تحميل الملف المرفق

‫اإلجارة املوصوفة يف الذمة‬
‫للخدمات غري املعينة‬
‫إعــداد‬
‫بدر احلسن القامسي‬
‫نائب رئيـس جمـمـع الفقـه اإلسـالمي باهلنــد‬
‫عضـو اجمللـس التنفيـذي للملتقى العاملي للعلماء‬
‫واملفكرين املسلمني برابطة العامل اإلسالمي‬
‫وعضـو اهليئـة الشرعيـة للتصنيـف والرقـابة‬
‫(املقيم بدولة الكويت)‬
‫ٌ‬
‫حبث َّ‬
‫مقد ٌم إىل‬
‫« مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع واملأمول ‬
‫دائرة الشؤون اإلسالمية والعمل اخلريي بدبي‬
‫‪ 31‬مايو – ‪ 3‬يونيو ‪ 2009‬م‬
‫يعب عن رأي الباحث‬
‫هذا البحث رّ‬
‫يعب بالضرورة عن رأي دائرة الشؤون اإلسالمية والعمل اخلريي بدبي‬
‫وال رّ‬
‫دائرة الشؤون اإلسالمية والعمل اخليري بدبي‬
‫هاتف‪+971 4 6087777 :‬‬
‫اإلمارات العربية املتحدة‬
‫‪[email protected]‬‬
‫فاكس‪+971 4 6087555 :‬‬
‫ص‪ .‬ب‪ - 3135 :‬دب��ي‬
‫‪www.iacad.gov.ae‬‬
‫‬
‫بدر احلسن القامسي‬
‫ملخص البحث‬
‫يتن�اول البحث موضوع عقد «اإلج�ارة» بأنه يقع عىل منفعة العني املحددة كذلك يقع عىل‬
‫منفعة موصوفة يف الذمة‪.‬‬
‫ف�إذا كانت اإلجارة عىل منفعة اإلنس�ان يف صورة عقد عىل عمل ش�خص معني يتم العقد‬
‫فيها عىل تسليم الشخص نفسه للمستأجر فيسمى هذا األجري «األجري اخلاص»‪.‬‬
‫و إذا كانت اإلجارة عىل عمل معلوم من غري أن يس�لم الش�خص نفس�ه فيكون العقد عىل‬
‫تسليم العمل ال عىل تسليم النفس فيسمى «األجري املشرتك»‪.‬‬
‫و ق�د وض�ع الفقهاء رشوط ًا لصحة عقد اإلجارة منها ما يتعلق بالعاقدين‪ ،‬ومنها ما يتعلق‬
‫باملحل املعقود عليه‪.‬‬
‫و ي�رى الش�افعية واحلنابلة أن حكم اإلج�ارة يثبت مع إمتام الصفقة بين العاقدين‪ ،‬ويرى‬
‫احلنفية واملالكية أن املنافع حتدث ش�يئ ًا فش�يئ ًا فيثبت حكم اإلجارة أيضا مع حدوث حمل العقد‬
‫شيئ ًا فشيئ ًا‪.‬‬
‫و قد ذكر اإلمام القرايف رمحه اهلل من رشوط صحة اإلجارة ما ييل‪:‬‬
‫ــ أن تكون املنفعة مباحة‪.‬‬
‫ــ أن تكون قابلة للمعاوضة‪.‬‬
‫ــ أن تكون متقومة‪.‬‬
‫ــ أن تكون مملوكة‪.‬‬
‫ــ أن ال تتضمن استيفاء العني‪.‬‬
‫ــ أن ال تكون عبادة مطلوبة أو معصية ممنوعة‪.‬‬
‫ــ و أن تكون املنفعة معلومة غري جمهولة‪.‬‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‬
‫اإلجارة املوصوفة يف الذمة للخدمات غري املعينة‬
‫و بن�اء على ه�ذا من�ع الفقهاء إجارة ما تس�تهلك في�ه العني مثل اس�تئجار الطع�ام لألكل‬
‫واستئجار الشموع لإلضاءة‪.‬‬
‫أما اس�تئجار الشاة ل ّلبن‪ ،‬واس�تئجار الفحل للرضاب‪ ،‬واستئجار الشجر للثمر‪ ،‬فاختلفت‬
‫فيها آراء الفقهاء واجتهاداهتم فمنهم من أباح هذه الصور لإلجارة و منهم من منعها‪.‬‬
‫و قد ورد يف القرآن الكريم جواز استئجار املرضع أو الظئر مع أن فيه استهالك العني‪.‬‬
‫و يعتبر معظم الفقهاء أن هذا اس�تثناء من القاعدة العام�ة‪« :‬كل إجارة يكون املعقود عليه‬
‫فيه�ا عين ًا يس�تهلك ال جتوز» و يرى اإلمام ابن تيمية أن اإلجارة كما تقع عىل املنافع كذلك تقع‬
‫على بعض األعيان أيض ًا إذا كانت األعيان تس�تهلك و تتجدد أمثاهل�ا‪ ،‬و يتم من اهلل تعاىل خلق‬
‫بديل ما يستهلك بصفة مستمرة مثل لبن املرضع‪ ،‬وصوف البهائم‪ ،‬و ماء البئر‪.‬‬
‫أما اإلجارة املوصوفة يف الذمة فهي تكون مضافة إىل املستقبل وهي جتوز إذا كان الوصف‬
‫منضبطا‪ ،‬فيتم تسليم العني املوصوفة خالل موعد رسيان العقد‪.‬‬
‫و مع تقدم الزمن تطورت صور العقود سواء كانت يف اإلجارة العادية أو اإلجارة املوصوفة‬
‫يف الذمة‪.‬‬
‫ف�إن تأجير اخلدمات يف جم�ال التعلي�م والتطبيب وتنظي�م املؤمترات و ترتي�ب الرحالت‬
‫للمناسبات و أداء املناسك أصبح من األمور املعروفة واالعتيادية‪.‬‬
‫كذل�ك تقدي�م اخلدمات يف جمال إجي�ار ناقالت النف�ط‪ ،‬والبواخر‪ ،‬والطائ�رات العمالقة‪،‬‬
‫واملعدات‪ ،‬واألجهزة للمرشوعات الصناعية والزراعية وغريها أصبح شائعا ومنترشا‪.‬‬
‫و مل�ا كان م�ن رشوط صح�ة اإلجارة أن تك�ون املنفع�ة معلومة كام جاء يف جمل�ة األحكام‬
‫العدلية‪:‬‬
‫«يشرتط يف اإلجارة أن تكون املنفعة معلومة بوجه يكون مانعا للمنازعة»‪.‬‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‬
‫بدر احلسن القامسي‬
‫و يقول املنهاجي الشافعي‪:‬‬
‫قولنا «معلومة» احرتازا عن املنفعة املجهولة فإهنا ال تصح للغرر‪ ،‬والبد من العلم باملنفعة‬
‫قدرا و وصفا بحيث يكون قابال للبذل واإلباحة‪.‬‬
‫و يف النهاية يتلخص البحث إىل النتائج التالية‪:‬‬
‫ــ إن اإلج�ارة املوصوف�ة يف الذمة جائ�زة إذا كان الوصف منضبطا خاصة عند الش�افعية‬
‫واحلنابلة‪.‬‬
‫ــ للمس�تأجر رفض تس� ّلم العني املوصوف�ة إذا كانت خمتلفة ع�ن املواصفات املحددة يف‬
‫العقد‪.‬‬
‫ــ جي�ب أن يلت�زم املؤجر بتقديم منفعة أو خدمة يتم وصفها التام س�واء كانت منفعة عني‬
‫كإجيار سيارة موصوفة أو منفعة شخص كاخلياطة والتعليم‪.‬‬
‫ــ ال يشترط أن يكون املؤج�ر مالكا للمنفعة عند العقد ألن اإلج�ارة املوصوفة يف الذمة‬
‫تضاف إىل املستقبل فيجب أن يكون قادرا عىل متلكها وقت التنفيذ‪.‬‬
‫ــ إذا كانت اخلدمات موصوفة يف الذمة نحو صيانة أجهزة طبية يف املستشفيات أو أجهزة‬
‫التكييف يف مباين عامة و مساكن شعبية أو مصاعد املنازل أو أجهزة التصوير أو صيانة الطائرات‬
‫أو السفن أو أجهزة الكمبيوتر للرشكات واألفراد أو غريها من اخلدمات فيجوز متويل رشكات‬
‫هلذا الغرض من قبل املؤسسات املالية‪.‬‬
‫ــ اإلجارة املوصوفة يف الذمة يف جمال اخلدمات العالجية والتطبيب ال يلزم فيها ذكر اسم‬
‫الطبيب مثال بل يكفي وصف ما هو املطلوب من تشخيص املرض و وصف الدواء وصفا يمنع‬
‫حدوث النزاع‪.‬‬
‫ــ جي�وز للمؤسس�ة مثال إب�رام العقد مع األش�خاص أو اجلهات املتعاملة ث�م التعاقد مع‬
‫األطباء وفق االحتياج والطلب‪.‬‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‬
‫اإلجارة املوصوفة يف الذمة للخدمات غري املعينة‬
‫فاحلاص�ل أن الفقهاء الذين أباحوا اإلجارة املوصوفة يف الذمة ال مانع عىل رأهيم أن تكون‬
‫اإلج�ارة للخدم�ات غري املعينة رشيطة أن يتم حتديد الفرتة الزمنية للخدمات املطلوبة و وصف‬
‫اخلدمة بام يزيل االشتباه عنها‪ .‬واهلل أعلم بالصواب‪،،،‬‬
‫***‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‬
‫بدر احلسن القامسي‬
‫متهـــيد‬
‫إن «اإلج�ارة» م�ن العقود املهمة التي أباحها الرشع وه�ي «عقد عىل املنافع بعوض» أو‬
‫بتعبير آخر «عقد عىل منفعة مباح�ة معلومة مدة معلومة من عني معلومة أو موصوفة يف الذمة‪.‬‬
‫أو عمل بعوض معلوم وضع ًا»‪ ،‬وقيل‪ :‬هي عقد معاوضة عىل متليك منفعة بعوض‪.‬‬
‫و إباح�ة «عق�د اإلجارة» ثابتة بالكتاب والس�نة واإلمجاع والعمل املت�وارث يف كافة البالد‬
‫واألمصار منذ عرص الرسول ﷺ فهي من عقود املنافع التي ترد عىل منافع األشياء حينا و منافع‬
