بسم هللا الرحمن الرحيم - - .1 .2 .3 - - تغير سعر السوق في التمويل طويل الأجل مقترحات وحلول نشأة الفكرة وأهميتها وأهدافها: يقصد بالتمويل طويل الأجل في تطبيقات المصارف الإسلامية بيع سلعة أو خدمة على أساس تسلم ثمنها بعد فترة تزيد على السنتين ،ويمتد في بعض التطبيقات إلى 30سنة .ويكون دفع الثمن من المتمول للممول بصفة شهرية أو ربع سنوية أو نصف سنوية أو سنوية حسب نوع المتمول؛ كان فرداً أم شركة؟ وقد صاحب تطبيق صيغ التمويل طو يل الأجل في المؤسسات المالية الإسلامية إشكالات فقهية ُع َّدت من أبرز الصعوبات التي واجهت تطور الصناعة المالية الإسلامية وانتشارها مقارنة بالصناعة المالية التقليدية. وتتمثل أبرز هذه الصعوبات في ثبات العائد الإسلامي على صيغ التمويل في بيوع المرابحة والمساومة والسلم والاستصناع والإجارة التمويلية طوال أجل التمويل .بصرف النظر عن سعر السوق ،فعندما يتحدد الأجر في الإجارة أو الثمن في البيع؛ فغالباً ما يقال :لا يمكن تغييرهما شرعاً مع تغيّر مستوى الأجر أو الثمن في السوق طوال أجل التمويل؛ ما يؤدي إلى شعور الممول بالغبن ،في حال ارتفاع سعر السوق (الأجر والثمن) على أساس أنه لو أتيح له التمويل في الآن؛ سيحقق عائداً أعلى .كما يؤدي إلى شعور المتمول بالغبن في حال انخفاض سعر السوق على أساس أنه لو أتيح له التمول في الآن؛ فإنه سيتمول بتكلفة أقل. وقد أدى الدعم الفقهي على مستوى اله يئات الشرعية والمجامع الفقهية والمجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية إلى تذليل جانب مهم من الصعوبات عن طريق الآتي: الإجارة بأجرة متغيرة :أصبح متاحاً البدء بأجرة معلومة للفترة الأولى من العقد وربط تغيُّر الأجرة بتغيُّر أجرة المثل في السوق طوال أجل التمويل مع مراعاة سقف أعلى وأدنى للتغير. المقاولة بصيغة التكلفة مضافاً إليها ربح معلوم ( :) cost plusأصبح الخروج من سلبية ثبات العائد في الاستصناع ممكناً باللجوء إلى هذه الصيغة؛ وهي الأكثر تطبيقاً في المشروعات الكبيرة. المشاركة المتناقصة :على الرغم مما فيها من مخاطر السعر؛ إلا أنها تتيح للطرفين الاتفاق على تصفية المشاركة تدريجياً لصالح المتمول بسعر السوق عند كل مرحلة من مراحل التصفية. ومع ذلك بقيت جوانب أخرى تمثل صعوبات بارزة على صعيد التمويل منها :ثبات عائد التمويل في الاستصناع، والمقاولة بطريق الاستصناع ،والمرابحة في تمويل الأصول الاستهلاكية. المتمولة؛ كالشركات الكبرى في ولما كانت هذه المشكلة محل اهتمام المؤسسات المالية الإسلامية والجهات ّ مجال الصناعة والاتصالات ونحوها .قدم المهتمون حلولا لمعالجتها ،وأقرت هذه الحلول في بعض الهيئات الشرعية؛ غير أن كثيراً من تلك الحلول لم يسلم من النقد والمراجعة. ومن ضمن الحلول المقترحة :ربط الربح في التمويل بالبيع بالمرابحة بمؤشر هامش المرابحات الإسلامية أو معدل سعر فائدة القرض ،وذلك طوال فترة التمويل .وكان هذا الحل الأخير محل المدارسة والمناقشة ،في الملتقى الماضي "الملتقى الثاني للهيئات الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية في المملكة العربية السعودية" وقد تم الاتفاق على أن يتناول الملتقى القادم مقترحات أخرى لمعالجة تغير سعر السوق في التمويل طويل الأجل. ومن أبرز المقترحات التي تم اقت راحها لمعالجة هذه المشكلة ما يأتي: ابتداء للفترة أولا :المرابحة بربح متغير ،وهي إبرام عقد يكون رأس المال فيه محدداً عند العقد؛ أما الربح فلا يحدد ً كاملة؛ وإنما يربط بمؤشر منضبط لكل فترة. ثانيا :التورق المتجدد قصير الأجل ،وفي هذه الطريقة يتفق طرفا المعاملة على إبرام تورق بهامش الربح السائد عند إجراء العملية للدين كاملاً؛ شاملاً رأس المال وربحه؛ على أن يكون سداد الدين كاملا ً في نهاية فترة متفق عليها ،فإذا حل الأجل سدد العميل جزءاً من الدين متفقاً عليه مسبقاً مع ربحه الذي يعادل تلك الفترة فقط ،أما باقي الدين فيتم سداده بإجراء عملية تورق أخرى بهامش ربح جديد هو هامش الربح في بداية تلك الفترة ،فيكون العميل قد سدد باقي الدين الأول واستقر في ذمته دين جديد أعلى منه. ثالثا :المرابحة مع حافز الحسم ،وفي هذه الطريقة يتفق المصرف مع العميل على هامش ربح أعلى مما في السو ق ،يراعى فيه الاحتياط لمصلحة المصرف ،ويلتزم المصرف بأن يحسم من قيمة الدين ما زاد عن معدل الربح في السوق في تاريخ سداده. .1 .2 .3 .4 رابعا :تغيير مقدار القسط في التمويل طويل الأجل -زيادة ونقصا -بحسب التغير في المؤشر مع بقاء أصل الدين ،فإذا ارتفع المؤشر يتم زيادة مقد ار القسط مقابل تخفيض مدة السداد ،وإذا انخفض المؤشر ينخفض مقدار القسط مقابل الزيادة في مدة السداد. خامسا :التحوط بالجمع بين البيع الآجل والمشاركة ،وفي هذه الطريقة يبيع المصرف للعميل جزءاً من أصول وجزءا متغيراً يمثل نسبة من أرباح العميل وما محددة بثمن آجل يكون ديناً مضموناً في ذمة العميل ( %90مثلاً) ً تبقى من الأصول ( %10مثلاً) يشارك بها العميل مقابل حصوله على ( )%10من أرباح المشروع ،وبهذا يحصل المصرف على عائد مرتبط بأداء الشركة. وقد يربط الاستحقاق بنشاط الشركة في المشروع مع مراعاة المؤشر ،فتعدل نسب توزيع الربح فترة بحسب التغير في المؤشر. وهناك مقترحات أخرى لمعالجة هذه المشكلة. وعلى هذا فيقترح أن تكون المناقشة مستوفية الجوانب الآتية: الدراسة الفقهية للحلول المقترحة. تقديم مقترحات أخرى جديدة –إن أمكن -ومناقشتها وتأصيلها فقهاً. تقويم المقترحات المقدمة من حيث إمكانية تطبيقها في المصارف الإسلامية. تقديم مشروع توصية أو قرار يمكن أن يخرج به الملتقى. نسأل هللا للجميع التوفيق والإعانة. وصلى هللا وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الأمانة العامة للهيئة الشرعية مصرف الإنماء ورقة مساندة حول أهم الحلول للعائد المتغير الدكتور /العياشي فداد خبير في المصرفية الإسلامية المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب البنك الإسلامي للتنمية (جدة) بسم هللا الرحمن الرحيم الحمد هلل حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده وصلى اللهم وبارك على عبدك ورسولك محمد بن عبد هللا وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد. الموضوع المعروض للمناقشة في هذا الملتقى المبارك ليس بالجديد في جوهره عن الصناعة المالية التقليدية ، وإنما الجديد فيما يط رحه من إشكالات وآثار وبخاصة على الصناعة المالية الإسلامية. لذلك يحسن بنا قبل استعراض الحلول ومناقشتها أن نعرض للب المشكلة كما هي في الصناعة المالية التقليدية. إشكالية الموضوع (البحث): .1 .2 .3 .4 .5 .6 .7 .8 إن جوهر فكرة إدارة المخاطر في المصارف تكمن في المواءمة بين مصادر أموال البنك (= الودائع الاستثمارية) واستخدامات تلك الأموال .فمصادر الأموال التي تحصل على عائد تعد استثمارات قصيرة الأجل (تتراوح بين السيولة التامة وبين سنة) .أما استخدامات تلك الأموال من قبل البنك بعقود مع المستثمرين تكون متوسطة وطويلة الأجل فعلى المصرف أن يحقق ع وائد مجزية تغطي مصاريفه مع ربح لأصحاب المال وتحقيق فائض للمساهمين .ولا يحقق ذلك إلا من خلال إدارة كفأة توائم بين مصادر الأموال واستخداماتها من حيث الزمن (=آجال مصادر المال واستخدامه) والعائد (ثابت أو قابل للتغير). إن من أهم المخاطر التي تواجهها البنوك التق ليدية ما يعرف بمخاطر سعر الفائدة ؛ وذلك لاحتمال تغيره في السوق .ومن الصعوبة تحقيق المواءمة بين مصادر الأموال واستعمالاتها في الأجل الطويل؛ ونظرا لكون العائد ثابت في الجل القصير فإنه حين ارتفاع سعر الفائدة يكون على البنك رفع العائد للحفاظ على الأموال ولا يمكن ذلك إلا بزيادة عوائد التمويل أما إذا ظلت ثابتة فإنه سيعجز عن دفع عوائد منافسة للمودعين ،مما يضطره لمواجهة زيادة سحب الأموال وهو ما ينذر بانهيار البنك بسب نظام الاحتياطي الجزئي الذي لا يلبي كافة طلبات السحب. الحل الذي تلجأ إليه البنوك التقليدية في مثل هذه الأحوال هو إدخال شروط في العقد تعالج موضوع ثبات العائد من خلال اشتراط أن يكون العائد متغيرا ،وبيع الأصول ذات العائد الثابت حتى لو كانت ديونا. لعل من الآثار المتوقعة للوصفات العلاجية للأزمة المالية هو حدوث سيولة فائضة في السوق بسبب التعافي التدريجي للأزمة مع بدايات عام 2011وبدء عجلة الاقتصاد في الدوران المطلوب وسرعة دوران النقود التي تعوض الحاجة إلى السيولة حيث يؤدي زيادتها إلى حدوث موجات تضخمية يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة . هذا الوضع بالنسبة للبنوك التقليدية يعالج -كما أسلفنا -من خلال اشتراط كون العائد متغيرا .أما البنوك الإسلامية التي تكون عوائد استثماراتها ثابتة في الأجل فإنها لا تستطيع –من أجل ذلك -أن تزيد من أرباح ودائعها الاستثمارية والمحافظة على عملائها واستقرارها. إن نظام الفائدة المتغيرة VARIABLE RATESيتم من خلال دفع الفائدة دوريا ويتغير سعر الفائدة بتغير معدل الفائدة العام .والتمويل بالفائدة المتغيرة لم تكن صيغة معروفة في أساليب التمويل قبل سبعينيات القرن الماضي وإنما أضحت صيغة معروفة في الصناعة المالية التقليدية بعد موجات التضخم وارتفاع أسعار الفائدة 1 التي تجاوزت الخانات المزدوجة أي أنها تزيد % 10 وقد تعرضت البنوك بسبب ذلك لكثير من الصعوبات وخاصة بنوك الادخار التي اختصت في تقديم التمويل طويل الأجل غالبا .فهذا الارتفاع أدى إلى ارتفاع أسعار الفوائد على الودائع لأنها قصيرة الأجل مع ثبات الفائدة على القروض طويلة الأجل وهو ما أحدث اختلافا بينا بين الفائدة المدينة والدائنة. ولئن كان نظام الفائدة المتغيرة يستجيب لحاجة المؤسسات ويعطي مرونة في إدارة مخاطر استثماراتها على المستوى الجزئي إلا أن تلك الحلول ذات أثر اقتصادي سلبي على المستوى الكلي ؛ لأن تغير سعر الفائدة بالارتفاع سيؤدي في ارتفاع مقد ار الفائدة في القروض طويلة الأجل وهو ما ينعكس على مقدار القسط واجب السداد ،وارتفاع مقادير الأقساط إلى أضعاف مضاعفة هو ما ينذر بالعجز التام عن السداد ووضع المؤسسات 1 السويلم ،سامي ،المرابحة بربح متغير ،ورقة مقدمة للملتقى الثاني للهيئات الشرعية ،الرياض1430 :ـ ،2009ص. 3 المالية في موضع صعب جدا ينذر بإفلاسها ويتأثر بذلك الجهاز المصرفي ككل كما حدث في الأزمة المالية الأخيرة في أمريكا وغيرها من الدول الأخرى.1 والأثر الاقتصادي السلبي الذي يصاحب نظام الفائدة المتغيرة لا يوجد موانع لأن يحدث في البنوك الإسلامية إذا ما اتبعت أسلوب تعديل عوائد عقود تمويلها طويلة الأجل ؛ لأن زيادة هامش الربح في عقود المرابحة مثلا لارتفاع أس عار الفائدة سيؤدي إلى ارتفاع مقدار أقساط السداد وهو ما سيؤدي مع الارتفاعات المتوالية إلى العجز عن السداد ودخول المصارف دائرة الحرج المالي. إن تعديل عوائد استثمارات المصارف الإسلامية التي التزمت بها في عقودها التمويلية مع المستثمرين بالزيادة لكي تتمكن من رفع نسب ربح ودائعها الاستثمارية موضوع يتضمن إشكالات شرعية ينبغي التصدي للها بالبحث والمناقشة ،حتى ولو تعلق الأمر بمجال منافسة البنوك التقليدية إذا ما لجأت إلى زيادة نسب فوائد ودائعها وفقا للزيادة في معدلات أسعار الفائدة في السوق. الحلول المقترحة لتعديل عوائد التمويلات في المصارف الإسلامية عرض هذا الموضوع في مناسبات عدة في الآونة الخيرة ولعل من تلك المناسبات المهمة الندوة الفقهية الثانية لمصرف أبوظبي التي عقدت في شهر ربيع الثاني من هذا العام وقد تناولت ورقات البحث جملة من المقترحات ومن المناسب استعراضها وم ناقشتها .إذ منها في تقديري ما هو مقبول ومنها ما هو محتاج لمزيد من البحث والدراسة ومنها ما هو غير مقبول. وصف عام لتطبيق العقود في المصارف الإسلامية: لا يخلو أمر العقود في المصارف الإسلامية من عقود قائمة وباتة تم إمضاؤها والاتفاق على جميع شروطها بين المصرف وعملائه المستثمرين ،وعقود أخرى هي قيد الدراسة والموافقة عليها. الحلول المقترحة لتعديل عوائد العقود القائمة: أولا :الاتفاق بين المتعاقدين على التعديل في الثمن والمثمن تناول الفقهاء الموضوع واتجهت بعض المذاهب إلى جواز ذلك باعتبار أن التعديل تصحيح للعقد الأصلي .ومما نجده من الأقوال في ذلك ما لخصته الموسوعة الفقهية 2حيث أشارت إلى أن: مذهب الحنفية :هو جواز أن يزيد المشتري في الثّمن بعد العقد ،كما أنه يجوز للبائع أن يزيد في المبيع على أن الز يادة أ ّنها يكون قبول ّ الز يادة في الثّمن .وحكم ّ الز يادة ،ويكون المبيع قائماً ،إذا كانت ّ الطرف الآخر في مجلس ّ هبة ،ولذا لا تحتاج إلى القبض المشروط لتمام الهبة ،وهذا في الجملة .هذا السابق وليست تعديل للعقد ً ّ الحنفية .3 مذهب ّ حصة للز يادة في المبيع والحط يلتحقان بأصل العقد الز يادة وقد أكد فقهاء ّ السابق أي أنه تثبت ّ أن ّ ّ الحنفية على ّ ّ ّ الز يادة في الثّمن . كانت إذا عكسه وكذلك من الثّمن ، ّ وقد استدل الحنفية على ذلك بما يلي:4 .1 أن تعديل العقد بالتراضي هو تعديل من وصف مشروع إلى وصف مشروع. 1المرجع السابق ،ص. 5 2انظر :وزارة الأوقاف الكويتية ،الموسوعة الفقهية ،ج ،15ص .41 3الزيلعي ،عثمان بن علي ،تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ،ط ،2ج ،4ص . 83ابن نجيم ،البحر الرائق( ،دار المعرفة) ،ج ،6ص. 129 4الموسوعة الفقهية ،ج ،15ص .41-42 .2 .3 للمتعاقدين ولاية التصرف برفع أصل العقد بالإقالة ،فأولى أن يكون لهما ولاية التغيير من وصف إلى وصف لأن التصرف في صفة الشيء أهون من التصرف في أصله وصار كما إذا كان لأحد العاقدين أو لهما خيار الشرط فأسقطاه أو شرطاه بعد العقد فصح إلحاق الزيادة بعد تمام العقد. ثبتت صحة الزيادة والحط شرعا في المهر بقوله تعالى( :ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة) النساء . 24-ووجه الدلالة أن الزيادة عن المهر المقدر أو الحط منه أمر مشروع ولا جناح على المتعاقدين في ذلك ،وعقد البيع نظير عقد النكاح. الشرط) وهي في بالز يادة بعد لزوم البيع (انتهاء مدة خيار المجلس وخيار افعية والحنابلة :لا يقران الش مذهب ّ ّ ّ ّ حكم الهبة . المثمن ،إن كانت بعد لزوم العقد بانقضاء الخيار فلا الحط في الثّمن أو الز يادة أو أما ّ ّ إن ّ الشافعيّة فقد قالوا ّ : ّ ّ 1 تبر ع لا يقابله عوض ،ولا تلحق بالعقد . ذلك بعد الحط أو يادة والز ، ل الأو ّمن ث بال استقر البيع لأن ، به تلحق ّ ّ ّ ّ ّ ّ الشرط ) يلحق بالعقد ،ولا مثمن زمن الخيارين ( خيار المجلس وخيار كالشافعيّة قالوا ما يزاد في ثمن أو والحنابلة ّ ّ ّ حط بعد لزومه .جاء في الكشاف :وإن عقداه سرا بثمن كعشرة وعقداه علانية بثمن آخر يلحق بالعقد ما زيد أو ّ أكثر منه كاثني عشر أخذ المشتري بالثمن الأول دون الزائد .ثم ذكر أن في التنقيح الأظهر أن الثمن هو الثاني إن كان في مدة الخيار وإلا فالأول وقال في المنتهى إنه الأصح واستدل له في شرحه بأن الزيادة في مدة الخيارين في الثمن أو المثمن ملحقة بالعقد .2 وقد ورد في المعايير الشرعية ما يؤكد كلام الفقهاء السابق في أكثر من معيار .ففي معيار المرابحة للآمر نصت على أنه يجوز للمؤسسة والعميل الآمر بالشراء بعد الوعد وقبل إبرام المرابحة الاتفاق على تعديل بنود الوعد عما كانت عليه سابقا؛ وعلل ذلك بأن الوعد ليس ببيع.3 أما في عقد الاستصناع فقد أكدت المعايير على انه يجوز اتفاق الصانع والمستصنع بعد عقد الاستصناع على تعديل المواصفات المشروطة في المصنوع ،أو الزيادة فيه ،مع تحديد ما يترتب على ذلك بالنسبة للثمن وإعطاء مهلة في مدة تنفيذه ،ويجوز النص في العقد على أن مقابل التعديلات أو الزيادات هو بنسبتها إلى الثمن حسبما تقتضيه الخبرة أو العرف ،أو أي مؤشر معروف تنتفي به الجهالة المفضية إلى النـزاع .وعللت ذلك بأنه وقع باتفاق الطرفين وبرضاهما ولا ينافي مقتضي عقد الاسستصناع.4 وقد وردت بذلك فتوى الهيئة الشرعية لبيت التمويل الكويتي حيث أشارت إلى جواز تعديل بعض الشروط أو إضافة بعض الالتزامات بين بيت التمويل والمالك في عقد الاستصناع ولا أثر لذلك بين بيت التمويل والمقاول إلا إذا اتفق على ذلك بعدئذ بين البيت والمقاول.5 وفي معيار المضاربة تم التأكيد على أنه يجوز الاتفاق على بين طرفي العقد على تغيير نسبة توزيع الربح في أي وقت مع بيان الفترة التي يسري عليها هذا الاتفاق؛ وذلك لأن الربح حق للمتعاقدين لا يعدوهما ،ولأنه لا يؤدي إلى قطع الشركة ،ولا إلى محظور شرعي.6 تقويم آلية الاتفاق على التعديل في الثمن والمثمن .1 رغم النصوص الفقهية السابقة تعتبر مستندا للآلية السابقة وصلاحية تطبيقها عمليا .1فإن القراءة السليمة لها تدل تعالج قضية المرابحة حينما يشعر أحد الطرفين بأنه قد غبن فيلجأ إلى معالجة الأمر بالزيادة أو الحط من الثمن باتفاق الطرفين. 1الشيرازي ،المهذب (دار الفكر) ج ،1ص. 289 2البهوتي ،كشاف القناع( ،مكتبة النصر الحديثة) ،ج. . 174-173 ،3 3المعايير الشرعية( ،المعيار الشرعي رقم 8المرابحة) ، 2010-1431 ،ص. 93،104 4المعايير الشرعية( ،المعيار الشرعي رقم 11الاستصناع) ،ص. 156،148 5مجموعة دلة البركة ،فتاوى الاستصناع والمقاولات والسلم ، 1998-1419 ،ص. 47 6المعايير الشرعية( ،المعيار الشرعي رقم 13المضاربة) ،ص. 192 ، 185 .2 .3 الآلية الاتفاقية حينما لا تكون شرطا في العقد وتعمل تلقائيا حين تحقق المشروط تصبح أقل مردودية أو معدومة الفائدة بسبب: تناقض المصالح بين طرفي العقد إذ يرغب البائع في زيادة الثمن غالبا والمشتري في الحط منه ،فإذا لم تكن الزيادة أو الحط شرط ا مربوطا بأمر معين فلا تؤدي الآلية دورها كآلية لتعديل الإلتزامات في العقود. ثانيا :التعويض عن الالتزام بالوعد 2 يمثل المقترح بديلا للخيارات التي منعتها المجامع الفقهية والهيئات الشرعية وهو يعوم على أساس الوعد الملزم الذي أجازه مجمع الفقه الإسلامي .والبديل في هذه الحالة مكون من أمرين هما :الوعد الملزم ،والتعويض عن الالتزام. فيقوم البنك بإصدار وعد ملزم لصالح عميله بأن يصرف له عملة محددة (اليورو مثلاً) بسعر صرف محدد بالعملة المحلية (الدرهم) خلال فترة معينة أو في تاريخ محدد ،ويكون البنك ملتزم ًا بالوفاء بهذا الوعد بحيث انه لو نكل عن الوفاء فانه يتحمل ما يقع على الموعود من ضرر بسبب هذا النكول ،وفي المقابل فإن الموعود (العميل) فهو بالخيار ،ان شاء استفاد من الوعد وان شاء تركه .وفي مقابل هذا الالتزام من البنك فانه يحصل من عميله على مبلغ مقطوع يمثل أجرة مقابل الوعد. فإذا التزم المصرف الدخول مع العميل في عملية تمويل بشروط معينة فإن رأى العميل من صالحه الاستفادة من الوعد أمضاه وإلا بأن كان في غير صالحه يتنازل عن حقه مقابل دفع تعويض ويمثل أجر الالتزام. والعقد هو عقد معاوضة محله الالتزام والثمن فيه هو الرسم الذي يحصل عليه المصرف. ومستند من رأى جواز المعاوضة على الالتزام 3هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة إلى أن عناصر المالية التي إذا اجتمعت في شيء ُع َّد مالاً في النظر الشرعي ،وجازت مبادلته بالمال وهي: َّ .1 .2 .3 صد . أن يكون ً منفعة مقصود ًة ،أو فيه َن ْف ٌع ُي ْق َ س َعة والاختيار). أن تكون تلك المنفعة ً مباحة شرعاً (في حالة ال َّ مالية في ُع ْرف الناس. قيمة أن يكون لتلك المنفعة ٌ ٌ وهذا يتعارض مع الاتجاه العام للفقهاء في منع المعاوضة عن الضمان وهو التزام مال في الذمة .ومن التعليلات التي أسسوا عليها ذلك الحكم هو أن الضمان نفع غير متقوم عرفا ولذلك لم يعتبروه مالاً ،قال غير متقوم عاد ًة ،فلا يجوز أن يقابل القرافي( :ومن القسم الثاني :الضمان ،فإنه وإن كان مقصوداً للعقلاء ،لكنه ُ بالأعيان) .4 1انظر :أبو غدة ،عبد الستارر ،مدى إمكانية تعديل عوائد التمويلات في الصيرفة الإسلامية ،الندوة الفقهية الثانية لمصرف أبوظبي ، ، 2010-1431ص. 6-3 2هذا المقترح ملخص من ورقة الدكتور محمد علي القري ،الندوة الفقهية الثانية لمصرف أبوظبي الإسلامي ،مدى إمكانية تعديل عوائد التمويلات في المصرفية الإسلامية ،ص. 5 3من البحوث المتميزة التي درست الموضوع دراسة شرعية وافية بحث الدكتور نزيه حماد "المعاوضة على الالتزام ومنه لخصنا الحجج والمستندات. 4القرافي ،الذخيرة ،ج ، 5ص. 478 والمعاوضة على الضمان ممنوعة باتفاق أهل العلم .قال الحطاب( :ولا خلاف في منع ضمان بجعل ،لأن الشرع جعل الضمان والقرض والجاه لا يفعل إلا هلل بغير عوض ،فأخذ العوض عليه سحت) .1وهو ما أكده قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي حيث نص على أنه لا يجوز أخذ الأجر على خطاب الضمان لقاء عملية الضمان ،2وهو ما أكدت عليه المعايير الشرعية.3 ثالثا :إ عادة تشكيل المحفظة الاستثمارية للتخلص من الأصول ذات العائد الثابت.4 من العمليات التي تحرص البنوك على اتباعها في إدارة مخاطرها إعادة تشكيل محفظتها الائتمانية من حلال التخلص من بعض المخاطر والإبقاء على بعض بحسب ما تراه مناسبا .وبذلك يمكن للبنك التخلص من الأصول المدرة لعائد ثابت لديون المرابحة والإبقاء على الأصول المدرة لعائد متغير مثل الإيجارات .ومن أهم طرق إعادة تشكيل المحفظة الائتمانية التخلص من الأصول التي لم تعد مناسبة للبنك وذلك ببيعها واستخدام ثمنها في توليد أصول جديدة مناسبة للأوضاع المستجدة.5 وقد لخص الدكتور نزيه تعريف جمهور الفقهاء للدين بأنه "ما يثبت في الذمة من مال بسبب يقتضي ثبوته" 6 وقد اختلفت وجهات نظر الفقهـاء في صور بيع الدين ،إذ فرقوا بين أن يكون الملك على الدين مستقراً ،مثل :غرامة المتلف ،وبدل القرض ،وقيمة المغصوب ،وبين أن يكون الملك عليه غير مستقر مثل :المسلم فيه ،والأجرة قبل استيفاء المنفعة ،والمهر قبل الدخول وغير ذلك.7 ونجد الفقهاء يتفقون إجمالاً على جواز تمليكه لمن عليه بعوض أو بغير عوض ،مع استثناء كل فريق لصور، ومسائل من الحكم العام مثل: قبض رأس مال السلم :فقد استثنى جمهور الفقهاء من الحنفية ،والشافعية ،والحنابلة رأس مال السلم ،وبدل الصرف عند المالكية ،لأنه لا يجوز التصرف من قبل البائع فيهما قبل قبضمها ،إذ التصرف فيهما يفوت شرط التقابض قبل الافتراق.8 التصارف في الذمة (تطارح الديون) :حيث اشترط بعض الفقهاء في بيع الدين لمن هو عليه وجوب عدم صيرورة البيع إلى الدين بالدين ،وقد أبطل الشافعية والحنابلة التصارف في الذمة ؛ لأن ذلك دين بدين ،كما علل بذلك الإمام الشافعي لعدم جواز من كان لــه في ذمة رجل دنانير ،والآخـر عليه دراهم فاصطرفا بما فـي ذمتهما .9وقد أبان عن هذا المعنى السبكي .10والحنابلة :قالوا لو كان لكل واحد من الاثنين دين على صاحبه من غير جنسه، كالذهب والفضة وتصارفهما لم يحضرا شيئاً ،فإنه لا يجوز ،سواء كانا حالين ،أو مؤجلين ؛ لأنه بيع دين بدين .11وبهذا الرأي قال جماعة من السلف منهم :الليث بن سعد .12فكأنه لا يوجد تقابض من الجهتين مما يبطل تمليك الدينين من الطرفين .