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ومِ‪TT‬ن ن‪TT‬اح‪TT‬يةٍ أُخ‪TT‬رى ف‪TT‬إنّ اله‪TT‬دفَ ال‪TT‬تفاوض ‪T‬يَّ‪ ،‬ي‪TT‬دورُ ف‪TT‬ي األغ‪TT‬لبِ ح‪TT‬ولَ حت‪TT‬قيقِ أح ‪T‬دِ‬
‫األهدافِ اآلتيةِ‪:‬‬
‫ القيامِ بعَملٍ مُحدَّدٍ يتَّفِقُ عليه األطرافُ‪.‬‬‫ االمتناعُ عن القيامِ بعملٍ مُعيَّن‪.‬‬‫‪ -‬حتقيقُ مزيجاً مِن الهدفنيِ السابِقنيِ معاً‪.1‬‬
‫‪1‬‬
‫اﻧﻈﺮ د ﻣﺤﻤﻮد ﻋﻠﻲ‪ ،‬ود ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻮض اﻟﮭﺰاﯾﻤﺔ‪ :‬اﻟﻤﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﻓﻦ اﻟﺘﻔﺎوض‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.٣٦٣٧‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٢٤‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﻤﺒﺤﺚُ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬
‫ﺧَﺼﺎﺋِﺺُ اﻟﺘﻔﺎوُضِ‬
‫ي‪T‬جبُ أنّ تش‪T‬تمِلَ ال‪T‬عمليةُ ال‪T‬تفاوض‪T‬يةُ ال‪T‬عدي‪T‬دَ مِ‪T‬ن اخل‪T‬صائ‪T‬صِ؛ ح‪T‬تّى ت‪T‬ؤدِّي ال‪T‬عمليةُ‬
‫ال‪TT‬تفاوض‪TT‬يةُ األه‪TT‬دافَ ال‪TT‬رئ‪TT‬يسةَ وامل‪TT‬نظورةَ ل‪TT‬طاول ‪T‬ةِ احل‪TT‬وارِ؛ ل‪TT‬ذل‪TT‬ك ف‪TT‬إنّ مِ‪TT‬ن خ‪TT‬صائ ‪T‬صِ‬
‫العمليةِ التفاوضيةِ ما يلي‪
:‬‬
‫‪ ۱‬إنّ ع‪T‬مليةَ ال‪T‬تفاوضِ تُ‪T‬عتبَرُ أداةً ل‪T‬فضِّ ال‪T‬نزاعِ‪ ،‬وإنّ اس‪T‬تمرارَ ال‪T‬تفاوضِ م‪T‬ره‪T‬ونٌ ب‪T‬اس‪T‬تمرارِ‬
‫املصالِح املشتركةِ بني املتفاوِضنيَ‪.‬‬
‫‪ ۲‬إنّ عمليةَ التفاوُضِ تتأثّرُ بشخصيةِ املتفاوِضنيَ‪.‬‬
‫‪ ۳‬يتأثَّرُ التفاوضُ باعتباراتٍ عديدةٍ مثل‪ :‬توقُّعاتِ اخلصمِ لسلوكِ اخلصمِ اآلخَر‪.‬‬
‫‪ ٤‬تتأثَّرُ املفاوضاتُ باعتباراتٍ خارجيةٍ خارجةٍ عن مائدةِ املفاوضاتِ‪.‬‬
‫‪ ٥‬تتأثَّرُ العمليةُ التفاوضيةُ مبا يتحقَّقُ مِن مكاسبَ في اجللساتِ التفاوضيةِ األُولى‪.‬‬
‫‪ ٦‬إنّ التفاوضَ عِلمٌ وفنٌّ في آنٍ واحدٍ‪.‬‬
‫‪ ۷‬إنّ التفاوضَ عمليةٌ متكاملةٌ ومستمرَّةٌ؛ للوصولِ إلى الهدفِ املنشودِ‪.‬‬
‫‪۸‬ال‪T‬تفاوضُ ع‪T‬مليةٌ اح‪T‬تمال‪T‬يةٌ مُ‪T‬عقدَّةٌ ت‪T‬تأثَّ‪T‬رُ به‪T‬يكلِ ال‪T‬عالق‪T‬اتِ االج‪T‬تماع‪T‬يةِ‪ ،‬وال‪T‬عاداتِ‬
‫والتقاليدِ‪ ،‬ولغةِ أطرافِ التفاوضِ‪.‬‬
‫‪ ۹‬التفاوضُ عمليةٌ نفسيةٌ تتأثَّرُ باجتاهاتِ‪ ،‬وشخصياتِ املفاوِضنيَ‪.‬‬
‫‪ ۱۰‬ال‪TT‬تفاوضُ ع‪TT‬مليةٌ ت‪TT‬تأثَّ ‪T‬رُ ب‪TT‬ال‪TT‬عالق‪TT‬اتِ ال‪TT‬ساب‪TT‬قةِ‪ ،‬وال‪TT‬الح‪TT‬قةِ ب‪TT‬ني ال‪TT‬طرف ‪T‬نيَ‪ ،‬وك‪TT‬ذل‪TT‬ك‬
‫ب)األهدافِ املعلَنةِ‪ ،‬وغير املعلَنة(‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٢٥‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫‪ ۱۱‬ع‪TT‬مليةُ ال‪TT‬تفاوضِ‪ ،‬ت‪TT‬عتمدُ ع‪TT‬لى م‪TT‬هاراتِ امل‪TT‬فاوض ‪T‬نيَ ف‪TT‬ي م‪TT‬جالِ االت‪TT‬صالِ وال‪TT‬لباق ‪T‬ةِ‬
‫وحُسْنِ التصرُّف‪.‬‬
‫‪ ۱۲‬ع ‪TT‬مليةُ ال ‪TT‬تفاوضِ ت‪T T‬تَّصِفُ ب ‪TT‬ال‪T T‬عُموم ‪TT‬يةِ م ‪TT‬ن ح ‪TT‬يثُ م ‪TT‬بادئُ ‪TT‬ها‪ ،‬واس ‪TT‬تراجت ‪TT‬ياتُ ‪TT‬ها‬
‫وتكتيكاتُها؛ فهي تُطبَّقُ على مختلفِ أنواعِ التفاوضِ‪.1‬‬
‫‪1‬‬
‫اﻧﻈﺮ ﺻﺎﺋﺐ ﻋﺮﯾﻘﺎت‪ :‬اﻟﺤﯿﺎة ﻣﻔﺎوﺿﺎت‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻨﺠﺎح ﻧﺎﺑﻠﺲ‪٢٠٠٨ ،‬م‪ ،‬ﺑﺘﺼﺮف‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٢٦‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﻔَﺼﻞُ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬
‫اﻹﻃﺎرُ اﻟﻌﺎمﱡ ﻟِﻌﻤﻠﻴّﺔِ اﻟﺘﻔﺎوضِ واﻹﻋﺪادُ‬
‫ﻟِﻌﻤﻠﻴّﺔِ اﻟﺘﻔﺎوضِ‬
‫ال‪T‬عمليةُ ال‪T‬تفاوض‪T‬يةُ‪ :‬ه‪T‬ي ع‪T‬مليةٌ م‪T‬تداخ‪T‬لةٌ ب‪T‬ني )ط‪T‬رف‪T‬نيِ أو أك‪T‬ثرَ( به‪T‬دفِ ال‪T‬وص‪T‬ول إل‪T‬ى‬
‫أرض‪T‬يةٍ مش‪T‬ترك‪T‬ة ح‪T‬ول )م‪T‬سأل‪T‬ةٍ‪ ،‬أو م‪T‬سائ‪T‬لَ( ت‪T‬تضمنُ م‪T‬صال‪T‬حَ مش‪T‬ترك‪T‬ة‪ ،‬أو خ‪T‬الف‪T‬اتٍ‬
‫وتسعى األطرافُ خاللها للتوصُّلِ إلى اتفاقٍ‪.‬‬
‫هل املفاوضاتُ عِلمٌ؟‬
‫امل ‪TT‬فاوض ‪TT‬اتُ ت ‪TT‬عني‪ :‬ال ‪TT‬تفاع‪T T‬لَ واحمل ‪TT‬اول‪T T‬ةَ‪ ،‬وه ‪TT‬ي أس ‪TT‬لوبٌ الت ‪TT‬صالِ ال ‪TT‬عقل م ‪TT‬ن خ ‪TT‬الل‬
‫)األل‪TT‬فاظ‪ ،‬واحل‪TT‬وار اإلق‪TT‬ناع‪TT‬ي(‪ ،‬وت‪TT‬عني االع‪TT‬ترافَ بـ)ال‪TT‬تباي ‪T‬نِ‪ ،‬وامل‪TT‬شارك ‪T‬ةِ‪ ،‬وحت‪TT‬ييدِ‬
‫املصالح واملساومة(‪.‬‬
‫وت‪T‬عني ك‪T‬ذل‪T‬ك ال‪T‬تقري‪T‬بَ وامل‪T‬واءم‪T‬ةَ‪ ،‬وت‪T‬عني‪ :‬احل‪T‬وارَ وال‪T‬نقاشَ م‪T‬ع ط‪T‬رفٍ أو أك‪T‬ثرَ داخ‪T‬لَ‬
‫قاعةِ املفاوضاتِ وخارجَها‪.‬‬
‫فـ)امل ‪TT‬فاوض ‪TT‬اتُ عِ‪T T‬لْمٌ( ك ‪TT‬سائ ‪TT‬ر ال ‪TT‬علوم‪ ،‬واس‪T T‬عُ احل ‪TT‬دود‪ ،‬ك ‪TT‬ثيرُ ال ‪TT‬تداخ ‪TT‬الت‪ ،‬ف ‪TT‬فيه‬
‫)الس‪T‬ياس‪T‬ةُ‪ ،‬وال‪T‬دي‪T‬ن‪ ،‬وال‪T‬ثقاف‪T‬ة‪ ،‬وال‪T‬قيمُ‪ ،‬وامل‪T‬صال‪T‬ح(‪ ،‬وف‪T‬يه )ف‪T‬همٌ دق‪T‬يقٌ ل‪T‬علمِ ال‪T‬نفسِ‪،‬‬
‫وصناعةِ القرار(‪.‬‬
‫إن‪T‬ه‪) :‬ع‪T‬لمُ ال‪T‬تعام‪T‬لِ ال‪T‬دق‪T‬يقِ ب‪T‬ني البش‪T‬رِ وال‪T‬كائ‪T‬ناتِ احل‪T‬يِّة(؛و )عِ‪T‬لمُ ال‪T‬صراعِ وال‪T‬تسوي‪T‬ةِ‬
‫واحللولِ(‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٢٧‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﻤﺒﺤﺚُ اﻷوﱠ ُ‬
‫ل‬
‫اﻹﻃﺎرُ اﻟﻌﺎمﱡ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔِ اﻟﺘﻔﺎوضِ‬
‫"يُ‪T‬عتبَرُ التخ‪T‬طيطُ الس‪T‬ليمُ األس‪T‬اسَ ال‪T‬ضروريَّ أليِّ إجن‪T‬ازٍ ميُ‪T‬كِنُ حت‪T‬قيقُه؛ إالّ أنّ‪T‬نا ك‪T‬ثيراً م‪T‬ا‬
‫نتجاهلُ ذلكَ"‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫إنّ ع ‪TT‬دمَ اإلع ‪TT‬دادِ ل ‪TT‬عمليةِ ال ‪TT‬تفاوضِ‪ ،‬ي ‪TT‬ترتَّ‪T T‬بُ ع ‪TT‬ليها خ ‪TT‬سارةٌ ك ‪TT‬بيرةٌ‪ ،‬وه ‪TT‬بوطُ‬
‫مستوى التفاوضِ؛ وبالتالي عدمُ حتقيقِ النتائجِ املطلوبةِ‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫إنّ امل‪T‬فاوضَ ال‪T‬ذي ال ي‪T‬عدُّ جل‪T‬والتِ‪T‬ه ال‪T‬تفاوض‪T‬يةِ يُ‪T‬علِّقُ جن‪T‬احَ‪T‬ه إمّ‪T‬ا ع‪T‬لى ال‪T‬صُّدْفَ‪T‬ةِ‪ ،‬أو‬
‫ع‪T‬لى أخ‪T‬طاءٍ ي‪T‬رت‪T‬كبُها ال‪T‬فري‪T‬قُ اآلخ‪T‬رُ‪ ،‬أو ع‪T‬لى م‪T‬هاراتِ‪T‬ه ال‪T‬فائ‪T‬قةِ ف‪T‬ي ال‪T‬تفاوضِ‪ ،‬وه‪T‬ذه‬
‫االحتماالتُ غيرُ مضمونةِ العواقبِ‪.1‬‬
‫وإنّ مِن القواعدِ األساسيةِ لعمليةِ التفاوضِ‪:‬‬
‫أوّالً‪ :‬أع‪P‬تقدُ ب‪P‬أنّ‪P‬ه ي‪T‬جبُ أن ت‪T‬كونَ ال‪T‬قضيةُ بح‪T‬دِّ ذاتِ‪T‬ها ق‪T‬اب‪T‬لةً ل‪T‬لتفاوضِ؛ إذ أن ل‪T‬يس ك‪T‬لَّ‬
‫شيءٍ قابلٌ للتفاوضِ وخُصوصاً باملسائلِ السياديَّةِ‪.‬‬
‫ث‪P‬ان‪P‬ياً‪ :‬أن ي‪T‬تَّفِقَ ال‪T‬فري‪T‬قانِ ع‪T‬لى م‪T‬بدأِ ال‪T‬تفاوضِ؛ حل‪T‬لِّ امل‪T‬سائ‪T‬لِ ال‪T‬عال‪T‬قةِ ب‪T‬ينهُم‪ ،‬والتعهُ‪T‬دِ‬
‫بعدمِ اللجوءِ إلى القوَّةِ‪ ،‬أو العُنفِ حللِّ املسائلِ بينهُم‪.‬‬
‫ث‪P‬ال‪P‬ثاً‪ :‬حت‪T‬دي‪T‬دُ وت‪T‬شخيصُ ال‪T‬قضيةِ ال‪T‬تفاوض‪T‬يةِ؛ ح‪T‬يث ي‪T‬تعيَّنُ م‪T‬عرف‪T‬ةُ وحت‪T‬دي‪T‬دُ امل‪T‬وق‪T‬فِ‬
‫التفاوضيِّ بِدقَّةٍ‪ ،‬وحتديدُ اإلطرافِ كافّةً التي يتمُّ التفاوضُ معَها‪.‬‬
‫وت‪T‬عني امل‪T‬واف‪T‬قةُ ع‪T‬لى م‪T‬بدأِ ال‪T‬تفاوضِ إق‪T‬ناعَ ال‪T‬طرف‪T‬نيِ ب‪T‬أه‪T‬ميَّةِ وض‪T‬رورةِ ال‪T‬عمليةِ ال‪T‬تفاوض‪T‬يةِ‪.‬‬
‫كما تشملُ املوضوعاتُ التفاوضيةُ‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫ﺻﺎﺋﺐ ﻋﺮﯾﻘﺎت‪ :‬اﻟﺤﯿﺎة ﻣﻔﺎوﺿﺎت‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪٨٧‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٢٨‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ حتديدَ موضوعاتِ محلِّ التفاوضِ‪.‬‬‫ تصنيفَ األهدافِ املرغوبِ في حتقيقِها‪.‬‬‫‪ -‬حتليلَ الوضعِ التفاوضيِّ‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٢٩‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﻤَﺒﺤﺚُ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬
‫اﻹﻋﺪادُ ﻟِﻌﻤﻠﻴﱠﺔِ اﻟﺘﻔﺎوضِ‬
‫اإلجراءاتُ التفاوضيّةُ‪:‬‬
‫حتدثُ في هذه املرحلةِ مجموعةٌ من العملياتِ‪ ،‬واإلجراءاتِ التفاوضيةِ املهمَّةِ منها‪:‬‬
‫ اخ‪TT‬تيارُ أع‪TT‬ضاءِ ال‪TT‬فري ‪T‬قِ امل‪TT‬فاوضِ‪ ،‬ت‪TT‬شكيلُ ال‪TT‬وف ‪T‬دِ )رئ‪TT‬يسِ ال‪TT‬وف ‪T‬دِ ون‪TT‬ائ ‪T‬بِه امل‪TT‬نسِّقِ‬‫مُدوِّنِ املالحظاتِ والوقائعِ ومنسِّقِ الوفدِ واخلُبراءِ في اجملاالتِ املطلوبةِ كافّةً(‪.‬‬
‫ توافرُ املعلوماتِ الوافيةِ املدروسةِ عن الطرفِ اآلخَر‪.‬‬‫‪ -‬حتديدُ موعدِ‪ ،‬ومكانِ عمليةِ التفاوض)زماناً‪،‬ومكاناً(‪.‬‬
‫ تنس ‪TT‬يقُ االت ‪TT‬صاالتِ ب ‪TT‬ني إط ‪TT‬رافِ ال ‪TT‬عمليةِ ال ‪TT‬تفاوض ‪TT‬يةِ م ‪TT‬ع حت ‪TT‬دي‪T T‬دِ األه ‪TT‬دافِ‬‫واألولَوياتِ الرئيسيةِ‪.‬‬
‫ األبحاثُ والدراساتُ املسبقَةُ حولَ املوضوعِ التفاوضيِّ‪.‬‬‫ وضعُ وحتديدُ اإلستراتيجيةِ التفاوضيةِ والتكتيكاتِ املناسبةِ‪.‬‬‫ اختيارُ التكتيكِ املناسبِ للموضوعِ التفاوضيِّ‪.‬‬‫‪ -‬االستعانةُ باألدواتِ التفاوضيةِ املناسبة كافّةً‪.‬‬
‫ ممارسةُ الضغوطِ التفاوضيةِ على الطرفِ اآلخَر‪.1‬‬‫تتمثَّلُ اإلجراءاتُ التفاوضيةُ أثناءَ اجللساتِ التفاوضيةِ فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬يجبُ أن تكونَ الشروطُ صعبةً في البدايةِ والتنازالتُ قليلةً‪.2‬‬
‫‪ 1‬اﻧﻈﺮ‪ :‬د‪ .‬ﻣﺤﻤﻮد ﻋﻠﻲ ود‪ .‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻮض اﻟﮭﺰاﯾﻤﺔ‪ :‬اﻟﻤﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﻓﻦ اﻟﺘﻔﺎوض‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص)‪– ٢٤‬‬
‫‪.(٢٥‬‬
‫‪ 2‬اﻧﻈﺮ‪:‬د‪.‬ﻋﺜﻤﺎن ﺿﻤﯿﺮﯾﺔ أﺻﻮل اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٦٩٧‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٣٠‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ عدمِ مقاطعةِ الطرفِ اآلخَر؛ حتّى يَفرَغَ مِن حديثِه‪.‬‬‫ عدمِ االلتزامِ مبقتَرحاتِ الطرفِ اآلخَر‪.‬‬‫ البدءِ مبناقشةِ القضايا ذاتِ االختالفِ الكبيرِ‪.1‬‬‫بروتوكوالتُ العمليةِ التفاوضية وأدبيّاتُها‪:‬‬
‫ أنّ ال ي‪TT‬تكلَّمَ أث‪TT‬ناءَ ال‪TT‬عمليةِ ال‪TT‬تفاوض‪TT‬يةِ إالّ رئ‪TT‬يسُ ال‪TT‬وف ‪T‬دِ؛ وإن أرادَ أح ‪T‬دُ أع‪TT‬ضاءِ‬‫ال‪T‬وف‪T‬دِ إب‪T‬داءَ م‪T‬لحوظ‪T‬ةٍ م‪T‬ا ف‪T‬علَيه أن ي‪T‬كتبَها ع‪T‬لى ورق‪T‬ةٍ وي‪T‬نقلَها إل‪T‬ى ال‪T‬رئ‪T‬يسِ‪ ،‬وال‬
‫يتحدَّثَ إالّ بإذنِه‪.‬‬
‫ إنّ وس‪T‬ائ‪T‬لَ اإلع‪T‬المِ تُ‪T‬شكِّلُ مِ‪T‬حوراً م‪T‬همَّاً ل‪T‬لمُفاوض‪T‬اتِ ف‪T‬ي ع‪T‬املَ‪T‬نا امل‪T‬عاصِ‪T‬ر؛ ف‪T‬اجل‪T‬ميعُ‬‫ي‪TT‬كون ف‪TT‬ي ح‪TT‬ال ‪T‬ةِ ان‪TT‬تظارٍ ملِ‪TT‬ا متّ داخ ‪T‬لَ أروِقَ ‪T‬ةِ اجل‪TT‬لساتِ‪ ،‬وي‪TT‬جبُ أن يُح ‪T‬دَّدَ مَ‪TT‬ن‬
‫يتح‪T‬دَّثُ إل‪T‬ى وس‪T‬ائ‪T‬لِ اإلع‪T‬المِ‪ ،‬وأن ي‪T‬كتبَ م‪T‬ا س‪T‬يُقالُ؛ ف‪T‬امل‪T‬هِمُّ ه‪T‬و إرس‪T‬الُ ال‪T‬رس‪T‬ال‪T‬ةِ‬
‫التي تُريدُ بهذا الشأنِ‪.‬‬
‫ ف‪T‬ي ح‪T‬الِ دخ‪T‬ولِ ط‪T‬رفٍ ث‪T‬ال‪T‬ثٍ ع‪T‬لى خ‪T‬طِّ امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ‪ ،‬ي‪T‬جب أن ي‪T‬كونَ ذل‪T‬ك مب‪T‬واف‪T‬قةِ‬‫الطرفِ األعلى‪ ،‬وأن يتمَّ حتديدُ األدوارِ على مستوى القيادةِ‪.2‬‬
‫ ع‪TT‬لى امل‪TT‬فاوضِ دائِ‪TT‬ماً ق‪TT‬بلَ ال ‪T‬بَدءِ ب‪TT‬أيِّ ع‪TT‬مليةِ م‪TT‬فاوض‪TT‬اتٍ حت‪TT‬دي ‪T‬دُ اله‪TT‬دفِ ال‪TT‬ذي‬‫يسعَى لتحقيقِه‪ .‬أي "النتيجةُ التي ستنتهي إليها املفاوضاتُ حسبَما تُريدُ"‪.‬‬
‫ ن‪T‬قطةُ إي‪T‬قافِ امل‪T‬فاوَض‪T‬اتِ أنّ‪T‬ها ال‪T‬نقطةُ ال‪T‬تي س‪T‬تتركُ ف‪T‬يها امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ؛ ألنّ‪T‬ك ب‪T‬بساط‪T‬ةٍ‬‫جتدُ األمرَ ال يستحقُّ االهتمامَ‪.3‬‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪3‬‬
‫اﻧﻈﺮ‪ :‬د‪ .‬ﻣﺤﻤﻮد ﻋﻠﻲ ود‪ .‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻮض اﻟﮭﺰاﯾﻤﺔ‪ :‬اﻟﻤﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﻓﻦ اﻟﺘﻔﺎوض‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٢٥‬‬
‫ﺻﺎﺋﺐ ﻋﺮﯾﻘﺎت‪:‬اﻟﺤﯿﺎة ﻣﻔﺎوﺿﺎت ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص )‪ (٨٧١٠٣‬ﺑﺘﺼﺮف‪.‬‬
‫ﻣﺎﯾﻜﻞ دوﻧﺎﻟﺪﺳﻮن‪ :‬اﻟﺠﺮأة ﻓﻲ اﻟﻤﻔﺎوض‪ ،‬ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻋﺒﯿﻜﺎن‪ ،‬اﻟﺮﯾﺎض‪ ،‬ط‪٢٠١١ ،١‬م‪ ،‬ص‪٢٧‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٣١‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫البَدءُ في املفاوضاتِ‪:‬‬
‫إنّ االس ‪TT‬تعدادَ ل ‪TT‬لمفاوض ‪TT‬اتِ ع ‪TT‬مليةٌ مُس ‪TT‬تمِرَّةٌ داخ‪T T‬لَ ال ‪TT‬قاع‪T T‬ةِ‪ ،‬وخ ‪TT‬ارجَ ‪TT‬ها‪ ،‬ك ‪TT‬ما أنّ‬
‫ال‪TT‬تفاوض ي‪TT‬تمُّ مِ‪TT‬ن خ‪TT‬اللِ رئ‪TT‬يسِ ال‪TT‬وف ‪T‬دِ ال‪TT‬ذي ي‪TT‬تولّ‪TT‬ى احل‪TT‬دي ‪T‬ثَ‪ ،‬ف‪TT‬ي ك ‪T‬لِّ ش‪TT‬يءٍ بـ‬
‫)التنس‪T‬يقِ‪ ،‬وال‪T‬تعاونِ م‪T‬ع أع‪T‬ضاءِ ال‪T‬فري‪T‬قِ(؛ ف‪T‬يجبُ ع‪T‬لى ال‪T‬فري‪T‬قِ االن‪T‬ضباطُ والس‪T‬يطرةُ؛‬
‫مِ‪TT‬ن أج ‪T‬لِ ع‪TT‬دمِ إف‪TT‬ساحِ اجمل‪TT‬الِ ل‪TT‬لطرفِ اآلخَ‪TT‬ر ب‪TT‬إث‪TT‬ارةِ امل‪TT‬شاك ‪T‬لِ واخل‪TT‬الف‪TT‬اتِ ب‪TT‬ني أع‪TT‬ضاءِ‬
‫الفريقِ‪.1‬‬
‫ال‪TT‬تفاوضُ م‪TT‬ن خ‪TT‬اللِ ال‪TT‬فري ‪T‬قِ‪ :‬ب‪TT‬عدَ ع‪TT‬ددٍ م‪TT‬ن اجل‪TT‬لساتِ ي‪TT‬بدأُ أع‪TT‬مالَ ال‪TT‬لجانِ ال‪TT‬فرع‪TT‬يةِ‬
‫ال‪T‬تخصصيَّةِ‪ ،‬وي‪T‬أت‪T‬ي ذل‪T‬ك ب‪T‬عدَ اإلع‪T‬دادِ وال‪T‬تحضيرِ ت‪T‬وزي‪T‬عُ األدوارِ‪ ،‬وحت‪T‬دي‪T‬دُ مُ‪T‬نسِّقٍ ل‪T‬كلِّ‬
‫فريقٍ لكلِّ اللجانِ يتابِعُ عملَهُم‪ ،‬ويُقدِّمُ تقاريرَه إلى رئيسِ الوفدِ‪.‬‬
‫إنّ امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ ال‪T‬فرع‪T‬يةَ ه‪T‬ي م‪T‬سأل‪T‬ةٌ ف‪T‬ي غ‪T‬اي‪T‬ةِ ال‪T‬صعوب‪T‬ةِ‪ ،‬وت‪T‬تطلَّبُ )امل‪T‬تاب‪T‬عةَ ال‪T‬دائ‪T‬مةَ‪،‬‬
‫وامل‪T‬راج‪T‬عةَ ل‪T‬لمواق‪T‬فِ‪ ،‬وال‪T‬نقاشِ امل‪T‬تواص‪T‬لِ(؛ ف‪T‬يجبُ أن ي‪T‬كونَ مُس‪T‬توى ع‪T‬ملِ ال‪T‬لجانِ‬
‫وك‪TT‬فاءاتِ‪TT‬ها مُ‪TT‬توازي ‪T‬اً ومُ‪TT‬تناسِ‪TT‬قاً‪ ،‬وع‪TT‬لينا أن ن‪TT‬تذكَّ ‪T‬رَ أنّ ال‪TT‬فري ‪T‬قَ اآلخَ‪TT‬ر س‪TT‬يحاولُ إي‪TT‬جادَ‬
‫الثَّغراتِ ونقاطِ الضَّعفِ والعملِ عليها‪.‬‬
‫إعدادُ جدولِ األعمالِ‪:‬‬
‫إنّ ال‪T‬بَدءَ ف‪T‬ي إع‪T‬دادِ ج‪T‬دولِ األع‪T‬مالِ املش‪T‬تركِ ل‪T‬يسَ م‪T‬سأل‪T‬ةً ش‪T‬كليةً؛ وإمنّ‪T‬ا ي‪T‬دخ‪T‬لُ ف‪T‬ي إط‪T‬ارِ‬
‫امل‪TT‬ضمونِ؛ ف‪TT‬مواض‪TT‬يعُ ال‪TT‬بحثِ‪ ،‬وك‪TT‬يفيةُ ت‪TT‬رت‪TT‬يبِها‪ ،‬وم‪TT‬ا ت‪TT‬ري ‪T‬دُ أن ت‪TT‬ضعَه ع‪TT‬لى ج‪TT‬دولِ‬
‫األع‪T‬مالِ‪ ،‬مِ‪T‬ن ن‪T‬قاطِ ال‪T‬ترت‪T‬يبِ‪ ،‬ع‪T‬لى ج‪T‬دولِ األع‪T‬مالِ‪ ،‬وك‪T‬ذل‪T‬ك مَ‪T‬ا ي‪T‬ري‪T‬دُه ال‪T‬طرفُ اآلخَ‪T‬ر‪،‬‬
‫م‪T‬ن ق‪T‬ضاي‪T‬ا وك‪T‬يفيةِ ت‪T‬رت‪T‬يبِها س‪T‬يؤثِّ‪T‬رُ ح‪T‬تماً ع‪T‬لى امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ‪ ،‬وس‪T‬يرِه‪T‬ا ون‪T‬تائ‪T‬جِها‪ .‬ومِ‪T‬ن‬
‫‪ 1‬ﺻﺎﺋﺐ ﻋﺮﯾﻘﺎت‪:‬اﻟﺤﯿﺎة ﻣﻔﺎوﺿﺎت ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص)‪( ١١٠ ١٠٩‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٣٢‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫خ‪TT‬اللِ ج‪TT‬دولِ األع‪TT‬مالِ‪ ،‬س‪TT‬يعرفُ ال‪TT‬طرفُ اآلخ ‪T‬رُ مت‪TT‬ام ‪T‬اً؛ إذا م‪TT‬ا وق ‪T‬فَ ع‪TT‬لى ج‪TT‬دولِ‬
‫األع‪T‬مالِ‪ ،‬وع‪T‬نده‪T‬ا يس‪T‬تطيعُ أن يُح‪T‬دِّدَ م‪T‬ا ي‪T‬ري‪T‬دُه‪ ،‬وم‪T‬ا ي‪T‬صرُّ ع‪T‬ليه دونَ ال‪T‬تنازلِ ع‪T‬نهِ وم‪T‬ا‬
‫يريدُ احلصولَ عليه‪ ،‬أن يتنازلَ عنه مقابلَ أمورٍ أُخرى‪.‬‬
‫وه‪T‬و أي‪T‬ضا س‪T‬يدرسُ اق‪T‬تراح‪T‬اتِ‪T‬كَ‪ ،‬وس‪T‬يعرفُ ن‪T‬قاطَ ارت‪T‬كازِكَ‪ ،‬وم‪T‬ا ق‪T‬د تُ‪T‬ساوِمُ ع‪T‬ليهِ وم‪T‬ا‬
‫قد تتنازَلُ عنه‪.‬‬
‫وع‪T‬لينا أن ن‪T‬كونَ حَ‪T‬ذِريِ‪T‬نَ ف‪T‬ي م‪T‬جالِ االف‪T‬تراضِ م‪T‬هما ك‪T‬ان ت‪T‬وقُّ‪T‬عاتُ‪T‬كَ دق‪T‬يقةً ف‪T‬علينا أالّ‬
‫ن‪T‬فكِّرَ‪ ،‬ون‪T‬تصرَّفَ أنّ االف‪T‬تراضَ ح‪T‬قيقةٌ؛ وب‪T‬ذل‪T‬ك ن‪T‬كون ق‪T‬د ت‪T‬ركْ‪T‬نا اخل‪T‬ياراتِ م‪T‬فتوح‪T‬ةً‪،‬‬
‫فإذا ما أصبْنا االفتراضَ نكون قد حقَّقْنا ما نريدُ‪.1‬‬
‫البحثُ العلميّ‪:‬‬
‫إنّ أس‪T‬اسَ أيَّ‪T‬ةِ م‪T‬فاوض‪T‬اتٍ ن‪T‬اج‪T‬حةٍ م‪T‬هما ك‪T‬ان ن‪T‬وعُ‪T‬ها‪،‬وط‪T‬بيعُتها ت‪T‬عتمدُ إل‪T‬ى ح‪T‬دٍّ ك‪T‬بيرٍ‬
‫ع‪T‬لى األب‪T‬حاثِ ال‪T‬علميةِ ال‪T‬تي جتَ‪T‬ري به‪T‬دفِ ت‪T‬وض‪T‬يحِ ال‪T‬غموضِ ال‪T‬ذي ي‪T‬كتَنِفُ امل‪T‬سائ‪T‬لَ‬
‫ذات ال‪T‬عالق‪T‬ةِ ب‪T‬امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ؛ وذل‪T‬ك مِ‪T‬ن خ‪T‬اللِ االع‪T‬تمادِ ع‪T‬لى التح‪T‬ليلِ امل‪T‬نطقيِّ‪ ،‬وال‪T‬فكرِ‬
‫وال‪TT‬دواف ‪T‬عِ؛ به‪TT‬دفِ )ح ‪T‬لِّ امل‪TT‬شاك ‪T‬لِ‪ ،‬أو ت‪TT‬عرفُ ع‪TT‬لى ال‪TT‬عالق‪TT‬اتِ الس‪TT‬ببيّةِ‪ ،‬وت‪TT‬أث‪TT‬يراتِ‪TT‬ها‬
‫وتداخالتِها(‪.2‬‬
‫ك‪T‬ما أنّ‪T‬ه مَ‪T‬هما ك‪T‬ان مس‪T‬توى ال‪T‬تفاوضِ س‪T‬واءٌ ك‪T‬انَ )دول‪T‬ياً‪ ،‬أو س‪T‬ياس‪T‬ياً‪ ،‬أو ق‪T‬ان‪T‬ون‪T‬ياً( ف‪T‬إنّ‬
‫مَ ‪TT‬ن س ‪TT‬يقومُ به ‪TT‬ذه امل ‪TT‬فاوض ‪TT‬اتِ هُ ‪TT‬م أش ‪TT‬خاصٌ؛ س ‪TT‬واءٌ أك ‪TT‬ان ‪TT‬وا ميُ‪T T‬ثِّلونَ )أن ‪TT‬فسَهُم أم‬
‫دولتَهُم(‪.‬‬
‫‪،1‬ﺻﺎﺋﺐ ﻋﺮﯾﻘﺎت اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص) ‪ .(١١٢١١٨‬ﺑﺘﺼﺮف‬
‫‪ 2‬ﺻﺎﺋﺐ ﻋﺮﯾﻘﺎت‪ :‬اﻟﺤﯿﺎة ﻣﻔﺎوﺿﺎت اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ‪،‬ص ‪١٢١‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٣٣‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ف‪T‬علينا أنّ ن‪T‬عرفَ ك‪T‬لَّ ش‪T‬يءٍ ع‪T‬ن ه‪T‬ؤالءِ األش‪T‬خاصِ‪ ،‬ف‪T‬ال يُس‪T‬تخَفَّ أح‪T‬دٌ ممَّ‪T‬نْ يُ‪T‬عتَقدُ أنّ‪T‬ه‬
‫ض‪T‬عيفٌ؛ ف‪T‬قد ي‪T‬كونُ ل‪T‬ه ح‪T‬ليفٌاً ق‪T‬ويٌ‪ ،‬ومَ‪T‬ن يُ‪T‬عتقَدُ أنّ‪T‬ه ق‪T‬ويٌّ ق‪T‬د ي‪T‬كونُ ل‪T‬ه أع‪T‬داءٌ‪ ،‬أو‬
‫خصومٌ يتربَّصُونَ به‪.‬‬
‫فاملفاوِضُ يجبُ أن ميُثِّلَ مصالِحَ الطرفِ الذي ميُثِّلُه‪ ،‬وحاجاتِه‪.‬‬
‫ك‪T‬ما ي‪T‬جبُ أن ي‪T‬عملَ ع‪T‬لى فَ‪T‬همِ م‪T‬صالِ‪T‬ح ال‪T‬طرفِ اآلخَ‪T‬ر وح‪T‬اج‪T‬ياتِ‪T‬ه‪ ،‬وامل‪T‬فاوضُ ي‪T‬علمُ أنّ‪T‬ه‬
‫ل‪T‬ن يُ‪T‬حقِّقَ ك‪T‬لَّ م‪T‬ا يُ‪T‬ري‪T‬دُ‪ ،‬ول‪T‬ن يَ‪T‬سمحَ ل‪T‬لمفاوضِ اآلخَ‪T‬ر ب‪T‬احل‪T‬صولِ ع‪T‬لى م‪T‬ا يُ‪T‬ري‪T‬دُ‪ ،‬ف‪T‬إنّ‬
‫التفاوضَ هو انتقالٌ من مرحلةٍ إلى أُخرى‪.‬‬
‫ع‪TT‬لينا أنّ ن‪TT‬ركِّ ‪T‬زَ ع‪TT‬لى م‪TT‬ا ي‪TT‬قولُ ال‪TT‬طرفُ اآلخَ ‪T‬رُ‪ ،‬وأنّ ن‪TT‬تابِ ‪T‬عَ ت‪TT‬صرُّف‪TT‬اتِ‪TT‬ه ال‪TT‬فعال ‪T‬ةَ )داخ ‪T‬لَ‬
‫وخ‪T‬ارجَ( ق‪T‬اع‪T‬ةِ امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ؛ ف‪T‬امل‪T‬فاوضُ اجل‪T‬يِّدُ ي‪T‬كون دائِ‪T‬ماً مُ‪T‬تيقِّظاً ل‪T‬كلِّ س‪T‬ؤالٍ؛ ب‪T‬ل ع‪T‬ليه‬
‫أن يُكلِّفَ شخصاً بتسجيلِ كلِّ ما يقولُه الطرفُ اآلخَرُ على مائدةِ املفاوضاتِ‪.‬‬
‫وإذا م‪T‬ا متَّ ال‪T‬توصُّ‪T‬لُ إل‪T‬ى ات‪T‬فاقٍ مُ‪T‬عيَّنٍ؛ ف‪T‬عليكَ أن حتَ‪T‬رِصَ ق‪T‬بلَ ال‪T‬توق‪T‬يعِ ب‪T‬األح‪T‬رُفِ األُول‪T‬ى‪،‬‬
‫على أنّ يتضمَّنَ االتفاقُ آلياتِ التنفيذِ واجلداولَ الزمنيةَ لذلكَ االتفاقِ‪.‬‬
‫إنّ أيَّ ات‪T‬فاقٍ ال ي‪T‬عني ال‪T‬كثيرَ إذا ل‪T‬م ي‪T‬كُنْ ق‪T‬اب‪T‬الً ل‪T‬لتنفيذِ؛ فـ)األس‪T‬اسُ ه‪T‬و ال‪T‬قدرةُ ع‪T‬لى‬
‫تنفيذِ االلتزاماتِ املتبادلةِ التي سوف يتضمَّنُها االتفاقُ(‪.1‬‬
‫نصَّتْ معاهدةُ "فينَّا" اخلاصَّةُ باملعاهداتِ الدوليةِ على ما يلي‪:‬‬
‫‪ ۱‬يُ‪T‬عتبَرُ ال‪T‬شخصُ ممُ‪T‬ثِّالً ل‪T‬لدول‪T‬ةِ مِ‪T‬ن أج‪T‬لِ اع‪T‬تمادِ ن‪T‬صِّ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ أو ت‪T‬وث‪T‬يقِه‪ ،‬أو مِ‪T‬ن أج‪T‬لِ‬
‫التعبيرِ عن رِضا االلتزامِ باملعاهَدةِ في إحدى احلالتَنيِ التاليتَنيِ‪:‬‬
‫أ إذا أبرزَ وثيقةَ التفويضِ الكاملةَ املناسبةَ‪.‬‬
‫‪ 1‬ﺻﺎﺋﺐ ﻋﺮﯾﻘﺎت ﻣﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص ‪.١٣٦‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٣٤‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ب إذا ب‪TT‬دا مِ‪TT‬ن ت‪TT‬عامُ ‪T‬لِ ال‪TT‬دولِ امل‪TT‬عنيَّةِ‪ ،‬أو مِ‪TT‬ن ظُ‪TT‬روفٍ أُخ‪TT‬رى أنّ ن ‪T‬يَّتَها ان‪TT‬صرفَ ‪T‬تْ إل‪TT‬ى‬
‫اعتبارِ ذلكَ الشخصَ ممُثِّالً للدولةِ؛ مِن أجلِ هذا الغَرضِ وممنوحاً تفويضاً كامالً‪.‬‬
‫‪ ۲‬يُ‪T‬عتبَرُ األش‪T‬خاصُ ال‪T‬تال‪T‬ونَ ممُ‪T‬ثِّلنيَ لِ‪T‬دُول‪T‬هِم ب‪T‬حكْمِ وظ‪T‬ائ‪T‬فِهم‪ ،‬ودونَ ح‪T‬اج‪T‬ةٍ إل‪T‬ى إب‪T‬رازِ‬
‫وثيقةِ التفويضِ الكامِل‪:‬‬
‫أ رؤس‪TT‬اءُ ال‪TT‬دولِ‪ ،‬ورؤس‪TT‬اءُ احل‪TT‬كوم‪TT‬اتِ‪ ،‬ووزراءُ اخل‪TT‬ارج‪TT‬يةِ؛ مِ‪TT‬ن أج ‪T‬لِ ال‪TT‬قيامِ ب‪TT‬األع‪TT‬مالِ‬
‫املتعلِّقةِ بعقدِ املعاهدة كافّةً‪.‬‬
‫ب رؤس‪T‬اءُ ال‪T‬بعثاتِ ال‪T‬دب‪T‬لوم‪T‬اس‪T‬يةِ مِ‪T‬ن أج‪T‬لِ اع‪T‬تمادِ ن‪T‬صِّ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ ب‪T‬ني ال‪T‬دول‪T‬ةِ امل‪T‬عتمَدةِ‬
‫والدولةِ املعتمدِينَ لديها‪.‬‬
‫ج امل‪T‬مثَّلونَ امل‪T‬عتمدونَ مِ‪T‬ن قِ‪T‬بَلِ ال‪T‬دولِ‪ ،‬ل‪T‬دى م‪T‬ؤمت‪T‬رٍ دول‪T‬يٍّ‪ ،‬أو ل‪T‬دى م‪T‬نظمةٍ دول‪T‬يةٍ‪،‬أو‬
‫إح‪T‬دى ه‪T‬يأتِ‪T‬ها؛ وذل‪T‬ك مِ‪T‬ن أج‪T‬لِ اع‪T‬تمادِ ن‪T‬صِّ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ ف‪T‬ي ذل‪T‬ك )امل‪T‬ؤمت‪T‬رِ‪ ،‬أو امل‪T‬نظمةِ‪ ،‬أو‬
‫الهيئةِ(‪.1‬‬
‫أوَّلُ م‪T‬ا يُ‪T‬باشَ‪T‬رُ ب‪T‬ه ف‪T‬ي م‪T‬رح‪T‬لةِ امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ ه‪T‬و االط‪T‬العُ ع‪T‬لى وث‪T‬ائ‪T‬قِ ال‪T‬تفوي‪T‬ضِ؛ أيّ ال‪T‬تأكُّ‪T‬دُ‬
‫مِ‪T‬ن أه‪T‬ليةِ امل‪T‬ندوبِ‪T‬نيَ ل‪T‬تمثيلِ ال‪T‬دول‪T‬ةِ‪ ،‬وتُ‪T‬ختارُ ال‪T‬لغةُ ال‪T‬تي س‪T‬تستعملُ ف‪T‬ي امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ‪ ،‬ث‪T‬مَّ‬
‫ي‪T‬بدأُ امل‪T‬فاوِض‪T‬ونَ ب‪T‬صياغ‪T‬ةِ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ وال‪T‬تي ت‪T‬بدأُ مِ‪T‬ن دِي‪T‬باجَ‪T‬ةٍ‪ ،‬يُ‪T‬ذكَ‪T‬رُ ف‪T‬يها اس‪T‬مُ امل‪T‬فاوض‪T‬نيَ‪،‬‬
‫ومِ‪T‬ن ث‪T‬مَّ ت‪T‬بادلِ كُ‪T‬تبِ ال‪T‬تفوي‪T‬ضِ‪ ،‬وال‪T‬تأكُّ‪T‬دِ م‪T‬ن صِ‪T‬حَّتِها‪ ،‬وال‪T‬غرضِ ال‪T‬ذي تُ‪T‬عقَدُ امل‪T‬عاهَ‪T‬دةُ‬
‫م‪T‬ن أج‪T‬لهِ‪ ،‬ومَ‪T‬نتِ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ أيّ م‪T‬وادِّه‪T‬ا امل‪T‬وزَّعَ‪T‬ةِ ع‪T‬لى أب‪T‬وابٍ وأق‪T‬سامٍ‪ ،‬وفِ‪T‬قْراتٍ‪ ،‬ومِ‪T‬ن خ‪T‬امت‪T‬ةٍ‬
‫ت‪T‬تضمَّنُ )ت‪T‬اري‪T‬خَ ت‪T‬نفيذِ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ‪ ،‬وم‪T‬دَّتَ‪T‬ها‪ ،‬وم‪T‬كانَ حت‪T‬دي‪T‬دِه‪T‬ا‪ ،‬وأص‪T‬ولَ ت‪T‬صدي‪T‬قِها‪،‬‬
‫واالن‪TT‬ضمامَ إل‪TT‬يها وت‪TT‬عدي ‪T‬لَها‪ ،‬وتفس‪TT‬يرَه‪TT‬ا‪ ،‬ك‪TT‬ما يُ‪TT‬شارُ إل‪TT‬ى ت‪TT‬سجيلِها وإي‪TT‬داعِ وث‪TT‬ائ ‪T‬قِ‬
‫‪ 1‬اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ اﻟﻤﺎدة اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٣٥‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ال‪T‬تصدي‪T‬قِ(‪ ،‬وب‪T‬عد ذل‪T‬ك ت‪T‬أت‪T‬ي م‪T‬رح‪T‬لةُ ال‪T‬توق‪T‬يعِ ب‪T‬األح‪T‬رُفِ األُول‪T‬ى؛ أيّ ت‪T‬وق‪T‬يعِ امل‪T‬فاوض‪T‬نيَ‬
‫ع‪T‬لى ن‪T‬صِّ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ إش‪T‬عارٌ ب‪T‬االل‪T‬تزامِ امل‪T‬بدئ‪T‬يِّ ب‪T‬ها؛ ول‪T‬كنّ امل‪T‬عاه‪T‬دةَ ال ت‪T‬صبحُ م‪T‬لزم‪T‬ةً إالّ إذا‬
‫صُدِّقَتْ أُصوالً ما لم يكنْ للمندوبنيَ املفوِّضنيَ سلطةُ اإلبرامِ النهائيِّ للمعاهدةِ‪.1‬‬
‫قواعدُ العملِ التفاوضيِّ‪:‬‬
‫ع‪TT‬لى امل‪TT‬فاوضِ أن ي‪TT‬كونَ مُس‪TT‬تعِدّاً ل‪TT‬لتفاوضِ ف‪TT‬ي أيِّ وق ‪T‬تٍ "ال ت‪TT‬تفاوضْ إذا ل‪TT‬م ت ‪T‬كُن‬
‫مُستعِدَّاً"‬
‫عدمُ االستهانةِ باخلصمِ أو الطرفِ املفاوضِ‪.‬‬
‫ليست هناكَ صداقةٌ دائمةٌ‪،‬أو عداوةٌ دائمةٌ؛ ولكن هناك مصالِحُ دائمةٌ‪.‬‬
‫احلرصُ على عدمِ إفشاءِ ما لَدَيكَ دَفعةً واحدةً‪.‬‬
‫إذا كُنتَ مقتنِعاً مبا تقولُ؛ فسوفَ تقنعُ اخلصمَ مبا تُريدُ‪.‬‬
‫هدوءُ األعصابِ واالبتسامةِ مِن مفاتيحِ النجاحِ في التفاوضِ‪.‬‬
‫استخدامُ طُرقٍ حواريةٍ مُتعدِّدةٍ‪،‬وأساليبَ إقناعٍ مختلفةٍ في كلِّ مَرَّةٍ‪.‬‬
‫أن يكون لدَيكَ أوراقٌ ضاغطةٌ لِتكونَ مفاوضِاً قوياً‪.‬‬
‫ع‪T‬لى امل‪T‬فاوضِ أن ي‪T‬كونَ م‪T‬ؤهَّ‪T‬الً ت‪T‬أه‪T‬يالً عِ‪T‬لميّاً‪ ،‬وأن ي‪T‬كونَ ع‪T‬لى دراي‪T‬ةٍ ت‪T‬امّ‪T‬ةٍ ب‪T‬ال‪T‬لغةِ ال‪T‬تي‬
‫يتمُّ التفاوضُ بها‪.‬‬
‫ع ‪TT‬لى امل ‪TT‬فاوضِ أن ي ‪TT‬كونَ مُخ‪T T‬لِصاً ل ‪TT‬لقضيةِ ال ‪TT‬تفاوض ‪TT‬يةِ‪ ،‬ومُج‪T T‬رَّداً ع ‪TT‬ن أيِّ أط ‪TT‬ماعٍ‬
‫شخصيةٍ‪.‬‬
‫‪ 1‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي اﻟﻤﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص)‪(٤٣١‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٣٦‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ع‪T‬لى امل‪T‬فاوضِ أن ي‪T‬بدأَ مِ‪T‬ن ن‪T‬قطةِ اخل‪T‬الفِ ال‪T‬رئيس‪T‬يةِ؛ب‪T‬االس‪T‬تنادِ إل‪T‬ى مس‪T‬لَّماتٍ ب‪T‬ينَه وب‪T‬نيَ‬
‫مَن يُفاوِضُه‪.‬‬
‫ع‪TT‬لى امل‪TT‬فاوضِ إن ك‪TT‬انَ ي‪TT‬غال ‪T‬طُ ف‪TT‬ي دل‪TT‬يلِه‪ ،‬أن ي‪TT‬نقلَه إل‪TT‬ى دل‪TT‬يلٍ ال يس‪TT‬تطيعُ أن يُ‪TT‬غالِ ‪T‬طَه‬
‫فيه‪.‬‬
‫على املفاوضِ أن يتَّبِعَ سياسةَ التدرُّجِ املتصاعدةِ؛ فيبني األفكارَ بناءً تكامُليّاً‪.‬‬
‫ع‪T‬لى امل‪T‬فاوضِ أن ي‪T‬كونَ ش‪T‬دي‪T‬دَ احل‪T‬ذرِ ع‪T‬ن أن يُس‪T‬تَدرجَ إل‪T‬ى ج‪T‬دل‪T‬يَّاتٍ فِ‪T‬كريَّ‪T‬ةٍ ت‪T‬تعلَّقُ‬
‫بالفروعِ دونَ األصولِ‪.‬‬
‫ع‪TT‬لى امل‪TT‬فاوضِ ق‪TT‬بلَ ب‪TT‬دءِ احل‪TT‬وارِ‪ ،‬أن ي ‪T‬تَّفِقَ ع‪TT‬لى م‪TT‬رج‪TT‬عيةٍ ف‪TT‬ي امل‪TT‬فاوض‪TT‬اتِ يس‪TT‬تنِدونَ‬
‫إليها‪.‬‬
‫ع‪TT‬لى امل‪TT‬فاوضِ أن ي‪TT‬كونَ ع‪TT‬لى عِ ‪T‬لْمٍ مُس ‪T‬بَقٍ ب‪TT‬ال‪TT‬شخصيةِ‪ ،‬والنفس‪TT‬يةِ ل‪TT‬لمُحاوِرِ ال‪TT‬ذي‬
‫أمامَه‪.‬‬
‫على املفاوضِ أن يرُكِّزَ على املصالِح‪ ،‬وليس املواقف‪.‬‬
‫ي‪T‬جبُ ت‪T‬غيرُ ال‪T‬طاقَ‪T‬مِ امل‪T‬فاوضِ‪ ،‬وأن ال يس‪T‬تمِرَّ ال‪T‬طاق‪T‬مُ ذات‪T‬هُ ب‪T‬ال‪T‬تفاوضِ؛ وذل‪T‬ك ح‪T‬تّى ال‬
‫ينكشفَ للمُحاوِر الذي أمامَه‪ ،‬فتنكشفَ أوراقُه بسهولةٍ‪.1‬‬
‫ع‪T‬لى رئ‪T‬يسِ ال‪T‬دول‪T‬ةِ أنّ ال يُ‪T‬فاوِضَ ب‪T‬شكلٍ م‪T‬باش‪T‬رٍ؛ ألنّ‪T‬ه إذا ف‪T‬اوضَ ب‪T‬شكلٍ م‪T‬باش‪T‬رٍ ق‪T‬د‬
‫ي‪T‬غلبُ ع‪T‬ليه ال‪T‬رأيُ‪ ،‬وال تُ‪T‬وجَ‪T‬دُ مُ‪T‬دَّةٌ زم‪T‬نيةٌ ل‪T‬دراس‪T‬ةِ األم‪T‬رِ‪ ،‬أمّ‪T‬ا إذا ف‪T‬اوضَ غ‪T‬يرُه ف‪T‬إنّ‪T‬ه مُ‪T‬لْزَمٌ‬
‫بالرجوعِ إلى قائدهِ لدراسةِ األمرِ‪.2‬‬
‫‪ 1‬اﻧﻈﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺣﺴﻦ ﺣﺒﻨﱠﻜﺔ اﻟﻤﯿﺪاﻧ ّﻲ‪ :‬ﻓﻘﮫ اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ ﷲ‪ ،‬دار اﻟﻘﻠﻢ‪ ،‬دﻣﺸﻖ‪ ،‬ط‪٢٠٠٤ ،٢‬م‪ ،‬ص‬
‫ب ﻓﻘﮫ اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ ﷲ؛ ﺣﯿﺚ وﺿ َﻌﮭﺎ اﻟﻤﺆﻟﱢﻒُ ﺷﺮوطﺎ ً ﻟﻠﺪاﻋﯿ ِﺔ‬
‫)‪ ،(٢٨١٢٩٠‬اﺳﺘُﻨﺒِﻄَﺖ ھﺬه اﻟﻘﻮاﻋ ُﺪ ﻣﻦ ﻛﺘﺎ ِ‬
‫ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﺘﻔﺎوﺿ ّﻲ‪.‬‬
‫إﻟﻰ ﷲِ ﺗﻌﺎﻟﻰ؛ ﻟﻜﻨﱠﻨﻲ ﺻُﻐﺘُﮭﺎ ﻛﻘﻮاﻋ َﺪ‬
‫ِ‬
‫‪ 2‬ﺻﺎﺋﺐ ﻋﺮﯾﻘﺎت‪ :‬اﻟﺤﯿﺎة ﻣﻔﺎوﺿﺎت‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.١٢٧‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٣٧‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٣٨‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﻔﺼﻞُ اﻟﺜﺎﻟِﺚُ‬
‫اﺳﺘﺮاﺗِﻴﺠﻴﺎتُ اﻟﺘﻔﺎوُضِ وَﺗﻜﺘِﻴﻜﺎﺗُﻪ‬
‫متُ ‪T T‬ثِّلُ اس‪TT T‬ترات‪TT T‬يجياتُ ال‪TT T‬تفاوضِ ال‪TT T‬تصوُّرَ ال‪TT T‬عامَّ ل‪TT T‬لمسارِ ال‪TT T‬ذي ي‪TT T‬نبغي أن تس ‪T T‬لُكَه‬
‫امل‪T‬فاوض‪T‬اتُ‪ ،‬وت‪T‬شملُ ع‪T‬لى حت‪T‬دي‪T‬دِ األه‪T‬دافِ‪ ،‬وال‪T‬غاي‪T‬اتِ امل‪T‬رجُ‪T‬وَّةِ م‪T‬ن ع‪T‬مليةِ ال‪T‬تفاوضِ‪،‬‬
‫والتكتيكاتِ والسياسةِ املوصلَةِ إليها‪.‬‬
‫وتَ‪TT‬بدو امل‪TT‬ساراتُ احل‪TT‬قيقيةُ ل‪TT‬لتفاوضِ واض‪TT‬حةً ف‪TT‬ي م‪TT‬دى جن‪TT‬احِ امل‪TT‬فاوضِ ف‪TT‬ي ت‪TT‬وظ‪TT‬يفِ‬
‫التكتيكاتِ‪ ،‬والسياساتِ والوسائلِ؛ لتحقيقِ أهدافِه‪ ،‬وإشباعِ حاجاتِه‪.‬‬
‫م‪T‬عنى اإلس‪T‬ترات‪T‬يجيةِ‪ :‬ه‪T‬ي مج‪T‬موع‪T‬ةُ األف‪T‬كارِ وامل‪T‬بادئِ ال‪T‬تي ت‪T‬تناولُ مَ‪T‬يدان‪T‬اً م‪T‬ن م‪T‬يادي‪T‬نِ‬
‫ال‪T‬نشاطِ اإلن‪T‬سان‪T‬يِّ ب‪T‬صورةٍ ش‪T‬ام‪T‬لةٍ وم‪T‬تكام‪T‬لةٍ‪ ،‬وت‪T‬كون ذاتَ دالل‪T‬ةٍ ع‪T‬لى وس‪T‬ائ‪T‬لِ ال‪T‬عملِ‪،‬‬
‫وم ‪TT‬تطلَّباتِ ‪TT‬ه‪ ،‬واجت ‪TT‬اه ‪TT‬اتِ م ‪TT‬سارِه؛ ل ‪TT‬غرضِ ال ‪TT‬وص ‪TT‬ولِ إل ‪TT‬ى أه ‪TT‬دافٍ مح‪T T‬دَّدةٍ م ‪TT‬رت ‪TT‬بطةٍ‬
‫باملستقبلِ‪.1‬‬
‫اإلس‪TT‬ترات‪TT‬يجيةُ ال‪TT‬تفاوض‪TT‬يةُ‪ :‬ه‪TT‬ي اإلط‪TT‬ارُ ال‪TT‬عامُّ ال‪TT‬ذي يُح ‪T‬دِّدُ ال‪TT‬طري ‪T‬قَ وامل‪TT‬سارَ‪ ،‬ويُ‪TT‬شكِّلُ‬
‫ال‪T‬قواع‪T‬دَ األس‪T‬اس‪T‬يَّةَ وامل‪T‬هامَّ ال‪T‬تفاوض‪T‬ية ل‪T‬لعملِ‪ ،‬وه‪T‬ي ع‪T‬مليةُ التخ‪T‬طيطِ ل‪T‬لمفاوض‪T‬اتِ‪،‬‬
‫وت‪T‬وج‪T‬يهِها ن‪T‬حو إجن‪T‬ازِ األه‪T‬دافِ‪ ،‬وت‪T‬نصرفُ إل‪T‬ى ت‪T‬عبئةِ وجت‪T‬نيدِ واس‪T‬تخداِم وإدارةِ اجل‪T‬هودِ‬
‫كافّةً مِن )مادِّيَّةٍ‪ ،‬وغير مادِّيَّة( للقيامِ بالعمليةِ التفاوضيةِ بنجاحٍ‪.2‬‬
‫‪ 1‬ﻧﻘﻼ ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻊ ﻣﻨﺘﺪﯾﺎت طﻼب اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ‬
‫‪ 2‬د ﻣﺤﻤﻮد ﻋﻠﻲ ود ﻣﺤ ّﻤﺪ ﻋﻮض اﻟﮭﺰاﯾﻤﺔ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.١٩‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٣٩‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ب‪TT‬ينما ع ‪T‬رَّفْ ص‪TT‬ائ‪TT‬ب ع‪TT‬ري‪TT‬قات "ال‪TT‬تكتيك" ه‪TT‬و‪ :‬األدواتُ وال‪TT‬وس‪TT‬ائ ‪T‬لُ ال‪TT‬تي ميُ ‪T‬كِنُ مِ‪TT‬ن‬
‫خ‪T‬اللِ‪T‬ها ح‪T‬لُّ امل‪T‬شاك‪T‬لِ واخل‪T‬الف‪T‬اتِ‪ ،‬اإلس‪T‬ترات‪T‬يجيةِ‪ :‬ه‪T‬ي اآلث‪T‬ارُ ال‪T‬تي ت‪T‬تركُ‪T‬ها ه‪T‬ذه األدواتُ‬
‫والوسائلُ على طبيعةِ العالقاتِ الدوليةِ حتدِّدُ كيفيةَ حلِّ اخلالفاتِ بني الدولِ‪.1‬‬
‫واالت‪T‬فاق‪T‬ياتُ ال‪T‬عادل‪T‬ةُ ه‪T‬ي ت‪T‬لكِ ال‪T‬تي ت‪T‬رُكِّ‪T‬زُ ع‪T‬لى م‪T‬صالِ‪T‬ح اإلط‪T‬رافِ امل‪T‬شارك‪T‬ةِ‪ ،‬ويُح‪T‬دَّدُ‬
‫على أساسِها التعامُلُ املستقبلُّي والتعاونُ بني هذه األطرافِ‪.‬‬
‫أمّ‪T‬ا االت‪T‬فاق‪T‬ياتُ غ‪T‬يرُ ال‪T‬عادل‪T‬ةِ فه‪T‬ي ت‪T‬لكَ ال‪T‬تي ال ت‪T‬أخ‪T‬ذُ ب‪T‬عَنيِ االع‪T‬تبارِ‪ ،‬م‪T‬صالِ‪T‬حَ األط‪T‬رافِ‬
‫امل‪TT‬شارك ‪T‬ةِ‪ ،‬وميَ‪TT‬يلُ م‪TT‬يزانُ‪TT‬ها ل‪TT‬صالِ‪TT‬ح ط‪TT‬رفٍ ع‪TT‬لى ح‪TT‬سابِ ال‪TT‬طرفِ اآلخَ‪TT‬ر‪ ،‬وت‪TT‬برزُ ب‪TT‬ذورُ‬
‫اخلالفاتِ املستقبليةِ‪.‬‬
‫إنّ االس‪TT‬ترات‪TT‬يجياتِ ال‪TT‬عامَّ ‪T‬ةَ ل‪TT‬لتفاوضِ ع‪TT‬ادةً م‪TT‬ا ت‪TT‬ندرجُ حت‪TT‬ت فِ‪TT‬ئتَنيِ هُ‪TT‬ما مَ‪TT‬دخِ ‪T‬لُ احل ‪T‬لِّ‬
‫املش ‪TT‬تركِ ل ‪TT‬لمشكالتِ‪ ،‬أو ال ‪TT‬تفاوضِ ع ‪TT‬لى أس ‪TT‬اسٍ مِ ‪TT‬ن اخل ‪TT‬صوم‪T T‬ةِ احل ‪TT‬ادَّةِ‪ ،‬وت ‪TT‬ؤكِّ‪T T‬دُ‬
‫إس‪TT‬ترات‪TT‬يجيةُ احل ‪T‬لِّ املش‪TT‬تركِ ع‪TT‬لى حت‪TT‬دي ‪T‬دِ وح ‪T‬لِّ امل‪TT‬شكالتِ ال‪TT‬تي ت‪TT‬عوقُ ال‪TT‬توصُّ ‪T‬لَ إل‪TT‬ى‬
‫اتفاقٍ‪.‬‬
‫إنّ مَ‪TT‬دخ ‪T‬لَ اخل‪TT‬صوم ‪T‬ةِ احل‪TT‬ادَّةِ يُ‪TT‬وجِ ‪T‬بُ أن يَ‪TT‬سعى ك ‪T‬لٌّ مِ‪TT‬ن ال‪TT‬طرف ‪T‬نيِ ل‪TT‬تحقيقِ امل‪TT‬صلحةِ‬
‫اخلاصَّةِ مع إتاحةِ الفُرصَةِ للطرفِ األخرِ؛ حتى يَعرضَ قضيَّتَه بنفسِه‪.2‬‬
‫‪ 1‬ﺻﺎﺋﺐ ﻋﺮﯾﻘﺎت اﻟﺤﯿﺎة ﻣﻔﺎوﺿﺎت ص ‪.١٣٨‬‬
‫‪ 2‬اﻧﻈﺮ‪ :‬دﻟﯿﻞ اﻟﻤﻔﺎوض‪ :‬ﺟﻮرج ﻓﻮﻟﺮ‪ ،‬ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺟﺮﯾﺮ‪ ،‬اﻟﺮﯾﺎض‪ ،‬ط‪ ،٢٠١٢ ،٤‬ص‪١٠٧‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٤٠‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﻤﺒﺤﺚُ اﻷوﱠ ُ‬
‫ل‬
‫اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎتُ اﻟﺘﻔﺎوُضِ‬
‫إنّ اس ‪TT‬ترات ‪TT‬يجياتِ ال ‪TT‬تفاوضِ ذاتُ أه ‪TT‬ميَّةٍ ف ‪TT‬ي ع ‪TT‬مليةِ ال ‪TT‬تفاوضِ؛ إذ ميُ‪T T‬كِنُ إدراجُ ‪TT‬ها‬
‫كاآلتي‪:‬‬
‫‪ .۱‬إس‪PP‬ترات‪PP‬يجيةِ )ف‪PP‬ائ ‪P‬زٍ ف‪PP‬ائ ‪P‬زٍ(‪ :‬تُ‪TT‬ؤكّ ‪T‬دُ ه‪TT‬ذه اإلس‪TT‬ترات‪TT‬يجيةُ ع‪TT‬لى خ‪TT‬دم ‪T‬ةِ م‪TT‬صالِ‪TT‬ح‬
‫ال‪T‬طرف‪T‬نيِ ب‪T‬أف‪T‬ضلِ ص‪T‬ورةٍ؛ مِ‪T‬ن خ‪T‬اللِ ال‪T‬عملِ املش‪T‬تركِ ع‪T‬لى حت‪T‬دي‪T‬دِ‪ ،‬وح‪T‬لِّ امل‪T‬شكالتِ‬
‫التي تعوقُ التوصُّلَ إلى اتفاقٍ ‪.1‬‬
‫إنّ ال‪TT‬توصُّ ‪T‬لَ للح‪TT‬لولِ ع‪TT‬ن ط‪TT‬ري ‪T‬قِ ه‪TT‬ذه اإلس‪TT‬ترات‪TT‬يجيةِ ال ي‪TT‬تطلَّبُ ت‪TT‬قدميَ )ت‪TT‬نازالتٍ‪ ،‬أو‬
‫خ‪T‬سائ‪T‬رَ( وإنّ ه‪T‬ذا امل‪T‬نهجَ ي‪T‬جب أن يَ‪T‬سُودَ ك‪T‬منهجٍ وح‪T‬يدٍ حل‪T‬لٍّ اخل‪T‬الف‪T‬اتِ ال‪T‬تي ت‪T‬نشأُ ب‪T‬ني‬
‫الدولِ‪.‬‬
‫‪ .۲‬إستراتيجيةُ متى؟‪ :‬تشملُ هذه اإلستراتيجيةُ على عِدَّةِ عواملَ من‬
‫أهمّها‪:‬‬
‫* ال‪P‬صبْرُ‪ :‬ويه‪T‬دفُ ه‪T‬ذا األس‪T‬لوبُ إل‪T‬ى كس‪T‬بِ ال‪T‬وق‪T‬تِ‪ ،‬وشِ‪T‬عارُه‪" :‬ب‪T‬ال‪T‬صَّبرِ ت‪T‬بلغُ م‪T‬ا‬
‫تُ‪T‬ري‪T‬دُ"‪ ،‬ومِ‪T‬ن وس‪T‬ائ‪T‬لِ كس‪T‬بِ ال‪T‬وق‪T‬تِ ع‪T‬دمُ ال‪T‬ردِّ ال‪T‬فوريِّ ع‪T‬لى ال‪T‬سؤالِ‪ ،‬أو تعيتس‪T‬توع‪T‬ب‬
‫مجْ‪T‬رى احل‪T‬دي‪T‬ثِ‪ ،‬أو ال‪T‬ردَّ ب‪T‬سؤالٍ م‪T‬ضادٍّ إلع‪T‬طاءِ ال‪T‬نفسِ ال‪T‬فرص‪T‬ةَ ل‪T‬لتفكيرِ‪ ،‬وت‪T‬قري‪T‬رِ م‪T‬ا‬
‫ميُ‪T‬كِنُ ف‪T‬علُه‪ ،‬وم‪T‬ع ه‪T‬ذا نُ‪T‬عطي ال‪T‬طرفَ اآلخَ‪T‬ر ال‪T‬فرص‪T‬ةَ ن‪T‬فسَها ف‪T‬إنّ‪T‬ه مِ‪T‬ن ال‪T‬ضروريِّ م‪T‬ن أج‪T‬لِ‬
‫ع‪T‬دم ال‪T‬تورُّطِ ب‪T‬إع‪T‬طاءِ إج‪T‬اب‪T‬اتٍ م‪T‬ن غ‪T‬يرِ ت‪T‬فكيرٍ‪ ،‬وه‪T‬ذا ي‪T‬تطلَّبُ م‪T‬عرف‪T‬ةَ ال‪T‬وق‪T‬تِ امل‪T‬ناس‪T‬بِ‬
‫‪ 1‬اﻧﻈﺮ‪ :‬ﺑﺎر ﺑﺎرا أﻧﺪرﺳﻮن‪ :‬اﻟﺘﻔﺎوض اﻟﻔﻌﺎل‪ ،‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﮭﻼل اﻟﻘﺎھﺮة ﺑﺪون ﺗﺎرﯾﺦ ص ‪.٥٠‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٤١‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ل‪T‬لصمتِ‪ ،‬وال‪T‬وق‪T‬تِ امل‪T‬ناس‪T‬بِ ل‪T‬لكالمِ‪ .‬وأنّ مَ‪T‬ن يُ‪T‬بادِرُ ب‪T‬االس‪T‬تجاب‪T‬ةِ إل‪T‬ى ط‪T‬لباتِ خ‪T‬صمِه‪،‬‬
‫وتقدميِ التنازالتِ يُشجِّعُ اآلخرَ على عدمِ التوقُّفِ عن طلبِ املزيدِ‪.‬‬
‫* املُ‪P‬فاج‪P‬أةُ‪ :‬وت‪T‬ضمنُ ه‪T‬ذه اإلس‪T‬ترات‪T‬يجيةُ ت‪T‬غيُّراً مُ‪P‬فاجِ‪P‬ئاً ف‪T‬ي أس‪T‬لوبِ امل‪T‬فاوضِ‪ ،‬وط‪T‬ري‪T‬قةِ‬
‫احل‪T‬دي‪T‬ثِ؛ به‪T‬دفِ إرب‪T‬اكِ اخل‪T‬صمِ واحل‪T‬صولِ م‪T‬نه ع‪T‬لى ت‪T‬نازالتٍ‪ ،‬وي‪T‬بدو ه‪T‬ذا ال‪T‬تغيُّرُ ف‪T‬ي‬
‫ارت‪T‬فاعِ ال‪T‬صوتِ واس‪T‬تخدامِ ال‪T‬عُنفِ أو ال‪T‬تراجُ‪T‬عِ ف‪T‬ي االجت‪T‬اهِ امل‪T‬ضادِّ مت‪T‬ام‪T‬اً‪ ،‬وت‪T‬كمنُ ه‪T‬ذه‬
‫اخل‪T‬طورةُ ف‪T‬ي ه‪T‬ذا ال‪T‬تكتيكِ ف‪T‬ي أنّ‪T‬ه بـ )قَ‪T‬دْرِ م‪T‬ا يُ‪T‬حقِّقُ م‪T‬ن م‪T‬كاس‪T‬بَ ق‪T‬د يح‪T‬دثُ انه‪T‬يارٌ‬
‫مفاجئٌ في املفاوضاتِ(‪.‬‬
‫‪ .۳‬األم‪P‬رُ ال‪P‬واق‪P‬عُ‪ :‬ش‪P‬عارُ ه‪P‬ذه اإلس‪P‬ترات‪P‬يجيةِ ي‪P‬توقَّ‪P‬فُ األم‪P‬رُ ع‪P‬لى ال‪P‬طرفِ اآلخَ‪P‬ر‪،‬‬
‫وي‪T‬قومُ ع‪T‬لى أس‪T‬اسِ وض‪T‬عِ ال‪T‬طرفِ امل‪T‬فاوضِ أم‪T‬امَ األم‪T‬رِ ال‪T‬واق‪T‬عِ؛ وذل‪T‬ك ع‪T‬ند وج‪T‬ودِ‬
‫ش‪T‬كٍّ ف‪T‬ي ال‪T‬وص‪T‬ولِ إل‪T‬ى ع‪T‬ملٍ مح‪T‬دَّدٍ‪ ،‬أو ن‪T‬تيجةٍ مُح‪T‬دَّدةٍ‪ .‬ومِ‪P‬ن األم‪P‬ثلةِ ع‪P‬لى ذل‪P‬كَ‪:‬‬
‫م‪TT‬فاوض‪TT‬اتُ ح‪TT‬رك‪TT‬اتِ التح ‪T‬رُّرِ ه‪TT‬و ف‪TT‬رضُ أم ‪T‬رٍ واق ‪T‬عٍ ع‪TT‬لى األرضِ؛ مِ‪TT‬ن خ‪TT‬اللِ ال‪TT‬قيامِ‬
‫بعملٍ عسكريٍّ لِفَضِّ واقعٍ سياسيٍّ‪.‬‬
‫‪ .٤‬ال‪P‬كَرُّ وال‪P‬فَرُّ‪ :‬وه‪T‬و التح‪T‬رُّكُ ل‪T‬ألم‪T‬امِ واخل‪T‬لفِ‪ ،‬واس‪T‬تعدادُ امل‪T‬فاوضِ أن يُ‪T‬حوِّلَ م‪T‬وقِ‪T‬فَه‬
‫وف ‪T‬قَ ظ‪TT‬روفِ امل‪TT‬فاوض‪TT‬اتِ‪ ،‬وه‪TT‬ذا األس‪TT‬لوبُ م‪TT‬بنيٌ ع‪TT‬لى امل‪TT‬ثلِ ال‪TT‬عرب ‪T‬يِّ‪" :‬اض‪TT‬ربِ‬
‫احل‪T‬دي‪T‬دَ وه‪T‬وَ س‪T‬اخِ‪T‬نٌ"؛ وه‪T‬و ي‪T‬عني أنّ ال‪T‬ضربَ ع‪T‬لى احل‪T‬دي‪T‬دِ مبج‪T‬رَّدِ خ‪T‬روج‪T‬هِ م‪T‬ن‬
‫ال‪T‬نارِ؛ ألنّ‪T‬ه ي‪T‬كونُ أك‪T‬ثرَ م‪T‬طاوع‪T‬ةً‪ ،‬وي‪T‬كونُ امل‪T‬فاوضُ ف‪T‬ي ه‪T‬ذه احل‪T‬ال‪T‬ةِ مس‪T‬تعداً ل‪T‬لكرِّ‬
‫وال‪T‬فرِّ‪ ِ،‬وال‪T‬زي‪T‬ادة وال‪T‬نقصانِ وت‪T‬قدميِ ال‪T‬عروضِ وس‪T‬حبِها م‪T‬ا ل‪T‬م ت‪T‬تواف‪T‬قْ م‪T‬ع م‪T‬صلحةِ‬
‫اجلهةِ التي ميُثِّلُها‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٤٢‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫‪ .٥‬اخلِ‪P‬داعُ‪ :‬ت‪T‬قومُ ه‪T‬ذه اإلس‪T‬ترات‪T‬يجيةُ أنّ أح‪T‬دَ امل‪T‬فاوِض‪T‬نيَ ي‪T‬قومُ ب‪T‬تصرُّفٍ يُ‪T‬حوِّلُ ذِهْ‪T‬نَ‬
‫ال‪T‬طرفِ اآلخَ‪T‬ر إل‪T‬ى اجت‪T‬اهٍ مُ‪T‬عيَّنٍ ب‪T‬عيداً ع‪T‬ن احل‪T‬قيقةِ‪ ،‬أو أن يُ‪T‬حاوِلَ أح‪T‬دُ امل‪T‬فاوِض‪T‬نيَ‬
‫ال‪TT‬تظاهُ ‪T‬رَ ب‪TT‬أنّ ل‪TT‬دي ‪T‬هِ م‪TT‬علوم‪TT‬اتٍ ت‪TT‬فوقُ م‪TT‬ا ل‪TT‬دي ‪T‬هِ ب‪TT‬ال‪TT‬فعلِ‪ ،‬وق‪TT‬د ي‪TT‬لجأُ امل‪TT‬فاوضُ إل‪TT‬ى‬
‫تس‪T‬ري‪T‬بِ ب‪T‬عضِ امل‪T‬علوم‪T‬اتِ اخل‪T‬اط‪T‬ئةِ؛ ب‪T‬قصدِ ت‪T‬ضليلِ ال‪T‬طرفِ اآلخَ‪T‬ر‪ ،‬أو ق‪T‬د يَخ‪T‬رُجُ‬
‫ع‪TT‬ضوٌ مِ‪TT‬ن وَفْ ‪T‬دِ ال‪TT‬تفاوضِ مُس ‪T‬تِغالً وص‪TT‬ولَ امل‪TT‬فاوض‪TT‬اتِ إل‪TT‬ى ط‪TT‬ري ‪T‬قٍ مس‪TT‬دودٍ وغ‪TT‬يرِ‬
‫ذلك من أنواعِ اخلِداع‪.‬‬
‫‪ .٦‬إستراتيجيةُ كيفَ؟ وأينَ؟‪ :‬ويتمثَّلُ هذا النوعُ من اإلستراتيجياتِ في‪:‬‬
‫ امل‪P‬شارَك‪P‬ةِ ف‪P‬ي ال‪P‬عملِ‪ :‬وف‪T‬يها يُ‪T‬حاوِلُ امل‪T‬فاوضُ احل‪T‬صولَ ع‪T‬لى ت‪T‬عاونِ أط‪T‬رافٍ أُخ‪T‬رى‬‫ب‪TT‬طري‪TT‬قةٍ م‪TT‬باش‪TT‬رةٍ‪ ،‬أو غ‪TT‬يرِ م‪TT‬باش‪TT‬رةٍ‪ ،‬وش‪TT‬عارُ ه‪TT‬ذه اإلس‪TT‬ترات‪TT‬يجيةُ "ن‪TT‬حنُ أص‪TT‬دق‪TT‬اء"؛‬
‫وت‪T‬عني‪ :‬إم‪T‬كانَ ال‪T‬لجوءِ إل‪T‬ى أط‪T‬رافٍ أُخ‪T‬رى؛ ل‪T‬لحصولِ ع‪T‬لى م‪T‬ساع‪T‬دةٍ ف‪T‬ي م‪T‬وق‪T‬فِ‬
‫ت‪T‬فاوضٍ مُ‪T‬عيَّنٍ‪ ،‬وم‪T‬ثل ه‪T‬ذا ال‪T‬نوعِ ي‪T‬كونُ ب‪T‬نيَ األع‪T‬ضاءِ ف‪T‬ي ك‪T‬يانٍ واح‪T‬دٍ مُ‪T‬لتزمِ‪T‬نيَ ف‪T‬ي‬
‫سياستِه‪ ،‬كما هي احلالُ في دولِ االحتادِ األوربيِّ‪.‬‬
‫ ال‪PP‬تغطيةُ‪ :‬يه‪PP‬دفُ امل‪PP‬فاوِضُ اس‪PP‬تخدامَ ه‪PP‬ذه اإلس‪PP‬ترات‪PP‬يجيةِ إل‪TT‬ى ت‪TT‬غطيةِ ج‪TT‬وان ‪T‬بِ‬‫ال‪T‬ضَّعفِ ل‪T‬دي‪T‬هِ؛ ح‪T‬تّى ال ي‪T‬نتبِه إل‪T‬يها ال‪T‬طرفُ اآلخَ‪T‬ر‪ ،‬وه‪T‬ي م‪T‬حاول‪T‬ةٌ لكس‪T‬بِ م‪T‬يزاتٍ‬
‫كبيرةٍ بأقلّ جهدٍ فيما يتمُّ التحرُّكُ نحوَ اجتاهٍ مُعيَّنٍ لتغطيةِ أهدافٍ كبيرةٍ‪.‬‬
‫‪ ۷‬إس‪PP‬ترات‪PP‬يجيةُ ال‪PP‬تدرُّجِ‪ :‬أو إس‪TT‬ترات‪TT‬يجيةُ "خُ‪TT‬طوةً خُ‪TT‬طوةً"‪ :‬ي‪TT‬قومُ امل‪TT‬فاوضِ بتج‪TT‬زئ ‪T‬ةِ‬
‫امل‪TT‬وض‪TT‬وعِ إل‪TT‬ى أج‪TT‬زاءٍ؛ ح ‪T‬تّى ت‪TT‬تمَّ م‪TT‬ناق‪TT‬شةُ ك ‪T‬لِّ جُ‪TT‬زءٍ ع‪TT‬لى حِ ‪T‬دَةٍ‪ ،‬وات‪TT‬خاذُ ق‪TT‬رارٍ ب‪TT‬شأنِ‪TT‬ه‪،‬‬
‫وي‪T‬كونُ ب‪T‬عدَ ذل‪T‬كَ االن‪T‬تقالُ إل‪T‬ى جُ‪T‬زءِ اآلخَ‪T‬ر‪ ،‬وه‪T‬ذه اإلس‪T‬ترات‪T‬يجيةُ م‪T‬فيدةٌ ف‪T‬ي ال‪T‬قضاي‪T‬ا‬
‫املعقَّدَةِ‪ ،‬أو عندما ال تكونُ هناك خِبراتٌ تفاوضيّةٌ بني اجلانبَنيِ‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٤٣‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫‪ .۸‬ت‪PP‬غيُّرُ املس‪PP‬توى‪ :‬ت‪TT‬بدأُ امل‪TT‬فاوَض‪TT‬اتُ ف‪TT‬ي ه‪TT‬ذهِ اإلس‪TT‬ترات‪TT‬يجيةِ مبس‪TT‬توي‪TT‬اتٍ أق ‪T‬لّ مِ‪TT‬ن‬
‫مس‪T‬توى ال‪T‬رئ‪T‬يسِ‪ ،‬وع‪T‬ندم‪T‬ا ت‪T‬بدأ امل‪T‬فاوض‪T‬اتُ ف‪T‬ي ال‪T‬تعقيدِ أو ال‪T‬وص‪T‬ولِ إل‪T‬ى ط‪T‬ري‪T‬قٍ‬
‫مس‪TT‬دودٍ‪ ،‬وي‪TT‬تمُّ ت‪TT‬صعيدُ ش‪TT‬خصٍ لِ‪TT‬ينضمَّ إل‪TT‬ى ال‪TT‬وف ‪T‬دِ امل‪TT‬فاوضِ‪ ،‬وي‪TT‬كون ع‪TT‬لى‬
‫مس‪T‬توىً أع‪T‬لى‪ ،‬وق‪T‬د ي‪T‬تطلَّبُ األم‪T‬رُ ت‪T‬دخُّ‪T‬لَ أع‪T‬لى املس‪T‬توي‪T‬اتِ؛ م‪T‬ن أج‪T‬لِ تس‪T‬ري‪T‬عِ‬
‫عمليةِ التفاوضِ‪.1‬‬
‫ثانياً‪ :‬إستراتيجياتُ منهجِ املصلحةِ املشتركةِ‪:‬‬
‫ي‪T‬قومُ ه‪T‬ذا امل‪T‬نهجُ ع‪T‬لى ع‪T‬الق‪T‬ةِ ت‪T‬عاونٍ ب‪T‬ني )ط‪T‬رف‪T‬نيِ‪ ،‬أو أك‪T‬ثرَ( ي‪T‬عملُ ك‪T‬لُّ ط‪T‬رفٍ م‪T‬نهُم‬
‫ع‪T‬لى ت‪T‬عميقِ وزي‪T‬ادةِ ه‪T‬ذا ال‪T‬تعاونِ وإث‪T‬مارِه مل‪T‬صلحةِ األط‪T‬رافِ ك‪T‬افّ‪T‬ةً‪ .‬وإس‪P‬ترات‪P‬يجياتُ‬
‫هذا املنهجِ هي‪:‬‬
‫‪ .۱‬إستراتيجيةُ التكامُلِ‪:‬‬
‫ه‪T‬ي ت‪T‬طوي‪T‬رُ ال‪T‬عالق‪T‬ةِ ب‪T‬ني ط‪T‬رفَ‪T‬ي ال‪T‬تفاوضِ إل‪T‬ى درج‪T‬ةِ أن ي‪T‬صبحَ ك‪T‬لٌّ م‪T‬نهُما مُ‪T‬كمِّالً ل‪T‬آلخَ‪T‬ر‬
‫ف‪T‬ي ك‪T‬لِّ ش‪T‬يءٍ؛ ب‪T‬ل ق‪T‬د ي‪T‬صلُ األم‪T‬رُ إل‪T‬ى أنَّ‪T‬هُما يُ‪T‬صبحانِ ش‪T‬خصاً واح‪T‬داً م‪T‬ندم‪T‬جَ امل‪T‬صالِ‪T‬ح‬
‫وال‪T‬فوائ‪T‬دِ وال‪T‬كيانِ ال‪T‬قان‪T‬ون‪T‬يِّ أح‪T‬يان‪T‬اً؛ وذل‪T‬كَ به‪T‬دفِ ت‪T‬عظيم االس‪T‬تفادةِ مِ‪T‬ن ال‪T‬فُرَصِ امل‪T‬تاح‪T‬ةِ‬
‫أمامَ كلٍّ منهُما‪.‬‬
‫ا‪ .‬ال‪PP‬تكام ‪P‬لُ اخل‪PP‬لفيُّ‪ :‬وي‪TT‬تكوّنُ ه‪TT‬ذا ال‪TT‬بدي ‪T‬لُ االس‪TT‬ترات‪TT‬يجيُّ م‪TT‬ن ق‪TT‬يامِ أح ‪T‬دٍ ب‪TT‬إي‪TT‬جادِ‬
‫األط‪T‬رافِ امل‪T‬تفاوض‪T‬ةِ ب‪T‬إي‪T‬جادِ ع‪T‬الق‪T‬ةٍ‪ ،‬أو راب‪T‬طةٍ ي‪T‬تمُّ مِ‪T‬ن خ‪T‬اللِ‪T‬ها االس‪T‬تفادةُ ممِّ‪T‬ا ل‪T‬دى‬
‫ال‪T‬طرفِ اآلخَ‪T‬ر م‪T‬ن م‪T‬زاي‪T‬ا وإم‪T‬كان‪T‬اتٍ؛ إلن‪T‬تاجِ‪ ،‬أو حت‪T‬قيقِ م‪T‬نفعةٍ مش‪T‬ترك‪T‬ةٍ ت‪T‬عودُ ع‪T‬لى‬
‫‪ 1‬ﺑﺎر ﺑﺎرا أﻧﺪرﺳﻮن اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ‪٥٥‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٤٤‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ال‪TT‬طرف ‪T‬نيِ؛ ممّ‪TT‬ا يُ‪TT‬قوِّي قُ‪TT‬دراتِ ال‪TT‬طرف ‪T‬نيِ امل‪TT‬تفاوِض ‪T‬نيَ أو مِ‪TT‬ن رب‪TT‬حهِما م‪TT‬ن امل‪TT‬ناف ‪T‬عِ‬
‫املشتركةِ التي يناالنِها حقَّاً ‪.1‬‬
‫ب‪ .‬ال‪P‬تكام‪P‬لُ األم‪P‬ام‪P‬يُّ‪ :‬ع‪T‬لى ع‪T‬كس ال‪T‬بدي‪T‬لِ اإلس‪T‬ترات‪T‬يجيِّ األوّلِ ي‪T‬قومُ ه‪T‬ذا ال‪T‬تكام‪T‬لُ‬
‫ع‪TT‬لى م‪TT‬بادرةِ أح ‪T‬دِ األط‪TT‬رافِ امل‪TT‬تفاوض ‪T‬ةِ ب‪TT‬ال‪TT‬كشفِ ع ‪T‬مّا ل‪TT‬دي ‪T‬هِ مِ‪TT‬ن م‪TT‬زاي‪TT‬ا وم‪TT‬ناف ‪T‬عَ‬
‫ميُ ‪T‬كِنُ أن يس‪TT‬تفيدَ م‪TT‬نها ال‪TT‬طرفُ اآلخَ‪TT‬ر الس‪TT‬تكمالِ م‪TT‬ا ي‪TT‬حتاجُ إل‪TT‬يهِ م‪TT‬ن قُ‪TT‬دراتٍ‬
‫وم‪T‬هاراتٍ‪ ،‬وي‪T‬قومُ ال‪T‬تفاوضُ ف‪T‬ي ه‪T‬ذه احل‪T‬ال‪T‬ةِ ع‪T‬لى ت‪T‬غيُّرِ ال‪T‬نمطِ ال‪T‬قائ‪T‬مِ أو ت‪T‬عدي‪T‬لِ‬
‫وحداتِه‪.2‬‬
‫ت‪ .‬ال‪P‬تكام‪P‬لُ األف‪P‬قيُّ‪ :‬ه‪T‬و ت‪T‬وس‪T‬يعُ ن‪T‬طاقِ امل‪T‬صلحةِ املش‪T‬ترك‪T‬ةِ ب‪T‬ني امل‪T‬تفاوِض‪T‬نيَ ب‪T‬إش‪T‬راكِ‬
‫طرفٍ ثالثٍ معهُما‪ ،‬أو أطرافٍ جديدةٍ؛ لزيادةِ فاعليةِ القدراتِ التفاوضيةِ‪.3‬‬
‫‪ .۲‬إستراتيجيةُ تطويرِ التعاونِ احلالي‪:‬‬
‫وت‪T‬قومُ ه‪T‬ذه اإلس‪T‬ترات‪T‬يجيةُ ال‪T‬تفاوض‪T‬يةُ ع‪T‬لى ال‪T‬وص‪T‬ولِ إل‪T‬ى حت‪T‬قيقِ مج‪T‬موع‪T‬ةٍ م‪T‬ن األه‪T‬دافِ‬
‫ال‪T‬عُليا ال‪T‬تي ت‪T‬عملُ ع‪T‬لى ت‪T‬طوي‪T‬رِ امل‪T‬صلحةِ املش‪T‬ترك‪T‬ةِ‪ ،‬ب‪T‬ني ط‪T‬رفَ‪T‬ي ال‪T‬تفاوضِ وت‪T‬وث‪T‬يقِ أوجُ‪T‬هِ‬
‫التعاونِ بينهُما‪ .‬وميُكِنُ تنفيذُ هذه اإلستراتيجيةِ مِن خالل‪:‬‬
‫ا‪ .‬ت‪P‬وس‪P‬يعِ م‪P‬جاالتِ ال‪P‬تعاونِ‪ :‬وت‪T‬تمُّ ه‪T‬ذه اإلس‪T‬ترات‪T‬يجيةُ ع‪T‬ن ط‪T‬ري‪T‬قِ إق‪T‬ناعِ ال‪T‬طرفَ‪T‬نيِ‬
‫امل‪T‬تفاوِضَ‪T‬نيِ مب‪T‬دِّ م‪T‬جالِ ال‪T‬تعاونِ إل‪T‬ى م‪T‬جاالتٍ ج‪T‬دي‪T‬دةٍ‪ ،‬ل‪T‬م ي‪T‬كُن ال‪T‬تعاونُ ب‪T‬ينهُما ق‪T‬د‬
‫وصلَ إليها مِن قبلُ‪.‬‬
‫‪ 1‬ﺑﺎر ﺑﺎرا أﻧﺪرﺳﻮن اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٦٠‬‬
‫‪ 2‬اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ ص‪٦١‬‬
‫‪ 3‬اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ ص‪٦١‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٤٥‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ب االرت‪PP‬قاءِ ب‪PP‬درج ‪P‬ةِ ال‪PP‬تعاونِ‪ :‬وت‪TT‬قومُ ه‪TT‬ذه اإلس‪TT‬ترات‪TT‬يجيةُ ع‪TT‬لى االرت‪TT‬قاءِ ب‪TT‬امل‪TT‬رح‪TT‬لةِ‬
‫ال‪T‬تعاون‪T‬يةِ ال‪T‬تي ي‪T‬عيشُها ط‪T‬رَف‪T‬ي ال‪T‬تفاوضِ وخ‪T‬اص‪T‬ةً أنّ ال‪T‬تعاونَ مي‪T‬رُّ ب‪T‬عدَّةِ م‪T‬راح‪T‬لَ مِ‪P‬ن أه‪P‬مّها‬
‫املراحلُ اآلتيةُ‪:‬‬
‫‪ .۱‬مرحلةُ التفهُّمِ املشتركِ‪ ،‬أو التعرُّفِ على مصالِح األطرافِ كافّةً‪.‬‬
‫‪ .۲‬مرحلةُ االتفاقِ في الرأيّ‪.‬‬
‫‪ .۳‬م ‪TT‬رح ‪TT‬لةُ ال ‪TT‬عملِ ع ‪TT‬لى ت ‪TT‬نفيذِ االت ‪TT‬فاقِ‪ ،‬أو م ‪TT‬رح ‪TT‬لةُ ت ‪TT‬نفيذِ امل ‪TT‬نفعةِ‬
‫املشتركةِ‪.‬‬
‫وي‪T‬قومُ ال‪T‬عملُ ال‪T‬تفاوض‪T‬يُّ ف‪T‬ي ه‪T‬ذه امل‪T‬راح‪T‬لِ بِ‪T‬دَورٍ مُ‪T‬همٍّ ف‪T‬ي ت‪T‬طوي‪T‬رِ ال‪T‬تعاونِ ب‪T‬ني األط‪T‬رافِ‬
‫املتفاوضةِ واالرتقاءِ باملرحلةِ التي ميَرُّ بها‪.1‬‬
‫ت إستراتيجيةُ تعميقِ العالقةِ القائمةِ‪:‬‬
‫ت‪T‬قومُ ه‪T‬ذه اإلس‪T‬ترات‪T‬يجيةُ ع‪T‬لى ال‪T‬وص‪T‬ولِ ملِ‪T‬دى أك‪T‬برَ مِ‪T‬ن ال‪T‬تعاونِ ب‪T‬ني )ط‪T‬رفَ‪T‬نيِ‪ ،‬أو أك‪T‬ثرَ(‬
‫جتمعُهم مصلحةٌ ما‪.‬‬
‫ث إستراتيجيةُ توسيعِ نطاقِ التعاونِ مبدِّهِ إلى مجاالتٍ جديدةٍ‪:‬‬
‫ت‪T‬عتمدُ ه‪T‬ذه اإلس‪T‬ترات‪T‬يجيةُ أس‪T‬اس‪T‬اً ع‪T‬لى ال‪T‬واق‪T‬عِ ال‪T‬تاري‪T‬خيِّ ال‪T‬طوي‪T‬لِ امل‪T‬متدِّ ب‪T‬نيَ ط‪T‬رفَ‪T‬ي‬
‫ال‪T‬تفاوضِ؛ م‪T‬ن ح‪T‬يثُ ال‪T‬تعاونُ ال‪T‬قائ‪T‬مُ ب‪T‬ينهُما‪ ،‬وت‪T‬عدُّدُ وس‪T‬ائ‪T‬لِه وم‪T‬راح‪T‬لِه وف‪T‬قاً ل‪T‬لظروفِ‬
‫واملتغيِّراتِ التي مرَّ بها‪ ،‬وَوفقاً لقُدراتِ وطاقاتِ كلٍّ منهُما‪.‬‬
‫وهناكَ أسلوبانِ لهذهِ اإلستراتيجيةِ هُما‪:‬‬
‫‪ 1‬ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﻌﺪد ‪ ٣٨‬د ﻏﯿﺚ اﻟﺮﺑﯿﻌﻲ‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٤٦‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫أ ت‪TT‬وس‪TT‬يعُ ن‪TT‬طاقِ ال‪TT‬تعاونِ مب ‪T‬دِّهِ إل‪TT‬ى م‪TT‬جالٍ زم‪TT‬نيٍّ ج‪TT‬دي ‪T‬دٍ‪ :‬وي‪TT‬قومُ ه‪TT‬ذا األس‪TT‬لوبُ ع‪TT‬لى‬
‫االت‪TT‬فاقِ ب‪TT‬ني األط‪TT‬رافِ امل‪TT‬تفاوض ‪T‬ةِ ع‪TT‬لى ف‪TT‬ترةٍ زم‪TT‬نيةٍ ج‪TT‬دي‪TT‬دةٍ مس‪TT‬تقبليةٍ‪ ،‬أو ت‪TT‬كثيفِ‬
‫وزيادةِ التعاونِ‪.‬‬
‫ب ت‪T‬وس‪T‬يعُ ن‪T‬طاقِ ال‪T‬تعاونِ مب‪T‬دِّهِ إل‪T‬ى م‪T‬جالٍ م‪T‬كان‪T‬يٍّ ج‪T‬دي‪T‬دٍ‪ :‬وي‪T‬تمُّ ه‪T‬ذا األس‪T‬لوبُ ع‪T‬ن‬
‫طريقِ االتفاقِ على االنتقالِ بالتعاونِ إلى مكانٍ جغرافيٍّ آخرَ جديدٍ‪.1‬‬
‫‪ .3‬استراتيجياتُ منهجِ الصِّراعِ‪:‬‬
‫ع‪T‬لى ال‪T‬رغ‪T‬مِ مِ‪T‬ن أنّ ج‪T‬ميعَ م‪T‬ن مي‪T‬ارسُ اس‪T‬ترات‪T‬يجياتِ ال‪T‬صراعِ ف‪T‬ي م‪T‬فاوض‪T‬اتِ‪T‬هم؛ س‪T‬واءٌ‬
‫ع‪T‬لى املس‪T‬تَوي‪T‬نِ )ال‪T‬فرديِّ ل‪T‬ألش‪T‬خاصِ‪ ،‬أو اجلَ‪T‬ماع‪T‬يِّ(‪ ،‬وت‪T‬بنِّيهِم ل‪T‬ها واع‪T‬تمادِه‪T‬م ع‪T‬ليها؛‬
‫إالّ أنّ‪T‬هم ميُ‪T‬ارسُ‪T‬ونَ‪T‬ها دائ‪T‬ماً سِ‪T‬رّاً وف‪T‬ي اخل‪T‬فاءِ؛ ب‪T‬ل إنّ‪T‬هم ف‪T‬ي مم‪T‬ارس‪T‬تِهم ل‪T‬لتفاوضِ مب‪T‬نهجِ‬
‫ال‪TT‬صراعِ يُ‪TT‬علنُونَ أن‪TT‬هم ي‪TT‬رغ‪TT‬بونَ ف‪TT‬ي ت‪TT‬عميقِ امل‪TT‬صالِ‪TT‬ح املش‪TT‬ترك‪TT‬ة؛ إذ أنّ ج‪TT‬زءً ك‪TT‬بيراً مِ‪TT‬ن‬
‫مكوُّناتِ هذه االستراتيجياتِ يعتمدُ على اخلداعِ والتمويهِ‪.‬‬
‫اإلستراتيجيةُ األُولى‪ :‬إستراتيجيةُ )اإلنهاكِ(‪:‬‬
‫وتقومُ هذه اإلستراتيجيةُ على اآلتي‪:‬‬
‫‪ .۱‬اس‪P‬تنزافِ وق‪P‬تِ ال‪P‬طرفِ اآلخَ‪P‬ر‪ :‬وي‪T‬تمُّ ذل‪T‬ك ع‪T‬ن ط‪T‬ري‪T‬قِ ت‪T‬طوي‪T‬لِ ف‪T‬ترةِ ال‪T‬تفاوضِ؛‬
‫لِتسْ‪T‬تَغْرِقَ أط‪T‬ولَ وق‪T‬تٍ مم‪T‬كنٍ دون أن تَ‪T‬صِلَ امل‪T‬فاوض‪T‬اتُ إالّ إل‪T‬ى ن‪T‬تائ‪T‬جَ مح‪T‬دودةٍ ال ق‪T‬يمةَ‬
‫لها‪ .‬ومِن األساليبِ املستخدَمةِ لتحقيقِ ذلك‪:‬‬
‫* ال‪T‬تفاوضُ ح‪T‬ولَ م‪T‬بدأِ ال‪T‬تفاوضِ ذاتِ‪T‬ه‪ ،‬وم‪T‬دى إم‪T‬كانِ اس‪T‬تخدامِ‪T‬ه واس‪T‬تعدادِ ال‪T‬طرفِ‬
‫اآلخَر للتعاملِ بهِ‪ ،‬ومدى إمكانِ تنفيذِه لتعهُّداتِه التي ميُكِنُ الوصولُ إليها‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٤٧‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫* ال‪TT‬تفاوضُ ف‪TT‬ي ج‪TT‬ول ‪T‬ةٍ أو ج‪TT‬والتٍ أُخ‪TT‬رى ح‪TT‬ولَ ال‪TT‬توق‪TT‬يتِ وامل‪TT‬يعادِ امل‪TT‬ناس ‪T‬بِ ل‪TT‬لقيامِ‬
‫باجلوالتِ التفاوضيةِ التي متَّ االتفاقُ‪ ،‬أو االتفاقُ جارٍ عليها‪.‬‬
‫* ال‪T‬تفاوضُ ف‪T‬ي ج‪T‬ول‪T‬ةٍ أو ج‪T‬والتٍ ج‪T‬دي‪T‬دةٍ ح‪T‬ولَ م‪T‬كانِ ال‪T‬تفاوضِ‪ ،‬أو أم‪T‬اك‪T‬نِ ال‪T‬تفاوضِ‬
‫احملتملَة واألماكنِ البديلةِ‪.‬‬
‫* التفاوضُ في جوالتٍ جديدةٍ حولَ املوضوعاتِ التي سوفَ يتمُّ التفاوضُ عليها‪.‬‬