‫اإلنس�ان حين�ا آخر‪ .‬واألصل يف اإلج�ارة التوقيت ألن منافع اإلجارة تتح�دد بالزمن فالبد أن‬
‫تكون املنافع معلومة وال حيصل العلم هبا إال إذا حددت بوقت معلوم‪.‬‬
‫و قد أش�ار الفقهاء إىل حكمة مرشوعية اإلجارة بأهنا تس�د حاجة ماس�ة لإلنسان حيث ال‬
‫يملك كل أحد دارا يس�كنها‪ ،‬وال أرضا يزرعها وال دابة يركبها‪ ،‬و قد ال يتمكن كل إنس�ان من‬
‫متلكه�ا بالرشاء لعدم توفر الثمن املطلوب لديه‪ ،‬وال باهلبة‪ ،‬أواإلعارة خاصة إذا كانت األش�ياء‬
‫ثمينة و ذات أمهية كبرية‪ ،‬فال سبيل إال اإلجارة لالنتفاع هبا واحلصول عىل منافعها‪.‬‬
‫ثم إن مصالح الناس مرتبطة بتملك األعيان حينا و متلك املنافع حينا آخر‪ ،‬واملؤجر بتأجري‬
‫أعيانه ينتفع بأجرهتا و حيتفظ بأصلها‪ ،‬و إن أمور احلياة ال تكتمل إال باإلجيار واالس�تئجار ألن‬
‫الفقري حمتاج للامل والغني حمتاج لألعامل و قديام قيل‪:‬‬
‫‬
‫‬
‫الناس للناس من بدو وحاضـــرة‬
‫بعض لبعض و إن مل يشعروا خدم‬
‫ راجع بدائع الصنائع ‪ ،174 /4‬املبسوط ‪.74 /15‬‬
‫ رشح منتهى اإلرادات ‪.350 /2‬‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‬
‫اإلجارة املوصوفة يف الذمة للخدمات غري املعينة‬
‫إن «عق�د اإلجارة» يعترب يف ه�ذا العرص من املقومات االقتصادي�ة واالجتامعية للمجتمع‬
‫عموم� ًا كما أن املصارف يف تعاملها تتداول صكوك اإلجارة عىل نطاق واس�ع كأداة من أدوات‬
‫استثامرية‪.‬‬
‫و يستدل عىل مرشوعية اإلجارة بام ورد يف القرآن الكريم يف سياق قصة موسى عليه السالم‬
‫من تعبري‪ ﴿ :‬ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ﴾ [القصص‪.]27 :‬‬
‫كما ورد ق�ول اهلل عز وج�ل‪﴿ :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧ ﯨ‬
‫ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﴾ [الزخرف‪.]32:‬‬
‫ّ‬
‫يس�خر األغني�اء الفقراء فيكون بعضهم س�ببا‬
‫و قي�ل يف تفسير «س�خريا» خوال و خداما‬
‫ملعاش بعض‪.‬‬
‫أو جع�ل افتقار بعضهم إىل بعض س�ببا ملعاش�هم يف الدنيا و حياهتم فيه�ا حكم ًة منه ال إله‬
‫إال هو‪.‬‬
‫و أيض ًا ورد يف موضع آخر‪ ﴿ :‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﴾ [الطالق‪.]6 :‬‬
‫و حث النبي ﷺ عىل إعطاء األجري أجره قبل أن جيف عرقه‪.‬‬
‫و ق�ال ع�ن رج�ل اس�تأجر أجير ًا فاس�توىف من�ه ومل يو ّفه أج�ره «أن�ه يكون خصم�ه يوم‬
‫القيامة»‪.‬‬
‫أجر نفسه من امرأة عىل أن ينزع هلا كل ذنوب بتمرة فنزع ستة عرش‬
‫و إن عليا ريض اهلل عنه ّ‬
‫ذنوبا حتى جملت يداه فعدّ ت له ست عرشة مترة فأتى النبي ﷺ فأخربه فأكل معه منها‪.‬‬
‫ تفسري القرطبي ‪.83 /15‬‬
‫ املقدمات املمهدات البن رشد ‪.163 /2‬‬
‫ رواه ابن ماجه ‪.2468‬‬
‫ رواه البخاري ‪.2270‬‬
‫ أخرجه أمحد‪ ،‬رشح الدرر البهية للشوكاين ‪.118 /2‬‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‬
‫بدر احلسن القامسي‬
‫و يق�ول اإلم�ام الش�افعي رمح�ه اهلل‪ :‬إن اإلج�ارة مض�ت هبا الس�نة و عمل هب�ا غري واحد‬
‫م�ن أصح�اب رس�ول اهلل ﷺ وال خيتل�ف أهل العل�م ببلدنا علمن�اه يف إجازهتا و ع�وام فقهاء‬
‫األمصار‪.‬‬
‫و جي�وز إج�ارة كل عني يمكن أن ينتفع هبا منفعة مباحة مع بقائها بحكم األصل كاألرض‬
‫والدار والعبد والبهيمة والثياب‪.‬‬
‫و ما حرم بيعه حترم إجارته ألهنا نوع من البيع ماعدا جواز إجارة احلر‪ ،‬واحلرة‪ ،‬والوقف‪،‬‬
‫و أم الولد‪ ،‬حيث حيرم بيع أعياهنا ولكن جتوز إجارهتا‪.‬‬
‫ثم إن األصل يف اإلجارة أن تقع عىل املنفعة ال عىل اس�تهالك العني‪ ،‬ويروي ابن رش�د أن‬
‫بعض الفقهاء أجازوا أن يقع عىل كل منهام ألن كل ذلك منفعة مباحة فاس�تئجار الظئر وماء‬
‫البئر وكذلك انزاء الفحل واس�تئجار الش�مع لإلضاءة واستئجار الش�جرة من أجل الثمرة من‬
‫صور اإلجارة التي تستهلك فيها العني‪ ،‬وقد اختلف الفقهاء يف صحة بعض منها‪.‬‬
‫متقومة مقصودة االستيفاء بالعقد‪ ،‬أما األشياء‬
‫ومن رشوط صحة اإلجارة أن تكون املنفعة ّ‬
‫املباحة واملتوفرة من غري ثمن فال حتتاج إىل اإلجارة ألهنا حتصل من غري معاوضة‪.‬‬
‫و عن أقسام اإلجارة يقول املنهاجي‪ :‬اإلجارة نوعان‪:‬‬
‫واردة على العين كإجارات العقارات و كام إذا اس�تأجر دابة بعينها للحمل أو الركوب أو‬
‫ش�خص ًا بعينه للخياطة أو غريها و إىل واردة عىل الذمة كاس�تئجار دابة موصوفة وكام إذا التزم‬
‫للغري خياطة أو بناء أو خياط دون حتديد من سيخيط أو من سيبني‪.‬‬
‫ األم ‪.5/2‬‬
‫ املغني ‪.129 /6‬‬
‫ بداية املجتهد ‪ ،419 /2‬املغني ‪ ،2 /6‬البدائع ‪.174 /4‬‬
‫ راجع جواهر العقود ‪.260/1‬‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‪10‬‬
‫اإلجارة املوصوفة يف الذمة للخدمات غري املعينة‬
‫و يقول ابن مفلح‪ :‬اإلجارة أقسام‪:‬‬
‫إجارة عني موصوفة يف الذمة فيشرتط صفات سل ٍم و متى غصبت أو تلفت أو تعيبت لزمه‬
‫بدهلا فإذا تعذر فللمكرتي (املستأجر) الفسخ‪ ،‬وتفسخ بميض املدة إن كانت إىل مدة‪.‬‬
‫[الثالث من أقسامها]‪ :‬عقد عىل منفعة يف ذمة يف يشء معني أو موصوفا كخياطة‪ ،‬و يشرتط‬
‫ضبطه بام ال‪ ‬خيتلف‪.‬‬
‫و ملا كانت اإلجارة شبيهة ببيع السلم‪ ،‬وقد عرفه الفقهاء بأنه‪« :‬عقد عىل موصوف يف ذمة‪،‬‬
‫مؤج�ل‪ ،‬بثم�ن مقبوض بمجلس العق�د»‪ .‬وعقد اإلجارة عىل منفعة عين مؤجلة موصوفة‪،‬‬
‫ش�بيه به فقد أجاز الفقهاء عقد اإلجارة عىل منفعة العني املؤجلة املوصوفة يف الذمة قياس� ًا عىل‬
‫عقد السلم يف البيع‪ ،‬واشرتطوا لصحتها «استقصاء صفات سلم يف موصوفة بذمة» ألن حتقيق‬
‫غرض املس�تأجر النفع املتوخى من العني يعتمد عىل توافر صفات معينة يف العني املس�تأجرة ال‬
‫يمكن حتصيلها منها بدوهنا‪ ،‬وهذه تتفاوت يف األعيان بني النوع الواحد‪ ،‬فض ً‬
‫ال عنها يف األنواع‬
‫األخ�رى املباين�ة‪ ،‬فمن ثم اشترطوا يف عق�د اإلجارة عىل األعي�ان املؤجلة املوصوف�ة يف الذمة‬
‫الرشوط املعتربة يف عقد السلم وهي‪:‬‬
‫‪ -‬أن تكون مما ينضبط قدر ًا‪ :‬بوزن‪ ،‬أو كيل‪ ،‬أو عد‪ ،‬أو ذرع‪ ،‬وما كان عد ًا جيب أال يكون مما‬
‫خيتلف حج ًام‪ .‬ألنه ما ال تنضبط صفاته بالوزن أو الكيل أو العد أو الذرع ختتلف آحاده اختالف ًا‬
‫كثري ًا يفيض بال شك إىل املنازعة‪.‬‬
‫ حتديد قدره وكميته‪ :‬من كيل‪ ،‬أو وزن‪ ،‬أو عد‪ ،‬أو ذرع‪.‬‬‫‪ -‬توضي�ح الصف�ات التي ي�ؤدي اختالفها إىل تف�اوت الثمن‪ :‬فيذكر ما يمي�زه عن نوعه‪،‬‬
‫وحيدد درجته بني نظائره‪.‬‬
‫ الفروع ‪.441 -440/4‬‬
‫ البهويت‪ :‬رشح منتهى اإلرادات‪.214/2 ،‬‬
‫ البهويت‪ :‬رشح منتهى اإلرادات‪.360/2 ،‬‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫بدر احلسن القامسي‬
‫‪11‬‬