أما الحنفية والمالكية وتبعهم في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ،قال هؤلاء جميعا بجواز الصرف في الذمة .إلا أن المالكية اشترطوا في ذلك أن يكون الدينان قد حلاّ معاً .13وكأن القبض متوافر حكماً، وبذلك يقع التمليك من الطرفين. 1مواهب الجليل ،ج ،4ص . 242منحة الخالق على البحر الرائق ،ج ،6ص . 242المغني مع الشرح الكبير ،ج ،4ص. 256 2القرار رقم .)2/12( 12قرارات المجمع ،ط :وزارة الأوقاف بقطر ،ص . 66 3انظر :المعيار الشرعي رقم 5الضمانات ،كتاب المعايير الشرعية ،ص.)1/7( 51 4ورد المقترح في ورقة د.محمد علي القري ،ندوة أبو ظبي. 5المرجع السابق 6حماد ،نزيه ،بيع الدين :أحكامه-تطبيقاته المعاصرة ،بحث مقدم إلى الدورة الحادية عشرة لمجمع الفقه. 7انظر :وزارة الأوق اف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت ،الموسوعة الفقهية[ ،الكويت :منشورات وزارة الأوقاف1407 ،هـ ،]1987/ج،21 ص .126 8انظر :السمرقندي ،تحفة الفقهاء ،ج ،1ص . 10؛ السيوطي ،جلال الدين عبد الرحمن ،الأشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية، [مكة المكرمة :دار الباز للنشر] ،ص .331وانظر :الشيرازي ،المهذب ،ج ،1ص .326؛ البهوتي :كشاف القناع ،ج ،3ص .266 9انظر :الأم ،ج ،3ص .33وانظر :الموسوعة الفقهية ،ج ،1ص .128 10السبكي ،تكملة المجموع ،ج ،10ص .107 11انظر :البهوتي ،كشاف القناع ،ج ،3ص .265 12انظر :السبكي ،تكملة المجموع ،ج ،10ص .107 الدردير :الشرح الصغير ،ج ،4ص .391 – 390وانظر عند 13انظر :الدسوقي ،حاشية الدسوقي ومعها الشرح الكبير ،ج ،3ص .228 الحنفية :داما أفندي ،مجمع الأنهر ،ج ،2ص .119 جعل الدين رأس مال السلم :وقد انتهى ابن تيمية وابن القيم في منا قشتهما لهذا الموضوع إلى جواز جعل الدين الذي في ذمة المسلم إليه ،رأس مال سلم ،وخالفهم في ذلك جمهور الفقهاء من الحنفية ،والشافعية ،والحنابلة وغيرهم .1وقد أفصح عن هذا الرأي صاحب الكشاف بوضوح يغني .2وبرأي الجمهور أخذ قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي ،3وكذلك المعيار الشرعي للسلم.4 وقد ناقشت الدورة الحادية عشرة لمجمع الفقه الإسلامي الدولي التي عقدت بمملكة البحرين ،في رجب 1419هـ/نوفمبر 1998م بعنوان" :بيع الدين وسندات القرض وبدائلها الشرعية" ،وبعد الاستماع للأبحاث المقدمة والمناقشة قرر المجمع" :أنه لا يجوز بيع الدين المؤجل من غير المدين بنقد معجل من جنسه أو من غير جنسه لإفضائه إلى الربا ،كما لا يجوز بيعه بنقد مؤجل من جنسه أو من غير جنسه لأنه من بيع الكالئ بالكالئ المنهي عنه شرعا .ولا فرق في ذلك بين كون الدين ناشئا عن قرض أو بيع آجل" .ثم أكد القرار سالف الذكر على ما سبق أن قرره المجمع في دوراته السابقة بعض تطبيقات بيع الدين مثل :قرار المجمع رقم )6/11( 60بشأن السندات، وعلى الفقرة (ثالثًا) من قرار المجمع رقم )7/2( 64بشأن حسم (خصم) الأوراق التجارية. ولعل الحل هو قيام المصارف ببيع ديونها ليس بالنقد وإنما بأعيان ومنافع على ما اتجه إليه الفقه المالكي ثم بيع تلك الأعيان وإجارة المنافع للحصول على السيولة اللازمة لإعادة تشكيل المحفظة الائتمانية. بمعين ،أو بمنافع ذات معينة :يرى بعض الفقهاء أنها من قبيل وبيع الدين لمن عليه أو لغير من هو عليه الدين ّ بيع الدين الممنوع .فقد حكى الشافعية قولين في هذه المسألة ( . )5وحكى الماوردي الخلاف في وجوب القبض في المجلس ( .)6وهذا المنحى الذي سلكه الشافعية هو الذي يترجمه الكاساني من الحنفية في بدائعه حيث أشار إلى أن بيع الديون من غير من عليه ،والشراء بها من غير من عليه ،مثل :أن يقول لغيره بعت منك الدين الذي في ذمة فلان بكذا ،أو يقول اشتريت منك هذا الشيء بالدين الذي في ذمة فلان لأن ما في ذمة فلان غير مقدور التسليم في حقه ،بخلاف البيع والشراء ممن عليه الدين(.)7 أما المالكية فقد استثنوا بعض الصور من بيع الدين فأجازوا بيعها لغير من عليه الدين وهي:8 بيع الدين لغير المدين بمعين : صورته :أن يكون لشخص على آخر ديناً ،فيبيعه له بسلعة معينة ،كالسيارة مثلاً مؤجلة التسليم ،أو عقار ،أو غير ذلك. 1 2 3 4 5 6 7 8 انظر :الزيلعي ،تببين الحقائق ،ج ،4ص ،140الخطيب الشربني ،الإقناع ،ج ،1ص .271 البهوتي ،كشاف القناع ،ج ،3ص .304 انظر :قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي ،قرار )9/2( 85بند أولا-ح ،ص. 288 انظر :هيئة المحاسبة ،المعايير الشرعية ،المعيار الشرعي رقم ( )10بشأن السلم والسلم الموازي ،بند ( ،)4/1/3ص. 170 انظر :الرافعي ،فتح العزيز ،ج ،8ص.439 انظر :الحاوي الكبير ،ج ،8ص .147روضة الطالبين ،ج ،3ص.515 بدائع الصنائع ،ج ،5ص.182إن بيع الدين لمن عليه الدين بمعين يتأخر قبضه ،أو بمنافع ذات معينة ،يعده المالكية من قبيل فسخ الدين بالدين ،الذي هو أشد أنوا ع بيع الدين بالدين منعاً .وهذا على مذهب ابن القاسم ،خلافاً لأشهب الذي كان يرى جواز ذلك .انظر :الدردير ،الشرح الصغير ،ج،4 ص .12 وسبب الخلاف في منافع ذات معينة بين أشهب وابن القاسم يرجع إلى الاختلاف حول القاعدة الفقهية "هل قبض الأوائل قبض للأواخر ،أم لا ؟ فقبض الأوائل ليس قبضاً للأواخر كما هو مذهب ابن القاسم ،وعند أشهب قبض الأوائل قبض للأواخر[ .انظر: الدسوقي ،حاشية الدسوقي ،ج ،3ص .] 62ويمكن تتبع هذه القاعدة وشرحها والتفريغ عليها في :المنجور ،شرح المنهج المنتخب، ص .343 – 340وأشار القاضي عبد الوهاب إلى أن القول بالمنع ،هو رأي مالك وابن القاسم ،خلاف ًا لأشهب وغيره [المعونة ،ج ،2ص .]1038 وقد خرج الدردير على قول ابن القاسم :أن من له دين على ناسخ ،فقال له :انسخ لي هذا الكتاب بمالي عليك من الدين فإن ذلك لا يجوز ،أما لو نسخ له الكتاب ،أو خدمك بأجر معلوم بغير شرط ،وبعد الفراغ قاصصته بما عليه ،فجائز[ .الشرح الصغير ،ج ،4ص .]12 وقد صحح بعض المتأخرين قول أشهب ،فقد قال الصاوي( :وصحح ،وقد كان الأجهوري يعمل به ،فكانت له حانوت ساكن فيها مج ّلِّد كتب ،فكان إذا ترتب له أجرة في ذمته ،يستأجره بها على تجليد كتبه ،وكان يقول هذا على قول أشهب ،وصححه المتأخرون ،وأفتى به ابن رشد .بلغة السالك ،ج ،4ص . 126؛ الدسوقي ،حاشية الدسوقي ،ج ،3ص . 62؛ العدوي ،علي بن أحمد الصعيدي ،حاشية الشيخ علي العدوي على مختصر خليل ،مطبوع بهامش الخرشي على خليل[ ،بيروت :دار صادر] ،ج ،5ص .77 بيع الدين لغير من عليه بمنافع ذات معينة: صورته :أن يكون لشخص على آخر ديناً فيبيعه لغير من عليه الدين بمنفعة ،كركوب السيارة ،أو سكنى الدار سنة، ومن الضروري تأخر قبض أجزائها لأن استيفاء المنفعة لا يحصل دفعة واحدة .جاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير :ولا يمتنع في هذا القسم بيعه أي لغير من هو عليه ،بمعين يتأخر قبضه سواء كان عقاراً أو غيره ،أو بمنافع ذات معينـة ،وإذا علمت أن الدين يجوز بيعه بما ذكر ،ولا يجوز فسخه ،تعلم أن هذا القسم أوسع مما قبله.1 وصاحب الشرح الصغير وهو يعدد أنواع بيع الدين بالدين يذكر النوع الثاني بقوله( :والثاني :بيعه – الدين – بدين لغير من هو عليه ،كبيع ما على غريمك بدين في ذمة رجل ثالث ،وأما بيعه بحال ،أو بمعين يتأخر قبضه ،أو بمنافع معين فلا يمنع).2 ويمكن الاستئناس لرأي المالكية بقصة شراء النبي صلى هللا عليه وسلم جمل جابر بن عبدهللا ،وذلك في الحديث الذي رواه الشيخان عن جابر بن عبدهللا أنه كان يسير على جمل له قد أعيا ،فأراد أن يسيبه ،قال :فلحقني النبي بوقية)( ،)3قلت :لا ،ثم قال( :بعنيه)، صلى هللا عليه وسلم فدعا لي وضربه ،فسار سيراً لم يسر مثله ،قال( :بعنيه ُ فبعته بوقية ،واستثنيت حملانه إلى أهلي ،فلما بلغت أتيته بالجمل ،فنقدني ثمنه ،ثم رجعت فأرسل في أثري، فقال( :أتراني ماكستك لآخذ جملك ،خذ جملك ودراهمك فهو لك)( . )4وفعل النبي صلى هللا عليه وسلم مع جابر بن عبدهللا فيه جواز بيع السلعة المعينة المؤجلة التسليم بثمن مؤجل التسليم (الدين) ،والصورة من قبيل بيع الأعيان بالدين وليست من قبيل الدين بالدين .والمبيع في هذه الحالة في درك وضمان البائع حتى يسلمه رد الثمن للمشتري إن كان قبضه ،وهذا لا للمشتري فلو تلف قبل قبض المشتري له بطل البيع وتعين على البائع ّ يكون فيما تعلق بالذمة كالسلم مثلاً ،إذ لو تلف المسلم فيه قبل التسليم تعين تسليم مثله لصحة العقد ولزومه(.)5 وقد صدر بجوازه هذه الصور من بيع الدين قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورة مؤتمره السادسة عشرة سنة 2002م ،في موضوع حسم الكمبيالات ونصه( :يرى المجمع أن البديل الشرعي لحسم الأوراق التجارية وبيع السندات هو بيعها بالعروض (السلع) شريطة تسلم البائع إياها عند العقد ولو كان ثمن السلعة أقل من قيمة الورقة التجارية لأنه لا مانع شرعي من شراء الشخص سلعة بثمن مؤجل أكثر من ثمنها الحالي) .وكذلك قرار المجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم ) 17/7(158في دورته السابعة عشرة في عمان الأردن، سنة 2006م ،والذي نص على :صور بيع الدين الجائزة ،ومنها بيع الدين بسلعة معينة. الحلول المقترحة لتعديل عوائد العقود الجديدة أولا :التأمين التعاوني ضد مخاطر العائد 6 .1 الصيغة المبسطة والعادية هي إنشاء تديره شركة تكافل إسلامية من تجميع لاشتراكات من المصارف الإسلامية ويتم التعويض للمصرف الذي تنخفض عوائده. 1 انظر :ج ،3ص .63 2 انظر :الدردير ،الشرح الصغير ،ج ،4ص .126 ُ - 3وقية :هي من اللغات الصحيحة ،والأشهر (أوقيـة) ،بضـم الهمـزة ،وتشـديد البـاء ،والجمـع أواقـي بالتشـديد والتخفيـف .انظـر :ابـن الـأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر ،ج ،1ص.80 والأوقية الفضية = 40درهماً = 119جراماً ،لأ ن "خمس أواقي" تعادل مائتي درهم شرعي .انظر :ابن الرفعة ،أبو العبـاس أحمـد بـن محمـد، الإيضاح والتبيان في معرفة المكيال والميزان ،تحقيق :محمد أحمد الخاروف[ ،مكة المكرمة :مطبوعـات جامعـة أم القـرى1400 ،هــ 1980م]، ص.35 - 4الحديث متفق عليه ،واللفظ لمسلم .انظر :البخاري ،صحيح البخاري ،ج ،2ص ،968حديث ،2569كتاب الشرط ،باب إذا اشترط البائع ظهر دابة .مسلم ،صحيح مسلم ،ج ،3ص ،221حيث ،715كتاب المساقاة ،باب بيع البعير واستثناء ركوبه. - 5انظر :ابن منيع ،عبدهللا بن سليمان ،أحكام بيع الدين بالدين ،من محاضرات رمضان 1417هـ في المعهد الإسـلامي للبحـوث والتـدريب (البنك الإسلامي للتنمية) ،ص.20 6عرض هذه الآلية الدكتور سامي السويلم في الندوة الفقهية الثانية ، 2010-1431ورقة عمل مساندة حلول وبدائل لمشكلة العائد المتغير ،ص . 2وقبل ذلك في :كتاب التحوط في التمويل الإسلامي (منشورات المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب-جدة) ،ص . 96وكتاب قضايا في الاقتصاد والتمويل الإسلامي ،ص . 303 .2 يمكن أن يتفق المصرف مع العميل على الالتزام بالإسهام بمبالغ معينة وفق نظام معين لفترات زمنية متتالية ت وضع في حساب مستقل ويعوض الطرف المتضرر من خلال نظام يتفق عليه الطرفان ،ويرد المتبقي على الطرفين. وهذا الالتزام بالتبرع لا يعتبر شرطا في العقد ولا تتوقف عليه ترتب آثار العقد ،ولا يعتبر دينا في ذمة المتعاقدين وإنما يسقط بالعجز والإفلاس. ثانيا :المرابحة بربح متغير 1 ابتداء وإنما يربط بمؤشر منضبط ،مثل مؤشر المقصود بها أن يحد رأس المال عند العقد وأما الربح فلا يحدد ً هامش الربح في عقود المرابحات في البنوك الإسلامية ،بحيث يتفق الطرفان على أن يكون ربح البائع بحسب ما يكون عليه (السعر السوقي) لهامش الربح في عقود المراب حات الإسلامية وقت السداد ،أو متوسط سعر الهامش عن فترة السداد السابقة ،وقد يكون السداد بالتقسيط أو دفعة واحدة .ويمكن أن تحتوي صورا متعددة. ومدار هذه المسألة على تحرير شرط العلم بالثمن وقد اتفق أهل العلم على اشتراط العلم بالثمن .أما ضابط ذلك فقد اختلفوا فيه على قولين :أحدهما :أن يكون الثمن معلوم المقدار عند العقد .وهو رأي جمهور الفقهاء .وثانيهما :ان يكون الثمن معلوم المقدار عند العقد ،أو أنه يؤول إلى العلم على وجه لا يؤدي إلى المنازعة والاختلاف بين العاقدين. فعلى هذا القول لا تلزم تسمية الثمن في مجلس العقد ،ف يكفي أن يتفق العاقدان على طريقة منضبطة لتحديد الثمن .وهذا القول رواية في مذهب الإمام أحمد ،اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية ،وتلميذه ابن القيم –رحمهما هللا -وهو قول لبعض الأحناف.2 والذي رجحه الباحث هو أن عدم تسمية الربح عند العقد في المرابحة لا يتعارض مع شرط العلم بالثمن إذا اتفق العاقدان على آلية منضبطة لتحديد الربح. أثارت هذه الصيغة ردود وتعقيبات وانتقادات كثيرة وكأن مقترحها اقتنع بما قدم له من ملاحظات فلم يعرضها ضمن الحلول التي قدمها في ندوة أبو ظبي . والذي يتضح من هذه الصورة أنها مرابحة بثمن معلوم وربح مجهول يعتبر دينا في الذمة مربوط بمؤشر يعلم عند سداد القسط ،وهذا الدين تصاحبه زيادة فهو في معنى الربا وإن لم يكن هناك أجل في مقابلة تلك الزيادة ولا يكفى لإغفال ذلك أن يكون المؤشر هو معدل الربح في عقود المرابحة وقت السداد.3 ثالثا :تحديد الربح بالتكلفة الفعلية مع نسبة مئوية من الربح في عقد الاستصناع.4 حيث يتم تحديد ثمن الاستصناع بالتكلفة الحقيقية (الفعلية) مع إضافة هامش ربح .وبذلك يكون هامش الربح متغيرا تلقائيا لأنه مربوط بالكلفة كلما زادت زاد الربح . وهي من الطرق التي نص عليها في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم )14/3( 129بشأن عقد المقاولة حقيقته ،تكييفه ،صوره ،في البند ( ) 4أنه :يجوز الاتفاق على تحديد الثمن بالطرق الآتية ( :ج) الاتفاق على تحديد الثمن على أساس سعر التكلفة الحقيقية ونسبة ربح مئوية .ويلزم في هذه الحال أن يقدم المقاول بيانات وقوائم مالية دقيقة ومفصلة وبمواصفات محددة بالتكاليف يرفعها للجهة المحددة في العقد .ويستحق حينئ ٍذ التكلفة بالإضافة إلى النسبة المتفق عليها. ولكن هذه الطريقة والأسلوب تم مناقشته من قبل المجلس الشرعي في المعيار الخاص بالاستصناع ،وذكر هذه الصورة ومنعها نص البند 5/2/3ع لى أنه( :لا يجوز إجراء المرابحة في الاستصناع ،بأن يحدد الثمن بالتكلفة وزيادة معلومة) .وعلل المعيار ذلك بأن محل المرابحة يجب أن يكون شيئاً موجوداً مملوكاً معلوم الثمن قبل 1هذا المقترح قدمه الدكتور يوسف الشبيلي في ورقة عمل إلى الملتقى الثانث للهيئات الشرعية – الرياض 2009-1430م. 2مسائل الإمام أحمد لأبي داود ص ،194أعلام الموقعين ،6/4الفروع ،30/4الإنصاف .132/11 3انظر بالتفصيل المرابحة بربح متغير للدكتور سامي السويلم ،قدمت للملتى الثاني للهيئات الشرعية بالرياض، 4مقترح من الدكتور عبد الستار أبوغدة ،ندوة أبوظبي المرابحة ،وعقد الاستصناع يبرم قبل التملك ؛ لأنه بيع موصوف في الذمة غير معين ،ولأن التكلفة لا تعرف إلا بعد الإنجاز ،والثمن يجب أن يكون معلوماً عند إبرام العقد). 1 ثالثا :البيع والمشاركة 2 هذه الصيغة قائمة على فكرة الجمع بين البيع الآجل والمشاركة حيث يقوم المصرف ببيع سلعة للعميل بثمن يتكون من جزئ ين :ثابت وهو دين مضمون في ذمة العميل ،ومتغي ر يمثل نسبة من أرباح العميل .فيمكن للمصرف أن يبيع %90من السلعة بثمن مؤجل يعادل رأس المال ،ويدخل % 10شريكاً في الشركة مقابل نسبة متفق عليها من الربح .فيتحول المصرف من الارتباط بأسواق الائتمان ومعدلات الفائدة إلى النشاط الاقتصادي. وهذه الصيغة لا يمكن في تق ديري الاعتراض عليها ،لأن أقصى ما فيها هي جمع عقدين في عقد من دون اشتراط أحدهما في وهو أمر جائز لأن كل واحد منهما جائز بمفرده وهو ما اتجه إليه معيار الجمع بين العقود.3 ومستند ذلك ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة من أن العقود المجتمعة إذا كان كل واحد منها جائزا بمفرده فإنه يحكم على المجموع بالجواز.4 ثالثا :الاقتصار في المرابحات على العقود قصيرة الأجل مع قلب الدين على غير المعسر 5 إذا أراد المصرف تفادي الوقوع في خطر تغير العائد في الأجل الطويل يكون من المناسب الاقتصار في عمليات التمويل بالمرابحة والاستصناع على المدد القصيرة بحيث لا يؤثر على العائد فيها بالتغير .وفي هذه الحالة يمكن أن تكون المرابحة ذات مدة لا تزيد قصيرة ،فإذا حل الأجل وكان العميل غير معسر يمكن للبنك أن يحدث له مرابحة جديدة يمكن من خلالها أن يسدد ما عليه سابقاً ويثبت في ذمته الدين المستحدث والذي يكون عندئ ٍذ آخذاً في اعتباره عند حساب الربح القيمة الجديدة للمؤشر.6 وهذه الصيغة كما أشار صاحب المقترح تنطوي على قلب الدين ،لكن قلب الدين الممنوع – حسب وجهة نظره- هو قلب الدين على المعسر لأنها تكون عندئ ٍذ من باب "أتقضي أو تربي" الم جمع على تحريمها أما إذا كان في وضع اليسار فإن بإمكانه الاستدانة من جهة أخرى فما الذي يمنع أن تكون معاملته المستجدة مع دائنه الأول؟ ثم رأى الباحث الكريم أن الذي يفهم من كتب الحنابلة هو دخول الدائن في معاملة جديدة مع المدين لا يكون ممنوعاً إلا إذا كان المدين معسراً ،لأن علة المنع لا تتحقق إلا في هذه الحالة .إذا كان المدين عاجزاً عن السداد لإعساره فهو مستحق للإنظار إلى ميسره ،كما أن الربح من المعاملة الثانية التي دخلا فيها وهو معسر غير قادر على السداد ربما كان متضمناً زيادة في الدين الجديد مقابلا ً لما فات من ربح في الدين القديم الممطول بسبب الإعسار فتئول إلى" :زد لي في الأجل وأزيد لك في الدين" ،وهي عين ربا الجاهلية المجمع على تحريمه .أما إذا كان المدين مليئاً باذلا ً للدين غير معسر ولا مماطل فالدخول معه في معاملة جديدة ليس من قلب الدين الممنوع حتى لو ترتب عليها دين جديد يتعلق في ذمته . في تقديري أن كل ما نقله الباحث من نصوص عن ابن تيمية وغيره تؤكد على أن قلب الدين على المعسر هو أشد وأنكى من قلب الدين على الموسر؛ لأنه إذا كان موسرا فلا حاجة له إلى قلب دينه بل الواجب عليه عد مماطلا ظالما تحل بذلك عقوبته وعرضه. السداد إذا حل أجل دينه ،وإلا ّ ولذلك شيخ الإسلام (وهللا تعالى حرم الربا لما فيه من ضرر المحتاجين ،وأكل المال بالباطل ،وهو موجود في المعاملات الربوية .وأما إّذ ا حل الدين وكان الغريم معسرا لم يجز بإجماع المسلمين أن يقلب بالقلب لا بمعاملة ولا غيرها بل يجب إنظاره ،وإن كان موسرا كان عليه الوفاء فلا حاجة إلى القلب لا مع يساره ولا مع 1المعيار الشرعي رقم 11الاستصناع ،كتاب المعايير ،ص . 156 ، 147 2جاء المقترح في ورقة الدكتور سامي السويلم لندوة أبو ظبي ،وقد سبق ذكره في كتابه التحوط. 147 ، 3انظر :المعيار رقم 25الجمع بين العقود .كتاب المعايير. 350 ، 4كشاف القناع ، 478/3المجموع ، 388/9تبيين الحقائق . 174/4 5مقترح من قبل الدكتور محمد القري ،ندوة أبو ظبي. 6المرجع السابق ،ص . 28 إعساره) . 1وحينما تحدث عن أتقضي ؟ أم تربي ؟ قال( :وأما إذا كان هذا هو المقصود ولكن توسلوا بمعاملة أخرى ،فهذا تنازع فيه المتأخرون من المسلمين ،وأما الصحابة فلم يكن بينهم نزاع أن هذا محرم) . 2وقال كذلك: (من كان عليه دين فإن كان موسرا وجب عليه أن يوفيه ،وإن كان معسرا وجب إنظاره).3 ويعلق الدكتور نزيه حماد على أحد أقوال شيخ الإسلام السابقة فيقول( :فمفاد كلام ابن تيمية هذا أن الدخول في هذه المعاملة -إذا كان المدين موسرا – محظور أيضا باتفاق الصحابة وإن كان هناك خلاف في حظره بين الفقهاء المتأخرين – وكذا في نظره واجتهاده – لأنه أوجب على المدين الموسر المبادرة إلى الوفاء وذلك يعني حرمة ترك الوفاء واللجوء إلى هذه المعاملة في رأيه) (يؤكد عدم فرقه في الحظر والفساد بين أن يكون المدين موسرا أو معسرا في بعض نصوصه في المسألة) ومن ذلك ما جاء في مختصر الفتاوى المصرية، ومجموع الفتاوى.4 ومن هنا يظهر بأن هذا الحل المقترح لا يمكن قبوله لدخوله في قلب الدين الممنوع سواء أكان على الموسر أم المعسر. الخاتمة هذا ما وفقني هللا عز وجل إلى جمعه في هذا الموضوع سائلا هللا تبارك وتعالى التوفيق والسداد 1مجموع الفتاوى. 419/29 ، 2مجموع الفتاوى.419- 418/29 ، 3المرجع السابق ،ص. 302 4قلب الدين ،لنزيه حماد ،مجلة العدل ،وزارة العدل السعودية ،عدد ،1427 ،31ص. 54، 53وما أشار إليه في هامش ص ،54مختصر الفتاوى المصرية ،ص ، 324مجموع الفتاوى . 