‫* ال‪T‬تفاوضُ ح‪T‬ولَ ك‪T‬لِّ م‪T‬وض‪T‬وعٍ م‪T‬ن امل‪T‬وض‪T‬وع‪T‬اتِ ال‪T‬تي حُ‪T‬دِّدتْ ل‪T‬ها أول‪T‬وي‪T‬اتٌ‪ ،‬وف‪T‬ي ض‪T‬وءِ‬
‫ك‪T‬لِّ م‪T‬وض‪T‬وعٍ م‪T‬ن امل‪T‬وض‪T‬وع‪T‬اتِ ال‪T‬تي ميُ‪T‬كِنُ تقس‪T‬يمُه إل‪T‬ى ع‪T‬ناص‪T‬رَ وأف‪T‬رعٍ م‪T‬تفرِّع‪T‬ةٍ ي‪T‬تمُّ ك‪T‬لٌّ‬
‫منها في جلسةٍ أو أكثرَ من جلساتِ التفاوضِ‪.‬‬
‫‪ .۲‬استنزافِ جهدِ الطرفِ اآلخَر إلى أشدِّ درجةٍ ممكنةٍ‪:‬‬
‫وي‪T‬تمُّ ذل‪T‬ك ع‪T‬ن ط‪T‬ري‪T‬قِ ت‪T‬كثيفِ وحَ‪T‬فْزِ ط‪T‬اق‪T‬اتِ‪T‬ه‪ ،‬واس‪T‬تنفارِ خِ‪T‬براتِ‪T‬ه وت‪T‬خصصاتِ ك‪T‬افّ‪T‬ةً‪،‬‬
‫وشغلهِم بعناصرِ القضيةِ التفاوضيةِ الشكليةِ التي ال قيمةَ لها عن طريقِ‪:‬‬
‫* إث‪TT‬ارةِ ال ‪T‬عَقباتِ ال‪TT‬قان‪TT‬ون‪TT‬يةِ امل‪TT‬فتعلَةِ ح‪TT‬ولَ ك ‪T‬لِّ عُ‪TT‬نصرٍ م‪TT‬ن ع‪TT‬ناص ‪T‬رِ ال‪TT‬قضيةِ امل‪TT‬تفاوَضِ‬
‫ع‪T‬ليها‪ ،‬وح‪T‬ولَ م‪T‬سمَّياتِ ك‪T‬لِّ م‪T‬وض‪T‬وعٍ‪ ،‬وال‪T‬تعبيراتِ‪ ،‬واجلُ‪T‬مل‪ ،‬وال‪T‬كلماتِ واألل‪T‬فاظِ‬
‫التي تُصاغُ بها العباراتُ‪.‬‬
‫* وض ‪T‬عِ ب‪TT‬رن‪TT‬ام ‪T‬جٍ ح‪TT‬اف ‪T‬لٍ ل‪TT‬الس‪TT‬تقباالتِ‪ ،‬واحل‪TT‬فالتِ‪ ،‬وامل‪TT‬ؤمت‪TT‬راتِ ال‪TT‬صحفيةِ‪ ،‬وح‪TT‬فالتِ‬
‫التعارُفِ وزيارةِ األماكنِ التاريخيةِ‪.‬‬
‫* زي ‪TT‬ادةِ االه ‪TT‬تمامِ ب ‪TT‬ال ‪TT‬نواح ‪TT‬ي ال ‪TT‬فنيةِ ك ‪TT‬ثيرةِ ال ‪TT‬تشعُّبِ؛ ك ‪TT‬ال ‪TT‬نواح ‪TT‬ي)ال ‪TT‬هندس ‪TT‬يةِ‪،‬‬
‫واجل‪T‬غراف‪T‬يةِ‪ ،‬وال‪T‬تجاري‪T‬ةِ‪ ،‬واالق‪T‬تصادي‪T‬ةِ‪ ،‬وال‪T‬بيئيةِ‪ ،‬وال‪T‬عسكري‪T‬ةِ‪(..‬إل‪T‬خ‪ ،‬وإرج‪T‬اءِ ال‪T‬بتِّ‬
‫ف‪T‬يها إل‪T‬ى ح‪T‬نيِ وُص‪T‬ولِ رأي اخلُ‪T‬براءِ وال‪T‬فنِّينيَ ال‪T‬ذي‪T‬ن س‪T‬يتمُّ م‪T‬خاط‪T‬بتُهم واس‪T‬تشاراتُ‪T‬هم ف‪T‬يها‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٤٨‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫‪ ،‬ومِ‪TT‬ن ثَ ‪T‬مَّ تنته‪TT‬ي ج‪TT‬لساتُ ال‪TT‬تفاوضِ دونَ ن‪TT‬تيجةٍ ح‪TT‬اس‪TT‬مةٍ؛ ب‪TT‬ل وهُ‪TT‬ناكَ أم‪TT‬ورٌ ك‪TT‬ثيرةٌ‬
‫م‪T‬علَّقَةٌ ل‪T‬م يُ‪T‬بَتَّ ف‪T‬يها وه‪T‬ي أم‪T‬ورٌ ش‪T‬كليةٌ ف‪T‬ي أغ‪T‬لبِ األح‪T‬يانِ وت‪T‬رت‪T‬بطُ ب‪T‬ها وتُ‪T‬علَّقُ ع‪T‬ليها‬
‫األمورُ اجلوهريةُ األُخرى؛ بل والشكليةُ األُخرى أحياناً‪.‬‬
‫‪ .۳‬استنزافِ أموالِ الطرفِ اآلخَر‪:‬‬
‫وذل‪T‬ك ع‪T‬ن ط‪T‬ري‪T‬قِ زي‪T‬ادةِ م‪T‬عدَّالتِ إن‪T‬فاقِ‪T‬ه وت‪T‬كال‪T‬يفِ إق‪T‬ام‪T‬تِه‪ ،‬وأت‪T‬عابِ مُس‪T‬تشاريِ‪T‬ه طَ‪T‬والَ‬
‫ال‪T‬عمليةِ ال‪T‬تفاوض‪T‬يةِ؛ ف‪T‬ضالً ع‪T‬مّا مي‪T‬ثِّلُه ذل‪T‬ك م‪T‬ن ت‪T‬ضييعِ س‪T‬ائ‪T‬رِ ال‪T‬فُرَصِ امل‪T‬ال‪T‬يةِ واالق‪T‬تصادي‪T‬ةِ‬
‫ال‪T‬بدي‪T‬لةِ‪ ،‬ال‪T‬تي ك‪T‬ان ميُ‪T‬كِنُ ل‪T‬ه أن ي‪T‬حصلَ ع‪T‬ليها ل‪T‬و ل‪T‬م يج‪T‬لسْ م‪T‬عنا إل‪T‬ى م‪T‬ائ‪T‬دةِ ال‪T‬تفاوضِ‬
‫وينشغلْ بها‪.1‬‬
‫اإلستراتيجيةُ الثانيةُ‪ :‬إستراتيجيةُ التشتيتِ )التفتِيتِ(‪:‬‬
‫وه‪TT‬ي مِ‪TT‬ن أه ‪T‬مِّ اس‪TT‬ترات‪TT‬يجياتِ م‪TT‬نهجِ ال‪TT‬صراعِ ال‪TT‬تفاوض ‪T‬يِّ؛ ح‪TT‬يث ت‪TT‬عتمدُ األط‪TT‬رافُ‬
‫امل‪TT‬تصارع ‪T‬ةُ ع‪TT‬ليها ب‪TT‬شكلٍ ك‪TT‬بيرٍ إذا م‪TT‬ا ج‪TT‬لستْ إل‪TT‬ى م‪TT‬ائ‪TT‬دةِ ال‪TT‬تفاوضِ‪ .‬وت‪TT‬قومُ ه‪TT‬ذه‬
‫اإلس‪T‬ترات‪T‬يجيةُ ع‪T‬لى ف‪T‬حصِ وت‪T‬شخيصِ وحت‪T‬دي‪T‬دِ أه‪T‬مِّ ن‪T‬قاطِ ال‪T‬ضَّعفِ وال‪T‬قوَّةِ ف‪T‬ي ف‪T‬ري‪T‬قِ‬
‫ال‪TT‬تفاوضِ ال‪TT‬ذي أوف ‪T‬دَه ال‪TT‬طرفُ اآلخ ‪T‬رُ ل‪TT‬لتفاوضِ‪ ،‬وحت‪TT‬دي ‪T‬دِ ان‪TT‬تماءاتِ‪TT‬هم وع‪TT‬قائ ‪T‬دِه‪TT‬م‬
‫ومستواهُم )العلميِّ‪ ،‬والفنِّيِّ(‪.‬‬
‫وب‪T‬ناءً ع‪T‬لى ه‪T‬ذه اخل‪T‬صائ‪T‬صِ ي‪T‬تمُّ رس‪T‬مُ س‪T‬ياس‪T‬ةٍ م‪T‬اك‪T‬رةٍ ل‪T‬تفتيتِ وح‪T‬دةِ وت‪T‬كام‪T‬لِ ف‪T‬ري‪T‬قِ‬
‫ال‪TT‬تفاوضِ ال‪TT‬ذي أوف ‪T‬دَه ال‪TT‬طرفُ اآلخَ‪TT‬ر ل‪TT‬لتفاوضِ‪ ،‬وال‪TT‬قضاءِ ع‪TT‬لى وح ‪T‬دَتِ‪TT‬ه وائ‪TT‬تالفِ‪TT‬ه‬
‫ومت‪T‬اسُ‪T‬كِه وع‪T‬لى االح‪T‬ترامِ؛ ل‪T‬يصبح ف‪T‬ري‪T‬قاً م‪T‬فتَّتاً م‪T‬تعارِض‪T‬اً ت‪T‬دبُّ ب‪T‬ني أع‪T‬ضائِ‪T‬ه اخل‪T‬الف‪T‬اتُ‬
‫والصراعاتُ‪ ،‬ومِن ثَمَّ يصبحُ جهدُهم غيرَ منسجمٍ‪.‬‬
‫‪ 1‬ﻣﺤﻤﻮد ﻋﻠﻲ ود ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻮض اﻟﮭﺰاﯾﻤﺔ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٢٠‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٤٩‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اإلستراتيجيةُ الثالثةُ‪ :‬إستراتيجيةُ إحكامِ السيطرةِ )اإلخْضاعِ(‪:‬‬
‫ت‪T‬عتمدُ ال‪T‬عمليةُ ال‪T‬تفاوض‪T‬يةُ وف‪T‬قاً مل‪T‬نهجِ ال‪T‬صراعِ م‪T‬عرك‪T‬ةً ش‪T‬رس‪T‬ةً‪ ،‬أو م‪T‬باراةً ذِه‪T‬نيَّة ذك‪T‬يَّةً‬
‫بنيَ طرفنيِ؛‬
‫ل‪P‬ذا ت‪P‬قومُ ه‪P‬ذه اإلس‪P‬ترات‪P‬يجيةُ ع‪P‬لى حَش‪P‬دِ اإلم‪P‬كان‪P‬اتِ ك‪P‬افّ‪P‬ةً ال‪P‬تي ت‪P‬كفلُ الس‪P‬يطرةَ‬
‫الكاملةَ على جلساتِ التفاوض عن طريق‪:‬‬
‫* ال‪T‬قُدرةِ ع‪T‬لى ال‪T‬تنوي‪T‬عِ‪ ،‬وال‪T‬تشكيلِ‪ ،‬وال‪T‬تعدي‪T‬لِ‪ ،‬وال‪T‬تبدي‪T‬لِ ل‪T‬لمبادَراتِ ال‪T‬تفاوض‪T‬يةِ ال‪T‬تي‬
‫ي‪T‬تمُّ ع‪T‬رضُ‪T‬ها ع‪T‬لى م‪T‬ائ‪T‬دةِ امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ؛ ب‪T‬حيث ي‪T‬كونُ ل‪T‬نا س‪T‬بْقُ ال‪T‬تعام‪T‬لِ م‪T‬ع ال‪T‬طرفِ اآلخَ‪T‬ر‪،‬‬
‫وس‪T‬بقُ ال‪T‬بَدءِ ف‪T‬ي احل‪T‬رك‪T‬ةِ ف‪T‬ضالً ع‪T‬ن إج‪T‬بارِ ال‪T‬طرفِ اآلخَ‪T‬ر ع‪T‬لى أن ي‪T‬تعام‪T‬لَ م‪T‬ع مُ‪T‬بادَرةٍ م‪T‬ن‬
‫صُ‪T‬نعِنا نَ‪T‬عرِفُ ك‪T‬لَّ ش‪T‬يءٍ ع‪T‬نها‪ ،‬ومِ‪T‬ن ثَ‪T‬مَّ ف‪T‬إنّ ع‪T‬ليه أنْ يس‪T‬يرَ وف‪T‬قاً ل‪T‬لطري‪T‬قِ ال‪T‬ذي رس‪T‬مْناه‬
‫له؛ والذي يُسهِّلُ علينا السيطرةَ عليهِ فيه‪.‬‬
‫* ال‪T‬قُدرةِ ع‪T‬لى احل‪T‬رك‪T‬ةِ الس‪T‬ري‪T‬عةِ‪ ،‬واالس‪T‬تجاب‪T‬ةِ ال‪T‬تلقائ‪T‬يةِ وال‪T‬فوري‪T‬ةِ‪ ،‬واالس‪T‬تعدادِ ال‪T‬دائ‪T‬مِ‬
‫ل‪T‬لتفاوضِ فَ‪T‬ورَ ق‪T‬يامِ ال‪T‬طرفِ اآلخَ‪T‬ر ب‪T‬إب‪T‬داءِ رَغ‪T‬بتِه ف‪T‬ي ذل‪T‬ك؛ ل‪T‬تفوي‪T‬تِ ال‪T‬فرص‪T‬ةِ ع‪T‬ليه ف‪T‬ي‬
‫أخذِ زمامِ املبادَرةِ والسيطرةِ على عمليةِ التفاوضِ مِن أوَّلِها إلى آخرِها‪.‬‬
‫* احلِ‪TT‬رصِ ع‪TT‬لى إب‪TT‬قاءِ ال‪TT‬طرفِ اآلخَ‪TT‬ر ف‪TT‬ي م‪TT‬رك ‪T‬زِ ال‪TT‬تاب ‪T‬عِ؛ وال‪TT‬ذي ع‪TT‬ليه أن ي‪TT‬قبَعَ س‪TT‬اكِ‪TT‬ناً‬
‫مُ‪T‬نتظِراً ل‪T‬إلش‪T‬ارةِ ال‪T‬تي نُ‪T‬عطيها ل‪T‬ه‪ ،‬أو أن ت‪T‬كونَ ح‪T‬رك‪T‬تُه ف‪T‬ي ن‪T‬طاقِ اإلط‪T‬ارِ ال‪T‬ذي متَّ وض‪T‬عُه‬
‫ليُحِيطَه‪.‬‬
‫اإلستراتيجيةُ الرابعةُ‪ :‬إستراتيجيةُ الدحرِ )الغزْوُ املُنظَّمُ(‪:‬‬
‫ه‪T‬ي إس‪T‬ترات‪T‬يجيةٌ ي‪T‬تمُّ اس‪T‬تخدامُ‪T‬ها بِ‪T‬غَضِّ ال‪T‬نظرِ ع‪T‬ن نُ‪T‬درةِ‪ ،‬أو ق‪T‬لَّةِ امل‪T‬علوم‪T‬اتِ ع‪T‬ن ال‪T‬طرفِ‬
‫اآلخَر الذي يتمُّ معَه الصراعُ التفاوضيُّ‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٥٠‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫وف‪T‬قاً له‪T‬ذه اإلس‪T‬ترات‪T‬يجيةِ ي‪T‬تمُّ اس‪T‬تخدامُ ال‪T‬تفاوضِ ال‪T‬تدري‪T‬جيِّ "خُ‪T‬طوةً خُ‪T‬طوةً"؛ ل‪T‬يصبحَ‬
‫ع‪T‬مليةَ غ‪T‬زوٍ م‪T‬نظَّمٍ ل‪T‬لطرفِ اآلخَ‪T‬ر؛ ح‪T‬يث ت‪T‬بدأُ ال‪T‬عمليةُ ب‪T‬اخ‪T‬تراقِ ح‪T‬اج‪T‬زِ ال‪T‬صمتِ‪ ،‬أو‬
‫نُ‪TT‬درةِ امل‪TT‬علوم‪TT‬اتِ بتج‪TT‬ميعِ ال‪TT‬بيان‪TT‬اتِ ك‪TT‬افّ ‪T‬ةً وامل‪TT‬علوم‪TT‬اتِ امل‪TT‬مكنةِ م‪TT‬ن خ‪TT‬اللِ ال‪TT‬تفاوضِ‬
‫التمه‪T‬يديِّ م‪T‬ع ه‪T‬ذا ال‪T‬طرفِ؛ ومِ‪T‬ن ث‪T‬مَّ م‪T‬عرف‪T‬ةِ أه‪T‬مِّ اجمل‪T‬االتِ ال‪T‬تي مي‪T‬تلكُ ف‪T‬يها امل‪T‬يزاتِ‪،‬‬
‫وال‪TT‬تفاوضِ م‪TT‬عه ف‪TT‬ي م‪TT‬جاالتٍ أُخ‪TT‬رى تس‪TT‬تغرقُ وتس‪TT‬تنزِفُ قُ‪TT‬دراتِ‪TT‬ه وإم‪TT‬كان‪TT‬اتِ‪TT‬ه‪ ،‬وف‪TT‬ي‬
‫الوقتِ نفسِه جعلِه ينحسرُ تدريجيَّاً‪.‬‬
‫اإلستراتيجيةُ اخلامسةُ‪ :‬إستراتيجيةُ التدميرِ الذاتيِّ )االنتحارُ(‪:‬‬
‫إنَّ ل ‪TT‬كلِّ ط ‪TT‬رفٍ م ‪TT‬ن أط ‪TT‬رافِ ال ‪TT‬تفاوضِ )أه ‪TT‬دافٌ‪ ،‬وآم ‪TT‬الٌ‪ ،‬وأح ‪TT‬المٌ‪ ،‬وت ‪TT‬طلُّعاتٌ(‪،‬‬
‫وت‪T‬واجِ‪T‬هُها ج‪T‬ميعاً مُح‪T‬دِّداتٌ‪ ،‬وعَ‪T‬قباتٌ‪ ،‬وم‪T‬شاك‪T‬لُ‪ ،‬وصِ‪T‬عابٌ‪ ،‬ق‪T‬د ي‪T‬صرفُ ال‪T‬نظرَ ع‪T‬ن‬
‫حت‪T‬قيقِها‪ ،‬أو ي‪T‬بحثُ ع‪T‬ن وس‪T‬ائ‪T‬لَ ج‪T‬دي‪T‬دةٍ متُ‪T‬كِّنُه م‪T‬ن ال‪T‬وص‪T‬ولِ إل‪T‬يها؛ وي‪T‬عني ذل‪T‬ك ال‪T‬يأسَ‬
‫م‪T‬ن حت‪T‬قيقِ األه‪T‬دافِ‪ ،‬أو اإلص‪T‬رارَ ع‪T‬لى حت‪T‬قيقِها‪ ،‬ومَ‪T‬ن يس‪T‬تخدمُ ال‪T‬بدي‪T‬لَ ال‪T‬ثان‪T‬ي ص‪T‬اح‪T‬بُ‬
‫ع‪TT‬زمي ‪T‬ةٍ‪ ،‬وتُس‪TT‬تخدَمُ م‪TT‬عه وس‪TT‬ائ ‪T‬لُ وأس‪TT‬ال‪TT‬يبُ ال‪TT‬تفاوضِ ال‪TT‬ذك ‪T‬يِّ ك‪TT‬أداةٍ ل‪TT‬تدم‪TT‬يرهِ ذات ‪T‬يَّاً؛‬
‫ب‪T‬إف‪T‬قادِه مُ‪T‬ؤيِّ‪T‬ديِ‪T‬ه‪ ،‬وحت‪T‬وي‪T‬لِ أص‪T‬دق‪T‬ائِ‪T‬ه إل‪T‬ى أع‪T‬داءَ‪ ،‬ول‪T‬تحوي‪T‬لِ م‪T‬صادرِ ال‪T‬قوَّةِ ال‪T‬تي ل‪T‬دي‪T‬ه إل‪T‬ى‬
‫ضَعفٍ‪.‬‬
‫وق‪T‬د اس‪T‬تخدَم‪T‬ت "م‪T‬ارغ‪T‬ري‪T‬ت ت‪T‬اتش‪T‬ر" رئ‪T‬يسةُ وزراءِ ب‪T‬ري‪T‬طان‪T‬يا ‪ 1‬ه‪T‬ذه اإلس‪T‬ترات‪T‬يجيةَ م‪T‬ع‬
‫رئ‪T‬يسِ ن‪T‬قاب‪T‬اتِ ال‪T‬عُمَّالِ ال‪T‬بري‪T‬طان‪T‬يةِ ح‪T‬ني ج‪T‬مَّدَت أرص‪T‬دةَ ال‪T‬نقاب‪T‬ةِ‪ ،‬وع‪T‬ملَتْ ع‪T‬لى إج‪T‬بارِ‬
‫‪" 1‬ﻣﺎرﻏﺮﯾﺖ ﺗﺎﺗﺸﺮ" رﺋﯿﺴﺔ وزراء ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺎ ﻣﺎرﺟﺮﯾﺖ ﺗﺎﺗﺸﺮ )ﺑﺎﻹﻧﺠﻠﯿﺰﯾﺔ)‪: Margaret Thatcher‬‬
‫وﻟﺪت ﺑﺎﺳﻢ ﻣﺎرﺟﺮﯾﺖ ھﯿﻠﺪا روﺑﺮﺗﺲ ‪ Margaret Hilda Roberts‬ﻓﻲ ‪ ١٣‬أﻛﺘﻮﺑﺮ ‪ ١٩٢٥‬م وﺗﻮﻓﯿﺖ‬
‫ﻓﻲ ‪ ٨‬إﺑﺮﯾﻞ ‪٢٠١٣‬م‪ .‬رﺋﯿﺲ وزراء ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺎ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ ‪ ١٩٧٩‬إﻟﻰ ‪١٩٩٠‬م‪ .‬وﺑﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ أوّل اﻣﺮأ ٍة‬
‫اﻟﻤﻨﺼﺐ‪ ،‬وﻣ ّﺪةُ ﺣﻜ ِﻤﮭﺎ ھﻲ اﻷطﻮل ﻣﻨﺬ ﻋﮭ ِﺪ روﺑﺮت ﺟﻨﻜﻨﺴﻮن )اﻟﺬي اﻧﺘﮭﻰ ﻋﮭﺪه ﻋﺎم‬
‫ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿ ٍﺔ ﺗﺘﺴﻠﱠ ُﻢ ھﺬا‬
‫َ‬
‫ب اﻟ ُﻤﺤﺎﻓِﻈﯿﻦ ﺳﻨﺔ ‪١٩٧٥‬م‪ ،‬وأﺻﺒﺤﺖ رﺋﯿﺴﺎ ً ﻟﻠﻮزراء ﺑﻌﺪ أن ھَﺰم‬
‫‪١٨٢٧‬م(‪ .‬اﺧﺘﯿﺮت ﺗﺎﺗﺸﺮ رﺋﯿﺴﺔً ﻟﺤﺰ ِ‬
‫ﺣﺰﺑُﮭﺎ‬
‫ت اﻟﻌﺎ ﱠﻣ ِﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﺮت ﺳﻨﺔ ‪١٩٧٩‬م‪ .‬ﻟُﻘﱢﺒَﺖ ب"اﻟﻤﺮأ ِة اﻟﺤﺪﯾﺪﯾﺔ"‪.‬‬
‫َ‬
‫ﺣﺰب اﻟﻌ ﱠﻤﺎل ﻓﻲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎ ِ‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٥١‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ال‪TT‬عمَّالِ ع‪TT‬لى ال‪TT‬عودةِ إل‪TT‬ى ال‪TT‬عملِ مُ‪TT‬ذعِ‪TT‬ننيَ‪ ،‬وع‪TT‬ندم‪TT‬ا ط‪TT‬لبَ رئ‪TT‬يسُ ال‪TT‬نقاب ‪T‬ةِ م‪TT‬ساع‪TT‬داتٍ‬
‫خ‪T‬ارج‪T‬يةً ظه‪T‬رَ ب‪T‬عدمِ ال‪T‬والءِ ل‪T‬لنظامِ احل‪T‬اك‪T‬مِ‪ ،‬وأض‪T‬فى ذل‪T‬ك ش‪T‬عبيةً ع‪T‬لى ق‪T‬راراتِ رئ‪T‬يسةِ‬
‫الوزراءِ‪.1‬‬
‫‪1‬ﺑﺎر ﺑﺎرا أﻧﺪرﺳﻮن اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٦٥‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٥٢‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﻤَﺒﺤﺚُ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬
‫ﺗﻜﺘﻴﻜﺎتُ ﻣﺎﺋﺪةِ اﻟﺘﻔﺎوُضِ‬
‫ال يُ‪TT‬وجَ ‪T‬دُ ف‪TT‬ي ب‪TT‬عضِ األح‪TT‬يانِ سِ‪TT‬وى خ‪TT‬يطٍ رف‪TT‬يعٍ‪ ،‬ه‪TT‬و ال‪TT‬ذي ي‪TT‬فصلُ ب‪TT‬ني ت‪TT‬كتيكاتِ‬
‫التفاوضِ‪ ،‬وبنيَ األفعالِ التي يُصدِرُها الشخصُ املفاوضُ‪.‬‬
‫إنّ ه‪T‬دفَ ت‪T‬كتيكاتِ ال‪T‬تفاوضِ ج‪T‬يمعِها أن تُ‪T‬بقِيَ امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ ع‪T‬لى م‪T‬سارِه‪T‬ا الس‪T‬ليمِ‪،‬‬
‫وت‪T‬واص‪T‬لَ املس‪T‬يرةِ ب‪T‬أس‪T‬لوبٍ م‪T‬نظَّمٍ ن‪T‬حوَ اإلجن‪T‬ازاتِ ال‪T‬تفاوض‪T‬يةِ‪ ،‬وق‪T‬د ي‪T‬تطلَّبُ األم‪T‬رُ قَ‪T‬دْراً‬
‫مِ‪T‬ن ال‪T‬دب‪T‬لوم‪T‬اس‪T‬يةِ ف‪T‬ي م‪T‬واجَ‪T‬هةِ اخل‪T‬صمِ ال‪T‬تفاوض‪T‬يِّ مِ‪T‬ن ج‪T‬هةٍ‪ ،‬وامل‪T‬هارةِ ف‪T‬ي عَ‪T‬رْضِ امل‪T‬وق‪T‬فِ‬
‫التفاوضيِّ من جهةٍ أُخرى‪.‬‬
‫وسيَعرِضُ الباحثُ بعضَ التكتيكاتِ على مائدةِ التفاوضِ‪:‬‬
‫التكتيكُ األوَّلُ‪ :‬تقيمُ نُفوذِ املفاوضِ اآلخَر‪:‬‬
‫وه‪T‬و حت‪T‬دي‪T‬دُ الس‪T‬لطةِ ال‪T‬تفاوض‪T‬يةِ ال‪T‬تي ي‪T‬تمتَّعُ ب‪T‬ها اخل‪T‬صمُ‪ ،‬ب‪T‬اإلض‪T‬اف‪T‬ةِ إل‪T‬ى حت‪T‬دي‪T‬دِ ص‪T‬انِ‪T‬عي‬
‫ال‪T‬قرارِ مِ‪T‬ن وراءِ السِّ‪T‬تارِ‪ ،‬وي‪T‬تمتَّعُ ه‪T‬ذا األم‪T‬رُ ب‪T‬أه‪T‬ميةٍ مس‪T‬تدمي‪T‬ةٍ؛ ح‪T‬يث أنّ‪T‬كَ إذا ل‪T‬م ت‪T‬كنْ‬
‫ت‪TT‬عرفُ أي ‪T‬نَ ت‪TT‬كمنُ س‪TT‬لطةُ امل‪TT‬واف‪TT‬قةِ ع‪TT‬لى أيِّ ات‪TT‬فاقٍ ف‪TT‬إنّ ‪T‬كَ ق‪TT‬د ال حتُ ‪T‬قِّقُ ش‪TT‬يئاً سِ‪TT‬وى‬
‫ال‪T‬دخ‪T‬ولِ ف‪T‬ي دائ‪T‬رةٍ مُ‪T‬فرَغ‪T‬ةٍ‪ ،‬وإنّ ال‪T‬شخصَ ال‪T‬ذي ت‪T‬تفاوضُ م‪T‬عهُ ق‪T‬د ال ي‪T‬كونُ ص‪T‬اح‪T‬بَ‬
‫الس‪T‬لطةِ ال‪T‬نهائ‪T‬يةِ ف‪T‬ي امل‪T‬واف‪T‬قةِ ع‪T‬لى االت‪T‬فاقِ‪ ،‬وه‪T‬ذا ه‪T‬و امل‪T‬وق‪T‬فُ ال‪T‬شائ‪T‬عُ؛ ول‪T‬كنْ ح‪T‬تّى إذا‬
‫ك‪T‬ان امل‪T‬فاوض‪T‬ونَ ال ي‪T‬تمتَّعُونَ ب‪T‬الس‪T‬لطةِ ال‪T‬الزم‪T‬ةِ ف‪T‬إنّ م‪T‬دى ت‪T‬أث‪T‬يرهِ‪T‬م ع‪T‬لى أص‪T‬حابِ س‪T‬لطةِ‬
‫)القَبولِ‪ ،‬أو الرَّفضِ( أليِّ اتفاقٍ يُعَدُّ مهمَّاً وذا مغزىً؛‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٥٣‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ول‪T‬ذا إذا ك‪T‬ان ع‪T‬ليكَ أن تُ‪T‬قنِعَ امل‪T‬فاوضَ اآلخ‪T‬رَ مب‪T‬زاي‪T‬ا عَ‪T‬رضِ‪T‬كَ؛ ف‪T‬إنّ ه‪T‬ذا ي‪T‬وصِ‪T‬لُكَ إل‪T‬ى‬
‫م‪TT‬نتَصفِ ال‪TT‬طري ‪T‬قِ؛ وع‪TT‬ندئ ‪T‬ذٍ ع‪TT‬ليك أن ت‪TT‬عتمدَ ع‪TT‬لى ب‪TT‬راع ‪T‬ةِ امل‪TT‬فاوضِ اآلخَ‪TT‬ر ف‪TT‬ي إق‪TT‬ناعِ‬
‫رؤسائِه باالتفاقِ‪.‬‬
‫وي‪T‬جبُ ع‪T‬ليكَ ك‪T‬ذل‪T‬كَ أن حتُ‪T‬دِّدَ ق‪T‬بلَ بَ‪T‬دءِ امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ إذا ك‪T‬ان امل‪T‬فاوضُ ي‪T‬تمتّعُ ب‪T‬الس‪T‬لطةِ‬
‫ال‪T‬كاف‪T‬يةِ الت‪T‬خاذِ ال‪T‬قرارِ ال‪T‬نهائ‪T‬يِّ‪ ،‬وإذا ل‪T‬م ي‪T‬كُنْ ي‪T‬تمتَّعُ به‪T‬ذه الس‪T‬لطةِ ف‪T‬ينبغي أن حتُ‪T‬دِّدَ‬
‫ص‪T‬اح‪T‬بَ ال‪T‬كلمةِ األخ‪T‬يرة؛ إذ ال بُ‪T‬دَّ مِ‪T‬ن إج‪T‬راءِ م‪T‬راج‪T‬عاتٍ ع‪T‬لى مس‪T‬توىً أع‪T‬لى‪ ،‬ويُ‪T‬عتبرُ‬
‫ه‪T‬ذا اإلج‪T‬راءُ وِق‪T‬ائ‪T‬يَّاً وج‪T‬يِّدًا ضِ‪T‬دَّ اس‪T‬تخدامِ الس‪T‬لطةِ األع‪T‬لى مبُِج‪T‬رَّدِ ح‪T‬يلةٍ ل‪T‬لحصولِ ع‪T‬لى‬
‫مزيدٍ من التنازالتِ بعد اعتقادِ التوصُّلِ إلى اتفاقٍ‪.1‬‬
‫ف‪T‬إذا م‪T‬ا ك‪T‬انَ ال‪T‬طرفُ اآلخَ‪T‬رُ ي‪T‬لعبُ ل‪T‬عبةَ م‪T‬واف‪T‬قةِ اجل‪T‬هاتِ األع‪T‬لى؛ ف‪T‬مِن م‪T‬صلحَتِكَ أن‬
‫تكونَ في مركزٍ يُتيحُ لك إبطالَ هذه احليلةِ‪.‬‬
‫ف‪T‬منذُ ال‪T‬بداي‪T‬ةِ ت‪T‬طلبُ م‪T‬شارك‪T‬ةَ ف‪T‬ردٍ ي‪T‬تمتَّعُ بس‪T‬لطةِ ات‪T‬خاذِ ال‪T‬قرارِ؛ ول‪T‬كنَّ ه‪T‬ذا امل‪T‬وض‪T‬وعَ ل‪T‬ه‬
‫ح‪T‬ساس‪T‬يَّتُهُ؛ ح‪T‬يث ال يُ‪T‬عَدُّ مِ‪T‬ن م‪T‬صلحتكَ‪ .‬وت‪T‬بدو ك‪T‬ما ل‪T‬و كُ‪T‬نتَ متُ‪T‬لي ع‪T‬لى ال‪T‬طرفِ‬
‫اآلخَ‪T‬ر م‪T‬ا ي‪T‬جبُ ع‪T‬ليه ال‪T‬قيامُ ب‪T‬ه‪ ،‬وي‪T‬جبُ ال‪T‬تأكُّ‪T‬دُ مِ‪T‬ن ال‪T‬تمتُّعِ ب‪T‬ال‪T‬دب‪T‬لوم‪T‬اس‪T‬يةِ ق‪T‬بلَ ف‪T‬تحِ ه‪T‬ذا‬
‫املوضوعِ‪.‬‬
‫وإنّ م‪T‬حاول‪T‬ةَ اس‪T‬تخدامِ ت‪T‬صدي‪T‬قِ اجل‪T‬هاتِ ال‪T‬عُليا ك‪T‬حِيلةٍ ل‪T‬دَفْ‪T‬عِكَ إل‪T‬ى ت‪T‬قدميِ امل‪T‬زي‪T‬دِ مِ‪T‬ن‬
‫ال‪T‬تنازالتِ؛ ألنّ اخل‪T‬صمَ س‪T‬يُحاوِلُ ع‪T‬لى األرج‪T‬حِ أن ي‪T‬نتزعَ م‪T‬نكَ م‪T‬زي‪T‬داً م‪T‬ن ال‪T‬تنازالتِ‬
‫عن طريقِ استغاللِ حقِّ الرفضِ الذي يتمتَّعُ به صاحبُ سلطةِ اتخاذِ القرارِ‪.‬‬
‫‪ .۱‬تكتيكُ جتنُّبِ النقدِ الشخصيِّ‪:‬‬
‫‪ 1‬ﺟﻮرج ﻓﻮﻟﺮ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ‪١٨١‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٥٤‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫إنّ اجل‪T‬معَ ب‪T‬ني اآلراءِ وال‪T‬شخصياتِ اخمل‪T‬تلفةِ ب‪T‬اإلض‪T‬اف‪T‬ةِ إل‪T‬ى احل‪T‬اج‪T‬ةِ ل‪T‬لتوصُّ‪T‬لِ إل‪T‬ى ات‪T‬فاقٍ‬
‫مُ‪T‬رْضٍ للج‪T‬ميعِ أنّ ت‪T‬نوُّعَ امل‪T‬سائ‪T‬لِ ق‪T‬د يُ‪T‬ؤدِّي إل‪T‬ى ظ‪T‬هورِ ان‪T‬فجاراتٍ ان‪T‬فعال‪T‬يةٍ م‪T‬حتملةٍ؛‬
‫ول‪T‬كنَّ ال‪T‬غضبَ وال‪T‬عداءَ ل‪T‬ن يخ‪T‬دُم‪T‬ا إالّ ت‪T‬وس‪T‬يعَ ال‪T‬فجوةِ ال‪T‬تي ت‪T‬فصلُ ب‪T‬ني ال‪T‬طرف‪T‬نيِ؛ وله‪T‬ذا‬
‫ف‪TT‬إنّ‪TT‬ه م‪TT‬ن ال‪TT‬ضروريِّ أن ت‪TT‬كونَ )ح‪TT‬ازم ‪T‬اً‪ ،‬وص‪TT‬ارم ‪T‬اً( ع‪TT‬ندم‪TT‬ا تُ‪TT‬واجِ ‪T‬هُ حت ‪T‬دِّي ‪T‬اً ع‪TT‬لى م‪TT‬ائ‪TT‬دةِ‬
‫امل‪TT‬فاوض‪TT‬اتِ بِ ‪T‬صَرفِ ال‪TT‬نظرِ ع‪TT‬ن أيّ أف‪TT‬عالٍ ي‪TT‬قومُ ب‪TT‬ها ال‪TT‬طرفُ اآلخ ‪T‬رُ إلث‪TT‬ارةِ ردِّ فِ‪TT‬علكَ‬
‫ودَفعِكَ إلى اخلروجِ عن وَقارِك‪.1‬‬
‫وك‪T‬ذل‪T‬كَ ف‪T‬إنّ مِ‪T‬ن االع‪T‬تباراتِ م‪T‬واج‪T‬هةَ امل‪T‬وق‪T‬فِ دونَ ال‪T‬لجوءِ إل‪T‬ى م‪T‬واج‪T‬هةِ ال‪T‬شخصِ؛‬
‫ف‪TT‬ليس م‪TT‬ا ن‪TT‬قولُ‪TT‬ه ه ‪T‬وَ امل‪TT‬همُّ فحس‪TT‬ب؛ ب‪TT‬ل األس‪TT‬لوبُ ال‪TT‬ذي نُ‪TT‬عبِّرُ ب‪TT‬ه ع‪TT‬ن ال‪TT‬رأي أي‪TT‬ضاً؛‬
‫فيجب وضعُ االعتراضاتِ في سياقِ احلديثِ‪.‬‬
‫‪ .۲‬تكتيكُ البحثِ عن نقطةِ االلتقاءِ التي تُوصِلُ إلى اتفاقٍ‪:‬‬
‫ل‪T‬قد ت‪T‬بيَّنَ أنّ‪T‬ه أث‪T‬ناءَ امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ ك‪T‬ثيراً م‪T‬ا ت‪T‬تحوَّلُ م‪T‬سأل‪T‬ةٌ أو أك‪T‬ثرُ إل‪T‬ى عَ‪T‬قبةٍ حتَُ‪T‬ولُ دونَ‬
‫ال‪TT‬توصُّ ‪T‬لِ إل‪TT‬ى ات‪TT‬فاقٍ؛ ول‪TT‬ذا ف‪TT‬إنّ امل‪TT‬فاوض‪TT‬اتِ ت‪TT‬تطوَّرُ إل‪TT‬ى م‪TT‬ناق‪TT‬شاتٍ مُ‪TT‬طوَّل ‪T‬ةٍ ح‪TT‬ولَ ه‪TT‬ذه‬
‫املشكالتِ حيث يتربَّصُ كُلُّ طرفٍ مبَِواقِفه‪.‬‬
‫وإمّ‪T‬ا أن ت‪T‬أخُ‪T‬ذَ ال‪T‬نتيجةُ اخل‪T‬تام‪T‬يةُ ش‪T‬كالً مِ‪T‬ن أش‪T‬كالِ احل‪T‬لِّ ال‪T‬وس‪T‬طِ ف‪T‬ي اللح‪T‬ظةِ األخ‪T‬يرةِ‪،‬‬
‫وإمّا أن تفشلَ وتنتهيَ دونَ التوصُّلِ إلى اتفاقٍ‪.2‬‬
‫ع‪T‬ندم‪T‬ا ت‪T‬تحوَّلُ إح‪T‬دى ه‪T‬ذه امل‪T‬سائ‪T‬لِ إل‪T‬ى ط‪T‬ري‪T‬قٍ مس‪T‬دودةٍ فس‪T‬يكونُ عِ‪T‬دَّةُ م‪T‬داخِ‪T‬لَ مُ‪T‬فيدةٍ‬
‫ل‪T‬لتغلُّبِ ع‪T‬لى ه‪T‬ذه ال‪T‬عقبةِ‪ ،‬وأح‪T‬دُ ه‪T‬ذه احل‪T‬لولِ أنْ ن‪T‬نظُرَ إل‪T‬ى ال‪T‬عقبةِ مِ‪T‬ن م‪T‬نظورِ ال‪T‬طرفِ‬
‫اآلخَ‪T‬ر؛ ممّ‪T‬ا يُ‪T‬ساعِ‪T‬دُ ف‪T‬ي ال‪T‬تغلُّبِ ع‪T‬لى رؤي‪T‬ةِ األش‪T‬ياءِ م‪T‬ن م‪T‬نظورٍ ش‪T‬خصيٍّ‪ ،‬األم‪T‬رُ ال‪T‬ذي‬
‫‪ 1‬ﺟﻮرج ﻓﻮﻟﺮ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ‪١٦٣‬‬
‫‪ 2‬ﺟﻮرج ﻓﻮﻟﺮ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪١٦٨‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٥٥‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ي‪T‬ؤدِّي إل‪T‬ى ق‪T‬صورِ ال‪T‬رؤي‪T‬ةِ‪ ،‬وي‪T‬جعلُ ال‪T‬طرف‪T‬نيَ ك‪T‬ليهِما ي‪T‬رفُ‪T‬ضانِ ال‪T‬تزح‪T‬زُحَ ع‪T‬ن م‪T‬واق‪T‬فهِما‪،‬‬
‫وف‪TT‬ي احل‪TT‬قيقةِ ال يُ‪TT‬وجَ ‪T‬دُ خ‪TT‬الف‪TT‬اتٌ ال ميُ ‪T‬كِنُ ح ‪T‬لُّها ف‪TT‬يما إذا ن‪TT‬ظرَ ال‪TT‬طرف‪TT‬انِ ك‪TT‬الهُ‪TT‬ما إل‪TT‬ى‬
‫ال‪T‬صعوب‪T‬ةِ ب‪T‬وَصْ‪T‬فِها ع‪T‬قبةً ي‪T‬نبغي ال‪T‬تغلُّبَ ع‪T‬ليها؛ ب‪T‬دالً مِ‪T‬ن اتِّ‪T‬باعِ أس‪T‬لوبِ إل‪T‬قاءِ ال‪T‬عقباتِ‬
‫في طريقِ اآلخَر‪ ،‬ورفضِ التنازُلِ‪.‬‬
‫ومِ‪T‬ن امل‪T‬فيدِ حل‪T‬لِّ ه‪T‬ذه ال‪T‬عقباتِ أي‪T‬ضاً االس‪T‬تماعُ إل‪T‬ى اع‪T‬تراض‪T‬اتِ ال‪T‬طرفِ اآلخَ‪T‬ر‪ ،‬وأح‪T‬يان‪T‬اً‬
‫ق‪T‬د ال ي‪T‬كونُ اع‪T‬تراضُ ال‪T‬طرفِ اآلخ‪T‬رِ ف‪T‬يه م‪T‬شكلةٌ ب‪T‬النس‪T‬بةِ إل‪T‬يكَ؛ األم‪T‬رُ ال‪T‬ذي ي‪T‬ؤدِّي إل‪T‬ى‬
‫ن‪TT‬تيجةٍ واح‪TT‬دةٍ؛ أال وه ‪T‬يَ أنّ ال‪TT‬طرفَ اآلخَ‪TT‬ر يُ‪TT‬عانِ ‪T‬دُ مِ‪TT‬ن أجْ ‪T‬لِ ال‪TT‬عنادِ فحَس‪TT‬ب وب‪TT‬ذل‪TT‬ك‬
‫يكونُ مُكابِراً‪.‬‬
‫‪ .۳‬تكتيكُ االحتفاظِ بزِمامِ السَّيطرَةِ على املفاوَضاتِ‪:‬‬
‫ك‪T‬لّما ازدادَ حت‪T‬كُّمُكَ ف‪T‬ي م‪T‬سارِ امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ ازدادتْ فُ‪T‬رصَ‪T‬تُكَ ل‪T‬تحقيقِ امل‪T‬كاس‪T‬بِ؛ وله‪T‬ذا‬
‫مِ‪TT‬ن امل‪TT‬فيد أن حت‪TT‬تفِظَ ب ‪T‬بُؤرَةِ ال‪TT‬نقاشِ ح‪TT‬ولَ امل‪TT‬سائ ‪T‬لَ ال‪TT‬تي ت‪TT‬ودُّ مُ‪TT‬ناقَش ‪T‬تَها؛ األم ‪T‬رُ ال‪TT‬ذي‬
‫يعني عُموماً أن تؤُكِّدَ على نقاطِ القوَّةِ في موقِفِكَ‪.‬‬
‫ك‪TT‬ما يُ ‪T‬عَدُّ مِ‪TT‬ن السه ‪T‬لِ ال‪TT‬دف‪TT‬اعُ ع‪TT‬ن ن‪TT‬قاطِ ال‪TT‬قوَّةِ ف‪TT‬ي امل‪TT‬وق ‪T‬فِ ال‪TT‬تفاوض ‪T‬يِّ ح‪TT‬ني يُ‪TT‬حاوِلُ‬
‫اخل‪T‬صمُ إب‪T‬طالَ حُ‪T‬جَجِكَ‪ ،‬وأنّ ن‪T‬قاطَ ال‪T‬قوةِ ف‪T‬ي م‪T‬وق‪T‬فِكَ ه‪T‬ي ال‪T‬تي س‪T‬تًقنِعُ اآلخَ‪T‬ر ب‪T‬قَبولِ‬
‫عَرضِكَ ‪.1‬‬
‫ول‪T‬كنْ ي‪T‬بقى ال‪T‬تفاوضُ مُ‪T‬ركَّ‪T‬زاً ع‪T‬لى م‪T‬ا ت‪T‬ودُّ احل‪T‬صولَ ع‪T‬ليه‪ ،‬وه‪T‬ي أن تُ‪T‬وجِّ‪T‬هَ دُفَّ‪T‬ةَ ال‪T‬نقاشِ‬
‫ب‪TT‬اس‪TT‬تمرارٍ ن‪TT‬حوَ ه‪TT‬ذه امل‪TT‬سائ ‪T‬لِ ‪،‬وس‪TT‬وفَ تُ‪TT‬ضطَرُ إل‪TT‬ى ب‪TT‬ذلِ اجله ‪T‬دِ ف‪TT‬ي ذل‪TT‬ك؛ ح‪TT‬يثُ‬
‫‪ 1‬اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ ص ‪١٦٩‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٥٦‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫س‪T‬يُحاوِلُ اخل‪T‬صمُ ال‪T‬بحثَ ع‪T‬ن ن‪T‬قاطِ ال‪T‬قوةِ ف‪T‬ي م‪T‬وق‪T‬فِه ومُ‪T‬هاج‪T‬مَةَ ن‪T‬قاطِ ال‪T‬ضَّعفِ ال‪T‬تي‬
‫يراها في عَرضِكَ‪.‬‬
‫‪ .٤‬تكتيكُ احلِفاظِ على املُفاوَضاتِ في مَسارِها الصَّحيحِ‪:‬‬
‫ق‪T‬د ت‪T‬تَّسِمُ إح‪T‬دى امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ ب‪T‬قَدْرٍ م‪T‬ن ال‪T‬تعقيدِ ال‪T‬بال‪T‬غِ ممّ‪T‬ا ي‪T‬جعلُها ن‪T‬شاط‪T‬اً ق‪T‬ات‪T‬الً ل‪T‬لوق‪T‬تِ‪،‬‬
‫وع‪T‬لى ه‪T‬ذا األس‪T‬اسِ ي‪T‬نبغي أن ت‪T‬بقى امل‪T‬ناق‪T‬شاتُ ع‪T‬لى م‪T‬سارِه‪T‬ا ال‪T‬صحيحِ ن‪T‬حوَ ال‪T‬توصُّ‪T‬لِ‬
‫إل‪T‬ى ات‪T‬فاقٍ ف‪T‬ي ال‪T‬نهاي‪T‬ةِ‪ ،‬وع‪T‬دمِ إض‪T‬اع‪T‬ةِ ال‪T‬وق‪T‬تِ؛ ف‪T‬قَد ت‪T‬تعطَّلُ امل‪T‬فاوض‪T‬اتُ دونَ ت‪T‬قدُّمٍ‪ ،‬ومِ‪T‬ن‬
‫م‪T‬صلحتِكَ أن ت‪T‬تجنَّبَ ال‪T‬وق‪T‬وعَ ف‪T‬ي ه‪T‬ذا الشَ‪T‬رَكِ‪ ،‬ومِ‪T‬ن وجْ‪T‬هةِ ن‪T‬ظرٍ ع‪T‬فوي‪T‬ةٍ ميُ‪T‬كنُكَ أن جتَِ‪T‬د‬
‫ن‪T‬فسكَ ت‪T‬تعام‪T‬لُ م‪T‬ع مُ‪T‬فاوضٍ‪ ،‬مي‪T‬يلُ إل‪T‬ى االنح‪T‬رافِ ف‪T‬جأةً ع‪T‬ن م‪T‬سارهِ‪ ،‬ورمبّ‪T‬ا ي‪T‬رج‪T‬عُ ه‪T‬ذا‬
‫إلى شخصيةِ الفردِ ذاتِها‪ ،‬وإلى كونِ اآلخَر لم يُحدِّدْ موقفَه‪.‬‬
‫ومِ‪T‬ن األس‪T‬بابِ امل‪T‬رجِّ‪T‬حَةِ ال‪T‬تي جت‪T‬علُ امل‪T‬فاوِض‪T‬نيَ ي‪T‬حيدونَ ع‪T‬ن مَ‪T‬سارِهِ‪T‬م ع‪T‬ندم‪T‬ا يَ‪T‬فترض‪T‬ونَ‬
‫أنّ ال‪TT‬وق ‪T‬تَ ف‪TT‬ي م‪TT‬صلحتِهم‪ ،‬ف‪TT‬بما يُ‪TT‬درِكُ ال‪TT‬طرفُ اآلخَ ‪T‬رُ‪ ،‬أو يُ‪TT‬فترَضُ أنّ ال‪TT‬توصُّ ‪T‬لَ إل‪TT‬ى‬
‫اتفاقٍ في تاريخٍ مُعيَّنٍ يُعَدُّ أمراً مُلحِّاً بالنسبةِ‬
‫إليكَ‪ ،‬ونتيجةً لذلك فإنّ التكتيكَ الذي يُوظِّفهُ ضِدَّكَ يتمثَّلُ في إطالةِ املفاوضاتِ‪.‬‬
‫وي‪TT‬كونُ ال‪TT‬تكتيكُ ب‪TT‬الته‪TT‬دي ‪T‬دِ وال‪TT‬ترغ‪TT‬يبِ‪ ،‬ويُس‪TT‬تخدَمُ ف‪TT‬ي ه‪TT‬ذه ال‪TT‬عمليةِ ال‪TT‬تفاوض‪TT‬يةِ‬
‫)ت‪T‬وج‪T‬يهُ إن‪T‬ذاراتٍ‪ ،‬أو اس‪T‬تخدامُ ال‪T‬قوَّةِ(؛ م‪T‬ثلُ حش‪T‬دِ ال‪T‬قُوّاتِ وإج‪T‬راءِ احل‪T‬صاراتِ م‪T‬ثلُ‬
‫اس‪T‬تخدامِ أم‪T‬ري‪T‬كةَ للته‪T‬دي‪T‬دِ‪ ،‬ونَ‪T‬فَّذَتْ‪T‬ه ضِ‪T‬دَّ ال‪T‬عراقِ ع‪T‬ام ‪۲۰۰۳‬م‪ ،‬وع‪T‬لى اجل‪T‬ان‪T‬بِ اآلخَ‪T‬ر‬
‫ق‪TT‬د ي‪TT‬تطلَّبُ اس‪TT‬تخدامُ وس‪TT‬ائ ‪T‬لِ ال‪TT‬ترغ‪TT‬يبِ؛ م‪TT‬ثلُ تِ‪TT‬بيانِ امل‪TT‬زاي‪TT‬ا وامل‪TT‬كاس ‪T‬بِ ف‪TT‬ي اس‪TT‬تمرارِ‬
‫عمليةِ التفاوضِ‪.1‬‬
‫‪ 1‬ﻣﺤﻤﻮد ﻋﻠﻲ ود ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻮض اﻟﮭﺰاﯾﻤﺔ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٢١‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٥٧‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫‪ .٥‬تكتيكُ املُقاطَعةِ وتشتيتُ االنتِباه‪:‬‬
‫إنّ مِ‪T‬ن امل‪T‬علومِ أنّ امل‪T‬قاط‪T‬عاتِ غ‪T‬يرَ ال‪T‬ضروري‪T‬ةِ ال تخ‪T‬دمُ إالّ ف‪T‬ي تش‪T‬تيتِ ان‪T‬تِباه امل‪T‬فاوِض‪T‬نيَ‬
‫ع‪T‬ن امل‪T‬همِّةِ مَح‪T‬لِّ ال‪T‬نقاشِ وف‪T‬ي ال‪T‬وق‪T‬تِ ن‪T‬فسِه ف‪T‬إنّ امل‪T‬قاط‪T‬عاتِ اخمل‪T‬طَّط ل‪T‬ها ميُ‪T‬كِنُ أن ت‪T‬كونَ‬
‫ذاتَ ق‪TT‬يمةٍ ع‪TT‬ظيمةٍ؛ وله‪TT‬ذا الس‪TT‬ببِ تُ ‪T‬عَدُّ امل‪TT‬قاط‪TT‬عاتُ امل‪TT‬دروس ‪T‬ةُ ت‪TT‬كتيكاً يُحسَ ‪T‬بُ ل‪TT‬ه‬
‫حِ‪T‬سابُ‪T‬ه ح‪T‬ني يس‪T‬تخدمُ‪T‬ه ال‪T‬طرفُ اآلخَ‪T‬رُ‪ ،‬وميُ‪T‬كِنُنا اس‪T‬تخدامُ امل‪T‬قاط‪T‬عةِ ف‪T‬ي ت‪T‬غيِّرِ ال‪T‬نقطةِ‬
‫املركزيةِ للمناقشاتِ‪.1‬‬
‫‪ .٦‬تكتيكُ حِفْظِ ماءِ الوجْه‪:‬‬
‫إنّ ال‪T‬تعقيداتِ وال‪T‬ضغوطَ ال‪T‬تي ت‪T‬نطوي ع‪T‬ليها امل‪T‬فاوض‪T‬اتُ ك‪T‬ثيراً م‪T‬ا ميُ‪T‬كِنُ أن ت‪T‬ؤدِّي إل‪T‬ى‬
‫ال‪TT‬وق‪TT‬وعِ ف‪TT‬ي اخل‪TT‬طأِ‪ ،‬وع‪TT‬لى اف‪TT‬تراضِ أنّ األخ‪TT‬طاءَ س ‪T‬تُكْتَشَفُ وتُ‪TT‬صوّبُ ق‪TT‬بلَ ال‪TT‬توق‪TT‬يعِ‬
‫ال‪TT‬نهائ ‪T‬يِّ ف‪TT‬لن ت‪TT‬كونَ ه‪TT‬ناك أض‪TT‬رارٌ ب‪TT‬ال‪TT‬غةٌ؛ ول‪TT‬كنّ اك‪TT‬تشافَ األخ‪TT‬طاءِ أث‪TT‬ناءَ امل‪TT‬فاوض‪TT‬اتِ‬
‫ميُ‪T‬كِنُ أن يُس‪T‬بِّبَ إح‪T‬راج‪T‬اً ك‪T‬بيراً ع‪T‬لى أق‪T‬لِّ ت‪T‬قدي‪T‬رٍ؛ ب‪T‬ل إنّ‪T‬ه ق‪T‬د يُ‪T‬قلّلُ م‪T‬ن مِ‪T‬صداق‪T‬يتِكَ ف‪T‬ي‬
‫عُيونِ الطرفِ اآلخَر‪.2‬‬
‫وتظه‪T‬رُ امل‪T‬شكلةُ ال‪T‬رئ‪T‬يسةُ ال‪T‬ناجت‪T‬ةُ ع‪T‬ن حُ‪T‬دوثِ األخ‪T‬طاءِ أث‪T‬ناءَ ع‪T‬مليةِ ال‪T‬تفاوضِ‪ ،‬ع‪T‬ندم‪T‬ا‬
‫نكتشفُ بعضَ األخطاءِ في الشروطِ التي متَّ االتفاقُ عليها بالفعلِ‪.‬‬
‫وم‪T‬ع ه‪T‬ذا وي‪T‬ا ل‪T‬ألس‪T‬فِ ف‪T‬ليسَ لَ‪T‬دي‪T‬نا خ‪T‬يارٌ سِ‪T‬وى ال‪T‬تصري‪T‬حِ مبِ‪T‬ثلِ ه‪T‬ذه األخ‪T‬طاءِ‪ ،‬وحت‪T‬مُّلِ‬
‫عَناءِ التوضيحِ الدقيقِ‪ ،‬واملفصِّلِ لكيفيةِ حدوثِ اخلطأِ‪.‬‬
‫وي‪TT‬نبغي ت‪TT‬قدميُ م‪TT‬ا ي‪TT‬كفي مِ‪TT‬ن األدلَّ ‪T‬ةِ إلث‪TT‬باتِ وج‪TT‬ودِ اخل‪TT‬طأِ ب‪TT‬ال‪TT‬فعلِ؛ وإالّ ف ‪T‬قَد ي‪TT‬ظنُّ‬
‫ال‪TT‬طرفُ اآلخَ‪TT‬ر أنّ‪TT‬ك حتُ‪TT‬اوِلُ خِ‪TT‬داعَ‪TT‬ه‪ ،‬وف‪TT‬رضُ ش‪TT‬يءٍ ع‪TT‬ليهِ وف‪TT‬ي ب‪TT‬عضِ األح‪TT‬يانِ ي‪TT‬رت ‪T‬كِبُ‬
‫‪ 1‬ﺟﻮرج ﻓﻮﻟﺮ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ‪١٧٣‬‬
‫‪ 2‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ‪١٧٥‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٥٨‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫امل‪T‬فاوضُ األخ‪T‬طاءَ ع‪T‬مداً‪ ،‬ومِ‪T‬ن ال‪T‬صعبِ أن تس‪T‬تطيعَ أن تُ‪T‬ثبِتَ إذا ك‪T‬ان ه‪T‬ذا اخل‪T‬طأُ غ‪T‬يرَ‬
‫م‪T‬قصودٍ‪ ،‬أو أنّ‪T‬ه م‪T‬حاول‪T‬ةٌ مُ‪T‬تعمَّدةٌ للخِ‪T‬داع؛ ول‪T‬ذا يُ‪T‬عَدُّ مِ‪T‬ن األف‪T‬ضلِ عُ‪T‬موم‪T‬اً أن ت‪T‬تجنَّبَ‬
‫إصدارَ أيِّ اتهامٍ للخصمِ باخلِداع‪.‬‬
‫فيجبُ احلِرصُ على حتليلِ األمورِ كلِّها قبلَ الوصولِ إلى االتفاقِ النهائيِّ‪.‬‬
‫‪ .۷‬تكتيكُ عَكْسِ االجتاهِ وتبديلُ املواقفِ‪:‬‬
‫يَ‪T‬عتمدُ ع‪T‬لى ت‪T‬غيُّرِ م‪T‬وق‪T‬فِ ال‪T‬تفاوضِ ال‪T‬تعنُّتِ والتش‪T‬دُّدِ إل‪T‬ى م‪T‬وق‪T‬فٍ مَ‪T‬رنٍ ومُ‪T‬تعاونٍ ع‪T‬لى‬
‫استعدادٍ لتقدميِ التنازُالتِ؛‬
‫وم‪T‬ثالُ ذل‪T‬ك م‪T‬وق‪T‬فُ إس‪T‬رائ‪T‬يلَ م‪T‬ن م‪T‬ؤمت‪T‬رِ ال‪T‬الءاتِ ال‪T‬ثالثِ ال‪T‬عرب‪T‬يّ‪1‬؛ ح‪T‬يث اس‪T‬تطاعَ‪T‬تْ‬
‫ب‪TT‬ده‪TT‬ائِ‪TT‬ها واس‪TT‬تعداد ال‪TT‬لعبِ ل‪TT‬لتنازلِ ت‪TT‬بدي ‪T‬لُ ه‪TT‬ذه ال‪TT‬الءاتِ ب"نَ ‪T‬عَمْ ل‪TT‬لصُّلْحِ‪" ،‬نَ ‪T‬عَم‬
‫للتفاوُضِ"‪" ،‬نَعَمْ لالعترافِ"‪.2‬‬
‫ت اﻟﺜﻼث واﻟﺬي ُﻋﻘِ َﺪ ﻓﻲ ﯾﻮم ‪ ٢٩‬ﻣﻦ ﺷﮭﺮ ﯾﻮﻧﯿﻮ ﻣﻦ ﻋﺎم ‪ ١٩٦٧‬ﻓﻲ اﻟﺨﺮطﻮم‪ ،‬وأطﻠﻖ ﺗﻠﻚ‬
‫‪ 1‬ﻣﺆﺗﻤ ُﺮ اﻟﻼءا ِ‬
‫ﺗﻔﺎوض( ر ّداً ﻋﻠﻰ اﻟﮭﺰﯾﻤﺔ ﻓﻲ ﺣﺮب ﺣﺰﯾﺮان واﺣﺘﻼل اﻟﺪوﻟﺔ‬
‫اﻟﺼﯿﺤﺔَ اﻟﻘﻮﯾﺔ )ﻻ ﺻﻠ َﺢ‪ ،‬ﻻ اﻋﺘﺮافَ ‪ ،‬ﻻ‬
‫َ‬
‫اﻟﻌﺒﺮﯾﺔ ﻷراﺿﻲ ﺳﯿﻨﺎء واﻟﺠﻮﻻن واﻟﻀﻔﺔ اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ وﻗﻄﺎع ﻏ ّﺰة‪.‬‬
‫‪ 2‬ﻣﺤﻤﻮد ﻋﻠﻲ ود ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻮض اﻟﮭﺰاﯾﻤﺔ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٢٣‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٥٩‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﻤَﺒﺤﺚُ اﻟﺜﺎﻟ ُ‬
‫ﺚ‬
‫ﻛﻴﻒَ ﻧﻘﺮأُ ﺗﻜﺘﻴﻜﺎتِ اﻟﻤُﻔﺎوِﺿِﻴﻦَ اﻵﺧَﺮﻳ َ‬
‫ﻦ‬
‫مم‪T‬ا ال ري‪T‬بَ ف‪T‬يه أنّ األس‪T‬لوبَ ال‪T‬ذي ي‪T‬تمتَّعُ ب‪T‬ه ال‪T‬فردُ ف‪T‬ي األغ‪T‬لبِ م‪T‬ا ي‪T‬كونُ ع‪T‬لى قَ‪T‬دْرٍ‬
‫م‪T‬ساوٍ م‪T‬ن ال‪T‬قوَّةِ م‪T‬ع م‪T‬ا ي‪T‬قولُ‪T‬ه‪ .‬وع‪T‬الوةً ع‪T‬لى ذل‪T‬كَ ع‪T‬ندم‪T‬ا ي‪T‬كونُ ه‪T‬ناك ت‪T‬ناق‪T‬ضٌ ب‪T‬ني م‪T‬ا‬
‫ي‪T‬قولُ‪T‬ه ال‪T‬فردُ‪ ،‬ولُ‪T‬غتِه اجلس‪T‬دي‪T‬ةِ فس‪T‬يميلُ ال‪T‬فردُ ال‪T‬ذي يس‪T‬تمعُ ويُ‪T‬شاهِ‪T‬دُ إل‪T‬ى االع‪T‬تقادِ "أنّ‬
‫الرسالةَ احلقيقيةَ هي الرسالةُ غيرُ اللفظيةِ"‪ ،‬وبالتالي ميَيلُ إلى جتاهُلِ الرسالةِ اللفظيةِ‪.‬‬
‫قراءةُ الرُّموزِ غيرِ اللفظيةِ‪:‬‬
‫ال ي‪T‬نحصِرُ ال‪T‬تواص‪T‬لُ غ‪T‬يرُ ال‪T‬لفظيِّ ف‪T‬ي احل‪T‬ياةِ وف‪T‬ي ك‪T‬لِّ ع‪T‬مليةٍ ت‪T‬فاوض‪T‬يةٍ ف‪T‬ي ل‪T‬غةِ اجلس‪T‬دِ‬
‫ال‪TT‬واض‪TT‬حةِ؛ م‪TT‬ثل )دَورانِ ال ‪T‬عَنيِ‪ ،‬وق ‪T‬بْضِ وبَسْ ‪T‬طِ األص‪TT‬اب ‪T‬عِ(‪ ،‬وك‪TT‬ذل ‪T‬كَ ف‪TT‬إنّ )ت‪TT‬غيُّراتِ‬
‫ال‪TT‬وجْ ‪T‬هِ ش‪TT‬دي‪TT‬دةُ ال ‪T‬دِّقَّ ‪T‬ةِ‪ ،‬واألص‪TT‬واتِ امل‪TT‬عبِّرةَ‪ ،‬وف‪TT‬تراتِ ال ‪T‬صَّمتِ امل‪TT‬شحون ‪T‬ةِ‪ ،‬واحل‪TT‬رك‪TT‬اتِ‬
‫املوحِيةِ( فمَثالً‪ :‬إذا ما قالَ لكَ أحدُ األشخاصِ‪:‬‬
‫"ص‪T‬دِّق‪T‬ني أن‪T‬ا أت‪T‬عامَ‪T‬لُ م‪T‬عكَ ب‪T‬عَقلٍ مُ‪T‬نفتِحٍ "إالّ أنّ‪T‬ه ق‪T‬ال ل‪T‬كَ ذل‪T‬كَ‪ ،‬وه‪T‬و يج‪T‬لسُ ع‪T‬لى‬
‫مِ‪T‬قعَدِه‪ ،‬وق‪T‬د ارت‪T‬فعَ ك‪T‬تِفاهُ مِ‪T‬ن ال‪T‬توتُّ‪T‬رِ‪ ،‬ب‪T‬ينما ع‪T‬قدَ ذِراع‪T‬يه بش‪T‬دَّةٍ ع‪T‬لى صَ‪T‬درِه فس‪T‬تُدرِكُ‬
‫أنّ‪TT‬ه ل‪TT‬يسَ ص‪TT‬ادق ‪T‬اً ف‪TT‬ي ه‪TT‬ذه امل‪TT‬الح‪TT‬ظةِ ال‪TT‬تي أل‪TT‬قاه‪TT‬ا‪ ،‬وب‪TT‬ذل ‪T‬كَ ت‪TT‬كونُ ق‪TT‬د الح‪TT‬ظتَ أنّ‬
‫التواصلَ اللفظيَّ عادةً ما يكونُ أكثرَ أهميَةً من الكلماتِ املنطوقةِ‪.1‬‬
‫ف‪T‬تُمَثِّلُ اإلش‪T‬اراتُ غ‪T‬يرُ ال‪T‬لفظيةِ م‪T‬صدراً م‪T‬همَّاً ل‪T‬يس ل‪T‬كشفِ وفَ‪T‬هْمِ ح‪T‬اج‪T‬اتِ اخل‪T‬صمِ؛‬
‫وإمنّا تدلُّ على ما يُفكِّرُ فيه اخلصمُ في بعضِ األحوالِ أيضاً‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫اﻧﻈﺮ‪ :‬ھﻨﺮي إﺗﺶ ﻛﺎﻟﯿﺮو‪ :‬اﻟﻔﻦ اﻟﺠﺪﯾﺪ ﻟﻠﺘﻔﺎوض‪ ،‬ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺟﺮﯾﺮ‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،٢٠١٠‬ص ‪.١٦٨‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٦٠‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ول‪T‬غةُ اجلس‪T‬دِ ه‪T‬ي م‪T‬نطوقُ األف‪T‬كارِ ل‪T‬دى اإلن‪T‬سانِ‪ ،‬وت‪T‬طوي‪T‬رُ امل‪T‬هاراتِ ف‪T‬ي فَ‪T‬هْمِ لُ‪T‬غةِ اجلس‪T‬دِ‬
‫يُ‪T‬ساعِ‪T‬دُ ع‪T‬لى ف‪T‬كِّ شِ‪T‬فراتِ اآلخَ‪T‬ري‪T‬نَ‪ ،‬وي‪T‬صبحُ اإلن‪T‬سانُ خ‪T‬بيراً ف‪T‬ي ق‪T‬راءةِ م‪T‬ا ي‪T‬دورُ ف‪T‬ي ذِهْ‪T‬نِ‬
‫املفاوضِ اآلخَر من خاللِ الرسائلِ غيرِ اللفظيةِ التي يبعثُ بها الشخصُ املفاوضُ‪.‬‬
‫ول‪TT‬كنّ ب‪TT‬عضَ امل‪TT‬فاوِض ‪T‬نيَ ال ‪T‬عِظامِ مم ‪T‬ثِّلونَ عِ‪TT‬ظامٌ أي‪TT‬ضاً؛ ف ‪T‬هُم "ح‪TT‬رب‪TT‬ائ‪TT‬يونَ" يس‪TT‬تطيعونَ‬
‫إخ‪TT‬فاءَ أف‪TT‬كارهِ‪TT‬م وم‪TT‬شاع ‪T‬رِه‪TT‬م ب‪TT‬شكلٍ ج ‪T‬يِّد ل‪TT‬لغاي ‪T‬ةِ؛ ول‪TT‬كنْ ح ‪T‬تّى ه‪TT‬ؤالءِ ت‪TT‬ندُّ م‪TT‬نهُم‬
‫هفواتٌ وتُكشَفُ حقيقةُ مشاعرِهم وكما قيل‪" :‬الصُّورةُ أقوى مِن العبارةِ"‪.‬‬
‫"األصواتُ والصَّمْتُ "‬
‫ميُ ‪T‬كِنُ ل‪TT‬ألص‪TT‬واتِ أي‪TT‬ضاً أن تُ‪TT‬عبِّرَ ب‪TT‬شكلٍ غ‪TT‬يرِ ل‪TT‬فظيٍّ ع‪TT‬ن م‪TT‬شاع ‪T‬رِ اإلن‪TT‬سانِ؛ وب‪TT‬ال‪TT‬تال‪TT‬ي‬
‫ت‪T‬كشفُ ان‪T‬فعاالتُ‪T‬ه اخل‪T‬فيَّةُ‪ .‬واألص‪T‬واتُ ال‪T‬تي ن‪T‬سمعُها ف‪T‬ي ع‪T‬مليةِ ال‪T‬تفاوضِ ت‪T‬نقسمُ إل‪T‬ى‬
‫ق‪T‬سمنيِ )ت‪T‬لك ال‪T‬تي ت‪T‬صدرُ ب‪T‬شكلٍ غ‪T‬يرِ م‪T‬قصودٍ(‪ ،‬و)ت‪T‬لك ال‪T‬تي تس‪T‬تخدمُ ب‪T‬شكلٍ‬
‫م‪T‬قصودٍ(؛ ف‪T‬األص‪T‬واتُ غ‪T‬يرُ امل‪T‬قصودةِ‪ ،‬أو ال‪T‬تي ال ميُ‪T‬كِنُ ال‪T‬تحكُّمُ ف‪T‬يها وال‪T‬تي ميُ‪T‬كِنُ أن‬
‫ت‪TT‬صدُرَ مِ‪TT‬ن ش‪TT‬خصٍ ي‪TT‬شعرُ ب‪TT‬ال‪TT‬توتُّ ‪T‬رِ أو االن‪TT‬زع‪TT‬اجِ‪ ،‬وه‪TT‬ناك ك‪TT‬ثيرٌ مِ‪TT‬ن األص‪TT‬واتِ غ‪TT‬يرِ‬
‫املقصودةِ األُخْرى التي ميُكنُكَ أن تلتقِطَها مبُِجرَّدِ أن تُتقِنَ املالحظةَ لهذه األصواتِ‪.‬‬
‫واحل‪T‬دي‪T‬ثُ ع‪T‬ن ال‪T‬صمتِ ش‪T‬أنُ‪T‬ه ش‪T‬أنُ ال‪T‬كالمِ وامل‪T‬فاوضِ احمل‪T‬ترمِ س‪T‬يصمُتُ أث‪T‬ناءَ ح‪T‬دي‪T‬ثِ‬
‫ال‪TT‬طرفِ اآلخَ‪TT‬ر‪ ،‬وميُ ‪T‬ثِّل ذل‪TT‬ك جُ‪TT‬زءاً م‪TT‬ن اإلن‪TT‬صاتِ اجل ‪T‬يِّد؛ ول‪TT‬كنْ ع‪TT‬ندم‪TT‬ا ت‪TT‬كونُ ه‪TT‬ناكَ‬
‫وق‪T‬فاتٌ ط‪T‬وي‪T‬لةٌ م‪T‬ن ال‪T‬صمتِ خ‪T‬اللَ احل‪T‬دي‪T‬ثِ ف‪T‬إنّ ذل‪T‬ك ي‪T‬عني ب‪T‬وض‪T‬وحٍ أنّ ه‪T‬ناك أم‪T‬راً غ‪T‬يرُ‬
‫س‪T‬ليمٍ‪ ،‬وه‪T‬ناك اح‪T‬تماالتٌ له‪T‬ذا ال‪T‬صمتِ؛ ف‪T‬رُمبّ‪T‬ا أن ي‪T‬كونَ م‪T‬ا قُ‪T‬لْتَه إمّ‪T‬ا )مُ‪T‬عقَّداً‪ ،‬أو غ‪T‬يرَ‬
‫مُ‪TT‬توقَّ ‪T‬عٍ( وأنّ ال‪TT‬طرفَ ال‪TT‬صامِ‪TT‬ت يُ‪TT‬ذاكِ ‪T‬رُ امل‪TT‬عان‪TT‬ي ال‪TT‬تي قُ‪TT‬لتَها وي‪TT‬ختارُ ال‪TT‬كيفيةَ ال‪TT‬تي‬
‫س‪T‬يتعام‪T‬لُ ب‪T‬ها م‪T‬ع ه‪T‬ذا امل‪T‬وق‪T‬فِ‪ ،‬وي‪T‬جبُ أن ت‪T‬صلَ إل‪T‬ى ه‪T‬ذا حُ‪T‬كْمٍ به‪T‬ذا ال‪T‬شأنِ‪ ،‬واحل‪T‬كمِ‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٦١‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ع‪TT‬لى أيٍّ م‪TT‬ن ه‪TT‬ذه االح‪TT‬تماالتِ ه‪TT‬و األص ‪T‬حُّ لتح‪TT‬دي ‪T‬دِ ال‪TT‬تكتيكِ ال‪TT‬واج ‪T‬بِ اتِّ‪TT‬باعُ‪TT‬ه ف‪TT‬ي‬
‫املفاوَضاتِ‪.1‬‬
‫مفاهيمُ خاطِئةٌ في املُفاوَضاتِ‪:‬‬
‫ه‪T‬ناك ب‪T‬عضُ امل‪T‬فاه‪T‬يمِ اخل‪T‬اط‪T‬ئةِ ح‪T‬ولَ ع‪T‬مليةِ ال‪T‬تفاوضِ وامل‪T‬فاوِض‪T‬نيَ ال‪T‬ذي‪T‬ن ي‪T‬قوم‪T‬ونَ به‪T‬ذه‬
‫العمليةِ؛ فمِنَ املفاهيمِ اخلاطئةِ‪:‬‬
‫املفهومُ األوَّلُ‪:‬‬
‫أنّ امل‪T‬فاوضَ ال‪T‬قويّ ه‪T‬و مُ‪T‬فاوِضٌ مُ‪T‬تصلِّبُ ال‪T‬رأي ال ي‪T‬قبلُ احل‪T‬لولَ ال‪T‬وس‪T‬طيةَ ف‪T‬ي م‪T‬سعاهُ؛‬
‫لتحقيقِ أهدافِه‪.‬‬
‫ه‪T‬ذه ال‪T‬فكرةُ خ‪T‬اط‪T‬ئةٌ؛ ألنّ‪T‬ه ف‪T‬ي ك‪T‬ثيرٍ م‪T‬ن األح‪T‬يانِ ي‪T‬عملُ مَ‪T‬ن ي‪T‬تبَّنونَ ه‪T‬ذا األس‪T‬لوبَ ضِ‪T‬دَّ‬
‫اح‪TT‬تياج‪TT‬اتِ‪TT‬هم مبِ‪TT‬ا يُ‪TT‬عرقِ ‪T‬لُ فُ ‪T‬رَصَ حت‪TT‬قيقهِم ال‪TT‬نجاحَ بَ‪TT‬دالً مِ‪TT‬ن دع ‪T‬مِها؛ ف ‪T‬هُم مي‪TT‬يلونَ إل‪TT‬ى‬
‫ال‪T‬تصلُّبِ وع‪T‬دمِ امل‪T‬رون‪T‬ةِ ف‪T‬ي قُ‪T‬درتِ‪T‬هم ع‪T‬لى اس‪T‬تكشافِ ال‪T‬بدائ‪T‬لِ ال‪T‬تي ت‪T‬تطلَّبُ ت‪T‬نازالتٍ‪،‬‬
‫أو ح‪T‬لولَ وسَ‪T‬طٍ ومِ‪T‬ثلُ ه‪T‬ذا الس‪T‬لوكِ ي‪T‬زي‪T‬دُ ف‪T‬ي إم‪T‬كانِ ال‪T‬وص‪T‬ولِ إل‪T‬ى ط‪T‬ري‪T‬قٍ مَس‪T‬دودةٍ‪ ،‬وإنّ‬
‫ه‪TT‬ذا ال‪TT‬نوعَ م‪TT‬ن الس‪TT‬لوكِ يُ‪TT‬ؤدِّي إل‪TT‬ى صُ‪TT‬نعِ ص‪TT‬عوب‪TT‬اتٍ ك‪TT‬بيرةٍ ف‪TT‬ي ط‪TT‬ري ‪T‬قِ ال‪TT‬تغلُّبِ ع‪TT‬لى‬
‫العراقيلِ‪.‬‬
‫وامل‪T‬فاوِضُ ال‪T‬ذي يَ‪T‬عرفُ ب‪T‬ال‪T‬فعلِ ن‪T‬قاطَ ق‪T‬وَّتِ‪T‬ه ن‪T‬ادراً م‪T‬ا ت‪T‬نقصُه امل‪T‬رون‪T‬ةُ أو ال‪T‬رغ‪T‬بةُ ف‪T‬ي ال‪T‬وص‪T‬ولِ‬
‫إل‪T‬ى ح‪T‬لٍّ وس‪T‬طٍ؛ ف‪T‬ال‪T‬شخصُ امل‪T‬ثاب‪T‬رُ ال تَ‪T‬غيبُ أه‪T‬دافُ‪T‬ه وال غ‪T‬اي‪T‬اتُ‪T‬ه ع‪T‬ن بَ‪T‬صرِه؛ إالّ أنّ ذل‪T‬ك ال‬
‫ي‪T‬عني أنّ‪T‬ه يُ‪T‬قاوِمُ أيَّ ت‪T‬غيُّرٍ ب‪T‬تَعنُّتٍ أو ي‪T‬تعام‪T‬لُ ب‪T‬عِنادٍ ع‪T‬ندم‪T‬ا ي‪T‬تعلَّقُ األم‪T‬رُ ب‪T‬تنازالتٍ أو احل‪T‬لِّ‬
‫الوسط‪.2‬‬
‫‪ 1‬اﻧﻈﺮ ھﻨﺮي إﺗﺶ ﻛﺎﻟﯿﺮو‪ :‬اﻟﻔﻦ اﻟﺠﺪﯾﺪ ﻟﻠﺘﻔﺎوض‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪.١٧٢‬‬
‫‪ 2‬ھﻨﺮي إﺗﺶ ﻛﺎﻟﯿﺮو اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪.١٨٤‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٦٢‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫املفهومُ الثاني‪:‬‬
‫ك‪TT‬ثيراً م‪TT‬ا ي‪TT‬عتقدُ ب‪TT‬أنّ امل‪TT‬فاوضَ ال‪TT‬قويَّ ش‪TT‬دي ‪T‬دُ ال‪TT‬كتمانِ وال يُ‪TT‬صرِّحُ ل‪TT‬آلخَ‪TT‬ري ‪T‬نَ خ‪TT‬اللَ‬
‫املفاوضاتِ إالّ بالقَدْرِ املمكِنِ مِن املعلوماتِ‪.‬‬
‫إنَّ امل‪T‬فاوِض‪T‬نيَ ال‪T‬ذي‪T‬ن ي‪T‬تعامَ‪T‬لونَ م‪T‬ع امل‪T‬علوم‪T‬اتِ ب‪T‬أف‪T‬ضلِ وس‪T‬يلةٍ ممُ‪T‬كِنةٍ ي‪T‬كون‪T‬ونَ ب‪T‬شكلٍ ع‪T‬امٍّ‬
‫مُ‪T T‬تَفَنِّنِنيَ ف ‪TT‬ي )ال ‪TT‬توري‪T T‬ةِ‪ ،‬وال ‪TT‬تعميةِ( وخ ‪TT‬باء* ف ‪TT‬ي اس ‪TT‬تخدامِ اإلف ‪TT‬صاحِ ال ‪TT‬زائ‪T T‬دِ ع ‪TT‬ن‬
‫امل‪T‬علوم‪T‬اتِ ل‪T‬صاحل‪T‬هِم‪ ،‬وإنَّ‪T‬هُم يُ‪T‬دركُ‪T‬ونَ أه‪T‬ميَّةَ امل‪T‬علوم‪T‬اتِ؛ ب‪T‬اع‪T‬تبارِه‪T‬ا وس‪T‬يلةً م‪T‬ن وس‪T‬ائ‪T‬لِ‬
‫ال‪T‬تبادلِ‪ ،‬وي‪T‬تبادَل‪T‬ونَ ب‪T‬عضَ امل‪T‬علوم‪T‬اتِ ب‪T‬بَراع‪T‬ةٍ وحِ‪T‬كمةٍ م‪T‬قاب‪T‬لَ )م‪T‬علوم‪T‬اتٍ‪ ،‬أو ت‪T‬نازالتٍ(‬
‫ذاتِ ق‪T‬يمةٍ ب‪T‬النس‪T‬بةِ إل‪T‬يهِم‪ ،‬وب‪T‬ال‪T‬طبع ميُ‪T‬ارِس‪T‬ونَ أي‪T‬ضاً س‪T‬ياس‪T‬ةَ ال‪T‬كِتمانِ اجلُ‪T‬زئ‪T‬يِّ؛ ألنَّ‪T‬هُم‬
‫يُدرِكونَ أنّ املعلوماتِ ال تقبلُ التفاوضَ عليها إالّ مرَّةً واحدةً فقط‪.1‬‬
‫املفهومُ الثالثُ‪:‬‬
‫االع ‪TT‬تقادُ ب ‪TT‬أنّ ال ‪TT‬فردَ ال ‪TT‬ذي ي ‪TT‬تكلَّمُ أك ‪TT‬ثرَ ه ‪TT‬و ال ‪TT‬شخصُ ال ‪TT‬ذي ي ‪TT‬تحكَّمُ ب ‪TT‬ال ‪TT‬عمليةِ‬
‫التفاوضيةِ‪.‬‬
‫ي‪TT‬كونُ ال‪TT‬شخصُ ف‪TT‬ي أغ‪TT‬لبِ األح‪TT‬يانِ ال‪TT‬ذي ي‪TT‬تكلَّمُ أك‪TT‬ثرَ ه‪TT‬و مَ‪TT‬ن ي‪TT‬شعرُ ب‪TT‬احل‪TT‬اج ‪T‬ةِ إل‪TT‬ى‬
‫ال‪TT‬دف‪TT‬اعِ ع‪TT‬ن ح‪TT‬اج‪TT‬اتِ‪TT‬ه وم‪TT‬واق ‪T‬فِه وق‪TT‬ضاي‪TT‬اهُ؛ أيّ‪) :‬أنّ‪TT‬ه ي‪TT‬شعرُ ب‪TT‬احل‪TT‬اج ‪T‬ةِ امل‪TT‬فرط ‪T‬ةِ ل‪TT‬نيلِ م‪TT‬ا‬
‫يُعوِّضُ به ضَعفَ موقفِه(‪.‬‬
‫وف‪T‬ي ك‪T‬ثيرٍ م‪T‬ن امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ ي‪T‬تكلَّمُ ال‪T‬شخصُ؛ ألنّ‪T‬ه ي‪T‬قومُ بش‪T‬رحِ ش‪T‬يءٍ ل‪T‬لطرفِ اآلخَ‪T‬ر‪،‬‬
‫وي‪TT‬نبعُ ه‪TT‬ذا الش‪TT‬رحُ م‪TT‬ن س‪TT‬ؤالٍ متَّ إل‪TT‬قاؤه‪ ،‬أو رمبّ‪TT‬ا ي‪TT‬كونُ م‪TT‬حاول ‪T‬ةً ل‪TT‬توض‪TT‬يحِ م‪TT‬وق ‪T‬فٍ م‪TT‬ن‬
‫‪1‬‬
‫ھﻨﺮي إﺗﺶ ﻛﺎﻟﯿﺮو‪ :‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪.١٨٥‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٦٣‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫إح‪TT‬دى ال‪TT‬قضاي‪TT‬ا وم‪TT‬ع ذل‪TT‬ك ف‪TT‬ي األغ‪TT‬لبِ م‪TT‬ا ي‪TT‬كونُ الش‪TT‬رحُ دِف‪TT‬اع ‪T‬يّاً ب‪TT‬طبيعتِه‪ ،‬وي‪TT‬تمُّ‬
‫استخدامُ كلماتٍ عِدائيةٍ ال تُسهِمُ بأيِّ روحٍ تعاونيةٍ بني اجلانبنيِ‪.1‬‬
‫املفهومُ الرابعُ‪:‬‬
‫ع‪TT‬ند ي‪TT‬تمُّ ت‪TT‬قدميُ عَ‪TT‬رضٍ ي‪TT‬تبعُ ذل‪TT‬ك ف‪TT‬ترةٌ مِ‪TT‬ن ال‪TT‬صمتِ‪ ،‬ف‪TT‬إنّ مَ‪TT‬ن يكس ‪T‬رُ ه‪TT‬ذا ال‪TT‬صمتَ‬
‫يكون خاسِراً‪.‬‬
‫إنّ مَن يكسرُ الصمتَ يكون في األغلبِ هو الشخصَ القادرَ على تقدميِ املبادرةِ‪.2‬‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫ھﻨﺮي إﺗﺶ ﻛﺎﻟﯿﺮو‪:‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪.١٨٥‬‬
‫ھﻨﺮي إﺗﺶ ﻛﺎﻟﯿﺮو‪ :‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪.١٨٧‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٦٤‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﻔﺼﻞُ اﻟﺮﱠاﺑِﻊ‬
‫اﻟﻤُﻌﺎﻫَﺪاتُ اﻟﺪّوﻟﻴّﺔ‬
‫شه ‪T‬دَ ال‪TT‬قان‪TT‬ونُ ال‪TT‬دول‪TT‬ي ت‪TT‬طوراٌ ك‪TT‬ال‪TT‬ذي شه ‪T‬دَه ال‪TT‬قان‪TT‬ونُ ال‪TT‬داخ‪TT‬ليّ؛ ح‪TT‬يث ب‪TT‬دأ ظ‪TT‬هورُ‬
‫امل‪T‬عاه‪T‬داتِ ال‪T‬دول‪T‬ية كـ)وس‪T‬يلة ات‪T‬صالٍ ب‪T‬ني ال‪T‬شعوب ال‪T‬قدمي‪T‬ة‪ ،‬ووض‪T‬ع ح‪T‬دٍّ ل‪T‬لخالف‪T‬ات‬
‫وال‪T‬نزاع‪T‬ات(‪ ،‬وع‪T‬رف‪T‬ت م‪T‬صر ال‪T‬قدمي‪T‬ة وب‪T‬الد م‪T‬ا ب‪T‬ني النه‪T‬ري‪T‬ن؛ ح‪T‬يث ك‪T‬ان‪T‬ت ف‪T‬ي ش‪T‬كل‬
‫)م‪T‬عاه‪T‬داتِ حت‪T‬ال‪T‬فٍ‪ ،‬أو ص‪T‬لحٍ(؛ ب‪T‬حيث ك‪T‬ان‪T‬ت حت‪T‬كم ع‪T‬مليةَ إب‪T‬رام امل‪T‬عاه‪T‬دات ق‪T‬واع‪T‬دُ‬
‫العُرف الدولي‪.‬‬
‫ل‪T‬قد س‪T‬عى ال‪T‬عرف ال‪T‬دول‪T‬ي إل‪T‬ى وض‪T‬ع ق‪T‬واع‪T‬دَ م‪T‬نظمة ل‪T‬إلج‪T‬راءات امل‪T‬تعلقة ب‪T‬امل‪T‬عاه‪T‬دات‪،‬‬
‫وال‪T‬تي ك‪T‬ان‪T‬ت ك‪T‬لُّها إج‪T‬راءات ع‪T‬رف‪T‬ية‪ ،‬وق‪T‬د مت ت‪T‬دوي‪T‬ن ه‪T‬ذه اإلج‪T‬راءات‪ ،‬وذل‪T‬ك ع‪T‬ن ط‪T‬ري‪T‬ق‬
‫جل‪T‬نة ال‪T‬قان‪T‬ون ال‪T‬دول‪T‬ي امل‪T‬نبثقة ع‪T‬ن اجل‪T‬معية ال‪T‬عام‪T‬ة ل‪T‬ألمم املتح‪T‬دة وق‪T‬ام‪T‬ت ب‪T‬وض‪T‬ع مش‪T‬روع‬
‫ل‪T‬قان‪T‬ون امل‪T‬عاه‪T‬دات ال‪T‬دول‪T‬ية ع‪T‬ام ‪۱۹٦۹‬م وصُ‪T‬لْب ه‪T‬ذه االت‪T‬فاق‪T‬يات م‪T‬عاه‪T‬دة ف‪T‬ينّا ح‪T‬ول‬
‫ق‪T‬ان‪T‬ون امل‪T‬عاه‪T‬دات وت‪T‬سمى بـ”ات‪T‬فاق‪T‬ية ف‪T‬ينا ل‪T‬لمعاه‪T‬دات” ودخ‪T‬لت ه‪T‬ذه االت‪T‬فاق‪T‬ية ح‪T‬يِّزَ‬
‫ال‪T‬تنفيذ ع‪T‬ام ‪۱۹۸۰‬م وه‪T‬ي ت‪T‬عتبر ال‪T‬يوم امل‪T‬رج‪T‬عَ األس‪T‬اسَ وال‪T‬قاع‪T‬دة ال‪T‬عام‪T‬ة ف‪T‬يما ي‪T‬تعلق‬
‫ب‪TT‬امل‪TT‬عاه‪TT‬دات ب‪TT‬ني ال‪TT‬دول اخمل‪TT‬تلفة م‪TT‬ن ح‪TT‬يث )أط‪TT‬رافُ‪TT‬ها ‪،‬وم‪TT‬وض‪TT‬وع‪TT‬اتُ‪TT‬ها‪ ،‬واإلج‪TT‬راءاتُ‬
‫املتَّبَعة(‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٦٥‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﻤَﺒﺤﺚُ اﻷوﱠل‬
‫ﻣﻔﻬﻮمُ اﻟﻤُﻌﺎﻫﺪاتِ وﺷﺮوطُ اﻧﻌﻘﺎدِﻫﺎ‬
‫أوّالً‪ :‬مفهومُ املعاهَدةِ‪:‬‬
‫املُعاهَدةُ في اللغةِ‪ :‬قال اجلرجانيُّ العَهْدُ‪ :‬حِفْظُ الشَّيءِ ومُراعاتُه حاالً بعدَ حالٍ‪.1‬‬
‫وه‪T‬و أي‪T‬ضاً ال‪T‬عقدُ وامل‪T‬وثِ‪T‬قُ وال‪T‬يمنيُ وج‪T‬معُه عُ‪T‬هودٌ ومِ‪T‬نه ق‪T‬ولُ‪T‬ه ت‪T‬عال‪T‬ى‪) :‬وَأَوْفُ‪T‬واْ بِعَهْ‪T‬دِ اهللِ‬
‫إِذَا عَاهَدتُّمْ(‪ 2‬وقولُه سُبحانه وتعالى‪) :‬يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ(‪.3‬‬
‫والعَهْ‪T‬دُ أي‪T‬ضا‪ :‬ال‪T‬وص‪T‬يةُ وال‪T‬تقدُّمُ غ‪T‬ال‪T‬ى امل‪T‬رءُ ب‪T‬الش‪T‬يءِ أو ب‪T‬األم‪T‬رِ‪ .‬وي‪T‬قالُ‪ :‬عه‪T‬دَ ال‪T‬رَّجُ‪T‬لُ‬
‫يَعهَ‪T‬دُ عَه‪T‬داً‪ ،‬ق‪T‬ال ت‪T‬عال‪T‬ى )أَلَ‪T‬مْ أَعْهَ‪T‬دْ إِلَ‪T‬يْكُمْ يَ‪T‬ا بَ‪T‬نِي آدَمَ(‪ 4‬وم‪T‬نه اش‪P‬تقاقُ العَهْ‪P‬دِ ال‪P‬ذي‬
‫يكتبُ للُوالةِ‪.‬‬
‫وه ‪TT‬و أي ‪TT‬ضاً ال ‪TT‬وف ‪TT‬اءُ واحل ‪TT‬فاظُ ع ‪TT‬لى احلُ ‪TT‬رم‪T T‬ةِ ورع ‪TT‬اي‪T T‬تِها‪ ،‬ق ‪TT‬ال ت ‪TT‬عال ‪TT‬ى‪) :‬وَمَ ‪TT‬ا وَجَ‪T T‬دْنَ ‪TT‬ا‬
‫ألَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ(‪ 5‬أيّ وفاءٍ‪.6‬‬
‫والعه‪T‬دُ أي‪T‬ضاً‪" :‬األم‪T‬انُ وال‪T‬ذِّمَّ‪T‬ةُ" ت‪T‬قولُ أن‪T‬ا أعهَ‪T‬دُ ه‪T‬ذا األم‪T‬رَ؛ أيّ‪ :‬أؤم‪T‬نكَ مِ‪T‬نْه‪ ،‬ومِ‪T‬ن هُ‪T‬نا‬
‫ق‪T‬يلَ للح‪T‬رب‪T‬يِّ ال‪T‬ذي ي‪T‬دخ‪T‬لُ دارَ اإلس‪T‬المِ ب‪T‬األم‪T‬ان‪ :‬ذُو عَهْ‪T‬دٍ ومُ‪T‬عاهَ‪T‬دٍ‪ ،‬وع‪T‬اه‪T‬دَ ال‪T‬ذم‪T‬يّ‪:‬‬
‫إعطاءٌ فهُو معاهِدٌ ومعاهَدٌ‪.‬‬
‫‪ 1‬ﻋﻠﻲ اﻟﺠﺮﺟﺎﻧﻲ‪ :‬ﻣﻌﺠﻢ اﻟﺘﻌﺮﯾﻔﺎت‪ ،‬ﺗﺤﻘﯿﻖ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﺪﯾﻖ اﻟﻤﻨﺸﺎوي‪ ،‬دار اﻟﻔﻀﯿﻠﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎھﺮة ط‪ ،١‬ﺑﺪون‬
‫ﺗﺎرﯾﺦ‪،‬ص ‪.١٥٩‬‬
‫‪ 2‬ﺳﻮرة اﻟﻨﺤﻞ اﻵﯾﺔ ‪.٩١‬‬
‫‪ 3‬ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة اﻵﯾﺔ ‪.١‬‬
‫‪ 4‬ﺳﻮرة ﯾﺲ اﻵﯾﺔ ‪.١٠٢‬‬
‫‪ 5‬ﺳﻮرة اﻷﻋﺮاف اﻵﯾﺔ ‪.١٠٢‬‬
‫‪ 6‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻜﺮم ﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر‪ :‬ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب‪ ،‬دار ﺻﺎدر‪ ،‬ﺑﯿﺮوت‪ ،‬ط‪ ،١‬ص ‪.١٢ /٢٤١‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٦٦‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫وأه ‪P‬لُ العَه ‪P‬دِ‪ :‬ه‪TT‬م امل‪TT‬عاهَ ‪T‬دُونَ أيّ‪ :‬إنّ‪TT‬هم ي‪TT‬عاهَ‪TT‬دون ع‪TT‬لى م‪TT‬ا ع‪TT‬ليهِم مِ‪TT‬ن ج‪TT‬زي ‪T‬ةٍ‪ ،‬ف‪TT‬إذا‬
‫أسلمُوا ذهبَ عنهم اسمُ املعاهدَةِ‪.‬‬
‫والتَّعهُّ ‪P‬دُ‪ :‬ال ‪T‬تَّحفُّظُ ب‪TT‬الش‪TT‬يءِ وجت‪TT‬دي ‪T‬دُ العَه ‪T‬دِ ب‪TT‬ه‪ .‬يُ‪TT‬قالُ‪ :‬تَعَه ‪T‬دَّتُ فُ‪TT‬الن ‪T‬اً‪ ،‬وتَعهَ ‪T‬دَّتُ‬
‫ضَيعَتي‪.‬‬
‫والعَهيدُ‪ :‬الذي تُعاهِدُهُ ويُعاهِدُكَ‪.‬‬
‫والعُه‪P‬دة‪ :‬ال‪T‬وث‪T‬يقةُ ب‪T‬نيَ امل‪T‬تعاقِ‪T‬دي‪T‬نَ‪ ،‬وك‪T‬تابُ احل‪T‬لفِ والش‪T‬راءِ وامل‪T‬بايَ‪T‬عةِ‪ ،‬ويُ‪T‬قالُ اس‪T‬تعهَدَ‬
‫مِن صاحبِه‪ :‬اشترطَ عليهِ وكَتَبَ عليه عَهدَهُ؛ ألنَّ الشرطَ عَهدٌ في احلقيقةِ‪.1‬‬
‫واملُ‪P‬عاهَ‪P‬دةُ واالع‪P‬تهادُ وال‪P‬تعاهُ‪P‬دُ مب‪P‬عنىً واح‪P‬دٍ‪ :‬وه‪T‬ي امل‪T‬عاقَ‪T‬دةُ واخمل‪T‬الَ‪T‬فةُ‪ .‬ويُ‪T‬قالُ‪ :‬ت‪T‬عاهَ‪T‬دَ‬
‫ال‪T‬قومُ؛ أي‪ :‬حت‪T‬الَ‪T‬فُوا‪ .‬ف‪T‬امل‪T‬عاهَ‪T‬دةُ‪ :‬م‪T‬يثاقٌ ب‪T‬نيَ )اث‪T‬ننيِ‪ ،‬أو ج‪T‬ماع‪T‬تَنيِ(؛ ألنّ‪T‬ها ع‪T‬لى وزنِ‬
‫)مُفاعَلَةٍ( وهي تدلُّ على املشاركةِ؛ فال بُدَّ أن تكونَ بني طرفَنيِ‪.2‬‬
‫واس‪T‬تحدثَ مَج‪T‬معُ ال‪T‬لغةِ ال‪T‬عرب‪T‬يةِ ب‪T‬ال‪T‬قاه‪T‬رةِ ت‪T‬عري‪T‬فاً ل‪T‬لمُعاهَ‪T‬دةِ ب‪T‬أنّ‪T‬ها‪):‬ات‪T‬فاقٌ ب‪T‬نيَ دَولَ‪T‬تنيِ‪،‬‬
‫أو أكثرَ؛ لتنظيمِ عالقاتٍ بينهُما(‪.3‬‬
‫ثانياً‪:‬املعاهداتُ في القانونِ الدوليِّ‪:‬‬
‫يُ‪T‬قصَدُ بـ "امل‪T‬عاه‪T‬دةِ" االت‪T‬فاقُ ال‪T‬دول‪T‬يُّ‪ ،‬امل‪T‬عقودُ ب‪T‬ني ال‪T‬دولِ‪ ،‬ف‪T‬ي ص‪T‬يغةٍ م‪T‬كتوب‪T‬ةٍ‪ ،‬وال‪T‬ذي‬
‫يُ‪T‬نظِّمُه ال‪T‬قان‪T‬ونُ ال‪T‬دول‪T‬يُّ؛ س‪T‬واءٌ ت‪T‬ضمَّنَتْه وث‪T‬يقةٌ واح‪T‬دةٌ‪ ،‬أو وث‪T‬يقتانِ مُ‪T‬تَّصِلتانِ أو أك‪T‬ثرَ‪،‬‬
‫ومهما كانت تسميتُه اخلاصَّةُ‪.4‬‬
‫‪ 1‬ﻋﺜﻤﺎن ﺿﻤﯿﺮﯾﺔ‪:‬اﻟﻤﻌﺎھﺪات اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﻓﻲ ﻓﻘﮫ اﻹﻣﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ‪ ،‬إﺻﺪارات دﻋﻮة اﻟﺤﻖ‪ ،‬ﻣﻜﺔ‬
‫اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ‪ ،‬رﻣﻀﺎن ‪١٤١٧‬ھـ‪ ،‬ص ‪٢٥٢٦‬‬
‫‪ 2‬إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﺑﻦ ﺣﻤﺎد اﻟﺠﻮھﺮي‪ :‬ﻣﻌﺠﻢ اﻟﺼﺤﺎح دار اﻟﻌﻠﻢ ﻟﻠﻤﻼﯾﯿﻦ‪ ،‬ﺑﯿﺮوت‪ ،‬ط ‪١٩٩٠ ،٤‬م‪/٢ ،‬‬
‫‪.٥١٥٥١٦‬‬
‫‪ 3‬اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻟﻮﺳﯿﻂ‪ :‬إﺻﺪار ﻣﺠﻤﻊ اﻟﻠﻐﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎھﺮة‪ ،‬دار اﻟﺸﺮوق اﻟﺪوﻟﯿﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎھﺮة‪ ،‬ط‪١٤٣\٣ ،٢٠٠٤ ،٤‬‬
‫‪ 4‬اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻌﺎھﺪات م‪٢‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٦٧‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫امل‪T‬عاه‪T‬دةُ‪ :‬ه‪T‬ي ات‪T‬فاقٌ م‪T‬كتوبٌ ب‪T‬نيَ ش‪T‬خصَنيِ‪ ،‬أو أك‪T‬ثرَ مِ‪T‬ن أش‪T‬خاصِ ال‪T‬قان‪T‬ونِ ال‪T‬دول‪T‬يِ‪،‬‬
‫مِن شأنِه أن يُنشِئ حقوقاً والتزاماتٍ متبادلةً في ظلِّ القانونِ الدوليِّ‪.1‬‬
‫يتَّضِحُ من هذا التعريفِ أنّ املعاهَدةَ‪:‬‬
‫ ه‪T‬ي ات‪T‬فاقٌ يُ‪T‬عبِّرُ ع‪T‬ن ال‪T‬تقاءِ إراداتِ مُ‪T‬وقِّ‪T‬عِيها ع‪T‬لى أم‪T‬رٍ م‪T‬ا؛ فه‪T‬ي ذاتُ ص‪T‬فاتٍ‬‫تعاقُديةٍ‪ ،‬الغرضُ إنشاءُ عالقةٍ بني األطرافِ‪.‬‬
‫ امل‪TT‬عاه‪TT‬دةُ ب‪TT‬امل‪TT‬عنى ال‪TT‬دق‪TT‬يقِ ل‪TT‬لتعبيرِ ك‪TT‬ما ب ‪T‬يَّنَتها ات‪TT‬فاق‪TT‬يةُ "ف‪TT‬ينَّا" ه‪TT‬ي ات‪TT‬فاقٌ‬‫م‪T‬كتوبٌ‪ ،‬وه‪T‬ذا ه‪T‬و ال‪T‬سائ‪T‬دُ ل‪T‬دى ال‪T‬فقهاءِ ال‪T‬دّول‪T‬يِنيِ‪ ،‬وق‪T‬د ن‪T‬صَّت ع‪T‬ليه ب‪T‬صورةٍ‬
‫واض‪T‬حةٍ ات‪T‬فاق‪T‬يةُ "ف‪T‬ينّا" ل‪T‬قان‪T‬ونِ امل‪T‬عاه‪T‬داتِ؛ ول‪T‬كنْ ال ميَ‪T‬نعُ أن ت‪T‬كونَ امل‪T‬عاه‪T‬دةَ‬
‫ش‪TT‬فوي ‪T‬ةً ول‪TT‬كنْ اس‪TT‬تقرَّ ال‪TT‬عملُ ع‪TT‬لى حت‪TT‬ري ‪T‬رِ امل‪TT‬عاه‪TT‬داتِ وك‪TT‬تاب ‪T‬تِها؛ح ‪T‬تّى ميُ ‪T‬كِنَ‬
‫عَ‪T‬رضُ‪T‬ها ع‪T‬لى الس‪T‬لطاتِ اخمل‪T‬تَصَّةِ إلق‪T‬رارِه‪T‬ا؛ ف‪T‬أص‪T‬بحَ ه‪T‬ذا ش‪T‬رط‪T‬اً ت‪T‬قليدي‪T‬اً ت‪T‬وات‪T‬رَ‬
‫عليه العُرفُ الدوليُّ ‪.2‬‬
‫ول‪T‬كنْ ه‪T‬ناك االت‪T‬فاق‪T‬ياتُ امل‪T‬عروف‪T‬ةُ ب‪T‬اس‪T‬م "اجل‪T‬نتلمان"‪ ،‬وه‪T‬ي ات‪T‬فاق‪T‬اتٌ ت‪T‬تمُّ ب‪T‬شكلٍ مُبسَّ‪T‬طٍ‬
‫ب‪TT‬ني مم ‪T‬ثِّلي ال ‪T‬دُّولِ‪ ،‬مِ‪TT‬ن ش‪TT‬أنِ‪TT‬ه اإلق‪TT‬رارُ ب‪TT‬بعضِ االل‪TT‬تزام‪TT‬اتِ امل‪TT‬تبادل ‪T‬ةِ؛ م‪TT‬ثال ذل ‪T‬كَ‪ :‬ات‪TT‬فاقُ‬
‫"اجل‪T‬نتلمان" ال‪T‬ذي ج‪T‬رَى ب‪T‬نيَ أع‪T‬ضاءِ األمم املتح‪T‬دةِ ع‪T‬ندَ إن‪T‬شائِ‪T‬ها ب‪T‬شأنِ ت‪T‬وزي‪T‬عِ م‪T‬قاع‪T‬دِ‬
‫الدولِ غيرِ الدائمةِ في مجلسِ األمْن‪.3‬‬