‫ تعيني وقت التسليم‪ ،‬وحتديد مكانه‪.‬‬‫فاإلجارة الثابتة يف الذمة هي الواردة عىل منفعة موصوفة مع التزامها يف الذمة كأن يستأجر‬
‫سيارة موصوفة بصفات يتفق عليها‪.‬‬
‫ف�إذا أطل�ق ومل يذك�ر الذمة كان�ت إجارة عني وه�ي واردة عىل منفع�ة يشء معني كالعقار‬
‫واحليوان أو منفعة اإلنسان‪.‬‬
‫و يشترط الفقه�اء أن تك�ون املنفعة املعقود عليه�ا يف اإلجارة معلومة علما يقطع املنازعة‬
‫ويرفع اخلالف‪.‬‬
‫وذل�ك لقوله تع�اىل‪ ﴿ :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬
‫ﭶ ﭷ ﴾ [سورة النساء‪.]29:‬‬
‫فق�د جع�ل اهلل أكل األم�وال دون رض�ا الطرفين أكال بالباط�ل وال يمك�ن الرض�ا إال‬
‫يف‪ ‬معلوم‪.‬‬
‫وي�دل عىل اشتراط العلم م�ا روي عن النبي ﷺ أنه (هنى عن اس�تئجار األجري حتى يبني‬
‫له‪ ‬أجره)‪.‬‬
‫فإن هذا احلديث وإن كان يدل عىل أن العلم باألجرة رشط لصحة اإلجارة‪ ،‬لكن املنفعة ملا‬
‫كانت مقصودة بالذات يف عقد اإلجارة فيجب كون املنفعة معلومة أيضا رشطا لصحة العقد‪.‬‬
‫ث�م إن البيع ال يصح إال يف عني معلوم�ة القدر والصفة فكذلك اإلجارة أيض ًا ال تصح إال‬
‫يف منفع�ة معلوم�ة ألن املنفعة يف اإلجارة كالعني يف البيع لكن يمكن أن يتس�امح يف اإلجارة إذا‬
‫كانت اجلهالة ال تفيض إىل املنازعة فيها ألهنا أجيزت حلاجة الناس إليها حتى قال بعض الفقهاء‬
‫أهنا رشعت عىل خالف القياس‪.‬‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‪12‬‬
‫اإلجارة املوصوفة يف الذمة للخدمات غري املعينة‬
‫و قد توس�ع احلنابلة فأجازوا اإلجارة عىل كل منفع�ة مباحة حتى إجارة الدنانري للتجميل‬
‫واألشجار لتجفيف الثياب‪.‬‬
‫كام يشرتط أن تكون املنفعة مباحة االستيفاء وال تكون طاعة مطلوبة أو معصية ممنوعة‪.‬‬
‫كذلك يشترط لصحة اإلجارة أن تكون املنفع�ة معلومة علام ينفي اجلهالة املفضية للنـزاع‬
‫كام يشرتط أن تكون األجرة أيض ًا معلومة ألن اجلهالة يف األجرة أيض ًا تفيض إىل املنازعة‪.‬‬
‫وتعيني املنفعة قد يكون ببيان املحل‪ ،‬وقد يكون باإلشارة أو ببيان الوصف‪.‬‬
‫فف�ي إج�ارة األعيان تس�توىف املنفعة من عني معين�ة بذاهتا فإذا هلكت انفس�خت اإلجارة‬
‫كاستئجار البيت للسكن‪.‬‬
‫ويف اإلجارة املوصوفة يف الذمة تستويف املنفعة مما حيدد بالوصف فإذا هلك بعد التعيني قدّ م‬
‫املؤجر بديال عنه وتتعني املنفعة بتحديد املدة أيض ًا إذا كانت املنفعة معروفة بذاهتا‪.‬‬
‫والعرف له تأثري يف حتديد ما تقع عليه اإلجارة‪ ،‬فكيفية االس�تعامل تتحدد يف ضوء العرف‬
‫والعادة وان التفاوت اليسري يغتفر باعتبار أنه ال يؤدي إىل املنازعة بشكل عام‪.‬‬
‫أقسام اإلجارة‪:‬‬
‫لقد قس�م الفقه�اء اإلجارة إىل‪ :‬إجارة العني وإجارة الذمة ف�إذا كان تنفيذ ما التزمه املؤجر‬
‫يتطلب تس�ليم نفس�ه للمس�تأجر ليعمل عنده م�دة من الزمن أو تس�ليم عني معين�ة بالرؤية أو‬
‫اإلش�ارة‪ ،‬أو الصفة حتى يتمكن املس�تأجر من اس�تيفاء املنفعة من تلك العني أو الشخص فهي‬
‫إجارة عني مثل استأجرت منك هذا البيت ملدة عام أو استأجرت هذه السيارة ملدة شهر‪.‬‬
‫ املغني ‪.326/5‬‬
‫ الفتاوى اهلندية ‪ ،411 /4‬بدائع الصنائع ‪ ،180 /4‬املغني ‪.357 /5‬‬
‫ املغني ‪ ،357 /5‬املهذب ‪.395 /1‬‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‪13‬‬
‫بدر احلسن القامسي‬
‫أما إذا كان تنفيذ االلتزام ال يقتيض تس�ليم نفس�ه أو عني معينة للمس�تأجر بل يقتيض قيام‬
‫املؤجر بعمل معني يف يشء معني أو موصوف سواء بنفسه أو بواسطة شخص آخر حتت مسئوليته‬
‫كان�ت ه�ذه إجارة الذمة مثل أن يقول‪ :‬اس�تأجرتك لكتابة هذا البحث أو خياطة هذا الثوب أو‬
‫نقل هذه البضاعة من مكان إىل مكان آخر‪.‬‬
‫ث�م إن اإلج�ارة قد ترد عىل منافع األعيان وقد ترد عىل منافع اإلنس�ان‪ ،‬مثال األول إجارة‬
‫البيت للسكن وإجارة املركبة للحمل والنقل وإجارة األرض للزراعة‪.‬‬
‫ويف اإلب�ل واخليل والس�يارة والقطار‪ ،‬والباخرة وما ش�ابه ذلك تص�ح اإلجارة عىل منفعة‬
‫عني معينة‪ ،‬وتصح عىل عني موصوفة مثل أن يقول‪ :‬اس�تأجرت منك هذه السيارة ألمحل عليها‬
‫متاعي أو استأجرت منك سيارة ألسافر هبا إىل مكان كذا‪.‬‬
‫أما اإلجارة الواردة عىل منافع اإلنسان فهي إما أن تكون يف صورة عقد عىل عمل شخص‬
‫معني ويكون فيها تسليم الشخص نفسه للمستأجر ويسمى «األجري اخلاص»‪.‬‬
‫أو يك�ون العقد عىل عمل معلوم يف الذم�ة حمدد بصفات مثل أن يلزم بخياطة ثوب أو بناء‬
‫بيت يقوم املؤجر بإنجاز العمل من غري أن يس ّلم نفسه بل يقع العقد عىل تسليم العمل ال تسليم‬
‫النفس ويسمى «األجري املشرتك» حيث أن األجري ال يكون خمتص ًا به بل يقبل العمل من كل‬
‫من حيتاج إليه‪.‬‬
‫فف�ي اإلجارة املوصوفة بالذمة ال يس� ّلم املؤجر نفس�ه وال عينا معينة للمس�تأجر بل يلتزم‬
‫بإنجاز عمل طلب منه إنجازه‪.‬‬
‫وال جت�وز اإلج�ارة يف الذم�ة للعقارات وما ش�ابه ذلك من األش�ياء الت�ي ال تنضبط ببيان‬
‫الصف�ة‪ ،‬و أم�ا اخلدمة املوصوفة يف الذم�ة مثل التعليم اجلامعي أو النق�ل اجلوي فيجب فيها أن‬
‫يكون الوصف تفصيليا ال يدع جماال للخالف‪.‬‬
‫ تبيني احلقائق مع حاشية الشلبي ‪.134 /5‬‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‪14‬‬
‫اإلجارة املوصوفة يف الذمة للخدمات غري املعينة‬
‫فاإلج�ارة مث�ل البيع يف انعقاده�ا باإلجياب والقب�ول أو ما يقوم مقامه م�ن صور أو صيغ‬
‫التب�ادل امل�ايل املع�روف وهي عقد عىل منفعة ال على عني‪ ،‬واملنفعة أيض ًا جي�ب أن تكون مباحة‬
‫ومقص�ودة‪ ،‬ومعلومة غري جمهولة‪ ،‬والعلم باملنفعة يكون بتحديدها بالزمن كاس�تئجار ش�هر أو‬
‫س�نة أو بن�وع العمل مث�ل النجارة أو البن�اء‪ ،‬وتكون اإلجارة بعوض معل�وم ألن العوض ثمن‬
‫للمنفعة يف اإلجارة ومن رشوط الثمن يف املعامالت أن يكون معلوما‪.‬‬
‫إن الشروط التي حدده�ا الفقهاء لصحة عقد اإلجارة منها ما تتعل�ق بالعاقدين و منها ما‬
‫تتعلق باملحل املعقود عليه‪.‬‬
‫واإلجارة ملا كانت من العقود التجارية يوجد فيها معنى البيع فيشترط قبل كل يشء رضا‬
‫العاقدي�ن كما يشترط أن يكون املعقود علي�ه وهو املنفعة معلوم�ا علام يقط�ع املنازعة فإن كان‬
‫املعقود عليه جمهوال فاجلهالة تفيض إىل املنازعة و متنع من التس�ليم والتس� ّلم فال حيصل املقصود‬
‫من عقد اإلجارة‪.‬‬
‫والعل�م باملعق�ود عليه حيصل إما بتحديد حمل املنفع�ة أو ببيان املدة وكذلك ببيان العمل يف‬
‫استئجار أصحاب احلرف والعامل ومن يف حكمهم‪.‬‬
‫و حم�ل املنفعة يعرف بتحديد العني املس�تأجرة فلو قال ش�خص آلخر‪ :‬إين آجرتك إحدى‬
‫هاتني البنايتني من غري تعيينها فال تصح اإلجارة جلهالة املعقود عليه جهالة فاحشة‪.‬‬
‫أما يف حالة اس�تئجار الصناع والعامل فيجب بيان العمل املطلوب منهم ألن جهالة العمل‬
‫يف االستئجار عىل األعامل تفيض إىل املنازعة و تؤدي إىل فساد العقد‪.‬‬