430 ،429/29 وحلول مقترحات الأجل طويل التمويل السوق في سعر تغيّ ُر ٌ ِ ِ ِ ٌ ِ ِ بحث ت الماليةِ الإسلاميةِ في المملكةِ العربيةِ السعوديةِ ت الشرعيةِ للمؤسسا ِ ث للهيئا ِ مقدم إلى الملتقى الثال ِ ٌ ٌ إعداد: الشيخ/طلال بن سليمان الدوسري المحاضر بكلية الشريعة بجامعة القصيم (العام)1431: بسم هللا الرحمن الرحيم المقدمة الحمد هلل رب العالمين ،وصلى هللا وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،أما بعد: فهذا بحث موجز حول موضوع (تغير سعر السوق في التمويل طويل الأجل :مقترحات وحلول) كتبته استجابة لطلب فضيلة الشيخ الدكتور :عبد الرحمن بن صالح الأطرم -وفقه هللا -آملاً الاستفادة من بحث هذا ً الموضوع ،وتصويبات أصحاب الفضيلة المشايخ له. وثمة عدة مقترحات تعالج مسألة "تغير سعر السوق في التمويل طويل الأجل" ،وقد جاء خطاب الاستكتاب بطلب دراسة خمسة مقترحات منها ،إضافة إلى تقديم مقترحات جديدة عند الإمكان مع دراستها. وهذه المسائل الخمس هي: -1 المرابحة بربح متغير. -2 التورق المتجدد قصير الأجل. -3 المرابحة مع حافز الخصم. -4 تغير مقدار القسط في التمويل طويل الأجل -زياد ًة ونقصاناً -بحسب التغير في المؤشر مع بقاء أصل الدين. -5 التحوط بالجمع بين البيع الآجل والمشاركة. وهذه المسائل هي :التي تناولها هذا البحث ،و قد قدمت بين يدي دراستها بمقارنة موجزة بين العائد الثابت والعائد المتغير. كما تناولت في آخر البحث صيغة أخرى يمكن الاس تفادة منها في تحقيق عائد متغير ،وهي تتمشى على قول من يرى جواز البيع بسعر السوق في المستقبل ،وتلك الصيغة هي( :الجمع بين بيع آجل بثمن محدد ،وبيوع آجلة بسعر السوق يوم الأداء). وأخير ًا أسأل هللا أن يوفقنا جميع ًا لصواب القول والعمل (اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم(.))1 والحمد هلل رب العالمين... ( )1رواه الإمام مسلم -رحمه هللا -في صحيحه من حديث عائشة -رضي هللا عنها -أن النبي كان يفتتح به صلاته إذا قام من الليل، .185/2 العائد الثابت والعائد المتغير :إيجابيات وسلبيات ما من شك في أن لكل من العائد الثابت والعائد المتغير لصيغ التمويل :ايجابيات وسلبيات ،وكثيراً ما إغضاء النظر عن ملاحظة سلبياته ،ولذ فإن من المهم عدم إغفال تسبب كثرة النظر إلى إيجابيات أمر ما َ المفاسد التي تترتب على استبدال العائد المتغير في صيغ التمويل بالعائد الثابت. إن من أ برز سلبيات العائد المتغير :أنه لا يمكن البناء عليه في تحديد التكاليف والأرباح ،لأن ما قد يظن أنه هامش ربح قد يتحول إلى خسارة محققة بسبب تغير سعر التمويل ،وفي المقابل يلاحظ أن العائد الثابت مهما كان مرتفعاً نسبياً يمكن بناء أرباح المنتجات والخدمات عليه .ومع ذلك ينبغي أن يقارن المرء أسعار بيعه وشرائه بتلك الأسعار السائدة حين إجرائه للعقد ،وليست تلك الأسعار التي كانت سائد ،أو تلك التي ستسود في المستقبل ،فكما أنه يفعل ذلك عند إجرائه للبيوع الحالة :يفعله عند إجرائه للبيوع الآجلة. وإن مما يبين أن العائد الثابت هو الأصلح في العموم -فيما يظهر -لجوء كثيرين ممن يتعرضون لمخاطر تغير السعر -سواء كان ذلك في سعر الفائدة أو سعر الصرف -إلى عقود التحوط( ،)Hedging) )1مثل عقود المبادلات ) ،(Swapsالتي تعني -بشكل موجز في بعض أنواعها -دفع الطرف الأول فائدة ثابتة للطرف الثاني ،مقابل تحمله الفائدة المتغيرة التي على الطرف الأول. وقد انتشرت عقود مبادلات الفائدة بشكل كبير حتى باتت تشكل نسبة ٪50أو تزيد من إجمالي قيمة المشتقات(.)2 ويرد أغلب الكتاب الغربيين أسباب ظهور مبادلات أسعار الفائدة ،ونموها بصورة فاقت كل التصورات، ُّ إلى التقلبا ت المتزايدة في أسعار الفائدة بعد صدور قرار مجلس إدارة بنك الاتحاد الفيدرالي عام 1979م بالسماح بانطلاق أسعار الفائدة دون قيود(.)3 كما أن مما يبين شيئاً من مخاطر العائد المتغير هو :أن الفائدة المتغيرة أحد أسباب نشوء الأزمة المالية العالمية الأخيرة ،وذلك أن م عظم القروض التي منحت للعملاء ذوي الملاءة المنخفضة كانت بفائدة متغيرة، وكانت أسعار الفائدة متدنية ،ثم أخذت في الصعود إلى القدر الذي لم يمكن هؤلاء العملاء من الوفاء بالتزاماتهم .)4( ... فإن قيل :إن هذا السبب غير دقيق؛ لأن ارتفاع سعر الفائدة يقابله انخفاض في المديونية ،الذي يعني في النهاية عدم ارتفاع القسط. فالجواب :أن هذا ليس على إطلاقه ،ويتضح ذلك بالمثال التالي :فإذا كان الدين قدره مليون ريال مقسطاً على عشر سنوات( ، )5وكان سعر الفائدة على السنة الأولى ، %4فذلك يعني أنها تبلغ (أربعين ألف ريال) ،وفي السنة الثان ية سينخفض الدين بعد أداء أحد الأقساط إلى (تسع مئة ألف ريال) فلو ارتفع سعر الفائدة إلى %5فإنها ستكون على مجموع الدين المتبقي (تسع مئة ألف ريال) ( :خمس وأربعين ألف ريال). هذا وإن من أبرز دواعي اللجوء إلى العائد المتغير -فيما يظهر -هو أحد أمرين: -1 العائد الذي عليه. ارتباط الراغب بالعائد المتغير بعائد آخر متغير ،فهو يريد أن يقابل العائد الذي له َ -2 المقارنة بين الفوائد الربوية ،وبين صيغ التمويل الإسلامية ،بحيث ربما ُيراد لها محاكاة الفوائد الربوية تماماً. والخلاصة مما سبق :أن العائد المتغير في كثير من صوره لا يبدو أنه الحل الأفضل في صيغ التمويل، بل العائد الثابت المحدد عند أصل العقد هو الأفضل ،وهو إن كان يحوي بعض السلبيات والمخاطر ،إلا أنها قد تكون دون ما يوجد في العائد المتغير. وإذا ثبت أن بعض صيغ العائد المتغير محرمة :فإنه لا شك أن الضرر الذي فيها أكثر من النفع ،وإن خفي على بعض الناس بعض أوجه الضرر ،كما يلاحظ :أنه لا يلزم أن تكون جميع أفراد المعاملة المحرمة مشتملة على الضرر نفسه؛ ذلك أن النظر إنما يكون إلى العموم ،والشريعة قائمة على مبدأ سد الذرائع الموصلة إلى الحرام ،قال ابن رشد الجد" :العلة إذا وضعت حسماً للباب :لم تخصص في موضع من المواضع ،ألا ترى أن ( )1 ()2 () 3 () 4 () 5 التحوط بأنه " :الإجراءات التي تتخذ لحماية المال من التقلب غير المتوقع وغير المرغوب". يعرف ّ إدارة المخاطر ،د .طارق هللا خان و د .حبيب أحمد ،ترجم الأصل من الإنجليزية إلى العربية د .عثمان بابكر أحمد ،ص.57 انظر بتصرف يسير :المشتقات المالية ،د .سمير رضوان ،ص.247 انظر :الأزمات المالية في ضوء الاقتصاد الإسلامي ،د .سامي السويلم ،ص.36-35 مع أن متوسط أمد التمويل طويل الأجل قد يكون أكثر من ذلك ،وكلما طالت المدة كان ارتفاع القسط بارتفاع سعر الفائدة أكثر؛ لأن نسبة ما يؤدي من الدين إلى مجموعه ستكون أقل. منع قبول شهادة الأب لابنه ،والابن لأبيه –لأجل التهمة الغالبة في الطباع فحمل الباب محملاً واحداً ولم ينقض بنادر(.")1 ( )1المقدمات الممهدات.368/2 ، المرابحة بربح متغير صيغة المرابحة ،أو المرابحة المركبة (المرابحة للآمر بالشراء( ))1من أكثر صيغ التمويل التي حظيت بالبحث والدراسة ،كما أنها من أكثر الصيغ( )2تعاملاً لدى المصارف الإسلامية( ، )3إذ يذكر بعض الباحثين أن بيع المرابحة للآمر بالشراء يحتل ما بين %40و %90من مجمل عمليات البنوك الإسلامية ،ثم شرع في التفصيل في بعضها( ،)4وفي أحدى الإحصائيات بلغت نسبة المرابحة من مجمل صيغ التمويل في أحد السنوات عند أحد البنوك إلى نسبة .)5(%95 وليس محل البحث هنا حكم المرابحة أو المرابحة للآمر بالشراء ،وإنما هو في حكم العائد المتغير للمرابحة ،أو ما يسمى بالمرابحة بربح متغيرة. المراد بالمرابحة بربح متغير: ابتداء يراد بالمرابحة بربح متغير :أن يكون رأس المال في المرابحة محددا ًًً عند العقد ،أما الربح فلا يحدد ً للفترة كاملة ،وإنما يربط بمؤشر منضبط لكل فترة(.)6 حكم المرابحة بربح متغير(:)7 للمعاصرين من أهل العلم والباحثين قولان في هذه المسألة ،وذلك كما يلي: القول الأول :جواز المرابحة بربح متغير. وممن قال بهذا من الباحثين :فضيلة الدكتور يوسف الشبيلي(.)8 القول الثاني :تحريم المرابحة بربح متغير. وقد اختار هذا القول مجمع الفقه الإسلامي؛ إذ جاء في قراره بشأن البيع بالتقسيط(" :)9لا يجوز شرعاً في بيع الأجل التنصيص في العقد على فوائد التقسيط ،مفصولة عن الثمن الحال ،بحيث ترتبط بالأجل ،سواء اتفق العاقدان على نسبة الفائدة ،أم ربطاها بالفائدة السائدة( .")10بل ذهب -كما هو ظاهر -إلى منع ما هو دون الربح المتغير ،وذلك حين منع التنصيص في العقد على فوائد التقسيط ،مفصولة عن الثمن الحال. كما قد اختار هذا القول المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية ،جاء في المعايير الشرعية " :يجب أن يكون كل من ثمن السلعة في بيع المرابحة للآمر بالشراء وربحها محدداً ومعلوماً للطرفين عند التوقيع على عقد البيع .ولا يجوز بأي حال أن يترك تحديد الثمن أو الربح لمؤشرات مجهولة أو قابلة للتحديد في المستقبل؛ وذلك مثل أن يعقد البيع ويجعل الربح معتمداً على مستوى الليبور ) (LIBORالذي سيقع في المستقبل ،ولا مانع من ذكر المؤشرات المعروفة في مرحلة الوعد للاستئناس به في تحديد نسبة الربح ،على أن يتم تحديد الربح في عقد المرابحة للآمر بالشراء على أساس نسبة معلومة من التكلفة ولا يبقى الربح مرتبطاً بالليبور أو بالزمن(.")11 ( )1يفضل بعض الباحثين العدول عن هذه التسمية إلى تسميات أخرى ...ولا يظهر ما يوجب عن العدول عن مصطلح (المرابحة للآمر كاشف عن المعنى المراد بها ،كما أنه قد جاء مصطلحا (الآمر) (والمأمور) في كلام محمد بالشراء)؛ إذ إنه مع شهرته واختصاره: ٌ بن الحسن -رحمه هللا -حول هذه المعاملة ،وجاء مصطلح (الآمر) في كلام ابن القيم -رحمه هللا -حولها .انظر :المخارج في الحيل ،لمحمد بن الحسن ،133،المبسوط ،للسرخسي ،238-237/30 ،إعلام الموقعين ،لابن القيم.40-39/4 ، ( )2الشائع في التعامل لدى المصارف المرابحة المركبة ،بينما يقل أو يندر إجراء المرابحة البسيطة. ( )3انظر :إدارة المخاطر ،د .طارق هللا خان و د .حبيب أحمد ،ترجم الأصل من الإنجليزية إلى العربية د .عثمان بابكر أحمد ،ص.67 ( ) 4انظر :البنوك الإسلامية التجربة بين الفقه والقانون والتطبيق ،عائشة الشرقاوي المالقي ،ص .452وانظر أيضاً :التفاصيل العملية لعقد المرابحة في النظام المصرفي الإسلامي ،د .محمد عبد الحليم عمر ،ضمن بحوث ندوة خطة الاستثمار في البنوك الإسلامية الجوانب التطبيقية والقضايا والمشكلات ،ص ،182وانظر :تعليق السيد نوازش علي زيدي ،على البحث السابق، ص ، 229تجربة البنوك التجارية السعودية في بيع المرابحة للآمر بالشراء ،عبدالرحمن الحامد ،ص :ح ،تقويم مسيرة الاقتصاد الإسلامي ،أ.د عبد الرحمن يسري ،ص ، 29التحديات التي تواجه العمل المصرفي الإسلامي ،لمنور إقبال وآخرين ،ص ،69وينظر جدول يبين مدى حجم المرابحة من بين صيغ التمويل :ص ،100-98وينظر آخر في :تقويم دور المصارف الإسلامية في تطوير العمل المصرفي ،د .أحمد مجذوب ،حولية البركة ،العدد السادس رمضان ،1425ص.114 ( )5انظر :التحديات التي تواجه العمل المصرفي الإسلامي ،لمنور إقبال وآخرين ،ص .100-98 ( )6لمعرفة كيفية الربط ينظر :المرابحة بربح متغير ،د .يوسف الشبيلي ،ص .9-8 ( )7الكلام هنا منصب على حكم تغير الربح في المرابحة فحسب. ( )8انظر :المرابحة بربح متغير ،ص.13-12 ( )9يلاحظ أن المرابحة المتغيرة نوع من بيع المؤجل. ( )10قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي ،القرار رقم ( )51بشأن البيع بالتقسيط ،ص.109 ( )11المعايير الشرعية ،المعيار رقم ( )8المرابحة للآمر بالشراء ،ص ،114البند .6/4 وجاء فيها أيضاً" :يجوز اتخاذ مؤشر مثل معدل ليبور أو مؤشر أسعار أسهم وسلع محددة ،أساساً لتحديد الربح في الوعد بالمرابحة شريطة إبرام عقد المرا بحة على ربح معلوم لا يتغير بتغير ذلك المؤشر(.")1 واختار هذا القول -أيضاً -جمهور العلماء والباحثين المعاصرين(.)2 الأدلة: أدلة القول الأول (جواز المرابحة بربح متغير): الدليل الأول: الاستدلال بقاعدة الأصل في العقود( ، )3ذلك أن الأصل في المعاملات المالية الحل والصحة إلى عموم قول هللا تعالى( :وأحل هللا البيع)( ،)5وقوله تعالى ( :يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود)(.)6 ()4 استناداً كما يشهد لهذا الأصل من السنة حديث سعد بن أبي وقاص أن النبي ( قال إن أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته( ،) )7ووجه الدلالة منه أن الأصل في الأشياء -ومنها العقود – التي لم يرد فيها منع هو :الحل ،وهذا ظاهر من الحديث. يناقش ذلك: بأن الاستدلال بهذه القاعدة على الجواز مسلم حينما لا يأتي ما يدل على التحريم وينقل عن هذا الأصل، وقد جاء ما يدل على تحريم هذه المعاملة ،كما سيأتي في أدلة القول الثاني. الدليل الثاني: أن هللا إنما اشترط لصحة التجارة ،وجود التراضي ،كما قال ( لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم)( ، )8والتراضي متحقق في هذه المعاملة(.)9 يناقش ذلك: بأن من شروط الرضا المعتبر أن يكون بمعلوم ،فلا يتحقق الرضا شرعاً بشيء قبل العلم به ،ومقدار الربح في المرابحة بربح متغير غير معلوم حين العقد. يقول ابن حزم " :التراضي بضرورة الحس لا يمكن أن يكون إلا بمعلوم لا بمجهول( ،")10ويقول":والرضا لا يكون إلا بمعلوم( ،" )11ويقول" :لا يكون التراضي إلا بمعلوم المقدار ،وقد يرضى; لأنه يظن أنه يبلغ ثمناً ما ،فإن بلغ أكثر لم يرض المشتري ،وإن بلغ أقل لم يرض البائع(.")12 ( )1المعايير الشرعية ،المعيار رقم ( )27المؤشرات ،ص ،458البند .3/5 ( ) 2انظر :المخاطر في صيغ التمويل المصرفي الإسلامي ،د .محمد القري ،حولية البركة ،العدد السادس ،ص ،290الخدمات الاستثمارية في المصارف وأحكامها في الفقه الإسلامي ،د .يوسف الشبيلي ،622/2 ،تعقيبات د .محمد القري ،و د .صالح بن عبد هللا اللحيدان على بحث المرابحة بربح متغير للدكتور يوسف الشبيلي ،وتعليق د .عبد الستار أبو غدة عليه. ( )3انظر :المرابحة بربح متغير ،د .يوسف الشبيلي ،ص.14 ( )4ذهب إلى هذا جمهور أهل العلم خلافاً لرواية مرجوحة عن الإمام أحمد -كما يقول الزركشي -هي مذهب ابن حزم وغيره. انظر :الأم ،3/3 ،الإحكام ،لابن حزم ،48-5/5 ،القواعد الكلية ،ص ،365وما بعدها ،إعلام الموقعين ،344/1 ،شرح الزركشي،365/2 ، الموافقات.285-284/1 ، ويظهر – وهللا أعلم – أن الرواية التي أشار إليه الزركشي :مأخوذة من رواية المنع من وقف الإنسان على نفسه ،التي أشار إليها شيخ الإسلام -رحمه هللا -بقوله " :فإن أحمد قد يعلل أحياناً بطلان العقد بكونه لم يرد فيه أثر ولا قياس ،كما قاله في إحدى الروايتين في وقف الإنسان على نفسه " :القواعد الكلية ،ص .365وذلك لأن شيخ الإسلام –رحمه هللا– على سعة اطلاعه التي قل نظيرها :لم يذكر غير رواية الوقف .ولو كان للإمام أحمد –رحمه هللا– رواية صريحة في هذا لذكرها الشيخ -رحمه هللا -وإذا كان ذلك كذلك :فإن ما ذكره الزركشي – رحمه هللا – لا يسلم له؛ إذ إنه ربما كان مأخذ الإمام هو أن الوقف ألصق بجانب التعبد من جانب المعاملة ،وهللا أعلم. ( )5سورة البقرة ،الآية (.)275 ( )6سورة المائدة ،الآية (.)1 ( )7رواه البخاري ،2658/6ومسلم.1831 /4 : ( )8سورة النساء ،الآية (.)29 ( )9انظر :المرابحة بربح متغير ،د .يوسف الشبيلي ،ص.15-14 ( )10المحلى.223/7 ، ( )11المحلى.345/7 ، ( )12المحلى .512/7 ،وانظر.359/7 : ويقول السرخسي" :والرضا بالمجهول لا يصح( " )1ويقول الكاساني" :الرضا شرط البيع والرضا لا يتعلق إلا بالمعلوم( ")2ويقول الزيلعي" :الرضا بالشيء لا يتم قبل العلم به(.")3 ويقول العز بن عبد السلام" :الرضا بالمجهول والإبراء من المجهول لا يصحان؛ إذ لا يتصور توجه الرضا والإبراء مع الجهالة بالرضا والمبرأ منه ،كما لا يتصور توجه الإرادة إلا إلى معلوم أو مظنون(." )4 ولو قدر سلا مة التراضي في المرابحة بربح متغير من موانع صحته :فأن الرضا ليس هو الشرط الوحيد في العقود ،بل ثمة شروط أخرى غير متحققة في المرابحة المتغيرة ،كما سيأتي في أدلة القول الثاني. الدليل الثالث: أن الغرر أو الغبن في المرابحة بربح متغير دون الغرر الذي يوجد في الربح الثابت المحدد؛ لأن الإنسان سيرضى بسعر السوق المستقبلي الذي يتبايع به الناس ،بينما قد يشعر بالغبن حينما يكون السعر في المستقبل دون ما تعاقد عليه ،ونحو ذلك في الغرر. يناقش هذا الاستدلال: بأن الغرر أو الغبن ونحوهما ،والرضا ونحوه ،إنما محل النظر إليها :ح ين العقد؛ فاشتراط عدم الغرر يكون بالنظر إلى المعقود إليه حال العقد لا في المستقبل ،ولو كان للنظر في سعر السلعة في المستقبل أثر في الغرر لما خلا عقد من غرر ممنوع ،فالإنسان في البيوع الحالة ،لا يعلم ما سيكون عليه حال السلعة في أي وقت مستقبلي ،وكذلك الغبن :أن ما يكون بالنظر إلى قيمة السلعة حين العقد ،أما كون السلعة تباع بضعف أو نصف سعرها في وقت مستقبلي فلا مدخل لذلك على الغبن. وكذلك شرط الرضا :إنما يتحقق وينظر إليه حين العقد -لا قبله أو بعده ،-أما كون الإنسان لا يرضى بعد إجراء العقد ولزومه :فلا أثر لذلك إطلاقاً ،وإلا لأفضى ذلك إلى إفساد البيوع. الدليل الرابع: القياس على بعض البيوع الحالة التي تتفق مع المرابحة بربح متغير في أن الثمن فيها غير مسمى في العقد ،وذلك كما يلي: أولا :البيع بسعر المثل أو بما ينقطع به السعر(.)5 ووجه الشبه بين هذا البيع والمرابحة بربح متغير :أن الثمن في كليهما غير مسمى في العقد ،وإنما بناء على سعر السوق. يتحدد ً يناقش هذا القياس(:)6 على التسليم بصحة البيع بسعر المثل أو بما ينقطع به السعر ،فإن هذا قياس مع الفارق ،ووجه ذلك أن أي من العاقدين العل م به ،بينما السعر في المرابحة بربح البيع بسعر المثل هو بيع بسعر حا ّ ل قائم يمكن ٌ أحد :العاقدان وغيرهما. متغير :سعر مستقبلي غير قائم ،لا يعلمه ٌ ومما يوضح ذلك :أن من أدلة جواز البيع بسعر المثل ،أن سعر المثل هو الذي يصار إليه عند فساد مثل لم ابتداء؛ لأن "قيمة المثل التي تراضيا بها أولى من قيمة العقد وعدم التمكن من الرد :فجاز اعتباره ٍ ً ()1 ( )2 () 3 () 4 ()5 () 6 المبسوط.217/11 ، بدائع الصنائع.156/5 ، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق .79/4 ،وانظر .25/4 :وانظر :العناية شرح الهداية ،للبابرتي.193/6 ، قواعد الأحكام في مصالح الأنام ،للعز.177-176/2 ، انظر :المرابحة بربح متغير ،د .يوسف الشبيلي ،ص.16 يلاحظ أن عامة من منع هذه المعاملات :فإنما منعها لأجل الغرر فحسب ،بينما لا تقتصر علة المنع هنا على الغرر ،كما سيأتي. يتراضيا بها( ،" )1بينما البيع بسعر مستقبلي :يتنازعه سعر المثل عند العقد ،وسعر المثل عند الأداء ،وسعر المثل عند العقد أولى بالاعتبار. فإن قيل :إن الغرر في المرابحة بربح متغير دون البيع بسعر المثل من جهة أنه في الربح فحسب ،بينما هو في البيع بسعر المثل داخل على جميع الثمن. فالجواب :هو أن الربح مستقل في هذا العقد عن رأس المال .ومن ثم فإنه ينظر إلى مقدار الغرر فيه ،لا بضمه إلى رأس المال؛ لأنه المقصود أصلاً. ثانيا :البيع بما باع به فلان(.)2 ووجه الشبه بين هذا البيع والمرابحة بربح متغير هو :أن الثمن في كليهما غير محدد في العقد ،وإنما يتفق الطرفان على طريقة منضبطة لتحديده. يناقش هذا القياس: على القول بصحة "البيع بما باع به فلان" فثمة فرق بينه وبين المرابحة بربح متغير ،من جهة أن "البيع بما باع به فلان" يمكن العلم به؛ لأنه واقع ،بخلاف السعر في المرابحة المتغيرة فإنه مستقبلي لا يعلم .على أن "البيع بما باع به فلان" فيه شبه بالتوكيل بالبيع أو الشراء دون تحديد ثمن للموكَل كما قال شيخ الإسلام رحمه هللا( ، )3وهذا ما لا يكون في المرابحة المتغيرة .كما أن "البيع بما باع به فلان" له وجه آخر من الجواز من جهة أن "اعتبار الناس بالرجل المشهور الذي قد نصب نفسه لبيع البضائع ،أكثر من اعتبارهم ببيع المساومة(.")4 ثالثا :البيع بالرقم(.)5 ووجه الشبه بين هذا البيع والمرابحة بربح متغير هو :أن الثمن في كليهما لا يعلم في الحال وإنما يعلم في المآل. يناقش هذا القياس: بأن البيع بالرقم إذا كان مجهولاً للعاقدين أو أحدهما( )6على القول بصحته يفارق بيع المرابحة بربح متغير -إضافة إلى ما سبق كون السعر في هذه البيوع قائم -من جهة أن "المشتري يرضى بمخبرة البائع، وهو ما اشتراه به من ذلك البدل ،ويربحه فيه ما يتفقان عليه( ،")7وهذا يجوز؛ لأنه إذا كان لو وكل وكيلاً يشتري له أو يبيع ولم يعين له الثمن جاز ،فالشراء بالثمن الذي اشترى له البائع أولى بالجواز؛ لأن "اجتهاد التاجر لنفسه أبلغ في العادة من اجتهاد الوكيل لموكله( ." )8قال ابن تيمية" :الذي رأيته من نصوص أحمد :أنه إذا كان البائع عالماً بقدر الثمن جاز للمشتري أن يشتريه منه بذلك الثمن ،وإن لم يعلم قدره؛ فإنه ثمن مقدر في نفس الأمر، وقد رضي هو بخبرة البائع وأمانته(.")9 وإذا كان سعر الرقم محدداً من الجهة ذات المسؤولية فإن جواز البيع أظهر؛ لأنه من جنس البيع بسعر السوق الذي لا يختلف( ، )10كما أن الفرق بينه في هذه الحالة وبين المرابحة بربح متغير أجلى. ومع ما سبق :فقد نقل ابن مفلح -رحمه هللا -إن شيخ الإسلام يوجب في نحو ذلك ثمن المثل فحسب. قال في الفروع " :السادس( : )1معرفة الثمن ،فلا يصح برقم مجهول ،أو بما ينقطع سعره ،أو كما يبيع الناس على الأصح فيهن ،وصححه شيخنا بثمن المثل كنكاح(.")2 ( )1الفروع .324/6 ،وانظر:جامع المسائل ،المجموعة الرابعة ،ص.336 ( )2انظر :المرابحة بربح متغير ،د .يوسف الشبيلي ،ص.20 ( )3انظر :نظرية العقد ،ص ،222النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر ،لابن مفلح.300/1 ، ( )4الشرح الممتع.174/8 ، ( )5انظر :المرابحة بربح متغير ،د .يوسف الشبيلي ،ص.21 ( )6ظاهر كلام شيخ الإسلام عن "البيع بالرقم" الذي منعه عامة الفقهاء أن الرقم يكون مجهولاً للمشتري فحسب ،قال في نظرية العقد " :إذا علم المشتري قدر الرقم :لم يشكل على أحد ،ولكن المسئول عنه الرقم الذي رقمه البائع ولم يعلم المشتري قدره": ص .222ومع ذلك فقد ذكر بعض الفقهاء جهالته لأحدهما أو لهما جميعاً .انظر :الإنصاف.133/11 ، كما أن ظاهر كلامه :أن الرقم هو الثمن الذي اشترى به البائع السلعة .انظر :نظرية العقد ،ص ،222النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر ،لابن مفلح ،299/1 ،وفيه يقول" :الرقم رأس المال".300/1 : ( )7نظرية العقد ،ص.222 ( )8نظرية العقد ،ص .222وانظر :الفوائد السنية.300/1 ، ( )9نظرية العقد ،ص.224 ( )10انظر :الشرح الممتع.171/8 ، رابعا بيع بعض الجملة بتحديد سعر الوحدة ()3 (بعتك من هذه الصبرة :كل قفيز بدرهم(.))4 ووجه الشبه بين هذا البيع والمرابحة بربح متغير هو :أن الثمن في كليهما غير متحدد عند العقد ،وإنما يتحدد في المآل وفق آلية يتفق عليها الطرفان لا تفضي إلى النزاع. يناقش هذا القياس: بأنه ثمة فرق بين هذه المسألة وبين الربح في المرابحة بربح متغير ،وذلك لأن طرفي المرابحة بربح متغير يجهلان مقدار الربح؛ لأنه يتحدد في وقت لاحق ،في حين أن أحد الطرفين في هذه المعاملة -وهو المشتري -الجها لة عنده منتفية ،ذلك أنه علم سعر الوحدة ومقدارها ،وهو مخير في أن يشتري منها ما شاء .