‫وامل‪TT‬عاه‪TT‬دةُ‪ :‬ه‪TT‬ي ات‪TT‬فاقٌ ب ‪T‬نيَ ش‪TT‬خصَنيِ‪ ،‬أو أك‪TT‬ثرَ مِ‪TT‬ن أش‪TT‬خاصِ ال‪TT‬قان‪TT‬ونِ ال‪TT‬دول ‪T‬يِّ‪ ،‬وه‪TT‬ذا‬
‫ي‪T‬عني أنّ‪T‬ها ق‪T‬د ت‪T‬كونُ ب‪T‬ني دولٍ‪ ،‬أو ب‪T‬ني دولٍ وم‪T‬نظماتٍ دول‪T‬يةٍ ف‪T‬يما ب‪T‬ينها‪ ،‬وه‪T‬ذا خ‪T‬الفٌ‬
‫‪ 1‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٤١٥‬‬
‫‪ 2‬اﻟﻤﻌﺎھﺪات اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﻓﻲ ﻓﻘﮫ اﻹﻣﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ د ﻋﺜﻤﺎن ﺿﻤﯿﺮﯾﺔ ﻛﺘﺎب ﺷﮭﺮي ﯾﺼﺪر ﻋﻦ‬
‫راﺑﻄﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻌﺪد ‪ ١٧‬رﻣﻀﺎن ‪١٤١٧‬ه ص ‪١٠٠‬‬
‫‪ 3‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ‪٤١٨‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٦٨‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ملِ‪T‬ا ذه‪T‬بَت إل‪T‬يه‪ ،‬ات‪T‬فاق‪T‬ية "ف‪T‬ينَّا" ف‪T‬ي امل‪T‬ادة )‪ (۳‬حيث ح‪T‬صرَت ن‪T‬طاقَ‪T‬ه ف‪T‬ي االت‪T‬فاق‪T‬ياتِ‬
‫املوقَّعةِ بني الدولِ‪.‬‬
‫وال بُ‪T‬دَّ ه‪T‬نا م‪T‬ن اإلش‪T‬ارةِ إل‪T‬ى أنّ االت‪T‬فاق‪T‬ياتِ ب‪T‬ني ال‪T‬دولِ ك‪T‬ام‪T‬لةِ الس‪T‬يادةِ‪ ،‬وه‪T‬و ي‪T‬خضعُ‬
‫الت‪T‬فاق‪T‬يةِ "ف‪T‬ينّا" ل‪T‬قان‪T‬ونِ امل‪T‬عاه‪T‬داتِ‪ ،‬أمّ‪T‬ا ال‪T‬دولُ ذاتُ الس‪T‬يادةِ ال‪T‬ناق‪T‬صةِ؛ فه‪T‬ي ل‪T‬م تُ‪T‬ذْكَ‪T‬رْ‬
‫في اتفاقية "فينّا"‪.‬‬
‫ف‪T‬ال‪T‬قيمةُ ال‪T‬قان‪T‬ون‪T‬يةُ ل‪T‬لمعاه‪T‬داتِ ب‪T‬ني ال‪T‬دولِ ذاتِ الس‪T‬يادةِ ال‪T‬ناق‪T‬صةِ م‪T‬ع أش‪T‬خاصِ ال‪T‬قان‪T‬ونِ‬
‫ال‪T‬دول‪T‬يِّ أو ال‪T‬دُّولِ ه‪T‬ي ليس‪T‬تْ م‪T‬عاه‪T‬داتٍ ب‪T‬نَظرِ ال‪T‬قان‪T‬ونِ ال‪T‬دول‪T‬يِّ م‪T‬ثالُ ذل‪T‬كَ‪ :‬االت‪T‬فاق‪T‬ياتُ‬
‫امل‪T‬عقودةُ ب‪T‬ني ال‪T‬دولِ اخل‪T‬اض‪T‬عةِ للح‪T‬ماي‪T‬ةِ‪ ،‬أو االن‪T‬تدابِ‪ ،‬أو ال‪T‬وص‪T‬اي‪T‬ةِ ودول‪T‬ةٍ أُخ‪T‬رى غ‪T‬يرِ‬
‫الدولةِ التي متُارِسُ عليها احلمايةَ‪ ،‬أو االنتدابَ‪ ،‬أو الوصايةَ‪.‬‬
‫غ‪TT‬يرَ أنّ ه‪TT‬ناك اس‪TT‬تثناءاتٍ م‪TT‬ثلَ الس‪TT‬لطةِ الفلس‪TT‬طينيةِ؛ إذ يَ‪TT‬عترِفُ ال‪TT‬عالَ‪TT‬م ب‪TT‬ال‪TT‬شخصيةِ‬
‫ال‪T‬قان‪T‬ون‪T‬يةِ للس‪T‬لطةِ؛ ألنّ ال‪T‬دولَ ال‪T‬عرب‪T‬يةَ اع‪T‬ترف‪T‬تْ ب‪T‬الس‪T‬لطةِ‪ ،‬واع‪T‬ترفَ ب‪T‬ها أغ‪T‬لبُ دولِ‬
‫العالَم‪ ،‬وإنّ هذا االعترافَ يُكسِبُها الشخصيةَ القانونيةَ‪.‬‬
‫وم‪T‬نها االت‪T‬فاق‪T‬ياتُ امل‪T‬عقودةُ ب‪T‬ني ال‪T‬فات‪T‬يكانِ وال‪T‬دولِ ال‪T‬كاث‪T‬ول‪T‬يكيةِ وذل‪T‬ك ب‪T‬عدَ "م‪T‬عاه‪T‬دة‬
‫الالتران"التي اعترَفَت بالشخصيةِ القانونيةِ للكرسيّ البابويِّ عام ‪۱۹۲۹‬م‪.1‬‬
‫وإنّ ال‪TT‬دولَ ن‪TT‬اق‪TT‬صةَ الس‪TT‬يادةِ تكتس ‪T‬بُ ال‪TT‬شخصيةَ ال‪TT‬قان‪TT‬ون‪TT‬يةَ ب‪TT‬االع‪TT‬ترافِ ال‪TT‬دول ‪T‬يِّ‪ ،‬أو‬
‫انضمامِها للمنظَّماتِ الدوليةِ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬تصنيفُ املعاهداتِ‪:‬‬
‫‪ 1‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ‪٤٢١‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٦٩‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫تُ‪TT‬صنَّفُ امل‪TT‬عاهَ‪TT‬داتُ ب‪TT‬أش‪TT‬كالٍ م‪TT‬ختلفةٍ ت‪TT‬بعاً مل‪TT‬وض‪TT‬وعِ‪TT‬ها‪ ،‬أو ألش‪TT‬خاصِ‪TT‬ها ب‪TT‬النس‪TT‬بةِ‬
‫ملوضوعِها؛ فهي تُقسَمُ إمّا إلى )شارعةٍ‪ ،‬أو تعاقُديّةٍ(‪.‬‬
‫واالت‪T‬فاق‪T‬ياتُ ال‪T‬شارع‪T‬ةُ‪ :‬وه‪T‬ي ال‪T‬تي ت‪T‬نشأ ق‪T‬واع‪T‬د ق‪T‬ان‪T‬ون‪T‬ية دول‪T‬ية م‪T‬وض‪T‬وع‪T‬ية وه‪T‬ي ع‪T‬ادةً م‪T‬ا‬
‫تكونُ اتفاقيةً جَماعيّةً‪.‬‬
‫أما العقدية‪ :‬وهي التي تنشأُ التزاماتٌ متبادلةٌ بني أطرافِها في شكلِ عقدٍ ملزمٍ‪.1‬‬
‫وم ‪TT‬ثالٌ ع ‪TT‬لى امل ‪TT‬عاه ‪TT‬داتِ ال‪T T‬عَقدي‪T T‬ةِ م ‪TT‬عاه ‪TT‬داتُ )ال ‪TT‬تحال‪T T‬فِ‪ ،‬أو ال ‪TT‬تجارةِ‪ ،‬أو ال ‪TT‬دف ‪TT‬اعِ‬
‫املشتركِ(‪.‬‬
‫وامل‪T‬عاه‪T‬داتُ ال‪T‬شارع‪T‬ةُ‪ :‬ه‪T‬ي ال‪T‬تي ت‪T‬تضمّنُ ق‪T‬واع‪T‬دَ ع‪T‬امَّ‪T‬ةً ف‪T‬ي ال‪T‬عالق‪T‬اتِ ال‪T‬دول‪T‬يةِ م‪T‬ثال‪:‬‬
‫اتفاقيةُ ميثاقِ األممِ املتحدةِ‪.‬‬
‫وبالنسبةِ لألشخاصِ‪ :‬تُقسَمُ املعاهداتُ إلى )ثُنائيةٍ‪ ،‬أو جَماعيةٍ(‪.‬‬
‫امل‪T‬عاه‪T‬داتُ ال‪T‬ثنائ‪T‬يةُ ه‪T‬ي مُ‪T‬عاه‪T‬داتُ ع‪T‬قدي‪T‬ةٌ ب‪T‬ني ال‪T‬دولِ وه‪T‬ي م‪T‬عاه‪T‬داتٌ ش‪T‬ارع‪T‬ةٌ‪ ،‬ومب‪T‬ا أنّ‬
‫"ال‪T‬عقدَ ش‪T‬ري‪T‬عةُ امل‪T‬تعاقِ‪T‬دي‪T‬نَ" ف‪T‬إنّ امل‪T‬عاه‪T‬داتِ م‪T‬تى عُ‪T‬قِدَتْ ص‪T‬حيحةً‪ ،‬واس‪T‬توفَ‪T‬تْ ش‪T‬روطَ‬
‫ان‪T‬عقادِه‪T‬ا ت‪T‬لزمُ أط‪T‬رافَ‪T‬ها؛ س‪T‬واءٌ أك‪T‬ان‪T‬ت )ث‪T‬نائ‪T‬يةً‪ ،‬أم جَ‪T‬ماع‪T‬يةً ع‪T‬قدي‪T‬ةً‪ ،‬أو ش‪T‬ارع‪T‬ةً(‪ ،‬وه‪T‬ذا‬
‫م‪TT‬ا ذه ‪T‬بَت إل‪TT‬يه ات‪TT‬فاق‪TT‬يةُ "ف‪TT‬ينّا" ل‪TT‬قان‪TT‬ونِ امل‪TT‬عاه‪TT‬داتِ‪ ،‬وامل‪TT‬ادَّةُ ‪ ۳۸‬مِ‪TT‬ن ال‪TT‬نظامِ األس‪TT‬اس ‪T‬يِّ‬
‫حملكمةِ العدلِ الدوليةِ أيضاً‪.‬‬
‫ت‪T‬نصُّ امل‪T‬ادَّةُ ‪ ۳۸‬مِ‪T‬ن ال‪T‬نظامِ األس‪T‬اس‪T‬يِّ حمل‪T‬كمةِ ال‪T‬عدلِ ال‪T‬دول‪T‬يةِ‪ :‬وظ‪T‬يفةُ احمل‪T‬كمةِ أن ت‪T‬فصلَ‬
‫ف‪T‬ي امل‪T‬نازَع‪T‬اتِ ال‪T‬تي تُ‪T‬رف‪T‬عُ إل‪T‬يها وفْ‪T‬قاً ألح‪T‬كامِ ال‪T‬قان‪T‬ونِ ال‪T‬دول‪T‬يِّ‪ ،‬وه‪T‬ي تُ‪T‬طبَّقُ ف‪T‬ي ه‪T‬ذا‬
‫الشأنِ‪:‬‬
‫‪ 1‬ﻣﺤﺎﺿﺮات ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم د‪ .‬ﺳﺮور طﺎﻟﺒﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ أرﯾﺲ‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٧٠‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫االت‪T‬فاق‪T‬اتُ ال‪T‬دول‪T‬يةُ )ال‪T‬عامَّ‪T‬ة‪،‬واخل‪T‬اصَّ‪T‬ةُ( ال‪T‬تي ت‪T‬ضعُ ق‪T‬واع‪T‬دَ مُ‪T‬عتَرف‪T‬اً ب‪T‬ها ص‪T‬راح‪T‬ةً م‪T‬ن ج‪T‬ان‪T‬بِ‬
‫الدُّولِ املتنازعة‪
.‬‬
‫العاداتُ الدوليةُ املرعِيَّةُ املعتبرةُ مبثابةِ قانونٍ دلَّ عليه تواترُ االستعمالِ‪.‬‬
‫مبادئُ القانونِ العامَّةِ التي أقرَّتْها األممُ املتمدِّنةُ‪.‬‬
‫أح‪T‬كامُ احمل‪T‬اك‪T‬مِ وم‪T‬ذاه‪T‬بِ ك‪T‬بارِ امل‪T‬ؤلِّ‪T‬فنيَ ف‪T‬ي ال‪T‬قان‪T‬ونِ ال‪T‬عامِّ ف‪T‬ي م‪T‬ختلفِ األممِ‪ ،‬ويُ‪T‬عتبَرُ‬
‫هذا أو ذاك مَصدراً احتياطياً لقواعدِ القانونِ وذلك معَ مراعاةِ أحكامِ املادَّةِ ‪.٥۹‬‬
‫ال ي‪T‬ترتَّ‪T‬بُ ع‪T‬لى ال‪T‬نصِّ امل‪T‬تقدِّم ذِكْ‪T‬رُهُ أيُّ إخ‪T‬اللٍ مبِ‪T‬ا ل‪T‬لمحكمةِ مِ‪T‬ن سُ‪T‬لْطَةِ ال‪T‬فصلِ ف‪T‬ي‬
‫القضيةِ وفْقاً ملبادئِ العدلِ واإلنصافِ متى وافقَ أطرافُ الدعوى على ذلك‪.1‬‬
‫‪ 1‬اﻟﻨﻈﺎم اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻤﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﺪل اﻟﺪوﻟﯿﺔ‪ :‬إﻋﺪاد ﺷﺆون اﻹﻋﻼم ﻓﻲ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ‪http://www.un.org/‬‬
‫‪arabic/aboutun/statute.htm‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٧١‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﻤَﺒﺤﺚُ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬
‫إﺑﺮامُ اﻟﻤُﻌﺎﻫَﺪاتِ وآﺛﺎرُﻫﺎ‬
‫أوّالً‪ :‬الشُّروطُ األساسيّةُ لِعَقدِ املُعاهداتِ‪:‬‬
‫يُشترَطُ العتبارِ املعاهدةِ صحيحةً أن تستوفيَ الشرائطَ األساسيةَ النعقادِها‪:‬‬
‫أوّالً‪ :‬ي‪T‬جبُ أن ي‪T‬تمَّ ع‪T‬قدُه‪T‬ا ب‪T‬رض‪T‬ا مُ‪T‬وقِّ‪T‬عيها‪ ،‬وه‪T‬ذا ي‪T‬قتضي أه‪T‬ليَّةَ اإلط‪T‬رافِ امل‪T‬تعاق‪T‬دةِ‬
‫مِن جهةِ أالّ يكونَ الرِّضا مَشوباً بأحدِ العُيوبِ التي تفسخُه مِن جهةٍ أُخرى‪.‬‬
‫إنّ األص ‪T‬لَ أن ي‪TT‬كونَ األط‪TT‬رافُ امل‪TT‬تعاق‪TT‬دةُ أه ‪T‬الً ل‪TT‬لتعاق ‪T‬دِ؛ أيّ دوالً مُس‪TT‬تقلَّةً ت‪TT‬امَّ ‪T‬ةً‪ ،‬أو‬
‫م‪T‬نظَّماتٍ دول‪T‬يةً م‪T‬عترف‪T‬اً ب‪T‬ها‪ ،‬وع‪T‬لى ه‪T‬ذا ال ي‪T‬حقُّ ل‪T‬لدول‪T‬ةِ ال‪T‬ناق‪T‬صةِ أن ت‪T‬عقدَ م‪T‬عاه‪T‬داتٍ إالّ‬
‫مع الدولِ التي متُارِسُ السيادةَ عليها‪.‬‬
‫أمّ‪T‬ا ال‪T‬دول‪T‬ةُ ال‪T‬داخ‪T‬لةُ ف‪T‬ي احت‪T‬ادٍ ف‪T‬يدرال‪T‬يٍّ ف‪T‬ال ي‪T‬كونُ ل‪T‬ها أه‪T‬ليةُ ال‪T‬دخ‪T‬ولِ ف‪T‬ي مُ‪T‬عاه‪T‬داتٍ‬
‫خارجيةٍ؛ إالّ إذا سمحَ لها بذلك الدستورُ االحتاديُّ ضمنَ حدودٍ يضعُها الدستورُ‪.‬‬
‫وي‪TT‬جبُ أالّ ي‪TT‬كونَ إب‪TT‬رامُ امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ مَ‪TT‬شوب ‪T‬اً ب‪TT‬أح ‪T‬دِ ع‪TT‬يوبِ ال ‪T‬رِّض‪TT‬ا كـ )ال‪TT‬غلطِ‪ ،‬وال ‪T‬غِشِّ‪،‬‬
‫والتدليسِ‪ ،‬واإلكراهِ(‪.‬‬
‫وي‪T‬جوزُ ل‪T‬لدول‪T‬ةِ االح‪T‬تجاجُ ب‪T‬ال‪T‬غلطِ ف‪T‬ي امل‪T‬عاه‪T‬دةِ كس‪T‬ببٍ إلب‪T‬طالِ رِض‪T‬اه‪T‬ا االل‪T‬تزامُ ب‪T‬ها إذا‬
‫ت‪T‬علَّقَ ال‪T‬غلطُ ب‪T‬واق‪T‬عةٍ‪ ،‬أو ح‪T‬ال‪T‬ةٍ اع‪T‬تقدَت ه‪T‬ذه ال‪T‬دول‪T‬ةُ ب‪T‬وج‪T‬ودِه‪T‬ا ع‪T‬ند عَ‪T‬قدِ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ‪،‬‬
‫وكانتْ سبباً أساساً في رِضاها االلتزامُ بها‪.1‬‬
‫ي‪TT‬جوزُ ل‪TT‬لدول ‪T‬ةِ ال‪TT‬تي ي‪TT‬دف ‪T‬عُها ال‪TT‬تدل‪TT‬يسُ ل‪TT‬دول ‪T‬ةٍ م‪TT‬تفاوض ‪T‬ةٍ أُخْ‪TT‬رى أن حت‪TT‬تجَّ ب‪TT‬ال‪TT‬تدل‪TT‬يسِ‬
‫كسبَبٍ إلبطالِ رِضاها االلتزامُ باملعاهدةِ‪.2‬‬
‫‪ 1‬اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻌﺎھﺪات م ‪٤٨‬‬
‫‪ 2‬اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ م‪٤٩‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٧٢‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫إذا متّ ال‪T‬توصُّ‪T‬لُ إل‪T‬ى ت‪T‬عبيرِ ال‪T‬دول‪T‬ةِ ع‪T‬ن رِض‪T‬اه‪T‬ا االل‪T‬تزامُ ب‪T‬امل‪T‬عاه‪T‬دةِ ع‪T‬ن ط‪T‬ري‪T‬قِ إف‪T‬سادِ ممُ‪T‬ثِّلها‬
‫ب‪T‬طري‪T‬قةٍ م‪T‬باش‪T‬رةٍ‪ ،‬أو غ‪T‬يرِ م‪T‬باش‪T‬رةٍ مِ‪T‬ن قِ‪T‬بَلِ دول‪T‬ةٍ م‪T‬تفاوض‪T‬ةٍ أُخ‪T‬رى؛ ف‪T‬إنّ‪T‬ه ي‪T‬جوزُ ل‪T‬تلكَ‬
‫الدولةِ أن حتتجَّ باإلفسادِ كسببٍ إلبطالِ رِضاها االلتزامُ باملعاهدة‪.1‬‬
‫ل‪T‬يس ل‪T‬تعبيرِ ال‪T‬دول‪T‬ةِ ع‪T‬ن رِض‪T‬اه‪T‬ا االل‪T‬تزامُ مب‪T‬عاه‪T‬دةٍ وال‪T‬ذي متَّ ال‪T‬توصُّ‪T‬لُ إل‪T‬يه ب‪T‬إك‪T‬راهِ مم‪T‬ثِّلها‬
‫عن طريقِ أعمالٍ‪ ،‬أو تهديداتٍ مُوجَّهةٍ ضِدَّه أيُّ أثرٍ قانونيٍّ‪.2‬‬
‫ع‪T‬لى أنّ ب‪T‬عضَ ال‪T‬فقهاءِ ي‪T‬رى أنّ إك‪T‬راهَ مم‪T‬ثِّلِ ال‪T‬دول‪T‬ةِ مِ‪T‬ن ش‪T‬أنِ‪T‬ه إف‪T‬سادُ رض‪T‬ا ال‪T‬دول‪T‬ةِ ف‪T‬ي ح‪T‬ال‪T‬ةٍ‬
‫ما إذا كانَ لهذا املمثِّلِ سلطةُ إبرامِ املعاهدةِ بصورةٍ نهائيةٍ‪.3‬‬
‫ت‪T‬كونُ امل‪T‬عاه‪T‬دةُ ب‪T‬اط‪T‬لةً إذا متَّ ال‪T‬توصُّ‪T‬لُ إل‪T‬ى ع‪T‬قدِه‪T‬ا ب‪T‬طري‪T‬قِ الته‪T‬دي‪T‬دِ‪ ،‬أو اس‪T‬تخدامِ ال‪T‬قوَّةِ‬
‫بصورةٍ مخالفةٍ ملبادئِ القانونِ الدوليِّ املنصوصِ عليها في ميثاقِ األممِ املتحدةِ‪.4‬‬
‫غ‪T‬يرَ أنّ جت‪T‬ارِبَ ال‪T‬تعام‪T‬لِ ال‪T‬دول‪T‬يِّ ت‪T‬دلُّ أنّ ال‪T‬دولَ اع‪T‬تدَت ب‪T‬امل‪T‬عاه‪T‬داتِ ال‪T‬تي أب‪T‬رم‪T‬تْها ال‪T‬دول‪T‬ةُ‬
‫املنهزِمةُ في احلربِ خِالفاً ملِبدأِ فسادِ الرِّضا نتيجةَ استعمالِ القوةِ‪.5‬‬
‫ت‪T‬كون امل‪T‬عاه‪T‬دةُ ب‪T‬اط‪T‬لةً إذا ك‪T‬ان‪T‬ت وق‪T‬تَ عَ‪T‬قدِه‪T‬ا ت‪T‬تعارَضُ م‪T‬ع ق‪T‬اع‪T‬دةٍ آم‪T‬رةٍ مِ‪T‬ن ال‪T‬قواع‪T‬دِ‬
‫ال‪T‬عامَّ‪T‬ةِ ل‪T‬لقان‪T‬ونِ ال‪T‬دول‪T‬يِّ ألغ‪T‬راضِ ه‪T‬ذه االت‪T‬فاق‪T‬يةِ‪ .‬يُ‪T‬قصدُ ب‪T‬ال‪T‬قاع‪T‬دةِ اآلم‪T‬رةِ م‪T‬ن ال‪T‬قواع‪T‬دِ‬
‫ال‪T‬عامَّ‪T‬ةِ ل‪T‬لقان‪T‬ونِ ال‪T‬دول‪T‬يِّ ال‪T‬قاع‪T‬دةُ امل‪T‬قبول‪T‬ةُ وامل‪T‬عتَرفُ ب‪T‬ها مِ‪T‬ن قِ‪T‬بَلِ اجمل‪T‬تمعِ ال‪T‬دول‪T‬يِّ ك‪T‬كُلٍّ‬
‫ع‪T‬لى أنّ‪T‬ها ال‪T‬قاعـ‪T‬دةُ ال‪T‬تي ال ي‪T‬جوزُ اإلخ‪T‬اللُ ب‪T‬ها وال‪T‬تي ال ميُ‪T‬كِنُ ت‪T‬عدي‪T‬لُها؛ إالّ ب‪T‬قاع‪T‬دةٍ‬
‫الحقةٍ من القواعدِ العامَّةِ للقانونِ الدوليِّ لها ذاتُ الطابَع‪.6‬‬
‫‪ 1‬اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ م‪٥٠‬‬
‫‪ 2‬اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ م‪٥١‬‬
‫‪ 3‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي‪ :‬اﻟﻤﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص ‪.٤٢٦‬‬
‫‪ 4‬اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ م ‪ ٥٢‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬
‫‪ 5‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ ‪٤٢٦‬‬
‫‪ 6‬اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ م‪٥٣‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٧٣‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ثانياً‪ :‬التصديقُ أو اإلبرامُ واالنضمامُ‪:‬‬
‫امل‪TT‬صادق ‪T‬ةُ أو ت‪TT‬بادلُ ال‪TT‬تصدي‪TT‬قاتِ ع‪TT‬مليةٌ ت‪TT‬قتضي ال‪TT‬تفاع ‪T‬لَ ب‪TT‬ني اجل‪TT‬ان‪TT‬بنيِ‪ ،‬ف‪TT‬بعدَ إمت‪TT‬امِ‬
‫ال‪T‬تصدي‪T‬قِ البُ‪T‬دَّ ل‪T‬لدولِ امل‪T‬تعاق‪T‬دةِ م‪T‬ن ت‪T‬بادلِ ال‪T‬تصدي‪T‬قاتِ ف‪T‬يما ب‪T‬ينَها؛ ح‪T‬تى ي‪T‬كونَ كُ‪T‬لٌّ‬
‫م‪T‬نها ع‪T‬لى عِ‪T‬لْمٍ ب‪T‬أنّ ال‪T‬طرفَ اآلخَ‪T‬رَ ق‪T‬د انته‪T‬ى مِ‪T‬ن ذل‪T‬ك اإلج‪T‬راءِ ال‪T‬ضروريِّ ال‪T‬ذي ميُ‪T‬ثِّلُ‬
‫رِضا كلٍّ منهُما رسميَّاً باملعاهدَة ‪.1‬‬
‫ويكونُ تعبيرُ الدولةِ عن قَبولِها مبعاهدةٍ والتصديقِ عليها في إحدى احلالتني‪:‬‬
‫‪ ۱‬تُ‪TT‬عبِّرُ ال‪TT‬دول ‪T‬ةُ ع‪TT‬ن رِض‪TT‬ا ال‪TT‬تزامِ‪TT‬ها ب‪TT‬امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ ب‪TT‬ال‪TT‬تصدي ‪T‬قِ ع‪TT‬ليها ف‪TT‬ي إح‪TT‬دى احل‪TT‬االتِ‬
‫التالية‪:‬‬
‫)أ( إذا نصَّتِ املعاهدةُ على أنّ التعبيرَ عن الرِّضا يتمُّ بالتصديقِ‪.‬‬
‫)ب( إذا ث‪T‬بتَ ب‪T‬طري‪T‬قةٍ أُخ‪T‬رى أنّ ال‪T‬دولَ امل‪T‬تفاوض‪T‬ةَ ك‪T‬ان‪T‬ت ق‪T‬د ات‪T‬فقَتْ ع‪T‬لى‬
‫اشتراطِ التصديقِ‪.‬‬
‫)ج( إذا كان ممُثِّلُ الدولةِ قد وقَّعَ املعاهَدةَ بشرطِ التصديقِ‪.‬‬
‫)د( إذا ب ‪T‬دَت ن ‪T‬يَّةُ ال‪TT‬دول ‪T‬ةِ امل‪TT‬عنيَّةِ م‪TT‬ن وث‪TT‬يقةِ ت‪TT‬فوي ‪T‬ضِ ممُ ‪T‬ثِّلِها أن ي‪TT‬كونَ‬
‫ت‪T‬وق‪T‬يعُها مش‪T‬روط‪T‬اً ب‪T‬ال‪T‬تصدي‪T‬قِ ع‪T‬لى امل‪T‬عاه‪T‬دَةِ‪ ،‬أو ع‪T‬بَّرتِ ال‪T‬دول‪T‬ةُ ع‪T‬ن مِ‪T‬ثْلِ‬
‫هذه النِّيَّةِ أثناءَ املفاوَضاتِ‪.‬‬
‫‪ ۲‬ي‪T‬تمُّ ت‪T‬عبيرُ ال‪T‬دول‪T‬ةِ ع‪T‬ن رض‪T‬ا ال‪T‬تزامِ‪T‬ها ب‪T‬امل‪T‬عاه‪T‬دةِ ع‪T‬ن ط‪T‬ري‪T‬ق قَ‪T‬بولِ‪T‬ها أو امل‪T‬واف‪T‬قةِ ع‪T‬ليها‬
‫بشروطٍ ممُاثلةٍ لتلكَ التي تُطبَّقُ على التصديقِ‪.2‬‬
‫‪ 1‬ﻋﺜﻤﺎن ﺿﻤﯿﺮﯾﺔ اﻟﻤﻌﺎھﺪات ﻓﻲ ﻓﻘﮫ اﻹﻣﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ‪١٠٥‬‬
‫‪ 2‬اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻌﺎھﺪات م ‪١٤‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٧٤‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫إنّ ال‪TT‬تصدي ‪T‬قَ ع‪TT‬لى امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ ي‪TT‬ختلفُ ب‪TT‬اخ‪TT‬تالفِ ال ‪T‬نُّظمِ ال‪TT‬دس‪TT‬توري ‪T‬ةِ ل‪TT‬كلِّ ب‪TT‬لدٍ‪ ،‬وال‬
‫يَش‪TT‬ترطُ ال‪TT‬قان‪TT‬ونُ ال‪TT‬دول ‪T‬يُّ مُ ‪T‬دَّةً مُ‪TT‬عيَّنةً ل‪TT‬تصدي ‪T‬قِ الس‪TT‬لطاتِ اخمل‪TT‬تصَّةِ ف‪TT‬ي ال‪TT‬دول ‪T‬ةِ ع‪TT‬لى‬
‫املعاهدةِ املوقَّعةِ مِن قِبَلِ ممُثِّلِها؛ ولكنْ يُفترَضُ أالّ يتأخَّرَ ذلك اإلجراءُ‪.1‬‬
‫ل‪T‬م ي‪T‬كنْ ت‪T‬سجيلُ امل‪T‬عاه‪T‬داتِ ل‪T‬دى أيَّ ه‪T‬يئةٍ دول‪T‬يةٍ مش‪T‬روط‪T‬اً ق‪T‬بلَ عُ‪T‬صبَةِ األُممِ؛ ممّ‪T‬ا ت‪T‬ركَ‬
‫اجمل‪T‬الَ م‪T‬فتوح‪T‬اً أم‪T‬امَ امل‪T‬عاهَ‪T‬داتِ السِّ‪T‬رِّيَّ‪T‬ةِ ال‪T‬تي أدَّت إل‪T‬ى ن‪T‬تائ‪T‬جَ غ‪T‬يرِ م‪T‬رغ‪T‬وب‪T‬ةٍ ف‪T‬ي ال‪T‬عالق‪T‬اتِ‬
‫الدوليةِ‪.‬‬
‫ل‪T T‬قَد ن‪T T‬صَّ م ‪TT‬يثاقُ األممِ املتح ‪TT‬دةِ ف ‪TT‬ي امل ‪TT‬ادَّة‪ /۱۰۲ /‬أنّ ‪TT‬ه "ال ي ‪TT‬جوزُ أليِّ ط ‪TT‬رفٍ ف ‪TT‬ي‬
‫م‪T‬عاه‪T‬دةٍ‪ ،‬أو ات‪T‬فاقٍ دول‪T‬يٍّ ل‪T‬م يُسجَّ‪T‬لْ ل‪T‬دى األم‪T‬ان‪T‬ةِ ال‪T‬عامّ‪T‬ةِ ل‪T‬لمنظّمةِ أن ي‪T‬تمسَّكَ به‪T‬ذه‬
‫امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ‪ ،‬أو به‪TT‬ذا االت‪TT‬فاقِ أم‪TT‬ام أيِّ ف‪TT‬رعٍ م‪TT‬ن ف‪TT‬روعِ امل‪TT‬نظَّمةِ مب‪TT‬ا ف‪TT‬يها م‪TT‬حكمةُ ال‪TT‬عدلِ‬
‫الدوليةِ ‪.2‬‬
‫ثالثاً‪ :‬أثرُ املعاهَداتِ‪:‬‬
‫إنّ أث‪T‬رَ امل‪T‬عاهَ‪T‬داتِ يُ‪T‬قسمُ إل‪T‬ى أث‪T‬رِه ب‪T‬النس‪T‬بةِ ل‪T‬لدولِ األط‪T‬رافِ‪ ،‬أو ب‪T‬النس‪T‬بةِ ل‪T‬لدولِ غ‪T‬يرِ‬
‫األطرافِ‪ ،‬أو بالنسبةِ لألفرادِ‪.‬‬
‫‪ .۱‬أثرُ املعاهَداتِ بالنسبةِ للدولِ األطرافِ‪:‬‬
‫ت‪T‬قولُ ال‪T‬قاع‪T‬دةُ ال‪T‬عامَّ‪T‬ةُ‪" :‬إنّ ال‪T‬عقدَ ش‪T‬ري‪T‬عةُ امل‪T‬تعاقِ‪T‬دي‪T‬نَ"؛ ف‪T‬امل‪T‬عاه‪T‬دةُ م‪T‬تى متَّ عَ‪T‬قدُه‪T‬ا أص‪T‬والً‬
‫أصبحتْ نافذةً‪ ،‬وتكونُ مُلزِمَةً لألطرافِ‪ ،‬وعليهِم تنفيذُها بِحُسنِ نيَّةٍ‪.3‬‬
‫‪ 1‬ﻋﺜﻤﺎن ﺿﻤﯿﺮﯾﺔ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ ص ‪١٠٦‬‬
‫‪ 2‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ اﻟﻌﺎم ‪٤٣٧‬‬
‫اﻟﺪاﺧﻠﻲ‬
‫‪ 3‬ﻻ ﯾﺠﻮ ُز‬
‫غ ﻹﺧﻔﺎﻗِﮫ ﻓﻲ ﺗﻨﻔﯿ ِﺬ اﻟﻤﻌﺎھﺪ ِة‪ ،‬ﻻ‬
‫ﺑﻨﺼﻮص ﻗﺎﻧﻮﻧِﮫ‬
‫ﻟﻄﺮف ﻓﻲ ﻣﻌﺎھﺪ ٍة أن ﯾﺤﺘ ﱠﺞ‬
‫ٍ‬
‫ﱢ‬
‫ﱢ‬
‫ِ‬
‫ﻛﻤﺴﻮ ٍ‬
‫ﺗُ ِﺨﻞﱡ ھﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪةُ ﺑﺎﻟﻤﺎدة ‪.٤٦‬‬
‫م‪٢٦‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٧٥‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ال ي‪T‬جوزُ ل‪T‬طرفٍ ف‪T‬ي م‪T‬عاه‪T‬دةٍ أن ي‪T‬حتجَّ ب‪T‬نصوصِ ق‪T‬ان‪T‬ونِ‪T‬ه ال‪T‬داخ‪T‬ليِّ ك‪T‬مُسوِّغٍ إلخ‪T‬فاقِ‪T‬ه ف‪T‬ي‬
‫تنفيذِ املعاهدةِ‪.1‬‬
‫أمّ‪T‬ا إذا م‪T‬ا ت‪T‬عارَضَ‪T‬تْ م‪T‬عاه‪T‬دةٌ م‪T‬ع ال‪T‬تزام‪T‬اتِ ال‪T‬دول‪T‬ةِ امل‪T‬وقِّ‪T‬عةِ ع‪T‬لى امل‪T‬عاه‪T‬دةِ م‪T‬ع ال‪T‬تزام‪T‬اتِ‪T‬ها‬
‫ال‪T‬واردةِ ف‪T‬ي م‪T‬يثاقِ األُممِ املتح‪T‬دةِ؛ س‪T‬واءٌ أك‪T‬ان ت‪T‬اري‪T‬خَ ان‪T‬عقادِه‪T‬ا ق‪T‬بلَ ت‪T‬اري‪T‬خِ امل‪T‬يثاقِ‪ ،‬أم ب‪T‬عدَ‬
‫تاريخِ امليثاقِ ‪.2‬‬
‫‪ .۲‬أثرُ املعاهَدةِ بالنسبةِ لآلخَر‪:‬‬
‫امل‪T‬بدأُ ال‪T‬عامُّ‪ :‬إنّ أث‪T‬رَ امل‪T‬عاهَ‪T‬داتِ ال ي‪T‬نصرفُ إل‪T‬ى مَ‪T‬ن ل‪T‬م ي‪T‬كُنْ ط‪T‬رف‪T‬اً ف‪T‬يها مِ‪T‬ن ال‪T‬دولِ؛ ف‪T‬ال‬
‫ي‪T‬ترتَّ‪T‬بُ ل‪T‬هم ح‪T‬قوقٌ‪ ،‬وال تُ‪T‬فرَضُ ع‪T‬ليهِم ال‪T‬تزام‪T‬اتٌ؛ وذل‪T‬ك ع‪T‬مالً ب‪T‬ال‪T‬قاع‪T‬دةِ الفقه‪T‬يةِ‪:‬‬
‫)العقدُ ال يُلزِمُ إالّ عاقِديهِ( وهذا ما كرَّسَتْه اتفاقيةُ "فينّا" في مادَّتِها ‪.۳٤‬‬
‫ال تُنشِئ املعاهدةُ التزاماتٍ‪ ،‬أو حقوقاً للدولةِ الغيرِاألُخرى بدونِ رِضاها‪.3‬‬
‫ول‪T‬كنّ امل‪T‬عاه‪T‬داتِ ال تُ‪T‬لزِمُ إالّ أط‪T‬رافَ‪T‬ها‪ ،‬ال ي‪T‬نفي اس‪T‬تحال‪T‬ةَ إن‪T‬شاءِ ال‪T‬تزامٍ ع‪T‬لى دول‪T‬ةٍ ن‪T‬تيجةَ‬
‫ن‪T‬صِّ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ ليس‪T‬تْ ط‪T‬رف‪T‬اً به‪T‬ذا ال‪T‬نَّصِّ أن ي‪T‬كونَ وس‪T‬يلةً إلن‪T‬شاءِ ال‪T‬تزامٍ مُ‪T‬عيَّنٍ‪ ،‬وارت‪T‬ضَت‬
‫الدولةُ األُخرى صراحةً هذا االلتزامَ‪.‬‬
‫ي‪TT‬نشأُ ال‪TT‬تزامٌ ع‪TT‬لى ال‪TT‬دول ‪T‬ةِ األُخْ‪TT‬رى مِ‪TT‬ن ن ‪T‬صِّ ف‪TT‬ي امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ إذا ق‪TT‬صدَ األط‪TT‬رافُ ف‪TT‬يها أن‬
‫يكونَ هذا النصُّ وسيلةً إلنشاءِ االلتزامِ‪ ،‬وقبِلَتِ الدولةُ األُخرى ذلكَ صراحةً وكتابةً‪.‬‬
‫‪ ۱‬ي‪T‬نشأُ ح‪T‬قٌّ ل‪T‬لدول‪T‬ةِ األُخ‪T‬رى مِ‪T‬ن ن‪T‬صٍّ ف‪T‬ي امل‪T‬عاه‪T‬دةِ إذا ق‪T‬صدَ األط‪T‬رافُ ف‪T‬يها أن ميَ‪T‬نَحَ‬
‫ال‪TT‬نصُّ ه‪TT‬ذا احل ‪T‬قَّ إمّ‪TT‬ا ل‪TT‬لدول ‪T‬ةِ ال‪TT‬غيراألُخ‪TT‬رى‪ ،‬أو جمل‪TT‬موع ‪T‬ةٍ م‪TT‬ن ال‪TT‬دولِ ت‪TT‬نتمي إل‪TT‬يها‪ ،‬أو‬
‫اﻟﺪاﺧﻠﻲ‬
‫ﺑﻨﺼﻮص ﻗﺎﻧﻮﻧ ِﮫ‬
‫ﻟﻄﺮف ﻓﻲ ﻣﻌﺎھﺪ ٍة أن ﯾﺤﺘ ﱠﺞ‬
‫‪ 1‬ﻻ ﯾَﺠﻮ ُز‬
‫ﻛﻤﺴﻮغ ﻹﺧﻔﺎﻗِﮫ ﻓﻲ ﺗﻨﻔﯿ ِﺬ اﻟﻤﻌﺎھﺪ ِة‪ ،‬ﻻ‬
‫ٍ‬
‫ﱢ‬
‫ِ‬
‫ٍ‬
‫ﺗُ ِﺨ ُﻞ ھﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة ﺑﺎﻟﻤﺎدة ‪.٤٦‬‬
‫‪ 2‬اﻟﻤﺎدة ‪ ١٠٣‬ﻣﻦ ﻣﯿﺜﺎق اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة‬
‫‪ 3‬اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨّﺎ ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻌﺎھﺪات م ‪٣٤‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٧٦‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ل‪T‬لدولِ ك‪T‬اف‪T‬ةً‪ ،‬وواف‪T‬قَتِ ال‪T‬دول‪T‬ةُ األُخ‪T‬رى ع‪T‬لى ذل‪T‬ك‪ ،‬وتُ‪T‬فترَضُ امل‪T‬واف‪T‬قةُ م‪T‬ا دام‪T‬تِ ال‪T‬دول‪T‬ةُ‬
‫األُخرى لم تُبْدِ خِالفَ ذلك؛ إالّ إذا نصَّتِ املعاهدةُ على خالفِ ذلك‪.‬‬
‫‪ ۲‬ي‪T‬جبُ ع‪T‬لى ال‪T‬دول‪T‬ةِ ال‪T‬تي متُ‪T‬ارِسُ ح‪T‬قّاً وفْ‪T‬قاً ل‪T‬لفقرةِ األُول‪T‬ى م‪T‬ن امل‪T‬ادة ‪ ۳٤‬م‪T‬ن ات‪T‬فاق‪T‬يةِ‬
‫"ف‪TT‬ينّا" أنّ ت‪TT‬تقيَّدَ ب‪TT‬الش‪TT‬روطِ اخل‪TT‬اصَّ ‪T‬ةِ مبُ‪TT‬مارس ‪T‬تِه امل‪TT‬نصوصِ ع‪TT‬ليها ف‪TT‬ي امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ‪ ،‬أو‬
‫املوضوعةِ وفْقاً لها‪.‬‬
‫ع‪T‬ندم‪T‬ا ي‪T‬نشأُ ال‪T‬تزامٌ ع‪T‬لى ال‪T‬دول‪T‬ةِ األُخ‪T‬رى طِ‪T‬بقاً ل‪T‬لمادة "‪ "۳٥‬ال ي‪T‬تمُّ إل‪T‬غاؤهُ‪ ،‬أو ت‪T‬عدي‪T‬لُه‬
‫إالّ ب‪T‬رض‪T‬ا األط‪T‬رافِ ف‪T‬ي امل‪T‬عاه‪T‬دةِ وال‪T‬دول‪T‬ةِ األُخ‪T‬رى م‪T‬ا ل‪T‬م يَ‪T‬ثْبُتْ أنَّ‪T‬هُم ك‪T‬ان‪T‬وا ق‪T‬د اتَّ‪T‬فقُوا ع‪T‬لى‬
‫خِالفِ ذلك‪.‬‬
‫ع‪T‬ندم‪T‬ا ي‪T‬نشأُ ح‪T‬قٌّ ل‪T‬لدول‪T‬ةِ األُخ‪T‬رى وفْ‪T‬قاً ل‪T‬لمادة "‪ "۳٦‬ال ي‪T‬جوزُ إل‪T‬غاؤهُ‪ ،‬أو ت‪T‬عدي‪T‬لُه مِ‪T‬ن‬
‫قِ‪T‬بَلِ األط‪T‬رافِ ف‪T‬ي امل‪T‬عاه‪T‬دةِ إذا ثَ‪T‬بَتَ أنّ‪T‬ه ق‪T‬صَدَ ب‪T‬ه أالّ ي‪T‬كونَ ق‪T‬ابِ‪T‬الً ل‪T‬إلل‪T‬غاءِ‪ ،‬أو خ‪T‬اضِ‪T‬عاً‬
‫للتعديلِ إالّ برضا الدولةِ الغير‪.1‬‬
‫‪ .۳‬أثرُ املعاهداتِ على األفرادِ‪:‬‬
‫ه ‪TT‬ناك ط ‪TT‬ائ ‪TT‬فةٌ م ‪TT‬ن امل ‪TT‬عاه ‪TT‬داتِ تُ ‪TT‬رتِّ‪T T‬بُ ح ‪TT‬قوق‪T T‬اً أو ال ‪TT‬تزام ‪TT‬اتٍ ع ‪TT‬لى األف ‪TT‬رادِ م ‪TT‬باش ‪TT‬رةً؛‬
‫ك)امل‪TT‬عاهَ‪TT‬دةِ ال‪TT‬تي حتُ ‪T‬رِّمُ ال ‪T‬قَرصَ ‪T‬نَةَ‪،‬أو حتُ ‪T‬رِّمُ أف‪TT‬عاالً مُ‪TT‬عيَّنةً‪ ،‬ت‪TT‬تعلَّقُ مبس‪TT‬لكِ األف‪TT‬رادِ ف‪TT‬ي‬
‫احل‪T‬ربِ‪ ،‬وامل‪T‬عاهَ‪T‬دةِ ال‪T‬تي تُ‪T‬عطي ل‪T‬لفردِ ح‪T‬قَّ االل‪T‬تجاءِ إل‪T‬ى م‪T‬حكمةٍ دول‪T‬يةٍ م‪T‬عيَّنةٍ(‪ ،‬وه‪T‬ذا‬
‫ال‪T‬نوعُ م‪T‬ن امل‪T‬عاهَ‪T‬داتِ أخ‪T‬ذَ ف‪T‬ي ال‪T‬ذُّي‪T‬وعِ واالن‪T‬تشارِ‪.‬ك‪T‬ما أنّ‪T‬ه يَج‪T‬ري خِ‪T‬الفٌ ح‪T‬ادٌّ ف‪T‬ي ال‪T‬فقهِ‬
‫ح‪T‬ولَ م‪T‬ا إذا ك‪T‬ان‪T‬تْ آث‪T‬ارُه ت‪T‬تولَّ‪T‬دُ م‪T‬باش‪T‬رةً ف‪T‬ي م‪T‬واج‪T‬هةِ األف‪T‬رادِ‪ ،‬أم ي‪T‬كونُ ت‪T‬طبيقُها م‪T‬ن‬
‫خ‪T‬اللِ دُولٍ هُ‪T‬مُ األط‪T‬رافُ ف‪T‬ي امل‪T‬عاه‪T‬دةِ ف‪T‬يكونُ أث‪T‬رُ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ ف‪T‬ي األم‪T‬ثلةِ ال‪T‬ساب‪T‬قةِ ه‪T‬و ال‪T‬تزامُ‬
‫‪ 1‬اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻌﺎھﺪات ‪٣٧ ٣٦ ٣٥‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٧٧‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ال‪TT‬دول ‪T‬ةِ بتح‪TT‬رميِ ال‪TT‬قرص‪TT‬نةِ‪ ،‬وحت‪TT‬رميُ ج‪TT‬رائ ‪T‬مِ احل‪TT‬ربِ‪ ،‬وإع‪TT‬طاءُ األف‪TT‬رادِ ح ‪T‬قَّ ال‪TT‬تقاض‪TT‬ي أم‪TT‬ام‬
‫احملكمةِ الدوليةِ‪.‬‬
‫إنّ امل‪T‬وق‪T‬فَ ال‪T‬قان‪T‬ون‪T‬يَّ مِ‪T‬ن ح‪T‬يثُ ك‪T‬ونُ ال‪T‬فردِ أح‪T‬دَ أش‪T‬خاصِ ال‪T‬قان‪T‬ونِ ال‪T‬دول‪T‬يِّ يح‪T‬ملُ ت‪T‬نازُع‪T‬اً‬
‫ف‪T‬ي ال‪T‬شخصيةِ ال‪T‬دول‪T‬يةِ وحت‪T‬دي‪T‬دِه‪T‬ا‪ ،‬يح‪T‬ملُ ال‪T‬قولُ ب‪T‬أنّ أث‪T‬رَ امل‪T‬عاه‪T‬داتِ ال‪T‬تي ت‪T‬تَّصِلُ ب‪T‬ال‪T‬فردِ‬
‫ي‪T‬نصرفُ إل‪T‬يه م‪T‬باش‪T‬رةً‪ ،‬وممّ‪T‬ا ي‪T‬دع‪T‬مُ ه‪T‬ذا ال‪T‬رأيَ ب‪T‬صورةٍ خ‪T‬اصَّ‪T‬ةٍ أنّ مُ‪T‬حاكَ‪T‬ماتِ ن‪T‬وم‪T‬بورغ‬
‫الشه‪T‬يرةَ إمنّ‪T‬ا ك‪T‬ان‪T‬ت ألف‪T‬رادٍ‪ ،‬اع‪T‬تُبِرُوا مُج‪T‬رِم‪T‬نيَ ب‪T‬حقِّ اإلن‪T‬سان‪T‬يةِ والس‪T‬المِ‪ ،‬ول‪T‬م يَ‪T‬دفَ‪T‬عْ ع‪T‬نهُم‬
‫تهمَهُم ادعاؤهُم بأنّ تصرُّفاتِهم كانت وظيفةً أملتْها عليهِم مناصِبُهم في الدولة‪.‬‬
‫أمّ‪T‬ا جل‪T‬نةُ ال‪T‬قان‪T‬ونِ ال‪T‬دول‪T‬يِّ ف‪T‬ي مش‪T‬روعِ‪T‬ها ع‪T‬ن ق‪T‬ان‪T‬ونِ امل‪T‬عاه‪T‬داتِ ف‪T‬قَد جت‪T‬نَّبَتِ اخل‪T‬وضَ ف‪T‬ي‬
‫هذا البحثِ؛ مُعتبِرَةً أنّه يذهبُ إلى ما وراءَ نطاقِ قانونِ املعاهداتِ ‪.1‬‬
‫‪ 1‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪٤٥١‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٧٨‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﻔﺼﻞُ اﻟﺨﺎﻣِﺲُ‬
‫ﺗﻌﺪﻳﻞُ اﻟﻤُﻌﺎﻫَﺪاتِ وإﻧﻬَﺎؤﻫﺎ‬
‫أوّالً‪ :‬تفسيرُ املُعاهَداتِ‪:‬‬
‫امل‪TT‬قصودُ بتفس‪TT‬يرِ امل‪TT‬عاه‪TT‬داتِ حت‪TT‬دي ‪T‬دُ م‪TT‬عنى ال‪TT‬نصوصِ ال‪TT‬تي ج‪TT‬اءتْ ب‪TT‬ها ون‪TT‬طاقِ‪TT‬ها‪،‬‬
‫والتفسيرُ نوعانِ‪:‬‬
‫التفسيرُ األوَّلُ‪ :‬وهو إمّا )دبلوماسيٌّ‪ ،‬أو قضائيٌّ(‪ ،‬وإمّا )تفسيرٌ داخليٌّ(؛‬
‫ف‪T‬التفس‪T‬يرُ ال‪T‬دب‪T‬لوم‪T‬اس‪T‬يُّ‪ :‬وه‪T‬و ذل‪T‬ك التفس‪T‬يرُ ال‪T‬ذي ي‪T‬تمُّ مِ‪T‬ن قِ‪T‬بَلِ ال‪T‬دُّولِ امل‪T‬وقِّ‪T‬عةِ ع‪T‬لى‬
‫املعاهداتِ‪.‬‬
‫أمّ ‪TT‬ا التفس ‪TT‬يرُ ال ‪TT‬دول‪T T‬يُّ ال ‪TT‬قضائ‪T T‬يُّ ف ‪TT‬هو ال ‪TT‬ذي ي ‪TT‬قومُ ب ‪TT‬ه م ‪TT‬رج‪T T‬عٌ ق ‪TT‬ضائ‪T T‬يٌّ أو حت ‪TT‬كيميٌّ‬
‫ك)م‪T‬حكمةِ ال‪T‬عدلِ ال‪T‬دول‪T‬يةِ‪ ،‬أو أيِّ ه‪T‬يئةٍ مُ‪T‬حكَّمةٍ أُخ‪T‬رى ي‪T‬ختارُونَ‪T‬ها( وه‪T‬ذا م‪T‬ا ن‪T‬صَّت‬
‫عليه املادة ‪ ۳٦‬من النظامِ محكمةِ العدلِ الدوليةِ‪.1‬‬
‫التفس‪P‬يرُ ال‪P‬داخ‪P‬ليُّ‪ :‬وه‪P‬و ي‪T‬تمُّ إمّ‪T‬ا ع‪T‬ن ط‪T‬ري‪T‬قِ )السُّ‪T‬لطةِ اخمل‪T‬تصَّةِ ف‪T‬ي ت‪T‬وق‪T‬يعِ امل‪T‬عاهَ‪T‬دةِ‪ ،‬أو‬
‫احملاكمِ الوطنيةِ للدولةِ املعنيّةِ(‪،‬‬
‫وق‪T‬د اس‪T‬تقرَّ االج‪T‬تهادُ ال‪T‬قضائ‪T‬يُّ ف‪T‬ي أك‪T‬ثرِ ال‪T‬دولِ ع‪T‬لى ض‪T‬رورةِ م‪T‬راع‪T‬اةِ م‪T‬بدأِ ع‪T‬دمِ ت‪T‬دخُّ‪T‬لِ‬
‫احملاكمِ في إعمالِ السيادةِ الدوليةِ ‪.2‬‬
‫ثانياً‪ :‬تعديلُ املعاهداتِ‪:‬‬
‫‪ 1‬اﻟﻤﺎدة ‪ ٣٦‬ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺎم ﻣﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﺪل اﻟﺪوﻟﯿﺔ‬
‫‪ 2‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٤٥٧‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٧٩‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ي‪T‬جوزُ أن تُ‪T‬عدَّلَ امل‪T‬عاه‪T‬دةُ ب‪T‬ات‪T‬فاقِ أط‪T‬رافِ‪T‬ها‪ .‬وتَس‪T‬ري ع‪T‬لى ه‪T‬ذا االت‪T‬فاقِ ال‪T‬قواع‪T‬دُ ال‪T‬واردةُ‬
‫في اجلزء الثاني ما لم تَنصَّ املعاهدةُ على غيرِ ذلك‪.‬‬
‫م‪T‬ا ل‪T‬م ت‪T‬نصَّ امل‪T‬عاه‪T‬دةُ ع‪T‬لى خ‪T‬الفِ ذل‪T‬ك؛ فَتس‪T‬ري ع‪T‬لى ت‪T‬عدي‪T‬لِ امل‪T‬عاهَ‪T‬داتِ اجلَ‪T‬ماع‪T‬يةِ‬
‫الفِقراتُ التاليةُ‪:‬‬
‫ي‪T‬جبُ إخ‪T‬طارُ ك‪T‬لِّ ال‪T‬دولِ امل‪T‬تعاق‪T‬دةِ ب‪T‬أيِّ اق‪T‬تراحٍ يَس‪T‬تهدفُ ت‪T‬عدي‪T‬لَ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ اجلَ‪T‬ماع‪T‬يَّةِ‬
‫فيما بني األطرافِ جميعاً‪ ،‬ويكون لكلٍّ مِن هذه الدُّولِ أن تُشاركَ فيما يأتي‪:‬‬
‫القرارُ اخلاصُّ باإلجراءِ الواجبِ اتخاذُه بشأنِ هذا االقتراحِ؛‬
‫املفاوضةُ وعقدُ أيِّ اتفاقٍ لتعديلِ املعاهدةِ‪.‬‬
‫م‪TT‬ن ح ‪T‬قِّ كُ ‪T‬لِّ دول ‪T‬ةٍ أنْ ت‪TT‬صبحَ ط‪TT‬رف ‪T‬اً ف‪TT‬ي امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ أن تُ‪TT‬صبِحَ ط‪TT‬رف ‪T‬اً ف‪TT‬ي امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ ب‪TT‬عد‬
‫تعديلِها‪.‬‬
‫ال يُ ‪TT‬لزِمُ االت ‪TT‬فاقُ امل ‪TT‬عدَّلُ أيَّ دول‪T T‬ةٍ ت ‪TT‬كونُ ط ‪TT‬رف‪T T‬اً ف ‪TT‬ي امل ‪TT‬عاهـ ‪TT‬دةِ‪ ،‬وال تُ ‪TT‬صبِحُ ط ‪TT‬رف‪T T‬اً‬
‫في االتفاقِ املعدَّلِ‪ ،‬وتطبَّقُ املادة ‪ ۳۰‬من اتفاقية "فينّا" بالنسبةِ إلى هذه الدولةِ‪.‬‬
‫م‪TT‬ا ل‪TT‬م تُ‪TT‬عبِّرْ ع‪TT‬ن ن ‪T‬يَّةٍ مُ‪TT‬غاي‪TT‬رةٍ‪ ،‬تُ‪TT‬عتبَّرُ أيُّ دول ‪T‬ةٍ تُ‪TT‬صبِحُ ط‪TT‬رف ‪T‬اً ف‪TT‬ي امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ ب‪TT‬عد دخ‪TT‬ولِ‬
‫االت‪T‬فاقِ امل‪T‬عدَّلِ ح‪T‬يِّزَ ال‪T‬نفاذِ ط‪T‬رف‪T‬اً ف‪T‬ي امل‪T‬عاهَ‪T‬دةِ ك‪T‬ما ع‪T‬دلَّ‪T‬ت ط‪T‬رف‪T‬اً ف‪T‬ي امل‪T‬عاهَ‪T‬دةِ غ‪T‬يرِ امل‪T‬عدَّل‪T‬ةِ‬
‫في مواجهةِ أيِّ طرفٍ في املعاهدةِ لم يلتزمْ باالتفاقِ املعدَّلِ‪.1‬‬
‫ثالثاً‪ :‬انتهاءُ املعاهَداتِ‪:‬‬
‫أوّالً‪ :‬بتنفيذِها‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬اتفاقٌ على إلغائِها‪.‬‬
‫‪ 1‬اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ م ‪٣٠‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٨٠‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ثالثا‪ :‬انقضاءُ أجلِها‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬الفَسخُ‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬حتُقِّقُ استحالةَ تنفيذِ املعاهَدةِ‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬زوالُ الشخصيةِ القانونيةِ إلحدى الدولِ املتعاقِدةِ‪.‬‬
‫سابعاً‪:‬ظهورُ قاعدةِ إمرةٍ جديدةٍ عامَّةِ التطبيقِ في القانونِ الدوليِّ‪.‬‬
‫ثامناً‪ :‬التغيُّرُ اجلوهريُّ في الظروفِ‪:1‬‬
‫أوّالً‪ :‬ب‪P‬تنفيذِه‪P‬ا‪ :‬ت‪T‬نقضي امل‪T‬عاه‪T‬دةُ إذا ك‪T‬ان‪T‬ت ق‪T‬د أبُ‪T‬رِمَ‪T‬تْ لِ‪T‬غَرضٍ م‪T‬عنيٍّ‪ ،‬ومتَّ حت‪T‬قيقُ ذل‪T‬ك‬
‫الغرضِ مثالُ ذلكَ اتفاقيةُ تبادُلٍ جتاريٍّ بنيَ دَولتَنيِ‪.‬‬
‫ث‪P‬ان‪P‬يا‪ :‬ان‪P‬قضاءُ أج‪P‬لِها‪ :‬ك‪T‬ذل‪T‬ك تنته‪T‬ي امل‪T‬عاه‪T‬دةُ بح‪T‬لولِ امل‪T‬وع‪T‬دِ احمل‪T‬دَّدِ الن‪T‬تهائِ‪T‬ها ف‪T‬ي‬
‫ن‪T‬صِّها‪ ،‬أمّ‪T‬ا امل‪T‬عاه‪T‬دةُ ال‪T‬تي ال حت‪T‬توي ع‪T‬لى ن‪T‬صٍّ ب‪T‬شأنٍ الن‪T‬تهائِ‪T‬ها أو ال‪T‬تي ال ت‪T‬نصُّ ع‪T‬لى‬
‫إم‪T‬كانِ إل‪T‬غائِ‪T‬ها أو االن‪T‬سحابِ م‪T‬نها ف‪T‬ال ت‪T‬كونُ مَح‪T‬لَّاً ل‪T‬إلل‪T‬غاءِ‪ ،‬أو االن‪T‬سحابِ م‪T‬ا ل‪T‬م ي‪T‬ثبتْ‬
‫اتِّ‪T‬جاهُ ن‪T‬يَّةِ األط‪T‬رافِ ف‪T‬يها إل‪T‬ى ذل‪T‬ك‪ ،‬وه‪T‬ذا م‪T‬ا ن‪T‬صَّتْ ع‪T‬ليه امل‪T‬ادة ‪ ٥٤‬م‪T‬ن ات‪T‬فاق‪T‬يةِ "ف‪T‬ينَّا"‬
‫ح‪T‬يث ت‪T‬قول‪ :‬ي‪T‬جوزُ أن ي‪T‬تمَّ ان‪T‬قضاءُ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ‪ ،‬أو ان‪T‬سحابُ ط‪T‬رفٍ مِ‪T‬نها وف‪T‬قاً ل‪T‬نصوصِ‬
‫امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ؛ أو ف‪TT‬ي أيِّ وق ‪T‬تٍ ب‪TT‬رض‪TT‬ا أط‪TT‬رافِ‪TT‬ها ك‪TT‬افّ ‪T‬ةً ب‪TT‬عدَ ال‪TT‬تشاوُرِ م‪TT‬ع ال‪TT‬دولِ امل‪TT‬تعاقِ‪TT‬دةِ‬
‫األُخرى‪.2‬‬
‫ث‪PP‬ال‪PP‬ثاً‪ :‬االت‪PP‬فاقُ ع‪PP‬لى إل‪PP‬غائِ‪PP‬ها‪ :‬ي‪TT‬جوزُ إن‪TT‬هاءُ امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ‪ ،‬أو ان‪TT‬سحابُ ط‪TT‬رفٍ م‪TT‬نها؛ إمّ‪TT‬ا‬
‫ت‪T‬طبيقاً ل‪T‬نصٍّ ف‪T‬ي امل‪T‬عاه‪T‬دةِ‪ ،‬ي‪T‬سمحُ به‪T‬ذا اإلن‪T‬هاءِ‪ ،‬أو االن‪T‬سحابِ ب‪T‬ات‪T‬فاقِ األط‪T‬رافِ ف‪T‬ي‬
‫أيِّ وق ‪T‬تٍ‪ ،‬ك‪TT‬ذل ‪T‬كَ وب‪TT‬الش‪TT‬روطِ ن‪TT‬فسِها ي‪TT‬جوزُ إي‪TT‬قافُ ال‪TT‬عملِ ب‪TT‬امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ ب‪TT‬النس‪TT‬بةِ إل‪TT‬ى‬
‫‪ 1‬اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺎھﺮ ﻣﻠﻨﺪي واﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺎﺟﺪ اﻟﺤﻤﻮي ﻣﻨﺸﻮرات ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺸﻖ ص‪٤٧‬‬
‫‪ 2‬اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ م ‪٥٤‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٨١‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫األط‪T‬رافِ ك‪T‬افّ‪T‬ةً‪ ،‬أو ط‪T‬رفٍ مُ‪T‬عيَّنٍ‪ ،‬أمّ‪T‬ا إذا خَ‪T‬لَتِ امل‪T‬عاه‪T‬دةُ اجلَ‪T‬ماع‪T‬يّةُ مِ‪T‬ن أيِّ ن‪T‬صٍّ ي‪T‬تعلَّقُ‬
‫ب ‪TT‬إي ‪TT‬قافِ ال ‪TT‬عملِ ب ‪TT‬ها‪ ،‬ف ‪TT‬يجوزُ لِ ‪TT‬طرَف‪T T‬نيِ أو أك ‪TT‬ثرَ ف ‪TT‬يها االت ‪TT‬فاقُ ع ‪TT‬لى إي ‪TT‬قافِ ال ‪TT‬عملِ‬
‫ب‪TT‬أح‪TT‬كامِ‪TT‬ها مُ‪TT‬ؤقَّ‪TT‬تاً‪ ،‬وف‪TT‬يما ب‪TT‬ينهُم ش‪TT‬ري‪TT‬طةَ أالّ يُ‪TT‬ؤثِّ ‪T‬رَ ه‪TT‬ذا االت‪TT‬فاقُ ع‪TT‬لى مت ‪T‬تُّعِ األط‪TT‬رافِ‬
‫األُخ‪TT‬رى ب‪TT‬حقوق ‪T‬هِم وأدائ ‪T‬هِم ال‪TT‬تزام‪TT‬اتِ‪TT‬هم مبَِ‪TT‬وجِ‪TT‬ب امل‪TT‬عاهَ‪TT‬دةِ‪ ،‬وأالّ ي‪TT‬تعارضَ اإلي‪TT‬قافُ‬
‫امل‪T‬ؤقَّ‪T‬تُ م‪T‬ع ال‪T‬تنفيذِ ال‪T‬فعَّالِ ف‪T‬يما ب‪T‬ني األط‪T‬رافِ ك‪T‬افّ‪T‬ةً مل‪T‬وض‪T‬وعِ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ وال‪T‬غرضِ م‪T‬نها‪،‬‬
‫ومِ‪T‬ن ج‪T‬هةٍ أُخ‪T‬رى تُ‪T‬عتبَرُ امل‪T‬عاه‪T‬دةُ منته‪T‬يةً إذا أب‪T‬رمَ األط‪T‬رافُ ك‪T‬افّ‪T‬ةً ف‪T‬يها م‪T‬عاه‪T‬دةً ج‪T‬دي‪T‬دةً‬
‫بشأنِ املوضوعِ نفسِه‪ ،‬وتوافرَ أحدُ الشرطَنيِ اآلتيَنيِ‪:‬‬
‫إذا )ظه‪T‬رَ ف‪T‬ي امل‪T‬عاهَ‪T‬دةِ‪ ،‬أو ث‪T‬بتَ ب‪T‬طري‪T‬قةٍ أُخ‪T‬رى( أنّ األط‪T‬رافَ ق‪T‬د ق‪T‬صدَوا أن يُ‪T‬حكَمَ‬
‫املوضوعُ بعد ذلكَ باملعاهَدةِ اجلديدة‪.‬‬
‫إذا ك‪TT‬ان‪TT‬ت ن‪TT‬صوصُ امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ اجل‪TT‬دي‪TT‬دةِ غ‪TT‬يرَ منسج‪TT‬مةٍ إط‪TT‬الق ‪T‬اً م‪TT‬ع ن‪TT‬صوصِ امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ‬
‫ال‪T‬قدمي‪T‬ةِ؛ ب‪T‬حيث ال ميُ‪T‬كِنُ ت‪T‬طبيقُ امل‪T‬عاه‪T‬دتَ‪T‬نيِ ب‪T‬ال‪T‬وق‪T‬تِ ن‪T‬فسِه‪ ،‬أمّ‪T‬ا إذا ظه‪T‬رَ م‪T‬ن امل‪T‬عاه‪T‬دةِ‬
‫األُول‪T‬ى أنّ ن‪T‬يَّةَ ال‪T‬فقهاءِ ق‪T‬د ان‪T‬صرفَ‪T‬ت إل‪T‬ى إي‪T‬قافِ ت‪T‬طبيقِ ه‪T‬ذه امل‪T‬عاه‪T‬دةِ؛ ف‪T‬يُوقَ‪T‬فُ ت‪T‬طبيقُها‬
‫دونَ إلغائِها وهذا ما تضمَّنَتْه املادة ‪ ٥۸ – ٥٦‬من اتفاقيةِ "فينّا"‪.‬‬
‫امل‪T‬ادة ‪ : ٥٦‬ال ت‪T‬كونُ امل‪T‬عاه‪T‬دةُ ال‪T‬تي ال حت‪T‬توي ع‪T‬لى ن‪T‬صٍّ ب‪T‬شأنِ ان‪T‬قضائِ‪T‬ها‪ ،‬أو ن‪T‬قضِها‪،‬‬
‫أو االنسحابِ منها خاضعةً للنقضِ‪ ،‬أو االنسحابِ إالّ‪:‬‬
‫إذا ث‪T‬بتَ أنّ ن‪T‬يَّةَ األط‪T‬رافِ ق‪T‬د اتَّجَهَ‪T‬تْ ن‪T‬حوَ إق‪T‬رارِ إم‪T‬كانِ ال‪T‬نقضِ‪ ،‬أو االن‪T‬سحابِ؛ أو إذا‬
‫كان حقُّ النقضِ‪ ،‬أو االنسحابِ مفهوماً ضِمناً من طبيعةِ املعاهَدةِ‪.‬‬
‫ع‪T‬لى ال‪T‬طرفِ ال‪T‬راغ‪T‬بِ ف‪T‬ي ن‪T‬قضِ امل‪T‬عاهَ‪T‬دةِ‪ ،‬أو االن‪T‬سحابِ م‪T‬نها عَ‪T‬مالً ب‪T‬ال‪T‬فِقرة )‪ (۱‬أن‬
‫يُفْصِحَ عن نِيّتِه هذه بإخطارٍ مُدَّتُه اثنا عشرَ شهراً على األقلّ‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٨٢‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫امل‪TT‬ادة ‪ ٥۸‬ي‪TT‬جوزُ ل‪TT‬طرف ‪T‬نيِ‪ ،‬أو أك‪TT‬ثرَ ف‪TT‬ي م‪TT‬عاه‪TT‬دةٍ ج ‪T‬مَاع‪TT‬يةٍ أن ي‪TT‬عقدُوا ات‪TT‬فاق ‪T‬اً ب‪TT‬إي‪TT‬قافِ‬
‫العملِ بنصوصِ املعاهدةِ بصورةٍ مُؤقَّتةٍ وفيما بينهُم فحَسب وذلك‪:‬‬
‫إذا نُصَّ على إمكانِ هذا اإليقافِ في املعاهدةِ؛ أو‬
‫إذا كانَ هذا اإليقافُ غيرَ محظورٍ باملعاهدةِ‪ ،‬وبشرطِ‪:‬‬
‫"‪ "۱‬أالّ يُ‪TT‬ؤثِّ ‪T‬رَ ف‪TT‬ي مت ‪T‬تُّعِ األط‪TT‬رافِ األُخ‪TT‬رى ب‪TT‬حقوقِ‪TT‬ها‪ ،‬أو ق‪TT‬يامِ‪TT‬ها ب‪TT‬ال‪TT‬تزام‪TT‬اتِ‪TT‬ها ف‪TT‬ي ظ ‪T‬لِّ‬
‫املعاهدةِ؛‬
‫"‪ "۲‬أالّ يكونَ مُتعارِضاً مع موضوعِ املعاهدةِ والغرضِ منها‪.‬‬
‫‪ ۲‬ف‪T‬يما ع‪T‬دا احل‪T‬ال‪T‬ةِ ال‪T‬تي حت‪T‬كُمها ال‪T‬فِقرةُ ‪)۱‬أ( وم‪T‬ا ل‪T‬م ت‪T‬نصَّ امل‪T‬عاه‪T‬دةُ ع‪T‬لى خ‪T‬الفِ ذل‪T‬ك‬
‫ي ‪TT‬نبغي ع ‪TT‬لى األط ‪TT‬رافِ امل ‪TT‬عنيَّةِ إخ ‪TT‬طارُ األط ‪TT‬رافِ األُخ ‪TT‬رى ب ‪TT‬نيَّتِها ف ‪TT‬ي ع ‪TT‬قدِ االت ‪TT‬فاقِ‬
‫وبنصوصِ املعاهَدةِ التي تزمعُ إيقافُ العملِ بها‪.‬‬
‫راب‪P‬عاً‪ :‬ال‪P‬فسخُ‪ :‬ه‪T‬و اإلخ‪T‬اللُ اجل‪T‬وه‪T‬ريُّ ب‪T‬أح‪T‬كامِ م‪T‬عاه‪T‬دةٍ ث‪T‬نائ‪T‬يةٍ م‪T‬ن ج‪T‬ان‪T‬بِ أح‪T‬دِ ط‪T‬رفَ‪T‬يها‬
‫يُ‪TT‬خوِّلُ ال‪TT‬طرفَ اآلخَ ‪T‬رِ ال‪TT‬تمسُّكَ به‪TT‬ذا اإلخ‪TT‬اللِ ك‪TT‬أس‪TT‬اسٍ إلن‪TT‬هاءِ امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ‪ ،‬أو إي‪TT‬قافِ‬
‫ال‪T‬عملِ ب‪T‬ها )كُ‪T‬لِّيّاً‪ ،‬أو جُ‪T‬زئ‪T‬يَّاً(‪ ،‬أمّ‪T‬ا اإلخ‪T‬اللُ اجل‪T‬وه‪T‬ريُّ ب‪T‬أح‪T‬كامِ م‪T‬عاه‪T‬دةٍ جَ‪T‬ماع‪T‬يةٍ م‪T‬ن‬
‫ج‪TT‬ان ‪T‬بِ أح ‪T‬دِ األط‪TT‬رافِ ف ‪T‬يُخوِّلُ األط‪TT‬رافَ األُخ‪TT‬رى ب‪TT‬ات‪TT‬فاقٍ ج‪TT‬ماع ‪T‬يٍّ ف‪TT‬ي م‪TT‬ا ب‪TT‬ينهُم بـ‬
‫)إي‪T‬قافِ ال‪T‬عملِ‪ ،‬ب‪T‬امل‪T‬عاه‪T‬دةِ أو إن‪T‬هائِ‪T‬ها( ف‪T‬ي ال‪T‬عالق‪T‬ةِ ب‪T‬ينهُم وب‪T‬ني ال‪T‬دولِ اخمل‪T‬لَّةِ‪ ،‬أو ف‪T‬ي‬
‫العالقةِ بينهُم وبني األطرافِ كافّةً‪.‬‬
‫أمّ‪T‬ا ال‪T‬طرفُ ال‪T‬ذي ي‪T‬تأثَّ‪T‬رُ ب‪T‬صورةٍ خ‪T‬اصّ‪T‬ةٍ م‪T‬ن ه‪T‬ذا اإلخ‪T‬اللِ ف‪T‬يُخوَّلُ ال‪T‬تمسُّكُ ب‪T‬ه ك‪T‬أس‪T‬اسِ‬
‫إي‪T‬قافِ ال‪T‬عملِ ب‪T‬امل‪T‬عاه‪T‬دةِ )كُ‪T‬لِّيّاً‪ ،‬أو جُ‪T‬زئ‪T‬يّاً( ف‪T‬ي ال‪T‬عالق‪T‬ةِ ب‪T‬ينَه وب‪T‬نيَ ال‪T‬دولِ اخمل‪T‬لَّةِ‪ ،‬ويُ‪T‬خوّلُ‬
‫أليِّ ط‪TT‬رفٍ آخَ ‪T‬رَ إي‪TT‬قافُ ال‪TT‬عملِ ب‪TT‬امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ ب‪TT‬النس‪TT‬بةِ إل‪TT‬يه‪ ،‬إذا ك‪TT‬ان مِ‪TT‬ن ش‪TT‬أنِ اإلخ‪TT‬اللِ‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٨٣‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اجل‪T‬وه‪T‬ريِّ ب‪T‬أح‪T‬كامِ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ م‪T‬ن ج‪T‬ان‪T‬بِ أح‪T‬دِ األط‪T‬رافِ ف‪T‬يها‪ ،‬ل‪T‬ن يُ‪T‬غيِّرَ ب‪T‬صورةٍ ج‪T‬ذريَّ‪T‬ةٍ‬
‫وضعَ كُلِّ طرفٍ فيما يتعلَّقُ بأداءِ التزاماتِه املستقلَّةِ طِبقاً للمعاهدةِ‪.‬‬
‫واملقصودُ باإلخاللِ اجلوهريِّ للمعاهدةِ حَسبَ اتفاقيةِ "فينّا"‪:‬‬
‫ رفضُ العملِ باملعاهدةِ في ما ال تُبيحُه نصوصُ اتفاقيةِ "فينّا"‪،‬‬‫ اإلخاللُ بنَصٍّ ضروريٍّ لتحقيقِ موضوعِ املعاهدةِ‪ ،‬أو الغرضِ منهاِ‪.‬‬‫وق‪TT‬د أث‪TT‬ارَ م‪TT‬وض‪TT‬وعُ ال‪TT‬فسخِ جَ‪TT‬دالً ك‪TT‬بيراً ب‪TT‬ني ف‪TT‬قهاءِ ال‪TT‬قان‪TT‬ونِ؛ ف‪TT‬قد ن‪TT‬ازعَ ب‪TT‬عضُهم ف‪TT‬ي‬
‫ش‪T‬ري‪T‬عةٍ م‪T‬ثلِ ه‪T‬ذا ال‪T‬فسخِ ع‪T‬لى أس‪T‬اسِ أنّ‪T‬ه يُه‪T‬دِّدُ ال‪T‬قوَّةَ اإلل‪T‬زام‪T‬يةَ ل‪T‬لمعاه‪T‬داتِ‪ ،‬وي‪T‬ؤدِّي‬
‫إلى عدمِ استقرارِ املعامالتِ الدوليةِ‪.‬‬
‫ف‪T‬ي ح‪T‬ني ي‪T‬رى قِ‪T‬سمٌ آخ‪T‬رُ مِ‪T‬ن ال‪T‬فقهاءِ ج‪T‬وازَ ال‪T‬فسخِ ب‪T‬اإلرادةِ امل‪T‬نفردةِ ل‪T‬لدولِ إذا ت‪T‬وفَّ‪T‬رتْ‬
‫أس‪T‬بابُ‪T‬ه‪ ،‬وق‪T‬د ذه‪T‬بَت ات‪T‬فاق‪T‬يةُ "ف‪T‬ينّا" ف‪T‬ي امل‪T‬ادة ‪ ٥۹‬إل‪T‬ى ح‪T‬لٍّ وس‪T‬طٍ ف‪T‬ي ه‪T‬ذا ال‪T‬شأنِ؛ فه‪T‬ي‬
‫ق‪TT‬د أق ‪T‬رَّتْ ب‪TT‬أنّ اإلخ‪TT‬اللَ اجل‪TT‬وه‪TT‬ريَّ م‪TT‬ن ج‪TT‬ان ‪T‬بِ ط‪TT‬رفٍ ف‪TT‬ي امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ يُ‪TT‬خوِّلُ ال‪TT‬طرفَ أو‬
‫األط‪T‬رافَ األُخ‪T‬رى احل‪T‬قَّ ف‪T‬ي ال‪T‬تمسُّكِ ب‪T‬ه إلي‪T‬قافِ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ‪ ،‬أو إن‪T‬هائِ‪T‬ها‪ ،‬ت‪T‬ارك‪T‬ةً أم‪T‬رَ إن‪T‬هاءِ‬
‫امل‪T‬عاه‪T‬دةِ ل‪T‬لمَرج‪T‬عِ )ال‪T‬قضائ‪T‬يِّ‪ ،‬أو ال‪T‬تحكيميِّ‪ ،‬أو ال‪T‬توف‪T‬يقيِّ(ا ل‪T‬ذي يُ‪T‬رفَ‪T‬عُ إل‪T‬يه ال‪T‬نزاعُ ب‪T‬ني‬
‫الدولِ املعنيّةِ‪.‬‬
‫املادة ‪ ٥۹‬من اتفاقيةِ "فينَّا"‪:‬‬
‫تُ‪T‬عتبَرُ امل‪T‬عاه‪T‬دةُ مُ‪T‬نقضيةً إذا ع‪T‬قدَ أط‪T‬رافُ‪T‬ها ك‪T‬افّ‪T‬ةً م‪T‬عاه‪T‬دةً الحِ‪T‬قةً ت‪T‬تعلَّقُ ب‪T‬امل‪T‬وض‪T‬وعِ ذاتِ‪T‬ه‪،‬‬
‫وحتَقَّقَ أحدُ الشرطنيِ اآلتيَنيِ‪:‬‬
‫إذا ظه‪T‬رَ ف‪T‬ي امل‪T‬عاه‪T‬دةِ ال‪T‬الحِ‪T‬قةِ‪ ،‬أو ث‪T‬بتَ ب‪T‬طري‪T‬قةٍ أُخ‪T‬رى أنّ األط‪T‬رافَ ق‪T‬د ق‪T‬صَدت أن‬
‫يكونَ املوضوعُ محكوماً بهذه املعاهدةِ؛ أو‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٨٤‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ك‪T‬ان‪T‬ت ن‪T‬صوصُ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ ال‪T‬الحِ‪T‬قةِ غ‪T‬يرَ مُتمشِّ‪T‬يَةٍ م‪T‬ع ن‪T‬صوصِ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ األس‪T‬بقِ ل‪T‬درج‪T‬ةٍ ال‬
‫ميُكِنُ معها تطبيقُ املعاهدتَنيِ في الوقتِ ذاتِه‪.‬‬
‫تُ‪TT‬عتبَرُ امل‪TT‬عاه‪TT‬دةُ األس‪TT‬بقُ ق‪TT‬د أُوقِ ‪T‬فَ ت‪TT‬طبيقُها إذا ظه ‪T‬رَ م‪TT‬ن امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ أو ث‪TT‬بتَ ب‪TT‬طري‪TT‬قةٍ‬
‫أُخرى أنّ نيّة األطرافِ كانت كذلك‪.‬‬
‫خ‪PP‬ام‪PP‬ساً‪ :‬اس‪PP‬تحال ‪P‬ةُ ت‪PP‬نفيذِه‪PP‬ا‪ :‬ي‪TT‬جوزُ ل‪TT‬لطرفِ ف‪TT‬ي امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ أن يَس‪TT‬تنِدَ إل‪TT‬ى اس‪TT‬تحال ‪T‬ةِ‬
‫ت‪T‬نفيذِه‪T‬ا ك‪T‬أس‪T‬اسٍ إلن‪T‬هائِ‪T‬ها إذا ن‪T‬تجَتِ االس‪T‬تحال‪T‬ةُ ع‪T‬ن اخ‪T‬تفاءِ‪ ،‬أو ه‪T‬الكِ ش‪T‬يءٍ ض‪T‬روريٍّ‬
‫للتنفيذِ مثال‪ :‬أنّه نظَّمَ للمالحةِ الدوليةِ فيه‪ ،‬ثمَّ جَفَّتْ مِياهُه‪.‬‬
‫أمّ‪T‬ا إذا ك‪T‬ان‪T‬ت االس‪T‬تحال‪T‬ةُ م‪T‬ؤقَّ‪T‬تةً ف‪T‬يجوزُ االس‪T‬تنادُ إل‪T‬يها ف‪T‬قط ك‪T‬أس‪T‬اسٍ إلي‪T‬قافِ ال‪T‬عملِ‬
‫باملعاهدةِ‪ ،‬وهذا ما أيَّدتْه اتفاقيةُ "فينّا" في املادة ‪ ٦۱‬حيثُ تنصُّ على أنّه‪:‬‬
‫ي‪T‬جوزُ ل‪T‬لطرفِ ف‪T‬ي امل‪T‬عاه‪T‬دةِ االح‪T‬تجاجُ ب‪T‬اس‪T‬تحال‪T‬ةِ ت‪T‬نفيذِه‪T‬ا كسَ‪T‬ببٍ الن‪T‬قضائـِ‪T‬ها‪ ،‬أو‬
‫االن ‪TT‬سحابِ م ‪TT‬نها إذا جن‪T T‬مَتِ االس ‪TT‬تحال‪T T‬ةُ ع ‪TT‬ن زوالِ أو ه ‪TT‬الكِ أم‪T T‬رٍ ال يُس ‪TT‬تغنى ع ‪TT‬نهُ‬
‫ل‪T‬تنفيذِه‪T‬ا‪ .‬أمّ‪T‬ا إذا ك‪T‬ان‪T‬ت االس‪T‬تحال‪T‬ةُ مُ‪T‬ؤقَّ‪T‬تةً ف‪T‬يجوزُ االح‪T‬تجاجُ ب‪T‬ها ك‪T‬أس‪T‬اسٍ إلي‪T‬قافِ‬
‫العملِ باملعاهدةِ فقط‪.‬‬
‫‪ ۲‬ال ي‪T‬جوزُ ل‪T‬لطرفِ ف‪T‬ي امل‪T‬عاه‪T‬دةِ االح‪T‬تجاجُ ب‪T‬اس‪T‬تحال‪T‬ةِ ال‪T‬تنفيذِ كسَ‪T‬ببٍ الن‪T‬قضائِ‪T‬ها‪ ،‬أو‬
‫االن‪TT‬سحابِ م‪TT‬نها إذا ك‪TT‬ان‪TT‬ت االس‪TT‬تحال ‪T‬ةُ ن‪TT‬اج‪TT‬مةً ع‪TT‬ن إخ‪TT‬اللِ ذل‪TT‬ك ال‪TT‬طرفِ ب‪TT‬ال‪TT‬تزام‪TT‬اتِ‪TT‬ه‬
‫مبَ‪T‬وجِ‪T‬بِ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ‪ ،‬أو أيّ ال‪T‬تزامٍ دول‪T‬يٍّ آخ‪T‬رَ ي‪T‬قعُ ع‪T‬ليه ف‪T‬ي م‪T‬واج‪T‬هةِ أيِّ ط‪T‬رفٍ آخ‪T‬رَ ف‪T‬ي‬
‫املعاهدة‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٨٥‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫س‪P‬ادس‪P‬اً‪ :‬زوالُ ال‪P‬شخصيةِ ال‪P‬قان‪P‬ون‪P‬يةِ‪ :1‬إذا زال‪T‬تِ ال‪T‬شخصيةُ ال‪T‬قان‪T‬ون‪T‬يةُ ل‪T‬لدول‪T‬ةِ زواالً‬
‫ت‪TT‬ام‪TT‬ا ف‪TT‬إن امل‪TT‬عاه‪TT‬دات ال‪TT‬تي ق‪TT‬د ت‪TT‬كون ارت‪TT‬بطت ب‪TT‬ها تنته‪TT‬ي وي‪TT‬نظم ع‪TT‬ملها االت‪TT‬فاق‪TT‬ية‬
‫الدولية اخلاصة يتوارث الدول في املعاهدات ‪.2‬‬
‫أمّ‪T‬ا ف‪T‬ي ال‪T‬دول‪T‬ةِ اإلس‪T‬الم‪T‬يةِ‪ :‬ت‪T‬تمتَّعُ ال‪T‬دول‪T‬ةُ اإلس‪T‬الم‪T‬يّةُ ب‪T‬شخصيّةٍ مس‪T‬تقلَّةٍ تُ‪T‬عرفُ ح‪T‬دي‪T‬ثا بـ‬
‫)ال‪T‬شخصيةِ امل‪T‬عنوي‪T‬ةِ‪ ،‬أو االع‪T‬تباري‪T‬ةِ(‪ ،‬وق‪T‬د أق‪T‬رَّ ف‪T‬قهاءُ اإلس‪T‬المِ م‪T‬دل‪T‬ولَ ه‪T‬ذا االص‪T‬طالحِ‬
‫من خاللِ اخلصائصِ التي تتمتَّعُ بها الدولةُ اإلسالميةُ ‪.‬‬
‫ عَ‪T‬رفُ‪T‬وا ف‪T‬كرةَ ال‪T‬دول‪T‬ةِ مس‪T‬تقلَّةً ع‪T‬ن األش‪T‬خاصِ؛ ف‪T‬كان )احل‪T‬اك‪T‬مُ‪ ،‬أو اخل‪T‬ليفةُ( يُ‪T‬عَدُّ‬‫مب‪T‬ثاب‪T‬ةِ أم‪T‬نيٍ ع‪T‬لى الس‪T‬لطةِ‪ ،‬وميُ‪T‬ارِسُ‪T‬ها ب‪T‬صفةٍ م‪T‬ؤقَّ‪T‬تةٍ‪ ،‬ونِ‪T‬ياب‪T‬ةً ع‪T‬ن األُمَّ‪T‬ةِ ك‪T‬ما ي‪T‬تَّضِحُ م‪T‬ن‬
‫خ‪TT‬اللِ م‪TT‬ن اخلُ ‪T‬طَبِ الس‪TT‬ياس ‪T‬يَّةِ ال‪TT‬تي ك‪TT‬ان يُ‪TT‬لقيها اخل‪TT‬لفاءُ ال‪TT‬راش‪TT‬دونَ مبُِج ‪T‬رَّدِ ان‪TT‬عقادِ‬
‫ال ‪T‬بَيعةِ؛ فـ)اخل‪TT‬ليفةُ يَ‪TT‬عتبِرُ ن‪TT‬فسَه وك‪TT‬يالً ع‪TT‬ن األُمَّ ‪T‬ةِ ف‪TT‬ي أم‪TT‬ورِ ال ‪T‬دِّي ‪T‬نِ وإدارةِ ش‪TT‬ؤونِ‬
‫ال‪TT‬دول ‪T‬ةِ بحسَ‪TT‬ب ش‪TT‬ري‪TT‬عةِ اهللِ ت‪TT‬عال‪TT‬ى وسُ ‪T‬نَّةِ رس‪TT‬ولِ ‪T‬هِ مُح ‪T‬مّدٍ( ص ‪T‬لّى اهللُ ع‪TT‬ليه وس ‪T‬لّمَ‬
‫فـ"أينما وُجِدَتِ املصلحةُ فَثَمَّ وجْهُ اهللِ تعالى"‪.‬‬
‫ وت‪T‬ظلُ ح‪T‬قوقُ ال‪T‬دول‪T‬ةِ اإلس‪T‬الم‪T‬يةِ ث‪T‬اب‪T‬تةً ل‪T‬ها وإنْ ت‪T‬غيَّرُ حُ‪T‬كَّامُ‪T‬ها؛ ب‪T‬دل‪T‬يلِ أنّ عُ‪T‬مَرَ ب‪T‬نَ‬‫اخل ‪T‬طَّابِ رض ‪T‬يَ اهللُ ع‪TT‬نه أب‪TT‬قى األراض‪TT‬ي امل‪TT‬فتوح ‪T‬ةَ ع‪TT‬لى مِ‪TT‬لكيّةِ أه ‪T‬لِها ع‪TT‬لى أن‬
‫يَدفعوا خَراجاً دائماً‪.‬‬
‫ب‬
‫ت؛‬
‫‪ 1‬ﺗُﻌﺮّفُ اﻟﺸﺨﺼﯿﺔُ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﯿﺔُ ﻋﻠﻰ أﻧّﮭﺎ‪ :‬اﻟﻤﻘﺪرةُ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﯿﺔُ ﻋﻠﻰ اﻛﺘﺴﺎ ِ‬
‫اﻟﺤﻘﻮق‪ ،‬وﺗﺤ ﱡﻤ ِﻞ اﻻﻟﺘﺰاﻣﺎ ِ‬
‫ِ‬
‫ﺑﻤﻌﻨﻰ‪ّ :‬‬
‫ت ﻗﺎﻧﻮﻧﯿﺔً ﺗﺆدي إﻟﻰ اﻛﺘﺴﺎﺑ ِﮫ ﺣُﻘﻮﻗﺎ ً ُﻣﻌﯿﻨﱠﺔً‪ ،‬أو‬
‫أن َﻣﻦ ﯾﺘﻤﺘﱠ ُﻊ ﺑﮭﺬه اﻟﺸﺨﺼﯿ ِﺔ ﯾﺴﺘﻄﯿ ُﻊ أن ﯾُﺒﺮ َم ﺗﺼﺮﻓﺎ ٍ‬
‫ت ُﻣﺤ ﱠﺪدة‪.‬‬
‫اﻟﺘﺰا ِﻣﮫ ﺑﻮاﺟﺒﺎ ٍ‬
‫د‪ ٠‬ﺳﺎﻣﻲ ﺟﻤﺎل اﻟﺪﯾﻦ‪ :‬أﺻﻮل اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻹداري‪ ،‬ﻣﻨﺸﺄة اﻟﻤﻌﺎرف ﺑﺎﻹﺳﻜﻨﺪرﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺼﺮ‪ ،٢٠٠٤ ،‬ص ‪.١٣٥‬‬
‫‪ 2‬اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص‪٤٧٧‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٨٦‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ وال‪T‬تزام‪T‬اتُ ال‪T‬دول‪T‬ةِ ت‪T‬ظلُّ ق‪T‬ائ‪T‬مةً؛ م‪T‬ثل امل‪T‬عاه‪T‬داتِ ت‪T‬بقى ن‪T‬اف‪T‬ذةً يَ‪T‬لزمُ‪T‬نا ال‪T‬وف‪T‬اءُ ب‪T‬ها ح‪T‬تّى‬‫تنقضي مُدَّتُها‪ ،‬أو ينقضَها العدوُّ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ"‪.1‬‬
‫ وف‪T‬ي ن‪T‬طاقِ امل‪T‬سؤول‪T‬يةِ )امل‪T‬دن‪T‬يّةِ واجل‪T‬نائ‪T‬يّةِ( إذا أت‪T‬لفَ احل‪T‬اك‪T‬مُ ش‪T‬يئاً ف‪T‬ي غ‪T‬يرِ ح‪T‬ال‪T‬ةِ‬‫ت‪T‬طبيقِ ال‪T‬عقوب‪T‬اتِ الش‪T‬رع‪T‬يةِ أث‪T‬ناءَ ق‪T‬يامِ‪T‬ه مب‪T‬صلحةٍ م‪T‬ن امل‪T‬صال‪T‬حِ ال‪T‬عامَّ‪T‬ةِ ف)ض‪T‬مانُ‬
‫امل‪T‬تلَفِ ع‪T‬لى ال‪T‬دول‪T‬ةِ؛ ب‪T‬اع‪T‬تبارِه‪T‬ا ش‪T‬خصيَّةً م‪T‬عنويَّ‪T‬ةً ميُ‪T‬ثِّلُها احل‪T‬اكِ‪T‬مُ ن‪T‬ياب‪T‬ةً ع‪T‬ن ج‪T‬مَاع‪T‬ة‬
‫املسلمني(‪.2‬‬
‫"إنّ ال‪T‬دول‪T‬ةَ ل‪T‬ها أه‪T‬ليةُ وج‪T‬وبٍ ك‪T‬ام‪T‬لةٍ وذِمَّ‪T‬ةٌ مس‪T‬تقلَّةٌ ع‪T‬ن أف‪T‬رادِه‪T‬ا امل‪T‬كوِّنِ‪T‬نيَ ل‪T‬ها"؛ وه‪T‬ذا‬
‫املرادُ بالشخصيةِ االعتباريةِ للدولةِ ‪.3‬‬
‫سابعاً‪ :‬التغيُّرُ اجلَوهريُّ في الظروفِ‪:‬‬
‫يُش‪T‬ترطُ أن ي‪T‬كونَ ال‪T‬تغيُّرُ ف‪T‬ي ال‪T‬ظروفِ ج‪T‬وه‪T‬ري‪T‬اً‪ ،‬وه‪T‬ذا م‪T‬ا ي‪T‬جعلُ م‪T‬ن ال‪T‬صعبِ االت‪T‬فاقُ‬
‫ع‪TT‬لى حُ‪TT‬صولِ‪TT‬ه‪ ،‬وإذا ل‪TT‬م ي ‪T‬كُنْ مِ‪TT‬ن امل‪TT‬مكنِ ات‪TT‬فاقُ ال‪TT‬طرف ‪T‬نيِ ع‪TT‬لى إل‪TT‬غاءِ امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ‪ ،‬أو‬
‫ت‪TT‬عدي ‪T‬لِها ل‪TT‬تغيُّرِ ال‪TT‬ظروفِ أم‪TT‬كنَ ع‪TT‬رضُ امل‪TT‬وض‪TT‬وعِ ع‪TT‬لى اله‪TT‬يئاتِ ال‪TT‬دول‪TT‬ية‪ .‬وق‪TT‬د أت‪TT‬ت‬
‫ات‪T‬فاق‪T‬ية "ف‪T‬ينّا" بح‪T‬لٍّ م‪T‬قبولٍ ف‪T‬ي ه‪T‬ذا ال‪T‬شأنِ إذ ن‪T‬صَّتِ امل‪T‬ادة ‪ ٦۲‬م‪T‬ن االت‪T‬فاق‪T‬يةِ ع‪T‬لى م‪T‬ا‬
‫يلي‪:‬‬
‫ال ي‪T‬جوزُ االح‪T‬تجاجُ ب‪T‬ال‪T‬تغييرِ اجل‪T‬وه‪T‬ريِّ غ‪T‬يرِ امل‪T‬توقَّ‪T‬عِ ف‪T‬ي ال‪T‬ظروفِ ال‪T‬تي ك‪T‬ان‪T‬ت س‪T‬ائ‪T‬دةً‬
‫ع‪TT‬ند ع‪TT‬قدِ امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ ك‪TT‬أس‪TT‬اسٍ الن‪TT‬قضائِ‪TT‬ها‪ ،‬أو االن‪TT‬سحابِ م‪TT‬نها إالّ ب‪TT‬تحقُّقِ الش‪TT‬رطَ ‪T‬نيِ‬
‫اآلتيَني‪:‬‬
‫‪ 1‬اﻟﻤﺎﺋﺪة اﻵﯾﺔ ‪١‬‬
‫ّ‬
‫‪ 2‬اﻧﻈﺮ‪ :‬وھﺒﺔ اﻟﺰﺣﯿﻠﻲ اﻟﻔﻘﮫ اﻹﺳﻼﻣﻲ وأدﻟﺘﮫ دار اﻟﻔﻜﺮ دﻣﺸﻖ ط ‪ ٤‬ﻣﻌﺪﻟﺔ اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻣﻦ ص‪٦٣٥١‬‬
‫‪ 3‬اﻟﻤﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻻﻟﺘﺰام ﻓﻲ اﻟﻔﻘﮫ اﻹﺳﻼﻣﻲ د ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﺰرﻗﺎ دار اﻟﻘﻠﻢ دﻣﺸﻖ ط اﻷوﻟﻰ ﻋﺎم ‪١٩٩٩‬م‬
‫ص ‪٢٦٣‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٨٧‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫)أ( أنْ ي ‪TT‬كونَ وج ‪TT‬ودُ ه ‪TT‬ذه ال ‪TT‬ظروفِ م ‪TT‬ثالً س ‪TT‬بباً رئ ‪TT‬يساً لِ ‪TT‬رض ‪TT‬ا األط ‪TT‬رافِ ل ‪TT‬الل ‪TT‬تزامِ‬
‫باملعاهدةِ؛ و‬
‫)ب( أنْ ي‪T‬كونَ مِ‪T‬ن ش‪T‬أنِ ال‪T‬تغييرِ أن يُ‪T‬بدَّلَ ب‪T‬صورةٍ جَ‪T‬ذريَّ‪T‬ةٍ ف‪T‬ي م‪T‬دى االل‪T‬تزام‪T‬اتِ ال‪T‬تي م‪T‬ا‬
‫زالَ من الواجبِ القيامُ بها مبوجبِ املعاهدةِ‪.‬‬