‫فلو اس�تأجر ش�خص عامال ومل حيدد العمل املطلوب منه‪ ،‬هو اخلياطة أو س�قى الزرع أو‬
‫رعي األغنام فال يصح العقد‪.‬‬
‫و إذا كان األجري مشترك ًا فيجب بيان املعمول فيه إما باإلش�ارة أو التعيني أو ببيان اجلنس‬
‫والن�وع والصفة فلو اس�تأجر أحد ش�خص ًا نج�ار ًا لصنع األبواب فالبد م�ن حتديد مواصفات‬
‫األبواب ألهنا ختتلف اختالف ًا كبري ًا‪.‬‬
‫ املبسوط ‪.47/16‬‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‪15‬‬
‫بدر احلسن القامسي‬
‫و ي�رى احلنفي�ة أنه ال يشترط يف إجارة املناف�ع تعيني العمل لصحة اإلجارة‪ ،‬فلو اس�تأجر‬
‫شخص بيت ًا ومل يذكر هل يسكن فيه وحده أو مع شخص آخر؟ وهل يضع فيه أمتعته و أغراضه‬
‫أو ال؟ فاإلج�ارة تك�ون صحيح�ة إال إنه يمنع من اس�تخدام البيت يف أعامل ت�ؤدي إىل ختريب‬
‫البيت و تدمريه كاحلدادة والطحن‪.‬‬
‫و إذا كانت إجارة األعامل فيشترط فيها بيان املدة يف اس�تئجار الراعي املشترك ألن القدر‬
‫املعق�ود علي�ه ال يصير معلوما بدونه ولكن يف اس�تئجار اخلياط املشترك والقصار املشترك ال‬
‫يشرتط بيان املدة ألن املعقود عليه يصري معلوما بدونه‪.‬‬
‫أم�ا األجير اخلاص فال يشترط يف العقد معه بي�ان اجلنس والنوع أو الق�در والصفة و إنام‬
‫يشرتط بيان املدة فقط وكذلك يف استئجار الظئر‪.‬‬
‫و يرى احلنفية واملالكية أن املنافع حتدث ش�يئ ًا فش�يئ ًا عىل حس�ب حدوث حمل العقد وهو‬
‫املنفعة ألهنا تستوىف شيئ ًا فشيئ ًا فيثبت حكم اإلجارة مع حدوث حمل العقد شيئ ًا فشيئ ًا‪.‬‬
‫لكن الشافعية واحلنابلة يرون أن حكم اإلجارة يثبت مع إمتام الصفقة من غري تأخري وجتعل‬
‫مدة اإلجارة موجودة تقديرا كأهنا أعيان قائمة‪.‬‬
‫و قد ذكر اإلمام القرايف رشوط ًا ثامنية للمنفعة التي جتوز عليها اإلجارة وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون املنفعة مباحة‪.‬‬
‫‪ -2‬قبول املنفعة للمعاوضة‪.‬‬
‫متقومة‪.‬‬
‫‪ -3‬كون املنفعة ّ‬
‫‪ -4‬كوهنا مملوكة‪.‬‬
‫ بدائع الصنائع ص‪ ،201 :‬بداية املجتهد ‪.226/2‬‬
‫ املغني البن قدامه ‪.406/5‬‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‪16‬‬
‫اإلجارة املوصوفة يف الذمة للخدمات غري املعينة‬
‫‪ -5‬أن ال تتضمن استيفاء العني‪.‬‬
‫‪ -6‬أن يقدر املؤجر عىل تسليمها‪.‬‬
‫‪ -7‬أن ال تكون عبادة مطلوبة‪ ،‬أو معصية ممنوعة‪.‬‬
‫‪ -8‬أن تك�ون معلوم�ة غير جمهول�ة مث�ل آل�ة ال ي�دري م�اذا يعم�ل هب�ا أو دار مل�دة غري‬
‫معلومة‪.‬‬
‫و قد اختلف الفقهاء يف املنافع هل هي من األموال القيمية أم ال؟‬
‫فريى احلنفية أن املنفعة ليس�ت شيئ ًا مادي ًا موجود ًا وإنام هي أعراض حتدث شيئ ًا فشيئ ًا عىل‬
‫حسب حدوث الزمن‪.‬‬
‫فال تعترب ثروة من املال ألهنا ال يمكن فيها اإلحراز واالدخار فيقولون‪:‬‬
‫«فاملنافع ليست ذات قيمة يف نفسها وإنام ورد تقويمها يف الرشع بعقد اإلجارة عىل خالف‬
‫القياس للحاجة»‪.‬‬
‫تق�وم املنافع يف غري اإلجارة عند احلنفية؛ ألن القاعدة أن�ه ما ثبت عىل خالف القياس‬
‫فلا ّ‬
‫ال يقاس عليه غريه‪.‬‬
‫لك�ن الش�افعية واحلنابلة ي�رون أن املناف�ع أموال متقوم�ة يف ذاهتا ألهنا ه�ي املقصودة من‬
‫األعيان فإن أثامن األشياء تقدر بني الناس بمنافعها‪.‬‬
‫و قد نشأ بسبب هذا الفرق يف االجتهاد اختالف يف عدد من املسائل‪.‬‬
‫متقومة‬
‫فيرى األحناف ع�دم إلزام الغاصب أجر املث�ل عن منافع املغصوب ألهنا ليس�ت ّ‬
‫وإنام يضمن الغاصب قيمة العني أو نقصاهنا إذا تلفت أو نقصت أو تعيبت يف يده‪.‬‬
‫ الفروق مع أنوار الربوق ‪ ,7/4‬وما بعدها‪.‬‬
‫ بدائع الصنائع ‪.145/7‬‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‪17‬‬
‫بدر احلسن القامسي‬
‫و يرى الش�افعية واحلنابل�ة إلزام الغاصب بأجر مثل املغصوب خالل مدة الغصب س�واء‬
‫استوىف الغاصب املنافع أو عطلها‪.‬‬
‫يقول اإلمام الدبويس يف كتابه «تأسيس النظر»‪:‬‬
‫«األص�ل عن�د اإلمام القريش أيب عبد اهلل حممد بن إدريس الش�افعي قدس اهلل روحه ونور‬
‫رضحي�ه أن املنافع بمنـزلة األعيان القائمة‪ ،‬وعندنا بمنـزلة األعيان يف حق جواز العقد عليها ال‬
‫غري ‪ -‬أي عقد اإلجارة ‪ -‬وعىل هذا» قال علامؤنا‪ :‬إن من غصب دارا فس�كنها س�نني‪ ،‬ال أجرة‬
‫عليه‪ .‬وعند اإلمام الش�افعي جتب عليه قيمة املنافع وهي األجرة كام لو غصب عينا من األعيان‬
‫فاستهلكها فإنه يضمن فيها‪.‬‬
‫و عىل هذا قال اإلمام الشافعي إن اإلجارة يف املشاع جائزة ألن املنافع عنده بمنـزلة األعيان‬
‫القائمة فلو باع إنسان حصة شائعة من العني جاز بيعه‪ ،‬فكذلك اإلجارة ألهنا بيع املنافع وعندنا‬
‫ال جي�وز اإلجيار يف املش�اع م�ن األجنبي‪ ،‬أما إجيار أح�د الرشيكني حصته الش�ائعة من الرشيك‬
‫اآلخر فجائز‪.‬‬
‫و على هذا قال الش�افعي‪ :‬إن األجرة جتب بنفس العق�د بمنـزلة األعيان املبيعة يف وجوب‬
‫ثمنها وعندنا جتب ساعة فساعة ويوما فيوما‪.‬‬
‫و كما س�بق أن األصل يف اإلجارة أن ترد عىل املناف�ع واألصل يف البيع أن يرد عىل األعيان‬
‫ولكن هناك أعيان هلا ش�به باملنافع وهي األعيان التي يتجدد وجودها مع بقاء أصلها كام يتجدد‬
‫وج�ود املناف�ع مع بقاء أصله�ا و ذلك كلبن الظئر و عس�ب الفحل‪ ،‬و لب�ن البهائم و صوفها و‬
‫بعض الزرع والثمر‪.‬‬
‫فيرى مجه�ور الفقهاء أن اإلجارة ترد عىل املنافع ال عىل األعي�ان‪ ،‬لكن اإلمام ابن تيمية ال‬
‫يقب�ل ه�ذه القاعدة عىل عمومها و يس�تثني منها بعض األعيان و يلحقه�ا باملنافع وهي األعيان‬
‫ تأسيس النظر للدبويس ص‪ ،63 -62 :‬و راجع نظرية االلتزام للزرقاء ‪.219 -216‬‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‪18‬‬
‫اإلجارة املوصوفة يف الذمة للخدمات غري املعينة‬
‫التي كلام أخذت واس�تهلكت ظهر مثلها و حل حمل ما نفد واس�تهلك‪ ،‬مثال ذلك لبن الظئر و‬
‫ماء البئر و لبن البهائم و أصوافها و ثامر األشجار فإنه كلام أخذ منها يشء خلق اهلل بدله مع بقاء‬
‫أصله فهي كاملنافع‪.‬‬
‫و هلذا جاز وقف احليطان لثمرهتا‪ ،‬ووقف األرض البيضاء ملنفعتها‪ ،‬و جاز يف باب العارية‬
‫املنيحة والعرية فوضعت هذه األعيان مكان املنافع ألهنا ينتفع هبا مع بقاء أصوهلا‪.‬‬
‫و قد جاز استئجار الظئر ألجل لبنها بالنص مع أن املقصود بالعقد هو اللبن وهو عني لكن‬
‫هذه الفائدة تؤخذ مع بقاء أصلها فأجريت جمرى املنفعة‪.‬‬
‫و بناء عىل هذه القاعدة ينبغي أن جيوز استئجار الشجر لالستثامر‪ ،‬وإذا نظرنا إىل حقيقة املسألة‬
‫فإن إجارة األرض والشجر معا بأن يكون للمستأجر حق االنتفاع باألرض بزراعتها‪ ،‬وبالشجر‬
‫بأخ�ذ ثمره قد اختلف الفقهاء يف جواز ه�ذه املعاملة فريى احلنفية‪ :‬أنه ال جيوز ذلك مطلق ًا ألن‬
‫الثمر عني ال جيوز استحقاقه باإلجارة‪ ،‬وقال الشافعية‪ :‬إذا كان الثمر قد بدأ صالحه فال بأس‬