أما البائع فهو وإن كان لا يعلم عدد الوحدات التي سيشتريها المشتري ،إلا إن ذلك غير مؤثر عنده؛ لأنه لو لم يكن يريد عرض السلعة كلها للبيع :لاستثنى منها ما لا يريد بيعه ،وبهذا يت بين أنه لا جهالة مؤثرة في هذه المعاملة بخلاف المرابحة بربح متغير(.)5 الدليل الخامس: القياس على بعض البيوع الآجلة التي تتفق مع المرابحة بربح متغير في أن الثمن فيها غير مسمى في العقد ،وذلك كما يلي: أولا :البيع بشرط النفقة لمدة معلومة(( .)6بيع السلعة بالنفقة مدة محددة على معين). يناقش هذا القياس: بأن "بيع السلعة بالنفقة مدة محددة على معين" من بيع الغرر غير المؤثر؛ إذ إنه غرر يسير يعفى عن مثله ،ونحو ذلك في الإجارة( ،)7ووجه كون الغرر فيه يسيراً هو :أن النفقة معلومة أو مقاربة ،ولهذا متى ما اختل هذا الأمر بأن لم ُي َع ّين المنفق عليه ،أو كان ممن لا تنضبط نفقته :انتقل الحكم من الجواز إلى الحرمة. قال في كشاف القناع( " :و) يصح البيع (بنفقة عبده) فلان أو أمته فلانة (شهراً) أو زمناً معيناً قل أو كثر; لأن ذلك له عرف يضبطه ،بخلاف نفقة بعيره أو نحوه وكذا حكم إجارة (فلو فسخ العقد) بنحو عيب (رجع) المشتري (بقيمة المبيع عند تعذر معرفة الثمن) بتلف الصبرة أو الصنجة أو الكيل المجهولين ،وعدم ضبط نفقة العبد وقلنا :يرجع بقيمة المبيع إذن لأن الغالب أن الشيء يباع بقيمته(." )8 تأجر بنفقته إذا ظهر أكولاً بخلاف عادة ومما يؤكد الانضباط في ذلك أن المالكية نصوا على أن المس َ الناس :فللمستأجر الفسخ ،إلا أن يرضى الأجير بنفقة وسط(.)9 وبهذا يتبين الفرق بين "بيع السلعة بالنفقة مدة محددة على معين" وبين "المرابحة المتغيرة" ،فالأول له عرف يرجع إليه ،إضافة إلى تقديره من طرفي العقد ،بينما الربح في "المرابحة المتغيرة" ليس منضبط ًا ولا قائماً ،إضافة إلى أنه يضم إلى ذلك كونه متغيراً غير ثابت. ( )1 ()2 () 3 ()4 () 5 () 6 () 7 ( )8 ()9 أي من شروط البيع. الفروع .155/6 ،وانظر :المبدع.34/4 ، ومما يشهد لذلك أنه صحح البيع دون تسمية الثمن وله ثمن المثل .انظر :حاشية ابن قندس على الفروع،156/6 ، الإنصاف ،132-131/11،الاختيارات ،ص.180 انظر :المرابحة بربح متغير ،د .يوسف الشبيلي ،ص.21 انظر :المغني.208/6 ، انظر :الشرح الكبير ،لشمس الدين ابن قدامة.140/11 ، انظر :المرابحة بربح متغير ،د .يوسف الشبيلي ،ص.23 انظر :تقرير القواعد وتحرير الفوائد ،القاعدة الثانية والسبعون.56/2 ، وإن كان الجواز في الإجارة أظهر؛ من جهة أن عدم التحديد الدقيق في الثمن يقابله عدم انضباط دقيق في المثمن (عمل الأجير) ،لكن الشريعة اغتفرت هذا الغرر حثاً على السعي والاكتساب ،قال ابن عاشور " :فهذه العقود لا تخلو من غرر لعسر ان ضباط العمل المتعاقد عليه ،وعسر معرفة العامل ما ينجر إليه من الربح من جراء عمله ،ولعسر انضباط ما ينجر إلى صاحب المال فيها من إنتاج أو عدمه ،غير أن الشريعة ألغت هذا الغرر لأن إضرار مراعاته أشد من إضرار إلغائه؛ لما في مراعاته من حرمان كثير من الأمة فوائد السعي والاكتساب :"...مقاصد الشريعة لابن عاشور ،ص .493وانظر :ص . 73وانظر :زاد المعاد، . 20/5 كشاف القناع .173/3 ،وانظر :شرح المنتهى.18-17/2 ، انظر :مواهب الجليل ،470/7 ،شرح الخرشي ،14-13/7 ،الشرح الكبير وحاشية الدسوقي ،14/4 ،منح الجليل.470/7 ، مؤجل في "بيع السلعة بالنفقة مدة محددة على معين" ،وقد يزيد وينقص ،فهو فإن قيل :إن الثمن ٌ متغير كالمرابحة بربح متغير ،ومع هذا أجازه الحنابلة وغيرهم. فالجواب هو :أن ا لذي يزيد وينقص هو قيمة النفقة ،وليست النفقة ذاتها ،والعوض إنما هو النفقة مدة محددة لا قيمة النفقة ،وعلى هذا :فلا أثر لغلاء أو رخص قيمة النفقة؛ إذ ليس العقد عليها ،نظيره ذلك في السلم :لا أثر لغلاء أو رخص المسلم فيه ،لأن المعقود عليه هو السلعة .وهذا كله يخالف الربح في المرابحة المتغيرة. فإن قيل :إن النفقة تتفاوت بحسب الفصول -مثلاً -أو تغير حاجة المنفق عليه. فالجواب هو :التغير بحسب الفصول مدرك ومعلوم حال العقد .أما تغير حاجة المنفق عليه فذلك يخالف الأصل أولاً ،ثم إن هذا التغير المخالف للعادة لا يطالب به المتضرر من طرفي العقد -كما سبق قريباً- من كلام المالكية. ثانيا السلم بسعر السوق(.)1 ووجه ذلك :أنه لا فرق بين كون المحدد بناء على سعر السوق يوم التسليم :الثمن أو المثمن ،والتفريق بينهما تفريق بين متماثلين. يناقش هذا القياس: مع أن في القول بجواز السلم بسعر السوق يوم التسليم نظر؛ لحديث ابن عباس -رضي هللا عنهما -قال قدم النبي المدينة وهم يسلفون بالتمر السنتين والثلاث فقال" :من أسلف في شيء ففي كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم( :" )2فإن هذه الصيغة مع ما فيها من شبة ببيع المرابحة بربح متغير؛ إلا أن الغرر في المرابحة بربح متغير أشد منه في السلم بسعر السوق يوم التسليم ،ومما يبين ذلك أن حاصل بيع السلم بسعر السوق يكاد يكون ثمن مقدر بمثله إضافة إلى ربح معلوم :مشاع ( %5مثلاً) أو معين (ريال في الكيلو مثلاً)(،)3 بينما حاصل بيع ال مرابحة بربح متغير يكاد يكون ثمن مقدر بمثله إضافة إلى ربح غير معلوم ،وإنما يعلم في أجل لاحق ،وهذا فرق مؤثر. ومما يؤكد هذا :أن شيخ الإسلام -رحمه هللا -الذي جاء عنه جواز السلم بسعر السوق يوم التسليم( ،)4لم ير جواز البيع بسعر السوق المستقبلي "السعر الذي لم يستقر بعد" ،قال" :الذي وجدته منصوصاً عن أحمد: جواز البيع بالرقم وبالقيمة ،دون السعر الذي لم يستقر بعد ،ولم يعلمه البائع(.")5 وقال" :وأما إذا كان السعر لم ينقطع بعد ولكن ينقطع فيما بعد ،ويجوز اختلاف قدره :فهذا قد منع منه؛ لأنه ليس وقت البيع ثمن مقدر في نفس ال أمر ،والأسعار تختلف باختلاف الأزمنة فقد يكون سعره فيما بعد العقد أكثر مما كان وقت العقد(.")6 ُيقال هذا على في المرابحة بربح متغير محاذير أخرى غير الغرر لا توجد في السلم بسعر السوق يوم التسليم. الدليل السادس: قياس المرابحة بربح متغير على الإجارة بأجرة متغيرة ،بجامع التغير في كل منهما ،والإجارة نوع من البيوع(.)7 يناقش هذا الاستدلال: () 1 () 2 () 3 () 4 ()5 ()6 ()7 انظر :المرابحة بربح متغير ،د .يوسف الشبيلي ،ص.24 متفق عليه ،البخاري في كتاب السلم ،باب السلم في وزن معلوم ،85/3 ،ومسلم .55/5 ،وهذا لفظ البخاري. معين كما ذكر شيخ الإسلام ،ومشاع كما ذكر الشيخ ابن عثيمين في تعليقه على الاختيارات .انظر :جامع المسائل ،المجموعة الرابعة ،ص ،337-336الاختيارات ،ص.193 يبدوا أن كلام شيخ الإسلام -رحمه هللا -في هذه المسألة منحصر في نص فريد جاء في جامع المسائل ،المجموعة الرابعة، ص ،337-336وهو في الفتاوى العراقية ،63/1 ،ويبدوا أن ابن مفلح -على اختصاصه بابن تيمية -لم يبلغه عن شيخه في هذه المسألة سوى هذه الفتوى ،فنقل جزءاً منها في الفروع .325/6 ،وانظر :الاختيارات ،ص.193 وكلام الشيخ -رحمه هللا -محتمل ،وليس صريحاً ،ولا أعلم أنه ُنقل جواز ذلك عن غيره. نظرية العقد ،ص.220 نظرية العقد ،ص .224وانظر :ص .165 انظر :المرابحة بربح متغير ،د .يوسف الشبيلي ،ص.29 بأن الإجارة المتغيرة -مع أن في جوازها نظر ظاهر -تفارق بيع المرابحة بربح متغير من جهة أن المعوض عنه في الإجارة يقبض ويستوفى شيئاً فشيئاً ،فكان لاعتبار السعر يوم الاستيفاء وجه اعتبار ،وهذا يفارق البيع الذي يقبض في الأصل مرة واحد فكان المراعى عند الرجوع إلى سعر المثل هو :سعر المثل عند العقد لا عند التحاسب. كما أن مما يبين الفرق بين البيع والإجارة :أن الإجارة عقد على منفعة تفوت عند عدم الانتفاع بها ،بينما البيع عقد على عين لا تفوت عند عدم الانتفاع بها مدة معينة ،ولهذا جرت العادة أن الإنسان يؤجر بسعر المثل مهما كان منخفضاً ،بينما قد لا يبيع الإنسان السلعة بسعر مثلها إذا كان منخفضاً ،ويفضل حبسها إلى حين ارتفاع سعرها؛ لأن الحبس لا يفوت عليه شيء. أدلة القول الثاني (تحريم المرابحة بربح متغير): الدليل الأول: اشتمال المرابحة بربح متغير على الربا( ،)1أو شبهته( ،)2وذلك من وجهين: الوجه الأول :أن الثمن قد يزيد عند حلول الأجل عما كان عليه عند العقد ،وذلك عندما يكون هامش الربح في السوق عند حلول الأجل أكثر منه عند إجراء العقد(.)3 الوجه الثاني :أن الربح المتغير إنما يؤخذ في حقيقة الأمر على دين المرابحة لقاء الأجل المتفق عليه، وليس على السلعة محل المرابحة -وهذا ظاهر ، -وإذا كان مجمع الفقه الإسلامي منع من التنصيص على فوائد التقسيط في العقد مفصولة عن الثمن الحال حتى لو كانت محددة ثابتة لشبهة الربا ،فكيف بهذه الصورة التي يحسب فيها ربح المرابحة على دين المرابحة ،جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي " :لا يجوز شرعاً في بيع الأجل التنصيص في العقد على فوائد التقسيط ،مفصولة عن الثمن الحال ،بحيث ترتبط بالأجل." )4(... بل رأى ابن عباس -رضي هللا عنهما -أن بيع (ده دوازده( ))5ربا( )6؛ لأن الربح قوم بالثمن ،فكيف بهذه الصورة؟ وقال شيخ الإسلام ابن تيمية" :وأما إذا قوم السلعة بقيمة حالة وباعها إلى أجل بأكثر من ذلك :فهذا منهي عنه في أصح قولي العلماء كما قال ابن عباس :إذا استقمت بنقد ثم بعت بنقد فلا بأس ،وإذا استقمت بنقد ثم بعت بنسيئة فتلك دراهم بدراهم .ومعنى قوله :استقمت :أي قومت وهللا أعلم(.")7 نوقش الوجه الأول: بأن "الدين ليس فيه زيادة؛ لأن العاقدين لم ينظرا أصلا ً إلى هامش الربح في السوق عند العقد ،وإنما ابتداء ،فالذي استقر في ذمة المشتري هو المبلغ الأخير فقط دون ما قبله(.")8 جرى العقد على السعر الأخير ً ( )1 ()2 () 3 () 4 ( )5 ()6 ( )7 () 8 بين الحافظ ابن رجب -رحمه هللا -في الفتح :أنه يدخل في تحريم الربا جميع أكل المال بالمعاوضات الباطلة المحرمة ،واستطرد ّ في بيان ذلك في كلام السلف .ينظر فتح الباري في شرح صحيح البخاري.534-532/2 ، انظر :المرابحة بربح متغير ،د .سامي السويلم ،ص ،9الخدمات الاستثمارية في المصارف وأحكامها في الفقه الإسلامي.622/2، انظر :المرابحة بربح متغير ،د .يوسف الشبيلي ،ص.29 قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي ،القرار رقم ( )51بشأن البيع بالتقسيط ،ص.109 كلمة فارسية تعني :العشرة اثنا عشر .انظر :كشاف القناع ،230/3 ،شرح المنتهى.52/2 ، انظر :مصنف ابن أبي شيبة.409/4 ، مجموع الفتاوى.496/29 ، انظر :المرابحة بربح متغير ،د .يوسف الشبيلي ،ص.29 الدليل الثاني: دخول بيع المرابحة بربح متغير في بيع الغرر( )2()1الذي نهى عنه رسول هللا ،)3(وذلك أن مقدار الربح لما ذكر فيها متغير غير معلوم؛ فقد يزيد على المتوقع وقد ينقص ،وجهل ذلك نوع من الغرر ،يقول ابن القيم ّ شيئاً من بيوعات الغرر" :ونحو ذلك مما لا يعلم حصوله أو لا يقدر على تسليمه ،أو لا يعرف حقيقته ، ومقداره( ." )4والربح في المرابحة بربح متغير :غير معلوم المقدار. ظاهر( ،)5وإنما الشأن في كون الغرر فيها مؤثراً أم لا؟ أمر إن اشتمال المرابحة بربح متغير على الغرر ٌ ٌ ويمكن عرض المرابحة بربح متغير على ضوابط الغرر المعفو عنه حتى يتبين مدى تحقق الغرر الممنوع فيها من عدمه. وبالنظر في نصوص الشريعة وفي كل ام أهل العلم :يتبين أن الغرر يعفى عنه في حالات أربع(:)6 )1 إذا كان في غير المعاوضات المالية. )2 إذا كان يسيراً. )3 إذا وقع تبعاً غير مقصود(.)7 )4 إذا دعت إليه الحاجة(.)8 وعند عرض المرابحة بربح متغير على الحالات السابقة فسيتبين الآتي: -1 المرابحة بربح متغير :من عقود المعاوضات المالية ،فلا تدخل في الحالة الأولى من حالات الغرر المعفو عنه. -2 الغرر في المرابحة بربح متغير :ليس بيسير؛ ذلك أن أهل العلم -رحمهم هللا -مجمعون على اغتفار الغرر اليسير( ، )9إلا أنهم اختلفوا في ضبطه ،ومما جاء في ضبطه" :ما شأن الناس التسامح فيه( ،")10وليس من شأن الناس التسامح في مثل الغرر الحاصل في الربح المتغير؛ الذي قد يزيد على ضعف المتوقع كما قد ينقص إلى أقل من نصف المتوقع ،وعلى ذلك فلا تدخل المرابحة بربح متغير في الحالة الثانية من حالات الغرر المعفو عنه. ومما يبين أن الغرر في المرابحة بربح متغير ليس يسيراً :أن العلماء يذكرون أن الغرر اليسير إنما أبيح للحاجة، يقول شيخ الإسلام " :والحاجة الشديدة يندفع بها يسير الغرر( ،" )11وقال خليل في مختصره" :واغتفر غرر يسير للحاجة( ." )12وليست الحاجة المبيحة للغرر متحققة هنا -كما سيأتي.- كما أن بعض أهل العلم يذكرون أنه عفي عن يسير الغرر؛ لأنه يصعب التحرز منه ،ومعلوم أنه يمكن التحرز من الغرر في المرابحة بجعل الربح ثابتاً ،لا متغيراً. وبهذا يتبين أن الغرر في المرابحة بربح متغير ليس بيسير ،بل هو غرر فاحش. -3 الغرر في المرابحة بربح متغير :وقع في المعقود عليه أصالة ،وذلك لأن الغ رر متحقق في ربح المرابحة ،وهو المقصود أصالة ،فلا يمكن أن يكون تبعاً .وعلى ذلك فلا تدخل المرابحة بربح متغير في الحالة الثالثة من ( )1عرف شيخ الإسلام الغرر بأنه "المجهول العاقبة" :مجموع الفتاوى .22/29 ،وينظر في تعريفات الغرر :الغرر وأثره في العقود ،د. الصديق الضرير ،ص.34-28 ( )2انظر :المرابحة بربح متغير ،د .سامي السويلم ،ص ، 12الخدمات الاستثمارية في المصارف وأحكامها في الفقه الإسلامي.622/2، ( )3جاء ذلك في حديث في حديث أبي هريرة في صحيح مسلم .3/5 ،وله طرق كثيرة عن غيره من الصحابة ،حتى عده الكتاني في نظم المتناثر من المتواتر ،انظر :ص.102 ( )4زاد المعاد . 818/5 ، ( )5قلما يسلم بيع من نوع غرر .انظر :الموافقات ،14/2 ،الاعتصام.144-143/2 ، ( )6يلاحظ أن هذه الحالات ليس مجمع عليها. ( )7يلاحظ :أ ن الحالتين الثانية والثالثة تكادان تندرجان تحت الحالة الرابعة. ( )8انظر :الغرر وأثره في العقود ،د .الصديق الضرير ،ص ،612-583الغرر في العقود وآثاره في التطبيقات المعاصرة ،ص.47-39 ( )9انظر :بداية المجتهد ، 1215/3 :الذخيرة ، 354/4 :المجموع ،311/9 ،شرح مسلم للنووي ،156/10 ،الشرح الكبير للدردير. 60/3 ، ( )10حاشية الدسوقي . 60/3 ، ( )11مجموع الفتاوى .49/29 ، ( )12ص .176وانظر :التمهيد ،143/17 ،زاد المعاد ،820/5 ،التاج والإكليل.294/4 ، حالات الغرر المعفو عنه. -4 الغرر في المرابحة بربح متغير :ليس مما تدعو إليه الحاجة المبيحة للغرر ،ووجه ذلك: أن الحاجة المبيحة للغرر هي الحاجة المتعينة ،ومعنى ذلك أن تنسد جميع الطرق المشروعة للوصول للغرض سوى ذلك العقد الذي فيه غرر ،فمتى ما تهيأ الطريق المشروع لدفع الحاجة :لم يجز اللجوء إلى طريق مشتمل على محرم بدعوى الحاجة( ، )1قال النووي رحمه هللا" :قال العلماء :مدار البطلان بسبب الغرر والصحة مع وجوده على ما ذكرناه ,وهو :أنه إذا دعت الحاجة إلى ارتكاب الغرر ولا يمكن الاحتراز عنه إلا بمشقة ,أو كان الغرر حقيراً جاز البيع ,وإلا فلا(.")2 وفي المرابحة يمكن الاستغناء عن الربح المتغير بالربح الثابت ،فلم تبق حاجة معتبرة تبيح الغرر في المرابحة بربح متغير. وإذا تبين أن الحاجة في المرابحة بربح متغير :ليست متعينة ،فإنها -أيضاً -ليست شديدة ،وإن سلم بأنها شديدة :فإن الغرر فيها ليس يسيراً أو واقعاً تبعاً حتى يعفى عنه مع الحاجة. وبما سبق :يتبين أن الغرر في المرابحة بربح متغير ليس من قبيل الغرر المعفو عنه ،ومما يؤكد أنه من الغرر الممنوع :أنه غرر مقصود وما كان هذا شأنه فإنه :ممنوع ،قال المازري" :ما كان الغرر فيه مقصوداً يجب أن يفسد العقود ،وما كان الغرر فيه نزراً يسيراً غير مقصود وتدعو الضرورة إلى العفو :لا يفسد به العقد(.")3 نوقش الاستدلال بالغرر: -1 أن الجهالة المفسدة للعقد هي الجهالة المفضية للنزاع ،والجهالة في "المرابحة بربح متغير" ليست مفضية؛ لأن الربط بمؤشر منضبط :لا يؤدي إلى النزاع. -2 أن الحاجة داعية إلى "المرابحة بربح متغير" ،ومن ثَم فالغرر فيها مغتفر للحاجة. -3 أن الغرر يسير ،من جهة أنه مهما كان التغير فهو يسير بالنسبة إلى السعر الكلي للسلعة. يجاب عن المناقشة الأولى: بأن الشريعة جاءت بمنع الجهالة الشديدة التي تفضي إلى النزاع ،حتى ولو خلت بعض صورها من الإفضاء إلى النزاع؛ ذلك أن الشريعة حسمت هذا الباب ،قال ابن رشد الجد" :العلة إذا وضعت حسماً للباب :لم تخصص في موضع من المواضع ،ألا ترى أن منع قبول شهادة الأب لابنه ،والابن لأبيه –لأجل التهمة الغالبة في الطباع فحمل الباب محملاً واحداً ولم ينقض بنادر( . ")4وكما سبق :فرق بين الجهالة المقصودة التي يعفى عنها في بعض الأحوال ،والجهالة المقصود المتعمدة. والخلاصة :أنه لا يسلم بأن الجهالة في المرابحة بربح متغير غير المفضية للنزاع ،قال الكاساني مشيراً إلى الفرق بين الجهالة المفضية إلى النزاع ،وغير المفضية" :ولو قال :بعتك قفيز ًا من هذه الصبرة :صح ،وإن كان قفيزاً من صبرة :مجهولاً ،لكن هذه جهالة لا تفضي إلى المنازعة; لأن الصبرة الواحدة متماثلة القفزان ،بخلاف الشاة من القطيع وثوب من الأربعة; لأن بين شاة وشاة تفاوتاً فاحشاً وكذا بين ثوب وثوب( .")5ولا شك أن الجهالة في المرابحة بربح متغير أشد من الجهالة في "بعتك شاة من هذا القطيع". يجاب عن المناقشة الثانية: بأنه لا يصح القول باغتفار الغرر في "المرابحة بربح متغير" لأجل الحاجة؛ لأنها -إن سلم بها -حاجة غير شديدة ،وغير متعينة ،ثم إن الغرر فيها كثير مقصود. يجاب عن المناقشة الثالثة: بأنه لا يسلم بأن الغرر في المرابحة بربح متغير :يسير ،وذلك لأن مقدار الربح :مقصود أساس للمتعاقدين ،وهذ ا التغير الذي يلحق الربح ليس باليسير -كما سبق .-وإن مما يؤكد ذلك :أنه إذا كان التغير الحاصل للربح يسيراً مغتفراً :فلماذا لا تكون المرابحة بربح ثابت؛ لأن الزيادة والنقصان في الربح في السوق () 1 ()2 ()3 () 4 ( )5 ينظر :الغرر وأثره في العقود ،ص ،606-604الحاجة وأثرها في الأحكام دراسة نظرية تطبيقية ،د .أحمد الشرعية.190-187/1 ، المجموع .311/9 ، المعلم ،244/2 ،عن طريق جمهرة القواعد الفقهية.310/1 ، المقدمات الممهدات.368/2 ، بدائع الصنائع .158/5 ،وانظر :البحر الرائق شرح كنز الدقائق.281/5 ، يسيرة لا يلتفت إليها؟ والواقع أن الداعي إلى إيجاد صيغة المرابحة بربح متغير هو أن تغير سعر المرابحة ليس بيسير. وبذلك يتبين أن الغرر غير يسير ،إضافة إلى أنه غرر مقصود -كما سبق -فلا يصح جعله من الغرر المعفو عنه. كل :فإن الناظر فيما منعه أهل العلم لأجل الغرر يرى أن الغرر في كثير منه دون الغرر الموجود وعلى ٍ في المرابحة بربح متغير. الدليل الثالث: دخول المرابحة بربح متغير في "بيعتين في بيعة" المنهي عنها( . )1ووجه ذلك :أن من معاني "بيعتين في بيعة" أن يقول بعتك هذه السلعة بكذا نقداً أو بكذا نسيئة ،ثم يفترقان دون اختيار لأحد الثمنين ،ومع كون هذا التفسير ل "بيعتين في بيعة" مختلف فيه عن د الفقهاء ،إلا أنهم لا خلاف بينهم في منع هذه الصورة من البيع(.)2 ومما يبين دخول المرابحة بربح متغير في هذه الصورة المحرمة: -1أنه بينما تحصر هذه الصورة المحرمة الثمن بين ثمنين ،فإن المرابحة بربح متغير ليس فيها تحديد للثمن ،فهي أولى بالمنع. -2أن الحديث يمنع البيع بثمنين مع وجود مقابل للأجل للفرق بين الثمن الأعلى والأدنى ،فالثمن الأعلى أبعد أجلاً من الأدنى ،بينما في المرابحة بربح متغير يثبت الثمن الأعلى دون أن ينتفع المدين من الزيادة في الدين بشيء ،فيكون المنع آكد. -3أنه إذا كان يمنع من البيع بثمنين ،مع أن تحديد أحدهما يقع باختيار المشتري (المدين)؛ لأنه الذي يختار الأجل الذي يدفع فيه الثمن ،فإن المنع في بيع المرابحة بربح متغير :أولى لأنه يقع دون اختياره بل وفقاً للمؤشر(.)3 نوقش هذا الاستدلال: بأن المرابحة بربح متغير ليس فيها إلا ثمن واحد ،فليس فيها ثمنين حتى تدخل في هذا التفسير ل"بيعتين في بيعة"(.)4 يجاب عن هذه المناقشة: مع التسليم بأن هذه الصورة ل"بيعتين في بيعة" غير متحققة في بيع المرابحة بربح متغير ،إلا أنها لا منع من البيع بثمنين ،وذلك لأن علة المنع عند أهل العلم أحد أمرين: تسلم من المعنى الذي لأجله ُ أ -ا لغرر .ووجه :الجهل بثمن المبيع( ،)5قال الكاساني " :وكذا( )6إذا قال :بعتك هذا العبد بألف درهم إلى سنة ،أو بألف وخمس مئة إلى سنتين; لأن الثمن مجهول( ." )7وإضافة إلى ما سبق بيانه من تلبس "المرابحة بربح متغير" بالغرر :فإن جهالة الثمن فيها أشد منها في "البيع بثمنين" ،وهذا ظاهر من جهة أن الثمن في البيع بثمنين محصور بأحد ثمنين معلومين للعاقدين ،بينما سعر الربح في "المرابحة بربح متغير" يحتمل عدة أثمان غير معلومة لأحد من المتعاقدين. ب -الربا أو سد الذريعة إليه ،وإلى هذا ذهب الإمام مالك -رحمه هللا ،-قال معللاً المنع " :لأنه إن أخر العشرة كانت خمسة عشر إلى أجل وان نقد العشرة كان إنما اشترى بها الخمسة عشر التي إلى أجل( ،")8وقال ابن رشد موضحاً كلام الإمام مالك" :وعلة امتناعه عند مالك :سد الذريعة الموجبة للربا لإمكان أن يكون الذي له الخيار قد اختار أولاً إنفاذ العقد بأح د الثمنين المؤجل أو المعجل ،ثم بدا له ولم يظهر ذلك ،فيكون قد ترك ( )1 () 2 () 3 () 4 ()5 ( )6 ( )7 ()8 انظر :المرابحة بربح متغير ،د .سامي السويلم ،ص.15 انظر :بداية المجتهد ،1208/3 ،الغرر وأثره في العقود ،ص .82وانظر :إعلام الموقعين.485/3 ، انظر :المرابحة بربح متغير ،د .سامي السويلم ،ص ،17-16وفيه أوجه أخرى. انظر :المرابحة بربح متغير ،د .