‫‪ ۲‬ال ي‪T‬جوزُ االح‪T‬تجاجُ ب‪T‬ال‪T‬تغييرِ اجل‪T‬وه‪T‬ريِّ ف‪T‬ي ال‪T‬ظروفِ ك‪T‬أس‪T‬اسٍ الن‪T‬قضاءِ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ‪ ،‬أو‬
‫االنسحابِ منها في إحدى احلالتَنيِ اآلتيتَنيِ‪:‬‬
‫)أ( إذا كانتِ املعاهدةُ تُنشِئ حُدوداً‪.‬‬
‫)ب( إذا ك‪T‬ان ال‪T‬تغييرُ اجل‪T‬وه‪T‬ريُّ ف‪T‬ي ال‪T‬ظروفِ نـ‪T‬اجتِ‪T‬اً ع‪T‬ن إخ‪T‬اللِ ال‪T‬طرفِ ال‪T‬ذي ي‪T‬تمسَّكُ‬
‫ب‪T‬ه؛ إمّ‪T‬ا ب‪T‬ال‪T‬تزامٍ ي‪T‬قعُ ع‪T‬ليه ف‪T‬ي ظ‪T‬لِّ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ‪ ،‬أو ب‪T‬أيِّ ال‪T‬تزامٍ دول‪T‬يٍّ آخَ‪T‬ر مُس‪T‬تحقٍّ ل‪T‬طرفٍ‬
‫آخرَ في املعاهدة‪.‬‬
‫‪ ۳‬إذا ك‪T‬ان ل‪T‬لطرفِ طِ‪T‬بقاً ل‪T‬لفقـرات ال‪T‬ساب‪T‬قة أن ي‪T‬تمسَّكَ ب‪T‬ال‪T‬تغييرِ اجل‪T‬وه‪T‬ريِّ ف‪T‬ي ال‪T‬ظروفِ‬
‫ك‪T‬أس‪T‬اسٍ الن‪T‬قضاءِ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ‪ ،‬أو االن‪T‬سحـابِ م‪T‬نها؛ ف‪T‬يجوزُ ل‪T‬ه أي‪T‬ضاً ال‪T‬تمسُّكِ ب‪T‬ال‪T‬تغييرِ‬
‫كأساسٍ إليقافِ العملِ باملعاهدة‪.‬‬
‫ظهورُ قاعدةٍ آمرةٍ جديدةٍ عامَّةِ التطبيقِ في القانونِ الدوليِّ‪:‬‬
‫تُ‪T‬عتبَرُ امل‪T‬عاه‪T‬دةُ ب‪T‬اط‪T‬لةً ومنته‪T‬يةً إذا ت‪T‬عارض‪T‬تْ م‪T‬ع ق‪T‬اع‪T‬دةٍ آم‪T‬رةٍ ج‪T‬دي‪T‬دةٍ ع‪T‬امَّ‪T‬ةِ ال‪T‬تطبيقِ ف‪T‬ي‬
‫ال‪T‬قان‪T‬ونِ ال‪T‬دول‪T‬يِّ اس‪T‬تقرّتْ ب‪T‬عد ن‪T‬فاذِه‪T‬ا‪ ،‬وه‪T‬ذا م‪T‬ا آل‪T‬تْ إل‪T‬يه امل‪T‬ادة ‪ ٦٤‬م‪T‬ن ات‪T‬فاق‪T‬ية "ف‪T‬ينّا"‪:‬‬
‫)إذا ظه‪T‬رتْ ق‪T‬اع‪T‬دةٌ آم‪T‬رةٌ ج‪T‬دي‪T‬دةٌ م‪T‬ن ال‪T‬قواع‪T‬دِ ال‪T‬عامَّ‪T‬ةِ ل‪T‬لقان‪T‬ونِ ال‪T‬دول‪T‬يِّ ف‪T‬إنّ أيّ‪T‬ةَ م‪T‬عاه‪T‬دةٍ‬
‫نافذةٍ تتعارضُ معها تصبحُ باطلةً وتنقضي(‪.1‬‬
‫‪ 1‬اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﻓﯿﻨﺎ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ م ‪٦٤‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٨٨‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫آثارُ إنهاءِ املُعاهداتِ وإيقافِ العملِ بها‪:‬‬
‫ي‪T‬ترتَّ‪T‬بُ ع‪T‬لى إن‪T‬هاءِ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ إع‪T‬فاءُ أط‪T‬رافِ‪T‬ها مِ‪T‬ن أيِّ ال‪T‬تزامٍ ب‪T‬االس‪T‬تمرارِ ف‪T‬ي ت‪T‬نفيذِ أح‪T‬كامِ‪T‬ها‬
‫فيتح‪T‬لَّلونَ ممِّ‪T‬ا رتَّ‪T‬بتْهُم ع‪T‬ليه امل‪T‬عاه‪T‬دةِ‪ ،‬ك‪T‬ما ينته‪T‬ي مت‪T‬تُّعِهِم ب‪T‬احل‪T‬قوقِ ال‪T‬تي رتّ‪T‬بتَها ل‪T‬هم‬
‫امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ املنته‪TT‬يةِ؛ ول‪TT‬كنَّ ذل ‪T‬كَ ال يُ‪TT‬ؤثِّ ‪T‬رُ ع‪TT‬لى أيِّ ح ‪T‬قٍّ‪ ،‬أو ال‪TT‬تزامٍ‪ ،‬أو م‪TT‬رك ‪T‬زٍ ق‪TT‬ان‪TT‬ون ‪T‬يٍّ‬
‫ل‪TT‬ألط‪TT‬رافِ ن‪TT‬شأَ ن‪TT‬تيجةَ ت‪TT‬نفيذِ امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ‪ ،‬ق‪TT‬بلَ إن‪TT‬هائِ‪TT‬ها؛ وذل‪TT‬ك اح‪TT‬ترامَ ‪T‬اً مل‪TT‬بدأ احل ‪T‬قِّ‬
‫املكتَسَ‪T‬بِ‪ ،‬أمّ‪T‬ا إذا ك‪T‬ان‪T‬ت امل‪T‬عاه‪T‬دةُ ج‪T‬مَاع‪T‬يةً وف‪T‬سختْها أو ان‪T‬سحبَت م‪T‬نها دول‪T‬ةٌ واح‪T‬دةٌ‬
‫ف ‪T‬تُطبَّقُ امل‪TT‬بادِئُ ال‪TT‬ساب‪TT‬قةُ ن‪TT‬فسُها ف‪TT‬ي ال‪TT‬عالق ‪T‬ةِ ب‪TT‬ني ه‪TT‬ذه ال‪TT‬دول ‪T‬ةِ وكُ ‪T‬لُّ ط‪TT‬رفٍ آخ ‪T‬رَ ف‪TT‬ي‬
‫امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ م‪TT‬ن ت‪TT‬اري ‪T‬خِ ن‪TT‬فاذِ ال‪TT‬فسخِ أو االن‪TT‬سحابِ‪ ،‬وإذا ت‪TT‬وقَّ ‪T‬فَ ال‪TT‬عملُ ف‪TT‬ي امل‪TT‬عاه‪TT‬دةُ‪.‬‬
‫ف‪TT‬يترتَّ ‪T‬بُ إع‪TT‬فاءُ األط‪TT‬رافِ ال‪TT‬ذي‪TT‬ن ت‪TT‬وقَّ ‪T‬فَ ال‪TT‬عملُ ب‪TT‬امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ ب‪TT‬ينهُم م‪TT‬ن ال‪TT‬تزامٍ ب‪TT‬تنفيذِ‬
‫امل‪T‬عاه‪T‬دةِ ب‪T‬ينهُم خ‪T‬اللَ ف‪T‬ترةِ اإلي‪T‬قافِ‪ ،‬دونَ أن يُ‪T‬ؤثِّ‪T‬رَ ذل‪T‬ك ب‪T‬طري‪T‬قةٍ أُخ‪T‬رى ع‪T‬لى ال‪T‬عالق‪T‬اتِ‬
‫ال‪TT‬قان‪TT‬ون‪TT‬يةِ ال‪TT‬تي أن‪TT‬شأتْ‪TT‬ها امل‪TT‬عاه‪TT‬دةُ ب‪TT‬ني األط‪TT‬رافِ‪ .‬ومي‪TT‬تنعُ ع‪TT‬لى األط‪TT‬رافِ خ‪TT‬اللَ ف‪TT‬ترةِ‬
‫اإليقافِ إتيانُ عملٍ يجعلُ استئنافَ العملِ باملعاهدةِ بعدَ ذلكَ مُستحيالً‪.‬‬
‫أثرُ احلربِ على انتهاءِ املُعاهَداتِ‪:‬‬
‫إنّ ق‪TT‬طعَ ال‪TT‬عالق‪TT‬اتِ ال‪TT‬دب‪TT‬لوم‪TT‬اس‪TT‬يةِ ب‪TT‬ني أط‪TT‬رافِ امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ ال يُ‪TT‬ؤثِّ ‪T‬رُ ب‪TT‬ذاتِ‪TT‬ه ع‪TT‬لى ال‪TT‬عالق ‪T‬ةِ‬
‫القانونيةِ بينهُم مبَوجِبِ معاهدةٍ؛‬
‫ ف‪T‬هُناكَ م‪T‬عاه‪T‬داتٌ ال ت‪T‬تأثَّ‪T‬رُ ب‪T‬قيامِ ح‪T‬ال‪T‬ةِ احل‪T‬ربِ؛ ب‪T‬ل ت‪T‬بقى س‪T‬اري‪T‬ةَ امل‪T‬فعولَ؛ ف‪T‬ال‬‫أث‪T T‬رَ للح ‪TT‬ربِ ف ‪TT‬ي االت ‪TT‬فاق ‪TT‬ياتِ ال ‪TT‬تي وُضِ‪T T‬عَتْ ل ‪TT‬تنظيمِ ح ‪TT‬ال‪T T‬ةِ احل ‪TT‬ربِ ن ‪TT‬فسِها‬
‫ك"مُ‪T‬عاه‪T‬دةِ اله‪T‬اي" ‪ ،۱۹۰۷‬و"م‪T‬عاه‪T‬داتِ ج‪T‬نيف األرب‪T‬عة" ‪ ۱۹٤۹‬م‪،‬ك‪T‬ذل‪T‬ك‬
‫ال تُ‪T‬ؤثِّ‪T‬رُ احل‪T‬ربُ ف‪T‬ي امل‪T‬عاه‪T‬داتِ ال‪T‬تي تس‪T‬تهدفُ ت‪T‬نظيمَ ح‪T‬ال‪T‬ةٍ م‪T‬وض‪T‬وع‪T‬يّةٍ دائ‪T‬مةٍ‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٨٩‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ك)ح‪TT‬ال ‪T‬ةِ احلِ‪TT‬يادِ ال‪TT‬دائِ‪TT‬م‪ ،‬وح‪TT‬ال ‪T‬ةِ املِ‪TT‬الح ‪T‬ةِ ف‪TT‬ي ق‪TT‬ناةِ ال‪TT‬سوي ‪T‬سِ‪ ،‬أو م‪TT‬عاه‪TT‬داتِ‬
‫احلدودِ( فتظلُّ هذه املعاهداتُ ساريةَ املفعولِ‪.‬‬
‫ وه‪TT‬ناك ن‪TT‬وعٌ مِ‪TT‬ن امل‪TT‬عاهَ‪TT‬داتِ ي‪TT‬كونُ مِ‪TT‬ن ش‪TT‬أنِ احل‪TT‬ربِ إي‪TT‬قافُ‪TT‬ها ب‪TT‬النس‪TT‬بةِ ل‪TT‬لدولِ‬‫امل‪T‬تحارِبَ‪T‬ةِ ح‪T‬تّى ان‪T‬تهاءِ احل‪T‬ربِ‪ ،‬وه‪T‬ذه امل‪T‬عاه‪T‬داتُ اجلَ‪T‬ماع‪T‬يةُ ال‪T‬تي تُ‪T‬عقَدُ ب‪T‬ني أك‪T‬ثرَ‬
‫مِ‪TT‬ن دَول ‪T‬تَنيِ‪ ،‬وت‪TT‬قومُ احل‪TT‬ربُ ب‪TT‬ني ب‪TT‬عضِ أط‪TT‬رافِ‪TT‬ها ف‪TT‬قط‪ ،‬وال أث ‪T‬رَ للح‪TT‬ربِ ف‪TT‬ي‬
‫ع‪T‬الق‪T‬اتِ ال‪T‬دولِ امل‪T‬تحارِبَ‪T‬ةِ م‪T‬ع ال‪T‬دولِ احمل‪T‬اي‪T‬دةِ وال ف‪T‬ي ع‪T‬الق‪T‬اتِ ال‪T‬دولِ احمل‪T‬اي‪T‬دةِ‬
‫فيما بينَها؛ فتظلُّ هذه العالقاتُ خاضعةً ألحكامِ املعاهدةِ اجلَماعيةِ‪.‬‬
‫ وه‪T‬ناك م‪T‬عاه‪T‬داتٌ تنته‪T‬ي ب‪T‬قيامِ ح‪T‬ال‪T‬ةِ احل‪T‬ربِ وه‪T‬ي امل‪T‬عاه‪T‬داتُ ال‪T‬ثنائ‪T‬يةُ ال‪T‬تي‬‫ك‪TT‬ان‪TT‬ت ال‪TT‬دولُ امل‪TT‬تحارب ‪T‬ةُ ق‪TT‬د ارت‪TT‬بطَت ب‪TT‬ها ق‪TT‬بلَ ان‪TT‬دالعِ احل‪TT‬ربِ كـ )مُ‪TT‬عاهَ‪TT‬دةِ‬
‫الصداقةِ والتجارةِ(‪.1‬‬
‫‪ 1‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺰﯾﺰ ﺷﻜﺮي اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ‪٤٧١‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٩٠‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﻔﺼﻞُ اﻟﺴﺎدِسُ‬
‫اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎتُ ﻓﻲ اﻹﺳﻼمِ‬
‫ل‪T‬قد أرس‪T‬ى اإلس‪T‬المُ أُس‪T‬ساً ث‪T‬اب‪T‬تةً ورك‪T‬زَ رك‪T‬ائ‪T‬زَ م‪T‬تينةً ف‪T‬ي ال‪T‬عالق‪T‬اتِ ال‪T‬دول‪T‬يةِ ان‪T‬طالق‪T‬اً مِ‪T‬ن‬
‫فِ‪T‬كْرتِ‪T‬ه ال‪T‬عاملَ‪T‬يَّةِ؛ ف‪T‬هُو ل‪T‬يس دِي‪T‬ناً إق‪T‬ليميّاً مح‪T‬ليّاً‪ ،‬وال تش‪T‬ري‪T‬عاً زم‪T‬نيّاً م‪T‬رح‪T‬ليّا‪ ،‬وال مَ‪T‬وق‪T‬وت‪T‬اً؛‬
‫ب‪T‬ل ه‪T‬و )دِي‪T‬نٌ ع‪T‬امٌّ خ‪T‬ال‪T‬دٌ ي‪T‬عمُّ أرج‪T‬اءَ ال‪T‬عالَ‪T‬مِ ك‪T‬اف‪T‬ةً( ‪،‬ويس‪T‬تهدفُ حت‪T‬قيقَ األُخ‪T‬وَّةِ اإلن‪T‬سان‪T‬يةِ‬
‫وال‪T‬زم‪T‬ال‪T‬ةِ ال‪T‬عاملَ‪T‬يةِ وك‪T‬راه‪T‬ةِ احل‪T‬ربِ‪ ،‬وت‪T‬نميةَ ال‪T‬عالق‪T‬اتِ وال‪T‬تعاونِ ب‪T‬ني ال‪T‬دولِ‪ ،‬ول‪T‬م ي‪T‬كتفِ‬
‫اإلس‪TT‬المُ ب‪TT‬كراه ‪T‬تِه للح‪TT‬ربِ ب‪TT‬امل‪TT‬وق ‪T‬فِ الس‪TT‬لبيِّ؛ ب‪TT‬ل إنّ‪TT‬ه خَ‪TT‬طا خُ‪TT‬طواتٍ إي‪TT‬جاب‪TT‬يةً حل‪TT‬ماي ‪T‬ةِ‬
‫الس ‪TT‬المِ وت ‪TT‬ثبيتِ أرك ‪TT‬انِ ‪TT‬ه؛ ف‪T T‬قَد ح‪T T‬دَّدَ اإلس ‪TT‬المُ مُ ‪TT‬نطلقاتٍ عِ‪T T‬دَّةً مت‪T T‬ثِّلُ إط ‪TT‬اراً ش ‪TT‬امِ‪T T‬الً‬
‫ل‪T‬لعالق‪T‬اتِ ب‪T‬ني ال‪T‬ناسِ م‪T‬ن ن‪T‬اح‪T‬يةٍ‪ ،‬وب‪T‬ني ال‪T‬دولِ م‪T‬ن ن‪T‬اح‪T‬يةٍ أُخ‪T‬رى؛ ف‪T‬قَد أع‪T‬لَنَ أنّ ال‪T‬ناسَ‬
‫ك‪T‬لَّهُم بحس‪T‬بِ فِ‪T‬طرتِ‪T‬هُم األُول‪T‬ى واح‪T‬دةٌ يَ‪T‬دي‪T‬نُونَ خلِ‪T‬ال‪T‬قٍ واح‪T‬دٍ ق‪T‬ال ت‪T‬عال‪T‬ى‪) :‬وَمَ‪T‬ا كَ‪T‬انَ‬
‫النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواۚ(‪.1‬‬
‫وق‪T‬ال سُ‪T‬بحانَ‪T‬ه‪) :‬ك‪T‬انَ ال‪T‬نَّاسُ أُمَّ‪T‬ةً وَاحِ‪T‬دَةً فَ‪T‬بَعَثَ اهللُّ ال‪T‬نَّبِيِّنيَ مُبَشِّ‪T‬رِي‪T‬نَ وَمُ‪T‬نذِرِي‪T‬نَ وَأَن‪T‬زَلَ‬
‫مَ‪T‬عَهُمُ الْ‪T‬كِتَابَ بِ‪T‬احلَْ‪T‬قِّ لِ‪T‬يَحْكُمَ بَ‪T‬نيَْ ال‪T‬نَّاسِ فِ‪T‬يمَا اخْ‪T‬تَلَفُواْ فِ‪T‬يهِ وَمَ‪T‬ا اخْ‪T‬تَلَفَ فِ‪T‬يهِ إِالَّ الَّ‪T‬ذِي‪T‬نَ‬
‫أُوتُ‪T‬وهُ مِ‪T‬ن بَ‪T‬عْدِ مَ‪T‬ا جَ‪T‬اءتْ‪T‬هُمُ الْ‪T‬بَيِّنَاتُ بَ‪T‬غْياً بَ‪T‬يْنَهُمْ فَهَ‪T‬دَى اهللُّ الَّ‪T‬ذِي‪T‬نَ آمَ‪T‬نُواْ ملَِ‪T‬ا اخْ‪T‬تَلَفُواْ فِ‪T‬يهِ‬
‫مِنَ احلَْقِّ بِإِذْنِهِ وَاهللُّ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ(‪.2‬‬
‫ك‪T‬ما أع‪T‬لنَ أنَّ‪T‬هُم إخ‪T‬وةٌ ف‪T‬ي اإلن‪T‬سان‪T‬يةِ؛ ألنَّ‪T‬هُم مخ‪T‬لُوق‪T‬ونَ مِ‪T‬ن أص‪T‬لٍ واح‪T‬دٍ‪ ،‬وال ت‪T‬فاضُ‪T‬لَ‬
‫ب‪T‬ينهُم لش‪T‬يءٍ وراءَ ه‪T‬ذه احل‪T‬قيقةِ اإلن‪T‬سان‪T‬يةِ إالّ ب‪T‬ال‪T‬تقوى‪ ،‬ق‪T‬ال ت‪T‬عال‪T‬ى‪) :‬يَ‪T‬ا أَيُّ‪T‬هَا ال‪T‬نَّاسُ إِنَّ‪T‬ا‬
‫‪ 1‬ﯾﻮﻧﺲ‪ ١٩:‬اﻵﯾﺔ‬
‫‪ 2‬اﻟﺒﻘﺮة اﻵﯾﺔ ‪٢١٣‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٩١‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫خَ‪T‬لَقْنَاكُ‪T‬م مِّ‪T‬ن ذَكَ‪T‬رٍ وَأُن‪T‬ثَى وَجَ‪T‬عَلْنَاكُ‪T‬مْ شُ‪T‬عُوبً‪T‬ا وَقَ‪T‬بَائِ‪T‬لَ لِ‪T‬تَعَارَفُ‪T‬وا ۚ إِنَّ أَكْ‪T‬رَمَ‪T‬كُمْ عِ‪T‬ندَ ال‪T‬لَّهِ‬
‫أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (‪1‬؛‬
‫ف‪T‬ال ي‪T‬نبغي أن ت‪T‬كونَ ه‪T‬ناكَ ان‪T‬فصال‪T‬يةٌ‪ ،‬أو ع‪T‬داوةٌ بس‪T‬ببِ ج‪T‬نسٍ‪ ،‬أو ل‪T‬ونٍ‪ ،‬أو ث‪T‬قاف‪T‬ةٍ أو‬
‫غير ذلك؛ بل ينبغي أن تُراعى األُخوَّةُ اإلنسانيةُ مبا يحفظُ كرامتَها‪.‬‬
‫ول ‪T‬قَد ق‪TT‬ررَ اإلس‪TT‬المُ أنّ األس‪TT‬اسَ ف‪TT‬ي م‪TT‬عام‪TT‬لةِ مَ‪TT‬ن يُ‪TT‬خالِ ‪T‬فُ ال‪TT‬عقيدةَ ه‪TT‬ي الس‪TT‬المُ ـ م‪TT‬ا دامَ‬
‫ال‪TT‬طرفُ اآلخَ‪TT‬ر يَ‪TT‬دي ‪T‬نُ ب‪TT‬الس‪TT‬المِ أي‪TT‬ضاً ـ وأش‪TT‬ادَ ب ‪T‬نِعمَةِ األم ‪T‬نِ‪ ،‬ووض ‪T‬عَ ض‪TT‬مان‪TT‬اتٍ ب‪TT‬إب‪TT‬رامِ‬
‫ال‪T‬عُقودِ وت‪T‬وق‪T‬يعِ امل‪T‬عاهَ‪T‬داتِ م‪T‬ع األم‪T‬رِ ب‪T‬ال‪T‬وف‪T‬اءِ ب‪T‬ها‪ ،‬والتح‪T‬ذي‪T‬رِ م‪T‬ن ال‪T‬غَدرِ ب‪T‬ها واخل‪T‬يان‪T‬ةِ ف‪T‬يها‪،‬‬
‫ك‪T‬ما نه‪T‬ى ع‪T‬ن رفْ‪T‬ضِ ال‪T‬صُّلْحِ أو وَضْ‪T‬عِ ال‪T‬عراق‪T‬يلِ ف‪T‬ي س‪T‬بيلِ إمت‪T‬امِ‪T‬ه؛ ألنّ ع‪T‬الق‪T‬ةَ املس‪T‬لِمنيَ‬
‫م‪T‬ع اآلخَ‪T‬رِ ه‪T‬ي ال‪T‬دع‪T‬وةُ إل‪T‬ى اهللِ ت‪T‬عال‪T‬ى؛ ألنّ املس‪T‬لمنيَ هُ‪T‬مْ أص‪T‬حابُ رس‪T‬ال‪T‬ةٍ أال وهِ‪T‬يَ ع‪T‬بادةُ‬
‫اهللِ سُ‪T‬بحانَ‪T‬ه وت‪T‬عال‪T‬ى؛ وألنّ ال‪T‬عالق‪T‬اتِ ال‪T‬دول‪T‬يةَ ل‪T‬دى اآلخَ‪T‬رِ ت‪T‬عتمِدُ ع‪T‬لى م‪T‬بدأِ امل‪T‬صلحةِ‬
‫ال‪T‬وط‪T‬نيةِ‪ ،‬وال‪T‬قوّةِ؛ ول‪T‬كنَّ ال‪T‬عالق‪T‬اتِ ال‪T‬دول‪T‬يةَ ف‪T‬ي اإلس‪T‬المِ ال‪T‬عظيمِ ت‪T‬عتمدُ ع‪T‬لى جُ‪T‬ملةِ‬
‫مبادئَ يلتزمُ بها املسلمونَ في دِيارِهم أو ديارِ غيرِ املسلمنيَ‪ ،‬ومِن هذه املبادئِ‪:‬‬
‫‪ ۱‬ـ امل‪T‬ساواةُ ف‪T‬ي احل‪T‬قوقِ اإلن‪T‬سان‪T‬يةِ‪ :‬ح‪T‬يث س‪T‬اوى اإلس‪T‬المُ ب‪T‬ني ال‪T‬ناسِ ج‪T‬ميعاً‪ ،‬واع‪T‬تبرَ‬
‫امل‪T‬ساواةَ أص‪T‬الً مُ‪T‬قرَّراً مِ‪T‬ن أُص‪T‬ولِ‪T‬ه؛ ف‪T‬ال ت‪T‬فاضُ‪T‬لَ ب‪T‬ني ال‪T‬ناسِ ب‪T‬كثرةِ امل‪T‬الِ مَ‪T‬ثالً‪ ،‬أو ب‪T‬اجل‪T‬اهِ‪ ،‬أو‬
‫ب‪TT‬الس‪TT‬لطانِ؛ وإمنّ‪TT‬ا ي‪TT‬كونُ ال‪TT‬تفاضُ ‪T‬لُ ب‪TT‬اإلن‪TT‬تاجِ‪ ،‬وب‪TT‬ال‪TT‬عملِ ال‪TT‬صالِ‪TT‬ح‪ .‬ق‪TT‬ال ت‪TT‬عال‪TT‬ى‪) :‬إِنَّ‬
‫أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (‪.2‬‬
‫‪۲‬ـ ال‪T‬عدال‪T‬ةُ ب‪T‬ني ال‪T‬دول‪T‬ةِ اإلس‪T‬الم‪T‬يةِ وغ‪T‬يرِه‪T‬ا‪ :‬ب‪T‬ال‪T‬عدلُ تس‪T‬تقيمُ األم‪T‬ورُ‪ ،‬وتس‪T‬يرُ ف‪T‬ي م‪T‬سارِه‪T‬ا‬
‫ال‪TT‬صحيحِ‪ ،‬وب‪TT‬ه ت‪TT‬طمَئِنُ األن ‪T‬فُسُ إل‪TT‬ى ن‪TT‬يلِ حُ‪TT‬قوقِ‪TT‬ها‪ ،‬وإنَّ ك ‪T‬لَّ تنس‪TT‬يقٍ )اج‪TT‬تماع ‪T‬يًّ‪ ،‬أو‬
‫‪ 1‬اﻟﺤُﺠﺮات اﻵﯾﺔ ‪١٣‬‬
‫‪ 2‬اﻟﺤُﺠﺮات‪١٣.:‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٩٢‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫س‪T‬ياس‪T‬يٍّ( ال ي‪T‬قومُ ع‪T‬لى ال‪T‬عدلِ سَ‪T‬رع‪T‬انَ م‪T‬ا ي‪T‬نهارُ م‪T‬هما ك‪T‬ان‪T‬ت ال‪T‬قوَّةُ امل‪T‬نظِّمةُ وال‪T‬داع‪T‬مةُ‬
‫ل‪T‬ه؛ ف‪T‬هو ال‪T‬دع‪T‬ام‪T‬ةُ ال‪T‬قوي‪T‬ةُ ال‪T‬تي ي‪T‬قومُ ع‪T‬ليها احلُ‪T‬كْمُ والتنس‪T‬يقُ الس‪T‬ليمُ لِ‪T‬كُلِّ ب‪T‬ناءٍ‪ ،‬ق‪T‬ال‬
‫تعالى‪) :‬إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَاإلِْحْسَانِ(‪.1‬‬
‫‪ ۳‬ـ ال‪TT‬وف‪TT‬اءُ ب‪TT‬العه ‪T‬دِ‪ :‬وال‪TT‬وف‪TT‬اءُ ب‪TT‬العه ‪T‬دِ مِ‪TT‬ن أه ‪T‬مِّ ال ‪T‬سِّماتِ ال‪TT‬تي مت ‪T‬يَّزتْ ب‪TT‬ها ال‪TT‬دول ‪T‬ةُ‬
‫اإلس‪T‬الم‪T‬يةُ؛ ان‪T‬طالق‪T‬اً مِ‪T‬ن ق‪T‬ولِ‪T‬ه ت‪T‬عال‪T‬ى‪) :‬وَأَوْفُ‪T‬وا بِ‪T‬الْعَهْ‪T‬دِ ۖ إِنَّ الْعَهْ‪T‬دَ كَ‪T‬انَ مَسْ‪T‬ئُوالً(‪ .2‬إنّ‬
‫ال‪P‬قرآنَ ال‪P‬كرميَ ق‪P‬دَّم ال‪P‬وف‪P‬اءَ ب‪P‬امل‪P‬عاه‪P‬داتِ ال‪P‬تي تُ‪P‬برِمُ‪P‬ها ال‪P‬دول‪P‬ةُ اإلس‪P‬الم‪P‬يةُ م‪P‬ع غ‪P‬يرِه‪P‬ا‬
‫ع‪P‬لى نُ‪P‬صرَةِ املُس‪P‬تضعَفِنيَ ف‪P‬ي ال‪P‬دِّي‪P‬نِ ال‪P‬ذي‪P‬نَ يُ‪P‬قيمونَ ف‪P‬ي دول‪P‬ةٍ ب‪P‬ينَها وب‪P‬نيَ املس‪P‬لِمنيَ‬
‫م‪PP‬عاه‪PP‬دةٌ‪ ،‬ق‪TT‬ال ت‪TT‬عال‪TT‬ى‪) :‬وَإِنِ اسْ ‪T‬تَنْصَرُوكُ ‪T‬مْ فِ‪TT‬ي ال ‪T‬دِّي ‪T‬نِ فَ ‪T‬عَلَيْكُمُ ال ‪T‬نَّصْرُ إِلَّ‪TT‬ا عَ ‪T‬لَى قَ ‪T‬وْمٍ‬
‫بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ مبَِا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(‪.3‬‬
‫‪ ٤‬ـ الس‪TT‬المُ‪ :‬والس‪TT‬المُ وامل‪TT‬ساملَ ‪T‬ةُ ه‪TT‬و أص ‪T‬لٌ مِ‪TT‬ن أُص‪TT‬ولِ ال‪TT‬عالق ‪T‬ةِ ب‪TT‬ني ال‪TT‬دولِ اإلس‪TT‬الم‪TT‬يةِ‬
‫وغيرِها‪ ،‬والقتالُ حالٌ طارئةٌ تقتضيه ظروفٌ معيَّنةٌ‪.‬‬
‫وإنّ ال‪T‬قرآنَ ال‪T‬كرميَ ف‪T‬يه آي‪T‬اتٌ ص‪T‬ري‪T‬حةٌ ف‪T‬ي إي‪T‬ثارِ الس‪T‬المِ ع‪T‬لى ال‪T‬قتالِ‪ ،‬ق‪T‬ال ت‪T‬عال‪T‬ى‪) :‬يَ‪T‬ا‬
‫أَيُّ‪T‬هَا الَّ‪T‬ذِي‪T‬نَ آمَ‪T‬نُوا ادْخُ‪T‬لُوا فِ‪T‬ي السِّ‪T‬لْمِ كَ‪T‬افَّ‪T‬ةً وَالَ تَ‪T‬تَّبِعُوا خُ‪T‬طُوَاتِ الشَّ‪T‬يْطَانِ إِنَّ‪T‬هُ لَ‪T‬كُمْ عَ‪T‬دُوٌّ‬
‫مُبِنيٌ(‪.4‬‬
‫‪ 1‬اﻟﻨﺤﻞ‪٩٠.:‬‬
‫‪ 2‬اﻹﺳﺮاء اﻵﯾﺔ ‪٤٣‬‬
‫‪ 3‬اﻷﻧﻔﺎل‪٧٢.:‬‬
‫‪ 4‬اﻟﺒﻘﺮة اﻵﯾﺔ ‪٢٠٨‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٩٣‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫‪ ٥‬ـ ح‪T‬قوقُ ال‪T‬عِبادِ ف‪T‬يما ب‪T‬ينهُم مُ‪T‬قدَّم‪T‬ةٌ ع‪T‬لى ح‪T‬قوقِ اهلل‪ :‬وع‪T‬لى ه‪T‬ذا ف‪T‬ال تُ‪T‬قاتِ‪T‬لُ امل‪T‬رأةُ ب‪T‬غيرِ‬
‫إذنِ زوجِ‪T‬ها‪ ،‬وال ال‪T‬ول‪T‬دُ ب‪T‬غيرِ إذنِ وال‪T‬دي‪T‬هِ‪ ،‬وال ال‪T‬عبدُ ب‪T‬غيرِ إذنِ س‪T‬يِّدِه؛ إالّ ف‪T‬ي ح‪T‬الِ ال‪T‬نفيرِ‬
‫العامِّ؛ فإنّه ال بأسَ بقتالِ املرأةِ والولدِ والعبدِ مِن دونِ إذنٍ مِن أولياءِ أُمورِهِم‪.‬‬
‫‪ ٦‬ـ م‪TT‬راع‪TT‬اةُ امل‪TT‬صلحة‪ :‬م‪TT‬صلحةُ ال‪TT‬دول ‪T‬ةِ اإلس‪TT‬الم‪TT‬يةِ ل‪TT‬ها االع‪TT‬تبارُ األوَّلُ ع‪TT‬ند إق‪TT‬ام ‪T‬ةِ أيِّ‬
‫ع‪T‬الق‪T‬ةٍ م‪T‬ع ال‪T‬دولِ األُخْ‪T‬رى‪ ،‬وع‪T‬لى ه‪T‬ذا ف‪T‬لِلدول‪T‬ةِ اإلس‪T‬الم‪T‬يةِ أن ت‪T‬طلُبَ إع‪T‬ادةَ ح‪T‬الِ الس‪T‬المِ‬
‫م‪T‬ع ال‪T‬دول‪T‬ةِ امل‪T‬عادي‪T‬ةِ؛ إمّ‪T‬ا ب)عَ‪T‬قدِ ات‪T‬فاقٍ( وف‪T‬قَ شُ‪T‬روطٍ ي‪T‬رت‪T‬ضِيها ال‪T‬طرف‪T‬انِ‪ ،‬وإمّ‪T‬ا بـ )عَ‪T‬قدِ‬
‫هُ‪T‬دنَ‪T‬ةٍ( وه‪T‬ي ال‪T‬توقُّ‪T‬فُ ع‪T‬ن ال‪T‬قتالِ ل‪T‬فَترةٍ مُح‪T‬دَّدةٍ‪ ،‬إذا ك‪T‬ان ف‪T‬ي ذل‪T‬كَ م‪T‬صلحةٌ ل‪T‬لدول‪T‬ةِ‬
‫تفوقُ مصلحتَها في مواصلةِ احلربِ‪.‬‬
‫‪ ۷‬ـ امل‪T‬عامَ‪T‬لَةُ ب‪T‬املِ‪T‬ثلِ‪ :‬وامل‪T‬عام‪T‬لةُ ب‪T‬امل‪T‬ثلِ ه‪T‬و امل‪T‬بدأُ األس‪T‬اسُ ف‪T‬ي م‪T‬عام‪T‬لةِ ال‪T‬دول‪T‬ةِ اإلس‪T‬الم‪T‬يةِ‬
‫ل‪T‬غيرِه‪T‬ا؛ ل‪T‬قولِ‪T‬ه ت‪T‬عال‪T‬ى‪) :‬فَ‪T‬مَنِ اعْ‪T‬تَدَى عَ‪T‬لَيْكُمْ فَ‪T‬اعْ‪T‬تَدُوا عَ‪T‬لَيْهِ مبِ‪T‬ثْلِ مَ‪T‬ا اعْ‪T‬تَدَى عَ‪T‬لَيْكُمْ‬
‫ۚ(‪.‬‬
‫وع‪TT‬لى ذل‪TT‬ك ف ‪T‬لِلدول ‪T‬ةِ اإلس‪TT‬الم‪TT‬يةِ أن تس‪TT‬ترِقَّ أس‪TT‬رى األع‪TT‬داءِ إنْ هُ‪TT‬م اس‪TT‬ترقُّ‪TT‬وا أس‪TT‬رى‬
‫املس‪T‬لمنيَ‪ ،‬ول‪T‬لدول‪T‬ةِ اإلس‪T‬الم‪T‬يةِ ك‪T‬ذل‪T‬ك أن تُ‪T‬عفي رع‪T‬اي‪T‬ا ال‪T‬دول‪T‬ةِ امل‪T‬عتدي‪T‬ةِ مِ‪T‬ن ال‪T‬ضرائ‪T‬بِ‪،‬‬
‫أو الرُّسومِ أو نحو ذلك إذا فعلتِ الدولةُ املعاديةُ برعايا الدولةِ املسلمةِ مِثلَ ذلك‪.‬‬
‫‪ ۸‬ـ االع‪T‬ترافُ ب‪T‬احل‪T‬قوقِ ال‪T‬تي تَ‪T‬ثبتُ ل‪T‬لدولِ ج‪T‬ميعاً ع‪T‬لى قَ‪T‬دَمِ امل‪T‬ساواةِ؛ ل‪T‬قولِ‪T‬ه ت‪T‬عال‪T‬ى‪:‬‬
‫)ال يَ‪T‬نْهاكُ‪T‬مُ اهللُ ع‪T‬ن ال‪T‬ذي‪T‬نَ لَ‪T‬مْ يُ‪T‬قاتِ‪T‬لوُكُ‪T‬مْ ف‪T‬ي ال‪T‬دِّي‪T‬نِ ولَ‪T‬مْ يُخ‪T‬رِجُ‪T‬وكُ‪T‬مْ مِ‪T‬نْ دِي‪T‬ارِكُ‪T‬مْ أنْ‬
‫تَبرٌّوهُمْ وتُقْسِطُوا إليهِم إنّ اهللَ يُحِبُّ املُقْسِطِنيَ(‪.1‬‬
‫‪ 1‬اﻟﻤﻤﺘﺤﻨﺔ‪٨:‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٩٤‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ه‪T‬ذه هِ‪T‬ي م‪T‬بادئُ ال‪T‬عالق‪T‬اتِ ال‪T‬دول‪T‬يةِ مِ‪T‬ن مَ‪T‬نظورٍ إس‪T‬الم‪T‬يٍّ ال‪T‬تي ي‪T‬جبُ أن ن‪T‬لتزمَ ب‪T‬ها ف‪T‬ي‬
‫الوقتِ احلاضرِ‪.1‬‬
‫حقائقُ عن العالقاتِ الدوليةِ في اإلسالمِ‪:‬‬
‫‪ ۱‬ـ إنّ اجمل‪T‬تمعاتِ البش‪T‬ري‪T‬ةَ ك‪T‬افّ‪T‬ةً ل‪T‬ها ع‪T‬الق‪T‬اتٌ م‪T‬ع ب‪T‬عضِها ب‪T‬عضاً وم‪T‬ع غ‪T‬يرِه‪T‬ا أي‪T‬ضاً‪ ،‬وأنّ‬
‫م‪T‬ا يَ‪T‬حكُمُ ه‪T‬ذه ال‪T‬عالق‪T‬اتِ لَ‪T‬مْ يَ‪T‬كُنْ مُ‪T‬نضَبِطاً؛ ف‪T‬هُو ل‪T‬م يَ‪T‬كُنْ ي‪T‬نطبِقُ ع‪T‬لى رع‪T‬اي‪T‬ا ال‪T‬دول‪T‬ةِ‬
‫ك‪T‬افّ‪T‬ةً؛ س‪T‬واءٌ ع‪T‬ندَ اإلغ‪T‬ري‪T‬قِ‪ ،‬أو ال‪T‬رُّوم‪T‬انِ‪ ،‬أو ال‪T‬هنودِ أو ال‪T‬يهودِ؛ ف‪T‬قد ك‪T‬ان‪T‬ت ه‪T‬ذه األق‪T‬وامُ‬
‫متمايزةً عن غيرِها‪.‬‬
‫‪ ۲‬ـ ملَّ‪T‬ا ب‪T‬عثَ اهللُ ن‪T‬بيَّنا مُح‪T‬مّداً ع‪T‬ليه ال‪T‬صالةُ والس‪T‬المُ ب‪T‬ال‪T‬رس‪T‬ال‪T‬ةِ اخل‪T‬امت‪T‬ةِ للش‪T‬رائ‪T‬عِ ال‪T‬سماوي‪T‬ةِ‬
‫أال وهِ‪T‬ي دِي‪T‬نُ اإلس‪T‬المِ احل‪T‬نيفِ ام‪T‬تداداً لله‪T‬داي‪T‬ةِ البش‪T‬ري‪T‬ةِ ل‪T‬م يَس‪T‬تثْنِ املس‪T‬لمونَ أح‪T‬داً مِ‪T‬ن‬
‫غ‪T‬يرِ املس‪T‬لِمنيَ‪ ،‬أو دول‪T‬ةً مِ‪T‬ن ت‪T‬طبيقِ ال‪T‬قواع‪T‬دِ واألح‪T‬كامِ اإلس‪T‬الم‪T‬يةِ ال‪T‬تي ت‪T‬رب‪T‬طُ ع‪T‬الق‪T‬اتِ‬
‫ال‪T‬ناسِ ب‪T‬عضِهم ب‪T‬عضاً‪ ،‬ول‪T‬م حتَ‪T‬رِمْ أح‪T‬داً مِ‪T‬ن ت‪T‬لك احل‪T‬قوقِ ال‪T‬تي ي‪T‬تمتَّعُ ب‪T‬ها املس‪T‬لمُ‪ ،‬ع‪T‬لى‬
‫نقيضِ اجملتمعاتِ السابقةِ والالحِقةَ التي لم تأخُذْ بتعاليمِ اإلسالمِ العظيمِ‪.‬‬
‫‪ ۳‬ـ ال‪TT‬دول ‪T‬ةُ اإلس‪TT‬الم‪TT‬يةُ ه‪TT‬ي ال‪TT‬تي جتُ‪TT‬رى ع‪TT‬ليها أح‪TT‬كامُ اإلس‪TT‬المِ‪ ،‬وت‪TT‬سودُ ف‪TT‬يها أن‪TT‬ظمتُه‬
‫وتشريعاتُه‪ ،‬ويخضعُ سُكَّانُها لسلطةِ الدولةِ اإلسالميةِ‪.‬‬
‫‪ ٤‬ـ ال‪T‬دول‪T‬ةُ ال‪T‬تي ت‪T‬قومُ ع‪T‬لى أس‪T‬اسِ ال‪T‬تميُّزِ ال‪T‬عُنصريِّ‪ ،‬أو ال‪T‬لونِ‪ ،‬أو ال‪T‬لسانِ ل‪T‬ن تُ‪T‬فلِحَ ف‪T‬ي‬
‫تس‪T‬ييرِ دُفَّ‪T‬ةِ احلُ‪T‬كْمِ لِ‪T‬رع‪T‬اي‪T‬اه‪T‬ا؛ إذ البُ‪T‬دَّ أنْ ي‪T‬ظلَّ ال‪T‬فارقُ ف‪T‬يها واضِ‪T‬حاً ب‪T‬ني عُ‪T‬نصُرِ احل‪T‬اكِ‪T‬منيَ‬
‫وع‪T‬ناصِ‪T‬ر احمل‪T‬كُومِ‪T‬نيَ‪ ،‬ومِ‪T‬ن هُ‪T‬نا )ك‪T‬ان اإلس‪T‬المُ وس‪T‬يظلُّ ك‪T‬ذل‪T‬ك ش‪T‬ام‪T‬خَ ال‪T‬رأسِ يَ‪T‬علُو وال‬
‫يُعلى عليه(؛ ألنّه قضى على ألوانِ التمييزِ العنصريِّ البغيضةِ كافّةً‪.‬‬
‫‪ 1‬ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻮﻋﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻌﺪد ‪ ٤٦٢‬ﺗﺎرﯾﺦ ‪١٤٢٠٠٢‬م‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٩٥‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫‪ ٥‬ـ إنّ اإلس‪T‬المَ يُ‪T‬بيحُ ال‪T‬تعامُ‪T‬لَ م‪T‬ع غ‪T‬يرِ أت‪T‬باعِ‪T‬ه‪ ،‬ك‪T‬ما يُ‪T‬لزِمُ أت‪T‬باعَ‪T‬ه ال‪T‬وف‪T‬اءَ ب‪T‬امل‪T‬عاهَ‪T‬داتِ‬
‫واالتِّ‪TT‬فاق‪TT‬اتِ ال‪TT‬تي يَ‪TT‬عقِدُونَ‪TT‬ها م‪TT‬ع غ‪TT‬يرهِ‪TT‬م‪ ،‬وأنّ الهُ‪TT‬دنَ ‪T‬ةَ‪ ،‬وامل‪TT‬صاحلَ ‪T‬ةَ مش‪TT‬روع ‪T‬ةٌ ع‪TT‬لى أن‬
‫تكونَ بِقَدْرِ الضرورةِ؛ ألنّ الصُّلْحَ الدائمَ يُبطِلُ اجلهادِ ولم يقلْ أحدٌ بذلك‪.‬‬
‫‪ ٦‬ـ ال‪T‬دول‪T‬ةُ اإلس‪T‬الم‪T‬يةُ ال تُ‪T‬سوِّغُ ال‪T‬تمثيلَ بَ‪T‬جُنودِ األع‪T‬داءِ‪ ،‬أو ت‪T‬عذي‪T‬بِ أس‪T‬رى احل‪T‬ربِ‪ ،‬أو‬
‫تخ‪T‬ري‪T‬بِ ال‪T‬عامِ‪T‬ر‪ ،‬أو ق‪T‬طعِ األش‪T‬جارِ‪ ،‬أو ق‪T‬تلِ احل‪T‬يوانِ؛ إالّ ل‪T‬ضرورةٍ‪ ،‬ك‪T‬ما ال جتُ‪T‬يزُ ال‪T‬تعرُّضَ‬
‫لِغَيرِ املُقاتِلنيَ مِن )شُيوخٍ‪ ،‬ونساءٍ‪ ،‬وأطفالٍ‪ ،‬ومرضى(‪.‬‬
‫‪ ۷‬ـ ع‪PP‬الق ‪P‬ةُ املس ‪P‬لِمنيَ ب ‪P‬غَيرهِ‪PP‬م مِ‪PP‬ن األُممَِ األُخْ‪PP‬رى ع‪PP‬لى اخ‪PP‬تالفِ لُ‪PP‬غاتِ‪PP‬ها وأدي‪PP‬انِ‪PP‬ها‬
‫ليس ‪P‬تْ ف‪PP‬ي احل‪PP‬قيقةِ ع‪PP‬الق ‪P‬ةَ سِ ‪P‬لْمٍ وال ع‪PP‬الق ‪P‬ةَ ح‪PP‬ربٍ اب‪PP‬تداءً‪ ،‬وإنّ األص ‪P‬لَ ل‪PP‬يسَ ه‪PP‬و‬
‫السِّ ‪P‬لْمُ ب‪PP‬إط‪PP‬القٍ؛ وإمنّ‪PP‬ا ه‪PP‬ي ع‪PP‬الق ‪P‬ةُ دع‪PP‬وةٍ ف"األُمّ ‪P‬ةُ اإلس‪PP‬الم‪PP‬يةُ أُمّ ‪P‬ةُ دَع‪PP‬وةٍ ع‪PP‬املَ ‪P‬يّةٍ"‬
‫تتخ‪P‬طّى ف‪P‬ي اإلمي‪P‬انِ احل‪P‬دودِ واحل‪P‬واج‪P‬زَ ك‪P‬اف‪P‬ةً ال‪P‬تي تنته‪P‬ي إل‪P‬يها‪ ،‬أو ت‪P‬تهاوى ع‪P‬نده‪P‬ا‬
‫امل‪P‬بادئُ األُخ‪P‬رى س‪P‬واءٌ أك‪P‬ان‪P‬تْ ه‪P‬ذه احل‪P‬دودُ واحل‪P‬واج‪P‬زُ )ج‪P‬غراف‪P‬يةً‪ ،‬أو س‪P‬ياس‪P‬يةً‪ ،‬أو‬
‫عِ‪P‬رق‪P‬يةً‪ ،‬أو لُ‪P‬غوي‪P‬ةً( وه‪P‬ي ب‪P‬ذل‪P‬ك ت‪P‬فتحُ أب‪P‬وابَ رح‪P‬مةِ ال‪P‬سماءِ أله‪P‬لِ األرضِ أج‪P‬معنيَ‪،‬‬
‫وت‪P‬كونُ ال‪P‬عالق‪P‬ةُ ع‪P‬الق‪P‬ةَ )سِ‪P‬لْمٍ‪ ،‬أو ح‪P‬ربٍ(‪ ،‬وي‪P‬كون األص‪P‬لُ ه‪P‬و )السِّ‪P‬لْمَ أو احلَ‪P‬ربَ(‬
‫ب‪PP‬عد حت‪PP‬دي ‪P‬دِ م‪PP‬وق ‪P‬فِ األُممِ وال ‪P‬دُّولِ األُخْ‪PP‬رى مِ‪PP‬ن دع‪PP‬وةِ اإلس‪PP‬المِ )قَ‪PP‬بوالً‪ ،‬أو رَفْ‪PP‬ضاً(‬
‫وهي مِن بديهياتِ السياسةِ الدوليةِ‪ ،‬وتلك مِن بديهياتِ السياسةِ‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٩٦‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ف‪P‬إنْ هِ‪P‬يَ ن‪P‬هجَت م‪P‬نهجَ املُ‪P‬وادَع‪P‬ةِ وامل‪P‬ساملَ‪P‬ةِ ك‪P‬ان حُ‪P‬كمُها ك‪P‬ما ق‪P‬رَّرَتِ اآلي‪P‬ةُ ال‪P‬كرمي‪P‬ةُ‪:‬‬
‫"ال يَ‪P‬نْهاكُ‪P‬مُ اهللُ ع‪P‬نِ ال‪P‬ذي‪P‬نَ لَ‪P‬مْ يُ‪P‬قاتِ‪P‬لُوكُ‪P‬مْ ف‪P‬ي ال‪P‬دِّي‪P‬نِ ولَ‪P‬مْ يُخْ‪P‬رِجُ‪P‬وكُ‪P‬مْ مِ‪P‬نْ دِي‪P‬ارِكُ‪P‬مْ أنْ‬
‫تَبرُّوهُمْ وتُقْسِطُوا إليهِمْ إنّ اهللَ يُحِبُّ املُقْسِطِنيَ "‪.1‬‬
‫‪ ۸‬ـ األخ‪T‬ذُ ب‪T‬أخ‪T‬فِّ ال‪T‬ضَّرَرَي‪T‬نِ‪ ،‬وامل‪T‬عام‪T‬لةُ ب‪T‬املِ‪T‬ثْلِ‪ ،‬وم‪T‬راع‪T‬اةُ امل‪T‬صلحةِ ال‪T‬عامَّ‪T‬ةِ ل‪T‬ها االع‪T‬تبارُ‬
‫األوَّلُ عند إقامةِ أيِّ عالقةٍ مع الدولةِ األُخْرى‪.‬‬
‫‪ ۹‬ـ ح‪TT‬يث إنّ احل‪TT‬ربَ ل‪TT‬م تَ ‪T‬كُنِ ال‪TT‬وس‪TT‬يلةَ ال‪TT‬وح‪TT‬يدةَ لِ ‪T‬فَضِّ ال‪TT‬نزاع‪TT‬اتِ ب‪TT‬ني ال‪TT‬دولِ؛ ف‪TT‬إنّ‬
‫)ال‪TT‬وس‪TT‬اط ‪T‬ةَ‪ ،‬وال‪TT‬تحكيمَ‪ ،‬وامل‪TT‬فاوض‪TT‬اتِ( ب‪TT‬وصْ ‪T‬فِها إح‪TT‬دى ال ‪T‬طُّرقِ الس‪TT‬لميّةِ ل‪TT‬تسوي ‪T‬ةِ‬
‫اخل‪T‬الف‪T‬اتِ أم‪T‬رٌ مش‪T‬روعٌ وس‪T‬ائ‪T‬غٌ ف‪T‬ي اإلس‪T‬المِ؛ ب‪T‬ل إنّ‪T‬ه يُ‪T‬شجِّعُ ع‪T‬ليهِ ويُ‪T‬رغِّ‪T‬بُ ف‪T‬يه‪ ،‬وبه‪T‬ذا ف‪T‬إنّ‬
‫اإلس‪TT‬المَ ال‪TT‬عظيمَ ي‪TT‬رق‪TT‬ى ب‪TT‬اإلن‪TT‬سانِ إل‪TT‬ى أس‪TT‬مى درج‪TT‬اتِ احل‪TT‬ضارةِ‪ ،‬يَ‪TT‬حفظُ ل‪TT‬ه وُج‪TT‬ودَه‬
‫ومُقوِّماتِ حياتِه مع حِرصِه على أمنِه واستقرارِه وحتقيقِ سَعادتِه‪.‬‬
‫‪ 1‬ﻋﺜﻤﺎن ﺟﻤﻌﺔ اﻟﻀﻤﯿﺮﯾﺔ‪ :‬أﺻﻮل اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﻓﻲ ﻓﻘﮫ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ص‪٣٩٣‬‬
‫وأﻣﺎ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﺑﻐﯿﺮھﻢ ﻓﮭﻲ‪ :‬ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺤﺮب وھﺬا ﻣﺎ اﺟﻤﻊ ﻋﻠﯿﮫ ﺟﻤﻊ اﻟﻔﻘﮭﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﺰﻣﻦ‪.‬‬
‫"آﺛﺎر اﻟﺤﺮب" وﻗﺎل‪ّ :‬‬
‫إﻟﻰ أن أﺗﻰ اﻷﺳﺘﺎ ُذ اﻟﺪﻛﺘﻮراﻟﻔﻘﯿﮫ "وھﺒﺔ اﻟﺰﺣﯿﻠﻲ" رﺣﻤﮫ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ‬
‫"أن‬
‫ِ‬
‫اﻹﺳﻼﻣﻲ" اﻧﻈﺮ "آﺛﺎر‬
‫أﺻ َﻞ ﻋﻼﻗ ِﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦَ ﻣﻊ ﻏﯿﺮ ِھﻢ اﻟﺴ ْﱢﻠ ُﻢ‪ ،‬واﻟﺤﺮبُ ﺣﺎﻟﺔٌ طﺎرﺋﺔٌ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‬
‫ﱢ‬
‫ِ‬
‫اﻟﺤﺮب" ص‪ ١٢١‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫وﺧﺎﻟﻔَﮫ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺑﻌﺾُ اﻟﻔﻘﮭﺎ ِء اﺳﺘﻨﺎداً إﻟﻰ اﻟﺮأي‬
‫اﻟﻔﻘﮭﻲ اﻟﻤﻌﻤﻮ ُل ﺑﮫ ﻣﻨ ُﺬ اﻟﺒﺪاﯾ ِﺔ‪.‬‬
‫ﱢ‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٩٧‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﻤَﺒﺤﺚُ اﻷوﱠ ُ‬
‫ل‬
‫ﺗﻌﺮﻳﻒُ اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎتِ ﻓﻲ اﻹﺳﻼ ِ‬
‫م‬
‫هُ‪TT‬ناك أل‪TT‬وانٌ مِ‪TT‬ن احلِ‪TT‬وارِ اجلِ‪TT‬ديِّ واحل‪TT‬اسِ ‪T‬مِ ال‪TT‬ذي يج‪TT‬ري ب‪TT‬ني املس‪TT‬لمنيَ وغ‪TT‬يرهِ‪TT‬م إلن‪TT‬هاءِ‬
‫امل‪TT‬نازع‪TT‬اتِ‪ ،‬أو ل‪TT‬تمكنيِ نَشْ ‪T‬رِ ال‪TT‬دع‪TT‬وةِ اإلس‪TT‬الم‪TT‬يةِ‪ ،‬أو إلق‪TT‬رارِ ال ‪T‬وُّدِّ وال‪TT‬تعاونِ‪ ،‬أو إلب‪TT‬رامِ‬
‫املعاهداتِ)الثقافيةِ‪ ،‬أو االقتصادية(‪.1‬‬
‫ل‪T‬قد عُ‪T‬رِفَ‪T‬تِ امل‪T‬فاوض‪T‬اتُ ف‪T‬ي كُ‪T‬تِبِ ال‪T‬فقِه ب‪T‬اسِ‪T‬م "املُ‪T‬راوَض‪T‬ةِ" وع‪T‬رَّفَ‪T‬ها اإلم‪T‬امُ مُح‪T‬مَّد ب‪T‬نُ‬
‫احل‪T‬سَنِ )الش‪T‬يبان‪T‬يُّ احل‪T‬رَس‪T‬تان‪T‬يُّ األص‪T‬لِ( بِ‪T‬قَول‪T‬هِ‪ :‬ممّ‪T‬ا ي‪T‬كونُ ب‪T‬ني ال‪T‬طرف‪T‬نيِ مِ‪T‬ن جت‪T‬اذبٍ وإب‪T‬داءٍ‬
‫ل‪T‬لرأيِ حِ‪T‬يالَ م‪T‬وض‪T‬وعِ امل‪T‬عاهَ‪T‬دةِ وشُ‪T‬روطِ‪T‬ها؛ ح‪T‬تّى ي‪T‬تمَّ االت‪T‬فاقُ ع‪T‬لى ذلِ‪T‬كَ كُ‪T‬لِّه؛ س‪T‬واءٌ‬
‫أك‪TT‬ان ‪T‬تِ ه‪TT‬ذه امل‪TT‬فاوض‪TT‬اتُ )ط‪TT‬وي‪TT‬لةَ األم ‪T‬دِ أو ق‪TT‬صيرةً(‪ ،‬وس‪TT‬واءٌ أك‪TT‬ان ‪T‬تْ )سه‪TT‬لةً أمْ‬
‫شاقّةً(‪.2‬‬
‫وق‪TT‬د ع ‪T‬قَدَ اإلم‪TT‬امُ مُح ‪T‬مَّد ب ‪T‬نُ احل ‪T‬سَنِ رح ‪T‬مَهُ اهللُ ف‪TT‬ي "السِّ ‪T‬يَرِ ال‪TT‬كبيرِ" ب‪TT‬اب ‪T‬اً ب ‪T‬عُنوان"‪:‬‬
‫)املُ‪T‬راوَض‪T‬ةُ ع‪T‬لى األم‪T‬انَ( أب‪T‬انَ ف‪T‬يه ع‪T‬مّا ي‪T‬كونُ ب‪T‬ني ع‪T‬سكرِ املس‪T‬لمنيَ وأه‪T‬لِ احل‪T‬ربِ إذا أتَ‪T‬وا‬
‫حِ‪TT‬صناً مِ‪TT‬ن حُ‪TT‬صونِ‪TT‬هم‪ ،‬ثُ ‪T‬مَّ ف‪TT‬اوضُ‪TT‬وهُ‪TT‬م ه‪TT‬ؤالءِ ع‪TT‬لى األم‪TT‬انِ وت‪TT‬راضَ‪TT‬وا ع‪TT‬لى ذل ‪T‬كَ‪ ،‬وم‪TT‬ا‬
‫يترتَّبُ على هذا مِن آثارٍ‪.3‬‬
‫وامل‪T‬فاوض‪T‬اتُ ذاتُ أه‪T‬ميَّةٍ كُ‪T‬برى ب‪T‬اع‪T‬تبارِه‪T‬ا وس‪T‬يلةً ب‪T‬نَّاءةً لـ )إق‪T‬رارِ السِّ‪T‬لْمِ‪ ،‬وت‪T‬وط‪T‬يدِ األم‪T‬نِ‬
‫واالس‪T‬تقرارِ‪ ،‬وإش‪T‬اع‪T‬ةِ رُوحِ امل‪T‬ودَّةِ‪ ،‬وحتس‪T‬نيِ ال‪T‬عالق‪T‬اتِ ال‪T‬دول‪T‬يةِ‪ ،‬ومت‪T‬كنيِ كُ‪T‬لِّ ط‪T‬رفٍ مِ‪T‬ن‬
‫العيشِ بأمانٍ(‪.‬‬
‫‪ 1‬اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت ﻓﻲ اﻹﺳﻼم د وھﺒﺔ اﻟﺰﺣﯿﻠﻲ دار اﻟﻤﻜﺘﺒﻲ دﻣﺸﻖ ط اﻷوﻟﻰ ﻋﺎم ‪١٩٩٦‬م ص ‪٧‬‬
‫‪ 2‬ﻋﺜﻤﺎن ﺿﻤﯿﺮﯾﺔ‪ :‬أﺻﻮل اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ ﻓﻘﮫ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬
‫ص‪٦٩٥‬‬
‫ﺧﺴﻲ" دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ ﺑﯿﺮوت اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‬
‫‪ 3‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧ ّﻲ "اﻟ ﱢﺴﯿَ ُﺮ اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻣﻊ ﺷﺮح اﻟﺴﺮ‬
‫ﱢ‬
‫‪٤٦١\٢ ١٩٩٧‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٩٨‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫وإذا ك‪T‬ان‪T‬تِ احل‪T‬ربُ ظ‪T‬اه‪T‬رةً اج‪T‬تماع‪T‬يةً ع‪T‬امَّ‪T‬ةً ب‪T‬نيَ البَش‪T‬رِ م‪T‬نذُ أق‪T‬دمِ ال‪T‬عصورِ ف‪T‬إنّ امل‪T‬فاوَض‪T‬اتِ‬
‫أيضاً ظاهرةٌ قدميةٌ؛‬
‫ب‪T‬ل ه‪T‬ي ال‪T‬قاع‪T‬دةُ األغ‪T‬لبيةُ ال‪T‬تي ي‪T‬كثرُ ال‪T‬لجوءُ إل‪T‬يها‪ ،‬وإن ك‪T‬انَ ال‪T‬كالمُ ع‪T‬نها ف‪T‬ي ال‪T‬كتبِ‬
‫الفقه‪TT‬يةِ ق‪TT‬ليالً ف‪TT‬ي األع ‪T‬مِّ األغ‪TT‬لبِ؛ ألنّ ح‪TT‬االتِ الس‪TT‬المِ ه‪TT‬ي األك‪TT‬ثرُ ف‪TT‬ي ال‪TT‬واق ‪T‬عِ م‪TT‬ن‬
‫حاالتِ احلربِ التي هي أمرٌ طارئٌ على البَشرِ‪ ،‬ووضعٌ خطيرٌ يحتاجُ إلعدادٍ كبيرٍ‪.1‬‬
‫ومِ‪T‬ن أم‪T‬ثلةِ امل‪T‬فاوَض‪T‬اتِ ال‪T‬قدمي‪T‬ةِ م‪T‬ا ك‪T‬ان يح‪T‬دثُ ب‪T‬ني ال‪T‬قبائ‪T‬لِ ال‪T‬بدائ‪T‬يةِ م‪T‬ن م‪T‬نازع‪T‬اتٍ ع‪T‬لى‬
‫العُش‪T‬بِ لِ‪T‬رَع‪T‬ي األغ‪T‬نامِ‪ ،‬أو م‪T‬حاول‪T‬ةِ بس‪T‬طِ ال‪T‬نفوذِ والس‪T‬يطرةِ ع‪T‬لى م‪T‬كانٍ أو م‪T‬وق‪T‬عٍ مُ‪T‬هِمٍّ؛‬
‫ومِ‪T‬نها مُ‪T‬فاوَض‪T‬اتُ ال‪T‬رُّس‪T‬لِ واألن‪T‬بياءِ ع‪T‬ليهم ال‪T‬صالةُ والس‪T‬المُ م‪T‬ع أق‪T‬وامِ‪T‬هم لنش‪T‬رِ دع‪T‬وت‪T‬هِم‬
‫لتوحيدِ اهللِ تعالى واإلقرارِ بوجودِ سبحانه وإقامةِ شرائعِه السماويةِ؛‬
‫ألنّ م‪TT‬جيءَ ال‪TT‬رس‪TT‬ولِ ع‪TT‬ليه الس‪TT‬المُ ك‪TT‬ان يُح ‪T‬دِثُ ان‪TT‬قسام ‪T‬اً ب ‪T‬نيَ ال‪TT‬ناسِ‪ ،‬ويُ‪TT‬وجِ ‪T‬دُ ن‪TT‬زاع ‪T‬اً‬
‫وخ‪T‬صام‪T‬اً ش‪T‬دي‪T‬دَي‪T‬نِ؛ ف‪T‬أق‪T‬وامٌ ي‪T‬تمسَّكُونَ ب‪T‬دي‪T‬ان‪T‬ةِ آب‪T‬ائِ‪T‬هم‪ ،‬وال‪T‬رس‪T‬ولُ يُ‪T‬ري‪T‬دُ أن يَ‪T‬دع‪T‬وهُ‪T‬م إل‪T‬ى‬
‫توحيدِ اهللِ تعالى‪ ،‬وقد كانَ لِدَورِ املفاوَضاتِ أثرٌ كبيرٌ في نَشرِ الدعوةِ اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ 1‬د‪ .‬وھﺒﺔ اﻟﺰﺣﯿﻠﻲ "اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت ﻓﻲ اﻹﺳﻼم" اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴُﮫ ص ‪٨‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ٩٩‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﻤَﺒﺤﺚُ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬
‫ﻣَﺸﺮوﻋﻴﺔُ اﻟﻤُﻔﺎوﺿﺎتِ وأﻧﻮاﻋُﻬﺎ‬
‫إنّ امل‪T‬فاوَض‪T‬اتِ ب‪T‬اع‪T‬تبارِه‪T‬ا ذاتَ ط‪T‬بيعةٍ سِ‪T‬لْميّةٍ‪ ،‬حتُ‪T‬قِّقُ ف‪T‬ائ‪T‬دةً أك‪T‬ثرَ ممّ‪T‬ا يُ‪T‬حقِّقُه ال‪T‬قتالُ؛‬
‫فهِ‪T‬يَ مش‪T‬روع‪T‬ةٌ ب‪T‬ال‪T‬كتابِ ال‪T‬كرميِ وال‪T‬سُّنَّةِ املطهَّ‪T‬رةِ؛ ك‪T‬قَولِ‪T‬ه ت‪T‬عال‪T‬ى‪) :‬وَإِن جَ‪T‬نَحُواْ لِلسَّ‪T‬لْمِ‬
‫فَ‪T‬اجْ‪T‬نَحْ لَ‪T‬هَا وَتَ‪T‬وَكَّ‪T‬لْ عَ‪T‬لَى اهللِّ إِنَّ‪T‬هُ هُ‪T‬وَ ال‪T‬سَّمِيعُ الْ‪T‬عَلِيمُ (‪ 1‬وه‪T‬ذا يُ‪T‬قِرُّ ب‪T‬امل‪T‬فاوَض‪T‬اتِ؛ ألنّ‪T‬ه ال‬
‫س‪T‬بيلَ إل‪T‬ى ال‪T‬تفاهُ‪T‬مِ ع‪T‬لى الس‪T‬المِ وإق‪T‬رارِه ومَ‪T‬نحِه إالّ ب‪T‬ها‪ ،‬ك‪T‬ما أنّ اآلي‪T‬ةَ تُ‪T‬قرِّرُ مش‪T‬روع‪T‬يةَ‬
‫احلِ‪TT T‬يادِ تُ ‪T T‬قِرُّ ه‪TT T‬ذا ال‪TT T‬عملَ وه‪TT T‬ي ق‪TT T‬ولُ‪TT T‬ه ت‪TT T‬عال‪TT T‬ى‪) :‬إلَّ‪TT T‬ا الَّ ‪T T‬ذِي ‪T T‬نَ يَ ‪T T‬صِلُونَ إِل َٰى قَ ‪T T‬وْمٍ‬
‫بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ (‪.2‬‬
‫وال‪T‬تفاوُضُ مِ‪T‬ن أج‪T‬لِ ح‪T‬االتِ ال‪T‬قتلِ اخل‪T‬طأِ ألح‪T‬دٍ مِ‪T‬ن األع‪T‬داءِ أم‪T‬رٌ ض‪T‬روريٌّ مش‪T‬روعٌ ق‪T‬ال‬
‫سُ‪T‬بحانَ‪T‬ه‪) :‬وَمَ‪T‬ا كَ‪T‬انَ ملُِ‪T‬ؤْمِ‪T‬نٍ أَن يَ‪T‬قْتُلَ مُ‪T‬ؤْمِ‪T‬نًا إِلَّ‪T‬ا خَ‪T‬طَأً ۚ وَمَ‪T‬ن قَ‪T‬تَلَ مُ‪T‬ؤْمِ‪T‬نًا خَ‪T‬طَأً فَتَحْ‪T‬رِي‪T‬رُ رَقَ‪T‬بَةٍ‬
‫مُّ‪T‬ؤْمِ‪T‬نَةٍ وَدِيَ‪T‬ةٌ مُّسَ‪T‬لَّمَةٌ إِل َٰى أَهْ‪T‬لِهِ إِلَّ‪T‬ا أَن يَ‪T‬صَّدَّقُ‪T‬وا ۚ فَ‪T‬إِن كَ‪T‬انَ مِ‪T‬ن قَ‪T‬وْمٍ عَ‪T‬دُوٍّ لَّ‪T‬كُمْ وَهُ‪T‬وَ مُ‪T‬ؤْمِ‪T‬نٌ‬
‫فَتَحْ‪T‬رِي‪T‬رُ رَقَ‪T‬بَةٍ مُّ‪T‬ؤْمِ‪T‬نَةٍ ۖ وَإِن كَ‪T‬انَ مِ‪T‬ن قَ‪T‬وْمٍ بَ‪T‬يْنَكُمْ وَبَ‪T‬يْنَهُم مِّ‪T‬يثَاقٌ فَ‪T‬دِيَ‪T‬ةٌ مُّسَ‪T‬لَّمَةٌ إِل َٰى أَهْ‪T‬لِهِ‬
‫وَحتَْ‪T‬رِي‪T‬رُ رَقَ‪T‬بَةٍ مُّ‪T‬ؤْمِ‪T‬نَةٍ ۖ فَ‪T‬مَن لَّ‪T‬مْ يَجِ‪T‬دْ فَ‪T‬صِيَامُ شَهْ‪T‬رَيْ‪T‬نِ مُ‪T‬تَتَابِ‪T‬عَنيِْ تَ‪T‬وْبَ‪T‬ةً مِّ‪T‬نَ ال‪T‬لَّهِ ۗ وَكَ‪T‬انَ ال‪T‬لَّهُ‬
‫عَ‪T‬لِيمًا حَ‪T‬كِيمًا )‪ (۹۲‬وَمَ‪T‬ن يَ‪T‬قْتُلْ مُ‪T‬ؤْمِ‪T‬نًا مُّ‪T‬تَعَمِّدًا فَجَ‪T‬زَاؤُهُ جَ‪T‬هَنَّمُ خَ‪T‬الِ‪T‬دًا فِ‪T‬يهَا وَغَ‪T‬ضِبَ‬
‫ال‪T‬لَّهُ عَ‪T‬لَيْهِ وَلَ‪T‬عَنَهُ وَأَعَ‪T‬دَّ لَ‪T‬هُ عَ‪T‬ذَابً‪T‬ا عَ‪T‬ظِيمًا )‪ (۹۳‬يَ‪T‬ا أَيُّ‪T‬هَا الَّ‪T‬ذِي‪T‬نَ آمَ‪T‬نُوا إِذَا ضَ‪T‬رَبْ‪T‬تُمْ فِ‪T‬ي سَ‪T‬بِيلِ‬
‫ال ‪T‬لَّهِ فَ ‪T‬تَبَيَّنُوا وَالَ تَ ‪T‬قُولُ‪TT‬وا ملَِ ‪T‬نْ أَلْ ‪T‬ق َٰى إِلَ ‪T‬يْكُمُ السَّ ‪T‬الَمَ لَسْ ‪T‬تَ مُ ‪T‬ؤْمِ ‪T‬نًا تَ ‪T‬بْتَغُونَ عَ ‪T‬رَضَ احلَْ ‪T‬يَاةِ‬
‫‪ 1‬اﻷﻧﻔﺎل اﻵﯾﺔ ‪٦١‬‬
‫‪ 2‬اﻟﻨﺴﺎء اﻵﯾﺔ ‪٩٠‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٠٠‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ال‪T‬دُّنْ‪T‬يَا فَ‪T‬عِندَ ال‪T‬لَّهِ مَ‪T‬غَامنُِ كَ‪T‬ثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِ‪T‬كَ كُ‪T‬نتُم مِّ‪T‬ن قَ‪T‬بْلُ فَ‪T‬مَنَّ ال‪T‬لَّهُ عَ‪T‬لَيْكُمْ فَ‪T‬تَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ ال‪T‬لَّهَ‬
‫كَانَ مبَِا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا )‪.1(۹٤‬‬
‫املُفاوَضاتُ في القُرآنِ الكرميِ‪:‬‬
‫منُ‪PP‬وذجٌ مِ‪PP‬ن املُ‪PP‬فاوَض‪PP‬اتِ ال‪PP‬تي وَردَتْ ف‪PP‬ي ال ‪P‬قُرآنِ ال‪PP‬كرميِ مُ‪PP‬فاوَض ‪P‬ةُ س ‪P‬يِّدِن‪PP‬ا سُ‪PP‬ليمانَ‬
‫عليه السالمُ مع املَلِكَةِ بِلقيس‪:‬‬
‫م‪TT‬فاوض‪TT‬اتُ ن‪TT‬بيِّ اهللِ سُ‪TT‬ليمانَ ع‪TT‬ليه الس‪TT‬المُ )ح‪TT‬اك ‪T‬مِ ال ‪T‬قُدسِ( م‪TT‬ع بِ‪TT‬لقيس )مَ‪TT‬لكةِ‬
‫اليَمن(‪.‬‬
‫ب‪TT‬دأتِ امل‪TT‬فاوَض‪TT‬اتُ ع‪TT‬ندم‪TT‬ا ت‪TT‬فقَّدَ ن‪TT‬بيُّ اهللِ سُ‪TT‬ليمانُ ع‪TT‬ليه الس‪TT‬المُ مُ‪TT‬لكَهَ‪ ،‬واج‪TT‬تمعَتْ‬
‫أع‪T‬ضاءُ مم‪T‬لكَتِه أم‪T‬امَ‪T‬ه‪ ،‬واك‪T‬تشفَ غ‪T‬يابَ أح‪T‬دِ ال‪T‬طيورِ أال وهُ‪T‬و الهُ‪T‬ده‪T‬دُ ف‪T‬قالَ سُ‪T‬ليمانُ‬
‫ع‪T‬ليه الس‪T‬المُ ك‪T‬ما ج‪T‬اءَ ف‪T‬ي ال‪T‬قرآنِ ال‪T‬كرميِ‪) :‬وَتَ‪T‬فَقَّدَ ال‪T‬طَّيْرَ فَ‪T‬قَالَ مَ‪T‬ا لِ‪T‬يَ الَ أَرَى الْهُ‪T‬دْهُ‪T‬دَ‬
‫أَمْ كَ‪T‬انَ مِ‪T‬نَ الْ‪T‬غَائِ‪T‬بِنيَ )‪ (۲۰‬ألَُعَ‪T‬ذِّبَ‪T‬نَّهُ عَ‪T‬ذَابً‪T‬ا شَ‪T‬دِي‪T‬دًا أَوْ ألَذْبَ‪T‬حَنَّهُ أَوْ لَ‪T‬يَأْتِ‪T‬يَنِّي بِسُ‪T‬لْطَانٍ‬
‫مُ‪T‬بِنيٍ(‪ .‬ويُ‪T‬فهَمُ مِ‪T‬ن ه‪T‬ذا أنّ‪T‬ه هُ‪T‬ده‪T‬دٌ خ‪T‬اصٌّ‪ ،‬مُ‪T‬عيَّنٌ ف‪T‬ي نَ‪T‬وب‪T‬تِه ف‪T‬ي ه‪T‬ذا ال‪T‬عَرْضِ ول‪T‬يس‬
‫هُ‪T‬دهُ‪T‬داً م‪T‬ا مِ‪T‬ن ت‪T‬لكَ األل‪T‬وفِ‪ ،‬أو امل‪T‬الي‪T‬ني ال‪T‬تي حت‪T‬وي‪T‬ها األرضُ مِ‪T‬ن أمَّ‪T‬ةِ اله‪T‬داهِ‪T‬د‪ .‬ك‪T‬ما‬
‫نُ‪TT‬درِكُ مِ‪TT‬ن اف‪TT‬تقادِ سُ‪TT‬ليمانَ ع‪TT‬ليه الس‪TT‬المُ له‪TT‬ذا الهُ‪TT‬دهُ ‪T‬دِ سِ‪TT‬مةً م‪TT‬ن سِ‪TT‬ماتِ ش‪TT‬خصيَّتِه‪:‬‬
‫سِ‪TT‬مةَ )ال‪TT‬يقظةِ‪ ،‬وال ‪T‬دِّقَّ ‪T‬ةِ‪ ،‬واحلَ ‪T‬زْمِ(؛ ف ‪T‬هُو ل‪TT‬م يَ‪TT‬غفلْ ع‪TT‬ن غَ‪TT‬يبةِ جُ‪TT‬نديٌّ مِ‪TT‬ن ه‪TT‬ذا احلشْ ‪T‬رِ‬
‫الضخ‪T‬مِ مِ‪T‬ن )اجلِ‪T‬نِّ‪ ،‬واإلن‪T‬سِ‪ ،‬وال‪T‬طيرِ(‪ ،‬ال‪T‬ذي يَج‪T‬معُ آخِ‪T‬رَه ع‪T‬لى أوَّلِ‪T‬ه ك‪T‬ي ال ي‪T‬تفرَّقَ‬
‫وينتكِثَ‪
.‬‬
‫‪1‬اﻟﻨﺴﺎء اﻵﯾﺔ ‪٩٤‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٠١‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫وه‪T‬و ي‪T‬سألُ ع‪T‬نه ف‪T‬ي ص‪T‬يغةٍ مُ‪T‬ترفِّ‪T‬عةٍ مَ‪T‬رن‪T‬ةٍ ج‪T‬امِ‪T‬عَةٍ‪ } :‬م‪T‬ا ل‪T‬يَ ال أرَى الهُ‪T‬دهُ‪T‬دَ؟ أمْ ك‪T‬انَ مِ‪T‬نَ‬
‫الغائِبنيَ{؟‪.1‬‬
‫ان‪T‬تظر ن‪T‬بيُّ اهللِ س‪T‬ليمانُ م‪T‬جيءَ الهُ‪T‬دهُ‪T‬دِ وق‪T‬د ت‪T‬وعَّ‪T‬دَه ب‪T‬عذابٍ أل‪T‬يمٍ ف‪T‬جاءَ الهُ‪T‬ده‪T‬دُ بِ‪T‬خَبرٍ‬
‫مُ‪T‬همٍّ وع‪T‬ظيمٍ ع‪T‬ن ق‪T‬ومٍ ل‪T‬م يَ‪T‬علَمْ س‪T‬ليمانُ ع‪T‬ليه الس‪T‬المُ ب‪T‬وُج‪T‬ودِه ف‪T‬قالَ ك‪T‬ما ف‪T‬ي ال‪T‬قرآنِ‬
‫ال‪T‬كرميِ‪):‬فَ‪T‬مَكَثَ غَ‪T‬يْرَ بَ‪T‬عِيدٍ فَ‪T‬قَالَ أَحَ‪T‬طْتُ مبَِ‪T‬ا لَ‪T‬مْ حتُِ‪T‬طْ بِ‪T‬هِ وَجِ‪T‬ئْتُكَ مِ‪T‬نْ سَ‪T‬بَإٍ بِ‪T‬نَبَإٍ يَ‪T‬قِنيٍ‬
‫)‪ (۲۲‬إِنِّ‪TT‬ي وَجَ ‪T‬دْتُ امْ ‪T‬رَأَةً متَْ ‪T‬لِكُهُمْ وَأُوتِ ‪T‬يَتْ مِ ‪T‬نْ كُ ‪T‬لِّ شَ ‪T‬يْءٍ وَلَ ‪T‬هَا عَ ‪T‬رْشٌ عَ ‪T‬ظِيمٌ )‪(۲۳‬‬
‫وَجَ ‪T‬دْتُ ‪T‬هَا وَقَ ‪T‬وْمَ ‪T‬هَا يَسْجُ ‪T‬دُونَ لِ‪TT‬لشَّمْسِ مِ ‪T‬نْ دُونِ ال ‪T‬لَّهِ وَزَيَّ ‪T‬نَ لَ ‪T‬هُمُ الشَّ ‪T‬يْطَانُ أَعْ ‪T‬مَالَ ‪T‬هُمْ‬
‫فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ الَ يَهْتَدُونَ )‪.(۲٤‬‬
‫إنّ‪T‬ه يَ‪T‬عرِفُ حَ‪T‬زْمَ امل‪T‬لِكِ وشِ‪T‬دَّتَ‪T‬ه؛ ف‪T‬هو ي‪T‬بدأُ ح‪T‬دي‪T‬ثَه مب‪T‬فاج‪T‬أةٍ تَ‪T‬طغَى ع‪T‬لى م‪T‬وض‪T‬وعِ غَ‪T‬يبتِه‪،‬‬
‫وت‪T‬ضمنُ إص‪T‬غاءَ امل‪T‬لِكِ ل‪T‬ه‪) :‬أَحَ‪T‬طتُ مبَِ‪T‬ا لَ‪T‬مْ حتُِ‪T‬طْ بِ‪T‬هِ وَجِ‪T‬ئْتُكَ مِ‪T‬نْ سَ‪T‬بَإٍ بِ‪T‬نَبَإٍ يَ‪T‬قِنيٍ ( ف‪T‬أيُّ‬
‫مَلكٍ ال يستمعُ وأحدُ رعاياهُ يقولُ له‪) :‬أحطتُ مبِا لم حتُِطْ بِهِ (؟!
‬
‫ف‪T‬إذا ضَ‪T‬مِنَ إص‪T‬غاءَ امل‪T‬لكِ ب‪T‬عد ه‪T‬ذهِ امل‪T‬فاج‪T‬أةِ أخ‪T‬ذَ ف‪T‬ي ت‪T‬فصيلِ ال‪T‬نبأِ ال‪T‬يقنيِ ال‪T‬ذي ج‪T‬اءَ ب‪T‬ه‬
‫مِ‪T‬ن س‪T‬بأ ومم‪T‬لكةُ سَ‪T‬بأٍ ت‪T‬قعُ ف‪T‬ي ج‪T‬نوبِ اجل‪T‬زي‪T‬رةِ ب‪T‬ال‪T‬يمنِ؛ فَ‪T‬ذكَ‪T‬رَ أنّ‪T‬ه وَجَ‪T‬دَهُ‪T‬م حت‪T‬كمُهُم‬
‫ام‪TT‬رأةٌ }أوتُ ‪T‬يَتْ مِ‪TT‬ن كُ ‪T‬لِّ ش‪TT‬يءٍ{ وه‪TT‬ذا كِ‪TT‬ناي ‪T‬ةٌ ع‪TT‬ن ع‪TT‬ظمةِ‪ ،‬وث‪TT‬رائِ‪TT‬ها‪ ،‬وت‪TT‬وافُ ‪T‬رِ أس‪TT‬بابِ‬
‫احل‪T‬ضارةِ وال‪T‬قوَّةِ وامل‪T‬تاعِ‪} .‬ول‪T‬ها عَ‪T‬رشٌ ع‪T‬ظيمٌ{‪ .‬أيّ‪ :‬س‪T‬ري‪T‬رُ مَ‪T‬لكٍ فخ‪T‬مٌ ضخ‪T‬مٌ ي‪T‬دلُّ ع‪T‬لى‬
‫ال‪T‬غِنى وال‪T‬ترفِ وارت‪T‬قاءِ ال‪T‬صناع‪T‬ةِ‪ .‬وذكَ‪T‬رَ أنّ‪T‬ه وَجَ‪T‬دَ امل‪T‬لكةَ وق‪T‬ومَ‪T‬ها }يَسجُ‪T‬دُونَ ل‪T‬لشَّمْسِ‬
‫مِ‪T‬نْ دُونِ اهللِ{ وهُ‪T‬نا يُ‪T‬علِّلُ ض‪T‬اللَ ال‪T‬قومِ ب‪T‬أنّ الش‪T‬يطانَ زيّ‪T‬نَ ل‪T‬هم أع‪T‬مالَ‪T‬هم؛ ف‪T‬أض‪T‬لَّهُم‪ ،‬ف‪T‬هُم‬
‫ال يه‪TT T‬تدونَ إل‪TT T‬ى عِ‪TT T‬بادةِ اهللِ ال‪TT T‬عليمِ اخل‪TT T‬بيرِ }ال‪TT T‬ذي يُخ ‪T T‬رِجُ اخلَ ‪T T‬بَء ف‪TT T‬ي ال ‪T T‬سَّماواتِ‬
‫ﺳﯿﺪ ﻗﻄﺐ ﻓﻲ ظﻼل اﻟﻘﺮان دار اﻟﺸﺮوق اﻟﻘﺎھﺮة ط ‪١٩٧٩ ١‬م‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٠٢‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫واألرضِ{‪ .‬واخلْ‪T‬بءُ‪ :‬اخمل‪T‬بوءُ إج‪T‬ماالً؛ س‪T‬واءٌ أك‪T‬انَ )م‪T‬طرَ ال‪T‬سماءِ ون‪T‬باتَ األرضِ‪ ،‬أم ك‪T‬انَ‬
‫أس‪T‬رارَ ال‪T‬سَّماواتِ واألرضِ‪ .‬وه‪T‬ي –ه‪T‬و ك‪T‬ناي‪T‬ةٌ ع‪T‬ن ك‪T‬لِّ م‪T‬خبوءٍ وراءَ سِ‪T‬تارِ ال‪T‬غيبِ ف‪T‬ي‬
‫ال‪T‬كونِ ال‪T‬عري‪T‬ضِ‪} .‬ويَ‪T‬علَمُ م‪T‬ا تُ‪T‬خفُونَ وم‪T‬ا تُ‪T‬علِنُونَ{ وه‪T‬ي مُ‪T‬قابَ‪T‬لةٌ ل‪T‬لخْبءِ ف‪T‬ي ال‪T‬سماواتِ‬
‫واألرضِ باخلْبءِ في أطواءِ النفسِ‪ ،‬ما ظَهَرَ مِنهُ وما بَطَنَ‪
.‬‬
‫والهُ‪T‬دهُ‪T‬دُ إل‪T‬ى ه‪T‬ذه اللح‪T‬ظةِ ي‪T‬قفُ م‪T‬وق‪T‬فَ امل‪T‬ذنِ‪T‬بِ‪ ،‬ال‪T‬ذي ل‪T‬م ي‪T‬قضِ امل‪T‬لكُ ف‪T‬ي أم‪T‬رِه ب‪T‬عدُ؛‬
‫ف‪T‬هو يُ‪T‬لمِّحُ ف‪T‬ي خِ‪T‬تامِ ال‪T‬نبأِ ال‪T‬ذي ي‪T‬قصُّه‪ ،‬إل‪T‬ى اهللِ امل‪T‬لكِ ال‪T‬قهَّارِ‪ ،‬ربِّ اجل‪T‬ميعِ‪ ،‬ص‪T‬اح‪T‬بِ‬
‫العرشِ العظيمِ‪ ،‬الذي ال تُقاسُ إليه عُروشُ البَشرِ‪.1‬‬
‫ف‪TT‬أرادَ سُ‪TT‬ليمانُ ع‪TT‬ليه الس‪TT‬المُ ت‪TT‬بيُّنَ صِ ‪T‬دْقِ اخل‪TT‬برِ ف‪TT‬أرس ‪T‬لَ م ‪T‬عَه كِ‪TT‬تاب ‪T‬اً مِ‪TT‬ن س‪TT‬ليمانَ إل‪TT‬ى‬
‫مَ‪TT‬لكَتِهِم ي‪TT‬دعُ‪TT‬وهُ‪TT‬م ف‪TT‬يه إل‪TT‬ى ع‪TT‬بادةِ اهللِ ت‪TT‬عال‪TT‬ى وك‪TT‬ان ‪T‬تِ ال‪TT‬رس‪TT‬ال ‪T‬ةُ مم‪TT‬هورةً ب ‪T‬خَتمِ امل‪TT‬لكِ؛‬
‫فـ)وَقَ‪T‬عَ ال‪T‬كِتابُ م‪T‬ن األن‪T‬فُسِ م‪T‬وق‪T‬عَ ت‪T‬عظيمٍ(‪ ،‬وق‪T‬د وَصَ‪T‬فَ ال‪T‬قرآنُ ال‪T‬كرميُ ه‪T‬ذا ب‪T‬قولِ‪T‬ه‪:‬‬
‫)قَ‪T‬الَ سَ‪T‬نَنْظُرُ أَصَ‪T‬دَقْ‪T‬تَ أَمْ كُ‪T‬نْتَ مِ‪T‬نَ الْ‪T‬كَاذِبِ‪T‬نيَ )‪ (۲۷‬اذْهَ‪T‬بْ بِ‪T‬كِتَابِ‪T‬ي هَ‪T‬ذَا فَ‪T‬أَلْ‪T‬قِهْ إِلَ‪T‬يْهِمْ‬
‫ثُ‪T‬مَّ تَ‪T‬وَلَّ عَ‪T‬نْهُمْ فَ‪T‬انْ‪T‬ظُرْ مَ‪T‬اذَا يَ‪T‬رْجِ‪T‬عُونَ )‪ (۲۸‬قَ‪T‬الَ‪T‬تْ يَ‪T‬ا أَيُّ‪T‬هَا املَْ‪T‬ألَُ إِنِّ‪T‬ي أُلْ‪T‬قِيَ إِلَ‪T‬يَّ كِ‪T‬تَابٌ كَ‪T‬رِميٌ‬
‫)‪ (۲۹‬إِنَّ‪T‬هُ مِ‪T‬نْ سُ‪T‬لَيْمَانَ وَإِنَّ‪T‬هُ بِ‪T‬سْمِ ال‪T‬لَّهِ ال‪T‬رَّحْ‪T‬مَنِ ال‪T‬رَّحِ‪T‬يمِ )‪ (۳۰‬أَلَّ‪T‬ا تَ‪T‬عْلُوا عَ‪T‬لَيَّ وَأْتُ‪T‬ونِ‪T‬ي‬
‫مُسْلِمِنيَ )‪(۳۱‬‬
‫وهي تستشيرُ املألَ مِن قومِها في هذا األمرِ اخلطيرِ‪
:‬‬
‫)ق‪TT‬ال ‪T‬تْ‪ :‬ي‪TT‬ا أيُّ‪TT‬ها امل ‪T‬ألُ إنِّ‪TT‬ي أُل ‪T‬قِيَ إل ‪T‬يَّ كِ‪TT‬تابٌ ك‪TT‬رميٌ‪ .‬إنّ ‪T‬هُ مِ‪TT‬ن سُ‪TT‬ليمانَ‪ ،‬وإنّ ‪T‬هُ ب‪TT‬اس ‪T‬مِ اهللِ‬
‫الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ‪ .‬أالّ تَعلُوا عَلَيَّ وأتُوني مُسلِمنيَ(‪
.‬‬
‫فهِ‪T‬ي تُ‪T‬خبِرُهُ‪T‬م أنّ‪T‬ه أُل‪T‬قِيَ إل‪T‬يها كِ‪T‬تابٌ‪ .‬ومِ‪T‬ن ه‪T‬ذا نُ‪T‬رجِّ‪T‬حُ أن‪T‬ها ل‪T‬م ت‪T‬علَمْ مِ‪T‬ن أل‪T‬قى إل‪T‬يها‬
‫‪ 1‬ﺳﯿﺪ ﻗﻄﺐ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٠٣‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ال‪T‬كتابِ‪ ،‬وال ك‪T‬يف أل‪T‬قاه‪ .‬ول‪T‬و ك‪T‬ان‪T‬ت ت‪T‬عرِفُ أنّ اله‪T‬ده‪T‬دَ ه‪T‬و ال‪T‬ذي ج‪T‬اءَ ب‪T‬ه ك‪T‬ما ت‪T‬قولُ‬
‫ال‪T‬تفاس‪T‬يرُ ألع‪T‬لنَتْ ه‪T‬ذه ال‪T‬عجيبةَ ال‪T‬تي ال ت‪T‬قعُ ك‪T‬لَّ ي‪T‬ومٍ؛ ول‪T‬كنها ق‪T‬ال‪T‬ت ب‪T‬صيغةِ ال‪T‬فعلِ‬
‫امل‪T‬بني ل‪T‬لمجهولِ؛ ممّ‪T‬ا ي‪T‬جعلُنا ن‪T‬رجِّ‪T‬حُواهللُ ت‪T‬عال‪T‬ى أع‪T‬لمُ أنّ‪T‬ها ل‪T‬م ت‪T‬علمْ ك‪T‬يفَ أُل‪T‬قِيَ إل‪T‬يها‬
‫وال مَن ألقاهُ‪
.‬‬
‫وه‪T‬ي تَ‪T‬صِفُ ال‪T‬كتابَ ب‪T‬أنّ‪T‬ه }ك‪T‬رميٌ{‪ ،‬وه‪T‬ذا ال‪T‬وص‪T‬فُ رمبّ‪T‬ا خ‪T‬طرَ ل‪T‬ها مِ‪T‬ن خ‪T‬امتَِ‪T‬ه‪ ،‬أو ش‪T‬كلِه‪،‬‬
‫أو مِ‪T‬ن مُ‪T‬حتوي‪T‬اتِ‪T‬ه ال‪T‬تي أع‪T‬لنَتْ ع‪T‬نها ل‪T‬لمألِ‪ } :‬إنّ‪T‬هُ مِ‪T‬ن سُ‪T‬ليمانَ‪ ،‬وإنّ‪T‬هُ بِ‪T‬سِمِ ال‪T‬لِّهِ ال‪T‬رَّح‪T‬منِ‬
‫ال‪T‬رَّح‪T‬يمِ‪ .‬أالّ تَ‪T‬علُو ع‪T‬لَيَّ وأتُ‪T‬ون‪T‬ي مُس‪T‬لِمنيَ{‪ .‬وه‪T‬ي ك‪T‬ان‪T‬ت ال تَ‪T‬عبُدُ اهللَ ع‪T‬زَّ وج‪T‬لَّ؛ ول‪T‬كنّ‬
‫صِ‪T‬يْتَ ن‪T‬بيِّ اهللِ سُ‪T‬ليمانَ ع‪T‬ليه الس‪T‬المُ ك‪T‬ان ذائ‪T‬عاً ف‪T‬ي ه‪T‬ذه ال‪T‬رُّق‪T‬عةِ‪ ،‬ول‪T‬غةُ ال‪T‬كتابِ ال‪T‬تي‬
‫ي‪TT‬حكِيها ال‪TT‬قرآنُ ال‪TT‬كرميُ ف‪TT‬يها)اس‪TT‬تعالءٌ‪،‬وح‪TT‬زمٌ‪،‬وج‪TT‬زمٌ(؛ ممّ‪TT‬ا ق‪TT‬د يُ‪TT‬وح‪TT‬ي إل‪TT‬يها به‪TT‬ذا‬
‫الوصفِ الذي أعلنَتْهُ‪
.‬‬
‫وفَ ‪TT‬حوى ال ‪TT‬كتابِ ف ‪TT‬ي غ ‪TT‬اي‪T T‬ةِ ال ‪TT‬بساط‪T T‬ةِ وال ‪TT‬قوَّةِ؛ ف‪T T‬هُو م ‪TT‬بدوءُ ب"ب ‪TT‬سمِ اهللِ ال ‪TT‬رح ‪TT‬منِ‬
‫ال‪T‬رح‪T‬يم"‪ .‬وم‪T‬طلوبٌ ف‪T‬يهِ أم‪T‬رٌ واح‪T‬دٌ‪ :‬أالّ يس‪T‬تكْبِرُوا ع‪T‬لى مُ‪T‬رسِ‪T‬لِه ويَس‪T‬تعصُوا‪ ،‬وأنْ ي‪T‬أتُ‪T‬وا‬
‫إليهِ مُستسلِمنيَ هللِ عزَّ وجلَّ الذي يُخاطِبُهُم باسمِه سُبحانه وتعالى‪
.‬‬
‫أل‪TT‬قتِ امل‪TT‬لكةُ إل‪TT‬ى امل ‪T‬ألِ مِ‪TT‬ن ق‪TT‬ومِ‪TT‬ها ب ‪T‬فَحوى ال‪TT‬كتابِ؛ ث ‪T‬مَّ اس‪TT‬تأن ‪T‬فَتِ احل‪TT‬دي ‪T‬ثَ ت‪TT‬طلُبُ‬
‫م‪TT‬شورتَ‪TT‬هم‪ ،‬وتُ‪TT‬علِنُ إل‪TT‬يهم أنّ‪TT‬ها ل‪TT‬ن ت‪TT‬قطعَ ف‪TT‬ي األم ‪T‬رِ إالّ ب‪TT‬عدَ ه‪TT‬ذه امل‪TT‬شورةِ ب‪TT‬رض‪TT‬اهُ‪TT‬م‬
‫وموافقتِهم‪.1‬‬
‫وب‪T‬عد وص‪T‬ولِ ال‪T‬كتابِ وق‪T‬راءةِ م‪T‬حتواهُ رف‪T‬عَت ش‪T‬أنَ ال‪T‬بحثِ ف‪T‬يه إل‪T‬ى مج‪T‬لسِها وح‪T‬اش‪T‬يتِها‬
‫الس‪T‬تشارتِ‪T‬هم؛ ف‪T‬تركُ‪T‬وا أم‪T‬رَ امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ إل‪T‬يها إنْ ك‪T‬ان اخل‪T‬يارُ احل‪T‬ربَ ف‪T‬هُمْ مُس‪T‬تعِدُّونَ ل‪T‬ها؛‬
‫‪ 1‬ﺳﯿﺪ ﻗﻄﺐ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٠٤‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ف‪T‬األم‪T‬رُ راج‪T‬عٌ إل‪T‬يها ف‪T‬قال‪T‬تْ ل‪T‬هُم‪ :‬إنّ مِ‪T‬ن ع‪T‬ادةِ امل‪T‬لوكِ إذا دخ‪T‬لوا ال‪T‬بالدَ ح‪T‬رب‪T‬اً أن يَ‪T‬عيثَ‬
‫ف‪T‬يها ال‪T‬فسادَ‪ ،‬وي‪T‬جعلوا م‪T‬لوكَ‪T‬ها وأم‪T‬رائَ‪T‬ها أذل‪T‬ةً إش‪T‬ارةً م‪T‬نها إل‪T‬ى رف‪T‬ضِ احل‪T‬ربِ‪ :‬قَ‪T‬الَ‪T‬تْ يَ‪T‬ا‬
‫أَيُّ‪T‬هَا املَْ‪T‬ألَُ أَفْ‪T‬تُونِ‪T‬ي فِ‪T‬ي أَمْ‪T‬رِي مَ‪T‬ا كُ‪T‬نْتُ قَ‪T‬اطِ‪T‬عَةً أَمْ‪T‬رًا حَ‪T‬تَّى تَشْهَ‪T‬دُونِ )‪ (۳۲‬قَ‪T‬الُ‪T‬وا نَ‪T‬حْنُ أُولُ‪T‬و‬
‫قُ‪T‬وَّةٍ وَأُولُ‪T‬و بَ‪T‬أْسٍ شَ‪T‬دِي‪T‬دٍ وَاألَْمْ‪T‬رُ إِلَ‪T‬يْكِ فَ‪T‬انْ‪T‬ظُرِي مَ‪T‬اذَا تَ‪T‬أْمُ‪T‬رِي‪T‬نَ )‪ (۳۳‬قَ‪T‬الَ‪T‬تْ إِنَّ املُْ‪T‬لُوكَ إِذَا‬
‫دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ )‪.(۳٤‬‬
‫ل‪T‬قَد اخ‪T‬تارتْ م‪T‬لكةُ س‪T‬بأٍ"بِ‪T‬لقيس" خ‪T‬يارَ امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ والس‪T‬لْمِ؛ ف‪T‬أرسَ‪T‬لتْ ه‪T‬ديّ‪T‬ةً ت‪T‬ختبرُ‬
‫ف‪T‬يها ن‪T‬يَّةَ ن‪T‬بيِّ اهللِ سُ‪T‬ليمانَ ع‪T‬ليه الس‪T‬المُ ه‪T‬ل ه‪T‬وَ ص‪T‬ادقٌ ف‪T‬ي ادع‪T‬ائِ‪T‬ه أنّ‪T‬ه )إمنّ‪T‬ا يُ‪T‬ري‪T‬دُ اله‪T‬داي‪T‬ةَ‬
‫ل‪T‬هم‪ ،‬وال‪T‬دخ‪T‬ولَ ف‪T‬ي ع‪T‬بادةِ اهللِ ت‪T‬عال‪T‬ى( أم أنّ )ن‪T‬يَّتهَ ك‪T‬ما ه‪T‬ي أم‪T‬ورُ امل‪T‬لوكِ مُ‪T‬لوكِ ال‪T‬دُّن‪T‬يا‬
‫االستيالءُ وفرضُ الهيمنة(‪.‬‬
‫واله‪TT‬ديَّ ‪T‬ةُ تُ‪TT‬ليِّنُ ال‪TT‬قلبَ‪ ،‬وتُ‪TT‬علِنُ ال‪TT‬ودَّ‪ ،‬وق‪TT‬د تُ‪TT‬فلِحُ ف‪TT‬ي دف ‪T‬عِ ال‪TT‬قتال وه‪TT‬ي "جت ‪T‬رِب ‪T‬ةٌ"؛ ف‪TT‬إنْ‬
‫ق‪T‬بلَها سُ‪T‬ليمانُ ع‪T‬ليه الس‪T‬المُ ف‪T‬هُو إذنْ أم‪T‬رُ ال‪T‬دُّن‪T‬يا‪ ،‬ووس‪T‬ائ‪T‬لُ ال‪T‬دُّن‪T‬يا إذن جتُْ‪T‬دِي‪ .‬وإنْ لَ‪T‬م‬
‫ي‪T‬قبلْها ف‪T‬هُو إذنْ أم‪T‬رُ ال‪T‬عقيدةِ‪ ،‬ال‪T‬ذي ال ي‪T‬صرفُ‪T‬ه ع‪T‬نه م‪T‬الٌ‪ ،‬وال عَ‪T‬رَضٌ مِ‪T‬ن أع‪T‬راضِ ه‪T‬ذه‬
‫األرضِ‪
.‬‬
‫ويُس‪T‬دَلُ السِّ‪T‬تارُ ع‪T‬لى املشه‪T‬دِ؛ لِ‪T‬يُرَفَ‪T‬عَ‪ ،‬ف‪T‬إذا مشه‪T‬دُ رُسْ‪T‬لِ امل‪T‬لكةِ وه‪T‬ديَّ‪T‬تِهم أم‪T‬امَ س‪T‬ليمانَ‬
‫ع‪T‬ليه الس‪T‬المُ‪ .‬وإذا ن‪T‬بيُّ اهللِ سُ‪T‬ليمانُ ي‪T‬نكرُ ع‪T‬ليهِم اجت‪T‬اهَ‪T‬هُم إل‪T‬ى ش‪T‬رائِ‪T‬ه ب‪T‬امل‪T‬الِ‪ ،‬أو حت‪T‬وي‪T‬لِه‬
‫عن دعوتِهم إلى اإلسالمِ‪ .‬ويُعلِنُ في قوَّةٍ وإصرارٍ تهديدَه ووعيدَه األخير‪
.‬‬
‫}ف‪TT‬لمَّا ج‪TT‬اءَ س‪TT‬ليمانُ ق‪TT‬الَ‪ :‬أمتُ‪TT‬دونَ ‪T‬نِ مبَِ‪TT‬الٍ؟ ف ‪T‬مَا آت‪TT‬ان ‪T‬يَ اهللُ خ‪TT‬يرٌ ممّ‪TT‬ا آت‪TT‬اكُ ‪T‬مْ؛ بَ ‪T‬لْ أن ‪T‬تُمْ‬
‫بِهَ‪T‬ديَّ‪T‬تِكُمْ تَ‪T‬فرَحُ‪T‬ونَ‪1‬وف‪T‬ي ال‪T‬رَّدِّ اس‪T‬تهزاءٌ ب‪T‬امل‪T‬الِ‪ ،‬واس‪T‬تنكارٌ ل‪T‬الجت‪T‬اهِ إل‪T‬يه ف‪T‬ي م‪T‬جالٍ غ‪T‬يرِ‬
‫‪ 1‬ﺳﯿﺪ ﻗﻄﺐ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٠٥‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫م‪T‬جالِ‪T‬ه‪ .‬م‪T‬جالُ ال‪T‬عقيدةِ وال‪T‬دع‪T‬وةِ‪ }:‬أمت‪T‬دونَ‪T‬نِ مب‪T‬الٍ؟ { أتُ‪T‬قدِّمُ‪T‬ونَ ل‪T‬ي ه‪T‬ذا ال‪T‬عَرضَ ال‪T‬تاف‪T‬هَ‬
‫ال‪T‬رخ‪T‬يصَ؟ }ف‪T‬ما آت‪T‬ان‪T‬يَ اهللُ خ‪T‬يرٌ ممّ‪T‬ا آت‪T‬اكُ‪T‬مُ{ ل‪T‬قد آت‪T‬ان‪T‬يَ م‪T‬ن امل‪T‬الِ خ‪T‬يراً ممّ‪T‬ا ل‪T‬دي‪T‬كُم‪ .‬ول‪T‬قد‬
‫آت‪T‬ان‪T‬ي م‪T‬ا ه‪T‬و خ‪T‬يرٌ مِ‪T‬ن امل‪T‬الِ ع‪T‬لى اإلط‪T‬القِ‪) :‬ال‪T‬علمَ‪ ،‬وال‪T‬نُّبوَّةَ(‪ .‬وت‪T‬سخيرَ اجلِ‪T‬نِّ وال‪T‬طيرِ‪،‬‬
‫ف‪T‬ما ع‪T‬اد ش‪T‬يءٌ م‪T‬ن عَ‪T‬رَضِ األرضِ يُ‪T‬فرِحُ‪T‬ني }ب‪T‬لْ أن‪T‬تُمْ بِهَ‪T‬ديَّ‪T‬تِكُمْ تَ‪T‬فرَحُ‪T‬ونَ{‪ .‬وت‪T‬هشُّونَ‬
‫له‪TT‬ذا ال‪TT‬نوعِ م‪TT‬ن ال‪TT‬قيمِ ال‪TT‬رخ‪TT‬يصةِ ال‪TT‬تي ت‪TT‬عني أه ‪T‬لَ األرضِ ال‪TT‬ذي‪TT‬ن ال ي ‪T‬تَّصِلُونَ ب‪TT‬اهللِ ع ‪T‬زَّ‬
‫وجلَّ‪ ،‬وال يتلقَّونَ هداياه!