‫بذل�ك أما إذا مل يبدو صالحه فال جي�وز‪ ،‬ألن اإلجارة انعقدت عقدة واحدة عىل حالل و حمرم‪،‬‬
‫فاحلالل الكراء‪ ،‬واحلرام ثمر النخلة‪ ،‬فإنه يف حكم بيع الثمرة قبل بدو صالحها‪.‬‬
‫أما املالكية فقد فرقوا بني الشجر القليل والكثري فقالوا‪ :‬إن كان الشجر قليال بحيث يشغل‬
‫ثل�ث األرض فأدنى‪ ،‬فاإلجارة صحيحة‪ ،‬أما إن كان الش�جر يش�غل أكثر م�ن الثلث فاإلجارة‬
‫فاسدة‪.‬‬
‫و ذكر أبو عبيد‪ :‬أن املنع من إجارة األرض التي فيها شجر كثري إمجاع‪.‬‬
‫ املبسوط ‪.32/16‬‬
‫ األم ‪.244/3‬‬
‫ املدونة ‪.196/11‬‬
‫ القواعد النورانية الفقهية ص‪.140 :‬‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‪19‬‬
‫بدر احلسن القامسي‬
‫أم�ا احلنابل�ة فاملش�هور م�ن مذهب أمحد ع�دم اجل�واز‪ ،‬و يف املذهب قول باجل�واز إذا كان‬
‫البياض ثلثني فأكثر‪ ،‬كرأي املالكية‪.‬‬
‫و ي�رى اب�ن عقيل جواز اس�تئجار األرض التي فيها ش�جر‪ ،‬و دخول الش�جر يف اإلجارة‬
‫مطلق� ًا‪ ،‬و حجت�ه أن إج�ارة األرض جائ�زة‪ ،‬وال يمكن إجارهت�ا إذا كان فيها ش�جر إال بإجارة‬
‫الش�جر ألن املس�تأجر ال يتربع لسقى الشجر و قد ال يساقي عليها‪ .‬و ما ال يتم اجلائز إال به فهو‬
‫جائ�ز فتكون إجارة الش�جر جائ�زة تبعا إلجارة األرض كام جوز املزارع�ة بعض من يمنعها إذا‬
‫كانت تبعا للمساقاة‪.‬‬
‫إن هذه املعاملة عند مجهور الفقهاء إجارة و بيع‪ :‬إجارة لألرض البيضاء‪ ،‬و بيع للثمر و من‬
‫هن�ا ج�اء منعها ألهنا تدخل يف بيع الغرر فهي من بيع الثمر قبل أن خيلق‪ ،‬و لذا رشط الش�افعي‬
‫جلوازه أن يكون قد بدا صالحه‪.‬‬
‫و يقول اإلمام ابن تيمية‪ :‬إهنا مما عمت به البلوى يف كثري من بالد اإلسالم أو أكثرها السيام‬
‫دمش�ق‪ ،‬فهو يؤيد الرأي القائل باجلواز و يقول‪ :‬إن هذا القول كاإلمجاع من الس�لف‪ ،‬و إن كان‬
‫املشهور عن األئمة املتبوعني خالفه‪.‬‬
‫واستدل اإلمام ابن تيمية عىل ما ذهب إليه بام ييل‪:‬‬
‫بام روي من حديث أس�يد بن حضري ريض اهلل عنه أنه توىف و عليه س�تة آالف درهم‪ ،‬فدعا‬
‫عمر بن اخلطاب ريض اهلل عنه غرماءه فقبلهم أرضه سنني و فيها النخل والشجر‪.‬‬
‫و بام فعله عمر بن اخلطاب ريض اهلل عنه يف رضب اخلراج عىل أرض السواد وغريها فأقر‬
‫األرض الت�ي فيه�ا النخ�ل والعنب يف أيدي أه�ل األرض‪ ،‬و جعل على كل جريب من جرب‬
‫األرض السواد والبيضاء خراجا مقدر ًا‪.‬‬
‫ القواعد النورانية ص‪.141 1, 40 ،138 :‬‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‪20‬‬
‫اإلجارة املوصوفة يف الذمة للخدمات غري املعينة‬
‫فه�ذه املخارجة جتري جمرى املؤاج�رة ألن اخلراج أجرة األرض‪ ،‬و هذا هو إجارة األرض‬
‫التي فيها شجر و قد أمجع عليه عمر ريض اهلل عنه واملسلمون يف زمانه و بعده‪.‬‬
‫إن اكرتاء الش�جر لالس�تثامر ال يدخل يف بي�ع الثمر قبل أن خيلق و إنما جيري جمرى اكرتاء‬
‫األرض للإزدراع‪ ،‬واس�تئجار الظئر للرضاع ألن الفوائد التي تس�تحق م�ع بقاء أصوهلا جتري‬
‫جم�رى املنافع و إن كانت أعيانا و ذلك كثمر الش�جر و لبن اآلدمي�ات والبهائم والصوف واملاء‬
‫الع�ذب فإن�ه كلام خلق من هذه يشء فأخذ خلق اهلل بدله مع بقاء األصل كاملنافع س�واء باكرتاء‬
‫الشجر ألن يعمل عليها و يأخذ ثمرها بمنزلة استئجار الظئر ألجل لبنها‪.‬‬
‫و ي�رى اإلم�ام ابن تيميه أن هناك فرقا بين بيع الثمر قبل بدو صالح�ه املنهي عنه‪ ،‬و كراء‬
‫الشجر ألجل الثمر بأنه إذا كان صاحب الشجر هو الذي يسقيها و يتعهد هبا حتى تصلح الثمرة‬
‫فهذا بيع ثمرة حمضة‪.‬‬
‫و أما إذا كان املالك يعطي الشجر ملن حيصل ثمرها بعمله و سقيه فهذا كراء للشجر‪.‬‬
‫وألن احلاج�ة تدع�و إىل هذه املعاملة‪ ،‬و يف منعها رضر ش�ديد و حرج عىل املس�لمني وهو‬
‫منت�ف رشعا فينبغ�ي أن جتوز هذه املعاملة ألجل احلاجة و إن كان فيها غرر يسير‪ ،‬و ذلك ألن‬
‫اكراء األرض وحدها ال يقع يف العادة ثم إن وقع كان بنقص كثري عن قيمته‪ ،‬ثم إن األرض إذا‬
‫أكري�ت وحده�ا‪ ،‬و بقي الش�جر مل يكن املكرتي مأمون ًا عىل الثم�ر‪ ،‬فيفيض إىل اختالف األيدي‬
‫وسوء املشاركة‪.‬‬
‫يق�ول اب�ن تيمية‪ :‬إن املانعني من هذا ه�م بني مرتكب ملا يظن أنه ح�رام‪ ،‬و صابر مترضر‪،‬‬
‫وحمت�ال عىل اجلواز كام فعل الكوفيون ت�ارة بإجارة األرض بجميع األجرة و إباحة الثمر و تارة‬
‫ القواعد النورانية الفقهية ص‪.140 :‬‬
‫ القواعد النورانية الفقهية ص‪.150 -149 :‬‬
‫ القواعد النورانية الفقهية ص‪ .147 :‬و أيض ًا راجع رشح النيل ألطفيش يف ‪.63 -62 /4‬‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‪21‬‬
‫بدر احلسن القامسي‬
‫بأن يكريه األرض بجميع األرض‪ ،‬و يساقيه عىل الشجر باملحاباة‪ ،‬مثل أن يساقيه عىل جزء من‬
‫ألف جزء من الثمرة للاملك‪ ،‬و هذا برهان عىل أن احلاجة ماسة إىل هذه املعاملة‪.‬‬
‫إن اإلجارة ال تصلح أن تكون سببا لتملك األعيان لذا يقول الفقهاء‪« :‬إن كل إجارة يكون‬
‫املعق�ود علي�ه فيها عين�ا ال جتوز» ألهنا خترج حينئذ من اإلجارة إىل البي�ع‪ ،‬و جيب أن تتوافر فيها‬
‫رشوط البيع ولكن هلذه القاعدة اس�تثناءات اتف�ق الفقهاء يف بعضها واختلفوا يف بعضها اآلخر‬
‫يمكن فهمها من خالل املسائل التالية‪:‬‬
‫‪« -1‬إجارة الظئر» فقد ورد نص رصيح يف كتاب اهلل سبحانه‪َ ﴿:‬ف ْ‬
‫إن ْأر َض ْع َن َلك ُْم َفآت ُْو ُه َّن‬
‫ُأ ُج ْو َر ُه َّن﴾ [الطالق‪.]6 :‬‬
‫و قد اسرتضع النبي ﷺ البنه إبراهيم‪.‬‬
‫واملعقود عليه يف إجارة الظئر اللبن عند أكثر العلامء‪ ،‬و لذا قالوا‪ :‬إهنا جازت استحسانا‪،‬‬
‫أو عىل سبيل الرخصة ألهنا تردد عىل استهالك العني‪.‬‬
‫و ق�ال بع�ض العلماء إن املعقود عليه يف إج�ارة الظئر هو خدمة الصب�ي و محله‪ ،‬أما وضع‬
‫الثدي يف فمه فيأيت تبعا‪ ،‬كالصبغ يف إجارة الصباغ‪ ،‬و كامء البئر يف إجارة الدار والغرض من‬
‫ه�ذا التوجي�ه لدى القائلني به هو حماولة اإلثبات أن هذه اإلجارة هي إجارة عىل املنفعة كس�ائر‬
‫اإلج�ارات على العني‪ .‬و ه�ذا يف وصف اإلمام ابن تيمي�ة‪« :‬مكابرة للعقل واحل�س» فإنا نعلم‬
‫باالضطرار أن املقصود بالعقد هو اللبن كام ورد يف اآلية‪َ ﴿ :‬ف ْ‬
‫إن ْأر َض ْع َن َلك ُْم﴾‪.‬‬
‫ املحليّ ‪ ،189/8‬املغني ‪.453/5‬‬
‫ حاشية ابن عابدين ‪.44/5‬‬
‫ املغني ‪ ،454/5‬اخلريش ‪.215/7‬‬
‫ املدخل للفقه اإلسالمي ملدكور‪.‬‬
‫ القواعد النورانية ص‪.150 :‬‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‪22‬‬
‫اإلجارة املوصوفة يف الذمة للخدمات غري املعينة‬
‫‪« -2‬إجارة الش�اة ل ّلبن»‪ :‬يقول الفقهاء إنه ال جيوز إجارة الش�اة ل ّلبن س�واء أجرها لرشب‬
‫لبنها أو ليسرتضعها السخالة ألهنا إجارة عىل إتالف العني كام يقول ابن عابدين‪.‬‬