يوسف الشبيلي ،ص .34 انظر :الاستذكار ،137-136/17 ،بدائع الصنائع ،158/5 ،الفواكه الدواني ،95/2 ،بداية المجتهد.1209/3 ، أي :البيع فاسد. بدائع الصنائع158/5 ، الموطأ برواية يحيى بن يحيى .663/2 ،وانظر :المدونة ،20/3بداية المجتهد.1209/3 ، أحد الثمنين للثمن الثاني ،فكأنه باع أحد الثمنين بالثاني ،فيدخله ثمن بثمن نسيئة ،أو نسيئة ومتفاضلاً( .")1ومع كون علة المنع هذه أبعد من سابقتها ،فقد سبق بيان وجه اشتمال المرابحة بربح متغير على الربا أو شبهته. الراجح: بعد عرض هذه المسألة ،فالذي يظهر رجحانه من هذين القولين -وهللا أعلم -هو منع المرابحة بربح متغير لما سبق من أدلة المنع. وبما أن الفروع الفقهية التي قيست عليها المرابحة للآمر بالشراء إنما قال بالجواز فيها شيخ الإسلام - رحمه هللا -وغيره ،وبعضها لم ينقل الجواز فيها عن غير شيخ الإسلام -رحمه هللا : -فإن من المهم الإشارة إلى أن القول بمنع المرابحة بربح متغير -وهللا أعلم -هو الذي يتخرج على أصول شيخ الإسلام -رحمه هللا -وذلك من أوجه: -1 أن بيع المرابحة بربح متغير أقرب -كما هو ظاهر -إلى صورة البيع بسعر السوق في المستقبل ،من صورة البيع بسعر السوق حال العقد ،وقد سبق شيء من كلام شيخ الإسلام في منع البيع بسعر السوق في المستقبل ،ومن ذلك قوله" :وأما إذا كان السعر لم ينقطع بعد ولكن ينقطع فيما بعد ،ويجوز اختلاف قدره: فهذا قد منع منه؛ لأنه ليس وقت البيع ثمن مقدر في نفس الأمر ،والأسعار تختلف باختلاف الأزمنة فقد يكون سعره فيما بعد العقد أكثر مما كان وقت العقد(.")2 -2 أن المرابحة بربح متغير تستخدم في كثير من الأحيان إن لم يكن في أكثرها لغرض التورق ،والتورق المنظم، ورأي شيخ الإسلام هو تحريم التورق الفردي( )3فكيف بالمنظم؟ -3 قوله" :وأما إذا قوم السلعة بقيمة حالة وباعها إلى أجل بأكثر من ذلك :فهذا منهي عنه في أصح قولي العلماء كما قال ابن عباس :إذا استقمت بنقد ثم بعت بنقد فلا بأس ،وإذا استقمت بنقد ثم بعت بنسيئة فتلك دراهم بدراهم .ومعنى قوله :استقمت :أي قومت وهللا أعلم(.")4 ()1 ()2 () 3 ( )4 بداية المجتهد.1209/3 ، نظرية العقد ،ص .224وانظر :ص .165 انظر :إعلام الموقعين عن رب العالمين ،223/3 ،وعبارته" :وكان شيخنا -رحمه هللا -يمنع من مسألة التورق ،وروجع فيها مراراً وأنا حاضر ،فلم يرخص فيها" ،الفروع ،لابن مفلح ،316/6 ،الإنصاف ،للمرداوي .196/11 ،وانظر :مجموع الفتاوى.500/29 ، وللشيخ قول آخر بالكراهة .انظر :مجموع الفتاوى.502 ،447 ،442 ،431 ،303 ،302/29 ، والظاهر أن القول بالتحريم هو الأخير لشيخ الإسلام -رحمه هللا-؛ إذ إنه ذكره عنه أخص تلاميذه ولم يذكروا عنه غيره ،ومعلوم اختصاص ابن مفلح بشيخ الإسلام .جاء في السحب الوابلة في ترجمته " :وكان أحفظ الناس لمسائل الشيخ ابن تيمية حتى كان الشمس ابن القيم يراجعه في ذلك ،وكان الشيخ ابن تيمية يقول له :ما أنت ابن مفلح ،بل أنت مفلح ،وقال ابن القيم لقاضي القضاة موفق الدين الحجاوي سنة - 31أي بعد السبع مئة -وما تحت قبة الفلك أعلم بمذهب الإمام أحمد من ابن مفلح هذا، وعمره نحو العشرين ".1092/3 : مجموع الفتاوى.496/29 ، التورق المتجدد قصير الأجل المراد بالتورق المتجدد قصير الأجل: هي أن يتفق طرفا المعاملة على إبرام تورق بهامش الربح السائد عند إجراء العملية للدين كاملاً شاملا ً رأس المال وربحه ،على أن يكون سداد الدين كاملاً في نهاية فترة متفق عليها ،فإذا حل الأجل سدد العميل جزءاً من الدين متفقاً عليه مسبقاً مع ربحه الذي يعادل تلك الفترة فقط ،أما باقي الدين فيتم سداده بإجراء عملية تورق أخرى بهامش ربح جديد هو هامش الربح في بداية تلك الفترة ،فيكون العميل سدد باقي الدين الأول واستقر في ذمته دين جديد أعلى منه ،وهكذا في بقية الفترات. حكم التورق المتجدد قصير الأجل: ثمة رأيان للعلماء والباحثين المعاصرين في حكم هذه المسألة( ،)1وذلك كما يلي: الرأي الأول :جواز التورق المتجدد قصير الأجل. وقد أخذ بهذا الرأي عدد من الهيئات الشرعية ،مثل الهيئات الشرعية للبنك الأهلي ،وبنك الجزيرة ،وبنك دبي الإسلامي وغيرها( ، )2كما أخذ به عدد من الباحثين(.)3 الرأي الثاني :تحريم التورق المتجدد قصير الأجل. وقد أخذ بهذا القول عدد من العلماء والباحثين. الأدلة: أدلة الرأي الأول (جواز التورق المتجدد قصير الأجل): الدليل الأول: أن التورق المتجدد قصير الأجل ليس من جنس قلب الدائن دينه الذي حل أجله على مدينه بتأخير سداده مقابل زيادة يحصل عليها في القدر أو الصفة صراحة أو حيلة .)4(... يناقش ذلك: بعدم التسليم ،بل هو من جنس قلب الدين المحرم ،كما سيأتي. أدلة الرأي الثاني ( تحريم التورق المتجدد قصير الأجل): إن هذا المعاملة إذا ُنظر إليها بصورتها المثالية ،بحيث ُو ِّج َد التورق الحقيقي عن كل فترة ،الذي تتوفر فيه شروطه من تملك السلع ،وتعيينها ،وعدم عودتها إلى بائعها الأول ،ونحو هذه الشروط :فإنها على هذه الصورة المثالية لا تخلوا -أيض ًا -من موانع التحريم ،فكيف بما دونها. ومن أدلة تحريم التورق المتجدد قصير الأجل على أمثل صوره ما يلي: الدليل الأول: اشتمال هذه المعاملة على قلب الدين ،ووجه ذلك أن المدين في هذه المعاملة يسقط عنه الدين مقابل وجوب دين أكثر منه عليه ،عن طريق تورق جديد ،وهكذا يتكرر قلب الدين بحسب طول أجل التمويل. وقلب الدين على المدين غير جائز :سواء كان المدين موسراً أو معسراً ،وفي شأن المعسر حكى شيخ الإسلام -رحمه هللا -الإجماع على تحريم زيادة الدين على المعسر بأي وسيلة كان ،وفي شأن الموسر حكى أن الصحابة لم يكن بينهم نزاع في حرمته. () 1 () 2 () 3 () 4 من الواضح أن هذا الخلاف في التورق المتجدد إنما يأتي على القول الراجح بجواز التورق الذي قال به جمهور أهل العلم ،أما من يمنع التورق من أصله فمن باب أولى أن يمنع هذه المسألة. انظر :المرابحة بربح متغير ،د .يوسف الشبيلي ،ص.37 انظر :قلب الدين أحكامه وبدائله المعاصرة ،د .نزيه حماد ،ضمن كتابه :في فقه المعاملات المالية والمصرفية المعاصرة قراءة جديدة ،ص.140-135 انظر :قلب الدين أحكامه وبدائله المعاصرة ،ص138 ومن كلامه في هذا" :المعسر يجب إنظاره ،ولا يجوز الزيادة عليه بمعاملة ولا غيرها بإجماع المسلمين(.")1 وقال" :وأما إذا حل الدين وكان الغريم معسراً :لم يجز بإجماع المسلمين أن يقلب بالقلب لا بمعاملة ولا غيرها ؛ بل يجب إنظاره(.")2 وقال" :وأما إذا كان هذا هو المقصود( )3ولكن توسلوا بمعاملة أخرى؛ فهذا تنازع فيه المتأخرون من المسلمين ،وأما الصحابة فلم يكن بينهم نزاع أن هذا محرم؛ ف(إنما الأعمال بالنيات) ،والآثار عنهم بذلك كثيرة مشهورة .وهللا تعالى حرم الربا لما فيه من ضرر المحتاجين وأكل المال بالباطل وهو موجود في المعاملات الربوية(.")4 وقال" :إن احتال على أن يزيده في الثمن ويزيده ذلك في الأجل بصورة يظهر رباها :لم يجز ذلك ،ولم يكن له عنده إلا الدين الأول؛ فإن هذا هو الربا الذي أنزل هللا فيه القرآن؛ فإن الرجل يقول لغريمه عند محل الأجل تقضي أو تربي فإن قضاه وإلا زاده هذا في الد ين وزاده هذا في الأجل فحرم هللا ورسوله ذلك وأمر بقتال من لم ينته(.")5 فإن قيل :إن هذه المعاملة تقع برضا المدين (العميل). قيل :لا أثر لرضا المدين في الجواز ،فالربا حرام حتى ولو وقع عن تراض من المترابيَين ،والحكمة من تحريم الربا إذا ما قورن بغيره من الكبائر :ليست جلية ،ومن ثَم جاء تحريمه متأخراً نسبياً في الشريعة(.)6 الدليل الثاني: اشتمال المعاملة على التورق المنظم ،وقد عرفه المج مع الفقهي الإسلامي بأنه" :قيام المصرف بعمل نمطي يتم فيه ترتيب بيع سلعة (ليست من الذهب أو الفضة) من أسواق السلع العالمية أو غيرها ،على المستورق بثمن آجل ،على أن يلتزم المصرف -إما بشرط العقد أو بحكم العرف والعادة -بأن ينوب عنه في بيعها على مشتر آخر بثمن حاضر ،وتسليم ثمنها للمستورق(.")7 وقد صدر بتحريم التورق المنظم قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي ،وقرار مجمع الفقه الإسلامي المنبثق من منظمة المؤتمر الإسلامي ،كما أنه ُيفهم من المعيار الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية حول التورق( )8؛ كما اختاره أكثر المشاركين في ندوة دلة البركة الرابعة والعشرين(.)9 ومن أدلة منع التورق المنظم أنه يدخل في بيع العينة الذي منعه جمهور الفقهاء؛ لأن المصرف هو الذي يبيع السلعة للمتورق نسيئة بأكثر من ثمنها نقداً ،وهو الذي يتولى بيعها لمن يشاء نقداً وبأقل من ثمنها الذي باعها هو به ،فلا فرق بين هذا وما لو اشتراها المصرف لنفسه ،فالمصرف يتولى كل شيء في التورق المصرفي( . )10ويتبين وجه دخول التورق المنظم في العينة ،أو القول بأنه له حكمها :في النظر إلى العلة من تحريم العينة ،وهي القصد الظاهر للحصول على النقد بزيادة ،وهو كذلك في التورق المنظم؛ إذ إن حاصله توفير المصرف للعميل مبلغاً نقدياً مقابل أداء العميل أكثر آجلاً. ( )1مجموع الفتاوى.74/28 ، ( )2مجموع الفتاوى.419/29 ، ( )3أي زيادة الدين مقابل زيادة الأجل. ( )4مجموع الفتاوى.419/29 ، ( )5مجموع الفتاوى .430/29 ،وانظر إضافة إلى ما سبق :مجموع الفتاوى.439 ،438-437 ،302/29 ، ( )6أشار إلى هذا المعنى الإمام الشاطبي .انظر :الموافقات .124/2 ،وانظر :بيان الدليل على بطلان التحليل ،ص .85 ،83 ( )7قرار المجمع الفقهي رقم 2بشأن موضوع التورق كما تجريه بعض المصارف في الوقت الحاضر ،للدورة السابعة عشرة المنعقدة في الفترة من .1424/10/32-19 ( )8جاء في ضوابط صحة عملية التورق 6/4" :عدم الربط بين عقد شراء السلعة بالأجل وعقد بيعها بثمن حال بطريقة تسلب العميل حقه في قبض السلعة سواء كان الربط بالنص في المستندات ،أم بالعرف ،أم بتصميم الإجراءات. 7/4عدم توكيل العميل للمؤسسة أو وكيلها في بيع السلعة التي اشتراها منها ،وعدم توكل المؤسسة عن العميل في بيعها ،على أنه إذا كان النظام لا يسمح للعميل ببيع السلعة بنفسه إلا بواسطة المؤسسة نفسها :فلا مانع من التوكيل للمؤسسة على أن يكون في هذه الحالة بعد قبضه السلعة حقيقة أو حكماً" :المعايير الشرعية ،المعيار رقم ،30البند ،7/4ص .493 ( )9انظر :ملحق قرارات وتوصيات ندوات البركة في الاقتصاد الإسلامي من الحادية والعشرين حتى الخامسة والعشرين ،جمع وتنسيق د .عبد الستار أبو غدة و د .أحمد محي الدين ،ص.89 ( ) 10انظر بتصرف يسير :التورق المصرفي الرأي الفقهي ،د .الصديق الضرير ،حولية البركة ،العدد السادس رمضان ، 1425ص.197 وقد استطرد في بيان أنه لا يدخل فيما أجازه الشافعية أو ابن حزم من العينة. وكون تلك المعاملة تسمى تورقاً لا أثر له في تغيير حقيقتها وحكمها؛ فإنه ما استبيح كثير من الربا إلا بأسماء معاملات مباحة كما أشار لذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه هللا.)1(- الدليل الثالث: أن عقد التورق الأول سيتضمن اتفاقاً على إجراء التورق الثاني وما يليه ،وعلى هذا :فلا يخلو هامش الربح في التورق الثاني وما يليه عند إجراء التورق الأول :من أن يكون معلوماً ،أو يكون مجهولاً ،فإن كان معلوماً محدداً :لم تؤد المعاملة غرضها المراد منها؛ لأن الربح المحدد قد لا يكون متوافقاً مع هامش الربح في السوق عند إجراء التورق الثاني. أما إن كان الاتفاق على تورق يحدد هامش ربحه عند إجراءه :فإن هذا التزاماً بمجهول والالتزام بالمعاوضات يشترط فيه انتفاء الغرر ،يقول ص احب تحرير الكلام في مسائل الالتزام " :وأما الركن الثالث وهو ()3 الملتزم به .فهو كل ما فيه منفعة ،وسواء كان فيه غرر أم لا( )2؟ إلا فيما كان من باب المعاوضات :فيشترط فيه انتفاء الغرر(.")4 الراجح: بعد عرض المسألة وأدلتها ،فالراجح -فيما يظهر -هو تحريم التورق المتجدد قصير الأجل ،لقوة أدلة المنع التي سبق ذكرها ،وهللا أعلم. () 1 ( )2 ()3 () 4 انظر :بيان الدليل على بطلان التحليل ،ص .84وانظر :ص .85 هذا بناءاً على مذهب الإمام مالك في عدم اعتبار الغرر في التبرعات .انظر المدونة.124 ،123 ،120 ،119/15 ، في المطبوع (ويشترط) ،والتصويب من مختصر تحرير الكلام في مسائل الالتزام ،لعلي بن إبراهيم البعلي المالكي ،مصورة من مخطوطات الأزهر/2 ،ب. تحرير الكلام في مسائل الالتزام ،للحطاب ،ص.69 المرابحة مع حافز الخصم المراد بالمرابحة مع حافز الخصم: هي أن يجري الاتفاق بين المصرف والعميل على ربح أعلى مما هو في السوق ،مع الوعد من المصرف للعميل بخصم ما زاد عن معدل الربح في السوق(.)1 حكم المرابحة مع حافز الخصم: حسب المقترح ،لا يخلوا حافز الخصم من حالين: -1أن يكون الخصم في حالة زيادة معدل الربح عن المعدل في السوق :غير ملزم ،بل يكون التراضي على الخصم في حينه ،فإذا لم يتراضيا :رجع العاقدان إلى ما هو محدد في العقد(.)2 ففي هذه الحالة :لا يظهر أي إشكال ،ما دام أن الخصم يقع بالاتفاق في وقته لا عند العقد ،لكن لا يظهر أن هذا المقترح عملي؛ لأن العميل لن يرضى بإجراء عقد بسعر ربح أعلى مما هو في السوق مقابل وعد قابل لعدم التنفيذ بالخصم .كما هذا الاتفاق ربما يكون غير ملزم من حيث الصورة؛ لكنه ملزم من حيث الحقيقة والعرف ،فتعود هذه الحالة إلى الحالة الثانية اللاحقة. -2أن يكون الخصم في حالة ما تبين زيادة معدل الربح عنه في السوق :ملزم للدائن (المصرف). ففي هذه الحالة :ثمة رأيان للعلماء والباحثين المعاصرين ،وذلك كما يلي: الرأي الأول :جواز المرابحة مع الحافز الملزم بالخصم. وقد أخذ بهذا الرأي الهيئة الشرعية لبنك البلاد ،والهيئة الشرعية لمصرف قطر الإسلامي( ،)3وأخذ به عدد من الباحثين(.)4 الرأي الثاني :تحريم المرابحة مع الحافز الملزم بالخصم. وقد أخذ بهذا عدد من الباحثين(.)5 الأدلة: أدلة الرأي الأول (جواز المرابحة مع الحافز الملزم بالخصم): الدليل الأول: أن الأصل في الشروط الصحة( ،)6لقوله تعالى ( :يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود)( ،)7وقول النبي (المسلمون على شروطهم(.))8 يناقش ذلك: ( )1انظر :حماية رأس المال ،د .يوسف الشبيلي ،ص ،41المرابحة بربح متغير ،د .يوسف الشبيلي ،ص ،35المرابحة بربح متغير ،د. سامي السويلم ،ص.34 ( )2المرابحة بربح متغير ،د .سامي السويلم ،ص.34 ( )3انظر :المرابحة بربح متغير ،د .يوسف الشبيلي ،ص.35 ( )4انظر :تعليق متدبر على المرابحة بربح متغير د .عبد الستار أبو غدة ،ص ،9حماية رأس المال ،ص .41 ( )5انظر :المرابحة بربح متغير ،د .سامي السويلم ،ص.34 ( )6انظر :المرابحة بربح متغير ،د .يوسف الشبيلي ،ص.35 ( )7سورة المائدة ،الآية (.)1 ( )8هذا الحديث جاء مرفوعاً عن غير واحد من الصحابة ،منهم أبو هريرة ،وعائشة ،وأنس بن مالك ،وعمرو بن عوف ،ورافع بن خديج، باب في الصلح ،16/4 ،ح (.)3594 وابن عمر ،ولا تخلوا هذه الأحاديث من مقال ،وحديث أبي هريرة أخرجه أبو داود في الأقضية، ٌ والحاكم في المستدرك ،في البيوع ،57/2 ،ح ( ،)2309والدارقطني ،في البيوع ،426/3 ،ح ( ،)2891( )2890والبيهقي ،في الكبرى، في الشركة ،باب الشرط في الشركة وغيرها ،79/6 ،ح ( ،)11211وفي شعب الإيمان ،75/4 :ح ( ،)4348وغيرهم. وجميع طرق الحديث لا تخلوا من مقال ،وقد حسنه أو صححه بمجموع طرقه غير واحد ،منهم الألباني في الإرواء في تخريج موسع له ،قال " :وجملة القول :أن الحديث بمجموع هذه الطرق يرتقي إلى درجة الصحيح لغيره ،وهي وإن كان في بعضها ضعف شديد ،فسائرها مما يصلح الاستشهاد به ،146-142/5 :" ...وانظر :كشف الخفاء ،للعجلوني.272/2 ، قال شيخ الإسلام " :وهذه الأسانيد وإن كان الواحد منها ضعيفاً فاجتماعها من طرق يشد بعضها بعضاً ،و هذا المعنى هو الذي يشهد له الكتاب و السنة " مجموع الفتاوى.147/29 : بأن الاستدلال بهذا الأصل على صحة الشروط :مسلم به حينما لا يأتي ما يدل على التحريم ،وفي أدلة الرأي الثاني ما ينقل عن هذا الأصل ،كما سيأتي. الدليل الثاني: أن الالتزام بالخصم ليس من قبيل اشتراط خصم الدين في حال تعجيل سداده؛ لأن المدين مستحق لخصم ما زاد عن معدل الربح في السوق حتى لو لم يعجل السداد قب ل حينه ،فالخصم حافز على الدخول في مرابحة بسعر مرتفع ،لا على تعجيل السداد ،فهو من باب الجعالة ،وهو نظير ترديد الأجر في الإجارة للتحفيز، كأن يقول إن خطت الثوب اليوم فلك درهم وإن خطته غداً فلك نصف درهم ،وقد نص جمع من أهل العلم على صحته(.)1 يناقش ذلك: مع التسليم بالفرق بين هذه الصورة وصورة "ضع وتعجل( :" )2فإن موجب منع المرابحة مع حافز الخصم أظهر من منع "ضع وتعجل" المشروطة في أصل العقد ،وذلك من وجهين: أ- أن مقدار الخصم في "ضع وتعجل" معلوم ،بينما مقدار الخصم في " المرابحة مع حافز الخصم " مجهول؛ إذ إنه متوقف على سعر مؤشر المرابحات أو نحوه عند حلول القسط .وهذا وجه فاحش من الغرر غير موجود في "ضع وتعجل". ب- إذا كان اشترط الوضع من الدين مقابل التعجيل في أصل العقد ممنوعاً من جهة أنه يدخل في البيع بثمنين، الذي هو أحد تفسيرات "بيعتين في بيعة" :فإنه في صورة المرابحة مع حافز الخصم أظهر؛ لأنه بيع بثمنين أحدهما معلوم والآخر مجهول. وإذا تبين ذلك :فثمة فرق بين ما منعه العلماء من البيع بثمنين ،وبين الصورة المذكورة من ترديد الثمن في الإجارة ،وبيان ذلك :أن الثمنين في الإجارة وقعا على شيئين مختلفين :خياطة الثوب في يوم ،وخياطته في يومي ن ،بينما في البيع بثمنين محل العقد واحد( ، )3فهو في الإجارة كما لو قال ثمن هذا الثوب مئة درهم ،وثمن هذا خمسون( . )4ثم إنه يمكن أن يقال :صح العقد في هذه الصورة لأنه يمكن جعلها من باب الجعالة التي تغتفر فيها الجهالة ،ولا يمكن مثل ذلك في البيع(.)5 ُيقال هذا ،على أن جمهور أهل العلم -رحمهم هللا -على منع ترديد الثمن في الإجارة ب"بيعتين في بيعة( ")7المنهي عنها. ()6 وبعضهم ألحقه الدليل الثالث: على فرض كون المرابحة مع حافز الخصم من قبيل اشترط الوضع من الدين مقابل التعجيل في أصل العقد ،فليس في هذا الشرط ما يمنع منه من نص صحيح أو إجماع صريح.)8(... يناقش ذلك: بما سيأتي من أدلة منع المرابحة مع الحافز الملزم الخصم. الدليل الرابع: تخريج المرابحة مع حافز الخصم على أن الخصم عقد هبة لجزء من الثمن معلق لجزء من الثمن المؤجل على تغير السعر أو على مؤشر ما ...اعتماداً على تسويغ بعض المذاهب لكل من التعليق والجهالة في الهبة(.)1 () 1 () 2 ()3 () 4 ()5 ( )6 ( )7 ( )8 انظر :المرابحة بربح متغير ،د .يوسف الشبيلي ،ص ،35حماية رأس المال ،ص .41 من أوجه الفرق بين المسألتين :أن مسألة (ضع وتعجل) هي في الديون المؤجلة ،فيكون الحط من الدين مقابل تعجيل الأجل ،بينما الخصم في المسألة م حل البحث يكون عند حلول القسط .ينظر :البطاقات البنكية ،د .عبد الوهاب أبو سليمان ،ص . 149 ومما يبين هذا الفرق :أن الحنفية لا يجيزون "ضع وتعجل" .انظر :العناية شرح الهداية ،للبابرتي .426/8 ،وأجازوا مصالحة الكفيل المكفول له على بعض الدين .انظر :المبسوط .59/20 انظر :المغني ،86/8 ،334/6 ،بدائع الصنائع ،186/4 ،تبيين الحقائق،138/5 ، انظر :إعلام الموقعين.499/3 ، انظر :المغني.334/6 ، انظر :المبسوط ،100/15 ،بدائع الصنائع ،186/4 ،المغني.86/8 ، انظر :المدونة.420-419/3 ، انظر :المرابحة بربح متغير ،د .يوسف الشبيلي ،ص.36 يناقش ذلك: بأن ما سمي "عقد هبة لجزء من الثمن" لا يخلوا من :أن يكون مشترطاً في عقد المرابحة سواء كان كتابة في العقد أو مشافهة فقط ،أو غير مشترط ،فإن كان غير مشترط :فإن العميل لن يرضى بالدخول في مرابحة أعلى من سعر السوق دون مقابل. وأما إن كان "عقد الهبة" مشروطاً في عقد المرابحة ،فإن ذلك يخرجه عن معنى التبرع إلى معنى المعاوضة؛ فإن اشتراط عقد التبرع في عقد المعاوضه يحيله إلى عقد معاوضه؛ إذ إن اشتراطه في عقد المعاوضة يجعل له جزء من العوض. قال شيخ الإسلام ابن تيمية معلقاً على حديث النهي عن سلف وبيع( " : )2وكل تبرع جمعه إلى البيع والإجارة مثل :الهبة والعارية والعرية والمحاباة في المساقاة والمزارعة والمبايعة وغير ذلك هي :مثل القرض. فجماع معنى الحديث :أن لا يجمع بين معاوضة وتبرع؛ لأن ذلك التبرع إنما كان لأجل المعاوضة لا تبرعا مطلقا، فيصير جزءا من العوض .فإذا اتفقا على أنه ليس بعوض جمعا بين أمرين متنافيين .")3(... ولا يغير في الحكم شيئاً تسمية الخصم هبة؛ فإن العبرة بالحقائق لا بالمسميات .قال شيخ الإسلام ابن تيمية" :الأسماء تتبع المقاصد ،ولا يجوز لأحد أن يظن أن الأحكام اخت لفت بمجرد اختلاف ألفاظ لم تختلف معانيها ومقاصدها ،بل لما اختلفت المقاصد بهذه الأفعال اختلفت أسماؤها وأحكامها ،وإنما المقاصد حقائق الأفعال وقوامها (وإنما الأعمال بالنيات)(")4 وإذا تبين أن "عقد الهبة" المشروط في عقد المرابحة :عقد معاوضة ،فإنه لا ينطبق عليه جواز تعليق الهبة( ، )5أو هبة المجهول ،بل يعود إلى المعاوضة عن المجهول. أدلة الرأي الثاني (تحريم المرابحة مع الحافز الملزم بالخصم): الدليل الأول: اشتمال المرابحة مع الحافز الملزم بالخصم على الغرر الممنوع شرعاً ،ويظهر الغرر فيها من وجهين: أ- ب- الجهل بحصول الخصم من عدمه ،وذلك لأن الخصم معلق على انخفاض سعر المؤشر حين الأداء عن سعر الربح في المرابحة ،وحصول ذلك مجهول. الجهل بمقدار الخصم؛ إذ إنه مرتبط بقدر انخفاض سعر المؤشر ،وهو أمر مجهول. وعلى هذا فقد اشتملت المرابحة مع الحافز الملزم بالخصم على غرر فاحش (مجهول الحصول ،ومجهول القدر). الدليل الثاني: أن فيها معنى البيع بثمنين الذي هو أحد تفسيرات "بيعتين في بيعة" ،من جهة أنه بيع بثمنين أحدهما معلوم (وهو السعر المبين في العقد) والآخر مجهول (وهو السعر المترتب على سعر المؤشر حين الأداء) ،بل الصورة التي منعها أهل العلم أقل غرراً ؛ لأن كلا الثمنين فيها معلوم. فإن قيل :إن البيع في المرابحة مع حافز الخصم لا يقع إلا بأحد الثمنين ( الثمن المبين في العقد إن كان سعر المؤشر حين الأداء مساوياً له أو أرفع منه ،أو الثمن المترتب على سعر المؤشر إن تبين خلاف ذلك). ( )1انظر :تعليق متدبر على المرابحة بربح متغير د .عبد الستار أبو غدة ،ص ،9 ( )2جاء النهي عن ذلك في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً ،ولفظه عند أبي داود (لا يحل سلف وبيع .)...