‬
‫ث‪T‬مَّ يُ‪T‬تبِعْ ه‪T‬ذا االس‪T‬تنكارَ ب‪T‬الته‪T‬دي‪T‬د‪} :‬ارجِ‪T‬عْ إل‪T‬يهِم{ ب‪T‬اله‪T‬دي‪T‬ةِ‪ ،‬وان‪T‬تظروا امل‪T‬صيرَ امل‪T‬ره‪T‬وبَ‪:‬‬
‫}ف‪T‬لنأتِ‪T‬ينَّهُمْ بِ‪T‬جُنودٍ ال قِ‪T‬بَلَ لَ‪T‬هُمْ بِ‪T‬ها { جُ‪T‬نودٌ ل‪T‬م تُسخَّ‪T‬رْ للبش‪T‬ر ف‪T‬ي أيِّ م‪T‬كانٍ‪ ،‬وال ط‪T‬اق‪T‬ةَ‬
‫ل‪T‬لملكةِ وق‪T‬ومِ‪T‬ها ب‪T‬هم ف‪T‬ي نِ‪T‬ضالٍ‪ } :‬ولَنُخْ‪T‬رِجَ‪T‬نَّهم م‪T‬نها أذلَّ‪T‬ة وهُ‪T‬م ص‪T‬اغِ‪T‬رونَ{ مَ‪T‬دحُ‪T‬ورونَ‬
‫مَهزومُونَ‪.1 ،‬‬
‫ف‪T‬عندم‪T‬ا وص‪T‬لَتِ اله‪T‬دي‪T‬ةُ إل‪T‬ى س‪T‬ليمانَ ع‪T‬ليه الس‪T‬المُ اس‪T‬تنكرَ ه‪T‬ديَّ‪T‬تهُم وعَ‪T‬لِمَ مَ‪T‬قصِدَهُ‪T‬م‬
‫ق‪T‬ائ‪T‬الً‪):‬وَإِنِّ‪T‬ي مُ‪T‬رْسِ‪T‬لَةٌ إِلَ‪T‬يْهِمْ بِهَ‪T‬دِيَّ‪T‬ةٍ فَ‪T‬نَاظِ‪T‬رَةٌ مبَِ يَ‪T‬رْجِ‪T‬عُ املُْ‪T‬رْسَ‪T‬لُونَ )‪ (۳٥‬فَ‪T‬لَمَّا جَ‪T‬اءَ سُ‪T‬لَيْمَانَ‬
‫قَالَ أَمتُِدُّونَنِ مبَِالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ ممَِّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ )‪.(۳٦‬‬
‫وأص‪T‬درَ س‪T‬ليمانُ ع‪T‬ليه الس‪T‬المُ أوامِ‪T‬رَه بتجه‪T‬يزِ اجل‪T‬يشِ مُ‪T‬عتبِراً إن‪T‬هاءَ امل‪T‬فاوَض‪T‬اتِ‪) :‬ارْجِ‪T‬عْ‬
‫إِلَ‪T‬يْهِمْ فَ‪T‬لَنَأْتِ‪T‬يَنَّهُمْ بِ‪T‬جُنُودٍ الَ قِ‪T‬بَلَ لَ‪T‬هُمْ بِ‪T‬هَا وَلَنُخْ‪T‬رِجَ‪T‬نَّهُمْ مِ‪T‬نْهَا أَذِلَّ‪T‬ةً وَهُ‪T‬مْ صَ‪T‬اغِ‪T‬رُونَ )‪(۳۷‬‬
‫وط‪T‬لبَ س‪T‬ليمانُ ع‪T‬ليه الس‪T‬المُ م‪T‬ن ال‪T‬قومِ مَ‪T‬ن يُ‪T‬حْضِرُ ل‪T‬ه عَ‪T‬رْشَ‪T‬ها ق‪T‬ال ت‪T‬عال‪T‬ى‪" :‬ق‪T‬الَ ي‪T‬ا أيُّ‪T‬ها‬
‫املألُ أيُّكُمْ يأتِيني بِعَرْشِها قَبْلَ أنْ يأتُوني مُسلِمِنيَ )‪."(۳۸‬‬
‫‪ 1‬ﻓﻲ ظﻼل اﻟﻘﺮان ﺳﯿﺪ ﻗﻄﺐ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٠٦‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫إنّ ال‪T‬ذي ق‪T‬صدَ إل‪T‬يه س‪T‬ليمانُ ع‪T‬ليه الس‪T‬المُ مِ‪T‬ن اس‪T‬تحضارِ ع‪T‬رشِ‪T‬ها ق‪T‬بلَ م‪T‬جيئِها مُس‪T‬لِمةً‬
‫م‪T‬ع ق‪T‬ومِ‪T‬ها؟ يُ‪T‬رجَّ‪T‬حُ أنّ ه‪T‬ذه ك‪T‬ان‪T‬ت وس‪T‬يلةً لِ‪T‬عَرْضِ م‪T‬ظاه‪T‬رِ ال‪T‬قوَّةِ اخل‪T‬ارق‪T‬ةِ ال‪T‬تي تُ‪T‬ؤيِّ‪T‬دُه؛‬
‫لِ‪TT‬تؤثِّ ‪T‬رَ ف‪TT‬ي ق‪TT‬لبِ امل‪TT‬لكةِ ب‪TT‬لقيس وت‪TT‬قودَه‪TT‬ا إل‪TT‬ى اإلمي‪TT‬انِ ب‪TT‬اهللِ ت‪TT‬عال‪TT‬ى‪ ،‬واإلذع‪TT‬انِ لِ‪TT‬دع‪TT‬وتِ‪TT‬ه‬
‫الرَّبَّانيّةِ‪
.‬‬
‫وب‪TT‬عد أن ال‪TT‬تقتِ امل‪TT‬لكةُ ب‪TT‬لقيسُ بِ‪TT‬نبيِّ اهللِ س‪TT‬ليمانَ ع‪TT‬ليه الس‪TT‬المُ ف‪PP‬ي أرضِ فِلس‪PP‬طنيَ‬
‫ط‪T‬لبَ ت‪T‬غييرَ امل‪T‬عالِ‪T‬م امل‪T‬ميِّزةِ ل‪T‬لعرشِ؛ ل‪T‬يتعرَّفَ إنْ ك‪T‬ان‪T‬ت فَ‪T‬راس‪T‬تُها وفِ‪T‬طنتُها ته‪T‬تدي إل‪T‬يه‬
‫بعد هذا التنكيرِ‪ ،‬أمْ يُلبَّسُ عليها األمرُ فال تنفذُ إلى معرفتهِ من وراءِ هذا التغييرِ‪
.‬‬
‫ولعلّ هذا كان اختباراً مِن سليمانَ عليه السالمُ لِذكائِها وتصرُّفِها ‪.1‬‬
‫وك‪T‬ان ج‪T‬وابُ امل‪T‬لكةِ "ال ب‪T‬ال‪T‬نفيّ وال ب‪T‬اإلث‪T‬باتِ" وق‪T‬ال‪T‬ت ك‪T‬ما ج‪T‬اءَ ف‪T‬ي ال‪T‬قرآنِ ال‪T‬كرميِ‪:‬‬
‫)ق‪TT‬ال‪TT‬ت‪ :‬ك‪TT‬أنّ ‪T‬هُ هُ‪TT‬و( ال ت‪TT‬نفي وال تُ‪TT‬ثبِتُ‪ ،‬وت‪TT‬دلُّ ع‪TT‬لى فَ‪TT‬راس ‪T‬ةٍ وبَ‪TT‬دي‪TT‬هةٍ ف‪TT‬ي م‪TT‬واج‪TT‬هةِ‬
‫املفاجأةِ‪
.‬‬
‫ب‪T‬عد ذل‪T‬ك ت‪T‬أت‪T‬ي م‪T‬فاج‪T‬أةٌ أُخ‪T‬رى أال وه‪T‬يَ )يس‪T‬تعرِضُ ب‪T‬ها سُ‪T‬ليمانُ ع‪T‬ليه الس‪T‬المُ قُ‪T‬دراتِ‪T‬ه‬
‫ال‪T‬علميَّةَ واإلع‪T‬جازَ ال‪T‬نبويَّ مُ‪T‬قابِ‪T‬لَ ال‪T‬تقدُّمِ احل‪T‬ضاريِّ واإلب‪T‬داعِ اإلن‪T‬سان‪T‬يِّ ال‪T‬عاديِّ ال‪T‬ذي‬
‫ك‪T‬ان ف‪T‬ي ال‪T‬يمنِ ف‪T‬ي مم‪T‬لكةِ س‪T‬بأ(‪ ..‬ل‪T‬قد ك‪T‬ان‪T‬ت امل‪T‬فاج‪T‬أةُ ق‪T‬صراً مِ‪T‬ن ال‪T‬زُّج‪T‬اجِ ال‪T‬شَّفافِ‪،‬‬
‫أق‪T‬يمتْ أرض‪T‬يَّتُه ف‪T‬وقَ امل‪T‬اءِ‪ ،‬وظه‪T‬رَ ك‪T‬أنَّ‪T‬هُ جلَُّ‪T‬ةٌ )وال‪T‬لُّجَّةُ‪ :‬امل‪T‬اءُ اجل‪T‬اري ال‪T‬ذي ميُ‪T‬كِنُ الس‪T‬يرُ‬
‫ف‪T‬يه(؛ ف‪T‬لمّا )ق‪T‬يلَ لَ‪T‬ها‪ :‬ادْخُ‪T‬لي ال‪T‬صَّرْحَ( حَسِ‪T‬بَتْ وخ‪T‬ال‪T‬تْ أنّ‪T‬ها س‪T‬تخوضُ ت‪T‬لكَ ال‪T‬لجَّةَ‬
‫)وك‪T‬شَفَتْ ع‪T‬ن س‪T‬اقَ‪T‬يها(؟ ف‪T‬لمَّا متَّ‪T‬تِ امل‪T‬فاج‪T‬أةُ ك‪T‬شفَ ل‪T‬ها ن‪T‬بيُّ اهللِ س‪T‬ليمانُ ع‪T‬ليه الس‪T‬المُ‬
‫ع‪TT‬ن سِ ‪T‬رِّ ذل‪TT‬ك ال ‪T‬صَّرحِ وعَ‪TT‬ظمتِه ﴿قَ‪TT‬الَ إِنَّ ‪T‬هُ صَ ‪T‬رْحٌ ممَُ ‪T‬رَّدٌ مِ ‪T‬نْ قَ ‪T‬وَارِي ‪T‬رَ ﴾ ال‪TT‬نمل‪![٤٤ :‬‬
‫‪ 1‬ﺳﯿﺪ ﻗﻄﺐ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٠٧‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫وال ‪T‬صَّرْح‪ :‬ه‪TT‬و ال‪TT‬قصْرُ‪ .‬ووق ‪T‬فَتِ امل‪TT‬لكةُ م‪TT‬فجوءةً م‪TT‬ده‪TT‬وش ‪T‬ةً أم‪TT‬امَ ه‪TT‬ذه ال‪TT‬عجائ ‪T‬بِ ال‪TT‬تي‬
‫تُعجِ‪T‬ز البش‪T‬رَ‪ ،‬وال‪T‬تي ت‪T‬دلُّ ع‪T‬لى أنّ س‪T‬ليمانَ ع‪T‬ليه الس‪T‬المُ ق‪T‬د سخَّ‪T‬رَ اهللُ ل‪T‬ه ق‪T‬وىً أك‪T‬برَ مِ‪T‬ن‬
‫ط‪TT‬اق ‪T‬ةِ البَش‪TT‬ر‪ .‬وي‪TT‬بدو مِ‪TT‬ن اس‪TT‬تعدادِ ن‪TT‬بيِّ اهللِ سُ‪TT‬ليمانَ ع‪TT‬ليه الس‪TT‬المُ إلظ‪TT‬هارِ مِ‪TT‬ثلِ ه‪TT‬ذه‬
‫املعج‪T‬زاتِ أنّ‪T‬ه ق‪T‬د وَصَ‪T‬لَ إل‪T‬ى عِ‪T‬لمِه م‪T‬ا ك‪T‬ان‪T‬ت ع‪T‬ليه مم‪T‬لكةُ س‪T‬بأَ مِ‪T‬ن ال‪T‬تقدُّمِ احل‪T‬ضاريِّ‪،‬‬
‫إض‪T‬اف‪T‬ةً إل‪T‬ى م‪T‬ا ذَك‪T‬رَهُ الهُ‪T‬دهُ‪T‬دُ ل‪T‬ه؛ ف‪T‬أرادَ أن يس‪T‬تَعرِضَ م‪T‬ا ه‪T‬و أق‪T‬وى ممّ‪T‬ا ع‪T‬ند امل‪T‬لكة ال‪T‬تي‬
‫جعلتْ مِن نفسَها تُعبدُ مِن دون اهللِ عزَّ وجلَّ‪.‬‬
‫ب‪TT‬عد رؤي ‪T‬ةِ امل‪TT‬لكةِ له‪TT‬ذه املعج‪TT‬زاتِ واخل‪TT‬وارقِ رج‪TT‬عتْ إل‪TT‬ى اهللِ ت‪TT‬عال‪TT‬ى‪ ،‬ون‪TT‬اجَ ‪T‬تْه مُ‪TT‬عترفَ ‪T‬ةً‬
‫ب‪T‬ظُلْمِها ل‪T‬نْفسِها ف‪T‬يما س‪T‬لفَ مِ‪T‬ن ع‪T‬بادةِ غ‪T‬يرِه سُ‪T‬بحان‪T‬هُ وت‪T‬عال‪T‬ى ومُ‪T‬علنَةً إس‪T‬المَ‪T‬ها ﴿قَ‪T‬الَ‪T‬تْ‬
‫رَبِّ إِنِّ‪T‬ي ظَ‪T‬لَمْتُ نَفْسِ‪T‬ي وَأَسْ‪T‬لَمْتُ مَ‪T‬عَ سُ‪T‬لَيْمَانَ لِ‪T‬لَّهِ رَبِّ الْ‪T‬عَاملَِ‪T‬نيَ﴾ )‪ ،(٤٤‬إس‪T‬الم‪T‬اً ال‬
‫لِسُليمانَ عليه السالمُ‪ ،‬ولكِنْ هللِ ربِّ العاملَنيَ مع سُليمانَ‪
.‬‬
‫ه‪T‬ذا من‪T‬وذجٌ م‪T‬ن امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ ف‪T‬ي ك‪T‬تابِ اهللِ ع‪T‬زَّ وج‪T‬لَّ وانته‪T‬تْ ب‪T‬إس‪T‬المِ بِ‪T‬لقيس هللِ ع‪T‬زَّ وج‪T‬لَّ‬
‫م‪T‬ع سُ‪T‬ليمانَ ع‪T‬ليه الس‪T‬المُ وه‪P‬ذا يُ‪P‬ؤيِّ‪P‬دُ فِ‪P‬كرتَ‪P‬نا أنّ ع‪P‬الق‪P‬ةَ املُس‪P‬لِمنيَ م‪P‬ع غ‪P‬يرهِ‪P‬م ه‪P‬ي‬
‫ال‪PP‬دع‪PP‬وةُ هللِ ع ‪P‬زَّ وج ‪P‬لَّ ول‪PP‬يسَ احل‪PP‬ربَ م‪PP‬ع أنّ س‪PP‬ليمانَ ع‪PP‬ليه الس‪PP‬المُ ل‪PP‬و أرادَ احل‪PP‬ربَ‬
‫حل‪PP‬اربَ ب ‪P‬سُهول ‪P‬ةٍ والن‪PP‬تصرَ ب‪PP‬سهول ‪P‬ةٍ ف‪PP‬يها؛ ول‪PP‬كنَّه ك‪PP‬ان يُ‪PP‬ري ‪P‬دُ أن تُسْ ‪P‬لِمَ هللِ ربِّ‬
‫العاملَنيَ‪.‬‬
‫املُفاوَضاتُ في السُّنَّةِ النَّبويَّةِ‪:‬‬
‫دخ‪T‬لَ ال‪T‬نبيُّ ص‪T‬لّى اهللُ ع‪T‬ليه وس‪T‬لّمَ ف‪T‬ي م‪T‬فاوض‪T‬اتٍ ك‪T‬ثيرةٍ ق‪T‬بلَ نُ‪T‬شوبِ ال‪T‬قتالِ وب‪T‬عدَه‪T‬ا ممَّ‪T‬ا‬
‫يدلُّ على مشروعيةِ املفاوضاتِ؛ وأشهرُها مفاوضاتُ صُلْحِ احلُديبِيةِ‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٠٨‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫صُ‪P‬لْحُ احلُ‪P‬دي‪P‬بية‪ :‬ل‪T‬قد حت‪T‬وَّلَ امل‪T‬وق‪T‬فُ ف‪T‬ي اجل‪T‬زي‪T‬رةِ ال‪T‬عرب‪T‬يةِ ب‪T‬عدَ غ‪T‬زوةِ اخل‪T‬ندقِ ل‪T‬صالِ‪T‬ح رس‪T‬ولِ‬
‫اهللِ ص‪T‬لّى اهللُ ع‪T‬ليهِ وس‪T‬لَّمَ ف‪T‬ام‪T‬تلكَ امل‪T‬بادَرةَ وص‪T‬ار س‪T‬يِّدَ امل‪T‬وق‪T‬فِ‪،‬و أم‪T‬امَ ه‪T‬ذا ال‪T‬واق‪T‬عِ س‪T‬عى‬
‫ع‪TT‬ليهِ ال‪TT‬صالةُ والس‪TT‬المُ إل‪TT‬ى ته‪TT‬يئةِ اجل ‪T‬وِّ امل‪TT‬ناس ‪T‬بِ؛ لِنَش ‪T‬رِ اإلس‪TT‬المِ احل‪TT‬نيفِ؛ ف‪TT‬مدَّ ي ‪T‬دَ‬
‫الشريفةَ إلى قريشٍ مُظهراً مدى احلنكةِ السياسيَّةِ واحلكمةِ النبويّةِ‪.‬‬
‫وكسِ‪T‬بَ ع‪T‬ليه ال‪T‬صالةُ والس‪T‬المُ ال‪T‬رأي ال‪T‬عامَّ ع‪T‬ندم‪T‬ا خ‪T‬رجَ اجت‪T‬اهَ م‪T‬كَّةَ‪ ،‬وق‪T‬د س‪T‬اقَ اله‪T‬ديَ؛‬
‫لِ ‪T‬يُثبِتَ ل‪TT‬لعربِ ك‪TT‬افَّ ‪T‬ةً ت‪TT‬عظيمَه ل‪TT‬لبيتِ احل‪TT‬رامِ م‪TT‬ؤكِّ‪TT‬داً ل‪TT‬هم )أنّ م ‪T‬كَّةَ س‪TT‬تبقى ع‪TT‬لى‬
‫مكانتِها التي نالتْها من وُجودِ الكعبةِ املشرَّفةِ فيها(‪.‬‬
‫وق‪T‬ري‪T‬شٌ هُ‪T‬نا أم‪T‬امَ خ‪T‬ياري‪T‬نِ ال ث‪T‬ال‪T‬ثَ ل‪T‬هُما؛ إمّ‪T‬ا أن مت‪T‬نعَهُم‪ ،‬وإمّ‪T‬ا أن ت‪T‬سمحَ ل‪T‬هم ب‪T‬دخ‪T‬ولِ‬
‫م ‪T‬كَّةَ‪ ،‬ف‪TT‬إن م‪TT‬نعتْ ق‪TT‬ري ‪T‬شٌ ال‪TT‬رس‪TT‬ولَ ص ‪T‬لّى اهللُ ع‪TT‬ليهِ وس ‪T‬لَّمَ ومَ‪TT‬ن م ‪T‬عَه مِ‪TT‬ن ال‪TT‬دخ‪TT‬ولِ إل‪TT‬ى‬
‫م‪T‬كَّةَ‪ ،‬ك‪T‬شَفَ رس‪T‬ولُ اهللِ ع‪T‬ليه ال‪T‬صالةُ والس‪T‬المُ م‪T‬وق‪T‬فَها ال‪T‬عِدائ‪T‬يَّ مُ‪T‬ثبِتاً أنّ ج‪T‬وَّ احل‪T‬ربِ‬
‫ليس مِن صُنعِه؛ بل هو مِن صُنعِ قريشٍ‪.‬‬
‫وإنْ دخلَها فإنّه سيلتقي بأهلِ مكَّةَ؛ ممّا سيُبدِّدُ جوَّ التوترِ ويُزيلُهُ بنيَ الفريقنيِ‪.‬‬
‫ف ‪TT‬في احل ‪TT‬ال‪T T‬تَنيِ ك ‪TT‬لتَيهما س ‪TT‬يكسبُ رس ‪TT‬ولُ اهللِ ص‪T T‬لّى اهللُ ع ‪TT‬ليهِ وس‪T T‬لَّمَ اجل ‪TT‬ول‪T T‬ةَ ع ‪TT‬لى‬
‫قريشٍ‪.1‬‬
‫مفاوَضاتُ صُلْحِ احلُديبيةِ‪:‬‬
‫ل‪T‬قد ب‪T‬عثتْ ق‪T‬ري‪T‬شٌ إل‪T‬ى رس‪T‬ولِ اهللِ ص‪T‬لّى اهللُ ع‪T‬ليه وس‪T‬لَّمَ ع‪T‬دَّة رُسُ‪T‬لٍ‪ ،‬وه‪T‬دفُ‪T‬هم ج‪T‬ميعًا ه‪T‬و‬
‫ال‪T‬تخوي‪T‬فُ واإلره‪T‬ابُ‪ ،‬وم‪T‬حاول‪T‬ةُ ال‪T‬صَّدِّ ع‪T‬ن ال‪T‬بيتِ احل‪T‬رامِ دونَ ق‪T‬يدٍ أو ش‪T‬رطٍ؛ ل‪T‬كنَّ ك‪T‬لَّ‬
‫ذل‪TT‬ك م‪TT‬ا ك‪TT‬ان ليَسْ ‪T‬تَفِزَّ رس‪TT‬ولَ اهللِ ص ‪T‬لّى اهللُ ع‪TT‬ليهِ وس ‪T‬لَّمَ؛ ب‪TT‬ل إنّ‪TT‬ه أع‪TT‬لنَ ف‪TT‬ي ص‪TT‬راح ‪T‬ةٍ‬
‫‪ 1‬ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺷﻮﻗﻲ أﺑﻮ ﺧﻠﯿﻞ دار اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ‪١٩٩٨‬م ص‪١٠٨‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٠٩‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ل)بُ‪P‬دي‪P‬لِ ب‪P‬نِ وَرق‪P‬اءَ اخلُ‪P‬زاع‪P‬يِّ(‪ 1‬وه‪T‬و أوَّلُ ال‪T‬رُّسُ‪T‬لِ ال‪T‬ذي‪T‬ن ج‪T‬اؤوه مِ‪T‬ن ق‪T‬ري‪T‬شٍ أنّ‪T‬ه ي‪T‬ري‪T‬دُ‬
‫ال‪T‬صلحَ وامل‪T‬عاه‪T‬دةَ ف‪T‬قال‪) :‬إِنَّ‪T‬ا لَ‪T‬مْ جنَِ‪T‬ئْ لِ‪T‬قِتَالِ أَحَ‪T‬دٍ‪ ،‬وَلَ‪T‬كِنَّا جِ‪T‬ئْنَا مُ‪T‬عْتَمِرِي‪T‬نَ‪ ،‬وَإِنَّ قُ‪T‬رَيْ‪T‬شًا‬
‫قَ‪T‬دْ ن‪T‬هكُتْمُ احلَْ‪T‬رْبُ وَأَضَ‪T‬رَّتْ بِ‪T‬هِمْ‪ ،‬فَ‪T‬إِنْ شَ‪T‬اءُوا م‪T‬اددت‪T‬هم مُ‪T‬دَّةً وَيُخَ‪T‬لُّوا بَ‪T‬يْنِي وَبَ‪T‬نيَْ ال‪T‬نَّاسِ‪،‬‬
‫فَ‪T‬إِنْ أَظْهَ‪T‬رْ فَ‪T‬إِنْ شَ‪T‬اءُوا أَنْ يَ‪T‬دْخُ‪T‬لُوا فِ‪T‬يمَا دَخَ‪T‬لَ فِ‪T‬يهِ ال‪T‬نَّاسُ فَ‪T‬عَلُوا وَإِلَّ‪T‬ا فَ‪T‬قَدْ جَ‪T‬مُّوا‪ ،‬وَإِنْ هُ‪T‬مْ‬
‫أَبَ‪T‬وْا فَ‪T‬وَ الَّ‪T‬ذِي نَفْسِ‪T‬ي بِ‪T‬يَدِهِ ألق‪T‬اتِ‪T‬لنَّهُم عَ‪T‬لَى أَمْ‪T‬رِي هَ‪T‬ذَا حَ‪T‬تَّى تَ‪T‬نْفَرِدَ س‪T‬الِ‪T‬فَتي وَلَ‪T‬يُنْفِذَنَّ ال‪T‬لَّهُ‬
‫أَمْرَهُ(‪.‬‬
‫إنّ‪T‬ه يس‪T‬تخدمُ أك‪T‬ثرَ م‪T‬ن وس‪T‬يلةٍ لِ‪T‬تَجَنُّبِ ال‪T‬قتالِ‪ ،‬ولِ‪T‬طَلَبِ ال‪T‬صُّلحِ وامل‪T‬وادَع‪T‬ةِ؛ ف‪T‬هو يُ‪T‬صرِّحُ‬
‫ب‪T‬ذل‪T‬ك ف‪T‬ي ال‪T‬بداي‪T‬ةِ‪" :‬إنّ‪T‬ا ل‪T‬م جن‪T‬ىءْ ل‪T‬قتالِ أح‪T‬دٍ" ث‪T‬مَّ يُ‪T‬وضِّ‪T‬حُ الس‪T‬ببَ الش‪T‬رع‪T‬يَّ وال‪T‬قان‪T‬ون‪T‬يَّ‬
‫ل‪T‬لقُدوم‪) :‬ول‪T‬كنَّا جِ‪T‬ئنا مُ‪T‬عتمِري‪T‬نَ(» ث‪T‬مَّ ي‪T‬نصحُ قُ‪T‬ري‪T‬شًا أال تُ‪T‬بَدِّدَ ط‪T‬اق‪T‬تَها ف‪T‬ي حُ‪T‬روبٍ‬
‫مُ‪T‬تكرِّرةٍ « )وَإِنَّ قُ‪T‬رَيْ‪T‬شاً قَ‪T‬دْ ن‪T‬هكَتْهُم احلَْ‪T‬رْبُ وَأَضَ‪T‬رَّتْ بِ‪T‬هِمْ( ث‪T‬مَّ ي‪T‬طلبُ ال‪T‬صلحَ ص‪T‬راح‪T‬ةً‬
‫« )ف‪T‬إنْ ش‪T‬اءوا م‪T‬ادَدْتُ‪T‬هُمْ مُ‪T‬دَّةً(» وه‪T‬و عَ‪T‬رضٌ ص‪T‬ري‪T‬حٌ م‪T‬نه ص‪T‬لّى اهللُ ع‪T‬ليهِ وس‪T‬لَّمَ ل‪T‬لصلحِ‬
‫م‪T‬ع ق‪T‬ري‪T‬شٍ‪ ..‬ومِ‪T‬ن هُ‪T‬نا أج‪T‬ازَ ال‪T‬فقهاءُ األج‪T‬الّءُ أن ي‪T‬بدأ املس‪T‬لمُ ب‪T‬عَرضِ ال‪T‬صُّلْحِ؛ ح‪T‬تى إنّ‬
‫اإلم‪TT‬امَ اب ‪T‬نّ ال‪TT‬قيِّمِ رح ‪T‬مَه اهللُ ف‪TT‬ي ك‪TT‬تابِ‪TT‬ه ال‪TT‬قيِّمِ امل‪TT‬ات ‪T‬عِ "زاد امل‪TT‬عاد" أح‪TT‬صى مِ‪TT‬ن ال‪TT‬فوائ ‪T‬دِ‬
‫الفقه‪T‬يةِ ل‪T‬صلحِ احل‪T‬دي‪T‬بية‪" :‬ج‪T‬وازُ اب‪T‬تداء اإلم‪T‬امِ ب‪T‬طلبِ ص‪T‬لحِ ال‪T‬عدوِّ إذا رأى امل‪T‬صلحةَ‬
‫للمسلمنيَ فيه"‪.‬‬
‫‪َ 1‬ﻋ ْﺒ ُﺪ ّ‬
‫ﺑﻦ َورْ ﻗﺎ َء ﺑﻦ َﻋ ْﺒ ِﺪ اﻟ ُﻌ ﱠﺰى اﻟ ُﺨﺰا ِﻋ ﱢﻲ ﺗﻘ ﱠﺪم ﻧﺴﺒُﮫ ﻋﻨﺪ ِذ ْﻛ ِﺮ أَﺑﯿﮫ ]ﺑُ َﺪﯾْﻞ ﺑﻦ َورْ ﻗَﺎء ﺑﻦ َﻋ ْﻤﺮو‬
‫ﷲ ﺑﻦُ ﺑُ َﺪﯾْﻞ ِ‬
‫ﺑﻦ رﺑِﯿﻌﺔَ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟ ُﻌ ﱠﺰى ﺑﻦ َرﺑﯿﻌﺔ ﺑﻦ ُﺟ َﺰ ّ‬
‫ﺰاﻋﻲ‪ .‬ﻛﺬا ﻧﺴﺒَﮫ اﺑﻦ َﻣﻨﺪَه وأﺑﻮ ﻧُﻌﯿﻢ‪.‬‬
‫ي ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﻣﺎزن اﻟ ُﺨ‬
‫ﱢ‬
‫ﱠ‬
‫ّ‬
‫ﻋﻤﺮو‬
‫ﺑﻦ‬
‫ي‬
‫ﻋﺪ‬
‫ﺑﻦ‬
‫ﻣﺎزن‬
‫ﺑﻦ‬
‫ﻋﺎﻣﺮ‬
‫ﺑﻦ‬
‫ﺟ‬
‫ﺑﻦ‬
‫رﺑﯿﻌﺔ‬
‫ﺑﻦ‬
‫ى‬
‫ﺰ‬
‫ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟ ُﻌ‬
‫وﻗﺎل اﺑﻦ‬
‫ُﺰيﱢ‬
‫ﱢ‬
‫ٍ‬
‫اﻟﻜﻠﺒﻲ‪ :‬ﺑُﺪﯾ ُﻞ ﺑﻦُ ورﻗﺎ َء ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫اﺑﻦُ‬
‫ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰى ﺑﻦ‬
‫ء‬
‫ورﻗﺎ‬
‫ﺑﻦ‬
‫ُﺪﯾﻞ‬
‫ﺑ‬
‫‪:‬‬
‫ﺮ‬
‫ُﻤ‬
‫ﻋ‬
‫أﺑﻮ‬
‫وﻗﺎل‬
‫‪.‬‬
‫اﻟﻜﻠﺒﻲ‬
‫ﮫ‬
‫ﺒ‬
‫ﻧﺴ‬
‫ﻛﺬا‬
‫َاﻋﻲ؛‬
‫ﺰ‬
‫ﺨ‬
‫اﻟ‬
‫وھﻮ‬
‫ﺔ‬
‫ﺑﻦ رﺑﯿﻌ‬
‫ﻲ‬
‫ﺤ‬
‫ﻟ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ّ‬
‫ﱢ‬
‫َ ِ‬
‫رﺑﯿﻌﺔ اﻟﺨﺰاﻋﻲ‪ .‬وﺳﺎق اﺑﻦ ﻣﺎﻛﻚ ﻧﺴﺒﮫ إﻟﻰ ﺟﺰ ّ‬
‫ي ﻣﺜﻞ ھﺸﺎم‪ ،‬وﻣﺎ ﻓﻮق ﺟﺰي ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﯿﮫ ﻋﻨﺪ اﻟﺠﻤﯿﻊ‪ .‬ﻣﻦ‬
‫اﺑﻦ اﻷﺛﯿﺮ اﻟﺠﻮزيّ‪ :‬ﺑﯿﺮوت‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ‪ ،‬ط‪’١‬‬
‫ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺑُ َﺪ ْﯾ ُﻞ ﺑْﻦُ َورْ ﻗَﺎ َء "اﻧﻈﺮ‪ :‬ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻜﺮم ِ‬
‫‪ ،١٩٩٤‬ص ‪.٤ \١٢٢‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١١٠‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ع‪T‬ادَ بُ‪T‬دي‪T‬لٌ إل‪T‬ى قُ‪T‬ري‪T‬شٍ وق‪T‬ال‪ :‬إنَّ‪T‬كُمْ تعجَ‪T‬لونَ ع‪T‬لى مح‪T‬مّدٍ وأنّ مُح‪T‬مّداً ل‪T‬م ي‪T‬أتِ ل‪T‬لقتالِ؛‬
‫وإمنّا جاءَ زائراً للبيتِ‪.‬‬
‫ف‪TT‬قال ‪T‬تْ ق‪TT‬ري ‪T‬شٌ‪ :‬إنْ ك‪TT‬ان ج‪TT‬اءَ وال يُ‪TT‬ري ‪T‬دُ ق‪TT‬تاالً؛ ف‪TT‬و اهللِ ال ي‪TT‬دخ ‪T‬لُها ع‪TT‬لينا ف‪TT‬ي جُ‪TT‬نودِه‬
‫مُ‪T‬عتمِراً‪ ،‬ت‪T‬سمعُ ال‪T‬عربُ أنّ‪T‬ه دخ‪T‬لَها ع‪T‬لينا عُ‪T‬نوةً‪ ،‬وب‪T‬ينَنا وب‪T‬ينَه مِ‪T‬ن احل‪T‬ربِ م‪T‬ا ب‪T‬ينَنا‪ .‬واهللِ‬
‫ما كان هذا أبداً ومِنّا عنيٌ تطرفُ‪.1‬‬
‫ال‪TT‬سفارةُ ال‪TT‬ثان‪TT‬يةُ‪ :‬ث ‪T‬مَّ أرس‪TT‬لتْ قُ‪TT‬ري ‪T‬شٌ مِ‪TT‬كرزَ ب ‪T‬نَ ح‪TT‬فصٍ ب ‪T‬نِ األخ‪TT‬يفِ‪ 2‬إل‪TT‬ى رس‪TT‬ولِ اهللِ‬
‫ص‪T‬لّى اهللُ ع‪T‬ليهِ وس‪T‬لّمَ‪ ،‬ف‪T‬لمّا رآه ال‪T‬رس‪T‬ولُ ق‪T‬الَ‪" :‬ه‪T‬ذا ال‪T‬رَّجُ‪T‬لُ غ‪T‬ادِرٌ وف‪T‬اجِ‪T‬رٌ"‪ ،3‬ث‪T‬مّ ق‪T‬الَ ل‪T‬ه‬
‫مِ‪T‬ثلَ م‪T‬ا ق‪T‬الَ ل‪T‬بدي‪T‬لِ ب‪T‬نِ ورق‪T‬اءَ‪ ،‬ف‪T‬رج‪T‬عَ إل‪T‬ى قُ‪T‬ري‪T‬شٍ وأخ‪T‬برَهُ‪T‬م مب‪T‬ا ق‪T‬ال رس‪T‬ولُ اهلل ص‪T‬لّى اهللُ‬
‫عليه وسلّمَ‪.‬‬
‫السفارةُ الثالثة‪ :‬احلُلَّيسُ بنُ علقمةَ "سيِّدُ األحابيشِ"‪.‬‬
‫وإرس‪TT‬الُ احلُ ‪T‬لِّيسِ ع‪TT‬ملٌ ذك ‪T‬يٌّ ق‪TT‬ام ‪T‬تْ ب‪TT‬ه قُ‪TT‬ري ‪T‬شٌ ف‪TT‬إنّ ال‪TT‬رس‪TT‬ولَ مح ‪T‬مَّداً ق‪TT‬د يُس‪TT‬يء إل‪TT‬ى‬
‫احلُلِّيسِ ومَن معَه حسبَ ظنِّها؛ ألنّهُم كانوا مع قريشٍ في أحد اخلندق‪.‬‬
‫‪ 1‬ﻋﻤﺎد اﻟﺪﯾﻦ ﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ‪ :‬اﻟﺒﺪاﯾﺔ واﻟﻨﮭﺎﯾﺔ‪ ،‬دﻣﺸﻖ‪ ،‬دار اﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ‪ ،‬ط ‪٢٠١٠ ،٢‬م‪ ،‬ص ‪١٦٦\ ٤‬‬
‫اﻟﻘﺮﺷﻲ اﻟﻌﺎﻣﺮيﱢ‪َ :‬ذ َﻛ َﺮهُ اﺑْﻦُ ِﺣﺒﱠﺎنَ ﻓﻲ اﻟﺼﱠﺤﺎﺑﺔ؛ وﻗﺎل‪ :‬ﯾُﻘﺎ ُل ﻟﮫ ﺻُﺤﺒﺔٌ‪ ،‬ﻗﺎل‬
‫ﺣﻔﺺ ﺑﻦ اﻷﺧﯿﻒ‬
‫‪ِ 2‬ﻣ ْﻜ َﺮز ﺑﻦ‬
‫ﱢ‬
‫ٍ‬
‫ﱡ‬
‫واﻟﺰﺑَﯿ ِْﺮ ﺑْﻦ‬
‫ﻟﻐﯿﺮه‪ .‬وﻟ ِﻤ ْﻜ ِﺮز ِذ ْﻛ ٌﺮ ﻓﻲ "اﻟﻤﻐﺎزي" ﻋﻨﺪ اﺑﻦ إﺳﺤﺎق‪ ،‬واﻟﻮاﻗﺪيﱢ‪،‬‬
‫ﺣﺠﺮ اﻟﻌﺴﻘﻼﻧﻲ‪ :‬وﻟﻢ أره‬
‫اﺑﻦ‬
‫ٍ‬
‫ِ‬
‫ﺎر أﻧّﮫ ھﻮ اﻟﺬي أﻗﺒ َﻞ ﻻﻓﺘﺪا ِء ُﺳﮭَﯿْﻞ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو ﯾﻮم ﺑَ ْﺪر‪ ،‬وأﻧﮫ ﻗﺪ َم اﻟﻤﺪﯾﻨﺔَ؛ ﻓﻘﺎل‪ :‬اﺟﻌﻠﻮا اﻟﻘَﯿْﺪ ﻓﻲ ِرﺟْ ﻠﻲ‬
‫ﺑَ ﱠﻜ ٍ‬
‫َ‬
‫ﯾﺒﻌﺚ إﻟﯿﻜﻢ ﺑﺎﻟﻔﺪا ِء؛ وأﻧﺸ َﺪ ﻟﮫ ﺑﯿﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻘﺎ َل ﻓﻲ ذﻟﻚ‪
:‬‬
‫ﻣﻜﺎنَ رﺟﻠﯿﮫ ﺣﺘﻰ‬
‫ﺑِﺄ َ ْذ َوا ِد ِﻛــــــ َﺮ ٍام ِﺳﺒَــــــﺎ ﻓَﺘـــــــــًﻰ ﯾَﻨَﺎ ُل اﻟ ﱠ‬
‫ﺼ ِﻤﯿ ُﻢ ﻋُﺮْ ﺑَﮭَﺎ ﻻَ اﻟ َﻤ َﻮاﻟِﯿَﺎ
‬
‫َوﻗُ ْﻠ ُ‬
‫ﺖ‪ُ :‬ﺳﮭَ ْﯿ ٌﻞ َﺧ ْﯿ ُﺮﻧَﺎ ﻓَ ْﺎذھَﺒُﻮا ﺑِ ِﮫ ﻷ ْﺑﻨَﺎﺋِ ِﮫ َﺣﺘﱠﻰ ﺗُ ِﺪﯾﺮُوا اﻷ َﻣﺎﻧِﯿَــﺎ
‬
‫ْ‬
‫ﺟﺎھﻠﻲ‪ ،‬وﻣﻌﻨﺎه‪ :‬أﻧّﮫ ﻟﻢ ﯾُﺴﻠِ ْﻢ ّ‬
‫وإﻻ ﻓﻘَﺪ ذﻛ َﺮ ھﻮ أﻧﱠﮫ‬
‫وذﻛﺮه اﻟ َﻤﺮْ َزﺑَﺎﻧِ ﱡﻲ ﻓﻲ "ﻣﻌﺠﻢ اﻟﺸﻌﺮاء"‪ ،‬ووﺻﻔَﮫ ﺑﺄﻧّﮫ‬
‫ﱡ‬
‫ﺼﺔٌ‬
‫ك اﻹﺳﻼ َم‪ ،‬وﻗﺪ َم اﻟﻤﺪﯾﻨﺔَ ﺑﻌﺪ اﻟﮭﺠﺮ ِة اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ‪ ،‬ﻟ ﱠﻤﺎ أُ ِﺳ َﺮ ﺳُﮭﯿﻞ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ٍو ﯾﻮم ﺑَ ْﺪ ٍر ﻓﺎﻓﺘﺪاهُ‪ ،‬و ِذﻛ َﺮ ﻟﮫ ﻗ ّ‬
‫أدر َ‬
‫ْ‬
‫ﱠح ﻟﻤﺎ ﻗﺘ َﻞ ﻋﺎﻣ ُﺮ ً‬
‫ﻓﻲ ﻗَ‬
‫ﻣ‬
‫ﻋﺎ‬
‫ﮫ‬
‫ﻠ‬
‫ﺘ‬
‫ﺮ‬
‫ﻗﺘﯿﻼ ِﻣﻦ‬
‫ﻮ‬
‫اﻟﻤﻠ‬
‫ﺑﻦ‬
‫رھﻂ ِﻣ ْﻜﺮز‪ ،‬وﻟﮫ ذﻛﺮ ﻓﻲ ﺻ ُْﻠﺢ اﻟﺤﺪﯾﺒﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺨﺎريﱢ‬
‫ٍ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ﺑﻦُ‬
‫اﻟﻘﯿﺴﻲ‪ :‬ﺗﻮﺿﯿ ُﺢ اﻟﻤﺸﺘﺒَﮫ ﻓﻲ‬
‫ﺪ‬
‫ﻋﺒ‬
‫ﺪ‬
‫ﻤ‬
‫ﻣﺤ‬
‫ﷲ‬
‫ﺿﺒﻂ أﺳﻤﺎ ِء اﻟﺮوا ِة وأﻧﺴﺎﺑِﮭﻢ‬
‫ﺑﻦ ﻣﺤ ّﻤﺪ‬
‫اﻟﺪﯾﻦ‬
‫‪.‬‬
‫اﻧﻈﺮ‪:‬‬
‫ﺷﻤﺲُ‬
‫ﱠ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ﱢ‬
‫ِ‬
‫وأﻟﻘﺎﺑِﮭﻢ و ُﻛﻨﺎھُﻢ‪ ،‬ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪ ،‬ﺑﯿﺮوت‪١٩٩٣،‬م‪ ،‬ط‪.١‬‬
‫اﻟﺤﻤﯿﺮيﱢ ‪ :‬اﻟﺴﯿﺮة اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎھﺮة‪ ،‬طﺒﻌﺔ اﻟﺤﻠﺒﻲ‪١٩٥٥ ،‬م‪ ،‬ص ‪.١٩٩\٣‬‬
‫‪ 3‬ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ھﺸﺎم ﺑﻦ أﯾﻮب ِ‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١١١‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ممَّ‪T‬ا يُ‪T‬ثيرُ "األح‪T‬اب‪T‬يشَ" وت‪T‬ضمنُ ب‪T‬ذل‪T‬ك وق‪T‬وفَ‪T‬هُم إل‪T‬ى ج‪T‬ان‪T‬بِها أث‪T‬ناءَ ال‪T‬قتالِ ال‪T‬قري‪T‬بِ امل‪T‬توقَّ‪T‬عِ؛‬
‫ول‪T‬كنَّ رس‪T‬ولَ اهللِ أح‪T‬سنَ مُ‪T‬قابَ‪T‬لتَهُم وأق‪T‬نعَهُم بِ‪T‬نِيَّتِه السِّ‪T‬لميَّةِ وب‪T‬ذل‪T‬ك كس‪T‬بَ ال‪T‬رس‪T‬ولُ‬
‫ص‪T‬اح‪T‬بُ اخلُ‪T‬لُقِ ال‪T‬عظيمِ س‪T‬يِّدَ األح‪T‬اب‪T‬يشِ ومَ‪T‬ن م‪T‬عَه إل‪T‬ى ج‪T‬ان‪T‬بِه‪ ،‬وأل‪T‬زمَ‪T‬ها ب‪T‬أن ت‪T‬دخُ‪T‬لَ م‪T‬عَه‬
‫ف‪T‬ي م‪T‬فاوض‪T‬اتٍ؛ وإالّ ان‪T‬قلبُوا ع‪T‬ليها‪ ،‬وظ‪T‬هورِه‪T‬ا مبظه‪T‬رِ امل‪T‬عتدي أم‪T‬امَ حُ‪T‬لفائِ‪T‬ها خ‪T‬اصَّ‪T‬ةً‬
‫أمامَ العربِ كافَّةً‪.‬‬
‫أق‪T‬بل "احلُ‪T‬لَّيسُ" ومَ‪T‬ن م‪T‬عَه‪ ،‬ف‪T‬لمّا رأى ال‪T‬رَّس‪T‬ولُ ع‪T‬ليه ال‪T‬صالةُ والس‪T‬المُ احلُ‪T‬لَّيسَ أنّ ه‪T‬ذا‬
‫مِ‪T‬ن ق‪T‬ومٍ ي‪T‬تأه‪T‬لُّونَ ويُ‪T‬عظِّمُونَ ال‪T‬بُدْنَ واله‪T‬ديَ اب‪T‬عَثُوا اله‪T‬ديَ ف‪T‬ي وج‪T‬هِه ح‪T‬تّى ي‪T‬راهُ؛ ف‪T‬لمّا‬
‫رأى اله‪T‬ديَ يس‪T‬يلُ ع‪T‬ليه ب‪T‬قالئ‪T‬دِه مِ‪T‬ن عَ‪T‬رْضِ ال‪T‬وادي ق‪T‬د أش‪T‬عَرَ واس‪T‬تقبلَه ال‪T‬ناسُ ي‪T‬لبُّونَ‬
‫ق‪T‬د شَ‪T‬عِثُوا ص‪T‬احَ ق‪T‬ائ‪T‬الً‪" :‬سُ‪T‬بحانَ اهللِ! م‪T‬ا ي‪T‬نبغي ل‪T‬هؤالءِ أن ي‪T‬صدُّوا ع‪T‬ن ال‪T‬بيتِ أب‪T‬ى اهللُ‬
‫أْن يَ ‪T‬حُجَّ خل ‪T‬مٌ وجُ‪TT‬ذامٌ ونه ‪T‬دٌ وحِ ‪T‬مْيرُ‪ ،‬وميُ‪TT‬نعَ أن ع‪TT‬بدَ امل‪TT‬طلّب ه‪TT‬لكَتْ ق‪TT‬ري ‪T‬شٌ وربِّ‬
‫الكعبةِ؛ إمنّا القومُ أتَوا عُمَّاراً‪.‬‬
‫ف‪T‬قال ع‪T‬ليه ال‪T‬صالةُ والس‪T‬المُ‪ :‬أج‪T‬لْ ي‪T‬ا أخ‪T‬ا ب‪T‬ني كِ‪T‬نان‪T‬ةَ‪ ،‬وع‪T‬ادَ احلُ‪T‬لَّيسُ إل‪T‬ى ق‪T‬ري‪T‬شٍ وق‪T‬ال‪:‬‬
‫"إنّي رأيتُ ما ال يَحِلُّ مَنعُه"‪.‬‬
‫السفارةُ الثالثةُ‪ :‬عروةُ بنُ مسعودٍ الثقفيُّ املُفاوِضُ العاقِلُ‪:1‬‬
‫اﻟﺜﻘﻔﻲ‪،‬وھﻮ ﻋ ﱡﻢ‬
‫ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﺳﻌ ِﺪ ﺑﻦ ﻋﻮف ﺑﻦ ﺛﻘﯿﻒ‬
‫ﺐ ﺑﻦ‬
‫ﺐ ﺑﻦ‬
‫ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﻛﻌ ِ‬
‫ِ‬
‫‪ 1‬ھﻮ ﻋُﺮوةُ ﺑﻦُ ﻣﺴﻌﻮ ٍد ﺑﻦ ﻣﻌﺘّ ِ‬
‫ﱢ‬
‫ِ‬
‫ﺑﻦ ُﺷﻌﺒﺔَ وأ ﱡﻣﮫ ﺳﺒﯿﻌﺔُ ﺑﻨﺖ ﻋﺒﺪ ﺷﻤﺲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﻣﻨﺎف أﺧﺖ آﻣﻨﺔ‪ ،‬ﻛﺎن أﺣﺪ اﻷﻛﺎﺑﺮ ﻣﻦ ﻗﻮﻣﮫ‪،‬‬
‫واﻟ ِﺪ اﻟ ُﻤﻐﯿﺮ ِة ِ‬
‫ْ‬
‫س و ِﻋﻜﺮﻣﺔُ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫اﺑﻦُ‬
‫َ‬
‫ﺮْ‬
‫ُﻞ‬
‫ﺟ‬
‫ر‬
‫ﻰ‬
‫ﻠ‬
‫ﻋ‬
‫}‬
‫ﺑﻘﻮﻟﮫ‪:‬‬
‫اﻟﻤﺮاد‬
‫ﻋﺒﺎ‬
‫ﻗﺎل‬
‫]‪،٣١‬‬
‫[اﻟﺰﺧﺮف‪:‬‬
‫{‬
‫ﯿﻢ‬
‫َﻈ‬
‫ﻋ‬
‫ْﻦ‬
‫ﯿ‬
‫ﺘ‬
‫ﯾ‬
‫ﻘ‬
‫اﻟ‬
‫وﻗﯿﻞ‪ :‬إﻧﮫ‬
‫ﻣ‬
‫َ‬
‫ﻦَ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ٍ‬
‫ٍ‬
‫ٍ‬
‫ِ‬
‫ﱠ‬
‫ُ‬
‫ﺑﻦُ‬
‫ُ‬
‫ﱢيﱡ‬
‫ﱡ‬
‫اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻤﺮا ِد؛ ﻓ َﻌﻦ‬
‫ﺗﻌﯿﯿﻦ‬
‫ﻓﻲ‬
‫واﺧﺘﻠﻔﻮا‬
‫واﻟﻤﺪﯾﻨﺔ‪،‬‬
‫ﺔ‬
‫ﻜ‬
‫ﻣ‬
‫‪:‬‬
‫ﺪ‬
‫ﺴ‬
‫واﻟ‬
‫ة‬
‫وﻗﺘﺎد‬
‫ﺐ‬
‫ﻛﻌ‬
‫وﻣﺤ ﱠﻤ ُﺪ‬
‫د‬
‫اﻟﻤﺮا‬
‫ﺑﺎﻟﻘﺮﯾﺘﯿﻦَ‬
‫ٍ‬
‫ِ‬
‫ﱠ‬
‫َ‬
‫ﻗﺘﺎدةَ‬
‫َ‬
‫اﻟﺜﻘﻔﻲ‬
‫ة‬
‫اﻟﻤﻐﯿﺮ‬
‫اﻟﻄﺎﺋﻒ‪ ،‬اﻧﻈﺮ‪ :‬أﺣﻤﺪ ﺑﻦ‬
‫أھﻞ‬
‫ﻣﻦ‬
‫أھﻞ‬
‫ﻣﻦ‬
‫أرادوا‬
‫ة‬
‫ُﺮو‬
‫ﻋ‬
‫و‬
‫ﺔ‬
‫ﻜ‬
‫ﻣ‬
‫ﺪ‬
‫اﻟﻮﻟﯿ‬
‫د‬
‫ﻣﺴﻌﻮ‬
‫ﺑﻦَ‬
‫ﺑﻦَ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ﱢ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻌﺴﻘﻼﻧﻲ‪ :‬اﻹﺻﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﺗﻤﯿﯿﺰ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻣﺼﺮ‪ ،‬ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻧﮭﻀﺔ ﻣﺼﺮ‪١٣٩٢ ،‬ھـ‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١١٢‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ج‪T‬لسَ م‪T‬سعودٌ ب‪T‬نيَ ي‪T‬دي ال‪T‬رس‪T‬ولِ ص‪T‬لى اهللُ ع‪T‬ليه وس‪T‬لَّمَ ث‪T‬مّ ق‪T‬ال‪ :‬ي‪T‬ا مُح‪T‬مَّدُ؛ ج‪T‬مَعْتَ‬
‫أوب‪T‬اش‪T‬اً ث‪T‬مَّ جِ‪T‬ئْتَ ب‪T‬هِم إل‪T‬ى بَ‪T‬يضَتِكَ تَ‪T‬فضُّها ب‪T‬هِم إنّ‪T‬ها قُ‪T‬ري‪T‬شٌ ق‪T‬د خ‪T‬رَجَ‪T‬تْ مَ‪T‬عها ال‪T‬عوزُ‬
‫املطافِيلُ قد لبسُوا جُلُودَ النَّمِرِ يُعاهِدونَ اهللَ أالّ تدخُلَها عليهِم عُنوةً أبداً‪.‬‬
‫أرأي‪T‬تَ إن اس‪T‬تأصَ‪T‬لْتَ ق‪T‬ومَ‪T‬كَ ف‪T‬سمِعتَ ب‪T‬أحَ‪T‬دٍ مِ‪T‬ن ال‪T‬عربِ اج‪T‬تاحَ أص‪T‬لَهُ ق‪T‬بْلَكَ‪ ،‬وإنْ تَ‪T‬كُنِ‬
‫األُخْ ‪TT‬رى إنّ ‪TT‬ي واهللِ ال أرى وُجُ ‪TT‬وه‪T T‬اً وإنّ ‪TT‬ي أرى أوب ‪TT‬اش‪T T‬اً مِ ‪TT‬ن ال ‪TT‬ناسِ خ ‪TT‬ليقاً أن يَ ‪TT‬فرُّوا‬
‫ويَ‪T‬دعُ‪T‬وكَ‪ .‬ق‪T‬ال عُ‪T‬روةُ ه‪T‬ذا ألنَّ ال‪T‬عادةَ ج‪T‬رتْ أنّ اجل‪T‬يوشَ اجمل‪T‬تمعةَ مِ‪T‬ن ق‪T‬بائ‪T‬لَ عِ‪T‬دَّةٍ ال يُ‪T‬ؤمَ‪T‬نُ‬
‫ع‪T‬ليها ال‪T‬فرارُ خل‪T‬الفِ مَ‪T‬ن ك‪T‬انَ مِ‪T‬ن ق‪T‬بيلةٍ واح‪T‬دةٍ؛ ف‪T‬أنَّ‪T‬هُم ي‪T‬أن‪T‬فونَ ال‪T‬فِرارَ ع‪T‬ادةً‪ ،‬وم‪T‬ا درَى‬
‫عُ‪TT‬روةُ أنّ م‪TT‬ودَّةَ اإلس‪TT‬المِ أع‪TT‬ظمُ مِ‪TT‬ن م‪TT‬ودَّةِ ال‪TT‬تراب ‪T‬طِ ل‪TT‬ذل ‪T‬كَ شَ ‪T‬تَمَ أب‪TT‬و ب‪TT‬كر رض ‪T‬يَ اهللُ ع‪TT‬نهُ‬
‫وق‪T‬ال‪ :‬ن‪T‬حنُ ن‪T‬نكشِفُ ع‪T‬نه‪ ،‬وأخ‪T‬برَ ص‪T‬لّى اهللُ ع‪T‬ليهِ وس‪T‬لَّمَ عُ‪T‬روةَ أنّ‪T‬ه م‪T‬ا ج‪T‬اءَ حل‪T‬ربٍ ف‪T‬عادَ‬
‫عُ‪T‬روةُ إل‪T‬ى ق‪T‬ري‪T‬شٍ ب‪T‬عد أنْ رأى م‪T‬ا ي‪T‬صنعُ أص‪T‬حابُ‪T‬ه ب‪T‬ه ص‪T‬لَّى اهللُ ع‪T‬ليهِ وس‪T‬لَّمَ مِ‪T‬ن اإلج‪T‬اللِ‬
‫واإلكرامِ‪.‬‬
‫ق‪T‬ال ع‪T‬روةُ ي‪T‬ا معش‪T‬رَ ق‪T‬ري‪T‬شٍ‪" :‬إنِّ‪T‬ي جِ‪T‬ئتُ كِس‪T‬رى ف‪T‬ي مُ‪T‬لكِه وق‪T‬يصَرَ ف‪T‬ي مُ‪T‬لكِه وال‪T‬نجاش‪T‬يَّ‬
‫ف‪T‬ي مُ‪T‬لكِه واهللِ م‪T‬ا رأي‪T‬تُ مَ‪T‬لكاً ف‪T‬ي ق‪T‬وم‪T‬هِ ق‪T‬طُّ مِ‪T‬ثْلَ مُح‪T‬مَّدٍ ف‪T‬ي أص‪T‬حابِ‪T‬ه‪ ،‬ول‪T‬قد رأي‪T‬تُ ق‪T‬وم‪T‬اً‬
‫ال يُس‪T‬لِمُونَ‪T‬ه لِش‪T‬يءِ أب‪T‬داً؛ ف‪T‬إنّ‪T‬ي ل‪T‬كُمْ ن‪T‬اصِ‪T‬حٌ‪ ،‬ف‪T‬إنّ‪T‬ي أخ‪T‬افُ أالّ ت‪T‬نصُروا ع‪T‬ليه"‪ ،‬وه‪T‬ذا‬
‫دل‪TT‬يلٌ ع‪TT‬لى جَ‪TT‬ودةِ ع‪TT‬قلِه وت‪TT‬فطُّنُه م‪TT‬ا ك‪TT‬ان ع‪TT‬ليه ال‪TT‬صحاب ‪T‬ةُ م‪TT‬ن امل‪TT‬بالَ‪TT‬غةِ ف‪TT‬ي ت‪TT‬عظيمِه‬
‫وتوقيرِه‪.‬‬
‫ث‪T‬مَّ ح‪T‬اول‪T‬تْ مج‪T‬موع‪T‬ةٌ مِ‪T‬ن ش‪T‬بابِ م‪T‬كَّةَ أن يُ‪T‬وقِ‪T‬فُوا ه‪T‬ذه امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ‪ ،‬كُ‪T‬رهً‪T‬ا م‪T‬نهُم ل‪T‬لصلْحِ‬
‫ورفْ ‪T‬ضًا ل ‪T‬دُخ‪TT‬ولِ رس‪TT‬ولِ اهللِ ص ‪T‬لّى اهللُ ع‪TT‬ليه وس ‪T‬لَّمَ إل‪TT‬ى م ‪T‬كَّة م‪TT‬عتمِراً‪ ،‬ف‪TT‬قامَ‪TT‬ت ه‪TT‬ذه‬
‫اجمل‪TT‬موع ‪T‬ةُ‪ ،‬وع‪TT‬ددُه‪TT‬ا ث‪TT‬مان‪TT‬ونَ ب‪TT‬اإلغ‪TT‬ارةِ ع‪TT‬لى املس‪TT‬لمنيَ ف‪TT‬ي احل‪TT‬دي‪TT‬بيةِ إلش‪TT‬عالِ احل‪TT‬ربِ‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١١٣‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ال‪T‬فعليةِ‪ ،‬ف‪T‬ماذا ح‪T‬دثَ؟! يَ‪T‬روي أن‪T‬سُ ب‪T‬ن م‪T‬ال‪T‬كٍ رض‪T‬يَ اهللُ ع‪T‬نهُ أنّ ث‪T‬مان‪T‬نيَ رجُ‪T‬الً مِ‪T‬ن أه‪T‬لِ‬
‫م‪T‬كَّةَ ه‪T‬بطُوا ع‪T‬لى ال‪T‬رس‪T‬ولِ ص‪T‬لَّى اهللُ ع‪T‬ليه وس‪T‬لَّمَ مِ‪T‬ن جَ‪T‬بَلِ ال‪T‬تنعيمِ متس‪T‬لِّحنيَ يُ‪T‬ري‪T‬دونَ‬
‫غِ‪T‬رَّةَ ال‪T‬نبيِّ ص‪T‬لّى اهللُ ع‪T‬ليهِ وس‪T‬لَّمَ وأص‪T‬حابِ‪T‬ه‪ ،‬ف‪T‬أخَ‪T‬ذُه‪T‬م سِ‪T‬لْمًا‪ ،‬ف‪T‬اس‪T‬تحياهُ‪T‬م‪ ،‬ف‪T‬أن‪T‬زلَ اهللُ‬
‫ت‪TT‬عال‪TT‬ى‪ :‬وَهُ ‪T‬وَ الَّ ‪T‬ذِي كَ ‪T‬فَّ أَيْ ‪T‬دِيَ ‪T‬هُمْ عَ ‪T‬نْكُمْ وَأَيْ ‪T‬دِيَ ‪T‬كُمْ عَ ‪T‬نْهُمْ بِ ‪T‬بَطْنِ مَ ‪T‬كَّةَ مِ ‪T‬نْ بَ ‪T‬عْدِ أَنْ‬
‫أَظْ‪T‬فَرَكُ‪T‬مْ عَ‪T‬لَيْهِمْ وَكَ‪T‬انَ ال‪T‬لَّهُ مبَِ‪T‬ا تَ‪T‬عْمَلُونَ بَ‪T‬صِيرًا )ال‪T‬فتح‪ ،(۲٤ :‬ف‪T‬هؤالءِ ث‪T‬مان‪T‬ونَ مُ‪T‬غام‪T‬راً‬
‫أرادوا إف‪T‬سادَ أيِّ م‪T‬حاول‪T‬ةٍ ل‪T‬لصلحِ؛ ل‪T‬قد أط‪T‬لقَهُم ج‪T‬ميعًا ب‪T‬غيرِ ف‪T‬داءٍ؛ وذل‪T‬ك إث‪T‬باتً‪T‬ا حل‪T‬سنِ‬
‫النوايا‪ ،‬وسالمةِ الصّدرِ‪.‬‬
‫ث ‪T‬مّ ق ‪T‬رَّرَ ص ‪T‬لّى اهللُ ع‪TT‬ليهِ وس ‪T‬لَّمَ أن يُ‪TT‬رسِ ‪T‬لَ رَس‪TT‬والً إل‪TT‬ى ق‪TT‬ري ‪T‬شٍ؛ لِ ‪T‬عَرضِ وج‪TT‬هةِ ال‪TT‬نظرِ‬
‫اإلس‪T‬الم‪T‬يةِ‪ ،‬وب‪T‬عد م‪T‬حاوراتٍ ب‪T‬ني املس‪T‬لمني‪ ،‬متَّ اخ‪T‬تيارُ ع‪T‬ثمانُ ب‪T‬نُ ع‪T‬فَّانٍ رض‪T‬يَ اهللُ ع‪T‬نهُ‬
‫لِ‪T‬يكونَ س‪T‬فيراً للمس‪T‬لمنيَ إل‪T‬ى داخ‪T‬لِ م‪T‬كّةَ‪ ،‬وب‪T‬ال‪T‬فعلِ دخ‪T‬لَ ع‪T‬ثمانُ رض‪T‬يَ اهللُ ع‪T‬نهُ إل‪T‬ى‬
‫ال‪TT‬بلدِ احل‪TT‬رامِ‪ ،‬ودارتْ ب‪TT‬ينَه وب‪TT‬ينهُم م‪TT‬فاوض‪TT‬اتٌ؛ ول‪TT‬كنَّ ه‪TT‬ذه امل‪TT‬فاوض‪TT‬اتِ ط‪TT‬ال ‪T‬تْ دون‬
‫ن‪T‬تيجةٍ؛ ح‪T‬تّى م‪T‬رَّتْ عِ‪T‬دَّةُ أيَّ‪T‬امٍ‪ ،‬وأُش‪T‬يعَ أنَّ ع‪T‬ثمانَ رض‪T‬يَ اهللُ ع‪T‬نه قَ‪T‬د قُ‪T‬تِلَ‪ ،‬وقَ‪T‬تْلُ ال‪T‬سفراءِ‬
‫ج‪TT‬رمي ‪T‬ةٌ ال تُ‪TT‬غتفَرُ‪ ،‬وه‪TT‬و إع‪TT‬النُ ح‪TT‬ربٍ رس‪TT‬ميٍّ‪ ،‬وه‪TT‬نا اضْ ‪T‬طُرَّ رس‪TT‬ولُ اهللِ ص ‪T‬لّى اهللُ ع‪TT‬ليه‬
‫وس‪T‬لَّمَ اض‪T‬طراراً إل‪T‬ى ال‪T‬قيامِ مب‪T‬ا عُ‪T‬رِفَ ف‪T‬ي ال‪T‬تاري‪T‬خِ "ب‪T‬يعةَ ال‪T‬رِّض‪T‬وانِ"؛ ح‪T‬يث ب‪T‬اي‪T‬عَ ال‪T‬صحاب‪T‬ةُ‬
‫ع‪T‬لى ع‪T‬دمِ ال‪T‬فِرارِ‪ ،‬ومِ‪T‬نْ ثَ‪T‬مَّ أص‪T‬بحَ ال‪T‬قتال وش‪T‬يكًا جِ‪T‬دَّاً؛ ل‪T‬وال أنّ عُ‪T‬ثمانَ ظه‪T‬رَ ف‪T‬ي ه‪T‬ذه‬
‫اللح‪T‬ظةِ‪ ،‬وث‪T‬بتَ أنّ األم‪T‬رَ ك‪T‬انَ مُج‪T‬رَّدَ إش‪T‬اع‪T‬ةٍ‪ ،‬فه‪T‬دأتِ ال‪T‬نفوسُ واس‪T‬تراحَ‪T‬ت‪ ،‬ث‪T‬مَّ ظه‪T‬رَ‬
‫رسولٌ جديدٌ مِن قِبَلِ قريشٍ هو سُهيلُ بن عَمْروٍ‪.‬‬
‫ل‪T‬قد أص‪T‬رَّ رس‪T‬ولُ اهللِ ص‪T‬لّى اهللُ ع‪T‬ليهِ وس‪T‬لَّمَ ع‪T‬لى ال‪T‬صلْحِ ب‪T‬ال‪T‬طُّرقِ ك‪T‬افّ‪T‬ةً‪ ،‬وق‪T‬ري‪T‬شٌ ت‪T‬أب‪T‬ى‪ ،‬إالّ‬
‫أنَ قُ‪T‬ري‪T‬شاً ف‪T‬ي ال‪T‬نهاي‪T‬ةِ ب‪T‬دأتْ ت‪T‬تراج‪T‬عُ‪ ،‬وك‪T‬ان ب‪T‬داي‪T‬ةُ ه‪T‬ذا ال‪T‬تراجُ‪T‬عِ ه‪T‬و إرس‪T‬الُ سُه‪T‬يلِ ب‪T‬ن‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١١٤‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫عَ‪T‬مْروٍ‪ ،1‬وه‪T‬و ق‪T‬ياديٌّ ك‪T‬بيرٌ ف‪T‬ي م‪T‬كَّةَ‪ ،‬وم‪T‬شهورٌ ب‪T‬ال‪T‬كِياس‪T‬ةِ واحل‪T‬نكة )ال‪T‬دب‪T‬لوم‪T‬اس‪T‬يَّةِ(‬
‫وال ‪T‬قُدرةِ ع‪TT‬لى ال‪TT‬تحاوُرِ‪ ،‬ول‪TT‬يس ح‪TT‬ادَّاً ف‪TT‬ي طِ‪TT‬باعِ‪TT‬ه ك‪TT‬بقيَةِ ال ‪T‬زُّع‪TT‬ماءِ اآلخَ‪TT‬ري ‪T‬نَ؛ ح ‪T‬تّى إنّ‬
‫رس‪TT‬ولَ اهللِ ص ‪T‬لّى اهللُ ع‪TT‬ليهِ وس ‪T‬لَّمَ ع‪TT‬ندم‪TT‬ا رآه ق‪TT‬ال‪" :‬ق‪TT‬د سَهُ ‪T‬لَ ل ‪T‬كُمْ مِ ‪T‬نْ أَمْ ‪T‬رِكُ ‪T‬مْ"‪،‬‬
‫وب‪TT‬ال‪TT‬فعلِ‪ ..‬وك‪TT‬ما ت‪TT‬وقَّ ‪T‬عَ ص ‪T‬لّى اهللُ ع‪TT‬ليهِ وس ‪T‬لَّمَ‪ ،‬ف‪TT‬قد أرادَ سُه‪TT‬يلٌ أن يُ‪TT‬تمَّ ال‪TT‬صلحَ ب‪TT‬ني‬
‫ق‪TT‬ري ‪T‬شٍ واملس‪TT‬لمنيَ‪ ،‬ول‪TT‬كنَّه أظه ‪T‬رَ ف‪TT‬ي أث‪TT‬ناءِ ال ‪T‬صُّلحِ تش ‪T‬دُّدًا وت‪TT‬عنُّتاً‪ ،‬ب‪TT‬ينما ظه ‪T‬رَت ف‪TT‬ي‬
‫بُ‪T‬نودِ ال‪T‬صُّلحِ وط‪T‬ري‪T‬قةِ ك‪T‬تاب‪T‬تِه م‪T‬رون‪T‬ةُ ال‪T‬رَّس‪T‬ولِ ص‪T‬لَّى اهللُ ع‪T‬ليهِ وس‪T‬لَّمَ ورغ‪T‬بتِه األك‪T‬يدةِ ف‪T‬ي‬
‫الصلح‪.‬‬
‫فَ‪T‬دَعَ‪T‬ا ال‪T‬نَّبِيُّ ص‪T‬لَّى اهللُ ع‪T‬ليه وس‪T‬لَّم الْ‪T‬كَاتِ‪T‬بَ‪ ،‬فَ‪T‬قَالَ ال‪T‬نَّبِيُّ ص‪T‬لَّى اهللُ ع‪T‬ليهِ وس‪T‬لَّم‪» :‬بِ‪T‬سْمِ‬
‫ال‪T‬لَّهِ ال‪T‬رَّحْ‪T‬مَنِ ال‪T‬رَّحِ‪T‬يمِ» قَ‪T‬الَ سُهَ‪T‬يْلٌ‪ :‬أَمَّ‪T‬ا ال‪T‬رَّحْ‪T‬مَنُ فَ‪T‬وَ ال‪T‬لَّهِ مَ‪T‬ا أَدْرِي مَ‪T‬ا هُ‪T‬وَ‪ ،‬وَلَ‪T‬كِنِ اكْ‪T‬تُبْ‪:‬‬
‫بِ‪T‬اسْ‪T‬مِكَ ال‪T‬لَّهُمَّ كَ‪T‬مَا كُ‪T‬نْتَ تَ‪T‬كْتُبُ‪ ،‬فَ‪T‬قَالَ املُْسْ‪T‬لِمُونَ‪ :‬وَال‪T‬لَّهِ ال نَ‪T‬كْتُبُهَا إِالَّ‪ :‬بِ‪T‬سْمِ ال‪T‬لَّهِ‬
‫ال‪T‬رَّحْ‪T‬مَنِ ال‪T‬رَّحِ‪T‬يمِ‪ ،‬فَ‪T‬قَالَ ال‪T‬نَّبِيُّ ص‪T‬لى اهلل ع‪T‬ليه وس‪T‬لم‪« :‬اكْ‪T‬تُبْ‪ :‬بِ‪T‬اسْ‪T‬مِكَ ال‪T‬لَّهُمَّ‪ ..‬ثُ‪T‬مَّ‬
‫قَ‪T‬الَ‪« :‬هَ‪T‬ذَا مَ‪T‬ا قَ‪T‬اضَ‪T‬ى عَ‪T‬لَيْهِ مُحَ‪T‬مَّدٌ رَسُ‪T‬ولُ ال‪T‬لَّهِ‪ »..‬فَ‪T‬قَالَ سُهَ‪T‬يْلٌ‪ :‬وَال‪T‬لَّهِ لَ‪T‬وْ كُ‪T‬نَّا نَ‪T‬عْلَمُ‬
‫أَنَّ‪T‬كَ رَسُ‪T‬ولُ ال‪T‬لَّهِ مَ‪T‬ا صَ‪T‬دَدْنَ‪T‬اكَ عَ‪T‬نْ الْ‪T‬بَيْتِ وَال قَ‪T‬اتَ‪T‬لْنَاكَ‪ ،‬وَلَ‪T‬كِنِ اكْ‪T‬تُبْ‪ :‬مُحَ‪T‬مَّدُ بْ‪T‬نُ عَ‪T‬بْدِ‬
‫ال‪T‬لَّهِ‪ ،‬فَ‪T‬قَالَ ال‪T‬نَّبِيُّ ص‪T‬لى اهلل ع‪T‬ليه وس‪T‬لم‪» :‬وَال‪T‬لَّهِ إِنِّ‪T‬ي لَ‪T‬رَسُ‪T‬ولُ ال‪T‬لَّهِ وَإِنْ كَ‪T‬ذَّبْ‪T‬تُمُونِ‪T‬ي‪..‬‬
‫اكْ‪T‬تُبْ‪ :‬مُحَ‪T‬مَّدُ بْ‪T‬نُ عَ‪T‬بْدِ ال‪T‬لَّهِ‪) »..‬قَ‪T‬الَ ال‪T‬زُّهْ‪T‬رِيُّ‪ :‬وَذَلِ‪T‬كَ لِ‪T‬قَوْلِ‪T‬هِ ص‪T‬لى اهلل ع‪T‬ليه وس‪T‬لم‪ :‬ال‬
‫يَ‪T‬سْأَلُ‪T‬ونِ‪T‬ي خُ‪T‬طَّةً يُ‪T‬عَظِّمُونَ فِ‪T‬يهَا حُ‪T‬رُمَ‪T‬اتِ ال‪T‬لَّهِ إِال أَعْ‪T‬طَيْتُهُمْ إِيَّ‪T‬اهَ‪T‬ا‪ (.‬فَ‪T‬قَالَ لَ‪T‬هُ ال‪T‬نَّبِيُّ ص‪T‬لى‬
‫اهلل ع‪T‬ليه وس‪T‬لم‪« :‬عَ‪T‬لَى أَنْ تُخَ‪T‬لُّوا بَ‪T‬يْنَنَا وَبَ‪T‬نيَْ الْ‪T‬بَيْتِ‪ ،‬فَ‪T‬نَطُوفَ بِ‪T‬هِ» فَ‪T‬قَالَ سُهَ‪T‬يْلٌ‪ :‬وَال‪T‬لَّهِ‬
‫ال تَتَحَ ‪T‬دَّثُ الْ ‪T‬عَرَبُ أَنَّ‪TT‬ا أُخِ ‪T‬ذْنَ‪TT‬ا ضُ ‪T‬غْطَةً‪ ،‬وَلَ ‪T‬كِنْ ذَلِ ‪T‬كَ مِ ‪T‬نَ الْ ‪T‬عَامِ املُْ ‪T‬قْبِلِ‪ ،‬فَ ‪T‬كَتَبَ‪ ،‬فَ ‪T‬قَالَ‬
‫‪َ 1‬ﻋ ْﺒ ُﺪ ّ‬
‫ﷲِ ﺑﻦ ُﺳﮭَﯿﻞ ﺑﻦ َﻋ ْﻤﺮو اﻟﻌﺎﻣﺮي‪ ،‬ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﻟُ َﺆيّ‪ .‬وﺗﻘﺪم ﻧﺴﺒﮫ ﻋﻨﺪ أَﺑﯿﮫ ]] ُﺳﮭَﯿْﻞ ﺑﻦ َﻋ ْﻤﺮو ﺑﻦ‬
‫َﻋﺒْﺪ َﺷ ْﻤﺲ ﺑﻦ َﻋﺒْﺪ ُو ّد ﺑﻦ ﻧَﺼْ ﺮ ﺑﻦ َﻣﺎﻟِﻚ ﺑﻦ ِﺣ َﺴﻞ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﻟﺆ ّ‬
‫ي ﺑﻦ ﻏﺎﻟﺐ ﺑﻦ ﻓِﮭْﺮ اﻟﻘﺮﺷﻲ اﻟﻌﺎﻣﺮي]]‬
‫<<ﻣﻦ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺳﮭﯿﻞ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو اﻟﻌﺎﻣﺮي اﻧﻈﺮ أﺳﺪ اﻟﻐﺎﺑﺔ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١١٥‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫سُهَ ‪T‬يْلٌ‪ :‬وَعَ ‪T‬لَى أَنَّ ‪T‬هُ ال يَ ‪T‬أْتِ‪TT‬يكَ مِ ‪T‬نَّا رَجُ ‪T‬لٌ وَإِنْ كَ‪TT‬انَ عَ ‪T‬لَى دِي ‪T‬نِكَ إِال رَدَدْتَ ‪T‬هُ إِلَ ‪T‬يْنَا‪ .‬قَ‪TT‬الَ‬
‫املُْسْ ‪T‬لِمُونَ‪ :‬سُ ‪T‬بْحَانَ ال ‪T‬لَّهِ! كَ ‪T‬يْفَ يُ ‪T‬رَدُّ إِلَ‪TT‬ى املُْشْ ‪T‬رِكِ ‪T‬نيَ وَقَ ‪T‬دْ جَ‪TT‬اءَ مُسْ ‪T‬لِمًا؟! فَ ‪T‬بَيْنَمَا هُ ‪T‬مْ‬
‫كَ ‪T‬ذَلِ ‪T‬كَ إِذْ دَخَ ‪T‬لَ أَبُ‪TT‬و جَ ‪T‬نْدَلِ بْ ‪T‬نُ سُهَ ‪T‬يْلِ بْ ‪T‬نِ عَ ‪T‬مْرٍو يَ ‪T‬رْسُ ‪T‬فُ فِ‪TT‬ي قُ ‪T‬يُودِهِ‪ ،‬وَقَ ‪T‬دْ خَ ‪T‬رَجَ مِ ‪T‬نْ‬
‫أَسْ‪T‬فَلِ مَ‪T‬كَّةَ حَ‪T‬تَّى رَمَ‪T‬ى بِ‪T‬نَفْسِهِ بَ‪T‬نيَْ أَظْهُ‪T‬رِ املُْسْ‪T‬لِمِنيَ‪ ،‬فَ‪T‬قَالَ سُهَ‪T‬يْلٌ‪ :‬هَ‪T‬ذَا يَ‪T‬ا مُحَ‪T‬مَّدُ أَوَّلُ مَ‪T‬ا‬
‫أُقَ‪T‬اضِ‪T‬يكَ عَ‪T‬لَيْهِ أَنْ تَ‪T‬رُدَّهُ إِلَ‪T‬يَّ‪ .‬فَ‪T‬قَالَ ال‪T‬نَّبِيُّ ص‪T‬لى اهلل ع‪T‬ليه وس‪T‬لم‪« :‬إِنَّ‪T‬ا لَ‪T‬مْ نَ‪T‬قْضِ الْ‪T‬كِتَابَ‬
‫بَ‪T‬عْدُ»‪ .‬قَ‪T‬الَ‪ :‬فَ‪T‬و َال‪T‬لَّهِ إِذًا لَ‪T‬مْ أُصَ‪T‬احلِْ‪T‬كَ عَ‪T‬لَى شَ‪T‬يْءٍ أَبَ‪T‬داً‪ .‬قَ‪T‬الَ ال‪T‬نَّبِيُّ ص‪T‬لى اهلل ع‪T‬ليه وس‪T‬لم‪:‬‬
‫»فَ‪T‬أَجِ‪T‬زْهُ لِ‪T‬ي» قَ‪T‬الَ‪ :‬مَ‪T‬ا أَنَ‪T‬ا مبُِ‪T‬جِيزِهِ لَ‪T‬كَ‪ ،‬قَ‪T‬الَ‪« :‬بَ‪T‬لَى فَ‪T‬افْ‪T‬عَلْ» قَ‪T‬الَ‪ :‬مَ‪T‬ا أَنَ‪T‬ا بِ‪T‬فَاعِ‪T‬لٍ‪ ...‬قَ‪T‬الَ‬
‫أَبُ‪T‬و جَ‪T‬نْدَلٍ‪ :‬أَيْ مَعْشَ‪T‬رَ املُْسْ‪T‬لِمِنيَ! أُرَدُّ إِلَ‪T‬ى املُْشْ‪T‬رِكِ‪T‬نيَ وَقَ‪T‬دْ جِ‪T‬ئْتُ مُسْ‪T‬لِمًا؟! أَال تَ‪T‬رَوْنَ مَ‪T‬ا‬
‫قَدْ لَقِيتُ؟! وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي اللَّهِ"‪.‬‬
‫ف‪T‬ال‪T‬رس‪T‬ولُ ص‪T‬لّى اهللُ ع‪T‬ليهِ وس‪T‬لَّمَ ك‪T‬ما رأي‪T‬نا ي‪T‬تنازلُ ع‪T‬ن ك‪T‬تاب‪T‬ةِ ال‪T‬بسملةِ ك‪T‬ام‪T‬لةً ف‪T‬ي أوَّلِ‬
‫العَهْ‪T‬دِ‪ ،‬وي‪T‬تنازلُ ع‪T‬ن ك‪T‬تاب‪T‬ةِ وص‪T‬فِ ن‪T‬فْسِه ب‪T‬ال‪T‬رس‪T‬ال‪T‬ةِ‪ ،‬ويَ‪T‬قْبَلُ أن ي‪T‬عودَ مِ‪T‬ن ه‪T‬ذا ال‪T‬عامِ ف‪T‬ال‬
‫ي‪T‬طوفُ ب‪T‬ال‪T‬بيتِ‪ ،‬وي‪T‬قبلُ أن يَ‪T‬رُدَّ مَ‪T‬ن ج‪T‬اءَه مُس‪T‬لماً م‪T‬ن أه‪T‬لِ م‪T‬كَّةً إذا ط‪T‬لبَ أول‪T‬ياؤه ذل‪T‬كَ؛‬
‫ب‪T‬لْ وي‪T‬تفاقَ‪T‬مُ األم‪T‬رُ جِ‪T‬دّاً ع‪T‬ندم‪T‬ا ي‪T‬أت‪T‬ي أب‪T‬و ج‪T‬نْدَل ب‪T‬نُ سه‪T‬يلٍ ب‪T‬نِ عَ‪T‬مروٍ‪ ،‬وه‪T‬و ف‪T‬ي ح‪T‬ال‪T‬ةٍ‬
‫ش‪T‬دي‪T‬دةٍ م‪T‬ن اإلع‪T‬ياءِ واإلج‪T‬هادِ وامل‪T‬عان‪T‬اةِ ي‪T‬طلبُ ال‪T‬نُّصرةَ م‪T‬ن املس‪T‬لمنيَ‪ ،‬ف‪T‬يطلبُه رس‪T‬ولُ اهللِ‬
‫ص ‪T‬لَّى اهللُ ع‪TT‬ليهِ وس ‪T‬لَّمِ مِ‪TT‬ن سُه‪TT‬يلُ ب ‪T‬نُ عَ‪TT‬مروٍ وه‪TT‬و أب‪TT‬و أب‪TT‬ي جَ‪TT‬ندَل ف ‪T‬يَرفُ ‪T‬ضُ سُه‪TT‬يلٌ‪،‬‬
‫ويُ‪T‬عَلِّقُ جن‪T‬احَ امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ ب‪T‬كام‪T‬لِها ع‪T‬لى أخ‪T‬ذِه له‪T‬ذا ال‪T‬فتى املس‪T‬لِمِ امل‪T‬عذَّبِ‪ ،‬وأم‪T‬امَ م‪T‬خاطِ‪T‬ر‬
‫فش‪T‬لِ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ يُ‪T‬وافِ‪T‬قُ رس‪T‬ولَ اهللِ ص‪T‬لّى اهللُ ع‪T‬ليهِ وس‪T‬لَّمَ‪ ،‬مِ‪T‬ن أجْ‪T‬لِ أن ي‪T‬تمَّ ال‪T‬صلحُ ب‪T‬رغ‪T‬مِ‬
‫ك‪T T‬لِّ م ‪TT‬ا ن ‪TT‬راه مِ ‪TT‬ن أزم ‪TT‬اتٍ وم ‪TT‬عوق ‪TT‬اتٍ‪ ،‬وب ‪TT‬رغ‪T T‬مِ اع ‪TT‬تراضِ ك ‪TT‬ثيرٍ م ‪TT‬ن ال ‪TT‬صحاب‪T T‬ةِ‪ ،‬وف ‪TT‬ي‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١١٦‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫مُ‪T‬قدِّمَ‪T‬تِهم عُ‪T‬مَرُ ب‪T‬نُ اخل‪T‬طَّابِ رض‪T‬يَ اهللِ ع‪T‬نه‪ ..‬وي‪T‬تحقَّقُ م‪T‬ا يُ‪T‬ري‪T‬دُه رس‪T‬ولُ اهللِ ص‪T‬لّى اهللُ‬
‫عليهِ وسلَّمَ‪ ،‬وتوقَّعَ املعاهدةَ مِن نُسختَنيِ يحتفِظُ كلٌّ مِن الطرفنيِ بنُسخةٍ عِندَه‪.‬‬
‫ومِ‪T‬نَ اجل‪T‬دي‪T‬رِ ب‪T‬ال‪T‬ذِّك‪T‬رِ أنّ بُ‪T‬نودَ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ ش‪T‬ملَتْ أي‪T‬ضًا‪* :‬وَضْ‪T‬عَ احل‪T‬ربِ ب‪T‬ني ال‪T‬فري‪T‬قنيِ مل‪T‬دَّةِ‬
‫عشْ‪T‬رِ سِ‪T‬ننيَ‪ ،‬و*أنّ ال‪T‬قبيلةَ ال‪T‬تي تُ‪T‬ري‪T‬دُ االن‪T‬ضمامَ إل‪T‬ى ط‪T‬رفٍ مِ‪T‬ن ال‪T‬طرف‪T‬نيِ ف‪T‬لَها ذل‪T‬كَ‪،‬‬
‫وجتُ‪T‬رى ع‪T‬ليها أح‪T‬كامِ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ‪ ،‬وق‪T‬د ان‪T‬ضمَّتْ ق‪T‬بيلةُ خُ‪T‬زاع‪T‬ةَ إل‪T‬ى حِ‪T‬لْفَ رَس‪T‬ولِ اهللِ ص‪T‬لَّى‬
‫اهللُ عليه وسلَّمَ‪ ،‬بينما انضمَّت قبيلةُ بني بكرٍ إلى حِلْفِ قريشٍ‪.‬‬
‫وب‪TT‬عد أن متَّ ‪T‬تِ امل‪TT‬عاه‪TT‬دةُ‪ ،‬ورض ‪T‬يَ ال‪TT‬طرف‪TT‬انِ‪ ،‬أرادتْ مِ‪TT‬ن ج‪TT‬دي ‪T‬دٍ مج‪TT‬موع ‪T‬ةٌ م‪TT‬ن ش‪TT‬بابِ‬
‫ق‪TT‬ري ‪T‬شٍ املتح ‪T‬مِّسنيَ أن يُفسِ ‪T‬دُوا ه‪TT‬ذا ال ‪T‬صُّلْحَ‪ ،‬ف‪TT‬قامِ‪TT‬وا ب‪TT‬عمليةِ إغ‪TT‬ارةٍ ج‪TT‬دي‪TT‬دةٍ ع‪TT‬لى‬
‫املس‪TT‬لمنيَ؛ ول‪TT‬كنَّ املس‪TT‬لمنيَ اس‪TT‬تطاعُ‪TT‬وا ب‪TT‬فضلِ اهللِ أن ميُ ‪T‬سِكُوا بِسَ ‪T‬بْعِنيَ مِ‪TT‬نهُم ع‪TT‬لى‬
‫رأس‪T‬هِم رَجُ‪T‬لٌ يُ‪T‬قالُ ل‪T‬ه‪ :‬مِ‪T‬كرزٌ‪ ،‬ك‪T‬ما أم‪T‬سكَ سَ‪T‬لَمَةُ ب‪T‬نُ األك‪T‬وعِ رض‪T‬يَ اهللُ ع‪T‬نهُ ب‪T‬أرب‪T‬عةٍ‬
‫آخ‪T‬رِي‪T‬نَ‪ ،‬وم‪T‬ع ذل‪T‬كَ‪ ،‬ف‪T‬إنّ رس‪T‬ولَ اهللِ ص‪T‬لّى اهللُ ع‪T‬ليه وس‪T‬لَّمَ ق‪T‬د ع‪T‬فا ع‪T‬نهُم ج‪T‬ميعًا ب‪T‬غيرِ‬
‫فداءٍ‪.1‬‬
‫خُ‪TT‬الص ‪T‬ةُ ال‪TT‬قولِ ف‪TT‬ي ه‪TT‬ذه ال‪TT‬نقطةِ‪ :‬أنّ رس‪TT‬ولَ اهللِ ص ‪T‬لّى اهللُ ع‪TT‬ليه وس ‪T‬لَّم ت‪TT‬غلَّبَ ع‪TT‬لى‬
‫م‪T‬عوِّق‪T‬اتٍ ك‪T‬ثيرةٍ جِ‪T‬دَّاً لِ‪T‬كي ي‪T‬تمَّ ال‪T‬صلحُ ف‪T‬ي ال‪T‬نهاي‪T‬ةِ‪ ،‬ول‪T‬كي ميَُهِّ‪T‬دَ ل‪T‬فترةِ ت‪T‬عاي‪T‬شٍ سِ‪T‬لميٍّ‬
‫في اجلزيرةِ العربيةِ‪ ،‬تنعمُ فيها األطرافُ املسلِمةُ واملشركةُ باألمانِ والسالمِ‪.‬‬
‫التطبيقاتُ العمليَّةُ لِبُنودِ صلحِ احلُديبِيةِ‪:‬‬
‫ي‪T‬أت‪T‬ي ف‪T‬ي حت‪T‬ليلِ ال‪T‬باح‪T‬ثِ له‪T‬ذه امل‪T‬عاه‪T‬داتِ م‪T‬ع املش‪T‬رك‪T‬نيَ م‪T‬ا ه‪T‬و أَهَ‪T‬مُّ مِ‪T‬ن بُ‪T‬نودِه‪T‬ا وك‪T‬يفيةِ‬
‫ص‪T‬ياغ‪T‬تِها‪ ..‬وه‪T‬و ال‪T‬تطبيقُ ال‪T‬فعليُّ له‪T‬ذه امل‪T‬عاه‪T‬داتِ‪ ،‬فَ‪T‬كَمْ مِ‪T‬ن امل‪T‬عاه‪T‬داتِ كُ‪T‬تِبَتْ ف‪T‬ي‬
‫‪1‬‬
‫اﻧﻈﺮ‪ :‬ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ھﺸﺎم اﻟﺤﻤﯿﺮي‪ :‬اﻟﺴﯿﺮة اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ‪٣ \١٤٠‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١١٧‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ال‪T‬تاري‪T‬خِ؟ وكَ‪T‬مْ مِ‪T‬ن امل‪T‬واث‪T‬يقِ عُ‪T‬قِدَتْ‪ ،‬ث‪T‬مَّ ص‪T‬ارَتْ م‪T‬ع م‪T‬رورِ األيَّ‪T‬امِ حِ‪T‬بْراً ع‪T‬لى وَرَقٍ‪ ،‬ول‪T‬م‬
‫يَعُدُ هناك أيُّ معنىً لوجُودِها أو لِعَقدِها؟‬
‫إنّ أروعَ م ‪TT‬ا ف ‪TT‬ي م ‪TT‬عاه ‪TT‬داتِ رس ‪TT‬ولِ اهللِ ص‪T T‬لّى اهللُ ع ‪TT‬ليهِ وس‪T T‬لَّمَ ه ‪TT‬و اجل ‪TT‬ان‪T T‬بُ ال ‪TT‬عمليُّ‬
‫ال‪T‬تطبيقيُّ ال‪T‬ذي ت‪T‬ال ك‪T‬تاب‪T‬ةِ ه‪T‬ذه امل‪T‬عاه‪T‬داتِ‪ ..‬إنَّ‪T‬كَ س‪T‬ترى ف‪T‬ي ح‪T‬ياتِ‪T‬ه ص‪T‬لَّى اهللُ ع‪T‬ليهِ‬
‫وسلَّمَ مع مَن عاهدَهُم كلَّ معاني التآلُفِ والعدلِ والتراحُمِ والبِّرِّ والعَدلِ والوفاءِ‪..‬‬
‫إنّ‪T‬ه ي‪T‬كفي ل‪T‬لدالل‪T‬ةِ ع‪T‬لى ه‪T‬ذا ال‪T‬وف‪T‬اءِ ف‪T‬ي ال‪T‬تعاهُ‪T‬دِ أن ن‪T‬ذكُ‪T‬رَ قِ‪T‬صّةَ "أب‪T‬ي بَ‪T‬صيرٍ" رض‪T‬يَ اهللُ‬
‫ع‪T‬نه‪ ..‬ف‪T‬قد ج‪T‬اءَ أب‪T‬و ب‪T‬صيرٍ وه‪T‬و رج‪T‬لٌ مِ‪T‬ن ق‪T‬ري‪T‬شٍ دخ‪T‬لَ ف‪T‬ي اإلس‪T‬المِ إل‪T‬ى امل‪T‬دي‪T‬نةِ امل‪T‬نوَّرةِ‬
‫ب‪T‬عدَ ف‪T‬ترةٍ وج‪T‬يزةٍ م‪T‬ن ك‪T‬تاب‪T‬ةِ صُ‪T‬لْحِ احل‪T‬دي‪T‬بيةِ‪ ،‬وك‪T‬ان يُ‪T‬ري‪T‬دُ أن ي‪T‬نضمَّ إل‪T‬ى ال‪T‬صَّفِّ املس‪T‬لمِ‬
‫فِ‪T‬رارًا ب‪T‬دي‪T‬نِه مِ‪T‬ن أه‪T‬لِ ال‪T‬كفرِ مب‪T‬كَّةَ؛ ول‪T‬كنَّ ال‪T‬قُرش‪T‬ينيَ أرس‪T‬لُوا ف‪T‬ي ط‪T‬لبِه رَجُ‪T‬لَنيِ إل‪T‬ى رس‪T‬ولِ‬
‫اهللِ ص‪T‬لّى اهللُ ع‪T‬ليهِ وس‪T‬لَّمَ‪ ،‬ف‪T‬قاال ل‪T‬ه‪ :‬العه‪T‬دَ ال‪T‬ذي جَ‪T‬عَلْتَ ل‪T‬نا‪ ،‬ف‪T‬دف‪T‬عَه إل‪T‬ى ال‪T‬رَّجُ‪T‬لَنيِ‪..‬‬
‫أرأي‪T‬تَ مِ‪T‬ثلَ ه‪T‬ذا ال‪T‬وف‪T‬اءِ؟! إنّ‪T‬ه ي‪T‬ردُّ مُس‪T‬لِماً ج‪T‬اءَه إل‪T‬ى امل‪T‬دي‪T‬نةِ امل‪T‬نوَّرةِ‪ ،‬وامل‪T‬دي‪T‬نةُ أح‪T‬وجُ م‪T‬ا‬
‫ت‪TT‬كونُ إل‪TT‬ى ال ‪T‬رِّج‪TT‬الِ واجلُ ‪T‬نْدِ‪ ،‬وال ‪T‬رَّجُ ‪T‬لُ مُسْ ‪T‬لِمٌ ق‪TT‬د يُ ‪T‬فْنتَُ ف‪TT‬ي دِي ‪T‬نِه ويُ ‪T‬عَذَّبُ‪ ،‬وم‪TT‬ع ذل‪TT‬ك‬
‫يَردُّهُ؛ ألنَّ بُنودَ املعاهدةِ نصَّتْ على ذلكَ‪ ،‬وليس له إلَّا الوفاءُ‪.1‬‬
‫‪ 1‬ﺷﻮﻗﻲ أﺑﻮ ﺧﻠﯿﻞ‪ :‬ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص‪ ١٠٧١٢٣‬ﺑﺘﺼﺮف‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١١٨‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﻤَﺒﺤﺚُ اﻟﺜﺎﻟِ ُ‬
‫ﺚ‬
‫أﻧﻮاعُ اﻟﻤُﻔﺎوَﺿﺎتِ‬
‫املفاوضاتُ في اإلسالمِ كثيرةٌ‪ :‬منها املباشرةُ وغيرُ املباشرِة‪.‬‬
‫* أمّ‪T‬ا امل‪T‬فاوض‪T‬اتُ امل‪T‬باش‪T‬رةُ‪ :‬فه‪T‬يَ ال‪T‬تي ت‪T‬تمُّ ب‪T‬ني ال‪T‬طرف‪T‬نيِ امل‪T‬تنازِع‪T‬نيِ مِ‪T‬ن دونِ وس‪T‬طاء؛‬
‫مِثلُ‪:‬‬
‫ت‪T‬فاوُضِ ال‪T‬نبيِّ م‪T‬ع ب‪T‬ني ال‪T‬نضير؛ ح‪T‬يث خ‪T‬رجَ م‪T‬ع عَشَ‪T‬رَةٍ مِ‪T‬ن أص‪T‬حابِ‪T‬ه إل‪T‬ى ب‪T‬ني ال‪T‬نضيرِ‪،‬‬
‫يسألُهم املعونةَ في دِيَةِ قتيلَنيِ قتلهُما مُسلِمٌ خطأً‪،‬‬
‫ومُفاوضةِ النبيِّ في صُلْحِ احلديبيةِ مع مندوبِ قُريشٍ سُهيلِ بنِ عَمْروٍ‪،‬‬
‫ومُفاوضتِه عليه الصالةُ والسالمُ مع أبي سُفيانَ زعيمِ قُريشٍ في فتحِ مكَّةَ‪.‬‬
‫املُفاوَضاتُ غيرُ املباشرةِ‪:‬‬
‫فه ‪T‬يَ ال‪TT‬تي حت‪TT‬دثُ ب‪TT‬وس‪TT‬اط ‪T‬ةِ ش‪TT‬خصٍ‪ ،‬أو ج‪TT‬ماع ‪T‬ةٍ‪ ،‬أو ه‪TT‬يئةٍ دول‪TT‬يةٍ؛ لِ ‪T‬فَضِّ ال‪TT‬نزاعِ ف‪TT‬ي‬
‫مُشكلَةٍ من املشكالتِ؛ مِثلُ‪:‬‬
‫مُ‪T‬فاوَض‪T‬ةِ قُ‪T‬ري‪T‬شٍ م‪T‬ع ال‪T‬نبيِّ ص‪T‬لَّى اهللُ ع‪T‬ليهِ وس‪T‬لَّمَ ع‪T‬ن ط‪T‬ري‪T‬قِ جَ‪T‬دِّهِ أب‪T‬ي ط‪T‬ال‪T‬بٍ؛ لِيتخ‪T‬لَّى‬
‫النبيُّ عن دعوتِه اجلديدةِ إلى اهللِ تعالى‪.‬‬
‫وت‪T‬فاوُضِ ال‪T‬نبيِّ م‪T‬ع بُ‪T‬دي‪T‬لِ ب‪T‬نِ ورق‪T‬اءَ اخلُ‪T‬زاع‪T‬يِّ مِ‪T‬ن أه‪T‬لِ تِ‪T‬هام‪T‬ةَ؛ ح‪T‬يث أخ‪T‬برَ ال‪T‬نبيُّ ع‪T‬ن‬
‫اس‪T‬تعدادِ ق‪T‬ري‪T‬شٍ ل‪T‬لقتالِ ق‪T‬بلَ ص‪T‬لحِ احلُ‪T‬دي‪T‬بيةِ ف‪T‬قال ال‪T‬نبيُّ ص‪T‬لى اهلل ع‪T‬ليه وس‪T‬لمَّ‪) :‬إنّ‪T‬ا ل‪T‬م‬
‫جن‪T‬ئْ لِ‪T‬قتالٍ أح‪T‬دٍ؛ ول‪T‬كنْ جِ‪T‬ئنا مُ‪T‬عتَمِري‪T‬نَ‪ ،‬وإنّ قُ‪T‬ري‪T‬شاً ق‪T‬د ن‪T‬هكَتْهُم احل‪T‬ربُ‪ ،‬وأض‪T‬رَّ ب‪T‬هِم؛‬
‫فإنْ شاؤو أُمدِدْهُم مُدَّةً ويُخلُّوا بيني وبنيَ الناسِ‪.1‬‬
‫‪ 1‬د‪.‬وھﺒﺔ اﻟﺰﺣﯿﻠﻲ‪ :‬اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪١٢‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١١٩‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫وف‪T‬ي ال‪T‬سَّنَةِ اخل‪T‬امِ‪T‬سةِ الهِجْ‪T‬ري‪T‬ةِ ح‪T‬ني اش‪T‬تدَّ حِ‪T‬صارُ املش‪T‬رك‪T‬نيَ ل‪T‬لمدي‪T‬نةِ ف‪T‬ي غ‪T‬زوةِ اخل‪T‬ندقِ‬
‫أرادَ ال‪T‬نبيُّ أن يُ‪T‬رسِ‪T‬لَ لِ‪T‬عُيينَةَ ب‪T‬نِ حِ‪T‬صْنٍ‪ ،‬ويُ‪T‬صاحلَِ‪T‬ه ع‪T‬لى ثُ‪T‬لُثِ ثِ‪T‬مارِ امل‪T‬دي‪T‬نةِ ل‪T‬ينسحبَ‬
‫ب‪T‬غَطفانَ‪ ،‬وه‪T‬ذه م‪T‬فاوض‪T‬ةٌ غ‪T‬يرُ م‪T‬باش‪T‬رةٍ؛ ف‪T‬أب‪T‬ى األن‪T‬صارُ ذل‪T‬ك ق‪T‬ائِ‪T‬لنيَ‪ :‬ل‪T‬م ي‪T‬كونُ‪T‬وا ي‪T‬نالُ‪T‬وه‬
‫مِ‪T‬نّا ق‪T‬ليلٌ مِ‪T‬ن ث‪T‬مارِن‪T‬ا ون‪T‬حنُ ك‪T‬فَّارٌ؛ ف‪T‬أبَ‪T‬عْدَ اإلس‪T‬المِ يُ‪T‬شارك‪T‬ونَ‪T‬نا ف‪T‬يها‪ ،‬وف‪T‬ي ه‪T‬ذه ال‪T‬سَّنةِ‬
‫أي‪T‬ضاً ط‪T‬لبَ ي‪T‬هودُ ب‪T‬ني قُ‪T‬ري‪T‬ظةَ م‪T‬ن املس‪T‬لمنيَ ال‪T‬صلحَ‪ ،‬وت‪T‬فاوَض‪T‬وا م‪T‬عهُم م‪T‬ن ط‪T‬ري‪T‬قِ ال‪T‬رُّس‪T‬لِ‬
‫ع‪T‬لى أن ي‪T‬نزل‪T‬وا ع‪T‬لى م‪T‬نازلَ ع‪T‬ليهِ ي‪T‬هودِ ب‪T‬ني ال‪T‬نضيرِ مِ‪T‬ن اجلَ‪T‬الءِ ب‪T‬األم‪T‬والِ وتَ‪T‬رْكِ الس‪T‬الحِ‪،‬‬
‫ف‪T‬لمْ ي‪T‬قبَلِ ال‪T‬رَّس‪T‬ولُ ع‪T‬ليه ال‪T‬صالةُ والس‪T‬المُ؛ ف‪T‬طلبوا أن يُج‪T‬لُوا ب‪T‬أن‪T‬فسِهِم مِ‪T‬ن غ‪T‬يرِ م‪T‬الٍ وال‬
‫س‪T‬الحٍ‪ ،‬ف‪T‬لم ي‪T‬رضَ؛ ب‪T‬لْ ق‪T‬ال البُ‪T‬دَّ مِ‪T‬ن ال‪T‬نزولِ وال‪T‬رِّض‪T‬ا مب‪T‬ا يَ‪T‬حكُمُ ع‪T‬ليهِم )خ‪T‬يراً ك‪T‬ان أمْ‬
‫ش‪T‬رَّاً(‪ ،‬وف‪T‬ي ال‪T‬سَّنةِ ال‪T‬ثان‪T‬يةِ م‪T‬ن الهِجْ‪T‬رةِ ال‪T‬نبوي‪T‬ةِ أرس‪T‬لَ ي‪T‬هودُ ب‪T‬ني ق‪T‬ينقاعَ مُ‪T‬فوّض‪T‬نيَ ل‪T‬لنبيِّ‬
‫ع‪TT‬ليه ال‪TT‬صالةُ والس‪TT‬المُ ع‪TT‬لى أن يُخ ‪T‬لِّي س‪TT‬بيلَهُم ويَخ ‪T‬رُج‪TT‬وا مِ‪TT‬ن امل‪TT‬دي‪TT‬نةِ ولَ ‪T‬هُمُ ال ‪T‬نِّساءُ‬
‫وال ‪T‬ذُّرِّيَّ ‪T‬ةِ وللمس‪TT‬لمنيَ األم‪TT‬وال‪ ،‬ف ‪T‬قَبِلَ ذل‪TT‬ك ع‪TT‬ليهِ ال‪TT‬صالةُ والس‪TT‬المُ‪ ،‬ووكِّ‪TT‬ل ب‪TT‬جالئ ‪T‬هِم‬
‫عُ‪TT‬بادةُ ب ‪T‬نُ ال ‪T‬صَّامِ ‪T‬تِ رض ‪T‬يَ اهللُ ع‪TT‬نه وأمه ‪T‬لَهُم ث‪TT‬الثَ ل‪TT‬يالٍ‪ ،‬ف ‪T‬ذَه ‪T‬بُوا إل‪TT‬ى أذرع‪TT‬اتٍ ب‪TT‬لدٍ‬
‫بالشامِ‪ ،‬ولم ميضِ عليهِم احلولُ حتّى هلكُوا‪.‬‬
‫وف‪T‬ي ال‪T‬سَّنةِ ال‪T‬راب‪T‬عةِ أُرسِ‪T‬لَ مح‪T‬مّدُ ب‪T‬نُ مس‪T‬لمةَ ل‪T‬يهودِ ب‪T‬ني ال‪T‬نضيرِ ال‪T‬ذي‪T‬ن ن‪T‬قضُوا العه‪T‬دَ‬
‫لِ‪T‬يُفاوِضَ‪T‬هُم ع‪T‬لى اجل‪T‬الءِ ع‪T‬ن امل‪T‬دي‪T‬نةِ‪ ،‬ق‪T‬ائ‪T‬ال ل‪T‬هم‪ :‬اخ‪T‬رُجُ‪T‬وا مِ‪T‬ن ب‪T‬الدي ف‪T‬قَد ه‪T‬مَمْتُمْ مب‪T‬ا‬
‫هَمَمْتُمْ مِن الغَدرِ‪.1‬‬
‫ثالثاً‪ :‬أغراضُ املُفاوَضاتِ في اإلسالمِ‪:‬‬
‫للمفاوضةِ أهدافٌ وغاياتٌ في اإلسالمِ تختلفُ عن غيرِه‪.‬‬
‫‪ 1‬ﺷﻮﻗﻲ أﺑﻮ ﺧﻠﯿﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص‪ ١٠٧١٢٣‬ﺑﺘﺼﺮف‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٢٠‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ولعلَّ أهمَّها هو‪:‬‬
‫‪.۱‬‬
‫نش‪T‬رُ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ اإلس‪T‬الم‪T‬يِّ؛ م‪T‬ثلُ‪ :‬م‪T‬فاوض‪T‬ةِ ال‪T‬نبيِّ ع‪T‬ليهِ الس‪T‬المُ ق‪T‬بلَ الهج‪T‬رةِ م‪T‬ع‬
‫األوسِ واخلزرجِ‪ ،‬وما نتجَ عنها بيعتَي العقبةِ األولى والثانيةِ‪.‬‬
‫‪.۲‬‬
‫وق‪T‬د ت‪T‬كونُ ل‪T‬تبادُلِ األسْ‪T‬رى أو فِ‪T‬دائِ‪T‬هم ك‪T‬ما حَ‪T‬صَلَ م‪T‬ع أس‪T‬رى ب‪T‬درٍ‪ ،‬ومتَّ‬
‫االت‪TT‬فاقُ ع‪TT‬لى فِ‪TT‬داءِ األسْ‪TT‬رى أرب‪TT‬عةُ أالفِ دِرهَ ‪T‬مٍ ع‪TT‬ن كُ ‪T‬لِّ أس‪TT‬يرٍ‪ ،‬ومَ‪TT‬ن ل ‪T‬مْ‬
‫ي ‪T‬كُنْ م ‪T‬عَه فِ‪TT‬داءٌ وه‪TT‬و يُ‪TT‬حسِنُ ال‪TT‬قراءةَ وال‪TT‬كتاب ‪T‬ةَ ت‪TT‬عليمُ عَشْ‪TT‬رةِ غِ‪TT‬لمانٍ م‪TT‬ن‬
‫أهلِ املدينةِ‪.‬‬
‫‪.۳‬‬
‫وق‪T‬د ت‪T‬كونُ امل‪T‬فاوض‪T‬اتُ مِ‪T‬ن أج‪T‬لِ دفْ‪T‬عِ خَ‪T‬طَرٍ خ‪T‬ارج‪T‬يٍّ ع‪T‬ن ال‪T‬بالدِ اإلس‪T‬الم‪T‬يةِ؛‬
‫ول‪TT‬و بِ ‪T‬دَفْ ‪T‬عِ امل‪TT‬الِ؛ ك_)مُ‪TT‬عاه ‪T‬دَةِ ال‪TT‬صلحِ ب ‪T‬نيَ م‪TT‬عاوي ‪T‬ةَ ب ‪T‬نِ أب‪TT‬ي سُ‪TT‬فيانَ‬
‫وال‪T T‬رُّومِ(‪ ،‬لِ‪T T‬ظُروفٍ اق ‪TT‬تضَتْها ض ‪TT‬روراتُ ال ‪TT‬دف ‪TT‬اعِ ع ‪TT‬ن األُمّ‪T T‬ةِ اإلس ‪TT‬الم ‪TT‬يةِ‪،‬‬
‫واالنشغالِ بالفتنةِ الداخليةِ ‪.1‬‬
‫ورمبّ‪T‬ا ق‪T‬د ت‪T‬كونُ امل‪T‬فاوض‪T‬اتُ إلق‪T‬رارِ ع‪T‬الق‪T‬اتِ حُ‪T‬سْنِ اجلِ‪T‬وارِ‪ ،‬أو تنش‪T‬يطِ ال‪T‬تجارةِ وال‪T‬تبادُلِ‬
‫وغيرِ ذلك مِن املصالِح املشتركةِ‪.‬‬
‫ومِ‪TT‬ن أشه ‪T‬رِ امل‪TT‬فاوَض‪TT‬اتِ وال‪TT‬سفاراتِ ال‪TT‬عبَّاس ‪T‬يَّةِ اخل‪TT‬اصَّ ‪T‬ةِ ب‪TT‬إق‪TT‬رارِ الس‪TT‬المِ ب‪TT‬ني املس‪TT‬لمنيَ‬
‫والرومِ‪ :‬سفارةُ نصرِ بن األزهرِ إلى القُسطنطينيَّةِ سنة ‪۲٤٦‬ه ‪۸٦۱‬م‪.2‬‬
‫‪ 1‬وھﺒﺔ اﻟﺰﺣﯿﻠﻲ اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص‪.١٨‬‬
‫‪ 2‬وھﺒﮫ اﻟﺰﺣﯿﻠﻲ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ ص‪.٢٠‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٢١‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ومِ‪T‬ن أم‪T‬ثلةِ امل‪T‬فاوَض‪T‬اتِ م‪T‬ا ج‪T‬رى ب‪T‬ني اخل‪T‬ليفةِ ال‪T‬عبَّاس‪T‬يِّ ه‪T‬ارونَ ال‪T‬رش‪T‬يدِ رح‪T‬مَهُ اهللُ ت‪T‬عال‪T‬ى‪1‬‬
‫وم‪T‬لكِ ال‪T‬فِرجن‪T‬ةِ ش‪T‬ارملِ‪T‬انَ‪ ،‬وت‪T‬بادُلِ اله‪T‬داي‪T‬ا ال‪T‬ثمينةِ ب‪T‬ينهُم‪ ،‬وظ‪T‬لَّتْ ه‪T‬ذه ال‪T‬عالق‪T‬اتُ ع‪T‬الق‪T‬اتِ‬
‫صداقةٍ‪.‬‬