‫و ألن اإلجارة إنام هي يف املنافع خاصة ألن يف البيع متلك األعيان و هذا متلك ال ّلبن‪ ،‬و هو‬
‫عني قائمة فهو بيع «اإلجارة» و بيع ما مل ير قط وال تعرف صفته باطل كام يقول ابن حزم‪ .‬وألنه‬
‫«بيع معدوم» كام يقول املرتىض‪.‬‬
‫و ينبغ�ي أن يالح�ظ أن اب�ن عابدين يعلل املنع ب�أن يف هذه اإلجارة إتلاف العني؛ و هذا‬
‫تطبي�ق حر للقاعدة‪ ،‬أما ابن ح�زم واملرتىض فيعلالن املنع بأن هذه اإلجارة صارت بيعا‪ ،‬واملبيع‬
‫هنا ال يصلح أن يكون حمال للبيع‪.‬‬
‫علام أن املالكية يرون أنه إذا اكرتى البقرة حترث له و يستقي عليها األشهر‪ ،‬وهي حلوب‪،‬‬
‫و اشرتط حالهبا فقد قال مالك‪ :‬إن كان قد عرف حالهبا فال بأس‪.‬‬
‫و يعلل�ون ذل�ك بأن اإلجارة مل متنع بس�بب الغرر وإنام منع�ت ألن اللبن عني ال يصلح أن‬
‫جوز مالك كراء البقر للحرث واشرتط حالهبا‪ ،‬ألن املقصود من الكراء‬
‫يستوىف باإلجارة‪ ،‬و إنام ّ‬
‫هن�ا املنفعة وهي احلرث‪ ،‬وال ّلبن دخل تبعا فجاز اس�تيفاؤه باإلج�ارة؛ ألنه يغتفر يف التابع ما ال‬
‫يغتفر يف األصل و مع ذلك فقد اشرتط مالك معرفة مقدار ما حتلبه البقرة جتنبا للغرر‪.‬‬
‫‪« -3‬إج�ارة الفح�ل للرضاب»‪ :‬ال جي�وز عند أكثر الفقهاء‪ ،‬إج�ارة الفحل للرضاب عمال‬
‫باألحاديث الواردة يف النهي عن عسب الفحل ألهنا تصدق عىل البيع واإلجارة معا‪.‬‬
‫و علل ابن عابدين املنع بأن هذه إجارة عىل عمل ال يقدر عليه و هو اإلحبال‪.‬‬
‫املدونة ‪.130/10‬‬
‫‬
‫ّ‬
‫ البدائع ‪ ،139/5‬املحيل ‪.8192/8‬‬
‫ ابن عابدين ‪.46/5‬‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‪23‬‬
‫بدر احلسن القامسي‬
‫و ه�ذا التعلي�ل يقتيض أن اإلجارة لو مل تكن عىل اإلحب�ال و إنام كانت النزو فقط فال مانع‬
‫من ذلك‪.‬‬
‫و علل ابن قدامة املنع بأن املقصود املاء الذي خيلق منه الولد‪ ،‬فيكون عقد اإلجارة الستيفاء‬
‫عني جمهولة فلم جيز كإجارة الغنم ألخذ لبنها و يضيف أن ماء الفحل حمرم ال قيمة له فلم جيز‬
‫أخذ العوض عنه كامليتة والدم‪.‬‬
‫و ق�د أجاز املالكية أن يس�تأجر الرج�ل الفحل لينزو عىل ناقته أكوام�ا معلومة عددها يرس‬
‫يمكن أن يتأتى من الفحل يف وقت أو أوقات متقاربة‪ ،‬ألن الفحل معلوم معني‪.‬‬
‫إجارة الشجر للثمر‪ :‬إن مجهور الفقهاء ال جيوزوهنا إذا كان الشجر كثريا‪ ،‬بل بعض العلامء‬
‫حك�ي اإلمج�اع على املنع و عىل هذا فان إجارة الش�جر وح�ده للثمر تكون ممنوع�ة عندهم من‬
‫باب‪ ‬أوىل‪.‬‬
‫لكن اإلمام ابن تيمية يرى أن إجارة الشجر للثمر جائزة ألن الفوائد التي تستحق مع بقاء‬
‫أصوهل�ا جت�ري جمرى املنافع و إن كانت أعيانا عند اإلم�ام ابن تيمية و عىل هذه القاعدة بنى رأيه‬
‫يف جواز استئجار الشجر لالستثامر ألن ما يملك هبذه اإلجارة هو الثمر‪.‬‬
‫***‬
‫ املغني ‪.501/5‬‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‪24‬‬
‫اإلجارة املوصوفة يف الذمة للخدمات غري املعينة‬
‫فاخلالصة‬
‫‪ -‬أن أركان اإلج�ارة ه�ي‪ :‬الصيغ�ة (اإلجي�اب والقب�ول)‪ ،‬واملح�ل (األج�رة واملنفع�ة)‪،‬‬
‫والعاقدان (املؤجر واملستأجر)‪ ،‬و تصح باملعاطاة من غري الصيغة أيض ًا‪.‬‬
‫‪ -‬تصح اإلجارة منجزة من وقت العقد‪ ،‬و مضافة إىل املستقبل و سواء كانت اإلضافة عىل‬
‫عني قائمة أو عىل ما هو ثابت يف الذمة وهي اإلجارة يف الذمة عند القائلني هبا‪.‬‬
‫‪ -‬يشرتط لصحة اإلجارة معلومية كل من املنفعة واألجرة‪ ،‬وتعلم املنفعة يف إجارة األشياء‬
‫ببيان زمن االنتفاع و إذا كانت عىل عمل (إجارة األشخاص) فبتعيني العمل‪.‬‬
‫‪ -‬جيوز أن تقع اإلجارة عىل موصوف يف الذمة وصفا منضبطا حيث يتفق عىل تسليم العني‬
‫املوصوفة يف موعد رسيان العقد‪.‬‬
‫وال يشرتط فيها تعجيل األجرة ما مل تكن بلفظ السلم أو السلف‪ ،‬و إذا سلم املؤجر غري ما‬
‫تم وصفه فللمسـتأجر رفضه و طلب ما تتحقق فيه املواصفات‪.‬‬
‫‪ -‬جيوز للعميل أن يش�ارك املؤسس�ة يف رشاء العني التي يرغب يف اس�تئجارها ثم يستأجر‬
‫حصة املؤسس�ة فتكون األجرة املقررة للمؤسس�ة مقابل حصتها يف ملكية العني رشيطة االلتزام‬
‫بضوابط العقد اخلاصة بالبيع واإلجارة‪.‬‬
‫‪ -‬جي�وز للمس�تأجر ترشي�ك آخرين معه فيام ملكه م�ن منافع بتمليكه�م حصصا فيها قبل‬
‫إجيارها من الباطن‪.‬‬
‫‪ -‬يف اإلج�ارة املوصوف�ة يف الذمة يلت�زم املؤجر بتقديم منفعة يت�م وصفها التام ‪ -‬بصفات‬
‫السلم بحيث ينتفي النزاع بشأهنا ‪ -‬سواء كان حملها منفعة عني كإجيار سيارة موصوفة أو منفعة‬
‫ش�خص كاخلياط�ة والتعليم وليس رشط�ا فيها أن يكون املؤج�ر مالكا للمنفعة عن�د العقد بل‬
‫تضاف للمستقبل ليكون قادر ًا عىل متلكها للتنفيذ علام أن القائلني بمرشوعية اإلجارة املوصوفة‬
‫يف الذمة هم الشافعية واحلنابلة‪.‬‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‪25‬‬
‫بدر احلسن القامسي‬
‫‪ -‬يق�ول املنهاج�ي‪ :‬األصل ع�دم الفرق بني اإلج�ارة املعينة واإلج�ارة املوصوفة يف الذمة‬
‫فلو اس�تأجر ش�خص دابة للركوب إىل موضع وتس� ّلم املركوب و مضت مدة إمكان السري إليه‬
‫استقرت األجرة سواء انتفع هبا أوال‪ ،‬وال فرق بني إجارة العني و بني أن تكون يف الذمة‪.‬‬
‫أما الفارق بني اإلجارة املوصوفة يف الذمة واإلجارة املعينة فهو كاآليت‪:‬‬
‫‪ -‬ال ينفس�خ العق�د يف اإلج�ارة املوصوف�ة بتل�ف العين بخلاف اإلج�ارة املعين�ة فإهن�ا‬
‫تنفس�خ س�واء هلكت العني قب�ل قبضها أو بعده و يل�زم املؤجر بتقديم عني مؤج�رة بديلة عن‬
‫العني‪ ‬اهلالكة‪.‬‬
‫‪ -‬إذا تلف ما كان مرادا محله أو خياطته حيق للمس�تأجر إبداله‪ .‬و هذا يتيح للمؤسس�ة عند‬
‫متوي�ل اخلدم�ات أن تغري من جعلته مس�تفيد ًا يف اتفاقها مع مقدم اخلدم�ة إذا نكل عن رغبته أو‬
‫استغنى عن اخلدمة‪.‬‬
‫ ال يتصور خيار العيب يف اإلجارة املوصوفة يف الذمة‪.‬‬‫‪ -‬تقديم اخلدمات التابعة للمنفعة مثالً‪ :‬االستئجار لنقل الشخص يتبعه اإلعانة يف الركوب‬
‫والنزول أيض ًا‪.‬‬
‫‪ -‬ع�دم احلاج�ة إىل بيان التفاصيل بعد ذكر نوع املنفع�ة إذا كانت غري مؤثرة يف املنفعة التي‬
‫س�تكون حمال للعقد مثل القامش يف االس�تئجار على اخلياطة أو العمارة املطلوب إصالحها بل‬
‫يكفي حتديد نوع اإلصالح واخلياطة‪.‬‬
‫‪ -‬ع�دم ب�دء االنتفاع م�ن العقد بل هي مضاف�ة غالب ًا للمس�تقبل بخالف اإلج�ارة املعينة‬
‫فه�ي ق�د تقع منجزة و قد تقع مضافة للمس�تقبل‪ ،‬و هذا عند الش�افعية الذين يمنعون اإلضافة‬
‫إىل‪ ‬املستقبل‪.‬‬
‫ جواهر العقود للمنهاجي ‪.266‬‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‪26‬‬
‫اإلجارة املوصوفة يف الذمة للخدمات غري املعينة‬
‫جاء يف كتاب عقود اجلواهر للمنهاجي‪:‬‬
‫«جي�وز تأجي�ل املنفع�ة يف اإلجارة يف الذمة‪ ،‬كما إذا ألزم ذمته احلم�ل إىل موضع كذا أو إىل‬
‫شهر كذا»‪.‬‬