وقد أخرج حديثه أبو داود ،في كتاب البيوع والإجارات ،باب في الرجل يبيع ما ليس عنده ،769/3 ،ح( ، )3504والترمذي ،في أبواب البيوع عن رسول هللا ، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك ،516-515/2،ح( ،)1234والنسائي ،في كتاب البيوع ،باب بيع ما ليس عند البائع ،288/7 ،والإمام أحمد في المسند ،205 ،178 ،174/2،وغيرهم. وأصل الحديث دون محل الشاهد رواه ابن ماجه في كتاب التجارات ،باب النهي عن بيع ما ليس عندك ،وعن ربح ما لم يضمن، ،541-540/3ح(.)2188 والحديث قال عنه الترمذي " :هذا حديث حسن صحيح" ،ووافقه ابن القطان في بيان الوهم والإيهام ،487/5 ،وصححه الحاكم في المستدرك ،21/2 ،والألباني في الإرواء.148/5 ، فائدة :جاء في ذخيرة الحفاظ ،لمحمد بن طاهر المقدسي " :قال أبو عبد الرحمن الأذرمي :ليس يصح من حديث عمرو بن شعيب إلا هذا" .2704/5 :وانظر :الكامل في الضعفاء ،لابن عدي.115/5 ، ( )3القواعد الكلية ،ص .284وانظر :مجموع الفتاوى.63-62/29 ، ( )4بيان الدليل على بطلان التحليل ،ص .95 ( )5ليس المراد بحث العقد المعلق. قيل :كذلك البيع بثمين لا يمكن أن ينفذ إلا على أحدهما ،ومع ذلك منع. الدليل الثالث: دخول المرابحة مع حافز الخصم في بييع ال ُّث ْن َيا( )1المنهي عنه ،كما في حديث جابر بن عبد هللا -رضي هللا عنهما -قال نهى رسول هللا عن المحاقلة ،والمزابنة ،والمعاومة ،والمخابرة -قال أحدهما( :)2بيع السنين هي المعاومة -وعن ال ُّث ْنيَا ،ورخص في العرايا(.)3 والاستثناء في البيع المنهي عنه هو :الاستثناء المجهول( )4بدلالة الرواية الأخرى للحديث( :وعن ال ُّث ْنيَا إلا أن تعلم( ،) )5وبدلالة الأحاديث الأخرى التي جاء فيها ما يدل على جواز استثناء المعلوم(.)6 وإذا تبين أن الاستثناء المجهول في البيع منهي عنه :فإن حقيقة المرابحة مع الحافز الملزم بالخصم هو: أنها استثناء معلق لمجهول ،فهو استثناء معلق؛ لأنه متوقف على سعر المؤشر حين الأداء ،ومجهول؛ لأنه قدر المستثنى متوقف على مدى انخفاض سعر المؤشر. فإن قيل :إن الاستثناء الوارد في الحديث هو في المثمن ،والاستثناء هنا في الثمن. سلم بأن الحديث في المثمن فحسب ،فكذلك حكم الثمن؛ لأن مناط الحكم في النهي عن "ال ُّث ْن َيا قيل :إن ُ إلا أن تعلم" هو :الغرر( ، )7قال الشوكاني" :والحكمة في النهي عن استثناء المجهول ما يتضمنه من الغرر مع الجهالة( ،")8والغرر يدخل على الثمن كما هو يدخل على المثمن. هذا ،ومع ما سبق من موانع شرعية للمرابحة مع الحافز الملزم بالخصم :فإنه يلاحظ أن كثيراً من الشركات قد لا تقبل بأن يسجل عليها ربحاً أعلى مما في السوق حتى ولو التزم المصرف بالخصم(.)9 الراجح: بعد عرض المسألة وأدلتها ،فالذي يظهر -وهللا أعلم -هو منع المرابحة مع حافز الخصم الملزم ،لقوة أدلة المنع التي سبق بيانها ،وهللا أعلم. ()1 () 2 ()3 () 4 () 5 ( )6 () 7 ( )8 () 9 إي الاستثناء في البيع. أي أحد الراويين عن جابر . رواه مسلم.18/5 ، انظر :مشكل الآثار ،للطحاوي ،133-132/1 ،شرح النووي على مسلم ،195/10 ،القواعد الكلية ،ص ،424-423نيل الأوطار-179/5 ، .180 رواها أبو داود ،في كتاب البيوع والإجارات ،باب في المخابرة ،695-694/2 ،ح( ،)3405والترمذي في أبواب البيوع ،باب ما جاء في النعي عن الثنيا ،564/2 ،ح( ،)1290والنسائي ،في كتاب البيوع ،باب النهي عن كراء الأرض بالثلث والربع ،38/7 ،وفي باب النهي عن بيع الثنيا حتى تعلم .296/7 ،وصحح إسنادها النووي في شرحه على مسلم.195/10 ، كحديث جابر في المتفق عليه لما باع جمله على النبي واستثنى حملانه إلى أهله .انظر :البخاري ،في كتاب الشروط ،باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز ،189/3 ،ح( .)2718ومسلم في صحيحه.51/5 ، انظر :أحكام القرآن ،لابن العربي ،323/1 ،كشاف القناع ،167/3 ،نيل الأوطار.180/5 ، نيل الأوطار.180/5 ، انظر :المرابحة بربح متغير ،د .يوسف الشبيلي ،ص.36 تغير مقدار القسط في التمويل طويل الأجل بحسب التغير في المؤشر المراد بتغير مقدار القسط في التمويل طويل الأجل بحسب التغير في المؤشر: يراد بهذا المقترح :أن يتغير مقدار القسط في التمويل طويل الأجل بحسب التغير في المؤشر مع بقاء يد في مقدار القسط مقابل تخفيض مدة أصل الدين دون تغيير ،فإذا ارتفع المؤشر عن السعر المتفق عليهِّ :ز َ السداد ،وإذا نخفض المؤشر عن السعر المتفق عليه :ينخفض مقدار القسط مقابل الزيادة في مدة السداد(.)1 حكم تغير مقدار القسط في التمويل طويل الأجل بحسب التغير في المؤشر: حسب المقترح ،لا يخلوا تغير مقدار القسط من حالين: -1أن يكون تغير مقدار القسط -على ما سبق بيانه -يجري بالتراضي في حينه ،بحيث لا يكون ملزماً في أصل العقد ،فليس في ذلك مان ع شرعي؛ لانتفائه من المحاذير الشرعية؛ فليس فيه التزام بمجهول ،كما أن فيه تحقيق مصلحة متبادلة للطرفين تكون بالرضا من قبلهما. -2أن يكون تغير مقدار القسط -على ما سبق بيانه -يجري الاتفاق عليه في أصل العقد ،بحيث يكون ملزماً للطرفين ،ويربط بقدر تغير في سعر الم ؤشر :فإن هذه الصيغة لا تخلوا من الغرر المنهي عنه ،من جهة دخول الجهالة على مقدار القسط وأمد الأجل. و"الأجل يأخذ قسطاً من الثمن( ،")2فوجب أن يكون محدداً معلوماً للعاقدين ،كما أن مقدار القسط وأمد الأجل مقصود مراد لكلا العاقدين :فلم تجز الجهالة فيهما. ويدل على وجوب العلم بالأجل حديث ابن عباس -رضي هللا عنهما -قال قدم النبي المدينة وهم يسلفون بالتمر السنتين والثلاث فقال" :من أسلف في شيء ففي كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم( ." )3قال الإمام الشافعي" :قول رسول هللا ( من سلف فليسلف في كيل معلوم وأجل معلوم) يدل: على أن الآجال لا تحل إلا أن تكون معلومة وكذلك قال هللا جل ثناؤه ( :يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه)(.")5()4 وقد اتفق العلماء -رحمهم هللا -في الجملة على اشتراط كون الأجل معلوماً في البيع المؤجل. قال ابن قدامة " :لا بد من كون الأجل معلوماً ...ولا نعلم في اشتراط العلم في الجملة اختلافاً( ،")6وقال النووي" :اتفقوا على أنه لا يجوز البيع بثمن إلى أجل مجهول(.")7 وربما يذهب المجيز لهذه المعاملة إلى كون الغرر يسيراً؛ من جهة أنه لا يعود على مقدار الثمن ،والتغير في الأجل إن حصل سيكون محدوداً. لكن الأظهر :هو المنع ،وهللا أعلم. () 1 ( )2 () 3 ()4 ()5 ()6 ( )7 انظر :التحوط في التمويل الإسلامي ،د .سامي السويلم ،ص ،143-141المرابحة بربح متغير ،د .سامي السويلم ،ص .33 مجموع الفتاوى .499/29 ،وانظر.30/29 : متفق عليه ،البخاري في كتاب السلم ،باب السلم في وزن معلوم ،85/3 ،ومسلم .55/5 ،وهذا لفظ البخاري. سورة البقرة ،الآية (.)282 الأم.96/3 ، المغني.403/6 ، المجموع.412/9، التحوط بالجمع بين البيع الآجل والمشاركة بالتحوط بالجمع المراد ّ ()1 بين البيع الآجل والمشاركة: يمكن اللجوء إلى تحصيل ربح متغير عن طريق الجمع بين البيع الآجل والمشاركة ،فبدلاً من بيع السلعة جميعها بثمن آجل ثابت :يقوم ببيع الجزء الأكبر من السلعة بثمن آجل ،وليكن بنسبة رأس المال ( %90مثلاً) ،أما الجزء الباقي الذي يمثل نسبة الربح ( )%10فيدخل فيه المصرف فيه المصرف شريكاً للعميل مقابل نسبة متفق عليها من الربح(.)2 ويمكن خروج المصرف من هذا الجزء الذي شارك فيه العميل عن طريق صيغة (الشركات المتناقصة) ويمكن جعل ذلك متوافقاً مع أقساط البيع الآجل الذي يمثل الجزء الأكبر. والهدف من هذه الصيغة هي الجمع بين: أ -الحفاظ على رأس المال وحمايته (عن طريق البيع الآجل). ب -الحصول على ربح متغير (عن طريق المشاركة المتناقصة). وميزة هذه الصيغة أن عائد التمويل فيها "مرتبط بأداء النشاط الاقتصادي ،وليس بأداء أسواق الائتمان ومعدلات الفائدة .وهذا أكثر عدالة للطرفين من الفائدة ومؤشرات أسواق الائتمان؛ لما هو معروف من الارتباط العكسي عموماً بين معدل الفائدة والنشاط الاقتصادي.")3(... حكم التحوط بالجمع بين البيع الآجل والمشاركة: تقوم هذه الصيغة في الأساس على بيع جزء مشاع من سلعة معينة (يشكل النسبة الأكبر منها التي توازي رأس المال) على العميل ،وعلى ذلك يكون المصرف وعميله شريكين في السلعة .وقد أجمع العلماء على جواز بيع الجزء المشاع(.)4 وإذا كانت الصيغة تقوم على أساس البيع مع "المشاركة المتناقصة" :فليس في ذلك من بأس ما دام أن العقدين المجموع بينهما من عقود المعاوضات المالية ،ولا يترتب على الجمع بينهما محذور شرعي(.)5 وفي حالة المشاركة المتناقصة لا بد أن يكون الوعد من الطرفين غير ملزم؛ لأنه لا يجوز الالتزام بالبيع أو الشراء بسعر السوق في المستقبل؛ لما يتضمنه ذلك الالتزام من الغرر ،ومن شروط الالتزام إذا كان من باب المعاوضات انتفاء الغرر ،قال الحطاب " :وأما الركن الثالث وهو الملتزم به .فهو كل ما فيه منفعة ،وسواء كان فيه غرر أم لا( )6؟ إلا فيما كان من باب المعاوضات :فيشترط( )7فيه انتفاء الغرر(.")8 وبما أن الغرض هو البيع بسعر السوق :فإنه سيمكن المصرف بيع نصيبه في السوق ،إذا لم يرغب بشرائه العميل. ()1 () 2 () 3 ()4 () 5 ( )6 () 7 () 8 قد يكون الأدق في التعبير" :اجتماع البيع الآجل والمشاركة"؛ وذلك لأنه إذا باع جزءاً مشاعاً من السلعة على طرف :سيكون هو وإياه تلقائياً شركاء فيها ،كل بحسب حصته منها ،وهللا أعلم. التحوط في التمويل الإسلامي ،ص .148-147 انظر :المرابحة بربح متغير ،د .سامي السويلم ،ص،34 ّ التحوط في التمويل الإسلامي ،ص .148-147 المرابحة بربح متغير ،د .سامي السويلم ،ص .34وانظر: ّ انظر :المحلى ،364/6 ،المجموع ،308/9 ،مجموع الفتاوى.233/29 ، ينظر :المعايير الشرعية ،معيار الجمع بين العقود ( ،)25ص.422-418 هذا بناء ًا على مذهب الإمام مالك في عدم اعتبار الغرر في التبرعات .انظر المدونة.124 ،123 ،120 ،119/15 ، في المطبوع (ويشترط) ،والتصويب من مختصر تحرير الكلام في مسائل الالتزام ،لعلي بن إبراهيم البعلي المالكي ،مصورة من مخطوطات الأزهر/2 ،ب. تحرير الكلام في مسائل الالتزام ،ص.69 مقترحات أخرى ثمة صيغ أخرى يمكن أجيزت من قبل بعض الهيئات يمكن استخدامها عند من يجيزها لغرض تحقيق العائد المتغير ،مثل :السلم بسعر السوق ،والإجارة المتغيرة ،وغيرهما. ومن المقترحات التي يمكن مناقشتها :تحقيق العائد المتغير عن طريق الجمع بين بيع آجل بثمن محدد، وبيوع آجلة بسعر السوق يوم الأداء. المراد بالجمع بين بيع آجل بثمن محدد ،وبيوع آجلة بسعر السوق يوم الأداء: يمكن الحصول على ربح متغير عن طريق الجمع بين بيع آجل بثمن محدد ،وبيوع آجلة بسعر السوق يوم الأداء ،فبدلا ً من بيع السلعة جميعها بثمن آجل ثابت يواجه مشكلة تغير سعر العائد :يقوم ببيع الجزء الأكبر من السلعة الذي يمثل نسبة رأس المال بثمن آجل مقسط بأقساط محددة عند إجراء العقد( %90مثلاً) ،بقيمة التكلفة الكلية للسلعة ،أما الجزء الباقي ( ) %10الذي يمثل نسبة الربح :فيقسم بعدد أقساط البيع الآجل الأول، فإذا كان الثمن البيع الأول يؤدى في عشر أقساط في مدى عشر سنوات :يقسم الجزء الذي يمثل الربح ()%10 على عشر أجزء يجرى على كل جزء منها عقد بيع آجل بثمن المثل حين الأداء ،على أن يكون وقت الأداء متوافقاً مع أقساط البيع الأول الذي يشكل نسبة ( )%90من السلعة. والهدف من هذه الصيغة هي الجمع بين: أ- ب- الحفاظ على رأس المال وحمايته (عن طريق البيع الآجل بثمن محدد عند إجراء العقد). الحصول على ربح متغير (عن طريق البيوع الآجلة بثمن المثل عند الأداء). وكان يمكن أن تقوم الصيغة بجميعها على أساس البيوع الآجلة بعدد الأقساط ،بثمن المثل عند الأداء، لكن هذا من شأنه أن يكون رأس المال خالي ًا من الحماية ،بحيث يحتمل أن يكون مجموع أثمان هذه البيوع القائمة على سعر المثل عند الأداء :دون سعر التكلفة الكلي الذي تحمله المصرف ،وهو ما يعني دخول المصرف في مخاطرة حصول رأس المال فضلاً عن تحقيق الربح. حكم الجمع بين بيع آجل بثمن محدد ،وبيوع آجلة بسعر السوق يوم الأداء: يتألف هذا المقترح من الجمع بين بيع آجل بثمن محدد ،وبيوع آجلة بسعر السوق حين الأداء ،وعلى هذا فإن حكم هذا المسألة ينبني على حكم البيع بسعر السوق حين الأداء ،ومن قال بالجواز فلا يظهر أن في هذه الصيغة المقترحة مانع شرعي عنده ،ومن قال بالمنع فسيقول بالمنع هنا لهذا المحذور. والراجح هو :عدم جواز البيع بس عر السوق يوم الأداء؛ لما يدخل على هذا البيع من الغرر المؤثر ،والذين أجازوا البيع بسعر السوق حين العقد :لم يجيزوا البيع بسعر السوق حين الأداء ،كما صنع شيخ الإسلام -رحمه هللا -حين فرق بين النوعين :بين السعر المستقر الذي لا يختلف ،وبين السعر الذي لم يستقر ويجوز اختلاف قدره .وقد سبق نقل شيء من كلامه في هذا الشأن(.)1 والخلاصة :أن هذه المعاملة غير جائزة لقيامها على أساس السعر المستقبلي ،لكن تتمشى على أصول من يرجح جواز البيع بالسعر المستقبلي .وهللا أعلم. ( )1ينظر :ص ( ). الخاتمة الحمد هلل رب العالمين ،وصلى هللا وسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد ،وعلى آله وأصحابه أجمعين ،أما بعد: ففي خاتمة هذا البحث ،أوجز أبرز ما ظهر من نتائج ،فإن حالفني في ذلك الصواب فالحمد هلل الذي لا يأتي الخير إلا من عنده ،وإن كانت الأخرى فمن قصوري وتقصيري ،وفي كلا الحالين أستغفر هللا من التقصير، وأبرأ إليه من الحول والقوة. أبرز النتائج: -1 منع المرابحة بربح متغير؛ لما تشتمل عليه من الربا أو شبهته ،والغرر ،وغيرهما من المحاذير. -2 منع التورق المتجدد قصير الأجل؛ لاشتماله على قلب الدين المحرم ،والتورق المنظم الممنوع ،وغيرهما من المحاذير. -3 غير ملزم ،وإنما ُيتفق عليه في حينه. لا يظهر مانع من المرابحة مع حافز الخصم إذا كان حافز الخصم َ -4 منع المرابحة مع حافز الخصم إذا كان حافز الخصم ملزماً؛ لاحتوائها على الغرر الممنوع ،ودخولها في بيع ال ُّث ْنيَا الممنوع ،وغيرهما من المحاذير. -5 لا يظهر مانع من تغير مقدار القسط في التمويل طويل الأجل بحسب التغير في المؤشر إذا كان يقع بالتراضي في حينه ،بحيث لا يكون ملزماً في أصل العقد. الأظهر منع تغير مقدار القسط في التمويل طويل الأجل بحسب التغير في المؤشر إذا كان مشروطاً في أصل العقد؛ لدخول الجهالة على الأجل ومقدار القسط. لا يظهر مان ع من التحوط بالجمع بين البيع الآجل والمشاركة ،بشرط أن يكون الوعد في المشاركة المتناقصة غير ملزم. منع الجمع بين بيع آجل بثمن محدد ،وبيوع آجلة بسعر السوق يوم الأداء؛ لاحتواء هذه الصيغة على الغرر المؤثر. -6 -7 -8 هذا ولعل مسألة (تغير سعر السوق في التمويل طويل الأجل) ت كون داعية للمصارف الإسلامية إلى التنويع بين صيغ التمويل ،وزيادة حصة الصيغ القائمة على أساس المشاركة. أخيرا :فإن من المهم التأكيد على ألا تؤثر المنافسة الاقتصادية عند المصارف الإسلامية مع مثيلاتها أو مع المصارف الربوية -على المنافسة الشرعية في التي تتمثل في الخروج من الإشكالات الشرعية ،وهللا أعلم. (اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم ،وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد( ،))1والحمد هلل رب العالمين... ( )1متفق عليه من حديث أبي حميد الساعدي : البخاري في كتاب الأنبياء ،باب -دون ترجمة ،146/4 ،-ح( ،)3369وفي كتاب الدعوات، باب هل يصلى على غير النبي ؟ ،77/8 ،ح( ،)6360واللفظ له ،ومسلم في كتاب الصلاة .17-16/2 ،ولفظه (وعلى أزواجه وذريته) في الموضعين. قائمة المحتويات المقدمة 2.............................................................................................................................................................................................. العائد الثابت والعائد المتغير :إيجابيات وسلبيات 4....................................................................................................................... المرابحة بربح متغير7.......................................................................................................................................................................... المراد بالمرابحة بربح متغير7............................................................................................................................................................: حكم المرابحة بربح متغير8................................................................................................................................................................: القول الأول :جواز المرابحة بربح متغير8........................................................................................................................................ . القول الثاني :تحريم المرابحة بربح متغير8.................................................................................................................................... . الأدلة9.................................................................................................................................................................................................. : أدلة القول الأول (جواز المرابحة بربح متغير)9..............................................................................................................................: الدليل الأول9.......................................................................................................................................................................................: الدليل الثاني10 ..................................................................................................................................................................................: الدليل الثالث11 ..................................................................................................................................................................................: الدليل الرابع12 ................................................................................................................................................................................... : الدليل الخامس15 .............................................................................................................................................................................. : الدليل السادس18 ............................................................................................................................................................................. : أدلة القول الثاني (تحريم المرابحة بربح متغير)19 .......................................................................................................................: الدليل الأول19 ....................................................................................................................................................................................: الدليل الثاني20 ..................................................................................................................................................................................: الدليل الثالث25 ..................................................................................................................................................................................: الراجح27 ...............................................................................................................................................................................................: التورق المتجدد قصير الأجل 29 ........................................................................................................................................................ المراد بالتورق المتجدد قصير الأجل29 ..........................................................................................................................................: حكم التورق المتجدد قصير الأجل29 .............................................................................................................................................. : الرأي الأول :جواز التورق المتجدد قصير الأجل29 ........................................................................................................................ . الرأي الثاني :تحريم التورق المتجدد قصير الأجل29 ..................................................................................................................... الأدلة29 ............................................................................................................................................................................................... : أدلة الرأي الأول (جواز التورق المتجدد قصير الأجل)29 ..............................................................................................................: الدليل الأول29 ....................................................................................................................................................................................: أدلة الرأي الثاني ( تحريم التورق المتجدد قصير الأجل)30 ........................................................................................................ : الدليل الأول30 ....................................................................................................................................................................................: الدليل الثاني31 ..................................................................................................................................................................................: الدليل الثالث33 ..................................................................................................................................................................................: الراجح33 ...............................................................................................................................................................................................: المرابحة مع حافز الخصم34 .............................................................................................................................................................. المراد بالمرابحة مع حافز الخصم34 ............................................................................................................................................... : حكم المرابحة مع حافز الخصم34 ....................................................................................................................................................: الرأي الأول :جواز المرابحة مع الحافز الملزم بالخصم34 .............................................................................................................. الرأي الثاني :تحريم المرابحة مع الحافز الملزم بالخصم35 ........................................................................................................ . الأدلة35 ............................................................................................................................................................................................... : أدلة الرأي الأول (جواز المرابحة مع الحافز الملزم بالخصم)35 .................................................................................................. : الدليل الأول35 ....................................................................................................................................................................................: الدليل الثاني36 ..................................................................................................................................................................................: الدليل الثالث37 ..................................................................................................................................................................................: الدليل الرابع37 ................................................................................................................................................................................... : أدلة الرأي الثاني (تحريم المرابحة مع الحافز الملزم بالخصم)39 .............................................................................................. : الدليل الأول39 ....................................................................................................................................................................................: الدليل الثاني39 ..................................................................................................................................................................................: الدليل الثالث40 ..................................................................................................................................................................................: الراجح41 ...............................................................................................................................................................................................: تغير مقدار القسط في التمويل طويل الأجل بحسب التغير في المؤشر 42 ........................................................................... المراد بتغير مقدار القسط في التمويل طويل الأجل بحسب التغير في المؤشر42 .............................................................: حكم تغير مقدار القسط في التمويل طويل الأجل بحسب التغير في المؤشر42 ................................................................. : التحوط بالجمع بين البيع الآجل والمشاركة 44 ............................................................................................................................... بالتحوط بالجمع بين البيع الآجل والمشاركة44 .................................................................................................................: المراد ّ حكم التحوط بالجمع بين البيع الآجل والمشاركة44 ..................................................................................................................... : مقترحات أخرى46 ................................................................................................................................................................................ المراد بالجمع بين بيع آجل بثمن محدد ،وبيوع آجلة بسعر السوق يوم الأداء46 ....................................................................: حكم الجمع بين بيع آجل بثمن محدد ،وبيوع آجلة بسعر السوق يوم الأداء47 ........................................................................ : الخاتمة 48 ............................................................................................................................................................................................. أبرز النتائج48 .......................................................................................................................................................................................: تعليقات وإضافات على بحوث الملتقى الثالث للهيئات الشرعية الذي يناقش "مقترحات لمعالجة تغير سعر السوق في التمويل طويل الأجل" د.عبدالعزيز بن محمد الناصر 1431هـ بسم هللا الرحمن الرحيم الحمد هلل ،وأصلي وأسلم على رسول هللا ،وعلى آله وأصحابه ،أما بعد: فقد قرأت البحثين النافعين الل َذ ْين أعدهما كل من :فضيلة الشيخ طلال الدوسري تحت عنوان" :تغير سعر السوق في التمويل طويل الأجل مقترحات وحلول"( ، )221وفضيلة الدكتور العياشي فداد تحت عنوان" :ورقة مساندة حول أهم الحلول للعائد المتغير"( ،)222وقد استفدت منهما كثيراً ،كما قيدت عليهما بعض الإضافات والأسئلة والتعليقات ،وقد جعلتها في ثلاثة أقسام على النحو الآتي: .1 .2 القسم الأول :تحديد المشكلة: في نظري أن المشكلة التي يبحث عن حلول لها ما زالت بحاجة إلى إيضاح ،فهل المشكلة تتعلق بمخاطر يتعرض لها البنك في حال التمويل بثمن محدد تزول هذه المشكلة بكون جزء من الثمن مرتبطاً بالمؤشر؟ ،أو تتعلق بمخاطر يتعرض لها العميل في حال انخفاض أسعار التمويل عما تعاقد عليه مع البنك؟ ،وهل هذه المخاطر في الحالين تعد الف ًُضلى؟. –إذا وقعت -من قبيل الضرر ،أو من قبيل فوات الفرصة المالية ُ وفي هذا الجانب ُيحتاج إلى رأي الاقتصاديين والماليين المتخصصين ،بيد أنه قد يقال: البنوك قسمان: بنوك تكون تكلفة حصولها على الأموال (أي الالتزامات أو المطلوبات أو الخصوم) مرتبطة في جزء منها بمؤشر أسعار الفائدة الربوية مثلاً ،فترى أنها تحتاج إلى الموازنة بين التزاماتها وبين استثماراتها من عدة جوانب( ،)223منها :أن تكون استثماراتها –كذلك -مرتبطة بأسعار الفائدة ،بحيث إذا زادت الأسعار فزادت التكلفة غطتها زيادة الأسعار في الاستثمارات ،وإذا انخفضت الأسعار فانخفضت الاستثمارات تنخفض التكلفة أيضاً. البنوك الإسلامية التي تكون تكلفة حصولها على الأموال محددة ،فتستثمر أموالها بعوائد محددة ،فهذه لا مخاطر عليها –بادئ النظر -من انخفاض أسعار الفائدة أو ارتفاعها ،إذ لا أثر لذلك على العقود القائمة؛ سواء أكانت عقود تمول من قبل البنك (تكلفة) أو عقود تمويل (استثمارات) ،وأما العقود الجديدة فتبرم وفقاً لما تقتضيه الأسعار ّ السائدة في حينه ،وفي كل الأحوال فإن تسعير التمويل لديها يغطي مبلغ التكلفة وزيادة(.)224 مولت بثمن يرتبط جزء منه بل إنها إذا كانت قد حصلت على الأموال بتكلفة محددة غير مرتبطة بالمؤشر ،ثم ّ بالمؤشر ،فقد تتعرض لمخاطر انخفاض أسعار الفائدة مما يقلل من أرباحها أو يعرضها لخسارة. تمولوا بأسعار محددة ثم ارتفعت أسعار الفائدة فلا إشكال عليهم إذاً ،أما إذا انخفضت أما العملاء فإنهم إذا ّ للتمول ،لكن مثل ه ذا يقع في سائر البيوع ،يستوي في ذلك ما فسيكونون لم يحصلوا على الفرصة المالية ال ُفضلى ّ كان منها بثمن حال أو مؤجل( ،)225إذ يشتري الإنسان شيئاً بثمن ،ثم يقل ثمنه في السوق ،أو يبيعه ثم يرتفع السعر. وعلى ما سبق فإنه: إذا كان الغرض من بحث ربط التمويل بمؤشر متغير حل مشكلة لدى البنك تتعلق بالموازنة بين التزاماته واستثماراته فهذه المشكلة غير موجودة أصلاً في البنك الإسلامي بالنظر إلى جهة الثبات والتغير؛ لأن التزاماته غير مرتبطة بالمؤشر ،بل قد يكون ربط التمويل بالمؤشر حينئذ أكثر إشكالاً؛ لأنه سيخل بتلك الموازنة بين الالتزامات والاستثمارات. وأما إذا أريد أن تكون كل من التزامات البنك الإسلامي واستثماراته مرتبطة بالمؤشر المتغير بدلاً من الوضع الحالي وهو كون كل منها مبالغ محددة لا تتأثر بأسعار الفائدة -فهنا نحتاج إلى بحث مدى أفضلية ذلك من الناحيةالاقتصادية(.)226 وأما إذا كان الغرض أمراً آخر لا يتعلق بمشكلة داخلية لدى ا لبنك ،وإنما يتعلق بعلاقته مع العميل؛ من جهة أن العملاء يطلبون الربط بالمؤشر ،فالظاهر أن أطراف العلاقة هنا لا يرون مصلحتهم في الثابت دائماً أو في المتغير دائماً ،وإنما بناء على ما يتوقعونه من ارتفاع أسعار الفائدة أو انخفاضها ،فالعملاء سيطلبون الربط بالمؤشر إذا كانوا يتوقعون انخفاض أسعار الفائدة ،وهنا :تتعارض مصلحة العميل في السعر مع مصلحة البنك ،فإنه ليس من مصلحة البنك القيام بذلك في ظل هذا التوقع ،والعكس بالعكس ،مما يتعذر معه أن يكون الربط بالمؤشر محققاً لمصلحة الطرفين معاً ،وليست مصلحة أحد الطرفين أولى بالمراعاة من مصلحة الطرف الآخر. القسم الثاني :مناقشة الحلول والمقترحات: الأول :المرابحة بربح متغير: ( )221سأشير إليه فيما بعد بـ" :البحث" اختصاراً. ( )222سأشير إليه فيما بعد بـ" :الورقة" اختصاراً. ( )223انظر :أسس العمل المصرفي الإسلامي والتقليدي ،د.محمد نضال الشعار ،ص 220وما بعدها ،وقد أشارت الورقة إلى شيء من ذلك في مقدماتها. ( )224تسعير التمويل يشمل أموراً ،من أهمها :تكلفة الحصول على الأموال+التكاليف التشغيلية للبنك "الرواتب والتجهيزات المادية ونحوها"+مخاطرة عدم السداد+هامش الربح .انظر :السابق ص .454 ( )225أشار البحث إلى ذلك ص .12 ( )226تعرض البحث ص 4إلى ذلك ،لكنه أشار إلى أن عقود المبادلات مما يبين أن العائد الثابت هو الأصلح ،وفي نظري أن عقود المبادلات بذاتها لا تدل على أن الثابت أو المتغير أصلح على جهة العموم ،فكما أن أحد طرفيها يطلب الثابت فالآخر يطلب المتغير ،وكل منهما قرر أن الثابت أصلح من جهات أخرى. يرى أن الدخول في العقد من مصلحته ،لكن قد ُي ّ .1 .2 .3 .4 .5 .2 .3 أتفق مع الباحثين الكريمين فيما انتهيا إليه في الجملة ،وثمة مسائل أشير إليها فيما يأتي: الثمن فيها يتكون من :تكلفة السلعة +المؤشر " تكلفة الأموال" +هامش الربح وهو محدد بنسبة مئوية لا تتغير، المبلغ المرتبط بالمؤشر ربحاً ،وبناء على ذلك يراجع يعد المصرفيون فليس كل الربح مرتبطاً بالمؤشر ،بل قد لا َ ّ تعريفها في البحث ص. 7 أشار البحث ص 8إلى قرار مجمع الفقه الإسلامي ذي الرقم ( ،)51وأشير إلى قرارين له في الموضوع ،وهما :القرار ذو الرقم )12/9( 115بشأن موضوع التضخم وتغير قيمة العملة ،وجاء فيه" :ثالثاً :لا يجوز شرعاً الاتفاق عند إبرام العقد على ربط الديون الآجلة بشيء مما يلي ... :ز– الربط بسعر الفائدة ... .وذلك لما يترتب على هذا الربط من غرر كثير وجهالة فاحشة بح يث لا يعرف كل طرف ما له وما عليه فيختل شرط المعلومية المطلوب لصحة العقود .وإذا كانت هذه الأشياء المربوط بها تنحو منحى التصاعد فإنه يترتب على ذلك عدم التماثل بين ما في الذمة وما يطلب أداؤه ،ومشروط في العقد فهو ربا"اهـ ،والقرار ذو الرقم )5/4( 42وفيه" :لا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة أياً كان مصدرها بمستوى الأسعار"اهـ. جاء في الورقة ص 20ما يفهم منه أن القول بأنه يكفي أن يتفق العاقدان على طريقة منضبطة لتحديد الثمن ،هو رواية في مذهب الإمام أحمد اختارها ابن تيمية وابن القيم ،وهو قول لبعض الأحناف .وفي نسبة هذا القول -بهذه الصيغة -إليهم نظر. في البحث ص 10جواب حسن عن استدلال مجيزيها بوجود التراضي ،ويضاف إليه المعنى الذي ذكره القرافي بقوله « :ما من حق للعبد إلا وفيه حق هلل تعالى ... ،وقد يوجد حق هللا تعالى -وهو ما ليس للعبد إسقاطه-ويكون معه حق العبد؛ كتحريمه تعالى لعقود الربا والغرر والجهالات فإن هللا تعالى إنما حرمها صوناً لمال العبد عليه وصوناً له عن الضياع بعقود الغرر والجهل فلا يحصل المعقود عليه أو يحصل دنيا ونزراً حقيراً فيضيع المال ،فحجر الرب تعالى برحمته على عبده في تضييع ماله الذي هو عونه على أمر دنياه و آخرته ،ولو رضي العبد بإسقاط حقه في ذلك لم يؤثر رضاه»(.)227 فيما يتعلق بالبيع بما ينقطع به السعر ،هناك عدد من النقاط: ُيلحظ الفرق بينه وبين المرابحة بربح متغير؛ من جهة أن السعر فيه هو سعر السوق الذي يتحدد بناء على العرض والطلب ،أما التغير في المؤشر فليس مبنياً على العرض والطلب للسلعة ،بل على عوامل مختلفة ،قد يكون منها: التضخم ،وحينئ ٍذ يحسن بحث حكم الربط بالمؤشر من جهة أخرى غير القياس على البيع بسعر السوق ،وإنما بالنظر في أثر التضخم على الديون ،وحكم الربط القياسي ،ونحو ذلك(.)228 ولذلك ينظر :هل تغير المؤشر يعد من قبيل تغير سعر السوق ،كما جاء في عنوان الملتقى؟. عبارة "بما ينقطع به السعر" تحتاج إلى تحقيق مراد الفقهاء بها ،وهل يراد السعر الذي انقطع أو السعر الذي ينقطع فيما بعد؟ وهل يستوي في ذلك ما ينقطع في وقت قريب أو بعيد؟ .من المعلوم أن شيخ الإسلام ذكر أن نصوص أحمد لا تجيز ما لم ينقطع بعد ،لكن بعض فقهاء المالكية في مسألة البيع بالقيمة فسرها بالقيمة التي ستظهر ،قال الدردير (" :وكالغرر ) :أي كبيعه فإنه فاسد للنهي عنه ( وهو :ذو الجهل ) بثمن أو مثمن أو أجل ( والخطر ; كتعذر التسليم ) كبيع آبق وسمك في مائه وبيع ما فيه خ صومة ( .وكبيعها بقيمتها ) التي ستظهر أو التي يقولها أهل السوق ( أو بما يرضاه فلان ) وكان البيع على رضاه ( على اللزوم ) لا على الخيار فإنه جائز لأن بيع الخيار منحل(.)229 كما أن حكم البيع بالسعر يحتاج إلى تحرير مذاهب الفقهاء فيه ،فهل القول به مقصور على شيخ الإسلام؟ الواقع أن المالكية يجيزونه إذا كان على الخيار –كما يتضح من نص الدردير السابق ، )230(-كما أن بعض فقهاء الحنفية استثنى من المنع ما إذا كان شيئ ًا لا يتفاوت ،قال ابن الهمام "وكذا لا يجوز بمثل ما يبيع الناس إلا أن يكون شيئا لا يتفاوت كالخبز واللحم"( ،)231فضلاً عن أنهم يصححونه إذا بين في المجلس(.)232 وثمة نص واسع عند الحنفية يتعلق بشرط العلم بالمبيع من كلام الكاساني في معرض كلامه عن شرائط الصحة في البيوع ،قال(" :ومنها) أن يكون المبيع معلوم ًا وثمنه معلوم ًا علم ًا يمنع من المنازعة .فإن كان أحدهما مجهولا ً جهالة مفضية إلى المنازعة فسد البيع ,وإن كان مجهولاً جهالة لا تفضي إلى المنازعة لا يفسد; لأن الجهالة إذا كانت مفضية إلى المنازعة كانت مانعة من التسليم والتسلم فلا يحصل مقصود البيع ,وإذا لم تكن مفضية إلى المنازعة لا تمنع من ذلك; فيحصل المقصود"( .)233فلْيناقش. فيما ي تعلق ببيع بعض الجملة بتحديد سعر الوحدة ،ناقش البحث ص 15قياس المرابحة بربح متغير عليه ،ويمكن أن يضاف :أن اختلاف قدر الثمن هنا يتبع اختلاف قدر المبيع ،وقدر المبيع يحدده المتعاقد ،أما في المرابحة بربح متغير فاختلاف المؤشر خارج عن طرفي العقد. فيما يتعلق باشتم ال المرابحة على الربا فقد جاء في الورقة ص 21أن "هذا الدين تصاحبه زيادة فهو في معنى الربا" ،ونحوها ما ورد في الوجه الأول من البحث ص ، 19والذي يظهر لي أن هذا الوجه من الربا غير متحقق؛ كما في ( )227الفروق للقرافي « 141/1الفرق الثاني والعشرون بين قاعدة حقوق هللا تعالى وقاعدة حقوق الآدميين» ،وانظر :شرح الخرشي على مختصر خليل .110/8 ( )228انظر :التضخم النقدي في الفقه الإسلامي ،د.خالد المصلح ،ص 190وما بعدها و208و261و.267 ( )229الشرح الصغير للدردير (شرح أقرب المسالك) ،92/3وانظر :الشرح الكبير للدردير .54/3 ( )230وهذا الحكم يجري على عدد من المسائل ذات الشبه ،قال الخرشي في شرحه على خليل " :69/5 :فإن كان على الخيار صح في الجميع". ( )231فتح القدير 260/6 ( )232الدر المختار .112/5 ( )233بدائع الصنائع .156/5 .4 .5 .1 .2 .3 .1 .2 o o o o الجواب عنه في البحث ص ،20ذلك أن حقيقة الأمر أن هذا الجزء من الدين لم يتحدد أصلا ً عند العقد بالمقدار ،وإنما حدد بالمعيار ،ثم يجري تطبيق المعيار عند دفع القسط فيتحدد المقدار .وليس الأمر أن الجزء المتغير في كل الأقساط حدد بالمؤشر عند العقد فإذا زاد المؤشر زاد الدين. نعم ،قد يأتي الربا من مدخل آخر ،وذلك في حال تأخر المدين عن سداد بعض الأقساط الثابتة ،وذلك أن الذي عليه العمل نسبة الجزء المتغير إلى ما لم يسدد من الأجزاء الثابتة ،وحينئ ٍذ فلو تأخر في سداد قسط فإن تطبيق هذه غرامة تأخير. القاعدة يؤدي إلى زيادة إجمالي ما سيدفعه من الجزء المتغير ،فيكون ذلك َ فيما يتعلق بالأوجه الثلاثة التي وردت في البحث ص 27لبيان أن منع المرابحة بربح متغير هو الذي يتخرج على أصول شيخ الإسلام ،فمع عدم الاعتراض على النتيجة أشير إلى ما يأتي: في الوجه الأولُ :يلحظ أن كلام شيخ الإسلام هنا هو في حكاية قول أحمد(.)234 في الوجه الثاني :الجهة منفكة ،وقد لا يكون غرض العميل التورق ،كما في الاعتمادات التي تفتح للمرابحة أو المشاركة ،فغرض العميل السلعة. في الوجه الثالث :النقل نفيس ،وآمل أن يكون محلاً للمناقشة لتحرير معناه ،والصور التي ينطبق عليها ،فقد تدخل فيه كثير من صور تعاملات البيع في المصارف إما مباشرة أو من باب أولى. لدي سؤال عن الجزء من الدين الذي لا يتحدد مقداره في العقد (الجزء المرتبط بالمؤشر عند من يجيزه) ،كيف تطبق أحكام الدين التي تتعلق بمقداره؟ وعلى سبيل المثال :ما حكم الزكاة فيه بالنسبة للدائن؟ وما أثره على زكاة أموال المدين؟ وكيف تجرى الأحكام الأخرى عليه؟. الثاني :التورق المتجدد قصير الأجل: الذي يظهر لي أنه إذا تحقق كونه قلباً للدين فلا يفرق فيه بين الموسر والمعسر؛ لأن علة المنع هي الربا أو شبهته، فلا يختص منعه بالمعسر ،فأتفق مع ما جاء في البحث والورقة من منعه ،وثمة مسائل أشير إليها فيما يأتي: جاء في البحث ص 29أن دليل المجيزين إخراجه من جنس قلب الدين ،ويضاف إليه ما جاء في الورقة ص 24من أن يخصون قلب الدين المحرم بأن يكون مع المعسر. بعض مجيزيه يرون دخوله في قلب الدين لكن ّ الاستدلال على منعه باشتماله على التورق المنظم –كما في البحث ص -31يرد فيه سؤال وهو :هل التورق المنظم موجود في كل معاملة تورق منه على حدة ،أو في تنظيم مجموع معاملات التورق المتجدد؟ إن كان المقصود الأول فسبب المنع إذاً متعلق بأصل عملية التورق لا بهذه الصيغة محل البحث بذاتها ،وحينئذ فقد يعود هذا الوجه على أكثر الصيغ المطروحة بالمنع. يمكن الاستف ادة من هذه الصيغة بعد تصحيحها لتكون على النحو الآتي :يجرى مع العميل معاملة بيع بأجل قصير، فإذا حل الأجل طلب من العميل السداد ،فإذا سدد أعطي مباشرة مديونية جديدة وفقاً لما تقتضيه الأسعار في حينه .أي أن الحل يكون :بسداد المديونية القائمة ثم إعطاء العميل مديونية جديدة في اليوم نفسه ،لا بإعطاء مديونية جديدة يتم منها سداد المديونية القائمة ،وهذا الحل قد يصلح مع بعض العملاء الذين تتوفر لديهم سيولة عند حلول أجل السداد ،لكن يكون لديهم احتياجات لها في جوانب أخرى :كالجوانب التشغيلية ،والسداد للموردين ونحو ذلك ،فلا يم كنهم صرفها في السداد فقط ،فيطلب منهم توجيهها إلى السداد ،ويعطون مديونية أخرى توفر لهم سيولة بديلة؛ لاستخدامها في احتياجاتهم الأخرى .وقد طبقت بعض البنوك هذا مع بعض عملائها. الثالث :المرابحة مع حافز الخصم: الذي يضبط الصورة الجائزة أمران: ألا يكون الوعد ملزماً. أن تجرى المرابحة وفقاً للمؤشر السائد وقت إجرائها فيما يتعلق بالجزء المتغير من ثمنها دون زيادة ،والغرض من ذلك ألا يتفق في العقد –بالنسبة للجزء المتغير -على ربح أعلى بكثير من المؤشر لا يمكن أن يبلغه المؤشر عادة ،مع الالتزام بخصم ما زاد عن المؤشر عند أداء القسط؛ لأن هذا الاتفاق على الربح الأعلى يكون حينئذ اتفاقاً صورياً غير مقصود حقيقة للعاقدين ،فلا يعتد به ،وتؤول المعاملة في حقيقتها إلى الربط المباشر بالمؤشر. وبيان ذلك على النحو الآتي: لنفرض أن :تكلفة السلعة ،100 :والمؤشر حين العقد ،٪1وهامش الربح الذي يريده المصرف (وهو هامش ثابت لا يتغير) ،٪2والسداد سنوي على خمس سنوات. فمثال الجائز :أن يبيع المصرف السلعة على العميل بـ: 100مقسطة +المؤشر عند العقد ،مع الوعد بخصم ما زاد منه عن المؤشر عند أداء القسط ،والناتج ينسب إلى ما لم يسدد من 100 ( ٪2+ثابت) منسوباً إلى ما لم يسدد من 100 ومثال الممنوع :أن يبيع المصرف السلعة على العميل بـ: 100مقسطة ( )234ومثله ما ورد في البحث ص 18فكلام الشيخ في نقل منصوص أحمد ،ومع ذلك فالصورة التي يصححها الشيخ من البيع بما ينقطع به السعر هي الصورة التي نقل عن أحمد تصحيحها ،ومما يفيد ذلك ما في الفتاوى الكبرى ( )387/5حيث قال" :ويصح البيع ...