‫وف‪TT‬ي أغ‪TT‬لبِ األح‪TT‬والِ ت‪TT‬كونُ امل‪TT‬فاوض‪TT‬اتُ ل‪TT‬طلبِ إب‪TT‬رامِ ع‪TT‬قدِ ال‪TT‬صلحِ وامل‪TT‬هادَن ‪T‬ةِ‪ ،‬وإن‪TT‬هاءِ‬
‫ال‪T‬توتُّ‪T‬رِ ب‪T‬ني ال‪T‬شعوبِ‪ ،‬مِ‪T‬ثلما حَ‪T‬دَثَ ف‪T‬ي امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ إلب‪T‬رامِ ص‪T‬لحِ احل‪T‬دي‪T‬بيةِ ف‪T‬ي ال‪T‬سنةِ‬
‫السادسةِ الهجريةِ‪.‬‬
‫والبُ‪T‬دَّ أن ي‪T‬كونَ ه‪T‬ناك س‪T‬ببٌ ب‪T‬اع‪T‬ثٌ ع‪T‬لى ال‪T‬صلحِ أم‪T‬راً مش‪T‬روع‪T‬اً للمس‪T‬لِمنيَ؛ س‪T‬واءٌ ف‪T‬ي‬
‫ح‪T‬الِ ال‪T‬ضعفِ أو ال‪T‬قوَّةِ‪ ،‬ودل‪T‬يلُنا ف‪T‬ي ذل‪T‬ك أنّ ال‪T‬نبيَّ ه‪T‬ادنَ ص‪T‬فوانَ ب‪T‬نَ أُم‪T‬يَّةَ أرب‪T‬عةَ أشهُ‪T‬رٍ‬
‫عامَ الفتحِ‪ ،‬وأنّ النبيَّ فعلَ ذلك لرجاءِ إسالمِه فأسلمَ قبلَ مُضيِّ املدَّةِ ‪.2‬‬
‫اﻟﻤﻨﺼﻮر أﺑﻲ ﺟﻌﻔ َﺮ ﻋﺒﺪ ﷲِ ﺑﻦ ﻣﺤ ﱠﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠ ّﻲ ﺑﻦ‬
‫ھﻮ أﺑﻮ ﺟﻌﻔ َﺮ ھﺎرونُ ﺑﻦُ اﻟﻤﮭﺪيﱢ ****؟؟؟ﻣﺤ ّﻤﺪ ﺑﻦ‬
‫ِ‬
‫ﻋﺒ ِﺪ ﷲ ﺑﻦ ﻋﺒّﺎس اﻟﮭﺎﺷﻤ ّﻲ اﻟﻌﺒّﺎﺳ ّﻲ‪ ،‬ﻛﺎن ﻣﻮﻟﺪُه ﺑﺎﻟﺮي ﺣﯿﻦ ﻛﺎن أﺑﻮه أﻣﯿﺮاً ﻋﻠﯿﮭﺎ وﻋﻠﻰ ﺧﺮا ﺳﺎن ﻓﻲ َﺳﻨﺔ‬
‫ت‬
‫ُﺮفَ ﺑﺎﻟﺸﺠﺎﻋ ِﺔ واﻟﻘ ﱠﻮ ِة‪ ،‬وﻗﺎد اﻟﺤﻤﻼ ِ‬
‫ٍ‬
‫ﺛﻤﺎن وأرﺑﻌﯿﻦَ وﻣﺎﺋﺔ وأ ﱡﻣﮫ أ ﱡم وﻟ ٍﺪ ﺗﺴ ّﻤﻰ اﻟﺨﯿﺰران وھﻰ أ ﱡم اﻟﮭﺎدي‪ ،‬ﻋ ِ‬
‫ﺪ‬
‫ﻋﮭ‬
‫ﻓﻲ‬
‫وﻟﻢ‬
‫ﯾﺘﺠﺎوز اﻟﻌﺸﺮﯾﻦَ ‪ .‬اﻧﻈﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﺨﻄﯿﺐ ﺗﺎرﯾﺦ ﺑﻐﺪاد دار اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﯿﺮوت‪.‬‬
‫أﺑﯿﮫ‪،‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫‪1‬‬
‫‪ 2‬وھﺒﮫ اﻟﺰﺣﯿﻠﻲ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ ص‪٢١‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٢٢‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﻤَﺒﺤﺚُ اﻟﺮاﺑ ُ‬
‫ﻊ‬
‫اﻟﻤُﻌﺎﻫﺪاتُ ﻓﻲ اﻹﺳﻼمِ‬
‫أوَّالً‪ :‬تعريفُ املعاهدةِ وبعضُ املُصطلَحاتِ‪:‬‬
‫ت‪TT‬عري ‪T‬فُ امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ‪ :‬ع‪TT‬قدُ العه ‪T‬دِ ب‪TT‬ني ال‪TT‬فري‪TT‬قنيِ ع‪TT‬لى ش‪TT‬روطٍ ي‪TT‬لزم‪TT‬ونَ‪TT‬ها وه‪TT‬ي م‪TT‬وادع ‪T‬ةُ‬
‫املس‪T‬لمنيَ واملش‪T‬رك‪T‬نيَ سِ‪T‬ننيَ م‪T‬علوم‪T‬ةٍ‪1‬؛ ف‪T‬كلمةُ "العَه‪T‬دِ" ف‪T‬ي الش‪T‬ري‪T‬عةِ ل‪T‬ها م‪T‬عنىً أوس‪T‬عُ‬
‫مِ‪T‬ن ك‪T‬لمةِ العه‪T‬دِ ف‪T‬ي ال‪T‬قان‪T‬ونِ ال‪T‬وض‪T‬عيِّ؛ ألنّ‪T‬ها أس‪T‬اس‪T‬اً ات‪T‬فاقُ اإلرادتَ‪T‬نيِ ب‪T‬صرفِ ال‪T‬نظرِ ع‪T‬ن‬
‫الشكلِ أو اإلجراءِ‪ ،‬و)املعاهدةُ تُعَدُّ نوعاً مِن التعهُّدِ(‪.‬‬
‫وال‪T‬غرضُ األوّلُ مِ‪T‬ن امل‪T‬عاه‪T‬داتِ ف‪T‬ي اإلس‪T‬المِ‪ ،‬ه‪T‬و ت‪T‬ركُ ق‪T‬تالِ كُ‪T‬لٍّ مِ‪T‬ن ال‪T‬فري‪T‬قنيِ امل‪T‬تعاهِ‪T‬دي‪T‬نَ‬
‫ل‪TT‬آلخَ‪TT‬ر‪ ،‬وحُ ‪T‬رِّيَّ ‪T‬ةُ ال‪TT‬تعاونِ ب‪TT‬ينهما؛ ف ‪T‬مُظاهَ‪TT‬رةِ أح‪TT‬دهِ‪TT‬ما ل‪TT‬عدوِّ اآلخَ‪TT‬ر؛ أيّ‪ :‬م‪TT‬عاون ‪T‬تُه‬
‫ومساعدتُه على قتالِه‪ ،‬وما يتعلَّقُ به كمُباشَرتِه للقتالِ‪.‬‬
‫ومِ‪T‬ن ال‪T‬طبيعيِّ أن ي‪T‬ظلَّ م‪T‬فهومُ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ س‪T‬اري‪T‬اً م‪T‬ا ل‪T‬م ت‪T‬نتهِ؛ ك‪T‬ان‪T‬تهاءِ مُ‪T‬دَّتِ‪T‬ها‪ ،‬أو ع‪T‬دمِ‬
‫ت‪T‬نفيذِ شُ‪T‬روطِ‪T‬ها‪ ،‬أو ف‪T‬سخِ ال‪T‬طرفِ اآلخَ‪T‬ر ل‪T‬ها‪ ،‬أو ن‪T‬قضِها‪ ،‬واملس‪T‬لمونَ ي‪T‬لزمُ‪T‬هُم ال‪T‬وف‪T‬اءُ‬
‫بالعهدِ؛ لقولِه تعالى‪ :‬يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ‪)ۚ ‬املائدة ‪.2(۱:‬‬
‫أمّ‪TT‬ا ت‪TT‬عري ‪T‬فُ امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ ب‪TT‬امل‪TT‬عنى ال‪TT‬قان‪TT‬ون ‪T‬يِّ‪ :‬ه‪TT‬و ك ‪T‬لُّ ات‪TT‬فاقٍ يُ‪TT‬عقَدُ ب ‪T‬نيِ دُولٍ ب‪TT‬إرادتِ‪TT‬ها؛‬
‫إلخضاعِ عالقةٍ قانونيةٍ مُعيَّنةٍ لِقواعدَ قانونيَّةٍ مُحدَّدةٍ‪.3‬‬
‫وال ي‪TT‬ختلفُ ه‪TT‬ذا ال‪TT‬تعري ‪T‬فُ ع‪TT‬ن ت‪TT‬عري ‪T‬فِ امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ ع‪TT‬ند فُ‪TT‬قهاءِ املس‪TT‬لمنيَ م‪TT‬ادام أنّ‬
‫)االت‪TT‬فاقَ ه‪TT‬و أس‪TT‬اسُ امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ( غ‪TT‬يرَ أنّ االت‪TT‬فاقَ ع‪TT‬ند ال‪TT‬دول‪TT‬ينيِ م‪TT‬حصورٌ ب‪TT‬ني ال‪TT‬دولِ‬
‫‪ 1‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ﺷﺮح اﻟﺴﯿﺮ اﻟﻜﺒﯿﺮﻟﻠﺴﺮﺧﺴﻲ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ‪٤٦٠‬‬
‫‪ 2‬اﻟﻤﺎﺋﺪة اﻵﯾﺔ ‪١‬‬
‫‪ 3‬وھﺒﺔ اﻟﺰﺣﯿﻠﻲ آﺛﺎر اﻟﺤﺮب ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ‪٣٣٦‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٢٣‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫بحس‪T‬بِ ت‪T‬طوُّرِ ت‪T‬نظيمِ اجمل‪T‬تمعِ احل‪T‬دي‪T‬ثِ؛ أمّ‪T‬ا ل‪T‬دى ف‪T‬قهاءِ الش‪T‬ري‪T‬عةِ ف‪T‬إنّ امل‪T‬عاه‪T‬دةَ أوس‪T‬عُ‬
‫مدلوالً؛ إذ قد تكونُ مع قبيلةٍ أو بعضِ األقوامِ‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٢٤‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﻤَﺒﺤﺚُ اﻟﺨﺎﻣ ُ‬
‫ﺲ‬
‫ﻣَﺸﺮوﻋﻴﱠﺔُ اﻟﻤُﻌﺎﻫَﺪاتِ ﻓﻲ اﻹﺳﻼ ِ‬
‫م‬
‫ل‪T‬قد ك‪T‬ان‪T‬تِ امل‪T‬عاه‪T‬داتُ وم‪T‬ا زال‪T‬تِ األداةَ ال‪T‬طبيعيةَ ل‪T‬لعالق‪T‬اتِ الس‪T‬ياس‪T‬يةِ اخل‪T‬ارج‪T‬يةِ م‪T‬نذُ‬
‫ظهورِ الدولةِ اإلسالميةِ في املدينةِ املنوَّرةِ‪.‬‬
‫وجعلَ االلتزامَ بها كما قُلنا مِن مُستلزماتِ اإلميانِ الصحيحِ‪.‬‬
‫ون‪T‬قضُ امل‪T‬عاهَ‪T‬داتِ ل‪T‬يس مِ‪T‬ن ش‪T‬أنِ املس‪T‬لمِ‪ ،‬وه‪T‬و دل‪T‬يلٌ ع‪T‬لى خ‪T‬يان‪T‬ةِ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ ق‪T‬ال رس‪T‬ولُ اهللِ‬
‫ص‪T‬لّى اهللُ ع‪T‬ليهِ وس‪T‬لَّمَ‪) :‬لِ‪T‬كُلِّ غ‪T‬ادرٍ ل‪T‬واءٌ ي‪T‬ومَ ال‪T‬قيام‪T‬ةِ يُ‪T‬رفَ‪T‬عُ لَ‪T‬هُ بِ‪T‬قَدْرِ غَ‪T‬دْرَتِ‪T‬هِ؛ أال وال‬
‫غادِرَ أعظمُ مِن غَدْرِ أميرِ عامَّةٍ(‪.1‬‬
‫مشروعيةُ املعاهَداتِ‪:‬‬
‫ف‪T‬مِن ال‪T‬قرآنِ ال‪T‬كرميِ ق‪T‬ولُ‪T‬ه ت‪T‬عال‪T‬ى‪) :‬وَإِن جَ‪P‬نَحُواْ لِلسَّ‪P‬لْمِ فَ‪P‬اجْ‪P‬نَحْ لَ‪P‬هَا وَتَ‪P‬وَكَّ‪P‬لْ عَ‪P‬لَى اهللِّ‬
‫إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (‬
‫‪2‬‬
‫ف‪T‬في اآلي‪T‬ةِ ال‪T‬كرمي‪T‬ةِ دالل‪T‬ةُ مش‪T‬روع‪T‬يةٍ ع‪T‬لى امل‪T‬صاحلَ‪T‬ةِ وامل‪T‬وادَع‪T‬ةِ إذا ط‪T‬لبَها املش‪T‬رك‪T‬ونَ‪ ،‬وم‪T‬ال‪T‬وا‬
‫إل‪T‬يها‪ ،‬وإن ك‪T‬انَ ف‪T‬ي ال‪T‬صلحِ م‪T‬صلحةٌ ف‪T‬ال ب‪T‬أسَ أن ي‪T‬بدأَ ب‪T‬ه املس‪T‬لمونَ إذا ك‪T‬ان‪T‬وا ي‪T‬حتاج‪T‬ونَ‬
‫إليهِ‪.‬‬
‫وف‪TT‬ي ال ‪T‬سُّنّةِ ال‪TT‬نبوي ‪T‬ةِ وأح‪TT‬داثِ الس‪TT‬يرةِ وق‪TT‬ائ ‪T‬عُ ك‪TT‬ثيرةٌ ت‪TT‬دلُّ ع‪TT‬لى مش‪TT‬روع ‪T‬يَّةِ امل‪TT‬عاه‪TT‬داتِ‬
‫مبباشرةِ النبيِّ صلّى اهللُ عليه وسلّمَ واملسلِمنيَ مِن بعدِه‪،‬‬
‫‪ 1‬اﻟﺒﺨﺎري‪ :‬أﺑﻲ ﻋﺒﺪ ﷲ ﻣﺤ ّﻤ ُﺪ ﺑﻦُ إﺳﻤﺎﻋﯿ َﻞ اﻟﺒﺨﺎري ﺑﯿﺖ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ اﻟﺮﯾﺎض ‪١٩٨٥‬م رواه‬
‫اﻟﺒﺨﺎري ‪٣٤‬‬
‫‪ 2‬اﻷﻧﻔﺎل اﻵﯾﺔ ‪٦١‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٢٥‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫وأنّ امل‪PP‬قصودَ مِ‪PP‬ن مش‪PP‬روع‪PP‬يةِ املُ‪PP‬عاهَ‪PP‬داتِ ه‪PP‬و ال‪PP‬دع‪PP‬وةُ إل‪PP‬ى اإلس‪PP‬المِ ب‪PP‬أرقِّ ال‪PP‬طرقِ‬
‫وأروَعِها‪ ،‬وأسهلِها والتزامٍ ببعضِ أحكامِ املسلِمنيَ‪.‬‬
‫وأنّ ص‪T‬لحَ احل‪T‬دي‪T‬بيةِ ك‪T‬ان س‪T‬بباً الخ‪T‬تالطِ ال‪T‬كفَّارِ ب‪T‬املس‪T‬لمنيَ‪ ،‬وس‪T‬ماع‪T‬هِم ال‪T‬قرآنَ ال‪T‬كرميَ‪،‬‬
‫ودُخولِ عددٍ كبيرٍ في اإلسالمِ في زمنِ الهُدنةِ‪.1‬‬
‫‪ 1‬ﻋﺜﻤﺎن ﺿﻤﯿﺮﯾﺔ اﻟﻤﻌﺎھﺪات ﻓﻲ ﻓﻘﮫ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص‪٣٥‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٢٦‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﻤﺒﺤﺚُ اﻟﺴﺎدسُ‬
‫أﻧﻮاعُ اﻟﻤﻌﺎﻫﺪاتِ‬
‫امل‪TT‬عاه‪TT‬داتُ ب ‪T‬نيَ املس‪TT‬لمِنيَ وغ‪TT‬يرهِ‪TT‬م‪ ،‬ه‪TT‬ي بحس ‪T‬بِ ط‪TT‬بيعةِ ال‪TT‬عالق‪TT‬اتِ‪ ،‬إمّ‪TT‬ا )دائِ‪TT‬مةٌ‪ ،‬أو‬
‫مؤقَّتةٌ(‪.‬‬
‫* املعاهداتُ الدائمةُ‪:‬‬
‫مِ‪T‬ن امل‪T‬عاه‪T‬داتِ ال‪T‬دائ‪T‬مةِ ع‪T‬قدُ ال‪T‬ذِّمَّ‪T‬ةِ‪ :‬وه‪T‬و ال‪T‬عقدُ ال‪T‬ذي ي‪T‬حصلُ ب‪T‬ني الس‪T‬لطةِ املس‪T‬لمةِ‬
‫وأه‪T‬لِ ال‪T‬كتابِ‪ ،‬ون‪T‬حْوهِ‪T‬م‪ ،..‬وهِ‪T‬يَ م‪T‬قاب‪T‬لُ دَفْ‪T‬عِ جِ‪T‬زي‪T‬ةٍ وه‪T‬ي ض‪T‬ري‪T‬بةٌ ش‪T‬خصيَّةٌ ل‪T‬لتمتُّعِ‬
‫ب‪TT‬احل‪TT‬ماي ‪T‬ةِ‪ ،‬واإلع‪TT‬فاءِ م‪TT‬ن ب‪TT‬عضِ ال‪TT‬واج‪TT‬باتِ ف‪TT‬ي دارِ اإلس‪TT‬المِ؛ كـ )امل‪TT‬شارك ‪T‬ةِ ف‪TT‬ي ج‪TT‬هادِ‬
‫األعداء(‪.‬‬
‫* امل‪T‬عاه‪T‬داتُ امل‪T‬ؤقَّ‪T‬تةُ‪ :‬إن ك‪T‬ان‪T‬ت م‪T‬ع ع‪T‬ددٍ م‪T‬حَصورٍ ف‪T‬هو )األم‪T‬انُ(‪ ،‬وإن ك‪T‬ان‪T‬تْ م‪T‬ع ع‪T‬ددٍ‬
‫غ‪T‬يرِ م‪T‬حصورٍ إل‪T‬ى غ‪T‬اي‪T‬ةٍ مُح‪T‬دَّدةٍ فهِ‪T‬يَ )اله‪T‬دن‪T‬ةُ(‪ ،‬وه‪T‬ي "لُ‪T‬غةً"‪ :‬امل‪T‬صاحلَ‪T‬ةِ‪ ،‬و"ش‪T‬رع‪T‬اً"‪:‬‬
‫مُ‪T‬صاحلَ‪T‬ةُ أه‪T‬لِ احل‪T‬ربِ ع‪T‬لى ت‪T‬ركِ ال‪T‬قتالِ مُ‪T‬دَّةً مُ‪T‬عيَّنةً ب)عِ‪T‬وَضٍ‪ ،‬أو غ‪T‬يرِه(؛ س‪T‬واءٌ ف‪T‬يهِم‬
‫)مَن يُقَرُّ على دِينهِ‪ ،‬ومَن لمْ يُقَرَّ(‪.1‬‬
‫انعقادُ املعاهداتِ‬
‫أرك‪T‬انُ امل‪T‬عاه‪T‬داتِ ه‪T‬ي ك‪T‬سائ‪T‬رِ ال‪T‬عقودِ ف‪T‬ي ال‪T‬فقهِ اإلس‪T‬الم‪T‬يِّ وه‪T‬ي ال‪T‬صيغةُ ال‪T‬تي تُ‪T‬عبِّرُ ع‪T‬ن‬
‫رِضا الطَّرفَنيِ بها‪ ،‬وما يترتَّبُ عليها مِن آثارٍ‪ ،‬والصيغةُ قد تكونُ )دِاللةً‪ ،‬أو لفظاً(‪.‬‬
‫* اللفظُ‪ :‬فهو الذي يُعبِّرُ عن الصيغةِ املعبِّرَةُ عن رِضا الطرفنيِ‪.‬‬
‫‪ 1‬د‪ .‬وھﺒﺔ اﻟﺰﺣﯿﻠﻲ آﺛﺎر اﻟﺤﺮب ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪٣٤٣‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٢٧‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫* ال‪T‬دِّالل‪T‬ةُ؛ كـ)ال‪T‬فِعل‪ ،‬واإلش‪T‬ارةِ( ال‪T‬تي ت‪T‬كونُ بتح‪T‬ري‪T‬كِ عُ‪T‬ضوٍ م‪T‬ن أع‪T‬ضاءِ اإلن‪T‬سانِ أو‬
‫أكثرَ؛ للداللةِ على )الرِّضا‪ ،‬أو الرفضِ(‪.1‬‬
‫خامساً‪ :‬شروطُ املعاهدةِ‪.‬‬
‫أهليةُ إبرامِ املعاهداتِ‪.‬‬
‫األص‪T‬لُ ال‪T‬عامُّ وال‪T‬قاع‪T‬دةُ ال‪T‬عامَّ‪T‬ةُ‪ ،‬أن ي‪T‬تولّ‪T‬ى خ‪T‬ليفةُ املس‪T‬لمنيَ إب‪T‬رامَ امل‪T‬عاه‪T‬داتِ؛ ب‪T‬اع‪T‬تبارِه‬
‫مُعبِّراً عن إرادةِ األمَّةِ ومَصلحَتِها؛‬
‫ول‪T‬كنْ ه‪T‬ناكَ اس‪T‬تثناءاتٌ ف‪T‬ي ال‪T‬فقهِ اإلس‪T‬الم‪T‬يِّ ف‪T‬ي أه‪T‬ليةِ ع‪T‬قدِ األم‪T‬انِ؛ ألنّ ال‪T‬نبيَّ مح‪T‬مّداً‬
‫ع‪T‬ليه ال‪T‬صالةُ والس‪T‬المُ ق‪T‬ال‪):‬ي‪T‬سعَى بِ‪T‬ذِمَّ‪T‬تِهِمْ أدن‪T‬اهُ‪T‬م(‪ ،‬وق‪T‬ال ص‪T‬لى اهللُ ع‪T‬ليه وس‪T‬لَّمَ‪:‬‬
‫)قَ‪T‬دْ أجَ‪T‬رْن‪T‬ا مَ‪T‬ن أجَ‪T‬رْتِ ي‪T‬ا أمَّ ه‪T‬انِ‪T‬ئٍ(؛ إالّ أنّ ج‪T‬مهورَ ال‪T‬فقهاءِ األج‪T‬الّءِ ذه‪T‬بُوا إل‪T‬ى أنّ‪T‬ه‪:‬‬
‫)ال ت‪T‬صحُّ امل‪T‬عاه‪T‬دةُ إالّ أن ي‪T‬تولَّ‪T‬اه‪T‬ا احل‪T‬اكِ‪T‬مُ ب‪T‬نفسِه‪ ،‬أو ن‪T‬ائ‪T‬بِه ف‪T‬ي ج‪T‬هادِه ل‪T‬لكفارِ م‪T‬طلقاً(‬
‫وأف‪T T‬ضِّلُ ه ‪TT‬ذا ال ‪TT‬رأيَ وإل ‪TT‬يه أم ‪TT‬يلُ"أرجِّ‪T T‬حُ" وخ ‪TT‬صوص‪T T‬اً ف ‪TT‬ي ه ‪TT‬ذه األي ‪TT‬امِ وه ‪TT‬و األق ‪TT‬ربُ‬
‫للصوابِ؛ لئلَّا تعُمَّ الفوضى ويحلَّ اخلرابُ بني املسلمنيَ‪.‬‬
‫أمّ‪P‬ا ال‪P‬رِّض‪P‬ا‪ :‬إذا ك‪T‬ان ش‪T‬رطُ ال‪T‬رض‪T‬ا ف‪T‬ي ال‪T‬عقودِ مبِ‪T‬ا ف‪T‬يه امل‪T‬عاه‪T‬داتُ؛ ف‪T‬إنّ فُ‪T‬قدانَ ال‪T‬رض‪T‬ا‬
‫س‪T‬ببٌ واح‪T‬دٌ مِ‪T‬ن عُ‪T‬يوبِ‪T‬ه؛ كـ)اإلك‪T‬راه‪ ،‬وال‪T‬غلطِ( ال يُ‪T‬بطِلُ األه‪T‬ليةِ ل‪T‬لتعاق‪T‬دِ؛ ول‪T‬كنَّهُ يُ‪T‬ؤثِّ‪T‬رُ‬
‫ف‪T‬ي ال‪T‬عقدِ‪ ،‬وي‪T‬جعلُه ع‪T‬ند احل‪T‬نفيةِ ع‪T‬قداً ف‪T‬اس‪T‬داً؛ ف‪T‬ال‪T‬رض‪T‬ا ع‪T‬ند )احل‪T‬نفيّةِ( ل‪T‬يس )رُك‪T‬ناً‪،‬‬
‫وال شَرطاً( النعقادِ املعاهدةِ؛ وإمنّا هو شرطٌ لِصحَّتِها‪.‬‬
‫‪ 1‬ﻋﺜﻤﺎن ﺿﻤﯿﺮﯾﺔ اﻟﻤﻌﺎھﺪات ﻓﻲ ﻓﻘﮫ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪٣٤‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٢٨‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫أم‪T‬ا ع‪T‬ند )اجل‪T‬مهورِ( ف‪T‬قد ذه‪T‬بُوا إل‪T‬ى ف‪T‬قدانِ ال‪T‬رِّض‪T‬ا‪ ،‬وي‪T‬جعلُ ال‪T‬عقدَ )ب‪T‬اطِ‪T‬الً‪ ،‬أو ف‪T‬اس‪T‬داً(‬
‫وامل‪T‬عنى ع‪T‬ندهُ‪T‬م واح‪T‬دٌ؛ أيّ غ‪T‬يرُ مُ‪T‬نعقِدٍ‪ ،‬وال ي‪T‬ترتَّ‪T‬بُ ع‪T‬ليه أث‪T‬رٌ‪ ،‬وال يَ‪T‬قبلُ اإلج‪T‬ازةَ إذا‬
‫زال اإلكراهُ ‪.1‬‬
‫شروطُ املصلحةِ أو الباعثُ على التعاقُدِ‪:‬‬
‫* يُش ‪TT‬ترَطُ أن ي ‪TT‬كونَ ال ‪TT‬باع‪T T‬ثُ ف ‪TT‬ي امل ‪TT‬عاه ‪TT‬دةِ م ‪TT‬صلحةَ املس ‪TT‬لمنيَ كـ )أن ي ‪TT‬كونَ ف ‪TT‬ي‬
‫املس ‪TT‬لمنيَ ضَ‪T T‬عْفٌ‪ ،‬وخ ‪TT‬افَ املس‪T T‬لِمونَ ع ‪TT‬لى أن ‪TT‬فسِهُمُ اله ‪TT‬الكَ؛ إذ ال ق‪T T‬وَّةَ ل ‪TT‬هم ع ‪TT‬لى‬
‫األعداءِ(‪ ،‬أو )أرادَ اإلمامُ تأليفَ قلوبهِم بذلك حتّى يدخُلوا اإلسالمَ(‪.‬‬
‫* أنْ تخ ‪P‬لُو مِ‪PP‬ن ش‪PP‬رطٍ ف‪PP‬اس ‪P‬دٍ؛ ل‪TT‬قولِ‪TT‬ه ع‪TT‬ليه ال‪TT‬صالةُ والس‪TT‬الم‪" :‬كُ ‪T‬لُّ شَ‪TT‬رطٍ ل‪TT‬يسَ ف‪TT‬ي‬
‫كتابِ اهللِ فهُوَ باطِلٌ"‪.‬‬
‫مَش‪P‬روع‪P‬يةُ مح‪P‬لِّ امل‪P‬عاه‪P‬دةِ‪ :‬يُش‪T‬ترطُ لِ‪T‬صِحّةِ امل‪T‬وادَع‪T‬ةِ‪ ،‬أو امل‪T‬عاه‪T‬دةِ أن ي‪T‬كونَ )مح‪T‬لُّها‪،‬‬
‫أو م‪T‬وض‪T‬وعُ‪T‬ها( مش‪T‬روع‪T‬اً؛ ف‪T‬ال تُ‪T‬صادِمَ )نَ‪T‬صّاً أو حُ‪T‬كْماً ش‪T‬رع‪T‬يَّاً ث‪T‬اب‪T‬تاً(‪ ،‬وأالّ ي‪T‬كونَ ف‪T‬يها‬
‫تفسيرٌ لألوضاعِ الشرعيةِ؛ ألنّ في هذا التعبيرِ خُروجاً على الشريعةِ وأحكامِها‪.2‬‬
‫شرطُ املُدَّةِ‪:‬‬
‫مِ‪T‬ن ش‪T‬روطِ امل‪T‬عاه‪T‬دةِ أن ت‪T‬كونَ م‪T‬ؤقَّ‪T‬تةً مب‪T‬دَّةٍ مُ‪T‬عيَّنةٍ؛ س‪T‬واءٌ أك‪T‬ان‪T‬تْ )ط‪T‬وي‪T‬لةً‪ ،‬أم ق‪T‬صيرةً(؛‬
‫وذلك لبيانِ سريانِ املعاهدةِ وااللتزامِ بها‪ ،‬وال يُتيحُ ذلكَ إالّ ببيانِ تلك املدَّةِ‪.‬‬
‫املعاهدةُ املؤبَّدةُ‪:‬‬
‫‪ 1‬د‪ :‬وھﺒﺔ اﻟﺰﺣﯿﻠﻲ اﻟﻔﻘﮫ اﻹﺳﻼﻣﻲ وأدﻟﺘﮫ دار اﻟﻔﻜﺮ دﻣﺸﻖ ط ‪ ٤‬ﻣﻌﺪﻟﺔ ‪١٩٩٧‬م ‪٣٠٦٤ /٤‬‬
‫‪ 2‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ﺷﺮح اﻟﺴﯿﺮ اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ‪٥١٦٩٠‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٢٩‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ف‪T‬قد أج‪T‬معَ ال‪T‬علماءُ ع‪T‬لى‪ :‬أنّ م‪T‬وادَع‪T‬ةَ أه‪T‬لِ الش‪T‬ركِ م‪T‬ن عَ‪T‬بَدَةِ األوث‪T‬انِ ومُ‪T‬صاحلَ‪T‬ةِ أه‪T‬لِ‬
‫الكتابِ غيرُ جائزةٍ‪ ،‬غيرُ جائزةٍ لألبدِ باطلةٌ إذا كان للمسلمنيَ قوَّةٌ على حربهِم(‪.1‬‬
‫واألص‪T‬لُ ف‪T‬ي ال‪T‬توق‪T‬يتِ‪ :‬أنّ ال‪T‬نبيَّ ص‪T‬ال‪T‬حَ أه‪T‬لَ م‪T‬كَّةَ ع‪T‬امَ احل‪T‬دي‪T‬بيةِ ع‪T‬لى أنْ وَضَ‪T‬عَ احل‪T‬ربَ‬
‫بينهُم عشْرَ سِنني‪.2‬‬
‫وامل‪T‬دَّةُ عش‪T‬رُ س‪T‬نواتٍ ليس‪T‬تْ ل‪T‬ها ع‪T‬الق‪T‬ةٌ ب‪T‬امل‪T‬عاهَ‪T‬دةِ؛ ب‪T‬ل ذل‪T‬ك مُ‪T‬فوَّضٌ ل‪T‬رأي اإلم‪T‬امِ وم‪T‬ا ي‪T‬راهُ‬
‫م‪T‬ن م‪T‬صلحةٍ؛ ف‪T‬قد ت‪T‬كونُ امل‪T‬صلحةُ ف‪T‬ي جت‪T‬اوُزِ امل‪T‬دَّةِ‪ ،‬ورمبّ‪T‬ا ت‪T‬كونُ امل‪T‬صلحةُ ف‪T‬ي أق‪T‬لَّ مِ‪T‬ن‬
‫هذه املدَّةِ‪.‬‬
‫كتابةُ املعاهَدةِ حتريرُها‪:‬‬
‫وه‪TT‬ي مِ‪TT‬ن أه ‪T‬مِّ م‪TT‬راح ‪T‬لِ ت‪TT‬كوي ‪T‬نِ امل‪TT‬عاه‪TT‬داتِ ف‪TT‬إنَّ ال‪TT‬كتاب ‪T‬ةَ ه‪TT‬ي مب‪TT‬ثاب ‪T‬ةِ ش‪TT‬هادةِ م‪TT‬يالدِ‬
‫املعاهدةِ‪.‬‬
‫وال‪T‬كتاب‪T‬ةُ وإنْ ل‪T‬م ت‪T‬كُنْ ش‪T‬رط‪T‬اً ف‪T‬ي ص‪T‬حةِ ال‪T‬عقودِ ف‪T‬ي الش‪T‬ري‪T‬عةِ وال واج‪T‬باً ف‪T‬يها؛ إالّ أنّ ف‪T‬يها‬
‫ت‪T‬وث‪T‬يقاً‪ ،‬وت‪T‬ذك‪T‬يراً‪ ،‬وق‪T‬طعاً ل‪T‬لنزاعِ ف‪T‬يما متَّ االت‪T‬فاقُ ع‪T‬ليهِ وإل‪T‬يه ذه‪T‬بَ اإلم‪T‬امُ مح‪T‬مَّدُ ب‪T‬نُ‬
‫احل‪T‬سنِ الش‪T‬يبان‪T‬يِّ ق‪T‬ال‪) :‬إذا ت‪T‬وادعَ املس‪T‬لِمونَ واملش‪T‬رِك‪T‬ونَ سِ‪T‬ننيَ م‪T‬علوم‪T‬ةً ف‪T‬إنّ‪T‬ه ي‪T‬نبغي أن‬
‫ي‪T‬كتبُوا ب‪T‬ذل‪T‬ك ك‪T‬تاب‪T‬اً؛ ألنّ ه‪T‬ذا ع‪T‬قدٌ مي‪T‬تدُّ‪ ،‬وال‪T‬كتابُ ف‪T‬ي م‪T‬ثلِه م‪T‬أم‪T‬ورٌ ب‪T‬ه ش‪T‬رع‪T‬اً‪ 3‬ق‪T‬ال اهللُ‬
‫تعالى‪) :‬إذا تدايَنْتُمْ بِدَينٍ إلى أجَلٍ مُسَمَّىً فاكْتُبُوهُ(‪.4‬‬
‫وال‪T‬رَّس‪T‬ولُ مح‪T‬مّدٌ ع‪T‬ليه ال‪T‬صالةُ والس‪T‬المُ أم‪T‬رَ ب‪T‬كتاب‪T‬ةٍ ف‪T‬ي امل‪T‬عام‪T‬لةِ ب‪T‬ينَه وب‪T‬نيَ املش‪T‬رك‪T‬نيَ‪،‬‬
‫والناسُ تعامَلُوا على ذلكَ حتّى يومِنا هذا‪.‬‬
‫‪ 1‬اﻟﻤﻌﺎھﺪات ﻋﻨﺪ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ﻋﺜﻤﺎن ﺿﻤﯿﺮﯾﺔ ص‪٦٧٤‬‬
‫‪ 2‬ﻣﺤﻤﺪ ﺣﻤﯿﺪ ﷲ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﻟﻠﻌﮭﺪ اﻟﻨﺒﻮي دار اﻟﻨﻔﺎﺋﺲ ‪١٩٨٥‬ﻣﺺ‪٣٨‬‬
‫‪ 3‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ﺷﺮح اﻟﺴﯿﺮ اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻟﻠﺴﺮ ﺧﺴﻲ ‪١٧٨٠\ ٥‬‬
‫‪ 4‬ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة اﻵﯾﺔ ‪٢٨٢‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٣٠‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫التصديقُ‪:‬‬
‫ميُ‪T‬ثِّلُ ال‪T‬تصدي‪T‬قُ ع‪T‬لى امل‪T‬عاه‪T‬دةِ امل‪T‬رح‪T‬لةَ ال‪T‬نهائ‪T‬يةَ ل‪T‬الرت‪T‬باطِ ب‪T‬ها ع‪T‬لى ال‪T‬صعيدِ ال‪T‬دول‪T‬يِّ‪ ،‬وف‪T‬ي‬
‫ال‪T‬قان‪T‬ونِ ال‪T‬دول‪T‬يِّ احل‪T‬دي‪T‬ثِ‪ :‬إج‪T‬راءٌ ب‪T‬قَصدِ احل‪T‬صولِ ع‪T‬لى إق‪T‬رارِ الس‪T‬لطاتِ اخمل‪T‬تَصَّةِ داخ‪T‬لَ‬
‫الدولةِ للمعاهدةِ التي متَّ التوقيعُ عليها‪.‬‬
‫وق‪T‬ال اإلم‪T‬امُ مح‪T‬مَّدٌ الش‪T‬يبان‪T‬يُّ رح‪T‬مهُ اهللُ‪:‬إل‪T‬ى إنَّ األص‪T‬لَ أنّ اإلم‪T‬امَ إذا ع‪T‬اه‪T‬دَ ب‪T‬نفْسِه أو‬
‫ن‪T‬ائ‪T‬بِه؛ ف‪T‬إنّ‪T‬ها ال حت‪T‬تاجُ إل‪T‬ى ال‪T‬تصدي‪T‬قِ؛ ألنّ ال‪T‬تأم‪T‬يرَ ي‪T‬قتضي أن ي‪T‬كونَ فِ‪T‬عْلُ األم‪T‬يرِ ك‪T‬فعلِ‬
‫املأمورِ نفْسِه ‪.1‬‬
‫و أرى وج‪T‬وبَ ال‪T‬تصدي‪T‬قِ مِ‪T‬ن أج‪T‬لِ احل‪T‬فاظِ ع‪T‬لى احل‪T‬قوقِ‪ ،‬وت‪T‬بيُّنِ ال‪T‬واج‪T‬باتِ وال‪T‬عملِ م‪T‬ن‬
‫أجلِ تطبيقِ هذه املعاهدة‪.‬‬
‫التحفُّظُ على املعاهداتِ‪:‬‬
‫ال جنِدُ في كتبِ الفقهِ اإلسالميِّ عنواناً باسم "التحفُّظِ على املعاهداتِ"؛‬
‫وإنَّ‪T‬ما يَ‪T‬عقدُ ال‪T‬فقهاءُ األج‪T‬لَّاءُ )ف‪T‬صالً‪ ،‬أو مَ‪T‬بحثاً( للش‪T‬روطِ ف‪T‬ي ال‪T‬عقدِ وال‪T‬تي يُ‪T‬سمُّونَ‪T‬ها‬
‫"الشروطَ اجلَعْلِيَّةَ"‪.‬‬
‫ويُ‪TT‬قسَمُ الش‪TT‬رطُ ال‪TT‬ذي يَ‪TT‬قترِنُ ب‪TT‬ال‪TT‬عقدِ ع‪TT‬ند احل‪TT‬نفيةِ إل‪TT‬ى ش‪TT‬رطٍ )ص‪TT‬حيحٍ‪ ،‬وف‪TT‬اس ‪T‬دٍ‪،‬‬
‫وباطلٍ(‪.‬‬
‫الش‪T‬رطُ ال‪T‬صحيحُ‪:‬م‪T‬ا ك‪T‬ان مِ‪T‬ن )م‪T‬قتضى ال‪T‬عقدِ‪ ،‬أو م‪T‬ؤكِّ‪T‬داً ملُِ‪T‬قتضاهُ‪ ،‬أو مُ‪T‬قرِّراً ل‪T‬ه‪،‬أو‬
‫يُثبِتُ صِحَّتَه شرعاً‪ ،‬أو جَرى العُرْفُ به(‪ ،‬والشرطُ الصحيحُ الزمُ الوفاءِ به‪.‬‬
‫‪ 1‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ﺷﺮح اﻟﺴﯿﺮ اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻟﻠﺴﺮ ﺧﺴﻲ ‪٢١٨٠ ٥‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٣١‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫الش‪TT‬رطُ ال‪TT‬باط ‪T‬لُ‪) :‬م‪TT‬ا ل‪TT‬يس مُ‪TT‬وافِ‪TT‬قاً ملُِ‪TT‬قتضى ال‪TT‬عقدِ‪ ،‬وال مُ‪TT‬ؤكِّ‪TT‬داً ل‪TT‬ه‪ ،‬أو خ‪TT‬ال ‪T‬فَ ن ‪T‬صَّاً‬
‫شرعيّاً(‪.‬‬
‫الش‪TT‬رطُ ال‪TT‬فاس ‪T‬دُ‪*) :‬م‪TT‬ا ل‪TT‬م ي ‪T‬كُن مِ‪TT‬ن م‪TT‬قتضَى ال‪TT‬عقدِ‪* ،‬وال م ‪T‬ؤُكِّ‪TT‬داً ملُِ‪TT‬قتضاهُ‪* ،‬وال‬
‫جَ‪T‬رى ال‪T‬عُرفُ ب‪T‬ه‪* ،‬وال وَرَدَ ب‪T‬ه ال‪T‬نصُّ و*ك‪T‬ان ف‪T‬يه م‪T‬نفعةٌ ألح‪T‬دِ امل‪T‬تعاقِ‪T‬دي‪T‬نِ ال يُ‪T‬قابِ‪T‬لُها‬
‫ش‪TT‬يءٌ ف‪TT‬ي ال‪TT‬عقدِ ل‪TT‬لطرفِ اآلخَ‪TT‬ر(‪ ،‬وه‪TT‬ذا ال‪TT‬نوعُ م‪TT‬ن الش‪TT‬روطِ ي‪TT‬كونُ ال‪TT‬عقدُ ص‪TT‬حيحاً‬
‫ويُعتبرُ الشرطُ باطالً‪.1‬‬
‫انتهاءُ املعاهدةِ‪:‬‬
‫تنته‪T‬ي امل‪T‬عاه‪T‬دةُ امل‪T‬ؤقَّ‪T‬تةُ ب‪T‬وق‪T‬تٍ م‪T‬علومٍ ب‪T‬ان‪T‬تهاءِ ال‪T‬وق‪T‬تِ م‪T‬ن غ‪T‬يرِ ح‪T‬اج‪T‬ةٍ إل‪T‬ى نَ‪T‬بْذٍ‪ ،‬أو إع‪T‬المٍ‬
‫للطرفِ اآلخَر‪.‬‬
‫)وإنْ ن‪T‬صَّتِ امل‪T‬دَّةُ ف‪T‬قد انتهَ‪T‬تِ امل‪T‬وادَع‪T‬ةُ‪ ،‬وح‪T‬الَ ق‪T‬تال‪T‬هِم ب‪T‬غيرِ ن‪T‬بْذِ األم‪T‬انِ؛ إالّ أنّ مَ‪T‬ن ك‪T‬انَ‬
‫مِ‪T‬نهُم ف‪T‬ي دارِن‪T‬ا ب‪T‬تلكَ امل‪T‬وادَع‪T‬ةِ ف‪T‬هو آمِ‪T‬نٌ‪ ،‬وإنْ مَ‪T‬ضَتِ امل‪T‬دَّةُ ح‪T‬تّى ي‪T‬عودَ إل‪T‬ى م‪T‬أم‪T‬نِه؛ ألنّ‪T‬ه‬
‫حصلَ في دارِنا أمناً فما يبلغُ مأمنُه ال يرتفعُ ذلك األمانُ (‪2‬‬
‫انقضاءُ املعاهدةُ باتفاقِ الطرفنيِ على إنهاءِها‪:‬‬
‫انقضاءُ املعاهدةِ بنقضِها من الطرفِ اآلخَر‪:‬‬
‫تنتهي املعاهدةُ إذا انتقضَتْ من طرفِ األعداءِ صراحةً أو داللةً بأحدِ األمرَينِ‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬بالقيامِ بأعمالِ تُعتبَرُ نقضاً‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬مُخالفتُهم شروطَ املعاهدةِ‪ ،‬واإلخاللُ بها‪.‬‬
‫إنَّ املعاهِدينَ إذا نقضُوا العهدَ يجوزُ للمسلمنيَ أن يُقاتلُوهُم دونَ )نبْذٍ‪ ،‬أو إعالمٍ(‪.‬‬
‫‪ 1‬ﻋﺜﻤﺎن ﺿﻤﯿﺮﯾﺔ اﻟﻤﻌﺎھﺪات ﻓﻲ ﻓﻘﮫ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ص ‪١١٠‬‬
‫‪ 2‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ﺷﺮح ‪١٧١٠\٥‬اﻟﺴﯿﺮ اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻟﻠﺴﺮﺧﺴﻲ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٣٢‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫وي‪TT‬قولُ اإلم‪TT‬امُ مح ‪T‬مَّدُ الش‪TT‬يبان ‪T‬يُّ رح‪TT‬مهُ اهللُ ‪ :‬إذا ك‪TT‬ان ال‪TT‬نقضُ م‪TT‬ن ق‪TT‬بلهُم إمّ‪TT‬ا ب ‪T‬جُندٍ‬
‫أرس‪TT‬لوهُ‪TT‬م ل‪TT‬قتالِ املس‪TT‬لمنيَ‪ ،‬أو ب‪TT‬رس‪TT‬ولٍ أرس ‪T‬لُوه إل‪TT‬ى اإلم‪TT‬امِ ي‪TT‬نبذونَ إل‪TT‬يه ف‪TT‬ال ب‪TT‬أسَ‬
‫للمس‪T‬لمنيَ ه‪T‬نا أن يُ‪T‬غيُروا ع‪T‬لى أط‪T‬رافِ ب‪T‬الدهِ‪T‬م وإنْ عَ‪T‬لِمُوا أنّ اخل‪T‬برَ ل‪T‬م ي‪T‬صلْ إل‪T‬يهِم؛‬
‫ألنّ النقضَ جاءَ مِن قِبَلِهِمْ ‪.1‬‬
‫ودل‪T‬يلُ ذل‪T‬كَ‪ :‬أنّ أه‪T‬لَ م‪T‬كَّةَ ملَّ‪T‬ا بَ‪T‬دؤوا ق‪T‬تالَ ال‪T‬نبيِّ ف‪T‬ي ص‪T‬لحِ احل‪T‬دي‪T‬بيةِ ق‪T‬بلَ مُ‪T‬ضيِّ امل‪T‬دَّةِ؛‬
‫ح‪T‬يث ع‪T‬اون‪T‬تْ ق‪T‬ري‪T‬شٌ ب‪T‬ني بَ‪T‬كرٍ ع‪T‬لى "خُ‪T‬زاع‪T‬ةَ" ال‪T‬ذي‪T‬ن هُ‪T‬مْ حُ‪T‬لفاءُ ال‪T‬نبيِّ ص‪T‬لّى اهللُ ع‪T‬ليهِ‬
‫وس‪TT‬لمَّ‪ .‬ق‪TT‬ات ‪T‬لَهُم ال‪TT‬نبيُّ ول‪TT‬م يَ ‪T‬نْبِذْ إل‪TT‬يهِمْ؛ ب ‪T‬لْ س‪TT‬ألَ اهللَ ت‪TT‬عال‪TT‬ى أنْ يُ‪TT‬عمِي ع‪TT‬ليهِم ح ‪T‬تّى‬
‫يَبْلُغُهُم‪.‬‬
‫اإلخ‪TT‬اللُ بش‪TT‬روطِ امل‪TT‬عاهَ‪TT‬دةِ‪ :‬يُ‪TT‬عتبَرُ ع‪TT‬دمُ ال‪TT‬وف‪TT‬اءِ ب‪TT‬الش‪TT‬روطِ ال‪TT‬تي اتَّ‪TT‬فقَ ع‪TT‬ليها ال‪TT‬طرف‪TT‬انِ‬
‫خُروجاً على املعاهدةِ ونقضاً لها يُبيحُ للمُسلِمنيَ قِتالَهُم دونَ نبذٍ إليهِم‪.‬‬
‫ق‪T‬ال اإلم‪T‬امُ مُح‪T‬مَّدُ ب‪T‬نُ احل‪T‬سَنِ الش‪T‬يبان‪T‬يِّ رح‪T‬مه اهلل ت‪T‬عال‪T‬ى‪) :‬إذا أمِ‪T‬نَ املس‪T‬لمونَ رَجُ‪T‬الً‬
‫ع‪T‬لى أنْ يَ‪T‬دُلَّ‪T‬هُم ع‪T‬لى ك‪T‬ذا وال يَ‪T‬خُونَ‪T‬هُم؛ ف‪T‬إنْ خ‪T‬انَ‪T‬هُمْ فَ‪T‬هُمْ ف‪T‬ي حِ‪T‬لَّةٍ مِ‪T‬ن قَ‪T‬تْلِه‪ ،‬فَخَ‪T‬رَجَ‬
‫ع‪T‬ليهِم مِ‪T‬ن م‪T‬دي‪T‬نتِه أو حُ‪T‬صْنِه‪ ،‬ع‪T‬لى ذل‪T‬ك ح‪T‬تِّى ص‪T‬ارَ ف‪T‬ي أي‪T‬دي‪T‬هِم‪ ،‬ثُ‪T‬مَّ خ‪T‬انَ‪T‬هُم‪ ،‬أو ل‪T‬مْ‬
‫يَ‪T‬دُلَّ‪T‬هُمْ ف‪T‬اس‪T‬تبانَ‪T‬تْ ل‪T‬هم خِ‪T‬يانَ‪T‬تُه فَ‪T‬قَدْ بَ‪T‬رِئ‪T‬تْ مِ‪T‬نْه ال‪T‬ذِّمَّ‪T‬ةُ‪ ،‬وص‪T‬ارَ ال‪T‬رأيُ ف‪T‬يه إل‪T‬ى اإلم‪T‬امِ إنْ‬
‫شاءَ قَتَلِهِ‪ ،‬وإنْ شاءَ جَعَلَهُ فَيئاً؛ ألنَّ الشرطَ جَرى بينهُم(‪.2‬‬
‫‪ 1‬ﺷﺮح اﻟﺴﯿﺮ اﻟﻜﺒﯿﺮ ‪١٦٩٨\٥‬‬
‫‪ 2‬ﺷﺮح اﻟﺴﯿﺮ اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻟﻠﺴﺮ ﺧﺴﻲ ‪٢٧٨\١‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٣٣‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫وق‪T‬ال اإلم‪T‬امُ ال‪T‬شاف‪T‬عيُّ رح‪T‬مَه اهللُ ت‪T‬عال‪T‬ى إذا ج‪T‬اءتْ دِالل‪T‬ةً ع‪T‬لى أنَّ أه‪T‬لَ الهُ‪T‬دنَ‪T‬ةِ ل‪T‬م يُ‪T‬وفُ‪T‬وا‬
‫بج‪T‬ميعِ م‪T‬ا ه‪T‬ادَنَ‪T‬هُم ع‪T‬ليه فَ‪T‬لَهُ أن يَ‪T‬نبذَ إل‪T‬يهِم‪ ،‬ثُ‪T‬مَّ يُ‪T‬حارِب‪T‬هُمْ كَ‪T‬مَنْ ال هُ‪T‬دنَ‪T‬ةَ ل‪T‬ه؛ إالّ أنّ‪T‬ه ال‬
‫يَفعَلُ ذلكَ إالّ بعدَ أن يُبلغَهُم مأمنَهُم(‪.1‬‬
‫أمّ‪TT‬ا ف‪TT‬ي ال‪TT‬قان‪TT‬ونِ احل‪TT‬دي ‪T‬ثِ فَ ‪T‬يُعتَبرُ اإلخ‪TT‬اللُ ف‪TT‬ي أح‪TT‬كامِ امل‪TT‬عاهَ‪TT‬داتِ س‪TT‬بباً ك‪TT‬اف‪TT‬ياً يُ‪TT‬سوِّغُ‬
‫إن‪T‬هاءَه‪T‬ا‪ ،‬أو وقْ‪T‬فَها مِ‪T‬ن ج‪T‬ان‪T‬بِ ال‪T‬طرفِ اآلخَ‪T‬ر‪ ،‬ويُس‪T‬تثنَى مِ‪T‬ن ذل‪T‬كَ م‪T‬ا ي‪T‬تعلَّقُ بح‪T‬ماي‪T‬ةِ‬
‫حقوقِ اإلنسانِ املقرَّرةِ مبقتضى املعاهَداتِ ‪.2‬‬
‫انقضاءُ املعاهَدةِ بإرادةِ مُنفَرِدةٍ )النبذُ مِن املُسلِمنيَ(‪:‬‬
‫إنَّ عَ‪T‬قْدَ امل‪T‬وادَع‪T‬ةِ ع‪T‬ند احل‪T‬نفيةِ؛ وم‪T‬نهُم اإلم‪T‬امُ )مح‪T‬مَّدٌ الش‪T‬يبان‪T‬يُّ( عَ‪T‬قْدٌ ج‪T‬ائ‪T‬زٌ غ‪T‬يرُ الزمٍ‪،‬‬
‫ف‪T‬يجوزُ إن‪T‬هاؤهُ ق‪T‬بلَ مُ‪T‬ضي وقْ‪T‬تِه‪،‬ع‪T‬ند ت‪T‬وفُّ‪T‬رِ س‪T‬ببٍ ي‪T‬دعُ‪T‬و إل‪T‬ى ذل‪T‬ك‪ .‬واألص‪T‬لُ ف‪T‬ي ه‪T‬ذا ق‪T‬ولُ‪T‬ه‬
‫ت ‪TT T T T T T‬عال ‪TT T T T T T‬ى‪):‬ب‪T T T T T T T‬رَاءَةٌ مِّ‪T T T T T T T‬نَ ال‪T T T T T T T‬لَّهِ وَرَسُ ‪TT T T T T T‬ولِ‪T T T T T T T‬هِ إِلَ ‪TT T T T T T‬ى الَّ‪T T T T T T T‬ذِي‪T T T T T T T‬نَ‬
‫عَ‪TT‬اهَ‪TT‬دتُّ‪TT‬م مِّ ‪T‬نَ املُْشْ ‪T‬رِكِ ‪T‬نيَ )‪ (۱‬فَسِ‪TT‬يحُوا فِ‪TT‬ي األَْرْضِ أَرْبَ ‪T‬عَةَ أَشْهُ ‪T‬رٍ وَاعْ ‪T‬لَمُوا أَنَّ ‪T‬كُمْ غَ ‪T‬يْرُ‬
‫مُعْجِ ‪T‬زِي ال ‪T‬لَّهِ‪ ۙ ‬وَأَنَّ ال ‪T‬لَّهَ مُخْ ‪T‬زِي الْ ‪T‬كَافِ ‪T‬رِي ‪T‬نَ(‪ .3‬وق‪TT‬ولُ‪TT‬ه ت‪TT‬عال‪TT‬ى‪) :‬وإمَّ‪TT‬ا ت‪TT‬خافَ ‪T‬نَّ مِ ‪T‬نْ قَ‪TT‬ومٍ‬
‫خِيانَةً فانْبِذْ إليهِمْ على سواءٍ إنّ اهللَ ال يُحبُّ اخلائِننيَ (‪.4‬‬
‫وال ي‪T‬جوزُ أنْ تُ‪T‬عقَدَ امل‪T‬عاهَ‪T‬دةُ م‪T‬ع وج‪T‬ودِ ش‪T‬رطٍ ي‪T‬تعذَّرُ ال‪T‬وف‪T‬اءُ ب‪T‬ه ش‪T‬رع‪T‬اً خملُِ‪T‬ال‪T‬فتِه حلُ‪T‬كْمٍ مِ‪T‬ن‬
‫إح‪T‬كامِ املش‪T‬رِّعِ احل‪T‬كيمِ؛ ف‪T‬إنْ وق‪T‬عَتْ م‪T‬عاه‪T‬دةٌ وَجَ‪T‬بَ إن‪T‬هاؤُه‪T‬ا مِ‪T‬ن قِ‪T‬بَلِ املس‪T‬لِمنيَ‪ ،‬وال‪T‬نبذُ‬
‫‪ 1‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إدرﯾﺲ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ اﻷم دار اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ دﻣﺸﻖ ط‪ ١٩٩٠٢‬م ص ‪١٠٧\٤‬‬
‫‪ 2‬د‪ .‬ﺟﻌﻔﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ دار اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺎھﺮة ‪ ١٩٧٠‬ص ‪٤٣٧‬‬
‫‪ 3‬ﺳﻮرة اﻟﺘﻮﺑﺔ اﻵﯾﺔ ‪١٢‬‬
‫‪ 4‬اﻷﻧﻔﺎل اﻵﯾﺔ ‪٤٠‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٣٤‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫إل‪T‬ى ال‪T‬كفار ق‪T‬ال رس‪T‬ولُ اهللِ ص‪T‬لّى اهللُ ع‪T‬ليه وس‪T‬لّم‪):‬كُ‪T‬لُّ شَ‪T‬رْطٍ ل‪T‬يسَ ف‪T‬ي ك‪T‬تابِ اهللِ ف‪T‬هُوَ‬
‫باطِلٌ(‪.1‬‬
‫إنهاءُ املعاهَدةِ عند تغيُّرِ الظروفِ ملصلحةِ املسلمنيَ‪:‬‬
‫ق‪T‬ال اإلم‪T‬امُ مح‪T‬مَّدٌ الش‪T‬يبان‪T‬يُّ رح‪T‬مَهُ اهللُ ت‪T‬عال‪T‬ى‪) :‬إنْ ل‪T‬مْ ت‪T‬كُنِ امل‪T‬وادَعَ‪T‬ةُ خ‪T‬يراً للمُس‪T‬لِمنيَ‬
‫ف‪T‬ال ي‪T‬نبغي أنْ يُ‪T‬وادِعَ‪T‬هُمْ؛ لِ‪T‬قولِ‪T‬ه ت‪T‬عال‪T‬ى‪) :‬ف‪T‬ال تَ‪T‬هِنُوا وتَ‪T‬دْعُ‪T‬وا إل‪T‬ى السَّ‪T‬لْمِ وأنْ‪T‬تُمُ األعْ‪T‬لَونَ‬
‫إنْ كُنْتُم مُؤمِننيَ(‪.‬‬
‫ف‪T‬إنْ رأى امل‪T‬وادَع‪T‬ةَ خ‪T‬يراً ف‪T‬واضَ‪T‬عَهُمْ‪ ،‬ثُ‪T‬مَّ نَ‪T‬ظَرَ فَ‪T‬وَجَ‪T‬دَ مُ‪T‬وادَعَ‪T‬تَهُمْ ش‪T‬رَّاً للمس‪T‬لِمنيَ نَ‪T‬بَذَ إل‪T‬يهِم‬
‫امل‪T‬وادَع‪T‬ةِ؛ ف‪T‬إذا ظَهَ‪T‬رَ ذل‪T‬ك ف‪T‬ي االن‪T‬تهاءِ م‪T‬نعَ ذل‪T‬كَ مِ‪T‬ن اس‪T‬تدام‪T‬ةِ امل‪T‬وادَع‪T‬ةِ؛ وه‪T‬ذا ألنّ نَ‪T‬قْضَ‬
‫امل‪T‬وادَع‪T‬ةِ ب‪T‬ال‪T‬نَّبْذِ ج‪T‬ائِ‪T‬زٌ؛ ول‪T‬كِنْ ي‪T‬نبغي أن ي‪T‬نْبِذَ إل‪T‬يهِمْ ع‪T‬لى س‪T‬واءٍ ق‪T‬بلَ ال‪T‬قتالِ ف‪T‬ال يَحِ‪T‬لُّ‬
‫قِ‪T‬تالُ‪T‬هُم ق‪T‬بلَ ذل‪T‬ك حتَ‪T‬رُّزاً ع‪T‬ن ال‪T‬غَدْرِ وال‪T‬ذي هُ‪T‬و مُح‪T‬رَّمٌ ب‪T‬عُمومِ اآلي‪T‬اتِ ال‪T‬قرآن‪T‬يةِ واألح‪T‬ادي‪T‬ثِ‬
‫النبويةِ الصحيحة‪.2‬‬
‫نُبْذَةٌ تاريخيّةٌ عن القُدْسِ‪:‬‬
‫يَ‪T‬رج‪T‬عُ ت‪T‬اري‪T‬خُ م‪T‬دي‪T‬نةِ "ال‪T‬قُدْسِ" إل‪T‬ى أك‪T‬ثرَ م‪T‬ن خ‪T‬مسةِ آالفِ سَ‪T‬نةٍ‪ ،‬وه‪T‬ي ب‪T‬ذل‪T‬ك تُ‪T‬عَدُّ مِ‪T‬ن‬
‫أق‪T‬دمِ مُ‪T‬دُنِ ال‪T‬عالَ‪T‬م‪ ،‬وت‪T‬دلُّ األس‪T‬ماءُ ال‪T‬كثيرةُ ال‪T‬تي أُط‪T‬لِقَتْ ع‪T‬ليها ع‪T‬لى عُ‪T‬مْقِ ه‪T‬ذا ال‪T‬تاري‪T‬خِ‬
‫ال‪TT‬تليدِ‪ ،‬وه‪TT‬ذه األس‪TT‬ماءُ إمنّ‪TT‬ا اش ‪T‬تُقَّتْ وأُخِ ‪T‬ذَتْ مِ‪TT‬ن أُص‪TT‬ولٍ دِي‪TT‬نيَّةٍ‪ ،3‬وب‪TT‬اإلج‪TT‬مالِ ت‪TT‬عني‬
‫م‪T‬دي‪T‬نةَ "السَّ‪T‬المِ"‪ ،‬أو م‪T‬دي‪T‬نةَ "اإلل‪T‬ه س‪T‬الِ‪T‬م" ‪ ،‬وك‪T‬لمةُ "قُ‪T‬دْسٍ" ف‪T‬ي ال‪T‬لغةِ ت‪T‬عني "الطُهْ‪T‬رَ‬
‫‪ 2‬أﺻﻮل اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﻓﻲ ﻓﻘﮫ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ﻋﺜﻤﺎن ﺿﻤﯿﺮﯾﺔ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص‪٧٨٩‬‬
‫‪ 3‬اﻧﻈﺮ‪ :‬د‪.‬ﻋﺒﺪ اﻟﻔﺘﺎح ﺣﺴﻦ أﺑﻮ ﻋﻠﯿﺔ اﻟﻘﺪس دراﺳﺔ ﺗﺎرﯾﺨﯿﺔ ﺣﻮل اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻷﻗﺼﻰ واﻟﻘﺪس اﻟﺸﺮﯾﻒ‪ ،‬ص‬
‫‪١٧‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٣٥‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫وال‪TT‬برَكَ ‪T‬ةَ"‪1‬ومِ‪TT‬ن أشه ‪T‬رِ األس‪TT‬ماءِ ال‪TT‬تي أُط ‪T‬لِقَتْ ع‪TT‬لى م‪TT‬دي‪TT‬نةِ ال ‪T‬قُدْسِ‪) :‬ي‪TT‬بوس‪ ،‬وأور‬
‫سالم‪ ،‬ويرو شاالمي‪ ،‬وإيلياء‪ ،‬وبيت املقدس(‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫وللح‪T‬دي‪T‬ثِ ع‪T‬ن ال‪T‬قُدْسِ ف‪T‬ي عُ‪T‬هودِه‪T‬ا ال‪T‬غاب‪T‬رةِ ال بُ‪T‬دَّ مِ‪T‬ن احل‪T‬دي‪T‬ثِ ع‪T‬ن ال‪T‬قدسِ ال‪T‬يبوس‪T‬يَّةِ؛‬
‫حيث يُعَدُّ العربُ )اليبُوسيونَ( الذينَ يُعتَبرُونَ أحدَ فروعِ الكنعانِينيَ‪.2‬‬
‫أوَّلُ مَ‪T‬ن ب‪T‬نى م‪T‬دي‪T‬نةَ ال‪T‬قُدْسِ وس‪T‬كنَها‪ ،‬وعَ‪T‬مِلَ حِ‪T‬صنًا يح‪T‬ميها مِ‪T‬ن غ‪T‬اراتِ ال‪T‬فراع‪T‬نةِ‪.‬‬
‫وتَ‪T‬ذْكُ‪T‬رُ كُ‪T‬تُبُ ال‪T‬تاري‪T‬خِ أنّ "ال‪T‬يبُوس‪T‬ينيَ" ك‪T‬ان‪T‬وا يُ‪T‬ؤمِ‪T‬نونَ ب‪T‬توح‪T‬يدِ "ال‪T‬رَّبِّ س‪T‬الِ‪T‬م"‪ ،‬وق‪T‬د ق‪T‬امَ‬
‫مَلِكُهُم )ملكي صادق( "بتقدميِ الذبائحِ للرَّبِّ عندَ الصخرةِ املشرَّفةِ‪.‬‬
‫وف‪TT‬ي س‪TT‬ياقِ رح‪TT‬لةِ م‪TT‬دي‪TT‬نةِ ال ‪T‬قُدْسِ م‪TT‬ع ال‪TT‬غاصِ‪TT‬بنيَ واحمل‪TT‬تلِّنيَ ع‪TT‬برَ ال‪TT‬صراع‪TT‬اتِ ع‪TT‬لى م‪TT‬دارِ‬
‫ال‪T‬تاري‪T‬خِ خَ‪T‬ضَعَتِ امل‪T‬دي‪T‬نةُ ل‪T‬لنفوذِ امل‪T‬صريِّ ال‪T‬فرع‪T‬ون‪T‬يِّ‪ ،‬ث‪T‬مَّ ب‪T‬ني إس‪T‬رائ‪T‬يلَ‪ ،‬ث‪T‬مّ ال‪T‬باب‪T‬لينيَ‪ ،‬ث‪T‬مّ‬
‫ال ‪T‬فُرسِ‪ ،‬ث ‪T‬مّ ال‪TT‬يون‪TT‬انِ‪ ،‬ث ‪T‬مَّ احل‪TT‬كمِ ال‪TT‬روم‪TT‬ان ‪T‬يِّ‪ ،‬ث ‪T‬مَّ ال ‪T‬فُرسِ م ‪T‬رَّةً أُخ‪TT‬رى أث‪TT‬ناءَ ان‪TT‬قسامِ‬
‫اإلم‪T‬براط‪T‬وري‪T‬ةِ ال‪T‬روم‪T‬ان‪T‬يةِ وه‪T‬ذا م‪T‬ا أش‪T‬ارَ إل‪T‬يه ال‪T‬قرآنُ ال‪T‬كرميُ ف‪T‬ي ب‪T‬داي‪T‬ةِ سُ‪T‬ورةِ ال‪T‬رومِ‪ ،‬ثُ‪T‬مَّ‬
‫غ‪TT‬لبَتِ ال ‪T‬رُّومُ ال ‪T‬فُرسَ ب‪TT‬عدَ بِ ‪T‬ضْعِ سِ‪TT‬ننيَ‪ .‬وق‪TT‬د ج‪TT‬اءَ ال‪TT‬فتحُ اإلس‪TT‬الم ‪T‬يُّ ال‪TT‬عظيمُ؛ لِ ‪T‬تَعودَ‬
‫ل‪T‬لقُدسِ عِ‪T‬زَّتُ‪T‬ها وعُ‪T‬روبَ‪T‬تُها وه‪T‬ي ف‪T‬ي أي‪T‬دي ال‪T‬روم‪T‬انِ ف‪T‬ي ال‪T‬عامِ ‪ ٦۳٦‬امل‪T‬يالديِّ ت‪T‬قري‪T‬باً ع‪T‬لى‬
‫إثرِ العُهدةِ العُمريةِ مع أهلِ إيلياءَ‪.‬‬
‫وق‪T‬د ح‪T‬ظِيتْ م‪T‬دي‪T‬نةُ ال‪T‬قدسِ ف‪T‬ي ظ‪T‬لِّ احلُ‪T‬كْمِ اإلس‪T‬الم‪T‬يِّ ع‪T‬لى اه‪T‬تمامِ حُ‪T‬كَّامِ املس‪T‬لمنيَ‬
‫اب‪T‬تداءً مِ‪T‬ن ع‪T‬صرِ اخل‪T‬لفاءِ ال‪T‬راش‪T‬دي‪T‬نَ‪ ،‬ثُ‪T‬مَّ ب‪T‬لغَ االه‪T‬تمامُ أوجَ‪T‬هُ ب‪T‬بناءِ املسج‪T‬دِ األق‪T‬صى وقُ‪T‬بَّةِ‬
‫الصَّخْ‪T‬رَةِ ف‪T‬ي أبه‪T‬ى ع‪T‬مارةٍ إس‪T‬الم‪T‬يةٍ ف‪T‬ي ال‪T‬عصرِ األم‪T‬ويِّ‪ ،3‬ثُ‪T‬مَّ ت‪T‬اب‪T‬عَ ال‪T‬عبَّاس‪T‬يونَ االه‪T‬تمامَ‬
‫‪ 1‬ارﺟﻊ ‪ :‬ﻣﺨﺘﺎر اﻟﺼﺤﺎح‪ ،‬اﻟﺮازي‪ ،‬دار أﺳﺎﻣﺔ دﻣﺸﻖ ‪١٩٨٩‬م ص‪٥٢٤‬‬
‫‪ 2‬ﻋﺎرف اﻟﻌﺎرف ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻘﺪس‪ ،‬دار اﻟﻤﻌﺎرف اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ اﻟﻘﺎھﺮة ﻋﺎم ‪١٩٩٤‬م ص ‪٩‬‬
‫‪ 3‬ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻘﺪس‪ ،‬ﻋﺎرف اﻟﻌﺎرف‪ ،‬ص ‪٥٠‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٣٦‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ب‪T‬امل‪T‬دي‪T‬نةِ امل‪T‬قدسَّ‪T‬ةِ‪ ،‬ثُ‪T‬مَّ اب‪T‬تلِيتِ امل‪T‬دي‪T‬نةُ ب‪T‬ال‪T‬فرجن‪T‬ةِ ال‪T‬صليبيةِ احل‪T‬اق‪T‬دةِ ح‪T‬تّى ج‪T‬اءَ ال‪T‬قائ‪T‬دُ‬
‫ص‪T‬الحُ ال‪T‬دي‪T‬نِ )يُ‪T‬وسُ‪T‬فُ ب‪T‬نُ أيُّ‪T‬وب ب‪T‬نِ ش‪T‬اذي( رح‪T‬مه اهلل ت‪T‬عال‪T‬ى ف‪T‬أع‪T‬ادَ ل‪T‬ها إس‪T‬الم‪T‬يَّتَها‪،‬‬
‫ثُ‪T‬مَّ ج‪T‬اءَ ع‪T‬صرُ امل‪T‬مال‪T‬يكِ؛ ح‪T‬يثُ ت‪T‬عرَّضَ‪T‬تِ امل‪T‬دي‪T‬نةُ ل‪T‬لغزوِ امل‪T‬غول‪T‬يِّ ف‪T‬أع‪T‬زَّ اهللُ اإلس‪T‬المَ ع‪T‬لى‬
‫يَ‪T‬دَي س‪T‬يفِ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ )قُ‪T‬طْز( وال‪T‬ظاهِ‪T‬ر )ب‪T‬يْبَرس( ف‪T‬عادَ ل‪T‬لقدسِ مج‪T‬دُه‪T‬ا‪،‬وب‪T‬قيتْ ف‪T‬ي ظ‪T‬لِّ‬
‫اخل‪T‬الف‪T‬ةِ ال‪T‬عُثمان‪T‬يةِ ح‪T‬تى ج‪T‬اءَ االس‪T‬تعمارُ احل‪T‬دي‪T‬ثُ اخل‪T‬بيثُ فس‪T‬لَّمَها اإلجن‪T‬ليزُ ألخ‪T‬بثِ أه‪T‬لِ‬
‫األرضِ يهودِ الصهاينةِ‪.‬‬
‫مكانةُ مدينةِ القُدسِ وفضْلُ زيارةِ املسجدِ األقصى‪:‬‬
‫ممّ‪T‬ا الش‪T‬كَّ ف‪T‬يه أنّ م‪T‬دي‪T‬نةَ ال‪T‬قُدسِ ت‪T‬أت‪T‬ي ف‪T‬ي ق‪T‬ائ‪T‬مةِ امل‪T‬دنِ ال‪T‬عاملَ‪T‬يةِ وال‪T‬دول‪T‬يةِ ذاتِ ال‪T‬تاري‪T‬خِ‬
‫ال‪T‬عري‪T‬قِ مِ‪T‬ن ج‪T‬هةٍ‪ ،‬وذاتِ امل‪T‬رك‪T‬زِ ال‪T‬دي‪T‬نيِّ ال‪T‬كبيرِ مِ‪T‬ن ج‪T‬هةٍ أُخْ‪T‬رى‪ ،‬وأنّ أوْجَ عَ‪T‬ظمةِ ت‪T‬لك‬
‫امل‪T‬دي‪T‬نةِ ق‪T‬د حت‪T‬قَّقَ ف‪T‬ي العه‪T‬دِ اإلس‪T‬الم‪T‬يِّ‪ ،‬ووَض‪T‬عَتْ رح‪T‬لةُ اإلس‪T‬راءِ وامل‪T‬عراجِ م‪T‬دي‪T‬نةَ ال‪T‬قدسِ‬
‫ف‪T‬ي وج‪T‬دانِ األمّ‪T‬ةِ اإلس‪T‬الم‪T‬يةِ ق‪T‬بلَ ال‪T‬فتحِ ال‪T‬عُمَريِّ ل‪T‬ها‪ ،‬وأظه‪T‬رتْ م‪T‬ا له‪T‬ذهِ امل‪T‬دي‪T‬نةِ مِ‪T‬ن‬
‫ف‪T‬ضْلٍ ح‪T‬تّى ك‪T‬أنّ ب‪T‬وَّاب‪T‬ةَ ال‪T‬سماءَ ال تُ‪T‬فتحُ ل‪T‬لعُروجِ إالّ مِ‪T‬ن قِ‪T‬بَلِ ه‪T‬ذه امل‪T‬دي‪T‬نةِ امل‪T‬قَّدس‪T‬ةِ‪ .‬وق‪T‬د‬
‫وَجَّ‪T‬هَ س‪T‬يِّدُن‪T‬ا وق‪T‬ائ‪T‬دُن‪T‬ا مُح‪T‬مَّدٌ ص‪T‬لّى اهللُ ع‪T‬ليهِ وس‪T‬لّمَ األن‪T‬ظارَ إل‪T‬ى ف‪T‬تحِ ب‪T‬يتِ امل‪T‬قدسِ ف‪T‬ي‬
‫ب‪T‬يانِ‪T‬ه ب‪T‬أنّ‪T‬ه س‪T‬تُفْتَحُ ال‪T‬شُّامُ وب‪T‬يتُ امل‪T‬قدسِ‪ ،‬وس‪T‬وفَ ي‪T‬زولُ مُ‪T‬لْكُ ال‪T‬فُرسِ وال‪T‬رومِ‪ ،‬وق‪T‬د ج‪T‬اءَ‬
‫ذل‪T‬ك ف‪T‬ي ال‪T‬عدي‪T‬دِ م‪T‬ن األح‪T‬ادي‪T‬ثِ ال‪T‬صحيحة؛ ف‪T‬قَد ق‪T‬الَ اهللُ ت‪T‬عال‪T‬ى‪):‬سُ‪T‬بْحَانَ الَّ‪T‬ذِي أَسْ‪T‬رَى‬
‫بِ‪T‬عَبْدِهِ لَ‪T‬يْالً مِ‪T‬نَ املَْسْجِ‪T‬دِ احلَْ‪T‬رَامِ إِلَ‪T‬ى املَْسْجِ‪T‬دِ األَْقْ‪T‬صَى الَّ‪T‬ذِي بَ‪T‬ارَكْ‪T‬نَا حَ‪T‬وْلَ‪T‬هُ لِ‪T‬نُرِيَ‪T‬هُ مِ‪T‬نْ آَيَ‪T‬اتِ‪T‬نَا‬
‫إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(‪.1‬‬
‫‪1‬اﻹﺳﺮاء‪:‬اﻵﯾﺔ ‪٥‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٣٧‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫وق‪TT‬د أث‪TT‬بتَتِ ال ‪T‬سُّنَّةُ ال‪TT‬نبوي ‪T‬ةُ ف‪TT‬ضلَ ش ‪T‬دِّ ال ‪T‬رِّح‪TT‬الِ إل‪TT‬يه وال‪TT‬صالةِ ف‪TT‬يه؛ ف ‪T‬قَد روى اإلم‪TT‬امُ‬
‫ال‪T‬بخاريُّ ف‪T‬ي ص‪T‬حيحِه ع‪T‬ن أب‪T‬ي س‪T‬عيدٍ اخل‪T‬دريِّ رض‪T‬يَ اهللُ ع‪T‬نه أنّ ال‪T‬نبيَّ ص‪T‬لّى اهللُ ع‪T‬ليهِ‬
‫وس ‪T‬لَّمَ ق‪TT‬ال‪" :‬ال تُشَ ‪T‬دُّ ال ‪T‬رِّح‪TT‬الُ إالّ إل‪TT‬ى ث‪TT‬الث ‪T‬ةِ م‪TT‬ساجِ ‪T‬دَ‪ :‬مسج ‪T‬دِ احل‪TT‬رامِ‪ ،‬ومسج ‪T‬دِ‬
‫األق‪TT‬صى‪،‬ومسجِ‪TT‬دي"‪ .1‬وروى اإلم‪TT‬امُ أح‪TT‬مدُ ف‪TT‬ي مُ‪TT‬سنَدِه ع‪TT‬ن أمِّ امل‪TT‬ؤم‪TT‬ننيَ ع‪TT‬ائ‪TT‬شةَ‬
‫ال‪T‬صِّدِّي‪T‬قةِ ب‪T‬نتِ ال‪T‬صِّدِّي‪T‬قِ رض‪T‬يَ اهللُ ع‪T‬نهما ق‪T‬ال‪T‬ت‪ :‬ق‪T‬الَ رس‪T‬ولُ اهللِ ص‪T‬لّى اهللُ ع‪T‬ليهِ وس‪T‬لّم"‬
‫‪:‬ص ‪TT‬الةٌ ف ‪TT‬ي مَسجِ ‪TT‬دي خَ ‪TT‬يرٌ مِ ‪TT‬ن أل‪T T‬فِ ص ‪TT‬الةٍ ف ‪TT‬يما سِ ‪TT‬واهُ مِ ‪TT‬ن امل ‪TT‬ساج‪T T‬دِ إالّ املسج‪T T‬دَ‬
‫األقصى‪.2‬‬
‫العُهدَةُ العُمَريَّةُ‪:‬‬
‫ل‪T‬م ي‪T‬كُنْ م‪T‬وق‪T‬فُ ال‪T‬روم‪T‬انِ حِ‪T‬ياديّ‪T‬اً إزاءَ األح‪T‬داثِ ال‪T‬تي مت‪T‬رُّ ب‪T‬ها ج‪T‬زي‪T‬رةُ ال‪T‬عربِ ح‪T‬ني ظ‪T‬هورِ‬
‫اإلس‪TT‬المِ احل‪TT‬نيفِ؛ ف ‪T‬قَد حشَ ‪T‬دُوا ل‪TT‬غزوِ امل‪TT‬دي‪TT‬نةِ امل‪TT‬نوَّرةِ‪ ،‬ف‪TT‬كان ال‪TT‬ردعُ ب‪TT‬جيشِ العُسْ ‪T‬رَةِ‬
‫)غ‪T‬زوةِ ت‪T‬بوك(‪ ،‬وح‪T‬اولَ عُ‪T‬مالؤهُ‪T‬م اس‪T‬تمال‪T‬ةَ ك‪T‬عبِ ب‪T‬نِ م‪T‬ال‪T‬كٍ اخلَ‪T‬زْرَجِ‪T‬يِّ ‪ 3‬ال‪T‬ذي تخ‪T‬لَّفَ‬
‫ع‪T‬ن ج‪T‬يشِ ت‪T‬بوك‪ ،‬ول‪T‬عُمقِ إمي‪T‬ان‪T‬هِ أح‪T‬رقَ ال‪T‬رس‪T‬ال‪T‬ةَ ال‪T‬تي وَصَ‪T‬لَتْه ف‪T‬ي ت‪T‬نوُّرٍ مَ‪T‬سجُورٍ مُش‪T‬تَعِلٍ‬
‫مُتَّقِدٍ ‪.4‬‬
‫وح‪TT‬ينما ان‪TT‬طلقَتْ ال‪TT‬فتوحُ ب‪TT‬اجت‪TT‬اهِ ب‪TT‬الدِ ال‪TT‬شامِ ف‪TT‬احت ‪T‬ةً مح ‪T‬رِّرةً‪ ،‬ارت‪TT‬بطتْ ه‪TT‬ذه احل‪TT‬روبُ‬
‫بـ)رُوحٍ إنسانيةٍ‪ ،‬وعُمْقٍ حضاريٍّ‪ ،‬وبُعدٍ تسامُحيٍّ كبيرٍ(‪.‬‬
‫‪ 1‬أﺧﺮﺟﮫ اﻟﺒﺨﺎري ﻓﻲ ﺻﺤﯿﺤﮫ‪ ،‬ﻛﺘﺎب ﻓﻀﻞ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ ﻣﻜﺔ واﻟﻤﺪﯾﻨﺔ‪ ،‬ﺑﺎب ﻣﺴﺠﺪ ﺑﯿﺖ اﻟﻤﻘﺪس‪،‬‬
‫ج‪ ٢‬ص‪٥٨‬‬
‫‪ 2‬أﺧﺮﺟﮫ اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ ﻓﻲ ﻣﺴﻨﺪه‪ ،‬ج‪ / ٢‬ص ‪،٢٧٨‬‬
‫ﻣﻌﺎرك ﻗﻮ ِﻣﮫ‪ ،‬وأﺳﻠ َﻢ ﻗﺒ َﻞ اﻟﮭﺠﺮ ِة‬
‫‪)3‬ﺣﯿﺎﺗﮫ ‪ ٥٩٦‬م– ‪٦٧٣‬م( ﺻﺤﺎﺑ ٌﻲ ﺷﺎﻋ ٌﺮ‪ ،‬ﻣﻦ أھﻞ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ‪ .‬اﺷﺘﺮك ﻓﻲ‬
‫ِ‬
‫ﺷ ِﮭ َﺪ اﻟ َﻌﻘﺒﺔَ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ‪ ،‬وﺗﺨﻠﱠﻒ ﻋﻦ ﻏﺰوﺗَﻲ ﺑﺪ ٍر‬
‫ﻀ َﺮ ﻏﯿﺮھﻤﺎ‪ .‬ﻧﺎﺻ َﺮ اﻟﺨﻠﯿﻔﺔَ ﻋﺜﻤﺎنَ ‪،‬‬
‫اﻟﻨﺒﻮﯾ ِﺔ‪ ،‬و َ‬
‫وﺗﺒﻮك‪ ،‬وﺣ َ‬
‫ٍ‬
‫وﻗﻌ َﺪ ﻋﻦ ﻧُ‬
‫ﺼ ُﺮه ﻓﻲ آﺧ ِﺮ ﺣﯿﺎﺗﮫ‪ .‬أﺣ ُﺪ ﺛﻼﺛ ِﺔ ﺷُﻌﺮا َء داﻓَﻌﻮا ﻋﻦ‬
‫ة‬
‫ﺮ‬
‫ﺼ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﱠﻰ ﷲُ ﻋﻠﯿﮫ‬
‫َ‬
‫ﻋﻠﻲ‪ُ .‬ﻛﻒﱠ ﺑَ َ‬
‫ِ‬
‫ﱢ‬
‫ﱟ‬
‫وﺳﻠﱠ َﻢ‪،‬‬
‫وھﺠﺎ ﻗُﺮﯾﺸﺎ ً‪ .‬ورﺛﻰ ﻋﺜﻤﺎنَ ‪ .‬اﻧﻈﺮ أُﺳﺪ اﻟﻐﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻻﺑﻦ اﻷﺛﯿﺮ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‬
‫َ‬
‫‪ 4‬اﻟﻌﮭﺪة اﻟﻌﻤﺮﯾﺔ ﺷﻮﻗﻲ أﺑﻮ ﺧﻠﯿﻞ دار اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ﻋﺎم ‪ ٢٠٠٩‬دﻣﺸﻖ ص‪٨‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٣٨‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫وبُ‪T‬عَيدَ م‪T‬عرك‪T‬ةِ ال‪T‬يرم‪T‬وكِ‪ ،‬ركَّ‪T‬زَ ال‪T‬فاحت‪T‬ونَ ع‪T‬لى ب‪T‬يتِ امل‪T‬قدسِ؛ ف‪T‬كان‪T‬تْ ب‪T‬ينهُما رس‪T‬ائ‪T‬لُ‬
‫ومُفاوَضاتٌ؛ ومِن أوّلها كتابُ عَمْرو بنِ العاصِ رضيَ اهللُ عنه‪.‬‬
‫كتابُ عَمْروٍ بنِ العاصِ إلى أهلِ إيليا )بيتِ املقدسِ(‪:‬‬
‫بسمِ اهللِ الرحمنِ الرحيمِ‬
‫مِن عَمْروٍ بنِ العاصِ إلى بطارقةِ إيليا؛‬
‫سَ‪T‬المٌ ع‪T‬لى مَ‪T‬ن اتَّ‪T‬بَعَ الهُ‪T‬دى‪ ،‬وآمَ‪T‬نَ ب‪T‬اهللِ ال‪T‬عظيمِ ال‪T‬ذي ال إل‪T‬هَ إالّ هُ‪T‬وَ‪ ،‬ومبُِح‪T‬مَّدٍ ص‪T‬لَّى اهللُ‬
‫عليهِ وسلَّمَ‪ .‬أمّا بَعدُ‪:‬‬
‫ف‪T‬إنَّ‪T‬نا نُ‪T‬ثنِي ع‪T‬لى ربِّ‪T‬نا خَ‪T‬يراً‪ ،‬ونَح‪T‬مَدُه حَ‪T‬مداً ك‪T‬ثيراً كَ‪T‬ما رَحِ‪T‬مَنا بِ‪T‬نَبِيِّه ص‪T‬لّى اهللُ ع‪T‬ليهِ‬
‫وس‪T‬لَّمَ‪ ،‬وشَ‪T‬رَّفَ‪T‬نا ب‪T‬رِس‪T‬الَ‪T‬تِه‪ ،‬وأكْ‪T‬رَمَ‪T‬نا بِ‪T‬دِي‪T‬نِه‪ ،‬وعَ‪T‬زَّن‪T‬ا لِ‪T‬طاع‪T‬تِه‪ ،‬وأكْ‪T‬رَمَ‪T‬نا ب‪T‬توح‪T‬يدِه واإلخ‪T‬الصِ‬
‫مبَ‪T‬عرِفَ‪T‬تِه‪ ،‬فَ‪T‬لَسْنا واحلَ‪T‬مْدُ هللِ جنَْ‪T‬عَلُ ل‪T‬ه نِ‪T‬دَّاً‪ ،‬وال نتَّخِ‪T‬ذَ مِ‪T‬ن دُونِ‪T‬ه إل‪T‬هاً ل‪T‬قَد قُ‪T‬لْنا إذاً شَ‪T‬ططاً‪،‬‬
‫سُ‪T‬بُحانَ‪T‬هُ ونَح‪T‬مَدُهُ جَ‪T‬لَّ ثَ‪T‬ناؤهُ واحل‪T‬مْدُ هللِ ال‪T‬ذي ج‪T‬علَكُمْ شِ‪T‬يَعاً‪ ،‬وجَ‪T‬عَلَكُمْ ف‪T‬ي دِي‪T‬نِكُمْ‬
‫أح‪TT‬زاب ‪T‬اً ب ‪T‬كُفْركُ ‪T‬مْ فـ )كُ ‪T‬لُّ حٍ ‪T‬زْبٍ مبِ‪TT‬ا لَ ‪T‬دَيْ ‪T‬هِمْ فَ ‪T‬رِحُ‪TT‬ونَ( ف ‪T‬مِنْكُمْ مَ ‪T‬نْ يَ ‪T‬زْعُ ‪T‬مُ أنّ هللَ وَلَ ‪T‬دَاً‬
‫ومِ‪T‬نْكُمْ مَ‪T‬نْ يَ‪T‬زْعُ‪T‬مُ أنّ اهللَ ث‪T‬ان‪T‬يَ اث‪T‬نَنيِ‪ ،‬ومِ‪T‬نْكُمْ مَ‪T‬نْ يَ‪T‬زُعُ‪T‬مُ أنّ اهللَ ث‪T‬الِ‪T‬ثُ ث‪T‬الث‪T‬ةٍ؛ ف‪T‬بُعداً ملَِ‪T‬نْ‬
‫ش ‪T‬كَّ ب‪TT‬اهللِ وسُ ‪T‬حْقاً‪ ،‬وت‪TT‬عال‪TT‬ى اهللُ ع ‪T‬مَّا يَ ‪T‬قُولُ‪TT‬ونَ عُ‪TT‬لوَّاً ك‪TT‬بيراً‪ ،‬واحل‪TT‬مدُ هللِ ال‪TT‬ذي قَ ‪T‬تَلَ‬
‫بَ‪T‬طارِقَ‪T‬تَكُمْ وسَ‪T‬لَبَ عِ‪T‬زَّكُ‪T‬مَ وطَّ‪T‬دَ مِ‪T‬ن ه‪T‬ذه ال‪T‬بالدِ مُ‪T‬لوكَ‪T‬كُمْ وأوْرَثَ‪T‬نا أرْضَ‪T‬كُمْ ودِي‪T‬اركُ‪T‬مْ‬
‫وأم‪T‬والَ‪T‬كُمْ وأذلَّ‪T‬كُمْ بِ‪T‬كَفركُ‪T‬مْ ب‪T‬اهللِ وشِ‪T‬ركِ‪T‬كُمْ بِ‪T‬ه‪ ،‬وت‪T‬رَكْ‪T‬تُمْ م‪T‬ا دَعُ‪T‬ون‪T‬اكُ‪T‬مْ إل‪T‬يهِ مِ‪T‬ن اإلمي‪T‬انِ‬
‫ب‪T‬اهللِ ورَسُ‪T‬ولِ‪T‬ه ف‪T‬أعَ‪T‬قَبَكُمْ اهللُ اخل‪T‬وفَ واجلُ‪T‬وعَ وال‪T‬ذُّلَّ وال‪T‬هُونَ مبِ‪T‬ا كُ‪T‬نْتُمْ تُ‪T‬صنَعُونَ ف‪T‬إذا أت‪T‬اكُ‪T‬مْ‬
‫كِ‪T‬تاب‪T‬ي ه‪T‬ذا ف‪T‬أسْ‪T‬لِمُوا وتُسْ‪T‬لِمُوا وإالّ ف‪T‬أقْ‪T‬بِلُوا إل‪T‬ينا ح‪T‬تّى اك‪T‬تُبَ ل‪T‬كُمْ كِ‪T‬تاب‪T‬اً أم‪T‬ان‪T‬اً ع‪T‬لى‬
‫دِم‪T‬ائِ‪T‬كُمْ وأمْ‪T‬والِ‪T‬كُمُ واع‪T‬قِدُ لَ‪T‬كُمْ عَ‪T‬قْداً تُ‪T‬ؤدُّوا إل‪T‬يَّ اجلِ‪T‬زي‪T‬ةَ ع‪T‬ن يَ‪T‬دٍ وأن‪T‬تُمْ ص‪T‬اغِ‪T‬رونَ؛ وإالّ‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٣٩‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ف‪T‬واهللِ ال‪T‬ذي ال إلَ‪T‬هَ إالّ هُ‪T‬وَ ألرمِ‪T‬ينَّكُمُ ب‪T‬اخلَ‪T‬يلِ ب‪T‬عدَ اخلَ‪T‬يلِ‪ ،‬وب‪T‬ال‪T‬رِّج‪T‬الِ ب‪T‬عدَ ال‪T‬رِّج‪T‬الِ‪ ،‬ث‪T‬مَّ ال‬
‫أُق‪T‬لِعُ ع‪T‬نكُمْ ح‪T‬تّى أق‪T‬تُلَ امل‪T‬قاتِ‪T‬لَةَ وأسْ‪T‬بي ال‪T‬ذُّرِّيَّ‪T‬ةَ وت‪T‬كون‪T‬وا ك‪T‬أمَّ‪T‬ةٍ ك‪T‬ان‪T‬ت ف‪T‬أص‪T‬بحَتْ ك‪T‬أنّ‪T‬ها‬
‫لمْ تَكُنْ‪.1‬‬
‫جوابُ أهلِ إيليا على كتابِ عمروِ بنِ العاصِ‪:2‬‬
‫وب‪TT‬لغَ أه ‪T‬لُ إي‪TT‬ليا خ‪TT‬روجَ املس‪TT‬لمنيَ مِ‪TT‬ن ح‪TT‬مصَ ودِم ‪T‬شْقَ‪ ،‬وإق‪TT‬بالِ مَ ‪T‬لِكِ ال ‪T‬رُّومِ ب‪TT‬عساك ‪T‬رَ‬
‫)ثالثمائةِ ألفٍ( فسُرُّوا بهِ‪ ،‬ودَعُوا العِلْجَ وكَتبُوا معَهُ‪.‬‬
‫أمَّ‪T‬ا ب‪T‬عدُ‪ :‬ف‪T‬إنَّ‪T‬كَ ق‪T‬د كَ‪T‬تَبْتَ إل‪T‬ينا كِ‪T‬تاب‪T‬اً ت‪T‬زُكِّ‪T‬ي ف‪T‬يه ن‪T‬فْسَكَ وتَ‪T‬عيبُ م‪T‬ا ن‪T‬حنُ ع‪T‬ليهِ وال‪T‬قولِ‬
‫ب‪T‬ال‪T‬باط‪T‬لِ ال يَ‪T‬نتفِعُ ب‪T‬ه أح‪T‬دٌ إالّ ن‪T‬فسُه‪ ،‬وال يَ‪T‬ضرُّ ب‪T‬هُ ع‪T‬دَوَّهُ‪ ،‬وق‪T‬د فَ‪T‬هِمْنا م‪T‬ا دَع‪T‬وتَ‪T‬نا إل‪T‬يهِ‪،‬‬
‫وه‪T‬ؤالءِ مُ‪T‬لوكُ‪T‬نا وأه‪T‬لُ دِي‪T‬نَنا ق‪T‬دْ ج‪T‬اؤوكُ‪T‬م؛ ف‪T‬إنْ أظه‪T‬رَكُ‪T‬مُ اهللُ ع‪T‬ليكُمْ ف‪T‬ذلِ‪T‬كَ ب‪T‬الؤهُ عِ‪T‬ندَن‪T‬ا‬
‫ف‪T‬ي ال‪T‬قدميِ‪ ،‬وإنْ ابْ‪T‬تالن‪T‬ا بِ‪T‬ظُهُوركُ‪T‬م ع‪T‬لينا؛ ف‪T‬لَعَمْري لَ‪T‬يقَرَّنَّ ل‪T‬كُمْ ب‪T‬ال‪T‬صَّغارِ‪ ،‬وم‪T‬ا ن‪T‬حنُ إالّ‬
‫كمَنْ قد ظهَرْمتُْ عليه مِن إخوانِنا‪ ،‬ثُمّ دانُوا لكُمْ فأعطَوكُمْ ما سألتُمْ‪.3‬‬
‫ب‪T‬عثَ )أب‪T‬و ع‪T‬بيدةَ( إل‪T‬ى أه‪T‬لِ إي‪T‬ليا وق‪T‬الَ‪ :‬اُخْ‪T‬رُجُ‪T‬وا إل‪T‬يَّ أك‪T‬تبْ ل‪T‬كُمْ أم‪T‬ان‪T‬اً ع‪T‬لى أن‪T‬فُسِكُمْ‬
‫وأموالِكُمْ‪ ،‬وَنُوفِ لَكُمْ كما وَفَيْنا لِغَيرِكُمْ‪ .‬فتَثاقَلُوا وأبَوا‪
.‬‬
‫قال‪ :‬وكتبَ أبو عبيدةَ إليهِم‪
:‬‬
‫بسمِ اهللِ الرحمنِ الرحيم‪
:‬‬
‫‪ 1‬ﻣﺤ ّﻤﺪ ﺣﻤﯿ ُﺪ ﷲِ‪ :‬ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﻟﻌﮭﺪ اﻟﻨﺒﻮي واﻟﺨﻼﻓﺔ اﻟﺮاﺷﺪة‪ ،‬دار اﻟﻨﻔﺎﺋﺲ ﺑﺪون ﺗﺎرﯾﺦ‬
‫ص‪.٤٧٤‬‬
‫ﺑﻦُ‬
‫ﺑﻦ واﺋﻞ ﺑﻦ ھﺎﺷﻢ ﺑﻦ ﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ ﺳﮭﻢ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ھﺼﯿﺺ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ ﺑﻦ ﻟﺆي ﺑﻦ ﻏﺎﻟﺐ‬
‫اﻟﻌﺎص‬
‫‪ 2‬ﻋ ْﻤﺮو‬
‫ِ ِ‬
‫اﻟﻘُﺮﺷ ّﻲ اﻟﺴﮭﻤ ّﻲ‪ .‬ﯾُ ْﻜﻨَﻰ أﺑﺎ ﻋﺒﺪ ﷲ وﻗﯿﻞ‪ :‬أﺑﻮ ﻣﺤ ّﻤﺪ‪ .‬وأ ﱡﻣﮫ اﻟﻨﺎﺑﻐﺔُ ُ‬
‫ﺑﻨﺖ ﺣﺮﻣﻠﺔَ ﺳﺒﯿﱠﺔ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﺟﻼن ﺑﻦ ﻋﺘﯿﻚ‬
‫ﺑﻦ أﺳﻠﻢ ﺑﻦ ﯾﺬﻛﺮ ﺑﻦ ﻋﻨﺰة وأﺧﻮه ﻷ ﱠﻣﮫ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ أﺛﺎﺛﺔ اﻟﻌﺪوي وﻋﻘﺒﺔ ﺑﻦ ﻧﺎﻓﻊ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﻗﯿﺲ اﻟﻔﮭﺮي اﻧﻈﺮ‬
‫أُﺳﺪ اﻟﻐﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫‪ 3‬ﻣﺤﻤﺪ ﺣﻤﯿﺪ ﷲ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﻣﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ‪. ٤٧٥‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٤٠‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫مِن أبي عُبيدةَ بنِ اجلَرّاحِ إلى بطارقةِ أهلِ إيليا وسكّانِها‪
:‬‬
‫"سالمٌ على مَن اتّبعَ الهُدى‪ ،‬وآمَنَ باهللِ العظيمِ ورَسُولِه )ن‪:‬برسوله( أمَّا بَعْدُ‪:‬‬
‫ف‪T‬إنّ‪T‬ا نَ‪T‬دْعُ‪T‬وكُ‪T‬م إل‪T‬ى شَ‪T‬هادةِ أنْ ال إل‪T‬هَ إالّ اهللُ وأنّ مُح‪T‬مَّداً ع‪T‬بْدُهُ ورَسُ‪T‬ولُ‪T‬ه‪ ،‬وأنّ ال‪T‬ساع‪T‬ةَ آت‪T‬يةِ‬
‫ال ري‪T‬بَ ف‪T‬يها‪ ،‬وأنّ اهللَ يَ‪T‬بعَثُ مَ‪T‬ن ف‪T‬ي ال‪T‬قُبورِ؛ ف‪T‬إذا شَهِ‪T‬دْمتُْ ب‪T‬ذل‪T‬كَ حَ‪T‬رُمَ‪T‬تْ ع‪T‬لينا دِم‪T‬اؤكُ‪T‬م‬
‫وأموالكُمْ‪ ،‬وكنتُمْ إخوانَنا في دِينِنا‪
.‬‬
‫وإنْ أب‪T‬يتُمْ ف‪T‬أق‪T‬رُّوا ل‪T‬نا ب‪T‬إع‪T‬طاءِ اجلِ‪T‬زي‪T‬ةِ ع‪T‬ن ي‪T‬دٍ وأن‪T‬تُمْ ص‪T‬اغِ‪T‬رونَ؛ ف‪T‬إنْ أب‪T‬يتُمْ سِ‪T‬رْتُ إل‪T‬يكُمْ‬
‫بِ‪T‬قَومٍ هُ‪T‬مْ أش‪T‬دُّ حُ‪T‬بّاً ل‪T‬لموتِ مِ‪T‬نكُمْ ل‪T‬لحياةِ‪ ،‬ولَشُ‪T‬رْبُ اخلَ‪T‬مْرِ وأكْ‪T‬لُ حل‪T‬مِ اخل‪T‬نزي‪T‬رِ ث‪T‬مَّ ال‬
‫أرجِعُ عَنكُمْ إنْ شاءَ اهللُ حتّى أُقاتِلَ مُقاتِلَكُمْ وأسْبي ذَراريكُمْ‪.‬‬
‫كتابُ أبي عُبيدةَ إلى عُمَرَ يَدْعُوهُ إلى إيليا على طلبِ أهلِها‪:‬‬
‫ف‪T‬لمّا حَ‪T‬صَرَ أم‪T‬نيُ األُمَّ‪T‬ةِ أب‪T‬و ع‪T‬بيدةَ رض‪T‬يَ اهللُ ع‪T‬نهُ أه‪T‬لَ إي‪T‬ليا ورأَوا أنّ‪T‬هُ غ‪T‬يرُ مُ‪T‬قْلِعٍ ع‪T‬نهُم‪..‬‬
‫قالوا لَه‪
:‬‬
‫نَ‪T‬حْنُ نُ‪T‬صاحلِْ‪T‬كَ‪ ..‬ف‪T‬أرْسِ‪T‬لْ إل‪T‬ى خ‪T‬ليفتِكُمْ عُ‪T‬مَرَ ف‪T‬يكونُ ه‪T‬و ال‪T‬ذي يُ‪T‬عطينا العه‪T‬دَ‪ ،‬وهُ‪T‬وَ‬
‫يُ‪T‬صاحلُِ‪T‬نا وي‪T‬كتبُ ل‪T‬نا األم‪T‬انَ‪ ..‬ف‪T‬أخَ‪T‬ذَ أب‪T‬و ع‪T‬بيدةَ ع‪T‬ليهِمُ األمي‪T‬انَ امل‪T‬غلَّظةَ )ع‪T‬لى مَ‪T‬شورةِ‬
‫مُ‪TT‬عاذِ ب‪TT‬ن جَ‪TT‬بلٍ( فح‪TT‬لفُوا ب‪TT‬أمي‪TT‬ان ‪T‬هِم‪ :‬ل ‪T‬ئِنْ عُ ‪T‬مَرَ أم‪TT‬يرُ امل‪TT‬ؤم‪TT‬ننيَ قَ ‪T‬دِمَ ع‪TT‬ليهِم ونَ ‪T‬زَلَ ب‪TT‬هم‬
‫ف‪T‬أع‪T‬طاهُ‪T‬مُ األم‪T‬انَ ع‪T‬لى أن‪T‬فسِهِم‪ ،‬وكَ‪T‬تَبَ لَ‪T‬هُم ع‪T‬لى ذل‪T‬كَ كِ‪T‬تاب‪T‬اً لَ‪T‬يَقْبَلنَّ ذل‪T‬كَ ولَ‪T‬يَؤدِنَّ‬
‫اجلزيةَ‪ ،‬ولَيَدْخُلَنَّ فيما دَخَلَ فيه أهلُ الشامِ‪ .‬فلمّا فعلُوا ذلكَ كتبَ أبو عُبيدةَ‪
:‬‬
‫بسمِ اهللِ الرحمنِ الرحيمِ‬
‫لِعَبدِ اهللِ عُمَرَ أميرِ املؤمننيَ‪ ،‬مِن أبي عُبيدةَ بنِ اجلرّاحِ‪.‬‬
‫سَالمٌ عليكَ؛ فإنّي أحمدُ إليكَ اهللُ الذي ال إلهَ إالّ هُوَ‪ .‬أمّا بعدُ‪:‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٤١‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫فإنّا أقمْنا على إيليا وظنُّوا )ن‪ :‬فظنَّوا( أنّ لهُمْ في املطاولَةِ بهِمْ فَرَجاً ورَجاءً‪
.‬‬
‫ف‪T‬لَمْ يَ‪T‬زِدْهُ‪T‬مُ اهللُ ب‪T‬ها إالّ ضِ‪T‬يقاً ونَ‪T‬قْصاً‪ ،‬وهَ‪T‬والً وأزالً )األزْلُ‪ :‬شِ‪T‬دَّةُ ال‪T‬عيشِ( ف‪T‬لمّا رأوا‬
‫ذل‪T‬ك س‪T‬أل‪T‬وُن‪T‬ا أن نُ‪T‬عطيهِم م‪T‬ا ك‪T‬ان‪T‬وا مِ‪T‬نهُ ممُ‪T‬تَنِعِنيَ ق‪T‬بلَ ذل‪T‬كَ‪ ،‬ولَ‪T‬هُ ك‪T‬ارهِ‪T‬نيَ‪ .‬وإنَّ‪T‬هُم س‪T‬ألُ‪T‬ون‪T‬ا‬
‫ال‪T‬صُّلْحَ ع‪T‬لى أنْ يَ‪T‬قدُمَ ع‪T‬ليهِم أم‪T‬يرُ امل‪T‬ؤم‪T‬ننيَ ف‪T‬يكونَ هُ‪T‬وَ امل‪T‬ؤمِّ‪T‬نَ ل‪T‬هُم‪ ،‬وال‪T‬كاتِ‪T‬بَ ل‪T‬هم‬
‫ك‪T‬تاب‪T‬اً‪ .‬وإنّ‪T‬ا خَشِ‪T‬ينا أنْ تَ‪T‬قدُمَ ي‪T‬ا أم‪T‬يرَ امل‪T‬ؤم‪T‬ننيَ‪ ،‬ثُ‪T‬مَّ يَ‪T‬غدُرُ ال‪T‬قومُ ف‪T‬يَرجِ‪T‬عونَ ف‪T‬يكونُ مَس‪T‬يرُكَ‬