‫«الب�د م�ن ذكر اجلنس والنوع‪ ...‬و تبيني قدر السير يف كل يوم‪ ،‬فإن كان يف الطريق منازل‬
‫مضبوطة جاز إمهال قدر السري و ينزل العقد عليها وال يشرتط معرفة جنس الدابة و صفتها إن‬
‫كانت اإلجارة يف الذمة إال إذا كان املحمول زجاجا و نحوه»‪.‬‬
‫تطبيقات للنتائج‪:‬‬
‫و يف ض�وء م�ا س�بق فإن اإلج�ارة لتمويل اخلدم�ات يف جم�ال التعليم والتطبي�ب و تنظيم‬
‫االحتفاالت و ترتيب رحالت أداء املناس�ك أو السياحة تكون جائزة رشعا ألنه يمكن ضبطها‬
‫بالصفات و بيان معلوميتها علام يمنع التنازع بني املتعاقدين ألن هذه اخلدمات هي منافع مباحة‬
‫و مقصودة يف نطر الشارع‪.‬‬
‫كما جيوز إضافة العقد للمس�تقبل يف إج�ارة الذمة مما يمكن جلهات التمويل واملؤسس�ات‬
‫املالي�ة م�ن رشاء خدمات يف جم�ال التعليم والتطبيب والس�ياحة بعقود مضافة إىل املس�تقبل كام‬
‫أن ه�ذه اخلدمات مقدور عىل تس�ليمها و يدخ�ل يف إجارة هذه اخلدمات م�ا يلحق هبا تبع ًا من‬
‫األعي�ان الت�ي يتم اس�تهالكها كال�دواء واملواد املس�تعملة يف املختبرات العلمي�ة يف اجلامعات‬
‫والطعام الذي يقدم يف الفنادق عند تأجريها ألداء املناس�ك أو السياحة ألهنا غري مقصود أصال‬
‫و إن تضمنها‪ ‬العقد‪.‬‬
‫إن معظ�م اخلدم�ات يف ه�ذا العرص يت�م تقديمها من خلال الرشكات واجله�ات املالكة‬
‫للمنافع و أحيانا تكون املؤسس�ات املالية هي الوس�يطة يف احلصول عىل تلك اخلدمات فيكون‬
‫هناك تأجري بالباطن فمثال تس�تأجر املؤسس�ة املالية أو البنك اخلدم�ات املعينة ثم تعيد تأجريها‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‪27‬‬
‫بدر احلسن القامسي‬
‫فاملؤسسة املالية هي التي متلك تلك املنافع أو اخلدمات املطلوبة إىل املستخدمني احلقيقيني هلا‪ .‬و‬
‫ذلك بعد االشرتاط عىل املؤجر (الشخص أو الرشكة) بأن التعاقد معها خيول املؤسسة باإلضافة‬
‫إىل حقه�ا يف االنتف�اع املبارش ألن يقوم بتقديم تلك املنفعة للغري ه�ذا يف اإلجارة املعينة‪ ،‬كذلك‬
‫يمك�ن أن تك�ون اإلجارة التي حملها تقديم اخلدمات من املؤسس�ات املالي�ة إىل املتعاملني معها‬
‫يف اإلج�ارة املوصوف�ة يف الذمة ففي جم�ال خدمات العالج والتطبيب ال يذك�ر الطبيب مثال بل‬
‫يوص�ف ما ه�و املطلوب من اإلج�راءات واألعامل من تش�خيص األم�راض و وصف الدواء‬
‫والعالج وصف ًا دقيق ًا يمنع حدوث التنازع‪.‬‬
‫ثم إذا كانت اإلجارة املوصوفة يف الذمة فيمكن للمؤجر (املؤسس�ات) إبرام عقد اإلجارة‬
‫قب�ل متل�ك منفع�ة العني التي يري�د أن يؤجرها فتقوم املؤسس�ة بإبرام العقد مع األش�خاص أو‬
‫اجلهات العمالء ثم تتعاقد مع األطباء أو اجلهات الصحية مثال وفق االحتياج والطلب‪.‬‬
‫ف�إذا كانت اإلجارة املوصوف�ة يف الذمة للخدمات غري املعينة فالب�د تكيفها ضمن الصور‬
‫املذكورة لتحديد املنافع أو اخلدمات بشكل أو آخر‪ ،‬أما إطالق القول فال يصح خترجيها فقهي ًا‪.‬‬
‫يقول املنهاجي‪ :‬قولنا «معلومة» احرتازا عن املنفعة املجهولة فإهنا ال تصح للغرر والبد من‬
‫العلم باملنفعة قدر ًا و وصف ًا بحيث تكون قابلة للبذل واإلباحة‪.‬‬
‫و قد جاء يف املادة ‪ 451‬من جملة األحكام العدلية‪:‬‬
‫«يشترط يف اإلج�ارة أن تك�ون املنفعة معلومة بوج�ه يكون مانع ًا للمنازع�ة» ويف الرشح‪:‬‬
‫فعلي�ه إذا كان�ت املنفعة جمهولة بحيث تؤدي إىل املنازعة تكون فاس�دة (اهلندية) و خيتلف العلم‬
‫باختالف أنواع اإلجارة‪.‬‬
‫ جواهر العقود ‪.261/1‬‬
‫ درر احلكام ص‪.504 :‬‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‪28‬‬
‫اإلجارة املوصوفة يف الذمة للخدمات غري املعينة‬
‫لقد اعتاد الفقهاء األقدمون أن يذكروا يف األمثلة مس�ألة اس�تئجار الدواب واألش�خاص‬
‫السفن الصغرية‪.‬‬
‫أما وس�ائل النقل احلديثة من الس�يارات والطائرات والبواخر والسفن العمالقة فلم تكن‬
‫معهودة يف عصورهم ولكن ذكر اإلجارة املشرتكة واإلجارة اخلاصة‪.‬‬
‫و كذل�ك إج�ارة األعي�ان املعينة و أخرى موصوف�ة يف الذمة واإلجارة عىل العمل يس�هل‬
‫استخراج أحكامها و تطبيقها عىل الوسائل احلديثة‪.‬‬
‫كما أن هن�اك عمليات متويل رشاء ثم إجيار وس�ائط النقل مثل ناقلات البرتول والبواخر‬
‫كذل�ك عمليات متويل رشاء و إجيار معدات و أجه�زة للمرشوعات الصناعية وغريها يقوم هبا‬
‫بعض البنوك اإلسالمية وغريها من صور التأجري و أشكال التعامل‪.‬‬
‫جيب التدقيق يف كل نوع منها يف ضوء النصوص وما ذكره الفقهاء من صور اجلواز واحلرمة‬
‫والتقيد فيها بضوابط العقود الرشعية‪ .‬واهلل ويل التوفيق‪،،،‬‬
‫***‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‪29‬‬
‫بدر احلسن القامسي‬
‫املراجع املعتمدة يف إعداد البحث‬
‫‪ -1‬بدائع الصنائع يف ترتيب الرشائع ‪ ،‬عالء الدين الكاساين‪.‬‬
‫‪ -2‬اهلداية رشح بداية املبتدي ‪ ،‬أبو احلسن عيل املرغيناين‪.‬‬
‫‪ -3‬املغني ‪ ،‬موفق الدين ابن قدامة‪.‬‬
‫‪ -4‬نتائج األفكار يف كشف الرموز واألرسارشمس الدين أمحد قايض زاده‪.‬‬
‫‪ -5‬حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري ‪ ،‬حممد عرفه‪.‬‬
‫‪ -6‬بداية املجتهد وهناية املقتصد ‪،‬البن رشد حممد بن أمحد بن حممد‪.‬‬
‫‪ -7‬املقدمات املمهدات‪ ،‬البن رشد أليب الوليد حممد بن أمحد‪.‬‬
‫‪ -8‬األشباه والنظائر ‪،‬للسيوطي جالل الدين‪.‬‬
‫‪ -9‬أحكام القرآن ‪،‬البن العريب املالكي‪.‬‬
‫‪ -10‬البناية يف رشح اهلداية ‪،‬أليب حممد حممود‪.‬‬
‫‪ -11‬تبيني احلقائق رشح كنز الدقائق‪،‬فخر الدين عثامن الزيلعي‪.‬‬
‫‪ -12‬فتح الباري ‪،‬البن حجر العسقالين‪.‬‬
‫‪ -13‬رشح العناية عىل اهلداية‪،‬للبابريت‪.‬‬
‫‪ -14‬كشاف القناع عن متن االقناع ‪،‬للبهويت‪.‬‬
‫‪ -15‬القوانني الفقهية ‪،‬البن جزي‪.‬‬
‫‪ -16‬أحكام القرآن ‪ ،‬للشيخ التهانوي‪.‬‬
‫‪ -17‬كتاب األم ‪،‬لإلمام الشافعي‪.‬‬
‫‪ -18‬امللكية و نظرية العقد‪.‬‬
‫‪ -19‬الدردير عىل الرشح الكبري‪.‬‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
‫‪30‬‬
‫اإلجارة املوصوفة يف الذمة للخدمات غري املعينة‬
‫‪ -20‬اجلمع ألحكام القرآن ‪ ،‬للقرطبي‪.‬‬
‫‪ -21‬األشباه والنظائر‪ ،‬البن نجيم‪.‬‬
‫‪ -22‬فتح القدير ‪ ،‬لإلمام ابن اهلامم‪.‬‬
‫‬
‫‪ -23‬جملة األحكام العدلية ‪.‬‬
‫‪ -24‬رشح الزرقاين عىل خمترص سيدي خليل ‪ ،‬لعبد الباقي الزرقاين‪.‬‬
‫‪ -25‬االختيار يف رشح املختار ‪ ،‬للموصيل‪.‬‬
‫‪ -26‬درر احلكام رشح جملة األحكام ‪ ،‬حليدر عيل‪.‬‬
‫‪ -27‬رد املحتار عىل الدر املختار ‪ ،‬البن عابدين‪.‬‬
‫‪ -28‬جمموع الفتاوى ‪ ،‬البن تيمية‪.‬‬
‫‪ -29‬املهذب ‪ ،‬للشريازي‪.‬‬
‫‪ -30‬جواهر العقود والرشوط‪ ،‬للمنهاجي‪.‬‬
‫***‬
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع ‬
‫واملمول ‬
31
‫بدر احلسن القامسي‬
At the end: It is necessary that the profit is declared whether the lease in