بما ينقطع به السعر ...وهو أحد القولين في مذهب أحمد". o o .1 .2 .3 .1 .2 .3 ٪20+مع الالتزام بخصم ما زاد عن المؤشر عند أداء القسط ،والناتج يكون منسوب ًا إلى ما لم يسدد من 100 ( ٪2+ثابت) منسوباً إلى ما لم يسدد من .100 وقد أصدرت الهيئة الشرعية في مصرف الراجحي قرارها ذا الرقم ( )760والتاريخ 1428/4/29هـ ،وموضوعه :حكم الوعد بإسقاط جزء من القسط من ثمن البيع بمقدار انخفاض المؤشر ،وجاء فيه ":قررت الهيئة أنه لا مانع من أن تتعاقد الشركة مع عميلها على ثمن ينظر في تقديره إلى مؤشر منضبط وقت التعاقد ،مع وعد الشركة للعميل وعداً ٍ غير ملزم بأنه إذا انخفض ذلك المؤشر -عند حلول أي قسط -عن مقداره وقت التعاقد فإن الشركة تسقط عن العميل من ذلك القسط بمقدار انخفاض المؤشر" وأشير أخيراً إلى أن أدلة التحريم التي وردت في البحث ص 39وما بعدها جارية على اعتبار الوعد الملزم كالعقد. الرابع :تغير مقدار القسط في التمويل طويل الأجل بحسب التغير في المؤشر: في نظري أنه اقتراح حسن في الجملة ،مع أنه ُيلحظ ما يأتي: الجزء الذي سيقع عليه التعديل هو المبلغ الذي كان يراد أن يربط بالمؤشر ،وأما الأجزاء الثابتة التي تمثل التكلفة فلن يلحقها تغيير لا في مبلغ كل قسط منها ولا في أجله. التعديل عليه سيكون من قبيل التراضي على: التعجيل دون حط في حال زيادة المؤشر. أو التأجيل دون زيادة في حال انخفاض المؤشر. وهو مبني على تصور إمكان وجود رضا العميل في الحال الأولى ،ورضا البنك في الحال الثانية. المقتر ح إلى شيء من المعالجة المالية ،وبخاصة فيما إذا كان السداد للمبلغ المفترض ربطه بالمؤشر يقل – يحتاج َ من حيث الواقع بناء على انخفاض المؤشر -عن المتعاقد عليه ،فيبقى جزء منه لم يسدد بعد انتهاء سداد الأقساط الثابتة .فهل يدفع ما بقي جملة واحدة ،أو يقسط بنسب محددة؟ وحينئ ٍذ فما المنسوب إليه؟. ومن ضوابط العمل به: ابتداء -على مبلغ محدد المقدار والأجل. أن يجري التعاقد – ً أن يكون التعديل بالتراضي بين الطرفين في حينه ،ويمكن أن يكون ذلك –إجرائياً -بإشعار يرسله أحد الطرفين للآخر يتضمن مبلغ القسط بعد تعديله بناء على المؤشر ،ويرد الآخر بالموافقة. من المهم إعادة جدولة باقي المبلغ بالنسبة للأقساط اللاحقة ،ففي حال تعديل القسط بالزيادة يبين القسط الذي خصمت منه هذه الزيادة ،وفي حال تعديله بالنقص يبين متى يسدد الفرق ،بحيث إذا لم يجر الاتفاق على تعديل قسط لاحق يرجع إلى هذه الجدولة المتفق عليها بين الطرفين. الخامس :التحوط بالجمع بين البيع بالأجل والمشاركة المتناقصة: أتفق مع الترجيح الوارد في الورقة ص 23وفي البحث ص 45بالقيد المذكور فيه ،وأشير إلى أن هذه الصيغة تصلح عندما يكون مشروع العميل نفسه هو محل التعاقد بين البنك والعميل ،ولا تصلح لعمليات التورق؛ لأن هذه الصيغة وخروج البنك منها شيئاً فشيئاً ،أما في التورق فالسلعة تباع مباشرة للحصول تقوم على بقا ِّء السلعة -أثناء السداد- ِّ على النقد. وإذا كان محلها مشروعات العميل نفسها فيبقى النظر في مدى تحقق ملكية المصرف فيها ملكية حقيقية ،ومدى أفضليتها على الإجارة بأجرة متغيرة. السادس :الجمع بين بيع إلى أجل بثمن محدد ،وبيوع إلى أجل بسعر السوق يوم الأداء: هذه الصيغة وردت في البحث ص ،46ويظهر لي أن كثيراً من أدلة منع المرابحة بربح متغير وارد على هذه الصورة أيضاً. السابع :الاتفاق بين المتعاقدين على التعديل في الثمن والمثمن: عرضته الورقة ص ،6ولم تتضح صورته تماماً؛ وبخاصة كيفية التعديل في المثمن. وأما فقرة معيار المرابحة التي اس ُتشهد بها فيختلف موضوعها ،إذ إنها تتحدث عما قبل العقد ،كما أن فقرة معيار الاستصناع تتحدث عن التعديل في عوضي العقد معاً ،وإن كانت آخر عبارة منها تفتقر إلى بيان. الثامن :التعويض عن الالتزام بالوعد: جاءت هذه الصيغة في الورقة ص ، 10ويظهر لي أنها برمتها خارجة عن موضوع الملتقى؛ إذ لا يوجد تمويل هنا. التاسع :إعادة تشكيل المحفظة الاستثمارية للتخلص من الأصول ذات العائد الثابت: استطردت الورقة ص 12في مسائل بيع الدين ،ويظهر لي أن بعضها يحتاج إلى تحرير وإعادة تقسيم كما أنه لا مدخل له في الموضوع ،وبناء على ما ورد في الورقة ص 15من أن الحل هو "قيام المصارف ببيع ديونها ليس بالنقد وإنما بأعيان ومنافع ...ثم بيع تلك الأعيان وإجارة المنافع للحصول على السيولة اللازمة لإعادة تشكيل المحفظة الائتمانية" فإنه يمكن تحديد الصورة من بيع الدين ذات الصلة بهذا المقترح بأنها :بيع الدين -على من هو فليكتف بتحرير هذه الصورة. عليه أو على غير من هو عليه -بعين أو منفعة. َ .1 .2 .1 .2 .1 .2 .3 .4 .5 العاشر :التأمين التعاوني ضد مخاطر العائد: فيما يتعلق بإنشاء شركة تكافل إسلامية واشتراك المصارف ثم تعويض الذي تنخفض عوائده -كما في الورقة ص ُ :-19يلحظ ما يأتي: أن هذه الصيغة ليست حلاً للعلاقة بين المصرف والعميل. يحتاج موضوعها إلى نظر من حيث مدى صحة كونه محلاً للتكافل. وفيما يتعلق بالالتزام بالإسهام بمبا لغ معينة من قبل البنك والعميل وتعويض الطرف المتضرر- ،كما في الورقة ص -19يرد عليه الآتي: ما معيار التضرر؟. ما التوصيف الفقهي لدفع هذه المبالغ؟ وإذا كان دفعها التزاماً أفلا تكون مما جرت المعاوضة عليه؟ وحينئ ٍذ فما حكم المعاوضة على هذه الصفة؟. قال ابن تيمية" :وكل تبرع يجمعه إلى البيع والإجارة مثل الهبة والعارية والعرية والمحاباة في المساقاة والمزارعة وغير ذلك هو مثل القرض ،فجماع معنى الحديث( : )235أن لا يجمع بين معاوضة وتبرع؛ لأن ذلك التبرع إنما كان لأجل المعاوضة لا تبرعاً مطلقاً ،فيصير جزءاً من العوض ،فإذا اتفقا على أنه ليس بعوض جمعا بين أمرين متباينين"(.)236 الحادي عشر :تحديد الربح في الاستصناع بالتكلفة الفعلية مع نسبة مئوية: ُيلحظ أن الكلام في جميع الصور السابقة عن تغير العائد ،أمـا في هذه الصورة فالتكلفة -أيضاً -ليست محددة حين إبرام العقد ،وعليه فسيواجه البنك في الاستصناع مشكلتين: الأولى :عدم القدرة على تحديد التكلفة في ظل احتمال ارتفاع الأسعار أو انخفاضها. وحل هذه المشكلة إما: بعقد الاستصناع الموازي ،فيجعل البنك الثمن في العقد الذي يدخل فيه بصفته مستصنع ًا هو التكلفة في العقد الذي يدخل فيه بصفته صانعاً ويضيف إليه العائد الذي يريد. بالصيغة التي تفهم مما في الورقة ص ، 21وتحتاج إلى بحث ،وهي أن يتكون ثمن الاستصناع من :مبلغ التكلفة الذي يحدد في العقد+الربح المحدد بنسبة مئوية ( ٪3مثلاً) تنسب إلى مبلغ التكلفة. يتحدد فيما بعد ولا ّ الثانية :عدم القدرة على تحديد نسبة العائ د في ظل احتمال ارتفاع المؤشر أو انخفاضه. وهذا هو الموضوع الذي يبحث فيه الملتقى ،والحل المذكور في الورقة ص 21يتعلق بالمشكلة الأولى لا الثانية، أي :يتعلق بالمنسوب إليه ( ٪3من كذا وكذا) لا بالنسبة ( ٪3أو ٪2أو ،) ٪4بالرغم من أن الورقة عرضت هذه الفكرة تحت الحلول المقترحة لتعديل العوائد. وينظر في أن يكون حل المشكلتين معاً من خلال الجمع بين: عقود بيع إلى أجل ،يبيع فيها البنك على العميل المواد المستخدمة في الصناعة. عقود وكالة بأجر ،يقوم المصرف بموجبها بالعمل اللازم للصناعة في كل مرحلة ،وتحدد الأجرة في كل عقد بالنظر إلى الأسعار السائدة في حينه ،ويمكن أن يعقد البنك –للقيام بهذا العمل -عقوداً موازية مع مقاولين. القسم الثالث :صيغ أخرى: أشير إلى الصيغة التالية التي جرى تطبيقها في بعض عقود التمويل ،ولم ُتذكر في الورقة أو البحث ،وهي: شراء سلع أو خدمات من العميل ،ثم توكيله في بيعها في السوق بثمن مستهدف يحدد دوريا ،وما زاد عنه فهو للعميل : يتضح من الصورة أن :ثمن الشراء بمنزلة مبلغ التمويل ،وحصيلة البيع في السوق بمنزلة سداد التمويل ،ولذا سيحدد الثمن المستهدف للبيع في السوق لكل فترة بناء على :سعر التكلفة +المؤشر في تلك الفترة+هامش الربح، ويعاد تحديد الثمن المستهدف بناء على تغير المؤشر. ومن النقاط التي تحتاج إلى بحث فيها: حكم كون السلعة أو الخدمة التي اشتراها البنك موصوفة ،ومدى ضرورة التعيين. مدى اشتراط قبض البنك للسلعة قبل توكيل العميل في بيعها. حكم مسألة( :بعها بكذا ،وما زاد فهو لك). حدود مسؤولية الوكيل ،وما الحال إذا لم يتمكن من بيع السلعة أو الخدمة بالثمن المستهدف؟. الضوابط التي تجعل ملكية البنك حقيقية لا صورية. وهللا تعالى أعلم وصلى هللا وسلم على نبينا محمد ،وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان. د.عبد العزيز بن محمد الناصر ( )235يشير إلى قول النبي صلى هللا عليه وسلم( :لا يحل سلف وبيع). ( )236الفتاوى الكبرى ، 35/4وقد ورد هذا النص في البحث ص .38 تعقيب على بحث الشيخ طلال الدوسري بعنوان تغير سعر السوق في التمويل طويل الأجل مقترحات وحلول إعداد: الشيخ منصور بن عبدالرحمن الغامدي شهر جمادى الآخر عام 1431هـ بسم هللا الرحمن الرحيم الحمد هلل رب العالمين ،والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ وبعد: كان بحث الشيخ طلال الدوسري وفقه هللا وسدده لكل خير بحثا مؤصلا ناقش فيه المسائل بعد ذكر الأقوال والأدلة والتعليلات ثم ختمها بترجيحاته المقترنة بالدليل والتعليل؛ فجزاه هللا خير الجزاء ووفقه للعلم النافع والعمل الصالح؛ إلا أن الجهد ال بشري لا يخلو من ملحوظات وتعقبات؛ لذا فقد كان لي على بحثه هذه الملحوظات: /1مقدمة البحث: ورد في مقدمة البحث "أن الأصلح هو التعامل بالعائد الثابت" بينما واقع العمل المصرفي اليوم يميل إلى تفضيل العائد المتغير في العقود طويلة الأجل مع الشركات والبنوك. وأما كثرة عقود التحوطات في العالم وخصوصا عقود المبادلات بين الفائدة الثابتة والفائدة المتغيرة فلا يستدل بها على أن الأصلح الثابت أو خلافه؛ لأن الأكثرية الغالبة منها ليست تحوطا من عقود قائمة لديهم؛ وإنما أغلب هذه العقود مضاربات في السوق المالية لتحقيق وجني الربح من ت قلبات أسعار الفائدة ،ولأن طرفي العقد المتقابلين كل منهما يتحوط مما يريده الآخر. والأولى أن تحال مسألة تحديد الأصلح للمؤسسات المالية إلى المتخصصين الماليين الذين يديرون المخاطر في هذه البنوك والمؤسسات المالية. /2أوجه منع المرابحة بربح متغير: حرم الباحث صورة ا لمرابحة بربج متغير ،وأرجع المنع إلى ثلاثة أسباب :الأول :الربا أو شبهته ،والثاني :الغرر ،والثالث: بيعتان في بيعة. وعند تحرير هذه الأسباب نجد أنه لا يستقيم منها إلا القول بوجود الغرر ،وذلك لما يأتي: /1 /2 مناقشة ما ذكره الباحث من وجود الربا أو شبهته: ذكر الباحث وج هين لوجود الربا أو شبهته ،وقد ناقش الوجه الأول مناقشة صحيحة ،فلم يبق إلا الوجه الثاني ،ويناقش بما يلي: /1 /1 /2ما ذكره الباحث هنا لا يختص بالمرابحة بربح متغير؛ بل هو في المرابحة بربح ثابت ،وفي التورق ،والتورق المنظم، والإجارة التمويلية وغير ذلك من العقود التمويلية .فالربح في جميع هذه العقود التمويلية يؤخذ نظير الأجل ،ولا نكير في ذلك وقد نقل الباحث كلمة لابن تيمية في بحثه وهي "أن الأجل يأخذ قسطا من الثمن". فصل الربح عن رأس المال؛ لأن /2 /1 /2قرار مجمع الفقه هو في بيع التقسيط ،وأما في بيع المرابحة فيجب شرعا ُ المرابحة من بيو ع الأمانة المرتبطة برأس المال؛ فلا ينطبق عليها ما ذكره المجمع. مناقشة ما ذكره الباحث من وجود بيعتين في بيعة: /2 /2 ذكر الباحث أن هذا الوجه يرجع إلى الربا والغرر ،وقد سبق بيان ما يتعلق بالربا؛ فلم يبق إذن من أوجه المنع إلا الغرر. /3أهمية تحرير مستند المنع: تظهر أ همية تحرير مستند المنع في مسائل كثيرة ،إذ معرفة المستند يبين مكانة الممنوع ،ومنزلته عند تعارض الأدلة ،وطريقة الاستثناء من المنع وهل يمكن الاستثناء في أحوال الحاجة أم في أحوال الضرورة فقط؛ فإن مما هو معلوم أن تحريم ربا النسيئة وتحريم ربا الفضل ،وتحريم شبهة الربا ،وتحريم الغرر ،وتحريم الثنيا إلا أن تعلم ليسوا بمنزلة واحدة؛ بل بعضها لا يباح إلا بالضرورة ،وبعضها تبيحه الحاجة .ولهذا قيل إن معرفة مراتب الشرور من أعلى درجات الفقه ،ولشيخ الإسلام رحمه هللا تعالى كلام متين في المقارنة بين تحريم ربا النسيئة والفضل ،والمقارنة بين تحريم الربا وتحريم الغرر في سياق مقارنته بين مذهب مالك والشافعي في معاملات الربا والغرر. وأما ذكر أوجه ضعيفة لتكثير أوجه المنع وهي لا تنهض أن تكون علة للتحريم فإن هذا يعد تشويشا على البحث من حيث إنزال الأحكام في غير منزلها. /4ما اختصت به المرابحة المتغيرة: اختصت المرابحة المتغيرة عن البيع بثمن معلوم محدد بوصفين :الوصف الأول :الربط بمؤشر أو بسعر السوق. وقت التعاقد. الربط = بمؤشر مستقبلي وليس بمؤشر والوصف الثاني :أن حالي ٍ َ َ ّ ولتحرير الحديث عن المرابحة المتغيرة سأتحدث عن هذين الوصفين المميزين لها: الوصف الأول :أما الربط بمؤشر أو بسعر السوق؛ فإن له نظائر في الفقه جرى العمل واشتهرت الفتيا بجوازها؛ ومن ذلك البيع بسعر السوق ،أو البيع بما ينقطع به السعر ،أو غير ذلك. تنبيه :يلحظ أن المربوط بمؤشر في المرابحة المتغيرة= هو تقييم الأجل في ثمنها؛ وليس تقييم السلعة المبيعة. نفسـها وإنما أحد أوصاف الثمن وهو الأجل؟ يظهر لي أنه لا فهل ُيشكل :أن المقيَّم بسعر السوق ليس السلعة َ إشكال من هذه الحيثية؛ فالمتعاقدان قد يتبايعان السلعة بسعر سوق السلعة نفسِّ ها، وقد يقدران للسلعة (بدون وصف معين) ثمناً يتفقان عليه ،ثم يتفقان أن يضيفا لهذا الثمن تقييم السوق للوصف الذي تركا تقديره .فمثلا :قد يتبايعان سيارة بسعر 60,000ريال بالإضافة إلى تقييم السوق للوحة السيارة المميزة مثلا ،أو بالإضافة إلى تقييم السوق للون السيارة المميز مثلا ،أو بالإضافة لتقييم السوق لتأجيل ثمنها سنة ...وهكذا. ولنفرض أن تقييم السوق للوحة السيارة أو لتميز لونها أو لتأجيل ثمنها ُق ّدر بـ 5,000ريال فإن الثمن الإجمالي سيكون 65,000ريال. نفسها ،وقد يكون أحد الأوصاف والشروط المتفق وبهذا يظهر أن المربوط بمؤشر أو بسعر السوق :قد يكون السلعة َ عليها في البيع. ثـمت إشكال إلا عند من يقول بأنه لا يجوز البيع بسعر السوق مطلقا ،أو لا يجوز البيع بما ينقطع وإلى هنا :لا يظهر ّ به السعر ،ولن أطيل بمناقشة هذه المسائل إذ إن مظا ّنـها معروفة. الوصف الثاني :أن الأجل الذي جرى الاتفاق على تقييمه بسعر السوق أو على ربط قيمته بمؤشر معين= ليس م ربوطا بسعر السوق الآن؛ وإنما بفترة مستقبلية ...وهذا الوصف هو بيت القصيد وهو الجدير بالبحث والمناقشة والتأمل ولعلي أناقش شيئا منه في الفقرة التالية المعقودة للمقارنة بين الإجارة المتغيرة والمرابحة المتغيرة. /5مقارنة بين الإجارة المتغيرة والمرابحة المتغيرة: /1 /5ال إجارة المتغيرة (التي تربط فيها الأجرة بمؤشر مستقبلي) والمرابحة المتغيرة (التي يربط فيها ربح الأجل بمؤشر مستقبلي) بينهما أوجه شبه: /1 /1 /5كلا العقدين عقد مداينة ثابتة في الذمة. /2 /1 /5كلا العقدين عقد لازم لا يمكن لأحد طرفيه الفسخ إلا بموافقة الطرف الآخر. /3 /1 /5كلا العقدين يراد لهما أن يربطا بنفس المؤشر (مؤشر المرابحات في المصارف الإسلامية مثلا)؛ وبهذا يظهر أن الغرر والجهالة التي تذكر في المرابحة المتغيرة ليست بزائدة على الغرر والجهالة الموجودة في الإجارة المتغيرة (كماً ّ وكيفاً) .وما قرره بعض الفقهاء في وجوب تحديد التغير في الإج ارة المتغيرة بحد أعلى يلزمهم كذلك أن يحددوا به في المرابحة المتغيرة. /4 /1 /5أن ما يذكره العلماء من أدلة ومناقشات واعتراضات وأجوبة في شرط العلم بالأجرة هو= ما يذكرونه في شرط العلم بالثمن ،ولا فرق عندهم بين هذين الشرطين. ذكر الباحث أن هناك فرقا بين الإجارة المتغيرة والمرابحة المتغيرة :وهذا الفرق هو أن الإجارة تحصل منافعها شيئا /2 /5 فشيئا ،بخلاف المرابحة فإن السلعة تسلّم مرة واحدة. وهذا الفرق :لا ُينكر ،ولنا في مناقشته وجهان: /1 /2 /5الوجه الأول :أن هذا الفرق غير مؤثر؛ إذ الدين ثابت ،ولا يمكن فسخه إلا بإقالة ،وكون العوض قد قبض مرة واحدة أو حصلت المنافع شيئا فشيئا لا يؤثر إذ حديثنا عن الثمن والأجرة؛ لا عن الـمثمن والمنفعة .والمثمن والمنفعة قد يقبضان حالّا أو مؤجلا أو على مراحل أو بصفات وأحوال ،ولا ارتباط بين عوضي البيع أو بين عوضي الإجارة في الأحكام الشرعية إلا في أحوال سأسوقها .إذ إننا عند النظر في الأحكام الشرعية المقررة للثمن والأجرة نجد أنهما غير مرتبطين بأحوال وصفات المثمن والمنفعة إلا في حالتين: الأولى :إذا كان المثمن مؤجلا وجب الحلول أو القبض في الثمن ،والدليل :هو الخروج من الدين بالدين. الثانية :إذا كان المثمن ربويا وجب أن يكون الثمن حالا ومساويا إن كان من نفس الجنس ،أو وجب أن يكون الثمن حالا إن كان من نفس العلة ،والدليل :هو أحاديث الربا. فكون الباحث ينشئ علاقة جديدة بين الثمن والمثمن ،أو بين المنفعة والأجرة ،وهي :إذا كان المثمن مقبوضا مرة واحدة لم يجز أن يربط بسعر مستقبلي ،وإذا كان المثمن (المنافع) يحدث شيئا فشيئا جاز أن تربط بسعر مستقبلي... أقول هذه العلاقة الجديدة التي أنشأها الباحث بين الثمن والمثمن لا دليل عليها ،فهي بالتالي فرق غير مؤثر؛ إذ هي منفعة. عين ،وفي الثانية من جنس قول القائل تختلف المرابحة المتغيرة عن الإجارة المتغيرة بأن العوض في الأولى ٌ ٌ /2 /2 /5 /6 /7 /8 /9 وجه من أوجه الشبه بين الإجارة المتغيرة والمرابحة المتغيرة .وبيان هذا الوجه الثاني :أن هذا الفرق في حقيقته= ٌ الوجه: الربح= يحصل مقابله في ذ ؤخ ي الذي الأجل كون يشبه وهذا ً، ا فشيئ ا شيئ تحصل الأجرة= بها تستحق التي المنافع أن ً ُ ُ ُ ربح تقييم هو إنما المتغيرة= المرابحة في بمؤشر المربوط أن من سابقا ه ت قرر ما ظهر إذا خصوصا ً. ا فشيئ ا يئ ش ً ُ َ ِّ ٍ ُ تقييم السلعةِّ نفسها. الأجل؛ لا ِّ ُ وجه شبه عند بعض الفقهاء: تقرير كونه َ وهناك فرعان فقهيان يقربان ربح الأجل في المرابحة من الأجرة التي تستقر شيئا فشيئا: الفرع الأول :ما قرره بعض الحنابلة واختاره ابن سعدي رحمهم هللا من أنه في حال حلول الأجل في بيع المرابحة شبه باستقرار الأجرة بالموت فإنه ُيخصم من ال َّدين بقدر الأرباح التي لم ينتفع المدين بما يقابلها من مدة .وهذا فيه ٌ شيئا فشيئا. الفرع الثاني :رأي من يرى زكاة الدين المؤجل بقيمته حالا ،وتطبيق هذا القول محاسبيا يقتضي عدم تزكية ما اصطلح عليه محاسبيا بالأرباح المؤجلة (غير المستحقة) ،وهو شبيه برأي الجمهور في عدم إخراج زكاة الأجرة غير المستحقة؛ لأنها لم تستوف المنفعة التي تقابلها. وكلا الفرعين الفقهيين ُيفتى بهما في بعض البنوك الإسلامية ،كبنك البلاد. تقرير كونه وجه شبهٍ في العرف: ونحن نجد كذلك أن الأعراف المحاسبية تعامل الربح في المرابحة معاملة الأجرة في الإجارة؛ بجامع أن الأجل في المرابحة والمنفعة في الإجارة تحصل شيئا فشيئا ،والأجرة والربح يستحقان شيئا فشيئا. وكذلك نجد أن ما يقبض ويستوفى شيئا فشيئا= يحسن في أعراف الناس الاعتبار فيه بالسعر المستقبلي حين الاستيفاء؛ لأنه أبعد عن الغبن؛ خصوصا في العقود طويلة الأجل جدا (التي تتجاوز خمسة عشر عاما) ،ولا تحتاج يقسط (اليوم) منازل اشتراها مرابحة بربح سنوي يتجاوز ،% 9ولو أن هذه لمعرفة قدر الغبن إلا أن تعلم أن هناك من ّ العقود انتهت آثارها لما حصل غبن ،ولكن لأنه لا يزال يدفع الأقساط وفقا للربح السنوي المتفق عليه قبل عشر سنين فإنه يشعر بالغبن اليوم لأنه يدفع ربحا على الأجل بقدر % 9بينما غيره يدفع بقدر % 3اليوم. وأعراف الناس تختلف لمعالجة أوضاعهم وإشكالاتهم؛ ولعله قد بلغكم أن كثيراً من المقاولين اليوم صاروا يقدرون سعر المقاولة قائلين" :إن هذا التقدير باعتبار أن سعر الحديد كذا ..فإذا ارتفع سعر الحديد زاد الثمن بقدره"؛ بينما لم يكن الوضع كذلك قبل عامين فقط! لما أصابهم وأصاب عم لاءهم من خسائر نتيجة تقلب في أسعار الحديد خلال هذين العامين. رأيي في المرابحة المتغيرة: غاية ما أقرره في هذا التعقيب هو نفي الفارق المؤثر بين المرابحة المتغيرة والإجارة المتغيرة؛ بل إثبات الشبه الكبير بينهما. وأما القول بجوازهما أو تحريـمهما= فلا يظهر لي ف يه حكم شرعي ،ولا مجال لأن أحكم فيه بين يدي أساتذتي أصحاب الفضيلة العلماء وفقهم هللا لكل خير. ملحوظة على تخريج الباحث القول بمنع المرابحة المتغيرة على أصول ابن تيمية: تخريج المنع على رأي ابن تيمية رحمه هللا بناء على الأمور الثلاثة التي ذكرها الباحث فيه نظر :لأن ما ذكره تحت الوجه الأول كان شيخ الإسلام يتكلم فيه عن الإمام أحمد رحمه هللا ،والثاني والثالث لا يخفى خروجه عن مسألتنا .ولا أود الإطالة بتقرير خلاف هذا لأن العبرة بالأدلة. نسب الباحث إلى شيخ الإسلام رحمه هللا تعالى منع قلب الدين على الموسر بمعاملة ،وأحال إلى ستة فتاوى لشيخ الإسلام رحمه هللا .وقد رجعت إلى هذه الفتاوى الستة فوجدت فيها :النص على تحريم قلب الدين على المعسر إما أي ٍ منها تحريم قلب الدين على الموسر. في جواب الفتوى ،أو في نص الاستفتاء ،ولم أجد في ّ فإن كان عند الباحث مواضع أخرى نص فيها شيخ الإسلا م رحمه هللا على تحريم قلب الدين على الموسر فليفدنا بـها جزاه هللا خيرا. يلاحظ أن الباحث جزاه هللا خيرا بنى الحلول الأربعة اللاحقة وهي :المرابحة مع حافز الخصم ،وتغير مقدار القسط في التمويل طويل الأجل ،والتحوط بالجمع بين البيع الآجل والمشاركة ،والجمع بين بيع آجل بثمن محدد وبيوع آجلة بسعر السوق يوم الأداء= على مبدأ الوعد غير الملزم. ولا يخفى أن أبلغ نقد يوجه إلى هذا الرأي :ما ذكره الباحث نفسه في سياق حديثه عن المرابحة مع حافز الخصم" :لا يظهر أن هذا المقترح عملي؛ لأن العميل لن يرضى بإجراء عقد بسعر ربح أعلى مما هو في السوق مقابل وعد قابل لعدم التنفيذ بالخصم" وكذلك الصور الأخرى يجري عليها نفس الإشكال. وفي ختام هذا التعقيب أسأل هللا أن يوفقنا للحق وأن يرشدنا للصواب ،وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ،ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه ،وصلى هللا وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
© Copyright 2024 Paperzz