‫أص‪T‬لَحَكَ اهللُ غِ‪T‬ناً وفَ‪T‬ضالً‪ ،‬ف‪T‬أخَ‪T‬ذْن‪T‬ا ع‪T‬ليهِمُ امل‪T‬واث‪T‬يقَ امل‪T‬غلَّظةَ ب‪T‬إمي‪T‬انِ‪T‬هم‪ :‬لَ‪T‬ئِنْ أن‪T‬تَ قَ‪T‬دِمْ‪T‬تَ‬
‫ع‪T‬ليهِم ف‪T‬أمَّ‪T‬نْتَهُمْ ع‪T‬لى أن‪T‬فُسِهِمْ وأم‪T‬والِ‪T‬هِمْ لَ‪T‬يَقْبَلَنَّ ذل‪T‬كَ‪ ،‬ولَ‪T‬يُؤدِّي‪T‬نَ اجلِ‪T‬زي‪T‬ةَ‪ ،‬ولَ‪T‬يَدْخُ‪T‬لَّنَ‬
‫ف‪T‬يما دَخَ‪T‬لَ ف‪T‬يهِ أه‪T‬لُ ال‪T‬ذِّمَّ‪T‬ةِ‪ ،‬ف‪T‬إنْ رأي‪T‬تَ ي‪T‬ا أم‪T‬يرَ امل‪T‬ؤمِ‪T‬ننيَ أنْ تَ‪T‬قْدمَ عَ‪T‬لينا ف‪T‬افْ‪T‬علَ‪ .‬ف‪T‬إنّ ف‪T‬ي‬
‫مَسيرِكَ أجراً وصالحاً وعافيةَ املسلمنيَ‪ ،‬أراكَ اهللُ رُشْدَكَ‪ ،‬وَيَسَّرَ أمْرَكَ‪.‬‬
‫والسالمُ عليكِم‪.1‬‬
‫ه‪TT‬ذا م‪TT‬ا أع‪TT‬طى ع‪TT‬بدُ اهللِ أم‪TT‬يرُ امل‪TT‬ؤم‪TT‬ننيَ )عُ ‪T‬مَرُ ب ‪T‬نُ اخل ‪T‬طَّابِ( أه ‪T‬لَ إي‪TT‬ليا مِ‪TT‬ن األم‪TT‬انِ؛‬
‫أع‪T‬طاهُ‪T‬مْ أم‪T‬ان‪T‬اً ألن‪T‬فُسِهِم وأم‪T‬والِ‪T‬همْ وك‪T‬نائِ‪T‬سِهِم وصُ‪T‬لْبَناهِ‪T‬م‪ ،‬وسَ‪T‬قيمِها وب‪T‬ري‪T‬ئِها وس‪T‬ائِ‪T‬ر‬
‫مِ‪T‬لَّتِها أنّ‪T‬ه ال تُ‪T‬سْكَنُ ك‪T‬نائِ‪T‬سُهُمْ‪ ،‬وال تُهْ‪T‬دَمُ‪ ،‬واليُ‪T‬نتَقَصَ م‪T‬نها‪ ،‬وال مِ‪T‬ن ح‪T‬يّزه‪T‬ا‪ ،‬وال مِ‪T‬ن‬
‫صُ‪T‬لُبِهِم‪ ،‬وال مِ‪T‬ن ش‪T‬يءٍ مِ‪T‬ن أم‪T‬والِ‪T‬هِم‪ ،‬وال يُ‪T‬كرَهُ‪T‬ونَ ع‪T‬لى دِي‪T‬نهِم‪ ،‬وال يُ‪T‬ضارَّ أح‪T‬دٌ م‪T‬نهُم‪،‬‬
‫وال يَ‪TT‬سكُنَ ب‪TT‬إي‪TT‬لياء )ال‪TT‬قدسِ( م‪TT‬عهُم أح ‪T‬دٌ مِ‪TT‬ن ال‪TT‬يهودِ‪ ،‬وع‪TT‬لى أه ‪T‬لِ إي‪TT‬ليا أنْ يُ‪TT‬عطُوا‬
‫اجل‪TT‬زي ‪T‬ةَ ك‪TT‬ما يُ‪TT‬عطي أه ‪T‬لُ امل‪TT‬دائ ‪T‬نِ‪ ،‬وع‪TT‬ليهِم أنْ يُخ ‪T‬رِجُ‪TT‬وا مِ‪TT‬نها ال ‪T‬رُّومَ وال‪TT‬لصوصَ؛ ف ‪T‬مَنْ‬
‫خَ‪T‬رَجَ مِ‪T‬نهُم ف‪T‬هُوَ آمِ‪T‬نٌ ع‪T‬لى ن‪T‬فْسِه وم‪T‬الِ‪T‬ه ح‪T‬تّى ي‪T‬بلغُوا م‪T‬أم‪T‬نَهُم‪ ،‬ومَ‪T‬ن أق‪T‬امَ م‪T‬نهُم ف‪T‬هُو آمِ‪T‬نٌ‪،‬‬
‫وع‪T‬ليهِ م‪T‬ثلُ م‪T‬ا ع‪T‬لى أه‪T‬لِ إي‪T‬ليا مِ‪T‬ن اجلِ‪T‬زْي‪T‬ةِ‪ ،‬ومَ‪T‬ن أح‪T‬بَّ مِ‪T‬ن أه‪T‬لِ إي‪T‬ليا أنّ يَس‪T‬يرَ ب‪T‬نَفْسِه‬
‫‪ 1‬ﻣﺤﻤﺪ ﺣﻤﯿﺪ ﷲ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٤٨٣‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٤٢‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫وم‪T‬الِ‪T‬ه م‪T‬ع ال‪T‬رُّومِ ويخ‪T‬لي بِ‪T‬يعَهُم وصُ‪T‬لُبِهِم؛ ف‪T‬إنّ‪T‬هُم آمِ‪T‬نونَ ع‪T‬لى أن‪T‬فُسِهم وع‪T‬لى بِ‪T‬يَعِهِم‬
‫وع‪T‬لى صُ‪T‬لُبِهِم ح‪T‬تّى ي‪T‬بلغُوا م‪T‬أمَ‪T‬نَهُم‪ ،‬ومَ‪T‬ن ك‪T‬انَ ف‪T‬يها مِ‪T‬ن أه‪T‬لِ األرضِ قَ‪T‬بْلَ مَ‪T‬قتَلِ فُ‪T‬النٍ؛‬
‫ف‪T‬مَنْ ش‪T‬اءَ مِ‪T‬نهُم قَ‪T‬عَدَ‪ ،‬وع‪T‬ليهِ مِ‪T‬ثلُ م‪T‬ا ع‪T‬لى أه‪T‬لِ إي‪T‬ليا مِ‪T‬ن اجل‪T‬زي‪T‬ةِ‪ ،‬ومَ‪T‬ن ش‪T‬اءَ س‪T‬ارَ م‪T‬ع‬
‫الرُّومِ‪ ،‬ومَن رَجَعَ إلى أهلِه؛ فإنَّه ال يُؤخَذُ مِنهُم شيءٌ حتّى يَحصُدوا حَصادَهُم‪.‬‬
‫ع‪TT‬لى م‪TT‬ا ف‪TT‬ي ال‪TT‬كتابِ عَهْ ‪T‬دُ اهللِ وذِمَّ ‪T‬ةُ اخل‪TT‬فاءِ وذِمَّ ‪T‬ةُ امل‪TT‬ؤم‪TT‬ننيَ إذا أع ‪T‬طُوا ال‪TT‬ذي ع‪TT‬ليهِم‬
‫اجلِزيةَ‪.‬‬
‫شَهِ‪T‬دَ ع‪T‬لى ذل‪T‬كَ خ‪T‬ال‪T‬دُ ب‪T‬نُ ال‪T‬ول‪T‬يدِ‪ ،‬عَ‪T‬مْرُو ب‪T‬نُ ال‪T‬عاصِ‪ ،‬ع‪T‬بدُ ال‪T‬رح‪T‬منِ ب‪T‬نُ عَ‪T‬وفٍ‪ ،‬م‪T‬عاوي‪T‬ةُ‬
‫بنُ أبي سُفيانَ‪،‬‬
‫وكُتِبَتْ وحَضَرَ سَنةَ خمس عشر‪ 1‬أنّ‪:‬‬
‫العُه‪T‬دَةَ ال‪T‬عُمري‪T‬ةَ ب‪T‬دأتْ بِ‪T‬ذِكْ‪T‬رِ اسْ‪T‬مِ اهللِ سُ‪T‬بحانَ‪T‬ه وت‪T‬عال‪T‬ى دل‪T‬يالً ع‪T‬لى اإلمي‪T‬انِ ب‪T‬هِ‪ ،‬وألنَّ‬
‫)كُ ‪T‬لّ م‪TT‬ا ل‪TT‬م يُ ‪T‬ذْكَ ‪T‬رِ اس ‪T‬مُ اهللِ ع‪TT‬ليه ف ‪T‬هُو أب‪TT‬ترُ(‪ ،‬أضِ ‪T‬فْ إل‪TT‬ى ذل ‪T‬كَ أنّ اس ‪T‬مْ "اهللِ" ت‪TT‬عال‪TT‬ى‬
‫يعني )األمانَ واالطمئنانَ(؛ وذلك على عادةِ الرسائلِ في صَدْرِ اإلسالم‪.‬‬
‫إظ‪T‬هارَ ال‪T‬تواض‪T‬عِ وال‪T‬تطامُ‪T‬نِ هللِ س‪T‬بحانَ‪T‬ه؛ ح‪T‬يثُ ق‪T‬ال‪T‬ت امل‪T‬عاهَ‪T‬دةُ‪ :‬ه‪T‬ذا م‪T‬ا أع‪T‬طى"ع‪T‬بدُ اهللِ"‬
‫عُمَرُ بنُ اخلطَّابِ أيّ‪ :‬أنّه يَقرُّ بالعبوديةِ هللِ‪ ،‬ويَشهَدُ له بالوحدانيَّةِ‪.‬‬
‫ل‪T‬فظةَ" أع‪T‬طى "تُ‪T‬ومِ‪T‬ئُ إل‪T‬ى أنّ ه‪T‬ذه امل‪T‬يزاتِ ال‪T‬تي ق‪T‬دَّم‪T‬تْها امل‪T‬عاه‪T‬دةُ ه‪T‬ي )هِ‪T‬بَةٌ ومِ‪T‬نحَةٌ(‬
‫مِن أميرِ املؤمننيَ ألهلِ إيلياء‪ ،‬وليستْ حقّاً مِن حُقوقهِم‪.‬‬
‫‪ 1‬ﻣﺤﻤﺪ ﺣﻤﯿﺪ ﷲ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ‪٤٨٩‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٤٣‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ب‪T‬يانَ "ع‪T‬بدِ اهللِ" ه‪T‬و )أم‪T‬يرُ امل‪T‬ؤم‪T‬ننيَ(‪ ،‬وه‪T‬ذا م‪T‬وق‪T‬فٌ س‪T‬ياس‪T‬يٌّ؛ مب‪T‬عنى‪ :‬أنّ مَ‪T‬ن أع‪T‬طى‬
‫ه‪T‬ذه العُه‪T‬دَةَ ه‪T‬و خ‪T‬ليفةُ املس‪T‬لمنيَ أم‪T‬يرُ امل‪T‬ؤم‪T‬ننيَ‪ ،‬ف‪T‬اص‪T‬طبَغَتِ امل‪T‬عاه‪T‬دةُ ب‪T‬تلكَ ال‪T‬صِّبْغَةِ‬
‫الرَّسميَّةِ‪ ،‬وتعني مِن وجْهٍ آخرَ‪:‬‬
‫أنَّها أصبحَتْ نافذةَ املفعولِ‪ ،‬وأنّ على اجلميعِ أن يُطبِّقُوا بُنودَها بِ)دِقَّةٍ وأمانةٍ(‪.‬‬
‫أنّ إيلياء"القُدس" التي شرَّفَها اهللُ سُبحانَه وتعالى بِذِكْرِ مَسجدِها في قرآنِه العزيزِ‪،‬‬
‫أنّ اهللَ سُ‪T‬بحانَ‪T‬ه بَشَّ‪T‬رَ ب‪T‬فتحِ ب‪T‬يتِ امل‪T‬قدسِ؛ ح‪T‬يثُ بَشَّ‪T‬رَ اهللُ ت‪T‬باركَ وت‪T‬عال‪T‬ى ن‪T‬بيَّهَ مُح‪T‬مَّداً‬
‫ص‪T‬لّى اهللُ ع‪T‬ليهِ وس‪T‬لّمَ ب‪T‬ذل‪T‬كَ ف‪T‬ي ق‪T‬ولِ‪T‬ه ت‪T‬عال‪T‬ى‪) :‬سُ‪T‬بْحانَ ال‪T‬ذي أسْ‪T‬رَى بِ‪T‬عَبْدِهِ لَ‪T‬يالً مِ‪T‬نَ‬
‫املسْجِ‪T‬دِ احلَ‪T‬رامِ إل‪T‬ى املسْجِ‪T‬دِ األقْ‪T‬صَى ال‪T‬ذي ب‪T‬ارَكْ‪T‬نا حَ‪T‬ولَ‪T‬هُ لِ‪T‬نُرِيَ‪T‬هُ مِ‪T‬نْ آي‪T‬اتِ‪T‬نا إنَّ‪T‬هُ هُ‪T‬وَ ال‪T‬سَّمِيعُ‬
‫البَصيرُ( )اإلسراء‪.(۱:‬‬
‫املسجدَ األقْصى وما يُجاوِرُهُ سيَكُونُ ضِمْنَ الدولةِ اإلسالميةِ‪.‬‬
‫مَس‪TT‬يرَ أم‪TT‬يرِ امل‪TT‬ؤم‪TT‬ننيَ عُ ‪T‬مَرَ ب ‪T‬نِ اخل ‪T‬طَّابِ رض ‪T‬يَ اهللُ ع‪TT‬نهُ إل‪TT‬يها لِتَسَ ‪T‬لُّمِ م‪TT‬فات‪TT‬يحِها مِ‪TT‬ن‬
‫األُسقُفِ "صفروني" وسكان"؛ ملَِا تتمتَّعُ به املدينةُ مِن قُدْسيَّةٍ ومكانةٍ عظيمةٍ‪.‬‬
‫اإلش‪TT‬ارةَ إل‪TT‬ى أنَّ األم‪TT‬انَ ال‪TT‬ذي مُ ‪T‬نِحَ ل‪TT‬همْ ق‪TT‬د أع‪TT‬طاهُ ‪T‬مُ اهللُ إيّ‪TT‬اه؛ ح‪TT‬يثُ ن ‪T‬صَّتِ العُه ‪T‬دَةُ‪:‬‬
‫"أع‪T‬طاهُ‪T‬مُ اهللُ أم‪T‬ان‪T‬اً ألن‪T‬فُسِهِمْ‪ ،‬ولِ‪T‬كَنائِ‪T‬سِهِمْ‪ ،‬وصُ‪T‬لْبانِ‪T‬ها‪ ،‬وسَ‪T‬قيمِها‪ ،‬وبَ‪T‬ري‪T‬ئِها‪ ،‬وس‪T‬ائ‪T‬رِ‬
‫مِ ‪T‬لّتِها"؛ ف‪TT‬كانَ األم‪TT‬انُ ش‪TT‬امِ ‪T‬الً ع‪TT‬امَّ ‪T‬اً لِ ‪T‬كُلِّ ش‪TT‬يءٍ ف‪TT‬ي امل‪TT‬دي‪TT‬نةِ‪ ،‬وف‪TT‬ي ه‪TT‬ذا زي‪TT‬ادةُ ت‪TT‬وك‪TT‬يدٍ‬
‫وتوثيقٍ لهذه؛ فاألحرَى أالّ تُخالَفَ‪ ،‬أو تُنتَقَضَ‪.‬‬
‫أش ‪TT‬ارتِ العُه‪T T‬دَةُ إل ‪TT‬ى احل ‪TT‬قوقِ وال ‪TT‬واج ‪TT‬باتِ م ‪TT‬ع ت ‪TT‬وخِّ ‪TT‬ي ال ‪TT‬عدلِ واإلن ‪TT‬صافِ؛ بهَ ‪TT‬دفِ‬
‫االس‪T‬تقرارِ‪ ،‬وإش‪T‬اع‪T‬ةِ األم‪T‬نِ واألم‪T‬انِ ف‪T‬ي امل‪T‬دي‪T‬نةِ دونَ ت‪T‬ضييعٍ حل‪T‬قوقِ ال‪T‬طرف‪T‬نيِ امل‪T‬تعاقِ‪T‬دَي‪T‬نِ‬
‫ك‪T‬ليهِما؛ ف‪T‬في ح‪T‬نيَ ي‪T‬قومُ املس‪T‬لمونَ مب‪T‬نحِ ه‪T‬ذا األم‪T‬انِ بـ )اس‪T‬مِ اهللِ( وفْ‪T‬قاً لِ‪T‬لبُنودِ ال‪T‬واردةِ‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٤٤‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ف‪T‬يه‪ ،‬وأخَ‪T‬صّها أالّ يُ‪T‬ساكِ‪T‬نَهُم ف‪T‬ي امل‪T‬دي‪T‬نةِ أح‪T‬دٌ مِ‪T‬ن ال‪T‬يهودِ‪ .‬وه‪T‬ذهِ ال‪T‬عبارةُ حت‪T‬تملُ ع‪T‬دَّةَ‬
‫مَعانٍ‪:‬‬
‫* األوّلَ‪ :‬أنّ اخلليفةَ ضَمِنَ لهُمْ هذا احلقَّ‪،‬‬
‫* والثاني‪ :‬حتتملُ أنّه شَرَطَ عليهِم أالّ يسكُنَ معهُم أحدٌ مِن اليهودِ‪،‬‬
‫* والثالثِ‪ :‬أنّ النصارى طلبُوا مِن اخلليفةِ ذلك فأقرَّهُم‪،‬‬
‫ون‪T‬صّ ع‪T‬ليهِ ف‪T‬ي العُه‪T‬دةِ؛ ألنّ ال‪T‬يهودَ ك‪T‬ان‪T‬وا ق‪T‬د مُ‪T‬نِعُوا مِ‪T‬ن سُ‪T‬كنى ال‪T‬قُدْسِ م‪T‬نذُ س‪T‬نةِ‪۱۳٥‬‬
‫م ع‪T‬ندم‪T‬ا أث‪T‬ارُوا ال‪T‬شغَبَ ع‪T‬لى ال‪T‬نصارى‪ ،‬ف‪T‬تمكَّنَ اإلم‪T‬براط‪T‬ورُ ال‪T‬روم‪T‬ان‪T‬يُّ "ه‪T‬دري‪T‬ان" مِ‪T‬ن‬
‫ال‪T‬تنكيلِ ب‪T‬امل‪T‬شاغِ‪T‬بنيَ‪،‬ودَمَّ‪T‬رَ "أورش‪T‬ليم"َ‪ ،‬وحَ‪T‬رَثَ م‪T‬وقِ‪T‬عَها ال‪T‬ذي ك‪T‬ان‪T‬ت ق‪T‬ائ‪T‬مةً ع‪T‬ليه‪،‬‬
‫وق ‪T‬تَلَ ع‪TT‬دداً ك‪TT‬بيراً م‪TT‬ن ال‪TT‬يهودِ‪ ،‬وس ‪T‬بَى ع‪TT‬دداً آخَ ‪T‬رَ‪ ،‬ث ‪T‬مَّ م‪TT‬نعَهُمْ مِ‪TT‬ن دُخ‪TT‬ولِ ال‪TT‬قدسِ‬
‫وال‪T‬سكَنِ ف‪T‬يها‪ ،‬أو ال‪T‬دن‪T‬وِّ مِ‪T‬نها‪ ،‬وسَ‪T‬مَحَ للمَس‪T‬يحينيَ أنْ يُ‪T‬قيمُوا ب‪T‬ها ع‪T‬لى أالّ ي‪T‬كونُ‪T‬وا مِ‪T‬ن‬
‫أص ‪T‬لٍ ي‪TT‬هوديٍّ‪ ،‬وس ‪T‬مَّى امل‪TT‬دي‪TT‬نة"إي‪TT‬ليا ك‪TT‬اب‪TT‬يتول‪TT‬ينا" مُش‪TT‬تقَّةً مِ‪TT‬ن اس ‪T‬مِ أس‪TT‬رةِ "ه‪TT‬دري‪TT‬ان"‬
‫املدعوَّة" إيليا"‪.‬‬
‫وَج‪T‬اءَ ال‪T‬فتحُ وي‪T‬هودُ مَح‪T‬روم‪T‬ونَ مِ‪T‬ن دُخ‪T‬ولِ ال‪T‬قُدسِ؛ ألنَّ‪T‬هُم اغ‪T‬تنَمُوا فُ‪T‬رص‪T‬ةَ ال‪T‬غزوِّ ال‪T‬فارس‪T‬يِّ‬
‫األخ‪TT‬يرِ ل‪TT‬بالدِ ال‪TT‬شامِ؛ ف‪TT‬هاجَ ‪T‬مُوا ال‪TT‬نصارى وأث ‪T‬خَنُوا ف‪TT‬يهِم‪ ،‬وك‪TT‬ان‪TT‬وا يَش‪TT‬ترُونَ األسْ‪TT‬رى‬
‫النصارى مِن الفُرْسِ لِيَذْبَحُوهُمْ‪ ،‬فازدادَ العِداءُ بينَهُم وبنيَ النصارى‪.‬‬
‫وع‪T‬ندم‪T‬ا اس‪T‬تعادَ "هِ‪T‬رق‪T‬لُ" ال‪T‬قُدسَ س‪T‬نة ‪ ٦۲۷‬م ط‪T‬ردَهُ‪T‬مْ مِ‪T‬نها‪ ،‬وحَ‪T‬رَّمَ ع‪T‬ليهم دُخ‪T‬ولَ‪T‬ها‬
‫مب‪T‬شورةِ رج‪T‬الِ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ ال‪T‬نصارى‪ .‬وع‪T‬لى ه‪T‬ذا‪ :‬ف‪T‬يكونُ أه‪T‬لُ ال‪T‬قدسِ ق‪T‬د ط‪T‬لبُوا أن يُسجِّ‪T‬لَ‬
‫ل‪T‬هم ه‪T‬ذا احل‪T‬قَّ ف‪T‬ي العه‪T‬دِ‪ ،‬ف‪T‬اس‪T‬تجابَ عُ‪T‬مَرُ ب‪T‬نُ اخل‪T‬طَّابِ ملَِ‪T‬طلَبِهِم‪ ،‬وي‪T‬حتملُ أن ي‪T‬كونَ‬
‫عُ ‪T‬مَرُ ب ‪T‬نُ اخل ‪T‬طَّابِ رض‪TT‬ي اهلل ع‪TT‬نهُ شَ ‪T‬رَطَ ذل ‪T‬كَ؛ ألنّ‪TT‬ه أرادَ أن يُطهِّ ‪T‬رَ ال‪TT‬قدسَ مِ‪TT‬ن خُ‪TT‬بثِهِم‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٤٥‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ك‪T‬ما طهِّ‪T‬رَتْ م‪T‬كَّةُ وامل‪T‬دي‪T‬نةُ‪ ،‬وف‪T‬ي م‪T‬قاب‪T‬لِ ذل‪T‬ك ع‪T‬ليهِم أن يُ‪T‬عطُوا اجلِ‪T‬زي‪T‬ةَ وأن يُخ‪T‬رِجُ‪T‬وا مِ‪T‬ن‬
‫املدينةِ الرومَ واللصوصَ‪.‬‬
‫وه‪T‬ذا ي‪T‬دلُّ ع‪T‬لى أنّ سُ‪T‬كَّانَ ال‪T‬قُدسِ ل‪T‬م ي‪T‬كونُ‪T‬وا مِ‪T‬ن ال‪T‬رومِ؛ وإمنّ‪T‬ا ك‪T‬انُ‪T‬وا مِ‪T‬ن أه‪T‬لِ فِلس‪T‬طنيَ‬
‫ال‪T‬ذي‪T‬نَ أح‪T‬بُّوا ال‪T‬سكَنَ بِ‪T‬جوارِ املسج‪T‬دِ األق‪T‬صى وآث‪T‬ارِ س‪T‬يِّدن‪T‬ا املس‪T‬يحِ ع‪T‬ليه السَّ‪T‬المُ؛ ل‪T‬كنّ‬
‫قولَه‪":‬ومَنْ أقامَ مِنْهُم" يُفْهَمُ منه التفريقُ بني نوعَنيِ مِن الرومِ‪:‬‬
‫* النوعُ األوَّلُ‪ :‬جُنودُ الرومِ أو )احلاميةُ الرومانيةُ(‪،‬‬
‫* والنوعُ الثاني‪ :‬الرومُ الذينَ جاؤوا لِلعبادةِ في القدسِ )زُوَّاراً‪ ،‬أو مُجاورِينَ(‪.‬‬
‫ول‪T‬علَّنا نُ‪T‬دْرِكُ أنّ اش‪T‬تراطَ ال‪T‬نصارى ع‪T‬لى أم‪T‬يرِ امل‪T‬ؤم‪T‬ننيَ أالّ يُ‪T‬سكانِ‪T‬هُمْ ف‪T‬ي م‪T‬دي‪T‬نتِهم أحَ‪T‬دٌ‬
‫مِ‪T‬ن ال‪T‬يهودِ ك‪T‬ان ملِ‪T‬ا ي‪T‬علَمُونَ مِ‪T‬ن إف‪T‬سادِهِ‪T‬م ف‪T‬ي األرضِ‪ ،‬وإش‪T‬عالِ‪T‬هم ن‪T‬ارَ احل‪T‬روبِ‪ ،‬ونَشْ‪T‬رِ‬
‫ال‪T‬فُرق‪T‬ةِ وال‪T‬فِنتَ‪ ،‬وي‪T‬عني ك‪T‬ذل‪T‬كَ أنّ أح‪T‬داً مِ‪T‬ن ال‪T‬يهودِ ل‪T‬م ي‪T‬كُنْ ي‪T‬سكُنْ ف‪T‬يها آن‪T‬ذاكَ‪ ،‬وأنّ‬
‫ش‪TT‬رطَ ‪T‬هُم ه‪TT‬ذا ي‪TT‬نسحبُ ع‪TT‬لى أرضِ فِلس‪TT‬طنيَ ك‪TT‬افّ ‪T‬ةً؛ وذل‪TT‬ك أنّ‪TT‬ها "أرضُ املِ‪TT‬عراجِ"‪،‬‬
‫وك‪T‬ونُ‪T‬ها "ح‪T‬اض‪T‬رةَ فِلس‪T‬طنيَ"‪ ،‬و"فِلس‪T‬طنيُ دُرَّةُ ال‪T‬شامِ"‪ ،‬وأنّ "ال‪T‬قُدسَ جَ‪T‬وه‪T‬رةُ ال‪T‬شامِ"؛‬
‫ب‪T‬ل "جَ‪T‬وه‪T‬رةَ ال‪T‬عالَ‪T‬مِ اإلس‪T‬الم‪T‬يِّ" ب‪T‬عامَّ‪T‬ة‪ .‬وم‪T‬عَ عِ‪T‬لمنا أنّ "ال‪T‬قُدسَ ع‪T‬رب‪T‬يةٌ" م‪T‬نذُ إن‪T‬شائِ‪T‬ها؛‬
‫ح‪TT‬يثُ ب‪TT‬ناه‪TT‬ا امل‪TT‬لكُ ال‪TT‬عرب ‪T‬يُّ ال‪TT‬يمنيُّ "س‪TT‬الِ‪TT‬م"‪ ،‬وأص ‪T‬بَحَتْ تُ‪TT‬سمّى"أور س‪TT‬الِ‪TT‬م"؛ أيّ‪:‬‬
‫)م‪T‬دي‪T‬نة س‪T‬الِ‪T‬م(‪،‬عَ‪T‬لِمْنا أيَّ ب‪T‬اط‪T‬لٍ ي‪T‬نطوي ع‪T‬لى ادع‪T‬اءِ ال‪T‬يهودِ ال‪T‬يومَ ملِ‪T‬لْكيَّةِ ه‪T‬ذه امل‪T‬دي‪T‬نةِ‬
‫املباركةِ‪.‬‬
‫أب‪TT‬رزَتِ العُه‪TT‬دةُ أنّ ال‪TT‬رومَ وال‪TT‬لصوصَ وال‪TT‬يهودَ مِ‪TT‬ن اخلُ‪TT‬طورةِ ع‪TT‬لى امل‪TT‬دي‪TT‬نةِ مب‪TT‬كانٍ؛ ف ‪T‬هُم‬
‫مُتساوونَ جميعاً مِن هذا الوجْه‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٤٦‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫إنّ ع‪T‬لى املس‪T‬لِمنيَ ح‪T‬اك‪T‬مِهِم ومَ‪T‬حكومِ‪T‬هم أن يَ‪T‬رْعَ‪T‬وا ه‪T‬ذا العه‪T‬دَ‪ ،‬ويُ‪T‬طبِّقُوا أرك‪T‬انَ‪T‬ه ع‪T‬لى‬
‫الوجْهِ األكملِ‪ ،‬وعلى ذلك ذِمَّةُ اهللِ ورَسُولِه واخللفاءِ واملؤمننيَ جميعاً‪.‬‬
‫يُ‪T‬ختَمُ ال‪T‬كتابِ"العُه‪T‬دةُ"‪ ،‬وميُهَ‪T‬رُ ب‪T‬توق‪T‬يعِ أم‪T‬يرِ امل‪T‬ؤم‪T‬ننيَ عُ‪T‬مَرَ ب‪T‬نِ اخل‪T‬طَّابِ‪ ،‬وه‪T‬ذا دل‪T‬يلٌ‬
‫على أهميَّةِ العُهدةِ املرتبطةِ بقدسيَّةِ املكانِ‪.‬‬
‫ودل‪T‬يلٌ ع‪T‬لى أه‪T‬ميةِ ه‪T‬ذا احل‪T‬دثِ أن يشه‪T‬دَ ع‪T‬لى العه‪T‬دةِ ج‪T‬لَّةُ ال‪T‬صحاب‪T‬ةِ ال‪T‬ذي‪T‬نَ وردَتْ‬
‫أسماؤهُم بها‪.‬‬
‫ت‪TT‬أري ‪T‬خُ ه‪TT‬ذه العُه‪TT‬دةِ ب‪TT‬ال‪TT‬تاري ‪T‬خِ الهج‪TT‬ريِّ إمي‪TT‬اءٌ إل‪TT‬ى أنّ ال‪TT‬تاري ‪T‬خَ الهج‪TT‬ريَّ ق‪TT‬د اع ‪T‬تُمِدَ ف‪TT‬ي‬
‫األمورِ الرسميةِ‪.‬‬
‫إنّ هذه العُهدةَ أصبحَت إماماً لِكُلِّ العهودِ التي عُقِدَتْ مع نصارى الشامِ وغيرِهم‪.‬‬
‫ب‪T‬يَّنَتِ العُه‪T‬دةُ أنّ ال‪T‬عالق‪T‬ةَ ب‪T‬نيَ ال‪T‬دول‪T‬ةِ اإلس‪T‬الم‪T‬يةِ وغ‪T‬يرِه‪T‬ا ممَّ‪T‬نْ ت‪T‬رت‪T‬بِطُ ب‪T‬همْ ف‪T‬ي مُ‪T‬عاهَ‪T‬داتٍ‬
‫البُدَّ أن تكونَ مكتوبةً ومُوثَّقةً‪.‬‬
‫كُ ‪T‬تِبَتْ ه‪TT‬ذه العُه‪TT‬دةُ بـ)ال‪TT‬لغةِ ال‪TT‬عرب‪TT‬يةِ(؛ ممّ‪TT‬ا يُش‪TT‬يرُ إل‪TT‬ى أنّ‪TT‬ها أص‪TT‬بحَتِ ال‪TT‬لغةَ ال‪TT‬رس‪TT‬ميةَ‬
‫لألُمَّةِ‪ ،‬وبها تُكتَبُ العهودُ واملواثيقُ‪.‬‬
‫ام‪T‬تازتْ ه‪T‬ذه العُه‪T‬دةُ ب‪T‬لغةٍ س‪T‬ليمةٍ واض‪T‬حةٍ‪ ،‬ودقَّ‪T‬ةٍ ف‪T‬ي ال‪T‬عباراتِ وامل‪T‬عان‪T‬ي؛ فه‪T‬ي خ‪T‬ال‪T‬يةٌ‬
‫مِ‪T‬ن أيِّ )إب‪T‬هامٍ أو غُ‪T‬موضٍ(؛ ب‪T‬حيثُ ال حت‪T‬تاجُ إل‪T‬ى تفس‪T‬يرٍ‪ ،‬أو ت‪T‬أوي‪T‬لٍ‪ ،‬أو اخ‪T‬تالفٍ ع‪T‬لى‬
‫املقصودِ‪.‬‬
‫وض‪T‬وحِ امل‪T‬عان‪T‬ي وال‪T‬غاي‪T‬ةِ واله‪T‬دفِ م‪T‬ع اإلي‪T‬جازِ‪ ،‬وال‪T‬بُعْدِ ع‪T‬ن اإلط‪T‬نابِ‪ ،‬وإنْ ك‪T‬ان ب‪T‬ها ش‪T‬يءٌ‬
‫مِن التفصيلِ؛ فزيادةً في التأكيدِ وتوضيحاً للحقوقِ والواجباتِ‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٤٧‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اع‪T‬تمدتِ امل‪T‬وازن‪T‬ةُ وامل‪T‬قاب‪T‬لةُ ب‪T‬ني اجلُ‪T‬مَلِ وال‪T‬عِباراتِ؛ م‪T‬ن ح‪T‬يث ال‪T‬طُّولُ وال‪T‬قِصَرِ‪ ،‬وام‪T‬تازتْ‬
‫ب ‪T‬قِصَرِه‪TT‬ا‪ ،‬وقِ ‪T‬صَرِ ال ‪T‬فِقراتِ واجلُ ‪T‬مَلِ ف‪TT‬يها‪ ،‬ال‪TT‬تي ت‪TT‬أخُ ‪T‬ذُ ب‪TT‬عضُها بِحُجُ ‪T‬زِ ب‪TT‬عضٍ دُونَ أن‬
‫يكونَ بها أيُّ )غُموضٍ أو غريبٍ( في األلفاظِ؛ فـ )البالغةُ اإليجازُ(‪.‬‬
‫وك‪TT‬ان ‪T‬تْ ب‪TT‬عيدةً ع‪TT‬ن احل ‪T‬شْوِ واإلف‪TT‬راطِ‪.‬ك‪TT‬ما رُتِّ ‪T‬بَتْ م‪TT‬وادُّه‪TT‬ا وفُ ‪T‬صِّلَتْ بُ‪TT‬نودُه‪TT‬ا أوض ‪T‬حَ‬
‫ت‪T‬فصيلِ؛ ف‪T‬تبدأُ ب‪T‬األم‪T‬انِ ع‪T‬لى ال‪T‬نفوسِ‪ ،‬ومِ‪T‬نْ ثَ‪T‬مَّ األم‪T‬والِ وال‪T‬كنائ‪T‬سِ‪ ،‬وحُ‪T‬ريّ‪T‬ةِ امل‪T‬عتقَدِ‬
‫ال‪T‬دي‪T‬نيِّ‪ ،‬وأس‪T‬لوبُ اجل‪T‬معِ واض‪T‬حٍ ف‪T‬ي ع‪T‬باراتِ العُه‪T‬دةِ؛ ب‪T‬حيثُ تُ‪T‬طبَّقُ ع‪T‬لى اجل‪T‬ميعِ دونَ‬
‫استثناءٍ‪.‬‬
‫مت ‪T‬يّزَتِ األل‪TT‬فاظُ ب‪TT‬ال‪TT‬قوَّةِ وال‪TT‬وض‪TT‬وحِ؛ ألنّ ال‪TT‬فاروق رض ‪T‬يَ اهللُ ع‪TT‬نهُ ك‪TT‬ان حَ‪TT‬ري‪TT‬صاً ع‪TT‬لى‬
‫اإلف‪TT‬هامِ وت‪TT‬وض‪TT‬يحِ امل‪TT‬طلوبِ‪،‬م‪TT‬ع إك‪TT‬سابِ العُه‪TT‬دةِ ج ‪T‬وَّاً م‪TT‬ن ال‪TT‬قوَّةِ إلمت‪TT‬امِ ال‪TT‬عملِ ب‪TT‬ها‬
‫أله‪TT‬ميَّتِها ول‪TT‬زومِ األم ‪T‬رِ ف‪TT‬ي ت‪TT‬أدي ‪T‬تِها؛ ف‪TT‬أس‪TT‬لوبُ األم ‪T‬رِ ف‪TT‬يها واض ‪T‬حٌ‪ ،‬واس‪TT‬تخدامِ ال‪TT‬فعلِ‬
‫امل‪T‬ضارعِ يُ‪T‬ضفي ع‪T‬ليها االس‪T‬تمرارَ وال‪T‬دمي‪T‬وم‪T‬ةَ ك‪T‬قولِ‪T‬ه‪" :‬ال تُ‪T‬سْكَنُ ك‪T‬نائِ‪T‬سُهُمْ‪ ،‬وال تُهْ‪T‬دَمُ‬
‫وال يُ‪T‬نتَقَصَ مِ‪T‬نها‪ ،‬وال يُ‪T‬كرَهُ‪T‬ونَ ع‪T‬لى دِي‪T‬نِهم‪ ،‬وال يُ‪T‬سكَنَ ب‪T‬إي‪T‬لياء م‪T‬عهُم‪ ،..‬ال يُ‪T‬ؤخَ‪T‬ذُ‬
‫مِنهُم‪ ،..‬وعليهِم أن يُعطُوا اجلِزيةَ‪ ،‬وعليهِم أن يخرجُوا منها الرُّومَ واللصوصِ‪.‬‬
‫وممّ‪T‬ا زادَ ف‪T‬ي ق‪T‬وةٍ أس‪T‬لوبِ‪T‬ه ووض‪T‬وحِ‪T‬ه)خُ‪T‬لُوُّ ال‪T‬نَّصِّ مِ‪T‬ن احمل‪T‬سِّناتِ ال‪T‬بدي‪T‬عيةِ‪ ،‬وع‪T‬دمُ ال‪T‬تكلُّفِ‬
‫في إيرادِها(‪.‬‬
‫جتس‪T‬يدُ وح‪T‬دةِ امل‪T‬وض‪T‬وعِ ف‪T‬يها؛ ف‪T‬مَوضُ‪T‬وعُ‪T‬ها واح‪T‬دٌ ركَّ‪T‬زَ علىئ العُه‪T‬دةِ وم‪T‬ا قَ‪T‬دَّمَ‪T‬تْ مِ‪T‬ن‬
‫أم‪T‬انٍ‪ ،‬وأب‪T‬رزتْ مِ‪T‬ن مِ‪T‬يزاتٍ‪ ،‬وح‪T‬دَّدَتْ مِ‪T‬ن ش‪T‬روطٍ؛ ممّ‪T‬ا ي‪T‬دعُ‪T‬و إل‪T‬ى ال‪T‬قولِ‪) :‬أنّ ال‪T‬وح‪T‬دةَ‬
‫املوضوعيةَ قد جتلَّتْ فيها(‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٤٨‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫إنّ العُه‪T‬دةَ ق‪T‬د أوض‪T‬حَتْ ب‪T‬جَالءٍ مَ‪T‬قدِرةَ أم‪T‬ير امل‪T‬ؤم‪T‬ننيَ عُ‪T‬مَرَ ب‪T‬نِ اخل‪T‬طَّابِ رضِ‪T‬يَ اهللِ ع‪T‬نه‬
‫ال‪T‬لغوي‪T‬ةَ وال‪T‬بالغ‪T‬يةَ‪ ،‬ودِقَّ‪T‬تَه ف‪T‬ي اج‪T‬تالءِ امل‪T‬عان‪T‬ي‪ ،‬وحت‪T‬دي‪T‬دَ امل‪T‬رادِ ال‪T‬ذي ي‪T‬تطلَّعُ إل‪T‬ى حت‪T‬قيقِه‬
‫دونَ )إسهابٍ ممُلٍّ‪ ،‬أو إيجازٍ مُخِلٍّ(‪.‬‬
‫إنّ إب‪T‬رازَ ش‪T‬روطِ وب‪T‬نودِ العه‪T‬دةِ ال يُ‪T‬ظَنُّ أنّ‪T‬ه ي‪T‬حتاجُ إل‪T‬ى )خ‪T‬يالٍ واس‪T‬عٍ ومُ‪T‬جنِّحٍ(‪ ،‬أو إل‪T‬ى‬
‫)ع‪T‬اط‪T‬فةٍ ق‪T‬وي‪T‬ةٍ ظ‪T‬اه‪T‬رةٍ(‪ ،‬غ‪T‬يرَ أنّ ب‪T‬اإلم‪T‬كانِ ال‪T‬قولَ‪) :‬إنّ ع‪T‬اط‪T‬فةَ احلِ‪T‬رصِ ع‪T‬لى م‪T‬صلحةِ‬
‫املس‪T‬لمنيَ ورع‪T‬اي‪T‬ةِ ح‪T‬قوق‪T‬هِم‪ ،‬واحل‪T‬رصِ ع‪T‬لى ح‪T‬قوقِ ال‪T‬طرفِ اآلخَ‪T‬ر‪ ،‬وع‪T‬اط‪T‬فةَ اخل‪T‬وفِ مِ‪T‬ن‬
‫اهللِ ي‪T‬ومَ ال‪T‬قيام‪T‬ةِ ح‪T‬نيَ ي‪T‬سألُ‪T‬ه سُ‪T‬بحانَ‪T‬ه‪ ،‬ه‪T‬ي ال‪T‬تي دفَ‪T‬عتْه إل‪T‬ى ك‪T‬تاب‪T‬ةِ ه‪T‬ذه ال‪T‬رس‪T‬ال‪T‬ةِ‪ .‬وق‪T‬د‬
‫ص‪TT‬اغَ م‪TT‬ا أع‪TT‬طاهُ ل‪TT‬لنصارى مِ‪TT‬ن ام‪TT‬تيازاتٍ مُ‪TT‬تنوِّع ‪T‬ةٍ ب‪TT‬أس‪TT‬لوبٍ رَص ‪T‬نيٍ؛ فـ)أل‪TT‬فاظُ‪TT‬ها جَ ‪T‬زْلَ ‪T‬ةٌ‬
‫معبِّرَةٌ(‪.‬‬
‫أبرزَتِ العهدةُ عدداً مِن املسائلِ املهمة‪:‬‬
‫‪ ۱‬أثبتتْ حقوقَ النصارى وحُرَّيَّتُهم في إقامةِ شعائرهم الدينية‪.‬‬
‫‪ ۲‬أبرزتْ صورةَ العدلِ الذي عُرِفَ به اإلسالمُ العظيم‪.‬‬
‫‪ ۳‬أكَّدتْ ما يتَّصِفُ به عُمَرُ بنُ اخلطّابِ رضي اهلل عنه من )عَدلٍ وإنصافٍ(‪.‬‬
‫ك‪T‬يف ال وف‪T‬يها ال‪T‬قِبْلَةُ األول‪T‬ى للمس‪T‬لمنيَ‪ ،‬وث‪T‬ال‪T‬ثُ املسجِ‪T‬دَي‪T‬نِ الش‪T‬ري‪T‬فنيَ ك‪T‬ما أوض‪T‬حَ‬
‫احل ‪TT‬دي‪T T‬ثُ ال ‪TT‬نبويُّ الش ‪TT‬ري‪T T‬فُ‪":‬ال تُشَ‪T T‬دُّ ال‪T T‬رِّح ‪TT‬الُ إالّ إل ‪TT‬ى ث ‪TT‬الث‪T T‬ةِ م ‪TT‬ساجِ‪T T‬دَ‪ :‬املسج‪T T‬دِ‬
‫احلرامِ‪،‬ومَسجِدي هذا‪،‬واملسجدِ األقصى"‪.‬‬
‫وق‪T‬د ح‪T‬اولَ ي‪T‬هودُ ب‪T‬زع‪T‬ام‪T‬ةِ "ث‪T‬يودوره‪T‬رت‪T‬زل" م‪T‬ع اخل‪T‬ليفةِ ال‪T‬عُثمان‪T‬يِّ ع‪T‬بدِ احل‪T‬ميدِ ال‪T‬ثان‪T‬ي أنْ‬
‫يَ‪T‬سكُنُوا "فِلس‪T‬طنيَ" ويُ‪T‬قيمُوا ول‪T‬و م‪T‬خيَّماً ل‪T‬هُم ف‪T‬ي"س‪T‬مخ" م‪T‬حاول‪T‬ةً م‪T‬نهُم للتس‪T‬لُّلِ إل‪T‬ى‬
‫فِلس‪T‬طنيَ‪ ،‬وعَ‪T‬رَضُ‪T‬وا ع‪T‬ليه م‪T‬قاب‪T‬لَ ذل‪T‬ك أم‪T‬واالً ط‪T‬ائِ‪T‬لَةً ق‪T‬ارب‪T‬تْ ع‪T‬لى اخل‪T‬مسةِ م‪T‬الي‪T‬نيَ ل‪T‬يرةً‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٤٩‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ذه‪T‬بيةً‪ ،‬وأنْ يُ‪T‬شارِكُ‪T‬وا م‪T‬عَه ف‪T‬ي ال‪T‬قتالِ؛ ول‪T‬كنّه رَفَ‪T‬ضَ رَفْ‪T‬ضاً ق‪T‬اطِ‪T‬عاً‪ ،‬وهَ‪T‬دَّدَهُ‪T‬مْ بِ‪T‬رَمْ‪T‬يِهِمْ‬
‫لِ ‪T‬سَمَكِ "ال‪TT‬بسفورِ"‪ ،‬وق‪TT‬ال ل ‪T‬هُم ق‪TT‬ول ‪T‬تَه امل‪TT‬شهورةَ‪":‬إنّ ال‪TT‬يهودَ يُ‪TT‬قيمونَ ف‪TT‬ي كُ ‪T‬لِّ أن‪TT‬حاءِ‬
‫امل‪TT‬مال ‪T‬كِ ال‪TT‬عثمان‪TT‬يةِ؛ ف‪TT‬إنْ ل‪TT‬م يَ ‪T‬كُنْ ل ‪T‬هُمْ م‪TT‬كانٌ ل‪TT‬إلق‪TT‬ام ‪T‬ةِ ف‪TT‬بإمْ‪TT‬كان ‪T‬هِم أن يَ‪TT‬سكُنُوا ف‪TT‬ي‬
‫"ال‪TT‬عراقِ"‪ ،‬أو "س‪TT‬وري ‪T‬ةَ"‪ ،‬أو ح ‪T‬تّى ف‪TT‬ي ب‪TT‬الدِ "األن‪TT‬اض‪TT‬ولِ"‪ ،‬أمّ‪TT‬ا "فلس‪TT‬طنيُ" ف‪TT‬ليسَ هُ‪TT‬نا‬
‫كمَجالٍ لِطلَبِها‪ .‬وكان ممّا قالَ لهُم ‪":‬ماذا أقولُ غداً وأنا بنيَ يَدَي اهللِ عزَّ وجلَّ؟‬
‫أأق‪T‬ولُ أنّ‪T‬ي خَ‪T‬فَرْتُ عَهْ‪T‬دَ اهللِ وذِمَّ‪T‬ةَ رَسُ‪T‬ولِ‪T‬هِ وخُ‪T‬لفاءِ املس‪T‬لِمنيَ وامل‪T‬ؤم‪T‬ننيَ؟ ! ال واهللِ ل‪T‬نْ‬
‫يكونَ ذلك أبَداً"‪.1‬‬
‫مُعاهَدَةُ الرَّمْلَةِ‪:‬‬
‫ك‪TT‬ان ‪T‬تْ م‪TT‬عرك ‪T‬ةُ "حِ ‪T‬طِّنيَ" ف‪TT‬ي ‪ ٤‬ي‪TT‬ول‪TT‬يو ‪ ۱۱۸۷‬م وب‪TT‬عدَه‪TT‬ا اس‪TT‬تردَّ املس ‪T‬لِمونَ م‪TT‬دي‪TT‬نةَ‬
‫"ال‪T‬قدسِ"الش‪T‬ري‪T‬فِ‪ ،‬وك‪T‬ان‪T‬تْ ه‪T‬ذه ض‪T‬رب‪T‬ةً ق‪T‬اصِ‪T‬مةً ل‪T‬لصليبنيَ ف‪T‬ي ب‪T‬الدِ ال‪T‬شامِ‪ ،‬وب‪T‬دأتْ‬
‫ب‪TT‬عدَه‪TT‬ا امل ‪T‬دُنُ ال‪TT‬تي ك‪TT‬ان‪TT‬ت حت ‪T‬تَ االح‪TT‬تاللِ ال‪TT‬صليبيِّ تتح ‪T‬رَّرُ واح‪TT‬دةً تِ ‪T‬لْوَ األُخْ‪TT‬رى‪،‬‬
‫وأحسَّ‪T‬تْ أوروب‪T‬ةُ بِخَ‪T‬طَرِ ه‪T‬ذا امل‪T‬وق‪T‬فِ‪ ،‬وب‪T‬دأتْ بِحَشْ‪T‬دِ قُ‪T‬وَّاتِ‪T‬ها‪ ،‬وأع‪T‬دَّتِ ال‪T‬عُدَّةَ للحَ‪T‬مْلَةِ‬
‫ال‪T‬صليبيةِ ال‪T‬ثال‪T‬ثةِ‪ ،‬وَقَ‪T‬ادَ ه‪T‬ذه احل‪T‬ملةَ الش‪T‬رِس‪T‬ةَ احل‪T‬اقِ‪T‬دةَ ث‪T‬الث‪T‬ةٌ مِ‪T‬ن أب‪T‬رزِ مُ‪T‬لوكِ وأب‪T‬اطِ‪T‬رةِ أورب‪T‬ةَ‬
‫ف‪T‬ي ذل‪T‬كَ ال‪T‬وق‪T‬تِ؛ وَهُ‪T‬مْ‪" :‬ف‪T‬ري‪T‬دري‪T‬ك ب‪T‬رب‪T‬ا روس‪T‬ا" إم‪T‬براط‪T‬ورُ أمل‪T‬ان‪T‬يا‪ ،‬و"ف‪T‬ليب أوغس‪T‬طني"‬
‫مَلِكُ فرنسا‪ ،‬و"ريتشارد مَلِكُ" بريطانيا وكان لَقَبُه "قلب األسد"‪.‬‬
‫وت‪TT‬قاب ‪T‬لَتِ ال ‪T‬قُوَّاتُ ع‪TT‬ند أس‪TT‬وارِ م‪TT‬دي‪TT‬نةِ "ع ‪T‬كّا"؛ وذل‪TT‬ك ب ‪T‬قَصْدِ إس‪TT‬قاطِ‪TT‬ها ف‪TT‬ي ق ‪T‬بْضَةِ‬
‫ال‪T‬قُوَّاتِ ال‪T‬صليبيةِ‪ :‬ألنّ‪T‬ها "جَ‪T‬وهَ‪T‬رةُ ال‪T‬ساح‪T‬لِ ال‪T‬شام‪T‬يِّ" وال‪T‬تي ميُ‪T‬كِنُ مِ‪T‬ن خِ‪T‬اللِ‪T‬ها اس‪T‬تردادُ‬
‫م‪T‬دي‪T‬نةِ "ال‪T‬قُدسِ" وس‪T‬ائ‪T‬رِ امل‪T‬دنِ ال‪T‬تي ح‪T‬رَّرَه‪T‬ا ال‪T‬قائ‪T‬دُ "ص‪T‬الحُ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ يُ‪T‬وس‪T‬فُ ب‪T‬ن أيُّ‪T‬وب"‪،‬‬
‫‪ 1‬ﻋﺰت ﻣﺤﻤﻮد ﻓﺎرس ﻗﺮاءة ﻓﻲ اﻟﻌﮭﺪة اﻟﻌﻤﺮﯾﺔ ﻣﺠﻠﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺸﻖ – اﻟﻤﺠﻠﺪ ‪ ٢٦‬اﻟﻌﺪد اﻷول‪+‬اﻟﺜﺎﻧﻲ‬
‫‪٢٠١٠‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٥٠‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫واس‪T‬تمرّ حِ‪T‬صارُ م‪T‬دي‪T‬نةِ "ع‪T‬كّا" ع‪T‬امَ‪T‬ني ‪۱۱۸۹۱۱۹۱‬؛ إالّ أنّ امل‪T‬دي‪T‬نةَ س‪T‬قطَتْ ف‪T‬ي ال‪T‬نهاي‪T‬ةِ‬
‫ف‪T‬ي أي‪T‬دي ال‪T‬صليبنيَ احل‪T‬اقِ‪T‬دي‪T‬نَ‪ ،‬وانته‪T‬تْ م‪T‬عرك‪T‬ةُ "ع‪T‬كَّا"؛ لِ‪T‬تبدأَ م‪T‬عرك‪T‬ةٌ ج‪T‬دي‪T‬دةٌ ال ت‪T‬قلُّ‬
‫ض‪T‬راوةً ع‪T‬ن امل‪T‬عاركِ احل‪T‬رب‪T‬يةِ؛ أال وَهِ‪T‬يَ امل‪T‬فاوض‪T‬اتُ األي‪T‬وب‪T‬يةُ ال‪T‬صليبيةُ وال‪T‬تي اس‪T‬تمرَّتْ مُ‪T‬دّةَ‬
‫عام ‪ ۱۱۹۱۱۱۹۲‬والتي انتهتْ مبُعاهَدةِ الرَّملةِ ‪.1‬‬
‫ويُ‪T‬عَدُّ س‪T‬قوطُ "ع‪T‬كّا" ف‪T‬ي ي‪T‬دِ ال‪T‬صليبنيَ ال‪T‬فارقَ ب‪T‬ني قِ‪T‬وى املس‪T‬لمنيَ وال‪T‬صليبينيَ؛ غ‪T‬يرَ أنّ‬
‫املس‪T‬لِمنيَ ع‪T‬انَ‪T‬وا ك‪T‬ثيراً مِ‪T‬ن شِ‪T‬دَّةِ احل‪T‬صارِ‪ ،‬وبَ‪T‬ذَلُ‪T‬وا األم‪T‬والَ وال‪T‬عَتادَ‪ ،‬وخَسِ‪T‬رُوا ك‪T‬ثيراً مِ‪T‬ن‬
‫ال‪T‬رِّج‪T‬الِ؛ ول‪T‬كنّ ال‪T‬قائ‪T‬دَ "ص‪T‬الحَ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ" ظ‪T‬لَّ ق‪T‬ادراً بِ‪T‬عَونِ اهللِ ع‪T‬زَّ وج‪T‬لَّ وت‪T‬أي‪T‬يدِه ع‪T‬لى‬
‫جتيشِ عددٍ كبيرٍ من اجلنودِ‪.‬‬
‫وال‪T‬واق‪T‬عُ أنّ ال‪T‬صليبنيَ ق‪T‬ضَوا م‪T‬دَّةَ شهْ‪T‬رٍ ونِ‪T‬صْفٍ ي‪T‬رت‪T‬احُ‪T‬ونَ ف‪T‬ي "ع‪T‬كَّا" مِ‪T‬ن عَ‪T‬ناءِ احل‪T‬ربِ‪،‬‬
‫ويُقرِّرونَ أمرَها ‪.2‬‬
‫اخ‪T‬تارَ ال‪T‬صليبيونَ ط‪T‬ري‪T‬قَ ال‪T‬ساح‪T‬لِ ع‪T‬لى ال‪T‬رغ‪T‬مِ مِ‪T‬ن صُ‪T‬عوبَ‪T‬تِه ألنَّ‪T‬هُم ك‪T‬ان‪T‬وا يَ‪T‬خشَونَ مُ‪T‬فارَق‪T‬ةَ‬
‫ال‪TT‬ساح ‪T‬لِ؛ ح ‪T‬تّى ال يَ ‪T‬حُولَ املس‪TT‬لمونَ ب‪TT‬ينهُم وب ‪T‬نيَ سُ ‪T‬فُنِهِم وال‪TT‬تي ك‪TT‬ان ‪T‬تْ مَ‪TT‬صدَرَ امل‪TT‬ؤنِ‬
‫والعَتادِ‪.‬‬
‫وك‪T‬ان‪T‬ت ال‪T‬قوّاتُ ال‪T‬صليبيةُ أث‪T‬ناءَ زح‪T‬فِها م‪T‬حصورةً ب‪T‬ني البح‪T‬رِ واملس‪T‬لمنيَ؛ ح‪T‬يثُ عَ‪T‬مدَ‬
‫اجل‪T‬يشُ األي‪T‬وب‪T‬يُّ إل‪T‬ى مُ‪T‬ضايَ‪T‬قَتهِم ب‪T‬ال‪T‬سِّهامِ وإن‪T‬هاكِ اجل‪T‬يشِ ال‪T‬صليبيِّ ع‪T‬لى نَ‪T‬حْوٍ ي‪T‬ؤدِّي إل‪T‬ى‬
‫ضَعْفِ الروحِ القتاليةِ‪ ،‬وإحلاقِ أكْبَرِ قَدْرٍ مِن اخلسائرِ في صُفوفِ الصليبنيَ‪.3‬‬
‫‪ 1‬اﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ ﻣﺤﻤﺪ ﺳﯿﺪ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﯿﺔ اﻷﯾﻮﺑﯿﺔ اﻟﺼﻠﯿﺒﯿﺔ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻻﻟﻜﺘﺮوﻧﯿﺔ اﻷوﻟﻰ ‪ ٢٠٠٧‬ﺷﺮﻛﺔ اﻟﻜﺘﺎب‬
‫اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻻﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ ﺑﯿﺮوت ص‪٩‬‬
‫‪ 2‬ﺳﻌﯿﺪ اﺣﻤﺪ اﻟﺒﺮﺟﺎوي اﻟﺤﺮوب اﻟﺼﻠﯿﺒﯿﺔ ﻗﻲ اﻟﻤﺸﺮق ص‪٤٢٦‬ﺑﯿﺮوت ‪١٩٨٤‬‬
‫‪ 3‬اﺑﻦ ﻋﺪﯾﻢ زﺑﺪه اﻟﺤﻠﺐ ﺑﺘﺎرﯾﺦ ﺣﻠﺐ ﺗﺤﻘﯿﻖ ﺳﺎﻣﻲ اﻟﺪھﺎن ص ‪٨٦٧‬ﺑﺪون ﺗﺎرﯾﺦ دﻣﺸﻖ‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٥١‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ل‪T‬قَد ط‪T‬لبَ ال‪T‬صليبيونَ مِ‪T‬ن مُ‪T‬قدَّمِ ن‪T‬وب‪T‬ةِ ك‪T‬شَّاف‪T‬ةِ املس‪T‬لمنيَ ب‪T‬أنْ يُ‪T‬بَلِّغَ "امل‪T‬لكَ ال‪T‬عادِلَ"‪ 1‬وهُ‪T‬وَ‬
‫ش‪T‬قيقُ "ص‪T‬الحِ ال‪T‬دّي‪T‬نِ" األي‪T‬وب‪T‬يِّ ‪2‬رغ‪T‬بةَ "امل‪T‬لكِ ري‪T‬تشارِد" ‪3‬ف‪T‬ي احل‪T‬دي‪T‬ثِ م‪T‬عَه ح‪T‬ولَ‬
‫ال‪T‬صُّلْحِ‪ ،‬ف‪T‬اس‪T‬تأذنَ "امل‪T‬لكُ ال‪T‬عادلُ" مِ‪T‬ن السُّ‪T‬لطانِ "ص‪T‬الحِ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ" ف‪T‬ي احل‪T‬دي‪T‬ثِ م‪T‬عَه ف‪T‬أذِنَ‬
‫ل‪T‬ه‪ ،‬وق‪T‬د جَ‪T‬رَتْ أح‪T‬داثُ االج‪T‬تماعِ ال‪T‬تفاوض‪T‬يِّ ب‪T‬نيَ "امل‪T‬لكِ ال‪T‬عادلِ" و"ال‪T‬صليبنيَ" ع‪T‬ندَ‬
‫قريةِ عُرِفَتْ بـ "دَيرِ الراهبِ" ‪.4‬‬
‫وك‪TT‬ان م‪TT‬ضمونُ ح‪TT‬دي ‪T‬ثِ ال‪TT‬صليبنيَ م ‪T‬عَه‪ ":‬أنّ ال‪TT‬قتالَ ق‪TT‬د ط‪TT‬الَ ب‪TT‬ني اجل‪TT‬انِ ‪T‬بَنيِ‪ ،‬وإنَّ ‪T‬هُم‬
‫ج‪T‬اؤوا ن‪T‬تيجةَ اس‪T‬تغاث‪T‬ةِ ال‪T‬صليبنيَ امل‪T‬وج‪T‬ودِي‪T‬نَ ب‪T‬ال‪T‬ساح‪T‬لِ؛ ف‪T‬إذا ت‪T‬صالَ‪T‬حَ املس‪T‬لمونَ م‪T‬عهُم‬
‫لَ ‪T‬رَجَ ‪T‬عُوا مِ‪TT‬ن ح‪TT‬يثُ أتَ‪TT‬وا" وق‪TT‬د ب‪TT‬عثَ الس‪TT‬لطانُ "ص‪TT‬الحُ ال ‪T‬دِّي ‪T‬نِ" ب‪TT‬رس‪TT‬ال ‪T‬ةٍ إل‪TT‬ى "امل‪TT‬لكِ‬
‫العادلِ" لِيُطِيلَ احلديثَ مع الصليبني؛ حتّى تصلَ اإلمداداتُ العسكريةُ‪.‬‬
‫وي‪T‬تَّضِحُ مِ‪T‬ن ه‪T‬ذا أنَ الس‪T‬لطانَ "ص‪T‬الحَ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ" قَ‪T‬بِلَ ال‪T‬تفاوضَ ل‪T‬الس‪T‬تفادةِ مِ‪T‬نه ف‪T‬ي ت‪T‬أخ‪T‬يرِ‬
‫حركةِ الصليبنيَ‪ ،‬واكتسابِ الوقتِ‪.5‬‬
‫وق‪T‬د اج‪T‬تمعَ "امل‪T‬لكُ ال‪T‬عادِلُ" و"ري‪T‬تشارد" ب‪T‬عدَ ذل‪T‬كَ للح‪T‬دي‪T‬ثِ ف‪T‬ي أم‪T‬رِ ال‪T‬صُّلْحِ‪ ،‬وق‪T‬د‬
‫أخ ‪T‬بَر "امل‪TT‬لكُ ال‪TT‬عادِلُ" "امل‪TT‬لكَ ري‪TT‬تشاردَ" ب‪TT‬أنّ‪TT‬ه‪) :‬ال يَ ‪T‬عْرِفُ شُ‪TT‬روطَ‪TT‬ه ل‪TT‬لصلْحِ(‪ ،‬ف‪TT‬كانَ‬
‫ج‪T‬وابُ ري‪T‬تشاردَ ب‪T‬أنّ الش‪T‬رطَ األس‪T‬اسَ ال‪T‬ذي يُ‪T‬عتبَرُ أس‪T‬اس‪T‬اً ل‪T‬لمفاوض‪T‬اتِ ه‪T‬و‪) :‬أنْ ت‪T‬عودَ‬
‫‪ 1‬اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻌﺎدل ﺳﯿﻒ اﻟﺪﯾﻦ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﺸﻜﺮ أﯾﻮب ﺑﻦ ﺷﺎذي ﺑﻦ ﻣﺮوان‪ ،‬اﻟﻤﻠﻘﺐ ﺑـ اﻟﻤﻠﻚ‬
‫اﻟﻌﺎدلأﺑﻮ ﺑﻜﺮ‪ ٥٣٨) ،‬ھـ ‪ ٦١٥‬ھـ) ﺷﻘﯿﻖ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﺻﻼح اﻟﺪﯾﻦ اﻷﯾﻮﺑﻲ‬
‫‪ 2 .1‬اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻨﺎﺻﺮ أﺑﻮ اﻟﻤﻈﻔﺮ ﺻﻼح اﻟﺪﯾﻦ واﻟﺪﻧﯿﺎ ﯾﻮﺳﻒ ﺑﻦ أﯾﻮب ﺑﻦ ﺷﺎذي ﺑﻦ ﻣﺮوان ﺑﻦ ﯾﻌﻘﻮب‬
‫اﻟﺪُوﯾﻨﻲ اﻟﺘﻜﺮﯾﺘﻲ‪ ،‬اﻟﻤﺸﮭﻮر ﺑﻠﻘﺐ ﺻﻼح اﻟﺪﯾﻦ اﻷﯾﻮﺑﻲ ﻗﺎﺋﺪ ﻋﺴﻜﺮي أﺳﺲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻷﯾﻮﺑﯿﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫وﺣﱠﺪت ﻣﺼ َﺮ واﻟﺸﺎ َم واﻟﺤﺠﺎ َز وﺗِﮭﺎﻣﺔَ واﻟﯿﻤﻦَ ﻓﻲ ظﻞﱢ اﻟﺮاﯾ ِﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﯿﺔ‪ ،‬ﺑﻌﺪ أن ﻗﻀﻰ ﻋﻠﻰ‪ ...‬وﯾﻜﯿﺒﯿﺪﯾﺎ‬
‫‪ 3‬رﯾﺘﺸﺎرد اﻷول ﻣﻠﻚ إﻧﺠﻠﺘﺮا ﻣﻨﺬ ‪ ٦‬ﯾﻮﻟﯿﻮ ‪ ١١٨٩‬وﺣﺘﻰ وﻓﺎﺗﮫ‪ .‬ﻛﻤﺎ ﺣﻜﻢ ﻛﺪوق ل"ﻧﻮرﻣﺎﻧﺪي"‪ ،‬ودوق‬
‫"أﻗﻄﺎﻧﯿﺔ" و"ﻏﺎﺳﻜﻮﻧﯿﺔ" و"ﺳﯿﺪ ﻗﺒﺮص و"ﻛﻮﻧﺖ أﻧﺠﻮ" و"ﻣﯿﻦ" و"ﻧﺎﻧﺖ" و"ﺳﯿﺪ ﻋﻤﻮم ﺑﺮﯾﺘﺎﻧﻲ" ﻋﻠﻰ‬
‫ت أﺛﻨﺎ َء ﻋﮭ ِﺪه‪ .‬وﯾﻜﯿﺒﯿﺪﯾﺎ‬
‫ﻓﺘﺮا ٍ‬
‫‪ 4‬اﺑﻦ واﺻﻞ ﻣﻔﺮج اﻟﻜﺮوب ﻓﻲ أﺧﺒﺎر ﺑﻨﻲ أﯾﻮب اﻟﻤﻄﺒﻌﺔ اﻷﻣﯿﺮﯾﺔ اﻟﻘﺎھﺮة ‪ ١٩٧٥‬ص‪٣٦٧‬‬
‫‪ 5‬اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻨﻮادر اﻟﺴﻠﻄﺎﻧﯿﺔ واﻟﻤﺤﺎﺳﻦ اﻟﯿﻮﺳﻔﯿﺔ ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﺨﺎﻧﺠﻲ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ اﻟﻘﺎھﺮة ‪ ١٩٩٤‬ص‪٢٧٣‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٥٢‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ال‪T‬بالدُ ك‪T‬لُّها ل‪T‬لصليبنيَ(‪ ،1‬ف‪T‬قالَ امل‪T‬لكُ ال‪T‬عادلُ‪" :‬ه‪T‬ذا ال م‪T‬طمعَ ف‪T‬يه‪ ،‬وه‪T‬ذا رس‪T‬م ب‪T‬اط‪T‬ل‬
‫ح‪T‬قّنا م‪T‬عفيه ودونَ حُ‪T‬دودِ ال‪T‬بالدِ حُ‪T‬دود احلِ‪T‬دادِ‪) 2‬وه‪T‬ذا ك‪T‬ناي‪T‬ةٌ ع‪T‬ن احل‪T‬ربِ وال‪T‬دف‪T‬اع ع‪T‬ن‬
‫ح‪T‬دود ال‪T‬بالدِ؛ ح‪T‬تى ل‪T‬و أُق‪T‬يمَتِ امل‪T‬أمتُ(‪ ،‬وك‪T‬ان‪T‬ت ت‪T‬لكَ ك‪T‬لماتٌ غ‪T‬ليظةٌ ع‪T‬لى م‪T‬سامِ‪T‬ع‬
‫"ريتشارد" وبهذِه الكلماتِ انتهى االجتماعُ‪.‬‬
‫ب‪T‬عثَ "امل‪T‬لكُ ال‪T‬عادلُ" ب‪T‬رس‪T‬ولٍ إل‪T‬ى ال‪T‬قائ‪T‬دِ"ص‪T‬الحِ ال‪T‬دِّي‪T‬ن" لِ‪T‬يُخْبِرَهُ‪" :‬أنّ ال‪T‬صليبنيَ ق‪T‬د‬
‫حتَ‪T‬دَّثُ‪T‬وا م‪T‬عَه‪ ،‬وأنّ م‪T‬طلَبَهُم األس‪T‬اسَ ه‪T‬و إع‪T‬ادةُ ج‪T‬ميعِ ال‪T‬بالدِ ال‪T‬ساح‪T‬ليةِ ل‪T‬هُم"‪ ،‬وق‪T‬د واف‪T‬قَ‬
‫ال‪T‬قائ‪T‬دُ "ص‪T‬الحُ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ" ع‪T‬لى ه‪T‬ذا امل‪T‬طلبِ؛ ألن‪T‬ه رأى ف‪T‬يهِ م‪T‬صلحةً ل‪T‬عامَّ‪T‬ةِ املس‪T‬لِمنيَ؛ ف‪T‬قَد‬
‫رأى أنّ ال‪T‬عساكِ‪T‬رَ ق‪T‬د أص‪T‬ابَ‪T‬هُمُ الضَّجَ‪T‬رُ مِ‪T‬ن م‪T‬واص‪T‬لَةِ ال‪T‬قِتالِ وال‪T‬بقاءِ ط‪T‬وي‪T‬الً ف‪T‬ي امل‪T‬يدانِ‪،‬‬
‫ك‪TT‬ما أنّ ال ‪T‬دُّي‪TT‬ونَ ت‪TT‬راكَ ‪T‬مَتْ ع‪TT‬ليهم؛‪ 3‬بس‪TT‬ببِ ه‪TT‬ذه احل‪TT‬ال ‪T‬ةِ كَ ‪T‬تَبَ الس‪TT‬لطانُ "ص‪TT‬الحُ‬
‫الدِّينِ" "للملكِ العادلِ" يسمحُ له مبتابعةِ املفاوَضاتِ‪.‬‬
‫وك‪TT‬ان امل‪TT‬لكُ ال‪TT‬عادلُ ع‪TT‬لى قُ‪TT‬درةٍ ع‪TT‬ال‪TT‬يةٍ مِ‪TT‬ن حت ‪T‬مُّلِ م‪TT‬سؤول‪TT‬يةِ ال‪TT‬تفاوضِ م‪TT‬ع ال‪TT‬صليبنيَ‪،‬‬
‫وك‪TT‬ان‪TT‬ت صِ‪TT‬فاتُ‪TT‬ه تُ‪TT‬ؤهِّ ‪T‬لُهُ ل‪TT‬قيادةِ ه‪TT‬ذه امل‪TT‬فاوض‪TT‬اتِ؛ ف ‪T‬قَد ك‪TT‬ان )ع‪TT‬فيفاً‪ ،‬ج ‪T‬يِّدَ ال‪TT‬لسانِ‪،‬‬
‫حَ ‪T‬سَنَ ال‪TT‬بيانِ‪ ،‬وحَ‪TT‬ادَّ ال ‪T‬بَصَرِ‪ ،‬وذَكِ ‪T‬يَّ ال‪TT‬قلبِ( إذاً‪ :‬فَ ‪T‬هُوَ أه ‪T‬لٌ لِ ‪T‬يُدِي ‪T‬رَ دُفَّ ‪T‬ةَ امل‪TT‬فاوض‪TT‬اتِ‬
‫بنجاحٍ ‪.4‬‬
‫وب‪TT‬عدَ ه‪TT‬ذا ال‪TT‬لقاءِ ف‪TT‬ي ‪ ۷‬أي‪TT‬لول مِ‪TT‬ن ع‪TT‬ام ‪۱۱۹۱‬م أيّ‪ :‬ب‪TT‬عدَ ال‪TT‬لقاءِ ب ‪T‬يَومَ ‪T‬نيِ خ‪TT‬اضَ‬
‫اجل‪T‬ان‪T‬بانِ م‪T‬عرك‪T‬ةَ "أرس‪T‬وف" مب‪T‬بادرةٍ مِ‪T‬ن اجل‪T‬يشِ األي‪T‬وب‪T‬يِّ ب‪T‬ال‪T‬هجومِ ع‪T‬لى ال‪T‬صليبنيَ‪ ،‬ث‪T‬مَّ‬
‫‪ 1‬اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻨﻮادر اﻟﺴﻠﻄﺎﻧﯿﺔ واﻟﻤﺤﺎﺳﻦ اﻟﯿﻮﺳﻔﯿﺔ ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص‪٢٧٣‬‬
‫‪ 2‬اﻟﻔﺘﺢ اﻟﻘﺴﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺢ اﻟﻘﺪﺳﻲ ﻋﻤﺎد اﻟﺪﯾﻦ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻷﺻﻔﮭﺎﻧﻲ ص‪٥٤٢‬‬
‫‪ 3‬اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ‪٢٨١‬‬
‫‪ 4‬ﻋﻤﺮ ﻛﻤﺎل ﺗﻮﻓﯿﻖ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﯿﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺴﻠﻤﯿﺔ ﻣﻊ اﻟﺼﻠﯿﺒﯿﻦ اﻹﺳﻜﻨﺪرﯾﺔ ‪ ١٩٨٦‬م ص‪١٢٠‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٥٣‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫حت ‪T‬وَّلَ ال‪TT‬صليبيونَ مِ‪TT‬ن ال‪TT‬دف‪TT‬اعِ إل‪TT‬ى ال‪TT‬هجومِ امل‪TT‬فاجِ‪TT‬ئ؛ ممّ‪TT‬ا أدّى لِ ‪T‬تَفَرُّقِ املس‪TT‬لمنيَ ح ‪T‬تّى‬
‫حلِقتْ بهِم الهزميةُ‪.1‬‬
‫وجت ‪T‬دَّدَتْ ب‪TT‬عدَ ه‪TT‬ذه امل‪TT‬عرك ‪T‬ةِ امل‪TT‬فاوض‪TT‬اتُ م ‪T‬رَّةً أُخْ ‪T‬رَى؛ ول‪TT‬كنْ ه‪TT‬ذه امل ‪T‬رَّة مِ‪TT‬ن ج‪TT‬ان ‪T‬بِ‬
‫ال‪TT‬صليبينيَ احمل ‪T‬لِّينيَ؛ ح‪TT‬يث ب‪TT‬عثَ امل‪TT‬رك‪TT‬يزِ "ك‪TT‬ون‪TT‬راد" ص‪TT‬اح ‪T‬بُ "صُ‪TT‬ور" ب‪TT‬رس‪TT‬ال ‪T‬ةٍ إل‪TT‬ى‬
‫ال‪TT‬قائ ‪T‬دِ"ص‪TT‬الحِ ال ‪T‬دِّي ‪T‬نِ" اش‪TT‬ترطَ‪ :‬أن يُ‪TT‬عطِيَه الس‪TT‬لطانُ "ص‪TT‬يدا" و"ب‪TT‬يروت" ع‪TT‬لى أن‬
‫يُ‪T‬حاصِ‪T‬رَ "ع‪T‬كّا" واس‪T‬ترداده‪T‬ا مِ‪T‬ن ي‪T‬دِ ال‪T‬صليبينيَ‪ ،2‬وق‪T‬د اش‪T‬ترطَ أن يُ‪T‬قْسِمَ الس‪T‬لطانُ أوّالً‬
‫إذا متَّ االت‪T‬فاقُ بَ‪T‬يْدَ أنّ الس‪T‬لطانَ "ص‪T‬الح ال‪T‬دي‪T‬نِ" ب‪T‬عثَ إل‪T‬يه مُش‪T‬ترِط‪T‬اً أن يُ‪T‬بادِرَ ه‪T‬و أوَّالً‬
‫بِحصارِ "عكَّا" وإطالقِ سراحِ األسرى املوجُودِينَ لديهِ‪.3‬‬
‫ع‪T‬ندم‪T‬ا عَ‪T‬لِمَ "ري‪T‬تشارد" مب‪T‬حاول‪T‬ةِ "امل‪T‬رك‪T‬يزِ" ال‪T‬تفاوضَ م‪T‬ع الس‪T‬لطان"ص‪T‬الحِ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ" ت‪T‬وجَّ‪T‬هَ‬
‫إل‪T‬ى "ع‪T‬كَّا" لِ‪T‬كي ي‪T‬عوقَ امل‪T‬صاحل‪T‬ةَ؛ ب‪T‬ل وض‪T‬مَّ امل‪T‬رك‪T‬يزَ "ك‪T‬ون‪T‬راد" إل‪T‬ى ص‪T‬فوفِ ال‪T‬قوَّاتِ‬
‫ال‪TT‬صليبيةِ ‪ ،4‬ك‪TT‬ما بَ ‪T‬عَثَ "ري‪TT‬تشارد" ب‪TT‬رس‪TT‬ولٍ إل‪TT‬ى األي‪TT‬وب‪TT‬ينيَ لِيتحَ ‪T‬دَّثَ ف‪TT‬ي م‪TT‬سأل ‪T‬ةِ‬
‫ال‪T‬صلحِ؛ ح‪T‬يث أوض‪T‬حَ أنّ ال‪T‬بالدَ أص‪T‬بحتْ خ‪T‬راب‪T‬اً‪ ،‬وأنّ‪T‬ه ع‪T‬مَّ اجل‪T‬ميعَ ن‪T‬قصٌ ف‪T‬ي األم‪T‬والِ‬
‫واألرواحِ‪ ،‬وأنّ األم ‪T‬رَ ق‪TT‬د ط‪TT‬الَ‪ ،‬وَوَجَ ‪T‬بَ ال‪TT‬صلحُ؛ لِينْتَه‪TT‬ي ه‪TT‬ذا ال‪TT‬عناءُ‪ ،‬ك‪TT‬ما أش‪TT‬ارَ أنّ‬
‫ال‪TT‬صليبينيَ ل‪TT‬ن ي‪TT‬تحوَّلُ‪TT‬وا ع‪TT‬ن "ال ‪T‬قُدسِ" ح ‪T‬تّى ول‪TT‬و ل‪TT‬م ي‪TT‬بقَ م‪TT‬نهُم واح ‪T‬دٌ‪ ،‬ب‪TT‬اإلض‪TT‬اف ‪T‬ةِ‬
‫لِتَمَسُّكِهِم بـ"عسقالنَ" ‪ 5،‬أمّا صليبُ الصلواتِ فيَمُنُّ بهِ علينا السلطانُ‪.6‬‬
‫‪ 1‬اﺑﻦ واﺻﻞ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٦٧‬‬
‫‪ 2‬اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٢٨٥‬‬
‫‪ 3‬اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٢٨٥‬‬
‫‪ 4‬ﻣﺤﻤﻮد ﺳﻌﯿﺪ ﻋﻤﺮان ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺤﺮوب ﻟﺼﻠﯿﺒﯿﺔ دار اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﯿﺔ اﻹﺳﻜﻨﺪرﯾﺔ ﻋﺎم ‪ ١٩٩٥‬ص ‪١٧٧‬‬
‫‪ 5‬اﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ ﻣﺤﻤﺪ ﺳﯿﺪ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪١٦‬‬
‫‪ 6‬اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ ‪٢٩٠‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٥٤‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫وق‪T‬د أج‪T‬ابَ الس‪T‬لطانُ "ص‪T‬الحُ ال‪T‬دِّي‪T‬ن"‪ :‬أنّ "ال‪T‬قُدسَ" أع‪T‬ظمُ ع‪T‬ندَ املس‪T‬لمنيَ ممّ‪T‬ا ه‪T‬يَ ع‪T‬ندَ‬
‫ال‪TT‬صليبنيَ‪ ،‬وال ي‪TT‬كونُ ه‪TT‬ناكَ أب‪TT‬داً ت‪TT‬صوُّرٌ للتخ ‪T‬لِّي‪ ،‬أو ال‪TT‬نزولِ ع‪TT‬نها؛ أمّ‪TT‬ا ال‪TT‬بالدُ ال‪TT‬تي‬
‫يُ‪T‬ري‪T‬دُه‪T‬ا ال‪T‬صليبيونَ فهِ‪T‬يَ ف‪T‬ي األص‪T‬لِ للمس‪T‬لِمنيَ‪ ،‬وك‪T‬ان االس‪T‬تيالءُ ع‪T‬ليها ط‪T‬ارئ‪T‬اً لِ‪T‬ضَعْفِ‬
‫املس‪T‬لمنيَ ال‪T‬ذي‪T‬ن ك‪T‬انُ‪T‬وا ب‪T‬ها وق‪T‬تَ االس‪T‬تيالءِ‪ ،‬أمّ‪T‬ا ال‪T‬صليبُ ف‪T‬ال ي‪T‬جوزُ ال‪T‬تفري‪T‬طُ ف‪T‬يه إالّ‬
‫ملَِصلَحةٍ راجعةٍ لإلسالم‪.1‬‬
‫ومِ‪T‬ن ال‪T‬ضرورةِ مب‪T‬كانٍ م‪T‬الح‪T‬ظةُ أنّ مت‪T‬سُّكَ كُ‪T‬لٍّ مِ‪T‬ن "الس‪T‬لطانَ"و "امل‪T‬لكِ" ب‪T‬بيتِ امل‪T‬قدسِ‬
‫راج‪T‬عٌ ألنَّ ه‪T‬ذه امل‪T‬دي‪T‬نةَ )مُ‪T‬قدَّس‪T‬ةٌ( ف‪T‬ي نَ‪T‬ظَرِ ج‪T‬ميعِ األدي‪T‬انِ؛ فـ"املس‪T‬يحيونَ" يُ‪T‬قدِّسُ‪T‬ون‪T‬ها؛‬
‫ألنّ‪T‬ها )مَ‪T‬وطِ‪T‬نُ املس‪T‬يحِ مَ‪T‬بعَثِ اله‪T‬داي‪T‬ةِ(‪ ،‬و"املس‪T‬لمونَ" عِ‪T‬نْدَهُ‪T‬مْ )أُول‪T‬ى ال‪T‬قِبْلَتَنيِ‪ ،‬وث‪T‬الِ‪T‬ثُ‬
‫احلرَمَنيِ الشَّرِيفنيِ(‪.‬‬
‫مِ‪T‬ن امل‪T‬مكِنِ أنْ يُ‪T‬قرَّرَ‪ :‬أنّ ه‪T‬ذه امل‪T‬رح‪T‬لةَ مِ‪T‬ن امل‪T‬فاوَض‪T‬اتِ ت‪T‬دلُّ ع‪T‬لى مت‪T‬زُّقِ اجل‪T‬ان‪T‬بِ ال‪T‬صليبيِّ‬
‫وان‪TT‬شقاقِ‪TT‬ه؛ ف ‪T‬مَوقِ ‪T‬فُ ال‪TT‬صليبنيَ ب‪TT‬زع‪TT‬ام ‪T‬ةِ "ري‪TT‬تشارد" مِ‪TT‬ن املس ‪T‬لِمنيَ ي‪TT‬ختلفُ )ش‪TT‬كالً‪،‬‬
‫وم‪TT‬وض‪TT‬وع ‪T‬اً( ع‪TT‬ن م‪TT‬وق ‪T‬فِ ال‪TT‬صليبنيَ احمل ‪T‬لِّينيَ؛ ف‪TT‬ال‪TT‬واق ‪T‬عُ‪ :‬أنّ ط‪TT‬لباتِ ال‪TT‬صليبنيَ احمل ‪T‬لِّينيَ‬
‫ك‪TT‬ان‪TT‬ت مب‪TT‬ثاب ‪T‬ةِ "مُ‪TT‬عاهَ‪TT‬دةٍ" ي‪TT‬تحال‪TT‬فونَ ف‪TT‬يها م ‪T‬عَ أع‪TT‬داءِ األم ‪T‬سِ‪ ،‬وهُ‪TT‬م املس‪TT‬لمونَ ضِ ‪T‬دَّ‬
‫ال‪TT‬صليبنيَ إخ‪TT‬وانِ‪TT‬ه ف‪TT‬ي ال ‪T‬دِّي ‪T‬نِ؛ فه ‪T‬يَ مب‪TT‬ثاب ‪T‬ةِ ض‪TT‬رب ‪T‬ةٍ مُ‪TT‬وجِ ‪T‬عَةٍ للح‪TT‬ملةِ ال‪TT‬صليبيةِ ال‪TT‬ثال‪TT‬ثةِ‪،‬‬
‫وذل‪T‬كَ راج‪T‬عٌ لِ‪T‬عِلْمِ "امل‪T‬رك‪T‬يزِ" ب‪T‬ال‪T‬تكلفةِ ال‪T‬باه‪T‬ظةِ له‪T‬ذه احل‪T‬مْلَةِ‪ ،‬وك‪T‬ان‪T‬ت ط‪T‬لباتُ "امل‪T‬رك‪T‬يز"‬
‫تعكسُ طُموحاتِه ومَصاحلَِهُ الشخصيةَ في املنطقةِ الساحليةِ‪.2‬‬
‫ل‪TT‬قد عَ‪TT‬مدَ الس‪TT‬لطانُ "ص‪TT‬الحُ ال ‪T‬دِّي‪TT‬ن" إل‪TT‬ى ت‪TT‬وازُنِ م‪TT‬ائ‪TT‬دةِ ال‪TT‬تفاوُضِ ب‪TT‬ني "ري‪TT‬تشارد"‬
‫و"امل‪T‬رك‪T‬يز" أث‪T‬ناءَ سَ‪T‬يرِ امل‪T‬فاوَض‪T‬اتِ؛ وذل‪T‬ك ل‪T‬تحقيقِ ال‪T‬فائ‪T‬دةِ للمس‪T‬لمنيَ‪ ،‬وإض‪T‬عافِ م‪T‬رك‪T‬زِ‬
‫‪ 1‬أﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪١٦‬‬
‫‪ 2‬اﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ ص‪٢٠‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٥٥‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫"ري‪T‬تشارد" أث‪T‬ناءَ ال‪T‬تفاوُضِ وشَ‪T‬قِّ صَ‪T‬فِّ ال‪T‬صليبنيَ؛ بَ‪T‬يْدَ أنّ ت‪T‬سابُ‪T‬قَ اجل‪T‬ان‪T‬بَنيِ ف‪T‬ي إرس‪T‬الِ‬
‫الرُّسُلِ إلى السلطانِ إشعالُ نارِ احلقدِ في نَفْسِ كُلٍّ منهُما جتُاهُ اآلخَر‪.1‬‬
‫أرس‪TT‬ل "ري‪TT‬تشارد" ف‪TT‬ي‪۲۹‬م‪TT‬ن رم‪TT‬ضانِ‪ ٥۸۷‬هـ‪ ۲۰ /‬تش‪TT‬ري‪TT‬ن األوّل ‪ ۱۱۹۱‬م ب‪TT‬رس‪TT‬ولٍ‬
‫ل"مل‪T‬لكِ ال‪T‬عادلِ" وم‪T‬عَه عَ‪T‬رْضٌ ب‪T‬امل‪T‬صاه‪T‬رةِ ي‪T‬تمثَّلُ ف‪T‬ي اق‪T‬تراحِ "ري‪T‬تشارد" بـ ‪ :‬أنْ ي‪T‬تزوَّجَ‬
‫"امل‪T‬لكُ ال‪T‬عادلُ" مِ‪T‬ن "ج‪T‬وان‪T‬ا" م‪T‬لكةِ صِ‪T‬قلية أُخ‪T‬تِ امل‪T‬لكِ "ري‪T‬تشارد" وأن يُ‪T‬قيمَ االث‪T‬نانِ‬
‫ب‪TT‬عدَ ال‪TT‬زواجِ ف‪TT‬ي م‪TT‬دي‪TT‬نةِ "امل‪TT‬قدسِ" وي‪TT‬كونُ حُ‪TT‬كمُها "ثُ‪TT‬نائ ‪T‬يّاً" ب‪TT‬ينَهُما‪ ،‬و أنْ يَهَ ‪T‬بَ‬
‫الس‪T‬لطانُ"ص‪T‬الحُ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ" ش‪T‬قيقَه "امل‪T‬لكَ ال‪T‬عادلَ" ج‪T‬ميعَ ب‪T‬الدِ ال‪T‬ساح‪T‬لِ‪ ،‬ب‪T‬اإلض‪T‬اف‪T‬ةِ ملِ‪T‬ا ف‪T‬ي‬
‫ي‪T‬دِه مِ‪T‬ن ب‪T‬الدٍ‪ ،‬و أنْ يُ‪T‬قدِّمَ "ري‪T‬تشارد" لِ‪T‬شَقيقَتِه كُ‪T‬لَّ م‪T‬ا ف‪T‬تحَه مِ‪T‬ن مُ‪T‬دنِ ال‪T‬ساح‪T‬لِ مب‪T‬ا ف‪T‬ي‬
‫ذل‪T‬كَ "ع‪T‬سقالنُ" أنْ تُ‪T‬رَدَّ إل‪T‬ى "ال‪T‬داوي‪T‬ةِ" و"االس‪T‬بتاري‪T‬ةِ" كُ‪T‬لَّ مم‪T‬تلكات‪T‬هم ف‪T‬ي ب‪T‬الد ال‪T‬شامِ‪،‬‬
‫وأن ي‪T‬حصلَ ال‪T‬صليبيونَ ع‪T‬لى "ص‪T‬ليبِ ال‪T‬صلواتِ"‪ ،‬وك‪T‬ذل‪T‬كَ* أنْ ي‪T‬تمَّ ت‪T‬بادلُ األسْ‪T‬رى‬
‫بني اجلانبنيِ‪.‬‬
‫وَقَ‪T‬دْ أرس‪T‬لَ "امل‪T‬لكُ ال‪T‬عادِلُ" وفْ‪T‬داً إل‪T‬ى الس‪T‬لطانِ لِ‪T‬عَرْضِ األم‪T‬رِ ع‪T‬ليهِ‪ ،‬وق‪T‬د تَ‪T‬رَكَ مج‪T‬لسُ‬
‫ال‪T‬شورى ال‪T‬رأيَ للس‪T‬لطانِ‪ ،‬وواف‪T‬قَ ع‪T‬لى املش‪T‬روعِ ك‪T‬ما واف‪T‬قَ "امل‪T‬لكُ ال‪T‬عادلُ" أي‪T‬ضاً؛ إالّ أنّ‬
‫ال‪T‬رف‪T‬ضَ ج‪T‬اءَ مِ‪T‬ن ج‪T‬ان‪T‬ب "ج‪T‬وان‪T‬ا" ال‪T‬تي أن‪T‬كرَ رج‪T‬الُ ال‪T‬كنيسةِ ع‪T‬ليها ه‪T‬ذا ال‪T‬زواجَ‪ ،‬وله‪T‬ذا‬
‫عَ‪T‬رَضَ "ري‪T‬تشارد" ع‪T‬لى"امل‪T‬لكِ ال‪T‬عادلِ" ال‪T‬دخ‪T‬ولَ ف‪T‬ي املس‪T‬يحيةِ؛ إالّ أنّ "امل‪T‬لكَ ال‪T‬عادلَ"‬
‫رَفَ‪T‬ضَ ذل‪T‬كَ ب‪T‬دُبْ‪T‬لوم‪T‬اس‪T‬يَّةِ)حِ‪T‬نكَةٍ‪ ،‬وده‪T‬اءٍ(‪ ،‬وتَ‪T‬رَكَ ب‪T‬ابَ امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ م‪T‬فتوح‪T‬اً‪ ،‬وك‪T‬ان‪T‬تْ‬
‫آخِ ‪T‬رُ ال‪TT‬رس‪TT‬ائ ‪T‬لِ ال‪TT‬تي ب‪TT‬عثَها "ري‪TT‬تشارد" ف‪TT‬ي ه‪TT‬ذا املش‪TT‬روعِ تُ‪TT‬فيدُ ب‪TT‬أنّ "رِج‪TT‬الَ ال ‪T‬دِّي ‪T‬نِ"‬
‫ي‪T‬رف‪T‬ضونَ ه‪T‬ذا ال‪T‬زواجَ دونَ مَ‪T‬شُورةِ "ال‪T‬باب‪T‬ا"‪ ،‬وله‪T‬ذا أرس‪T‬لَ "ري‪T‬تشارد" ل"ب‪T‬اب‪T‬ا" رس‪T‬والً‬
‫‪ 1‬ﻋﻤﺮ ﻛﻤﺎل ﺗﻮﻓﯿﻖ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﯿﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺴﻠﻤﯿﺔ ﻣﻊ اﻟﺼﻠﯿﺒﯿﻦ ص‪١٧٢‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٥٦‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ي‪T‬عودُ ب‪T‬عدَ ث‪T‬الث‪T‬ةِ أشهُ‪T‬رٍ؛ ف‪T‬إذا صَ‪T‬رَّحَ ب‪T‬األم‪T‬رِ متََّ ع‪T‬قدُ ال‪T‬زواجِ‪ ،‬وإذا رَفَ‪T‬ضَ زَوَّجَ "ري‪T‬تشاردُ"‬
‫"امللكَ العادلَ" ابنةَ أُختِه "اليانور" دونَ أن يحتاجَ إذنَ "البابا" في ذلك‪.1‬‬
‫واحل‪T‬قيقةُ‪ :‬إنَّ ف‪T‬كرةَ ال‪T‬زواجِ أك‪T‬ثرُ ال‪T‬عُروضِ خ‪T‬ياالً‪ ،‬ومُ‪T‬بال‪T‬غةٌ غ‪T‬يرُ م‪T‬قبول‪T‬ةٍ ف‪T‬ي عَ‪T‬صْرٍ اتَّ‪T‬سَمَ‬
‫ب‪TT‬ال‪TT‬تعصُّبِ ال‪TT‬دي‪TT‬نيِّ‪ ،‬وك‪TT‬انَ ه‪TT‬ذا ي‪TT‬بدو مس‪TT‬تحيالً وس ‪T‬طَ حَ ‪T‬رْبٍ دائ‪TT‬رةٍ ب‪TT‬ني املس‪TT‬لمنيَ‬
‫واملس‪T‬يحينيَ حت‪T‬ملُ ط‪T‬ابَ‪T‬عاً دِي‪T‬نيَّاً؛ ف‪T‬قَد اس‪T‬تغلَّ "ري‪T‬تشارد" ال‪T‬صداق‪T‬ةَ امل‪T‬تبادَل‪T‬ةَ ب‪T‬ينَه وب‪T‬نيَ‬
‫"امل‪T‬لكِ ال‪T‬عادلِ" لـ‪ :‬خ‪T‬دم‪T‬ةِ أغ‪T‬راضِ‪T‬ه‪ ،‬وإط‪T‬ال‪T‬ةِ أم‪T‬دِ امل‪T‬فاوَض‪T‬اتِ‪ ،‬ولِ‪T‬عَرق‪T‬لَةِ ق‪T‬يامِ حت‪T‬الُ‪T‬فٍ ب‪T‬ني‬
‫الس‪T‬لطانِ "ص‪T‬الحِ ال‪T‬دي‪T‬نِ" و”املِ‪T‬رك‪T‬يز"‪ ،‬وي‪T‬تَّضِحُ ذل‪T‬ك مِ‪T‬ن رس‪T‬ائ‪T‬لِ "ري‪T‬تشارد" ب‪T‬طلبِ‬
‫ت‪T‬نصيرِ"امل‪T‬لكِ ال‪T‬عادلِ"‪ ،‬وان‪T‬تظارِ وُص‪T‬ولِ م‪T‬واف‪T‬قةِ "ال‪T‬باب‪T‬ا" ع‪T‬لى ه‪T‬ذا ال‪T‬زواجِ‪ ،‬ومِ‪T‬ن زاوي‪T‬ةٍ‬
‫أُخ‪TT‬رى ف‪TT‬إنّ "ري‪TT‬تشارد" ل‪TT‬م ي ‪T‬كُنْ ج‪TT‬ادَّاً ف‪TT‬ي عَ ‪T‬رْضِ ‪T‬هِ؛ ألنّ‪TT‬ه عَ ‪T‬رَضَ ع‪TT‬لى "امل‪TT‬لكِ ال‪TT‬عادلِ"‬
‫ال‪T‬زواجَ مِ‪T‬ن "ال‪T‬يان‪T‬ور" إذا رَفَ‪T‬ضَ ال‪T‬باب‪T‬ا زواجَ‪T‬ه مِ‪T‬ن "ج‪T‬وان‪T‬ا"‪ ،‬ومِ‪T‬ن امل‪T‬لحوظِ أنَّ "ري‪T‬تشارد"‬
‫ك‪T‬ان يُ‪T‬راوِغُ غ‪T‬ي عَ‪T‬رْضِ‪T‬هِ ف‪T‬لِماذا ل‪T‬م يُ‪T‬قَدِّمْ ه‪T‬ذا ال‪T‬عَرْضَ م‪T‬نذُ ال‪T‬بداي‪T‬ةِ؛ إذ ك‪T‬ان زواجُ "امل‪T‬لكِ‬
‫ال‪T‬عادلِ" مِ‪T‬ن "ال‪T‬يان‪T‬ور" ل‪T‬ن ي‪T‬تطلَّبَ م‪T‬واف‪T‬قةَ "ال‪T‬باب‪T‬ا"؛ ألنّ "ال‪T‬باب‪T‬ا" ي‪T‬حتاجُ‪T‬ه ال‪T‬صليبيونَ ف‪T‬ي‬
‫تزويجِ الثَّيِّبِ مِن بناتِ امللوكِ ‪2‬مِن بابِ أَوْلى‪.‬‬
‫وإنّ مُ‪T‬واف‪T‬قةَ الس‪T‬لطانِ "ص‪T‬الحِ ال‪T‬دي‪T‬نِ" الع‪T‬تقادِه ب‪T‬أنّ "ري‪T‬تشارد" ال يُ‪T‬وافِ‪T‬قُ ع‪T‬لى ه‪T‬ذا‬
‫العَرْضِ‪ ،‬أو أنّ األمرَ كُلَّهُ ال يَعدُو سِوى هَزوٍ ومَكْرٍ وخديعةٍ خبيثةٍ‪.‬‬
‫وال‪T‬واق‪T‬عُ إنّ "امل‪T‬لكَ ال‪T‬عادلَ" ك‪T‬ان دب‪T‬لوم‪T‬اس‪T‬ياً )س‪T‬ياس‪T‬ياً مُ‪T‬حنَّكاً‪ ،‬وداه‪T‬ياً ح‪T‬كيماً( ف‪T‬ال‬
‫ري‪T‬بَ أنّ‪T‬ه أدْرَى؛ ف‪T‬قَد فَ‪T‬هِمَ وفَ‪T‬طِنَ أنَّ األم‪T‬رَ كُ‪T‬لَّهُ ل‪T‬يس سِ‪T‬وى مُ‪T‬ناورَةٍ ي‪T‬قومُ ب‪T‬ها "ري‪T‬تشارد"‬
‫‪ 1‬اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٢٩٢‬‬
‫‪ 2‬اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٣٠٠‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٥٧‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫وله‪T‬ذا واف‪T‬قَ ع‪T‬لى املش‪T‬روعِ ‪ ،1‬وجتَ‪T‬دَّدَ االج‪T‬تماعُ ب‪T‬ني اجل‪T‬انِ‪T‬بَنيِ ف‪T‬ي‪۱۸‬م‪T‬ن ش‪T‬وال‪٥۸٦‬ه‪/‬‬
‫امل‪T‬واف‪T‬ق ‪ ۸‬م‪T‬ن ن‪T‬وف‪T‬مبر ‪ ۱۹۱۱‬م؛ ح‪T‬يثُ اج‪T‬تمعَ "امل‪T‬لكُ ال‪T‬عادلُ" ف‪T‬ي م‪T‬وق‪T‬عِ "ال‪T‬يزك" وق‪T‬د‬
‫ط‪T‬لبَ "ري‪T‬تشارد" أث‪T‬ناءَ االج‪T‬تماعِ مِ‪T‬ن"امل‪T‬لكِ ال‪T‬عادلِ" أن ي‪T‬قومَ ب‪T‬ترت‪T‬يبِ اج‪T‬تماعٍ ل‪T‬هُ م‪T‬ع‬
‫الس‪TT‬لطانِ"ص‪TT‬الحِ ال ‪T‬دِّي ‪T‬نِ" وك‪TT‬ان ج‪TT‬وابُ الس‪TT‬لطانِ ع‪TT‬لى ه‪TT‬ذا ال‪TT‬طلبِ‪" :‬ب‪TT‬عدَ ال‪TT‬صلحِ‬
‫ي‪T‬كون االج‪T‬تماعُ"‪ ،‬وي‪T‬تَّضِحُ مِ‪T‬ن ذل‪T‬كَ أنّ الس‪T‬لطانَ "ص‪T‬الحَ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ" ك‪T‬ان يُ‪T‬دْرِكُ مت‪T‬ام‪T‬اً‬
‫)أنّ "ريتشارد" ال يبغي الصلحَ مِن وراءِ هذا االجتماعِ؛ وإمنّا ليَضيعَ الوقتُ(‪.‬‬
‫وقَ‪T‬دْ عَ‪T‬قَدَ الس‪T‬لطانُ "ص‪T‬الحُ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ" ب‪T‬عدَ ذل‪T‬ك مج‪T‬لسَ مَ‪T‬شورتِ‪T‬ه ل‪T‬ترج‪T‬يحِ ال‪T‬صلحِ م‪T‬ع‬
‫أح‪T‬دِ ال‪T‬طرف‪T‬نيِ‪ ،‬وق‪T‬د أج‪T‬معَ اجمل‪T‬لسُ أن ي‪T‬تمَّ ال‪T‬صلحُ م‪T‬عَ "ري‪T‬تشارد"؛ ألنّ‪T‬ه س‪T‬وفَ ي‪T‬عودُ إل‪T‬ى‬
‫ب‪T‬الدِه‪ ،‬أمّ‪T‬ا ال‪T‬صلحُ م‪T‬ع ال‪T‬صليبنيَ احمل‪T‬لّينيَ ف‪T‬غيرُ م‪T‬قبولٍ؛ ألنّ مُ‪T‬خالَ‪T‬طتَهُم غ‪T‬يرُ م‪T‬أم‪T‬ون‪T‬ةٍ؛ بَ‪T‬يْدَ‬
‫أنَّ الس‪TT‬لطانَ "ص‪TT‬الحَ ال ‪T‬دِّي ‪T‬نِ" ك‪TT‬ان يُ ‪T‬فَضِّلُ ال‪TT‬صلحَ م‪TT‬ع "املِ‪TT‬رك‪TT‬يز"؛ ألنّ ذل‪TT‬ك يُ‪TT‬ضعِفُ‬
‫الصليبنيَ‪ ،‬ويَزيدُ مِن انقسامِهم‪.2‬‬
‫تدميرُ عسقالنَ‪:‬‬
‫اتَّ‪T‬بعَ الس‪T‬لطانُ "ص‪T‬الحُ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ" س‪T‬ياس‪T‬ةَ ت‪T‬دم‪T‬يرِ امل‪T‬دنِ ال‪T‬تي ال يس‪T‬تطيعُ ال‪T‬دف‪T‬اعَ ع‪T‬نها؛‬
‫وذل‪TT‬ك مَ‪TT‬نعاً لِ‪TT‬وقُ‪TT‬وعِ‪TT‬ها ب‪TT‬أي ‪T‬دِ ال‪TT‬صليبنيَ فيش‪TT‬تدّ ب‪TT‬ها س‪TT‬اعِ ‪T‬دُهُ‪TT‬م؛ ول‪TT‬ذل ‪T‬كَ ق‪TT‬امَ به‪TT‬دمِ‬
‫"عسقالنَ" وهَدْمِ "حصنِ الرَّمْلَةِ واللدِّ" وجاءَ هذا القرارُ بعدَ معركةِ "أرسوف"‪.3‬‬
‫ول‪T‬م يَ‪T‬كُنِ ال‪T‬قَرارُ سه‪T‬الً ع‪T‬لى "ص‪T‬الحِ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ" ال‪T‬ذي ك‪T‬ان ي‪T‬رى أنّ م‪T‬وتَ أح‪T‬دِ أب‪T‬ناءِه‬
‫أح ‪T‬بَّ إل‪TT‬يهِ مِ‪TT‬ن تخ‪TT‬ري ‪T‬بِ "ع‪TT‬سقالن"؛ ح ‪T‬تّى إن‪TT‬ه ق‪TT‬الَ‪" :‬واهلل ألن أف ‪T‬قِدَ أوالدي كُ ‪T‬لَّهُمْ‬
‫‪ 1‬اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٣٠٣‬‬
‫‪ 2‬أﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٢١‬‬
‫‪ 3‬اﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ‪٢٢‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٥٨‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫أح ‪T‬بُّ إل ‪T‬يَّ مِ‪TT‬ن هَ ‪T‬دِّكِ مِ‪TT‬نها حَجَ‪TT‬راً واحِ‪TT‬داً؛ ول‪TT‬كن إذا ق ‪T‬ضَى اهللُ ب‪TT‬ذل ‪T‬كَ وع ‪T‬يَّنَهُ حلِ ‪T‬فْظِ‬
‫املسلِمِ طريقاً فكيفَ أصنعُ‪.1‬‬
‫وع‪T‬لى ال‪T‬رغ‪T‬مِ مِ‪T‬ن ذل‪T‬كَ ق‪T‬ادَ الس‪T‬لطانُ"ص‪T‬الحُ ال‪T‬دي‪T‬نِ" جُ‪T‬زءاً مِ‪T‬ن ج‪T‬يشهِ إل‪T‬ى "ع‪T‬سقالن"‪،‬‬
‫وأم‪T‬رَ ب‪T‬إخ‪T‬الئِ‪T‬ها مِ‪T‬ن ال‪T‬سكَّانِ‪ ،‬ودَمَّ‪T‬رَ امل‪T‬دي‪T‬نةَ ع‪T‬ن آخِ‪T‬رِه‪T‬ا‪ ،‬وقَ‪T‬ذَفَ بِ‪T‬حِجارَتِ‪T‬ها ف‪T‬ي البح‪T‬رِ‪،‬‬
‫وم‪T‬ع ذل‪T‬كَ ف‪T‬قَد ال‪T‬تمسَ ال‪T‬صليبيونَ ف‪T‬ي خ‪T‬رابِ "ع‪T‬سقالنَ" م‪T‬لجأً ل‪T‬هم؛ وذل‪T‬ك ب‪T‬ناءً ع‪T‬لى‬