the area of ordinary services or in the area of oil tankers and the ships and
large aircraft, equipments and devices for industrial projects.
According to the provisions of the judicial Code: «It is required in lease
that the profit is known in a way that may not lead to dispute.»
While Al-Minhaji Al-Shafei says: «by ‘known’ we want to avoid the
‘unknown’ profit; it is not lawful; since it involves deception. The profit
should be known in quantity and description in a way that it can be spent
and authorized.”
And Allah knows best
Badr Al-Hasan Al Qasmi
Vice President
Islamic Fiqh Academy (India)
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع‬
‫واملمول‬
32
‫اإلجارة املوصوفة يف الذمة للخدمات غري املعينة‬
The lease (ijara) is in effect from the time of the contract, as it may also be
attributed to the future if it made on main item.
However, the fair wage is always attributed to the future. It is also lawful
that ijarah is made on thing described in one’s guarantee in clear terms in
accordance with the delivery of the main item in the date of the contract.
If the lesser delivers what has been described, then the lessee may reject it
and ask him to meet the agreed upon specifications.
It is lawful for the lessee to involve others in his facilities of the lease
prescribed in guarantee.
As it is lawful to involve the agent with the Foundation for the purchase
of the items that wants to hire them.
It is not required that the lessor is the owner of the profit at the time of the
contract if he is able to own it for delivery at the due time of the contract;
because the contract is attributed to the future. This is according to those
who allow lease prescribed in one’s guarantee.
When the due time of the contract is arrived and the delivery of benefits
from the lessor is done, then the rent will be established, whether the lessee
gains benefit or not.
As per the Shariah, it is permissible for banks or financial Islamic institutions
to finance and lease services in the area of education, telemedicine, or the
organization of conferences and arranging travels for the performance of
Hajj and so on. And in some of the contracts where medicine, food and tools
are consumed and whish are insignificant, it does not affect the validity of
the basis contract.
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع‬
‫واملمول‬
33
‫بدر احلسن القامسي‬
The Shafei and Hanbali schools say that the lease takes place when the
prescription takes place, while as per the view of the Hanafis and Malkis,
the benefits occur gradually, so the provision of lease also will occur with
the gradual occurrence of business items.
Imam Al-Qurafi mentioned these conditions for validity of lease:
1 – The profit is lawful. 2 – To be compensable. 3 - to be valuable. 4 - and to
be owned.
5 - and does not include taking the main item. 6 - and it is not pure worship
or forbidden sin. 7 - and the benefit is known, not undeclared.
In light of these conditions, the Islamic scholars have prohibited the
lease in which the main item is consumed, like lease of food for eating and
leasing of candles for lighting.
The Islamic scholars have different views and different reasoning in cases
like leasing goat for milk, leasing male animal for copulating and leasing
tree for fruits.
There are some cases of lease (ijarah) permitted by the Shariah, although
the main item is consumed such as leasing of wet nurse or suckling woman,
as the Holy Quran allowed it.
So, the majority of Islamic scholars believe that these are exceptions to the
general rule «that a lease in which the main business item is consumed is
unlawful». But Imam Ibn Taymiyah has another point of view, which is that
as the lease is made on benefits, it is also made on main items which are
consumed and then renewed as Allah creates its alternative continuously,
like the milk of wet nurse, animal wool and water of well.
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع‬
‫واملمول‬
34
‫اإلجارة املوصوفة يف الذمة للخدمات غري املعينة‬
Criterion of Non – designated services Fair wage (Lease)
Research Summary
Fair wage, (lease) is one of the important contracts. It is a compensational
contract to own a benefit in return for substitute. It is a contract for a paidfor benefit. Its legitimacy is proved by the Quran, Hadith and transactions
of Muslims all over centuries. The wisdom in its validity and legitimacy
is to meet the needs of the people, as the people>s interests are associated
with ownership of things by sale and purchase sometimes, and by owning
the benefits through leasing contracts other times. The lesser benefits from
its rent and retains its ownership. The poor needs money and the rich needs
profits and work.
The lease contracts are considered a principal part of the economic and
social activities in this age, and the banks and financial institutions deal
with them on a large scale.
The lease is based on the benefit from a specific property as it is based on
benefit prescribed in a fair wage.
The some lease benefits the people through a contract for some work of a
particular person where he introduces himself to the lessee and he is called
«private employee». This is done for a specific work without introducing
the employee. In this case, the contract is designed for delivering work
where it is called «common employee».
The Muslim scholars have laid down conditions for the validity of
lease contract, either related to the two parties (lesser and lessee) or to the
business.
‫مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع‬
‫واملمول‬