‫ن‪T‬صيحةِ ال‪T‬فِرَجنْ‪T‬ةِ ال‪T‬شام‪T‬يِّنيَ ال‪T‬ذي‪T‬ن ب‪T‬ادَروا ب‪T‬توج‪T‬يهِ أن‪T‬ظارِ "ري‪T‬تشارد" إل‪T‬ى "ع‪T‬سقالنَ"‪،‬‬
‫وإع‪T‬ادةِ إع‪T‬مارِه‪T‬ا ح‪T‬تّى يُس‪T‬يطِرَ ال‪T‬صليبونَ ع‪T‬لى امل‪T‬ؤنِ ال‪T‬تي تَ‪T‬رِدُ إل‪T‬ى ب‪T‬يتِ "امل‪T‬قْدِسِ" م‪T‬ن‬
‫مِ‪T‬صْرَ‪ ،‬ك‪T‬ما يتيسَّ‪T‬رَ ل‪T‬هم االت‪T‬صالُ ب‪T‬األس‪T‬طولِ‪ ،‬وق‪T‬د وَصَ‪T‬لَ "ري‪T‬تشارد" امل‪T‬دي‪T‬نةَ ف‪T‬ي‪ ۲‬م‪T‬ن‬
‫محرم‪٥۸۸‬ه‪/‬املوافق ‪ ۲۰‬من يناير ‪ ۱۱۹۲‬م‪ ،‬وبدأتْ إعادةُ بنائِها‪.2‬‬
‫وب‪T‬ينما ك‪T‬ان "ري‪T‬تشارد" ف‪T‬ي "ع‪T‬سقالنَ" وص‪T‬لَتْ إل‪T‬يه أن‪T‬باءٌ ع‪T‬ن ت‪T‬طلٌّعِ ش‪T‬قيقِه "ح‪T‬نَّا"‬
‫ل‪T‬الس‪T‬تيالءِ ع‪T‬لى "عَ‪T‬رْشِ ان‪T‬كلترا" وعَ‪T‬قَدَ م‪T‬ؤمت‪T‬راً ف‪T‬ي "ع‪T‬سقالن" وأع‪T‬ربَ ل‪T‬لمُجتَمِعِينيَ‬
‫مِ‪T‬ن "ال‪T‬بارون‪T‬اتِ" و"ال‪T‬فرس‪T‬انِ" ع‪T‬ن رغ‪T‬بتِه ف‪T‬ي ال‪T‬عودةِ إل‪T‬ى ب‪T‬الدِه؛ ول‪T‬كنَّه ح‪T‬ري‪T‬صٌ ع‪T‬لى‬
‫ح‪T‬لِّ م‪T‬شكلةِ عَ‪T‬رْشِ ب‪T‬يتِ امل‪T‬قدسِ ق‪T‬بلَ ع‪T‬ودتِ‪T‬ه‪ ،‬وتَ‪T‬رَكَ ل‪T‬همْ حُ‪T‬رِّيَّ‪T‬ةَ االخ‪T‬تيارِ م‪T‬ا ب‪T‬ني "ج‪T‬ي"‬
‫و"كونراد" فَوَقَعَ االختيارُ على "كونراد" العتالءِ بيتِ املقدسِ‪.3‬‬
‫وك‪T‬ان "ري‪T‬تشارد" ق‪T‬د ط‪T‬لبَ ف‪T‬ي رس‪T‬ال‪T‬تِه ال‪T‬ساب‪T‬قةِ أن يُ‪T‬عطِيَهُ الس‪T‬لطانُ "ص‪T‬الحُ ال‪T‬دي‪T‬نِ"‬
‫ك ‪TT‬نيسةَ ال ‪TT‬قيام‪T T‬ةِ‪ ،‬وق ‪TT‬د رأى مج ‪TT‬لسُ امل ‪TT‬شورةِ ض ‪TT‬رورةَ ع ‪TT‬قدِ ال ‪TT‬صلحِ؛ ألنّ املس ‪TT‬لمنيَ‬
‫أص‪T‬ابَ‪T‬هُم الضّج‪T‬رةُ‪ ،‬وال‪T‬تعبُ‪ ،‬وك‪T‬ثرةُ ال‪T‬دُّي‪T‬ونِ ف‪T‬ما ك‪T‬ان مِ‪T‬ن الس‪T‬لطانِ "ص‪T‬الحُ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ"؛ إالّ‬
‫‪ 1‬اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ‪٣٠٥‬‬
‫‪ 2‬اﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٢٥‬‬
‫‪ 3‬اﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ ص‪٢٥‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٥٩‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫أنّ أرس ‪T‬لَ لـ"ق‪TT‬لبِ األس ‪T‬دِ" ب‪TT‬أنّ‪TT‬ه ي‪TT‬كونُ ل‪TT‬لصليبنيَ )ك‪TT‬نيسةُ ال‪TT‬قيام ‪T‬ةِ‪ ،‬وال‪TT‬بالدُ ال‪TT‬تي‬
‫ف‪TT‬تحُوه‪TT‬ا(‪ ،‬وي‪TT‬كونُ )للمس‪TT‬لمنيَ ال‪TT‬قالعُ اجل‪TT‬بليةُ؛ إالّ ع‪TT‬سقالنَ وم‪TT‬ا ورائَ‪TT‬ها( ف‪TT‬تكونَ‬
‫خراباً ليستْ ألحدٍ مِن اجلانِبَنيِ‪.‬‬
‫وال‪T‬واق‪T‬عُ أنّ ن‪T‬قصَ األم‪T‬والِ ك‪T‬ان ن‪T‬اجت‪T‬اً ع‪T‬ن أنّ الس‪T‬لطانَ"ص‪T‬الحَ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ" أن‪T‬فقَ م‪T‬الَ مِ‪T‬صْرَ ف‪T‬ي‬
‫ف‪T‬تحِ ال‪T‬شامِ‪ ،‬وم‪T‬الَ ال‪T‬شامِ ف‪T‬ي ف‪T‬تحِ اجل‪T‬زي‪T‬رةِ‪ ،‬وم‪T‬الَ اجل‪T‬ميعِ ف‪T‬ي ف‪T‬تحِ ال‪T‬ساح‪T‬لِ‪ ،‬ث‪T‬مَّ وَجَ‪T‬دَ‬
‫ن‪T T‬فْسَه ف ‪TT‬ي ال ‪TT‬نهاي‪T T‬ةِ ب ‪TT‬ال م ‪TT‬واردَ ت ‪TT‬كفي ل ‪TT‬لحصولِ ع ‪TT‬لى )األس ‪TT‬لحةِ‪ ،‬وامل ‪TT‬ؤنِ‪ ،‬وع ‪TT‬طاءِ‬
‫األج ‪TT‬نادِ(؛ ول ‪TT‬ذل‪T T‬كَ ل ‪TT‬م يس ‪TT‬تطِعْ أن ي ‪TT‬فعلَ ش ‪TT‬يئاً ل ‪TT‬تخفيفِ ال ‪TT‬ضائ ‪TT‬قةِ ال ‪TT‬تي ح ‪TT‬ال‪T T‬تْ‬
‫ب‪T‬ال‪T‬عساك‪T‬رِ‪ ،1‬وإنْ دلَّ ه‪P‬ذا ع‪P‬لى ش‪P‬يءٍ ف‪P‬إنّ‪P‬ه ي‪P‬دلُّ ع‪P‬لى ش‪P‬يءٍ أال وهُ‪P‬وَ صِ‪P‬دْقُ وعَ‪P‬دْلُ‬
‫الس‪PP‬لطانِ "ص‪PP‬الحِ ال‪PP‬دي ‪P‬نِ" رَحِ ‪P‬مَه اهللُ ت‪PP‬عال‪PP‬ى ورغ ‪P‬مَ كُ ‪P‬لِّ ال‪PP‬ضائ‪PP‬قةِ االق‪PP‬تصادي ‪P‬ةِ ظ ‪P‬لَّ‬
‫بعيداً عن األموالِ اخلاصَّةِ للمواطننيَ‪ ،‬ولم يستَولِ عليها بحُجَّةِ احلربِ‪.‬‬
‫ف‪T‬تعثَّرَتِ امل‪T‬فاوَض‪T‬اتُ ب‪T‬نيَ اجل‪T‬ان‪T‬بَنيِ؛ ن‪T‬ظراً ل‪T‬تمسُّكِ "ري‪T‬تشارد" بـ"ع‪T‬سقالن"؛ ألنَّ‪T‬ه صَ‪T‬رَفَ‬
‫ف‪TT‬ي إع‪TT‬ادةِ حت‪TT‬صينِها أم‪TT‬واالً ط‪TT‬ائ‪TT‬لةً؛ وله‪TT‬ذا عَ ‪T‬رَضَ الس‪TT‬لطانُ "ص‪TT‬الحُ ال ‪T‬دِّي ‪T‬نِ" ع‪TT‬ليه أنْ‬
‫يُ‪TT‬عوِّضَ ال‪TT‬صليبنيَ ف‪TT‬ي امل‪TT‬قاب ‪T‬لِ بـ)امل‪TT‬زارعِ‪ ،‬وال ‪T‬قُرى( مِ‪TT‬ن "ع‪TT‬سقالنَ" ع‪TT‬لى أنْ تُخ ‪T‬رَّبَ‬
‫"الداروم" وغيرُها‪2‬وهذا مِن بابِ سدِّ الذرائعِ‪.‬‬
‫إالّ أنّ "ري‪TT‬تشارد" حَ‪TT‬رصَ ع‪TT‬لى أن تُ ‪T‬تْرَكَ ه‪TT‬ذه األم‪TT‬اك ‪T‬نُ ال‪TT‬ثالث ‪T‬ةُ‪):‬ع‪TT‬سقالن‪ ،‬وي‪TT‬اف‪TT‬ا‪،‬‬
‫وال‪T‬داروم( ع‪T‬ام‪T‬رةً‪ ،‬وأع‪T‬لنَ ع‪T‬ن تخ‪T‬لِّيهِ ن‪T‬هائ‪T‬يّاً ع‪T‬ن "ال‪T‬قُدسِ" ع‪T‬لى أن ي‪T‬كونَ ل‪T‬لصليبنيَ‬
‫مِ‪TT‬ن )ال‪TT‬داروم إل‪TT‬ى أن‪TT‬طاك‪TT‬يةَ(‪ ،‬وقَ‪TT‬د رَفَ ‪T‬ضَ الس‪TT‬لطانُ "ص‪TT‬الحُ ال‪TT‬دي ‪T‬نِ" ه‪TT‬ذه الش‪TT‬روطَ‪،‬‬
‫‪ 1‬اﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٢٦‬‬
‫‪ 2‬اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٣٠٦‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٦٠‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫وأص‪T T‬رَّ ع ‪TT‬لى خ ‪TT‬رابِ "ع ‪TT‬سقالنَ" وت ‪TT‬عوي‪T T‬ضِ ال ‪TT‬صليبنيَ ف ‪TT‬ي امل ‪TT‬قاب‪T T‬لِ ب ‪TT‬ال‪T T‬لُدِّ؛ فَ‪T T‬رَفَ‪T T‬ضَ‬
‫"ري‪T‬تشارد" ه‪T‬ذا ال‪T‬عَرْضَ‪ ،‬وأرس‪T‬لَ رس‪T‬والً للس‪T‬لطانِ"ص‪T‬الح ال‪T‬دي‪T‬نِ" يُ‪T‬خْبِرُهُ ب‪T‬أنَّ‪T‬ه‪) :‬ال‬
‫ميُ‪T‬كِنُنا أنْ نُخَ‪T‬رِّبَ مِ‪T‬ن ع‪T‬سقالنَ حج‪T‬راً واح‪T‬داً‪ ،‬وال يُ‪T‬سمَعُ ع‪T‬نّا ف‪T‬ي ال‪T‬بالدِ م‪T‬ثلُ ذل‪T‬ك(‬
‫وبهذا وصَلَتِ املفاوضاتُ إلى طريقٍ مسدودٍ ‪.1‬‬
‫وي‪P‬دلُّ ه‪P‬ذا ع‪P‬لى أنّ "ري‪P‬تشارد" ع‪P‬ندم‪P‬ا أع‪P‬لنَ تخ‪P‬لِّيهِ ع‪P‬ن ب‪P‬يتِ "املَ‪P‬قدسِ" ك‪P‬شفَ ع‪P‬ن‬
‫ح‪PP‬قيقةِ م‪PP‬جيئِه ل‪PP‬يسَ حل‪PP‬ماي ‪P‬ةِ ال‪PP‬صليبنيَ وال‪PP‬دف‪PP‬اعِ ع‪PP‬ن ب‪PP‬يتِ "امل‪PP‬قدسِ"؛ ب‪PP‬ل جملُِ ‪P‬رَّدِ‬
‫أطماعٍ شخصيةٍ‪.‬‬
‫ك‪T‬ان ت‪T‬وقُّ‪T‬فُ امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ داف‪T‬عاً للس‪T‬لطانِ "ص‪T‬الحِ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ" ل‪T‬لقيامِ ب‪T‬عَملٍ ع‪T‬سكريٍّ مِ‪T‬ن‬
‫ش‪T‬أنِ‪T‬ه إج‪T‬بارَ "ري‪T‬تشارد" ع‪T‬لى قَ‪T‬بولِ ال‪T‬صلحِ ب‪T‬امل‪T‬قتَرح‪T‬اتِ ال‪T‬ساب‪T‬قةِ إذا م‪T‬ا ع‪T‬ادَ إل‪T‬ى م‪T‬ائ‪T‬دةِ‬
‫امل‪T‬فاوَض‪T‬اتِ؛ ف‪T‬قَد انته‪T‬زَ الس‪T‬لطانُ "ص‪T‬الحُ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ" فُ‪T‬رص‪T‬ةَ غ‪T‬يابِ "ري‪T‬تشارد" ع‪T‬ن ي‪T‬اف‪T‬ا‪،‬‬
‫واس‪T‬تول‪T‬ى ع‪T‬ليها؛ غ‪T‬ير أنّ "ري‪T‬تشارد" ع‪T‬ادَ إل‪T‬ى امل‪T‬دي‪T‬نةِ فَ‪T‬ورَ ع‪T‬لمِه ب‪T‬األم‪T‬رِ‪ ،‬واس‪T‬تردَّ ي‪T‬اف‪T‬ا م‪T‬رّةً‬
‫أُخرى‪.2‬‬
‫وعَ‪T‬قِبَ م‪T‬عرك‪T‬ةِ "ي‪T‬اف‪T‬ا" ازدادتْ رغ‪T‬بةُ الس‪T‬لطانِ "ص‪T‬الحِ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ" ف‪T‬ي ال‪T‬عودةِ ل‪T‬بالدِه؛ ن‪T‬ظراً‬
‫ل‪T‬سوءِ األح‪T‬والِ ف‪T‬يها؛ وله‪T‬ذا أرس‪T‬لَ إل‪T‬ى الس‪T‬لطانِ ل‪T‬طلبِ ال‪T‬صلحِ؛ إالّ أنّ االت‪T‬صاالتِ ل‪T‬م‬
‫تُ‪T‬سْفِرْ ه‪T‬ذه امل‪T‬رَّةُ أي‪T‬ضاً ع‪T‬ن ش‪T‬يءٍ ج‪T‬دي‪T‬دٍ لِتَشَ‪T‬دُّدِ اجل‪T‬ان‪T‬بَنيِ ف‪T‬ي أم‪T‬رِ م‪T‬دي‪T‬نةِ "ع‪T‬سقالن"‪،‬‬
‫وق‪TT‬د مَ ‪T‬رِضَ "ري‪TT‬تشارد" ب‪TT‬عدَ ذل ‪T‬كَ ف‪TT‬ي "ي‪TT‬اف‪TT‬ا"‪ ،‬وظَ ‪T‬لَّ ب‪TT‬ها ف‪TT‬ترةً‪ ،‬ف‪TT‬أرس ‪T‬لَ ل‪TT‬ه الس‪TT‬لطانُ‬
‫بطَبيبِه اخلاصِّ ‪،3‬‬
‫‪ 1‬اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﮫ ص‪٣٠٧‬‬
‫‪ 2‬اﺑﻦ واﺻﻞ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬
‫‪ 3‬اﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٣١‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٦١‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫وع‪T‬ندم‪T‬ا اش‪T‬تدَّ بـ"ري‪T‬تشارد" امل‪T‬رضُ أرس‪T‬لَ إل‪T‬ى ال‪T‬عادلِ ل‪T‬يتوسَّ‪T‬طَ ل‪T‬ه ع‪T‬ند الس‪T‬لطانِ "ص‪T‬الحِ‬
‫ال‪T‬دِّي‪T‬نِ" ف‪T‬ي ال‪T‬صلحِ ع‪T‬لى أنْ يُ‪T‬عطيه الس‪T‬لطانُ "ع‪T‬سقالنَ" ف‪T‬إنْ رَفَ‪T‬ضَ قَ‪T‬بِلَ "ري‪T‬تشارد"‬
‫ال‪T‬تعوي‪T‬ضَ ع‪T‬مّا أن‪T‬فقَه ف‪T‬ي ت‪T‬عميرِه‪T‬ا؛ ف‪T‬عَقدَ الس‪T‬لطانُ مَج‪T‬لِسَه ل‪T‬لتشاورِ ف‪T‬ي األم‪T‬رِ؛ ح‪T‬يثُ‬
‫أج‪T‬معَ األم‪T‬راءُ ع‪T‬لى ض‪T‬رورةِ ع‪T‬قدِ ال‪T‬صلحِ ملَِ‪T‬ا حلَِ‪T‬قَ ب‪T‬ال‪T‬بالدِ م‪T‬ن ال‪T‬تدم‪T‬يرِ والتخ‪T‬ري‪T‬بِ مِ‪T‬ن‬
‫ن‪T‬اح‪T‬يةٍ‪ ،‬وألنّ اجل‪T‬نودَ ت‪T‬راك‪T‬متْ ع‪T‬ليهِمُ ال‪T‬دُّي‪T‬ونُ م‪T‬ن ن‪T‬اح‪T‬يةٍ أُخْ‪T‬رى‪ ،‬وأص‪T‬ابَ‪T‬هُمُ الضجَ‪T‬رُ مِ‪T‬ن‬
‫مُواصلةِ القتالِ‪.1‬‬
‫ب‪T‬ينما ك‪T‬ان‪T‬ت األم‪T‬ور جت‪T‬ري ع‪T‬لى ه‪T‬ذا ال‪T‬نحو أع‪T‬لن ري‪T‬تشارد ن‪T‬زول‪T‬ه ع‪T‬ن ع‪T‬سقالن وع‪T‬ن‬
‫ط‪TT‬لب ال‪TT‬تعوي‪TT‬ض ال‪TT‬ذي اق‪TT‬ترح‪TT‬ه وب‪TT‬ذل‪TT‬ك اتَّ‪TT‬ضحَ أنّ‪TT‬ه ي‪TT‬ري ‪T‬دُ ال‪TT‬صلحَ اجل‪TT‬ادَّ ه‪TT‬ذه امل ‪T‬رَّةَ؛‬
‫فنش‪T‬طَتِ امل‪T‬راس‪T‬التُ ب‪T‬نيَ ال‪T‬طرف‪T‬نيِ ل‪T‬الت‪T‬فاقِ ع‪T‬لى ق‪T‬واع‪T‬دِ ال‪T‬صلحِ ح‪T‬تى متَّ االت‪T‬فاقُ ع‪T‬لى‬
‫هُدنَةِ "الرَّمْلَةِ" في‪۲۱‬من شعبان‪٥۸۸‬ه‪ ۱ /‬سبتمبر ‪۱۱۹۲‬م‪.2‬‬
‫وق‪T‬د رَفَ‪T‬ضَ "ري‪T‬تشارد" أن يُ‪T‬قْسِمَ ع‪T‬لى الهُ‪T‬دن‪T‬ةِ مُ‪T‬تعلِّالً ب‪T‬أنّ امل‪T‬لوكَ ال يُ‪T‬قدِم‪T‬ونَ ع‪T‬لى مِ‪T‬ثْلِ‬
‫ذل‪T‬ك األم‪T‬رِ؛ وله‪T‬ذا أق‪T‬سمَ ن‪T‬ياب‪T‬ةً ع‪T‬نه "ال‪T‬كون‪T‬ت ه‪T‬نري" و"ب‪T‬ال‪T‬يان ب‪T‬ن ب‪T‬ارزان" ومُ‪T‬قدَّم‪T‬ا‬
‫"األس ‪TT‬بارت ‪TT‬يةِ‪ ،‬وال ‪TT‬داوي ‪TT‬ة"‪ ،‬وق ‪TT‬د أع ‪TT‬طى الس ‪TT‬لطانُ ي‪T T‬دَه ول‪T T‬مْ يُ‪T T‬قْسِمْ مِ ‪TT‬ثلَما فَ‪T T‬عَلَ‬
‫"ري‪T‬تشارد"‪ ،‬وأق‪T‬سَمَ ب‪T‬ال‪T‬نياب‪T‬ةِ ع‪T‬نه )امل‪T‬لكُ ال‪T‬عادلُ‪ ،‬وامل‪T‬لكُ األف‪T‬ضلُ‪ ،‬وامل‪T‬لكُ ال‪T‬ظاه‪T‬رُ(‬
‫أب ‪TT‬ناءُ الس ‪TT‬لطانِ‪ ،‬و"امل ‪TT‬لكُ م ‪TT‬نصورُ ص ‪TT‬اح‪T T‬بُ "ح ‪TT‬ماةَ"‪ ،‬وامل ‪TT‬لكُ م ‪TT‬جاه‪T T‬دٌ ص ‪TT‬اح‪T T‬بُ‬
‫"حِ ‪T‬مْصَ"‪ ،‬وامل‪TT‬لكُ األمج ‪T‬دُ "به‪TT‬رام ش‪TT‬اه" ص‪TT‬اح ‪T‬بُ "ب‪TT‬علَبكَّ"‪ ،‬واألم‪TT‬يرُ "ب‪TT‬درُ ال ‪T‬دِّي ‪T‬نِ"‬
‫‪ 1‬اﺑﻦ ﺷﺪا د اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ‪٣١‬‬
‫‪ 2‬اﻟﻌﻤﺎد اﻷﺻﻔﮭﺎﻧﻲ اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ‪٦٠٥‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٦٢‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ص‪T‬اح‪T‬بُ "ت‪T‬لّ ب‪T‬اشِ‪T‬ر"‪ ،‬واألم‪T‬يرُ "س‪T‬اب‪T‬قُ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ ع‪T‬ثمان" ص‪T‬اح‪T‬بُ "ش‪T‬يزر"‪ ،‬واألم‪T‬يرُ "س‪T‬يفُ‬
‫الدِّينِ املشطوبُ" وغيرُهم‪.1‬‬
‫وكانتِ الهدنةُ تنصُّ على اآلتي‪:‬‬
‫أوّالً‪ :‬هُ‪T‬دن‪T‬ةٌ ع‪T‬امَّ‪T‬ةٌ ف‪T‬ي )ال‪T‬بَّرِّ‪ ،‬والبَح‪T‬رِ‪ ،‬والسَّهْ‪T‬لِ‪ ،‬وال‪T‬وعْ‪T‬رِ( مُ‪T‬دَّتُ‪T‬ها ث‪T‬الثُ س‪T‬نواتٍ وث‪T‬مان‪T‬يةُ‬
‫أشهُرٍ‪.‬‬
‫ث‪T‬ان‪T‬ياً‪ :‬ي‪T‬كونُ ل‪T‬لصليبنيَ امل‪T‬نطقةُ ال‪T‬ساح‪T‬ليةُ مِ‪T‬ن )ي‪T‬اف‪T‬ا ج‪T‬نوب‪T‬اً ح‪T‬تّى ع‪T‬كّا ش‪T‬ماالً( )ي‪T‬اف‪T‬ا‪،‬‬
‫أرسوف‪ ،‬حيفا‪ ،‬عكا(‬
‫ثالثاً‪ :‬كتخريبِ "عسقالن"‬
‫رابعاً‪ :‬تكونُ اللدُّ والرملةُ مناصفةً بني املسلمنيَ‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬يكونُ للصليبنيَ حُرِّيَّةُ احلجِّ إلى بيتِ املقدسِ‪.2‬‬
‫وق‪T‬د اش‪T‬ترطَ ال‪T‬صليبيونَ دخ‪T‬ولَ ص‪T‬اح‪T‬بِ أن‪T‬طاك‪T‬يةَ وط‪T‬راب‪T‬لس ف‪T‬ي اله‪T‬دن‪T‬ةِ ف‪T‬واف‪T‬قَ الس‪T‬لطانُ‬
‫واش‪TT‬ترطَ أن يُ ‪T‬قْسِمُوا ف‪TT‬إنْ ل‪TT‬م ي‪TT‬فعلُوا ذل ‪T‬كَ ال ي‪TT‬دخ ‪T‬لُوا ف‪TT‬يها ‪ 3،‬وق‪TT‬د أم ‪T‬رَ الس‪TT‬لطانُ أن‬
‫يُ‪T‬ذاعَ خَ‪T‬بَرُ اله‪T‬دن‪T‬ةِ ف‪T‬ي م‪T‬عسكراتِ اجل‪T‬نودِ واألس‪T‬واقِ؛ ل‪T‬ينتقلَ املس‪T‬لمونَ وال‪T‬صليبيونَ ف‪T‬ي‬
‫البالدِ بِحُرِّيَّةٍ وسَالمٍ ‪.4‬‬
‫‪ 1‬اﻟﻌﻤﺎد اﻷﺻﻔﮭﺎﻧﻲ اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ‪٦٠٥‬‬
‫‪ 2‬اﻟﻌﻤﺎد اﻷﺻﻔﮭﺎﻧﻲ اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٣٤٧‬‬
‫‪ 3‬اﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٣١٠‬‬
‫‪ 4‬اﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٣١‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٦٣‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫نظراتٌ في الهُدنةِ‪:‬‬
‫ك‪T‬ان "ري‪T‬تشارد" ح‪T‬ري‪T‬صاً ل‪T‬لطلبِ؛ ن‪T‬ظراً ملَِ‪T‬ا أص‪T‬ابَ جُ‪T‬نودَهُ مِ‪T‬ن الضَّجَ‪T‬رِ وطُ‪T‬ولِ غ‪T‬يابِ‪T‬هِم‬
‫ع‪T‬ن أوط‪T‬ان‪T‬هِم‪ ،‬ب‪T‬اإلض‪T‬اف‪T‬ةِ إل‪T‬ى سُ‪T‬وءِ األح‪T‬والِ ف‪T‬ي ب‪T‬الدِه وم‪T‬حاوالتِ أخ‪T‬يهِ "ح‪T‬نّا" إق‪T‬صاءَه‬
‫عن العرشِ‪ ،‬ورَغبتِه في العودةِ بأسرعِ صورةٍ ممُكِنَةٍ‪ ،‬واشتدادِ مَرضِه‪.‬‬
‫وعلى هذا كانتْ شروطُ الصلحِ جيِّدَةً بالنسبةِ له بأيِّ حالٍ من األحوالِ‪.‬‬
‫ل‪T‬م ي‪T‬كُنِ ال‪T‬صلحُ مِ‪T‬ن إي‪T‬ثارِ الس‪T‬لطانِ "ص‪T‬الحِ ال‪T‬دِّي‪T‬ن"؛ ألنّ‪T‬ه ك‪T‬ان يُ‪T‬فضِّلُ اجل‪T‬هادَ‪ ،‬ك‪T‬ما أنّ‪T‬ه‬
‫ك‪T‬ان يَخش‪T‬ى مِ‪T‬ن أن ي‪T‬قوى ال‪T‬عدوُّ‪ ،‬ول‪T‬ه ب‪T‬الدٌ ف‪T‬ي ي‪T‬دِه فيخ‪T‬رجَ الس‪T‬تعادةِ ب‪T‬قيَّةِ ال‪T‬بالدِ؛ بَ‪T‬يْدَ‬
‫أنْ أدركَ أنّ امل‪T‬صلحةَ ف‪T‬ي عَ‪T‬قْدِ الهُ‪T‬دن‪T‬ةِ؛ ألنّ احل‪T‬ربَ ط‪T‬ال‪T‬تْ وأحل‪T‬قتْ ب‪T‬املس‪T‬لمنيَ خ‪T‬سائ‪T‬رَ‬
‫عديدةً‪.1‬‬
‫إنّ ه‪T‬ذه أوّلَ مَ‪T‬رّةٍ تنته‪T‬ي ح‪T‬ملةٌ ص‪T‬ليبيةٌ إل‪T‬ى صُ‪T‬لحٍ أو ات‪T‬فاقٍ يج‪T‬معُهُما ع‪T‬لى ال‪T‬تعايُ‪T‬شِ‬
‫وقَ‪T‬بولِ ال‪T‬واق‪T‬عِ‪ .‬وال‪T‬واق‪T‬عُ أنّ م‪T‬ا حَ‪T‬دَثَ ل‪T‬يس ص‪T‬لحاً ول‪T‬يس م‪T‬عاه‪T‬دةَ س‪T‬المٍ دائ‪T‬مةٍ؛ وإمنّ‪T‬ا ف‪T‬ي‬
‫احلقيقةِ هُدنَةٌ مؤقتةٌ قصيرةُ األجلِ‪.2‬‬
‫وت‪TT‬ختلفُ رواي‪TT‬اتُ امل‪TT‬صادرِ اإلس‪TT‬الم‪TT‬يةِ وال‪TT‬صليبيةِ ف‪TT‬ي حت‪TT‬دي ‪T‬دِ مُ ‪T‬دَّةِ سَ‪TT‬ري‪TT‬انِ امل‪TT‬عاه‪TT‬دةِ‪،‬‬
‫وبدايتِها‪.‬‬
‫وال‪T‬واق‪T‬ع أنّ ه‪T‬ذه األم‪T‬رَ مَ‪T‬ردودٌ ع‪T‬ليه؛ ألنّ "ال‪T‬عِمادَ األص‪T‬فهان‪T‬يَّ"ك‪T‬ات‪T‬ب الس‪T‬لطانِ "ص‪T‬الحِ‬
‫الدِّينِ" هو الذي كَتَبَ نسخةَ املعاهدةِ؛ ممّا يدفعُنا إلى ترجيحِ روايتِه‪.3‬‬
‫‪ 1‬أﺑﻮ ﺷﺎﻣﺔ ﻋﯿﻮن اﻟﺮوﺿﺘﯿﻦ ﻓﻲ أﺧﺒﺎر اﻟﺪوﻟﺘﯿﻦ ص‪٢٧٢‬‬
‫‪ 2‬ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻨﻌﻢ ﻣﺎﺟﺪ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪١٨٤‬‬
‫‪ 3‬اﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ ﻣﺤﻤﺪ ﺳﯿﺪ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٣٢‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٦٤‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫إنّ امل‪T‬دَّةَ ال‪T‬زم‪T‬نيةَ ل‪T‬لمعاه‪T‬دةِ تُ‪T‬فيدُ ف‪T‬ي إع‪T‬ادةِ ت‪T‬عميرِ ال‪T‬بالدِ‪ ،‬وحتس‪T‬نيِ ال‪T‬زراع‪T‬ةِ ال‪T‬تي أت‪T‬لفَتْها‬
‫احل‪T‬ربُ؛ ف‪T‬ضْالً ع‪T‬ن أنّ ه‪T‬ذه امل‪T‬دَّةَ مِ‪T‬ن ش‪T‬أنِ‪T‬ها أنْ تُ‪T‬وفِّ‪T‬رَ ال‪T‬راح‪T‬ةَ ل‪T‬لجيشِ األي‪T‬وب‪T‬يِّ ال‪T‬ذي ل‪T‬م‬
‫يهدأْ طوالَ سنواتٍ عديدةٍ مِن ‪.۱۱۸۷۱۱۹۲‬‬
‫ل‪T‬م ي‪T‬تمَّ ف‪T‬ي ه‪T‬ذه اله‪T‬دن‪T‬ةِ أيُّ اع‪T‬ترافٍ ل‪T‬لصليبنيَ ب‪T‬أيِّ ح‪T‬قٍّ ل‪T‬هُم ع‪T‬لى أرضِ فِلس‪T‬طنيَ؛ وإمنّ‪T‬ا‬
‫تقرَّرَ عدمُ القتالِ على ما انتزعُوه مِن أرضٍ حتّى تنتهيَ هذه الهدنةُ‪.‬‬
‫مِ‪TT‬ن ال‪TT‬راج ‪T‬حِ أنّ ال ‪T‬تُّجّارَ اإلي‪TT‬طال‪TT‬ينيَ ك‪TT‬ان ل ‪T‬هُم دورٌ ف‪TT‬ي إق‪TT‬ناعِ "ري‪TT‬تشارد" ع‪TT‬ن امل‪TT‬دي‪TT‬نةِ‬
‫امل‪TT‬قدَّس ‪T‬ةِ ن‪TT‬ظيرَ اس‪TT‬تيالءِه ع‪TT‬لى امل‪TT‬دنِ ال‪TT‬ساح‪TT‬ليةِ‪ ،‬وف‪TT‬ي ال‪TT‬واق ‪T‬عِ ق‪TT‬د خَ ‪T‬رَجَ ال‪TT‬صليبيونَ‬
‫مب‪T‬كاس‪T‬بَ مِ‪T‬ن ه‪T‬ذا ال‪T‬بندِ اخل‪T‬اصِّ ب‪T‬امل‪T‬نطقةِ ال‪T‬ساح‪T‬ليةِ؛ ألنّ ب‪T‬ها "ج‪T‬وه‪T‬رةَ ال‪T‬ساح‪T‬لِ ال‪T‬شام‪T‬يِّ‬
‫"ع‪T‬كَّا"‪ ،‬ك‪T‬ما أنّ "ي‪T‬اف‪T‬ا" ك‪T‬انَ مِ‪T‬ن ش‪T‬أن‪T‬ها تسه‪T‬يلُ وص‪T‬ولِ احلُ‪T‬جَّاجِ األورب‪T‬ينيَ املس‪T‬يحينيَ‬
‫إل‪TT‬ى امل‪TT‬ناط ‪T‬قِ امل‪TT‬قدَّس ‪T‬ةِ ل‪TT‬دي ‪T‬هِم‪ ،‬ومِ‪TT‬ن امل‪TT‬نطقيِّ ت‪TT‬صوُّرُ دَوْرِ ال ‪T‬تُّجَّارِ اإلي‪TT‬طال‪TT‬ينيَ؛ إذ أنّ‬
‫املس‪TT‬تعمَراتِ ال‪TT‬صليبيةَ ف‪TT‬ي ب‪TT‬الدِ ال‪TT‬شامِ ك‪TT‬ان‪TT‬ت ف‪TT‬ي أم ‪T‬سِّ احل‪TT‬اج ‪T‬ةِ مل‪TT‬ساع‪TT‬داتِ امل‪TT‬دنِ‬
‫اإلي‪T‬طال‪T‬يةِ ل‪T‬يس ف‪T‬ي اجمل‪T‬الِ ال‪T‬عسكريِّ فحس‪T‬ب؛ ل‪T‬كنْ ب‪T‬صُورةٍ أك‪T‬برَ ف‪T‬ي ن‪T‬قلِ )اإلم‪T‬داداتِ‪،‬‬
‫واملؤنِ‪ ،‬والطعامِ(‪ ،‬وبِشكْلٍ مكثَّفٍ احلُجَّاج والفُرسان واحملاربنيَ‪.1‬‬
‫إنّ ال‪T‬بندَ اخل‪T‬اصَّ ب‪T‬جعلِ "ال‪T‬لدِّ" و"ال‪T‬رم‪T‬لة" مُ‪T‬ناصَ‪T‬فةً ب‪T‬نيَ املس‪T‬لمنيَ وال‪T‬صليبنيَ يُ‪T‬عَدُّ مِ‪T‬ن‬
‫اإلش‪T‬اراتِ األُول‪T‬ى ف‪T‬ي امل‪T‬صادرِ ال‪T‬عرب‪T‬يةِ ع‪T‬ن ن‪T‬ظامِ ب‪T‬الدِ امل‪T‬ناصَ‪T‬فاتِ؛ وه‪T‬ي امل‪T‬ناط‪T‬قُ ال‪T‬تي‬
‫تُوصَفُ بأنّها مناطقُ مُحايدةٌ‪.2‬‬
‫يح‪T‬ملُ ال‪T‬بندُ اخل‪T‬اصُّ ب‪T‬احل‪T‬جِّ رس‪T‬ال‪T‬ةً ح‪T‬ضاري‪T‬ةً ع‪T‬لى ج‪T‬ان‪T‬بٍ ك‪T‬بيرٍ مِ‪T‬ن األه‪T‬ميةِ مِ‪T‬ن ش‪T‬أنِ‪T‬ه‬
‫ت‪T‬دفُّ‪T‬قِ ح‪T‬رك‪T‬ةِ احل‪T‬جِّ املس‪T‬يحيِّ م‪T‬ع وج‪T‬ودِ امل‪T‬قدَّس‪T‬اتِ املس‪T‬يحيةِ ف‪T‬ي أي‪T‬دي املس‪T‬لمنيَ‪ ،‬وممّ‪T‬ا‬
‫‪ 1‬اﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ ﻣﺤﻤﺪ ﺳﯿﺪ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٣٣‬‬
‫‪ 2‬ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺆﻧﺲ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯿﻦ اﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب ص ‪٢٤٨‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٦٥‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫يُ‪T‬ذكَ‪T‬رُ ف‪T‬ي ه‪T‬ذا ال‪T‬شأنِ أنّ "ري‪T‬تشارد" ط‪T‬لبَ مِ‪T‬ن الس‪T‬لطانِ "ص‪T‬الحِ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ" أالّ ي‪T‬سمحَ‬
‫ل‪TT‬لصليبنيَ ب‪TT‬احل ‪T‬جِّ إالّ ب‪TT‬إذنٍ مِ‪TT‬نه ش‪TT‬خصيَّاً؛ ول‪TT‬كنَّ "ص‪TT‬الحَ ال ‪T‬دِّي ‪T‬نِ" رَفَ ‪T‬ضَ ه‪TT‬ذا ال‪TT‬طلبَ‬
‫حتى ال يجعلَ له مبقتضى هذا احلقِّ أيُّ سيطرةٍ على بيتِ املقدِسِ ولو معنويّاً‪.1‬‬
‫وق‪TT‬د أنه ‪T‬تْ ه‪TT‬ذه اله‪TT‬دن ‪T‬ةُ احل‪TT‬ملةَ ال‪TT‬صليبيةَ ال‪TT‬ثال‪TT‬ثةَ ب‪TT‬عد أنْ ب‪TT‬اءتْ ب‪TT‬الفش ‪T‬لِ ف‪TT‬ي حت‪TT‬قيقِ‬
‫هدفِها األساسِ؛ أال وهُوَ االستيالءُ على بيتِ املقدسِ‪.2‬‬
‫رؤيةٌ شاملةٌ ألحداثِ املُفاوَضاتِ‪:‬‬
‫إنّ أه‪T‬مَّ ال‪T‬وس‪T‬ائ‪T‬لِ ف‪T‬ي امل‪T‬فاوَض‪T‬اتِ ه‪T‬ي )اك‪T‬تسابُ ال‪T‬وق‪T‬تِ‪ ،‬واخ‪T‬تراعُ األف‪T‬كارِ ل‪T‬لتسوي‪T‬ةِ(‪،‬‬
‫وه‪T‬ذا م‪T‬ا حَ‪T‬رصَ ع‪T‬ليه ال‪T‬طرف‪T‬انِ أث‪T‬ناءَ امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ بش‪T‬تّى ال‪T‬طُّرُقِ امل‪T‬مكنةِ‪ ،‬وه‪T‬ذا م‪T‬ا ن‪T‬راهُ ف‪T‬ي‬
‫فِكْرَةِ املصاهرةِ بني "ريتشارد" و"امللكِ العادل"‪.‬‬
‫ل‪T‬قَد أظه‪T‬رَت ه‪T‬ذه امل‪T‬فاوض‪T‬اتُ م‪T‬دى مت‪T‬اسُ‪T‬كِ اجل‪T‬ان‪T‬بِ اإلس‪T‬الم‪T‬يِّ وت‪T‬وحُّ‪T‬دِه؛ ف‪T‬علَى م‪T‬دارِ‬
‫امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ نُ‪T‬الح‪T‬ظُ ه‪T‬ذا ال‪T‬توحُّ‪T‬دَ ال‪T‬ذي ج‪T‬معَ الس‪T‬لطانَ "ص‪T‬الحَ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ وأم‪T‬راءَه" مِ‪T‬ن‬
‫خ‪T‬اللِ مج‪T‬لسِ امل‪T‬شورةِ ك‪T‬ان ي‪T‬نعقدُ ل‪T‬لنظرِ ف‪T‬ي أم‪T‬رِ ال‪T‬بالدِ وم‪T‬دى اح‪T‬تياجِ‪T‬ها ل‪T‬لصلحِ‪،‬‬
‫ك‪TT‬ما ك‪TT‬ان ه‪TT‬ذا اجمل‪TT‬لسُ ع‪TT‬ون ‪T‬اً للس‪TT‬لطانِ ف‪TT‬ي دراس ‪T‬ةِ م‪TT‬قترح‪TT‬اتِ "ري‪TT‬تشارد" وت‪TT‬قييمِها‪،‬‬
‫ومِ‪T‬ن ج‪T‬هةٍ أُخْ‪T‬رى أوض‪T‬حَتِ امل‪T‬فاوَض‪T‬اتُ م‪T‬دى مت‪T‬زُّقِ اجل‪T‬ان‪T‬بِ ال‪T‬صليبيِّ وان‪T‬شقاقِ‪T‬ه؛ ف‪T‬لم‬
‫ي‪T‬كُنْ ق‪T‬ادةُ اجل‪T‬يشِ ي‪T‬ختلِفُونَ ف‪T‬يما ب‪T‬ينهُم فحس‪T‬ب؛ ك‪T‬ان ال‪T‬عام‪T‬لُ اجل‪T‬غراف‪T‬يُّ وراءَ مس‪T‬يرةِ‬
‫امل‪T‬فاوَض‪T‬اتِ؛ ف‪T‬قَد أدَّتْ م‪T‬دي‪T‬نةُ "ع‪T‬سقالنَ" إل‪T‬ى ع‪T‬رق‪T‬لةِ امل‪T‬فاوض‪T‬اتِ أك‪T‬ثرَ مِ‪T‬ن م‪T‬رَّةٍ؛ ن‪T‬ظراً ملَِ‪T‬ا‬
‫لها مِن أهميةٍ في الربطِ بني الساحلنيِ)الشاميِّ‪ ،‬واملصريِّ(‪.‬‬
‫وضعَتْ هدنةُ الرملةِ حَدّاً لصراعٍ عنيفٍ بني املسلمنيَ والصليبنيَ في بالدِ الشامِ‪.‬‬
‫‪ 1‬ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺆﻧﺲ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯿﻦ اﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب ص‪٢٤٩‬‬
‫‪ 2‬اﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ ﻣﺤﻤﺪ ﺳﯿﺪ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص‪٣٤‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٦٦‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫وت‪P‬دلُّ ه‪P‬ذه اله‪P‬دن‪P‬ةُ ع‪P‬لى أنّ )األص‪P‬لَ ف‪P‬ي ع‪P‬الق‪P‬ةِ املس‪P‬لمنيَ ب‪P‬غَيرهِ‪P‬م ه‪P‬ي ال‪P‬دع‪P‬وةُ ول‪P‬يسَ‬
‫احلرب( كما أجمعَ عليه فقهاءُ املسلمنيَ األجالّءُ‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٦٧‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﺨﺎﺗِﻤﺔُ‬
‫* ال‪T‬دول‪T‬ةُ اإلس‪T‬الم‪T‬يةُ ه‪T‬ي ال‪T‬دول‪T‬ةُ ال‪T‬وح‪T‬يدةُ ال‪T‬تي عَ‪T‬رفَ‪T‬تْ م‪T‬بدأَ وح‪T‬دةِ امل‪T‬عاي‪T‬يرِ األخ‪T‬الق‪T‬يةِ ف‪T‬ي‬
‫ال‪T‬عالق‪T‬اتِ ال‪T‬دول‪T‬يةِ وال‪T‬داخ‪T‬ليةِ؛ وال‪T‬تي ج‪T‬علَتِ اح‪T‬ترامَ امل‪T‬عاه‪T‬داتِ ال‪T‬دول‪T‬يةِ )دِي‪T‬ناً وشُ‪T‬رع‪T‬اً(‬
‫ب‪T‬نصِّ ال‪T‬كتابِ؛ ب‪T‬ينما تش‪T‬تهِرُ س‪T‬ائ‪T‬رُ ال‪T‬دُّولِ ال‪T‬تي ع‪T‬رفَ‪T‬ها ت‪T‬اري‪T‬خُ البش‪T‬ري‪T‬ةِ ب‪T‬ازدواج‪T‬يةِ امل‪T‬عاي‪T‬يرِ‬
‫األخ‪TT‬الق‪TT‬يةِ ب‪TT‬ني )ال‪TT‬داخ ‪T‬لِ‪ ،‬واخل‪TT‬ارجِ( ألس‪TT‬بابٍ ك‪TT‬ثيرةٍ أه ‪T‬مّها‪ :‬ع‪TT‬نصري ‪T‬ةُ ه‪TT‬ذه ال‪TT‬دولِ‬
‫بتفضيلِ مواطنِيها على سائرِ البَشرِ‪.‬‬
‫* حت‪TT‬ترمُ ال‪TT‬دول ‪T‬ةُ اإلس‪TT‬الم‪TT‬يةُ امل‪TT‬واث‪TT‬يقَ وامل‪TT‬عاه‪TT‬داتَ‪ ،‬وحتُ ‪T‬رِّمُ ن‪TT‬قضَها‪ ،‬وت‪TT‬دعُ‪TT‬و إل‪TT‬ى السِّ ‪T‬لْمِ‬
‫العزيزِ املقترنِ بإعدادِ القوَّةِ الرادعةِ واحلذرِ الدائمِ مِن الغَدرِ‪.‬‬
‫* ال‪T‬قاع‪T‬دةُ اإلس‪T‬الم‪T‬يةُ ف‪T‬ي ال‪T‬فتوحِ األم‪T‬انُ لِ‪T‬كُلِّ م‪T‬دن‪T‬يٍّ ولِ‪T‬كُلِّ مَ‪T‬ن ل‪T‬م يُ‪T‬قاتِ‪T‬لْ؛ ن‪T‬اهِ‪T‬يكَ ع‪T‬ن‬
‫األم‪T‬انِ لـ)ألط‪T‬فالِ‪ ،‬وال‪T‬نساءِ‪ ،‬والش‪T‬يوخِ‪ ،‬وعُ‪T‬لماءِ ال‪T‬دِّي‪T‬نِ(‪ ،‬م‪T‬ع ك‪T‬فال‪T‬ةِ حُ‪T‬رِّيَّ‪T‬ةِ امل‪T‬عتقَدِ؛‬
‫فـ)للح‪TT‬روبِ آدابُ‪TT‬ها‪ ،‬وقَ‪TT‬د خلَّ ‪T‬صَها خ‪TT‬ليفةُ رس‪TT‬ولِ اهللِ ص ‪T‬لّى اهللُ ع‪TT‬ليهِ وس ‪T‬لّمَ أب‪TT‬و بَ ‪T‬كْرٍ‬
‫ال‪T‬صِّدِّي‪T‬قُ رض‪T‬يَ اهللُ ع‪T‬نهُ ف‪T‬ي عَشْ‪T‬رِ خِ‪T‬صالٍ ج‪T‬اءتْ ف‪T‬ي خُ‪T‬طْبَتِه ال‪T‬تي ودَّعَ ب‪T‬ها ج‪T‬يشَ أس‪T‬ام‪T‬ةَ‬
‫ب‪T‬نِ زَي‪T‬دٍ رض‪T‬يَ اهللُ ع‪T‬نهُ وف‪T‬يها ي‪T‬قولُ‪" :‬ي‪T‬ا أيُّ‪T‬ها ال‪T‬نّاسُ‪ :‬قِ‪T‬فُوا أُوصِ‪T‬يكُمْ بِعَشْ‪T‬رٍ ف‪T‬احْ‪T‬فَظُوه‪T‬ا‬
‫عَنّي‪:‬‬
‫ال تَخونُوا وال تَغلُّوا‪،‬‬
‫وال تَغدرُوا‪،‬‬
‫وال متُثِّلُوا‪،‬‬
‫وال تَقتلُوا طِفالً صَغيراً‪،‬‬
‫وال شيخاً كبيراً وال امرأةً‪،‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٦٨‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫وال تَعقرُوا نَخالً وال حتَْرِقُوا‪،‬‬
‫وال تَقطَعُوا شجرةً مُثْمِرَةً‪ ،‬وال تَذبَحُوا شاةً وال بقرةً وال بعيراً إالّ ملَِأكَلَةٍ‪،‬‬
‫وسوفَ متَرُّونَ بأقوامٍ قدْ فرَّغُوا أنفسَهُم في الصوامعِ‪ ،‬فدَعُوهُم وما فَرَّغُوا أنفسَهُم لَه‪
.‬‬
‫"وس‪T‬وفِ تَ‪T‬قدِمُ‪T‬ونَ ع‪T‬لى قَ‪T‬ومٍ ي‪T‬أت‪T‬ونَ‪T‬كُمْ ب‪T‬آن‪T‬يةٍ ف‪T‬يها أل‪T‬وانُ ال‪T‬طَّعامِ؛ ف‪T‬إذا أك‪T‬لْتُم مِ‪T‬نها ش‪T‬يئاً‬
‫بعدَ شيءٍ فاذكُروا اسمَ اهللِ عليها‪
.‬‬
‫وت‪T‬لقونَ أق‪T‬وام‪T‬اً ق‪T‬دْ فَ‪T‬حَصُوا أوس‪T‬اطَ رُؤوسِ‪T‬هِم وتَ‪T‬ركُ‪T‬وا ح‪T‬ولَ‪T‬ها م‪T‬ثلَ ال‪T‬عصائ‪T‬بِ؛ ف‪T‬اخْ‪T‬فقُوهُ‪T‬م‬
‫ب‪T‬السَّ‪T‬يفِ خَ‪T‬فْقاً‪ ،‬ان‪T‬دفِ‪T‬عُوا ب‪T‬اسْ‪T‬مِ اهللِ"‪ ،1‬وه‪T‬ذا ي‪T‬عني أنْ يُ‪T‬قاتَ‪T‬لَ امل‪T‬قاتِ‪T‬لونَ ف‪T‬قط ف‪T‬ي م‪T‬يدانِ‬
‫امل‪T‬عرك‪T‬ة‪ .‬ومِ‪T‬ن ال‪T‬رّوائ‪T‬عِ احل‪T‬ضاري‪T‬ةِ‪ :‬أنّ أم‪T‬يرَ امل‪T‬ؤم‪T‬ننيَ عُ‪T‬مَرَ رض‪T‬ي اهلل ع‪T‬نه ب‪T‬عدَ أب‪T‬ي ب‪T‬كرٍ‬
‫ال‪T‬صِّدي‪T‬قِ رض‪T‬ي اهلل ع‪T‬نه أع‪T‬طَى ف‪T‬قراءَ أه‪T‬لِ ال‪T‬كتابِ مِ‪T‬ن ب‪T‬يتِ م‪T‬الِ املس‪T‬لمنيِ م‪T‬ا يَسُ‪T‬دُّ‬
‫حاجَتَهُم‪
.‬‬
‫ويَ‪T‬ذْكُ‪T‬رُ ال‪T‬بالذريُّ‪ :‬ومَ‪T‬رَّ ال‪T‬فاروقُ عُ‪T‬مَرُ رض‪T‬يَ اهللُ ع‪T‬نه ف‪T‬ي أرضِ ال‪T‬شامِ ب‪T‬قَومٍ مَج‪T‬ذومِ‪T‬نيَ‬
‫مِن النّصارى‪ ،‬فأمرَ أن يُعطُوا مِن الصّدقاتِ‪ ،‬وأنْ يُجرِيَ عليهِم القُوتَ بانتظامٍ‪
.‬‬
‫وه‪T‬ذه امل‪T‬عام‪T‬لةُ اإلن‪T‬سان‪T‬يةُ امل‪T‬ثال‪T‬يّةُ ج‪T‬علتْ أه‪T‬لَ "حِ‪T‬مْصَ" ح‪T‬ينما ردّ إل‪T‬يهِم "أب‪T‬و عُ‪T‬بيدةَ"‬
‫اجل‪T‬زي‪T‬ةَ مُ‪T‬نسَحِباً إل‪T‬ى ال‪T‬يرم‪T‬وكِ ي‪T‬قولُ ل‪T‬هم‪" :‬ي‪T‬ا أه‪T‬لَ حِ‪T‬مْصَ‪ ،‬شُ‪T‬غِلْنا ع‪T‬ن نُ‪T‬صْرَتِ‪T‬كُمْ وال‪T‬دَّفْ‪T‬عِ‬
‫عَ‪T‬نْكُمْ؛ ف‪T‬أن‪T‬تُمْ ع‪T‬لى أم‪T‬ركُ‪T‬م‪ ،‬ف‪T‬قالَ أه‪T‬لُ حِ‪T‬مْصَ‪" :‬إنّ وَاليَ‪T‬تَكُمَ وعَ‪T‬دْلَ‪T‬كُمْ أح‪T‬بُّ إل‪T‬ينا ممِّ‪T‬ا‬
‫كُ ‪T‬نّا ف‪TT‬يه مِ‪TT‬ن ال ‪T‬ظُّلْمِ وال ‪T‬غَشْمِ‪ ،‬ولَ ‪T‬نَدْفَ ‪T‬عَنَّ جُ ‪T‬نْدَ "هِ‪TT‬رقْ ‪T‬لَ" ع‪TT‬ن امل‪TT‬دي‪TT‬نةِ م‪TT‬ع ع‪TT‬امِ‪TT‬لكُم‪..‬‬
‫وال‪T‬تّوراة ل‪T‬ن يَ‪T‬دخُ‪T‬لَ ع‪T‬ام‪T‬لُ هِ‪T‬رقْ‪T‬لَ م‪T‬دي‪T‬نةَ حِ‪T‬مْصَ إالّ أنْ نُ‪T‬غْلَبَ‪ ،‬ردّكُ‪T‬مُ اهللُ ع‪T‬لينا ونَ‪T‬صَركُ‪T‬مْ‬
‫‪ 1‬ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ اﻟﻄﺒﺮي دار اﻟﻤﻌﺎرف اﻟﻘﺎھﺮة ‪ ١٩٧٩‬اﻟﻄﺒﺮي ‪٣٢٦٦‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٦٩‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫ع‪T‬ليهِم )ع‪T‬لى ال‪T‬رومِ(‪ ،‬ف‪T‬لو ك‪T‬انُ‪T‬وا هُ‪T‬م‪ ،‬ل‪T‬م ي‪T‬ردّوا ع‪T‬لينا ش‪T‬يئاً‪ ،‬وأخ‪T‬ذُوا ك‪T‬لَّ ش‪T‬يءٍ بَ‪T‬قِيَ‬
‫لنا‪.1‬‬
‫حقوقُ غيرِ املسلمِ في دولةِ اإلسالمِ‪:‬‬
‫واس‪TT‬تناداً إل‪TT‬ى العُه‪TT‬دةِ ال ‪T‬عُمريّ ‪T‬ةِ املس‪TT‬تمدَّةِ م‪TT‬ن ال‪TT‬كتابِ وال ‪T‬سُّنَّةِ‪ ،‬وال‪TT‬تي وقِّ ‪T‬عَتْ ع‪TT‬لى‬
‫مِ‪TT‬نوال‪TT‬ها م‪TT‬عاه‪TT‬داتٌ ك‪TT‬ثيرةٌ ف‪TT‬ي ب‪TT‬الدِ ال‪TT‬شامِ‪ ،‬ومِ‪TT‬صرَ‪ ..‬اس‪TT‬تخلصَ ال‪TT‬فقهاءُ ح‪TT‬قوق ‪T‬اً لِ ‪T‬غَيرِ‬
‫املسلمِ في دولةِ اإلسالمِ منها‪:‬‬
‫‪ ۱‬حِ‪T‬فْظُ ال‪T‬نفْسِ؛ فـ)دمُ ال‪T‬ذِّمِّ‪T‬يِّ كَ‪T‬دَمِ املس‪T‬لِمِ(‪ ،‬ق‪T‬الَ أم‪T‬يرُ امل‪T‬ؤم‪T‬ننيَ ع‪T‬ليّ رض‪T‬يَ اهللُ ع‪T‬نه‪:‬‬
‫"مَن كانَ له ذِمَّتُنا‪ ،‬فَدَمُهُ كَدَمِنا‪ ،‬وَدِيَتُهُ كَدِيَتِنا‪
.‬‬
‫‪ ۲‬والقانونُ اجلِنائيُّ سواءٌ فيه )املسلِمُ‪ ،‬والذِّمِّيُّ(‪ ،‬يتساوى فيه االثنانِ درجةً‪.‬‬
‫‪۳‬وال‪T‬قان‪T‬ونُ امل‪T‬دن‪T‬يُّ س‪T‬واءٌ ف‪T‬يه )املس‪T‬لمُ‪ ،‬وال‪T‬ذِّمِّ‪T‬يُّ(‪ ،‬و)أم‪T‬والُ ال‪T‬ذِّمِّ‪T‬يِّنيَ ك‪T‬أم‪T‬والِ‪T‬نا(‪ ،‬ج‪T‬اء‬
‫ف‪T‬ي ال‪T‬دُّرِّ اخمل‪T‬تار ‪ :۲/۲۷۳‬وي‪T‬ضمنُ املس‪T‬لِمُ ق‪T‬يمةَ خ‪T‬مَرِه )خ‪T‬مْرِ ال‪T‬ذِّمِّ‪T‬يِّ( وخ‪T‬نزي‪T‬رَه إذا‬
‫أتلَفَهُ‪.‬‬
‫‪ ٤‬م‪T‬ع حِ‪T‬فْظِ األع‪T‬راضِ‪ :‬ف‪T‬ال ي‪T‬جوزُ إي‪T‬ذاءُ غ‪T‬يرِ املس‪T‬لِم ال بـ)ال‪T‬يدِ‪ ،‬وال ب‪T‬ال‪T‬لّسانِ(‪ ،‬و)ال‬
‫ش‪TT‬تمُه وال غِ‪TT‬يبتُه(‪ ،‬وَرَدَ ف‪TT‬ي ال ‪T‬دُّرِّ اخمل‪TT‬تار‪) :‬وي‪TT‬جبُ ك ‪T‬فُّ األذى ع‪TT‬نهُ‪ ،‬وحت‪TT‬رميُ غِ‪TT‬يبتِه‬
‫كاملسلِم(‪.‬‬
‫‪٥‬وثُ‪TT‬بوتُ ال ‪T‬ذِّمَّ ‪T‬ةِ‪ :‬إنَّ عَ ‪T‬قْدَ ال ‪T‬ذِّمَّ ‪T‬ةِ ي‪TT‬لزمُ املس‪TT‬لمنيَ لُ ‪T‬زُوم ‪T‬اً أب‪TT‬ديّ ‪T‬اً؛ أيّ‪ :‬إنّ‪TT‬ه ل‪TT‬يس ل‪TT‬همْ أنْ‬
‫ي‪T‬نْقضُوه ب‪T‬عدَ عَ‪T‬قْدِه؛ ول‪T‬كنْ أه‪T‬لُ ال‪T‬ذِّمَّ‪T‬ةِ ل‪T‬هُمُ اخل‪T‬يارُ أن ي‪T‬لتزِمُ‪T‬وهُ م‪T‬ا ش‪T‬اؤوا‪ ،‬وي‪T‬نقضُوه‬
‫متى شاؤُوا‪ ،‬ومهْما ارتكبَ غيرُ املسلِمِ مِن كبيرةٍ فال ينقضُ بذلكَ عَقدُه‪.‬‬
‫‪ 1‬ﯾﻌﻘﻮب ﺑﻦ اﺑﺮاھﯿﻢ اﺑﻮ ﯾﻮﺳﻒ اﻟﺨﺮاج اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻻزھﺮﯾﺔ ﻟﻠﺘﺮاث اﻟﻘﺎھﺮة ﻋﺎم ‪١٩٩٩‬م ص ‪٨١‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٧٠‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫‪ ٦‬احل‪TT‬روبُ ف‪TT‬ي اإلس‪TT‬المِ ل‪TT‬ها أس‪TT‬بابٌ س‪TT‬ام‪TT‬يةٌ مُ‪TT‬تعال‪TT‬يةٌ ع‪TT‬ن األس‪TT‬بابِ ال‪TT‬تي ت‪TT‬قومُ ع‪TT‬ليها‬
‫م‪TT‬عظمُ احل‪TT‬روبِ البش‪TT‬ري ‪T‬ةِ ال‪TT‬يومَ؛ فهِ ‪T‬يَ م‪TT‬تسام‪TT‬يةٌ ع‪TT‬ن األس‪TT‬بابِ االق‪TT‬تصادي ‪T‬ةِ للح‪TT‬روبِ‬
‫مستنكرةً نشرَ الدِّينِ بالقوَّة‪.‬‬
‫ال‪T‬لهُمّ أل‪T‬هِمْنا رُشْ‪T‬دَن‪T‬ا‪ ،‬وأعِ‪T‬ذْن‪T‬ا مِ‪T‬ن شُ‪T‬رورِ أن‪T‬فُسِنا‪ ،‬وجَ‪T‬نِّبْنا اخل‪T‬طَأ وال‪T‬زَّلَ‪T‬لَ وال‪T‬فِنتَ م‪T‬ا ظَهَ‪T‬رَ‬
‫مِنْها وما بَطَنَ بِرَحْمَتِكَ يا أرحَمَ الرّاحمنيَ‪ .‬اللهُمّ آمنيَ‪.‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٧١‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﻔَﻬﺎرِسُ‬
‫أوّالً‪ :‬فِهرسُ اآلياتِ‬
‫م‬
‫نصُّ اآليةِ‬
‫الصفحة‬
‫‪۱‬‬
‫وَإِذْ قَ‪T‬الَ رَبُّ‪T‬كَ لِ‪T‬لْمَالَئِ‪T‬كَةِ إِنِّ‪T‬ي جَ‪T‬اعِ‪T‬لٌ فِ‪T‬ي األَْرْضِ خَ‪T‬لِيفَةً ۖ قَ‪T‬الُ‪T‬وا أَجتَْ‪T‬عَلُ فِ‪T‬يهَا‬
‫‪۱٥‬‬
‫مَ‪T‬ن يُفْسِ‪T‬دُ فِ‪T‬يهَا وَيَ‪T‬سْفِكُ ال‪T‬دِّمَ‪T‬اءَ وَنَ‪T‬حْنُ نُسَ‪T‬بِّحُ بِحَ‪T‬مْدِكَ وَنُ‪T‬قَدِّسُ لَ‪T‬كَ ۖ قَ‪T‬الَ‬
‫إِنِّي أَعْلَمُ مَا الَ تَعْلَمُونَ‬
‫‪۲‬‬
‫ك‪T‬انَ ال‪T‬نَّاسُ أُمَّ‪T‬ةً وَاحِ‪T‬دَةً فَ‪T‬بَعَثَ اهللُّ ال‪T‬نَّبِيِّنيَ مُبَشِّ‪T‬رِي‪T‬نَ وَمُ‪T‬نذِرِي‪T‬نَ وَأَن‪T‬زَلَ مَ‪T‬عَهُمُ‬
‫الْ‪T‬كِتَابَ بِ‪T‬احلَْ‪T‬قِّ لِ‪T‬يَحْكُمَ بَ‪T‬نيَْ ال‪T‬نَّاسِ فِ‪T‬يمَا اخْ‪T‬تَلَفُواْ فِ‪T‬يهِ وَمَ‪T‬ا اخْ‪T‬تَلَفَ فِ‪T‬يهِ إِالَّ‬
‫الَّ‪T‬ذِي‪T‬نَ أُوتُ‪T‬وهُ مِ‪T‬ن بَ‪T‬عْدِ مَ‪T‬ا جَ‪T‬اءتْ‪T‬هُمُ الْ‪T‬بَيِّنَاتُ بَ‪T‬غْياً بَ‪T‬يْنَهُمْ فَهَ‪T‬دَى اهللُّ الَّ‪T‬ذِي‪T‬نَ‬
‫آمَ ‪T‬نُواْ ملَِ‪TT‬ا اخْ ‪T‬تَلَفُواْ فِ‪TT‬يهِ مِ ‪T‬نَ احلَْ ‪T‬قِّ بِ ‪T‬إِذْنِ ‪T‬هِ وَاهللُّ يَهْ ‪T‬دِي مَ‪TT‬ن يَ ‪T‬شَاءُ إِلَ‪TT‬ى صِ ‪T‬رَاطٍ‬
‫مُّسْتَقِيمٍ‬
‫‪۷٤‬‬
‫‪۳‬‬
‫فَمَنِ اعْتَد َٰى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ مبِثْلِ مَا اعْتَد َٰى عَلَيْكُمْ ۚ‬
‫‪۷۷‬‬
‫‪٤‬‬
‫إلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِل َٰى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ‬
‫‪۸۲ ۸۱‬‬
‫‪٥‬‬
‫يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ‬
‫‪٦۸ ٥۰‬‬
‫‪٦‬‬
‫وَمَا وَجَدْنَا ألَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ‬
‫‪۷‬‬
‫وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اهللِّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ‬
‫‪۸‬‬
‫وَإِنِ اسْ‪T‬تَنْصَرُوكُ‪T‬مْ فِ‪T‬ي ال‪T‬دِّي‪T‬نِ فَ‪T‬عَلَيْكُمُ ال‪T‬نَّصْرُ إِلَّ‪T‬ا عَ‪T‬لَى قَ‪T‬وْمٍ بَ‪T‬يْنَكُمْ وَبَ‪T‬يْنَهُمْ‬
‫مِيثَاقٌ وَاللَّهُ مبَِا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ‬
‫‪۹‬‬
‫بَ‪T‬رَاءَةٌ مِّ‪T‬نَ ال‪T‬لَّهِ وَرَسُ‪T‬ولِ‪T‬هِ إِلَ‪T‬ى الَّ‪T‬ذِي‪T‬نَ عَ‪T‬اهَ‪T‬دتُّ‪T‬م مِّ‪T‬نَ املُْشْ‪T‬رِكِ‪T‬نيَ )‪ (۱‬فَسِ‪T‬يحُوا‬
‫‪٥۰‬‬
‫‪۸۱۱۰۰‬‬
‫‪۷٦‬‬
‫فِ‪T‬ي األَْرْضِ أَرْبَ‪T‬عَةَ أَشْهُ‪T‬رٍ وَاعْ‪T‬لَمُوا أَنَّ‪T‬كُمْ غَ‪T‬يْرُ مُعْجِ‪T‬زِي ال‪T‬لَّهِ ۙ وَأَنَّ ال‪T‬لَّهَ مُخْ‪T‬زِي‬
‫الْكَافِرِينَ‬
‫‪۱۰‬‬
‫وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا‬
‫‪۷٤‬‬
‫‪۱۱‬‬
‫وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اهللِ إِذَا عَاهَدتُّم‬
‫‪٥۰‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٧٢‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫‪۱۲‬‬
‫إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَاإلِْحْسَانِ‬
‫‪۷٥‬‬
‫‪۱۳‬‬
‫سُ‪T‬بْحَانَ الَّ‪T‬ذِي أَسْ‪T‬رَى بِ‪T‬عَبْدِهِ لَ‪T‬يْالً مِ‪T‬نَ املَْسْجِ‪T‬دِ احلَْ‪T‬رَامِ إِلَ‪T‬ى املَْسْجِ‪T‬دِ األَْقْ‪T‬صَى‬
‫الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ‪ .‬السَّمِيعُ الْبَصِيرُ‬
‫‪۱۱۰‬‬
‫‪۱٤‬‬
‫أدْعُ إِل َٰى سَ‪T‬بِيلِ رَبِّ‪T‬كَ بِ‪T‬احلِْ‪T‬كْمَةِ وَاملَْ‪T‬وْعِ‪T‬ظَةِ احلَْ‪T‬سَنَةِ ۖ وَجَ‪T‬ادِلْ‪T‬هُم بِ‪T‬الَّ‪T‬تِي هِ‪T‬يَ‬
‫‪۱٦‬‬
‫أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مبَِن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِاملُْهْتَدِينَ‬
‫‪۱٥‬‬
‫وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُوالً‬
‫‪۱٦‬‬
‫وَتَ ‪T‬فَقَّدَ ال ‪T‬طَّيْرَ فَ ‪T‬قَالَ مَ‪TT‬ا لِ ‪T‬يَ الَ أَرَى الْهُ ‪T‬دْهُ ‪T‬دَ أَمْ كَ‪TT‬انَ مِ ‪T‬نَ الْ ‪T‬غَائِ ‪T‬بِنيَ )‪(۲۰‬‬
‫ألَُعَ‪T‬ذِّبَ‪T‬نَّهُ عَ‪T‬ذَابً‪T‬ا شَ‪T‬دِي‪T‬دًا أَوْ ألَذْبَ‪T‬حَنَّهُ أَوْ لَ‪T‬يَأْتِ‪T‬يَنِّي بِسُ‪T‬لْطَانٍ مُ‪T‬بِنيٍ‪(۳۱) ....‬‬
‫قَ‪T‬الَ‪T‬تْ يَ‪T‬ا أَيُّ‪T‬هَا املَْ‪T‬ألَُ أَفْ‪T‬تُونِ‪T‬ي فِ‪T‬ي أَمْ‪T‬رِي مَ‪T‬ا كُ‪T‬نْتُ قَ‪T‬اطِ‪T‬عَةً أَمْ‪T‬رًا حَ‪T‬تَّى تَشْهَ‪T‬دُونِ‬
‫)‪ (۳۲‬قَ‪T‬الُ‪T‬وا نَ‪T‬حْنُ أُولُ‪T‬و قُ‪T‬وَّةٍ وَأُولُ‪T‬و بَ‪T‬أْسٍ شَ‪T‬دِي‪T‬دٍ وَاألَْمْ‪T‬رُ إِلَ‪T‬يْكِ فَ‪T‬انْ‪T‬ظُرِي مَ‪T‬اذَا‬
‫تَ‪T‬أْمُ‪T‬رِي‪T‬نَ )‪ (۳۳‬قَ‪T‬الَ‪T‬تْ إِنَّ املُْ‪T‬لُوكَ إِذَا دَخَ‪T‬لُوا قَ‪T‬رْيَ‪T‬ةً أَفْسَ‪T‬دُوهَ‪T‬ا وَجَ‪T‬عَلُوا أَعِ‪T‬زَّةَ‬
‫أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُون‬
‫‪۱۷‬‬
‫أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَم‬
‫‪۱۸‬‬
‫يَ‪T‬ا أَيُّ‪T‬هَا ال‪T‬نَّاسُ إِنَّ‪T‬ا خَ‪T‬لَقْنَاكُ‪T‬م مِّ‪T‬ن ذَكَ‪T‬رٍ وَأُن‪T‬ثَى وَجَ‪T‬عَلْنَاكُ‪T‬مْ شُ‪T‬عُوبً‪T‬ا وَقَ‪T‬بَائِ‪T‬لَ‬
‫لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ‬
‫‪۷٥ ۷٤‬‬
‫‪۱۹‬‬
‫ال ي‪T‬نهاك‪T‬مُ اهللُ ع‪T‬ن ال‪T‬ذي‪T‬نَ ل‪T‬م يُ‪T‬قاتِ‪T‬لُوكُ‪T‬م ف‪T‬ي ال‪T‬دِّي‪T‬نِ ول‪T‬م يُخ‪T‬رِجُ‪T‬وكُ‪T‬مْ مِ‪T‬ن‬
‫دِياركُم أنْ تبرُّوهُم وتُقسِطُوا إليهِم إنّ اهللَ يُحِبُّ املقسِطنيَ‬
‫‪۷۸‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٧٣‬‬
‫‪۷٦‬‬
‫‪۸٥ ۸٤‬‬
‫‪٥۰‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫فِهْرِسُ األحاديثِ‬
‫م‬
‫نصُّ احلديثِ‬
‫الصفحة‬
‫‪٦‬‬
‫صالةٌ في مسجِدي هذا‬
‫‪۱۰۳‬‬
‫‪٤‬‬
‫قد أجرْنا مَن أجرْتِ يا أمَّ هانئٍ‬
‫‪۹۲‬‬
‫‪۲‬‬
‫كلُّ شرطٍ ليسَ في كتابِ اهللِ فهوَ باطلٌ‬
‫‪۹۳ ۹۱‬‬
‫‪٥‬‬
‫ال تُشدُّ الرِّحالُ إالّ‬
‫‪۱۰۳‬‬
‫‪۱‬‬
‫لكلِّ غادرٍ لواءٌ يومَ القيامةِ‬
‫‪۹۱‬‬
‫‪۳‬‬
‫يسعَى بِذِمَّتهِم أدناهُم‬
‫‪۹۲‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٧٤‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫فِهْرِسُ األعالمِ‬
‫أسماءُ األعالمِ‬
‫م‬
‫الصفحة‬
‫‪۱‬‬
‫أبو عُبيدةَ بنُ اجلرَّاحِ‬
‫‪۲‬‬
‫أشرف صالح محمّد سيد‬
‫‪۱۱‬‬
‫‪۳‬‬
‫بُديلُ بن ورقةَ اخلزاعيّ‬
‫‪۸۰‬‬
‫‪٤‬‬
‫بِلقيس‬
‫‪۷۲‬‬
‫‪٥‬‬
‫بنتام‬
‫‪۱‬‬
‫‪٦‬‬
‫تشرشل‬
‫‪۷‬‬
‫‪۷‬‬
‫احلُلَّيسُ بنُ علقمةَ سيِّدُ األحابيش‬
‫‪۸۱‬‬
‫‪۸‬‬
‫خاتوسيل‬
‫‪۳‬‬
‫‪۹‬‬
‫خالدُ بنُ الوليدِ‬
‫‪۱۰۷‬‬
‫‪۱۰‬‬
‫رمحي عبد القادر موسى اجلديلي‬
‫‪۱۱‬‬
‫‪۱۱‬‬
‫رمسيس الثاني‬
‫‪۳‬‬
‫‪۱۲‬‬
‫روزفلت‬
‫‪۷‬‬
‫‪۱۳‬‬
‫ريتشارد‬
‫‪۱۱٤‬‬
‫‪۱٤‬‬
‫ريتشارد زوش‬
‫‪۱‬‬
‫‪۱٥‬‬
‫سليمانُ عليه السالمُ‬
‫‪۷٤‬‬
‫‪۱٦‬‬
‫الشافعيُّ‬
‫‪۹۷‬‬
‫‪۱۷‬‬
‫صالحُ الدِّينِ‬
‫‪۱۸‬‬
‫عُبادَةُ بنُ الصامِت‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٧٥‬‬
‫‪۱۰٦ ۱۰٥‬‬
‫‪۱۱٥ ۱۱‬‬
‫‪۸۸‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫‪۱۹‬‬
‫عبدُ احلميدِ الثاني‬
‫‪۱۱۲‬‬
‫‪۲۰‬‬
‫عبدُ الرحمنِ بنُ عَوفٍ‬
‫‪۱۰۷‬‬
‫‪۲۱‬‬
‫عُثمانُ بنُ عفَّان‬
‫‪۸۳‬‬
‫‪۲۲‬‬
‫عُروةُ بنُ مسعودٍ الثقفيُّ ‬
‫سُهيلُ بنُ عمروٍ العامريُّ‬
‫‪۲۳‬‬
‫عُمَرُ بنُ اخلطَّابِ‬
‫‪۲٤‬‬
‫عَمْرو بنُ العاص‬
‫‪۱۰٤۱۰٥۱۰٦‬‬
‫‪۲٥‬‬
‫عُيينةُ بنُ حِصن‬
‫‪۸۷‬‬
‫‪۲٦‬‬
‫فريدريك برباروسا‬
‫‪۱۱٤‬‬
‫‪۲۷‬‬
‫فيليب أوغسطني‬
‫‪۱۱٤‬‬
‫‪۲۸‬‬
‫كامل مطر‬
‫‪۱۱‬‬
‫‪۲۹‬‬
‫كعبُ بنُ مالكٍ اخلزرجيُّ‬
‫‪۱۰٤‬‬
‫‪۳۰‬‬
‫مارغريت تاتشر‬
‫‪۳٤‬‬
‫‪۳۱‬‬
‫محمَّدُ بن احلسنِ الشيبانيُّ‬
‫‪۳۲‬‬
‫معاويةُ بنُ أبي سُفيانَ‬
‫‪۱۰۷‬‬
‫‪۳۳‬‬
‫مُعاويةُ بنُ أبي سفيانَ‬
‫‪۸۹‬‬
‫‪۳٤‬‬
‫مِكرزُ بنُ حَفْصٍ بن األخيفِ القُرشيُّ العامريُّ‬
‫‪۸۱‬‬
‫‪۳٥‬‬
‫امللكُ العادلُ‬
‫‪۱۱٥‬‬
‫‪۳٦‬‬
‫ميلودُ مهذبي‬
‫‪۱۱‬‬
‫‪۳۷‬‬
‫عليّ بنُ أبي طالب‬
‫‪۱۲‬‬
‫‪۳۸‬‬
‫نصرُ بنُ األزهر‬
‫‪۸۹‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٧٦‬‬
‫‪۸۲۸٤‬‬
‫‪۸۷‬‬
‫‪.8‬‬
‫‪۱۰۸ ٦۲ – ۱۰‬‬
‫‪٦٥۹٦۹۷۹۷‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫‪۳۹‬‬
‫نيقوال الثاني‬
‫‪٦‬‬
‫‪٤۰‬‬
‫هارونُ الرشيدُ‬
‫‪۸۹‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٧٧‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫فِهرِسُ البُلدانِ‬
‫اسم البلدان‬
‫م‬
‫الصفحة‬
‫‪۱‬‬
‫أمريكا‬
‫‪۳۸‬‬
‫‪۲‬‬
‫احلُديبيةُ‬
‫‪۷۹‬‬
‫‪۳‬‬
‫سان فرانسيسكو‬
‫‪۷‬‬
‫‪٤‬‬
‫طهران‬
‫‪۷‬‬
‫‪٥‬‬
‫العراق‬
‫‪۳۸‬‬
‫‪٦‬‬
‫فينَّا‬
‫‪٥‬‬
‫‪۷‬‬
‫القُدْسُ‬
‫‪۱۰۲۱۱۲۱۱٤‬‬
‫‪۸‬‬
‫الهاي‬
‫‪٦‬‬
‫‪۹‬‬
‫لندن‬
‫‪٥‬‬
‫‪۱۰‬‬
‫مالطا‬
‫‪۷‬‬
‫‪۱۱‬‬
‫مكَّة‬
‫‪۸۳‬‬
‫‪۱۲‬‬
‫موسكو‬
‫‪۷‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٧٨‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫فِهْرِسُ املصطلَحاتِ‬
‫م‬
‫الصفحة‬
‫اسمُ املصطلَح‬
‫‪۱‬‬
‫األخالقُ الدوليةُ‬
‫‪۲‬‬
‫‪۲‬‬
‫أهلُ العَهْدِ‬
‫‪٤٥‬‬
‫‪۳‬‬
‫التعهُّدُ‬
‫‪٤٥‬‬
‫‪٤‬‬
‫التفاوضُ‬
‫‪۱٤‬‬
‫‪٥‬‬
‫التفسيرُ الدِّبلوماسيُّ‬
‫‪٥٦‬‬
‫‪٦‬‬
‫التفسيرُ القانونيُّ‬
‫‪٥٦‬‬
‫‪۷‬‬
‫التفسيرُ القضائيُّ‬
‫‪٥٦‬‬
‫‪۸‬‬
‫دارُ اإلسالم‬
‫‪٤‬‬
‫‪۹‬‬
‫دارُ احلربِ‬
‫‪٤‬‬
‫‪۱۰‬‬
‫دارُ املعاهدَة‬
‫‪٤‬‬
‫‪۱۱‬‬
‫الشرطُ الباطلُ‬
‫‪۹٥‬‬
‫‪۱۲‬‬
‫الشرطُ الفاسدُ‬
‫‪۹٥‬‬
‫‪۱۳‬‬
‫العَهْدُ‬
‫‪٤٥‬‬
‫‪۱٤‬‬
‫العُهْدَةُ‬
‫‪٤٥‬‬
‫‪۱٥‬‬
‫القانونُ الدوليُّ‬
‫‪۲‬‬
‫‪۱٦‬‬
‫القضيةُ التفاوضيةُ‬
‫‪۱٦‬‬
‫‪۱۷‬‬
‫اجملامالتُ الدولية‬
‫‪۲‬‬
‫‪۱۸‬‬
‫املعاهداتُ الشارعةُ‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٧٩‬‬
‫‪.9‬‬
‫‪٤۹‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫‪۱۹‬‬
‫املعاهداتُ العَقدِيةُ‬
‫‪۹٤۹‬‬
‫‪۲۰‬‬
‫املعاهدةُ الدائمةُ‬
‫‪۹۲‬‬
‫‪۲۱‬‬
‫املعاهدةُ املؤبَّدةُ‬
‫‪۹۲‬‬
‫‪۲۲‬‬
‫املعاهدةُ في اإلسالمِ‬
‫‪۹۰‬‬
‫‪۲۳‬‬
‫املعاهدةُ في القانونِ الدوليِّ‬
‫‪٤۷‬‬
‫‪۲٤‬‬
‫معاهدةُ فينّا‬
‫‪٤۸٥٤٦۰‬‬
‫‪۲٥‬‬
‫املعاهدةُ لغةً‬
‫‪٤٦ ٤٥‬‬
‫‪۲٦‬‬
‫املفاوضاتُ‬
‫‪۱٤‬‬
‫‪۲۷‬‬
‫املفاوضاتُ في اإلسالمِ‬
‫‪۷۲‬‬
‫‪۲۸‬‬
‫مفاوضاتٌ مباشرةٌ‬
‫‪۸۷‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٨٠‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫فِهرِسُ املعاهَداتِ‬
‫م‬
‫الصفحة‬
‫اسمُ املعاهَدة‬
‫‪۱‬‬
‫معاهدةُ وستفاليا‬
‫‪۲٥‬‬
‫‪۲‬‬
‫معاهدةُ فرساي‬
‫‪٦‬‬
‫‪۳‬‬
‫معاهدة الهاي‬
‫‪٤‬‬
‫معاهدة الالتران‬
‫‪٥‬‬
‫اتفاقية فينا‬
‫‪٦‬‬
‫العُهدةُ العُمريّةُ‬
‫‪۱۱۱۰۲۱۰۳۱۰۷۱۲۸‬‬
‫‪۷‬‬
‫معاهدةُ الرملةِ‬
‫‪۱۱۱۱۳۱۱۹۱۲۲۱۲۳۱۲٤۱۲٥‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٨١‬‬
‫‪.7‬‬
‫‪۹٦٤‬‬
‫‪٤۸‬‬
‫‪٥۹‬‬
‫‪۱۲۲۳٤۷٤۸٤۹٥٤٥۷٥۸٦۰٦‬‬
‫‪۲٦۳‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫املصادِرُ واملراجِعُ‬
‫م‬
‫اسمُ الكتابِ‬
‫املؤلِّف‬
‫دارُ النَّشر‬
‫رقْمُ الطبعةِ‬
‫والسَّنةِ‬
‫مكانُ‬
‫النَّشر‬
‫‪۱‬‬
‫آثارُ احلربِ‬
‫وهبة الزحيلي‬
‫دار الفكر‬
‫ط‪۲۰۰۹ ٤‬‬
‫دمشق‬
‫‪۲‬‬
‫أخبارُ عُمَرَ وعبدِ اهللِ بنِ‬
‫علي الطنطاوي‬
‫دار املنارة‬
‫ط‪۲۰۰۱ ۱۲‬‬
‫جدة‬
‫عُمَر‬
‫‪۳‬‬
‫األخالقُ السياسيةُ‬
‫اإلسالميةُ‬
‫د‪ .‬زكريا نضاف‬
‫دار القلم‬
‫ط‪۲۰۰٦ ۱‬‬
‫دمشق‬
‫‪٤‬‬
‫أربعةُ كُتبٍ في اجلهادِ من‬
‫عصرِ احلروبِ الصليبية‬
‫د‪ .‬سهيل زكار‬
‫دار التكوين‬
‫ط‪۲۰۰۷ ۱‬‬
‫دمشق‬
‫‪٥‬‬
‫أسرارُ قوَّةِ التفاوُض‬
‫روجر داوسن‬
‫مكتبة جرير‬
‫ط‪۱۲۰۰۳‬‬
‫الرياض‬
‫‪٦‬‬
‫بصائِرُ للمسلِم املعاصِر‬
‫عبد الرحمن‬
‫حسن حبنَّكة‬
‫امليداني‬
‫دار القلم‬
‫ط‪۲۰۰۰ ۳‬‬
‫دمشق‬
‫‪۷‬‬
‫بني العقيدةِ والقيادةِ‬
‫اللواء الركن‬
‫محمود شيت‬
‫خطّاب‬
‫دار القلم‬
‫ط‪۱۹۹۸ ۱‬‬
‫دمشق‬
‫‪۸‬‬
‫تاريخ القُدس‬
‫عارف باشا‬
‫العارف‬
‫دار املعارف‬
‫ط‪۲‬‬
‫‪۹‬‬
‫تاريخ القوانني‬
‫د‪ .‬محمود عبد‬
‫اجمليد املغربي‬
‫مؤسسة احلديثة‬
‫للكتاب‬
‫طرابلس‬
‫‪ ۱۰‬التفاوضُ مِن موقِعَنيِ غيرِ‬
‫متكافِئَنيِ‬
‫فيللس بك‬
‫كريتك‬
‫مكتبة العبيكان‬
‫ط‪۲۰۰۱ ۱‬‬
‫عمان‬
‫‪ ۱۲‬احلياةُ مفاوضاتٌ‬
‫صائب عريقات‬
‫جامعة النجاح‬
‫‪۲۰۰۸‬‬
‫نابلس‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٨٢‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫‪ ۱۳‬الدبلوماسيةُ األيوبيةُ‬
‫الصليبية‬
‫أشرف صالح‬
‫محمد سيد‬
‫دار الطباعة‬
‫اإللكترونية‬
‫ط‪۲۰۰۷ ۱‬‬
‫بيروت‬
‫‪ ۱٤‬دليلُ املفاوِضِ‬
‫جورج فولر‬
‫مكتبة جرير‬
‫ط‪۲۰۱۲ ٤‬‬
‫الرياض‬
‫‪ ۱٥‬املركزُ القانونيُّ الدوليُّ‬
‫ملدينةِ القُدس‬
‫د‪ .‬جعفر عبد‬
‫السالم‬
‫مؤسسة دعوة احلق العدد ‪۱٥۷‬‬
‫محرم ‪۱٤۱٦‬هـ‬
‫جدة‬
‫‪ ۱٦‬السِّيَرُ الكبيرُ‬
‫محمد بن احلسن‬
‫الشيباني‬
‫دار الكتب‬
‫العلمية‬
‫ط‪۱۹۹۷ ۱‬‬
‫بيروت‬
‫‪ ۱۷‬العالقاتُ الدوليةُ في‬
‫اإلسالمِ‬
‫د‪ .‬وهبة الزحيلي‬
‫مؤسسة الرسالة‬
‫ط‪۱۹۸۹ ٤‬‬
‫بيروت‬
‫‪ ۱۸‬فِقهُ السيرةِ النبويةِ مع موجزٍ د‪ .‬محمد سعيد‬
‫رمضان البوطي‬
‫لتاريخِ اخلالفةِ الراشدةِ‬
‫دار الفكر‬
‫ط‪۲۰۰۷ ۱۷‬‬
‫دمشق‬
‫‪ ۱۹‬الفقهُ اإلسالميُّ وأدلَّتُه‬
‫د‪ .‬وهبة الزحيلي‬
‫دار الفكر‬
‫ط‪۱۹۹۷ ٤‬‬
‫دمشق‬
‫‪ ۲۰‬فِقهُ الدعوةِ إلى اهللِ‬
‫عبد الرحمن‬
‫حسن حبنّكة‬
‫امليداني‬
‫دار القلم‬
‫ط‪۲۰۰٤ ۲‬‬
‫دمشق‬
‫‪ ۲۱‬الفقهُ السياسيُّ اإلسالميُّ‬
‫د‪ .‬خالد‬
‫الفهداوي‬
‫دار األوائل‬
‫ط‪۲۰۰۳ ۱‬‬
‫دمشق‬
‫‪ ۲۲‬الفنُّ اجلديدُ للتفاوضِ‬
‫جيرارد أي‬
‫نيرنبرج وهنري‬
‫إتش كاليرو‬
‫مكتبة جرير‬
‫ط‪۱۲۰۱۰‬‬
‫الرياض‬
‫‪ ۲۳‬في التاريخِ اإلسالميِّ‬
‫د‪ .‬شوقي أبو‬
‫خليل‬
‫دار الفكر‬
‫ط‪۱۹۹۹ ۱‬‬
‫دمشق‬
‫‪ ۲٤‬املبادئُ األوّليةُ في القانونِ‬
‫الدبلوماسيِّ‬
‫د‪ .‬قاسم خضير‬
‫عباس‬
‫دار الرافدين‬
‫ط‪۱۲۰۰۹‬‬
‫بيروت‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٨٣‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫‪ ۲٥‬مبادئُ القانونِ الدوليِّ العامِّ‬
‫د‪ .‬طالب رشيد‬
‫يادكار‬
‫‪ ۲٦‬مجموعةُ الوثائقِ السياسيةِ‬
‫للعهدِ النبويِّ واخلالفةِ‬
‫الراشدةِ‬
‫محمد حميد عبد دار النفائس‬
‫اهلل‬
‫‪ ۲۷‬محاضراتٌ في القانونِ‬
‫الدوليِّ العامّ‬
‫د‪ .‬سرور طالبي‬
‫مؤسسة موكوباني ‪۲۰۰۹‬‬
‫للبحوث والنشر‬
‫جامعة آريس‬
‫أربيل‬
‫ط‪۱۹۸٥ ٥‬م‬
‫دمشق‬
‫‪۲۰۱٤‬م‬
‫بيروت‬
‫املل‬
‫‪ ۲۸‬مدخلٌ إلى القانونِ الدوليِّ‬
‫د‪ .‬محمد عزيز‬
‫شكري‬
‫منشورات جامعة‬
‫دمشق‬
‫‪۱۹۹۷‬‬
‫دمشق‬
‫‪ ۲۹‬املدخلُ إلى فنِّ التفاوض‬
‫د‪ .‬محمود علي منشورات‬
‫ود‪ .‬محمد عوض األكادميية العربية‬
‫املفتوحة في‬
‫الهزامية‬
‫الدمنارك‬
‫‪۲۰۱۱‬م‬
‫الدمنارك‬
‫‪ ۳۰‬املعاهداتُ عند محمَّد بنِ‬
‫احلسنِ الشيبانيِّ‬
‫عثمان بن جمعة‬
‫ضميرية‬
‫سلسلة دعوة احلق العدد ‪۱۷۷‬‬
‫رمضان ‪۱٤۱۷‬هـ‬
‫جدة‬
‫‪ ۳۱‬املفاوِضُ املثاليُّ‬
‫كيفني كني‬
‫مكتبة العبيكان‬
‫ط‪۱۹۹۸ ۱‬‬
‫عمان‬
‫‪ ۳۲‬املفاوضاتُ في اإلسالمِ‬
‫د‪ .‬وهبة الزحيلي‬
‫دار املكتبي‬
‫ط‪۱۹۹٦ ۱‬‬
‫دمشق‬
‫‪ ۳۳‬مقدمِّةٌ في علمِ التفاوُضِ‬
‫السياسيِّ‬
‫د‪ .‬حسن محمد‬
‫وجيه‬
‫سلسلة عالم‬
‫املعرفة‬
‫العدد ‪۱۹۰‬‬
‫دار النمير‬
‫ط‪۲۰۰۲ ۱‬‬
‫‪ ۳٤‬منهجيةُ البحثِ العلميِّ في د‪ .‬عبود عبد اهلل‬
‫العسكري‬
‫الشؤونِ القانونيةِ‬
‫‪ ۳٥‬موسوعةُ التفاوضِ وحلِّ‬
‫النزاعاتِ‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٨٤‬‬
‫مجموعة باحثني‬
‫األكادميية العربية‬
‫البريطانية للتعليم‬
‫املفتوح‬
‫دمشق‬
‫بريطانيا‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫‪ ۳٦‬النظرياتُ السياسيةُ في‬
‫اإلسالمِ‬
‫د‪ .‬محمد ضياء‬
‫الدين الريس‬
‫دار التراث‬
‫ط‪٦‬‬
‫مصر‬
‫‪ ۳۷‬هكذا ظهرَ جيلُ صالحِ‬
‫الدِّينِ األيوبيِّ وكيف‬
‫عادتِ القُدسُ‬
‫ماجد عرسان‬
‫الكيالني‬
‫دار القلم‬
‫ط ‪۲۰۰۹ ۲‬‬
‫دبي‬
‫‪ ۳۸‬الوسائلُ البديلةُ حللِّ‬
‫زينب وحيد دحام مطبعة الثقافة‬
‫‪۲۰۰۹‬‬
‫أربيل‬
‫النزعاتِ‬
‫‪ ۳۹‬الوسيطُ في املنظَّماتِ‬
‫الدوليةِ‬
‫‪٤۰‬‬
‫د‪ .‬محمد عزيز‬
‫شكري‬
‫ود‪ .‬ماجد‬
‫احلموي‬
‫منشورات جامعة‬
‫دمشق‬
‫‪۱۹۹۹‬‬
‫دمشق‬
‫ات‪TT‬فاق‪TT‬ية ف‪TT‬ينّا ل‪TT‬قان‪TT‬ون‬
‫امل ‪TT T‬عاه ‪TT T‬دات ‪۱۹٦۹‬‬
‫فينّا‬
‫م‪TT‬كتبة ج‪TT‬ري‪TT‬ر ‪۲۰۱۲‬‬
‫ال‪TT T‬ري‪TT T‬ا‬
‫‪٤۱‬‬
‫دليلُ املفاوِضِ‬
‫جورج فولر‬
‫الطبعة الرابعة‬
‫ض‬
‫‪٤۲‬‬
‫التفاوضُ الفعّال‬
‫ب ‪TT T T T T‬ار ب ‪TT T T T T‬ارا مكتبة الهالل بدون تاريخ‬
‫أندرسون‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٨٥‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫‪٤۳‬‬
‫معجم التعريفات‬
‫‪٤٤‬‬
‫في ظِاللِ القرآنِ‬
‫ع ‪TT T T T T T T T T T T T T‬ليّ دار ال ‪TT‬فضيلة‪ ،‬بدون تاريخ ال‪TT‬قاه‪TT‬ر‬
‫اجلُ‪TT T‬رج‪TT T‬ان ‪T T‬يُّ‪ ،‬ط‪۱‬‬
‫ة‬
‫حت‪TT‬قيق مح‪TT‬مد‬
‫ص ‪TT T T T T‬دي ‪TT T T T T‬ق‬
‫املنشاوي‬
‫سيّد قطب‬
‫بدون تاريخ ال‪TT‬قاه‪TT‬ر‬
‫ة‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٨٦‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫اﻟﻔِﻬْﺮِسُ‬
‫املقدمة‬
‫‪3‬‬
‫الفصل األول التفاوض مفهوم وأسس‬
‫‪18‬‬
‫املبحث األول ‪:‬أسس عملية التفاوض الرئيسية‬
‫‪21‬‬
‫املبحث الثاني ‪:‬خصائص التفاوض‬
‫‪25‬‬
‫الفصل الثاني اإلطار العام لعملية التفاوض واإلعداد لعملية التفاوض‬
‫‪27‬‬
‫املبحث األول ‪:‬اإلطار العام لعملية التفاوض‬
‫‪28‬‬
‫املبحث الثاني ‪:‬اإلعداد لعملية التفاوض‬
‫‪30‬‬
‫الفصل الثالث ‪:‬استراتيجيات التفاوض وتكتيكاته‬
‫‪39‬‬
‫املبحث األول ‪:‬استراتيجيات لتفاوض‬
‫‪41‬‬
‫املبحث الثاني ‪:‬تكتيكات مائدة التفاوض‬
‫‪53‬‬
‫املبحث الثالث ‪:‬كيف نقرأ تكتيكات املفاوضني اآلخرين‬
‫‪60‬‬
‫الفصل الرابع ‪:‬املعاهدات الدولية‬
‫‪65‬‬
‫املبحث األول ‪:‬مفهوم املعاهدات وشروط انعقادها‬
‫‪66‬‬
‫املبحث الثاني ‪:‬إبرام املعاهدات وآثارها‬
‫‪72‬‬
‫الفصل اخلامس ‪:‬تعديل املعاهدات وإنهاؤه‬
‫‪79‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٨٧‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫الفصل السادس ‪:‬املفاوضات في اإلسالم‬
‫‪91‬‬
‫املبحث األول ‪:‬تعريف املفاوضات في اإلسالم‬
‫‪98‬‬
‫املبحث الثاني ‪:‬مشروعية املفاوضات وأنواعها‬
‫‪100‬‬
‫املبحث الثالث ‪:‬أنواع املفاوضات‬
‫‪119‬‬
‫املبحث الرابع ‪:‬املعاهدات في اإلسالم‬
‫‪123‬‬
‫املبحث اخلامس ‪:‬مشروعية املعاهدات في اإلسالم‬
‫‪125‬‬
‫املبحث السادس‪:‬أنواع املفاوضات‬
‫‪127‬‬
‫نبذه عن تاريخ القدس‬
‫‪135‬‬
‫العهدة العمرية‬
‫‪138‬‬
‫معاهدة الرملة‬
‫‪150‬‬
‫نظرات في الهدنة‬
‫‪164‬‬
‫رؤية شاملة ألحداث املفوضات‬
‫‪166‬‬
‫اخلامتة‬
‫‪168‬‬
‫الفهارس‬
‫‪172‬‬
‫فهرس اآليات‬
‫‪172‬‬
‫فهرس األحاديث‬
‫‪174‬‬
‫فهرس األعالم‬
‫‪175‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٨٨‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬
‫املفاوضات واملعاهدات‬
‫فهرس البلدان‬
‫‪178‬‬
‫فهرس املصطلحات‬
‫‪179‬‬
‫فهرس املعاهدات‬
‫‪181‬‬
‫املصادر واملراجع‬
‫‪182‬‬
‫الفهرس‬
‫‪187‬‬
‫الصفحة ‪١٨٩ : ١٨٩‬‬
‫‪www.kantakji.com‬‬